كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

محمّد بن يوسف الگنجي الشافعي

كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

محمّد بن يوسف الگنجي الشافعي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار إحياء تراث أهل البيت (ع)
المطبعة: فارابي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٨١

فلما وقعت عينه عليه ضربه فوقعت ضربته في أليته وأخذ فجاء الطبيب إليه فنظر الى ضربته فقال له : ان السيف مسموم فاختر إما ان احمي لك حديدة فأجعلها في الضربة وأما ان اسقيك دواء فتبرأ وينقطع نسلك ، قال : أما النار فلا اطيقها ، وأما النسل ففي يزيد ، وعبد الله ما يقر به عيني وحسبي بهما ، فسقاه دواء فعوفي وعالج جرحه حتى التأم ولم يولد له بعد ذلك.

وقال له البرك : إن لك عندي بشارة ، قال : وما هي ، فأخبره خبر صاحبيه ، وقال له : ان عليا يقتل في هذه الليلة فان قتل فأنت ولي ما تراه من أمري وإن لم يقتل فأعطيك العهود والمواثيق ، انى امضي فأقتله ثم أعود إليك فلم يلتفت الى كلامه وقتله.

وأما صاحب عمرو بن العاص فانه وافاه في تلك الليلة وقد وجد علة فأخذ دواء واستخلف رجلا يصلي بالناس يقال له خارجة بن ابي حبيبة احد بني عامر ابن لوي ، فخرج للصلاة وشد عليه عمرو بن بكر فضربه بسيفه فأثبته ، وأخذ الرجل فأتي به عمرو بن العاص فقتله ، ودخل من الغد علي خارجة وهو يجود بنفسه ، فقال : أما والله يا عمرو ما اراد غيرك ، قال عمرو : لكن الله أراد خارجة.

وأما ابن ملجم لعنه الله فأقبل حتى قدم مكة فلقي بها اصحابه وكتم امره مخافة ان ينتشر منه شيئا ، وأنه زار رجلا من اصحابه ذات يوم من تيم الرباب ، فصادف عنده قطام بنت الأخضر بن شحنة من تيم الرباب ، وكان علي عليه‌السلام قتل اباها وأخاها بالنهروان وكانت من اجمل النساء فلما رآها ابن ملجم شغف بها ، فخطبها فقالت له ما الذي تسمي لي من الصداق؟ فقال لها ما بدا لك ، قالت أنا محتكمة لك بثلاثة آلاف درهم ووصيفة وخادم وقتل علي بن ابى طالب ، فقال لها لك جميع ما سألت ، وأما قتل علي فانى لي بذلك ، والله ما اقدمني هذا المصر إلا ما سألتني من قتل علي قالت له فأنا طالبة لك بعض ما يساعدك علي ذلك.

٤٦١

ثم بعثت الى وردان بن مجالد من تيم الرباب فخبرته الخبر ، وسألته معونة ابن ملجم فتحمل ذلك لها ، وخرج ابن ملجم فأتى رجلا من اشجع يقال له شبيب بن بجرة ، فقال له: يا شبيب هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ فقال وما ذلك؟ قال : تساعدنى على قتل علي.

وكان شبيب على رأي الخوارج ، فقال له : يا ابن ملجم هبلك الهبول لقد جئت شيئا إذا ، وكيف تقدر على ذلك؟ فقال له ابن ملجم : نكمن له في المسجد الاعظم فاذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به فقتلناه ، وشفينا انفسنا ، وأدركنا ثأرنا ، فأقبل معه حتى دخلا على قطام وهي معتكفة في المسجد ، فقالا لها : لقد اجتمع رأينا علي قتل هذا الرجل ، قالت لهما : فاذا أردتما ذلك فالقوني في هذا الموضع ، فانصرفوا من عندها فلبثوا اياما ، ثم أتوها ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة اربعين ، فقال لها ابن ملجم هذه الليلة التي وعدت فيها صاحبي ، وواعداني بأن يقتل كل واحد منّا صاحبه ، فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم ، وتقلدوا سيوفهم ومضوا فجلسوا مقابلي السدة التي كان يخرج منها علي «ع» الى الصلاة فأقبل ينادى الصلاة الصلاة ، فما ادرى أنادى أم رأيت برق السيف ، وسمعت قائلا يقول لله الحكم يا علي لا لك ولا لأصحابك ، ثم رأيت برق سيف آخر ثانيا ، وسمعت عليا عليه‌السلام يقول : لا يفوتنكم الرجل ، قال ابو عبد الرحمن السلمي إن شبيب بن بجرة ضربه فأخطاه ، وضربه ابن ملجم لعنه الله فأثبت الضربة في وسط رأسه(١١٨٠).

اخبرنا الحافظ ابو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن الشافعي المعروف بابن النجار ببغداد ، اخبرنا ضياء بن ابى الغنائم بن ابى علي ، اخبرنا القاضى محمد

__________________

(١١٨٠) تذكرة الخواص ١٧٥ ، المناقب للخوارزمي ٢٧٥ ، المناقب لابن شهر اشوب ٣ : ٣١١.

٤٦٢

ابن عبد الباقى ، اخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، اخبرنا محمد بن العباس ، اخبرنا احمد بن بشر ، اخبرنا ابو علي بن محمد ، اخبرنا ابو عبد الله الوراق ، اخبرنا عبيد الله بن موسى ، اخبرنا موسى بن عبيدة عن ابى بكر بن عبيد الله ابن انس ، أو ايوب بن خالد ، أو كلاهما ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي «ع» : من اشقى الأولين؟ قال : الله ورسوله اعلم.

قال : اشقى الأولين عاقر الناقة ، وأشقى الآخرين الذي يطعنك يا علي وأشار الى حيث يطعن (١١٨١).

قلت : هذا وعد شديد من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقاتل علي عليه‌السلام عدّه من اشقى الاشقياء ، كما سمى الله تعالى عاقر الناقة الأشقى ، قال : (إذا انبعث اشقاها) (١١٨٢) ، وذكر الله تعالى عقوبة ثمود وما انزل الله بهم من العقوبة.

وقال : ابو الأسود الدؤلي ، وأكثرهم يرويها لأم الهيثم بنت العريان النخصية ، أولها :

ألا يا عين ويحك اسعدينا

ألا تبكي امير المؤمنينا (١١٨٣)

تبكي أمّ كلثوم عليه

بعبرتها وقد رأت اليقينا

ألا قل للخوارج حيث كانوا

فلا قرت عيون الشامتينا (١١٨٤)

__________________

(١١٨١) الطبقات ٣ ق ١ : ٢٢ ، تاريخ بغداد ١ : ١٣٥ ، كنز العمال ٦ : ٣٩٨ وقال : اخرجه ابن عساكر ، اسد الغابة ٤ : ٣٤ بسنده عن صهيب ، الرياض النضرة ٢ : ٢٤٨ ، وقال : اخرجه ابو حاتم والملا في سيرته قصص الأنبياء : ١٠٠.

(١١٨٢) سورة الشمس ١٢.

(١١٨٣) في رواية : الا ابكي.

(١١٨٤) في رواية : الا ابلغ معاويه بن حرب.

٤٦٣

أفي شهر الصيام فجعتمونا

بخير الناس طرا اجمعينا

قتلتم خير من ركب المطايا

وذللها ومن ركب السفينا (١١٨٥)

ومن لبس النعال ومن حذاها

ومن قرأ المثاني والمبينا

فكل مناقب الخيرات فيه

وحب رسول رب العالمينا

لقد علمت قريش حيث كانت

بأنك خيرهم حسبا ودينا

إذا استقبلت وجه ابى حسين

رأيت البدر فوق الناظرينا

وكنا قبل مقتله بخير

نرى مولى رسول الله فينا

قلت : ذكره الحافظ ابو عمرو بن عبد البر في الاستيعاب في آخر ترجمة عليعليه‌السلام(١١٨٦).

الباب العاشر

فى ذكر ما صنع بقاتله ، وما قال فيه

اخبرنا السيد محمد بن عبد الواحد بن المتوكل على الله ، عن محمد بن عبيد الله البغدادى ، اخبرنا علي بن احمد بن البندار ، اخبرنا ابو عبد الله بن محمد الحافظ ، اخبرنا ابو عبد الله بن مخلد العطار ، واسماعيل بن محمد الصفار قالا : حدثنا احمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ، اخبرنا ابن جريح عن عبد الكريم بن أميّة عن قثم مولى الفضل قال : لما قتل ابن ملجم لعنه الله عليا عليه‌السلام ، ودخلت عليه فيمن دخل سمعته يقول للحسن والحسين

__________________

(١١٨٥) في نسخة هكذا :

رزينا خير من ركب المطايا

وحثحثها ومن ركب السفينا

(١١٨٦) المناقب لابن شهر اشوب ٣ : ٣١٥ وذكر من القصيدة ١٣ بيت وفي تذكرة الخواص ١٨١ جاء ٦ بيت.

٤٦٤

ومحمد بن الحنفية : النفس بالنفس إن أنا متّ ، فاقتلوه كما قتلني ، وإن سلمت رأيت فيه رأيي.

فقال ابن ملجم لعنه الله : والله لقد ابتعته بألف ، وسمعته بألف ، فان خانني ابعده الله ، قال : ونادته أمّ كلثوم يا عدو الله قتلت امير المؤمنين قال : إنما قتلت اباك ، قالت : يا عدو الله اني لأرجو ان لا يكون عليه بأس ، قال لها : فأراك إنما تبكين علي ، إذا والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين اهل الأرض لأهلكتهم (١١٨٧).

قال الراوي : فلما مات علي «ع» رأيت الناس حين انصرفوا من صلاة الصبح أتوا بابن ملجم لعنه الله ينهشون لحمه بأسنانهم ، كأنهم سباع وهم يقولون له : يا عدو الله ما ذا فعلت اهلكت امة محمد ، ثم أمر به فضربت عنقه ، واستوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته من الحسن بن علي عليه‌السلام لتتولى إحراقها فوهبها لها فأحرقتها بالنار (١١٨٨) ، وفي أمر قطام وقتل علي امير المؤمنين «ع» يقول الشاعر :

فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة

كمهر قطام من فصيح وأعجم

ثلاثة آلاف وعبد وقينة

وقتل علي بالحسام المسمّم

فلا مهر أغلى من علي وإن علا

ولا قتل إلا دون قتل ابن ملجم (١١٨٩)

قرأت علي الحافظ بقية السلف ابى البقاء خالد بن يوسف النابلسى ، قلت له : قرأت على شيخ القضاة ابى القاسم عبد الصمد بن محمد الانصارى اخبرنا ابو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر السلمي اجازة ان لم يكن سماعا فأقر به حدثنا

__________________

(١١٨٧) تذكرة الخواص ١٧٧ ، المناقب للخوارزمي ٢٧٧.

(١١٨٨) المناقب لابن شهر اشوب ٣ : ٣١٣.

(١١٨٩) ذكر هذه الأبيات بعضهم لفرزدق كما في المناقب الخوارزمي ٢٨٤ وقيل انها للعبدي كما في مناقب ابن شهر اشوب ٣ : ٣١١.

٤٦٥

الحافظ ابو محمد عبد العزيز الكتاني ، اخبرنا الحافظ ابو القاسم تمام بن محمد الرازى ، حدثنا ابو علي محمد بن هارون الانصارى ، حدثني عصمة بن ابى عصمة البخاري بدمشق ، حدثنا احمد بن عمار بن خالد التمار ، حدثنا عصمة العباداني ، قال : كنت اجول في بعض الفلوات إذ ابصرت ديرا وإذا في الدير صومعة ، وفي الصومعة راهب فناديته يا راهب فأشرف علي فقلت له : من أين تأتيك الميرة؟ قال : من مسيرة شهر ، فقلت له حدثني بأعجب ما رأيت في هذا الموضع فقال : نعم بينا أنا ذات يوم ادير نظري في هذه البرية القفر ، وأتفكر فى عظمة الله تعالى وقدرته إذ رأيت طائرا ابيض مثل النعامة كبيرا قد وقع على تلك الصخرة (وأومى بيده الى صخرة بيضاء) فتقيأ رأسا ثم رجلا ثم ساقا وإذا هو كلما تقيأ عضوا من تلك الاعضاء التأمت بعضها الى بعض اسوع من البرق الخاطف بقدرة الله تعالى ، حتى استوى رجلا جالسا بقدرة الله فاذا هم بالنهوض فقره الطائر نقرة قطعه اعضاء ثم يرجع فيبتلعه فلم يزل على ذلك اياما وكثر والله تعجبي منه ، وازددت يقينا لعظمة الله ، وعلمت ان لهذه الاجساد حياة بعد الموت فالتفت إليه يوما فقلت : أيها الطائر سألتك بحق الذي خلقك وبرأك الا امسكت عنه حتى اسائله فيخبرني قصته ، فأجابه الطائر بصوت عربي طلق لربي الملك وله البقاء الذي يفنى كل شيء ويبقي أنا ملك من ملائكة الله عزوجل موكل بهذا الجسد لما اجرم وجرى عليه من قضاء الله ، وأمرني ان آتي به في هذا المكان لتسائله وتخاطبه ليخبرك بما كان منه ، فسله فقلت له : يا هذا الرجل المسيء الى نفسه ما قصتك ومن أنت؟ قال انا عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي واني لما قتلته وصارت روحي بين يدي الله ناولني صحيفة مكتوبا فيها : ما عملت من الخير والشر منذ يوم ولدتني أمي الى ان قتلت علي بن ابى طالب وأمر الله هذا الملك بعذابي الى يوم القيامة فهو يفعل بي ما قد رأيت ، ثم سكت فنقره ذلك الطائر نقرة بتر منها اعضاؤه ، ثم جعل يبتلعه عضوا عضوا ، فلما فرغ منه قال يا آدمي

٤٦٦

إني ماض منك وخير وصيتي لك ان تتقي الله في سرك وعلانيتك ، فهذا جزاء من قتل نفسا زكية قد كتب لها السعادة من الله ، وكتب على قاتلها النار والعذاب من الله عزوجل ، وقد أتاني رسول من ربي ان امضي بهذا الجسد الى جزيرة في البحر الأسود الذي يخرج منها هوام اهل النار فأعذبه الى يوم القيامة.

قلت : هكذا ذكره الحافظ ابو القاسم تمام الرازي في كتاب الرهبان له ، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه عنه (١١٩٠).

الباب الحادي عشر

فى مبلغ عمره ، ومتى قتل ، ومن غسله

وصلى عليه ، وما كان حنوطه وكفنه

قرأت على ابى عبد الله محمد بن محمود الحافظ المؤرخ البغدادي بها ، قلت له : قرأت على مفتي خراسان القاسم بن عبد الله بن عمر الشافعي المعروف بالصفار بنيسابور ، قلت له : اخبرتك الحرة عائشة بنت احمد بن منصور بن محمد قالت : اخبرنا احمد بن علي بن عبد الله بن خلف الشيرازى ، قال : اخبرنا الحاكم ابو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ ، قال : قتل علي بن أبي طالب ليلة الجمعة تسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة اربعين وهو يومئذ ابن ثلاث وستين سنة (١١٩١) ، قلت : هكذا ذكره في معرفة انواع علوم الحديث.

__________________

(١١٩٠) نور الابصار ٩٨ بطريق وسند آخر ، فضائل الخمسة ٣ : ٦٨ المناقب الخوارزمي : ٢٨١.

(١١٩١) المناقب لابن شهر اشوب ٣ : ٣٠٧.

٤٦٧

وروينا عن ابى الفرج علي بن الحسين الاموي الاصبهاني في مقاتل آل ابى طالب عن يحيى بن شعيب عن ابى نحيف ، وعن فضيل بن جريح عن الاسود الكندي ، قال : توفي علي عليه‌السلام وهو ابن اربع وستين سنة ، سنة اربعين في ليلة الأحد لإحدى وعشرين ليلة مضت من شهر رمضان (١١٩٢).

اخبرنا الحافظ يوسف ، اخبرنا ابن ابى زيد ، اخبرنا محمود ، اخبرنا ابن فاذشاه ، اخبرنا الطبراني ، حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، عن جعفر بن محمد ، عن ابيه ، قال : قتل علي عليه‌السلام وهو ابن ثمان وخمسين ولها قتل حسين بن علي ومات لها علي بن الحسين ومات لها محمد بن علي بن الحسين (١١٩٣).

قلت : هكذا اخرجه الطبراني في معجمه الكبير في ترجمة الحسين عليه‌السلام ، كما اخرجناه سواء.

وذكر الشيخ ابو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد رحمه‌الله في كتاب الارشاد له قال : خرج على عليه‌السلام يوقظ الناس لصلاة الصبح ليلة تسع عشرة من رمضان في مسجد الكوفة فضربه ابن ملجم المرادي لعنه الله بالسيف ، وكان مسموما فمكث يوم تسعة عشر وليلة عشرين ويومها وليلة احدى وعشرين الى نحو الثلث الاول من الليل ثم قضى نحبه عليه الصلاة والسلام شهيدا مظلوما ، وتولى غسله وتكفينه ابناه الحسن والحسين عليهما‌السلام ، وحملاه الى الغري من نجف الكوفة فدفناه وعفيا موضع قبره بوصية منه ، فلم يزل مخفيا حتى دلّ عليه الصادق عليه‌السلام في الدولة العباسية ، وهذا تحقيق في غاية الحسن من المفيد رحمه‌الله (١١٩٤).

__________________

(١١٩٢) مقاتل الطالبيين ٢٥ ط نجف.

(١١٩٣) تذكرة الخواص ١٨٠.

(١١٩٤) الارشاد ١٢ ط نجف ١٣٨١.

٤٦٨

وأخبرنا ابو عبد الله الحافظ ، اخبرنا ابو علي بن الخريف ، اخبرنا ابو بكر بن ابى طاهر ، اخبرنا ابو محمد بن علي المقنعي ، اخبرنا محمد بن العباس اخبرنا ابو الحسن الخشاب ، اخبرنا ابو علي محمد الفقيه ، اخبرنا محمد بن سعيد اخبرنا شبابة ، حدثنا قيس عن الشعبي ان الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر غسلوا عليا وكفنوه في ثلاثة اثواب ليس فيه قميص ولا عمامة (١١٩٥).

اخبرنا ابو الحسن علي بن المبارك ، اخبرنا ابو القاسم بن البسري ، اخبرنا ابو عبد الله بن محمد اخبرنا ابو القاسم عبد الله بن محمد البغوي حدثنا اسحاق ابن ابراهيم ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن حسن بن صالح عن هارون بن سعيد قال : كان عند علي عليه‌السلام مسك اوصى ان يحنط به ، وقال : فضل من حنوط رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١١٩٦).

وبالاسناد ان الحسن بن علي عليه‌السلام صلى على أبيه فكبر خمس تكبيرات وكان يرفع يديه عليه‌السلام (١١٩٧).

اخبرنا المشايخ الحفاظ محمد بن ابى جعفر وغيره بجبل قاسيون ، وبقية الادباء ابو عبد الله الحسين بن ابراهيم بن الحسين الاربلي وغيره بدمشق قالوا : اخبرنا ابو علي حنبل بن عبد الله اخبرنا هبة الله ابو القاسم بن الحصين اخبرنا ابو علي الحسن بن المذهب اخبرنا احمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن احمد بن محمد ابن حنبل ، حدثنا الاسود بن عامر ، حدثنا جعفر بن الاحمر عن عبد العزيز

__________________

(١١٩٥) تذكرة الخواص ١٨١.

(١١٩٦) مستدرك الصحيحين ١ : ٣٦١ ، كنز العمال ٦ : ٤١٢ وقال : اخرجه ابن سعد والبيهقي وابن عساكر ، الرياض النضرة ٢ : ٢٤٧ وقال اخرجه البغوي ، مقاتل الطالبيين ٢٦.

(١١٩٧) تذكرة الخواص ١٧٨.

٤٦٩

ابن حكيم قال : صليت خلف زيد بن ارقم على جنازة فكبر خمسا وقال هكذا كبّر نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قلت : رواه في مسند زيد كما اخرجناه.

الباب الثاني عشر

فى موضع دفنه عليه‌السلام وذكر الاختلاف فى ذلك

اخبرنا ابو الحسن بن ابى عبد الله بن ابى الحسن البغدادى بدمشق عن المبارك بن الحسن ، وأخبرنا علي بن احمد اخبرنا عبيد الله بن بطة الحافظ اخبرنا ابو بكر محمد بن احمد الرقام ، حدثنا محمد بن احمد بن يعقوب حدثنا محمد بن اسحاق ابن عبد الرحمن بن المسيب قال سمعت سفيان بن عيينة يقول سمعت جعفر بن محمد عن أبيه عليه‌السلام ، قال : قتل علي عليه‌السلام وصلى عليه ابنه الحسن عليه‌السلام ودفن بالكوفة عند قصر الامارة عند مسجد الجامع ليلا ، وعمي موضع قبره (١١٩٨) :

وأخبرنا محمد بن عبد الواحد بن المتوكل على الله ببغداد ، عن محمد بن عبيد الله البغدادى ، اخبرنا علي بن احمد البندار ، اخبرنا ابو عبد الله بن محمد الحافظ ، اخبرنا محمد بن احمد ، اخبرنا ابو بكر بن احمد بن يعقوب قال : حدثني جدي ، قال : وحدثني النخعي ، عن شريك سمعته يقول : ان الحسن ابن علي عليه‌السلام حمله بعد صلح معاوية فدفنه بالمدينة مع فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بوصية منه (١١٩٩).

__________________

(١١٩٨) المصدر السابق.

(١١٩٩) تذكرة الخواص ١٧٨.

٤٧٠

وروينا عن ابى الفرج الاصبهاني باسناده الى الأسود والكندي قالا : لما مات عليعليه‌السلام تولى غسله ابنه الحسن عليه‌السلام وعبد الله بن جعفر وكفن في ثلاثة اثواب ليس فيها قميص ولا عمامة ، وصلى عليه ابنه الحسن عليه‌السلام ، فكبّر عليه خمس تكبيرات ودفن في الرحبة مما يلي ابواب كندة عند صلاة الصبح (١٢٠٠).

وفي رواية لأبى نعيم الحافظ عن الحسين بن علي الخلال عن جده قال قلت للحسين بن علي عليه‌السلام : أين دفنتم عليا؟ قال : خرجنا به ليلا من منزله حتى مررنا على مسجد الأشعث حتى إذا خرجنا الى الظهر بجنب الغري من نجف الكوفة فدفناه هناك ، وعفينا موضع قبره بوصية منه مخافة دولة بني أميّة (١٢٠١).

اخبرنا محمد بن سعيد بن الموفق ، اخبرنا ابو زرعة عن الشيرازى ، اخبرنا الحاكم ابو عبد الله الحافظ باسناد رفعه قال : لما حضرت وفاة علي عليه‌السلام قال للحسن والحسين عليهما‌السلام إذا أنا مت فاحملاني على سرير ثم اخرجاني ليلا ثم أتيا بي الغريين فإنكما ستريان صخرة بيضاء تلمع نورا فاحتفرا فانكما ستجدان فيها ساحة فادفناني فيها فدفناه وانصرفنا.

وفي رواية لابن ابى الدنيا قال : خرج الرشيد من الكوفة يتصيد بناحية الغريين فلجأت الضباء الى ناحية الغريين فأرسل عليها الصقور والكلاب فجاولتها ساعة ثم سقطت الصقور ناحية ورجعت الكلاب فأخبر الرشيد فأحضر شيخا من مشايخ الغريين وسأله عن المكان فطلب منه الأمان فقال : لك ذلك ، فقال اخبرنا عن آبائنا انه قبر امير المؤمنين علي بن ابى طالب عليه‌السلام ، فاستثبت

__________________

(١٢٠٠) مقاتل الطالبيين ٢٦ ط نجف ، مروج الذهب ٢ : ٤١٤

(١٢٠١) تذكرة الخواص ١٧٩.

٤٧١

الرشيد ذلك من جماعة وبني عليه (١٢٠٢) ، وكان يزوره في كل عام الى ان مات ...

* * *

وهذا هو المختار عندي من الروايات (تم ما حضرنا عند الاملاء) من مناقب سيدنا ومولانا امير المؤمنين علي بن ابى طالب عليه‌السلام ، ويتلوه ذكر الامام المهدي عليه‌السلام كتاب مفرد وسميته ب (البيان في اخبار صاحب الزمان) عليه صلاة الملك المنان (١٢٠٣).

__________________

(١٢٠٢) راجع مصادر الدراسة عن النجف والشيخ الطوسي ـ قسم النجف ـ ماضي النجف وحاضرها ١ : ٣٧ ، تاريخ اليعقوبى ١٨٩.

(١٢٠٣) ألحقنا كتاب ـ البيان في أخبار صاحب الزمان ـ عليه‌السلام بهذا الكتاب كما يأتي

٤٧٢

٤٧٣

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أما بعد ، حمد اللّه الذي هو فاتحة كل باب ، وخاتمة كل خطاب ، والصلاة على رسوله التي هي جالبة كل ثواب ، ودافعة كل عقاب ، وعلى آله الذين ينقشع (١٢٠٤) بنجومهم ظلام كل سحاب ، وينكشف بعلومهم غمام كل حجاب وينمحي بصفوهم كدر كل ارتياب ، ويستد (١٢٠٥) بيمنهم خلل كل اضطراب فقد ذكرنا في كتابنا هذا من المراسم النبوية والمعالم الإلهية ما يكون موزعا لأهل الوفاق ، وازعا (١٢٠٦) لأهل الشقاق ، ونبهنا على جواهره وأعراضه ، وصرحنا للأولياء بمكنون اغراضه ، وقرعنا صفاة (١٠٢٧) الضلال ، وقدعنا (١٠٢٨) طغاة الضلال ، مسفرا عن نهار العلم الوضيء ، مستقرا على سنن النعت المرضى ، مستعذبا عند ملال الأسماع ، مستقربا عند بعد الانتجاع فهو للحاجة سداد ، وللتبصرة زناد.

__________________

(١٢٠٤) قشع : الريح السحاب كشفته.

(١٢٠٥) يستد : يقيم ، يحسن.

(١٢٠٦) الوازع : الكاف والمانع.

(١٢٠٧) الصفاة : بالفتح ، الحجم الصلد الضخم.

(١٠٢٨) قدع : فرصة باللجام كبحه ، كفه ، جاذبه.

٤٧٤

والذي حداني على تأليف السابق واللاحق (١٢٠٩) ما أرجوه من الثواب الجزيل لدى موقف الحساب ، ونيل الشفاعة من الرسول وآله عليهم الصلاة والسلام عدة ليوم المآب.

ثم بعد ذلك عزم الخادم شوقه إلى تقبيل شريف كف مولانا (١٢١٠) الصاحب الأعظم تاج الدين عماد الاسلام فخر امراء آل رسول اللّه صلى اللّه عليهم غياث الدولة رضي أمير المؤمنين ، ادام اللّه له مقاليد الممالك وذلل ما توعر على الأولين من المسالك ، وقذفت إليه الأرض أفلاذ أكبادها فاستكان له دانيها وقاصيها وتوطأت السنابك لسنابك (١٢١١) خيله صياصيها (١٢١٢) وأضحت رقاب الملوك نحو ارتسام مراسمه صورا (١٢١٣) وامتلأت طباق الآفاق باشراق عدله نورا وباست الغبراء مناط القمرين وتضاءلت دون غرته أعالي الشعريين(١٢١٤) ورفلت ملة الحق بيمينه من جلابيب الجلال في أسبغها وأصفاها ، وانخرط في ملك سامى راية الدين والدنيا ولاذ ببابه المنيف وجنابه الشريف كافة الورى ، واجتمع به ، شتات الأهواء ، وانضم نشر الآراء ، ووثق الأعداء بعدله ثقة الأولياء بفضله فأراد خادم الدعاء ان يطير بأجنحة الهزة إلى مخيم العلاء والعزة معتزيا إلى مواطن الخدم معتزا بالمثول في المجلس الأبهى في غمار (١٢١٥) الحشم ، وصار لا

__________________

(١٢٠٩) المقصود بالسابق كتابه ـ كفاية الطالب ـ وباللاحق كتابه ـ البيان ـ.

(١٢١٠) مرت الإشارة إلى ترجمته ص ٤٠.

(١٢١١) السنابك : جمع السنبك كقنفذ طرف الحافر.

(١٢١٢) الصياصي : الحصن وكل ما امتنع به.

(١٢١٣) الصور : جمع أصور من صور كفرح بمعنى مال.

(١٢١٤) الشعريان : كوكبان يعبر عنهما بالشعرى العيور والشعرى الغميصاء.

(١٢١٥) غمار الحشم : جماعة الخاصة من خدم وأهل وعبيد.

٤٧٥

يبرم عقدة العزم الاحلّ القضاء فحلها ، ولا قدم قدما للنهوض إلا نزل القضاء فأزلها وما استأخر استيخار التواني ، ولكن الاقدار دافعة في صدور الأماني إلى أن يسّر اللّه تمهيد معاذيره في تأخره عن الخدمة وتقصيره بزفاف بنت فكره وثمرة دهره ، ونتيجة عمره ، فزففتها عروسا تختال في أثوابها ، وترفل في جلبابها إلى أكرم اكفائها وخطابها ومهرها ان تقع من السدة السامية موقع القبول ومتضمنها عقائل (١٢١٦) العقول ، ومنتخب الشرع المنقول ، وقد وسمته ب (البيان في اخبار صاحب الزمان عليه السلام) ، وعريته عن طرق الشيعة تعرية تركيب الحجة ، إذ كل ما تلقته الشيعة بالقبول وإن كان صحيح النقل فإنما هو خريت منارهم (١٢١٧)، وخدارية ذمارهم (١٢١٨)، فكان الاحتجاج بغيره اكدّ ، وفيه أبواب :

الباب الأول

في ذكر خروجه «ع» في آخر الزمان

الباب الثاني

في قوله صلى اللّه عليه وآله : المهدي من عترتي من ولد فاطمة.

الباب الثالث

في ذكر المهدي من سادات أهل الجنة.

الباب الرابع

في أمر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بمبايعة المهدي عليه السلام.

الباب الخامس

في ذكر نصرة أهل المشرق للمهدي «ع».

الباب السادس

في مقدار ملكه بعد ظهوره «ع».

__________________

(١٢١٦) العقائل جمع عقيلة : وهي الكريمة المخدرة.

(١٢١٧) خريت منارهم : الخريت كسكيت الدليل الحاذق ، والمنار بفتح الميم موضع النور.

(١٢١٨) خدارية ذمارهم : والخدارية بالضم العقاب ، والذمار ما يلزمك حفظه وحمايته.

٤٧٦

الباب السابع

في بيان انه يصلي بعيسى على نبينا وآله وعليه السلام

الباب الثامن

في تحلية النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم المهدى «ع».

الباب التاسع

في تصريح النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بأن المهدى «ع» من ولد الحسين «ع».

الباب العاشر

في ذكر كرم المهدى «ع».

الباب الحادي عشر

في الرد على من زعم أن المهدي عليه السلام هو المسيح بن مريم عليه السلام.

الباب الثاني عشر

في قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم : لن تهلك أمة أنا في أولها ، وعيسى في آخرها ، والمهدى في وسطها.

الباب الثالث عشر

في ذكر كنيته وانه يشبه النبي صلى اللّه عليه وآله في خلقه.

الباب الرابع عشر

في ذكر اسم القرية التي يكون منها خروج المهدى

الباب الخامس عشر

في ذكر الغمامة التي تظل المهدى «ع» عند خروجه

الباب السادس عشر

في ذكر الملك الذي يخرج مع المهدى «ع».

الباب السابع عشر

في ذكر صفة المهدي عليه السلام ولونه وجسمه وقد تقدم مرسلا.

الباب الثامن عشر

في ذكر خالة على خده الأيمن ، وثيابه ، وفتحه مدائن الشرك.

الباب التاسع عشر

في ذكر كيفية أسنان المهدى «ع».

الباب العشرون

في فتح المهدي عليه السلام القسطنطينية.

الباب الحادي والعشرون

في ذكر خروج المهدي عليه السلام بعد ملك الجبابرة.

الباب الثاني والعشرون

في قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم : المهدي عليه السلام إمام صالح.

٤٧٧

الباب الثالث والعشرون

في ذكر تنعم الأمة زمن المهدى «ع».

الباب الرابع والعشرون

في اخبار رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ان المهدي عليه السلام خليفة اللّه تعالى.

الباب الخامس والعشرون

في الدلالة على جواز كون المهدي عليه السلام

حيا باقيا مذ غيبته.

الباب الأول

في ذكر خروجه في آخر الزمان

أخبرنا السيد النقيب الكامل مستحضر الدولة شهاب الحضرتين ، سفير الخلافة المعظمة علم الهدى ، تاج امراء آل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أبو الفتوح المرتضى بن أحمد بن محمد بن محمد بن جعفر بن زيد بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام ، عن أبي الفرج يحيى بن محمود الثقفي عن أبي علي الحسن بن أحمد الحداد ، أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه الأصبهاني ، قال : أخبرنا الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني.

وأخبرنا الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل بحلب أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن أبي زيد الكراني بأصبهان ، أخبرتنا فاطمة بنت عبد اللّه الجوزدانية ، أخبرنا أبو بكر بن ريدة ، أخبرنا الحافظ أبو القاسم الطبراني حدثنا محمد بن زريق بن جامع المصري ، حدثنا الهيثم بن حبيب حدثنا سفيان بن عيينة عن علي الهلالي عن أبيه قال دخلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في شكاته (١٢١٩)

__________________

(١٢١٩) الشكاء والشكاة المرض.

٤٧٨

التي قبض فيها فإذا فاطمة عليها السلام عند رأسه قال : فبكت حتى ارتفع صوتها فرفع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله طرفه إليها قال : حبيبتي فاطمة ما الذي يبكيك؟ فقالت اخشى الضيعة من بعدك ، فقال يا حبيبتي أما علمت أن اللّه تعالى اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته.

ثم اطلع اطلاعة فاختار بعلك ، وأوحى إلي ان أنكحك إياه ، يا فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا اللّه سبع خصال لم يعط أحدا قبلنا ولا يعطى أحدا بعدنا : أنا خاتم النبيين وأكرم النبيين على اللّه ، وأحب المخلوقين إلى اللّه ، وأنا أبوك ، ووصيي خير الأوصياء وأحبهم إلى اللّه وهو بعلك ، ومنّا من له جناحان أخضران يطير في الجنة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك ، ومنا سبطا هذه الأمة ، وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما والذي بعثني بالحق خير منهما.

يا فاطمة والذي بعثني بالحق ان منهما مهدي هذه الأمة ، إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا ، وتظاهرت الفتن ، وتقطعت السبل ، وأغار بعضهم على بعض ، فلا كبير يرحم صغيرا ، ولا صغير يوقر كبيرا ، يبعث اللّه عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة وقلوبا غلفا ، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان ، ويملأ الدنيا عدلا كما ملئت جورا.

يا فاطمة لا تحزني ولا تبكي فان اللّه تعالى أرحم بك ، وأرأف عليك مني وذلك لمكانك مني ، وموقعك من قلبي ، وزوّجك اللّه زوجك وهو أشرف أهل بيتك حسبا ، وأكرمهم منصبا ، وأرحمهم بالرعية ، وأعدلهم بالسوية ، وأبصرهم بالقضية ، وقد سألت ربي ان تكوني أول من يلحقني من أهل بيتي.

قال علي عليه السّلام : فلما قبض النبي صلى اللّه عليه وآله لم تبق فاطمة عليها السلام بعده إلا خمسة وسبعين يوما حتى ألقحها اللّه به صلى اللّه عليه وآله.

قلت : هكذا ذكره صاحب حلية الأولياء في كتابه المترجم بذكر

٤٧٩

نعت المهدي عليه السلام (١٢٢٠).

وأخرجه الطبراني شيخ أهل الصنعة في معجمه الكبير قال : عقيبه علي بن علي مكي ولم يرو هذا الحديث عن سفيان إلا الهيثم بن حبيب (١٢٢١).

قرأت على الحافظ أحمد بن محمد بن هبة اللّه الواسطي بالموصل أخبرنا عمر ابن المعمر بن طبرزد أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم أخبرنا أحمد بن عبد اللّه الغورجي ، وأبو نصر عبد العزيز بن محمد الترياقي والقاضي أبو عامر محمود ابن القاسم الأزدي قالوا : أخبرنا أبو محمد عبد اللّه الحافظ بن محمد بن عبد اللّه بن الجراح الجراحي ، أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب بن فضيل المحبوبي أخبرنا الحافظ أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي الترمذي ، حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي ، حدثنا أبي ، حدثنا سفيان الثوري ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر ، عن عبد اللّه ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي.

قلت : قال الحافظ أبو عيسى (١٢٢٢) هذا حديث حسن صحيح قال : وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة.

__________________

(١٢٢٠) هذا الكتاب من تأليف الحافظ أبى نعيم الأصبهاني صاحب حلية الأولياء ويسمى ـ نعت المهدي ـ عليه السّلام أو مناقب المهدي ـ جمع فيه أربعين حديثا

(١٢٢١) مجمع الزوائد ٩ : ١٦٥ ، ذخائر العقبى ١٣٥ وفيه : خرجه الحافظ أبو العلاء الهمذاني.

(١٢٢٢) مشكاة المصابيح ١٢٢ ، حلية الأولياء ٥ : ٧٥ ، صحيح الترمذي ٢ : ٣٦ ، مسند أحمد بن حنبل ١ : ٣٧٦ ، تاريخ الخطيب البغدادي ٤ : ٣٨٨ ، كنز العمال ٧ : ١٨٨ وفيه : اخرجه الطبراني عن ابن مسعود ، ينابيع المودة : ٥٢٠.

٤٨٠