مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزه - ج ٢

المنصور بالله عبدالله بن حمزة

مجموع رسائل الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزه - ج ٢

المؤلف:

المنصور بالله عبدالله بن حمزة


المحقق: عبدالسلام بن عباس الوجيه
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٦٥
الجزء ١ الجزء ٢

وعظ الواعظون ، وذكّر المذكّرون ، وحذر المحذّرون ، ورغّب المرغّبون ، لأن الأفعال لو كانت من قبله تعالى كما زعم المخالفون لما كان لذلك وجه يعلم ، ولا معنى يفهم ؛ لأن ذلك يكون عبثا لأنهم إن أمرونا بفعل الله فقد كلّفونا شططا ، وإن نهونا عن فعله فقد تعدّوا علينا عدوانا مبينا ، فتأمل ذلك موفقا.

وأما قوله تعالى : (اللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) [الصافات : ٩٦] فالمراد بذلك وما تعملون فيه خلاف مراده كنحتهم لأصنامهم وعبادتها ؛ فكأنه قال تعالى : هو الذي خلقكم وخلق الخشب والحجارة الذي صنعتموه وجعلتموه ربا لكم من دون خالقكم فبئس للظالمين بدلا ، وإلا لو كان خلق العبادة والنحت في الخشب والحجارة لما نهى عنه وذم عليه ، وقد قدمنا الكلام في قوله تعالى : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) [الزمر : ٦٢].

فأما قوله تعالى : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) [الفرقان : ٢] (١) فهذه خاصة في أفعاله تعالى من الأجسام والأعراض الضرورية التي لا يقدر عليها سواه كالروائح ، والطعوم ، والألوان ، والحرارة ، والبرودة ، وما شاكل ذلك ، وكالحيوانات ، والجمادات وما فيها من الآثار العجيبة والتقدير البديع ؛ فأما الفواحش ، والمخازي ، والزور ، والعدوان ، والظلم ، والكذب فأي تقدير فيه ، وأي حكمة في فعله وفاعله مذموم ، ولو قيل لمضيف هذه الأفعال إلى الله سبحانه : يا كاذب ، يا سارق ، إلى غير ذلك لأنف على نفسه ، فكيف يرضى بإضافة ذلك إلى ربه ويحسنه له عقله ولبه!! هل هذا إلا الزيغ العظيم والضلال البعيد!!

__________________

(١) في الأصل : كل شيء قدرناه تقديرا.

١٠١

وقوله تعالى : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) [الفرقان : ٢] (١) يريد من فعله لأنه تعالى لا يفعل إلا الحكمة ، وسواء كانت مشتهاة أو منفورا عنها.

فأما قوله تعالى : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧] فذلك في قصة أهل بدر ، ولما كان الغالب على أمر قريش القوة والاستظهار ، وكان أصحابه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في نهاية من الضعف ، كما قال تعالى : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) [آل عمران : ١٢٣] أضاف القتل إليه لتأييده تعالى لهم بالملائكة عليهم‌السلام ، والفعل مضاف إليه تفخيما للحال ، وتعظيما للأمر ، كما يقال : السلطان قتل بني فلان وإن كان جنده قاتليهم ؛ فلما وقع قتل المشركين بتأييد الملائكة وقذف الرعب في قلوبهم أضاف الأمر إلى الله تعالى ، وكذلك في قوله : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧] فلأن الرمي وقع على وجه لا يدخل تحت مقدور العباد ، لأنه رمى بكف من حصى وتراب فما بقي رجل إلا دخل من ذلك في عينه شيء فكان المتولي لذلك.

وأما حركة كف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد كانت منه ، ولهذا قال تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) [الأنفال : ١٧] فأضاف الرمي إليه الذي دخل تحت مقدوره ونفى عنه ما عدا ذلك ، فتأمل ذلك تفهم معناه ، موفقا إن شاء الله تعالى.

قال : وأما ما يذكرون من نسبتها إليهم بآيات من القرآن الكريم قال : فذلك على سبيل المجاز.

اعلم : أن الجواب عن هذا أن الحاجة ماسة للسائل على معرفة الحقيقة والمجاز حتى لا يتعدى في المجاز فيجعله حقيقة ولا يطغى في الحقيقة فيجعلها مجازا ، فالجهل بذلك سبب لضلالة كثير من الناس.

__________________

(١) في الأصل : كل شيء قدرناه تقديرا.

١٠٢

الحقيقة : كل لفظ إذا أطلق سبق إلى فهم السامع معنى أو معنيان أو أكثر على وجه المساواة.

وقولنا : أطلق احتراز من اللفظ المقيد بالقرائن ، والحقائق على قسمين : مفردة ومشتركة ، وهي ثلاثة أنواع : لغوية ، وعرفية ، وشرعية.

والمجاز : كل لفظ إذا أطلق لم يفهم معناه إلا بقرينة ، والقرائن ثلاث.

والمجاز على نوعين : مجاز أقرب ، ومجاز أبعد ، وليس هذا موضع ذلك لأن موضعه أصول الفقه ، وقد وسع فيه العلماء رحمهم‌الله سبحانه ، فأودعنا كتابنا الموسوم ، بصفوة الاختيار ، ما فيه غنى ، فإذا كانت الحال كما ذكرنا فأي نوعي المجاز عند السائل إضافة أفعال العباد إليهم ، فأي حقيقة توجد في إضافة ذلك إلى غيرهم ما سبق إلى فهم السامع عند قوله تعالى: (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) [التوبة : ٢] وقوله : (تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) [هود : ٦٥] ، وقوله تعالى : (سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) [الأحزاب : ١٩] ، وقوله تعالى : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) [المنافقون : ١] إلى غير ذلك ، السابق إلى فهم السامع أو هل هو يبقى متردد الفهم ، هل فعلوا ذلك أم فعله فيهم غيرهم؟

وأما قوله : إن الله نسب إلى الجمادات والأعراض أفعالا على سبيل المجاز ، فمسلم ذلك لأن وجود الأفعال من قبلها مستحيل لأنها ليست بحية ولا قادرة ، والفعل لا يصح إلا من حي قادر ، وإذا أضيف الفعل إليها سبق إلى أفهامنا أنها لا تفعل ولا يصح منها الفعل ، فاعلم الفرق بين الأمرين موفقا.

١٠٣

مسألة [في القدرة والإرادة]

قال أرشده الله : قالت الزيدية العبد يسير ويجيء ويذهب بقدرته وإرادته دون قدرة الله تعالى وإرادته قال : وذلك باطل لقوله تعالى في قصة يوسف : (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) [يوسف : ١٠٠] فأضاف المجيء والخروج إلى الله سبحانه ، وقوله : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [يونس : ٢٢] فأضاف المسير إليه إلى ما يشاكل ذلك من آيات القرآن الكريم.

اعلم : أن الجواب عن هذه المسألة قد تقدم في المسألة الأولى ، ولا معنى لترداده ، وإنما نذكر ما تعلق به من الآيات الشريفة كشفا واضحا.

وأما قوله : إن العبد يسير بنفسه ويجيء ويذهب ؛ فذلك مذهب الزيدية والعدلية بالدليل الصحيح ، وقد قال تعالى : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) [التوبة : ٤١] ، وقال : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) [التوبة : ١٢٢] ، فلو لا كان ذلك فعله لما أمرهم به كما قدمنا في المسألة الأولى ، ولو لا ذلك لما كان بعض المجيء والذهاب طاعة وبعضه معصية ، وبعضه حسنا ، وبعضه قبيحا ، إذ فعل الباري تعالى مستوفي باب الحسن كما قال تعالى : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) [الملك : ٣] ، يريد في باب الحكمة والمصلحة ، ولو كان فعل العباد فعل الله ومراده لم يكن كما قدمنا ، ولو أراد فعلهم ولو لم يخلقه لكانوا مطيعين في المعاصي ؛ لأن الطاعة فعل ما أراد المطاع ، وذلك لم يقل به أحد من المسلمين أن العاصي مطيع لله في عصيانه.

فأما قوله تعالى في قصة يوسف عليه‌السلام : (أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) [يوسف: ١٠٠] ، فإنما أضاف ذلك إلى الله سبحانه لكونه بألطافه وتوفيقه

١٠٤

وعونه وتأييده كانوا عالة فأغناهم ، ومستضعفين فملكهم ، وعلى مثل ذلك يحمل قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [يونس : ٢٢] معناه أعطاكم آلة السير وقدرته في البر الظهر والقدرة ، وفي البحر الرياح والألواح ، ثم إن قصدتم في فعلكم رضا الله تعالى كنتم قد أطعتموه ، وإن قصدتم هوى نفوسكم كنتم قد عصيتموه ، وعلى مثل هذه المعاني يحمل ما شاكل هذه الآيات بأنه تعالى نهانا عن المسير في معصيته ، وأمرنا بالنفير إلى طاعته ، فلولا أنها أفعالنا لم يصح ذلك فيها ، كما لم يصح في صورنا وألواننا ، فتفهم ذلك.

مسألة [في الهدى والضلال]

قال أرشده الله : قالت الزيدية : إن الله تعالى لا يضل ولا يغوي أحدا من العباد ، ولا يصدهم عن الرشاد ؛ وهذا باطل لقوله تعالى : (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [النحل : ٩٣] ، وقوله : (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) [البقرة : ٢٦] ، وقوله : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) [الرعد : ٣٣ ، الزمر : ٢٣] ، وقوله : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) [الكهف : ١٧] ، وقوله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [القصص : ٥٦] ، وقوله : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) [الأعراف : ١٥٥] ، وقوله : (إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ) [النحل : ٣٧] ، وقوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [إبراهيم : ٤] ، وقوله : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) [الأنعام : ١٢٥] ، وقوله : (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الأنعام : ٣٩] ، وقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) [المائدة : ٤١] ، وقوله : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) [هود : ٣٤].

١٠٥

الجواب عن ذلك : أنه لا بد لنا من مقدمة نبين فيها معنى الضلال والهدى والإغواء فنضيف إلى الباري تعالى من ذلك ما يليق به جل وعلا.

أما الضلال فله معان منها : الذهاب ، والتقطع ؛ كما قال تعالى حاكيا عن المشركين: (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) (١) [السجدة : ١] أرادوا إذا ذهبنا وتقطعنا.

ومنها : العذاب كما قال تعالى : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) [القمر : ٤٧] يريد عذابا ونارا ، لأنه لا تكليف هنالك فيقع فيه ضلال المعصية والصدود عن الدين.

ومنها : الإغواء عن الدين والصدود عن الرشد ، كما قال تعالى : (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى) [طه : ٧٩] ، وقال : (وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) [طه : ٨٥] إلى غير ذلك.

وأما الهدى : فعلى وجوه أيضا منها : بمعنى الثواب ، كما قال تعالى : (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ ، سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) [محمد : ٤ ، ٥] ، ولا تكليف بعد القتل فتكون الهداية إلى الدين ، وإنما هداه لهم ثوابهم ، وبمعنى : نصب الدلالة وإيضاح العلم ، كما قال تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) [فصلت : ١٧].

ومنها : زيادة التوفيق والتسديد كما قال تعالى : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) [محمد : ١٧] ، والغوى بمعنى الهلاك ، ومنه قولهم : غوى الفصيل إذا كثر عليه اللبن فهلك من ذلك ، وغوى : بمعنى مفارقة سبيل الحق وخطأ طريق الرشد.

وأما الفتنة : فقد تكون بمعنى العذاب كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ

__________________

(١) في الأصل : إذا ظللنا في الأرض إنا لفي خلق جديد.

١٠٦

وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) [البروج : ١٠] ، وتكون بمعنى الامتحان كما قال تعالى : (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) [التوبة : ١٢٦] ، ويكون بمعنى الصدود عن الدين والدعاء إلى الكفر ، كما قال تعالى : (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ...) الآية [الأعراف : ٢٧] ، فإذا قد تقررت هذه الجملة بما لا سبيل إلى دفعه فلنذكر معنى كل آية مما ذكره على وجه الاختصار.

أما قوله تعالى : (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [النحل : ٩٣] ، فالمراد بذلك يثيب من يشاء وهو لا يشاء إثابة غير المطيع ، ويعذب من يشاء وهو لا يعذب إلا العاصي ، وعلى ذلك يحمل قوله : (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) [البقرة : ٢٦] ، معناه يعذب به كثيرا ، ويثيب به كثيرا ، وكذلك يكون الحال في الآخرة وإنما يعذبهم بذنوبهم ، كما قال تعالى : (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) [العنكبوت : ٤٠] ، ويثيبهم على أفعالهم ، كما قال تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) [الرحمن : ٦٠] ، وقوله تعالى : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) [الكهف : ١٧] ، معناه: من أراد توفيقه وتسديده لقبوله الهداية الأولى فهو المهتدي حقا ، ومن أضله عن طريق الجنة عقوبة له على عصيانه في الدنيا فلن تجد له وليا مرشدا يدله إلى الجنة ويدخله إياها.

وقوله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [القصص : ٥٦] ، إنك لا تثيب من أحببت ولكن الله يثيب من يشاء ، وهو لا يشاء إثابة غير المطيع لأنه لو أثاب العاصي لكان ذلك إغراء بالمعاصي ، والإغراء بالمعاصي قبيح ، والله تعالى لا يفعل القبيح.

وقوله : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) [الأعراف : ١٥٥] ، معنى

١٠٧

فتنتك : محنتك تضل بها المستحق لها معناه يعذبه ، ويهدي بها التائب المتذكر معناه يثيبه ، كما قال تعالى : (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) [التوبة : ١٢٦] ، معناه : يمتحنون.

وقوله : (إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ) [النحل : ٣٧] ، معناه : إن تحرص على ثوابهم قال الله سبحانه لا يثاب من يعذب لأنه لا يعذب إلا من يستحق العقاب تأديبا لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والمراد منه كما قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) [الأحزاب : ١] ، وقوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [إبراهيم: ٤] ، هذا إبلاغ منه سبحانه بالحجة على عباده أن يأمر إليهم رسولا على لسانهم لئلا تكون لهم حجة بقولهم : إنا لا نفهم قولك ؛ فجعله بلسانهم مع أن ذلك لم ينجع في أهل الضلالة منهم ، بل حكى عنهم أنهم قالوا : (ما نفقه كثيرا مما تقول) ، ولو كان يريد ما توهمه السائل ما كان لإرساله إليهم بلسانهم معنى.

فأما قوله : (فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [إبراهيم : ٢٤] ، فالمراد بذلك أنه لما جاء رسول الله بلسانهم وردوا عليه أمره شاء تعذيب المكذبين منهم وإثابة المصدقين وذلك مستقيم.

وقوله : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) [الأنعام : ١٢٥] ، معنى يهديه هاهنا : يوفقه ويسدده بعد قبوله الهداية الأولى ، فيكون زيادة التوفيق والتسديد ثوابا ، وشرح الصدر توسيعه ، ومن يرد أن يضله يسلبه التوفيق والتسديد عقوبة له على فعله ، يجعل صدره ضيقا حرجا تأكيدا للضيق وإلا فالضيق والحرج معناهما واحد ، والعقوبة يجوز إنزالها بالمستحقين ، ويجوز تقديم شيء منها في الدنيا كما فعل في المستقيمين ، وكذلك الجواب في قوله تعالى : (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الأنعام : ٣٩] ، معنى يضلله : يعذبه ،

١٠٨

ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم وهي طريق الجنة للمؤمنين مستقيمة لا عوج فيها ولا تعب.

وأما قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) [المائدة : ٤١] ، فالمراد بذلك تنزيهها من حزن العذاب وغم الآلام لمجاهرتهم له بالمعاصي وذلك جائز واللائمة عليهم دونه تعالى.

وأما قوله تعالى : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) [هود : ٣٤] ، فمعناه : أن نصحي لكم لا يدفع عنكم عذاب ربي المستحق بعصيانكم لأنه تعالى لا يريد أن يعذب إلا المستحق ، وإن كان عذبكم بإغوائكم عن طريق الجنة في دار الآخرة فإن ذلك أكثر نقمة ، فأما مع بقاء التكليف فلو أراد غواهم عن الدين لكانت بعثة الرسل عبثا لأنه لا عوض في مقابلتها وذلك لا يجوز على الله سبحانه ، فتأمل ذلك موفقا.

مسألة [في أن الله لا يريد القبيح]

قال أرشده الله : قالت الزيدية : إن الله تعالى لا يريد المعاصي ولا يشأها ولا يرضاها ، بل يكون في ملكه ما لا يشاء. قال : فيكون عزوجل بمقتضى قولهم عاجزا ، وقد نطق القرآن بخلاف ما ذكروه. قال : بقوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) [يونس : ٩٩] ، (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ) [الأنعام : ١٣٧] ، (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا) [الأنعام : ١٠٧] ، (وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا) [الأعراف : ٨٩] ، وكذلك يبطل قولهم ما ورد عن زين العابدين علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : إنه لقي قدريا. فقال له : إنكم تنسبون إلى الله ما لا يرضى من القبيح يا قوم جل ربنا من الفحشاء. فقال له علي بن الحسين : وتعالى أن يكون في ملكه ما لا يشاء. فقال القدري : أفيحب ربنا أن يعصى؟ قال : فقال له

١٠٩

علي بن الحسين : أفيعصى ربنا قهرا؟ قال : فقال له القدري : أفرأيت إن قضى علي بالرديء ، ومنعني الهدى ، أحسن إليّ أم أساء؟ فقال له علي بن الحسين : إن منعك شيئا هو لك ، فقد أساء وظلمك ، وإن منعك شيئا هو له ، فالفضل له يختص برحمته من يشاء. قال : فاسترجع القدري وقال : أشهد أنكم أهل البيت أهل الحكمة وفصل الخطاب.

الجواب عن ذلك : أن الزيدية بل العدلية جميعا تنفي عن الله عزوجل ما لا يليق بحكمته وعدله من إرادة القبيح وكراهة الحسن وأنه لا يريد الظلم ، كما قال : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) [غافر : ٣١] ، (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) [الزمر : ٧] ، كما قال : (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) [الزمر : ٧] ، ولا يحب الفساد كما قال تعالى : (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [المائدة : ٦٤] ، وهذا مذهبهم ، والدليل على صحته أن الرضى والمحبة راجعان إلى الإرادة ، وإرادة القبيح قبيحه ، والله تعالى لا يفعل القبيح ، أما أن الرضا والمحبة راجعان إلى الإرادة فلأنه ، لا يجوز أن تقول : أرضى هذا ولا أحبه ، ولا أرضاه وأريده ، ولا أريده وأرضاه ، فدل على أن معنى هذه الألفاظ واحد لأن هذا أمارة الاتفاق ، كما تقول في الجلوس والقعود لما كان معناهما واحدا لم يجز أن تقول : جلس وما قعد ، ولا تقول : قعد وما جلس ، بل يعد من قال ذلك مناقضا جاريا مجرى قوله : قعد وما قعد.

وأما أن إرادة القبيح قبيحة فلأنه قد ثبت أن الإنسان منا إذا قال : إني أريد جميع ما يحدث في البلد من فساد وظلم وسكر فإنه مستحق الذم من العقلاء ، وهم لا يذمون إلا على أمر قد تقرر في العقول قبحه ، فإن كان مالك الأمر ولم ينكر ولم يكره كان ذلك أقبح ، فإذا كان هذا في الواحد منا فكيف يضاف ذلك إلى الملك الكبير ، العدل ، العزيز الحكيم.

١١٠

فأما قوله : كيف يكون في ملكه ما لا يشاء ، وأن ذلك يدل على كونه عاجزا؟

فالجواب : أنه إنما كان يدل على العجز لو أراد المنع من ذلك ، ولكنه لو منع لبطل التكليف ولم يستحق المحسن ثواب الإحسان ، ولا المسيء عقاب الإساءة ، وإنما أمر سبحانه تخييرا ، ونهى تحذيرا ، فكلف يسيرا ولم يكلف عسيرا ، فله الحمد بكرة وأصيلا ، والدار الآخرة دار الجزاء ، وهذه الدار دار العمل لمن برم الزاد ، وقدم الاستعداد.

وأما قوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ) [يونس : ٩٩] ، وما شاكله من الآيات فذلك مستقيم ، ومعناه أنه لو شاء إكراههم على الإيمان لآمنوا كرها لا طوعا ، وكان التكليف يرتفع وتنتقض الحكمة ، ويزول الغرض بالتخيير والتمكين ، ولا يفرق بين المسيء والمحسن ، وقد قال تعالى : (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [الأنفال : ٣٧] ، وقال : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ) [البقرة : ٢١٤] ، وقال : (الم ، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) [العنكبوت : ١ ، ٢] ، فلولا الإحسان والتخيير لم يتفاضل الناس في المنازل ، ولو عجل تعالى عقوبة العاصين لما عصي ، ولو عجل ثواب المطيعين لأطاع الجميع رغبة في العاجل ، لكنه جعل الجميع غيبا آجلا ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين ، والمراد ظهور المعلوم وليقع الاستحقاق ، وإلا فهو تعالى علام الغيوب يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن كيف كان يكون ، وما كان لو لم يكن كيف كان يكون ، ولكنه ليس يصلح في الحكمة أن يعاقب بعلمه ولا يثيب بعلمه قبل وقوع الفعل من العبد ؛ لأنه لا يستحق التعظيم والثواب ، والاستحقاق والعقاب ، إلا على فعله وعلمه تعالى غير فعل عبده.

١١١

وأما قوله تعالى : (وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا) [الأعراف : ٨٩] ، فإن ذلك على وجه الانقطاع إلى الله عزوجل ، وإظهار قدرته ، إنه لو شاء أن يجبرنا على المعصية لما قدرنا على الامتناع ، فافهم ذلك.

وأما الرواية عن علي بن الحسين عليه‌السلام فلا تصح لفظا ولا معنى ، أما اللفظ فإن القدري من يلهج بذكر القدر ويعتقده لا من ينفيه ، كما أن الثنوي اسم لمن أثبت الثاني إلى غير ذلك ، والآثار في ذلك عن آل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عموما لا يرون بذلك ، بل يردون على من زعمه وادعاه ، بل في عموم بني هاشم فضلا عن أهل البيت عليهم‌السلام حتى قيل : العدل هاشمي ، والجبر أموي ، فكيف لعلي بن الحسين عليه‌السلام وهو صفوتهم وخلاصتهم ، وزين العابدين ، وسبط سيد شباب أهل الجنة.

وأما من جهة المعنى فنحن نبين لك على وجه الاختصار.

وأما قول العدلي : الذي سماه قدريا جل ربنا عن الفحشاء وعن القبيح فكذلك نقول ، وهو قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الأعراف : ١٨] ، ولو كانت الفحشاء تعالى ذلك من فعله والقبائح من صنعه لكانت هذه الأسماء سوءا تعالى عنها ربنا ولم تكن حسنى.

وأما روايته عن علي بن الحسين : أيكون في ملكه ما لا يشاء ، فعلي بن الحسينعليه‌السلام أكبر العلماء وأخص معرفة بالله تعالى من أن يجهل أن الله لا يشاء المعاصي ولا القبائح ولا تكذيب رسله ، وقتل أنبيائه ، ومعصية أمره ؛ لأنه حكيم والحكيم لا يكون إلا هكذا ، وإنما يكون في ملكه ما لا يشاء ، وهو قادر على المنع ولم يمنع لإبلاغ الحجة ، وكمال المعذرة ، ولأن العاصي غير فائت والمطيع غير مسبوق بثوابه.

١١٢

وأما قوله : أفيحب ربنا أن يعصى فهذا مستقيم ؛ لأنه لو أحب معصية لكانت المعصية طاعة لأن الطاعة ما أحب أن تقع من فعلنا.

وأما ما روي من علي بن الحسين أنه قال : أفيعصى ربنا قهرا ؛ إما أن قاهرا قهره حتى عصاه فيما أراد منعه منه فذلك لا يصح لأنه تعالى القاهر فوق عباده ، ولكنه لم يرد قهرا لعباده في دار الدنيا ، وإنما أراد أن يمتحن بعضنا ببعض ، كما قال : (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) [الفرقان : ٢٠] ، وقال : (لَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج : ٤٠] ، وهو تعالى غني عن نصرنا ، وقادر على انتقام من عصى بغير أيدينا ، وإنما أراد أن يمتحننا لنفع يعود علينا.

وأما قوله : إن قضى علي بالرديء ، ومنعني من الهدى ، أحسن إلي أم أساء؟ قال : فقال علي بن الحسين : إن منعك شيء هو لك فقد أساء ، وإن منعك شيء هو له ، فالفضل له يختص برحمته من يشاء. فالسؤال مستقيم ، والجواب المضاف إلى علي بن الحسينعليه‌السلام غير مخلص ، ولو كان من علي بن الحسين ـ أعني الكلام ـ لكان عليه نور النبوة وعلم الهدى.

وفي قول الراوي : ظلمك شيئا هو لك أم له ، فإن ظلمك شيئا هو لك فقد أساء ، ولا شك أن المعتمد على الله سبحانه بموجب الحكمة أن لا يمنعه عن فعل ما أمره به ، ولا ينهاه عن ترك ما جبره عليه ، ولأن في مقابلة المعصية النار الكبرى التي لا يموت فيها ولا يحيا ، فكيف لا يظلمه إذا جبره على المصير إلى هذا إكراها لغير جرم منه ولا عدوان.

وأما قول الراوي : إنكم آل البيت أهل الحكمة وفصل الخطاب ، فلا شك أن هذه صفة أهل البيت عليهم‌السلام ، ولكن من حكمتهم أنهم نزهوا الباري تعالى ، ووصفوه بالصفات العلى والأسماء الحسنى فتأمل ذلك موفقا والسلام.

١١٣

مسألة [في القضاء]

قال أرشده الله : قالت الزيدية إن الله تعالى لا يقضي بالفساد ، ولا يظلم العباد. قال: وهذا منتقض.

أما مسألة القضاء فقد أجمعت أمة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن الله تعالى قضى بجميع أفعال العباد ، ثم اختلفوا في ذلك :

فمنهم من قال : قضاها بمعنى علمها ، ومنهم من قال : قضاها بمعنى خلقها. قال : وهو الصحيح لأنه السابق إلى الأفهام عند إطلاق لفظة القضاء بشهادة قوله : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) [فصلت : ١٢].

قال : وقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه أنه قال حاكيا عن ربه عزوجل : «من لم يرض بقضائي ، ويصبر على بلائي ، ويشكر على نعمائي ، فليتخذ ربا سواي» (١) وروي : «كل شيء من الله حتى العجز والكيس» وروي : «أن الله خلق الخير والشر يا أبا بكر قال : ومن أعظم الشر المعاصي».

وقوله تعالى : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) [الحديد : ٢٢] خلقها.

__________________

(١) هو في موسوعة أطراف الحديث النبوي بلفظ : «من لم يرض بقضائي ويصبر على بلائي فليلتمس ربا سواي» وعزاه إلى إتحاف السادة المتقين ٩ / ٦٥١ وبلفظ : «من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي فليلتمس ربا سواي» وعزاه إلى تهذيب ابن عساكر ٦ / ١٢٨ وتذكرة الموضوعات ٨٨٤. وبلفظ : «من لم يرض بقضائي وقدري فليلتمس ربا غيري» وعزاه إلى إتحاف السادة المتقين ٩ / ٦٥١ وانظر موسوعة أطراف الحديث النبوي ج ٨ / ٥٤٦. وهو في الاستيعاب لابن عبد البر ٨ / ١٧٨ بلفظه ، وفي المعجم الكبير للطبراني ٢٢ / ٣٢٠ ، وفي مجمع الزوائد ٧ / ٢٠٧ وعزاه إلى الطبراني في الصغير والأوسط عن أنس ، وكذلك في الكبير عن أبي هند الداري.

١١٤

الجواب عن ذلك : أن مذهب أهل العدل متقرر على أن الله تعالى لا يقضي إلا بالحق ولا يقضي بالفساد وظلم العباد بمعنى أن يفعله أن يجبر العباد على فعله ، وإذا قد وقع ذكر القضاء فلنقرر قاعدة نرجع إليها.

اعلم أن القضاء في كتاب الله تعالى على ثلاثة أوجه :

قضا : بمعنى الإخبار والإعلام يحكيه قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) [الإسراء : ٤] معناها : أخبرنا وأعلمنا.

وقضى : بمعنى الأمر والإلزام يحكيه قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء : ٢٣] ، وقضى : بمعنى الخلق والتمام يحكيه قوله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) [فصلت : ١٢] ، معناه : خلقهن وأتم خلقهن.

وأما قوله : إن الأمة أجمعت على أن المعاصي بقضائه تعالى فمنهم من قال بمعنى العلم ، ومنهم من قال بمعنى الفعل وصححه ، فذلك صحيح في الأول غير مسلم في الثاني.

وقوله : إن لفظة القضاء يسبق إلى فهم السامع منها الفعل ، هو موضع النزاع ، فمن أين ادعى تسليمه؟ وهل هذا إلا على تحكم بمجرد الدعوى؟ لأنا نعلم أن لفظة القضاء مشتركة فإذا أضيفت اختصت كغيرها من ألفاظ الاشتراك ، فإن قيل : إن المعاصي بقضاء من الله سبحانه على معنى أنه علمها وأعلم بها فذلك صحيح ، ولكن لا بد من التقييد حتى لا يلتبس الأمر بغيره ويتوهم فيه تعالى سامع القول أنه فعل المعاصي فهو يتعالى عن ذلك ويتقدس.

١١٥

وأما ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من لم يرض بقضائي ..» إلى آخر الخبر فهو صحيح وهو حجتنا على من زعم أن المعاصي قضاء الله سبحانه على الإطلاق ؛ لأنا نقول له : أطبقت الأمة على أن الرضى بقضاء الله عزوجل واجب ، وأطبقت على أن الرضا بالمعاصي لا يجوز ، فلو كانت بقضاء الله عزوجل لوجب الرضا بها ، فلما لم يجز ذلك علمنا أنها ليست بقضائه على معنى أنها فعله تعالى عن ذلك.

وأما قوله : كل شيء بقدر حتى العجز والكيس فذلك صحيح ؛ فإذا رجع بالعجز إلى الضعف وبالكيس إلى القوة فذلك ثابت وهو يكون قدرا بمعنى الفعل.

وأما قوله : «إن الله خلق الخير والشر يا أبا بكر» فذلك قولنا ، وإنما خلق الشر الذي هو من قبله كالجدب ، والمرض ، ونقص الأموال ، والأنفس ، والثمرات.

وأما قوله : إن المعاصي من الشر فلا شك في ذلك ، ولكنها فعل العباد دونه ، ولا يحسن إضافتها إليه لأنه يتعالى عنها ويذم على فعلها فكيف يذم على فعل نفسه وقد صحت حكمته.

وأما قوله : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) [الحديد: ٢٢] ، بمعنى : يخلقها فذلك مستقيم وهي المصائب النازلة من قبله تعالى في الأرض وفي الثمار والأشجار والأمتعة الأرضية ، ولا في أنفسكم النساء والأولاد والأحباب والأوداد ، والمصائب فيهم بالموت والمرض والصعق والبرق إلى غير ذلك من الأمور التي لا يقدر عليها سواه تعالى. فتفهم ذلك موفقا.

١١٦

مسألة [في الرؤية]

قال أرشده الله : قالت الزيدية إن الله تعالى لا يرى بالأبصار ولا يراه يوم القيامة عباده الأبرار. قال : وذلك باطل بدلالة قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة : ٢٢ ، ٢٣] ، وقوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) (١) [يونس : ٢٦] قال : والزيادة نظر الرب تعالى بالعيون الباقية على ما جاء ذلك عن الصحابة ، حتى لو ادعينا إجماعهم على ذلك لساغ لنا. قال : لأن الصحابة اختلفوا في رؤية الباري تعالى في الدنيا ، ولم يختلفوا في الآخرة فإن المروي عن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) [النجم : ١٣] أنه رآه بعيني رأسه ، وروي بعيني قلبه. قال : وإنما تعلقت الزيدية برواية شاذة عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت وقد سئلت عن ذلك : (قف شعري مما قلتم من زعم أن محمدا رأى ربه فهذا أعظم الفرية على الله) (٢) وهذا إن صح متأول وإجماع الأمة منعقد على أن الأنبياء

__________________

(١) في الأصل : لهم الحسنى وزيادة. وهو خطأ.

(٢) روى مسلم عن مسروق قال : كنت متكئا عند عائشة فقالت : يا أبا عائشة ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية. قلت : وما هن؟ قالت : من زعم أن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية. قال : وكنت متكئا فجلست فقلت : يا أم المؤمنين ، أنظريني ولا تعجليني ألم يقل الله عزوجل (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) ، (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى)؟ فقالت : أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله (ص) فقال : إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض. فقالت : أو لم تسمع أن الله يقول : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) أو لم تسمع أن الله يقول : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ). قالت : ومن زعم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية والله يقول : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) وفي رواية أخرى عن مسروق قال : سألت عائشة هل رأى محمد ربه؟ فقالت : سبحان الله لقد قفّ شعري لما قلت ، وساق الحديث ... إلخ.

أخرجه البخاري ٤ / ٢٣٨ ، ومسلم ١ / ١١٠ عن مسروق عن عائشة بلفظ متقارب وانظر (رؤية الله تعالى بين العقل والنقل) تأليف : الأستاذ عبد الله بن حمود العزي.

١١٧

عليهم‌السلام أعرف بتوحيد الله تعالى وعدله ، وسائر صفاته ، وما يجب عليه ويستحيل ، وأنهم لا يسألون الله تعالى ما لا يعلمون ، وقد قال موسى عليه‌السلام : (رب أرني انظر إليك). قال : وقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته» (١) وروي بلفظ غير هذا والمعنى واحد. قال : وقد كفى الله بخذلهم ، وبين لهم أمرهم بقوله : (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) [السجدة : ١٠] ، وقال تعالى في اللقاء : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) [الأحزاب : ٤٤] يعني بذلك المؤمنين.

الجواب عن ذلك وبالله التوفيق : أن مذهب آل محمد سلام الله عليه وعليهم وكافة أهل العدل والتوحيد من أتباعهم رضي الله عنهم متقرر على نفي الرؤية عن الله سبحانه في الدنيا والآخرة لكون ذلك مستحيلا في حقه جل وعلا من أن تدركه الأبصار ، وتحيط به الأقطار ، وتدركه الحواس ، أو يقاس بالناس ، وكيف تدرك الجوارح باريها ، وتشاهد الأدوات خالقها ، فلو شاركها في أن يكون مدركا لكان محتاجا إلى الصانع مثلها.

وعندنا أنه تعالى لا يرى بالأبصار وهذا مذهب العدل ، والدليل على ذلك : أنه لو جاز أن يرى في حال من الأحوال لرأيناه الآن ؛ ومعلوم أنا لا نراه الآن فثبت أنه لا يجوز رؤيته في حال من الأحوال ، أما أنه لو جاز أن يرى في حال

__________________

(١) أخرجه بهذا اللفظ أبو عوانة في مسنده ١ / ٣٧٦ ، وهو في مسند أبي حنيفة ١٩ ، كما في موسوعة أطراف الحديث ٥ / ٢١٤ وهو في نفس الموسوعة ٣ / ٤٩٧ بلفظ : «إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته» وعزاه إلى تفسير ابن كثير ٨ / ٣٠٥ ، والسنة لابن أبي عاصم ١ / ١٩٦ ، وشرح السنة للبغوي ٢ / ٢٢٤ ، وإتحاف السادة المتقين ١٠ / ٥٥٣ ، وهو في موسوعة أطراف الحديث ٣ / ٥٠٠ بلفظ : «إنكم سترون ربكم ...» إلخ وعزاه إلى البخاري ١ / ١٤٥ ، ٦ / ١٧٣ ، ومسلم في المساجد ٢١١ ، وأبي داود برقم (٤٧٢٩) والترمذي برقم (٢٥٥٤) ، وابن ماجه برقم (١٧٧) ، وأحمد بن حنبل ٤ / ٣٦٠ وغيرها.

١١٨

من الأحوال لرأيناه الآن ، فلأنا على الحال التي يصح نرى جميع ما يصح رؤيته لكوننا أحياء سليمي الحواس وهو تعالى موجود ، والموانع بيننا وبينه مرتفعة ، وكل رائي ومرئي يكونان بهذه الصفة لا بد أن يرى الرائي المرئي.

وأما أنا لا نراه الآن فذلك معلوم لنا ضرورة ، وليس فيه خلاف يظهر فثبت أنه لا يجوز رؤيته في حال من الأحوال.

وأما ما ذكره من الاحتجاج بقوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة : ٢٢ ، ٢٣] ، فإن معنى ذلك عند آل محمد صلوات الله عليه وعليهم أن إلى واحد آلاء يقول آلاء وإلى كما يقول أمعاء ومعي ، فمعنى إلى ربها ناظرة نعمة ربها ناظرة ، فهي تنظر إلى نعم ربها عزوجل تلذذا وتفكها مع ما يصلها من النعيم المقيم ، والخير الجسيم ، وقد قيل : إن ذلك من المجاز ، وأن قوله (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) يريد إلى ثواب ربها ، فحذف الثواب كما قال تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها) [يوسف : ٨٢] ، يريد أهل القرية وأهل العير ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، وذلك جائز في اللسان العربي فلا وجه لإنكاره لأن الوجوه لو نظرت الباري تعالى لكان في جهة أو حالا فيما هو في جهة ، ولو كان كذلك لكان جسما أو لونا ، والأجسام والألوان محدثة وهو تعالى قديم ، فلا يجوز ذلك عليه تعالى في دنيا ولا آخرة وقد قال تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الأنعام : ١٠٣] ، فتمدح بنفي إدراك الأبصار وهو رؤيتها تمدحا راجعا إلى ذاته ، فلا يجوز إثبات ما تمدح الله تعالى بنفيه عن نفسه.

أما أنه تعالى تمدح بذلك فهو ظاهر ، وأما أن التمدح راجع إلى ذاته فكذلك ،

١١٩

وأما أنه لا يجوز إثبات ما تمدح بنفيه عن نفسه فلأن ذلك يكون نقصا في حقه وإلحاق النقص به لا يجوز.

وأما قوله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦] فالحسنى عند أهل البيتعليهم‌السلام المستحق ، والزيادة التفضل ، فلا بد من حصول ذلك لهم في دار الكرامة.

وأما قولهم : إن العيون الباقية تدركه فلا فرق في الإدراك بين الباقية والفانية ، فلو أدركته عيون الآخرة لأدركته عيون الدنيا إلا أن يدعي إدراك غير معقول كما زعمته الأشعرية ، فكذلك يفتح باب الجهالات.

وأما أن ذلك رأي الصحابة فهو غير مسلّم ، لأن رءوس الصحابة أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأقوالهم شاهدة متواترة متظاهرة ، بنفي الرؤية عن الباري عزوجل في الدنيا والآخرة ، ويكفيك من ذلك المشهور من علي بن أبي طالب أمير المؤمنين سلام الله عليه وعلى آله الطيبين في (نهج البلاغة) وغيره فإنه مشحون بذلك.

وأما ما روي عن ابن عباس أنه قال : (رآه بعيني رأسه) (١) فإن ذلك صحيح ،

__________________

(١) قال السيوطي في الديباج ١ / ٢٢٢ قال النووي : الراجح عند أكثر العلماء أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى ربه بعيني رأسه ليلة الإسراء لحديث بن عباس وغيره ثم تكلم في ذلك منتصرا لمذهبه في الرؤية ، وانظر في ذلك فتح الباري ٨ / ٦٠٩ تجد كلاما في هذا الموضوع وتجد ما ينفيه في السنن الكبرى للنسائي الجزء السادس ص ٣٣٥ ، ٤٧١ ، ٤٧٢. وأن رسول الله رأى جبريل وكذلك في سنن الترمذي ج ٥ / ٢٦٢ ، ٣٧٤ ؛ ما يفيد أنه رأى جبريل. وما روي عن ابن عباس أن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى ربه فهو مروي عن عكرمة وعكرمة من أكذب الناس على ابن عباس. وانظر في الموضوع مسند أبي عوانة ١ / ١٥٥ ، ومجمع الزوائد ٧ / ١٥٥ ، ومسند الربيع ص ٤٣ ، وفيه عن عائشة : من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية. وكذلك انظر صحيح ابن حيان ١ / ٢٥٧. والبخاري ٣ / ١١٨١ ، ٤ / ١٨٤٠ ، ٦ / ٢٦٨٧ ، ومسلم ١ / ١٥٩. وانتصر ابن أبي عاصم في كتابه السنة ١ / ١٨٨ لحديث عكرمة عن ابن عباس ولا عبرة بمثل ابن أبي عاصم المجسم في مثل هذا الموضوع.

١٢٠