لأكون مع الصادقين

الدكتور محمّد التيجاني السماوي

لأكون مع الصادقين

المؤلف:

الدكتور محمّد التيجاني السماوي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر
المطبعة: افق
الطبعة: ١٠
ISBN: 978-964-438-265-9
الصفحات: ٢٤٨

عقيدة الشيعة في القضاء والقدر

وما إن عرفت علماء الشيعة (١) وقرأت كتبهم حتى اكتشفت علماً جديداً في القضاء والقدر.

وقد أوضحه الإمام علي (عليه‌السلام) بأوضح بيان وأشمله إذ قال لمن سأله عن القضاء والقدر :

«ويحك لعلك ظننت قضاء لازماً وقدراً حاتماً ، ولو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، وسقط الوعد والوعيد.

إن الله سبحانه أمر عباده تخييراً ، ونهاهم تحذيراً ، وكلّف يسيراً ولم يكلّف عسيراً ، وأعطى على القليل كثيراً ، ولم يعص مغلوباً ، ولم يطع مكرها ، ولم يرسل الأنبياء لعباً ، ولم ينزل الكتب للعباد عبثاً ، ولا خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً. (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ...) (٢).

__________________

(١) كالشهيد محمد باقر الصدر طيّب الله ثراه الذي أفادني كثيراً في الموضوع وكالسيد الخوئي والعلامة محمد علي الطباطبائي والسيد الحكيم وغيرهم.

(٢) شرح نهج البلاغة للشيخ محمد عبده ج ٤ ص ٦٧٣.

١٤١

فما أوضحه من بيان ، وما قرأت في الموضوع كلاماً أبلغ منه وبرهاناً أدل على الحقيقة منه ، فالمسلم يقتنع بأن أعماله هي من محض إرادته واختياره ، لأن الله سبحانه أمرنا ولكنه ترك لنا حرية الاختيار وهو قول للإمام «إن الله أمر عباده تخييرا».

كما أنه سبحانه نهانا وحذّرنا عقاب مخالفته فدلّ كلامه على أن للإنسان حرية التصرّف وبإمكانه أن يخالف أوامر الله ، وفي هذه الحالة يستوجب العقاب ، وهو قول الإمام «ونهاهم تحذيراً»

وزاد الإمام علي (عليه‌السلام) توضيحاً للمسألة فقال : بأن الله سبحانه لم يعص مغلوباً ، ومعنى ذلك بأن الله لو أراد جبر عباده وإرغامهم على شيء ، لم يكن بمقدورهم جميعاً أن يغلبوه على أمره فدل ذلك على أنه ترك لهم حرية الاختيار في الطاعة والمعصية وهو مصداق لقوله تعالى (قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) (١)

ثمّ بعد ذلك يخاطب الإمام علي ضمير الإنسان ليصل إلى أعماق وجدانه فيأتي بالدليل القاطع على أنه لو كان الإنسان مجبوراً على أفعاله ، كما يعتقده البعض لكان إرسال الأنبياء وإنزال الكتب ضرباً من اللعب والعبث الذي يتنزّه الله جل جلاله عنه ، لأن دور الأنبياء سلام الله عليهم أجمعين وإنزال الكتب هو لإصلاح الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور وإعطائهم العلاج النافع لأمراضهم النفسية ، وتوضيح الطريقة المثلى للحياة السعيدة قال تعالى : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (٢)

ويختم الإمام علي بيانه بأن الاعتقاد بالجبر هو نفس الاعتقاد (يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً) وهو كفر توعد الله القائلين به بالنار.

__________________

(١) سورة الكهف آية ٢٩.

(٢) سورة الإسراء آية ٩.

١٤٢

وإذا محصنا قول الشيعة في القضاء والقدر وجدناه قولاً سديداً ورأياً رشيداً ، فبينما فرّطت طائفة فقالت بالجبر أفرطت أخرى فقالت بالتفويض ، جاء أئمة أهل البيت سلام الله عليهم ليصححوا المفاهيم والمعتقدات ويرجعوا بهؤلاء وأولئك ، فقالوا : «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين» (١).

وقد ضرب الإمام جعفر الصادق لذلك مثلاً مبسطا يفهمه كل الناس وعلى قدر عقولهم فقال للسائل عند ما سأله : ما معنى قولك لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين؟ أجابه عليه‌السلام : «ليس مشيك على الأرض كسقوطك عليها» ومعنى ذلك أننا نمشي على الأرض باختيارنا ولكننا عند ما نسقط على الأرض فهو بغير اختيارنا ، فمن منا يحبّ السقوط الذي قد يسبب كسر بعض الأعضاء من جسمنا فنصبح معاقين.

فيكون القضاء والقدر أمراً بين أمرين ، أي قسم هو من عندنا وباختيارنا ونحن نفعله بمحض إرادتنا.

وقسم ثان هو خارج عن إرادتنا ونحن خاضعون له ، ولا نقدر على دفعه ، فنحاسب على الأول ولا نحاسب على الثاني.

والإنسان في هذه الحالة وفي تلك مخيّر ومسيّر في نفس الوقت.

أ ـ مخيّر في أفعاله التي تصدر منه بعد تفكير ورويّة إذ يمر بمرحلة التخيير والصراع بين الإقدام والإحجام ، وينتهي به الأمر إما بالفعل أو الترك ، وهذا ما أشار إليه سبحانه بقوله : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) (٢)

فالتزكية للنفس والدس لها هما نتيجة اختيار الضمير في كل إنسان كما أن الفلاح والخيبة هما نتيجة حتمية وعادلة لذلك الاختيار.

__________________

(١) عقائد الشيعة في القضاء والقدر.

(٢) سورة الشمس آية ٦ ١٠.

١٤٣

ب ـ مسيّر في كل ما يحيط به من نواميس الكون وحركته الخاضعة كلها لمشيئة الله سبحانه بكل أجزائها ومركّباتها وأجرامها وذراتها ، فالإنسان ليس له أن يختار جنسه من ذكورة وأنوثة ولا أن يختار لونه فضلاً عن اختيار أبويه ليكون في أحضان أبوين موسرين بدلاً من أن يكونوا فقراء ، ولا أن يختار حتى طول قامته وشكل جسده.

فهو خاضع لعدة عوامل قاهرة (كالأمراض الوراثية مثلا) ولعدة نواميس طبيعية تعمل لفائدته بدون أن يتكلف فهو ينام عند ما يتعب ويستيقظ عند ما يرتاح ، ويأكل عند ما يجوع ويشرب عند ما يعطش ، ويضحك وينشرح عند ما يفرح ، ويبكي وينقبض عند ما يحزن ، وفي داخله معامل ومصانع تصنع الهورمونات والخلايا الحية ، والنطف القابلة للتحول ، وتبني في نفس الوقت جسمه في توازن منسق عجيب ، وهو في كل ذلك غافل لا يدري بأن العناية الإلهية محيطة به في كل لحظة من لحظات حياته بل وحتى بعد مماته! يقول الله عزوجل في هذا المعنى :

(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً ، أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ، ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) (١)

بلى ، سبحانك وبحمدك ربنا الأعلى أنت الذي خلقت فسويت وانت الذي قدّرت فهديت وأنت الذي أمت ثمّ أحييت ، تباركت وتعاليت ، فتعساً وبعداً لمن خالفك ونأى عنك ولم يقدّرك حق قدرك.

ولنختم هذا البحث بما قاله الإمام علي بن موسى الرضا وهو الإمام الثامن من أئمة أهل البيت عليهم‌السلام وقد اشتهر بالعلم في عهد المأمون ولم يبلغ

__________________

(١) سورة القيامة آية ٣٦ ٤٠.

١٤٤

الرابعة عشر من عمره حتى كان أعلم أهل زمانه (١).

سأله سائل عن معنى قول جده الإمام الصادق «لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين» فأجابه الإمام الرضا :

«من زعم أن الله يفعل أفعالنا ، ثمّ يعذبنا عليها فقد قال بالجبر ، ومن زعم أن الله فوّض أمر الخلق والرزق إلى حججه أي الأئمة فقد قال بالتفويض ، والقائل بالجبر كافر ، والقائل بالتفويض مشرك.

أما معنى الأمر بين الأمرين فهو وجود السبيل إلى إتيان ما أمر الله به ، وترك ما نهى عنه ، أي أن الله سبحانه أقدره على فعل الشر وتركه ، كما أقدره على فعل الخير وتركه ، وأمره بهذا ونهاه عن ذاك».

وهذا لعمري بيان كاف وشاف على مستوى العقول ويفهمه كل الناس من المثقفين وغير المثقفين.

وصدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ قال في حقهم :

«لا تتقدموهم فتهلكوا ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم» (٢).

__________________

(١) العقد الفريد لابن عبد ربه. ج ٣ ص ٤٢.

(٢) ابن حجر في الصواعق المحرقة ص ١٤٨. مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٦٣.

ينابيع المودة ص ٤١ الدر المنثور للسيوطي ج ٢ ص ٦٠ كنز العمال ج ١ ص ١٦٨ أسد الغابة ج ٣ ص ١٣٧ عبقات الأنوار ج ١ ص ١٨٤.

١٤٥
١٤٦

تعليقة على الخلافة

ضمن القضاء والقدر

والطريف في هذا الموضوع أن اهل السنة والجماعة رغم اعتقادهم بالقضاء والقدر الحتمي وأن الله سبحانه هو الذي يسيّر عباده في أعمالهم وليس لهم الخيرة في شيء ، ولكنهم في أمر الخلافة يقولون بأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مات وترك الأمر شورى بين الناس ليختاروا لأنفسهم.

والشيعة على العكس تماماً ، فرغم اعتقادهم بأن الإنسان مخيّر في أعماله وأن عباد الله يفعلون ما شاءوا (ضمن مقولة لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين) إلا أنهم في أمر الخلافة يقولون بأنه لا حق لهم في الاختيار!

ويبدو هذا وكأنه تناقض من الطرفين ، السنة والشيعة لأول وهلة ، ولكن الحقيقة ليست كذلك.

فالسنة عند ما يقولون بأن الله سبحانه هو الذي يسيّر عباده في أعمالهم ، يتناقضون مع الواقع إذ أن الله سبحانه (عندهم) هو المخيّر الفعلي ولكنه يترك لهم الخيار الوهمي إذ أن الذي اختار أبا بكر يوم السقيفة ، هو عمر ثمّ بعض الصحابة ، ولكن في الحقيقة هو منفذون لأمر الله الذي جعلهم واسطة ليس إلا على حسب هذا الزعم.

١٤٧

وأما الشيعة عند ما يقولون بأن الله سبحانه خيّر عباده في أفعالهم ، فلا يتناقضون مع قولهم بأن الخلافة هي باختيار الله وحده (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ، ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) لأن الخلافة كالنبوة ليست هي من أعمال العباد ولا موكولة إليهم ، فكما أن الله يصطفي رسوله من بين الناس ويبعثه فيهم فكذلك بالنسبة لخليفة الرسول ، وللناس أن يطيعوا أمر الله ولهم أن يعصوه ، كما وقع بالفعل في حياة الأنبياء وعلى مر العصور فيكون العباد أحراراً في قبول اختيار الله ، فالمؤمن الصالح يقبل ما اختاره الله ، والكافر بنعمة ربه يرفض ما اختاره الله له ويتمرد عليه ، قال تعالى :

(فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ، قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً ، قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها ، وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) (١).

ثمّ انظر إلى نظرية أهل السنة والجماعة في هذه المسألة بالذات فسوف لن تلقي باللوام على أحد ، لأن كل ما وقع ويقع بسبب الخلافة وكل الدماء التي أريقت والمحارم التي هتكت كل ذلك من الله ، حيث عقب بعض من يدعي العلم منهم بقوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ) (٢).

أما نظرية الشيعة فهي تحمل المسئولية كل من تسبب في الانحراف وكل من عصى أمر الله وكل على قدر وزره ووزر من تبع بدعته إلى يوم القيامة (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) قال تعالى : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٣).

__________________

(١) سورة طه آية ١٢٣ ١٢٦.

(٢) سورة الأنعام آية ١١٢.

(٣) سورة الصافات آية ٢٤

١٤٨

الخمس

وهو أيضاً من المواضيع الذي يختلف فيه الشيعة والسنة وقبل الحكم لهم أو عليهم. لا بد لنا من بحث موجز في موضوع الخمس : ولنبدأ بالقرآن الكريم. قال تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ...) (١).

وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«أمركم بأربع : الإيمان بالله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تؤدوا لله خمس ما غنمتم» (٢).

فالشيعة امتثالاً لأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخرجون خمس ما حصلوا عليه من أموال طيلة سنتهم ، ويفسرون معنى الغنيمة بكل ما يكسبه الإنسان من أرباح بصفة عامة.

أما أهل السنة والجماعة فقد أجمعوا على تخصيص الخمس بغنائم الحرب

__________________

(١) سورة الأنفال آية ٤١.

(٢) صحيح البخاري ج ٤ ص ٤٤.

١٤٩

فقط ، وفسّروا قوله سبحانه وتعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) يعني ما حصّلتم خلال الحرب.

هذه خلاصة أقوال الفريقين في الخمس وقد كتب علماء الفريقين عدة مقالات في المسألة.

ولست أدري كيف أقنع نفسي أو غيري بآراء أهل السنة التي اعتمدت على ما أظن أقوال الحكام من بني أمية وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان الذي استأثر بأموال المسلمين وخص نفسه وحاشيته بكل صفراء وبيضاء.

فلا غرابة في تأويلهم لآية الخمس على أنها خاصة بدار الحرب لأن سياق الآية الكريمة جاء ضمن آيات الحرب والقتال ، وكم لهم من تأويل للآيات على سياق ما قبلها أو ما بعدها.

فهم يؤولون مثلاً أية إذهاب الرجس والتطهير على أنها خاصة بنساء النبي لأن ما قبلها وما بعدها يتكلم عن نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

كما يؤولون قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) على أنها خاصة في أهل الكتاب.

وقصة أبي ذر الغفاري رضي الله عنه مع معاوية وعثمان بن عفان ونفيه إلى الربذة من أجل ذلك مشهورة. إذ أنه عاب عليهم كنزهم الذهب والفضة وكان يحتج بهذه الآية عليهم ولكن عثمان استشار كعب الأحبار عنها فقال له بأنها خاصة بأهل الكتاب ، فشتمه أبو ذر الغفاري وقال له : ثكلتك أمك يا ابن اليهودية أو تعلمنا ديننا؟ فغضب لذلك عثمان ، ثمّ نفاه إلى الربذة بعد ما تعاظم انزعاجه منه فمات هناك وحيداً طريداً لم تجد ابنته حتى من يغسله ويكفنه.

وأهل السنة والجماعة لهم في تأويل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية فنّ معروف وفقه مشهور وذلك اقتداء بما تأوله الخلفاء الأولون والصحابة المشهورة

١٥٠

في خصوص النصوص الصريحة من الكتاب والسنة (١).

ولو أردنا استقصاء ذلك لاستوجب كتاباً خاصاً ، ويكفي الباحث أن يرجع إلى كتاب «النص والاجتهاد» ليعرف كيف يتلاعب المتأولون بأحكام الله سبحانه.

وأنا كباحث ليس لي أن أتأول الآيات القرآنية والأحاديث النبوية حسب ما أهوى أو حسب ما يمليه علي المذهب الذي أميل إليه.

ولكن ما حيلتي إذا كان أهل السنة والجماعة هم الذين أخرجوا في صحاحهم فرض الخمس في غير دار الحرب ، ونقضوا بذلك تأويلهم ومذهبهم.

فقد جاء في صحيح البخاري في باب «في الركاز الخمس» وقال مالك وابن ادريس الركاز دفن الجاهلية في قليلة وكثيره الخمس ، وليس المعدن بركاز وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «في المعدن جبار وفي الركاز الخمس» (٢) وجاء في باب ما يستخرج من البحر : وقال ابن عباس رضي الله عنهما ليس العنبر بركاز هو شيء دسره البحر وقال الحسن في العنبر واللؤلؤ الخمس فإنما جعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الركاز الخمس ليس في الذي يصاب في الماء (٣).

والباحث يفهم من خلال هذه الأحاديث بأن مفهوم الغنيمة التي أوجب الله فيها الخمس لا تختص بدار الحرب لأن الركاز الذي هو كنز يستخرج من باطن الأرض وهو ملك لمن استخرجه ، ولكن يجب عليه دفع الخمس منه لأنه غنيمة. كما أن الذي يستخرج العنبر واللؤلؤ من البحر يجب عليه إخراج الخمس لأنه

__________________

(١) جمع الإمام شرف الدين في كتابه النص والاجتهاد أكثر من مائة مورد تأولوا فيها النصوص الصريحة فعلى الباحثين قراءة هذا الكتاب لأنه ما جمع إلا ما أخرجوه علماء السنة معترفين بصحته.

(٢) صحيح البخاري ج ٢ ص ١٣٧ (باب في الركاز الخمس).

(٣) صحيح البخاري ج ٢ ص ١٣٦ (باب ما يستخرج من البحر).

١٥١

غنيمة.

وبما أخرجه البخاري في صحيحه يتبين لنا أن الخمس لا يختص بغنائم الحرب.

فرأي الشيعة يبقى دائماً مصداق الحقيقة التي لا تناقض فيها ولا إختلاف وذلك لأنهم يرجعون في كل أحكامهم وعقائدهم إلى أئمة الهدى الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، والذين هم عدل الكتاب لا يضل من تمسك بهم ويأمن من يلجأ إليهم.

على أنه لا يمكن لنا أن نعتمد على الحروب لإقامة دولة الإسلام ، وذلك يخالف سماحة الإسلام ودعوته للسلم فالإسلام ليس دولة استعمارية تقوم على استغلال الشعوب ونهب خيراتها وهو ما يحاول الغربيون إلصاقه بنا عند ما يتكلمون عن نبي الإسلام بكل ازدراء ويقولون بأنه توسع بالقوة والقهر وبالسيف لاستغلال الشعوب.

وبما أن المال هو عصب الحياة ، وخصوصاً إذا كانت نظرية الاقتصاد الإسلامي تقتضي إيجاد ما يسمى اليوم بالضمان الاجتماعي لتضمن للمعوزين والعاجزين معاشهم بكرامة وشهامة.

فلا يمكن لدولة الإسلام أن تعتمد على ما يخرجه أهل السنة والجماعة من الزكاة وهي تمثل في أحسن الأحوال اثنين ونصف بالمائة وهي نسبة ضعيفة لا تقوم بحاجة الدولة من إعداد القوة ومن بناء المدارس والمستشفيات وتعبيد الطرقات فضلاً عن أن تضمن لكل فرد دخلاً يكفي معاشه ويضمن حياته ، كما لا يمكن لدولة الإسلام أن تعتمد على الحروب الدامية وقتال الناس لتضمن بقاءها وتطور مؤسساتها على حساب المقتولين الذين لم يرغبوا في الإسلام.

فأئمة أهل البيت سلام الله عليهم كانوا أعلم بمقاصد القرآن ، كيف لا وهم ترجمانه ، وكانوا يرسمون للدولة الإسلامية معالم الاقتصاد ، ومعالم الاجتماع ، لو كان لهم رأي يطاع.

١٥٢

ولكن للأسف الشديد كانت السلطة والقيادة في يد غيرهم الذين اغتصبوا الخلافة بالقوة والقهر وبقتل الصلحاء من الصحابة واغتيالهم كما فعل ذلك معاوية ، وبدلوا أحكام الله بما اقتضته مصالحهم السياسية والدنيوية فضلوا وأضلوا وتركوا هذه الأمة تحت الحضيض لم تقم لها قائمة حتى يومنا هذا.

فبقيت تعاليم أئمة أهل البيت مجرد أفكار ونظريات يؤمن بها الشيعة ولم يجدوا لتطبيقها من سبيل إذ أنهم كانوا مطاردين في مشارق الأرض ومغاربها ، وقد تتبعهم الأمويون والعباسيون عبر العصور.

وما أن انقرضت الدولتان وأوجد الشيعة مجتمعاً عملوا بأداء الخمس الذي كانوا يؤدونه للأئمة سلام الله عليهم خفية ، وهم الآن يؤدونه إلى المرجع الذي يقلدونه ، نيابة عن الإمام المهدي عليه‌السلام ، وهؤلاء يقومون بصرفه في أبوابه المشروعة ، من تأسيس حوزات علمية ، ومبرّات خيرية ومكتبات عمومية ، ودور أيتام وغير ذلك من أعمال جليلة كدفع رواتب شهرية لطلبة العلوم الدينية والعلمية وغيرها.

ويكفينا أن نستنتج من هذا أن علماء الشيعة مستقلون عن السلطة الحاكمة ، لأن الخمس يفي بحاجاتهم ويقومون بإعطاء كل ذي حق حقه.

أما علماء أهل السنة والجماعة فهم عالة على الحكام وموظفون لدى السلطة الحاكمة في البلاد ، وللحاكم أن يقرّب من شاء منهم أو يبعّد حسب تعاملهم معه وإفتائهم لمصالحه. فأصبح العالم بذلك أقرب إلى الحاكم منه إلى مجرد عالم! وهو بعض الآثار الوخيمة التي ترتبت على ترك العمل بفريضة الخمس بمعناها الذي فهمه أهل البيت عليهم‌السلام.

١٥٣

التقليد

يقول الشيعة : أما فروع الدين وهي أحكام الشريعة المتعلقة بالأعمال العبادية : كالصلاة والصيام ، والزكاة والحج فالواجب في أحكامها أحد الأمور الثلاثة :

أ ـ أن يجتهد وينظر الإنسان في أدلة الأحكام إذا كان أهلاً لذلك.

ب ـ أو أن يحتاط في أعماله إذا كان يسعه الاحتياط.

ت ـ أو أن يقلد المجتهد الجامع للشرائط ، بأن يكون من يقلده حيّاً عاقلاً ، عادلاً ، عالماً ، صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه.

والاجتهاد في الأحكام الفرعية واجب كفائي على جميع المسلمين ، فإذا نهض به من اجتمعت فيه الشروط سقط عن باقي المسلمين ، فيجوز لهم تقليده والرجوع إليه في فروع دينهم ، لأن رتبة الاجتهاد ليست من الأمور الميسورة ولا هي في متناول الجميع بل تحتاج إلى كثير من الوقت والعلوم والمعارف والاطلاع ، وهذا لا يتهيأ إلا لمن جد وكد وأمضى عمره في البحث والتعلم ، ولا ينال الاجتهاد إلا ذو حظ عظيم.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

١٥٤

«من أراد الله به خيراً فقهه في الدين»

وقول الشيعة هذا لا يختلف عن قول أهل السنة والجماعة ، إلا في شرط حياة المجتهد.

غير أن الخلاف الواضح بينهم هو في العمل بالتقليد إذ أن الشيعة يعتقدون بأن المجتهد الجامع للشروط المذكورة ، هو نائب للإمام عليه‌السلام في حال غيبته فهو الحاكم والرئيس المطلق ، له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس ، والراد عليه راد على الإمام.

فليس المجتهد الجامع للشروط عند الشيعة مرجعاً يرجع إليه في الفتيا فحسب ، بل أن له الولاية العامة على مقلديه فيرجعون إليه في الأحكام والفصل بينهم في ما اختلفوا فيه من القضاء ، ويعطونه الزكاة وخمس أموالهم يتصرف بها كما تفرضه عليه الشريعة نيابة عن إمام الزمان (عليه‌السلام).

أما عند أهل السنة والجماعة فليس للمجتهد هذه المرتبة ، ولكنهم يرجعون في المسائل الفقهية لأحد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب ، وهم أبو حنيفة ومالك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، والمعاصرون من أهل السنة قد لا يلتزمون بتقليد واحد من هؤلاء على سبيل التعيين ، فقد يأخذون بعض المسائل من أحدهم والبعض الآخر من غيره حسبما تقتضيه حاجتهم كما فعل ذلك السيد سابق الذي ألف فقهاً مأخوذاً من الأربعة.

لأن أهل السنة والجماعة يعتقدون بأن الرحمة في اختلافهم فللمالكي مثلاً أن يأخذ برأي أبي حنيفة إذا وجد حلا لمشكلته قد لا يجده عند مالك.

وأضرب لذلك مثلا حتى يتبين للقارئ فيفهم المقصود كان عندنا في تونس (في وقت المحاكم القضائية) فتاة بالغة أحبت رجلا وأرادت الزواج منه ، ولكن أباها رفض أن يزوجها من هذا الشاب لسبب «الله أعلم به» فهربت الفتاة من بيت أبيها وتزوجت ذلك الشاب بدون إذن أبيها ، ورفع الأب شكوى ضد الزواج.

١٥٥

ولما حضرت الفتاة وزوجها لدى القاضي وسألها عن السبب في الهروب من البيت والزواج بدون إذن وليها قالت : سيدي ، أنا عمري خمسة وعشرون عاماً وأحببت الزواج من هذا الرجل على سنة الله ورسوله ، ولأن أبي يريد أن يزوجني بمن أكره ، فتزوجت على رأي أبي حنيفة الذي يعطيني حق الزواج بمن أحب لأني بالغة.

يقول القاضي رحمة الله عليه (روى لي هو بنفسه هذه القصة) «فجئنا في المسألة فوجدناها على حق ، وأعتقد بأن أحد العلماء المطّلعين هو الذي لقّنها ما ذا تقول» يقول هذا القاضي فرددت دعوة الأب وأمضيت الزواج فخرج الأب غاضباً يضرب يديه على بعضها ويقول : «حنّفت الكلبة» أي أن أبنته تركت مالك واتبعت أبا حنيفة ، وكلمة الكلبة فيها إهانة لابنته التي قال فيما بعد بأنه يتبرأ منها. والمسألة هي إختلاف في اجتهاد المذاهب فبينما يرى مالك أن الفتاة البكر لا يصح زواجها إلا بأذن ولي الأمر وحتى إذا كانت ثيبا فهو شريكها في الزواج فلا تنفرد به وحدها ولا بد من موافقته ، يرى أبو حنيفة : أن البالغة بكراً كانت أم ثيباً ، لها أن تنفرد باختيار الزوج وأن تنشئ العقد بنفسها.

فهذه المسألة الفقهية فرّقت بين الاب وابنته حتى تبرأ منها وكثيراً ما كان الآباء يتبرّءون من بناتهم لعدة أسباب منها الهروب من البيت مع رجل تحب الزواج منه ولهذا التبري عواقب وخيمة إذا أن الأب يلجأ في أغلب الأحيان إلى حرمان ابنته من الميراث وتبقى الفتاة عدوة للإخوة الذين يتبرّءون بدورهم من أختهم التي جلبت لهم العار.

فليست القضية إذن كما يقول أهل السنة بأن في اختلافهم رحمة أو على الأقل ليست الرحمة في كل القضايا الخلافية.

ويبقى بعد هذا خلاف آخر بينهما ألا وهو تقليد الميت ، فأهل السنة يقلدون أئمة ماتوا منذ قرون ، وأغلق عندهم باب الاجتهاد من ذلك العهد ، وكل من جاء بعدهم من العلماء اقتصروا على الشروح والمدونات شعراً ونثراً لفقه المذاهب الأربعة ، وقد تعالت أصوات المنادين من بعض المعاصرين بفتح الباب

١٥٦

والرجوع للاجتهاد لما تقتضيه مصلحة الزمان ولما استجد من أمور كانت مجهولة في زمن الأئمة الأربعة.

أما الشيعة فلا يجوّزون تقليد الميت ويرجعون في كل أحكامهم إلى المجتهد الحي الجامع للشروط التي ذكرناها سابقاً وذلك بعد غيبة الإمام المعصوم والذي كلفهم بالرجوع إلى العلماء العدول في زمن غيبته وحتى ظهوره.

فالسني المالكي مثلاً يقول : هذا حلال وهذا حرام على قول الإمام مالك : وهو ميت منذ أكثر من اثني عشر قرناً ، وكذلك يقول السني الحنفي والشافعي والحنبلي لأن هؤلاء الأئمة عاشوا في عصر واحد وتتلمذ بعضهم على بعض.

كما لا يعتقد السني في عصمة هؤلاء الأئمة الذين لم يدّعوها لأنفسهم بل جوّزوا عليهم الخطأ والصواب ويقولون بأنهم مأجورون في كل اجتهاداتهم فلهم أجران إن أصابوا ولهم أجر واحد إذا أخطئوا.

والشيعي الإمامي مثلاً عنده مرحلتان في التقليد :

المرحلة الأولى : وهي زمن الأئمة الاثني عشر وقد امتدت هذه المرحلة ثلاثة قرون ونصف تقريباً ، وفيها كان الشيعي يقلد الإمام المعصوم الذي لا يقول برأيه واجتهاده ، وإنما بعلم وروايات توارثها عن جده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول في المسألة : روى أبي عن جدي عن جبريل عن الله عزوجل

المرحلة الثانية : وهي زمن الغيبة التي امتدت حتى اليوم فالشيعي يقول هذا حلال وهذا حرام على رأي السيد الخوئي أو السيد الخميني مثلاً ، وكلاهما حي ورأيهما لا يتعدى الاجتهاد في استنباط الأحكام من نصوص القرآن والسنة على روايات أئمة أهل البيت أولاً ثمّ الصحابة العدول ثانياً وهم عند ما يبحثون في روايات أئمة أهل البيت بالدرجة الأولى ذلك لأن هؤلاء الأئمة يرفضون استعمال الرأي في الشريعة ويقولون : ما من شيء إلا ولله فيه حكم ، فإذا ما فقدنا حكما في مسألة ما فليس ذلك يعني أن الله سبحانه أهمله ، ولكن قصورنا وجهلنا لم يصلا بنا إلى معرفة الحكم فالجهل بالشيء وعدم معرفته ليس دليلاً على عدمه

١٥٧

والدليل على ذلك قوله سبحانه وتعالى (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) (١).

__________________

(١) سورة الأنعام آية ٣٨.

١٥٨

العقائد التي يشنع بها

أهل السنة على الشيعة

ومن العقائد التي يشنع بها أهل السنة على الشيعة ما هو محض التعب المقيت الذي أولده الأمويون والعباسيون في صدر الإسلام ، بما كانوا يحقدون على الإمام علي ويبغضونه حتى لعنوه على المنابر أربعين عاماً.

فلا غرابة ان يشتموا كل من تشيع له ويرموه بكل عار وشنار حتى وصل الأمر بهم أن يقال لأحدهم يهودي أحب إليه من أن يقال له شيعي. ودأب أتباعهم على ذلك في كل عصر ومصر وأصبح الشيعي مسبّة عند أهل السنة والجماعة لأنه يخالفهم في معتقداتهم وخارج عن جماعتهم ، فهم يقذفونه بما شاءوا ويرمونه بكل التهم وينبزونه بشتى الألقاب ، ويخالفونه في كل أقواله وأفعاله.

ألا ترى بأن بعض علماء أهل السنة المشهورين يقولون : «بان لبس الخاتم في اليد اليمنى هو سنة نبوية ، ولكن يجب تركها لأن الشيعة اتخذوا ذلك شعاراً لهم» (١).

__________________

(١) مصنف «الهداية» كما أخرج الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار بأن أول من تختّم باليسار خلاف السنة النبوية هو معاوية بن أبي سفيان.

١٥٩

وهذا حجة الإسلام أبو حامد الغزالي يقول : إن تسطيح القبور هو المشروع في الدين لكن لما جعلته الرافضة شعاراً لهم عدلنا عنه إلى التسنيم.

وهذا ابن تيمية الموصوف بالمصلح المجدد عند بعضهم يقول : ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعارا لهم أي للشيعة فإنه وإن لم يكن الترك واجباً لذلك ، لكن في إظهار ذلك مشابهة لهم فلا يتميّز السني من الرافضي ، ومصلحة التمييز عنهم لأجل هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحب (١).

وقال الحافظ العراقي عند ما تساءل عن كيفية إسدال العمامة : لم أر ما يدل على تعيين الأيمن إلا في حديث ضعيف عند الطبراني ، وبتقدير نبوته فلعله كان يرخيها من الجانب الأيمن ثمّ يردها إلى الجانب الأيسر كما يفعله بعضهم ، إلا أنه صار شعاراً للإمامية فينبغي تجنبه لترك التشبه بهم (٢).

سبحان الله! ولا حول ولا قوة إلا بالله! أنظر أخي القارئ إلى هذا التعصب الأعمى كيف يجيز لهؤلاء «العلماء» أن يخالفوا سنة النبي صلى الله عليهم وآله وسلم لأن الشيعة تمسكت بتلك السنين حتى صارت شعاراً لهم ، ثمّ هم لا يتحرجون من الاعتراف بذلك صراحة ، وأنا أقول الحمد لله الذي أظهر الحق لذي عينين ولكل مخلص يبحث عن الحقيقة ، الحمد لله الذي أظهر لنا بأن الشيعة هم الذين يتبعون سنة رسول الله وذلك بشهادتكم أنتم! كما شهدتم على أنفسكم بأنكم تركتم سنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمداً لتخالفوا بذلك أئمة أهل البيت وشيعتهم المخلصين واتبعتم سنة معاوية بن أبي سفيان كما شهد بذلك الإمام الزمخشري عند ما أثبت أن أول من تختم باليسار خلاف السنة النبوية هو معاوية بن أبي سفيان (٣).

__________________

(١) منهاج السنة لابن تيمية ج ٢ ص ١٤٣ (التشبه بالروافض)

(٢) شرح المواهب للزرقاني ج ٥ ص ١٣.

(٣) الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار.

١٦٠