كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

محمّد بن يوسف الگنجي الشافعي

كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

محمّد بن يوسف الگنجي الشافعي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار إحياء تراث أهل البيت (ع)
المطبعة: فارابي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٨١

ومعلوم ان اسماعيل عم يعقوب ولكن نزله منزلة الأب ، فيحصل من هذا جواز انتساب أولاد علي عليه‌السلام الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على الاطلاق لأنه أخوه وهو منه بمنزلة هارون من موسى ، كما نسب الله لوطا الى ابراهيم ، ولوط إنما هو ابن اخيه وكذلك هنا ، وكل هذا سوّغ ليحصل الشرف الكلي والفخر الكامل (وكانوا أحق بها وأهلها) (١٠٥٦).

اخبرنا يوسف الحافظ بحلب ، اخبرنا ابن ابى زيد ، اخبرنا محمود بن اسماعيل الأشقر ، اخبرنا ابو الحسين بن فاذشاه ، اخبرنا الامام ابو القاسم ، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي ، حدثنا بشر بن مهران ، حدثنا شريك بن عبد الله عن شبيب بن غرقدة عن المستظل بن حصين عن عمر قال : سمعت رسول الله يقول : كل بنى انثى فان عصيتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فاني أنا عصبتهم وأنا أبوهم.

قلت : رواه الطبرى في ترجمة الحسن (١٠٥٧).

فصل : فى الحديث المروى فى رد الشمس بدعاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

حتى صلى على بن أبى طالب عليه‌السلام العصر نعتضد بالله ونقول منكر ذلك إما ان ينكره من حيث الإمكان ، أو من حيث صحة النقل من عدالة الرواة.

(أما القسم الأول) : فان المتكلم فيه احد رجلين ، إما من يثبت الشرائع أو ينفيها ، أما نفاتها كالدهرية والفلاسفة ، والمنجمين ، فلا كلام معهم ، وأما مثبتوها فلا يتمكنون من ذلك للحديث الذي خرجه مسلم في صحيحه في

__________________

(١٠٥٦) سورة الفتح ٢٦.

(١٠٥٧) الصواعق المحرقة ١١٢.

٣٨١

حبس الشمس كما اخبرنا الامام الحافظ عثمان ، والحافظ محمد بن محمود ـ عرف بابن النجار ـ ببغداد ، قالا : اخبرنا ابو الحسن المؤيد بن محمد الطوسي ، اخبرنا ابو عبد الله محمد بن الفضل ، اخبرنا ابو الحسين عبد الغافر ، اخبرنا ابو احمد محمد ابن عيسى اخبرنا ابو اسحاق ابراهيم بن محمد ، اخبرنا ابو الحسين مسلم بن الحجاج قال : وحدثنا ابو كريب محمد بن العلا ، حدثنا ابن المبارك عن معمر ، وحدثنا محمد بن رافع واللفظ له ، قال : اخبرنا عبد الرزاق ، اخبرنا معمر عن همام ابن منبه ، قال : هذا ما حدثنا ابو هريرة عن رسول الله (ص) فذكر احاديث منها ، وقال رسول الله «ص» : غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه : لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة وهو يريد ان يبني بها ولما يبن ولا آخر قد بنى بنيانا ولما يرفع سقفها ، ولا آخر قد اشترى غنما أو خلفات وهو منتظر ولادها قال : فغزا فادنا للقرية حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس : أنت مأمورة وأنا مأمور ، اللهم احبسها علي شيئا فحبست عليه حتى فتح الله عليه قال : فجمعوا ما غنموا فأقبلت النار لتأكله فأبت ان تطعمه فقال فيكم غلول فليبايعني من كل قبيلة رجل فبايعوه ، فلصقت يد رجل بيده ، فقال : فيكم الغلول فلتبايعني قبيلتك فبايعته فلصقت بيد رجلين أو ثلاثة فقال : انتم اغللتم ، قال فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب ، قال : فوضعوه في المال وهو بالصعيد ، فأقبلت النار فأكلته فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ، ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا.

قلت : هذا حديث متفق على صحته ، رواه البخاري في الغلول (١٠٥٨) وأخرجه مسلم فى الجهاد كما سقناه.

ورواه احمد بن حنبل فى مسنده ، وقال : إن الشمس حبست ليوشع ابن نون عليه‌السلام.

__________________

(١٠٥٨) ج ٢ : ١١٩ صحيح مسلم ٢ : ٤٩ ، مسند احمد بن حنبل ٢ : ٣١٨

٣٨٢

ورواه الطبراني في معجمه كذلك ولا يخلوا إما ان يكون ذلك معجزة لموسى «ع» أو ليوشع «ع» ، فان كان لموسى «ع» فنبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم افضل وعلي «ع» اقرب إليه من يوشع الى موسى ، وإن كان معجزة ليوشع «ع» فان كان نبيا فعلي «ع» مثله ، وإن لم يكن نبيا فعلي «ع» افضل منه إذ قال النبي «ص» : علماء امتي كأنبياء بني اسرائيل ، وفي لفظ آخر انبياء بني اسرائيل ، وحذف الكاف لقوة المشابهة.

والمعنى ان انبياء بنى اسرائيل دعاة الى الله سبحانه بالوعظ والزجر والتحذير والترغيب والترهيب.

وعلماء أمته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائمون في هذا المقام ، منخرطون في سلك هذا النظام ، وعلي عليه‌السلام أولى الناس بهذا النص ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أقضاكم علي.

وأما القسم الثاني وهو الانكار من حيث العدالة من نقل ذلك وذكره في كتابه فقد عدّه جماعة من العلماء في معجزاته صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ومنهم ابن سبع ذكره في شفاء الصدور وحكم بصحته ، (ومنهم) القاضي عياض ذكره في الشفاء بتعريف حقوق المصطفى.

وحكى فيه عن الطحاوي انه ذكر ذلك في شرح مشكل الحديث ، قال روي من طرقين صحيحين.

وقال ابن خزيمة : كان احمد بن صالح يقول : لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حديث اسماء بنت عميس في رد الشمس ، لأنه من علامات نبوة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وقد شفى الصدور الامام الحافظ ابو الفتح محمد بن الحسين الازدي الموصلي في جمع طرقه في كتاب مفرد ، ورواه الحافظ ابو عبد الله الحاكم في تاريخه في ترجمة عبد الله بن حامد بن محمد بن ماهان الفقيه الواعظ المحدث

٣٨٣

وخرجه عنه (١٠٥٩).

كما اخبرنا بقية السلف محمد بن سعيد بن الموفق بن علي بن جعفر النيسابوري ببغداد ، عن ابي زرعة طاهر بن الحافظ ابى الفضل بن محمد بن طاهر المقدسي عن احمد بن علي بن عبد الله بن خلف الشيرازي ، عن الامام الحافظ ابى عبد الله محمد بن عبد الله بن نعيم بن الحكم النيسابوري ، قال : حدثني عبد الله بن حامد بن ماهان ، حدثنا ابو بكر محمد بن جعفر ، حدثنا محمد بن عبيد الكندي حدثنا عبد الرحمن بن شريك ، قال : حدثني أبي ، عن عروة ، عن عبد الله قال : دخلت على فاطمة بنت علي «ع» فرأيت في عنقها خرزة ، ورأيت في يدها سكتين غليظتين ، وهي عجوز كبيرة فقلت لها : ما هذا؟ قالت : إنه يكره للمرأة ان تتشبه بالرجال.

ثم حدثتني عن اسماء بنت عميس حديثها ان عليا «ع» دفع الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد أوحي إليه يجلله بثوبه فلم يزل كذلك حتى أدبرت الشمس ـ يقول : غابت أو كادت تغيب ـ.

ثم إن نبي الله سري عنه ، فقال : أصليت يا علي؟ قال : لا ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم ردّ الشمس على علي ، فرجعت الشمس حتى بلغت نصف المسجد(١٠٦٠).

قال : أبي ، وحدثني به موسى الجهني عن فاطمة بنت علي «ع» مثله.

قلت : هكذا ذكره الحاكم في تاريخ نيسابور في هذه الترجمة ،

__________________

(١٠٥٩) حديث رد الشمس من الاحاديث الثابتة الصحيحة تجد مصادرها بصورة وافية في الغدير ٣ : ١٢٦ ـ ١٤١ ، فتح الملك العلي ١٦ وهناك مؤلفات خاصة بهذا الحديث.

(١٠٦٠) قصص الأنبياء ٣٤٠ ، مشكل الآثار ٢ : ٨ ، الرياض النضرة ٢ : ١٨٠ البداية والنهاية ٦ : ٨٠ ، لسان الميزان ٥ : ٧٦.

٣٨٤

وقد أملاه ابو منصور احمد بن شعيب بن صالح البخاري ببغداد في جامع المنصور في ملأ من اهل الحديث.

اخبرنا عبد الله بن عمر الليثى ، اخبرنا ابو الوقت عبد الأول ابن عيسى بن شعيب السحري ، اخبرنا ابو عيسى سعيد بن ابي احمد المعلم في سنة ثلاث وستين وأربعمائة ، قال : اخبرنا الأمير ابو احمد خلف بن احمد بن محمد بن الليث بن خلف بن فرقد العرني مولى امير المؤمنين ـ قدم علينا بهراة سنة ٣٤٣ ـ قال : اخبرنا الامام ابو منصور البخاري ، قال : حدثنا حامد بن سهل ، قال : حدثنا يحيى بن سليمان بن نضلة ، قال : حدثني ابراهيم بن محمد عن عبد الله بن الحسن عن فاطمة بنت علي عن أم حسن بنت علي عن اسماء بنت عميس قالت : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا يوم خيبر ان يقسم الغنائم على الناس فشغل عن الصلاة حتى كادت الشمس تغرب فقال رسول الله «ص» لعلي : صليت العصر؟ قال : لا يا رسول الله شغلني ما أمرتني ، فدعا رسول الله «ص» ان ترد عليه الشمس حتى يصلي علي عليه‌السلام فأقبلت الشمس ولها حفيف كحفيف المنشار إذا وقع في الخشب حتى توسطت مسجد خيبر فقام علي «ع» فصلى فلما فرغ علي «ع» من صلاته غربت الشمس (١٠٦١).

قلت : هكذا رواه ابو الوقت في الجزء الاول من احاديث الامير أبي احمد ، وضعفه بعض المتأخرين ، وذكره فيما جمعه من الموضوعات ، واحتج على ضعفه بحجة داحضة ، وقال : فيه اضطراب واختلاف فى الروايات وقال : لا يجوز رواية مثل هذا النص لأن فيه خرقا للعادة ، والعجب ممن يذكر مثل هذا في مصنفاته ولا يعلم انه مردود عليه.

أما قوله : فيه اضطراب واختلاف ، قلنا حديث الشفاعة ، وحديث المعراج متفق على صحتهما وهما كذلك.

__________________

(١٠٦١) كنز العمال ٦ : ٢٧٧ ، الرياض النضرة ٢ : ١٧٩.

٣٨٥

وأما قوله : فيه خرق للعادة فدليل على عدم معرفته ما قدمناه من حديث ردّ الشمس ليوشع من المتفق عليه أيضا ، وقال الحافظ ابو نعيم في كتاب تثبيت الامامة وترتيب الخلافة.

فان احتج بأن عليا عليه‌السلام ردّت عليه الشمس بعد ان غابت حتى صلاها لوقتها.

(قيل) : لو كان ذلك لعلي كان لرسول الله «ص» أولى وأحرى ، فقد فاتته يوم الخندق الظهر والعصر ولم ترد عليه الشمس.

(قلت : ولم يطعن فيه من جهة النقل ، قلنا : الرسول (ص) مشرع فلو لم تفته صلاة لا ختل علي الأمة أمر القضاء ، فتفويته للصلاة تشريع في حق الأمة ، ولا كذلك علي «ع» فافترقا.

وروي عن عامر بن واثلة ابى الطفيل قال : كنت يوم الشورى على الباب وعلي يناشد عثمان وطلحة والزبير وسعيدا وعبد الرحمن ، يعد من فضائله منها رد الشمس.

كما اخبرنا ابو بكر بن الخازن ، اخبرنا ابو زرعة ، اخبرنا ابو بكر ابن خلف ، اخبرنا الحاكم ، اخبرنا ابو بكر بن ابي دارم الحافظ بالكوفة من اصل كتابه ، حدثنا منذر بن محمد بن منذر ، حدثنا أبي ، حدثني عمي حدثنا ابي عن ابان بن تغلب عن عامر بن واثلة قال : كنت على الباب يوم الشورى وعلي في البيت فسمعته يقول : استخلف ابو بكر وأنا في نفسي احق بها منه فسمعت وأطعت واستخلف عمر وأنا في نفسي احق بها منه ، فسمعت وأطعت وأنتم تريدون ان تستخلفوا عثمان إذا لا اسمع ولا اطيع جعل عمر في خمسة أنا سادسهم لا يعرف لهم فضل ، أما والله لأحاجنهم بخصال لا يستطيع عربيهم ولا عجميهم ، المعاهد منهم والمشرك ان ينكر منها خصلة ، انشدكم بالله أيها الخمسة أمنكم اخو رسول الله غيري؟ قالوا : لا ، قال أمنكم احد له عم مثل عمي

٣٨٦

حمزة بن عبد المطلب اسد الله وأسد رسوله غيري؟ قالوا : لا ، قال أمنكم احد له اخ مثل اخي المزين بالجناحين يطير مع الملائكة في الجنة؟ قالوا : لا ، قال أمنكم احد له زوجة مثل زوجتي فاطمة سيدة نساء الأمة غيري؟ قالوا لا ، قال : أمنكم احد له سبطان مثل الحسن والحسين سبطي هذه الامة ابنى رسول الله «ص» غيري؟ قالوا لا ، قال : أمنكم احد قتل مشركي قريش قبلي؟ قالوا لا ، قال أمنكم احد ردت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلى العصر غيري؟ قالوا : لا قال : أمنكم احد قال له رسول الله «ص» حين قرب إليه الطير فأعجبه : (اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير) فجئت وأنا اعلم ما كان من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدخلت ، قال : وإلي يا رب وإلي يا رب ، غيري قالوا : لا.

هكذا رواه الحاكم في كتابه بجميع طرقه حديث الطير وناهيك به راويا (١٠٦٢) ، قلت : ولهذا الحديث حكاية عجيبة حكاها جماعة من اهل التواريخ.

اخبرنا الحافظ ابو عبد الله محمد بن محمود المعروف بابن النجار ، اخبرنا ابو محمد عبد العزيز بن الاخضر ، قال : سمعت القاضي محمد بن عمر بن يوسف الأرموي ، يقول : جلس ابو منصور المظفر بن اردشير القباوي الواعظ بمدرسة التاجية بباب ابرز ببغداد بعد صلاة العصر وذكر حديث رد الشمس وشرع في فضائل اهل البيت ، فنشأت سحابة غطت الشمس حتى ظن الناس انها قد غابت ، فقام ابو منصور على المنبر قائما وأومى الى الشمس وارتجل :

لا تغربي يا شمس حتى ينتهي

مدحي لآل المصطفى ولنجله

__________________

(١٠٦٢) قال الحاكم : أما حديث الطير فله طرق كثيرة جدا قد افردتها بمصنف ومجموعها وهو يوجب ان يكون الحديث له اصل ، مستدرك الصحيحين ٣ : ١٣٠ ، تاريخ بغداد ٥ : ٤٧٣ ، طبقات الشافعية ٣ : ٦٤.

٣٨٧

وأثنى عنانك إن أردت ثناهم

أنسيت إذ كان الوقوف لأجله

إن كان للمولى وقوفك فليكن

هذا الوقوف لخيله ولرجله

قال : فطلعت الشمس فلا يدرى ما رمي عليه من الاموال في ذلك اليوم (١٠٦٣) وفي رد الشمس يقول الصاحب بن عباد :

من كمولاي علي

والوغى (١٠٦٤) تحمي لظاها

من يصيد الصيد فيها

بالظبى حين انتضاها

من له في كل يوم

وقعات لا تضاهى

كم وكم حرب ضروس

سد بالمرهف فاها

اذكروا افعال بدر

لست ابغي ما سواها

اذكروا غزوة احد

إنه شمس ضحاها

اذكروا حرب حنين

إنه بدر دجاها

اذكروا الأحزاب قدما

انه ليث شراها

اذكروا مهجة عمرو

كيف افناها تجاها

اذكروا أمر براة

واصدقوني من تلاها

حاله حالة هارو

ن لموسى فافهماها

أعلى حبّ علي

لامني القوم سفاها

أول الناس صلاة

جعل التقوى حلاها

ردت الشمس عليه

بعد ما غاب سناها(١٠٦٦)

__________________

(١٠٦٣) نور الابصار ١٠٤ ، الغدير ٣ : ١٣٠ ، الجواهر المضيئة ١ : ٣٤٢ تذكرة الخواص ٥٣.

(١٠٦٤) في نسخة : في الوغى.

كم وكم حرب عقام

قد بالصمصام فاها

(١٠٦٦) القصيدة ٧٨ بيت ديوان الصاحب ١١٤ ـ ١١٩

٣٨٨

فصل

قد ذكرنا فيما تقدم مائة باب من مناقب أمير المؤمنين أبى الحسنين على بن ابي طالب عليه‌السلام مما وجدته في بعض مسموعاتي وأكثرها لم تحضرني وقت الاملاء ، ومناقبه ومآثره اكثر من ان تحصى وما ذكرناه فهو إشارة لما نذكره الآن ابوابا تشتمل على وصاياه ، ومواعظه وتواضعه وعبادته وصفته ولباسه ونسبه ، وذكر قتله ومن قتله ، وما صنع بقاتله وما قال فيه ومبلغ عمره ومتى قتل ومن غسله وصلى عليه وما كان حنوطه وكفنه ، وموضع دفنه ، وذكر الاختلاف في ذلك ، ونفرد كتابا يشتمل على ذكر الامام المهدي المنتظر والأخبار المروية في ذلك.

الباب الاول

فى وصاياه عليه‌السلام

اخبرنا الشريف الخطيب ابو تمام علي بن ابى الفخار بن الواثق بالله بكرخ بغداد ، وأبو طالب عبد اللطيف بن محمد بن علي بن القبيطي بنهر معلى قالا اخبرنا ابو الفتح محمد بن عبد الباقى بن سليمان المعروف بابن البطي ، وأخبرنا ابراهيم بن محمود بن الخير ، وعبد الملك بن قيبا عن ابن البطي ، اخبرنا ابو الفضل حمد بن احمد بن عبد الله الحافظ ، اخبرنا ابو نعيم احمد بن عبد الله الحافظ اخبرنا ابو القاسم سليمان بن احمد الطبراني الحافظ الاصبهانى ، حدثنا اسحاق ابن ابراهيم عن عبد الرزاق ، اخبرنا معمر ، عن طاوس عن عكرمة بن خالد قال قال علي بن ابى طالب.

قال ابو نعيم : وحدثنا عبد الله بن سوار ، حدثنا عون بن سلام ، حدثنا عيسى بن مسلم الطهوي عن ثابت بن ابى صفية عن ابى الزغل قال : قال

٣٨٩

علي «ع» : احفظوا عني خمسا فلو ركبتم الابل في طلبهن لانضيتموهن قبل ان تدركوهن ، لا يرجون عبد إلا ربه ، ولا يخافن إلا ذنبه ، ولا يستحين احدكم ان يسأل عما لا يعلم ، ولا يستحين عالم اذا سئل عما لا يعلم ان يقول لا اعلم.

وعليكم بالصبر ، فان الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا خير في جسد لا رأس معه ، ولا في ايمان لا صبر معه (١٠٦٧).

اخبرنا ابو طالب وأبو تمام وغيرهما ببغداد ، اخبرنا ابو الفتح محمد ابن عبد الباقى ، اخبرنا حمد بن احمد ، حدثنا احمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا احمد بن محمد بن موسى ، حدثنا عبد الله بن احمد بن عامر الطائي ، حدثنا أبي ، حدثنا علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى الكاظم عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي ، عن علي عليهم‌السلام قال : اشد الأعمال ثلاثة : إعطاء الحق من نفسك ، وذكر الله في كل حال ، ومواساة الأخ في المال.

اخبرنا عبد اللطيف الجوهري ببغداد وغيره ، قالوا : اخبرنا محمد بن عبد الباقى ، اخبرنا ابو الفضل حمد بن احمد ، اخبرنا الحافظ ابو نعيم احمد ابن عبد الله ، حدثنا أبي ، حدثنا ابو جعفر محمد بن ابراهيم بن الحكم ، حدثنا يعقوب بن ابراهيم الدورقى ، حدثنا شجاع بن الوليد عن زياد بن خيثمة عن ابى اسحاق ، عن عاصم بن ضمرة عن علي «ع» قال : الفقيه كل الفقيه الذي لا يقنّط الناس من رحمة الله ، ولا يؤمنهم من عذاب الله ، ولا يرخص لهم في معصية الله ، ولا يدع القرآن رغبة عنه الى غيره.

ولا خير في عبادة لا علم فيها ، ولا خير في علم لا فهم فيه ، ولا خير

__________________

(١٠٦٧) حلية الاولياء ١ : ٧٦.

٣٩٠

في قراءة لا تدبر فيها (١٠٦٨).

اخبرنا عبد اللطيف بن القبيطي ، وأبو تمام الهاشمي وغيرهما ببغداد قالوا : جميعا اخبرنا ابو الفتح بن سليمان ، اخبرنا ابو الفضل الحافظ اخبرنا ابو نعيم احمد بن عبد الله ، حدثنا محمد بن علي بن حبيش ، حدثنا عمي احمد بن حبيش ، حدثنا المخرمي ، حدثنا محمد بن كثير عن عمرو بن قيس عن عمرو بن مرة ، عن علي عليه‌السلام قال : كونوا ينابيع العلم ، مصابيح الليل ، خلق الثياب ، جدد القلوب ، تعرفوا به في السماء وتذكروا به في الأرض.

قلت : هكذا رواه في حلية الاولياء (١٠٦٩).

الباب الثاني

فى مواعظه وخطبه عليه‌السلام

اخبرنا الخطيب علي بن الواثق بالله بكرخ بغداد ، وأبو طالب الجوهري بنهر معلى ، وابراهيم بن محمود المقرى بباب الأزج ، وعبد الملك ابن قيبا بحريم الطاهر ، قالوا : اخبرنا محمد بن عبد الباقى ، اخبرنا حمد بن احمد حدثنا احمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبي ، حدثنا ابراهيم بن محمد بن الحسن قال : كتب إلي احمد بن ابراهيم بن هشام الدمشقي ، حدثنا ابو صفوان بن القاسم بن يزيد بن عوانة عن ابن حرب عن ابن عجلان عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عن جده ان عليا شيع جنازة فلما وضعت في لحدها عج اهلها وبكوا ، فقال ما يبكون؟ أما والله لو عاينوا ما عاين ميتهم لأذهلتهم معاينتهم عن ميتهم وإن له فيهم

__________________

(١٠٦٨) نهج البلاغة ٤ : ١٠٢.

(١٠٦٩) حلية الاولياء ١ : ٧٧.

٣٩١

لعودة ثم عودة حتى لا يبقى منهم احد.

ثم قال : اوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب لكم الامثال ، ووقت لكم الآجال ، وجعل لكم اسماعا تعي ما عناها ، وأبصارا لتجلو عن غشاها ، وأفئدة تفهم ما دهاها ، في تركيب صورها وما اعمرها ، فان الله لم يخلقكم عبثا ، ولا يضرب عنكم الذكر صفحا ، بل اكرمكم بالنعم السوابغ وأرفدكم بأوفر الروافد ، وأحاط بكم الاحصاء ، فأرصد لكم الجزاء في السراء والضراء فاتقوا الله عباد الله وجدوا في الطلب ، وبادروا في العمل منقطع البهمات (١٠٧٠) وهادم اللذات ، فان الدنيا لا يدوم نعيمها ، ولا تؤمن فجائعها ، غدور حائل وشبح فائل ، وسناد مائل ، يمضي مستطرفا ، ويردي مستردفا ، باتعات شهواتها ، وختل تضرعها(١٠٧١).

اتّعظوا عباد الله بالعبر واعتبروا بالسير (١٠٧٢) وازدجروا بالنذر وانتفعوا بالمواعظ ، فكأن قد علقتكم مخالب المنية ، وضمكم بيت التراب ، ودهمتكم مفظعات الأمور لنفخة الصور ، وبعثرة القبور ، وسياقة المحشر ، وموقف الحساب ، باحاطة قدرة الجبار ، كل نفس معها سائق يسوقها لمحشرها وشاهد يشهد عليها بعملها (وأشرقت الارض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون) (١٠٧٣) ، فارتجت لذلك اليوم البلاد ، ونادى المناد وكان يوم التلاق ، وكشف عن ساق ، وكسفت الشمس وحشرت الوحوش ، فكان مواطن الحشر ، وبدت الأسرار ، وهلكت الأشرار وارتجت الأفئدة ، فنزلت بأهل النار من الله سطوة مجيحة ، وعقوبة منيحة

__________________

(١٠٧٠) في رواية : مقطع النهمات.

(١٠٧١) في نسخة : تراضعها.

(١٠٧٢) جاء في رواية : بالآيات والاثر.

(١٠٧٣) سورة الزمر ٦٩.

٣٩٢

وبرزت الجحيم لها كلب ولجب ، وقصيف رعد ، وتغيظ ووعيد ، تأجج جحيمها ، وغلا حميمها ، وتوقد سمومها ، فلا ينفس خالدها ، ولا تنقطع حسراتها ، ولا تقصم كبولها ، معهم ملائكة يبشرونهم بنزل من حميم وتصلية جحيم ، هم عن الله محجوبون ، ولأوليائه مفارقون ، وإلى النار منطلقون ، عباد الله اتقوا الله تقية من كنع فخنع ، ووجل فرحل ، وحذر فأبصر فازدجر فاحتث طلبا ، ونجا هربا وقدم للمعاد ، واستظهر بالزاد ، وكفى بالله منتقما ونصيرا وكفى بالكتاب خصما وحجيجا ، وكفى بالجنة ثوابا ، وبالنار عقابا ، وأستغفر الله لي ولكم ، هكذا نقله ابو نعيم الحافظ (١٠٧٤).

ذكر خطبة خطبها مرتجلا ليس فيها ولا فى موعظتها حرف الألف

اخبرنا المعمر ابو الحسن علي بن ابي عبد الله بن ابى الحسن الشيخ الصالح البغدادي بجامع دمشق سنه اربع وثلاثين وستمائة عن عبد الوهاب بن محمد بن الحسين المالكي الصابوني ، اخبرنا ابو المعالي ثابت بن بندار بن ابراهيم البقال ، اخبرنا ابو محمد الحسن بن محمد بن الحسن الخلال في رجب سنة ٤٣٧ قال : قرأت على ابى الحسين احمد بن محمد بن عمران بن موسى بن عروة بن الجراح سنة ٣٨٨ في منزله ، قلت له : حدثكم ابو علي العماري ، حدثني ابو عوسجة سبلجة بن عرفجة باليبرين من اليمن ، قال : حدثني ابى عرفجة بن عرفطة قال حدثني ابو الهراش جري بن كليب ، حدثني هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، قال حدثني أبي عن ابى صالح ، قال : جلس جماعة من اصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتذاكرون فتذاكروا الحروف وأجمعوا ان الألف اكثر دخولا في الكلام من سائر الحروف ، فقام مولانا امير المؤمنين علي بن

__________________

(١٠٧٤) حلية الاولياء ١ : ٧٨ ـ ٧٩ بتغيير بسيط في الالفاظ.

٣٩٣

أبى طالب عليه‌السلام ، فخطب هذه الخطبة على البديهة (١٠٧٥) ، فقال صلوات الله وسلامه عليه:

حمدت وعظمت من عظمت منته ، وسبغت نعمته ، وسبقت رحمته غضبه وتمت كلمته ، ونفذت مشيته ، وبلغت قضيته ، حمدته حمد مقر لربوبيته ، متخضع لعبوديته ، متنصل من خطيته ، معترف بتوحيده ، مؤمل من ربه ، مغفرة تنجيه ، يوم يشغل عن فصيلته وبنيه ، ونستعينه ونسترشده ونستهديه ونؤمن به ، وفتوكل عليه ، وشهدت له تشهد مخلص موقن ، وفرّدته تفريد مؤمن متيقن ، ووحدته توحيد عبد مذعن ، ليس له شريك في ملكه ولم يكن له ولي في صنعه ، جل عن مشير ووزير ، وعون ومعين ونظير ، علم فستر ، ونظر فخبر ، وملك فقهر ، وعصي فغفر ، وحكم فعدل ، لم يزل ولن يزول ، ليس كمثله شيء ، وهو قبل كل شيء ، وبعد كل شيء ، رب متفرّد بعزته ، متمكن بقوّته ، متقدس بعلوّه ، متكبر بسموه ، ليس يدركه بصر ، وليس يحيط به نظر ، قوي منيع ، بصير سميع ، حليم حكيم رءوف رحيم ، عجز عن وصفه من يصفه ، وضلّ عن نعته من يعرفه ، قرب فبعد ، وبعد فقرب ، يجيب دعوة من يدعوه ، ويرزقه ويحبوه ، ذو لطف خفي ، وبطش قوي ، ورحمة موسعة ، وعقوبة موجعة ، رحمته جنة ، عريضة مونقة ، وعقوبته جحيم ممدودة موبقة ، وشهدت ببعثة محمد عبده ورسوله ، وصفيه ونبيه ، وخليله وحبيبه ، صلى عليه صلاة تحظيه وتزدلفه وتعليه ، وتقربه وتدنيه ، بعثه في خير عصر ، وحين فترة وكفر ، رحمة لعبيده ، ومنة لمزيده ، ختم به نبوّته ، ووضح به حجته ، فوعظ ونصح وبلغ وكدح ، رءوف بكل مؤمن رحيم ، رضي ولي زكي عليه رحمة وتسليم

__________________

(١٠٧٥) في كنز العمال ٨ : ٢٢١ فخطب هذه الخطبة على البديهة وأسقط منها الألف وسماها الموقعة وقال ـ الخطبة ـ.

٣٩٤

وبركة وتكريم من رب غفور رحيم ، قريب مجيب.

وصيتكم جميع من حضرني بوصية ربكم ، وذكرتكم سنة نبيكم ، فعليكم برهبة تسكن قلوبكم ، وخشية تذري دموعكم ، وتقية تنجيكم قبل يوم يذهلكم ويبليكم ، يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته ، وخف وزن سيئته ، ولتكن مسألتكم وملقكم مسألة ذل وخضوع ، وشكر وخشوع ، وتوبة ونزوع ، وندم ورجوع ، وليغتنم كل مغتنم منكم صحته قبل سقمه وشبيبته قبل هرمه وكبره ، وفرصته وسعته وفرغته قبل شغله ، وغنيته قبل فقره (١٠٧٦) ، وحضره قبل سفره ، من قبل يهرم ويكبر ، ويمرض ويسقم ، ويمله طبيبه ، ويعرض عنه حبيبه ، وينقطع عمره ويتغير عقله (١٠٧٧) قبل قولهم هو موعوك (ثم قيل هو موعوك ـ خ ل) وجسمه منهوك ، ثم جد نزع شديد ، وحضور كل قريب وبعيد ، قبل شخوص بصره وطموح نظره ، ورشح جبينه ، وخطف عرنينه ، وسكون حنينه ، وحديث نفسه ، وبكته عرسه ، ويتم منه ولده ، وتفرق عنه عدوه وصديقه وقسم جمعه ، وذهب بصره وسمعه ، وكفن ومدّد ، ووجه وجرد وعري وغسل ، ونشف وسجي ، وبسط له ، وهيئ ونشر عليه كفنه ، وشد منه ذقنه ، وقمص وعمم ، وودع عليه وسلم ، وحمل فوق سريره ، وصلي عليه ونقل من دور مزخرفة وقصور مشيدة ، وحجر منجدة ، فجعل في ضريح ملحود ضيق مرصود ، بلبن منضود ، مسقف بجلمود ، وهيل عليه عفره ، وحثى عليه مدره ، وتحقق حذره ، ونسي خبره ، ورجع عنه وليه وصفيه ونديمه ونسيبه ، وتبدل به قرينه وحبيبه ، فهو حشو قبر ، ورهين قفر ، يسعى في جسمه دود قبره ، ويسيل صديده على صدره ونحره يسحق برمته لحمه ،

__________________

(١٠٧٦) في بعض النسخ بزيادة : وفرغته قبل شغله.

(١٠٧٧) في رواية بزيادة : ويتغير لونه ويقل عقله.

٣٩٥

وينشف دمه ، ويرم عظمه حتى يوم حشره ونشره ، فينشر من قبره وينفخ في صوره ، ويدعى لحشره ونشوره ، فثم بعثرت قبور ، وحصلت سريرة صدور ، وجيء بكل نبي وصديق ، وشهيد ونطيق ، وقعد للفصل رب قدير بعبده بصير خبير ، فلكم من زفرة تفنيه ، وحسرة تقصيه ، في موقف مهيل ومشهد جليل ، بين يدي ملك عظيم ، بكل صغيرة وكبيرة عليم ، حينئذ يلجمه عرقه ، ويحصره قلقه ، عبرته غير مرحومة ، وصرخته غير مسموعة وحجته غير مقبولة ، تنشر صحيفته ، وتبين جريرته ، حيث نظر في سوء عمله ، وشهدت عينه بنظره ، ويده ببطشه ، ورجله بخطوه ، وفرجه بلمسه وجلده بمسه ، وتهدده منكر ونكير ، وكشف له عن حيث يصير ، فسلسل جيده ، وغلغل ملكه يده ، وسيق يسحب وحده ، فورد جهنم بكرب وشدة ، وظل يعذب في جحيم ، ويسقى شربة من حميم ، تشوي وجهه وتسلخ جلده ، وتضربه زبنيته بمقمع من حديد ، يعود جلده بعد نضجه كجلد جديد ، يستغيث فتعرض عنه خزنة جحيم ، ويستصرخ فلم يجب ، ندم حيث لم ينفعه ندمه ، نعوذ برب قدير ، من شر كل مصير ، ونسأله عفو من رضي عنه ، ومغفرة من قبل منه ، فهو ولي مسألتي ومنجح طلبتي فمن زحزح عن تعذيب ربه ، جعل في جنة بقربه ، وخلد في قصور مشيدة وملك حور عين وحفدة ، وطيف عليه بكؤس ، وسكن حظيرة قدس في فردوس ، وتقلب في نعيم ، ويسقى من تسنيم ، وشرب من سلسبيل ، قد مزج بزنجبيل ، ختم بمسك ، مستديم للملك ، مستشعر للسرور ويشرب من خمور ، في روض مغدق ليس ينزف عقله.

هذه منزلة من خشي ربه ، وحذر نفسه ، وتلك عقوبة من عصي منشئه وسوّلت له نفسه معصيته ، فهو قول فصل ، وحكم عدل قصص قص ، ووعظ نص ، تنزيل من حكيم حميد ، نزل به روح قدس منير مبين من عند رب كريم

٣٩٦

على قلب نبي مهد مهتد رشيد ، وسيد صلت عليه رسل سفرة ، مكرمون بررة عذت برب عليم حكيم ، قدير رحيم من شر عدو لعين رجيم ، يتضرع متضرعكم ويبتهل مبتهلكم ، ونستغفر رب كل مربوب لي ولكم.

ثم قرأ امير المؤمنين علي عليه‌السلام (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) (١٠٧٨).

هكذا رويناه من هذا الطريق (١٠٧٩) وقد وقع لنا ببغداد عن جماعة من اصحاب يحيى بن ثابت عن ابيه ، لكن لم يحضر سماعي منهم في وقت الاملاء.

الباب الثالث

فى تواضعه عليه‌السلام فى طعامه وحمل سلعته

اخبرنا محمد بن عبد الواحد بن المتوكل على الله ، عن محمد بن عبيد الله البغدادي ، اخبرنا علي بن احمد ، اخبرنا ابو عبد الله بن محمد ، حدثنا ابو القاسم عبد الله بن محمد ، حدثني جدي ، حدثنا علي بن هاشم ، حدثنا صالح بياع الأكسية ، عن جدته ، قال : رأيت عليا عليه‌السلام اشترى تمرا بدراهم فحمله في ملحفته ، فقيل : يا امير المؤمنين ألا نحمله عنك؟ قال صاحب العيال أحق بحمله (١٠٨٠).

وأخبرنا ابو الحسن بن ابى عبد الله ، عن المبارك بن الحسن ، اخبرنا ابو القاسم بن البسرى ، اخبرنا عبيد الله بن بطة الحافظ ، قال حدثنا ابو الحسن محمد بن جعفر بن محمد الفريابي ، حدثنا احمد بن منصور الرمادي ، حدثنا

__________________

(١٠٧٨) سورة القصص ٨٣.

(١٠٧٩) الخطبة بكاملها في كنز العمال ٨ : ٢٢١.

(١٠٨٠) مرقاة المفاتيح ٥ : ٥٧٠ وقال : اخرجه البغوي في معجمه.

٣٩٧

ابو احمد الزبيري ، حدثنا ابو اسرائيل عن المنهال بن عمرو عن خولة عن جندب ان عليا قدم إليه طعام فيه لحم غث ، فقيل له نجعل لك فيه سمنا؟ فقال : إنا لا نأكل أدمين جميعا.

الباب الرابع

فى عبادته عليه‌السلام

اخبرنا العلامة مفتي الشام ابو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي اخبرنا الحافظ علي بن الحسن الشافعي ، اخبرنا ابو القاسم هبة الله بن عبد الله الواسطي ، اخبرنا الامام الحافظ احمد بن علي بن ثابت الخطيب محدث العراق ومؤرخها ، اخبرنا ابو الفرج عبد الوهاب بن عمر بن برهان البغدادي بصور اخبرنا محمد بن المظفر ، اخبرنا ابو جعفر محمد بن الحسن بن حفص الخثعمي بالكوفة ، حدثنا عباد بن يعقوب ، حدثنا علي بن هاشم ، عن ابن ابي رافع عن عبد الله بن عبد الرحمن الجرمي عن ابيه عن ابي ايوب ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لقد صلت الملائكة علي وعلى علي سبع سنين لأنا كنا نصلي ليس معنا احد يصلي غيرنا (١٠٨٠).

قلت : اخرجه محدث الشام في مناقبه بطرق شتى ، وهذا احسنها لأنه اجتمع في سنده حافظ العراق وحافظ الشام.

وأخبرنا السيد نقيب النقباء تاج أمراء آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ابو الفتوح المرتضى بن احمد بن محمد الحسيني عن ابى الفرج الثقفى ، وأخبرنا النقيب ابو الحسن علي بن محمد الحسيني ، قال : اخبرنا ابو الفرج ، اخبرنا ابو عدنان محمد ، وفاطمة الجوزدانية ، قالا : اخبرنا ابن زيدة ، وأخبرنا

__________________

(١٠٨٠) ينابيع المودة ٦٩.

٣٩٨

الحافظ يوسف بن خليل بحلب ، قالا : اخبرنا الامير ظهير الدين ابو علي داود ابن سليمان بن احمد بن مولانا سيد وزراء الشرق والغرب محيى الشريعة السعيد الشهيد نظام الملك قوام الدين ابى الحسن بن اسحاق الطوسي ، قال : اخبرتنا فاطمة الجوزدانية ، وجحشة الصالحانية ، قالتا : اخبرنا ابن زيدة اخبرنا الحافظ ابو القاسم سليمان بن احمد الطبراني ، حدثنا عباد بن سعد الجعفى ، حدثنا عثمان بن ابى بهلول ، حدثنا صالح بن ابى الاسود عن هشام ابن البريد عن ابى سعد التميمي عن ثابت مولى آل أبي ذر عن أمّ سلمة قالت : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : علي بن ابى طالب مع القرآن والقرآن معه لا يفترقان حتى يردا علي الحوض (١٠٨١).

قلت : اخرجه الطبراني في معجمه الصغير في هذه الترجمة.

اخبرنا علي بن ابى عبد الله المعروف بابن المقير البغدادي بدمشق ، عن المبارك بن الحسن الشهرزوري ، اخبرنا علي بن احمد ، اخبرنا ابو عبد الله بن محمد العكبري ، حدثني ابو صالح محمد بن احمد ، حدثنا ابو الأحوص حدثنا موسى بن اسماعيل ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، قال : حدثتني أمي ، قالت : سألت أم سعيد سرية علي عليه‌السلام عن صلاة علي عليه‌السلام في رمضان ، فقالت : ما كانت صلاته في رمضان وشوال إلا واحدة يحيي الليل كله.

وأخبرنا ابو الحسن ، عن المبارك ، اخبرنا ابن البسري ، اخبرنا عبيد الله ، حدثنا علي بن سهل بن المغيرة البزاز ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا شعبة ، حدثنا ابو اسحاق ، عن الأسود بن يزيد ، قال : كان علي

__________________

(١٠٨١) الصواعق المحرقة ٧٤ قال : اخرجه الطبراني في الاوسط عن أمّ سلمة مستدرك الصحيحين ٣ : ١٢٤ فيض الغدير ٤ : ٣٥٦ ، كنز العمال ٦ : ١٥٣ ، مجمع الزوائد ٩ : ١٣٤ ، نور الابصار ٧٢.

٣٩٩

عليه‌السلام يصوم شطر الدهر ، وما رأيت احدا من اصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أحث على صيام عاشورا من علي بن ابى طالب عليه‌السلام.

وأخبرنا ابو الحسن بن ابى عبد الله النجار عن المبارك بن الحسن ، اخبرنا علي بن احمد ، اخبرنا ابو عبد الله بن محمد الحافظ ، حدثني ابو صالح حدثنا ابو الأحوص ، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، حدثنا سنان بن ربيعة عن ابى اسحاق ، ان عليا «ع» كان يصلي بعد المغرب عشرين ركعة ويسميها صلاة الأوّابين.

اخبرنا المقري ابو الفضل جعفر بن علي بن ابى البركات الهمداني ، ـ قدم علينا دمشق مفيدا سنة خمس وثلاثين وستمائة ـ قال : اخبرنا زين العلماء ابو طاهر احمد بن محمد بن ابراهيم السلفى الفقيه الشافعي بثغر الاسكندرية اخبرنا ابو العز محمد بن المختار بن محمد بن عبد الواحد بن المؤيد بالله ، حدثنا ابراهيم بن عمر بن احمد البرمكى ، حدثنا عبد الله بن ابراهيم بن جعفر بن بيان ، حدثنا احمد بن الحسن بن عبد الجبار ، حدثنا اسحاق بن اسماعيل الطالقاني ، حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن ابى يزيد عن مجاهد ، عن عبد الرحمن بن ابى ليلى عن علي «ع» إن فاطمة «ع» أتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تستخدمه خادما فقال : ألا أدلك أو اعلمك ما هو خير لك من ذلك ، إذا آويت على فراشك تسبحين الله ثلاثا وثلاثين وكبري واحمدي ـ قال : سفيان احدهما ـ اربعا وثلاثين ، قال علي «ع» فلم ادعها منذ سمعتها من رسول الله «ص» قالوا ولا ليلة صفين؟ قال : ولا ليلة صفين؟ قال : ولا ليلة صفين.

قلت : هذا حديث صحيح (١٠٨٢) محفوظ من حديث عبد الرحمن بن ابى ليلى عن امير المؤمنين علي بن ابى طالب عليه‌السلام اتّفق الشيخان جميعا

__________________

(١٠٨٢) حلية الاولياء ١ : ٦٩ ، مستدرك الصحيحين ٣ : ١٥١ ، مسند احمد بن حنبل ١ : ١٤٤ ، وج ٢ : ١٦٦.

٤٠٠