تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ١٥

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

وقال أحمد العجليّ (١) : لم أر بمصر أعقل منه ومن سعيد بن أبي مريم.

وقال ابن حبان : كان ممن عقل مذهب مالك وفرع على أصوله.

وذكر أبو الفتح الأزديّ في «الضّعفاء» : أنّ ابن معين كذّب عبد الله.

وذكر هذا السّاجيّ ، عن ابن معين.

وقد حدّث عن الشّافعيّ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم (٢) بكتاب «الوصايا». قال السّاجي : فسألت الربيع فقال : هذا الكتاب وجدناه بخطّ الشّافعيّ ولم يحدّث به ، ولم يقرأ عليه.

قلت : تكذيب يحيى له لم يصحّ.

وقال أبو عمر الكنديّ في كتاب «الموالي» بمصر : ومنهم عبد الله بن عبد الحكم بن أعين. سكن عبد الحكم وأبوه جميعا بالإسكندرية وماتا بها (٣).

وولد عبد الله سنة خمس وخمسين ومائة ، وتوفّي في رمضان سنة أربع عشرة (٤).

وقال ابن عبد البرّ : صنّف كتابا اختصر فيه أسمعته من ابن القاسم ، وابن وهب ، وأشهب. ثم اختصر من ذلك كتابا صغيرا. وعليهما مع غيرهما عن مالك قول البغداديّين المالكيّة في الدّراسة (٥). وإيّاهما شرح أبو بكر الأبهريّ (٦).

قلت : وقد صنّف «كتاب الأموال» ، و «كتاب فضائل عمر بن عبد العزيز».

وسارت بتصانيفه الرّكبان. وكان محتشما نبيلا ، متموّلا ، رفيع المنزلة. وهو مدفون إلى جانب الشّافعيّ. وهو الأوسط من القيود الثلاثة.

__________________

(١) قوله ليس في «تاريخ الثقات». وفي «تهذيب الكمال» (١٥ / ١٩٣) : «قال أحمد بن عبد الله العجليّ في سعيد بن أبي مريم : لم أر بمصر أعقل منه ، ومن عبد الله بن الحكم».

(٢) انظر عن «محمد بن عبد الله بن عبد الحكم» في كتاب «الولاة والقضاة» للكندي ٣٨٦ و ٣٩٣ و ٤٥٢ و ٤٥٣ و ٤٧١ و ٤٧٢ و ٥٣٦.

(٣) تهذيب الكمال ١٥ / ١٩٣.

(٤) قال الكندي في «الولاة والقضاة» ٤٤١ إن أبا إسحاق بن الرشيد قدم مصر فحبس عبد الله بن عبد الحكم تهمة له فأقام أياما ثم مرض فمات.

(٥) هكذا في الأصل ، وفي تهذيب الكمال «المدارسة».

(٦) الانتقاء ٥٢ / ٥٣.

٢٢١

وقال أبو إسحاق الشّيرازيّ (١) : كان أعلم أصحاب مالك بمختلف قوله. أفضت إليه الرئاسة بمصر بعد أشهب.

قيل إنّه أعطى الشّافعيّ ألف دينار.

٢١١ ـ عبد الله بن عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراسانيّ (٢).

أبو محمد. أخو محمد بن عثمان. من أهل الرملة.

روى عن : عطّاف بن خالد المخزوميّ ، وطلحة بن زيد الرّقّيّ ، ومسلم بن خالد الزّنجيّ ، وشهاب بن خراش ، وغيرهم.

ووهم من قال إنّه روى عن أبي مالك الأشجعيّ.

روى عنه : إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابيّ ، وإسماعيل سمّويه ، ومحمد بن إسماعيل البخاريّ ، وموسى بن سهل الرمليّ ، وأبو حاتم الرازيّ وقال (٣) : سمعت منه بالرملة سنة سبع عشرة.

ذكره ابن حبّان في «الثّقات» (٤).

٢١٢ ـ عبد الله بن غالب العبّاداني (٥) ـ ق. ـ

عن : الربيع بن صبيح ، وعبد الله بن زياد البحرانيّ ، وعامر بن يساف.

وعنه : عبّاد بن الوليد الغبريّ ، وعبّاس التّرقفيّ ، ومحمد بن عبدك القزّاز ،

__________________

(١) في طبقات الفقهاء ١٥١.

(٢) انظر عن (عبد الله بن عثمان) في :

التاريخ الكبير للبخاريّ ٥ / ١٤٦ رقم ٤٤٧ ، والكنى والأسماء لمسلم ، ورقة ٩٩ ، والجرح والتعديل ٥ / ١١٣ رقم ٥١٥ ، والثقات لابن حبّان ٨ / ٤٣٧ ، وتهذيب الكمال ١٥ / ٢٨٦ ، ٢٨٧ رقم ٣٤٢٠ ، والكاشف ٢ / ٩٧ رقم ٢٨٨٣ ، وتهذيب التهذيب ٥ / ٣١٧ رقم ٥٣٩ ، وتقريب التهذيب ١ / ٤٣٢ رقم ٤٦٨ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢٠٦.

(٣) الجرح والتعديل ٥ / ١١٣ وروى عن عبد الله بن عثمان فقال : هذا أصلح من أبي طاهر المقدسي موسى بن محمد قليلا ، وكان أبو طاهر يكذب.

(٤) ج ٨ / ٣٤٧ ، وسئل أبو حاتم عنه فقال : صالح. (الجرح والتعديل ٥ / ١١٣).

(٥) انظر عن (عبد الله بن غالب) في :

تهذيب الكمال ١٥ / ٤٢٣ رقم ٣٤٧٧ ، والكاشف ٢ / ١٠٥ رقم ٢٩٣٩ ، وتهذيب التهذيب ٥ / ٣٥٥ رقم ٦٠٨ ، وتقريب التهذيب ١ / ٤٤٠ رقم ٥٣٤ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢٠٩.

٢٢٢

ويحيى بن عبدك القزوينيّ ، ومحمد بن يحيى الأزديّ.

٢١٣ ـ عبد الله بن مروان (١).

أبو شيخ الحرّانيّ.

عن : زهير بن معاوية ، وعيسى بن يونس.

وعنه : أبو حاتم الحافظ ، وإبراهيم بن الهيثم البلديّ ، وإسحاق الحربيّ ، وغيرهم.

وثّقه أبو حاتم (٢) ، ولقيه في سنة ٢١٣ (٣).

٢١٤ ـ عبد الله بن نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزّبير بن العوّام (٤) ـ ن. ق. ـ

أبو بكر الأسديّ الزّبيريّ المدنيّ. وليس بالصّائغ. ذاك مخزوميّ ، وهذا

__________________

(١) انظر عن (عبد الله بن مروان) في :

التاريخ الكبير ٥ / ٢٠٧ رقم ٦٥٥ ، والكنى والأسماء لمسلم ، ورقة ٥٤ ، والكنى والأسماء للدولابي ٢ / ٦ ، والجرح والتعديل ٥ / ١٦٦ رقم ٧٦٧ ، والثقات لابن حبّان ٨ / ٣٤٥ ، والأسامي والكنى للحاكم ، ج ١ ورقة ٢٧٣ ب ، ٢٧٤ أ ، وتاريخ بغداد ١٠ / ١٥١ رقم ٥٢٠٢ ، والتبيين لأسماء المدلّسين لسبط ابن العجمي ٣٦ رقم ٤٠ ، والمغني في الضعفاء ١ / ٣٥٦ ، ومجمع الزوائد للهيثمي ٦ / ٤٩ ، وتعريف أهل التقديس ٨٩ رقم ٧٦.

(٢) الجرح والتعديل ٥ / ١٦٦.

(٣) وذكره ابن حبّان في «الثقات» وقال : «يعتبر حديثه إذا بيّن السماع في خبره». قال سبط ابن العجمي في (التبيين ٣٦) تعقيبا على قول ابن حبّان : «ومقتضى هذا أنه يدلّس».

(٤) انظر عن (عبد الله بن نافع) في :

الطبقات الكبرى لابن سعد ٥ / ٤٣٩ ، ومعرفة الرجال لابن معين برواية ابن محرز ١ / رقم ٢٧٠ و ٧٢٩ و ٢ / رقم ٨٠٠ ، والتاريخ الكبير للبخاريّ ٥ / ٢١٣ ، ٢١٤ رقم ٦٨٨ ، والكنى والأسماء لمسلم ، ورقة ١٣ ، وتاريخ الثقات للعجلي ٢٨١ رقم ٨٩٦ ، والكنى والأسماء للدولابي ١ / ١١٨ ، وتاريخ الطبري ٧ / ٥٦٣ و ٥٧٢ ، والجرح والتعديل ٥ / ١٨٤ رقم ٨٥٧ ، والثقات لابن حبّان ٨ / ٣٤٧ ، وجمهرة نسب قريش ٩٥ ، ٩٦ ، وطبقات الفقهاء للشيرازي ١٤٨ ، وترتيب المدارك للقاضي عياض ١ / ٣٦٥ ـ ٣٦٧ ، والأسامي والكنى للحاكم ، ج ١ ورقة ٦٥ ب ، وتهذيب الكمال (المصوّر) ٢ / ٧٤٧) والعبر ١ / ٣٦٩ ، والكاشف ٢ / ١٢١ رقم ٣٠٥٤ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٥١٤ رقم ٤٦٤٨ ، والوافي بالوفيات ١٧ / ٦٤٨ ، ٦٤٩ رقم ٥٤٧ ، والديباج المذهب ١ / ٤١١ ، وتهذيب التهذيب ٦ / ٥٠ رقم ٩٦ ، وتقريب التهذيب ١ / ٤٥٥ ، ٤٥٦ رقم ٦٨٤ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢١٦ ، وشذرات الذهب ٢ / ٣٦ ، وشجرة النور الزكيّة ١ / ٥٦.

٢٢٣

يقال له عبد الله بن نافع الأصغر.

يروي عن : مالك ، وعبد العزيز بن أبي حازم ، وأخيه عبد الله بن نافع الأكبر.

وعنه : محمد بن يحيى الذّهليّ ، ومعروف الحمّال ، ويعقوب بن شيبة ، وعبّاس الدّوريّ ، وأحمد بن المعدّل الفقيه ، وأحمد بن الفرج الحمصيّ ، وطائفة.

قال ابن معين (١) : صدوق.

وقال البخاريّ (٢) : أحاديثه معروفة (٣).

وقال الزّبير بن بكّار (٤) : كان المنظور إليه من قريش بالمدينة في هديه وفقهه وعفافه. وكان قد سرد الصوم وتوفّي في المحرّم سنة ستّ عشرة وهو ابن سبعين سنة. وكذا ورّخ البخاريّ (٥) وفاته.

وأمّا الصّائغ فقد مرّ (٦).

٢١٥ ـ عبد الله بن هارون بن أبي عيسى (٧).

أبو عليّ الشّاميّ ، نزيل البصرة.

عن : أبيه ، ويونس بن عبيد ، وسعيد بن أبي عروبة.

__________________

(١) قال في (معرفة الرجال ١ / ٨٣ رقم ٢٧٠) : «كان رجلا صدوقا من خيار المسلمين». وفي (الجرح والتعديل ٥ / ١٨٤).

قال ابن معين : «صدوق ، ليس به بأس».

(٢) في تاريخ الكبير ٥ / ٢١٤.

(٣) وقال أبو الحسن : لقيت عبد الله بن نافع الزبيري وكتبت عنه ، ثقة ، مدني ، يتعبّد. (تاريخ الثقات للعجلي ٢٨١ رقم ٨٩٦).

(٤) في جمهرة نسب قريش ٩٥ ، ٩٦.

(٥) الصحيح أن البخاري ورّخ وفاته بسنة ٢٢٠ ه‍ ـ. (التاريخ الكبير ٥ / ٢١٤) والّذي أرّخ وفاته بسنة ٢١٦ هو ابن حبّان في (الثقات ٨ / ٣٤٧).

(٦) في الجزء السابق ، رقم الترجمة (٢٣٢).

(٧) انظر عن (عبد الله بن هارون) في :

التاريخ الكبير للبخاريّ ٥ / ٢٢٠ ، ٢٢١ رقم ٧١٩ ، والتاريخ الصغير له ٢٢٦ ، والكنى والأسماء لمسلم ، ورقة ٧٤ ، والجرح والتعديل ٥ / ١٩٤ رقم ٨٩٧ ، والثقات لابن حبّان ٨ / ٣٤٩ ، وتهذيب الكمال (المصوّر) ٢ / ٧٤٩ ، ٧٥٠ ، والكاشف ٢ / ١٢٣ رقم ٣٠٦٥ ، وتهذيب التهذيب ٦ / ٥٩ رقم ١١٣ ، وتقريب التهذيب ١ / ٤٥٧ رقم ٧٠٢ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢١٧.

٢٢٤

وعنه : ابن المدينيّ ، والفلّاس ، والكديميّ ، وسليمان بن سيف الحرّانيّ ، وأبو قلابة الرّقاشيّ ، وجماعة.

وكان صدوقا.

كان حيّا سنة إحدى عشرة (١).

٢١٦ ـ عبد الله المأمون بن هارون الرشيد بن محمد المهديّ بن عبد الله المنصور (٢).

__________________

(١) لقيه البخاريّ فيها. (التاريخ الكبير ٥ / ٢٢١ ، التاريخ الصغير ٢٢٦).

(٢) الخليفة العباسي المأمون أشهر من أن يعرّف ، ومصادر ترجمته كثيرة ، وأخباره في كتب التواريخ والأدب والسير وغيرها ، ونذكر منها هنا بعضها :

المحبّر لابن حبيب ٤٠ و ٦١ ، والأخبار الطوال ٤٠٠ ، وعيون الأخبار ٢ / ٢٥٣ ـ ٢٥٥ ، والمعارف ٣٧٧ و ٣٩١ ، والمعرفة والتاريخ ٣ / ٣٣٥ ، والتاج في أخلاق الملوك للجاحظ ٨٨ ، والبيان والتبيين له ٢ / ١٩٤ و ٤ / ٧٢ ، ٧٥ ، والبرصان والعرجان له ٢٥ و ٤٨ و ٨٦ و ١٠١ و ١٠٨ و ١٧٤ و ٢٠٦ و ٢٤٦ و ٢٨٢ و ٣٠٨ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٥٣٨ ـ ٥٧٤ ، وأنساب الأشراف للبلاذري ٣ / ٦٧ و ٨٩ و ١٢٧ و ٢٣٣ و ٢٧٢ و ٢٧٦ و ٢٧٩ ، وطبقات الشعراء لابن المعتز (انظر فهرس الأعلام) ٥٤٢ ، وتاريخ الطبري ٨ / ٤٧٨ (وانظر فهرس الأعلام) ، ونسب قريش لمصعب ٧٩ و ١٠٦ و ١٣١ و ٢٥٢ و ٢٧٢ و ٢٨٠ و ٢٨٤ و ٣٣٨ و ٣٥٩ و ٣٦٠ و ٤٠٠ و ٤٢٨ ، والأخبار الموفقيات للزبير بن بكار ٥١ ـ ٥٧ ، وأخبار القضاة لوكيع ١ / ٢٥٥ و ٢٥٧ و ٢٥٩ و ٢٦٠ و ٢ / ١٥٦ و ١٥٧ و ١٥٩ و ١٦٧ و ١٨٤ وانظر فهرس الجزء الثالث ٣٦٣ ، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) ٢٦٩٤ ـ ٢٧٨٥ و ٣٤٩٣ ـ ٣٤٩٥ ، وانظر فهرس الأعلام (٧ / ٦٢٩) ، والجليس الصالح ١ / ٣٥٨ و ٣٥٩ و ٣٦٨ و ٣٦٩ و ٣٨٦ ـ ٣٨٨ و ٤٢٥ ، والفهرست لابن النديم ١٢٩ ، وبغداد لابن طيفور ١ و ٦٥ ـ ٧ و ١١ ـ ١٥ و ١٧ و ٢٨ ـ ٣٠ و ٣٣ و ٣٥ و ٣٦ و ٣٨ ـ ٤٠ و ٧٢ و ٧٨ و ٧٩ و ٩٠ و ٩٥ و ٩٦ و ١٤٢ و ١٤٤ و ١٤٧ و ١٤٨ و ١٥٠ و ١٥١ و ١٥٣ ـ ١٥٦ ، والمحاسن والمساوئ ٦٨ و ١٤١ و ١٤٤ و ١٤٩ و ١٥٠ و ١٥٨ و ١٦١ و ١٧٠ و ١٧١ و ١٨٠ و ١٩٣ و ٢٠٤ و ٢٤٥ و ٢٩٦ و ٣١٨ و ٣٢٥ و ٣٤٦ و ٤٠٦ ـ ٤١٠ و ٤١٤ و ٤٢١ و ٤٢٤ و ٤٢٥ و ٤٣٦ و ٤٣٨ و ٤٤٣ ـ ٤٤٥ و ٤٥٣ و ٤٦٢ و ٤٧٦ و ٤٧٧ و ٤٨٩ و ٤٩٥ ـ ٥٠١ و ٥١٣ ـ ٥١٥ و ٥١٩ و ٥٤٦ و ٥٥٤ ـ ٥٥٩ و ٥٦١ و ٥٦٢ و ٥٦٥ و ٥٧٧ و ٥٧٨ ، والعقد الفريد (انظر فهرس الأعلام) ٧ / ١٤٦ ، والبدء والتاريخ للمقدسي ٦ / ١١٢ ، ١١٣ ، ولطف التدبير للإسكافي ٢ و ١٩ و ٢٠ و ٤٢ و ٥٨ و ٦٣ و ٦٤ و ١٣٤ و ١٣٥ و ١٦٤ و ١٦٥ و ١٦٦ و ١٨٠ و ٢٠١ ـ ٢٠٣ ، والفرج بعد الشدّة للتنوخي (انظر فهرس الأعلام) ٥ / ٢١٣ ، وتحفة الوزراء ١٩ و ٢٩ و ٤٨ و ٤٩ و ٦٥ و ٧٠ و ٧٤ و ٨٧ و ٩٧ و ٩٨ و ١١٥ و ١١٦ و ١٢٠ و ١٣٧ و ١٣٨ و ١٤٧ و ١٤٩ و ١٥٥ ، والهفوات النادرة ١٠ و ١٣ و ١٤ و ١٦ و ١٩ و ٢٦ و ٣٦ و ٣٧ و ٧٧ و ٩٣ و ١١٥ و ١١٦ و ١٣٣ و ١٣٤ و ١٣٩ و ١٤٠ و ١٧٤ =

٢٢٥

__________________

= و ١٨٣ ـ ١٨٥ و ١٩٦ و ٢٤٦ ـ ٢٥١ و ٢٥٣ و ٢٥٤ و ٢٥٨ و ٢٦١ و ٢٨٣ و ٢٨٤ و ٢٩١ و ٢٩٢ و ٣٨٣ و ٣٨٤ ، وربيع الأبرار (انظر فهرس الأعلام) ٤ / ٥٤٥ ، ومقاتل الطالبين ٥٠٩ و ٥١٤ و ٥١٦ و ٥٣٥ و ٥٣٧ و ٥٤١ و ٥٤٩ و ٥٦٠ ـ ٥٦٤ و ٥٦٦ و ٥٦٧ و ٥٧١ و ٥٧٢ و ٥٩٩ و ٦٢٨ و ٦٣٠ ، وتاريخ بغداد ١٠ / ١٨٣ ـ ١٩٢ رقم ٥٣٣٠ ، وتاريخ حلب للعظيميّ ٢٣٦ و ٢٣٨ ـ ٢٤٩ ، وانظر فهرس الأعلام (٤٨٢) ، والإنباء في تاريخ الخلفاء ٧٤ و ٧٦ و ٧٩ و ٨٩ ـ ٩٢ و ٩٤ ـ ١٠٤ و ١٠٨ و ١٠٩ و ١١١ و ١١٢ و ١١٩ ، والتذكرة الحمدونية ١ / ١١٥ و ٢١٢ و ٣٢١ و ٣٤٤ و ٣٧٦ و ٤١٥ ـ ٤٢٠ و ٤٢٩ ـ ٤٣٣ و ٤٣٩ و ٤٥٢ و ٤٥٣ و ٤٥٦ ، و ٢ / ٤٨ و ٥٠ و ٧٠ و ١٣٠ ـ ١٣٢ و ١٤٠ و ١٦٣ و ١٩٣ و ٢٠١ و ٢٠٢ و ٢٢٣ و ٢٢٦ و ٢٣٦ و ٢٣٧ و ٢٧٣ و ٢٨٩ و ٣١٣ و ٣١٩ و ٣٤٨ و ٣٤٩ و ٣٥٣ و ٣٦٢ و ٤٥٣ و ٤٦٦ ، وثمار القلوب ١٥٦ ـ ١٥٨ و ١٦٥ و ١٦٦ و ١٦٩ و ١٧٩ و ١٨٥ و ١٨٧ و ١٨٩ و ١٩٠ و ١٩٨ و ٢٣٦ و ٢٣٨ و ٢٣٩ و ٣٢٧ و ٣٦٥ و ٥١٣ و ٥٢٢ و ٥٢٨ و ٥٢٩ و ٥٣١ و ٦١١ و ٦١٣ ـ ٦١٥ و ٦٦٨ ، وخاص الخاص ٨ و ٥١ و ٧٧ و ٧٨ و ٨٨ و ١١٠ و ١١١ و ١١٦ و ١٢٤ ، وتحسين القبيح ٣٣ ـ ٣٥ و ٨٤ و ٨٧ ، والأغاني ٧ / ١٤٧ و ١٩ / ٣٩ ، والمستجاد من فعلات الأجواد ١٧٢ و ١٧٩ ، ونور القبس ٣١١ ، وبهجة المجالس ١ / ١٦٤ ، ١٦٥ ، ومطالع البدور ٢ / ٦٧ ، والفاضل للمبرّد ٣٥ ، وغرر الخصائص ٦٠ و ٢٨٤ ، والمصباح المضيء ١ / ١٤٨ و ٣٢٢ ، وتمام المتون ٩١ ، ونثر الدرّ ٢ / ١٨٨ و ٣ / ٢٩ و ٣٦ و ٣٧ و ٣٩ ـ ٤٤ و ٥ / ٢٨ و ٣٩ ، والوزراء والكتّاب ١٢٦ ، والمجتنى ٧٣ ، وسراج الملوك ٤٨ و ٣١٩ ، والبصائر والذخائر ١ / ٤٤٩ و ٢ / ١ ، ٢ و ٤٣٣ و ٣ / ١ و ٤ / ١٢١ و ٧ / ١٩٦ ، ومحاضرات الأدباء ١ / ٦٧ و ٧٧ و ١٤١ و ١٦٨ و ١٨٧ و ١٩٩ و ٢٨٣ و ٣٤٩ و ٤٦٢ و ٤٦٩ و ٥٨٦ و ٢ / ٤٩٥ ، والشهب اللامعة ١٢ ، والمحاسن والأضداد ١٤ و ٥٢ ، وشرح نهج البلاغة ١٦ / ١١٤ و ١٧ / ٧٥ و ١٨ / ٣١ ، ٣٢ و ٢٥٢ ، والمستطرف ١ / ١١٦ ، ١١٨ و ١٣٥ و ١٦٥ و ١٦٦ و ٢٢٥ و ٢٢٦ و ٢٤١ و ٢ / ١٠ ، والأذكياء ٣٩ ، ٤٠ و ٥٦ و ١٤٤ و ٢٠٠ و ٢٠١ ، وأخبار الحمقى ٧٧ و ١٠٣ و ١٦٩ ، ولباب الآداب ١١٥ ، وتاريخ دمشق ٢٢٢ ـ ٢٩٣ ، والجامع الكبير لابن الأثير ١٤٢ و ١٦٩ و ١٨٦ ، والكامل في التاريخ ٦ / ٢٨٢ ، والمرصّع ١٩١ و ٣٤٢ ، ونهاية الأرب ٣ / ٢٠٥ و ٢٢ / ٢٣٧ ـ ٢٤٢ ، وبدائع البدائه ٤٥ ـ ٤٨ و ٩٤ و ٩٥ و ١٢٤ و ١٢٥ و ١٥٢ و ٢٢١ و ٣٣٥ و ٣٣٦ ، وخلاصة الذهب المسبوك ١٠٨ و ١١٢ و ١١٣ و ١١٨ و ١١٩ و ١٢٧ و ١٥٣ و ١٧٢ و ١٧٥ و ١٧٦ و ١٨٦ ، ونزهة الظرفاء ٢١ و ٢٣ و ٢٤ و ٢٧ ـ ٢٩ و ٣٠ و ٣٤ و ٣٥ و ٤١ و ٤٩ و ٥٢ ، وتسهيل النظر ١١٨ و ١٥٨ و ١٩٠ و ٢٤٠ و ٢٤١ ، والتذكرة الفخرية ٣٣٥ و ٣٣٦ ، ومختصر التاريخ لابن الكازروني ٥٩ و ١٢٤ و ١٢٧ و ١٢٨ و ١٣٠ ـ ١٤٢ و ١٦٤ و ١٦٥ و ١٦٧ ، والفخري ٢٠ و ٣٠ و ١٩٢ و ٢١٢ و ٢١٤ و ٢١٥ و ٢١٧ ـ ٢٢٦ و ٢٢٨ و ٢٢٩ و ٢٣٣ و ٢٣٦ و ٢٣٧ و ٢٤٧ و ٢٤٨ ، والتنبيه والإشراف ٣٠٢ ـ ٣٠٥ ، وتاريخ سنيّ ملوك الأرض ١٦٦ ـ ١٦٨ ، والخراج وصناعة الكتابة ٣٧ و ٥٩ و ٢٦٠ و ٣٠٥ و ٣٠٨ و ٣١٥ و ٣١٧ و ٣٢١ و ٣٣٥ و ٣٥١ و ٣٧٨ و ٣٨٦ و ٤٠٠ و ٤٢١ و ٤٢٣ و ٤٢٤ ، وتاريخ الزمان لابن العبري ٢٢ ـ ٢٨ ، وتاريخ مختصر الدول له ١٣٤ ـ ١٣٨ ، والعيون والحدائق ٣ / ٢٨٩ و ٣٠١ و ٣٠٣ ـ ٣٠٥ و ٣١٥ و ٣١٧ ـ ٣٨٠ =

٢٢٦

أبو العبّاس الهاشميّ.

ولد سنة سبعين ومائة عند ما استخلف أبوه الرشيد.

وقرأ العلم في صغره ، وسمع من : هشيم ، وعبّاد بن العوّام ، ويوسف بن عطيّة ، وأبي معاوية الضّرير ، وطبقتهم.

وبرع في الفقه والعربيّة وأيّام النّاس. ولما كبر عني بالفلسفة وعلوم الأوائل وشهر فيها ، فجرّه ذلك إلى القول بخلق القرآن.

روى عنه : ولده الفضل ، ويحيى بن أكثم ، وجعفر بن أبي عثمان الطّيالسيّ ، والأمير عبد الله بن طاهر ، وأحمد بن الحارث الشّيعيّ ، ودعبل الخزاعيّ ، وآخرون.

وكان من رجال بني العبّاس حزما وعزما ، وحلما وعلما ، ورأيا ودهاء ، وهيبة وشجاعة ، وسؤددا وسماحة.

وله محاسن وسيرة طويلة.

قال ابن أبي الدّنيا : كان أبيض ، ربعة ، حسن الوجه ، تعلوه صفرة ، وقد وخطه الشّيب. أعين ، طويل اللّحية رقيقها. ضيّق الجبين ، على خدّه خال (١).

وقال الجاحظ : كان أبيض فيه صفرة. وكان ساقاه دون جسده صفراوين ، كأنّهما طليتا بالزّعفران (٢).

وقال ابن أبي الدّنيا : قدم الرشيد طوس سنة ثلاث وتسعين ، فوجّه ابنه المأمون إلى سمرقند. فأتته وفاة أبيه وهو بمرو (٣).

__________________

= و ٤١٢ ـ ٤٧٠ ، وتاريخ خليفة ٧ و ٤٥٧ و ٤٦٦ ـ ٤٧٣ و ٤٧٥ ، ودول الإسلام ١ / ١٢٥ ـ ١٣٢ ، وآثار البلاد ٢٢٠ و ٢٥٢ و ٢٦٢ و ٢٦٤ و ٢٧٠ و ٣١٤ و ٣١٧ و ٣١٨ و ٣٤٧ و ٣٨٢ ، ومرآة الجنان ٢ / ٧٨ ، والبداية والنهاية ١٠ / ٢٧٤ ـ ٢٨٠ ، وسير أعلام النبلاء ١٠ / ٢٧٢ ـ ٢٩٠ رقم ٧٢ ، والعبر (انظر فهرس الأعلام من الجزء الأول) ، والوافي بالوفيات ١٧ / ٦٥٤ ـ ٦٦٦ رقم ٥٥٦ ، وفوات الوفيات ٢ / ٢٣٥ ـ ٢٣٩ رقم ٢٣٨ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٣١ ، ٣٢ ، والنجوم الزاهرة ٢ / ٢٢٥ ، وتاريخ الخلفاء ٣٠٦ ـ ٣٣٣ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٣٣٤ ، وشذرات الذهب ٢ / ٣٩ ، وأخبار الدول ١٥٣ ـ ١٥٥ ، وغيره.

(١) تاريخ الطبري ٨ / ٦٥١ ، والعقد الفريد ٥ / ١١٩ ، وتاريخ بغداد ١٠ / ١٨٤ ، وتاريخ دمشق ٢٢٩ ، وفوات الوفيات ٢ / ٢٣٥ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٣٣٤ ، والنجوم الزاهرة ٢ / ٢٢٥.

(٢) تاريخ بغداد ١٠ / ١٨٤ ، وتاريخ دمشق ٢٣٠.

(٣) تاريخ دمشق ٢٣١.

٢٢٧

وقال غيره : لما خلع الأمين أخاه المأمون من ولاية العهد غضب المأمون ودعا إلى نفسه بخراسان ، فبايعوه في أول سنة ثمان وتسعين ومائة (١).

وقال الخطبيّ : كان يكنّى أبا العبّاس ، فلمّا استخلف اكتنى بأبي جعفر.

وأمّه أم ولد اسمها مراجل (٢) ، ماتت أيّام نفاسها به.

وقال أيضا : دعي للمأمون بالخلافة والأمين حيّ في آخر سنة خمس وتسعين ، إلى أن قتل الأمين ، فاجتمع النّاس عليه ، وتفرّقت عمّاله في البلاد ، وأقيم الموسم سنة ستّ وسنة سبع باسمه ، وهو مقيم بخراسان. واجتمع الناس عليه ببغداد في أول سنة ثمان. وأتاه الخبر بمرو ، فولّى العراق ، الحسن بن سهل ، وقدمها سنة سبع.

ثم بايع المأمون بالعهد لعليّ بن موسى الرضا الحسينيّ رحمه‌الله ، ونوّه بذكره ، وغيّر زيّ آبائه من لبس السّواد ، وأبدله بالخضرة. فغضب بنو العبّاس بالعراق لهذين الأمرين وقطعوه ، وبايعوا إبراهيم عمّه ولقّبوه «المبارك».

فحاربه الحسن بن سهل ، فهزمه إبراهيم وألحقه بواسط. وأقام إبراهيم بالمدائن. ثم سار جيش الحسن وعليهم حميد بن الطّوسيّ ، وعليّ بن هشام ، فهزموا إبراهيم ، فاختفى وانقطع خبره إلى أن ظهر في وسط خلافة المأمون ، فعفا عنه (٣).

وكان المأمون فصيحا مفوّها. وكان يقول : معاوية بعمره ، وعبد الملك بحجّاجه ، وأنا بنفسي (٤). وقد رويت هذه عن المنصور.

وقيل : كان نقش خاتمه : المأمون عبد الله بن عبيد الله (٥).

__________________

(١) تاريخ بغداد ١٠ / ١٨٣ ، وتاريخ دمشق ٢٣١.

(٢) هي «مراجل البادعسيّة». (تاريخ بغداد ١٠ / ١٩٢).

(٣) راجع هذه الأخبار في الحوادث من الجزء السابق ، وهذا الجزء. وقد اختصرها المسعودي في (التنبيه والإشراف ٣٠٢ ، ٣٠٣) كما هنا.

(٤) تاريخ بغداد ١٠ / ١٩٠ ، تاريخ دمشق ٢٥٥.

(٥) وفي (التنبيه والإشراف ٣٠٥) : «كان نقش خاتمه : الله ثقة عبد الله ، وبه يؤمن» ، وفي (العقد الفريد ٥ / ١١٩) نقش خاتمه : «سل الله يعطك».

٢٢٨

روي عنه أنّه ختم في بعض الرمضانات ثلاثا وثلاثين ختمة (١).

وقال الحسين بن فهم الحافظ : ثنا يحيى بن أكثم قال : قال لي المأمون : أريد أن أحدّث.

فقلت : ومن أولى بهذا من أمير المؤمنين؟

فقال : اصنعوا لي منبرا. ثم صعد ، فأوّل حديث أورده :

حدّثنا عن هشيم ، عن أبي الجهم ، عن الزّهريّ ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، رفع الحديث قال : «أمرؤ القيس صاحب لواء الشّعر إلى النّار» (٢).

ثم حدّث بنحو من ثلاثين حديثا ثم نزل فقال لي : كيف رأيت يا يحيى مجلسنا.

قلت : أجلّ مجلس ، تفقّه الخاصّة والعامّة.

فقال : ما رأيت لكم حلاوة. إنّما المجلس لأصحاب الخلقان والمحابر (٣).

وقال السّرّاج : ثنا محمد بن سهل بن عسكر قال : تقدّم رجل غريب ، بيده محبرة إلى المأمون فقال : يا أمير المؤمنين صاحب حديث منقطع به.

فقال : ما تحفظ في باب كذا؟ فلم يذكر فيه شيئا.

قال : فما زال المأمون يقول : ثنا هشيم ، وثنا يحيى ، وثنا حجّاج ، حتّى ذكر الباب.

ثم سأله عن باب آخر ، فلم يذكر فيه شيئا.

فقال المأمون : ثنا فلان ، وثنا فلان ، إلى أن قال لأصحابه : يطلب أحدهم الحديث ثلاثة أيام ثم يقول أنا من أصحاب الحديث ، أعطوه ثلاثة دراهم (٤).

ومع هذا فكان المأمون مسرفا في الكرم ، جوادا ممدّحا.

__________________

(١) تاريخ بغداد ١٠ / ١٩٠.

(٢) أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٢٢٩ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٨ / ١١٩ ونسبه لأحمد ، والبزّار ، وقال : في إسناده أبو الجهم شيخ هشيم بن بشير ولم أعرفه ، وبقية رجاله رجال الصحيح. ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، والكتبي في فوات الوفيات ١ / ٢٤٠ ، والصفدي في الوافي بالوفيات ١٧ / ٦٥٦.

(٣) تاريخ دمشق ٢٣٥.

(٤) تاريخ دمشق ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، فوات الوفيات ١ / ٢٤٠ ، تاريخ الخلفاء ٣٢١.

٢٢٩

جاء عنه أنّه فرّق في ساعة واحدة ستّة وعشرين ألف ألف درهم (١).

وكان يشرب النّبيذ. وقيل بل كان يشرب الخمر ، فيحرّر ذلك (٢).

وقيل إنّه أجاز أعرابيا مرّة لكونه مدحه بثلاثين ألف دينار.

وأما ذكاؤه فمتوقّد. روى مسروق بن عبد الرحمن الكنديّ : حدّثني محمد بن المنذر الكنديّ جار عبد الله بن إدريس قال : حجّ الرشيد ، فدخل الكوفة وطلب المحدّثين. فلم يتخلّف إلّا عبد الله بن إدريس ، وعيسى بن يونس. فبعث إليهما الأمين والمأمون. فحدّثهما ابن إدريس بمائة حديث ، فقال المأمون : يا عمّ ، أتأذن أن أعيدها من حفظي؟

قال : افعل.

فأعادها ، فعجب من حفظه.

ومضيا إلى عيسى فحدّثهما ، فأمر له المأمون بعشرة آلاف درهم ، فأبى أن يقبلها وقال : ولا شربة ماء على حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣).

وروى محمد بن عون ، عن ابن عيينة أنّ المأمون جلس فجاءته امرأة وقالت : يا أمير المؤمنين مات أخي وخلّف ستّمائة دينار ، فأعطوني دينارا ، وقالوا : هذا نصيبك.

فحسب المأمون وقال : هذا نصيبك. هذا خلّف أربع بنات.

قالت : نعم.

قال : لهنّ أربعمائة دينار. وخلّف والدة فلها مائة دينار. وخلّف زوجة فلها خمسة وسبعون دينارا. بالله ألك اثنا عشر أخا؟

قالت : نعم.

قال : لكلّ واحد ديناران ولك دينار (٤).

__________________

(١) انظر تاريخ الطبري ٨ / ٦٥٣ ، والأخبار الموفقيات ٣٨.

(٢) قول المؤلّف : «فيحرّر ذلك» هو تنبيه للقارئ بأن هذا الخبر غير موثوق ، فلا ينسبه الناس له دون تدبّر.

(٣) تاريخ الخلفاء ٣٢٧.

(٤) تاريخ دمشق ٢٣٦ ، ٢٣٧ ، فوات الوفيات ١ / ٢٤٠ ، الوافي بالوفيات ١٧ / ٦٥٦ ، تاريخ الخلفاء ٣٢١.

٢٣٠

وقال ابن الأعرابيّ : قال لي المأمون : أخبرني عن قول هند بنت عتبة (١) :

نحن بنات طارق

نمشي على النّمارق (٢)

قال : فنظرت في نسبها فلم أجده ، فقلت : ما أعرف.

قال : إنّما أرادت النّجم ، انتسبت إليه لحسنها. ثم رمى إليّ بعنبرة بعتها بخمسة آلاف درهم (٣).

وقال بعضهم عن المأمون : من أراد كتابا سرّا فليكتب بلبن حليب حلب لوقته ، ويرسله إلى من يريد فيعمد إلى قرطاس فيحرقه ويذرّ رماده على الكتابة ، فتقرأ له.

وقال الصّوليّ : كان المأمون قد اقترح في الشطرنج أشياء. وكان يحبّ اللّعب بها (٤).

__________________

(١) الصحيح إن القول هو لهند بنت بياضة بن رياح بن طارق الإيادي حيث قالته حين لقيت إياد جيش الفرس في الجزيرة ، وكان بياضة هو رئيس إياد ، أما طارق فهو جدّ هند بنت بياضة ، وهو المذكور في الشعر. وقد تمثّلت «هند بنت عتبة» بهذا القول في غزوة أحد ، كما كان النساء المسلمات يتمثّلن هذا القول في حرب المسلمين مع الروم ، وخاصّة في معركة اليرموك.

(٢) وبعده :

المسك في المفارق

والدّرّ في المخانق

إن تقبلوا نعانق

ونفرش النمارق

أو تدبروا نفارق

فراق غير وامق

وانظر هذا القول في : سيرة ابن هشام (بتحقيقنا) ٣ / ٣١ ، والسير والمغازي لابن إسحاق ٣٢٧ ، والطبقات الكبرى لابن سعد ٢ / ٤٠ ، وأنساب الأشراف للبلاذري ١ / ٣١٧ ، وسنن سعيد بن منصور ق ٢ مجلّد ٣ / رقم ٢٧٨٥ ، والمغازي للواقدي ١ / ٢٢٥ ، وتاريخ الطبري ٢ / ٥١٠ ، والأغاني ١٥ / ١٩٠ ، وثمار القلوب للثعالبي ٢٩٧ ، والاستيعاب لابن عبد البرّ ٤ / ٤٢٥ ، والبدء والتاريخ للمقدسي ٤ / ٢٠١ ، والكامل في التاريخ ٢ / ١٥٣ ، وأسد الغابة ٥ / ٥٦٢ ، ونهاية الأرب للنويري ١٧ / ٩٠ ، وتاريخ دمشق ٢٤٦ ، والفاخر ٢٣ ، والمغازي من تاريخ الإسلام للذهبي (بتحقيقنا) ١٧٢ ، وعيون التواريخ للكتبي ١ / ١٥٨ ، والبداية والنهاية ٤ / ١٦ ، وعيون الأثر لابن سيد الناس ٢ / ٢٥ ، والروض الأنف للسهيلي ٣ / ١٦١ ، وتفسير غريب القرآن ٥٢٣ ، وشرح شواهد المغني للسيوطي ٢ / ٨٠٩ ، وشرح أبيات مغني اللبيب للبغدادي ٦ / ١٨٨ ـ ١٩٠ ، وتاريخ الخلفاء ٣١٩ ، وسير أعلام النبلاء ١٠ / ٢٧٧.

(٣) تاريخ دمشق ٢٤٦.

(٤) تاريخ الخلفاء ٣٢٤.

٢٣١

وعن بعضهم قال : استخرج المأمون كتب الفلاسفة واليونان من جزيرة قبرس.

وقدم الشام غير مرّة.

وقال أبو معشر المنجّم : كان أمّارا بالعدل ، محمود السيرة ، ميمون النّقيبة ، فقيه النفس ، يعدّ مع كبار العلماء (١).

وعن الرشيد قال : إنّي لأعرف في عبد الله حزم المنصور ، ونسك المهديّ ، وعزّة الهادي ، ولو أشاء أن أنسبه إلى الرابع ، يعني نفسه ، لنسبته. وقد قدّمت محمدا عليه ، وإنّي لأعلم أنّه منقاد إلى هواه ، مبذّر لما حوته يده ، يشارك في رأيه الإماء والنّساء. ولو لا أمّ جعفر وميل بني هاشم إليه لقدّمت عبد الله عليه (٢).

وعن المأمون قال : لو عرف الناس حبيّ للعفو لتقدّموا إليّ بالجرائم (٣).

وأخاف أن لا أؤجر فيه. يعني لكونه طبعا له.

وعن يحيى بن أكثم قال : كان المأمون يحلم حتّى يغيظنا.

وقيل إنّ فلاحا مرّ فقال : أتظنّون بأنّ هذا ينبل في عيني وقد قتل أخاه الأمين؟ فسمعها المأمون فتبسّم وقال : ما الحيلة حتّى أنبل في عين هذا السّيّد الجليل (٤)؟

وعن يحيى بن أكثم قال : كان المأمون يجلس للمناظرة في الفقه يوم الثلاثاء ، فجاء رجل عليه ثياب قد شمّرها ونعله في يده. فوقف على طرف البساط وقال : السلام عليكم. فردّ عليه المأمون.

فقال : أتأذن لي في الدّنوّ؟

قال : ادن وتكلّم.

__________________

(١) فوات الوفيات ٢ / ٢٣٧.

(٢) تاريخ الخلفاء ٣٠٧.

(٣) فوات الوفيات ٢ / ٢٣٦.

(٤) تاريخ بغداد ١٠ / ١٨٩ ، تاريخ دمشق ٢٦٠ ، الوافي بالوفيات ١٧ / ٦٥٧ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٧٧ ، وفوات الوفيات ١ / ٢٤٠ ، تاريخ الخلفاء ٣٢٦.

٢٣٢

قال : أخبرني عن هذا المجلس الّذي أنت فيه. جلسته باجتماع الأمّة أم بالمغالبة والقهر؟

قال : لا بهذا ولا بهذا. بل كان يتولّى أمر المؤمنين من عقد لي ولأخي. فلمّا صار الأمر لي علمت أنّي محتاج إلى اجتماع كلمة المؤمنين في الشرق والغرب على الرضى بي. فرأيت أنّي متى خلّيت الأمر اضطرب حبل الإسلام ومرج عهدهم ، وتنازعوا ، وبطل الجهاد والحقّ ، وانقطعت السّبل. فقمت حياطة للمسلمين إلى أن يجمعوا على رجل يرضون به ، فأسلّم إليه الأمر. فمتى اتّفقوا على رجل خرجت له من الأمر.

فقال : السلام عليكم ورحمة الله.

وذهب ، فوجّه المأمون من يكشف خبره. فرجع وقال : يا أمير المؤمنين مضى إلى مسجد فيه خمسة عشر رجلا في مثل هيئته ، فقالوا له : ألقيت الرجل؟

قال : نعم. وأخبرهم بما جرى.

قالوا : ما نرى بما قال بأسا. وافترقوا.

فقال المأمون : كفينا مئونة هؤلاء بأيسر الخطب (١).

وقيل : أهدى ملك الروم إلى المأمون تحفا سنية منها مائة رطل مسك ، ومائة حلّة سمّور. فقال المأمون : أضعفوها له ليعلم عزّ الإسلام وذلّ الكفر (٢).

وقيل : دخل رجل من الخوارج على المأمون ، فقال : ما حملك على الخلاف؟

قال : قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) قال : ألك علم بأنها منزّلة؟ قال : نعم.

قال : ما دليلك؟ قال : إجماع الأمّة.

قال : فكما رضيت بإجماعهم في التنزيل ، فارض بإجماعهم في التأويل.

قال : صدقت ، السلام عليك يا أمير المؤمنين (٣).

__________________

(١) مروج الذهب ٤ / ٢٠ ، ٢١ ، تاريخ الخلفاء ٣٢٧.

(٢) ربيع الأبرار ٤ / ٣٦٧ ، فوات الوفيات ٢ / ٢٣٧.

(٣) تاريخ بغداد ١٠ / ١٨٦ ، تاريخ الخلفاء ٣١٩ ، ٣٢٠.

٢٣٣

وقال محمد بن زكريّا الغلابيّ : ثنا مهديّ بن سابق قال : دخل المأمون يوما ديوان الخراج ، فمرّ بغلام جميل على أذنه قلم. فأعجبه حسنه فقال : من أنت؟

قال : الناشيء في دولتك ، وخرّيج أدبك ، والمتقلّب في نعمتك يا أمير المؤمنين ، الحسن بن رجاء.

فقال : يا غلام ، بالإحسان في البديهة تفاضلت العقول.

ثم أمر برفع مرتبته عن الدّيوان ، وأمر له بمائة ألف درهم (١).

وعن إسحاق الموصليّ قال : كان المأمون قد سخط على الخليع الشّاعر لكونه هجاه عند ما قتل الأمين. فبينا أنا ذات يوم عند المأمون إذ دخل الحاجب برقعة ، فاستأذن في إنشادها. فأذن له ، فقال :

أجرني فإنّي قد ظمئت إلى الوعد

متى تنجز الوعد المؤكّد بالعهد

أعيذك من خلف الملوك فقد ترى

تقطّع أنفاسي عليك من الوجد

أيبخل فرد الحسن عنّي بنائل

قليل وقد أفردته بهوى فرد (٢)

إلى أن قال :

رأى الله عبد الله خير عباده

فملّكه والله أعلم بالعبد (٣)

ألا إنّما المأمون للنّاس عصمة

مميّزة بين الضلالة والرّشد (٤)

فقال له : أحسنت.

قال : يا أمير المؤمنين أحسن قائلها.

قال : ومن هو؟

قال : عبيدك الحسين بن الضّحّاك.

فقال : لا حيّاه الله ولا بيّاه. أليس هو القائل :

فلا تمّت الأشياء بعد محمد

ولا زال شمل الملك فيها مبدّدا

 __________________

(١) المحاسن والمساوئ ٤٣٧ ، والعقد الفريد ٢ / ١٣١.

(٢) ورد هذا البيت في (بغداد لابن طيفور ١٧١) و (تاريخ الطبري ٨ / ٦٦٢) :

أيبخل فرد الحسن فرد صفاته

عليّ وقد أفردته بهوى فرد

(٣) بغداد لابن طيفور ١٧١ ، تاريخ الطبري ٨ / ٦٦٢.

(٤) البيتان في (ربيع الأبرار) للزمخشري ٤ / ٢٥٠.

٢٣٤

ولا فرح المأمون بالملك بعده

ولا زال في الدّنيا طريدا مشرّدا (١)

هذه بتلك ، ولا شيء له عندنا.

قال الحاجب : فأين عادة عفو أمير المؤمنين.

قال : أمّا هذه فنعم. ائذنوا له.

فدخل ، فقال له : هل عرفت يوم قتل أخي هاشميّة هتكت؟

قال : لا.

قال : فما معنى قولك :

وممّا شجى قلبي وكفكف عبرتي

محارم من آل الرسول استحلّت

ومهتوكة بالجلد عنها سجوفها

كعاب كقرن الشّمس حين تبدّت

فلا بات ليل الشّامتين بغبطة

ولا بلغت آمالهم ما تمنّت

فقال : يا أمير المؤمنين ، لوعة غلبتني ، وروعة فاجأتني ، ونعمة سلبتها بعد أن غمرتني. فإن عاقبت فبحقّك ، وإن عفوت فبفضلك. فدمعت عينا المأمون وأمر له بجائزة.

حكى الصّوليّ أنّ المأمون كان يحبّ اللّعب بالشّطرنج ، واقترح فيه أشياء.

وكان ينهى أن يقال : تعال نعلب ، ويقول : بل نتناقل (٢).

ولم يكن بها حاذقا ، فكان يقول : أنا أدبّر أمر الدّنيا واتّسع لها ، وأضيق عن تدبير شبرين. وله فيها شعر :

أرض مربّعة حمراء من أدم (٣)

ما بين إلفين معروفين (٤) بالكرم

تذاكرا الحرب فاحتالا لها حيلا

من غير أن يأثما فيها بسفك دم

هذا يغير على هذا وذاك على

هذا يغير وعين الحزم لم تنم

فانظر إلى فطن جالت بمعرفة

في عسكرين بلا طبل ولا علم (٥)

 __________________

(١) ورد هذا البيت في (بغداد لابن طيفور ١٨٢).

(٢) ربيع الأبرار للزمخشري ٤ / ٨٧ وفيه : «نتزاول ونتقاتل».

(٣) الأدم : الجلد. وكانت رقاع الشطرنج تعمل من الجلد المدبوغ ، وأحيانا من الخشب.

(٤) في محاضرات الأدباء «موصوفين».

(٥) الأبيات في : محاضرات الأدباء للراغب الأصبهاني ، وأنموذج القتال في نقل العوال ٥٦ ، وهي

٢٣٥

وقيل : إنّ المأمون نظر إلى عمّه إبراهيم بن المهديّ وكان يلقّب بالتّنّين ، فقال : ما أظنّك عشقت قطّ. ثم أنشد :

وجه الّذي يعشق معروف

لأنّه أصفر منحوف

ليس كمن يأتيك ذا جثّة

كأنّه للذّبح معلوف

وعن المأمون قال : أعياني جواب ثلاثة. صرت إلى أمّ ذي الرّئاستين أعزّيها فيه ، فقلت : لا تأسي عليه فإنّي عوضه لك.

قالت : يا أمير المؤمنين وكيف لا أحزن على ولد أكسبني مثلك.

وأتيت بمتنبّئ فقلت : من أنت؟

قال : أنا موسى بن عمران.

قلت : ويحك ، موسى كانت له آيات فأتني بها حتى أؤمن بك.

فقال : إنّما أتيت بتلك المعجزات فرعون ، إذ قال أنا ربّكم الأعلى. فإن قلت كذلك أتيتك بالآيات.

قال : وأتى أهل الكوفة يشكون عاملهم فقال خطيبهم : هو شرّ عامل. فأمّا في أول سنة فإنّا بعنا الأثاث والعقار ، وفي الثانية بعنا الضّياع ، وفي الثالثة نزحنا عن بلدنا وأتيناك نستغيث بك.

فقلت : كذبت ، بل هو رجل قد حمدت مذهبه ، ورضيت دينه ، واخترته معرفة منّي بقديم سخطكم على العمّال.

قال : صدقت يا أمير المؤمنين وكذبت أنا. فقد خصصتنا به هذه المدّة دون باقي البلاد ، فاستعمله على بلد آخر ليشملهم من عدله وإنصافه مثل الّذي شملنا.

فقلت : قم في غير حفظ الله ، قد عزلته عنكم (١).

وممّا ينسب إلى المأمون من الشّعر قوله :

__________________

= لعليّ بن الجهم ، ونسبها بعضهم للمأمون ؛ وربيع الأبرار للزمخشري ٤ / ٧١ باختلاف في البيت الأخير.

(١) مروج الذهب ٤ / ١٨ ، ١٩.

٢٣٦

لساني كتوم لأسراركم

ودمعي نموم لسرّي مذيع

فلو لا دموعي كتمت الهوى

ولو لا الهوى لم تكن لي دموع (١)

وكان قدوم المأمون من خراسان إلى بغداد سنة أربع ومائتين. ودخلها في رابع صفر بأبّهة عظيمة ، وبحمل زائد.

قال إبراهيم بن محمد بن عرفة النّحويّ في تاريخه : حكى أبو سليمان داود بن عليّ ، عن يحيى بن أكثم قال : كنت عند المأمون وعنده جماعة من قوّاد خراسان ، وقد دعا إلى خلق القرآن حينئذ ، فقال لأولئك القوّاد : ما تقولون في القرآن؟

فقالوا : كان شيوخنا يقولون : ما كان فيه من ذكر الحمير والجمال والبقر فهو مخلوق ، وما كان من سوى ذلك فهو غير مخلوق. فأما إذا قال أمير المؤمنين هو مخلوق ، فنحن نقول كلّه مخلوق.

فقلت للمأمون : أتفرح بموافقة هؤلاء (٢)؟

قال ابن عرفة : أمر المأمون مناديا فنادى في الناس ببراءة الذّمّة ممّن ترحّم على معاوية أو ذكره بخير (٣).

وكان كلامه في القرآن سنة اثنتي عشرة. فكثر المنكر لذلك ، وكاد البلد يفتتن ولم يلتئم له من ذلك ما أراد ، فكفّ عنه. يعني كفّ عنه إلى بعد هذا الوقت (٤).

ومن كلام المأمون : النّاس ثلاثة ، فمنهم مثل الغذاء لا بدّ منه على حال من الأحوال ، ومنهم كالدّواء يحتاج إليه في حال المرض ، ومنهم كالدّاء مكروه على كلّ حال (٥).

__________________

(١) المحاسن والمساوئ ٣٧٧ ، تاريخ دمشق ٢٨٠ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٧٨ ، الوافي بالوفيات ٧ / ٦٥٩ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢٢٧ ، تاريخ الخلفاء ٣٣٣.

(٢) فوات الوفيات ٢ / ٢٣٧ ، ٢٣٨.

(٣) فوات الوفيات ٢ / ٢٣٨.

(٤) فوات الوفيات ٢ / ٢٣٨.

(٥) عيون الأخبار ٣ / ٣ ، المحاسن والمساوئ ٥٦٥.

٢٣٧

وعن المأمون قال : لا نزهة ألذّ من النظر في عقول الرجال (١).

وقال : غلبة الحجّة أحبّ إليّ من غلبة القدرة. لأنّ غلبة الحجّة لا تزول ، وغلبة القدرة تزول بزوالها (٢).

وكان المأمون يقول : الملك يغتفر كلّ شيء إلّا القدح في الملك ، وإفشاء السّرّ ، والتعرّض للحرم (٣).

وقال : أعيت الحيلة في الأمر إذا أقبل أن يدبر ، وإذا أدبر أن يقبل (٤).

وقيل للمأمون : أيّ المجالس أحسن؟

قال : ما نظر فيه إلى النّاس. فلا منظر أحسن من النّاس (٥).

وكان المأمون معروفا بالتشيّع ، فروى أبو داود المصاحفيّ قال : سمعت النّضر بن شميل يقول : دخلت على المأمون فقال : إنّي قلت اليوم :

أصبح ديني الّذي أدين به

ولست من الغداة معتذرا

حبّ عليّ بعد النّبيّ ولا

أشتم صدّيقه ولا عمرا

وابن عفّان في الجنان مع الأبرار

ذاك القتيل مصطبرا

وعائش الأمّ لست أشتمها

من يفتريها فنحن منه برا (٦)

وقد نادى المأمون بإباحة متعة النّساء ، ثم لم يزل به يحيى بن أكثم حتى أبطلها ، وروى له حديث الزّهريّ ، عن ابني الحنفيّة ، عن أبيهما محمد ، عن عليّ أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ نهى عن متعة النّساء في خيبر (٧). فلما صحّح له الحديث رجع إلى الحقّ (٨).

__________________

(١) شذرات الذهب ٢ / ٤٢.

(٢) تاريخ بغداد ١٠ / ١٨٦ ، تاريخ دمشق ٢٦٣ ، تاريخ الخلفاء ٣٣٦.

(٣) مروج الذهب ٤ / ٧ ، والعقد الفريد ١٢ و ٦٦ ، والمحاسن والمساوئ ٢٧٤ ينسب للمنصور ، وتاريخ دمشق ٢٦٢ ، ولباب الآداب لابن منقذ ٢٤٣.

(٤) مروج الذهب ٤ / ٧ ، تاريخ الخلفاء ٣٢٨.

(٥) تاريخ الخلفاء ٣٢٨.

(٦) فوات الوفيات ٢ / ٢٣٨.

(٧) التاريخ للبخاريّ ٧ / ٣٦٩ ، ومسلم (٢٤٠٧).

(٨) فوات الوفيات ٢ / ٢٣٨.

٢٣٨

وأمّا مسألة خلق القرآن فلم يرجع عنها وصمّم عليها في سنة ثمان عشرة. وامتحن العلماء ، فعوجل ولم يمهل (١). توجّه غازيا إلى أرض الروم فلمّا وصل إلى البذندون واشتدّ به الأمر أوصى بالخلافة إلى أخيه المعتصم.

وكان قد افتتح في غزوته أربعة عشر حصنا. وردّ فنزل على عين البذندون ، فأقام هناك واعتلّ.

قال المسعوديّ (٢) : أعجبه برد ماء العين وصفاؤها ، وطيب الموضع وكثرة الخضرة.

وقد طرح له درهم في العين ، فقرأ ما عليه لفرط صفائها. ولم يقدر أحد أن يسبح فيها لشدّة بردها. فرأى سمكة نحو الذّراع كأنّها الفضّة. فجعل لمن يخرجها سيفا ، فنزل فرّاش فاصطادها وطلع ، فاضطربت وفرّت إلى الماء فتنضّح صدر المأمون ونحره وابتلّ ثوبه. ثم نزل الفرّاش ثانية وأخذها. فقال المأمون :

تقلى السّاعة. ثم أخذته رعدة فغطّي باللّحف وهو يرتعد ويصيح. فأوقدت حوله نار. ثم أتي بالسّمكة فما ذاقها لشغله بحاله. فسأل المعتصم بختيشوع وابن ماسويه عن مرضه ، فجسّاه ، فوجدا نبضه خارجا عن الاعتدال ، منذرا بالفناء ، ورأيا عرقا سائلا منه كلعاب اللّاغيّة فأنكراه ولم يجداه في كتب الطّبّ.

ثم أفاق المأمون من غمرته ، فسأل عن تفسير اسم المكان بالعربيّ ، فقيل له : «مدّ رجليك». فتطيّر به. وسأل عن اسم البقعة ، فقيل الرّقّة. وكان فيما عمل من مولده أنّه يموت بالرّقّة. فكان يتجنّب النزول بالرّقّة. فلما سمع هذا من الروم عرف وأيس ، وقال : يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه (٣).

وأجلس المعتصم عنده من يلقّنه الشهادة لما ثقل. فرفع الرجل بها صوته ، فقال له ابن ماسويه : لا تصيح ، فو الله ما يفرّق الآن بين ربّه وبين ماني (٤). ففتح

__________________

(١) فوات الوفيات ٢ / ٢٣٨.

(٢) في مروج الذهب ٤ / ٤٣ ـ ٤٥ ، وانظر نحوه في (الهفوات النادرة ١٨٣ ـ ١٨٥).

(٣) قول المأمون في : (التذكرة الحمدونية ١ / ٢١٢ رقم ٥٢٨).

(٤) ماني : هو صاحب الثنوية الّذي يزعم أن النور والظلمة أزليّان قديمان ، بخلاف المجوس الذين يقولون بحدوث الظلام. (انظر الملل والنحل للشهرستاني ١٨٨).

٢٣٩

عينيه وبهما من عظم التّورّم والاحمرار أمر شديد ، وأقبل يحاول بيديه البطش بابن ماسويه ، ورام مخاطبته فعجز ، فرمق بطرفه نحو السّماء وقد امتلأت عيناه دموعا ، وقال في الحال : يا من لا يموت ارحم من يموت. ثم قضى ومات في يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثماني عشرة. فنقله ابنه العبّاس وأخوه المعتصم لما توفّي إلى طرسوس ، فدفن هناك في دار خاقان خادم أبيه (١).

٢١٧ ـ عبد الله بن يحيى (٢) ـ ن. ـ

أبو محمد الثقفيّ البصريّ.

عن : بكّار بن عبد العزيز بن أبي بكرة ، وعبد الواحد بن زياد ، وأبي عوانة ، وسليم بن أخضر.

وعنه : إبراهيم بن يعقوب الجوزجانيّ ، وأبو محمد الدّارميّ ، والكديميّ ، ويعقوب الفسويّ ، وعبد العزيز بن معاوية القرشيّ ، ومحمد بن يحيى الأزديّ ، وإبراهيم بن حرب العسكريّ.

وقال الجوزجانيّ : ثقة مأمون (٣).

٢١٨ ـ عبد الله بن يحيى (٤) ـ خ. د. ـ

__________________

(١) تاريخ دمشق ٢٩٢.

(٢) انظر عن (عبد الله بن يحيى) في :

تاريخ الثقات للعجلي ٢٨٣ رقم ٩٠٧ ، والجرح والتعديل ٥ / ٢٠٣ ، ٢٠٤ رقم ٩٤٩ ، والثقات لابن حبّان ٨ / ٣٤٩ ، ٣٥٠ ، وتهذيب الكمال (المصوّر) ٢ / ٧٥٥ ، والكاشف ٢ / ١٢٧ رقم ٣٠٩٢ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٥٢٥ رقم ٤٦٩٠ ، وتهذيب التهذيب ٦ / ٧٦ ، ٧٧ رقم ١٤٩ ، وتقريب التهذيب ١ / ٤٦٠ رقم ٧٣٧ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢١٩.

(٣) ووثّقه العجليّ ، وابن حبّان.

(٤) انظر عن (عبد الله بن يحيى البرلّسي) في :

التاريخ الكبير للبخاريّ ٥ / ٢٣٢ رقم ٧٦٠ ، والجرح والتعديل ٥ / ٢٠٤ رقم ٩٥٢ ، والثقات لابن حبّان ٨ / ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، ورجال صحيح البخاري للكلاباذي ١ / ٤٣٤ رقم ٦٣٥ ، والجمع بين رجال الصحيحين ١ / ٢٦٨ رقم ٩٨١ ، وتهذيب الكمال (المصوّر) ٢ / ٧٥٥ ، والكاشف ٢ / ١٢٧ رقم ٣٠٩٣ ، والمغني في الضعفاء ١ / ٣٦٣ رقم ٣٤٢٤ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٥٢٤ رقم ٤٦٨٥ ، وتهذيب التهذيب ٦ / ٧٧ ، ٧٨ رقم ١٥٠ ، وتقريب التهذيب ١ / ٤٦١ رقم ٧٣٨ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢١٩.

٢٤٠