المعجزة القرآنيّة

الدكتور محمد حسن هيتو

المعجزة القرآنيّة

المؤلف:

الدكتور محمد حسن هيتو


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٤٢

٥ ـ الزوجية في الجينات

وراء

الزوجية في الكروموسومات

إن ما ذكرناه في الفقرات السابقة عن الكروموسومات التي تحدد نوع الحيوان من إنسان وغيره ، والتي كانت سرا خافيا علينا ، والتي اكتشفنا فيها الزوجية على النحو الذي بيّناه ، قد انقلبت إلى ظاهر بسيط ، ولوّحت لنا من باطنها بسر جديد ، لم نكن نعرفه ، فهو (مِمَّا لا يَعْلَمُونَ).

ألا وهو سر الجينات الرهيب ، والذي جاء أيضا زوجين زوجين.

وذلك أننا لو أخذنا كروموسوما من الكروموسومات ، أو صبغيا من الصبغيات الموجودة في الخلية ، والتي كانت زوجا كما ذكرنا ، لو أخذنا واحدا منها ، وكبرناه آلاف المرات تحت المجهر ، لوجدنا أن هذا الصبغي يحتوي على السجلات الوراثية للإنسان ، وذلك في جينات صغيرة متراصة ، تظهر على الصبغي ، ويبلغ عددها على الصبغي الواحد عشرات الآلاف.

وبسبب هذه الجينات تختلف ألواننا ، وأصواتنا ، وأشكالنا ، وطبائعنا ، وطولنا ، ولون شعرنا أو عيوننا ، وكل ما يتعلق بأوصافنا ، (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ). (سورة الروم : آية ٢٢).

وبسبب هذه الجينات أيضا تنتقل صفات الأجداد إلى الآباء ، وصفات الآباء إلى الأبناء ، فيحمل كل جيل صفات الجيل السابق ، من اللون والشكل ، والصوت ، والطول ، والقصر ، والعنف ، والبرودة ، وغير ذلك من الصفات ، أو الأمراض ، أو الطبائع.

٢٦١

إن كل جينة من هذه الجينات بمثابة السجل السري الذي يحتفظ في داخله وبقدرة بارئه ، يحتفظ بالخطة السرية لكل ما يتعلق بالإنسان من الأوصاف ، والتي سيعبر عنها مع مرور الزمن ، ونمو المولود وتكامله.

إن هذه الجينات جاءت كما ذكر القرآن الكريم أزواجا (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).

ولكن .. لما ذا جاءت أزواجا ، ولم تأت فرادى ..؟.

إنها سنة الله القاضية بأن يأخذ الولد صفاته من كلا أبويه ، لا من أحدهما ، وبناء على ذلك لا بد أن يكون نصفها من الأب ونصفها من الأم ، فلو افترضنا جدلا أن الخلية تحتوي على أربعين ألفا من الجينات ، فمعنى هذا أن عشرين ألفا منها جاءت من الأب ، والعشرين الأخرى جاءت من الأم ، فهي تحمل عشرين ألف زوج من الجينات المشتركة ، التي تحمل صفات الأب والأم معا.

ففي بعض الحالات تتفوق الجينة من الأب في التعبير عن نفسها تعبيرا يفوق جينة الأم ، فيكون الشبه في الولد لأبيه.

وأحيانا تعبّر الجينة من الأم عن نفسها تعبيرا يفوق جينة الأب ، فيكون الشبه في هذه الحالة للأم.

وقد يكون التعبير من قبل الجينتين معا ، وفي هذه الحالة يشبه الولد أبويه معا.

وفي بعض الحالات تتنحى الجينة ، فلا تعبر عن نفسها في الجيل الأول ، إلا أنها قد تعبر عن نفسها في الجيل الثاني ، أو الثالث ، أو الرابع ، لتنتقل إليه صفات جده الأعلى.

وهذه هي التي أشار إليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقوله : «لعلها نزعة عرق» في القصة المشهورة بهذا الحديث (١).

__________________

(١) أخرجه البخاري ومسلم.

٢٦٢

وكما كان الشبه للولد بأبويه من أجل خلق هذه الجينات أزواجا ، واختلاطها في عملية الإخصاب في الخلية الأولى أزواجا من الأب والأم ، كان الاختلاف النسبي في الشبه أيضا ، فإنه من المحال أن تجد إنسانا يشبه إنسانا آخر شبها مطلقا.

وبهذا الصدد تذكر قول عالمي الخلية والوراثة «وليام ماكلروي» و «كارل سوانسن» في كتابيهما «البيولوجيا الحديثة لعلم الخلية». إذ يقولان :

إنه لو لم تختلط هذه الجينات الكامنة على الكروموسومات لما اختلف طبائع الناس هذا الاختلاف ، ولأصبحت الوجوه في صورة واحدة ، ولركدت الحياة.

ثم ضرب مثلا يوضح عظمة الخالق في مدى احتمال الشبه المطلق فقالا : لما كانت الصفات الكامنة على الجينات تختلط أزواجا في عملية الإخصاب فإن احتمالات عدد مرات الخلط بينها يزيد بزيادة عددها ، ولنفرض أن الخلية في الإنسان تحتوي على ألف جينة أو مورثة ـ وهو تقدير متواضع ، لأن العدد في الواقع أكبر من هذا بكثير ـ إننا لو افترضنا هذا لكانت النتيجة أن عدد احتمالات الاخلاط هنا سيكون حصيلة الرقم (٢) اثنين مضروبا في نفسه ألف مرة ، والحق أن الناتج لا شك سيكون أكبر من عدد الذرات الموجودة في كل الأكوان بأضعاف مضاعفة.

وبناء على ذلك فإن احتمال مجيء إنسان يشبه إنسانا آخر شبها مطلقا سيكون غير جائز إلا مرة واحدة في بلايين بلايين بلايين بلايين المرات ، وأضف ما شئت من بلايين الاحتمالات ، فالرقم أكبر مما تتصوره عقول البشر (١).

وهذا كله إذا افترضنا أن الخلية تحمل ألف جينة أو مورثة ، فكيف يكون الرقم والاحتمال لو افترضنا أنها تحمل عشرين ألفا ، أو أنها تحمل خمسين ألفا ..؟.

__________________

(١) الدكتور عبد المحسن صالح (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) حلقة ٥ الوعي الإسلامي.

٢٦٣

إنها الأرقام التي لا تحيط بها عقول البشر ، بل ولا تتصورها.

وكأن الجينات وحدها في هذا العالم تقول لنا : (لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي ، وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً).

فهل عرفت أخي القارئ السر الباطن الكامن وراء الصبغيات أو الكروموسومات وهو الجينات ...؟

وهل عرفت أنها جاءت كما أخبر الله ، واكتشف العلم ، جاءت أزواجا أزواجا ..؟.

وهل علمت السر في كونها أزواجا ، والغاية من الزوجية فيها ..؟.

إذن فردد معي قول الله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها ، مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ، وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ).

ولكن سر الزوجية أيضا لم ينته عند هذا الحد في الخلية ، وإنما تعداه إلى سر آخر من ورائه .. ألا وهو سر تكوين الجينة نفسها ..؟؟.

٢٦٤

٦ ـ الزوجية في تكوين الجينة نفسها

وراء

سر مجيئها ازواجا

لقد عرفنا كيف تجلى الزوجان في الحياة ، في الذكر والأنثى ، ثم في الحيوان المنوي والبويضة ، ثم في الحيوان المنوي ذاته ، إذ كان منه الزوجان المؤنث والمذكر ، ثم في الكروموسومات أو الصبغيات ، ثم في الجينات التي توجد على الصبغيات ، والتي تحدد صفات البشر وطبائعهم ، وتنقل في نفس الوقت صفات الأجداد إلى الآباء والأبناء ، وقد رأينا كيف أنها كانت أزواجا ، وعرفنا سر مجيئها أزواجا ، كما عرفنا الغاية التي من أجلها كانت أزواجا.

ولكن هل انتهى الموضوع عند ذلك ..؟.

إن الحقائق العلمية ، والمكتشفات المتتابعة تقول لنا : إن الأمر لم يقف عند هذا.

لقد ذكرت في بداية الكلام على الأزواج أنها من أعظم أسرار الله في الكون والحياة ، وأن الإنسان لا يكاد يضع يده على سر من أسرارها ، متوهما أنه أدرك حقيقته ، إلا وينقلب الأمر عليه ، ويصبح ما أدركه أمرا ظاهرا ، يحمل في باطنه سرا آخر ، قال الله تعالى : (وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ).

إن آخر ما وضعنا أيدينا عليه من الأزواج هو هذه الجينات ، التي تصطف على الصبغيات أزواجا أزواجا.

ولكن ما هي حقيقة هذه الجينات ..؟.

والجواب على هذا أن الجينة الواحدة أيضا قد حملت سرا من الأسرار التي

٢٦٥

أدى كشفها إلى إثبات إعجاز القرآن ، وإظهار عظمة الخالق ، إذ ثبت أنها تتكون من الأزواج أيضا.

وذلك أن كل جينة من هذه الجينات تعتبر معلومة مستقلة ، تعمل لتوريث الكائن الحي صفة محددة.

وعند ما أجرى العلماء الفحوص على هذه الجينات ، وجدوا أن الجينة الواحدة تتكون من شريط ، قد يفرد ، وقد يطوى ، فإذا أريد من الشريط أن يقوم بمهمته ، وينفذ خطته الوراثية المرسومة له ، انفرد ، واستقام ، وهو لدقته لا يكاد يرى إذ أن عرضة لا يزيد عن جزءين اثنين من مليون جزء من المليمتر.

فإذا ما انتهى من عمله ، طوى نفسه وعاد إلى ما كان عليه على الكروموسوم أو الصبغي ، كحبة أو عقدة صغيرة.

لكن هذه الجينة لم تتكون من شريط واحد ، وإنما تبين بالفحص والتدقيق أنها على هيئة شريطين اثنين ، يلتف أحدهما. على الآخر ويحتضنه كالضفائر المجدولة.

إلا أن الأمر أيضا لم ينته عند هذا ...؟ إذ كثيرا ما تأتي هذه الضفائر أيضا أزواجا .. على شكل زوجين اثنين ، ويلتف كل زوجين منها بالزوجين الآخرين .. على أنه قد تتكرر هذه العملية مرة ثالثة في زوج ثالث.

أخي القارئ .. ألا ترى أن الأمر قد فاق تصورات العقل ، وتجاوز حدود الخيال ، وكأن كل شيء في هذا الكون يقول : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها ، مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ، وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ).

إن هذه الشرائط التي تتكون منها الجينة ، والتي جاءت على شكل شريطين مجدولين ، هي التي سجلت عليها الملايين والملايين من الصفات السرية للكائن الحي ، وكأنها كلمة السر فيه ، وهي التي حيرت المفكرين والعباقرة وعلماء الحياة.

فما هو سر هذه الشرائط التي سجلت عليها الملايين والملايين من

٢٦٦

الصفات ، والتي جاءت أزواجا ، وما هي حقيقتها ، وهل هي أيضا احتوت على سر آخر من الأزواج في تركيبها ، جاء وراء ظهورها أزواجا ...؟.

الجواب : نعم ، وبكل تأكيد ، طبقا لقانون الله الأزلي : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) كما سنراه في الفقرة القادمة إن شاء الله.

٢٦٧

٧ ـ الزوجية في تركيب أشرطة الجينة

وراء

سر الزوجية

لقد عرفنا من بداية بحثنا في الأزواج إلى الآن أن النطفة والبويضة زوجان ، والنطفة ذاتها قد جاءت زوجين ، والصبغيات قد جاءت أزواجا ، والجينات أيضا قد جاءت أزواجا ، والجينة ذاتها قد جاءت على شكل أشرطة ملتفة زوجا أو أزواجا.

ولكن .. ما هي حقيقة هذه الأشرطة ، وهل تحتوي هي أيضا في تركيبها على الأزواج ...؟.

لا شك أن علماء الحياة قبل أن يكتشفوا حقيقتها ، كانوا يفترضون أنهم إن وقفوا على حقيقتها ، وكشفوا سرها ، فإنها لا بدّ أن تكون أزواجا ، على ما ذكرناه من أن خلق الأزواج قد أصبح شعارهم ، فما من شيء يضعون عليه أيديهم إلا ويجب أن يكون قد جاء زوجا زوجا.

وتابع العلماء جهودهم في البحث عن حقيقة الجينة ومكوناتها ، إلى أن جاء العالمان «جيمس واتسون» المتخصص في علم البيولوجيا ، و «فرنسيس كريك» المتخصص في علم الفيزياء الكيميائية ، وتمكنا عام ١٩٥٢ من اكتشاف حقيقة الأشرطة التي تتكون منها الجينة ، التي بينا أنها جاءت أزواجا على شكل ضفائر مجدولة ، أو سلالم حلزونية ، ذات درجات متتابعة ، بعضها فوق بعض ، والتي تحتوي على أسرار الحياة بالنسبة للكائن الحي.

وبهذا الكشف وضعا أيديهما على أعظم سر من الأسرار التي تحمل صفات هذا الكائن الحي العجيب الغريب ، المعجز المذهل.

٢٦٨

واستحقا بناء على ذلك جائزة نوبل ، كما استحقها من جاء بعدهما ، ممن تابع أبحاثهما.

لقد أثبت هذان العالمان أن هذه الأشرطة التي تحفظ أسرار الحياة والصفات الخاصة للكائن الحي ، أنها تتكون من عناصر الأرض ، وذلك لأن الإنسان خلق منها.

فأثبتنا أن هذه الأشرطة تتكون من أربعة قواعد نتروجينية وهي : «أدنين ، وجوانين ، وسايتوزين ، وثايمين».

ونحن لا نسوق هذا لنتكلم على التركيب الكيمياوي لتلك الأشرطة التي تحفظ أسرار الحياة.

ولا لنتكلم على حقيقة هذه المركبات التي تتكون منها تلك الأشرطة.

ولكنا نسوق هذا لأمر أعجب وأغرب ، يقف أمامه العقل الإنساني حائرا ذاهلا.

وذلك أن هذه المركبات لم تأت فرادى أبدا ، وإنما جاءت أزواجا ، أزواجا ، لتقول لكل من يقف على حقيقتها : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها ، مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ، وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) ولتبرهن لكل ذي عقل أن إخبار الله لن يتخلف.

فكما أننا عرفنا أن أصغر جسيمات الذرة قد جاء زوجين ، كذلك يجب علينا أن نعرف أن مركبات الكائن الحي أو الخلية قد جاءت أيضا أزواجا ، ليسير الكون على نظام واحد ، ونسق واحد ، لأن الخالق المبدع واحد : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ).

لقد ذهل العلماء حينما رأوا أن هذه المركبات قد جاءت في كل كائن حي أزواجا.

فالأدنين دائما يتزاوج مع الثائمين ، والجوانين دائما يتزاوج مع السايتوزين.

٢٦٩

ولا يمكن أبدا أن يتزاوج الآدنين مع الجوانين ، ولا الجوانين مع الثائمين ، ولا السايتوزين مع الآدنين ، ولا الآدنين مع السايتوزين.

كما لا يمكن أبدا أن تختل هذه الأزواج في أي كائن من الكائنات الحية ، وإلا كانت الكارثة الوراثية.

ولم يقف الأمر عند هذا ، بل تعداه إلى أن كل واحد من هذه القواعد الأربعة يتصل بسكر خاص اسمه «ريبوز» وهذا السكر يتصل بجزء من الفوسفات ليكون معه أيضا زوجا ، ولا يبتعد عنه ، ولا ينفصل منه.

وبعد ذلك تتكرر هذه الأزواج في جزئياتها الوراثية ملايين المرات ، وكل واحد منها يعرف مكانه من الخلية كما يعرف زوجه وطبيعته ونوعه ، فيقترب منه ، ويرتبط به.

وإذا أردت أخي القارئ أن تعرف المزيد عن هذا فاعلم أن الخلية الواحدة من جسم الإنسان تحتوي على ثمانية بلايين من هذه القواعد الأربعة ، وكلما ولدت خلية جديدة أخذت معها هذا العدد من البلايين ، إلا في الخلية الجنسية ـ كما ذكرنا سابقا ـ إذ أن الحيوان المنوي يحمل نصف هذا العدد ، أي يحمل فقط أربعة بلايين منها ، ليلتقي مع البويضة ، التي تحمل نفس العدد ، ولتتكون الخلية الأولى ، التي تحمل البلايين الثمانية ، وبعد ذلك تبدأ الأزواج من هذه القواعد الأربعة بإصدار أوامرها لتتكون الجينة.

ولا يسعنا في نهاية المطاف في عالم الأزواج في الكون والحياة ، والذي رأينا فيه من خلال مكتشفاتنا وعلومنا الحديثة ما يدل دلالة قاطعة على إعجاز القرآن في مضمار الإخبار عن أسرار الخلق في أعمق أعماقه ، مما كان من المستحيل معرفته على أهل العصر الذي نزل فيه القرآن ، ومما لم يعرفه الإنسان إلا في العصر الحديث ، بما طوره من الوسائل البصرية ، وتوصل إليه من وسائل الكشف والمعرفة ، لا يسعنا إلا أن نردد قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ).

٢٧٠

الآية التاسع عشرة

(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ، خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ

يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ)

والاعجاز فيها

قال الله تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ، خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ ، يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) (سورة الطارق : آية ٥ ـ ٧).

ما أكثر ما نقرأ هذه الآية الكريمة ، وما أكثر ما نسمعها ، ولكن ما أقل ما نعي فيها من الإعجاز القرآني الذي ينطق بأن هذا الكلام يستحيل أن يكون من كلام البشر ، وإنما هو كلام خالق الإنسان ومبدعه ، والعالم بسره وعلانيته.

ولكي نفهم هذه الحقيقة التي ربما تدق على الأفهام ، يجب علينا أن نعرف ما كان يتصوره الناس من العلماء والعامة عن ماء الرجل والمرأة ، وعن المكان الذي يتكوّن فيه ماء الرجل ، في زمن نزول القرآن ، إلى العصر الحديث ، حيث اكتشف الإنسان بوسائله البصرية والعلمية الحقيقة المذهلة التي نطقت بما جاء به القرآن قبل قرون طويلة من الزمن الذي سادت فيه المعلومات الخاطئة عن هذه الحقيقة على ما سنذكره الآن.

فمما كان الناس في الماضي يعتقدونه أن ماء الرجل يتكون في ظهره ، وأن ماء المرأة يتكون في ترائبها ، وأن الولد يتكون منهما.

فقد أخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله : (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) قال : «صلب الرجل ، وترائب المرأة ، لا يكون الولد إلا منهما».

٢٧١

وأخرج عبد بن حميد ، عن ابن أبزي ، قال : «الصلب من الرجل ، والترائب من المرأة».

وعن عكرمة رضي الله عنه ، أنه سئل عن قوله : (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) قال : صلب الرجل ، وترائب المرأة ، أما سمعت قول الشاعر :

والزعفران على ترائبها

شرفا به اللبات والنحر؟

ومما كان يعتقد أنه يخلق من ماء الرجل ، الذي يخرج من صلبه العظم والعصب ، ومن ماء المرأة الذي يخرج من ترائبها اللحم والدم ، كما روي عن الأعمش (١).

ومما كان يعتقد أن مني الرجل يخرج من بين صلبه وترائبه ، وكذلك ماء المرأة ، على معنى أن ظهر الرجل هو مستودع منيه.

واستدلوا على ذلك بأن المكثر من الجماع يجد وجعا في ظهره وصلبه ، وليس ذلك إلا لخلو صلبه عما كان محتبسا فيه من الماء (٢).

ومما كان يعتقد أن ماء الرجل ينزل من الدماغ ، ثم يجتمع في الانثيين ، قالوا : وهذا لا يعارض قوله : (مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ) لأنه إن نزل من الدماغ ، فإنما يمر من بين الصلب والترائب.

ولذلك دون فقهاؤنا رضي الله عنهم نصوصهم الفقهية بناء على هذا التصور ..

فقالوا : إن كسر صلب الإنسان ، وخرج منه المني ، هل يجب عليه الغسل ، أو لا يجب؟.

وإن انسد مخرجه الأصلي ، وانفتح ما فوق سرته ، أو تحتها من ظهره ، هل يجب عليه الغسل ، أو لا يجب؟.

__________________

(١) الدر المنثور : ٦ / ٣٣٦ ، والقرطبي : ٢٠ / ٦.

(٢) القرطبي : ٢٠ / ٧.

٢٧٢

إلى آخر ما هنالك من الفروع الفقهية الكثيرة ، التي ذكروها ، وبنوها على هذا التصور الذي كان قائما عندهم ، والذي ينص على أن الظهر مستودع ماء الرجل ، وهو نفس التصور الذي كان شائعا عند جميع أمم الأرض.

وأنا لا أذكر هذه النقول عن سلفنا ـ رضي الله عنهم ـ لأجعل من كلامهم وسيلة ومادة للهزء والسخرية ، كما يفعل بعض من لا خلاق له ، ممن حرم الأدب والخلق الإسلامي.

وإنما أذكره لأبين ما كان سائدا عندهم من التصورات عن هذا الموضوع ، ولا تثريب عليهم بعد ذلك إن أخطئوا في هذا التصور ، فهذا ما تمكنوا من الوصول إليه بما لديهم من وسائل ، وما معهم من علوم ومعارف ، والدلالة اللغوية للقرآن تحتمله ولا ترده ، وهي الأساس الأول للتفسير بعد الأحاديث والآثار ، وجزاهم الله خير الجزاء على اجتهادهم ، والمجتهد عندنا يثاب أصاب أم أخطأ.

وإنما أذكر ما أذكره لأبين حقيقة تصورهم وتصور البشر ، لمكان ماء الرجل والمرأة ، حتى إذا سمعنا من يذكر خلاف هذا ، مما يبعد عنه كل البعد ، وهو لم بعد تلك البيئة ، وليس لديه سوى تلك المعارف ، علمنا أن لا ينطق ما ينطق به إلا بناء على خبرة يقينية بحقيقة الخلق وتركيبهم ، وهذا لا يكون إلا من قبل الخالق الحكيم.

لقد نصت الآية القرآنية على أن الماء الدافق يخرج من بين الصلب والترائب.

(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ، خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ ، يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ).

إذن فالقرآن يحدد مكان الماء ، وهو في المكان الواقع بين الصلب : وهو العمود الفقري ، والترائب : وهي عظام الصدر التي تلي الترقوة ، فكيف نوفق بين هذا النص ، وبين الحقيقة اليقينية التي لا تخفى على أحد ، وهي أن ماء الرجل يتكون في الخصيتين ، كما أن بويضة المرأة تتكون في مبيضها؟.

٢٧٣

إنه الأمر الذي سنثبت فيه إعجاز القرآن.

وذلك أن العلماء أثبتوا بالصور أن الخصية والمبيض إنما يتكونان من الحدبة التناسلية ، بين صلب الجنين وترائبه ، ثم بعد ذلك تبدأ الخصية بالنزول تدريجيا حتى تصل إلى كيس الصفن خارج الجسم ، في أواخر الشهر السابع من الحمل.

وينزل المبيض إلى حوض المرأة ، ولا ينزل إلى ما وراء ذلك.

ومع هذا فإن تغذية الخصية والمبيض بالدماء ، والأعصاب ، واللمف ، تبقى من بين الصلب والترائب ، حيث أصلها.

فشريان الخصية أو المبيض ، يأتي من الشريان الأبهر ، وهو (الأورطي البطني) من بين الصلب والترائب ، كما أن وريد الخصية يصب في نفس المنطقة.

وكذلك أوردة المبيض وشريانه تصب في نفس المنطقة ، أي بين الصلب والترائب.

وكذلك نجد أن الأعصاب المغذية للخصية ، أو المبيض تأتي من المجموعة العصبية الموجودة تحت المعدة ، من بين الصلب والترائب.

وكذلك الأوعية اللمفاوية تصب في نفس المنطقة ، أي بين الصلب والترائب (١).

فما ذا يستطيع أن يقول أي عالم من علماء الطب والحياة عند ما يسمع هذه الآية الصريحة : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ، خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ ، يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ).

ما ذا تراهم يقولون عند ما يسمعون هذه الآية التي نزلت في العصر الذي لم يكن فيه أحد يعرف شيئا عن حقيقة تكون الخصية والمبيض ، مع التصورات الساذجة عن مكان ماء الرجل.

ما ذا تراهم يقولون وقد وضعوا أيديهم على الحقيقة العلمية التي جاءت موافقة مائة بالمائة لما نص عليه القرآن.

__________________

(١) خلق الإنسان بين الطب والقرآن : ص ١١٦.

٢٧٤

أتراهم يقولون : إن محمدا كان عبقريا ..؟.

وما علاقة العبقرية بأدق المكتشفات العلمية التي لا سبيل للعقل المجرد ـ مهما بلغ من الذكاء والدهاء ـ إلى إدراكها ، لأنها متوقفة على أدق الوسائل العلمية والبصرية الحديثة ..؟.

أم تراهم يقولون : إنما يعلمه بشر ، إذا لكان من الواجب أن يعلمه ما كان سائدا في عصره ...

إنهم لا سبيل لهم إلا أن يقولوا : إن هذا تعليم خالق الإنسان ، والعالم بسره وتكوينه ، ليكون كلامه المعجزة الناطقة الدالة عليه حينما يكتشف البشر حقيقتهم التي كانت خافية عليهم ، ويعرفون سرهم الذي كان غائبا عنهم.

(أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).

بلى .. آمنا بك ربنا وسلمنا ، لا عن تقليد وإكراه ، وإنما عن نظر وعلم ، من خلال آياتك ، ومعجزات كتابك.

٢٧٥

الآية المتمة العشرين

(إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ)

والاعجاز في الامشاج

لم يكن الناس في الماضي يعرفون شيئا عن حقيقة بداية خلق الإنسان وتكوينه في رحم أمه.

أما العرب فهم الأمة الأمية ، ولا علم لديهم في مثل هذه الأمور ، وأما الأمم الأخرى التي كانت توجد فيها الفلسفة والحضارة ، فقد كانت تسودها في مثل هذا الموضوع التصورات الساذجة ، والأفكار البلهاء.

فقد كانوا يعتقدون أن رحم المرأة ليس سوى محضن لذلك الجنين ، وشبهوا ذلك بالبذرة تلقى في الأرض ، ثم تنمو فيها ، والرحم كالأرض للبذرة التي هي نطفة الرجل.

ثم جاء أرسطو ، أشهر فلاسفة اليونان ، قبل الميلاد بأربعة قرون ، إلا أن الأمر لم يزدد إلا سوء ، رغم أن أرسطو أفرد علم الأجنة ببحث خاص بناه على ملاحظة لكثير من أجنة الطيور والحيوانات ، وخلاصة رأيه في الأجنة يندرج تحت نظريتين :

الأولى : أن الجنين يكون جاهزا في ماء الرجل ، فإذا دخل الرحم ، انعقد ونما كما تنمو البذرة في الأرض.

والثانية : أن الجنين يتخلق من دم الحيض ، حيث يقوم المني بعقده ، ويكون عمله كعمل الإنفحة باللبن إذ تعقده جبنا ، وليس للمني في إيجاد الولد دور قط سوى المساعدة كدور الإنفحة.

٢٧٦

وقد اختار أرسطو هذه النظرية الثانية التي لم تسلم من الهجوم والنقاش من أصحاب النظرية الأولى ومؤيديها.

وبقي هذا النقاش محتدما بين أنصار النظريتين حوالي ألفي سنة دون أن يطرأ على الموضوع أي جديد.

إلى أن اخترع المجهر ، حيث تمكن «هوك» وزميله «هام» باكتشاف الحيوان المنوي في مني الإنسان سنة ١٧٦٧.

وتمكن العالم «جراف» من اكتشاف حويصلة البويضة التي ما زالت تدعى باسمه إلى اليوم «حويصلة جراف».

إلا أن أحدا لم يتمكن من إدراك دور كل واحد من المني والبويضة في تخليق الجنين.

واستمر الأمر على ما كان عليه ، واستمر فيه النزاع والصراع الفكري مع التقدم البطيء جدا.

ففي عام ١٨٣٩ قدم «شليدن» و «شوان» نظريتهما المتعلقة بالخلية.

وفي عام ١٨٥٩ عرف العلماء أن الحيوان المنوي ليس إلا خلية حية ، وكذلك البويضة.

وفي عام ١٨٧٥ تمكن «هيرتوج» من اكتشاف تلقيح الحيوان المنوي للبويضة ، وأن الجنين يتكون منهما.

وفي عام ١٨٨٣ تمكن «باندن» من إثبات اكتشاف سابقة «هيرتوج» وأن كلا من البويضة والحيوان المنوي يساهمان بالتساوي في تكوين البويضة الملقحة ، كما أثبت «بوقري» عام ١٩٠٩ الكروموسومات وانقسامها وخصائصها.

وفي عام ١٩١٢ تمكن «مورجان» من اكتشاف الجينات وعملها.

وهكذا بقي العالم يتخبط قرونا طويلة في أمر الجنين وتكوينه ، إلى أوائل القرن العشرين. حيث تمكن العلماء من اكتشاف الخلية الأولى المتكونة من

٢٧٧

البويضة الملقحة بالحيوان المنوي ، حيث تختلط فيها الكروموسومات مكونة الخلية الأمشاج(١).

إذن فلم يكن في الزمن الذي نزل فيه القرآن على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أية أثارة من علم حول موضوع تكوين الجنين.

ولو أراد محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بل كل من في الأرض أن يتكلموا عن الموضوع ، لما تكلموا فيه إلا بمعارف أهل العصر ، على النحو الذي قدمناه.

ولكننا وجدنا القرآن ، في خضم هذا التيار العاتي من الأفكار الساذجة الخاطئة عن بداية تكوين الجنين ، وجدناه يطرح فكرة جديدة في تكوينه ، بعيدة كل البعد عن تصورات أهل العصر الذي نزل فيه ، بل تخالف معتقدات البشر إلى ما بعد نزوله بثلاثة عشر قرنا.

وجدنا القرآن يطرح معلومة جديدة حول تكوين الإنسان في الرحم ، بعيدة كل البعد عن أفكار العصر ، وخلاصتها :

ان الجنين يتكون من نطفة أمشاج ـ أي مختلطة ـ من ماء المرأة والرجل ، فقال تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ ، فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً).

والمراد بالنطفة : الجنس الشامل لماء المرأة ، وماء الرجل ، أو للبويضة والحيوان المنوي.

والأمشاج : هي الأخلاط المتكوّنة من ماء المرأة وماء الرجل ، ويصير المعنى من نطفة مختلطة من ماء المرأة وماء الرجل.

وهذا ما فهمه سلفنا رضوان الله عليهم ، لا عن علم وتجربة واكتشاف ، ولكن عن إيمان بمضمون كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهو الذي اتفق عليه المفسرون أيضا ، من القدماء والمحدثين.

__________________

(١) خلق الإنسان بين الطب والقرآن ص ١٨٣ بتصرف.

٢٧٨

فقد روي عن ابن عباس أنه قال : (مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) قال : من ماء الرجل وماء المرأة ، حيث يختلطان ، وقال : هو نزول الرجل والمرأة يمشج بعضه ببعض.

وروي عن الحسن البصري أنه قال في الآية : مشج ماء الرجل بماء المرأة ، فصار خلقا.

وروي عن الربيع بن أنس أنه قال : إذا اجتمع ماء الرجل وماء المرأة ، فهو أمشاج.

وقال الإمام الطبري في تفسيره للآية : إنا خلقنا ذرية آدم من نطفة ، يعني : ماء الرجل وماء المرأة ، وقوله : (أَمْشاجٍ) يعني : أخلاط ، وأحدها مشج ومشيج ، يقال منه : إذا مشجت هذا بهذا خلطته ، وهو مشوج به ، ومشيج : أي مخلوط ، ثم قال : وهو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة.

وهذا الذي قاله ابن عباس ، والحسن ، والربيع ، والطبري ، هو ما قاله جميع المفسرين مما فهموه من الآية ..

فما ذا يا ترى يقول علماء الأجنة في القرن العشرين ، وقد أرهقهم البحث عن حقيقة بداية تكوين الجنين ما يزيد عن ألفي عام حتى وصلوا إلى هذا الذي أخبر عنه القرآن قبل أربعة عشر قرنا ، وكان موافقا تماما لما اكتشفوه ...؟!.

ما ذا تراهم يقولون وهم يعلمون أن زمن نزول القرآن لم يكن أحد من أهل الأرض يعلم أية حقيقة علمية عن بداية تكوين الجنين ، وأن ما كان يعلمه البشر ، كانت معلومة ساذجة خاطئة؟!

ما ذا تراهم يقولون حينما يجدون أن نهاية مطافهم هي كشفهم للحقيقة القائلة بأن بداية خلق الجنين هي الخلية الأولى المتكونة من اختلاط الحيوان المنوي بالبويضة لتتكون الخلية الأولى الممشوجة منهما ، وهو عين ما أخبر عنه القرآن تماما ، في قوله تعالى : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ).

٢٧٩

إنه لا يسع أحدا من أهل الأرض ممن يعرف هذه الحقيقة إلا أن يقول : آمنا بك ربنا ، وسلمنا أن هذا الكلام لم يكن ليخرج إلا منك ، لأنه إخبار عن أمر يستحيل أن يعرفه في ذلك الزمان إلا أنت ...

٢٨٠