كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

محمّد بن يوسف الگنجي الشافعي

كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

محمّد بن يوسف الگنجي الشافعي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار إحياء تراث أهل البيت (ع)
المطبعة: فارابي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٨١

عليه‌السلام نضب بعد اربعين يوما ، وامتحى اثر القبر ، فجاء اعرابي من بني اسد فجعل يأخذ قبضة قبضة من التراب ويشمه حتى وقع على الحسين عليه‌السلام فبكى ، وقال : بأبي وأمي ما كان اطيبك حيا ، وأطيب تربتك ميتا ، ثم بكى ، وأنشأ يقول :

أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه

وطيب تراب القبر دل على القبر(١١٤٨)

اخبرنا الحافظ يوسف ، اخبرنا ابن ابى زيد ، اخبرنا محمود ، اخبرنا ابن فاذشاه ، اخبرنا الامام ابو القاسم ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا الزبير عن عمه مصعب بن عبد الله قال : خرجت زينب الصغرى بنت عقيل بن ابى طالب على الناس بالبقيع تبكي قتلاها بالطف وهي تقول :

ما ذا تقولون إن قال النبي لكم

ما ذا فعلتم وكنتم آخر الأمم

بأهل بيتي وأنصاري وشيعتهم

منهم اسارى وقتلى ضرجوا بدم

ما كان ذاك جزائي إذ نصحت لكم

ان تخلفونى بشر من ذوى رحمي(١١٤٩)

فقال : ابو الأسود الدؤلي نقول : «ربنا ظلمنا أنفسنا» الآية ثم قال ابو الأسود :

اقول وزادني جزعا وغيظا

ازال الله ملك بني زياد

وأبعدهم كما غدروا وخانوا

كما بعدت ثمود وقوم عاد

ولا رجعت ركابهم إليهم

إذا وقفت الى يوم التناد

قلت : هكذا اخرجه الطبراني في ترجمته.

وأخبرنا العلامة ابو نصر الفقيه الشافعي بدمشق ، اخبرنا علي بن

__________________

(١١٤٨) تاريخ ابن عساكر ٤ : ٣٤٢.

(١١٤٩) الفصول المهمة : ١٨٣ ، تذكرة الخواص ٢٦٧ بزيادة بيت :

بأهل بيتي وأولادي أمالكم

عهدا ما انتم توفون بالذمم

المناقب لابن شهر اشوب ٤ : ١١٥.

٤٤١

الحسن الشافعي ، اخبرنا ابو الحسين ابن الفراء ، وأبو غالب وأبو عبد الله قالوا : اخبرنا ابو جعفر بن المسلمة ، اخبرنا ابو طاهر المخلص ، اخبرنا ابن سليمان الطوسي ، حدثنا الزبير بن بكار بمرثية ذكرها ابن عساكر بتمامها في تاريخه ، ومن مجملتها :

وإن قتيل الطف من آل هاشم

أذل رقابا من قريش فذلت

وآخرها :

ألم تر ان الارض اضحت مريضة

لفقد حسين والبلاد اقشعرت(١١٥٠)

اخبرنا يوسف الحافظ ، اخبرنا ابن ابى زيد اخبرنا محمود اخبرنا ابن فاذشاه اخبرنا الحافظ سليمان حدثنا محمد بن عثمان بن ابى شيبة ، حدثنا جندل بن والق ، حدثنا عبد الله بن الطفيل عن ابى يزيد الفقيمي عن ابن ابى جناب الكلبي حدثنا الجصاصون قالوا : كنا إذا خرجنا بالليل الى الجبانة عند مقتل الحسين عليه‌السلام سمعنا الجن ينوحون عليه ويقولون :

مسح الرسول جبينه

فله بريقى في الخدود

أبواه من عليا قريش

وجده خير الجدود(١١٥١)

وبه حدثنا القاسم بن عباد الخطابي ، حدثنا سويد بن سعيد حدثنا عمرو ابن ثابت ، عن حبيب بن ابى ثابت ، قال : قالت أم سلمة ما سمعت نوح الجن منذ قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا الليلة ، وما أرى ابني إلا قد قتل (١١٥٢) (تعني الحسين عليه‌السلام) فقالت لجاريتها : فاسألي

__________________

(١١٥٠) ابن عساكر ٤ : ٣٤٢ والمشهور انها لسليمان بن قتة ، تذكرة الخواص ٢٧٢.

(١١٥١) تاريخ ابن عساكر ٤ : ٣٤١ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٩٩ قال : رواه الطبرانى ، ذخائر العقبى ١٥٠.

(١١٥٢) في رواية : إلا قبض.

٤٤٢

فأخبرت انه قد قتل وإذا جنية تنوح :

ألا يا عين فاحتفلي لجهدي

ومن يبكي على الشهداء بعدى

على رهط تقودهم المنايا

الى متجبر في ملك عبد

قلت : اخرجه الطبراني في معجمه الكبير في ترجمته (١١٥٣) ، وأخبرنا القاضي محمد بن الشيرازى ، اخبرنا الحافظ ابو القاسم ، اخبرنا ابو السعود بن المحلي ، حدثنا عبد المحسن بن محمد حدثنا ابو احمد عبد الله بن محمد بن محمد الدهان حدثنا ابو جعفر احمد بن الحسن البرذعي ، حدثنا ابو هريرة احمد بن عبد الله بن ابى عصام العدوى حدثنا ابراهيم بن يحيى بن يعقوب ابو طاهر البزاز ، حدثنا ابن لقمان ، حدثنا الحسين بن ادريس ، حدثنا هاشم بن هاشم ، عن أمه ، عن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت : سمعت الجن تنوح على الحسين عليه‌السلام يوم قتل وهن يقلن :

أيها القاتلون ظلما حسينا

أبشروا بالعذاب والتنكيل

كل اهل السماء يدعو عليكم

من نبي ومرسل وقبيل

قد لعنتم على لسان ابن داود

وموسى وصاحب الانجيل

قلت : ذكره محدث الشام في كتابه (١١٥٤).

قرأت علي الحافظ يوسف بن خليل بحلب ، اخبرنا عبد الله بن كارة اخبرنا محمد بن عبد الباقى اخبرنا ابو محمد الجوهرى اخبرنا عمر بن حيويه اخبرنا احمد بن معروف اخبرنا الحرث بن ابى اسامة ، اخبرنا محمد بن سعد اخبرنا محمد بن عمر ، حدثني عمر بن محمد بن عمر بن علي عن ابيه قال : ارسل عبد الملك الى رأس

__________________

(١١٥٣) ابن عساكر ٤ : ٣٤١ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٩٩ ، ذخائر العقبى ١٥٠ ، تذكرة الخواص ٢٦٩.

(١١٥٤) تاريخ ابن عساكر ٤ : ٣٤١ ، الصواعق المحرقة ١١٥ ، ينابيع المودة : ٣٨٤.

٤٤٣

الجالوت فقال : هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال نعم ما كشف يومئذ عن حجر إلا وجد تحته دم عبيط.

قلت : رواه كاتب الواقدي فى كتابه ، وأخرجه محدث الشام في كتابه عنه (١١٥٥) ، وأخرجه الطبراني بطرق شتى.

اخبرنا بما عنده يوسف الحافظ ، اخبرنا ابن ابى زيد اخبرنا محمد اخبرنا ابن فاذشاه اخبرنا ابو القاسم حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا ابراهيم بن عبد الله الهروي اخبرنا هشيم حدثنا ابو معشر عن محمد بن عبد الله بن سعيد بن العاص عن الزهري قال قال عبد الملك بن مروان أي واحد أنت ان اخبرتني أي علامة كانت يوم قتل الحسين بن علي عليه‌السلام؟ قال : قلت لم ترفع حصاة في بيت المقدس إلا وجد تحتها دم عبيط ، فقال لي عبد الملك انى وإياك في هذا الحديث قرينان.

قلت : هكذا اخرجه الطبراني في معجمه الكبير في ترجمة الحسين عليه‌السلام وبه قال الطبراني (١١٥٦).

حدثنا قيس بن ابي قيس ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ابن لهيعة ، عن ابى قبيل قال : لما قتل الحسين بن علي عليه‌السلام انكسفت الشمس كسفة حتى بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا انها هي (١١٥٧).

وبه حدثنا عبد الله بن احمد ، حدثنا بكر بن خلف ، حدثنا ابو عاصم

__________________

(١١٥٥) الاحاديث متواترة حول هذه الكرامة تجدها في تهذيب التهذيب ٢ : ٣٥٤ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٩٦ ، ذخائر العقبى : ١٤٥ ، ينابيع المودة : ٣٨٧.

(١١٥٦) تهذيب التهذيب ٢ : ٣٥٤ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٩٦ قال : رواه الطبرانى ورجاله ثقات.

(١١٥٧) سنن البيهقي ٣ : ٣٣٧ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٩٧ وقال : رواه الطبرانى وإسناده حسن.

٤٤٤

عن قرة بن خالد ، قال : سمعت ابا رجاء العطاري يقول : لا تسبوا عليا ، ولا اهل البيت فان جارا لنا من بلهجيم ، قال : ألم تروا الى هذا الفاسق حسين بن علي قتله الله تعالى ، فرماه الله بكوكبين في عينيه ، فطمس الله بصره (١١٥٨).

وبه حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا ابو نعيم ، حدثنا عبد الجبار ابن العباس ، عن عمار الدهني ، قال : فمر علي عليه‌السلام على كعب ، فقال : يقتل من ولد هذا رجل في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فمر حسن عليه‌السلام فقيل هذا يا ابا اسحاق ، قال لا ، فمر حسين عليه‌السلام فقالوا : هذا؟ قال : نعم.

قلت : اخرجه الطبراني في ترجمته (١١٥٩).

اخبرنا القاضي العلامة ابو نصر محمد بن مميل الشافعي ، اخبرنا الامام ابو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي ، قال : انشدت لبعض الشعراء في مرتبة امير المؤمنين ، ومنار المتقين ، وريحانة رسول رب العالمين الحسين ابن علي عليهما‌السلام :

لقد هدّ جسمي رزء آل محمد

وتلك الرزايا والخطوب عظام

وأبكت جفوني بالفرات مصارع

لآل النبي المصطفى وعظام

عظام بأكناف الفرات زكية

لهن علينا حرمة وذمام

فكم حرة مسبية فاطمية

وكم من كريم قد علاه حسام

__________________

(١١٥٨) تاريخ الشام ٤ : ٣٤٠ ، الصواعق : ١١٧ ، تهذيب التهذيب ٢ : ٣٥٤ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٩٦ ، وقال : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ، ذخائر العقبى : ١٤٥ وقال : خرجه احمد في المناقب.

(١١٥٩) تهذيب التهذيب ٢ : ٣٤٧ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٩٣ باختلاف يسير في بعض الالفاظ ، وقال : رواه الطبراني.

٤٤٥

لآل رسول الله صلت عليهم

ملائكة بيض الوجوه كرام

أفاطم اشجاني بنوك ذووا العلا

فشبت وانى صادق لغلام

وأصبحت لا التذ طيب معيشة

كأن عليّ الطيبات حرام

ولا البارد العذب الفرات اسيغه

ولا ظل يهنيني الغداة طعام

يقولون لي صبرا جميلا وسلوة

وما لي الى الصبر الجميل مرام

وكيف اصطباري بعد آل محمد

وفي القاب منهم لوعة وصقام

قلت : هذه الأبيات آخر ترجمة الحسين عليه‌السلام من تاريخه (١١٦٠) ، وأنشدني بعض رفقائي من مرثية فيه عليه‌السلام :

رأس ابن بنت محمد ووصيه

للمسلمين (١١٦١) على قناة يرفع

والمسلمون بمنظر وبمسمع

لا جازع منهم ولا متفجع

كحلت بمصرعك العيون عماية

وأصم رزؤك كل اذن تسمع

ايقظت اجفانا وكنت انتمها

وأنمت عينا لم تكن بك تهجع

ما روضة إلا تمنت انها

لك حفرة ولخط قبرك مضجع (١١٦٢)

ذكر من قتل مع الحسين بن على عليه‌السلام

وهم أحد وعشرون نفسا من اهل بيته ، ستة نفر من أخوته : جعفر والعباس وعثمان ، وأبو بكر محمد الأصغر ، وعبد الله ، وعبيد الله ، وابناه علي ، وعبد الله وأولاد أخيه الحسن «ع» ، عبد الله ، وأبو بكر ، والقاسم ، وبنو عبد الله ابن جعفر ، عون ، ومحمد ، وعبيد الله ، وبنو عقيل بن ابى طالب مسلم ،

__________________

(١١٦٠) تاريخ ابن عساكر ٤ : ٣٤٣.

(١١٦١) في رواية : للناظرين.

(١١٦٢) الأبيات لدعبل الخزاعي ، المناقب لابن شهر اشوب ٤ : ١٢٦.

٤٤٦

كذا رواه الحافظ القاضي عياض ، غير ان المشهور انه قتل قبله حين سبقه الى البيعة بالكوفة والله اعلم ـ وجعفر ، وعبد الرحمن ، وعبد الله ، وابنا مسلم بن عقيل محمد ، وعبد الله ، ومحمد بن سعيد بن عقيل ، كلهم مدفونون معه في مشهده بكربلاء ، إلا العباس بن علي فانه مدفون في مكان قتل فيه (١١٦٣).

والذين اعقبوا من أولاد علي «ع» خمسة نفر : الحسن ، والحسين ، ومحمد ابن الحنفية ، والعباس بن الكلابية ، وعمر بن التغلبية ، هذا اصح شيء نقل فيه وما عداه فغير معتمد عليه والباقون ماتوا صغارا.

فرع فى ذكر الائمة عليهم‌السلام

وهم من نسل سيدنا ومولانا (زين العابدين ومنار القانتين) أبي محمد علي ابن الحسين بن علي «ع».

كان عابدا وفيا وجوادا حفيا ، وأمه شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار ابن كسرى ومولده بالمدينة سنة ٣٨ من الهجرة.

وأخبرنا القاضى العلامة مفتي الشام ابو نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن مميل الشيرازى ، قال : اخبرنا الحافظ ابو القاسم علي بن الحسن الشافعي ، اخبرنا الشريف الكامل ابو القاسم علي بن ابراهيم الحسينى ، وأبو الوحش سبيع بن قيراط المقري ، قالا : اخبرنا ابو الحسن رشا بن نظيف بن ما شاء الله المقري حدثنا ابو احمد عبيد الله بن محمد الفرضي ، قال : اخبرنا ابو بكر محمد بن يحيى الصولي ، حدثنا العلائي ، حدثنا ابراهيم بن بشار ، عن سفيان بن عيينة

__________________

(١١٦٣) راجع بهذا الخصوص الفصول المهمة ١٨٦ ، تذكرة الخواص ٢٧٧ مقتل الحسين ٢٩٤ ، ٣٠٤ ، ٣٠٩ ، فاطمة ابنة الحسين «ع».

٤٤٧

عن الزهري ، قال : كنا عند جابر فدخل عليه علي بن الحسين عليه‌السلام ، فقال : كنت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدخل عليه الحسين ابن علي عليه‌السلام فضمه الى صدره وقبّله وأقعده الى جنبه ، ثم قال : يولد لا بني هذا ابن يقال له علي إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش ليقم سيد العابدين فيقوم هو.

قلت : هذا حديث ذكره محدث الشام في مناقبه ، كما اخرجناه (١١٦٤) وسنده معروف عند اهل النقل.

وأخبرنا ابو طالب عبد اللطيف بن القبيطي ، وابن عبد السميع الهاشمي قالا : اخبرنا محمد بن عبد الباقى ، اخبرنا حمد بن احمد بن الحسن الحداد اخبرنا الحافظ ابو نعيم احمد بن عبد الله قال حدثت عن احمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين قال : حدثنا عبيد الله بن محمد بن عمرو البلوى حدثنا يحيى بن زيد بن الحسن قال : حدثني سالم بن فروخ مولى الجعفريين عن ابن شهاب الزهري قال : شهدت علي بن الحسين عليه‌السلام يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة الى الشام فأثقله حديدا ، ووكل به حفاظا في عدة وجمع فاستأذنتهم في التسليم عليه والتوديع له فأذنوا لي فدخلت عليه وهو في قبة ، والأقياد في رجليه والغل في يديه (١١٦٥) فبكيت وقلت له : ودت اني مكانك وأنت سالم ، فقال : يا زهري أتظن ان هذا مما ترى علي وفي عنقي يكربني؟ أما لو شئت ما كان فانه وإن بلغ بك وبأمثالك ليذكرني عذاب الله ، ثم اخرج يديه من الغل ورجليه من القيد ، ثم قال : يا زهري لا جزت معهم على ذا منزلتين من المدينة قال : فما لبثنا إلا اربع ليال حتى قدم الموكلون به يطلبونه بالمدينة فما وجدوه فكنت فيمن

__________________

(١١٦٤) الصواعق المحرقة ١٢٠ وقال : رواه المديني عن جابر ، المناقب لابن شهر اشوب ٤ : ١٦٧.

(١١٦٥) في رواية : والغل في عنقه.

٤٤٨

سألهم عنه ، فقال لي بعضهم : انا لنراه متبوعا انه لنازل ونحن حوله لا ننام نرصده إذ اصبحنا فما وجدنا بين محمله إلا حديدة ، قال الزهري : فقدمت بعد ذلك على عبد الملك بن مروان فسألني عن علي بن الحسين فأخبرته فقال لي : انه قد جاءني يوم فقده الأعوان فدخل علي ، فقال : ما أنا وأنت؟ فقلت : أقم عندي فقال : لا احب ، ثم خرج فو الله فقد امتلأ ثوبى منه خيفة ، قال الزهري : فقلت : يا امير المؤمنين ليس علي بن الحسين حيث تظن انه مشغول بنفسه ، فقال : حبذا شغل مثله فنعم ما شغل به ، قال : وكان الزهري إذا ذكر علي بن الحسين يبكي ويقول زين العابدين.

قلت : هكذا اخرجه صاحب حلية الأولياء (١١٦٦) ، وتابعه محدث الشام سواء.

اخبرنا القاضي العلامة ابو نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازى ، اخبرنا الحافظ ابو القاسم علي بن الحسن الشافعي ، اخبرنا ابو القاسم علي بن ابراهيم ، اخبرنا رشا بن نظيف ، اخبرنا الحسن بن اسماعيل اخبرنا احمد بن مروان حدثنا ابو بكر بن ابى الدنيا ، حدثنا محمد بن الحسن عن عبيد الله بن محمد عن عبد الرحمن بن حفص القرشي قال : كان علي بن الحسين بن علي بن ابى طالب عليه‌السلام إذا توضأ اصفرّ فيقول له أهله : ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟ فيقول : أتدرون بين يدي من أريد ان أقوم (١١٦٧).

اخبرنا ابراهيم بن بركات الخشوعي ، اخبرنا الحافظ بقية السلف ابو القاسم علي بن الحسن ، اخبرنا ابو القاسم العلوي ، اخبرنا رشا ، اخبرنا احمد بن مروان ، حدثنا محمد بن عبد العزيز ، حدثنا ابراهيم بن محمد ،

__________________

(١١٦٦) حلية الاولياء ٤ : ١٣٥ ، المناقب لابن شهر اشوب ٤ : ١٣٢ ، ينابيع المودة : ٤٥٤.

(١١٦٧) المناقب لابن شهر اشوب ٤ : ١٤٨ ، ينابيع المودة ٤٥٣.

٤٤٩

حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : حج علي بن الحسين فلما احرم واستوت به راحلته اصفرّ لونه وانتفض ، ووقع عليه الرعدة ، ولم يستطع ان يلبي ، فقيل له : ما لك؟ فقال : اخشى ان اقول لبيك ، فيقال : لا لبيك ، فقيل له : لا بد من هذا ، قال : فلما لبى غشى عليه وسقط من راحلته ، فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه (١١٦٨).

قلت : رواه ابن عساكر في تاريخه.

اخبرنا ابو طالب عبد اللطيف بن القبيطي ، وأبو تمام الهاشمي قالا اخبرنا محمد بن عبد الباقى ، اخبرنا ابو الفضل حمد بن احمد ، اخبرنا الحافظ ابو نعيم حدثنا محمد بن احمد ، حدثنا عبيد الله بن جعفر الرازى ، حدثنا علي بن رجاء الفارسي حدثنا عمرو بن خالد عن ابى حمزة التمالي (١١٦٩) قال : اتيت باب علي بن الحسين فكرهت ان أصوت فقعدت حتى خرج فسلمت عليه ودعوت له فرد علي السلام ودعا لي ، ثم انتهى الى حائط له فقال يا ابا حمزة ترى هذا الحائط؟ قلت بلى يا ابن رسول الله ، قال فاني اتكأت عليه يوما وأنا حزين فاذا رجل حسن الوجه والثياب ينظر في اتجاه وجهي ، ثم قال يا علي بن الحسين ما لي أراك كئيبا حزينا أعلى الدنيا فهو رزق حاضر يأكل منها البر والفاجر ، فقلت : ما عليها احزن كما تقول فقال : على الآخرة فهو وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر ، فقلت ما على هذا احزن لأنه كما تقول ، قال فما حزنك يا علي بن الحسين؟ قلت : من فتنة ابن الزبير فقال يا علي بن الحسين هل رأيت احدا سأل الله فلم يعطه؟ قلت لا ، قال فخف الله يكفيك أمره ، قال : ثم غاب عني فقيل لي يا علي هذا الخضر ناجاك.

__________________

(١١٦٨) ينابيع المودة ٤٥٣.

(١١٦٩) ابو حمزة ثابت بن دينار الكوفي الثمالي من زهاد الكوفة ومشايخها المتوفى ١٥٠ ، الكنى والالقاب ٢ : ١٣٢.

٤٥٠

قلت : رواه ابو نعيم في حلية الأولياء (١١٧٠) ، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه عنه.

وأخبرنا القاضي العلامة ابو نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازى ، اخبرنا الحافظ ابو القاسم الدمشقي اخبرنا السيد ابو القاسم علي بن ابراهيم اخبرنا رشا بن نظيف ، اخبرنا الحسن بن اسماعيل اخبرنا احمد بن مروان ، حدثنا محمد ابن صالح الهاشمي حدثنا عبيد الله بن محمد العامري حدثني أبي عن جدي وكان رفيق طاوس قال : سمعت طاوسا يقول : اني لفي الحجر إذ دخل الحجر علي بن الحسين عليه‌السلام ، فقلت : رجل صالح من أهل بيت النبوة لأستمعن الى دعائه الليلة ، قال : ثم قام يصلي من السحر ، ثم سجد سجدة ، فجعل يقول في سجوده : عبدك يا رب نزل بفنائك ، مسكينك يا رب نزل بفنائك فقيرك يا رب نزل بفنائك ، قال طاوس : فحفظتهن فما دعوت بهن في كرب إلا فرّج الله عني (١١٧١).(١١٧٢)

يجد الواقف على جميع نسخ الكتاب بياضا قبل ذكر القصيدة فيقطع ـ خصوصا بملاحظة قول المؤلف بعد ذكرها «فغضب هشام ، وأمر بحبس الفرزدق بعسفان» بسقوط صدر الحادثة وسلسلة اسنادها ، ولها ارتجل الفرزدق هذه ـ :

__________________

(١١٧٠) حلية الاولياء ٣ : ١٣٤ ، الفصول المهمة ١٨٩.

(١١٧١) ينابيع المودة ٤٥٤ ، تذكرة الخواص ٣٣١ ، المناقب لابن شهر اشوب ٤ : ١٤٨.

(١١٧٢) في الأصل بياض وقد سقط صدر الحادثة واسنادها وهي : ان ـ

٤٥١

هذا الذي تعرف البطحاء ووطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

إذا رأته قريش قال قائلها

الى مكارم هذا ينتهي الكرم

ينعى الى ذروة العز التي قصرت

عن نيلها عرب الاسلام والعجم

يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

يغضي حياء ويغضى من مهابته

فلا يكلم إلا حين يبتسم

بكفه خيزران ريحها عبق

من كف اروع في عرنينه شمم

مشتقة من رسول الله نبعته

طابت عناصرها والخيم والشيم

ينجاب نور الهدى عن نور غرته

كالشمس ينجاب عن اشراقها القتم

ما قال لا قط إلا في تشهده

لو لا التشهد كانت لاؤه نعم

حمال اثقال اقوام إذا فدحوا

حلو الشمائل تحلو عنده النعم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله

بجدّه انبياء الله قد ختموا

وليس قولك من هذا بضائره

العرب تعرف من انكرت والعجم

__________________

ـ هشام بن عبد الملك حج البيت ايام ابيه أو أخيه الوليد فلم يتمكن من استلام الحجر لازدحام الناس ، فنصب له منبر وجلس عليه ينظر الحاج إذ اقبل الامام علي بن الحسين «ع» فانكشف الناس عنه حتى وصل الى الحجر وطاف بالبيت فسأل بعض اهل الشام هشاما عنه فأنكر معرفته مخافة الرغبة فيه ، وكان الفرزدق حاضرا ، فقال للشامي : أنا اعرفه ، قال : من هو يا ابا فراس؟ فارتجل القصيدة التالية ، وقد جاءت بنصها مع تقديم وتأخير في بعض الابيات ، طبقات الشافعية ١ : ١٥٣ ، الاغاني ١٩ : ٤٠ ، حلية الاولياء ٣ : ١٣٩ ، مرآة الجنان ١ : ٢٣٩ شذرات الذهب ١ : ١٤٢ ، تذكرة الخواص ٣٢٩ ، الفصول المهمة : ١٩٣ ، نور الابصار : ١٢٨ ، ديوان الفرزدق ط بيروت ج ٢ : ١٧٨ ، الصواعق المحرقة ١١٩ ، ينابيع المودة ٤٣٢ ، المناقب لابن شهر اشوب ٤ : ١٦٩.

٤٥٢

الله فضله قدما وشرفه

جرى بذاك له في لوحه القلم

من جدّه دان فضل الأنبياء له

وفضل أمته دانت له الأمم

عم البرية بالاحسان فانقشعت

عنها العماية والاملاق والظلم

كلتا يديه غياث عم نفسهما

يستوكفان ولا يعروهما العدم

سهل الخليقة لا تخشى بوادره

يزينه اثنان حسن الخلق والكرم

لا يخلف الوعد ميمون نقيبته

رحب الفناء لريب حين يعترم

من معشر حبهم دين وبغضهم

كفر وقربهم منجى ومعتصم

يستدفع السوء والبلوى بحبهم

ويستزاد به الاحسان والنعم

مقدم بعد ذكر الله ذكرهم

في كل ذكر ومختوم به الكلم

إن عدّ أهل التقى كانوا أئمتهم

أو قيل من خير اهل الارض قيل هم

لا يستطيع جواد بعد غايتهم

ولا يدانيهم قوم وإن كرموا

هم الغيوث إذا ما ازمة ازمت

والأسد اسد الشرى والبأس محتدم

يأبى لهم ان يحل الذم ساحتهم

خيم كريم وأيد بالندى هضم

لا ينقص العصر بسطا من اكفهم

سيان ذلك ان أثروا وإن عدموا

أي الخلائق ليست في رقابهم

لأولية هذا أو له النعم

من يعرف الله يعرف أولية ذا

فالدين من بيت هذا ناله الامم

قال : فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة والمدينة فبلغ ذلك علي بن الحسين عليه‌السلام ، فبعث إليه باثني عشر الف درهم ، وقال : اعذر ابا فراس لو كان اكثر منها لوصلناك بها فردها وقال : يا ابن رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله ، وفي رواية ان الفرزدق جعل يهجو هشاما فمما هجاه قوله :

أيحبسني بين المدينة واللتي

إليها قلوب الناس يهوى منيبها

يقلب رأسا لم يكن رأس سيد

وعينا له حولاء باد عيوبها

٤٥٣

قلت : ذكره غير واحد من اهل السير والتواريخ ، وذكره الحافظ ابو نعيم في حلية الأولياء ، هذا لفظ محدث الشام في ترجمة زين العابدين عليه‌السلام من كتابه.

ورواه ابو القاسم الطبراني مع جلالة قدره في معجمه الكبير في ترجمة الحسين عليه‌السلام.

قال : حدثنا ابو حنيفة محمد بن حنيفة الواسطي حدثنا زيد بن عمرو بن البراء العبدي ، حدثنا سليمان بن الهيثم ، قال : كان حسين بن علي عليه‌السلام يطوف بالبيت فأراد ان يستلم الحجر فأوسع له الناس والفرزدق بن غالب ينظر إليه ، فقال رجل من هذا يا ابا فراس؟ فقال الفرزدق :

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

وجعله فيه ، وهذا عندي وهم لوجهين «احدهما» اتفاق الائمة على خلافه انه في المذكور كما اخرجناه ، «الثاني» ما رواه الدارقطني انه لم يره إلا مرة واحدة في طريق مكة فاعلم ذلك ، ونسبه ابو تمام الطائي الى حزين.

وروى دعبل انها لكثير السهمي في محمد بن علي بن الحسين عليه‌السلام وكل ذلك خطأ لما بيناه.

وسمعت الحافظ فقيه الحرم محمد بن احمد بن علي القسطلاني يقول : سمعت شيخ الحرمين ابا عبد الله القرطبي يقول : لو لم يكن لأبى فراس عند الله عمل إلا هذا دخل الجنة به لأنها كلمة حق عند ذي سلطان جائر.

وتوفى عليه‌السلام بالمدينة سنة خمس وتسعين ، وله يومئذ سبع وخمسون سنة ، ودفن بالبقيع مع الحسن «ع» فانظر الى بركة العدل بأن جعل الله تبارك وتعالى الائمة المهديين من نسل الحسين «ع» من بنت كسرى دون سائر زوجاته وكان له خمسة عشر ولدا ، والامام بعده ولده.

٤٥٤

الباقر محمد بن على بن الحسين عليه‌السلام

ولد بالمدينة سنة سبع وخمسين من الهجرة ، وقبض بها سنة اربع عشرة ومائة وله يومئذ سبع وخمسون سنة ، وقبره بالبقيع مع أبيه وجدته كان له من الولد سبعة أولاد ، والامام بعده ولده (١١٧٣).

أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام

ومولده بالمدينة سنة ثلاث وثمانين ، اخبرنا الكاشغري ، اخبرنا علي ابن ابى القاسم الطوسي اخبرنا يحيى بن احمد السبتي اخبرنا ابو الحسين بن بشران اخبرنا ابو علي بن صفوان اخبرنا ابن ابى الدنيا حدثنا عيسى بن ابى حرب والمغيرة ابن محمد قالا : حدثنا عبد الأعلى بن حماد ، حدثنا حسن بن الفضل بن الربيع ، حدثني عبيد الله بن الفضل بن الربيع عن الفضل بن الربيع ، قال : حج ابو جعفر سنة سبع وأربعين ومائة فقدم المدينة فقال : ابعث الى جعفر بن محمد من يأتيني به قتلني الله ان لم اقتله ، فأمسكت عنه رجاء ان ينساه فأغلظ لي في الثانية فجئته به فقلت له جعفر بن محمد بالباب يا امير المؤمنين ، قال ائذن له فأذنت له فدخل فقال : السلام عليك يا امير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، فقال لا سلم الله عليك يا عدو الله تلحد في سلطاني وتبتغيني الغوائل في ملكي قتلني الله ان لم اقتلك ، قال جعفر : يا امير المؤمنين ان سليمان «ع» اعطى فشكر ، وان ايوب ابتلى فصبر ، وان يوسف ظلم فغفر ، وأنت السنخ من ذلك فنكس طويلا ثم رفع رأسه فقال : الي وعندي يا ابا عبد الله البري الساحة السليم الناحية ، القليل الغائلة جزاك الله من ذي رحم افضل ما يجزى ذوى الأرحام عن ارحامهم ، ثم تناول بيده فأجلسه معه على

__________________

(١١٧٣) حلية الاولياء ٣ : ٨٠ ، المناقب لابن شهر اشوب ٤ : ١٧٨ ، الفصول المهمة ١٩٦ ، ينابيع المودة ٤٣٣.

٤٥٥

مفرشه ، ثم قال : يا غلام علي بالمنجفة ـ والمنجفة مدهن كبير فيه غالية ـ فأتي به فغلفه بيده حتى غدت لحيته قاطرة ، ثم قال : في حفظ الله وكلاءته يا ربيع ألحق ابا عبد الله جائزته وكسوته ، فانصرف فلحقته فقلت : اني قد رأيت ما لم تر ورأيت بعد ذلك ما قد رأيت ، وقد رأيتك تحرك شفتيك فما الذي قلت؟ قال نعم انك رجل منا اهل البيت ولك محبة وود (قلت : اللهم احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يضام ، واغفر لي بقدرتك علي لا أهلك ، وأنت رجائي رب كم من نعمة انعمت بها علي قال لها شكري ، وكم من بلية ابتليتني بها قل عندها صبري ، فيا من قل عند نعمته شكري فلم يحرمني ، ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني ، ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني ، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي ابدا ويا ذا النعم التي لا تحصى ابدا ، اسألك ان تصلي على محمد وعلى آل محمد وبك أدرأ في نحره ، وأعوذ بك من شره.

اللهم فأعني على ديني بدنياي ، وأعني على آخرتي بتقواي ، واحفظني فيما غبت عنه ، ولا تكلني الى نفسي فيما حضرته ، يا من لا تضره الذنوب ، ولا تنقصه المغفرة ، اغفر لي ما لا يضرك ، واعطني ما لا ينقصك ، انك أنت الوهاب ، اسألك فرجا قريبا ، وصبرا جميلا ، ورزقا واسعا ، والعافية من جميع البلاء ، وشكر العافية) (١١٧٤).

رواه في كتاب الفرج له ، كما اخرجناه سواء ، ومضى لسبيل الله في شوال من سنة ثمان وأربعين ومائة ، وسنة يومئذ خمس وستون سنة ، قبره بالبقيع مع آبائه صلوات الله عليهم ، كان له عشرة من الاولاد والامام بعده ولده.

__________________

(١١٧٤) الفصول المهمة ٢١١ ، تذكرة الخواص ٣٤٤ ، وذكر له «ع» ابو نعيم في حلية الاولياء ٣ : ١٩٢ حكما وأحاديث كثيرة.

٤٥٦

أبو الحسن موسى الكاظم عليه‌السلام

مولده بالابواء سنة ثمان وعشرين ومائة.

قرأت على سيدنا الامام العلامة ، رئيس الأصحاب سفير الخلافة شافعي الزمان ابى الفضل يحيى ابن سيدنا قاضي القضاة حجة الاسلام ابى المعالي محمد بن علي بن محمد القرشي ، اخبرنا حجة العرب زيد بن الحسن الكندي ، اخبرنا ابو منصور القزاز ، اخبرنا الحافظ احمد بن علي بن ثابت ، اخبرنا القاضى ابو العلاء محمد بن علي الواسطي ، حدثنا محمد بن احمد الواعظ ، حدثنا الحسين بن القاسم حدثني احمد بن وهب اخبرنى عبد الرحمن بن صالح الازدى قال : حج هارون الرشيد فأتى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله زائرا له وحوله قريش وافياء القبائل ومعه الامام موسى بن جعفر «ع» ، فلما انتهى الى القبر قال : السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم افتخارا علي من حوله ، فدنا موسى فقال : السلام عليك يا أبة فتغير وجه هارون وقال : هذا الفخر يا ابا الحسن حقا.

قلت : رواه الخطيب في ترجمته من التاريخ (١١٧٥) وقال : توفى لخمس بقين من رجب ، سنة ثلاث وثمانين ومائة ببغداد في حبس السندي بن شاهك وله يومئذ خمس وخمسون سنة ، ودفن في مقابر قريش بباب التين ، وكان له سبعة وثلاثون ولدا ذكرا وأنثى رضى الله عنهم اجمعين والامام بعده.

أبو الحسن على بن موسى الرضا عليه‌السلام

مولده بالمدينة سنة ثمان وأربعين ومائة (١١٧٦) وقبض بطوس من ارض

__________________

(١١٧٥) الصواعق المحرقة ١٢٣ وفيه : ان القصة هذه كانت سببا لإمساكه وحمله معه الى بغداد وحبسه فلم يخرج منه إلا مقيدا ، المناقب لابن شهر اشوب ٤ : ٢٨٣ ـ ٣٢٩.

(١١٧٦) ـ راجع في توليته «ع» ـ ولاية العهد لمأمون

٤٥٧

خراسان في صفر سنة ثلاث ومائتين ، وله خمس وخمسون سنة ، ولم يذكر له ولد سوى الامام بعده (١١٧٧).

الجواد محمد المرتضى عليه‌السلام

كان مولده في شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة ، وقبض ببغداد في ذى القعدة سنة عشرين ومائتين وله يومئذ خمس وعشرون سنة ، ودفن مع جده موسى «ع» ، وخلف من الولد.

الهادى عليا عليه‌السلام

وهو الامام بعده ، مولده بصريا من المدينة للنصف من ذى الحجة ، سنة اثنتي عشرة ومائتين ، وتوفى بسر من رأى في رجب سنة اربع وخمسين ومائتين ، وله يومئذ إحدى وأربعون سنة ، ودفن في داره بسر من رأى وخلف من الولد.

أبا محمد الحسن (العسكرى) ابنه عليه‌السلام

وهو الامام بعده ، مولده بالمدينة في شهر ربيع الآخر من سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ، وقبض يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الاول سنة ستين ومائتين ، وله يومئذ ثمان وعشرون سنة ، ودفن في داره بسر من رأى في البيت الذي دفن فيه أبوه ، وخلف ابنه وهو :

الإمام المنتظر صلوات الله عليه

ونختم الكتاب ونذكره مفردا.

__________________

الصواعق : ١٢٣ ، نور الأبصار : ١٤١ ، الفصول المهمة : ٢٢٩ ، تذكرة الخواص : ٣٥٢.

(١١٧٧) كان له من الأولاد خمسة وبنتا ، وهم : الامام محمد الجواد ، والحسن ، وجعفر ، وابراهيم ، والحسين ، وعائشة ، تذكرة الخواص : ٣٥٨ ، الفصول المهمة : ٢٥٠.

٤٥٨

الباب التاسع

فى ذكر قتله عليه‌السلام ومن قتله

اخبرنا علي بن عبد الله المقير البغدادي بدمشق عن المبارك بن الحسن بن احمد الشهرزوري ، اخبرنا ابو القاسم بن احمد بن بندار ، اخبرنا ابو عبد الله بن محمد الحافظ ، حدثنا ابو عبد الله احمد بن علي بن العلاء ، حدثنا ابو هاشم زياد بن ايوب الطوسي ، حدثنا عاصم بن علي ، حدثنا محمد بن راشد الخزاعي عن عبد الله ابن محمد بن عقيل عن فضالة بن ابى فضالة الانصاري قال خرجت مع أبي الى ينبع عائدا لعلي بن ابى طالب عليه‌السلام ، وكان بها مريضا حتى ثقل فقال له أبي : ما يقيمك في هذا المنزل ان هلكت به لم يلك إلا اعراب جهينة؟ أتحمل الى المدينة فان اصابك اجل وأنت بها وليك اصحابك والمهاجرون وصلوا عليك ، فقال : له علي عليه‌السلام اني لست بميت من وجعي هذا ، ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عهد إلي اني لا اموت من وجعي هذا حتى تخضب هذه من هذه يعني لحيته من هامته (١١٧٨).

وأخبرنا نصر الله بن تروس بن عبد الله بجامع دمشق ، اخبرنا القاضي ابو القاسم عبد الصمد بن محمد الانصاري ، اخبرنا ابو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي ، اخبرنا الحافظ ابو بكر بن ثابت الخطيب اخبرنا علي بن القاسم البصري ، حدثنا علي بن اسحاق الماذرائي ، حدثنا محمد بن احمد بن الجنيد حدثنا ابو نصر ، حدثنا شريك ، عن عثمان بن المغيرة ، عن زبيد بن وهب ، قال : قدم على علي عليه‌السلام وفد من اهل البصرة فيهم رجل من رءوس الخوارج

__________________

(١١٧٨) الاستيعاب ٢ : ٦٨١ ، مسند احمد بن حنبل ١ : ١٠٢ ، الرياض النضرة ٢ : ٢٢٣.

٤٥٩

يقال له الجعدة بن بعجة ، فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا علي اتّق الله فانك ميت ، وقد علمت سبيل المحسن والمسيء ، ثم قال : انك ميت قال علي عليه‌السلام : لا والله بل مقتول قتلا بضربة على هذه اللحية قضاء وعهدا مقضيا معهودا ، وقد خاب من افترى ، ثم عاتبه في لبوسه فقال : ما يمنعك ان تلبس؟ قال : مالي وللبوس ، هذا لبوسي أنفى للكبر ، وأجدر ان يقتدى بي المسلمون (١١٧٩).

قلت : رواه شيخ الحديث في كتابه المترجم بالأسماء المبهمة ، رويناه عاليا بجميعه ، عن ابى الحسن بن ابى عبد الله البغدادي ، عن الفضل ابن سهيل بن بشر عنه.

روينا عن محمد بن جرير الطبري وجماعه أخر من اهل السير ، قالوا : اخبرنا ابو هشام محمد بن يزيد الرقاعي ، حدثنا ابو اسامة ، حدثنا ابو جناب الكلبي ، حدثنا ابو عون الثقفى عن ابى عبد الرحمن السلمي حديثا فيه ذكر مقتل علي عليه‌السلام وأنا اختصرته قال : اجتمع بمكة نفر من الخوارج فتذاكروا امراء المسلمين فعابوهم وعابوا اعمالهم عليهم ، وذكروا اهل النهروان ، وترحموا عليهم ، وقال بعضهم لبعض فلو أنا شرينا انفسنا لله عزوجل فأتينا أئمة الضلال وطلبنا عرتهم وأرحنا منهم البلاد والعباد وثأرنا بإخواننا الشهداء بنهروان فتعاقدوا على ذلك عند انقضاء الحج.

فقال : عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله أنا اكفيكم عليا ، وقال البرك بن عبد الله التميمي أنا اكفيكم معاوية ، وقال عمرو بن بكر التميمي : أنا اكفيكم عمرو بن العاص ، فتعاقدوا وتواثقوا على الوفاء بأن لا ينكل واحد منهم عن صاحبه الذي يتوجه إليه ولا عن قتله واتعدوا لشهر رمضان في الليلة التي قتل فيها ابن ملجم عليا عليه‌السلام (فأما صاحب معاوية) فانه قصده

__________________

(١١٧٩) مسند ابو داود الطيالسي ١ : ٢٣.

٤٦٠