تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ١٧

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

وكان أحد من عني بالأثر.

قال الحسين بن فهم : قال خلف بن سالم ليحيى بن معين : نمضي إلى عبد الرحمن بن صالح؟

فقال له : أغرب ، لا صلّى الله عليك. عنده والله سبعون حديثا ، ما سمعت منها شيئا (١).

وقال سهل بن عليّ الدّوريّ : سمعت يحيى بن معين يقول : يقدم عليكم رجل من أهل الكوفة ، يقال له عبد الرحمن بن صالح ، ثقة صدوق شيعيّ ، لأنّ يخرّ من السّماء ، أحبّ إليه أن يكذب في نصف حرف (٢).

وقال أبو حاتم (٣) : صدوق.

وقال أبو داود : كان رجل سوء ، وضع كتاب مثالب في الصّحابة (٤).

وقال صالح جزرة : كان يقرض عثمان (٥).

وقال موسى بن هارون : كان عبد الرحمن ثقة في الحديث ، وكان يحدّث بمثالب أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه. وكان شيعيّ محترق (٦).

وقال البغويّ : سمعته يقول : خير هذه الأمّة بعد نبيّها أبو بكر وعمر (٧).

توفّي في سلخ ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين (٨).

وقد روى له النّسائيّ في كتاب «خصائص عليّ رضي‌الله‌عنه» حديثا واحدا (٩).

__________________

(١) تهذيب الكمال ٢ / ٧٩٥.

(٢) تهذيب الكمال ٢ / ٧٩٥.

(٣) الجرح والتعديل ٥ / ٢٤٦.

(٤) تهذيب الكمال ٢ / ٧٩٥.

(٥) تهذيب الكمال ٢ / ٧٩٥.

(٦) تهذيب الكمال ، وفيه زاد : حرقت عامّة ما سمعت منه. (٢ / ٧٩٥).

(٧) تهذيب الكمال ٢ / ٧٩٥.

(٨) طبقات ابن سعد ٧ / ٣٦٠ ، ثقات ابن حبّان ٨ / ٣٨٠.

(٩) سأل ابن محرز : يحيى بن معين عنه فقال : لا بأس به. (معرفة الرجال ١ / ٩٢ رقم ٣٥٢ و ٢ / ١٧٧ رقم ٥٧٩).

وقال ابن معين أيضا : ثقة إلّا أنه يتشيّع. (تاريخ أسماء الثقات لابن شاهين ٢١٨ رقم ٧٨٨).

٢٤١

٢٤٢ ـ عبد الرحمن بن عفّان (١).

أبو بكر الصّوفيّ ، أحد المتروكين.

يروي عن : أبي بكر بن عيّاش ، وأبي إسحاق الفزاريّ.

وعنه : إسحاق الختّليّ ، وجعفر الفريابيّ.

قال ابن معين : كذّاب (٢).

٢٤٣ ـ عبد الرحمن بن عمرو البجليّ الحرّانيّ (٣).

عن : زهير بن معاوية ، وغيره.

وعنه : أبو عروبة وهو أكبر شيخ له.

توفّي سنة ستّ وثلاثين ومائتين (٤).

وقد ذكره الحاكم في «الكنى» (٥) فقال : يكنّى أبا عثمان. سمع زهيرا ، وأبا عوانة الوضّاح.

روى عنه : يعقوب الفسويّ ، ومحمد بن يحيى بن كثير الحرّانيّ (٦).

٢٤٤ ـ عبد الرحمن بن أبي الغمر عمر بن عبد الرحمن (٧).

أبو زيد السّهميّ ، مولاهم المصريّ الفقيه ، صاحب ابن القاسم.

__________________

(١) انظر عن (عبد الرحمن بن عفّان) في :

تاريخ بغداد ١٠ / ٢٦٤ ، ٢٦٥ رقم ٥٣٧٩ ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي ٢ / ٩٨ رقم ١٨٨٦ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٥٧٩ رقم ٤٩٢١ ، والمغني في الضعفاء ١ / ٣٨٤ رقم ٣٦٠٤ ، ولسان الميزان ٣ / ٤٢٣ ، ٤٢٤ رقم ١٦٦٣.

(٢) تاريخ بغداد ١٠ / ٢٦٤ ، ٢٦٥ ، وقال : رأيت له حديثا حدّث به عن أبي إسحاق الفزاري كذبا.

الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي ٢ / ٩٨.

(٣) انظر عن (عبد الرحمن بن عمرو البجلي) في :

الجرح والتعديل ٥ / ٢٦٧ رقم ١٢٥٨ ، والثقات لابن حبّان ٨ / ٣٨٠.

(٤) ثقات ابن حبّان ٨ / ٣٨٠.

(٥) هو كتاب «الأسامي والكنى» ، وقد وصلنا منه الجزء الأول فقط ، ولا يزال مخطوطا.

(٦) سئل عنه أبو زرعة الرازيّ فقال : شيخ. (الجرح والتعديل).

(٧) انظر عن (عبد الرحمن بن أبي الغمر) في :

الجرح والتعديل ٥ / ٢٧٤ ، ٢٧٥ رقم ٣٠٢ و ٨ / ٣١٧ ، والأسامي والكنى للحاكم ، ج ١ ورقة ٢٠٥ ب ، والإكمال لابن ماكولا ٧ / ٣٣ ، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) ٤٢ / ٥٥٦ ، وتهذيب التهذيب ٦ / ٢٤٩ ، ٢٥٠ رقم ٤٩٧ ، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ٣ / ٤٥ رقم ٧٤٩.

٢٤٢

روى عن : مفضّل بن فضالة ، وابن وهب ، وابن القاسم (١).

وعنه : أحمد بن محمد بن رشدين ، والبخاريّ ، وأبو الزّنباع روح بن الفرج القطّان. وعاش ثلاثا وسبعين سنة.

توفّي سنة أربع وثلاثين ومائتين (٢).

٢٤٥ ـ عبد الرحمن بن نافع (٣).

أبو زياد المخرّميّ ، ولقبه : درخت.

روى عن : عبد الرحمن بن أبي الزّناد ، والمغيرة بن سقلاب ، وغيرهما.

وعنه : عبد الله بن أحمد الدّورقيّ ، وعبد الله بن أبي سعد الورّاق.

وثّقه بعضهم (٤).

٢٤٦ ـ عبد الرحيم بن عبد العزيز (٥).

أبو يزيد الزريقيّ (٦).

سمع : هشيما ، وبهز بن أسد.

__________________

(١) وهو يروي أيضا عن : معاوية بن يحيى الأطرابلسي. انظر كتابنا : مسند الحديث والفوائد والتاريخ لمعاوية بن يحيى الأطرابلسي ، وهو تحت الطبع.

(٢) قال الحافظ ابن حجر : عبد الرحمن بن أبي الغمر أبو زيد المصري الفقيه. روى عن : معاوية بن يحيى الطرابلسي ، وعبد الرحمن بن القاسم. روى عنه أبو الطاهر بن السرح والحارث بن مسكين ، ويونس بن عبد الأعلى ، وأبو زرعة الرازيّ. هكذا ذكره صاحب الكمال ، ولم يذكر من أخرج له ، فلم يترجم له المزّي بذلك. (لسان الميزان ٦ / ٢٤٩ ، ٢٥٠) ولقد أصاب الحافظ ابن حجر ، إذ لم أجده في تهذيب الكمال ، ولم يذكره المؤلّف الذهبي في الكاشف أو الميزان أو المغني ، كما لم يذكره ابن حجر في التقريب.

(٣) انظر عن (عبد الرحمن بن نافع) في :

معرفة الرجال برواية ابن محرز ١ / رقم ٢٣٩ و ٢ / رقم ٥٦٩ ، والكنى والأسماء لمسلم ، ورقة ١١٧ ، والجرح والتعديل ٥ / ٢٩٤ رقم ١٣٩٥ ، والثقات لابن حبّان ٨ / ٣٨١ ، وتاريخ بغداد ١٠ / ٢٦٣ رقم ٥٣٧٨ ، وتهذيب التهذيب ٦ / ٢٨٥ رقم ٥٥٩.

(٤) قال ابن محرز : سألت يحيى عن عبد الرحمن بن نافع أبي زياد المخرّمي ، فقال : ليس به بأس إذا حدّث عن ثقة. (معرفة الرجال ١ / ٨٠ رقم ٢٣٩ و ٢ / ١١٥ رقم ٥٦٩) وقال أبو زرعة الرازيّ : هو صدوق. (الجرح والتعديل ٥ / ٢٩٤) ، وذكره ابن حبّان في «الثقات» (٨ / ٣٨١) ووثّقه عبد الله بن أحمد الدورقي. (تاريخ بغداد ١٠ / ٢٦٤).

(٥) انظر عن (عبد الرحيم بن عبد العزيز) في :

الجرح والتعديل ٥ / ٣٤١ رقم ١٦١٢ ، وتصحيفات المحدّثين للعسكريّ ٢٦٦.

(٦) بتقديم الزاي ، هكذا في الأصل وتصحيفات المحدّثين. أما في : الجرح والتعديل فهو : «رزيق» بتقديم الراء».

٢٤٣

وعنه : أبو حاتم ، وعليّ بن الحسين بن الجنيد.

قال أبو حاتم (١) : صدوق.

٢٤٧ ـ عبد الرحيم بن مطرّف بن أنيس بن قدامة (٢) ـ د. ن. ـ

أبو سفيان الرّؤاسيّ الكوفيّ السّروجيّ ابن عمّ وكيع.

روى عن : أبيه ، وعبيد الله بن عمرو ، وأبي إسحاق الفزاريّ ، ويزيد بن زريع ، وعتّاب بن بشير ، وعيسى بن يونس ، وجماعة.

[وعنه (٣) : أبو داود ، وأبو زرعة ، وابن أبي الدّنيا ، وأبو بكر بن أبي عاصم ، وأحمد بن أبي خيثمة ، وعثمان بن خرّزاذ.

وثّقه أبو حاتم (٤) ، وغيره.

مات سنة اثنتين (٥) وثلاثين ومائتين.

٢٤٨ ـ عبد السّلام بن رغبان بن عبد السّلام بن حبيب (٦).

أبو محمد الكلبيّ الحمصيّ الشاعر الملقّب بديك الجنّ.

أحد شعراء الدّولة العبّاسيّة ، أصله من بلدة سلمية ، ومولده بحمص. قيل

__________________

(١) الجرح والتعديل.

(٢) انظر عن (عبد الرحيم بن مطرّف) في :

الكنى والأسماء للدولابي ١ / ١٩٩ ، والجرح والتعديل ٥ / ٣٤١ رقم ١٦١١ ، والثقات لابن حبّان ٨ / ٤١٣ ، والأسامي والكنى للحاكم ، ج ١ ورقة ٢٥٧ ب ، ٢٥٨ أ ، والمعجم المشتمل لابن عساكر ١٧٠ ، ١٧١ رقم ٥٤٦ ، وتهذيب الكمال (المصوّر) ٢ / ٨٢٨ ، والكاشف ٢ / ١٧٠ رقم ٣٤٠٦ ، وتهذيب التهذيب ٦ / ٣٠٧ رقم ٦٠٢ ، وتقريب التهذيب ١ / ٥٠٤ رقم ١١٧٧ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢٣٧.

(٣) من هنا يبدأ النقص في الأصل من تاريخ الإسلام.

(٤) وقال : حدّثنا عنه أحمد بن أبي الحواري وكان من خيار مشايخنا. (الجرح والتعديل ٥ / ٣٤١).

(٥) قال ابن حبّان : مات سنة الفداء بالثغر سنة اثنتين وثلاثين ومائتين» (٨ / ٤١٣) وقد وقع في المطبوع «سنة العداء». وبها أرّخه ابن عساكر في المعجم المشتمل ١٧٠ ، ١٧١.

(٦) انظر عن (عبد السلام بن رغبان ديك الجن الشاعر) في :

الأغاني ١٤ / ٥١ ـ ٦٨ ، وثمار القلوب ٢٧ ، ٦٩ ، ٣٣٩ ، ٤٧٠ ، ٦٠٤ ، وخاص الخاص ١٢٨ ، والوزراء والكتاب ١٠٢ ، والمحاسن والمساوئ ٢٨٩ ، ٢٩٠ ، والمنازل والديار ٢ / ١٠ ، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) ٢٤ / ١١٢ ـ ١١٥ ، وبدائع البدائه ٦٨ ، وذمّ الهوى ٣٥٦ ، وأخبار النساء ٩٨ ، ٩٩ ، ووفيات الأعيان ٣ / ١٨٤ ـ ١٨٦ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٣٨ ، وسير أعلام النبلاء ١١ / ١٦٣ ، ١٦٤ رقم ٦٧ ، وحياة الحيوان الكبرى للدميري ١ / ٥١٩.

٢٤٤

لم يفارق الشّام ، وكان شيعيّا ظريفا خليعا ماجنا ، له مراث في الحسين (١). وكان مولده سنة إحدى وستّين ومائة.

أخذ عنه : أبو تمّام الطّائيّ ، وغيره.

وقيل إنّ أبا نواس لمّا سار إلى مصر ليمدح الخصيب بن عبد الحميد اجتاز بحمص فاختفى منه ديك الجنّ واستصغر نفسه معه ، فجاء إلى داره وقال لجاريته : قولي أن يخرج ، فقد فتن أهل العراق بقوله :

مورّدة من كفّ ظبي كأنّما

تناولها من خدّه فأدارها

فلمّا سمع ذلك خرج إليه وأدخله ، وعمل له ضيافة.

ومن أبيات هذه القصيدة :

فقم أنت فاحثث كأسها غير صاغر

ولا تسق غير (٢) خمرها وعقارها

فقام يكاد الكأس يحرق كفّه

من الشّمس أو من وجنتيه استعارها

ظللنا بأيدينا نتعتع روحها

فتأخذ من أرواحنا الرّاح ثارها (٣)

عن يقظان بن سلّام قال : قلنا لأبي تمّام : لو نهيت ديك الجنّ ممّا هو فيه ، ولك عشرة آلاف درهم.

قال أبو تمّام : فدخلت عليه وهو مطّرح على حصير سكران ، وعلى رأسه غلام يروّحه. فلمّا رآني الغلام نبّهه ، فلمّا رآني قام يلبّني ، وقال : تحسن تقول مثلي؟ ثمّ أنشد :

أما ترى راهب الأسحار قد هتفا

وحثّ تغريده لمّا علا السّعفا

أوفى يصيغ إلى فانوس مغرقة

كغرّة التّاج لما عولي الشّرفا

مشنّف بعقيق فوق مديحه

هل كنت في غير أذن تعهد الشّنفا

لمّا أراحت رعاة اللّيل عارية

من الكواكب كادت ترتقي السّدفا

هزّ اللّواء على ما كان من هيف

فارتجّ لمّا علاه اهتزّ ثمّ هفا

ثمّ استمرّ كما غنّى على طرب

تكدّر الماء على تغريده وصفا

__________________

(١) الأغاني ١٤ / ٥١.

(٢) في وفيات الأعيان : «إلا».

(٣) ديوانه ١٠٧ ، وفيات الأعيان ٣ / ١٨٥.

٢٤٥

وقام مختلفا كالدّور مطّلعا

والرّيم ملتفتا والغصن منعطفا

رقّت غلالة خدّيه فلو رميا

باللّحظ أو بالمنى همّا بأن يكفا

كأنّ قافا أديرت فوق وجنته

واختطّ كاتبها من فوقها ألفا

فاستلّ راحا كبيض واقعت جحفا

حلا لنا أو كنار صادفت سعفا

فلم أزل من ثلاث واثنتين ومن

خمس وستّ وما استعلى وما لطفا

حتّى توهّمت نوشروان لي خولا

وخلت أنّ نديمي عاشر الخلفا

قال : فلم أزل به حتّى نوّمته وخرجت ، فقيل لي : إنّما قلنا تنهاه.

قلت : دعه ينام ، فإنّي إن نهيته تجرّمنا عشرة آلاف كبيرة.

وقيل : إنّ ديك الجنّ كان له غلام وجارية مليحان ، وكان يهواهما. فدخل يوما فرآهما في لحاف معتنقين ، فشدّ عليهما فقتلهما ثم سقط من يده ، وجلس عند الجارية يبكي ويقول :

يا طلعة طلع الحمام عليها (١)

وجنى لها ثمر الرّدى بيديها

روّيت من دمها الثّرى ولطالما (٢)

روّى الهوى شفتيّ من شفتيها

فو حقّ عينيها ما وطئ الثّرى (٣)

شيء أعزّ عليّ من عينيها (٤)

ما كان قتليها لأنّي لم أكن

أبكي إذا سفك العيار (٥) عليها

لكن نحلت على سواي بحسنها (٦)

وأنفت من نظر الغلام (٧) إليها (٨)

ثم جلس عند الغلام وقال :

__________________

(١) في ذم الهوى : «يا مهجة برك الحمام عليها».

(٢) في ذم الهوى : «الثراء وطالما».

(٣) في أخبار النساء : «فو حقّ نعليها وما وطئ الحصى» ، وكذا في : وفيات الأعيان.

(٤) في ذم الهوى : «من نعليها» ، وكذا في وفيات الأعيان.

(٥) في أخبار النساء ، ووفيات الأعيان : «إذا سقط الغبار». وفي ذم الهوى : «سقط الذباب» ، وكذا في الأغاني.

(٦) في أخبار النساء : «لكن بخلت على الأنام بحسنها». وفي الأغاني ، وذم الهوى : «لكن ضننت على العيون بحبّها» ، وفي وفيات الأعيان : «لكن بخلت على سواي بحبّها». وفي رواية : «لكن نفست عن العيون بنظرة».

(٧) في الأغاني ، وذم الهوى : «نظر الحسود». وفي وفيات الأعيان : «نظر العيون».

(٨) الأبيات في : ديوان ديك الجنّ ٩٠ ، والأغاني ١٤ / ٥٧ ، وذم الهوى ٣٥٦ ، ووفيات الأعيان ٣ / ١٨٦ ، ١٨٧ ، وأخبار النساء لابن قيّم الجوزية ١ / ٩ ، ٩٩.

٢٤٦

قمر أنا استخرجته من خدره (١)

بمودّتي وجزيته من غدره (٢)

فقتلته وله (٣) عليّ كرامة

ملء (٤) الحشا وله الفؤاد بأسره

عهدي به ميتا كأحسن نائم

والدّمع (٥) ينحر مقلتي في نحره (٦)

لو كان يدري الميّت ما ذا بعده

بالحيّ منه بكى (٧) له في قبره

غصص تكاد تفيض (٨) منها نفسه

ويكاد يخرج قلبه (٩) من صدره (١٠)

قال سعيد بن زيد الحمصيّ : دخلت على ديك الجنّ ، وكنت اختلفت إليه لمّا كتب شعره ، فرأيته وقد شابت لحيته وحاجباه وشعر زنديه. وكانت عيناه خضراوين ، ولذلك سمّي ديك الجنّ ، وقد صبغ لحيته بالزّنجار ، وعليه ثياب خضر.

وكان جيّد الغناء بالطّنبور ، وفي يديه آلة الشّرب وهو يغنّي.

توفّي سنة خمس أو ستّ وثلاثين ومائتين (١١).

٢٤٩ ـ عبد السّلام بن سعيد بن حبيب (١٢).

__________________

(١) في الأغاني ، وأخبار النساء ، ووفيات الأعيان «من دجنه».

(٢) في الأغاني ، ووفيات الأعيان : «لبليّتي وجلوته من خدره» ، وفي أخبار النساء : «لمودّتي وجلوته في خدره».

(٣) في أخبار النساء : «فقتلته وبه».

(٤) في أخبار النساء : «فلي الحشا».

(٥) في وفيات الأعيان : «والحزن ينحر».

(٦) في الأغاني : «والحزن يسفح عبرتي في نحره». وفي أخبار النساء : «والطرف يسفح دمعتي في نحره».

(٧) في الأغاني : «بالحيّ حلّ بكى».

(٨) في الأغاني ، ووفيات الأعيان : «تغيظ» بالظاء.

(٩) في الأغاني : «وتكاد تخرج قلبه».

(١٠) الأبيات في : الديوان ٩٢ ، والأغاني ١٤ / ٥٩ ، وتاريخ دمشق ٢٤ / ١١٤ ، ووفيات الأعيان ٣ / ١٨٧ ، ١٨٨ ، وأخبار النساء ٩٩.

(١١) وفيات الأعيان ٣ / ١٨٥.

(١٢) انظر عن (عبد السلام بن سعيد سحنون) في :

طبقات الفقهاء للشيرازي ٢٥ ، ١٤٧ ، ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٥٦ ـ ١٥٩ ، ١٦٣ ، والإرشاد للخليلي (طبعة ستنسل) ١ / ٥٦ ، وترتيب المدارك للقاضي عياض ٢ / ٥٨٥ ـ ٦٢٦ ، ووفيات الأعيان ٣ / ١٨٠ ـ ١٨٢ ، ودول الإسلام ١ / ١٤٦ ، والعبر ٢ / ٣٤ ، وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٦٣ ـ ٦٩ رقم ١٥ ، ومرآة الجنان ٢ / ١٣١ ، ١٣٢ ، والبداية والنهاية ١٠ / ٣٢٢ و ٣٢٣ ، والديباج المذهب ٢ / ٣٠ ـ ٤٠ ، ومعالم الإيمان للدبّاغ ٢ / ٤٩ ، وشجرة النور الزكية ٧٠ ، ورياض النفوس للمالكي ١ / ٢٤٩ ، ٢٩٠.

٢٤٧

شيخ المغرب أبو سعيد التّنوخيّ الحمصيّ ثم القيروانيّ الفقيه المالكيّ سحنون ، قاضي القيروان ومصنّف المدوّنة.

دخل إلى مصر وقرأ على ابن وهب ، وابن القاسم ، وأشهب.

وبرع في مذهب مالك. وعلى قوله المعوّل بالمغرب (١).

انتهت إليه رئاسة العلم بالمغرب ، وتفقّه به خلق كثير.

وقد تفقّه أولا على ابن غانم ، وغيره بإفريقية ، ورحل في العلم سنة ثمان وثمانين ومائة.

فسمع بمكّة من : سفيان بن عيينة ، ووكيع ، والوليد بن مسلم.

وكان موصوفا بالدّيانة والورع ، مشهورا بالسّخاء والكرم.

فعن أشهب قال : ما قدم علينا مثل سحنون.

وعن يونس بن عبد الأعلى قال : سحنون سيّد أهل المغرب (٢).

وروى عنه منهم : يحيى بن عمرو ، وعيسى بن مسكين ، وحمديس ، وابن المغيث.

قال ابن عجلان الأندلسيّ : ما بورك لأحد بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أصحابه ما بورك لسحنون في أصحابه ، فإنّهم كانوا في بلد أئمّة (٣).

وعن سحنون قال : إذا أتى الرجل مجلس القاضي ثلاثة أيّام متوالية بلا حاجة ينبغي أن لا تقبل شهادته (٤).

وسئل سحنون : أيسع العالم أن يقول : لا أدري فيما يدري؟.

فقال : أمّا ما فيه كتاب أو سنّة بائنة فلا. وأمّا ما كان من هذا الرأي فإنّه يسعه ذلك ، لأنّه لا يدري أمصيب هو أم مخطئ (٥).

ومن كلامه : أكل بالمسكنة خير من أكل بالعلم.

محبّ الدّنيا أعمى لم ينوّره العقل (٦).

__________________

(١) طبقات الفقهاء ١٥٦.

(٢) ترتيب المدارك ٢ / ٥٩٠ ، الديباج المذهب ٢ / ٣٢.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٦٥.

(٤) ترتيب المدارك ٢ / ٦٥ ، الديباج المذهب ٢ / ٣٩.

(٥) ترتيب المدارك ٢ / ٥٩١ ، الديباج المذهب ٢ / ٣٣.

(٦) الديباج المذهب ٢ / ٣٨.

٢٤٨

ما أقبح بالعالم أن يأتي الأمراء فيقال هو عند الأمير. والله ما دخلت على سلطان إلّا إذا خرجت حاسبت نفسي ، فوجدت عليها الدّرك. وأنتم ترون مخالفتي لهواه ، وما ألقاه من الغلظة ـ وو الله ما أخذت لهم درهما ، ولا لبست لهم ثوبا (١).

ولد سنة ستّين ومائة ، وتوفّي في رجب سنة أربعين ومائتين (٢). وكان يقول : قبّح الله الفقر. أدركنا مالك ، وقرأنا على ابن القاسم.

وأمّا «المدوّنة» فأصلها أسئلة ، سألها أسد بن الفرات لابن القاسم. فلمّا رحل بها سحنون عرضها على ابن القاسم ، وصحّح فيها كثيرا ، ثم رتّبها سحنون وبوّبها ، واحتجّ للكثير منها بالآثار.

وسحنون بفتح السّين وبضمّها طائر بالمغرب (٣).

٢٥٠ ـ عبد السّلام بن صالح بن سليمان بن أيّوب بن ميسرة (٤).

أبو الصّلت القرشيّ العبشميّ ، مولاهم الهرويّ ثمّ النّيسابوريّ. مولى عبد الرحمن بن سمرة.

عن : مالك ، وشريك ، وحمّاد بن زيد ، وعبد السّلام بن حرب ، وخلف بن

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٦٥ ، ٦٦.

(٢) طبقات الفقهاء ١٥٧.

(٣) ترتيب المدارك ٢ / ٥٨٦ ، الديباج المذهب ٢ / ٣٠ ، وقال الخليلي : «له في الفقه ذكر لم يرض أهل الحديث حفظه». (الإرشاد ١ / ٥٦).

(٤) انظر عن (عبد السلام بن صالح) في :

معرفة الرجال برواية ابن محرز ١ / رقم ٢٣١ ، وأحوال الرجال للجوزجانيّ ٢٠٥ ، ٢٠٦ رقم ٣٧٩ ، والمعرفة والتاريخ للبسوي ٣ / ٧٧ ، وتاريخ الثقات للعجلي ٣٠٣ رقم ١٠٠٢ ، والكنى والأسماء للدولابي ٢ / ١١ ، والضعفاء الكبير للعقيليّ ٣ / ٧٠ رقم ١٠٣٦ ، والجرح والتعديل ٦ / ٤٨ رقم ٢٥٧ ، والمجروحين لابن حبّان ٢ / ١٥١ ، ومن حديث خيثمة الأطرابلسي (بتحقيقنا) ١٩١ ، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ ٥ / ١٩٦٨ ، والأسامي والكنى للحاكم ، ج ١ ورقة ٢٨٧ ب ، والسابق واللاحق ، للخطيب ٨٥ ، وتاريخ بغداد ١١ / ٤٦ رقم ٥٧٢٨ ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي ٢ / ١٠٦ رقم ١٩٢٦ ، والكاشف ٢ / ١٧٢ رقم ٣٤١٦ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٦١٦ رقم ٥٠٥١ ، والمغني في الضعفاء ٢ / ٣٩٤ رقم ٣٦٩٤ ، وسير أعلام النبلاء ١١ / ٤٤٦ ـ ٤٤٨ رقم ١٠٣ ، والبداية والنهاية ١٠ / ٣١٥ ، وتهذيب التهذيب ٦ / ٣١٩ ـ ٣٢٢ ، وتقريب التهذيب ١ / ٥٠٦ ، والنجوم الزاهرة ٢ / ٢٨٧.

٢٤٩

خليفة ، وهشيم ، وعليّ بن موسى الرّضى ، وإسماعيل بن عيّاش.

وعنه : سهل بن أبي سهل ، ومحمد بن إسماعيل الأحمسيّ ، وابن أبي الدّنيا ، وعبّاس الدّوريّ ، وعليّ بن الحسين بن الجنيد ، ومحمد بن أيّوب بن الضّريس ، وأحمد بن أبي خيثمة ، والحسن بن الحباب المقرئ ، والحسن بن علّويه القطّان ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل.

وكان موصوفا بالزّهد والتّألّه.

قال أحمد بن سيّار المروزيّ : قدم مرو غازيا ، فأدخل على المأمون ، فلمّا سمع كلامه جعله من خاصّة إخوانه ، وحبسه عنده ، إلى أن خرج معه إلى الغزو. ولم يزل مكرما عنده إلى أن أراد المأمون إظهار كلام جهم وخلق القرآن. فجمع [بينه وبين] (١) بشر المريسيّ ، وسأله أن يكلّمه.

وكان أبو الصّلت يردّ على أهل الأهواء من المرجئة والجهميّة والزّنادقة والقدريّة ، وكلّم بشر المذكور غير مرّة بحضرة المأمون ، وغيره من أهل الكلام. وفي كلّ ذلك كان الظّفر له.

قال : وكان يعرف كلام الشّيعة ، فناظرته في ذلك لاستخراج ما عنده ، فما وجدته يفرط. ورأيته يقدّم أبا بكر وعمر ، ويترحّم على عليّ وعثمان ، ولا يذكر الصّحابة إلّا بالجميل.

وسمعته يقول : هذا مذهبي الّذي أدين لله به. إلّا أنّ ثمّ أحاديث يرويها في المثالب.

وسألت إسحاق بن إبراهيم عن تلك الأحاديث ، نحو ما جاء في أبي موسى ، وما روي في معاوية ، فقال : هذه أحاديث قد رويت ، فأمّا من يرويها على طريق المعرفة فلا أكره له ذلك. وأمّا من يرويها ديانة ، فإنّي لا أرى الرواية عنه.

وسئل يحيى بن معين ، عن أبي الصّلت فقال : قد سمع وما أعرفه بالكذب (٢).

__________________

(١) ما بين الحاصرتين مستدرك من : ميزان الاعتدال ٢ / ٦١٦. ومكانها بياض في الأصل.

(٢) قال ابن محرز : «وسألت يحيى بن معين عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي ، فقال :

٢٥٠

وقال أبو حاتم : لم يكن عندي بصدوق (١).

وأمّا أبو زرعة فأمر أن يضرب على حديثه (٢).

وقال النّسائيّ : ليس بثقة (٣).

وقال الدّار الدّارقطنيّ : كان رافضيّا خبيثا. قيل إنّه كان يقول : كلب للعلويّة خير من جميع بني أميّة (٤).

توفّي يوم الأربعاء لستّ بقين من شوّال سنة ستّ وثلاثين ومائتين.

٢٥١ ـ عبد السلام بن عاصم الهسنجانيّ الرازيّ (٥).

عن : حريز بن عبد الحميد ، والصّبّاح بن محارب ، وعبد الرحمن بن مغراء ، ومعاذ بن هشام.

وعنه : أبو يحيى بن أبي مسرّة المكّيّ ، وأبو حاتم ، ومحمد بن أيّوب بن الضّريس ، وعليّ بن الحسين بن الجنيد الرّازيّون ، ومطيّن.

__________________

= ليس ممن يكذب. فقيل له في حديث أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس :

«أنا مدينة العلم وعليّ بابها» ، فقال : هو من حديث أبي معاوية. أخبرني ابن نمير قال : حدّث به أبو معاوية قديما ثم كفّ عنه. وكان أبو الصلت رجلا موسرا ، يطلب هذه الأحاديث ، ويكرم المشايخ ، وكانوا يحدّثونه بها». (معرفة الرجال ١ / ٧٩ رقم ٢٣١).

(١) وزاد : «وهو ضعيف ، ولم يحدّثني عنه». (الجرح والتعديل ٦ / ٤٨).

(٢) وزاد : «لا أحدّث عنه ولا أرضاه». (الجرح والتعديل ٦ / ٤٨).

(٣) تاريخ بغداد ١١ / ٥١.

(٤) تاريخ بغداد ١١ / ٥١ ، وقال الجوزجاني : «كان أبو الصلت الهروي زائغا عن الحق ، مائلا عن القصد ، سمعت من حدّثني عن بعض الأئمة أنه قال فيه : هو أكذب من روث حمار الدجّال ، وكان قديما متلوّثا في الأقذار». (أحوال الرجال ٢٠٥ ، ٢٠٦) ، ذكره العجليّ في ثقاته (٣٠٣ رقم ١٠٠٢) ، وقال العقيلي : «كان رافضيا خبيثا» وقال : «وأبو الصلت غير مستقيم الأمر».

(الضعفاء الكبير ٣ / ٧٠ و ٧١) ، وقال ابن حبّان : يروي عن حمّاد بن زيد وأهل العراق العجائب في فضل عليّ وأهل بيته ، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد. (المجروحون ٢ / ١٥١).

وذكره ابن عدي في الضعفاء ، وقال : وهو متّهم في هذه الأحاديث. (الكامل ٥ / ١٩٦٨).

(٥) انظر عن (عبد السلام بن عاصم) في :

الجرح والتعديل ٦ / ٤٩ رقم ٢٦١ ، وتاريخ جرجان للسهمي ٤٠٧ ، والمعجم المشتمل لابن عساكر ١٧١ رقم ٥٤٨ ، والإرشاد للخليلي (طبعة ستنسل) ١ / ١٠٥ ، وتهذيب الكمال (المصوّر) ٢ / ٨٣٢ ، والكاشف ٢ / ١٧٢ رقم ٣٤١٧ ، وتهذيب التهذيب ٦ / ٣٢٢ رقم ٦١٧ ، وتقريب التهذيب ١ / ٥٠٦ رقم ١١٩١ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢٣٨.

ووقع في (الجرح والتعديل) : «تمام» بدل : «عاصم» ، وهو غلط.

٢٥١

قال أبو حاتم (١) : شيخ.

٢٥٢ ـ عبد السّلام بن محمد الحضرميّ الحمصيّ (٢).

ويعرف بسليم.

عن : بقيّة ، وعبد الله بن سالم ، والوليد بن مسلم.

وعنه : محمد بن عوف ، وأبو حاتم وقال (٣) : صدوق.

٢٥٣ ـ عبد الصّمد بن أبي خداش الموصليّ (٤).

عن : زهير بن معاوية ، وإسماعيل بن عيّاش ، والوليد بن مسلم.

وعنه : حفيده أحمد بن صالح.

توفّي بالحدث سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

٢٥٤ ـ عبد الصّمد بن الفقيه عبد الرحمن بن القاسم المصريّ (٥).

أبو الأزهر.

عن : أبيه ، وسفيان بن عيينة.

كان فقيها ، إماما ، مصنّفا. قرأ القرآن على ورش ، ومن أجله اعتمد أهل الأندلس على قراءة ورش.

روى عنه : محمد بن الوضّاح القرطبيّ ، وغيره.

وهو أخو الفقيه موسى بن عبد الرحمن المتوفّى سنة تسع وأربعين.

قال الدّانيّ : قرأ عليه محمد بن سعيد الأنماطيّ ، وبكر بن سهل الدّمياطيّ ، وإسماعيل بن عبد الله النّخّاس ، وغيرهم.

__________________

(١) الجرح والتعديل ٦ / ٤٩.

(٢) انظر عن (عبد السلام بن محمد الحضرميّ) في :

المعرفة والتاريخ للبسوي ١ / ٢٧٨ ، والجرح والتعديل ٦ / ٤٨ ، ٤٩ رقم ٢٥٩ ، والثقات لابن حبّان ٨ / ٤٢٧ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٦١٨ رقم ٥٠٦٠.

(٣) الجرح والتعديل ٦ / ٤٩.

(٤) انظر عن (عبد الصمد بن أبي خداش) في :

معجم الشيوخ لابن جميع الصيداوي (بتحقيقنا) ٢٩٣ ، والإكمال لابن ماكولا ٢ / ٤٢٩ (بالحاشية).

(٥) انظر عن (عبد الصمد بن الفقيه عبد الرحمن) في :

معرفة القراء الكبار ١ / ١٨٢ رقم ٨١ ، وغاية النهاية ١ / ٣٨٩ رقم ١٦٦٠ ، وحسن المحاضرة ١ / ٤٨٦.

٢٥٢

توفّي في رجب سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

٢٥٥ ـ عبد الصّمد بن المعذّل العبديّ البصريّ (١).

الشاعر المشهور ، أخو أحمد بن المعذّل الفقيه.

كان من فحول الشّعراء.

ومن شعره :

تكلّفني إذلال نفسي لعزّها

وهان عليها أن أهان لتكرما

تقول : سل المعروف يحيى بن أكثم

فقلت : سليه ربّ يحيى بن أكثما

وله :

أرى النّاس أحدوثة

فكوني حديثا حسن

كأن لم يزل ما أتى

وما قد مضى لم يكن

إذا وطني رابني

فكلّ بلاد لي وطن

٢٥٦ ـ عبد الصّمد بن يزيد (٢).

أبو عبد الله الصّائغ مردويه الصّوفيّ. خادم الفضيل بن عياض.

كان ثقة ديّنا صالحا من أهل الورع والسّنّة (٣).

عن : الفضيل ، وابن عيينة ، وشقيق البلخيّ.

وعنه : أبو بكر بن أبي الدّنيا ، وموسى بن هارون ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبّار الصّوفيّ.

مات سنة خمس وثلاثين ومائتين (٤) ، يوم مات عبد الرحمن بن صالح

__________________

(١) انظر عن (عبد الصمد بن المعذّل) في :

عيون الأخبار ٢ / ٣٣ ، وأخبار القضاة لوكيع ٢ / ١٨٠ و ٣ / ٩٢ ، وطبقات الشعراء لابن المعتزّ ٣٦٧ ـ ٣٦٩ ، والأغاني ١٣ / ٢٢٦ ـ ٢٥٥ ، والهفوات النادرة للصابي ٤٤ ، والكامل في اللغة والأدب للمبرّد ١ / ٣٩١ ، والمحاسن والمساوئ للبيهقي ١٦٨ ، ووفيات الأعيان ١ / ١٢٤ و ٢ / ١٣٠ ، ٢٣٢ ، ٢٣٣ و ٣ / ٤٠٢ و ٤ / ٨٨ ، ٣١٧ ، ٣٢٠ و ٦ / ١٦٢ ، ونزهة الألبّاء ١٦٨.

(٢) انظر عن (عبد الصمد بن يزيد) في :

الطبقات الكبرى لابن سعد ٧ / ٣٦٣ ، والجرح والتعديل ٦ / ٥٢ رقم ٢٧٨ ، والثقات لابن حبّان ٨ / ٤١٥ ، وتاريخ بغداد ١١ / ٤٠ رقم ٥٧١٥ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٦٢١ رقم ٥٠٨١.

(٣) طبقات ابن سعد ٧ / ٣٦٣ ، تاريخ بغداد ١١ / ٤٠ وزاد الحسين بن فهم : «وقد كتب الناس عنه».

(٤) طبقات ابن سعد ٧ / ٣٦٣ ، الثقات لابن حبّان ٨ / ٤١٥ ، تاريخ بغداد ١١ / ٤٠.

٢٥٣

الأزديّ. وحضره أمّة من الأمم (١).

قال ابن هارون : وكان عبد الرحمن ميّتا في داره ، وما رأيت على بابه أحدا (٢).

٢٥٧ ـ عبد العزيز بن بحر المروزيّ المؤدّب (٣).

نزيل بغداد.

عن : سليمان بن أرقم ، وعطّاف بن خالد ، وإسماعيل بن عيّاش.

وعنه : عبد الله بن أبي سعد الورّاق ، وابن أبي الدّنيا.

لم يضعّف (٤).

٢٥٨ ـ عبد العزيز بن عمران بن أيّوب بن مقلاص (٥).

الإمام أبو عليّ الخزاعيّ. مولاهم المصريّ الفقيه.

كان من كبار أصحاب ابن وهب ، والشّافعيّ.

لزمهما مدّة. وكان صالحا ورعا زاهدا.

توفّي سنة أربع وثلاثين ومائتين.

روى عنه : أبو زرعة ، وأبو حاتم وقال (٦) : صدوق.

وهو ابن بنت سعيد بن أبي أيّوب.

__________________

(١) وقال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد : سألت يحيى بن معين عن مردويه الصائغ ، فقال : لا بأس به ، ليس ممن يكذب ، (تاريخ بغداد ١١ / ٤٠).

(٢) في الأصل : «أحد».

(٣) انظر عن (عبد العزيز بن بحر) في :

الطبقات الكبرى لابن سعد ٧ / ٣٦٣ ، وتاريخ بغداد ١٠ / ٤٤٨ رقم ٥٦٠٦ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٦٢٣ رقم ٥٠٨٥ ، والمغني في الضعفاء ٢ / ٣٩٦ رقم ٣٧٢٣ ، ولسان الميزان ٤ / ٢٥ رقم ٦٨.

(٤) قال الحافظ ابن حجر : «وقال ابن عدي في ترجمة عبد العزيز بن يحيى المدني : عبد العزيز بن بحر ليس بمعروف». (لسان الميزان ٤ / ٢٥).

وأقول : لم يفرد ابن عديّ لعبد العزيز بن يحيى المدني ترجمة في (الكامل).

(٥) انظر عن (عبد العزيز بن عمران) في :

أخبار القضاة لوكيع ١ / ١٩١ ، ٢٠٧ ، والجرح والتعديل ٥ / ٣٩١ رقم ١٨١٨ ، والثقات لابن حبّان ٨ / ٣٩٦ ، وترتيب المدارك للقاضي عياض ٢ / ٥٦٧ ، وطبقات الفقهاء الشافعية للعبّادي ٢٥ ، وطبقات الشافعية لابن هداية الله ١٩ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٢ / ٣٠٢ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢ / ١٤٣ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ١ / ٢٣ رقم ٦.

(٦) الجرح والتعديل ٥ / ٣٩١.

٢٥٤

٢٥٩ ـ عبد العزيز بن يحيى بن يوسف (١).

أبو الأصبغ البكّائيّ ، مولاهم الحرّانيّ.

عن : أبي إسحاق الفزاريّ ، وابن عيينة ، وعيسى بن يونس ، ومحمد بن سلمة.

وعنه : أبو داود ، وبقيّ بن مخلد ، وأبو زرعة ، ومحمد بن يحيى الذّهليّ ، وجعفر الفريابيّ.

قال أبو حاتم (٢) : صدوق.

توفّي بتلّ عبدي سنة خمس وثلاثين ومائتين (٣).

٢٦٠ ـ عبد العزيز بن يحيى بن سليمان بن عبد العزيز المدنيّ (٤).

أبو محمد الهاشميّ ، من موالي آل العبّاس.

عن : اللّيث بن سعد ، ومالك ، وسليمان بن بلال ، والدّراورديّ.

وعنه : زكريّا بن داود الخفّاف ، وصالح بن عليّ النّوفليّ الحلبيّ ،

__________________

(١) انظر عن (عبد العزيز بن يحيى البكائي) في :

التاريخ الكبير للبخاريّ ٦ / ١٩ ، ٢٠ رقم ١٥٥٣ والكنى والأسماء للدولابي ١ / ١١٠ ، والضعفاء الكبير للعقيليّ ٣ / ٢٠ رقم ٩٧٦ ، والجرح والتعديل ٥ / ٣٩٩ ، ٤٠٠ رقم ١٨٥٣ ، والثقات لابن حبّان ٨ / ٣٩٧ ، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ ٥ / ١٩٣٠ ، والأسامي والكنى للحاكم ، ج ١ ورقة ٥٠ ب ، والمعجم المشتمل لابن عساكر ١٧٣ رقم ٥٥٦ ، وتهذيب الكمال (المصوّر) ٢ / ٨٤٤ ، والكاشف ٢ / ١٧٩ رقم ٣٤٦٢ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٦٣٨ رقم ٥١٣٧ ، والمغني في الضعفاء ٢ / ٤٠٠ رقم ٣٧٦١.

(٢) الجرح والتعديل ٥ / ٤٠٠.

(٣) الثقات لابن حبّان ٨ / ٣٩٧ ، الكامل لابن عدي ٥ / ١٩٣٠ ، والمعجم المشتمل ١٧٣ رقم ٥٥٦ ، وفيه : مات سنة ست وثلاثين ، ويقال : خمس وثلاثين.

وقال الحاكم النيسابورىّ : كنّاه ونسبه لنا أبو عروبة الحرّاني ، قد رأيته يخضب رأسه ولحيته.

(الأسامي والكنى ١ / ورقة ٥٠ ب) و (الكامل ٥ / ١٩٣٠) وفيه : عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ راوية لحديث الحرّانيين محمد بن سلمة وغيرهم ، لا بأس برواياته.

وقال البخاري : لا يتابع عليه. (التاريخ الكبير ٦ / ٢٠) و (الضعفاء الكبير للعقيليّ ٣ / ٢٠ رقم ٩٧٦).

(٤) انظر عن (عبد العزيز بن يحيى) في :

الضعفاء الكبير للعقيليّ ٣ / ١٩ رقم ٩٧٥ ، والجرح والتعديل ٥ / ٤٠٠ رقم ١٨٥٣ ، وتاريخ جرجان للسهمي ٤٢٨ ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي ٢ / ١١١ رقم ١٩٦٢ ، والمغني في الضعفاء ٢ / ٤٠٠ رقم ٣٧٦٠ ، والوضّاعون لابن عراق ١ / ٨٠ ، ولسان الميزان ٤ / ٣٧ رقم ١٠١ في ترجمة (عبد العزيز بن القاسم).

٢٥٥

ومحمد بن أيّوب الرازيّ ، ومحمد بن عليّ الصّائغ المكّيّ ، وموسى بن إسحاق الأنصاريّ ، وغيرهم.

قال البخاريّ (١) : ليس من أهل الحديث. يضع الحديث.

وقال أبو زرعة : ليس يصدق (٢).

وقال العقيليّ (٣) : يحدّث عن الثّقات بالبواطيل.

وقال ابن عديّ (٤) : ضعيف جدّا ، يسرق حديث النّاس. حدّث في شعبان سنة ثلاثين ومائتين ، وعاش بعد ذلك قليلا.

٢٦١ ـ عبد العزيز بن يحيى بن مسلم بن ميمون الكنانيّ (٥).

المكّيّ الفقيه. صاحب كتاب «الحيدة» (٦). وكان يلقّب بالغول لدمامة منظره.

عن : سفيان بن عيينة ، ومروان بن معاوية الفزاريّ ، وعبد الله بن معاذ الصّغانيّ ، ومحمد بن إدريس الإمام الشّافعيّ ، وهشام بن سليمان المخزوميّ.

وعنه : أبو العيناء محمد بن القاسم ، والحسين بن الفضل البجليّ ، وأبو بكر بن يعقوب بن إبراهيم التّيميّ.

__________________

(١) لم أجده عند البخاري في تواريخه.

(٢) الجرح والتعديل ٥ / ٤٠٠ وزاد : «ذكرته لإبراهيم بن المنذر فكذّبه ، وذكرته لأبي مصعب فقلت :

يحدّث عن سليمان بن بلال ، فقال : كذب ، أنا أكبر منه ما أدركته».

(٣) في الضعفاء الكبير ٣ / ١٩ رقم ٩٧٥ ، وزاد : «ويدّعي من الحديث ما لا يعرف به غيره من المتقدّمين ، عن مالك ، وغيره».

(٤) لم أجده عند ابن عديّ في الكامل. وقال الرازيّ : ضعيف. (الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي ٢ / ١١١).

(٥) انظر عن (عبد العزيز بن يحيى الكناني) في :

تاريخ بغداد ١٠ / ٤٤٩ رقم ٥٦٠٧ ، والفهرست لابن النديم ٢٦١ ، وطبقات الفقهاء للشيرازي ٨٤ ، ودول الإسلام ١ / ١٤٦ ، ومرآة الجنان ٢ / ١٣٢ ، وطبقات العبّادي ٣٨ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢ / ١٤٤ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ١ / ٤١ رقم ٢٠ ، والعبر ١ / ٤٣٤ ، ومرآة الجنان ٢ / ١٣٢ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٦٣٩ ، وتهذيب التهذيب ٦ / ٣٦٣ ، وشذرات الذهب ٢ / ٩٥ ، ومفتاح السعادة لطاش كبرى زاده ٢ / ١٦٣ ، ومقدّمة كتاب «الحيدة» ٩ ـ ٥٤ طبعة دمشق ١٩٦٤ م. بتحقيق د. جميل صليبا ، وأصدره المجمع العلمي العربيّ بدمشق.

(٦) في هامش (المنتقى لابن الملّا) هذه العبارة : «إلا أن صاحب الأصول قال : بأنه لم يصح إسناد هذا الكتاب عنه».

٢٥٦

وهو قليل الحديث.

قال الخطيب (١) : قدم بغداد زمن المأمون ، وجرى بينه وبين بشر المريسيّ مناظرة في القرآن. وكان من أهل العلم والفضل.

وله مصنّفات عدّة. وكان ممّن تفقّه بالشّافعيّ ، واشتهر بصحبته.

قال داود بن عليّ الطّاهريّ : كان عبد العزيز بن يحيى المكّيّ أحد أتباع الشّافعيّ والمقتبسين عنه. وقد طالت صحبته له. وخرج معه إلى اليمن (٢).

ونقل الخطيب في «تاريخه» (٣) عن عبد العزيز قال : دخلت على أحمد بن أبي دؤاد وهو مفلوج ، فقلت : إنّي لم آتك عائدا ، ولكن جئت لأحمد الله على أنّه سجنك في جلدك.

وعن أبي العيناء قال : لمّا دخل عبد العزيز على المأمون ، وكانت خلقته بشعة جدّا ، ضحك أبو إسحاق المعتصم ، فقال ، يا أمير المؤمنين لم ضحك هذا؟ إنّ الله لم يصطف يوسف لجماله ، وإنّما اصطفاه لدينه وبيانه.

فضحك المأمون وأعجبه (٤).

٢٦٢ ـ عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن جاهمة بن العبّاس بن مرداس السّلميّ (٥).

__________________

(١) في تاريخ بغداد ١٠ / ٤٤٩.

(٢) تاريخ بغداد ١٠ / ٤٤٩.

(٣) ج ٤ / ١٥٥ ، ١٥٦ في ترجمة القاضي أحمد بن أبي دؤاد.

(٤) تاريخ بغداد ١٠ / ٤٤٩ ، ٤٥٠.

(٥) انظر عن (عبد الملك بن حبيب الأندلسي) في :

تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضيّ ١ / ٢٦٩ ـ ٢٧٢ رقم ٨١٦ ، وطبقات الفقهاء للشيرازي ١٤٨ ، ١٦٢ ، وترتيب المدارك للقاضي عياض ٣ ، ٣٠ ، وجذوة المقتبس للحميدي ٢٦٣ ، ٢٦٤ ، وبغية الملتمس للضبّي ٣٦٤ ـ ٣٦٦ ، وإنباه الرواة ٢ / ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، ووفيات الأعيان ٦ / ١٤٥ ، وميزان الاعتدال ٢ / ١٤٨ ، وتذكرة الحفاظ ٢ / ١٠٧ ، ١٠٨ ، ودول الإسلام ١ / ١٤٥ ، ومرآة الجنان ٢ / ١٢٢ ، والبداية والنهاية ١٠ / ٣١٨ ، وتهذيب التهذيب ٦ / ٣٩٠ ، ٣٩١ رقم ٧٣٦ ، وتقريب التهذيب ١ / ٥١٨ رقم ١٣٠٤ ، ولسان الميزان ٤ / ٥٩ ، ٦٠ رقم ١٧٤ ، وبغية الوعاة ٣١٢ ، وكشف الظنون ١٢٣ ، ٩٠٩ ، ١١٠٥ ، ١٢٠٥ ، ١٩٠٧ ، ١٩٩٦ ، والديباج المذهب ١٥٤ ـ ١٥٦ ، وإيضاح المكنون ٢ / ٤٩٠ ، والأعلام ٤ / ٣٠٢ ، ومعجم المؤلّفين ٦ / ١٨١ ، ١٨٢.

٢٥٧

الفقيه أبو مروان العبّاسيّ الأندلسيّ القرطبيّ المالكيّ.

أحد الأعلام.

ولد سنة نيّف وسبعين ومائة في حياة مالك.

وروى قليلا عن : صعصعة بن سلّام ، والغاز بن عيسى ، وزياد شبطون.

ورحل وحجّ في حدود العشرين ومائتين ، فسمع من : عبد الملك بن الماجشون ، ومطرّف بن عبد الله ، وأسد السّنّة بن موسى ، وأصبغ بن الفرج ، وإبراهيم بن المنذر الحزاميّ ، وغيرهم.

ورجع إلى الأندلس بعلم جمّ وفقه كثير.

وكان موصوفا بالحذق في مذهب مالك.

وله مصنّفات كثيرة منها : كتاب «الواضحة» ، وكتاب «الجامع» ، وكتاب «فضائل الصّحابة» ، وكتاب «تفسير الموطّأ» ، وكتاب «حروب الإسلام» ، وكتاب «سيرة الإمام في الملحدين» ، وكتاب «طبقات الفقهاء» ، وكتاب «مصابيح الهدى».

قال ابن بشكوال : قيل لسحنون : مات ابن حبيب.

فقال : مات علم الأندلس ، بل والله عالم الدّنيا.

وقال بعضهم : هاجت رياح وأنا في البحر ، فرأيت عبد الملك بن حبيب رافعا يديه متعلّقا بحبال السّفينة يقول : اللهمّ إن كنت تعلم أنّي إنّما أردت ابتغاء وجهك وما عندك فخلّصنا. فسلّم الله.

وقد أضعف ابن حزم وغيره وعبد الملك بن حبيب ، ولا ريب في أنّه كان ضعيفا.

قال أبو عمر أحمد بن سعيد الصّدفيّ : قلت لأحمد بن خالد : إنّ «الواضحة» عجيبة جدّا ، وإنّ فيها علما عظيما ، فما مدخلها؟

قال : أول شيء إنّه حكى فيها مذاهب لم نجدها لأحد من أصحابه ، ولا نقلت عنهم ، ولا هي في كتبهم.

ثم قال الصّدفيّ في تاريخه : كان كثير الرواية ، كثير الجمع ، يعتمد على الأخذ بالحديث. ولم يكن يميّزه ، ولا يعرف الرجال. وكان فقيها في المسائل.

٢٥٨

وكان يطعن عليه بكثرة الكتب (١).

وذكر أنّه كان يستجيز الأخذ بلا رواية ولا مقابلة.

وذكر أنّه أخذ إجازة كثيرة وأشير إليه بالكذب.

سمعت أحمد بن خالد يطعن عليه بذلك ويتنقّصه غير مرّة.

وقال : قد ظهر لنا كذبه في «الواضحة» من غير شيء.

وقال ابن أبي مريم : كان ابن حبيب بمصر ، فكان يضع الطّويلة ، وينسخ طول نهاره. فقلت : إلى كم ذا النّسخ ، متى تقرأه على الشيخ.

فقال : قد أجاز لي كتبه ، يعني أسد بن موسى ، فخرجت من عنده فأتيت أسدا فقلت : تمنعنا أن نقرأ عليك وتجيز لغيرنا؟

فقال : أنا لا أرى القراءة ، فكيف أجيز؟

فأخبرته فقال : إنّما أخذ منّي كتبي ليكتب منها ، ليس ذا عليّ (٢).

وقال أحمد بن عبد البرّ النّارنجيّ : هو أول من أظهر الحديث بالأندلس ، وكان لا يميز صحيحه من سقيمه ، ولا يفهم طرقه ، ويصحّف أسماء الرجال ، ويحتجّ بالمناكير. فكان أهل زمانه لا يرضون عنه ، وينسبونه إلى الكذب.

ثم قال : وكان ما بين عبد الملك بن حبيب ويحيى بن يحيى سيّئا ، وذلك أنّه كان كبير المخالفة ، ليحيى. وكان قد لقي أصبغ بمصر ، فأكثر عنه ، فكان إذا اجتمع مع يحيى بن يحيى ، وسعيد بن حسّان ، ونظرائهم عند الأمير عبد الرحمن وقضاته فسئلوا ، وقال يحيى بما عنده ، وكان أسنّ القوم وأولاهم بالتقدّم ـ يدفع عليه عبد الملك بأنّه سمع أصبغ بن الفرج يقول كذا. فكان يحيى يغمّه مخالفته له.

فلمّا كان في بعض الأيام جمعهم القاضي في الجامع ، فسألهم عن مسألة ، فأفتى فيها يحيى بن يحيى ، وسعيد بن حسّان بالرواية ، فخالفهما عبد الملك ، وذكر خلافهما رواية عن أصبغ.

وكان عبد الأعلى بن وهب من أحداث أهل زمانه ، وكان قد حجّ وأدرك أصبغ بن الفرج بمصر ، وروى عنه. فدخل يوما بأثر شورى القاضي على

__________________

(١) تاريخ علماء الأندلس ١ / ٢٧٠.

(٢) تاريخ علماء الأندلس ١ / ٢٧١.

٢٥٩

سعيد بن حسّان ، فقال له : يا أبا وهب ، ما تقول في مسألة كذا؟ ـ المسألة التي سألهم فيها القاضي ـ هل تذكر لأصبغ بن الفرج فيها شيئا؟

فقال : نعم ، أصبغ يقول فيها كذا. فأفتى بموافقة يحيى ، وسعيد.

فقال له سعيد : انظر ما تقول ، أنت على يقين من هذا؟

قال ، نعم.

قال : فأتني بكتابك.

قال عبد الأعلى : فخرجت مسرعا ، ثم ندمت ودخل عليّ الشك. ثم أتيت داري ، فأخرجت الكتاب من قرطاس كما رويته عن أصبغ ، فسررت ، ومضيت إلى سعيد بالكتاب.

فقال : تمضي به إلى أبي محمد.

فمضيت به إلى يحيى بن يحيى ، فأعلمته ولم أدر ما القصّة. فاجتمعنا بالقاضي وقالا : إنّ عبد الملك يخالفنا بالكذب. والمسألة الّتي خالفنا فيها عندك. هنا رجل قد حجّ وأدرك أصبغ ، وروى عنه هذه المسألة ، كقولنا على خلاف ما ادّعاه عبد الملك ، فاردعه وكفّه.

فجمعهم القاضي ثانيا ، وتكلّموا ، فقال عبد الملك : قد أعلمتك ما يقول فيها أصبغ. فبدر عبد الأعلى بن وهب وقال : يكذب على أصبغ ، أنا رويت هذه المسألة عنه على ما قال هذان ، وهذا كتابي.

فأخرج المسألة : فأخذ القاضي الكتاب وقرأ المسألة ، وقال لعبد الملك ما ساءه من القول ، وقال : تفتينا بالكذب والخطأ ، وتخالف أصحابك بالهوى؟ لو لا البقيا عليك لعاقبتك. ثم قاموا.

قال عبد الأعلى : فلمّا خرجت مررت على دار ابن رستم الحاجب ، فرأيت عبد الملك خارجا من عنده وفي وجهه الشّرّ. فقلت : ما لي لا أدخل على ابن رستم؟

فدخلت ، فلم ينتظر جلوسي حتّى قال : يا مسكين من غرّك ، أو من أدخلك في هذا العارض؟ مثل عبد الملك بن حبيب وتكذّبه؟

فقلت : أصلحك الله ، إنّما سألني القاضي عن شيء ، فأجبته بما عندي.

٢٦٠