تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ١٤

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

وقال أبو داود ، عن محمد بن عمر المقدّميّ : مات في رمضان سنة ثمان (١).

٣٢١ ـ قطرب (٢).

تلميذ سيبويه.

هو أبو عليّ محمد بن المستنير البصريّ النّحويّ ، صاحب التّصانيف.

كان يؤدّب أولاد الأمير أبي دلف العجليّ. وكان أيّام اشتغاله يبكّر في تحصيل النّوبة على سيبويه. فقال له : ما أنت إلّا قطرب ليل.

فلزمه هذا اللّقب.

روى عنه : محمد بن الجهم السّمريّ ، وغيره.

وكان موثّقا فيما ينقله.

توفّي سنة ستّ ومائتين.

__________________

(١) رجال صحيح البخاري للكلاباذي ٢ / ٦٢٣ ، ٦٢٤.

وقال ابن حبّان : «مات سنة تسع ومائتين ، وكان سخيّا صدوقا إلّا أنه اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يحدّث به ، وبقي ستّ سنين في اختلاطه فظهر في روايته أشياء مناكير لا تشبه حديثه القديم ، فلما ظهر ذلك من غير أن يتميّز مستقيم حديثه من غيره لم يجز الاحتجاج به فيما انفرد. فأما فيما وافق الثقات فهو المعتبر بأخباره تلك». (المجروحون ٢ / ٢٢٠).

(٢) انظر عن (قطرب) في :

البيان والتبيين ١ / ٢٣٠ ، والزاهر للأنباري ١ / ٥٥٣ ، والمثلّث لابن السيد البطليوسي ١ / ٢٩٧ و ٢ / ١٣٩ و ١٥٤ و ٢٢٧ و ٣٨٠ و ٤١٥ ، ومعجم ما استعجم ١٣٨٨ ، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) ٩٩٢ ، وشرح أدب الكاتب للجواليقي ١١٤ ، والمحاسن والمساوئ للبيهقيّ ٤٣١ و ٥٧٦ و ٥٧٧ ، والكامل في التاريخ ٦ / ٣٨٠ ، وملء العيبة للفهري ٢ / ٦٦ و ٥٤١ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٥ ، وتخليص الشواهد للأنصاريّ ١٦٥ ، ونزهة الألباء ١١٠ ، والشوارد في اللغة للصغاني ٦١ ، ومعجم الأدباء ١٩ / ٥٣ ، ٥٤ ، وبغية الوعاة ١ / ٢٤٢ ، ٢٤٣ رقم ٤٤٤ ، ومرآة الجنان ٢ / ١١ ، والبداية والنهاية ١٠ / ٢٥٩.

٣٠١

[حرف الكاف]

٣٢٢ ـ كثير بن هشام (١).

أبو سهل الكلابيّ الرّقّي. نزيل بغداد.

روى الكثير عن : جعفر بن برقان.

وحدّث أيضا عن : شعبة.

وعنه : أحمد بن حنبل ، وإسحاق ، وعمرو النّاقد ، ومحمد بن المثنّى ، وعبّاس الدّوريّ ، والحارث بن أبي أسامة ، وجماعة.

وثّقه ابن معين (٢) ، وأبو داود (٣).

__________________

(١) انظر عن (كثير بن هشم) في :

الطبقات الكبرى لابن سعد ٧ / ٣٣٤ ، والتاريخ لابن معين برواية الدوري ٢ / ٤٩٥ ، وطبقات خليفة ٣٢٨ ، وتاريخ خليفة ٤٧٢ ، والتاريخ الكبير للبخاريّ ٧ / ٢١٨ رقم ٩٤٩ ، والتاريخ الصغير له ٢٢٠ ، والكنى والأسماء لمسلم ، ورقة ٥٠ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٤٨٦ ، والكنى والأسماء للدولابي ١ / ١٣٧ ، وتاريخ الثقات للعجلي ٣٩٧ رقم ١٤١١ ، والجرح والتعديل ٧ / ١٥٨ رقم ٨٨٢ ، والثقات لابن حبّان ٩ / ٢٦ ، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه ٢ / ١٥٥ رقم ١٣٨٩ ، والأسامي والكنى للحاكم ، ج ١ ورقة ٢٤١ ب ، والجمع بين رجال الصحيحين ٢ / ٤٢٩ رقم ١٦٤٥ ، والكامل في التاريخ ٦ / ٣٨٥ ، وتهذيب الكمال (المصوّر) ٣ / ١١٤٦ ، والكاشف ٣ / ٦ رقم ٤٧٢١ ، والبداية والنهاية ١٠ / ٢٦١ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٤٢٩ ، ٤٣٠ رقم ٧٦٩ ، وتقريب التهذيب ٢ / ١٣٤ رقم ٣٤ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٣٢٠.

(٢) في تاريخه ٢ / ٤٩٥ ، وقال : نحن أول من كتب عنه ، كتبت عنه مرتين ، مرة قبل أن يصنّف ، ومرة بعد ما صنّف.

(٣) ووثقه ابن سعد فقال : «كان ثقة صدوقا».

٣٠٢

توفّي في شعبان سنة سبع (١). ولمّا مات قالوا : اليوم مات جعفر بن برقان (٢).

وقيل : إنّه روى عن جعفر الصّادق.

قال عبّاس الدّوريّ : ثنا كثير بن هشيم وكان من خيار المسلمين.

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٧ / ٣٣٤ ، وقال البخاريّ : مات سنة سبع ومائتين أو بعده قريبا.

(٢) وقال العجليّ : «ثقة ، رجل صدوق ، يتوكّل للتجار ، يحترف ، من أروى الناس لجعفر بن برقان ، روى عنه ألفا ومائتي حديث ، ويروي أيضا عن شعبة». (تاريخ الثقات ٣٩٧ رقم ١٤١١).

وقال ابن أبي حاتم : سئل أبي عن كثير بن هشام فقال : يكتب حديثه. (الجرح والتعديل ٧ / ١٥٨).

٣٠٣

[حرف الميم]

٣٢٣ ـ محمد بن إدريس بن العبّاس بن عثمان بن شافع بن السّائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطّلب بن عبد مناف بن قصيّ (١).

__________________

(١) انظر عن (الإمام الشافعيّ محمد بن إدريس) في :

العلل ومعرفة الرجال لأحمد برواية ابنه عبد الله ١ / رقم ١٠٥٣ و ١٠٥٤ و ١٠٥٥ و ١٠٨١ ، والتاريخ الكبير للبخاريّ ١ / ٤٢ رقم ٧٣ ، والتاريخ الصغير له ٢١٨ ، والكنى والأسماء لمسلم ، ورقة ٦٥ ، وأخبار القضاء لوكيع ٣ / ٤٩ و ٧٧ و ٢٥٨ ، والمعرفة والتاريخ للفسوي ١ / ٢١٣ و ٣ / ١٣٨ ، ونسب قريش ٩٦ ، والكنى والأسماء للدولابي ٢ / ٥٩ ، والجرح والتعديل ٧ / ٢٠١ ـ ١٠٤ رقم ١١٣٠ ، والثقات لابن حبّان ٩ / ٣٠ ، وحلية الأولياء ٩ / ٦٣ ـ ١٦١ رقم ٤١٥ ، وعيون الأخبار ٢ / ٢١١ ، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) ١٤٨٦ و ٢٧٣٥ ـ ٢٧٣٧ و ٣١٧٨ و ٣١٩٢ ، والعيون والحدائق ٣ / ٢٦١ و ٣٥١ و ٣٥٩ و ٣٦٠ ، والفهرست لابن النديم ٢٦٣ ، والفرق بين الفرق ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، والفرج بعد الشدّة للتنوخي ١ / ٤٥ و ٨٧ و ٢ / ١٦١ ، وربيع الأبرار ٤ / ٣٣٦ ، وشرح أدب الكاتب ٧٨ و ٨١ و ٨٥ ، والزهد الكبير للبيهقي ، رقم ١٧٢ و ٥٢٣ و ٥٧٥ ، والانتقاء لابن عبد البرّ ٦٥ ـ ١٢١ ، وتاريخ جرجان ٩٠ و ١٠٩ و ١٣٩ و ١٤٣ و ١٤٩ و ٢٣٩ و ٢١٨ ، وطبقات الفقهاء للشيرازي ٧١ ـ ٧٣. وانظر فهرس الأعلام (٢٠٧) ، وتاريخ بغداد ٢ / ٥٦ ـ ٧٣ رقم ٤٥٤ ، وترتيب المدارك ٢ / ٣٨٢ ، والسابق واللاحق ٥٣ ، وطبقات الحنابلة ١ / ٢٨٠ ، والإرشاد للخليلي ١٤ و ٢٠ و ٢٢ و ٢٤ و ٣٠ و ٤٠ و ٥١ ، والأنساب ٧ / ٢٥١ ـ ٢٥٤ ، ولباب الآداب ٨٤ و ١٤٥ ، والأذكياء ٧٨ و ٧٩ و ١٧٠ ، وأخبار الحمقى ٧٥ ، وصفة الصفوة ٢ / ٢٤٨ ـ ٢٥٩ رقم ٢٠ ، ومعجم الأدباء ١٧ / ٢٨١ ـ ٣٢٧ ، وأدب القاضي (انظر فهرس الأعلام) ٢ / ٥٠٤ ، ٥٠٥ ، والكامل في التاريخ ٦ / ٣٥٩ ، وطبقات الشافعية لابن هداية الله ١١ ـ ١٤ ، وتذكرة السامع لابن جماعة ٦٦ ، ٦٧ ، ونزهة الظرفاء ٢٦ ، وتاريخ حلب للعظيميّ ٢٤٢ و ٣٠١ ، وتهذيب الأسماء واللغات ١ / ٤٤ ـ ٦٧ ، ووفيات الأعيان ٤ / ١٦٣ ـ ١٦٩ ، والإشارات إلى معرفة الزيارات ٣٣ و ٣٥ و ٣٦ ، والمحمّدون رقم ١٠٧ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٦ ، ٢٧ ، وتهذيب الكمال (المصوّر) ٣ / ١١٦١ ـ ١١٦٤ ، وآثار البلاد وأخبار العباد ٦٩ و ٢١١ و ٢٢٧ و ٢٢٨ و ٢٣١ و ٢٣٢ و ٢٤٠ و ٣٧٧ و ٣٨٧ و ٤١٤ و ٤٧٦ و ٥٩٩ و ٦٠٢ ، ودول الإسلام ١ / ١٢٧ ، وتذكرة الحفّاظ ١ / ٣٦١ ـ ٣٦٣ ، وسير أعلام النبلاء ١٠ / ٥ ـ ٩٩ رقم ١ ، =

٣٠٤

الإمام العلم أبو عبد الله الشافعيّ المكيّ المطّلبيّ الفقيه ، نسيب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ولد بغرّة سنة خمسين ومائة. وحمل إلى مكّة وهو ابن سنتين فنشأ بها ، وأقبل على الأدب والعربيّة والشّعر ، فبرع في ذلك. وحبّب إليه الرمي حتّى فاق الأقران وصار يصيب من العشرة تسعة. ثم كتب العلم.

وروى عن : سلم بن خالد الزّنجيّ فقيه مكّة ، وداود بن عبد الرحمن العطّار ، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، وعمّه محمد بن عليّ بن شافع ، ومالك بن أنس ، وعرض عليه «الموطّأ» حفظا ، وعطّاف بن خالد ، وسفيان بن عيينة ، وإبراهيم بن سعد ، وإبراهيم بن أبي يحيى الأسلميّ الفقيه ، وإسماعيل بن جعفر ، وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكيّ ، وعبد العزيز الدّراورديّ ، ومحمد بن عليّ الجنديّ ، ومحمد بن الحسن الفقيه ، وإسماعيل بن عليّة ، ومطرّف بن مازن قاضي صنعاء ، وخلق سواهم.

وعنه : أبو بكر الحميديّ ، أبو عبيد القاسم بن سلّام ، وأحمد بن حنبل ، وأبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبيّ ، وأبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطيّ ،

__________________

= والكاشف ٣ / ١٦ رقم ٤٧٨١ ، والمعين في طبقات المحدّثين ٧٨ رقم ٨٣٢ ، ومرآة الجنان ٢ / ١٣ ـ ٢٨ ، والوافي بالوفيات ٢ / ١٧١ ـ ١٨١ رقم ٥٣٢ ، والبداية والنهاية ١٠ / ٢٥١ ـ ٢٥٤ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ـ الجزء الأول من أوله حتى ص ١٨٦ ، والديباج المذهب لابن فرحون ٢ / ١٥٦ ـ ١٦١ ، وغاية النهاية ٢ / ٩٥ ـ ٩٧ رقم ٢٨٤٠ ، وطبقات النحاة لابن قاضي شبهة ١ / ٢١ ، وتهذيب التهذيب ٩ / ٢٥ ـ ٣١ رقم ٣٩ ، وتقريب التهذيب ٢ / ١٤٣ رقم ٣١ ، والنجوم الزاهرة ٢ / ١٧٦ ، ١٧٧ ، وطبقات الحفّاظ ١٥٢ ، وحسن المحاضرة ١ / ٣٠٣ ، ٣٠٤ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٣٢٦ ، وطبقات المفسّرين للداوديّ ٢ / ٩٨ ـ ١٠٠ رقم ٤٦١ ، ومفتاح السعادة ٢ / ٨٨ ـ ٩٤ ، وتاريخ الخميس للدياربكري ٢ / ٣٣٥ ، وشذرات الذهب ٢ / ٩ ـ ١١ ، والأنس الجليل ١ / ٢٩٤ ، ومختصر طبقات الحنابلة ٢٠ ، ٢١ ، وشرح إحياء علوم الدين ١ / ١٩١ ـ ٢٠١ ، والرسالة المستطرفة ١٧ ، والعقد الفريد ٢ / ٢٠٨ و ٣ / ٢٧ و ٤٢٨ و ٤٦٩ ، والتذكرة الحمدونية ١ / ٢٠٣ و ٢٠٤ و ٢٠٥ و ٣٥٤ ، و ٢ / ٣٤٠ ، وعين الأدب والسياسة ١٦٦ ، والمستطرف ١ / ٢٣٨ ، والشريشي ٤ / ٩٢ ، ومناقب الشافعيّ للبيهقي ، وتقييد العلم للخطيب ١٩ ، ومحاضرات الأدباء ٢ / ١٩ ، ونثر الدر ٤ / ٦٧ ، والفوائد العوالي المؤرّخة للتنوخي بتخريج الصوري (بتحقيقنا) ١٩ و ٣٠ ، وتبيين كذب المفتري لابن عساكر ٢٥١ ، ٢٥٢ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ١ / ١١ ـ ١٤.

٣٠٥

وحرملة بن يحيى ، وأبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزنيّ ، والحسين بن عليّ الكرابيسيّ ، والحسن بن محمد الزّعفرانيّ ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، والربيع بن سليمان المراديّ ، وموسى بن أبي الجارود المكّيّ ، ويونس بن عبد الأعلى ، وأحمد بن سنان القطّان ، وأبو الطّاهر أحمد بن عمرو بن السّرح ، وبحر بن نصر الخولانيّ ، وعبد العزيز المكّيّ صاحب «الحيدة» (١) ، وخلق سواهم.

وممّن روى عن الشّافعيّ : أحمد بن محمد الأزرقيّ شيخ البخاريّ ، وأحمد بن محمد بن سعيد الصّيرفيّ البغداديّ ، وأحمد بن سعيد الهمدانيّ ، وأحمد بن أبي سريح الرازيّ ، وأحمد بن خالد البغداديّ الخلّال ، وأحمد بن يحيى بن وزير المصريّ ، وأحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب ، وأحمد بن صالح ، وإبراهيم بن محمد الشافعيّ ، وإبراهيم بن المنذر ، وإسحاق بن راهويه ، وإسحاق بن بهلول ، وأحمد بن يحيى بن عبد الرحمن الشافعيّ المتكلّم ، والحسن بن عبد العزيز الحرويّ ، والحارث بن شريح البقّال ، وداود بن يحيى البلخيّ ، وسليمان بن داود المصريّ ، وسليمان بن داود الهاشميّ ، والأصمعيّ ، وعبد الغني بن عبد الغني المصريّ العسّال ، وعبد العزيز بن عمران بن مقلاص ، وعليّ بن سعيد الرّقيّ ، وعليّ بن سلمة الحنفيّ اللّبقيّ ، وأبو حنيفة قحزم بن عبد الله الأسوانيّ ، ومحمد بن يحيى العدنيّ ، ومحمد بن سعيد بن خالد العطّار ، ومسعود بن سهل المصريّ الأسود ، وهارون بن سعيد الأيليّ ، ويحيى بن عبد الله ، وغيرهم.

وهذا التاريخ يضيق عن ذكر شمائل الإمام الشافعيّ رحمه‌الله تعالى. وقد أفرد له غير واحد من العلماء ترجمة في مجلّد تامّ. ولكنّا نذكر إن شاء الله تعالى له ترجمة حسنة فنقول :

كان السّائب بن عبيد المطّلبيّ أحد من أسر يوم بدر من المشركين ، وكان

__________________

(١) كتاب مطبوع متداول لعبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز بن مسلم بن ميمون الكناني المكيّ.

٣٠٦

يشبّه بالنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأمّه هي الشّفاء بنت أرقم بن نضلة أخي عبد المطّلب ابني هاشم.

ويقال إنّه أسلم بعد أن فدى نفسه (١). ولابنه شافع رؤية.

وعثمان بن شافع معدود من التّابعين. وكانت أمّ الشّافعيّ أزديّة. فعن ابن عبد الحكم قال : لمّا حملت أمّ الشّافعيّ به رأت كأنّ المشتري خرج من فرجها حتّى انقضّ بمصر ، ثم وقع في كلّ بلد منه شظيّة. فتأوّل المعتبرون أنّه يخرج منها عالم يخصّ علمه أهل مصر ، ثم يتفرّق في سائر البلدان (٢).

وعن الشافعيّ قال : لم يكن لي مال ، فكنت أطلب العلم في الحداثة أذهب إلى الدّيوان استوهب الظّهور أكتب فيها (٣).

وقال عمرو بن سوّاد : قال لي الشافعيّ : كانت نهمتي في شيئين : في الرّمي وطلب العلم. فنلت من الرّمي حتى كنت أصيب عشرة من عشرة. وسكت عن العلم.

فقلت له : أنت والله في العلم أكبر منك في الرّمي (٤).

قال : وولدت بعقسلان فلمّا أتت عليّ سنتان حملتني أمّي إلى مكّة (٥).

هذه رواية صحيحة.

وقال : قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : ثنا أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب : سمعت الشّافعيّ يقول : ولدت باليمن فخافت أمّي عليّ الضّيعة وقالت : الحق أهلك فتكون مثلهم. فجهّزتني إلى مكة فقدمتها وأنا ابن عشر.

فصرت إلى قريب لي وجعلت أطلب العلم فيقول لي : لا تشتغل بهذا وأقبل

__________________

(١) تاريخ بغداد ٢ / ٥٨ ، مناقب الشافعيّ للبيهقي ١ / ٧٩ ، ٨٠ ، وانظر : أسد الغابة ٢ / ٣١٧ ، والإصابة ٢ / ١١.

(٢) تاريخ بغداد ٢ / ٥٨ ، ٥٩ ، مرآة الجنان لليافعي ٢ / ١٧.

(٣) حلية الأولياء ٩ / ٧٧ ، تاريخ بغداد ٢ / ٥٩ ، صفة الصفوة ٢ / ٢٤٨.

(٤) حلية الأولياء ٩ / ٧٧ ، تاريخ بغداد ٢ / ٥٩ ، ٦٠ ، مرآة الجنان ٢ / ٢٣.

(٥) تاريخ بغداد ٢ / ٥٩ ، صفة الصفوة ٢ / ٢٤٨.

٣٠٧

على ما ينفعك. فجعلت لذّتي في هذا العلم وطلبته حتّى رزق الله منه ما رزق (١).

كذا قال أنّه ولد باليمن ، وهذا غلط ، أو لعلّه أراد باليمن القبيلة.

وقال أحمد بن إبراهيم الطّائيّ الأوقع ، وهو مجهول : نا المزنيّ ، سمع الشّافعيّ يقول : حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين ، وحفظت «الموطّأ» وأنا ابن عشر سنين (٢).

وقال أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الصّمد بن أحمد المطّلبيّ الشّافعيّ المكّيّ ، شيخ لابن جميع : قال أبي معاوية الأيليّ قال : سمعت الشافعيّ يقول : أقمت في بطون العرب عشرين سنة آخذ أشعارها ولغاتها ، وحفظت القرآن ، فما علمت أنّه مرّ بي حرف إلّا وقد علمت المعنى فيه ، ما خلا حرفين ، إحداهما : دسّاها (٣).

وعن حرملة : سمعت الشّافعيّ يقول : أتيت مالكا وأنا ابن ثلاث عشرة سنة ، وكان ابن عمّ لي والي المدينة ، فكلّم لي مالكا فأتيته. فقال : اطلب من يقرأ لك. فقلت : أنا أقرأ (٤).

فقرأت عليه. فكان ربّما قال لي لشيء مرّ : أعده. فأعيده حفظا. وكأنّه أعجبه. ثم سألته عن مسألة فأجابني ، ثم أخرى فقال : أنت تحبّ أن تكون قاضيا (٥).

وقال ابن عبد الحكم : سمعت الشّافعيّ يقول : قرأت على إسماعيل بن قسطنطين.

وقال : قرأت على شبل. وقال : قرأت على عبد الله بن كثير ، وهو على

__________________

(١) تاريخ بغداد ٢ / ٥٩.

(٢) تاريخ بغداد ٢ / ٦٢ ، ٦٣ ، صفة الصفوة ٢ / ٢٥٠.

(٣) حلية الأولياء ٩ / ٧١٠٤ تاريخ بغداد ٢ / ٦٣.

(٤) حلية الأولياء ٩ / ٦٩ ، والانتقاء ٦٨ ، ٦٩ ، مرآة الجنان ٢ / ٢١.

(٥) مناقب الشافعيّ للبيهقي ١ / ١٠١ ، حلية الأولياء ٩ / ٦٩ ، الإنتقاء ٦٨ ، ٦٩.

٣٠٨

مجاهد ، [وأخبر] مجاهد أنّه قرأ على ابن عبّاس.

قال : وكان إسماعيل يقول القرآن اسم وليس بمهموز. ولم يؤخذ من «قرأت». ولو أخذ من «قرأت» كان كلّ ما قرئ قرآنا. ولكنّه اسم للقرآن مثل التّوراة والإنجيل (١).

وقال محمد بن إسماعيل ، أظنّه السّلميّ : حدّثني حسين الكرابيسيّ قال : بتّ مع الشّافعيّ غير ليلة ، وكان يصلّي نحو ثلث اللّيل ، فما رأيته يزيد على خمسين آية فإذا أكثر فمائة. وكان لا يمرّ بآية رحمة إلّا سأل الله ، ولا بأية عذاب إلّا تعوّذ منها (٢).

وقال إبراهيم بن محمد بن الحسن الأصبهانيّ : ثنا الربيع قال : كان الشّافعيّ يختم القرآن ستّين مرّة في رمضان (٣).

وكان من أحسن النّاس قراءة. فروى الزّبير ، عن عبد الواحد الأستراباذيّ ، قال : سمعت عبّاس بن الحسين : سمعت بحر بن نصر يقول : كنّا إذا أردنا أن نبكي قلنا بعضنا لبعض : قوموا بنا إلى هذا الفتى المطّلبيّ يقرأ القرآن. فإذا أتيناه استفتح القرآن حتّى يتساقط النّاس ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته. فإذا رأى ذلك أمسك عن القراءة (٤).

وقال أحمد بن عبد الرحمن بن الجارود ، وهو كذّاب : سمعت الربيع يقول : كان الشافعيّ يفتي وله خمس عشرة سنة (٥). وكان يحيى الليل إلى أن مات.

وقال محمد بن محمد الباغنديّ : حدّثني الربيع بن سليمان قال : ثنا الحميديّ قال : قال مسلم بن خالد الزّنجيّ وقد مرّ على الشّافعيّ فقال : يا

__________________

(١) مناقب الشافعيّ للبيهقي ١ / ٢٧٦ ، ٢٧٧ ، تاريخ بغداد ٢ / ٦٢.

(٢) تاريخ بغداد ٢ / ٦٣.

(٣) تاريخ بغداد ٢ / ٦٣.

(٤) تاريخ بغداد ٢ / ٦٤.

(٥) تاريخ بغداد ٢ / ٦٤.

٣٠٩

أبا عبد الله أفت فقد آن لك أن تفتي (١).

قال أبو بكر الخطيب (٢) : هكذا ذكر في هذه الحكاية.

وليس ذلك بمستقيم ، لأنّ الحميديّ كان يصغر إذ ذاك عن الشّافعيّ وله تلك السّنّ. والصّواب : ثنا عليّ بن المحسّن ، ثنا محمد بن إسحاق الصّفّار ، ثنا عبد الله بن محمد القزوينيّ : سمعت الربيع بن سليمان : سمعت الحميديّ يقول : قال مسلم بن خالد الزّنجيّ للشافعيّ : أفت ، فقد آن لك أن تفتي. وهو ابن دون عشرين سنة (٣).

ورواها أبو نعيم الأستراباذيّ ، عن الربيع ، عن الحميديّ قال : قال مسلم الزّنجيّ.

وقال أبو نعيم الحافظ : ثنا عليّ ، أنا أبو النّضر : سمعت محمد بن العبّاس : سمعت إبراهيم بن مراد قال : كان الشافعيّ طويلا نبيلا جسيما.

وقال الزّعفرانيّ : كان الشافعيّ يخضب بالحنّاء ، خفيف العارضين.

وقال المزنيّ : ما رأيت أحسن وجها من الشّافعيّ ، وكان ربّما قبض على لحيته ، فلا تفضل عن قبضته.

قال الربيع المؤذّن : سمعت الشافعيّ يقول : كنت ألزم الرمي حتى كان الطبيب يقول لي : أخاف أن يصيبك السّلّ من كثرة وقوفك في الحرّ ، وكنت أصيب من العشرة تسعة (٤).

وروى عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب «مناقب الشّافعيّ» له بإسنادين ، أنّ الشّافعيّ قال : كنت أكتب في الأكناف والعظام (٥).

وقال الحميديّ : سمعت الشّافعيّ يقول : كنت يتيما في حجر أمّي ولم يكن لها ما تعطي المعلّم ، وكان المعلّم قد رضي منّي أن أقوم على الصّبيان إذا

__________________

(١) الجرح والتعديل ٧ / ٢٠٢ ، والثقات لابن حبّان ٩ / ٣١ ، وحلية الأولياء ٩ / ٩٣ ، صفة الصفوة ٢ / ٢٥٠ ، وفيات الأعيان ٤ / ١٦٤ ، ومرآة الجنان ٢ / ٢٢.

(٢) تاريخ بغداد ٢ / ٦٤.

(٣) تاريخ بغداد ٢ / ٦٤ ، حلية الأولياء ٩ / ٩٣ ، صفة الصفوة ٢ / ٢٥٠.

(٤) مناقب الشافعيّ للبيهقي ٢ / ١٢٨ ، تاريخ بغداد ٢ / ٦٠.

(٥) تقدّم نحوه قبل قليل.

٣١٠

غاب ، وأخفّف عنه (١).

وقال الربيع : سمعت الشّافعيّ يقول : قدمت على مالك وقد حفظت «الموطّأ» ظاهرا.

فقلت : أريد سماعه. فقال : أطلب من يقرأ لك.

فقلت : لا عليك أن تسمع قراءتي ، فإن سهل عليك قرأت لنفسي.

فقال : اطلب من يقرأ لك ، وكرّرت عليه ، فلمّا سمع قراءتي قرأت لنفسي (٢).

وقال جعفر ابن أخي أبي ثور : سمعت عمّي يقول : كتب عبد الرحمن بن مهديّ إلى الشّافعي ، وهو شابّ ، أن يضع له كتابا فيه معاني القرآن ، ويجمع الأخبار فيه ، وحجّة الإجماع ، وبيان النّاسخ والمنسوخ من القرآن والسّنّة ، فوضع له «كتاب الرسالة» (٣).

قال عبد الرحمن بن مهديّ : ما أصلّي صلاة إلّا وأنا أدعو للشافعيّ فيها (٤).

قلت : وكان عبد الرحمن من كبار العلماء. قال فيه أحمد بن حنبل : عبد الرحمن بن مهديّ إمام.

وروى أبو العبّاس بن سريج ، عن أبي بكر بن الجنيد قال : حجّ بشر المريسي فرجع. فقال لأصحابه : رأيت شابّا من قريش بمكّة ما أخاف على مذهبنا إلّا منه ، يعني الشّافعيّ (٥).

__________________

(١) حلية الأولياء ٩ / ٧٣ ، مناقب الشافعيّ للبيهقي ١ / ٩٢ ، مناقب الشافعيّ للرازي ٩ ، توالي التأسيس ٥٠.

(٢) انظر : مناقب الشافعيّ للبيهقي ١ / ١٠١ ، وحلية الأولياء ٩ / ٧٦٩ والمناقب للرازي ٩ ، ١٠ ، والانتقاء ٦٨ ، ٦٩ ، وتوالي التأسيس ٥١.

(٣) تاريخ بغداد ٢ / ٦٤ ، ٦٥ ، مرآة الجنان لليافعي ٢ / ١٧ ، ١٨.

(٤) تاريخ بغداد ٢ / ٦٥ ، وقال الحسن بن محمد بن الصباح : أخبرت عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال : إني لأدعو الله عزوجل للشافعي في كل صلاة أو في كل يوم ، يعني لما فتح الله عزوجل عليه من العلم ووفّقه للسداد فيه. (الجرح والتعديل ٧ / ٢٠٢).

(٥) تاريخ بغداد ٢ / ٦٥.

٣١١

وقال الزّعفرانيّ : حجّ المريسي ، فلمّا قدم قال : رأيت بالحجاز رجلا ما رأيت مثله سائلا ولا مجيبا ، يعني الشّافعيّ (١).

قال : فقدم علينا ، فاجتمع إليه النّاس وخفّوا عن بشر ، فجئت إلى بشر.

فقلت : هذا الشافعيّ الّذي كنت تزعم قد قدم. فقال : إنّه قد تغيّر عمّا كان عليه.

قال : فما كان مثله إلّا مثل اليهود في أمر عبد الله بن سلّام (٢).

وقال الميمونيّ : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ستّة أدعو لهم سحرا ، أحدهم الشّافعيّ (٣).

وقال هارون الزّنجانيّ : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : قلت لأبي : يا أبه ، أيّ رجل كان الشّافعيّ؟ فإنّي سمعتك تكثر من الدّعاء له؟

فقال : يا بنيّ ، كان الشافعيّ كالشمس للدنيا ، وكالعافية للنّاس ، فهل لهذين من خلف ، أو منهما عوض (٤)؟ الزّنجانيّ مجهول.

وقال أبو داود : ما رأيت أحمد يميل إلى أحمد ميله إلى الشّافعيّ (٥).

وقال أبو عبيد : ما رأيت رجلا أعقل من الشافعيّ (٦).

وقال أبو قتيبة : الشّافعيّ إمام (٧).

وقال أبو عليّ الصّوّاف : حدّثني أحمد بن الحسن الحمّانيّ : سمعت أبا عبيد يقول : رأيت الشّافعيّ عند محمد بن الحسن ، وقد دفع إليه خمسين دينارا ، وكان قد دفع إليه قبل ذلك خمسين درهما وقال : إن اشتهيت العلم فالزم.

قال أبو عبيد : فسمعت الشّافعيّ يقول : كتبت عن محمد بن الحسن وقر

__________________

(١) تاريخ بغداد ٢ / ٦٥.

(٢) تاريخ بغداد ٢ / ٦٥.

(٣) تاريخ بغداد ٢ / ٦٦ ، صفة الصفوة ٢ / ٢٥٠.

(٤) تاريخ بغداد ٢ / ٦٦ ، صفة الصفوة ٢ / ٢٥٠ ، وفيات الأعيان ٤ / ١٦٣ ، ١٦٤.

(٥) تاريخ بغداد ٢ / ٦٦.

(٦) حلية الأولياء ٩ / ٩٤ ، تاريخ بغداد ٢ / ٦٧.

(٧) تاريخ بغداد ٢ / ٦٧.

٣١٢

بعير ، ولمّا أعطاه محمد قال : لا تحتشم. قال : لو كنت عندي ممّن أحتشمك ما قبلت برّك. تفرّد بها الحمّانيّ ، وهو مجهول.

لكنّ قول الشّافعيّ : حملت عن محمد بن الحسن وقر بختيّ صحيح ، رواه ابن أبي حاتم قال : ثنا الربيع قال : سمعت الشّافعيّ يقول : حملت عن محمد بن الحسن حمل بختيّ ، ليس عليه إلّا سماعي (١).

وقال أبو حاتم : ثنا أحمد بن أبي سريج الرازيّ : سمعت الشّافعيّ يقول : أنفقت على كتب محمد بن الحسن ستّين دينارا ، ثمّ تدبّرتها ، فوضعت إلى جنب كلّ مسألة حديثا (٢).

قلت : وكان الشّافعيّ مع فرط ذكائه يستعمل ما يزيده حفظا وذكاء.

قال هارون بن سعيد الأيليّ : قال لنا الشّافعيّ أخذت الكتّان سنة للحفظ ، فأعقبي رمي الدّم سنة (٣).

وقال يونس بن عبد الأعلى : لو جمعت أمّة ما وسعهم عقل الشّافعيّ (٤).

وعن يحيى بن أكثم قال : كنّا عند محمد بن الحسن في المناظرة ، وكان الشافعيّ رجلا قرشيّ العقل والفهم والذّهن ، صافي العقل والفهم والدّماغ ، سريع الإصابة. ولو كان أكثر سماعا للحديث لاستغنى أمّة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم به عن غيره من الفقهاء.

رواها أبو جعفر التّرمذيّ : حدّثني أبو الفضل الواشجرديّ (٥) : سمعت أبا عبد الله الصّاغانيّ ، عن يحيى ، فذكرها.

__________________

(١) حلية الأولياء ٩ / ٧٨ ، تاريخ بغداد ٢ / ١٧٦ ، الانتقاء ٦٩ ، توالي التأسيس ٥٤.

(٢) حلية الأولياء ٩ / ٧٨.

(٣) آداب الشافعيّ ٣٥ ، حلية الأولياء ٩ / ١٣٦.

(٤) مناقب الشافعيّ للبيهقي ٢ / ١٨٥ ، ١٨٦ ، توالي التأسيس ٥٨ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٥٣.

(٥) الواشجردي : نسبة إلى واشجرد ، بفتح الواو وسكون الشين وكسر الجيم وسكون الراء ، من قرى وراء نهر جيحون.

٣١٣

وعن المأمون قال : قد امتحنت محمد بن إدريس في كلّ شيء فوجدته كاملا (١).

وقال أبو يحيى المكّيّ الزّاهد : حدّثنا أحمد بن محمد ابن بنت الشافعيّ :

سمعت أبي وعمّي يقولان : كان ابن عيينة إذا جاءه شيء من التّفسير والفتيا التفت إلى الشافعيّ فيقول : سلوا هذا (٢).

وقال أبو سعيد بن الأعرابيّ ، عن تميم بن عبد الله : سمعت سويد بن سعيد يقول : كنّا عند سفيان ، فجاء الشّافعيّ ، فروى سفيان حديثا رقيقا ، فغشي على الشافعيّ ، فقيل : يا أبا محمد مات محمد بن إدريس.

فقال : إن كان مات فقد مات أفضل أهل زمانه (٣).

وقال الدّار الدّارقطنيّ في ذكر من روى عن الشّافعيّ : ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن سهل النّابلسيّ الشهيد ، ثنا أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي : سمعت تميم بن عبد الله الرازيّ : سمعت أبا زرعة : سمعت قتيبة يقول : مات الثّوريّ ومات الورع ، ومات الشّافعيّ فماتت السّنن ، فيموت أحمد بن حنبل وتظهر البدع (٤).

وقال الحارث بن سريج البقّال : سمعت يحيى القطّان يقول : أنا أدعو الله للشافعيّ أخصّه به (٥).

وقال أبو بكر بن خلّاد : وأنا أدعو الله في دبر صلاتي للشافعيّ.

وقال .... بن عليّ الظّاهريّ : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : لقيني أحمد بن حنبل بمكّة فقال : تعال حتى أريك رجلا لم تر عيناك مثله. قال :

__________________

(١) توالي التأسيس ٥٦.

(٢) مناقب الشافعيّ للبيهقي ٢ / ٢٤٠ ، حلية الأولياء ٩ / ٩٢ ، طبقات الفقهاء للشيرازي ٧٢ ، وفيات الأعيان ٤ / ١٦٤ ، مرآة الجنان ٢ / ٢٢.

(٣) حلية الأولياء ٩ / ٩٥ ، مناقب الشافعيّ للرازي ١٧ ، ١٨.

(٤) مناقب الشافعيّ للبيهقي ٢ / ٢٥٠ ، حلية الأولياء ٩ / ٩٥.

(٥) مناقب الشافعيّ للبيهقي ٢ / ٢٤٣ ، وانظر حلية الأولياء ٩ / ٩٣ ، وفيه قال يحيى بن سعيد القطان : أنا أدعو الله في صلاتي للشافعي منذ أربع سنين. وانظر : الجرح والتعديل ٧ / ٢٠٢.

٣١٤

فأقامني على الشّافعيّ (١).

وقال أبو ثور : ما رأيت مثل الشّافعيّ ، ولا رأى هو مثل نفسه (٢).

وقال أيّوب بن سويد صاحب الأوزاعيّ : ما ظننت أنّي أعيش حتّى أرى مثل الشّافعيّ (٣).

وقال أحمد بن حنبل ، وله طرق عنه : «إنّ الله يقيّض للنّاس في رأس كلّ مائة سنة من يعلّمهم السّنن وينفي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الكذب. فنظرنا ، فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز ، وفي رأس المائتين الشّافعيّ (٤).

وقال حرملة : سمعت الشّافعيّ يقول : سمّيت ببغداد : «ناصر الحديث» (٥).

وقال الفضل بن زياد : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما أحد مسّ محبرة ولا قلما إلّا وللشافعيّ في عنقه منّة (٦).

وقال أحمد : كان الشّافعيّ من أفصح النّاس (٧).

وقال إبراهيم الحربيّ : سألت أحمد عن الشّافعيّ فقال : حديث صحيح ، ورأي صحيح (٨).

وقال الزّعفرانيّ : ما قرأت على الشّافعيّ حرفا من هذه الكتب إلّا وأحمد حاضر (٩).

وقال إسحاق بن راهويه : ما تكلّم أحد بالرأي ـ وذكر الأوزاعيّ ، والثّوريّ ،

__________________

(١) حلية الأولياء ٩ / ٩٧ ، مرآة الجنان لليافعي ٢ / ١٧.

(٢) تاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) ١٤ / ٤١١ ب.

(٣) الجرح والتعديل ٧ / ٢٠٢ ، مناقب الشّافعي للبيهقي ٢ / ٢٤٦ ، حلية الأولياء ٩ / ٩٤ ، توالي التأسيس ٥٥.

(٤) تاريخ بغداد ٢ / ٦٢ ، حلية الأولياء ٩ / ٩٧ ، ٩٨ ، صفة الصفوة ٢ / ٢٥٠ ، توالي التأسيس ٤٨ ، طبقات الشّافعية الكبرى للسبكي ١ / ١٠٤ ، مرآة الجنان ٢ / ١٨.

(٥) حلية الأولياء ٩ / ١٠٧ ، تاريخ بغداد ٢ / ٦٨ ، تاريخ دمشق ١٤ / ٤١٤ أ.

(٦) تاريخ دمشق ١٤ / ٤١٥ أ ، توالي التأسيس ٥٧.

(٧) تاريخ دمشق ١٤ / ٤١٥ أ ، توالي التأسيس ٦٠.

(٨) تاريخ دمشق ١٤ / ٤١٥ ب.

(٩) تاريخ بغداد ٢ / ٦٨ ، تاريخ دمشق ١٤ / ٤١٦ أ.

٣١٥

وأبا حنيفة ، ومالكا ـ إلّا والشّافعيّ أكثر اتّباعا وأقل خطأ منه.

الشّافعيّ إمام (١).

وقال ابن معين : ليس به بأس (٢).

وعن أبي زرعة قال : ما عند الشّافعيّ حديث فيه غلط (٣).

وقال أبو داود ، ما أعلم للشافعيّ حديثا خطأ (٤).

وقال أبو حاتم (٥) : صدوق.

وقال الربيع بن سليمان : لو رأيتم الشّافعيّ لقلتم إنّ هذه ليست كتبه.

كان ، والله ، لسانه أكبر من كتبه (٦).

وعن يونس بن عبد الأعلى قال : ما كان الشّافعيّ إلّا ساحرا ، ما كنّا ندري ما يقول إذا قعدنا حوله ، وكأنّ ألفاظه سكّر (٧).

وعن عبد الملك بن هشام النّحويّ قال : طالت مجالستنا للشافعيّ ، فما سمعت منه لحنة قط (٨).

وكان ممّن تؤخذ عنه اللّغة.

وقال أحمد بن أبي سريج الرازيّ : ما رأيت أحدا أفوه ولا أنطق من الشّافعيّ (٩).

وقال الأصمعيّ : أخذت شعر هذيل عن الشّافعيّ (١٠).

وقال الزّبير : أخذت شعر هذيل ووقائعها عن عمّي مصعب الزّبيريّ.

__________________

(١) آداب الشّافعيّ ٨٩ ، ٩٠ ، حلية الأولياء ٩ / ١٠٢ ، تاريخ بغداد ٢ / ٦٥ ، مناقب الشّافعيّ للرازي ٢١ ، تاريخ دمشق ١٤ / ٤١٦ ب ، توالي التأسيس ٥٧.

(٢) حلية الأولياء ٩ / ٩٧.

(٣) تاريخ دمشق ١٥ / ٢ أ.

(٤) تاريخ دمشق ١٥ / ٢ أ.

(٥) لم يذكر ابنه هذا القول في الجرح والتعديل.

(٦) مناقب الشّافعيّ للبيهقي ٢ / ٤٩ ، ٥٠ و ٢٧٤ ، تاريخ دمشق ١٥ / ٥ أ.

(٧) مناقب الشّافعيّ للبيهقي ٢ / ٥٠ ، تاريخ دمشق ١٥ / ٥ أ ، توالي التأسيس ٦٠.

(٨) حلية الأولياء ٩ / ١٢٨ ، تاريخ دمشق ١٥ / ٥ أ ، توالي التأسيس ٦٠.

(٩) آداب الشّافعيّ ١٣٧ ، توالي التأسيس ٥٨.

(١٠) مناقب الشّافعيّ للبيهقي ٢ / ٤٤ ، مناقب الشّافعيّ للفخر الرازيّ ٨٧.

٣١٦

وقال : أخذتها عن الشّافعيّ حفظا (١).

وقال موسى بن سهل : ثنا أحمد بن صالح قال : قال لي الشّافعيّ : تعبّد من قبل أن ترأس. فإنّك إن ترأست لم تقدر أن تتعبّد (٢).

قال أحمد : وكان الشّافعيّ إذا تكلّم كان صوته صوت صنج أو جرس من حسن صوته (٣).

وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم : ما رأيت الشّافعيّ يناظر أحدا إلّا ورحمته (٤).

وقال : لو رأيت الشّافعيّ يناظر لظننت أنّه سبع يأكلك ، وهو الّذي علّم النّاس الحجج (٥).

وقال الربيع بن سليمان : سئل الشّافعيّ في مسألة ، فأعجب بنفسه ، فأنشأ يقول :

إذا المشكلات تصدّتني

كشفت دقائقها (٦) بالنّظر

ولست بإمعة في الرّجال

أسائل هذا وذا ما الخبر

ولكنّي مدرة الأصغرين

فتّاح خير وفرّاج شرّ (٧)

وعن هارون بن سعيد الأيليّ قال : لو أنّ الشّافعيّ ناظر على أنّ هذا العمود الحجر خشب لغلب ، لاقتداره على المناظرة (٨).

وقال الزّعفرانيّ : قدم علينا الشّافعيّ بغداد سنة خمس وتسعين ، فأقام عندنا سنتين ، ثمّ خرج إلى مكّة. ثم قدم علينا سنة ثمان وتسعين ، فأقام عندنا

__________________

(١) مناقب الشّافعيّ للبيهقي ٢ / ٤٥ ، تاريخ دمشق ١٤ / ٤١١ أو ١٥ / ٦ أ.

(٢) مناقب الشّافعيّ للبيهقي ٢ / ٥١ ، تاريخ دمشق ١٥ / ٦ أ ، توالي التأسيس ٦٠.

(٣) المصادر نفسها.

(٤) تاريخ دمشق ١٥ / ٦ ب.

(٥) تاريخ دمشق ١٥ / ٦ ب.

(٦) وفي رواية «حقائقها».

(٧) الأبيات في : تاريخ دمشق ١٥ / ٦ ب ، وطبقات الشّافعية الكبرى للسبكي ١ / ٣٠٠ ، وتوالي التأسيس ٧٤.

(٨) حلية الأولياء ٩ / ١٠٣ و ١١٥ ، تاريخ بغداد ٢ / ٦٧ ، تاريخ دمشق ١٥ / ٦ ب.

٣١٧

أشهرا ، ثم خرج (١). يعني إلى مصر.

قلت : وقد قدم قبل ذلك بغداد قدمته الأولى الّتي لقي فيها محمد بن الحسن.

وقال الربيع : سمعت الشّافعيّ يقول في حكاية ذكرها :

لقد أصبحت نفسي تتوق إلى مصر

ومن دونها أرض المهامة والقفر

فو الله ما أدري أللفوز (٢) والغنى

أساق إليها ، أم أساق إلى قبري (٣)

فسيق ، والله ، إليهما جميعا.

وقال ابن خزيمة ، ويوسف بن عبد الأحد الرّعينيّ ، ومحمد بن أحمد زغبة ، وأبو القاسم بن بشّار : سمعنا الربيع يقول : سمعت الشّافعيّ يقول : القرآن كلام الله غير مخلوق (٤). رواه ابن خزيمة.

الدّار الدّارقطنيّ : ثنا الحسن بن رشيق ، نا فقير بن موسى بن فقير الأسوانيّ ، نا أبو حنيفة قحزم بن عبد الله الأسوانيّ ، ثنا الشّافعيّ ، نا أبو حنيفة بن سماك بن الفضل الخولانيّ الشّهليّ ، ثنا ابن أبي ذئب ، عن المقبريّ ، عن أبي شريح الكعبيّ ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال يوم الفتح : «من قتل له قتيل فهو بخير النّظرين : إن أحبّ العقل أخذ ، وإن أحبّ فله القود» (٥).

وقال عليّ بن محمد بن أبان القاضي : ثنا أبو يحيى السّاجيّ ، ثنا المزنيّ ، قال : لما وافى الشّافعيّ مصر ، قلت في نفسي : إن كان أحد يخرج ما في

__________________

(١) تاريخ بغداد ٢ / ٦٨.

(٢) وفي رواية «أللمال».

(٣) البيتان في مناقب الشّافعيّ للبيهقي ٢ / ١٠٨ ، والانتقاء لابن عبد البر ١٠٢ ، وتاريخ بغداد ٢ / ٧٠ ، ومناقب الشّافعيّ للفخر الرازيّ ١١٨ ، ١١٩ ، ومعجم الأدباء لياقوت ١٧ / ٣١٩ ، ٣٢٠.

(٤) تاريخ دمشق ١٤ / ٤٠٦ أ.

(٥) رواه الشّافعيّ في : الرسالة ٤٥٠ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٥ / ٥٢ ، والفسوي في المعرفة والتاريخ ١ / ٣٩ ، ٤٠ ، وأخرجه أحمد في المسند ٤ / ٣٢ ، وأبو داود (٤٥٠٤) ، والترمذي (١٤٠٦) ، والدار الدّارقطنيّ في السنن ٣ / ٩٥ ، ٩٦ ، وانظر : سير أعلام النبلاء ١٠ / ٥١ ، ٥٢ بالحاشية.

٣١٨

ضميري وما تعلّق به خاطري من أمر التّوحيد فهو. فصرت إليه وهو في مسجد مصر ، فلما جثوت بين يديه قلت : إنّه هجس في ضميري مسألة في التّوحيد ، فعلمت أنّ أحدا لا يعلم علمك ، فما الّذي عندك؟ فغضب ثم قال : أتدري أين أنت؟ قلت : نعم.

قال : هذا الموضع الّذي غرق فيه فرعون. أبلغك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر بالسؤال عن ذلك؟ فقلت : لا.

فقال : هل تكلّم فيه الصّحابة؟ قلت : لا.

قال : تدري كم نجوم السماء؟ قلت : لا.

قال : فكوكب منها تعرف جنسه ، طلوعه ، أفوله ، ممّ خلق؟

قلت : لا.

قال : فشيء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه ، تتكلّم في خالقه.

ثم سألني عن مسألة في الوضوء ، فأخطأت فيها ، ففرّعها على أربعة ، أوجه ، فلم أجب في شيء منها.

فقال : شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرّات ، تدع علمه ، وتتكلّف علم الخالق ، إذا هجس في ضميرك ذلك ، فارجع إلى الله تعالى ، وإلى قوله : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) (١) الآية ، والآية بعدها (٢). فاستدلّ بالمخلوق على الخالق ، ولا تتكلّف علم ما لا يبلغه عقلك.

قال : فتبت.

مدارها على أبي عليّ بن حمكان ، وهو ضعيف.

وقال ابن أبي حاتم : في كتابي عن الربيع بن سليمان قال : حضرت الشّافعيّ ، أو حدّثني أبو شعيب ، إلّا أنّي أعلم أنّه حضر عبد الله بن عبد الحكم ، ويوسف بن عمرو ، وحفص الفرد ، وكان الشّافعيّ يسمّيه المنفرد. فسأل حفص عبد الله :

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ١٦٣ وتتمّتها : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ).

(٢) هي : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

٣١٩

ما تقول في القرآن؟ فأبى أن يجيبه. فسأل يوسف فلم يجبه ، وكلاهما أشار إلى الشّافعيّ. فسأل الشّافعيّ ، فاحتجّ عليه ، وطالت المناظرة ، فقام الشّافعيّ بالحجّة عليه بأنّ القرآن كلام الله غير مخلوق ، وبكفر حفص.

قال الربيع : فلقيت حفصا في المسجد ، فقال : أراد الشّافعيّ قتلي (١)!

وقال الربيع : سمعت الشّافعيّ يقول : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص (٢).

وقال الربيع : قال الشّافعيّ : تجاوز الله عمّا في القلوب ، وكتب على النّاس الأفعال والأقاويل (٣).

وقال المزنيّ : قال الشّافعيّ : يقال لمن ترك الصّلاة : لا يعملها. فإن صلّيت وإلّا استتبناك ، فإن تبت وإلّا قتلناك ، كما تكفر ، فنقول : إن آمنت وإلّا قتلناك.

وعن الربيع : قال الشّافعيّ : ما أوردت الحجّة ، والحقّ على أحد فقبله إلّا هبته واعتقدت مودّته ، ولا كابرني على الحقّ أحد ودافع إلّا سقط من عيني (٤).

وقال ابن عبد الحكم ، وغيره : قال الشّافعيّ : ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ (٥).

وقال أحمد بن حنبل : كان الشّافعيّ إذا ثبت عنده الحديث قلّده وخبر خصائله. لم يكن يشتهي الكلام ، إنّما همّته الفقه.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل (٦) ، سمعت أبي يقول : قال الشّافعيّ أنتم

__________________

(١) آداب الشّافعيّ ١٩٤ ، ١٩٥ ، مناقب الشّافعيّ للبيهقي ١ / ٤٥٥ ، الأسماء والصفات له ١ / ٣٨٩ ، وانظر : حلية الأولياء ٩ / ١١٢ ، وتوالي التأسيس ٥٦.

(٢) آداب الشّافعيّ ١٩٢ ، الإنتقاء ٨١ ، تاريخ دمشق ١٤ / ٤٠٥ أ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٦٦ ، توالي التأسيس ٦٤.

(٣) انظر : جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي ٣٣٤ ، ٣٣٥.

(٤) حلية الأولياء ٩ / ١١٧ ، تاريخ دمشق ١٥ / ٨ ب ، توالي التأسيس ٧٣ ، صفة الصفوة ٢ / ٢٥١.

(٥) صفة الصفوة ٢ / ٢٥١.

(٦) في العلل ومعرفة الرجال ١ / رقم ١٠٥٥.

٣٢٠