أبكار الأفكار في أصول الدّين - ج ٤

أبي الحسن علي بن محمد بن سالم الثعلبي [ سيف الدين الآمدي ]

أبكار الأفكار في أصول الدّين - ج ٤

المؤلف:

أبي الحسن علي بن محمد بن سالم الثعلبي [ سيف الدين الآمدي ]


المحقق: د. أحمد محمد المهدي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتب والوثائق القوميّة
المطبعة: مطبعة دار الكتب والوثائق القوميّة
الطبعة: ٢
ISBN: 977-18-0327-1
الصفحات: ٣٩٨

الاشتراك أعظم من محذور التجوز ؛ للزومه فى جميع محامل اللفظ بخلاف المجاز ؛ ولذلك كان استعمال المشترك فى اللغة أقل من المجاز.

الثانى : أنه يصح تأكيده بالتأبيد ، بدليل قوله ـ تعالى : ـ (خالِدِينَ فِيها أَبَداً) (١) ولو لا أن معنى الخلود التأبيد ؛ لما صح تأكيده به.

الثالث : قوله ـ تعالى : ـ (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) (٢) فلو كان الخلود عبارة عن طول اللبث من غير تأبيد ؛ للزم منه الخلف فى الآية ؛ لأن من كان قبله قد خلد بهذا الاعتبار.

سلمنا أن الخلود حقيقة فى مطلق اللبث المتطاول ؛ غير أنه قد فهم الخلود بمعنى الدوام من هذه الآيات فى حق الكفار ؛ فكذلك فى غيرهم ؛ لأن الدلالة غير مختلفة.

قلنا : وإن سلمنا أن الخلود حقيقة فى اللبث الدائم فأمكن أن يكون باعتبار ما فيه من طول اللبث ، وهو أولى ، حتى لا يلزم منه الاشتراك ، ولا التجوز فيما ذكرناه من الصور ، وعلى هذا : فقد بطل ما ذكروه من الترجيح الأول.

/ قولهم : إنه يصح تأكيده بالتأبيد. لا نسلم أنه للتأبيد ؛ بل للتمييز ؛ ضرورة انقسامه إلى مؤبد ، وغير مؤبد.

وقوله ـ تعالى ـ : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) إنما حملناه على الخلود المؤبد ؛ ضرورة وجود المخلدين قبله ؛ بالاعتبار الغير مؤبد ، لا لأن اللفظ اقتضاه دون غيره.

قولهم : إن الآيات قد دلت فى حقّ الكفار ، على الخلود بمعنى التأبيد ؛ فكذلك فى غيرهم. فإنما يصح أن لو كان مستفادا فى حق الكفار من الآيات المذكورة ، وليس كذلك ، وإنما استفدناه من دليل ، وهو الإجماع. وعلى هذا فقد خرج الجواب عن الآية الثانية ، والثالثة.

__________________

(١) جزء من آيات كثيرة منها على سبيل التمثيل لا الحصر. الآية رقم ٥٧ من سورة النساء. الآية رقم ١٣٢ من سورة النساء. الآية رقم ١٦٩ من سورة النساء الآية رقم ١١٩ من سورة المائدة.

(٢) سورة الأنبياء ٢١ / ٣٤.

٣٨١

وأما قوله ـ تعالى : ـ (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (١) لا نسلم العموم فى الألف واللام فيه.

وإن سلمنا العموم فيه ؛ ولكن لا نسلم أن قوله ـ تعالى : ـ (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) (٢) للتأبيد.

ولهذا يصح أن يقال : فلان لا يغيب عنى ، إذا كان غالب أحواله كذلك ، وإن غاب عنه فى بعض الأوقات ، ولو كان ذلك للتأبيد حقيقة ؛ لكان هذا الإطلاق تجوزا ، ولا يخفى أن الأصل فى الإطلاق الحقيقة ، ولا يلزم منه الاشتراك ؛ لإمكان أن يكون المدلول هو الملازمة فى الغالب ، والدائم مشتمل على الغالب وزيادة.

سلمنا دلالة ما ذكروه من الآيات على الخلود بمعنى التأبيد ، غير أنه يجب حملها على الكفار جمعا بينها ، وبين ما ذكرناه من الدليل العقلى ؛ ثم إنها معارضة بما سبق من آيات الوعد ؛ وبما القرآن مشتمل عليه من آيات الوعد بالثواب كما فى قوله ـ تعالى : ـ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (٣) وقوله ـ تعالى : ـ (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) (٤) وقوله ـ تعالى : ـ (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) (٥) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وقوع الثواب.

وعند ذلك : فإما أن يقال : بأنه لا منافاة بين استحقاق الثواب والعقاب ، أو يقال بالمنافاة.

فإن كان الأول : فهو خلاف مذهبم.

وإن كان الثانى : فليس إدراج ما نحن فيه تحت آيات الوعيد ، أولى من إدراجه تحت آيات الوعد ـ وعند تقابل السمعيات يسلم لنا ما ذكرناه من الدليل العقلى. كيف وأن الترجيح لآيات الوعد ؛ لما سبق فى الفصل الّذي قبله (٦).

__________________

(١) سورة الانفطار ٨٢ / ١٤.

(٢) سورة الانفطار ٨٢ / ١٦.

(٣) سورة الزلزلة ٩٩ / ٧.

(٤) سورة النجم ٥٣ / ٣١.

(٥) سورة الرحمن ٥٥ / ٦٠.

(٦) انظر ما سبق ل ٢٢٦ / أوما بعدها.

٣٨٢

الفصل الخامس

فى الاحباط ، والتكفير

وقد اختلف أهل الإسلام فى المؤمن إذا اجتمع له طاعات ، وزلات ، فالذى عليه إجماع أهل الحق من الأشاعرة ، وغيرهم : أنه لا يجب على الله تعالى ثوابه ، ولا عقابه ؛ بل إن أثاب فبفضله ، وإن عاقب فبعدله ، وله إثابة العاصى ، وعقاب المطيع على ما سلف (١).

وذهبت المرجئة ؛ إلى أن الإيمان محبط للزلات ، ولا عقاب على زلة مع الإيمان كما عرف من / مذهبهم ، فيما تقدم (٢).

وذهبت الخوارج ، وجماهير المعتزلة (٣) إلى أن من اقترف كبيرة واحدة ؛ فإنها تحبط ثواب جميع طاعاته ، وإن زادت الطاعات على زلته.

وذهب الجبائى ، وابنه فى الإحباط إلى رعاية الكثرة فى المحبط ، وزعما أن من زادت طاعاته على زلاته [أحبطت عقاب زلاته ، وكفرتها ، ومن زادت زلاته على طاعاته ، أحبطت ثواب طاعاته ، ثم اختلفا :

فقال الجبائى : من زادت طاعاته على زلاته ، أحبطت عقاب زلاته] (٤) من غير أن تنقص زلاته من ثواب طاعاته شيئا ، وتنزل منزلة من أتى بتلك الطاعات من غير زلة.

وقال أبو هاشم : لا بد وأن ينقص من ثوابه بمقدار ما حبط عنه من العقاب ، وأن تنزل رتبته فى الثواب عن ثواب من أتى بتلك الطاعات من غير زلة.

وكذلك ، اختلفا فى عكس ذلك عند ما إذا زادت زلاته على طاعاته (٥) من العقاب ، وأن تنزل رتبته فى الثواب عن ثواب من أتى بتلك الطاعات (٥).

واتفقا على امتناع وقوع المساواة بين الطاعات ، والزلات. لكن اختلفا.

__________________

(١) انظر ما سبق ل ٢٢٣ / ب وما بعدها. وقارن بما ورد فى شرح المواقف ـ الموقف السادس ص ٢١٠ وما بعدها. وشرح المقاصد ٢ / ١٧٠.

(٢) راجع عنهم ما سبق ل ٢٢٦ / أ. ولمزيد من البحث والدراسة راجع : مقالات الإسلاميين للأشعرى ١ / ١٩٧ والفصل لابن حزم ٤ / ٣٧ ، ١٥٥ ، والإرشاد للجوينى ص ٣٢٤. وشرح المواقف ص ٢١٠.

(٣) لمزيد من البحث والدراسة انظر من كتب المعتزلة التى فصلت القول فى الإحباط والتكفير شرح الأصول الخمسة ص ٦٢٤ وما بعدها. ومن كتب الأشاعرة التى ناقشت المعتزلة والخوارج ـ انظر كتاب الإرشاد للجوينى ص ٣٨٥ وما بعدها وشرح المواقف ص ٢١٠ وما بعدها ، وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ١٦٦ وما بعدها.

(٤) ساقط من (أ).

(٥) من أول (من العقاب إلى قوله : تلك الطاعات) ساقط من ب.

٣٨٣

فقال الجبائى : بامتناع ذلك عقلا.

وقال أبو هاشم : بامتناع ذلك سمعا ، لا عقلا ، وهل المحابطة بين الثواب والعقاب ، عند القائلين بالمحابطة ، أو بين الطاعات ، والزلات؟. فقد اختلفوا فيه أيضا.

وإذ أتينا على إيضاح المذاهب بالتفصيل ، فلا بد من الإشارة إلى مآخذ المخالفين ، ومناقضاتهم فيها.

أما المرجئة : فقد بينا مآخذهم وإبطالها فى الفصل الثالث (١).

وأما من قال بإحباط الطاعات ، وثوابها بالكبيرة الواحدة زادت على الطاعات ، أو نقصت عنها ، فقد احتج بحجج :

الحجة الأولى : أنهم قالوا : الطاعة ، والمعصية صفتان متقابلتان ، ومرتكب الكبيرة عاص ؛ فلا يكون مطيعا ، وإذا لم يكن مطيعا ؛ فلا يستحق الثواب بالطاعة.

الثانية : أن استحقاق الثواب يستدعى تعظيم المستحق ، واستحقاق العقاب يستدعى إهانته ، وتعظيم الشخص الواحد ، فى حالة واحدة ، من شخص واحد واهانته له محال ، ومرتكب الكبيرة مستحق العقاب ؛ فلا يكون مستحقا للثواب.

الثالثة : أنهم قالوا : قد دللنا فيما تقدم ، على أن الثواب المستحق لا بد وأن يكون مؤبدا ، وأن العقاب المستحق لا بد وأن يكون مؤبدا ، فاستحقاقهما معا يكون محالا.

ومرتكب الكبيرة مستحق للعقاب ؛ فلا يكون مستحقا للثواب. ويدل على تحقيق هذه الحجج قوله ـ تعالى : ـ (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) (٢) ، وقوله ـ تعالى : ـ (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (٣) وذلك يدل على تعذر استحقاق الثواب ، مع الموجب لاستحقاق العقاب.

وأما حجة الجبائى : على أن المعصية القاصرة عن الطاعة غير موجبة لتنقيص شيء من ثواب الطاعة. أن موجب الطاعة الثواب ، وموجب المعصية العقاب ، فإذا كثرت الطاعات على المعاصى ، وربت عليها كانت موجبة لاستحقاق الثواب الدائم ، ويمتنع مع

__________________

(١) راجع ما سبق ل ٢٢٦ / أوما بعدها.

(٢) سورة البقرة ٢ / ٢٦٤.

(٣) سورة الزمر ٣٩ / ٦٥.

٣٨٤

ذلك أن تكون المعصية موجبة لاستحقاق العقاب ؛ وإلا لما كان ثواب الطاعات الكثيرة دائما / ، وإذا خرجت المعصية عن كونها موجبة لاستحقاق العقاب ، فينبغى أن لا يؤثر فى تنقيص الثواب ؛ لأن الشيء إذا لم يرتبط به حكمه المختص به ، فما لا يكون مختصا به أولى.

وعلى هذا يكون الحكم فى عكس هذه الصورة عند ما إذا ربت زلاته على طاعاته.

وأما حجة أبى هاشم على التنقيص أنه قال : لو لم يكن بالتنقيص ؛ لأفضى ذلك عند ما إذا ربت الطاعات على الزلات أن يكون حال من أطاع الله ـ تعالى ـ طوال دهره من غير زلة : كحال من أطاع وعصى ، وكذلك إذا ربت زلاته على طاعاته أن يكون حاله كحال من عصى الله ـ تعالى ـ أبدا من غير طاعة ؛ وذلك ظلم وخروج عن الحكمة ، والعدل.

وأما حجة الجبائى : على استحالة التساوى بين الطاعات ، والزلات عقلا ـ أن ذلك يفضى إلى المحال ؛ فيمتنع. وبيان / / إفضائه إلى المحال : أنهما لو تساويا ؛ فلا بد من تقدير ثواب ، أو عقاب ؛ لاستحالة الجمع بين النفى والإثبات ؛ وليس اعتبار أحد الأمرين ، وإحباط الآخر به مع التساوى ، أولى من العكس.

وأما حجة أبى هاشم : على جواز ذلك عقلا ، وإحالته سمعا : فهو أن قال : ليس فى العقل ما يحيل استواء الطاعات ، والزلات فى الدرجة ، فإنه ما من مرتبة تنتهى إليها الطاعة ، إلا ويجوز فى العقل انتهاء المعصية إليها ، وكذلك بالعكس غير أنه لما علمنا سمعا أن كل مكلف فهو إما من أهل الجنة ، أو النار ، وأنه لا بد من أحد الخلودين ، ووقوع أحد الخلودين ، دون الآخر مع التساوى فى الموجب ممتنع ، ولا بد من التنبيه على باقى هذه الحجج :

أما الحجة الأولى : لمن قال بكون الكبيرة محبطة للطاعات مطلقا ، فظاهرة البطلان ، فإن التقابل بين الطاعة ، والمعصية : إنما يتصور فى فعل واحد ، بالنسبة إلى جهة واحدة. بأن يكون مطيعا بعين ما هو عاص من جهة واحدة ، وإما إن يكون مطيعا

__________________

/ / أول ل ١٣٣ / أ.

٣٨٥

فى شيء ، وعاصيا بغيره ، فلا امتناع فيه. كيف وأن هؤلاء وإن أوجبوا إحباط ثواب الطاعات بالكبيرة الواحدة ، فإنهم لا يمنعون من الحكم على ما صدر من صاحب الكبيرة من أنواع العبادات : كالصلاة ، والصوم ، والحج ، وغيره بالصحة ، ووقوعها موقع الامتثال ، والخروج عن عهدة أمر الشارع ؛ بخلاف ما يقارن الشرك منها ، وإجماع الأمة دل عليه أيضا. وعلى هذا : فلا يمتنع اجتماع الطاعة والمعصية ، وأن يكون مثابا على هذه ، ومعاقبا على هذه.

وعلى هذا : يخرج الجواب عن الحجة الثانية أيضا ، فإن التعظيم ، والإهانة إنما يمتنع اجتماعهما من شخص واحد لواحد ؛ أن لو اتحدت جهة التعظيم والإهانة ، وإلا فبتقدير أن يكون معظما من جهة ، مهانا من جهة ، معظما / من جهة طاعته ، مهانا من جهة معصيته ؛ فلا مانع فيه.

وأما الحجة الثالثة : القائلة بتأبيد الثواب ، والعقاب ؛ فمبنية على التحسين والتقبيح ، ووجوب رعاية الحكمة ، والثواب ، والعقاب للمطيع ، والعاصى على الله ـ تعالى ، وقد أبطلناه (١). وبتقدير التسليم لهذه الأصول جدلا ، فما المانع من تأبد الثواب ، والعقاب على فعل الطاعة ، والمعصية ، وذلك بأن يجمع الله ـ تعالى ـ له بين النعيم ، والعذاب أبدا سرمدا. كما يجمع للواحد منا فى الدنيا بين الغموم ، والهموم والأفراح باجتماع الأسباب الموجبة لها ، حتى أنه يكون فرحا بأمر ، ومغموما مهموما بأمر ، أو بأن يعاقبه تارة ، وينعمه أخرى إلى ما لا يتناهى.

وهذا هو الأولى فى العقل ، من تعطيل أحد السببين ، واعتبار الآخر.

فلئن قالوا : القول بذلك مما يبطل الثواب والعقاب معا ؛ إذ النعيم هو الّذي لا يشوبه كدر ، والعذاب المقيم هو الّذي لا يشوبه راحة.

قلنا : وما المانع من قسم أخر ، وهو نعيم مشوب بكدر ، وعذاب مشوب براحة ، ويكون المتمحض من النعيم ، لمن تمحضت طاعاته غير مشوبة بالزلات ، والمتمحض من العذاب ، لمن تمحضت زلاته غير مشوبة بالطاعة ، والمشوب لمن شاب الطاعات بالزلات ، والزلات بالطاعات ، إذ هو أولى وأقرب ، إلى العدل على أصولكم.

__________________

(١) راجع ما سبق فى الجزء الأول ل ١٧٤ / ب وما بعدها.

٣٨٦

وإن سلمنا امتناع الجمع بين الثواب الدائم ، والعقاب الدائم ، فما المانع أن تكون الطاعة محبطة للمعصية كما قاله المرجئة ؛ بل وهو الأولى ؛ إذ هو أقرب إلى العفو ، والصفح المستحسن عقلا ، وشرعا.

فلئن قالوا : إنما أسقطنا الثواب بالعقوبة لوجهين :

الأول : أن استحقاق العقاب ، أقوى من استحقاق الثواب ؛ وذلك لأن استحقاق من خالف الأعلى للعقاب ، أشد من استحقاق من خالف الأدنى ، على ما لا يخفى عرفا ، وفى الطاعة بالعكس ، فإن استحقاق مطيع الأعلى ؛ لكونه أولى باستحقاق الطاعة للثواب يكون أدنى من استحقاق مطيع الأدنى للثواب.

وعلى هذا فاستحقاق مخالف الله ـ تعالى ـ للعقاب يكون أشد من استحقاقه للثواب بطاعته.

الثانى : هو أن الردة محبطة للطاعات وفاقا ، والردة من الكبائر فكان فى حكمها كل كبيرة.

قلنا : أما قولهم : إن استحقاق من خالف الأعلى للعقاب أشد من استحقاق من خالف الأدنى.

لا نسلم ، وما المانع أن يقال : بأن استحقاق / / العقاب إنما يكون أشدّ عند ما إذا كان تضرّر المخالف بالمخالفة أكثر ، والرب ـ تعالى ـ مقدّس عن الإضرار والانتفاع ، فكان استحقاقه للعقاب أدنى من استحقاق غيره ؛ فكان أولى بالعفو والصفح؟

وقولهم : إن استحقاق مطيع الأعلى للثواب أولى من استحقاق مطيع الأدنى. لا نسلم. / وما المانع أن يقال : بأن مطيع الله ـ تعالى ـ أولى باستحقاق الثّواب ، من المطيع لغيره ، نظرا إلى ما يلحقه فى طاعة الله ـ تعالى ـ من المكابد ، والمشاق فى النظر ، والاستدلال ودفع الوساوس ، والشّبهات ، ومغالبة الشّهوات ، وقهر النّفس الأمّارة بالسوء ؛ بخلاف طاعة غيره ، وقد قال عليه‌السلام «ثوابك على قدر نصبك» (١) والّذي يدل على ترجيح الطاعات على الكبيرة الواحدة أمور ثلاثة :

__________________

/ / أول ل ١٣٣ / ب

(١) حديث صحيح ـ رواه البخارى عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت : يا رسول الله يصدر الناس بنسكين ، وأصدر بنسك. فقيل لها : «انتظرى فإذا طهرت فاخرجى إلى التنعيم فأهلى ، ثم ائتينا بمكان كذا ؛ ولكنها على قدر نفقتك أو نصبك». صحيح البخارى ـ كتاب العمرة ـ باب أجر العمرة على قدر النصب ٣ / ٦٠٥

٣٨٧

الأول : أنهم حكموا بأن الصغائر محبطة بالطاعات إذا تجردت عن فعل الكبيرة ، وذلك يدل على ترجيح جانب الطاعة على المعصية.

الثانى : أن أكثر المعتزلة جوزوا غفران الكبيرة عقلا ، إذا مات مقارفها من غير توبة ، ولم يجوز أحد منهم إحباط الطاعات إذا تجردت عن الزلات ؛ فدل على ترجيح العبادة على المعصية.

الثالث : أن السمع قد دل على الترجيح بقوله ـ تعالى : ـ (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) (١).

قولهم : إن الردة محبطة للطاعات ؛ فكذلك غيرها من الكبائر. فهو مبنى على كون الردة محبطة للطاعات عقلا ، وهو غير مسلم ، على ما عرف من أصلنا فى امتناع وجوب الثواب والعقاب على الله ـ تعالى.

وبتقدير التسليم لذلك ، فلا يلزم من كون الردة محبطة للطاعات ، أن يكون غيرها من الكبائر كذلك ؛ لجواز اختصاص ذلك بالردة دون غيرها ، ولهذا فإن المرتدّ لا يساهم المسلمين فى استحقاق الفيء (٢) ، والغنيمة (٣) ، وحضور المساجد ، ولا يدفن فى مقابر المسلمين ، ولا يصلى عليه ، بخلاف أرباب الكبائر.

سلمنا صحة إحباط الطاعة بالمعصية عقلا ؛ لكن مع المساواة ، أو مع كون الطاعة أزيد من المعصية.

الأول مسلم : والثانى ممنوع ، وبيانه من وجهين :

الأول : أن ذلك يفضى إلى المساواة بين من عبد الله ـ تعالى طول دهره ، وكان عالما بالله ـ تعالى ـ وصفاته ، وما يجوز عليه ، وما لا يجوز عليه ، وبين فرعون ، وهامان ، ومن لم يطع الله تعالى طرفة عين ، وذلك خلاف مقتضى الحكمة وتحسين العقول ، وتقبيحها.

__________________

(١) سورة الأنعام ٦ / ١٦٠.

(٢) الفيء : ما رده الله على أهل دينه من أموال من خالفهم فى الدين بلا قتال : إما بالجلاء ، أو بالمصالحة على جزية أو غيرها. [التعريفات للجرجانى ص ١٩٢].

(٣) الغنيمة : اسم لما يؤخذ من أموال الكفرة بقوة الغزاة ، وقهر الكفرة على وجه يكون فيه إعلاء كلمة الله ـ تعالى ـ وحكمه أن يخمس ، وسائره للغانمين خاصة. [المصدر السابق ص ١٨٥].

٣٨٨

الثانى : هو أن ذلك من مستقبحات العقول ، وذلك أن من أحسن إلى غيره طول دهره ، ولم يأل جهدا فى طاعته ، وبذل مهجته فى مرضاته ، فإنه لا يحسن فى العقل بتقدير إساءته إليه مرة واحدة ، ولا سيما إن كان المساء إليه ممن لا يتضرر بتلك الإساءة أن يحبط ما مضى له من طاعته ، ويعاقبه على تلك الزلة أبد الآبدين. وقوله ـ تعالى : ـ (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) (١) فالمراد به أن يكون قاصدا بالصدقة المن ، والأذى ، والطاعة ؛ فغير متحققة مع ذلك.

أما أن يكون المراد به إبطالها بالمن بعد تحققها عبادة ؛ فلا. وإن سلمنا أن المراد بها الإبطال بعد التحقق ، فغايته الدلالة على الإحباط بالسمع ، ونحن لا ننكر ذلك سمعا ، وإنما / ننكره عقلا.

وعلى هذا يخرج الجواب عن قوله ـ تعالى : ـ (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (٢).

وأما حجة الجبائى : على أن الطاعة لا تنقص عقاب المعصية ، وأن المعصية لا تنقص ثواب الطاعة ؛ فيلزمه منها أن يكون حال من أطاع الله ـ تعالى ـ من غير معصية ، كحال من أطاعه مع المعصية. وأن يكون حال من عصى الله ـ تعالى ـ مع الطاعة ، كحال من عصى الله ـ تعالى ـ من غير طاعة ؛ وهو خلاف الحكمة ، وما يقتضيه التعديل.

وعلى هذا : فلا يلزم من كون المعصية إذا نقصت عن الطاعة ألا تنقص [من ثواب الطاعة. وإن لم يعاقب عليها ، ولا من كون الطاعة إذا نقصت عن المعصية ألا تنقص من] (٣) عقاب المعصية ، وإن لم يثب عليها.

وأما حجة أبى هاشم : فيلزمه عليها أن ينقص ثواب التائب عن المعصية بقدر عقاب المعصية ؛ وإلا كان حال من أطاع مع المعصية : كحال من أطاع من غير معصية. وهو خلاف الإجماع. فما هو الجواب له فى صورة التائب ، هو الجواب فى غيرها.

وأما حجة الجبائى : على امتناع التساوى بين الطاعة ، والمعصية عقلا ، فهى مبنية على وجوب الثواب / / والعقاب ، وهو ممنوع على ما عرف ، وبتقدير وجوبه ، لكن مع التساوى بين الطاعة ، والمعصية ، أو مع التفاوت.

__________________

(١) سورة البقرة ٢ / ٢٦٤.

(٢) سورة الزمر ٣٩ / ٦٥.

(٣) ساقط من أ.

/ / أول ل ١٣٤ / أ.

٣٨٩

الأول ممنوع ، والثانى : مسلم.

وعلى هذا : فما المانع أن يقال : إن حالة التساوى كحال من لم يصدر منه طاعة ، ولا معصية ؛ لضرورة التعارض ؛ والتساقط وصار حاله كحال من مات دون البلوغ من حيث إنه لا يستحق ثوابا ، ولا عقابا؟

وأما ما ذكره أبو هاشم فى إبطال الامتناع العقلى ؛ فهو حق ، غير أن ما ذكره من الامتناع السمعى باطل ؛ فإنا لا نسلم ورود السمع بأنه لا بد لكل مكلف من أن يكون من أهل الجنة ، أو النار ؛ بل من استوت طاعاته ، وزلاته ، فهو من أهل الأعراف بين الجنة ، والنار كما وردت به الأخبار الصحيحة.

وإن سلمنا ذلك ، ولكن إنما يمتنع أن يكون من أهل الجنة ، أو النار ؛ أن لو اشترط رجحان الحسنات على السيئات ، أو بالعكس ، وهو غير مسلم ؛ بل يجوز عندنا أن يثيب الله ـ تعالى ـ من غير طاعة ، ويعاقب من غير معصية كما سبق تحقيقه (١).

وأما الاختلاف فى أن التحابط بين الطاعة والمعصية ، أو بين الثواب والعقاب ، وإن كان مبنيا على القول بوجوب التحابط ، وهو باطل على ما حققناه (٢) غير أن القول بالتحابط [بين الثواب والعقاب (٣)] على مذهب القائلين به ، أولى من التحابط بين الطاعات ، والمعاصى ؛ إذ الأمة مجمعة على أن من ارتكب كبيرة ، وصام ، وصلى ، وتزكى ، أن عبادته صحيحه واقعة موقع الامتثال ؛ كما سبق (٤).

__________________

(١) راجع ما سبق ل ٢٢٣ / ب وما بعدها.

(٢) راجع ما تقدم ل ٢٢٣ / ب وما بعدها.

(٣) ساقط من (أ).

(٤) راجع ما سبق ل ٢٢٦ / أوما بعدها. ولمزيد من الدراسة ارجع إلى المراجع التالية : الفصل لابن حزم ٤ / ٤٧ ، والإرشاد للجوينى ص ٣٢٤ ، وشرح المواقف ص ٢١٠ وما بعدها من الموقف السادس ، وشرح المقاصد ٢ / ١٧٠ وما بعدها. ومن كتب المعتزلة : شرح الأصول الخمسة ص ٦٢٥ وما بعدها.

٣٩٠

فهرس موضوعات الجزء الرابع

من كتاب أبكار الأفكار فى أصول الدين

للإمام سيف الدين الآمدي

القاعدة الخامسة

فى النبوات

وتشتمل على ستة أصول : ٥ ـ ٢٤٣

الأصل الأول

فى بيان معنى النبوة والنبي ٧ ـ ١٣

أما فى وضع اللغة................................................................ ٧

وأما فى إصلاح النظار............................................................ ٧

قول الفلاسفة................................................................... ٧

أقوال أخرى..................................................................... ٩

رد الآمدي على هذه المذاهب.................................................... ١٠

مذهب أهل الحق من الأشاعرة ، وغيرهم.......................................... ١٢

الأصل الثانى

فى تحقيق معنى المعجزة وشرائطها

ووجه دلالتها على صدق النبي

ويشتمل على ثلاثة فصول.................................................. ١٥ ـ ١٦

الفصل الأول : فى تحقيق معنى المعجزة............................................. ١٧

الفصل الثانى : فى شرائط المعجزة................................................. ١٨

شرائط المعجزة عند الأشاعرة................................................... ١٨

اختيار القاضى أبو بكر....................................................... ٢٠

رأى المعتزلة.................................................................. ٢٢

الحق فى ذلك................................................................ ٢٣

الفصل الثالث : فى وجه دلالة المعجزة على صدق الرسول........................... ٢٤

رأى الأشاعرة................................................................ ٢٥

٣٩١

الأصل الثالث

فى جواز البعثة عقلا ٢٧ ـ ٦٦

مذهب أهل الحق............................................................ ٢٧

مذهب الفلاسفة............................................................ ٢٧

مذهب المعتزلة............................................................... ٢٧

رأى المانعين................................................................. ٢٨

أدلة أهل الحق على الجواز العقلى.............................................. ٢٩

وأما القائلون بإحالة البعثة فقد تشبثوا بأربعين شبهة.......................... ٣٠ ـ ٤٧

وقد رد الآمدي على هذه الشبه بالتفصيل.................................. ٤٧ ـ ٦٦

الأصل الرابع

فى إثبات رسالة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ٦٧ ـ ١٤٢

الدليل على رسالته.............................................................. ٦٨

الدعوى الأولى : أنه كان موجودا مدعيا للرسالة..................................... ٦٨

الدعوى الثانية : أنه ظهرت المعجزات على يده..................................... ٦٨

من جملتها القرآن الكريم....................................................... ٦٨

وجه إعجازه................................................................. ٦٩

من معجزاته ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ انشاق القمر............................................... ٧٤

ومنها : كلام الجمادات....................................................... ٧٥

ومنها : كلام الحيوانات العجماوات............................................. ٧٧

ومنها : حركات الجمادات إليه................................................. ٨٠

ومنها : اكتفاء الجمع الكثير من قليل الطعام..................................... ٨١

ومنها : نبع الماء من بين إصبعيه................................................ ٨٢

ومنها : إخباره بالغيب........................................................ ٨٢

الدعوى الثالثة : أنه تحدى بالقرآن ، وتعجيز الخلائق عن الإتيان بمثله................. ٨٥

الدعوى الرابعة : أنه لم يوجد لمعجزاته معارض...................................... ٨٦

واعلم أن كل ما يتجه من الشبه على جواز البعثة عقلا فهو متجه هاهنا. ويختص بما نحن فيه هاهنا شبه    ٨٦

شبه الخصوم على رسالة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم........................................ ٨٧ ـ ١١٢

الرد على هذه الشبه بالتفصيل........................................ ١١٢ ـ ١٤٢

٣٩٢

الأصل الخامس

فى عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ١٤٣ ـ ٢١٣

أما قبل النبوة :............................................................... ١٤٣

الآراء فيها :............................................................... ١٤٣

وأما بعد النبوة :.............................................................. ١٤٤

الآراء فيها :............................................................... ١٤٤

العصمة عن الصغائر.......................................................... ١٤٧

الطرف الأول : فى جواز النسيان على الأنبياء عليهم‌السلام............................... ١٤٧

الأقوال فى قصة الغرانيق..................................................... ١٤٧

الطرف الثانى : فى بيان عصمة الأنبياء عن تعمد المعاصى التى لا يلحق فاعلها بالإخساء الأراذل ويشتمل على عشرين حجة     ١٤٩

الحجة الأولى : أن آدم عصى وارتكب الذنب.................................... ١٥٠

الحجة الثانية : قوله ـ تعالى ـ (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها). ١٥٦

الحجة الثالثة : قوله ـ تعالى ـ (وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ).................................. ١٦١

الحجة الرابعة : قوله ـ تعالى ـ حكاية عن إبراهيم عليه‌السلام (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً) ١٦٤

الحجة الخامسة : قوله ـ تعالى ـ حكاية عن إبراهيم عليه‌السلام لما قال قومه وقد كسر الأصنام (أَأَنْتَ فَعَلْتَ)       ١٦٦

الحجة السادسة : قوله ـ تعالى ـ حكاية عن إبراهيم عليه‌السلام (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) ١٦٨

الحجة السابعة : قوله ـ تعالى ـ أيضا عن إبراهيمعليه‌السلام(رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى).. ١٦٩

الحجة الثامنة : قوله ـ تعالى ـ حكاية عنه أيضا (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)     ١٧١

الحجة التاسعة : قوله ـ تعالى ـ حكاية عنه أيضا (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ)... ١٧١

الحجة العاشرة : قوله ـ تعالى ـ حكاية عنه أيضا (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) ١٧٢

الحجة الحادية عشرة : قوله ـ تعالى ـ حكاية عن يوسف عليه‌السلام وامرأة العزيز (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها).................................................... ١٧٢

الحجة الثانية عشرة : قوله ـ تعالى ـ حكاية عن يوسف وأبيه واخوته (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً)        ١٨٠

الحجة الثالثة عشرة : قوله ـ تعالى ـ حكاية عن موسى عليه‌السلام (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها)      ١٨١

الحجة الرابعة عشرة : قوله ـ تعالى ـ حكاية عن موسى عليه‌السلام (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ)    ١٨٤

٣٩٣

الحجة الخامسة عشرة : قوله ـ تعالى ـ فى قصة داودعليه‌السلام(وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ)..... ١٨٦

الحجة السادسة عشرة : قوله ـ تعالى ـ (وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)... ١٩٠

الحجة السابعة عشرة : قوله ـ تعالى ـ حكاية عن يونس عليه‌السلام (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ)    ١٩٥

الحجة الثامنة عشرة : ما روى الثقات من أهل التفسير كابن عباس والحسن وغيرهما..... ١٩٧

الحجة التاسعة عشرة : قوله ـ تعالى ـ مخاطبا لمحمد (ص) : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ)............................................................................ ٢٠٢

الحجة العشرون : قوله ـ تعالى ـ مخاطبا لنبيه عليه‌السلام (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ)     ٢٠٤

وعند ذلك فلا بد من الإشارة إلى شبه الخصوم والتنبيه على وجه الانفصال عنها....... ٢٠٥

الشبهة الأولى : وهى العمدة الكبرى للخصوم.................................. ٢٠٥

الجواب عنها :............................................................. ٢٠٦

الشبهة الثانية :............................................................ ٢٠٧

الجواب عنها :............................................................. ٢٠٨

الشبهة الثالثة :............................................................ ٢١١

الجواب عنها :............................................................. ٢١٢

الشبهة الرابعة :............................................................ ٢١٢

الجواب عنها :............................................................. ٢١٢

الشبهة الخامسة :.......................................................... ٢١٣

الجواب عنها :............................................................. ٢١٣

الأصل السادس

فيما قيل من عصمة الملائكة ، والتفضيل بينهم

وبين الأنبياء عليهم‌السلام

ويشتمل على فصلين :................................................. ٢١٥ ـ ٢٤٣

الفصل الأول : فيما قيل من عصمة الملائكة عليهم‌السلام......................... ٢١٧ ـ ٢٢٤

حجج القائلين بنفى العصمة :............................................... ٢١٧

الحجة الأولى :............................................................. ٢١٧

الحجة الثانية : وذلك من أربعة أوجه.......................................... ٢١٧

الرد عليهم بالتفصيل........................................................ ٢١٩

الفصل الثانى : فيما قيل فى التفضيل بين الملائكة والأنبياء عليهم‌السلام............. ٢٢٥ ـ ٢٤٣

٣٩٤

مذهب أكثر الأشاعرة ، والشيعة وأكثر الناس أن الأنبياء عليهم‌السلام أفضل من الملائكة. ٢٢٥

وذهب الفلاسفة والمعتزلة إلى أن الملائكة أفضل................................ ٢٢٥

أدلة الأشاعرة ومن وافقهم................................................... ٢٢٥

أدلة المخالفين القائلين بتفضيل الملائكة على الأنبياء............................ ٢٢٦

أما من جهة المعقول :....................................................... ٢٢٦

وأما من جهة المنقول ؛ فمن خمسة عشر وجها........................... ٢٢٧ ـ ٢٣١

الرد على المخالفين................................................... ٢٣٢ ـ ٢٤٣

وهذه المسألة ظنية لاحظ للقطع فيها لا نفيا ، ولا إثباتا

القاعدة السادسة

فى المعاد ، والسمعيات ، وأحكام الثواب والعقاب

وتشتمل على ثلاثة أصول : ٢٤٥ ـ ٣٩٠

الأصل الأول

فى المعاد

ويشتمل على ثلاثة فصول :............................................ ٢٤٧ ـ ٣١٥

الفصل الأول : فى جواز إعادة ما عدم عقلا............................... ٢٤٩ ـ ٢٦٠

رأى الفلاسفة والتناسخية. المنع من ذلك...................................... ٢٤٩

رأى أكثر المتكلمين. الجواز.................................................. ٢٤٩

احتج الأشاعرة على جواز ما عدم مطلقا بحجتين :.............................. ٢٥١

الحجة الأولى :............................................................. ٢٥١

الحجة الثانية :............................................................. ٢٥١

شبه الخصوم............................................................... ٢٥٢

الرد عليهم................................................................ ٢٥٥

الفصل الثانى : فى وجوب وقوع المعاد الجسمانى............................ ٢٦١ ـ ٢٧٣

ذهب الفلاسفة والتناسخية ومن وافقهم إلى المنع من ذلك....................... ٢٦١

وذهب أهل الحق من المتشرعين إلى وجوب ذلك................................ ٢٦١

الأدلة من الكتاب الكريم.................................................... ٢٦٢

٣٩٥

الأدلة من السنة............................................................ ٢٦٦

شبه الخصوم :............................................................. ٢٦٩

الرد عليهم :............................................................... ٢٧٢

الفصل الثالث : فى المعاد النفسانى....................................... ٢٧٤ ـ ٣١٥

اختلاف الناس فى معنى النفس الإنسانية....................................... ٢٧٤

مذهب الفلاسفة اليونانيين ، ومن تابعهم من فلاسفة الإسلاميين ، وأرباب التناسخ. ٢٧٥

احتجوا على ما ذهبوا إليه بخمسة عشر حجة.................................. ٢٧٧

ثم اختلفوا فى أربعة مواضع................................................... ٢٨١

الموضع الأول : اختلفوا فى قدم النفس وحدوثها................................. ٢٨١

الموضع الثانى : اختلفوا فى وحدة النفس وتكثرها................................ ٢٨٤

الموضع الثالث : هل تفوت النفس بفوات البدن أم لا؟.......................... ٢٨٦

الموضع الرابع : اختلفوا فى أنها هل تنتقل إلى بدن آخر أم لا؟..................... ٢٨٩

والّذي عليه المحققون من الفلاسفة امتناع القول بالتناسخ......................... ٢٩٠

الرد على القائلين من الأشاعرة بأن النفس عرض............................... ٢٩٤

الرد على القائلين بقدم النفس................................................ ٣٠٣

الرد على القائلين بحدوث النفس ومناقشة حججهم............................. ٣٠٤

وأما التفريع الثانى : فى وحدة النفس وتكثيرها................................... ٣٠٦

وأما حجج التفريع الثالث : وهو أن النفس هل تفوت بفوات البدن أم لا؟ فمدخوله ٣٠٩

وأما التفريع الرابع : المتعلق بالتناسخ........................................... ٣١٣

الرد على الفلاسفة الإلهيين.................................................. ٣١٥

الأصل الثانى

فى السمعيات

ويشتمل على أربعة فصول :............................................. ٣١٧ ـ ٣٤٧

الفصل الأول : فى الدليل السمعى ، وأقسامه ، وأنه هل يفيد اليقين ، أم لا؟.. ٣١٩ ـ ٣٢٦

تعريف الدليل السمعى فى العرف............................................. ٣١٩

وعند الفقهاء.............................................................. ٣١٩

فى عرف المتكلمين......................................................... ٣٢٠

الفصل الثانى : فى خلق الجنة والنار....................................... ٣٢٧ ـ ٣٣١

مذهب الأشاعرة وأكثر المتكلمين............................................. ٣٢٧

٣٩٦

المعتمد فى المسألة : الكتاب والسنة وإجماع الأمة................................ ٣٢٧

أما الكتاب................................................................ ٣٢٧

وأما السنة................................................................. ٣٢٨

وأما الإجماع............................................................... ٣٢٩

الفصل الثالث : فى عذاب القبر ومساءلة منكر ونكير...................... ٣٣٢ ـ ٣٤١

آراء الفرق المختلفة.......................................................... ٣٣٢

الدليل على إحياء الموتى فى قبورهم........................................... ٣٣٣

الدليل على إثبات عذاب القبر من الكتاب والسنة.............................. ٣٣٥

أما الكتاب :.............................................................. ٣٣٥

أما السنة :................................................................ ٣٣٦

تسمية أحد الملكين منكرا والآخر نكيرا........................................ ٣٣٧

وللمخالفين شبه ومعارضات................................................. ٣٣٧

الجواب عن شبههم ، ومعارضاتهم............................................. ٣٣٨

الفصل الرابع : فى الصراط والميزان والحساب وقراءة الكتب والحوض المورود وشهادة الأعضاء ٣٤٢ ـ ٣٤٧

أما الصراط................................................................ ٣٤٢

وأما الميزان................................................................. ٣٤٥

وأما الحساب.............................................................. ٣٤٧

وأما أخذ الكتب........................................................... ٣٤٧

وأما شهادة الأعضاء........................................................ ٣٤٧

وأما نصب الحوض......................................................... ٣٤٧

الأصل الثالث

فى أحكام الثواب والعقاب

ويشتمل على خمسة فصول :............................................ ٣٤٩ ـ ٣٩٠

الفصل الأول : فى استحقاق الثواب والعقاب..................................... ٣٥١

مذهب أهل الحق. لا يجب على الله ـ تعالى ـ شيء.............................. ٣٥١

وذهب معظم المعتزلة : أنه يجب على الله إثابة المطيع ، وعقاب العاصى........... ٣٥١

الرد على المعتزلة............................................................ ٣٥٢

الفصل الثانى : فى أن ثواب أهل الجنة،وعقاب الكفار غير واجب الدوام عقلا؛بل سمعا. ٣٥٥

مذهب أهل الحق.......................................................... ٣٥٥

٣٩٧

مذهب المعتزلة............................................................. ٣٥٥

حجج المعتزلة.............................................................. ٣٥٥

رد أهل الحق عليهم......................................................... ٣٥٧

الفصل الثالث : فى استحقاق عصاة المؤمنين العقاب على زلاتهم ، وجواز الغفران عنها عقلا ٣٦٠ ـ ٣٧٨

أجمع المسلمون على أن من مات على كفره ؛ فهو مخلد فى النار أبدا............... ٣٦٠

وأجمع المسلمون على أن من مات مؤمنا ولو كان من أهل الكبائر ؛ فماله إلى الجنة خلافا للخوارج ٣٦٠

مذهب المرجئة............................................................. ٣٦٠

الرد على المرجئة............................................................ ٣٦١

الرد على المنكرين لجواز الغفران عقلا.......................................... ٣٦٤

أما من جهة العقل.......................................................... ٣٦٤

وأما من جهة السمع........................................................ ٣٦٤

الأمة مجمعة على ثبوت الشفاعة للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.................................... ٣٦٥

اعتراضات للخصوم......................................................... ٣٦٦

الجواب عنها............................................................... ٣٦٩

الفصل الرابع : فى أن عقاب العصاة من المؤمنين غير مخلد.......................... ٣٧٩

مذهب المعتزلة والخوارج إلى أن من مات من أرباب الكبائر من غير توبة ؛ فهو مخلد فى النار        ٣٧٩

الرد عليهم................................................................ ٣٧٩

الفصل الخامس : فى الإحباط والتكفير.................................... ٣٨٣ ـ ٣٩٠

رأى أهل الحق............................................................. ٣٨٣

مذهب الخوارج والمعتزلة...................................................... ٣٨٣

حججهم.................................................................. ٣٨٤

الرد عليهم................................................................ ٣٨٥

فهرس موضوعات الجزء الرابع............................................ ٣٩١ ـ ٣٩٨

٣٩٨