كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

محمّد بن يوسف الگنجي الشافعي

كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

محمّد بن يوسف الگنجي الشافعي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار إحياء تراث أهل البيت (ع)
المطبعة: فارابي
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٨١

المقري ، حدثنا ابو عمرو احمد بن خالد بن عمرو بن ابى الاخيل الحمصي ، قال : حدثني أبي ، قال حدثنا عبيد الله بن موسى ، حدثنا سفيان الثوري عن الاعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله ، قال : اصاب فاطمة «ع» صبيحة العرس رعدة فقال لها النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا فاطمة إنما زوجتك سيدا في الدنيا ، وانه في الآخرة لمن الصالحين ، يا فاطمة لما اردت ان املكك عليا (٩٢٣) أمر الله تعالى جبرئيل فقام في السماء الرابعة فصف الملائكة صفوفا ، ثم خطب عليهم جبرئيل فزوجك من علي ، ثم أمر شجر الجنان فحملت الحلي والحلل ثم أمرها فنثرته على الملائكة ، فمن اخذ منهم يومئذ اكثر مما اخذ صاحبه أو احسن افتخر به على صاحبه الى يوم القيامة.

قالت أم سلمة : فلقد كانت فاطمة تفتخر على النساء ، لأن أول من خطب عليها جبرئيل «ع» (٩٢٤).

قلت : هذا حديث حسن عال رزقناه عاليا.

رواه ابو علي بن شاذان في مشيخته الصغرى وهو شيخ الائمة ، روى عنه الحفاظ كأبى بكر الخطيب والبيهقي ، وفيه مناقب كثيرة لعلي بن ابى طالب عليه‌السلام ، منها : ان الله عزوجل زوجه في السماء وكان هو وليه ، ومنها : ان جبرئيل خطب لعقده نكاحه ، ومنها : شهود الملائكة أملاكه ، ومنها : تخصيصه بنثار شجر الجنة على عرسه ، ومنها : شهادة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له بالسيادة في الدنيا والآخرة ، ومنها : انه في الآخرة لمن الصالحين ، ومع الصالحين ، وهم الأنبياء والمرسلون ، وقد دعا الأنبياء والرسل بمثل ذلك ، كما اخبر الله عنهم بقوله عزوجل : (وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين) (٩٢٥).

__________________

(٩٢٣) في رواية : بعلي.

(٩٢٤) حلية الاولياء ٥ : ٩٥ ، تاريخ بغداد ٤ : ١٢٨.

(٩٢٥) سورة النمل : ١٩

٣٠١

الباب الحادي والثمانون

فى أن الملائكة زفت فاطمة الى على عليهما‌السلام

اخبرنا ابو الحسن بن ابى عبد الله البغدادي بدمشق عن المبارك بن الحسن ابن احمد ، اخبرنا ابو القاسم بن البسري ، اخبرنا ابو عبد الله محمد ، حدثنا محمد ابن مخلد العطار ، حدثنا احمد بن محمد بن انس القرطبي ، اخبرنا معبد بن عمر البصري ، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي ، اخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام ، ان ابا بكر اتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله زوجني فاطمة فأعرض عنه ، فأتاه عمر فقال : يا رسول الله زوجني فاطمة فأعرض عنه فأتيا عبد الرحمن بن عوف فقالا : أنت اكثر قريش مالا ، فلو اتيت رسول الله فخطبت فاطمة زادك الله مالا الى مالك وشرفا الى شرفك ، فأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله زوجني فاطمة فأعرض عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأتاهما فقال : قد نزل بي مثل الذي نزل بكما ، فأتيا علي بن ابى طالب وهو يسقي نخلات له فقالا : قد عرفنا قرابتك من رسول الله وقدمك في الاسلام ، فلو أتيت رسول الله فخطبت إليه فاطمة لزادك الله فضلا الى فضلك وشرفا الى شرفك ، فقال : لقد نبهتماني فانطلقا فتوضأ ثم اغتسل ولبس كساء قطريا وصلى ركعتين ، ثم اتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله زوجني فاطمة ، قال : إذا زوجتكها فما تصدقها؟ قال اصدقها سيفي وفرسي ودرعي وناضحي ، فقال : أما ناضحك فلا غناء بك عنه ، وأما سيفك وفرسك فلا غناء بك عنهما ، تقاتل بهما المشركين ، وأما درعك فشأنك بها.

قال : فانطلق علي «ع» فباع درعه بأربعمائة درهم وثمانين درهما قطرية فصبها بين يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يسأله كم هي ولم يخبر رسول الله ما هي فأخذ منها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبضة فدفعها الى مقداد بن الاسود فقال : ابتع من هذا ما تجهز

٣٠٢

به فاطمة وأكثر لها من الطيب ، فانطلق المقداد بن الاسود فاشترى لها رحى وقربة ووسادة من أدم وحصيرا قطريا فجاء به فوضعه بين يدي النبي (ص) وأسماء بنت عميس فقالت له يا رسول الله خطب إليك ذوو الانساب والاموال من قريش فلم تزوجهم وزوجتها من هذا الغلام؟ فقال لها يا اسماء أما انك ستزوجين بهذا الغلام وتلدين له غلاما ، قال فلما كان من الليل بعث رسول الله الى سلمان فقال يا سلمان ائتني ببغلتي الشهباء فأتاه ببغلته الشهباء فحمل عليها فاطمة (ع) فكان سلمان رضي الله عنه يقود ورسول الله (ص) يقوم بها فبينا هو كذلك إذ سمع حسا خلف ظهره فالتفت فاذا هو بجبرئيل وميكائيل وإسرافيل في جمع كثير من الملائكة ، فقال جبرئيل وما انزلكم قالوا : نزلنا نزف فاطمة الى زوجها فكبر جبرئيل ثم كبر ميكائيل ثم كبر اسرافيل ثم كبرت الملائكة ثم كبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم كبر سلمان الفارسي ، فصار التكبير خلف العرائس سنة من تلك الليلة فجاء بها فأدخلها على علي عليه‌السلام فأجلسها الى جنبه على الحصير القطري ، ثم قال يا علي هذه بنتي فمن اكرمها فقد اكرمني ومن أهانها فقد اهانني ثم قال : اللهم بارك فيهما وعليهما واجعل منهما ذرية طيبة انك سميع الدعاء.

ثم وثب فتعلقت به وبكت ، فقال لها : ما يبكيك فلقد زوجتك اعظمهم حلما وأكثرهم علما.

قلت : هذا سند مشهور عند اهل النقل والحمد لله (٩٢٦).

وأخبرنا الحافظ يوسف بن خليل بحلب ، اخبرنا محمد بن ابى زيد الكراي باصبهان ، اخبرنا محمود بن اسماعيل الاشقر ، اخبرنا ابو الحسين بن فاذشاه ، اخبرنا الحافظ ابو القاسم الطبراني ، حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا

__________________

(٩٢٦) الرياض النضرة ٢ : ١٨٠ ، وفيه : اخرجه احمد في المناقب من حديث ابي يزيد المدائني ، كنز العمال ٧ : ١١٣ ، مجمع الزوائد ٩ : ٢٠٩ ، الصواعق المحرقة ٨٤ ، ذخائر العقبى ٢٧ وقال : اخرجه ابو حاتم.

٣٠٣

ابو نعيم ، حدثنا موسى بن قيس الحضرمي قال : سمعت حجر بن عنبس وكان آكل الدم في الجاهلية ، وشهد مع علي «ع» الجمل وصفين ، قال : خطب ابو بكر وعمر فاطمة فقال النبي (ص) : هي لك يا علي.

قلت : رواه الطبري في معجمه كما اخرجناه ، وورد في اسم ابى حجر فقيل عنبس وقيل قيس (٩٢٧)

الباب الثاني والثمانون

فى ذكر طعام عرس على (ع) بفاطمة (ع)

اخبرنا ابو الحسن بن ابى عبد الله البغدادى بدمشق عن المبارك بن الحسن بن احمد ، اخبرنا ابو القاسم بن البسرى ، اخبرنا ابن بطة الحافظ حدثنا ابو الحسن محمد بن احمد بن ابى سهل ، وأبو محمد جعفر بن نصير الخلدي قالا : حدثنا ابو العباس احمد بن محمد بن مسروق الطوسي ، حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا هارون بن المغيرة ، قال : حدثني عمرو بن قيس عن شعيب بن خالد البجلي عن عثمان بن حنظلة بن سبرة بن المسيب بن نجبة عن ابيه عن جده عن عبد الله بن عباس ، قال : كانت فاطمة بنت رسول الله (ص) تذكر فلا يذكرها احد لرسول الله (ص) إلا اعرض عنه.

فقال سعد بن معاذ الانصارى لعلي عليه‌السلام : إني والله ما أرى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد بها غيرك.

فقال علي «ع» : أترى ذلك وما أنا بواحد من الرجلين ، ما أنا بالذي له دنيا يلتمس ما عندي ، لقد علم رسول الله (ص) انه ما لي حمراء ولا بيضاء ، فقال له سعد : لتفرجنها عني اعزم عليك لتفعلن قال فقال له علي «ع» : فأقول ما ذا؟

__________________

(٩٢٧) فضائل الخمسة ٢ : ١٣٠ ـ ١٣٣.

٣٠٤

قال : تقول له جئتك خاطبا الى الله تعالى وإلى رسوله فاطمة بنت محمد فان لي في ذلك فرجا ، فانطلق علي «ع» حتى تعرض لرسول الله (ص) فقال له رسول الله (ص) : كأن لك حاجة فقال : هات فقال : جئتك خاطبا الى الله تعالى وإلى رسوله فاطمة بنت محمد ، فقال له رسول الله (ص) : مرحبا وحبا ولم يزده على ذلك ، ثم تفرقا فلقي عليا سعد بن معاذ فقال له سعد : ما صنعت؟ قال قد فعلت الذي كلفتني فما أرفعه وأبركه قد انكحك ، والذي بعثه بالحق إن النبي لا يخلف ولا يكذب اعزم لتلقينه غدا ولتقولن يا رسول الله متى تبين لي؟ فقال له : هذه اشد من الاولى أولا اقول حاجتي فقال له : فانطلق حتى لقي رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله متى تبين لي؟ فقال له : الليلة إن شاء الله ثم انصرف ، فدعا رسول الله (ص) بلالا فقال : اني قد زوجت فاطمة ابنتي بابن عمي ، وأنا احب ان تكون من اخلاق أمتي الطعام عند النكاح اذهب يا بلال الى الغنم فخذ شاة وخمسة امداد شعيرا فاجعل لي قصعة فلعلي اجمع عليها المهاجرين والانصار ، قال : ففعل ذلك وأتاه حين فرغ ووضعها بين يديه ، قال : فطعن في اعلاها ثم تفل فيها وبرك ثم قال : ادع الناس الى المسجد ولا تفارق رفقة الى غيرها فجعلوا يردون عليه رفقة رفقة (٩٢٨) كلما وردت رفقة نهضت اخرى حتى تتابعوا ثم كفت فتفل عليه وبرك ثم قال : يا بلالا احملها الى امهاتك فقل لهن : كلن وأطعمن من غشيكن ففعل ذلك بلال ثم إن رسول الله (ص) دخل على النساء فقال لهن : إني زوجت ابنتي لابن عمي وقد علمتن منزلتها مني وإني دافعها إليه ، ألا فدونكن ابنتكن فقمن الى الفتاة فعلقن عليها من حليهن وطيبنها وجعلن في بيتها فراشا حشوه الليف ، ووسادة وكساء خيبريا ومخضبا ، واتخذن أم ايمن بوابة ، ثم إن رسول الله (ص) جاء وهتف بفاطمة وهي في بعض بيوته فأقبلت فلما رأت زوجها مع رسول الله (ص) حصرت وبكت ، فقال لها رسول الله (ص) : أدن مني فدنت منه فأخذ بيدها

__________________

(٩٢٨) الرفقة : جماعة المرافقين.

٣٠٥

ويد علي «ع» ، فلما اراد ان يجعل كفها في كف علي عليه‌السلام حصرت ودمعت عيناها فرفع رسول الله «ص» رأسه الى علي عليه‌السلام وأشفق ان يكون بكاؤها من اجل انه ليس له شيء ، فقال لها : ما ألوتك نفسي ولقد اصبت بك القدر ، وزوجتك خير أهلي ، وأيم الله لقد زوجتك سيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين.

قال : فدنا منها وأمكنه من كفها ، فقال لهما : اذهبا الى بيتكما ، جمع الله بينكما ، وأصلح بالكما ، فلا تهيجا شيئا حتى آتيكما فأقبلا حتى جلسا مجلسهما ، وعندها امهات النساء وبينهن وبين علي عليه‌السلام حجاب ، وفاطمة عليها‌السلام مع النساء ، ثم اقبل النبي «ص» حتى دق الباب ، فقالت له أم ايمن من هذا؟ فقال : أنا رسول الله ففتحت له الباب وهي تقول : بأبي أنت وأمي ، فقال لها رسول الله (ص) أثم أخي يا أم ايمن ، قالت ومن اخوك؟ فقال علي بن ابى طالب فقالت يا رسول الله هو اخوك وزوجته ابنتك ، فقال : نعم ، فقالت : إنما نعرف الحلال والحرام بك فدخل وخرج النساء مسرعات وبقيت اسماء بنت عميس فلما بصرت برسول الله (ص) مقبلا تهيأت لتخرج فقال لها رسول الله (ص) على رسلك من أنت؟ فقالت انا اسماء بنت عميس بأبي أنت وأمي إن الفتاة ليلة بنائها لا غناء بها عن امرأة إن حدث لها حاجة افضت بها إليها ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما اخرك الا ذلك فقالت : اي والذي بعثك بالحق ما اكذب والروح الأمين يأتيك.

فقال لها رسول الله (ص) : فاسأل إلهي ان يحرسك من فوقك ومن تحتك ، ومن بين يديك ، ومن خلفك ، وعن يمينك ، وعن شمالك ، من الشيطان الرجيم ، ناوليني المخضب واملئيه ماء ، قال : فنهضت اسماء بنت عميس فملأت المخضب ماء ثم أتته به فملأ فاه ثم محبّه فيه ثم قال : اللهم إنهما مني وأنا منهما ، اللهم كما اذهبت عني الرجس وطهرتني تطهيرا فاذهب عنهما الرجس ،

٣٠٦

وطهرهما تطهيرا.

ثم دعا فاطمة عليها‌السلام فقامت إليه وعليها النقبة وأزارها فضرب كفا من ماء بين ثدييها وأخرى بين عاتقيها وبأخرى على هامتها ثم نضح جلدها وجسده ثم التزمها ثم قال : اللهم إنهما مني وأنا منهما ، اللهم فكما اذهبت عني الرجس وطهرتني تطهيرا فطهرهما ، ثم امرها ان تشرب بقية الماء وتتمضمض وتستنشق وتتوضأ ثم دعا بمخضب آخر فصنع به كما صنع بالآخر ، ودعا عليا عليه‌السلام فصنع به كما صنع بصاحبته ، ودعا له كما دعا لها ثم أغلق عليهما الباب وانطلق.

فزعم عبد الله بن عباس عن اسماء بنت عميس انه لم يزل يدعو لهما خاصة حتى وارته حجرته ما شرك معهما في دعائه احدا (٩٢٩).

قلت : هكذا رواه ابن بطة العكبري الحافظ وهو حسن عال.

وذكر اسماء في هذا الحديث ونسبتها الى بنت عميس غير صحيح ، وأسماء بنت عميس هي الخثعمية امرأة جعفر بن ابي طالب ، وهي التي تزوجها ابو بكر فولدت له محمدا بن ابى بكر ، وذلك بذى الحليفة مخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجة الوداع ، فلما مات ابو بكر تزوجها علي بن ابى طالب فولدت له ، وما أرى نسبتها في هذا الحديث إلا غلطا وقع من بعض الرواة ، أو من بعض الوراقين لأن اسماء التي حضرت في عرس فاطمة عليها‌السلام إنما هي اسماء بنت يزيد بن السكن الانصاري ، وأسماء بنت عميس كانت مع زوجها جعفر بأرض الحبشة ، هاجر بها الهجرة الثانية الى ارض الحبشة وولدت لجعفر بن ابى طالب أولاده كلهم بأرض الحبشة ، وبقي جعفر وزوجته اسماء بأرض الحبشة حتى هاجر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الى المدينة ، وكانت وقعة بدر وأحد والخندق وغيرها من المغازي الى ان فتح اللهعزوجل على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرى خيبر في سنة سبع ، وقدم

__________________

(٩٢٩) الحديث بتمامه في مجمع الزوائد ٩ : ٢٠٧ ، وفيه : رواه الطبراني ، حلية الاولياء ٢ : ٧٥.

٣٠٧

المدينة وقد فتح الله عزوجل على يديه وقدم يومئذ جعفر بامرأته وأهله فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما ادري بأيهما أسر بفتح خيبر أم بقدوم جعفر.

وكان زواج فاطمة من علي عليهما‌السلام بعد وقعة بدر بأيام يسيرة ، فصح بهذا ان اسماء المذكورة في هذا الحديث إنما هي اسماء بنت يزيد ، ولها احاديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله روى عنها شهر بن حوشب وغيره من الناس ، حقق ذلك مؤلف الكتاب (محمد بن يوسف بن محمد الكنجي) من كتب الحفاظ من نقلة الاخبار.

الباب الثالث والثمانون

فى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى بن أبى طالب عليه‌السلام أنت أعز علىّ من فاطمة

اخبرنا القاضي ابو نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي بدمشق ، اخبرنا زين الحفاظ ابو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله مؤرخ الشام ، اخبرنا اسماعيل بن احمد وعمر ، اخبرنا ابو طالب بن علي الحربي ، اخبرنا عثمان بن احمد حدثنا ابو قلابة ، حدثني علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن ابى نجيح عن ابيه ، قال : حدثني من سمع علياعليه‌السلام يقول : أردت ان اخطب الى رسول الله ابنته فقلت : والله ما عندي شيء ثم ذكرت وصلته فخطبتها إليه فقال عندك شيء؟ فقلت : لا فقال : أين درعك الحطمية التي اعطيتكها يوم بدر؟ قال : قلت هي عندي فزوجنى عليها ، وقال : لا تحدثن شيئا حتى آتيكما ، قال : فجاء النبي (ص) ونحن نيام ، فقال : مكانكما فقعد بيننا فدعا بماء فرشه علينا قال : فقلت يا رسول الله أنا أحب إليك أم هي؟ قال : هي احب ألي منك ، وأنت اعز علي منها ، وأخرجه الامام النسائي في خصائص علي عليه‌السلام بسندنا إليه (٩٣٠).

__________________

(٩٣٠) خصائص النسائي ١٢٥.

٣٠٨

قال : اخبرنا زكريا بن يحيى ، حدثنا ابن ابى عمر ، حدثنا سفيان ، عن ابن ابى نجيح ، عن ابيه عن رجل ، قال : سمعت عليا عليه‌السلام على المنبر بالكوفة يقول : خطبت الى رسول الله فاطمة فزوجني ، فقلت : يا رسول الله أنا احب إليك أم هي؟ قال : هي احب إلي منك ، وأنت اعز علي منها.

قلت : رأيت اختلافا للعلماء والادباء في معنى قوله «ص» لعلي عليه‌السلام أنت اعز علي منها ، وفاطمة احب الي منك (٩٣١) على وجه الفضل وعلو المنزلة ، فقال بعضهم : اراد فضيلة علي عليه‌السلام عنده على فاطمة عليها‌السلام وعكس البعض.

ورأيت كلام المحققين ممن له عناية بألفاظ العرب ومعرفة العربية واللغة ان النبي (ص) بدأ بذكر فاطمه «ع» فقال : هي احب إلي منك ليرضيها بذلك كما يفعل العقلاء وأصحاب الرأي إذا كان معهم شهوة او طرفة بدءوا بالصغار والاطفال فأعطوهم منها لقلة صبرهم وضعفهم لتطيب قلوبهم ويفرحوا بذلك ، ثم يعودون على الاكابر الأكثر والأفضل ، وإنما قدم النبي (ص) ذكر فاطمة «ع» وأثبت صحبتها لأنها امرأة ضعيفة الصبر قليلة الجلد ، فبدأ بمسيرتها وطيب قلبها ، وأثبت لعلي بن ابى طالب عليه‌السلام بعدها ما هو افضل وأجل مما نحلها به ، وهو قوله لعلي عليه‌السلام : أنت اعز علي منها ، كأنه يريد إني احب فاطمة ومحبتي لك اغلب من محبتي لها.

ويشهد لهذا القول نص القرآن ولغة العرب ، قال الله جل وعلا : (وعزني

__________________

(٩٣١) اسد الغابة ٥ : ٥٢٢ ، كنز العمال ٦ : ٣٩٣ ، ذخائر العقبى ٢٩ ، المستدرك ٣ : ١٥٥ وفيه هذا حديث صحيح الاسناد ، المناقب لابن شهر اشوب ٣ : ٣٣١.

٣٠٩

في الخطاب) (٩٣٢) اي غلبني واستظهر علي بحجه وأن الحق لي.

ومن هذا قال النبي (ص) : (إنكم لتختصمون إلي) ، ولعل بعضكم ان يكون ألحن (٩٣٣) بحجته من بعض ، فمن قضيت له من حق اخيه بشيء لا يستحقه فانما اقطع له قطعة من النار (٩٣٤).

وتقول العرب : (من عزيز) أي من غلب سلب ، ومعنى الحديث غلبة حب النبي (ص) يزيد علي حبه لفاطمة ، وكأنه اشد وجدا بعلي بن ابى طالب من فاطمة سيدة نساء العالمين.

الباب الرابع والثمانون

فى اختيار النبيّ (ص) عليا (ع) لمصاهرته

اخبرنا ابو الحسن بن ابى عبد الله بن ابى الحسن البغدادي بدمشق عن المبارك بن الحسن بن احمد الشهرزوري ، اخبرنا ابو القاسم بن احمد البغدادي ، اخبرنا ابو عبد الله بن محمد ، حدثنا سليمان الفقيه ، حدثنا حسن بن سلام حدثنا ابو غسان (٩٣٥) حدثنا محمد بن اسماعيل بن رجا الزبيدى ، عن عبد العزيز بن

__________________

(٩٣٢) سورة ص : ٢٣.

(٩٣٣) الحن : ابلغ وأعلم بالحجة.

(٩٣٤) في صحيح مسلم ٣ : ١٣٣٧ هكذا : انكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم ان يكون الحن بحجته من بعض ، فأقضي له على نحو مما اسمع منه ، فمن قطعت له من حق اخيه شيئا فلا يأخذه ، فانما اقطع له به قطعة من النار.

(٩٣٥) ابو غسان احمد بن عياض بن عبد الملك بن نصر الفرضي ، المتوفى ٢٩٣ ، لسان الميزان ٥ : ٥٨.

٣١٠

سياه ، عن حبيب ، يعني ابن ابى ثابت ، قال : دخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على فاطمة عليها‌السلام بعد ما بنى بها بأيام ، فصنعت ما تصنع الجارية إذا رأت بعض اهلها ، فبكت ، فقال لها : ما يبكيك يا بنية؟ لقد زوجتك خير من اعلم.

قلت : هذا حديث حسن رزقناه عاليا بحمد الله ، اخرجه النجار في أماليه كما سقناه(٩٣٦).

الباب الخامس والثمانون

فى أن عليا وفاطمة وولديهما عليهم‌السلام يوم القيامة

فى قبة تحت العرش

اخبرنا علي بن ابى عبد الله الأزجي المعروف بابن المقير ، عن المبارك بن الحسن ، اخبرنا ابو القاسم احمد اخبرنا عبيد الله بن محمد حدثنا ابو بكر محمد بن جعفر ابن ايوب الصابوني ، حدثنا ابو العباس احمد بن يحيى بن خالد بن حيان (حسان) الرقي بمصر ، حدثنا زهير بن عباد ، حدثنا حسان بن ابراهيم ، عن سفيان ، عن ابى اسحاق ، عن جبار الطائي (٩٣٧) ، عن عبد الله بن قيس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين يوم القيامة في قبة تحت العرش. قلت : ما كتبناه إلا من هذا الوجه ، وهو حديث حسن عال (٩٣٨).

__________________

(٩٣٦) خصائص النسائي : ١١٥.

(٩٣٧) جبار بن القاسم الطائي ، ميزان الاعتدال ١ : ٣٨٧ ، الجرح والتعديل ١ ق ١ : ٥٤٣.

(٩٣٨) مجمع الزوائد ٩ : ١٨٤ وقال : رواه الطبراني ، كنز العمال

٣١١

الباب السادس والثمانون

فى أن خلق على (ع) خلق النبيّ (ص)

اخبرنا ابو الحسن بن ابى عبد الله بن ابى الحسن الأزجي بدمشق عن الحافظ ابى الفضل محمد بن ناصر بن علي السلامي ، اخبرنا محمد بن علي بن عبيد الله حدثنا عمي احمد بن عبيد الله ، حدثنا ابو الحسين بن الصواف ، حدثنا عبد الله ابن ابي سفيان ، حدثنا محمد بن الكديمي ، حدثنا زكريا بن يحيى ، حدثنا اسماعيل بن عباد عن شريك النخعي ، عن سعيد بن زيد قال : خرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من بيت زينب حتى دخل بيت أم سلمة ، وكان يومها من رسول الله (ص) فلم يلبث ان جاء علي بن ابى طالب عليه‌السلام فدق الباب دقا خفيفا فاستثبت رسول الله (ص) الدق وقال يا أمّ سلمة قومي فافتحي فقلت : يا رسول الله ما الذي بلغ من خطره ما افتح له الباب وألقاه بمعاصي وقد نزلت في بالأمس آية من كتاب الله تعالى ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كالمغضب إن طاعة رسول الله كطاعة الله ، وإن بالباب رجلا ليس بنرق ولا خرق يحب الله ورسوله لم يكن يدخل حتى ينقطع الوطي ، قالت : فقمت ففتحت له الباب فأخذ بعضادتي الباب حتى لم اسمع حسا استأذن ودخل ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أمّ سلمة أتعرفينه؟ قلت نعم هذا علي بن ابى طالب قال : صدقت سجيته سجيتي ودمه دمي ، وهو عيبة علمي فاسمعي واشهدي لو أن عبدا من عباد الله عزوجل عبد الله ألف عام وألف عام بعد ألف عام بين الركن والمقام ، ثم لقى الله عزوجل مبغضا لعلي بن ابى طالب وعترتي أكبه الله تعالى على منخره يوم القيامة في نار جهنم(٩٣٩).

__________________

٦ : ٢١٦ ، و ٧ : ١٠٢.

(٩٣٩) جاء الحديث باختلاف يسير في اللفظ في اسد الغابة ٢ : ١٢ ،

٣١٢

قلت : هذا حديث سنده مشهور عند اهل النقل ، وفيه موعظة ووعد شديد لمبغضي علي عليه‌السلام وأهل البيت عليهم‌السلام ، والويل لمن يشنأهم ويسبهم ، وطوبى لمن يحبهم.

وقد جعل الله تعالى شكر الرسول «ص» وأجره على تبليغ رسالاته عن الله عزوجل المودة لأهل بيته ، قال الله تعالى : (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (٩٤٠).

وأنشد بعض مشايخنا وهو محمد بن العربي شيخ المحققين :

رأيت ولائي آل طه فضيلة

على رغم اهل البعد يورثني القربا

فما سأل المبعوث اجرا على الهدى

بتبليغه إلا المودة في القربى (٩٤١)

اخبرنا الامام العلامة عبد العزيز بن عبد السلام بدمشق ، والحافظ محمد ابن عمر بن عبد الكريم بمنى ، والحافظ محمد بن ابى جعفر ببصرى قالوا اخبرنا عبد اللطيف بن شيخ الشيوخ ، وأخبرنا بقية السلف احمد بن عبد الله وأخوه يعقوب بقراءتي عليهما بجامع الأقصى ، قالا : اخبرنا ابن طبرزد عن ابى المواهب ابن الملول ، وقال : ابن شيخ الشيوخ وابن طبرزد اخبرنا محمد بن عبد الباقى قالا : اخبرنا القاضي ابو الطيب ، اخبرنا ابو احمد ، اخبرنا عمر الكاغذي ، اخبرنا احمد بن يحيى ، اخبرنا يحيى بن الفرات ، حدثنا عبد الله بن هارون العبدي عن ابى سعيد الخدري قال : نظر النبي (ص) الى علي عليه‌السلام فقال : هذا وشيعته

__________________

تاريخ بغداد ٢ : ١٤٦ ، صحيح الترمذي ٢ : ٣٠٨ ، مستدرك الصحيحين ٣ : ١٤٩ ، حلية الاولياء ٣ : ٢١١ ، كنز العمال ١ : ٢٥١ ، ١١ ، و ٢ : ٥٤ ، و ٧ : ٢١٢ ، و ٦ : ٢١٧ وج ٨ : ١٥١.

(٩٤٠) سورة الشورى : ٢٣.

(٩٤١) الصواعق المحرقة : ١٠١.

٣١٣

هم الفائزون يوم القيامة (٩٤٢).

قلت : هذا حديث من جزء الغطريف ، وقد سمعته من جم غفير بطرق مختلفة كلهم عن ابى الطيب الامام الطبري في بلاد شتى (٩٤٣)

الباب السابع والثمانون

فى ان عليا (ع) خلق من نور النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

اخبرنا ابراهيم بن بركات الخشوعي بمسجدة الربوة من غوطة دمشق (٩٤٤) اخبرنا الحافظ علي بن الحسن ، اخبرنا ابو القاسم هبة الله ، اخبرنا الحافظ ابو بكر الخطيب ، اخبرنا علي بن محمد بن عبد الله العدل ، اخبرنا ابو علي الحسن ابن صفوان ، حدثنا محمد بن سهل العطار ، حدثني ابو ذكوان ، حدثني حرب بن بيان الضرير من اهل قبسارية ، حدثني احمد بن عمرو ، حدثنا احمد بن عبد الله عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال قال : النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : خلق الله قضيبا من نور قبل ان يخلق الدنيا بأربعين ألف عام ، فجعله امام العرش حتى كان أول مبعثي فشق منه نصفا فخلق منه نبيكم والنصف الآخر علي بن ابى طالب (٩٤٥).

قلت : هكذا اخرجه امام اهل الشام عن امام اهل العراق ، كما سقناه

__________________

(٩٤٢) فضائل الخمسة ٣ : ٩٨ ـ ١٢٠.

(٩٤٣) القاضي ابو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر الطبري الفقيه الشافعي المتوفى ٤٥٠ ، اللباب ٢ : ٨١.

(٩٤٤) لم يحدد موقعه من غوطة دمشق.

(٩٤٥) جاء الحديث بلفظ آخر في ميزان الاعتدال ١ : ٢٣٥ ، مستدرك الصحيحين ٢ : ٢٤١ ، ذخائر العقبى : ١٦

٣١٤

وهو في كتابيهما.

وأخبرنا ابو اسحاق الدمشقي ، اخبرنا ابو القاسم الحافظ ، اخبرنا ابو غالب بن البنا ، اخبرنا ابو محمد الجوهري ، اخبرنا ابو علي محمد بن احمد بن يحيى ، حدثنا ابو سعيد العدوى ، حدثنا ابو الاشعث ، حدثنا الفضل بن عياض عن ثور بن يزيد عن خالد بن عدان عن زاذان عن سلمان قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : كنت انا وعلي نورا بين يدي الله مطيعا يسبح ذلك النور ويقدسه قبل ان يخلق آدم بأربعة عشر الف عام ، فلما خلق الله آدم ركز ذلك النور في صلبه فلم يزل في شيء واحد حتى افترقا في صلب عبد المطلب ، فجزء أنا وجزء علي (٩٤٦).

قلت : هكذا اخرجه محدث الشام في تاريخه في الجزء الخمسين بعد الثلاثمائة قبل نصفه ولم يطعن في سنده ولم يتكلم عليه ، وهذا يدل على ثبوته.

اخبرنا علي بن ابى عبد الله المعروف بابن المقير البغدادي بدمشق ، عن ابى الفضل محمد الحافظ ، اخبرنا ابو نصر بن علي ، حدثنا ابو الحسن علي بن محمد المؤدب ، حدثنا ابو الحسن الفارسي ، حدثنا احمد بن سلمة النمري حدثنا ابو الفرج غلام فرج الواسطي ، حدثنا الحسن بن علي عن مالك عن ابى سلمة عن ابى سعيد قال : سأل ابو عقال (٩٤٧) النبي «ص» فقال : يا رسول الله من سيد المسلمين؟ فقال : النبي «ص» من تراك تظن يا ابا عقال؟ فقال : آدم فقال : هاهنا من هو افضل من آدم ، فقال : يا رسول الله أليس الله خلقه بيده ونفخ فيه

__________________

(٩٤٦) الرياض النضرة ٢ : ١٦٤ ، وفيه قال : اخرجه احمد في المناقب ، ميزان الاعتدال ١ : ٢٣٥ ، نقلا عن ابن عساكر في تاريخه مسندا عن سلمان.

(٩٤٧) ابو عقال هلال بن زيد بن حسن بن اسامة الكلبي الدمشقي ، مولى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تهذيب التهذيب ١١ : ٧٩.

٣١٥

من روحه ، وزوجه حواء أمته وأسكنه جنته ، فمن يكون افضل منه؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم من فضله الله عزوجل ، فقال شيث فقال افضل من شيث فقال ادريس؟ فقال : افضل من ادريس ونوح؟ فقال : فهود؟ فقال افضل من هود وصالح ولوط ، قال : موسى؟ قال افضل من موسى وهارون ، قال فإبراهيم إذن ، قال : افضل من ابراهيم وإسماعيل وإسحاق ، قال فيعقوب؟ قال افضل من يعقوب ويوسف ، قال : فداود؟ قال افضل من داود وسليمان قال فأيوب إذن؟ قال افضل من ايوب ويونس ، قال فزكريا إذن؟ قال : افضل من زكريا ويحيى ، قال : فاليسع إذن؟ قال : افضل من اليسع وذى الكفل ، قال فعيسى إذن؟ قال افضل من عيسى.

قال ابو عقال : ما علمت من هو يا رسول الله؟ ملك مقرّب؟ فقال النبي (ص) : مكلمك يا ابا عقال يعني نفسه (ص) ، فقال ابو عقال : سررتني والله يا رسول الله.

فقال النبي «ص» : ازيدك على ذلك؟ قال : نعم ، فقال : اعلم يا ابا عقال إن الأنبياء والمرسلين ثلاثمائة وثلاثة عشر نبيا لو جعلوا فى كفة وصاحبك في كفة لرجح عليهم.

فقلت : ملأتني سرورا يا رسول الله فمن افضل الناس بعدك؟ فذكر له نفرا من قريش.

ثم قال علي بن ابي طالب : فقلت : يا رسول الله فأيهم احب إليك؟ قال علي بن ابي طالب فقلت : ولم ذلك؟ فقال : لأني خلقت أنا وعلي بن ابي طالب من نور واحد ، قال : فقلت فلم جعلته آخر القوم؟ قال ويحك يا ابا عقال أليس قد اخبرتك اني خير النبيين ، وقد سبقوني بالرسالة وبشروا بي من قبلي فهل ضرّني شيء إذ كنت آخر القوم ، أنا محمد رسول الله ، وكذلك لا يضر عليا إذا كان آخر القوم ، ولكن يا ابا عقال فضل علي على سائر الناس

٣١٦

كفضل جبرئيل على سائر الملائكة.

قلت : هذا حديث حسن عال ، وفيه طول أنا اختصرته ما كتبناه إلا من هذا الوجه.

اخبرنا الحافظ يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي بحلب ، اخبرنا محمد بن اسماعيل بن محمد الطرسوسي ، اخبرنا ابو منصور محمد بن اسماعيل الصيرفي اخبرنا ابو الحسين بن فاذشاه ، اخبرنا الحافظ ابو القاسم سليمان بن احمد بن ايوب الطبراني ، اخبرنا الحسين بن ادريس التستري ، حدثنا ابو عثمان طالوت بن عباد الصيرفي البصري ، حدثنا فضال بن جبير حدثنا ابو امامة الباهلي قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن الله خلق الأنبياء من اشجار شتى وخلقني وعليا من شجرة واحدة فأنا اصلها وعلي فرعها وفاطمة لقاحها والحسن والحسين ثمرها ، فمن تعلق بغصن من اغصانها نجى ، ومن زاغ عنها هوى.

ولو أن عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ، ثم ألف عام ثم لم يدرك صحبتنا أكبه الله على منخريه في النار ، ثم تلا : (قل لا اسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)(٩٤٨).

قلت : هذا حديث حسن عال رواه الطبري في معجمه كما اخرجناه سواء ورواه محدث الشام في كتابه بطرق شتى.

فمن ذلك ما اخبرنا الشيخان محمد بن سعيد بن الموفق الخازن النيسابوري ببغداد ، وابراهيم بن عثمان الكاشغري بنهر معلى قالا اخبرنا الحافظ ابو القاسم علي بن الحسن الشافعي ، اخبرنا ابو يعلى حمزة بن احمد بن فارس بن كروس ، اخبرنا ابو بكر البركات احمد بن عبد الله بن علي المقري ، اخبرنا ابو طالب عمر ابن ابراهيم بن سعيد الزهري الفقيه ، اخبرنا ابو بكر محمد بن غريب البزاز حدثنا

__________________

(٩٤٨) مستدرك الصحيحين ٣ : ١٦٠ ، كنوز الحقائق ١٥٥ ، كنز العمال ٦ : ١٥٤ ، ذخائر العقبى ١٦.

٣١٧

ابو العباس احمد بن موسى زنجويه القطان ، حدثنا عثمان بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، حدثنا عبد الله بن لهيعة عن ابى الزبير ، قال سمعت جابر بن عبد الله يقول كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعرفات وعلي عليه‌السلام تجاهه ، فأومى إلي وإلى علي عليه‌السلام فأتينا النبي «ص» وهو يقول : ادن مني فدنا منه علي «ع» فقال : ضع خمسك في خمسي ـ يعني كفك في كفي ، يا علي : خلقت أنا وأنت من شجرة أنا اصلها ، وأنت فرعها ، والحسن والحسين اغضانها ، فمن تعلق بغصن منها دخل الجنة.

يا علي : لو أن أمتي قاموا حتى يكونوا كالحنايا ، وصلوا حتى يكونوا كالأوتار ، ثم ابغضوك لأكبهم الله في النار (٩٤٩) ، قلت : هكذا رواه في ترجمة علي عليه‌السلام من كتابه.

وأخبرنا الشيخان النيسابوري والكاشغري ، عن الحافظ ابو القاسم ، اخبرنا ابو بكر محمد بن الحسين المقري وغيره ، قالوا اخبرنا ابو الحسين بن المهتدي اخبرنا ابو الحسن علي بن عمر الحربي ، حدثنا ابو العباس اسحاق بن مروان القطان ، حدثنا ابي ، حدثنا عبيد بن مهران العطار ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبيه ، وعن جعفر بن محمد الصادق «ع» عن أبيهما عن جدهما «ع» قالا : قال رسول الله (ص) : إن في الفردوس لعينا احلى من الشهد ، وألين من الزبد ، وأبرد من الثلج ، وأطيب من المسك ، فيها طينة خلقنا الله تعالى منها وخلق منها شيعتنا ، فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منّا ولا من شيعتنا ، وهي الميثاق الذي اخذه الله عزوجل عليه ولاية علي بن ابي طالب.

قلت : قال الحافظ عقيب هذا الحديث في كتابه ، قال عبيد : ذكرت لمحمد بن حسين هذا الحديث فقال : صدقك يحيى بن عبد الله ، هكذا اخبرني أبي عن جدي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

__________________

(٩٤٩) المصادر السابقة.

٣١٨

اخبرنا يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي بحلب ، والحافظ محمد ابن محمود بن الحسن النجار ببغداد ، والحافظ خالد بن يوسف النابلسي بدمشق قالوا : اخبرنا الامام ابو اليمن زيد بن الحسن الكندي بدمشق ، اخبرنا القزاز اخبرنا الحافظ احمد بن علي بن ثابت الخطيب ، اخبرني ابو القاسم علي بن ابى عثمان الدقاق ، حدثنا محمد بن اسماعيل الوراق ، حدثنا ابو اسحاق ابراهيم بن الحسين بن داود القطان سنة احدى عشرة وثلاثمائة ، حدثنا محمد بن خلف المروزي حدثنا موسى بن ابراهيم المروزي ، حدثنا موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلقت أنا وهارون بن عمران ، ويحيى بن زكريا ، وعلي بن ابى طالب من طينة واحدة (٩٥٠).

قلت : هذا حديث حسن ، هكذا رواه حافظ العراق في كتابه وتابعه محدث الشام كما اخرجناه سواء.

الباب الثامن والثمانون

فى فساد دعوى من زعم انه يحب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

مع بغض على عليه‌السلام

اخبرنا ابو الحسن بن ابي عبد الله الازجي بدمشق ، عن المبارك بن الحسن الشهرزوري ، اخبرنا علي بن احمد البغدادي ، اخبرنا ابو عبد الله محمد بن الحافظ حدثنا ابو ذر الباغندي ، حدثنا محمد بن علي بن خلف ، حدثنا حسين الاشقر حدثنا ابو غيلان ، عن جابر ، عن ابى جعفر ، عن أمّ سلمة ، قالت : دخل

__________________

(٩٥٠) تاريخ بغداد ٦ : ٥٨ بسند واحد وهو عن موسى بن جعفر ابن محمد عن أبيه عن جده ـ الحديث ـ.

٣١٩

علي بن ابي طالب على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : كذب من زعم انه يحبني ويبغض هذا (٩٥١) ، قلت : هذا حديث حسن عال ، رواه التكريتي في مناقب الاشراف.

الباب التاسع والثمانون

فى ذكر ما بنى لعلى وفاطمة عليهما‌السلام

اخبرنا الحافظ يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي بمدينة حلب ، اخبرنا ابو عبد الله محمد بن ابي زيد بن حمد بن ابي نصر الكراني ، اخبرنا محمود ابن اسماعيل ، اخبرنا ابو الحسين بن فاذشاه ، اخبرنا الحافظ ابو القاسم سليمان ابن احمد بن ايوب اللخمي الطبراني ، حدثنا علي بن سعيد الحافظ الرازي ، حدثنا اسماعيل بن موسى السدى ، حدثنا بشر بن الوليد الهاشمي ، حدثنا عبد النور بن عبد الله المسمعي عن شعبة بن الحجاج عن عمرو بن مره عن ابراهيم قال : حدثني مسروق عن عبد الله بن مسعود قال : سأحدثكم بحديث سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم أزل اطلب الشهادة للحديث فلم ارزقها : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في غزوة تبوك ونحن نسير معه ، يقول : إن الله تعالى أمرني ان ازوج فاطمة عليا ففعلت.

فقال جبرئيل : إن الله تعالى بنى جنة من لؤلؤة قصبة بين كل قصبة الى قصبة لؤلؤة من ياقوت مشددة بالذهب ، وجعل سقوفها زبرجدا اخضر وجعل فيها طاقات من اللؤلؤ مكللة بالياقوت ، ثم جعل عليها غرفا لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، ولبنة من در ، ولبنة من ياقوت ، ولبنة من زبرجد ، ثم جعل فيها عيونا تنبع في نواحيها ، وحفت بالأنهار وجعل على الانهار قبابا ، من در

__________________

(٩٥١) كنز العمال ٦ : ٣٩٩ عن جرير البجلي وج ٦ : ٣٩٥.

٣٢٠