تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ١٨

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

٣٣ ـ أحمد بن عيسى بن زيد بن عليّ بن الشّهيد الحسين الحسينيّ (١).

سيّد العلويّة وشيخهم. حبسه الرشيد عند الفضل بن الربيع مدة ، فهرب وتنقّل واختفى دهرا طويلا ، وكبر وضعف بصره.

مات بالبصرة سنة سبع وأربعين في رمضان.

٣٤ ـ أحمد بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن الإمام عليّ بن أبي طالب (٢).

أبو طاهر العلويّ المدنيّ.

عن : أبيه ، وابن أبي فديك.

وعنه : محمد بن منصور بن يزيد الكوفيّ ، وأبو يونس المدينيّ ، وغيرهما.

ذكره ابن أبي حاتم ، وأبو أحمد الحاكم ، ولم يضعّفاه.

له غرائب.

٣٥ ـ الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيّان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل (٣).

__________________

(١) انظر عن (أحمد بن عيسى الحسيني) في :

تاريخ الطبري ٨ / ٢٧٥ و ٩ / ٤١٢ ، ٤٨٧ ، ٤٨٨ ، ومقاتل الطالبيين ٣٩٩ ، وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٧٢ رقم ١٨ ، والوافي بالوفيات ٧ / ٢٧١ ، ٢٧٢ رقم ٣٢٤٣.

(٢) انظر عن (أحمد بن عيسى العلويّ) في :

الجرح والتعديل ٢ / ٦٥ رقم ١١١ ، ومقاتل الطالبيين ٧١٥ ، وميزان الاعتدال ١ / ١٢٦ ، ١٢٧ ، وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٧١ ، ٧٢ رقم ١٧.

(٣) انظر عن (الإمام أحمد بن حنبل) في :

الطبقات الكبرى لابن سعد ٧ / ٣٥٤ ، والتاريخ لابن معين برواية الدوري ٢ / ١٩ ، ٢٠ ، ومعرفة الرجال برواية ابن محرز ٢ / رقم ٤٤٥ ، والتاريخ الكبير للبخاريّ ٢ / ٥ رقم ١٥٠٥ ، والتاريخ الصغير ، له ٢٣٤ ، والكنى والأسماء لمسلم ، ورقة ٦٥ ، والمراسيل لأبي داود (في مواضع كثيرة) ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٧٢ ، والمعرفة والتاريخ للفسوي (انظر فهرس الأعلام) ٣ / ٤٣٦ ، وتاريخ أبي زرعة الدمشقيّ ١ / ٤٤٣ ، ٤٤٤ ، ٤٦٦ ، ٤٨٣ ، ٥٥٣ ، ٥٥٦ ، ٥٥٩ ، ٥٦٠ ، ٥٧٠ ، ٦١٥ ، ٦١٧ ، ٦١٨ ، ٦٢١ ، ٦٤٩ ، ٦٥١ ، ٦٥٦ ، ٦٦٢ ، ٦٧٦ ، ٦٧٧ ، و ٧١٦ ، ٧١٨ ، وأخبار القضاة لوكيع ١ / ٤٥ ، ١٠٨ ، ١٠٩ ، ١١٦ ، ٢٩٧ ، ٣٢٦ ، ٣٣٣ ، ٣٧١ ، ٣٧٣ و ٢ / ٧ ، ١٦١ ، ١٨٩ ، ١٩٥ ، ٢١٢ ، ٢١٣ ، ٢١٥ ، ٢٢٤ ، ٢٧٤ ، ٢٧٦ ، ٢٧٩ ، ٢٨٣ ، ٢٨٧ ، ٢٨٩ ، =

٦١

__________________

= ٣٠٠ ، ٣٠٧ ، ٣٠٩ ، ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٣١٦ ، ٣٢٦ ، ٣٨٠ ، ٤٠٨ ، ٤٢٣ ، ٤٢٧ و ٣ / انظر فهرس الأعلام ٤٨٢ ، وتاريخ الطبري ٢ / ٢٩٢ ، ٣٨٤ ، ٣٩٠ و ٨ / ٦٣٧ ، ٦٤٤ ، والكنى والأسماء للدولابي ٢ / ٥٣ ، وتاريخ الثقات للعجلي ٤٩ رقم ٩ ، وتقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل ١ / ٢٩٢ ـ ٣١٣ ، والجرح والتعديل ٢ / ٦٨ رقم ١٢٦ ، والثقات لابن حبّان ٨ / ١٨ ، ١٩ ، ومروج الذهب ٢٧٩٧ ، ٢٩١٤ ، ٢٩١٦ ، ٣٣٨٤ ، ورجال الطوسي ٣٦٧ رقم ٧ ، ورجال صحيح البخاري للكلاباذي ١ / ٤٢ ، ٤٣ رقم ٢٥ ، ومن حديث خيثمة الأطرابلسي (بتحقيقنا) ٦٦ ، ٦٧ ، ٩٨ ، ١٠٧ ، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه ١ / ٣٠ ، ٣١ رقم ١ ، وتاريخ بغداد ٤ / ٤١٢ ـ ٤٢٥ رقم ٢٣١٧ ، وجمهرة أنساب العرب ٣٠٠ ، وموضح أوهام الجمع والتفريق ١ / ٤٣٢ ، والسابق واللاحق ٥٣ رقم ١ ، وتاريخ جرجان للسهمي ٧١ ، ٨٣ ، ١١١ ، ١١٥ ، ١٤١ ، ١٤٧ ، ١٦٠ ، ٢٠٣ ، ٣٧٦ ، ٣٨٩ ، ٣٩٢ ، ٤٠٥ ، ٤٧٦ ، ٥٣٦ ، ٥٥٤ ، ٥٥٦ ، ٥٥٨ ، وطبقات الفقهاء للشيرازي ٩ ، ١٣ ، ٦٧ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٨٢ ، ٨٤ ، ٨٥ ، ٩١ ، ٩٢ ، ٩٤ ، ٩٧ ، ١٠٠ ، ١٤٧ ، ١٦٩ ـ ١٧١ ، والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني ١ / ٥ رقم ١ ، والبدء والتاريخ للمقدسي ٦ / ١٢١ ، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني ١٢ ، ١٠٥ ، ١١٨ ، والعيون والحدائق ١ / ٣٦٠ ، ٣٧٧ ، ٣٨٤ ، ٤٦٥ ، وتاريخ حلب للعظيميّ ٢٢٩ ، ٢٤٩ ، ٢٥٧ ، والجليس الصالح للجريري ٢٧١ ، وتاريخ دمشق ٧ / ٢١٨ ـ ٢٩٦ رقم ١٣٦ ، والمعجم المشتمل لابن عساكر ٥٨ رقم ٧٨ ، والفرج بعد الشدّة للتنوخي ١ / ١٢٠ ، ونشوار المحاضرة ، له ٧ / ٦٠ ، ٦١ ، ٦٣ ، وذم الهوى لابن الجوزي ١٦٥ ، وأدب القاضي للماوردي (انظر فهرس الأعلام) ٢ / ٤٦٨ ، ٤٦٩ ، والإرشاد للخليلي (طبعة ستنسل) ١ / ١٥ ، والإشارات إلى معرفة الزيارات للهروي ٧٤ ، والحمقى والمغفّلين ٦٥ ، وطبقات الحنابلة ١ / ٤ ـ ٢٠ رقم ١ ، وحلية الأولياء ٩ / ١٦١ ـ ٢٣٢ ، والكامل في التاريخ ٧ / ٨٠ وانظر فهرس الأعلام ١٣ / ١٣ ، ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ، ووفيات الأعيان ١ / ٦٣ ـ ٦٥ وانظر فهرس الأعلام ٧ / ٥٦ ، والروض المعطار للحميري ١٩٣ ، والإقتراح في بيان الاصطلاح لابن دقيق العيد ٨ ، ٩٧ ، ١١١ ، ٣٩٢ ، والزهد الكبير للبيهقي رقم ٧٣ و ٧٢٥ و ٨٩٧ ، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي ١٩٥ ، وملء الغيبة للفهري ٢ / ٢٦٩ ، ٢٨٩ ، ٣٥٠ ، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي ٢ / ٢٧ ـ ٣٧ ، وتهذيب الكمال ١ / ٤٣٧ ـ ٤٧٠ رقم ٩٦ ، والكاشف ١ / ٢٦ رقم ٧٧ ، والمعين في طبقات المحدّثين ٨٢ رقم ٨٨٧ ، ودول الإسلام ١ / ١٤٦ ، وسير أعلام النبلاء ١١ / ١٧٧ ـ ٣٥٨ رقم ٧٨ ، والعبر ١ / ٤٣٥ ، وتذكرة الحفاظ ٢ / ٤٣١ ، والفهرست لابن النديم ٢٨٥ ، وتهذيب الأسماء واللغات ١ / ١١٠ ـ ١١٢ ، والوافي بالوفيات ٦ / ٣٦٣ ـ ٣٦٩ رقم ٢٨٦٨ ، ومرآة الجنان ٢ / ١٣٢ ـ ١٣٤ ، والبداية والنهاية ١٠ / ٣٢٥ ـ ٣٤٣ ، وغاية النهاية ١ / ١١٢ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٣٩ ، وتاريخ ابن الوردي ١ / ٢٢٦ ، وآثار البلاد وأخبار العباد ٣١٨ ، ٣١٩ ، ٣٢١ ، ٣٢٢ ، ٤٤٥ ، ٥١١ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٣٧٨ ، والنجوم الزاهرة ٢ / ٣٠٤ ـ ٣٠٦ ، وطبقات الحفاظ ١٨٦ ، وتهذيب التهذيب ١ / ٧٢ ـ ٧٦ رقم ١٢٦ ، وتقريب التهذيب ١ / ٢٤ رقم ١١٠ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ١١ ، ١٢ ، وطبقات المفسّرين للداوديّ ١ / ٧٠ ، وشذرات الذهب ٢ / ٩٦ ـ ٩٨ ، والكشكول ٢١٩ ، والرسالة المستطرفة ١٨ ، ومعجم المؤلّفين ٢ / ٩٦ ، والوفيات لابن قنفذ ١٨٩ رقم ٢٤١ ، ومشارع الأشواق للدمياطي (انظر فهرس الأعلام) ٢ / ١١٤٢ ، وآثار الأول في ترتيب الدول للعباسي ٢٤٩.

٦٢

الإمام أبو عبد الله الشّيبانيّ. هكذا نسبه ولده عبد الله وأعتمده أبو بكر الخطيب (١) ، وغيره.

وقال ابن أبي حاتم : ثنا صالح بن أحمد قال : وجدت في كتاب أبي نسبه ، فساقه إلى مازن ، ثم قال : ابن هذيل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة.

قلت : قال فيه هذيل بن شيبان كما ترى ، وهو غلط.

وقال البغويّ : نا صالح بن أحمد فقال فيه : ذهل ، بدل : هذيل.

وكذا نقل إبراهيم بن إسحاق الغسيل ، عن صالح. فدلّ على أنّ الوهم من ابن أبي حاتم.

وأما قول عبّاس الدّوريّ ، وأبي بكر بن أبي داود أنّ الإمام أحمد كان من بني ذهل بن شيبان ، فغلّطهما الخطيب وقال : إنّما كان من بني شيبان بن ذهل بن ثعلبة (٢).

قال : وذهل بن ثعلبة هو عمّ ذهل بن شيبان بن ثعلبة. فينبغي أن يقال فيه :

أحمد بن حنبل الذهليّ على الإطلاق.

وقد نسبه البخاريّ (٣) إليهما معا فقال : الشّيبانيّ الذّهليّ.

وأمّا «ابن ماكولا» مع بصره بالأنساب فوهم ، وقال في سياق نسبه (٤) :

مازن بن ذهل بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة. ولم يتابع عليه.

وقال صالح بن أحمد : قال لي أبي : ولدت في ربيع الأوّل سنة أربع وستّين ومائة (٥).

قال صالح : وجيء بأبي حمل من مرو ، فتوفّي أبوه محمد شابّا ابن ثلاثين

__________________

(١) في تاريخ بغداد ٤ / ٤١٢ و ٤١٣.

(٢) تاريخ بغداد ٤ / ٤١٣.

(٣) في تاريخه الكبير ٢ / ٥.

(٤) في : الإكمال ٢ / ٥٦٢ ، ٥٦٣.

(٥) تاريخ بغداد ٤ / ٤١٥.

٦٣

سنة ، فوليت أبي أمّه (١).

قال أبي : وكانت قد ثقبت أذني ، فكانت أمّي تصيّر فيهما لؤلؤتين. فلمّا ترعرعت نزعتهما ، فكانتا عندها ، فدفعتهما إليّ ، فبعتهما بنحو من ثلاثين درهما (٢).

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، وأحمد بن أبي خيثمة إنّه ولد في ربيع الآخر.

وقال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : طلبت الحديث سنة تسع وسبعين ، وجاءنا رجل وأنا في مجلس هشيم فقال : مات حمّاد بن زيد (٣).

فمن شيوخه : هشيم ، وسفيان بن عيينة ، وإبراهيم بن سعد ، وجرير بن عبد الحميد ، ويحيى القطّان ، والوليد بن مسلم ، وإسماعيل بن عليّة ، وعليّ بن هاشم بن البريد ، ومعتمر بن سليمان ، وعمّار بن محمد ابن أخت الثّوريّ ، ويحيى بن سليم الطّائفيّ ، وغندر ، وبشر بن المفضّل ، وزياد البكّائيّ ، وأبو بكر بن عيّاش ، وأبو خالد الأحمر ، وعبّاد بن عبّاد المهلّبيّ ، وعبّاد بن العوّام ، وعبد العزيز بن عبد الصّمد العمّيّ ، وعمر بن عبيد الطّنافسيّ ، والمطّلب بن زياد ، ويحيى بن أبي زائدة ، والقاضي أبو يوسف ، ووكيع ، وابن نمير ، وعبد الرحمن بن مهديّ ، ويزيد بن هارون ، وعبد الرّزّاق ، والشّافعيّ ، وخلق كثير.

وممّن روى عنه : خ. م. د. ، ومن بقي بواسطة ، وخ. د. أيضا بواسطة ، وابناه صالح ، وعبد الله ، وشيوخه : عبد الرّزّاق ، والحسن بن موسى الأشيب ، والشّافعيّ لكنّه قال : الثقة (٤). ولم يسمّه.

وأقرانه : عليّ بن المدينيّ ، ويحيى بن معين ، ودحيم الشّاميّ ، وأحمد بن أبي الحواري ، وأحمد بن صالح المصريّ.

__________________

(١) تاريخ بغداد ٤ / ٤١٥ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٢٢.

(٢) حلية الأولياء ٩ / ١٦٣.

(٣) تاريخ دمشق ٧ / ٢٢٨.

(٤) تاريخ دمشق ٧ / ٢٥٦.

٦٤

ومن القدماء : محمد بن يحيى الذّهليّ ، وأبوا زرعة ، وعبّاس الدّوريّ ، وأبو حاتم ، وبقيّ بن مخلد ، وإبراهيم الحربيّ ، وأبو بكر الأثرم ، وأبو بكر المروزيّ ، وحرب الكرمانيّ ، وموسى بن هارون ، ومطيّن ، وخلق آخرهم أبو القاسم البغويّ.

وقال أبو جعفر بن ذريح العكبريّ : طلبت أحمد بن حنبل لأسأله عن مسألة ، فسلّمت عليه ، وكان شيخا مخضوبا ، طوالا ، أسمر شديد السّمرة (١).

وقال الخطيب (٢) : ولد أبو عبد الله ببغداد ونشأ بها ، وطلب العلم بها ، ثمّ رحل إلى الكوفة ، والبصرة ، ومكّة ، والمدينة ، واليمن ، والشّام ، والجزيرة.

وقال أحمد : مات هشيم سنة ثلاث وثمانين ، وخرجت إلى الكوفة في تلك الأيّام ، ودخلت البصرة سنة ستّ وثمانين. ثمّ دخلتها سنة تسعين ، وسمعت من عليّ بن هاشم سنة تسع وسبعين. ثمّ عدت إليه المجلس الآخر وقد مات. وهي السّنة الّتي مات فيها مالك (٣).

وقال : قدمنا مكّة سنة سبع وثمانين ، وقد مات الفضيل ، وفي سنة إحدى وتسعين ، وفي سنة ستّ. وأقمت بمكّة سنة سبع ، وخرجنا سنة ثمان. وأقمت سنة تسع وتسعين عند عبد الرّزّاق ، وحججت خمس حجج ، منها ثلاث راجلا. وأنفقت في إحدى هذه الحجج ثلاثين درهما (٤). ولو كان عندي خمسون درهما لخرجت إلى جرير بن عبد الحميد (٥).

وقال : رأيت ابن وهب بمكّة ، ولم أكتب عنه.

وقال محمد بن حاتم : ولي جدّ الإمام أحمد حنبل بن هلال : سرخس ، وكان من أبناء الدّعوة. فحدّثت أنّه ضربه المسيّب بن زهير الضّبيّ ببخارى ، لكونه شغّب الجند (٦).

__________________

(١) تاريخ دمشق ٧ / ٢٢٥.

(٢) في تاريخ بغداد ٤ / ٤١٢.

(٣) تاريخ بغداد ٤ / ٤١٦ وانظر : حلية الأولياء ٩ / ١٦٢.

(٤) تقدمة المعرفة ٣٠٤.

(٥) تاريخ دمشق ٧ / ٢٢٩ ، ٢٣٠.

(٦) تاريخ بغداد ٤ / ٤١٥ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٢٤.

٦٥

وعن عبّاس النّحويّ قال : رأيت أحمد بن حنبل حسن الوجه ، ربعه ، يخضب بالحنّاء خضابا ليس بالقاني. وفي لحيته شعرات سود. ورأيت ثيابه غلاظا ، إلّا أنّها بيض. ورأيته معتمّا وعليه إزار (١).

وقال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : ذهبت لأسمع من ابن المبارك فلم أدركه. وكان قد قدم فخرج إلى الثّغر ، فلم أسمع منه ولا رأيته.

وقال عارم أبو النّعمان : وضع أحمد عندي نفقته ، فكان يجيء فيأخذ منها حاجته ، فقلت له يوما : يا أبا عبد الله بلغني أنّك من العرب.

فقال : يا أبا النّعمان نحن قوم مساكين.

فلم يزل يدافعني حتّى خرج ولم يقل لي شيئا (٢).

وقال صالح : عزم أبي على الخروج إلى مكّة. ورافق يحيى بن معين ، فقال أبي : نحجّ ونمضي إلى صنعاء إلى عبد الرّزّاق.

قال : فمضينا حتّى دخلنا مكّة ، فإذا عبد الرّزّاق في الطوّاف ، وكان يحيى يعرفه ، فطفنا ، ثمّ جئنا إلى عبد الرّزّاق ، فسلّم عليه يحيى وقال : هذا أخوك أحمد بن حنبل.

فقال : حيّاه الله ، إنّه ليبلغني عنه كلام (٣) أسرّ به. ثبّته الله على ذلك.

ثمّ قام لينصرف ، فقال يحيى : ألا نأخذ عليه الموعد.

فأبى أحمد وقال : لم أغيّر النيّة في رحلتي إليه. أو كما قال.

ثمّ سافر إلى اليمن لأجله ، وسمع منه الكتب ، وأكثر عنه (٤).

__________________

(١) تاريخ بغداد ٤ / ٤١٦ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٢٥.

(٢) تاريخ دمشق ٧ / ٢٢٢ ، ٢٢٣.

(٣) في المخطوط : «كلاما».

(٤) تاريخ دمشق ٧ / ٢٣٠ ، ٢٣١.

٦٦

فصل

 في إقباله على العلم واشتغاله وحفظه

قال الخلّال : أنا المرّوذيّ أنّ أبا عبد الله قال له : ما تزوّجت إلّا بعد الأربعين.

وعن أحمد الدّورقيّ ، عن أبي عبد الله قال : نحن كتبنا الحديث من ستّة وجوه وسبعة وجوه ، لم نضبطه ، فكيف يضبطه من كتبه من وجه واحد.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبا زرعة يقول : كان أبوك يحفظ ألف ألف حديث.

فقيل له : وما يدريك؟

قال : ذاكرته فأخذت عليه الأبواب (١).

وقال جنيد : سمعت أبا عبد الله يقول : حفظت كلّ شيء سمعته من هشيم ، وهشيم حيّ (٢).

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم (٣) : قال سعيد بن عمرو البردعيّ : يا أبا زرعة ، أنت أحفظ أمّ أحمد بن حنبل؟

فقال : بل أحمد.

قلت : وكيف علمت؟

قال : وجدت كتبه ليس في أوائل الأجزاء ترجمة أسماء المحدّثين الّذين سمع منهم. فكان يحفظ كلّ جزء ممّن سمعه ، وأنا لا أقدر على هذا.

وعن أبي زرعة قال : حزر كتب أحمد يوم مات ، فبلغت اثني عشر حملا وعدلا ، ما كان على ظهر كتاب منها : حديث فلان ، ولا : ثنا فلان.

وكلّ ذلك كان يحفظه عن ظهر قلبه.

__________________

(١) تاريخ بغداد ٤ / ٤١٩ ، ٤٢٠.

(٢) انظر : تقدمة المعرفة ٥٩٥.

(٣) في تقدمة المعرفة ٢٩٦.

٦٧

وقال الحسن بن منبّه : سمعت أبا زرعة قال : أخرج إليّ أبو عبد الله أجزاء كلّها : سفيان ، سفيان ، ليس على حديث منها : ثنا فلان. فظننتها عن رجل واحد ، فانتخبت منها. فلمّا قرأ عليّ جعل يقول : ثنا وكيع ، ويحيى ، وثنا فلان. فعجبت من ذلك ، وجهدت أن أقدر على شيء من هذا ، فلم أقدر.

قال المرّوذيّ : سمعت أبا عبد الله يقول : كنت أذاكر وكيعا بحديث الثّوريّ ، وكان إذا صلّى العشاء الآخرة خرج من المسجد إلى منزله. فكنت أذاكره ، فربّما ذكر تسعة عشرة أحاديث ، فأحفظها. فإذا دخل قال لي أصحاب الحديث : امل علينا. فأملها عليهم.

وقال الخلّال : ثنا أبو إسماعيل التّرمذيّ : سمعت قتيبة بن سعيد يقول : كان وكيع إذا كانت العتمة ينصرف معه أحمد بن حنبل ، فيقف على الباب فيذاكره. فأخذ وكيع ليلة بعضادتي الباب ثمّ قال : يا أبا عبد الله ، أريد أن ألقي عليك حديث سفيان.

قال : هات.

قال : تحفظ عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل كذا؟

قال : نعم. ثنا يحيى.

فيقول : سلمة كذا وكذا ، فيقول : ثنا عبد الرحمن. فيقول : وعن سلمة كذا وكذا. فيقول : أنت حدّثتنا. حتّى يفرغ من سلمة ، فيقول أحمد : فتحفظ عن سلمة كذا وكذا؟ فيقول وكيع : لا. ثمّ يأخذ في حديث شيخ ، شيخ.

فلم يزل قائما حتّى جاءت الجارية فقالت : قد طلع الكوكب. أو قالت الزّهرة. وقال عبد الله : قال لي أبي : خذ أيّ كتاب شئت من كتب وكيع. فإن شئت أن تسألني عن الكلام حتّى أخبرك بالإسناد ، وإن شئت بالإسناد ، حتّى أخبرك عن الكلام.

وقال الخلّال : سمعت أبا القاسم بن الختّليّ ـ وكفاك به ـ يقول : أكثر النّاس يظنّون أنّ أحمد إذا سئل كان علم الدّنيا بين عينيه.

وقال إبراهيم الحربيّ : رأيت أحمد كأنّ الله جمع له علم الأوّلين والآخرين.

٦٨

وعن أحمد بن سعيد الرّازيّ قال : ما رأيت أسود الرأس أحفظ لحديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا أعلم بفقهه ومعانيه من أحمد بن حنبل (١).

وقال ابن أبي حاتم (٢) : ثنا أحمد بن سلمة : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : كنت أجالس بالعراق أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وأصحابنا. وكنّا نتذاكر الحديث من طريقين وثلاثة. فيقول يحيى من بينهم : وطريق كذا.

فأقول : أليس قد صحّ هذا بإجماع منّا؟ فيقولون : نعم.

فأقول : ما تفسيره؟ ما فقهه؟

فيقفون كلّهم ، إلّا أحمد بن حنبل (٣).

وقال الخلّال : كان أحمد قد كتب كتب الرّأي وحفظها ، ثمّ لم يلتفت إليها.

وقال أحمد بن سنان : ما رأيت يزيد بن هارون لأحد أشدّ تعظيما منه لأحمد بن حنبل. ولا رأيته أكرم أحدا مثله. وكان يقعده إلى جنبه ويوقّره ولا يمازحه (٤).

وقال عبد الرّزّاق : ما رأيت أفقه من أحمد بن حنبل ولا أورع (٥).

وقال إبراهيم بن شماس : سمعت وكيعا يقول : ما قدم الكوفة مثل ذاك الفتى ـ يعني أحمد ـ ، وسمعت حفص بن غياث يقول ذلك (٦).

وعن : عبد الرحمن بن مهديّ قال : ما نظرت إلى أحمد بن حنبل إلّا تذكّرت به سفيان الثّوريّ (٧).

وقال القواريريّ : قال لي يحيى القطّان : ما قدم عليّ مثل أحمد بن حنبل ،

__________________

(١) تقدمة المعرفة ٢٩٤ ، تاريخ بغداد ٤ / ٤١٩ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٥١.

(٢) في : تقدمة المعرفة ٢٩٣.

(٣) تاريخ بغداد ٤ / ٤١٩ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٥٥ وفيه : «فيبقون كلهم».

(٤) تقدمة المعرفة ٢٩٧.

(٥) تاريخ دمشق ٧ / ٢٣٣.

(٦) تاريخ دمشق ٧ / ٢٣١.

(٧) حلية الأولياء ٩ / ١٦٩ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٣٣ و ٢٤٥ و ٢٤٦.

٦٩

ويحيى بن معين (١).

وقال أبو اليمان : كنت أشبّه أحمد بن حنبل بأرطأة بن المنذر (٢).

وقال الهيثم بن جميل : إن عاش هذا الفتى سيكون حجّة زمانه (٣) ، يعني أحمد.

وقال قتيبة : خير أهل زماننا ابن المبارك ، ثمّ هذا الشّابّ ، يعني أحمد بن حنبل.

وقال أبو داود : سمعت قتيبة يقول : إذا رأيت الرجل يحبّ أحمد فأعلم أنّه صاحب سنّة (٤).

وقال عبد الله بن أحمد بن شبّويه ، عن قتيبة : لو أدرك أحمد عصر الثّوريّ ، والأوزاعيّ ، ومالك ، واللّيث ، لكان هو المقدّم.

فقلت : لقتيبة : تضمّ أحمد إلى التّابعين؟

فقال : إلى كبار التّابعين (٥).

وسمعت قتيبة يقول : لو لا الثّوريّ لمات الورع ، ولو لا أحمد بن حنبل لأحدثوا في الدّين (٦).

وقال أحمد بن سلمة : سمعت قتيبة يقول : أحمد بن حنبل إمام الدّنيا (٧).

وقال العبّاس بن الوليد البيروتيّ : ثنا الحارث بن عبّاس قال : قلت لأبي مسهر : هل تعرف أحدا يحفظ على هذه الأمّة أمر دينها؟

قال : لا أعلمه إلّا شابّ في ناحية الشّرق ، يعني أحمد بن حنبل (٨).

وقال المزنيّ : قال لي الشّافعيّ : رأيت ببغداد شابا إذا قال : حدّثنا ، قال

__________________

(١) حلية الأولياء ٩ / ١٦٥.

(٢) تقدمة المعرفة ٢٩٧.

(٣) تقدمة المعرفة ٢٩٥ ، حلية الأولياء ٩ / ١٦٧.

(٤) تقدمة المعرفة ٣٠٨.

(٥) تقدمة المعرفة ٢٩٣ ، الجرح والتعديل ٢ / ٦٩ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٣٨.

(٦) تاريخ بغداد ٤ / ٤١٧.

(٧) تقدمة المعرفة ٢٩٥ ، الجرح والتعديل ٢ / ٦٩ ، تاريخ بغداد ٤ / ٤١٧ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٣٩.

(٨) تقدمة المعرفة ٢٩٢ ، الجرح والتعديل ٢ / ٦٨ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٤٥.

٧٠

النّاس كلّهم : صدق.

قلت : من هو؟

قال : أحمد بن حنبل.

وقال حرملة : سمعت الشّافعيّ يقول : خرجت من بغداد ، فما خلّفت بها رجلا أفضل ولا أعلم ولا أفقه ولا أتقى من أحمد بن حنبل (١).

وقال الزّعفرانيّ : قال لي الشّافعيّ : ما رأيت أعقل من أحمد بن حنبل ، وسليمان بن داود الهاشميّ (٢).

وقال محمد بن إسحاق بن راهويه : سمعت أبي يقول : قال لي أحمد بن حنبل : تعال حتّى أريك رجلا لم تر مثله. فذهب بي إلى الشّافعيّ.

قال أبي : وما رأى الشّافعيّ مثل أحمد بن حنبل. ولو لا أحمد وبذل نفسه لما بذلها له لذهب الإسلام (٣).

وعن إسحاق قال : أحمد حجّة بين الله وبين خلقه (٤).

وقال محمد بن عبدويه : سمعت عليّ بن المدينيّ وذكر أحمد بن حنبل فقال : هو أفضل عندي من سعيد بن جبير في زمانه. لأنّ سعيدا كان له نظراء ، وإنّ هذا ليس له نظير. أو كما قال.

وقال عليّ بن المدينيّ : إنّ الله أعزّ هذا الدّين بأبي بكر الصّدّيق يوم الرّدّة ، وبأحمد بن حنبل يوم المحنة (٥).

وقال أبو عبيد : انتهى العلم إلى أربعة : أحمد بن حنبل وهو أفقههم ، وذكر الحكاية.

وقال محمد بن نصر الفرّاء : سمعت أبا عبيد يقول : أحمد بن حنبل إمامنا ،

__________________

(١) تاريخ دمشق ٧ / ٢٣٥.

(٢) تقدمة المعرفة ٢٩٦ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٣٤ ، ٢٣٥.

(٣) حلية الأولياء ٩ / ١٧١ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٤٠.

(٤) تاريخ بغداد ٤ / ٤١٧ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٤٠.

(٥) تاريخ بغداد ٤ / ٤١٨ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٤٠.

٧١

إنّي لأتزيّن بذكره (١).

وقال أبو بكر الأثرم ، عن أبي عبيد : ما رأيت رجلا أعلم بالسّنّة من أحمد.

وقال أحمد بن الحسن التّرمذيّ : سمعت الحسن بن الربيع يقول : ما شبّهت أحمد بن حنبل إلّا بابن المبارك في سمته وهيئته (٢).

وقال الطّبرانيّ : ثنا محمد بن الحسين الأنماطيّ قال : كنّا في مجلس فيه يحيى بن معين ، وأبو خيثمة ، وجماعة ، فجعلوا يثنون على أحمد بن حنبل فقال رجل : لا تكثروا بعض هذا.

فقال يحيى بن معين : وكثرة الثّناء على أحمد تستنكر (٣)؟ لو جلسنا مجالسنا بالثّناء عليه ما ذكرنا فضائله بكمالها (٤).

وقال عبّاس ، عن ابن معين : ما رأيت مثل أحمد.

وقال أبو جعفر النّفيليّ : كان أحمد من أعلام الدّين (٥).

وقال المرّوذيّ : حضرت أبا ثور سئل عن مسألة فقال : قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل شيخنا وإمامنا فيها كذا وكذا.

وقال إبراهيم الحربيّ : قال ابن معين : ما رأيت أحدا يحدّث لله إلّا ثلاثة : يعلى بن عبيد ، والقعنبيّ ، وأحمد بن حنبل.

وقال عبّاس الدّوريّ : سمعت ابن معين يقول : أرادوا أن أكون مثل أحمد ، والله لا أكون مثله أبدا.

وقال أبو خيثمة : ما رأيت مثل أحمد بن حنبل ، ولا أشدّ قلبا منه.

وقال عليّ بن خشرم : سمعت بشر بن الحارث ، وسئل عن أحمد بن حنبل فقال : أنا أسأل عن أحمد؟ إنّ أحمد أدخل الكير فخرج ذهبا أحمر (٦).

__________________

(١) تقدمة المعرفة ٢٩٨.

(٢) تاريخ دمشق ٧ / ٢٣٧.

(٣) في الحلية : «يستكثر» ، وفي تاريخ بغداد : «يستنكر» ، وفي تاريخ دمشق : «تستكثر».

(٤) حلية الأولياء ٩ / ١٦٩ ، ١٧٠ ، تاريخ بغداد ٤ / ٤٢١ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٤٢.

(٥) تقدمة المعرفة ٢٩٥.

(٦) حلية الأولياء ٩ / ١٧٠ وفيه : «فخرج ذهبة حمراء» ، وتاريخ دمشق ٧ / ٢٤٨ وفيه : «فخرج ذهبه

٧٢

رواها جماعة ، عن ابن خشرم.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : قال أصحاب بشر بن الحارث حين ضرب أحمد في المحنة : يا أبا نصر لو أنّك خرجت ، فقلت : إنّي على قول أحمد بن حنبل.

فقال بشر : أتريدون أن أقوم مقام الأنبياء؟ (١).

رويت من وجهين عن بشر ، وزاد أحدهما : قال بشر : حفظ الله أحمد من بين يديه ومن خلفه (٢).

وقال القاسم بن محمد الصّايغ : سمعت المرّوذيّ يقول : دخلت على ذي النّون السّجن ونحن بالعسكر ، فقال : أيّ شيء حال سيّدنا؟ ، يعني أحمد بن حنبل. وقال إسحاق بن أحمد : سمعت أبا زرعة يقول : ما رأيت مثل أحمد بن حنبل في فنون العلم. وما قام أحد مثل ما قام أحمد به.

وقال ابن أبي حاتم (٣) : قالوا لأبي زرعة : فإسحاق بن راهويه؟

قال : أحمد بن حنبل أكبر من إسحاق وأفقه. قد رأيت الشيوخ ، فما رأيت أحدا أكمل منه. اجتمع فيه زهد وفضل وفقه وأشياء كثيرة.

وقال ابن أبي حاتم (٤) : سألت أبي عن عليّ بن المدينيّ وأحمد بن حنبل أيّهما أحفظ؟

فقال : كانا في الحفظ متقاربين وكان أحمد أفقه.

وقال أبي : إذا رأيت الرجل يحبّ أحمد فاعلم أنّه صاحب سنّة (٥).

وسمعت أبي يقول : رأيت قتيبة بمكّة فقلت لأصحاب الحديث : كيف

__________________

= أحمر».

(١) حلية الأولياء ٩ / ١٧٠.

(٢) تقدمة المعرفة ٣١٠ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٤٨ وفيه زيادة : «ومن فوقه ومن أسفل منه ، وعن يمينه وعن شماله».

(٣) في : تقدمة المعرفة ٢٩٤.

(٤) في : تقدمة المعرفة ٢٩٤.

(٥) تقدمة المعرفة ٣٠٨.

٧٣

تغفلون عنه وقد رأيت أحمد بن حنبل في مجلسه؟

فلمّا سمعوا هذا أخذوا نحوه وكتبوا عنه (١).

وقال محمد بن حمّاد الطّهرانيّ : سمعت أبا ثور يقول : أحمد بن حنبل أعلم أو أفقه من الثّوريّ (٢).

وقال محمد بن يحيى الذّهليّ : جعلت أحمد بن حنبل إماما فيما بيني وبين الله.

وقال نصر بن عليّ الجهضميّ : كان أحمد أفضل أهل زمانه (٣).

وقال عمرو النّاقد : إذا وافقني أحمد على حديث لا أبالي من خالفني.

وقال محمد بن مهران الجمّال وذكر له أحمد بن حنبل فقال : ما بقي غيره. وقال الخلّال : ثنا صالح بن عليّ الحلبيّ : سمعت أبا همّام السّكونيّ يقول : ما رأيت مثل أحمد بن حنبل ، ولا رأى أحمد مثله (٤).

وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة : سمعت محمد بن سختويه البرذعيّ يقول : سمعت أبا عمير عيسى بن محمد الرمليّ ، وذكر أحمد بن حنبل فقال :

رحمه‌الله ، عن الدّنيا ما كان أمره ، وبالماضين ما كان أشبهه ، وبالصّالحين ما كان ألحقه. عرضت له الدّنيا فأباها ، والبدع فنفاها (٥).

وقال أبو حاتم الرازيّ : كان أبو عمير بن النّحّاس الرمليّ من عبّاد المسلمين ، فقال لي : كتبت عن أحمد بن حنبل شيئا؟

قلت : نعم.

قال : فأملّ عليّ.

فأمليت عليه شيئا (٦).

__________________

(١) تقدمة المعرفة ٢٩٩.

(٢) تقدمة المعرفة ٢٩٣.

(٣) تاريخ دمشق ٧ / ٢٤٩.

(٤) تاريخ دمشق ٧ / ٢٥١.

(٥) تاريخ دمشق ٧ / ٢٥٢.

(٦) تقدمة المعرفة ٢٩٨.

٧٤

عن حجّاج بن الشّاعر قال : ما كنت أحبّ أن أقتل في سبيل الله ولم أصلّ على أحمد بن حنبل (١).

وعنه قال : قبّلت يوما ما بين عيني أحمد بن حنبل وقلت : يا أبا عبد الله بلغت مبلغ سفيان ، ومالك ، ولم أظنّ في نفسي أنّي بقيت [لي] غاية. فبلغ والله في الإمامة أكثر من مبلغهما.

وعن حجّاج بن الشّاعر قال : ما رأت عيناي روحا في جسد أفضل من أحمد بن حنبل (٢).

وعن محمد بن نصر المروزيّ قال : اجتمعت بأحمد بن حنبل وسألته عن مسائل ، وكان أكثر حديثا من إسحاق بن راهويه وأفقه منه.

وعن محمد بن إبراهيم البوسنجيّ قال : ما رأيت أجمع في كلّ شيء من أحمد بن حنبل ولا أعقل.

وقال محمد بن مسلم بن وارة : كان أحمد صاحب فقه ، وصاحب حفظ ، وصاحب معرفة.

وقال أبو عبد الرحمن النّسائيّ : جمع أحمد بن حنبل المعرفة بالحديث ، والفقه ، والورع ، والزّهد ، والصّبر.

وقال خطّاب بن بشر ، عن عبد الوهّاب بن الحكم الورّاق : لما قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فردّوه إلى عالمه».

رددناه إلى أحمد بن حنبل. وكان أعلم أهل زمانه (٣).

وقال أبو داود : كانت مجالس أحمد مجالس الآخرة ، لا يذكر فيها شيء من أمر الدّنيا. ما رأيته ذكر الدّنيا قطّ (٤).

__________________

(١) حلية الأولياء ٩ / ١٧٣ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٥١.

(٢) تاريخ بغداد ٥ / ٢١ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٥١.

(٣) تاريخ بغداد ٤ / ٤١٨ ، ٤١٩.

(٤) تاريخ دمشق ٧ / ٢٥٢.

٧٥

وقال صالح جزرة : أفقه من أدركت في الحديث أحمد بن حنبل.

وقال عبد الله بن أحمد ، عن أبيه ، وذكر الشّافعي عنده ، فقال : ما استفاد منّا أكثر ممّا استفدنا منه (١).

قال عبد الله : كلّ شيء في كتاب الشّافعيّ : أنا الثقة ، فهو عن أبي (٢).

وقال الخلّال : ثنا أبو بكر المرّوذيّ قال : قدم رجل من الزّهّاد ، فأدخلته على أبي عبد الله ، وعليه فرو خلق ، وخريقة على رأسه ، وهو حاف في برد شديد ، فسلّم وقال : يا أبا عبد الله قد جئت من موضع بعيد ، وما أردت إلّا السّلام عليك ، وأريد عبّادان ، وأريد إن أنا رجعت أن أمرّ بك وأسلّم عليك.

فقال : إن قدّر.

فقام الرجل وأبو عبد الله قاعد.

قال المرّوذيّ : ما رأيت أحدا قطّ قام من عند أبي عبد الله حتّى يقوم أبو عبد الله له ، إلّا هذا الرجل.

فقال لي أبو عبد الله : ما ترى ما أشبهه بالأبدال. أو قال : إنّي لأذكر به الأبدال.

فأخرج إليه أبو عبد الله أربعة أرغفة مشطورة بكامخ وقال : لو كان عندنا شيء لو اسيناك.

قال الخلّال : وأنا المرّوذيّ : قلت لأبي عبد الله : ما أكثر الدّاعي لك.

قال : أخاف أن يكون هذا استدراجا بأيّ شيء هذا.

وقلت لأبي عبد الله : إنّ رجلا قدم من طرسوس وقال لي : إنّا كنّا في بلاد الروم في الغزو ، وإذا هدأ الليل ورفعوا أصواتهم بالدّعاء : ادعوا لأبي عبد الله ، وكنّا نمدّ المنجنيق ونرمي عنه. ولقد رمي عنه الحجر والعلج على الحصن متترّس بدرقة ، فذهب برأسه وبالدّرقة. فتغيّر وجهه وقال : ليته لا يكون استدراجا.

__________________

(١) تاريخ دمشق ٧ / ٢٥٦.

(٢) تاريخ دمشق ٧ / ٢٥٧.

٧٦

فقلت : كلّا.

قال الخلّال : وأخبرني أحمد بن حسين قال : سمعت رجلا من خراسان يقول : عندنا أحمد بن حنبل ، يرون أنّه لا يشبه البشر ، يظنّون أنّه من الملائكة.

وقال لي رجل : نظرة عندنا من أحمد تعدل عبادة سنة.

قال الخلّال : وقال المرّوذيّ : رأيت بعض النّصارى الأطبّاء قد خرج من عند أبي عبد الله ومعه راهب ، فسمعت الطّبيب يقول : إنّه سألني أن يجيء معي حتّى ينظر إلى أبي عبد الله.

وقال المرّوذيّ : وأدخلت نصرانيّا على أبي عبد الله يعالجه فقال : يا أبا عبد الله إنّي لأشتهي أن أراك منذ ستّين سنة. ما بقاؤك صلاح الإسلام وحدهم ، بل للخلق جميعا ، وليس من أصحابنا أحد إلّا وقد رضي بك.

قال المرّوذيّ : فقلت لأبي عبد الله : إنّي لأرجو أن يكون يدعى لك في جميع الأمصار.

فقال : يا أبا بكر ، إذا عرف الرجل نفسه فما ينفعه كلام النّاس.

وقال عبد الله بن أحمد : خرج أبي إلى طرسوس ماشيا ، وحجّ حجّتين أو ثلاثا ماشيا ، وكان أصبر النّاس على الوحدة. وبشر فيما كان فيه لم يكن يصبر على الوحدة ، كان يخرج إلى ذا وإلى ذاك (١).

وقال عبّاس الدّوريّ : حدّثني عليّ بن أبي فزارة جارنا قال : كانت أمّي مقعدة من نحو عشرين سنة ، فقالت لي يوما : اذهب إلى أحمد بن حنبل ، فسله أن يدعو لي.

فأتيت فدققت عليه وهو في دهليزه ، فلم يفتح لي وقال : من هذا؟ قلت : أنا رجل سألتني أمّي ، وهي مقعدة ، أن أسألك أن تدعو الله لها.

فسمعت كلامه كلام رجل مغضب فقال : نحن أحوج أن تدعو الله لنا.

فولّيت منصرفا ، فخرجت عجوز فقالت : إنّي قد تركته يدعو لها.

__________________

(١) حلية الأولياء ٩ / ١١٨٣ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٥٨.

٧٧

فجئت إلى بيتنا دققت الباب ، فخرجت أمّي على رجليها تمشي وقالت : قد وهب الله لي العافية (١).

رواها ثقتان ، عن عبّاس.

وقال عبد الله بن أحمد : كان أبي يصلّي في كلّ يوم وليلة ثلاثمائة ركعة ، فلمّا مرض من تلك الأسواط أضعفته ، فكان يصلّي كلّ يوم وليلة مائة وخمسين ركعة (٢).

وقال عبد الله بن أحمد : ثنا عليّ بن الجهم قال : كان لنا جار فأخرج إلينا كتابا فقال : أتعرفون هذا الخطّ؟

قلنا : هذا خطّ أحمد بن حنبل ، فكيف كتب لك؟

قال : كنّا بمكّة مقيمين عند سفيان بن عيينة ، ففقدنا أحمد أيّاما ، ثمّ جئنا لنسأل عنه ، فإذا الباب مردود عليه ، وعليه خلقان. فقلت : ما خبرك؟

قال : سرقت ثيابي.

فقلت له : معي دنانير ، فإن شئت صلة ، وإن شئت قرضا.

فأبى. فقلت : تكتب لي بأجرة؟

قال : نعم.

فأخرجت دينارا فقال : اشتر لي ثوبا واقطعه نصفين ، يعني إزارا ورداء ، وجئني ببقيّة الدينار.

ففعلت وجئت بورق ، فكتب لي هذا (٣).

وقال عبد الرّزّاق : عرضت على أحمد بن حنبل دنانير ، فلم يأخذها.

وقال إسحاق بن راهويه : كنت أنا وأحمد باليمن عند عبد الرّزّاق ، وكنت أنا فوق الغرفة وهو أسفل. وكنت إذا جئت إلى موضع اشتريت جارية.

قال : فاطّلعت على أن نفقته فنيت ، فعرضت عليه ، فامتنع فقلت : إن

__________________

(١) حلية الأولياء ٩ / ١٨٦ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٥٩.

(٢) حلية الأولياء ٩ / ١٧٩ و ١٨١ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٦٠.

(٣) حلية الأولياء ٩ / ١٧٧ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٦١ ، ٢٦٢.

٧٨

شئت قرضا ، وإن شئت صلة.

فأبى. فنظرت فإذا هو ينسج التّكك ويبيعه وينفق.

رواها أبو إسماعيل التّرمذيّ ، عنه (١).

وعن أبي إسماعيل قال : أتى رجل بعشرة آلاف درهم من ربح تجارته إلى أحمد ، فأبى أن يقبلها (٢).

وقال عبد الله ، عن أبيه قال : عرض عليّ يزيد بن هارون نحو خمسمائة درهم ، فلم أقبلها (٣).

وقيل إنّ صيرفيّا وصل أحمد بخمسمائة دينار ، فردّها (٤).

وقال صالح : دخلت على أبي أيّام الواثق ، والله يعلم كيف حالنا ، فإذا تحت لبده ورقة فيها : يا أبا عبد الله ، بلغني ما أنت فيه من الضّيق ، وقد وجّهت إليك بأربعة آلاف درهم. فلمّا ردّ أبي من صلاته قلت : ما هذا؟ فاحمرّ وجهه وقال : رفعتها منك.

ثم قال : تذهب بجوابه.

فكتب إلى الرجل : وصل كتابك ، ونحن في عافية. فأمّا الدّين ، فلرجل لا يرهقنا ، وأمّا العيال ، فهم في نعمة الله.

فذهبت بالكتاب ، فلمّا كان بعد حين ، ورد كتاب الرجل بمثل ذلك ، فامتنع. فلمّا مضى نحو سنة ذكرناها فقال : لو إنّا قبّلناها كانت قد ذهبت (٥).

وقال جماعة : ثنا سلمة بن شبيب قال : كنّا في أيّام المعتصم عند أحمد بن حنبل ، فدخل رجل فقال : من منكم أحمد بن حنبل؟ فسكتنا ، فقال أحمد : ها أنا ذا.

__________________

(١) تاريخ دمشق ٧ / ٢٦٣ ، ٢٦٤.

(٢) تاريخ دمشق ٧ / ٢٦٤.

(٣) حلية الأولياء ٩ / ١٧٧ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٦٥.

(٤) حلية الأولياء ٩ / ١٧٦.

(٥) تقدمة المعرفة ٢٩٩ ، ٣٠٠ ، حلية الأولياء ٩ / ١٧٨ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٦٦.

٧٩

قال : جئت من أربعمائة فرسخ برّا وبحرا. كنت ليلة جمعة نائما فأتاني آت ، فقال لي : تعرف أحمد بن حنبل؟ قلت : لا.

قال : فائت بغداد وسل عنه ، فإذا رأيته فقل إنّ الخضر يقرئك السّلام ويقول : إنّ ساكن السّماء الّذي على عرشه راض عنك ، والملائكة راضون عنك بما صبرت نفسك لله (١).

فصل في آدابه

قال عبد الله بن أحمد : رأيت أبي يأخذ شعرة من شعر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيضعها على فيه يقبّلها ، وأحسب أنّي رأيته يضعها على عينه ويغمسها في الماء ويشربه يستشفي به. ورأيته قد أخذ قصعة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فغسّلها في جبّ الماء ، ثمّ شرب فيها. ورأيته يشرب ماء زمزم ، يستشفي به ، ويمسح به يديه ووجهه (٢).

وقال أحمد بن سعيد الدّارميّ : كتب إليّ أحمد بن حنبل : لأبي جعفر أكرمه الله ، من أحمد بن حنبل.

وعن سعيد بن يعقوب قال : كتب إليّ أحمد : من أحمد بن محمد إلى سعيد بن يعقوب ، أمّا بعد ، فإنّ الدّنيا داء والسّلطان داء ، والعالم طبيب. فإذا رأيت الطبيب يجرّ الدّاء إلى نفسه فاحذره ، والسّلام عليك.

وقال عبيد الله بن عبد الرحمن الزّهريّ : حدّثني أبي قال : مضى عمّي أبو إبراهيم أحمد بن سعد إلى أحمد بن حنبل ، فسلّم عليه. فلمّا رآه وثب قائما وأكرمه.

قال المرّوذيّ : قال لي أحمد : ما كتبت حديثا إلّا وقد عملت به ، حتّى مرّ بي «أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة دينارا» (٣) ، فأعطيت الحجّام دينارا حين احتجمت.

__________________

(١) حلية الأولياء ٩ / ١٨٨ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٧٤.

(٢) حلية الأولياء ٩ / ١٨٣ ، ١٨٤.

(٣) أخرجه البخاري في البيوع ٤ / ٢٧٢ باب ذكر الحجام ، وباب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم ، وفي الإجازة ، باب ضريبة العبد ، وتعاهد ضرائب الإماء ، وباب من كلّم موالي

٨٠