المعاد وعالم الآخرة

آية الله ناصر مكارم الشيرازي

المعاد وعالم الآخرة

المؤلف:

آية الله ناصر مكارم الشيرازي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
المطبعة: أمير المؤمنين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-8139-28-8
الصفحات: ٢٦٤

وفي الحقيقة فإنّ أعلام العلوم الطبيعية كالباحثين الذين يقفون كل يوم في حفرياتهم على آثار جديدة تتعلق بالحضارات السابقة طبعاً قد يبذل هؤلاء الباحثون والمنقبون جهودهم بالبحث عن الأشياء القديمة والتحفية لغرض تحقيق بعض الأرباح المادية ، لكن من المسلم به أنّ هناك آثاراً أخرى لهذه الجهود والتي تتمثل بالوقوف على كيفية ظهور المدنيات السابقة ومدى مهارة بناء تلك المدنيات.

توضيح ذلك :

دلّ تقدم العلوم التجريبية لأول مرّة على عدم وجود الفناء المطلق والعدم التام بتاتاً بالنسبة لمواد العالم والذي كان يستحوذ على عقول الكثير من القدماء ، فقد أثبت العالم الفرنسي المشهور «لافوازيه» إنّ أي مادة في الكون لا تفنى ، بل مواد العالم تتحول دائماً من شيء إلى آخر ، فلو أحرقنا شجرة ونثرنا رمادها في الهواء ، أو أشعلنا مقداراً من البنزين بأكمله بحيث لا تبقى ذرة منه ، فليس هناك أي فارق يحدث في المواد الموجودة في العالم ، وعلى أساس الفرض الأول فإنّ ذرات الشجرة تحللت وانتشرت في الأرض والهواء فأصبح جزء منها رماداً وآخر تبدل إلى غازات كاربونية (مركب من كاربون الشجرة واوكسجين الهواء) ولو توفرت الوسائل التي تقوم بجمعها من أتون أجزاء الأرض والسماء وفصلنا عنها اوكسجين الهواء ثم ركبنا بعد ذلك جميع الأجزاء لعادت تلك الشجرة الأولى دون أن ينقص منها حتى واحد بالألف من الغرام ، وفي الفرض الثاني (الإحراق التام للبنزين) يتبدل جميعه إلى غازات يمكن إعادتها إلى البنزين الأول ثانية دون أي نقص من خلال جمع تلك الغازات وترتيبها من جديد ، وعليه فقد

٤١

تقودنا حالة عدم الدقة التي نمارسها فنطلق جزافاً أنّ هذه الأشياء قد فنت ، في حين ليس هنالك شيء يفني بل يتحول من شيء إلى آخر. والواقع هو أنّ هذه العملية بالضبط كتبديل النقود من عملة إلى أخرى باسعار ثابتة ـ من قبيل تبديل الدولار إلى دنيار ـ فلم يحصل سوى تبدل شكل العملة وإلّا فقيمتها ثابتة ويمكن إعادة العملة الأخيرة إلى سابقتها في أي وقت ، وهذا ما عليه الحال بالنسبة لمواد العالم التي تتحول من شكل إلى آخر.

وعلى هذا الأساس ففي قضية تشتت ذرات بدن الإنسان ليس هنالك شيء يفنى ويزول وقد ادخر في صندوق توفير عالم الطبيعة ويمكن سحبها في أي زمان.

طبعاً هنا مسألة أخرى مطروحة وهي أنّ هذه الأجزاء قد تصبح أحياناً جزءاً من بدن إنسان آخر ويبدو أنّ ذلك يسبب بعض المشاكل بخصوص إعادة حياة الموتى ، حيث يمكن أن تتصارع عدّة أرواح بغية الحصول على بعض الأجزاء المعينة حيث تدعي كل روح أنّ ذلك الجزء لها ، إلّاأنّنا سنرى قريباً أنّ هذا خطأ محض وليس هنالك أي صراع من هذه الناحية ، وحتى لو فرض أنّ إنساناً إلتهم بدن إنسان آخر فليس هنالك أدنى مشكلة في أمر معادهما.

على كل حال فإن حسابات لافوازية صحيحة في كافة المواضع سوى في موضع واحد تفقد فيه المادة وجودها تماماً دون أن تتبدل إلى مادة أخرى ، وذلك في إنقسام الذرات والإنفجارات الذرية حيث تتحول فيها المادة إلى طاقة ، ويعتبر أول من إكتشف ذلك لأول مرة «مادام كوري» وزوجها «بير كوري» أثناء مطالعتهما للأجسام الراديو كتيفية (الأجسام ذات التشعشعات الذرية والتي تكون ذراتها في حالة تآكل وزوال). فقد إكتشفا عام ١٨٩٨ في

٤٢

مختبرهما في باريس عنصراً جديداً يعرف بالراديوم والذي يتصف بخاصية عجيبة تتمثل بفرزه دائماً للحرارة والضوء ، ثم توصل العلماء بعد عدّة تحقيقات في هذا المجال إلى أنّ ذرات الراديوم في حالة تآكل وزوال على الدوام ، وفي الواقع فإنّ هذه الأجسام إنّما تفقد جزءاً من وجودها حين تنبعث من باطنها تلك الطاقة الحرارية والضوء ، وقد أدّى الإكتشاف الكبير إلى تعديل قانون بقاء المادة للعالم لافوازية فحلّ محلّه قانون «بقاء المادة ـ الطاقة» ؛ أي ثبت أنّ مجموع مادة العالم وطاقته ثابتة ليست متغيرة ولاينقص منها مثقال ذرة ، فتحول المادة إلى مادة أخرى ، والطاقة إلى طاقة أخرى ، والمادة إلى طاقة ممكن ، أمّا الفناء والعدم فليس له من سبيل إلى هذا العالم.

وبناءاً على ما تقدم فليس فقط ذرات وجودنا في هذا العالم لا تزول فحسب ، بل هي محفوظة في هذا الصندوق الكبير إلى جانب أفعالنا وأعمالنا وأقوالنا وتصرفاتنا وحتى أمواج أدمغتنا المغناطيسية التي تمثل بأجمعها صوراً وأشكالاً مختلفة للطاقة حين التفكير ، ولو كانت لدينا الأجهزة والوسائل الكافية لأستطعنا سحب كافة الأمواج الصوتية لأسلافنا ودورهم في الحياة.

ونعلم إنّ هذا العمل قد حصل بصورة مصغرة ، حيث تمكن العلماء وبالاستفادة من بعض الأمواج الصوتية المتبقية على الظروف الخزفية لما قبل ألفي سنة حيث يحيون أصوات النحّاسين آنذاك ويسمعها الجميع. (١)

وتشير المطالعات على بدنة هذه الظروف الخزفية أنّه حين صنعها قد انتقشت الأمواج لصنّاعها عن طريق رعشات أيديهم على البدنة وبمساعدة

__________________

(١) كتاب الطريق المجتاز

٤٣

ذلك تعود أصواتهم. أو ليست مثل هذه الأمور خطوات بارزة عريضة من أجل إثبات القيامة على ضوء الدليل العلمي! فلو كان ذلك الإعرابي حياً اليوم وإجتاز بعض المراحل الدراسية العليا لما كان مستعداً لأن يأتي بذلك العظم الخاوي ليثبت إستحالة المعاد.

بل لو لم يجتاز ذلك الإعرابي بعض المراحل الدراسية العليا وإكتفى بمشاهدة أجهزة تسجيل الأصوات وإلتقاط الأفلام السائدة في عالمنا المعاصر ، لما أمكنه كذلك إنكار المعاد.

أفلا يدعونا ذلك إلى الإذعان على عزار ما صرّح به آدولف بوهلر الكيميائي المعروف قائلاً : «إنّ كل قانون يكتشفه الإنسان يقرّبه خطوة إلى الله ، وكل قانون يكتشفه يقرّبه خطوة من القيامة والحياة الآخرة بعد الموت».

* * *

٤٤

(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ الَيْنَا لَاتُرْجَعُون) (١)

القيامة تهب الحياة نكهتها

لا شك أنّ للإيمان بالقيامة والبعث آثاره في شكل الحياة البشرية ، ولو لم تكن هناك من حياة بعد الموت لكانت الحياة في هذا العالم جوفاء وتافهة لا قيمة لها.

كان صوت حركة الماء المنحدر بسرعة على الأحجاز المبعثرة في جرف النهر والذي يتخذ أشكالاً حلزونية حول الأشجار كصوت وقع الأقدام المعروفة التي تداعب قلبي ومشاعري فأشعر بالسكينة والاستقرار ، كانت لحظات ثمينة بالنسبة لي سيما أنّها كانت فرص نادرة ، ولعلي سمعت كراراً من الكبار ذلك البيت الذي أنشده الشاعر المعروف حافظ الشيرازي حين تقع أعينهم على عيون المياه الجارية والينابيع والأنهار والذي يخاطب فيه نفسه : أن إجلس على حافة النهر وانظر تصرم العمر وكأنّه يوحي إلينا بالاكتفاء بهذه البشارة حول نهاية العالم ـ فكانت هذه الكلمات بمثابة نسيم الربيع المعتدل الذي يهب على شغاف قلبي ، فرأيتني أكرر تلك الكلمات مع

__________________

(١) سورة المؤمنون ، الآية ١١٥

٤٥

نفسي ، فشعرت وكأنّي طرحت حملاً ثقيلاً عن روحي وتنفست بكل حرية ، رغبت آنذاك بأن يكون لي جناحان فأحلق بهما كالطيور التي كانت تطير وترفرف بأجنحتها فوق رأسي ، ولكن لما كانت الحياة تقتضي عدم إستقرار الذهن والبال فقد دار في خلدي هذا الهاجس ، رغم أنّ تشبيه إنقضاء العمر بمرور الماء يمثل أروع مثال يمكن بيانه بالنسبة للحركة العامة وسرعة حركة عالم الحياة بل عالم الوجود الذي يأبى التوقف والسكون ، إلّاأنّي فكرت مع نفسي ليت شعري ما هي البشارة التي يحملها تصرم العمر لنكتفي بها كدلالة على إنقضاء العالم.

لنفرض أنّي قطرة من ملايين قطرات ماء هذا النهر وقد نبعت من عين حسب قوانين الخلقة وقد إندفعت خلال هذه الأحجاز والاشجار ، ولكن ما عساني أبلغ في نهاية المطاف ، قطعاً لايمكنني السير إلى الأبد ... فالتفكير بالمستقبل المجهول يؤرقني ، فهل سأتيه في مستنقع متعفن مليىء بالحيوانات الوضيعة ... ما هذه البشارة!

وهل تبخرنا وسط الصحراء القاحلة آخر هذه السهول الواسعة المترامية الأطراف يعد فخراً!

أم سأعود مرّة أخرى إلى ذلك البحر الواسع الذي نبعت منه في البداية دون أي هدف فأعيش حياة مكررة وجوفاء!

ياله من أليم تصرم العمر هذا الذي آخره مثل تلك الأمور!

سأغوص في أعماق الأرض إلى جوار جذور شجرة وعلى ضوء قانون «إسمز» أعبر قوة الجذب الأرضية فأتسلق الأغصان بسرعة وأتنقل بين العروق اللطيفة الجميلة والزهور العطرة فأصبح فاكهة فانهمك في صنع نفسي حتى أنضبح فتنقطع حاجتي إلى الغصن ثم أهبط من غصن الشجرة

٤٦

كرائد الفضاء الذي يقذف بصاروخه إلى كرات العالم ، فاقع في حضن إنسان مفكر وعالم جلس تحت الشجرة وهو مشغول بابداع مؤلف قيّم أدبي وعلمي وأخلاقي وفلسفي.

فأجلب بلطافتي وطراوتي إنتباه ذلك العالم حتى أصبح جزءاً من بدنه فأواصل سعي وجهدي في دمه وعروقه وأخترق الأغطية الرقيقة والحساسة لدماغه فاتحول إلى أمواج فكرية مبدعة لخلق لوحة أدبية وفلسفية رائعة أو أتحول إلى إكتشاف علمي مميز ، ثم أصبح أثراً خالداً بعد أن يسطر في قلمه على صفحات كتابه ، وهكذا أكتسب صبغة أبدية فاوضع في المكتبات فاحظى باستفادة الجميع.

فلو كان الأمر كذلك لكان هذا التصرم دافعاً لي نحو النشاط والحيوية ، وذلك لأنّ قطرة ماء لا قيمة لها قد إختلطت بوجود أكمل حتى تحولت آخر المطاف إلى أثر خالد.

فأية بشارة وفخر وإعتزاز أعظم من هذا!

أما إن كان مصيري الفناء في المستنقعات المتعفنة أو التبخر أو التطاير في الهواء أو العودة العابثة إلى البحر فياله من مصير مؤلم ومفجع.

فهل هناك من فارق بين مصير أولئك الذين يرون الموت هو نهاية الحياة ومصير تلك القطرة من الماء؟

فهل يمكن أن يكون هناك من معنى صحيح لحياتهم ومماتهم؟

هل الإقرار بأصل المعاد ومواصلة الإنسان لتكامله بعد الموت ودخوله لعالم أسمى وأرفع لايمنح حياة الإنسان هدفاً ونماية؟

ويخرجها من عبثيتها؟

ومن هنا نلاحظ أنّ عبثية الحياة من أهم القضايا التي تزعج إنسان

٤٧

عصر الفضاء ، وأفضل شاهد حي على ذلك الشعور المزعج هو ظهور بعض المدارس ـ إن أمكن تسميتها كذلك ـ الفلسفية الحديثة كالمدرسة المادية.

ويعترف العلماء والمفكرون الذين يمتكلون رؤية صحيحة تجاه البلدان الصناعية التي رأوها أنّ شعوب تلك البلدان قد تغلبوا على مشاكل البطالة والأمراض والكهولة والعجز والتعليم من خلال المعامل والمصانع الضخمة والإمكانات الصحيحة الهائلة والأجهزة الثقافية إلى جانب الضمان والتقاعد وما إلى ذلك ، فالواقع هو أنّ حياتهم وحياة أولادهم مضمونة منذ الولادة حتى اللحظات الأخيرة للموت ، مع ذلك فهم يألمون من عبثية الحياة ويرون أنفسهم يعيشون الخفة والطيش.

ولعل سر التنوع الذي ينشده عالم الغرب ومبادراتهم العجيبة هو الهروب من التفكير بشأن هذا الطيش والعبثية.

وقد نلمس هذه الحقيقة في تعبيرها الفلسفي ضمن المدرسة المادية التي تقول : ينفرد الإنسان من بين سائر الكائنات بإدراكه لمفهوم الوجود والعلم بوجوده ، وكما كان الوجود أمراً بديهياً للإنسان فإنّ العدم يسود ذهن الإنسان مقروناً بتصوره للوجود ، ففي الوقت الذي نشعر فيه بوجودنا أو وجود شيء آخر ، كذلك من الواضح لدينا عدمنا أو عدم الشيء الآخر ، وعلى هذا الأساس فالإنسان يشعر بوضوح بعدمه كما يشعر بوجوده ، وما إضطراب الإنسان وقلقه إلّانتيجة لهذا الشعور بالوجود والعدم ، وعلى حد تعبير «سارتر» ـ العالم الوجودي ـ من هنا يتضح عبث الوجود وخوائه : لماذا جئنا للوجود ، وما سبب وجودنا؟ (ليس لدينا من إجابة على ذلك) ...

فحين لايرى الإنسان من سبب لوجوده يشعر بغربته في هذه الدنيا ، إنّه يشعر بانفصاله عن سائر الأشياء والأفراد ، والخلاصة فإنّ وجوده زائد لايرى

٤٨

لنفسه من موضع مناسب له. (١)

فلو كان للجنين في بطن أمّه من علم وذكاء دون أن يكون له حظ من علم خارج الرحم وفكر في العيش في ذلك الوسط لما تردد في إتباع مدرسة سارتر.

إنّه سيرى تلك الحياة المحدودة والمزعجة التي تدار بشكل تبعي لا تحمل أي هدف وغاية وعبثية تماماً ، أمّا إن علم أنّه جاء من هناك ليستعد إلى حياة أخرى أوسع وأشمل ، وأنّ هذه المدّة هي فترة تربوية خاصة لايمكن بدونها التمتع بحياة مستقله ، وآنذاك سيرى معنى للحياة في فترة كونه جنيناً.

ولو أيقنا بأنّ المنزل الذي ينتظرنا لاينطوي على العدم ، بل هو وجود بمستوى أرفع وإستمرار لهذه الحياة بآفاق أوسع وأنّ كافة الجهود والمساعي ستنتهي بالتالي إليه ، فمن المسلم به أنّ الحياة ستخرج على هذا الأساس من عبثيتها وطيشها وتتخذ لنفسها مفهوماً جدّياً واضحاً.

وبناءاً على هذا لابدّ من القول : إنّ الأثر الأول للإيمان بالحياة الآخرة بعد الموت والقيامة هو منح الهدفية والغائية لهذه الحياة وإخراجها من العبثية.

* * *

__________________

(١) كتاب الفلسفة (مسائل فلسفية ، مدارس فلسفية ، مباني العلوم) للدكتور شريعتمداري ، ص ٣٦٣.

٤٩
٥٠

عامل تربوي مؤثر

عامل مؤثر واقي وعامل محرك قوي

كان أحد الشباب المتعلمين يقول : «أعتقد أني أتمتع بضمير قوي ، ولما كان ضميري قوياً فإنّي ملتزم بأصول الحق والعدل ، ومن هنا فلا أرى في نفسي من حاجة إلى الدين والتعاليم الدينية ، فكل ما من شأنه أن يمنحني الدين في ظلّ الإيمان بالله والخوف من العقاب في الدار الآخرة إنّما حصلت عليه في ظل ضميري الحي.

وعليه أفلا تعتقدون أنّ الدين ضروري بالنسبة لُاولئك الأفراد دوني درجة والذين لايمكن إصلاحهم ويأكل بعضهم البعض الآخر دون إستنادهم إلى إيمان قوي وراسخ بالدين ، أضف إلى ذلك فالإيمان قد لايستطيع أحياناً إصلاحهم ، بل هم يعمدون إلى الحيل الشرعية بغية مواصلة أعمالهم الخاطئة وتحقيق بعض المنافع».

طبعاً إنّنا نعلم بأنّ هذا الأسلوب من التفكير لا يقتصر على هذا الشاب ، فهناك من بين الفلاسفة والمفكرين من يرى نفسه فوق الدين ، ويعتقد أنّ الدين وسيلة تربوية مؤثرة بالنسية للأفراد في المستويات المتدنية ، بينما هم في غنى تام عن هذه التعاليم! لكنهم كأنّهم قد غفلوا أنّ أعظم الجنايات

٥١

والجرائم إنّما ترتكب على الدوام من قبل كبار الشخصيات والعلماء الأفذاذ والأفراد من ذوي المستويات العالية ، فهم الذين يصنعون القنابل الذرية والهيدروجينية ، وهم الذين يخططون للحروب الألكترونية وبالتالي هم الذين يعينون خرائط الاستعمار السياسي والاقتصادي للبلدان.

والخلاصة فهؤلاء العلماء والمفكرون هم الذين كانوا أداة طيعة بيد قوى الدنيا الشيطانية وهم الذين رسخوا دعائم الاستعمار والاستبداد والغطرسة من خلال بيعهم لمعلوماتهم وإبداعاتهم وإستعداداتهم العالية ، ولايختص هذا الموضوع بعالمنا المعاصر ، فالأزمنة الماضية هي الاخرى كذلك حيث يطالعنا الكثير من الأفراد دائماً الذين يقفون إلى جانب الفراعنة ممن على غرار هامان وقارون العالم المقتدر الثري وهو ابن عم موسى وممثل فرعون في بني إسرائيل وقد كانت له ثروة طائلة يرى أنّه جمعها بعلمه وقدرته ، كما كان العديد ممن على شاكلة عمروبن العاص وأبي هريرة إلى جانب معاوية.

وبناءاً على ما تقدم فقد تكون حاجة العلماء والمفكرين وذوي الاستعداد والمستويات العالية إلى الدين أكثر من غير هم بكثير ، فهم الذين يسطيعون إشعال الدنيا أو سوقها إلى الصلح والسلام.

أمّا الأفراد من ذوي المستويات المتدنية فعادة ما يأتمرون بأوامر هؤلاء فهم إلعوبة بيدهم وضررهم أقل بكثير إذا ما قارننا انحرافهم بمن سبقهم.

* * *

ولو آمن هؤلاء ـ وبصورة عامة كافة لبشرية ـ بأنّ الموت ليس نهاية الحياة ، بل هو بداية حياة جديدة وكل ما في هذه الحياة الدنيا هو مقدمة لها لاكتسب كل شيء طابع الأبدية ، وسوف لن تفنى الأعمال والأقوال والحسنات والسيئات ،

٥٢

وهذه هي الأمور التي ترسم معالم حياتنا الخالدة التي تنتظرنا فإمّا تمنحنا الطمآنينة والسعادة أو الاضطراب والشقاء ، والأمر بالضبط كالجنين إن كان له عقل وقد قصر في صنع نفسه خلال تلك المدّة القصيرة من عمره في بطن أمّه والتي تعتبر فترة بناء الجسم والروح ، فإنّ عليه أن يتحمل العواقب الوخيمة لعمر مديد (قد يستغرق مئة سنة مثلاً) ويذوق الألم والمعاناة وهكذا الحال بالنسبة للإنسان إنّ قصر في صنع نفسه وتهذيبها في هذه الحياة الدنيا وكبّدها مختلف العيوب والأمراض الأخلاقية والنفسية فإنّ عليه أن يتحمل العذاب الأليم وشدته في عالم ما بعد الموت.

ومن شأن هذا الإعتقاد أن يقلب حياة الإنسان رأساً على عقب ، كونه يشكل درساً تربوياً عالياً ينهض بتربية روح الإنسان ونفسه ، ويحول دونه ودون كل تلك الجنايات التي يمكن أن تصدر من إنسان مادي يعتقد أنّها تفنى وتزول جميعاً بفنائه وزواله.

فالإعتقاد بعالم ما بعد الموت وبقاء أثر أعمال الإنسان يمكنه أن يكون عامل وقاية متين إزاء الذنوب والمعاصي ، كما يمكنه أن يكون عاملاً مقتدراً للحركة وللحث على الاستثمار المادي والمعنوي في سبيل خدمة الخلق.

لا شك أنّ آثار الإيمان بعالم ما بعد الموت ليفوق بدرجات دور المحاكم وقوانين العقوبات الاعتيادية والمكافئات والتشجيعات العادية في إصطلاح الأفراد الفاسدين والمنحرفين وتشجيع الأفراد المضحين والمجاهدين ، وذلك لأنّ من خصائص محكمة العدل الإلهي في القيامة هو خلوها من الاستئناف والتمييز ولا الواسطة ، كما لايمكن تشويش أفكار القضاة من خلال طرح الوثائق المزيفة وممارسة الكذب والخداع ، كما تخلو من الروتينيات والتشريفات التي تدعوا إلى الإطالة ، بل وكما سنذكر ذلك

٥٣

بصورة مفصلة أنّ الثواب والعقاب في ذلك العالم يشبه إلى حدّ بعيد الآثار والخواص الطبيعية ؛ يعني كما لايخطىء الدواء الشافي أو السم القاتل في تأثيره ولا تجدي الرشوة والتوصية عليه شيئاً ولا تغيّر من تأثيره ، فإنّ أفعال الإنسان وأعماله بنفس هذه الكيفية في العالم الآخر بعد الموت ، هذا من جانب.

ومن جانب آخر فليس هنالك من معنى للتشجيع في المحاكم العادية لهذا العالم ـ التي تنطوي على آلاف العيوب ـ مثلاً إذا لم ينتهك فرد حرمة القانون لخمسين عاماً ولم يرتكب ولو مخالفة صغيرة ، فليس هنالك من ثواب لالتزامه بالقانون ، يعني ليس هناك من ثواب ليعطيه.

وعليه فالضمانة الإجرائية لهذه القوانين أحادية الجانب : أي أنّه يتّجه دائماً صوب من ينتهك حرمة القانون ، لاصوب ذلك الذي يحترم القانون ويلتزم به ، والحال ضمانة التطبيق في الدين ثنائية ، فهناك كفة الثواب التي تعدل بثقلها كفة العقاب.

فمما لاشك فيه أنّ من يؤمن بذلك العالم يكون غاية الجدية في إصلاح نفسه والإتيان بمختلف الأعمال الثقيلة والمعقدة ، وكذلك وعلى غرار الفرد العالم بخصائص الأدوية المشفية والقاتلة فهو شديد الرغبة في الأول عظيم الخشية من الثاني ، فإذا ما أراد أن يقدم على عمل مهما كان حسب آثار ذلك العمل وتمثلها أمام عينيه.

وهكذا يكون في حالة مراقبة تامة ودقيقة دائمية على نفسه ، بحيث يسيطر عليها ويحول دونها ودون مقارفة الجرائم والجنايات والمفاسد.

* * *

إنّ الإيمان بهذه الحقيقة يبلغ بالإنسان درجة يجعله يقول : (وَاللهِ لَأَنْ

٥٤

أَبِيْتَ عَلَى حَسَكِ السَّعْدَانِ مُسَهَّداً ، أَوْ أُجَرَّ في الْأَغْلَالِ مُصَفَّداً ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللهَ وَرَسُولَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ ، وَغَاصِباً لِشَيءٍ مِنَ الْحُطَامٍ) (١)

ومثل هذا الفرد يحمي حديدة ويقربها من أخيه ـ ذلك الأخ الذي سأله الزيادة من بيت المال والتمييز بين الأفراد في العطاء ـ فيضج منها ويصرخ ، فيخاطبه ناصحاً (أَتَئِنُّ مِنْ حَدِيدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ ، وَتَجُرُّني إِلَى نَارٍ سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ) (٢)

ولما إقترح عليه بعض الأفراد من قصار النظر ترسيخ دعائم حكومته من خلال التمييز العنصري بين صفوف المجتمع الإسلامي قال : (أَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بَالْجَورِ فِيْمَنْ وُ لِّيْتُ عَلَيْهِ! وَاللهِ لَاأَطُورُ بِهِ مَا سَمَرَ سَمِيرٌ ، وَمَا أَمَّ نَجْمٌ في الَّسمَاءِ نَجْماً) (٣)

حقّاً كيف ستصبح الدنيا لو أضاء بصيص من الإيمان القاطع في قلوب كافة زعماء العالم والأفراد من بني البشر؟

فهل سيبقى فيها من أثر لهذه الأنانيات والاستبدادات والظلم والانتهاكات والتجاوزات؟

* * *

ومن هنا تسعى كافة الأديان السماوية لبذل كافة الجهود من أجل تربية الأفراد وإصلاح المجتمعات من خلال إحياء الإيمان بعالم ما بعد الموت في قلوب الناس ، ولاسيّما القرآن الكريم الذي أفرد جزءاً مهماً للمسائل التربوية من خلال سلوك هذا السبيل ، وعليه فليس من العجيب أن ترد

__________________

(١) ـ نهج البلاغة ، الخطبة ٢٢٤

(٢) ٢ ـ المصدر السابق ، الخطبة ٢٢٤

(٣) المصدر السابق ، الخطبة ١٢٦

٥٥

الإشارة إلى هذا الأمر لأكثر من ١٤٠٠ مرّة في القرآن ، وإليك بعض تلك النماذج.

١ ـ صرّح القرآن الكريم بأنّ الإيمان واليقين القطعي بذلك اليوم العظيم يكفي في تربية الإنسان ، بل للظن أيضا دوراً عظيماً بهذا الشأن : (الا يَظُنُّ اولَئِكَ انَّهُمْ مَبْعُوثُونَ* لِيَومٍ عَظِيمٍ* يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (١)

٢ ـ أكد القرآن الكريم في مختلف المواضع أنّ «الأمل» و«الرجاء» بذلك العالم يكفي الإنسان في عدم الطغيان وترك اللجاجة إزاء الحق والإتيان بالعمل الصالح ، وهنا ينبغي الالتفات إلى أنّ القطع واليقين لم يتطرق إلى مفهوم الأمل والرجاء (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً) (٢) (وَقَالَ الَّذِينَ لَايَرْجُونَ لِقَائَنَا لَوْلَا انْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا) (٣)

٣ ـ ورد في القرآن الكريم أنّ لأعمال وأقوال الإنسان صفة الأبدية ، وكلها ستحضر يوم القيامة وتكون مع الإنسان :

(يِوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ) (٤) كما أكّد في موضع آخر : (وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً) (٥)

وهكذا يتبلور في أعماق روح الإنسان ؛ الإنسان الذي يؤمن بالحياة بعد الموت قبس كبير من الشعور بالمسؤولية تجاه جميع أحداث الحياة ووقائعها.

* * *

__________________

(١) سورة المطففين ، الآية ٤ ـ ٦

(٢) سورة الكهف ، الآية ١١٠

(٣) سورة الفرقان ، الآية ٢١

(٤) سورة آل عمران ، الآية ٣٠

(٥) سورة الكهف ، الآية ٤٩

٥٦

القيامة في باطنكم

إنّ هذه المحكمة التي يتحد فيها القاضي والشاهد ومنفذ الأحكام والتي تستقر في أعماق أرواحنا جميعاً هي نموذج حي على محكمة العدل الإلهي في القيامة والبعث.

واليوم حين يراد إنشاء بناية أو مصنع فانّهم عادة ما يصنعون مسبقاً نموذجاً مصغراً يشتمل على كافة مشخصات ومواصفات تلك البناية الضخمة أو المصنع الكبير ليكون مثالاً ونموذجاً يحتذونه في عملهم وهو ما يصطلح عليه بالمجسمة.

والإنسان أعجوبة عالم الخلقة هو مجسمة صغيرة جدّاً ومختصرة للعالم ، مع فارق هو أنّ هذه المجسمة قد أعدت بعد كل ذلك ، لأنّ صانعها ومصممها لم يعدها على غرار الصانعين من الأفراد بهدف تلافي الأخطاء بسبب علمهم المحدود ، فالمفروغ منه أنّ الصغر والكبر يجري علينا بفضل محدوديتنا ، بينما هما سيّان بالنسبة لمن كان مطلقا ولامتناهياً في علمه وقدرته.

والعجيب في هذه المجسمة الإنسانية أنّها حملت نموذجاً دقيقاً لكل شيء بما في ذلك الأسرار والقوى والعجائب والدوافع والمنظومات والكواكب والحيوانات بخلقها وطبائعها والملائكة بروحياتها وهكذا كل شيء

٥٧

قد أختصر فيها ، وما أروع تلك العبارة التي وردت في الشعر الذي ينسب إلى أميرالمؤمنين علي عليه‌السلام أنه قال :

«وتزعم أنّك جرم صغير وفيك

إنطوى العالم الأكبر!»

لقد ظهر اليوم مشروع للاستفاده من المايكروفيلم في مكتبات العالم الضخمة بهدف حل مشكلة مكان الكتاب ، فمثلاً يمكن حشر كبار المكتبات في صندوق من خلال استعمال أفلام غاية في الصغر ، فإذا برزت الحاجة كبّروا تلك الأفلام بمجاهر خاصة ليتمكنوا من مطالعة مايريدون ، وكأن هذا الإنسان بمثابة ذلك المايكروفيلم لمكتبة الخلق العظيمة ، وكفاه ذلك فخراً.

وهذا تشبيه رائع بين كبير العالم وصغيرة والذي أخذ يتضح أكثر فأكثر بوسطة التطور والتقدم الذي أحرزه العلم ، وإنّنا لنرى نماذج أصغر من ذلك في سائر موجودات العالم.

البنية المذهلة للذرة هي مجسمة للمنظومة الشمسية العظيمة بتلك السيارات والحركة الدورانية العجيبة ، والمنظومة الشمسية بدورها مجسمة للمجرّات وكذلك بُنية الخلية التي لايمكن الوقوف على جماليتها وروعتها إلّا بالمجهر مجسمة لبُنية الشجرة والحيوان والإنسان.

البذرة الصغيرة للزهور والخلية الحيّة الكامنة إلى جوار كل نواة ، والنطفة الصغيرة المعلقة في صفار البيضة ، كل واحدة منها نموذج لطيف وجميل لباقة ورد أو شجرة عملاقة مثمرة أو دجاجة جميلة ، فكل ما كان في تلك النماذج موجود في هذه ولابدّ أن يكون كذلك ، أو ليس عالم الوجود وحدة واحدة متصلة مع بعضها؟ إن هذا التشابه بين العالم الصغير (الإنسان) والعالم الكبير يجعلنا نلتفت إلى أنّ كل ما في العالم الكبير يوجد نظيره في الإنسان ، والعكس بالعكس ،

٥٨

فما كان في الإنسان يلفت نظرنا إلى وجود شبيهه في العالم الكبير (إحتفظ بهذا في ذهنك).

* * *

يوجد في باطن الإنسان محكمة صغيرة يصطلح عليها اليوم «الوجدان» ويسميها الفلاسفة «العقل العملي» ووردت على لسان الآيات القرآنية باسم «النفس» أو «النفس اللوامة» ويطلق عليها العرب إسم «الضمير» ، وحقاً إنّها لمحكمة عجيبة لا تعدلها كافة محاكم الدنيا بكل أجهزتها وأبهتها وعرضها وطولها.

محكمة يتحد فيها «القاضي» و«الشاهد» و«منفذ الأحكام» و«الحاضر» وهو ما اصطلحنا عليه بالوجدان.

وهذه المحكمة وخلافاً للمحاكم الصاخبة التي قد تطلب أصول المحاكمات فيها خمس عشرة سنة ، فهي لا تحتاج إلى الوقت ، نعم قد تطلب ساعة أو دقيقة أو لحظة ليتم فيها كل شيء.

ليس هنالك من سبيل للاستئناف والتمييز وإعادة النظر والديوان العالي والتي تفيد جميعاً عدم الوثوق بممارسات المحكمة السابقة إلى هذه المحكمة ، فلأحكامها مرحلة واحدة فقط ، ولاغرو فالثقة والإعتماد هي الحاكمة هنا.

ليس فيها الانحرافات التي تشوب أعمال القضاة في المحاكم الرسمية من قبيل الخوف من المسؤولين والانفعال بالوصايا والوساطات وإصدار الأحكام لصالح هذا وذلك بعيداً عن العدل والإنصاف والإغترار بالرشوة والأموال وما إلى ذلك ، نعم ، العيب الوحيد في هذه المحكمة أنّه يمكن إستغلال صفائها وطهرها وبالتالي خداعها وتصوير الحق لها باطلاً والعكس

٥٩

بسبب عدم عصمتها ومحدودية علمها ومعارفها مهما بلغا.

ومن هنا نقول إنّ الضمير بمفرده لايمكنه أن يحّل محل الدين ، مع ذلك فلعل إنحرافه لايتجاوز الواحد بالألف مقارنة بالانحرافات التي تخترق المحاكم البشرية.

* * *

ومن مميزات هذه المحكمة أنّها تعاقب المجرمين وكذلك تكرم المحسنين ، خلافاً للمحاكم الرسمية التي لا أحظى فيها بكلمة شكر ولو إلتزمت لمئة سنة بالقوانين ولم أنتهك حرمتها ، بل حتى لو خلت صحيفة أعمالي من أدنى مخالفة ، فمثل هذه المحكمة ليس من شأنها التعامل مع الأعمال الحسنة وتقتصر وظيفتها على معالجة الأعمال السيئة.

القضية الأخرى التي تميز هذه المحكمة عمّا سواها هو أنّ عقابها ينبعث من باطن الإنسان وهو على درجة من الشدّة والألم بحيث قد تضيق الدنيا برحابتها وسعتها على هذا الإنسان فتكون أضيق عليه حتى من الزنزانة الإنفرادية.

قد يكون ذنب الإنسان أحياناً كبيراً للغاية فيشتد عذابه حتى يكاد يعيش الجنون ، بل قد يعاني من وطأة ذلك العذاب حتى يتمنى معه الإعدام أملاً في الخلاص من لهيب ذلك العذاب الذي قد لا تطيقه الجبال بينما لايراه من أحد.

إلى جانب ذلك فإنّ ثواب هذه المحكمة أيضاً على درجة من الجلال والعظمة بما لايمكن وصفه وهذا ما نصطلح عليه بسكينة الضمير حيث ليس لدنيا مفردة أخرى تبلغ ذلك الوصف.

يقال : إنّ أحد أسباب إتساع الأمراض النفسية في عصرنا يعزى إلى

٦٠