تفسير القرآن العظيم - ج ٣

أبي الفداء اسماعيل بن عمر ابن كثير الدمشقي

تفسير القرآن العظيم - ج ٣

المؤلف:

أبي الفداء اسماعيل بن عمر ابن كثير الدمشقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2221-5

الصفحات: ٤٩٥

الحر بن قيس ، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر ، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبابا ، فقال عيينة لابن أخيه : يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه ، قال : سأستأذن لك عليه ، قال ابن عباس : فاستأذن الحر لعيينة فأذن له عمر ، فلما دخل عليه قال : هي يا ابن الخطاب فو الله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل ، فغضب عمر حتى همّ أن يوقع به ، فقال له الحر ، يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) وإن هذا من الجاهلين ، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه ، وكان وقافا عند كتاب الله عزوجل ، وانفرد بإخراجه البخاري.

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني مالك بن أنس عن عبيد الله بن نافع أن سالم بن عبد الله بن عمر مر على عير لأهل الشام وفيها جرس ، فقال : إن هذا منهي عنه ، فقالوا : نحن أعلم بهذا منك ، إنما يكره الجلجل الكبير ، فأما مثل هذا فلا بأس به ، فسكت سالم وقال (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (١).

وقول البخاري : العرف المعروف ، نص عليه عروة بن الزبير والسدي وقتادة وابن جرير وغير واحد ، وحكى ابن جرير (٢) : أنه يقال أوليته معروفا وعارفا ، كل ذلك بمعنى المعروف ، قال : وقد أمر الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يأمر عباده بالمعروف ، ويدخل في ذلك جميع الطاعات وبالإعراض عن الجاهلين ، وذلك وإن كان أمرا لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإنه تأديب لخلقه باحتمال من ظلمهم واعتدى عليهم لا بالإعراض عمن جهل الحق الواجب من حق الله ، ولا بالصفح عمن كفر بالله وجهل وحدانيته وهو للمسلمين حرب (٣). وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) قال : هذه أخلاق أمر الله بها نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ودله عليها ، وقد أخذ بعض الحكماء هذا المعنى فسبكه في بيتين فيهما جناس ، فقال :

خُذِ الْعَفْوَ وأمر بعرف كما

أمرت وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ

ولن في الكلام لكل الأنام

فمستحسن من ذوي الجاه لين

وقال بعض العلماء : الناس رجلان ، فرجل محسن فخذ ما عفا لك من إحسانه ولا تكلفه فوق طاقته ولا ما يحرجه ، وإما مسيء فمره بالمعروف فإن تمادى على ضلاله واستعصى عليك واستمر في جهله فأعرض عنه ، فلعل ذلك أن يرد كيده ، كما قال تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) [المؤمنون : ٩٦ ـ ٩٨] وقال تعالى : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ

__________________

(١) انظر الأثر في الدر المنثور ٣ / ٢٨١.

(٢) تفسير الطبري ٦ / ١٥٤.

(٣) تفسير الطبري ٦ / ١٥٤.

٤٨١

أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت : ٣٥] أي هذه الوصية (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [الأعراف : ٢٠٠].

وقال في هذه السورة الكريمة أيضا (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فهذه الآيات الثلاث في الأعراف والمؤمنون وحم السجدة لا رابع لهن ، فإنه تعالى ، يرشد فيهن إلى معاملة العاصي من الإنس بالمعروف بالتي هي أحسن فإن ذلك يكفه عما هو فيه من التمرد بإذنه تعالى ، ولهذا قال (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت : ٣٤] ثم يرشد تعالى إلى الاستعاذة به من شيطان الجان ، فإنه لا يكفه عنك الإحسان وإنما يريد هلاكك ودمارك بالكلية فإنه عدو مبين لك ولأبيك من قبلك.

وقال ابن جرير (١) في تفسير قوله (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) وإما يغضبنك من الشيطان غضب يصدك عن الإعراض عن الجاهل ويحملك على مجازاته (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) يقول : فاستجر بالله من نزغه (إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) سميع لجهل الجاهل عليك والاستعاذة به من نزغه ولغير ذلك من كلام خلقه لا يخفى عليه منه شيء عليم بما يذهب عنك نزغ الشيطان وغير ذلك من أمور خلقه.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : لما نزلت (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) قال : يا رب كيف بالغضب؟ ، فأنزل الله (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأعراف : ٢٠٠] قلت : وقد تقدم في أول الاستعاذة حديث الرجلين اللذين تسابا بحضرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فغضب أحدهما حتى جعل أنفه يتمرغ غضبا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» فقيل له ، فقال : ما بي من جنون (٢). وأصل النزغ الفساد إما بالغضب أو غيره ، قال الله تعالى : (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) [الإسراء : ٥٣] والعياذ الالتجاء والاستناد والاستجارة من الشر ، وأما الملاذ ففي طلب الخير ، كما قال أبو الطيب المتنبي في شعره: [البسيط]

يا من ألوذ به فيما أؤمّله

ومن أعوذ به مما أحاذره (٣)

لا يجبر الناس عظما أنت كاسره

ولا يهيضون عظما أنت جابره

__________________

(١) تفسير الطبري ٦ / ١٥٥.

(٢) أخرجه البخاري في الأدب باب ٤٤ ، ومسلم في البر حديث ١١٠ ، وأبو داودي الأدب باب ٣ ، والترمذي في الدعوات باب ٥١ ، وأحمد في المسند ٥ / ٢٤٠ ، ٢٤٤.

(٣) البيتان في ديوان المتنبي ١ / ٨٧ ، طبعة دار الكتب العلمية.

٤٨٢

وقد قدمنا أحاديث الاستعاذة في أول التفسير بما أغنى عن إعادته هاهنا.

(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١) وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) (٢٠٢)

يخبر تعالى عن المتقين من عباده الذين أطاعوه فيما أمر ، وتركوا ما عنه زجر أنهم (إِذا مَسَّهُمْ) أي أصابهم طيف. وقرأ الآخرون طائف ، وقد جاء فيه حديث وهما قراءتان مشهورتان ، فقيل بمعنى واحد ، وقيل بينهما فرق ، ومنهم من فسر ذلك بالغضب ، ومنهم من فسره بمس الشيطان بالصرع ونحوه ، ومنهم من فسره بالهم بالذنب ، ومنهم من فسره بإصابة الذنب وقوله (تَذَكَّرُوا) أي عقاب الله وجزيل ثوابه ووعده ، ووعيده ، فتابوا وأنابوا واستعاذوا بالله ورجعوا إليه من قريب (فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) أي قد استقاموا وصحوا مما كانوا فيه.

وقد أورد الحافظ أبو بكر بن مردويه هاهنا حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاءت امرأة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبها طيف فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يشفيني ، فقال «إن شئت دعوت الله فشفاك ، وإن شئت فاصبري ولا حساب عليك» فقالت : بل أصبر ولا حساب عليّ ، ورواه غير واحد من أهل السنن وعندهم قالت : يا رسول الله إني أصرع وأتكشف ، فادع الله أن يشفيني ، فقال «إن شئت دعوت الله أن يشفيك ، وإن شئت صبرت ولك الجنة» فقالت : بل أصبر ولي الجنة ، ولكن ادع الله أن لا أتكشف ، فدعا لها فكانت لا تتكشف : وأخرجه الحاكم من مستدركه ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه.

وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة عمرو بن جامع من تاريخه أن شابا كان يتعبد في المسجد ، فهويته امرأة فدعته إلى نفسها ، فما زالت به حتى كاد يدخل معها المنزل ، فذكر هذه الآية (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) فخر مغشيا عليه ، ثم أفاق فأعادها ، فمات ، فجاء عمر فعزى فيه أباه ، وكان قد دفن ليلا فذهب فصلى على قبره بمن معه ، ثم ناداه عمر فقال : يا فتى (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) [الرحمن : ٤٦] فأجابه الفتى من داخل القبر : يا عمر قد أعطانيهما ربي عزوجل في الجنة مرتين.

وقوله تعالى : (وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ) أي وإخوان الشياطين من الإنس كقوله (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ) [الإسراء : ٢٧] وهم أتباعهم والمستمعون لهم ، القابلون لأوامرهم (يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ) أي تساعدهم الشياطين على المعاصي وتسهلها عليهم وتحسنها لهم. وقال ابن كثير : المد الزيادة يعني يزيدونهم في الغي يعني الجهل والسفه.

(ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) قيل معناه إن الشياطين تمد الإنس لا تقصر في أعمالهم بذلك ، كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله (وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) الآية ، قال : لا الإنس يقصرون عما يعملون ، ولا الشياطين تمسك

٤٨٣

عنهم (١) ، وقيل معناه كما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله (يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) قال : هم الجن يوحون إلى أوليائهم من الإنس (ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) ، يقول لا يسأمون (٢) ، وكذا قال السدي وغيره أن يعني الشياطين يمدون أولياءهم من الإنس ولا تسأم من إمدادهم في الشر ، لأن ذلك طبيعة لهم وسجية (لا يُقْصِرُونَ) لا تفتر فيه ولا تبطل عنه ، كما قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) [مريم : ٨٣] قال ابن عباس وغيره : تزعجهم إلى المعاصي إزعاجا.

(وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٢٠٣)

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : (قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) يقول : لو لا تلقيتها. وقال مرة أخرى : لو لا أحدثتها فأنشأتها (٣) ، وقال ابن جرير (٤) عن عبد الله بن كثير عن مجاهد في قوله (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) قال : لو لا اقتضيتها ، قالوا : تخرجها عن نفسك ، وكذا قال قتادة والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، واختاره ابن جرير. وقال العوفي عن ابن عباس (لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) يقول : تلقيتها من الله تعالى (٥). وقال الضحاك (لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) يقول : لو لا أخذتها أنت فجئت بها من السماء (٦).

ومعنى قوله تعالى : (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ) أي معجزة وخارق ، كقوله تعالى : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) [الشعراء : ٤] يقولون للرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ألا تجهد نفسك في طلب الآيات من الله حتى نراها ونؤمن بها ، قال الله تعالى له : (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) أي أنا لا أتقدم إليه تعالى في شيء ، وإنما أتبع ما أمرني به فأمتثل ما يوحيه إلي ، فإن بعث آية قبلتها وإن منعها لم أسأله ابتداء إياها إلا أن يأذن لي في ذلك ، فإنه حكيم عليم ، ثم أرشدهم إلى أن هذا القرآن هو أعظم المعجزات وأبين الدلالات وأصدق الحجج والبينات ، فقال (هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).

(وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٢٠٤)

لما ذكر تعالى أن القرآن بصائر للناس وهدى ورحمة ، أمر تعالى بالإنصات عند تلاوته

__________________

(١) انظر تفسير الطبري ٦ / ١٥٨.

(٢) تفسير الطبري ٦ / ١٥٨.

(٣) انظر تفسير الطبري ٦ / ١٥٩.

(٤) تفسير الطبري ٦ / ١٥٩.

(٥) تفسير الطبري ٦ / ١٦٠.

(٦) تفسير الطبري ٦ / ١٦٠.

٤٨٤

إعظاما له واحتراما ، لا كما كان يعتمده كفار قريش المشركون في قولهم (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) [فصلت : ٢٦] الآية ، ولكن يتأكد ذلك في الصلاة المكتوبة إذا جهر الإمام بالقراءة ، كما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ، وإذا قرأ فأنصتوا» (١) وكذا رواه أهل السنن من حديث أبي هريرة أيضا ، وصححه مسلم بن الحجاج أيضا ، ولم يخرجه في كتابه ، وقال إبراهيم بن مسلم الهجري عن أبي عياض عن أبي هريرة قال : كانوا يتكلمون في الصلاة ، فلما نزلت هذه الآية (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ) والآية الأخرى ، أمروا بالإنصات.

قال ابن جرير (٢) : حدثنا أبو كريب ، حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن المسيب بن رافع قال ابن مسعود : كنا يسلم بعضنا على بعض في الصلاة ، فجاء القرآن (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). وقال أيضا (٣) : حدثنا أبو كريب ، حدثنا المحاربي عن داود بن أبي هند عن بشير بن جابر قال : صلى ابن مسعود فسمع ناسا يقرءون مع الإمام ، فلما انصرف قال : أما آن لكم أن تفهموا ، أما آن لكم أن تعقلوا (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) كما أمركم الله ، قال (٤) : وحدثني أبو السائب ، حدثنا حفص عن أشعث عن الزهري قال : نزلت هذه الآية في فتى من الأنصار كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلما قرأ شيئا قرأه ، فنزلت (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا).

وقد روى الإمام أحمد وأهل السنن من حديث الزهري عن أبي أكيمة الليثي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال «هل قرأ أحد منكم معي آنفا؟» قال رجل : نعم يا رسول الله ، قال : «إني أقول ما لي أنازع القرآن» قال : فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما جهر فيه بالقراءة من الصلاة حين سمعوا ذلك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم (٥). وقال الترمذي : هذا حديث حسن ، وصححه أبو حاتم الرازي.

وقال عبد الله بن المبارك عن يونس عن الزهري : قال لا يقرأ من وراء الإمام فيما يجهر به الإمام ، تكفيهم قراءة الإمام وإن لم يسمعهم صوته ، ولكنهم يقرءون فيما لا يجهر به سرا في

__________________

(١) أخرجه مسلم في الصلاة حديث ٦٣ ، وأبو داود في الصلاة باب ٦٨ ، والنسائي في الافتتاح باب ٣٠ ، وابن ماجة في الإقامة باب ١٣ ، وأحمد في المسند ٢ / ٣٧٦ ، ٤٣٠ ، ٤ / ٤١٥.

(٢) تفسير الطبري ٦ / ١٦١.

(٣) تفسير الطبري ٦ / ١٦١.

(٤) تفسير الطبري ٦ / ١٦١.

(٥) أخرجه الترمذي في الصلاة باب ١١٦ ، والنسائي في الافتتاح باب ٢٨ ، وابن ماجة في الإقامة باب ١٣ ، ومالك في النداء حديث ٤٤ ، وأحمد في المسند ٢ / ٣٠٢.

٤٨٥

أنفسهم ، ولا يصلح لأحد خلفه أن يقرأ معه فيما يجهر به سرا ولا علانية ، فإن الله تعالى قال : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (١).

قلت : هذا مذهب طائفة من العلماء أن المأموم لا يجب عليه في الصلاة الجهرية قراءة فيما جهر فيه الإمام لا الفاتحة ولا غيرها ، وهو أحد قولي الشافعية ، وهو القديم كمذهب مالك ورواية عن أحمد بن حنبل ، لما ذكرناه من الأدلة المتقدمة ، وقال في الجديد : يقرأ الفاتحة فقط في سكتات الإمام ، وهو قول طائفة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم ، وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل : لا يجب على المأموم قراءة أصلا في السرية ولا الجهرية بما ورد في الحديث «من كان له إمام فقراءته قراءة له» (٢) وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده عن جابر مرفوعا ، وهو في موطأ مالك عن وهب بن كيسان عن جابر موقوفا ، وهذا أصح وهذه المسألة مبسوطة في غير هذا الموضع ، وقد أفرد لها الإمام أبو عبد الله البخاري مصنفا على حدة ، واختار وجوب القراءة خلف الإمام في السرية والجهرية أيضا ، والله أعلم.

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية قوله (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) يعني في الصلاة المفروضة ، وكذا روي عن عبد الله بن المغفل.

وقال ابن جرير (٣) : حدثنا حميد بن مسعدة ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا الجريري عن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال : رأيت عبيد بن عمير وعطاء بن أبي رباح يتحدثان ، والقاص يقص ، فقلت : ألا تستمعان إلى الذكر وتستوجبان الموعود؟ قال : فنظرا إلي ثم أقبلا على حديثهما ، قال : فأعدت فنظرا إليّ وأقبلا على حديثهما ، قال : فأعدت الثالثة قال فنظرا إلي فقالا : إنما ذلك في الصلاة (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) وكذا قال سفيان الثوري عن أبي هشام إسماعيل بن كثير عن مجاهد في قوله (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) قال : في الصلاة ، وكذا رواه غير واحد عن مجاهد.

وقال عبد الرزاق عن الثوري عن ليث عن مجاهد قال : لا بأس إذا قرأ الرجل في غير الصلاة أن يتكلم (٤) ، وكذا قال سعيد بن جبير والضحاك وإبراهيم النخعي وقتادة والشعبي والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : أن المراد بذلك في الصلاة.

وقال شعبة عن منصور : سمعت إبراهيم بن أبي حمزة يحدث أنه سمع مجاهدا يقول في هذه الآية (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) قال : في الصلاة والخطبة يوم الجمعة ،

__________________

(١) انظر تفسير الطبري ٦ / ١٦٣.

(٢) أخرجه ابن ماجة في الإقامة باب ١٣ ، وأحمد في المسند ٣ / ٣٣٩.

(٣) تفسير الطبري ٦ / ١٦١ ، ١٦٣.

(٤) تفسير الطبري ٦ / ١٦٣.

٤٨٦

وكذا روى ابن جريج عن عطاء مثله ، وقال هشيم عن الربيع بن صبيح عن الحسن قال : في الصلاة وعند الذكر.

وقال ابن المبارك عن بقية : سمعت ثابت بن عجلان يقول : سمعت سعيد بن جبير يقول في قوله (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) قال : الإنصات يوم الأضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة وفيما يجهر به الإمام من الصلاة (١) ، وهذا اختيار ابن جرير أن المراد من ذلك الإنصات في الصلاة وفي الخطبة ، كما جاء في الأحاديث من الأمر بالإنصات خلف الإمام وحال الخطبة. وقال عبد الرزاق عن الثوري عن ليث عن مجاهد أنه كره إذا مر الإمام بآية خوف أو بآية رحمة أن يقول أحد من خلفه شيئا ، قال : السكوت. وقال مبارك بن فضالة عن الحسن : إذا جلست إلى القرآن فأنصت له.

وقال الإمام أحمد (٢) : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، حدثنا عباد بن ميسرة عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال «من استمع إلى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة ، ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة» تفرد به الإمام أحمد رحمه‌الله تعالى.

(وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (٢٠٥) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) (٢٠٦)

يأمر تعالى بذكره أول النهار واخره كثيرا ، كما أمر بعبادته في هذين الوقتين في قوله (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) [ق : ٣٩] وقد كان هذا قبل أن تفرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء ، وهذه الآية مكية. وقال هاهنا : بالغدو ، وهو أول النهار ، والآصال جمع أصيل كما أن الأيمان جمع يمين ، وأما قوله (تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) أي اذكر ربك في نفسك رغبة ورهبة وبالقول لا جهرا ، ولهذا قال (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) وهكذا يستحب أن يكون الذكر لا يكون نداء وجهرا بليغا ، ولهذا لما سألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : أقريب ربنا فنناجيه ، أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله عزوجل (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) [البقرة : ١٨٦].

وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : رفع الناس أصواتهم بالدعاء في بعض الأسفار ، فقال لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم ، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إن الذي تدعونه سميع قريب أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» (٣).

وقد يكون المراد من هذه الآية كما في قوله تعالى : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها

__________________

(١) تفسير الطبري ٦ / ١٦٤.

(٢) المسند ٢ / ٣٤١.

(٣) أخرجه البخاري في الدعوات باب ٥١ ، ومسلم في الذكر حديث ٤٤ ، ٤٥.

٤٨٧

وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) [الإسراء : ١١٠] فإن المشركين كانوا إذا سمعوا القرآن سبوه وسبوا من أنزله وسبوا من جاء به ، فأمره الله تعالى أن لا يجهر به لئلا ينال منه المشركون ولا يخافت به عن أصحابه فلا يسمعهم ، وليتخذ سبيلا بين الجهر والإسرار ، وكذا قال في هذه الآية الكريمة (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ).

وقد زعم ابن جرير وقبله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن المراد بها أمر السامع للقرآن في حال استماعه بالذكر على هذه الصفة. وهذا بعيد مناف للإنصات المأمور به ، ثم إن المراد بذلك في الصلاة كما تقدم أو في الصلاة والخطبة ، ومعلوم أن الإنصات إذ ذاك أفضل من الذكر باللسان ، سواء كان سرا أو جهرا ، فهذا الذي قالاه لم يتابعا عليه ، بل المراد الحض على كثرة الذكر من العباد بالغدو والآصال ، لئلا يكونوا من الغافلين ، ولهذا مدح الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون ، فقال (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) الآية ، وإنما ذكرهم بهذا ليقتدى بهم في كثرة طاعتهم وعبادتهم.

ولهذا شرع لنا السجود هاهنا لما ذكر سجودهم لله عزوجل ، كما جاء في الحديث «ألا تصفّون كما تصف الملائكة عند ربها يتمون الصفوف الأول فالأول ويتراصون في الصف» (١) وهذه أول سجدة في القرآن مما يشرع لتاليها ومستمعها السجود بالإجماع ، وقد ورد في حديث رواه ابن ماجة عن أبي الدرداء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه عدها في سجدات القرآن.

آخر سورة الأعراف ولله الحمد والمنّة

__________________

(١) أخرجه مسلم في الصلاة حديث ١١٩ ، وأبو داود في الصلاة باب ٩٣ ، ٩٦ ، والنسائي في الإمامة باب ٢٨ ، وابن ماجة في الإقامة باب ٥٠ ، وأحمد في المسند ٢ / ٩٨ ، ٥ / ١٠١.

٤٨٨

فهرس المحتويات

سورة المائدة

الآيتان : ١ ، ٢................................................................. ٤

الآية : ٣...................................................................... ١١

الآية : ٤...................................................................... ٢٨

الآية : ٥...................................................................... ٣٥

الآية : ٦...................................................................... ٣٩

الآيات : ٧ ـ ١١.............................................................. ٥٥

الآيات : ١٢ ـ ١٤............................................................. ٥٧

الآيات : ١٥ ـ ١٨............................................................. ٦١

الآية : ١٩.................................................................... ٦٣

الآيات : ٢٠ ـ ٢٦............................................................. ٦٥

الآيات : ٢٧ ـ ٣١............................................................. ٧٣

الآيات : ٣٢ ـ ٣٤............................................................. ٨٣

الآيات : ٣٥ ـ ٣٧............................................................. ٩٣

الآيات : ٣٨ ـ ٤٠............................................................. ٩٧

الآيات : ٤١ ـ ٤٤........................................................... ١٠٢

الآية : ٤٥.................................................................. ١٠٩

الآيتان : ٤٦ ، ٤٧.......................................................... ١١٤

الآيات : ٤٨ ـ ٥٠........................................................... ١١٥

الآيات : ٥١ ـ ٥٣........................................................... ١٢٠

الآيات : ٥٤ ـ ٥٦........................................................... ١٢٣

الآيتان : ٥٧ ، ٥٨.......................................................... ١٢٧

الآيات : ٥٩ ـ ٦٣........................................................... ١٢٩

الآيات : ٦٤ ـ ٦٦........................................................... ١٣٢

الآية : ٦٧.................................................................. ١٣٦

الآيتان : ٦٨ ، ٦٩.......................................................... ١٤٠

٤٨٩

الآيتان : ٧٠ ، ٧١.......................................................... ١٤١

الآيات : ٧٢ ـ ٧٥........................................................... ١٤٢

الآيات : ٧٦ ـ ٨١........................................................... ١٤٤

الآيات : ٨٢ ـ ٨٦........................................................... ١٤٩

الآيتان : ٨٧ ، ٨٨.......................................................... ١٥٢

الآية : ٨٩.................................................................. ١٥٥

الآيات : ٩٠ ـ ٩٣........................................................... ١٦٠

الآيتان : ٩٤ ، ٩٥.......................................................... ١٧١

الآيات : ٩٦ ـ ٩٩........................................................... ١٧٧

الآيات : ١٠٠ ـ ١٠٢........................................................ ١٨٢

الآيتان : ١٠٣ ، ١٠٤....................................................... ١٨٧

الآية : ١٠٥................................................................. ١٩٠

الآيات : ١٠٦ ـ ١٠٨........................................................ ١٩٣

الآية : ١٠٩................................................................. ١٩٩

الآيتان : ١١٠ ، ١١١....................................................... ٢٠٠

الآيات : ١١٢ ـ ١١٥........................................................ ٢٠٢

الآيات : ١١٦ ـ ١١٨........................................................ ٢٠٨

الآيتان : ١١٩ ، ١٢٠....................................................... ٢١١

سورة الأنعام

الآيات : ١ ـ ٣.............................................................. ٢١٤

الآيات : ٤ ـ ٦.............................................................. ٢١٥

الآيات : ٧ ـ ١١............................................................. ٢١٦

الآيات : ١٢ ـ ١٦........................................................... ٢١٧

الآيات : ١٧ ـ ٢١........................................................... ٢١٨

الآيات : ٢٢ ـ ٢٦........................................................... ٢٢٠

الآيات : ٢٧ ـ ٣٠........................................................... ٢٢٢

الآيات : ٣١ ـ ٣٦........................................................... ٢٢٣

الآيات : ٣٧ ـ ٣٩........................................................... ٢٢٦

الآيات : ٤٠ ـ ٤٥........................................................... ٢٢٨

الآيات : ٤٦ ـ ٥٤........................................................... ٢٣٠

٤٩٠

الآيات : ٥٥ ـ ٥٩........................................................... ٢٣٥

الآيات : ٦٠ ـ ٦٢........................................................... ٢٣٨

الآيات : ٦٣ ـ ٦٥........................................................... ٢٤٠

الآيات : ٦٦ ـ ٦٩........................................................... ٢٤٨

الآية : ٧٠.................................................................. ٢٤٩

الآيات : ٧١ ـ ٧٣........................................................... ٢٥٠

الآيات : ٧٤ ـ ٧٩........................................................... ٢٥٨

الآيات : ٨٠ ـ ٨٣........................................................... ٢٦٢

الآيات : ٨٤ ـ ٩٠........................................................... ٢٦٦

الآيتان : ٩١ ، ٩٢.......................................................... ٢٦٩

الآيتان : ٩٣ ، ٩٤.......................................................... ٢٧٠

الآيات : ٩٥ ـ ٩٧........................................................... ٢٧٢

الآيتان : ٩٨ ، ٩٩.......................................................... ٢٧٤

الآية : ١٠٠................................................................. ٢٧٥

الآية : ١٠١................................................................. ٢٧٦

الآيتان : ١٠٢ ، ١٠٣....................................................... ٢٧٧

الآيتان : ١٠٤ ، ١٠٥....................................................... ٢٧٩

الآيتان : ١٠٦ ، ١٠٧....................................................... ٢٨١

الآية : ١٠٨................................................................. ٢٨٢

الآيتان : ١٠٩ ، ١١٠....................................................... ٢٨٣

الآيات : ١١١ ـ ١١٣........................................................ ٢٨٥

الآيتان : ١١٤ ، ١١٥....................................................... ٢٨٨

الآيات : ١١٦ ـ ١٢٠........................................................ ٢٨٩

الآية : ١٢١................................................................. ٢٩٠

الآيات : ١٢٢ ـ ١٢٤........................................................ ٢٩٦

الآية : ١٢٥................................................................. ٣٠٠

الآيتان : ١٢٦ ، ١٢٧....................................................... ٣٠٢

الآية : ١٢٨................................................................. ٣٠٣

الآية : ١٢٩................................................................. ٣٠٤

الآية : ١٣٠................................................................. ٣٠٥

٤٩١

الآيات : ١٣١ ـ ١٣٥........................................................ ٣٠٦

الآية : ١٣٦................................................................. ٣٠٨

الآية : ١٣٧................................................................. ٣٠٩

الآيتان : ١٣٨ ، ١٣٩....................................................... ٣١٠

الآية : ١٤٠................................................................. ٣١١

الآيتان : ١٤١ ، ١٤٢....................................................... ٣١٢

الآيتان : ١٤٣ ، ١٤٤....................................................... ٣١٥

الآية : ١٤٥................................................................. ٣١٦

الآية : ١٤٦................................................................. ٣١٨

الآيات : ١٤٧ ـ ١٥٠........................................................ ٣٢١

الآية : ١٥١................................................................. ٣٢٢

الآية : ١٥٢................................................................. ٣٢٧

الآية : ١٥٣................................................................. ٣٢٨

الآيتان : ١٥٤ ، ١٥٥....................................................... ٣٣٠

الآيتان : ١٥٦ ، ١٥٧....................................................... ٣٣٢

الآية : ١٥٨................................................................. ٣٣٣

الآية : ١٥٩................................................................. ٣٣٨

الآية : ١٦٠................................................................. ٣٣٩

الآيات : ١٦١ ـ ١٦٣........................................................ ٣٤٢

الآية : ١٦٤................................................................. ٣٤٤

الآية : ١٦٥................................................................. ٣٤٥

سورة الأعراف

الآيات : ١ ـ ٧.............................................................. ٣٤٨

الآيتان : ٨ ، ٩.............................................................. ٣٥٠

الآيتان : ١٠ ، ١١.......................................................... ٣٥١

الآية : ١٢.................................................................. ٣٥٢

الآيات : ١٣ ـ ١٥........................................................... ٣٥٣

الآيتان : ١٦ ، ١٧.......................................................... ٣٥٤

الآية : ١٨.................................................................. ٣٥٦

الآيات : ١٩ ـ ٢٣........................................................... ٣٥٧

٤٩٢

الآيات : ٢٤ ـ ٢٦........................................................... ٣٥٩

الآيات : ٢٧ ـ ٣٠........................................................... ٣٦١

الآية : ٣١.................................................................. ٣٦٥

الآيتان : ٣٢ ، ٣٣.......................................................... ٣٦٧

الآيات : ٣٤ ـ ٣٧........................................................... ٣٦٨

الآيتان : ٣٨ ، ٣٩.......................................................... ٣٦٩

الآيتان : ٤٠ ، ٤١.......................................................... ٣٧٠

الآيتان : ٤٢ ، ٤٣.......................................................... ٣٧٣

الآيتان : ٤٤ ، ٤٥.......................................................... ٣٧٤

الآيتان : ٤٦ ، ٤٧.......................................................... ٣٧٥

الآيتان : ٤٨ ، ٤٩.......................................................... ٣٧٩

الآيتان : ٥٠ ، ٥١.......................................................... ٣٨٠

الآيتان : ٥٢ ، ٥٣.......................................................... ٣٨١

الآية : ٥٤.................................................................. ٣٨٢

الآيتان : ٥٥ ، ٥٦.......................................................... ٣٨٤

الآيتان : ٥٧ ، ٥٨.......................................................... ٣٨٦

الآيات : ٥٩ ـ ٦٢........................................................... ٣٨٧

الآيات : ٦٣ ـ ٦٩........................................................... ٣٨٨

الآيات : ٧٠ ـ ٧٢........................................................... ٣٩٠

الآيات : ٧٣ ـ ٧٨........................................................... ٣٩٣

الآية : ٧٩.................................................................. ٣٩٨

الآيات : ٨٠ ـ ٨٤........................................................... ٣٩٩

الآيات : ٨٥ ـ ٨٧........................................................... ٤٠١

ا لآيات : ٨٨ ـ ٩٢.......................................................... ٤٠٢

الآيات : ٩٣ ـ ٩٥........................................................... ٤٠٣

الآيات : ٩٦ ـ ٩٩........................................................... ٤٠٤

الآية : ١٠٠................................................................. ٤٠٥

الآيتان : ١٠١ ، ١٠٢....................................................... ٤٠٦

الآية : ١٠٣................................................................. ٤٠٧

الآيات : ١٠٤ ـ ١٠٨........................................................ ٤٠٨

٤٩٣

الآيات : ١٠٩ ـ ١١٢........................................................ ٤٠٩

الآيات : ١١٣ ـ ١١٦........................................................ ٤١٠

الآيات : ١١٧ ـ ١٢٦........................................................ ٤١١

الآيات : ١٢٧ ـ ١٢٩........................................................ ٤١٣

الآيات : ١٣٠ ـ ١٣٥........................................................ ٤١٤

الآيات : ١٣٦ ـ ١٣٩........................................................ ٤١٩

الآيات : ١٤٠ ـ ١٤٢........................................................ ٤٢٠

الآية : ١٤٣................................................................. ٤٢١

الآيتان : ١٤٤ ، ١٤٥....................................................... ٤٢٥

الآيتان : ١٤٦ ، ١٤٧....................................................... ٤٢٦

الآيتان : ١٤٨ ، ١٤٩....................................................... ٤٢٧

الآيتان : ١٥٠ ، ١٥١....................................................... ٤٢٨

الآيتان : ١٥٢ ، ١٥٣....................................................... ٤٢٩

الآيات : ١٥٤ ـ ١٥٦........................................................ ٤٣١

الآية : ١٥٧................................................................. ٤٣٤

الآية : ١٥٨................................................................. ٤٤٠

الآية : ١٥٩................................................................. ٤٤٢

الآيات : ١٦٠ ـ ١٦٣........................................................ ٤٤٣

الآيات : ١٦٤ ـ ١٦٦........................................................ ٤٤٥

الآيات : ١٦٧ ـ ١٧٠........................................................ ٤٤٨

الآية : ١٧١................................................................. ٤٥٠

الآيات : ١٧٢ ـ ١٧٤........................................................ ٤٥١

الآيات : ١٧٥ ـ ١٧٧........................................................ ٤٥٧

الآية : ١٧٨................................................................. ٤٦٢

الآية : ١٧٩................................................................. ٤٦٣

الآية : ١٨٠................................................................. ٤٦٤

الآيات : ١٨١ ـ ١٨٣........................................................ ٤٦٦

الآيتان : ١٨٤ ، ١٨٥....................................................... ٤٦٧

الآيتان : ١٨٦ ، ١٨٧....................................................... ٤٦٨

الآية : ١٨٨................................................................. ٤٧٣

٤٩٤

الآيتان : ١٨٩ ، ١٩٠....................................................... ٤٧٤

الآيات : ١٩١ ـ ١٩٨........................................................ ٤٧٧

الآيتان : ١٩٩ ، ٢٠٠....................................................... ٤٧٩

الآيتان : ٢٠١ ، ٢٠٢....................................................... ٤٨٣

الآيتان : ٢٠٣ ، ٢٠٤....................................................... ٤٨٤

الآيتان : ٢٠٥ ، ٢٠٦....................................................... ٤٨٧

٤٩٥