جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي
المحقق: صفاء الدين البصري
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ١٧٥
عبد الله السّيوريّ عن الشّهيد (١).
٣ ـ ولده : الشّيخ عبد الله ، الّذي يكنّى به.
٤ ـ الشّيخ زين الدّين عليّ بن الحسن بن علالة. أجازه في ثاني جمادى الآخرة سنة ٨٢٢ ق.
٥ ـ الشّيخ حسين بن علاء الدّين مظفّر بن فخر الدّين بن نصر الله القمّيّ.
٦ ـ الشّيخ قاسم الدّين.
٧ ـ الشّيخ شمس الدّين محمّد بن شجاع القطّان الأنصاريّ الحلّيّ ، صاحب كتاب : «معالم الدّين في فقه آل ياسين» المعروف بابن القطّان.
٨ ـ الشّيخ رضيّ الدّين بن عبد الملك الواعظ القمّيّ.
٩ ـ الشّيخ جمال الدّين أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن فهد الأسديّ الحلّيّ.
١٠ ـ الشّيخ سيف الدّين الشّفرابي. كما يلوح من بعض الإجازات.
١١ ـ الشّيخ شرف الدّين مكّي. ذكره في «الرّوضات».
أقوال العلماء فيه :
أطراه وأثنى عليه جمع غفير من أجلّاء علمائنا ، وأشادوا بفضله العميم ، في كتبهم الرّجاليّة وغيرها ... فقد قال الشّيخ الحرّ العامليّ في «أمل الآمل» ٢ : ٣٢٥ : كان عالما ، فاضلا ، متكلّما ، محقّقا ، مدقّقا.
وقال الشّيخ البحرانيّ في «لؤلؤة البحرين» : ١٢٧ : كان عالما ، فاضلا ، متكلّما.
وقال العلامة المجلسي في «البحار» ١ : ٤١ عند توثيق المصادر : وكذا الشّيخ الأجل المقداد بن عبد الله ، من أجلّة الفقهاء ، وتصانيفه في نهاية الاعتبار والاشتهار.
__________________
(١) المستدرك ٣ : ٤٣٥.
وقال العلّامة المامقانيّ في «التّنقيح» ٣ : ٢٤٥ : كان عالما جليلا ، وفاضلا نبيلا ، محقّقا مدققا ، متكلّما وفقيها.
وقال السّيّد شفيع الجابلقيّ في كتابه «الرّوضة البهيّة في الطّرق الشّفيعيّة» : الشّيخ العالم مقداد ، كان عالما ، فاضلا متكلّما ، محقّقا ، من الفقهاء الذين يعتمد على فتاواهم ... والرّجل من أعيان العلماء ، نقيّ الكلام ، حسن البيان ـ كما يظهر بالتّأمّل في كلماته ـ وهو يروي عن الشّيخ الشّهيد ـ رضوان الله عليهم جميعا.
وقال الشّيخ عبّاس القمّيّ في «الكنى والألقاب» ٣ : ٧ : كان عالما ، فاضلا ، فقيها ، محقّقا ، مدقّقا.
كما ذكره الاستاذ الدّجيليّ في كتابه «أعلام العرب» ٣ : ٦٣ فقال الفاضل السّيوريّ ... ٨٢٦ ق ، شرف الدّين أبو عبد الله المقداد ... الحلّيّ الأسديّ النّجفيّ ، العالم ، المتكلّم ، المعروف بالفاضل السّيوريّ ، من تلامذة الشّهيد الأوّل ، ومن أساتذة الشّيخ حسن بن راشد الحلّيّ صاحب المؤلّفات المعروفة ... كان الفاضل السّيوريّ من أعيان المتكلّمين ، وأعلام المحقّقين ، وله مشاركة قويّة في جملة من علوم التّفسير والكلام والفقه والحديث وغيرها.
وقال خير الدّين الزّركليّ في كتابه «الأعلام» ٨ : ٢٠٦ : مقداد بن عبد الله ... فقيه إماميّ ، من تلامذة الشّهيد الأوّل محمّد بن مكّي ، وفاته بالنّجف.
وقال عمر رضا كحّالة في كتابه «معجم المؤلّفين» : المقداد بن عبد الله ... فقيه ، أصوليّ ، متكلّم ، مفسّر ، أخذ عن الشّهيد الأوّل محمّد بن مكّي وتوفّي بالنجف.
وله ـ إضافة إلى ذلك ـ ذكر حسن في كتب رجاليّة اخرى ، أعرضنا عن ذكر المزيد منها خوف الإطالة ، وروما للاختصار.
آثاره العلميّة :
أمّا آثاره العلميّة وتصانيفه في مختلف العلوم والفنون الإسلاميّة فهي كما
يلي :
١ ـ آداب الحج.
٢ ـ الأدعية الثّلاثون ... وهي ثلاثون دعاء عن النّبي والأئمّة المعصومين ـ عليهمالسلام ـ مرتّبا إلى آخرهم.
٣ ـ الأربعون حديثا. ألّفه لولده عبد الله.
٤ ـ إرشاد الطّالبين إلى نهج المسترشدين. شرح فيه كتاب العلّامة الحلّيّ «نهج المسترشدين».
٥ ـ الأسئلة المقداديّة.
٦ ـ الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد (١). في الاصول والفروع ـ الّذي بين يديك.
٧ ـ الأنوار الجلاليّة في شرح الفصول النّصيرية. للخواجه نصير الدين الطّوسيّ ـ بالفارسية ـ ثمّ عرّبه ركن الدّين محمّد بن عليّ الجرجانيّ الحلّيّ تلميذ العلّامة الحلّيّ ، وشرح الفاضل ـ رحمهالله ـ تعريبه ، وصدّره باسم الملك جلال الدّين عليّ بن شرف الدّين المرتضى العلويّ الحسينيّ الآوي ، وسمّاه باسمه.
٨ ـ تجويد البراعة في شرح تجريد البلاغة ، في علمي المعاني والبيان للشّيخ كمال الدّين ميثم بن عليّ بن ميثم البحرانيّ.
٩ ـ التّنقيح الرّائع لمختصر الشّرائع. وهو من أجلّ كتبه الفقهيّة ، قال عنه صاحب «الرّوضات» وأمّا كتابه التّنقيح ، الّذي هو في الحقيقة معلمه الوضيع ، فهو أمتن كتاب في الفقه الاستدلاليّ ، وأرزن خطاب ينتفع به الدّاني والعالي ، وفيه من الفوائد الخارجة شيء كثير ، ومن الزّوائد النّافجة نبذ غفير ، منها ما نقل فيه عن
__________________
(١) الّذي يظهر منه أنّ الفاضل ـ رحمهالله ـ شرحه في أيّام حياة استاذه فخر المحقّقين ، قال ـ قدسسره ـ عند الكلام عن الصّلاة ص ١١٤ ما نصّه : الثّامن التّسليم ، فقيل : إنّه واجب. وهو قول السّيّد المرتضى ـ رحمهالله ـ وجماعة من الأصحاب. وقيل : إنّه مندوب. وهو قول الشّيخ أبي جعفر الطّوسيّ ـ رحمهالله ـ واختاره المصنّف ـ رحمهالله ـ في أكثر كتبه ، ثمّ رجع عن القول بالنّدب وأفتى بالوجوب على ما نقله عن شيخه العلامة ولده مولانا فخر الدّين ـ أدام الله أيّامه.
ابن الجوزي أنّه قال في وجه تسمية أيّام البيض من أقسام الآونة في الشّهور : سمّيت بذلك لبياض لياليها ، والعامّة تقول الأيّام البيض ، حتّى أنّ بعض الفقهاء جرى في كتبه على طريق العامّة في ذلك ، وهو خطأ ، فإنّ الأيّام كلّها بيض ، لكنّ العرب تسمّي كلّ ثلاث ليال من الشّهر باسم ، وسيأتي تفصيلها في النّكاح.
ثمّ ذكر في كتاب النّكاح : أنّ العرب تسمّي كلّ ثلاث ليال من الشّهر باسم ، فلها حينئذ عشرة أسماء : غرر ، ثمّ نفل ، ثمّ تسع ، ثمّ عشر ، ثمّ بيض ، ثمّ درع ، ثمّ ظلم ، ثمّ حنادس ، ثمّ الدّادي ، ثمّ محاق.
١٠ ـ تفسير مغمضات القرآن.
١١ ـ جامع الفوائد في تلخيص القواعد. فكأنّه بعد ما نضّد كتاب شيخه الشّهيد «القواعد الفقهيّة» وسمّاه «نضد القواعد» لخّصه ثانيا وسمّاه ب «جامع الفوائد».
١٢ ـ شرح سى فصل. للخواجه نصير الدّين الطّوسيّ ، في النّجوم والتّقويم الرّقمي.
١٣ ـ شرح ألفية الشّهيد.
١٤ ـ كنز العرفان في فقه القرآن. وهو من أروع ما كتب في آيات الأحكام.
١٥ ـ اللّوامع الإلهيّة في المسائل الكلاميّة. قال عنه صاحب «الرّوضات» : من أحسن ما كتب في فنّ الكلام على أجمل الوضع ، وأسدّ النّظام.
١٦ ـ النّافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر. في علم الكلام للعلّامة الحلّيّ ، وهو كتاب صغير في حجمه ، كبير في مضمونه ، كثير التّداول عند طلّاب العلوم الدّينيّة إلى اليوم ، دون غيره من الشّروح ، لأهمّيته ، وجلالة قدر مصنّفه.
١٧ ـ نضد القواعد الفقهيّة على مذهب الإماميّة. قال عنه صاحب «الرّوضات» : وهو كتاب بديع رتّب فيه قواعد شيخه الشّهيد على ترتيب أبواب
الفقه والاصول من غير زيادة شيء على أصل ذلك الكتاب ، غير ما رسمه في مسألة القسمة منه.
١٨ ـ نهاية المأمول في شرح مبادئ الوصول في علم الاصول للعلّامة الحلّيّ.
وله ـ علاوة على هذه التّأليفات القيّمة ، والآثار العلميّة الثّمينة ـ مجموعة إجازات ، منها : إجازتان مختصرتان لتلميذه الشّيخ زين الدّين عليّ بن الحسن بن علالة ، وله أيضا مجموعة فتاوى متفرّقة.
مدرسة المقداد السّيوريّ :
ذكر العلّامة المحقّق الشّيخ جعفر بن الشّيخ باقر آل محبوبة النّجفيّ في كتابه القدير «ماضي النّجف وحاضرها» هذه المدرسة بهذا الاسم ، وعدّها احدى أبرز مدارس النّجف (١) العلميّة والدّينيّة ، فقال ـ رحمهالله ـ :
هي احدى مدارس النّجف المشهورة في عصرها ، ومن حسن الصّدف أنّي وقفت على كتاب «مصباح المتهجّد» للشّيخ الطّوسيّ ـ رحمهالله ـ مخطوط عند الشّيخ الإمام العلّامة الميرزا محمّد حسين النّائيني ـ رحمهالله ـ وفي آخره ما نصّه كان الفراغ من نسخه يوم السّبت ثاني عشر من جمادى الأولى سنة ٨٣٢
__________________
(١) ذكر العلّامة السّيّد حسن الصّدر الكاظميّ ـ رحمهالله ـ في آخر كتابه «تكملة أمل الآمل» المخطوط ، مراكز العلم ؛ فقال : ومن مراكز العلم للشّيعة : النّجف الأشرف ، المشهد الغرويّ ـ على مشرّفها السّلام ـ لمّا هاجر إليها الشّيخ أبو جعفر شيخ الطّائفة الطّوسيّ ـ رحمهالله ـ وسكنها خارجا من بغداد خوفا من الفتنة الّتي تجدّدت فيها وأحرقت كتبه وكرسيّه الّذي كان يجلس عليه للكلام سنة ٤٤٨ ق ، وبقي يدرّس في المشهد الغرويّ اثنى عشر سنة ، وبقي تلامذته في النّجف ، واستمرّ العلم والمهاجرة إليها حتّى كان عصر الشّيخ الأجل : عليّ بن حمزة بن محمّد بن شهريار الخازن بعده بالمشهد الغرويّ على مشرّفه الصّلاة والسّلام ـ وكان ذلك سنة ٥٧٢ ق كثر أهل العلم وصارت الرّحلة إليه ثمّ لمّا نبغ المحقّق ـ رحمهالله ـ في الحلّة ، ضعف ذلك ، ثمّ عادت الرّحلة إليها في زمن المقدّس الأردبيليّ ـ رحمهالله ـ فقوي ذلك واشتدّ النّاس إليه من أطراف البلاد ، وصارت من أعظم مراكز العلم ، واستمرّت الهجرة إليها إلى اليوم ، وليس اليوم مثلها مجتمع لأهل العلم ، وإن ضعف النّاس عن طلبه وقامت سوق كساده ، ولعلّ الله يحدث بعد ذلك أمرا.
على يد الفقير إلى رحمة ربّه وشفاعته عبد الوهّاب بن محمّد بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن السّيوريّ الأسديّ ـ عفي عنه ـ بالمشهد الشّريف الغرويّ على ساكنه السّلام ـ وذلك في مدرسة المقداد السّيوريّ.
وهذه المدرسة باقية حتى اليوم ، ولكن تغيّر اسمها ، فإنّها تعرف ب «المدرسة السليميّة» نسبة إلى بانيها «سليم خان» فإنّها خربت مدّة واشتراها هذا الرّجل وعمرها مدرسة ، فنسبت إليه ـ كما حدّثنا به العلّامة الخبير السّيّد أبو تراب الخوانساريّ ـ رحمهالله (١).
فتبيّن بذلك أنّ مدرسته ـ قدّس الله روحه ـ كانت من أهمّ المدارس العلميّة في النّجف الأشرف ، ولكنّ نوائب الدّهر وطوارق الحدثان طرأت عليها ، فجعلتها ـ ككثير من المدارس والمساجد والمحافل العلميّة والأدبيّة غيرها ـ نسيا منسيّا ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وفاته ومدفنه :
الّذي يلوح من كلام من ترجم له ـ رحمهالله ـ أنّه توفّي بالمشهد الغرويّ الشّريف في النّجف الأشرف ـ على مشرّفه آلاف التّحيّة والسّلام ـ ضاحي نهار الأحد السادس والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة ٨٢٦ ق ، ودفن بمقابر المشهد المذكور ، كما صرح بذلك تلميذه الشّيخ حسن بن راشد الحلّيّ رحمهالله ، فقد ذكر العلّامة السّيّد محمّد صادق بحر العلوم تعليقة ، جاءت في هامش «الرّوضات» عند ترجمة الفاضل ـ رحمهالله ـ قال فيها ما نصّه :
وجدت في خزانة كتب آية الله المجاهد شيخنا الشّيخ محمّد الجواد البلاغي النّجفيّ المتوفّى سنة ١٣٥٢ ق نسخة من قواعد الشّهيد الأوّل ، من موقوفات الشّيخ محمّد علي البلاغيّ ـ رحمهالله ـ كما كتب عليها بخطّ الشّيخ إبراهيم بن حسين بن عبّاس بن حسن بن عبّاس بن محمّد عليّ البلاغيّ ، وهي منقولة عن نسخة كانت
__________________
(١) ماضي النّجف وحاضرها ١ : ١٢٥.
منقولة عن خطّ ولد المصنّف الشّيخ ضياء الدّين عليّ بن محمّد بن مكّي الشّهيد الأوّل ، والكاتب هو الشّيخ محمّد عليّ بن سلوة النّجفيّ في النّجف الأشرف يوم السّبت السّابع والعشرين من جمادى الاولى سنة ٩٨٦ ق ، نقلها عن نسخة كتابتها في الثّامن عشر من المحرّم سنة ٨٣٧ ق وكتب على الهامش أنّها قوبلت مع كتاب شيخنا الشّيخ زين الدّين بن إدريس فرّوخ ، بحسب الجهد والطّاقة ، وأيضا كتب على الهامش ما نصّه : وفاة العالم العامل الشّيخ يحيى بن قاسم الكاظميّ يوم الجمعة ٢٦ المحرّم سنة ١١٣٧ ق ، وفي آخرها بخطّ غير كاتب النّسخة ، لكنّه عتيق ، نقلا عن خطّ الشّيخ حسن بن راشد الحلّيّ ، ما لفظه :
توفّي شيخنا الإمام العلّامة الأعظم أبو عبد الله المقداد بن عبد الله السّيوريّ ـ نضّر الله وجهه ـ بالمشهد المقدّس الغرويّ ـ على مشرّفه أفضل الصّلوات وأكمل التّحيّات ـ ضاحي نهار الأحد السّادس والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة ٨٢٦ [ق] ودفن بمقابر المشهد المذكور ، وكان ـ بيّض الله غرته ـ رجلا جميلا من الرّجال ، جمهوريّ الصّوت ، ذرب اللّسان ، مفوّها في المقال ، متفنّنا في علوم كثيرة ، فقيها ، متكلّما ، أصوليّا ، نحويّا ، منطقيّا ، صنّف وأجاد ، صنّف في الفقه «كنز العرفان في فقه القرآن» ؛ كتاب قصره على الآيات المتضمّنة للأحكام الشّرعيّة ، فأحسن تصنيفه ، وكتاب «اللوامع الإلهيّة» في علم الكلام ، وشرح مختصر شيخنا نجم الدّين أبي القاسم بن سعيد المسمّى ب «النّافع» ، شرحا أكثر فيه الإجادة ، وأظهر الإحكام والإجادة ، وبلغ الحسنى وزيادة ، ولا يشبه بغيره من الشّروح البتّة ، يعرف ذلك من وقف عليها وعليه ، وشرح «الفصول النّصيريّة» في الكلام ، وشرح «تجريد البلاغة» للشّيخ ميثم البحرانيّ ، بسؤال العبد الكاتب ـ يعني نفسه ـ وقابلت معه بعضه. ورتّب «قواعد» الشّيخ شمس الدّين محمّد بن مكّي ترتيبا اختاره ، وبحثت معه شيئا منها ، فقطع المباحثة لأمر لم يطلعني عليه ، ومنع من اتمام كتابتها ، وقال إنّي ما كتبتها إلّا لنفسي ، وإنّي لا أكتبها أحدا ، وكان كما قال ـ رحمهالله ـ فإنّه لم يكتب بعد تلك المباحثة ... وله «شرح نهج المسترشدين» في علم الكلام شرحا حسنا ، وله غيره [وهنا
كتابة مطموسة ، لم تقرأ ، ولعلّها ذكر بقية مؤلّفات المقداد] كتبه الفقير إلى [وهنا أيضا كتابة مطموسة لم نهتد إلى قراءتها ، والظّاهر أنّها ذكر اسم الكاتب الشّيخ حسن بن راشد الحلّيّ ، والله أعلم]. انتهى ما وجدناه في خزانة المرحوم شيخنا البلاغيّ ـ قدّس الله سرّه ـ والحمد لله ربّ العالمين (١).
وأمّا ما ذهب إليه المحقّق الخوانساريّ ـ رحمهالله ـ حيث قال : ومن جملة ما يحتمل عندي قويّا هو أن تكون البقعة الواقعة في بريّة شهروان بغداد ، والمعروفة عند أهل تلك النّاحية بمقبرة مقداد ، مدفن هذا الرّجل الجليل الشّأن ، بناء على وقوع وفاته ـ رحمهالله تعالى ـ في ذلك المكان أو إيصائه بأن يدفن هناك لكونه على طريق القافلة الراحلة إلى العتبات العاليات ، وإلّا فالمقداد بن أسود الكنديّ الّذي هو من كبار أصحاب النّبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ مرقده المنيف في أرض بقيع الغرقد الشّريف ، لما ذكر المؤرّخون المعتبرون من أنّه ـ رضي الله عنه ـ توفّي في أرضه بالخوف ، وهو على ثلاثة أميال من المدينة ، فحمل على الرّقاب حتّى دفن بالبقيع (٢). فإنّه من ضعيف الاحتمالات الّتي لا تعويل عليها ، لما جاء في تصريح تلميذه الشّيخ حسن بن راشد الحلّيّ ، وهو أعرف به من غيره. على أنّ صاحب «الرّوضات» نفسه ـ رحمهالله ـ نقل عن بعض الأصحاب التّصريح بذلك حيث قال في ترجمته ـ رحمهالله ـ وهو الّذي يعبّر عنه في فقهيّات متأخّري أصحابنا ب «الفاضل السّيوريّ» ، وينقل عن كتابه في آيات الأحكام كثيرا ، وكنيته : أبو عبد الله ، وفي بعض المواضع صفته أيضا بالغرويّ «نزلا» وكأنّه كان من جملة متوطّني ذلك المشهد المقدّس حيّا وميّتا (٣).
__________________
(١) روضات الجنّات ٧ : ١٧٤.
(٢) روضات الجنّات ٧ : ١٧٥.
(٣) روضات الجنّات ٧ : ١٧١.
النّسخ الخطّية المعتمدة :
لمّا كان هذا الكتاب «الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد» نادر النّسخ إلى درجة أنّي ـ رغم التّتبّع والفحص الكثير ـ لم أحصل إلّا على نسخة واحدة ، بالإضافة إلى النّسخة الحجريّة المطبوعة ضمن كتاب «كلمات المحقّقين» ، فقد اعتمدت في تحقيقه على هاتين النّسختين فقط ، مستعينا في تصحيحه بمصادر كثيرة ، مع نسخة خطّيّة نفيسة لمتن الكتاب «واجب الاعتقاد» تعضيدا لعملي فيه :
الأولى : النّسخة الموقوفة في مكتبة مسجد جامع گوهرشاد في مشهد المقدّسة ، ضمن مجموعة تحت رقم ٨٩٠ ، جاء في آخرها : وكان الفراغ من تسويد هذه المقدّمة مع شرحها عصريّة يوم الأحد النّصف من شعبان سنة الثّالثة والسّبعين بعد الألف من الهجرة ، وكتبه ... محمّد بن عليّ بن حسين بن عليّ بن حسين بن مفلح. مكتوبة بخطّ النّسخ ، تقع في ٩٠ صفحة ، كلّ صفحة منها تحتوي على ١٣ ـ ١٤ سطرا ، بحجم ١٠ ٥ / ١٤ سانتيمتر ، وقد رمزنا لها في الهامش بالحرف «ج».
الثّانية : النسخة الحجريّة المطبوعة ضمن كتاب «كلمات المحقّقين» بطهران سنة ١٣١٥ ق ، ولمّا كانت هذه النّسخة ـ على أسقامها وكثرة أخطائها ـ أجود بكثير من مثيلتها الخطّيّة وأكمل ، فقد جعلنا التّصحيح عليها من نسخة «ج» ، وكلّ ما أضفناه عليها من «ج» لضرورة ما أو لاقتضاء السّياق ، تركناه بين معقوفتين من دون إشارة له في الهامش ، لسبب عدم وجود نسخة ثالثة حتّى يشتبه فيها ، وتخفيفا لهوامش الكتاب ، فليلتفت إلى ذلك.
منهجيّتنا في التّحقيق :
كان عملي في هذا الكتاب مقسّما على عدّة مراحل ، هي كالتّالي :
١ ـ تقطيع النّص وتوزيع فقراته بحسب اقتضاء الجمل والعبارات.
٢ ـ مقابلته مع النّسخة الخطّيّة «ج» وتثبيت الاختلافات معها.
٣ ـ تخريج الآيات القرآنية ، والأحاديث النّبويّة الشّريفة من طرق الفريقين ـ قدر الإمكان.
٤ ـ ترجمة من ورد اسمه في الكتاب من الأعلام ، مع ترجمة ما جاء فيه من الأماكن والبلدان.
٥ ـ إيراد بعض الأقوال والتّعليقات لبعض علمائنا في الهامش بما يناسب المقام.
٦ ـ تقويم متن الكتاب وضبط نصّه ، مع ملاحظة جميع الاختلافات الواردة في النّسخة «ج» ـ الآنفة الذّكر ـ والإشارة إلى بعضها في الهامش عند اقتضاء ذلك.
٧ ـ تنزيل هامشه مستفيدا من كلّ ما انجز في المراحل المتقدّمة ، وصياغة الكتاب بهذا الشّكل الفنّيّ بخطّ واضح وجليّ.
ختاما ؛ أسأل الله تعالى أن يتقبّل منّا هذا المجهود العلميّ المتواضع ، ويجعله ذخرا لنا يوم القيامة ، إنّه وليّ النّعم ، والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطّاهرين.
|
صفاء الدّين البصريّ ذو القعدة الحرام ١٤١١ ق مشهد المقدّسة |
نماذج من النّسخ الخطّيّة
المعتمدة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله الّذي فضّلنا بدين الإسلام ، و [أ] (١) فضّ (٢) لنا من جزيل الإنعام ، والصّلاة على محمّد المصطفى ، وآله الأئمّة البررة الكرام.
أمّا بعد : فإنّي مورد في هذه الرّسالة شرح ما تضمّنته المقدّمة الموسومة ب «واجب الاعتقاد» تصنيف مولانا الشّيخ الأعظم ، والرّئيس المعظّم ، قدوة المحقّقين ، حجّة الأفاضل المعاصرين ، ملك الفقهاء والمتكلّمين ، ركن الإسلام والمسلمين ، علّامة الدّهر ، أوحد فضلاء العصر ، السّعيد المغفور جمال الملّة والحق والدّين : أبي منصور الحسن بن المطهّر الحلّي ـ قدّس الله روحه ونوّر ضريحه ـ على سبيل الاختصار دون التّطويل والإكثار ، تقريبا بها الى أذهان المكلّفين وتسهيلا على الطّالبين ، وتقرّبا بذلك الى الله تعالى ، وسمّيتها بكتاب : «الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد» والله وليّ التّوفيق والسّداد.
قال «قدّس الله تعالى روحه» (٣) :
بسم الله الرّحمن الرّحيم ، [وبه نستعين]
الحمد لله على نعمائه ، وصلّى الله على سيّد رسله ، وأشرف أنبيائه محمّد
__________________
(١) أضفناه لاستقامة المعنى.
(٢) أفضّ العطاء : أجزله. لسان العرب ٧ : ٢٠٨ (مادّة فضض).
(٣) ما تقدّم ، ساقط من نسخة «ج».
المصطفى ، وعلى المعصومين من أنبائه (١).
وبعد : فقد بيّنت في هذه المقالة : «واجب الاعتقاد على جميع العباد» ولخّصت فيها ما يجب معرفته من المسائل الاصوليّة [على الأعيان] ، وألحقت به بيان الواجب من اصول العبادات ، والله الموفّق للخيرات.
أقول : الحمد : هو الثّناء [اللسانيّ] على الفعل الجميل (٢) الاختياريّ ، فغير الاختياريّ ، كالتّنفّس الضّروريّ للإنسان ووقوعه من علوّ لا يتعلّق به مدح ولا ذمّ.
والشّكر : هو الاعتراف بنعمة المنعم مع التّعظيم ، والفرق بينهما أنّ كلّ واحد منهما أعمّ من الآخر من وجه ، وأخصّ من وجه.
أمّا بيان عموم الحمد ؛ فلأنّه يكون ابتداءً وفي مقابلة النّعمة. وأمّا بيان خصوصه ؛ فلأنّه يكون بالقول دون الفعل.
وأمّا بيان عموم الشّكر ؛ فلأنّه يكون بالقول والفعل ، [كما] تقول : ركعت شكرا وسجدت شكرا.
وأمّا بيان خصوصه ؛ فلأنّه لا يكون إلّا في مقابلة النّعمة ، فإذا قلت : فلان شخص عالم كريم ، ولم يكن له عليك نعمة ، فهذا حمد لا شكر. وإذا قلت : سجدت لله ، فهذا شكر لا حمد ، وإذا قلت : فلان أنعم عليّ فجزاه الله خيرا وأحسن إليه ، فهذا حمد وشكر.
ولله ؛ جارّ ومجرور ، وأصله «الله» حذفت الهمزة عند دخول اللّام ، لأنّها همزة وصل ، وأصل الله «إله» حذفت الألف لا لعلّة ، فبقي «لاه» ، ثمّ عوّضوا عن المحذوف الألف واللّام الّتي للتّعريف ، فبقي «الله» ، ثمّ فخّموه فصار «الله» بالتّفخيم ، وإذا كان ما قبل لفظة الجلالة مكسورا كانت مرقّقة ؛ كما في «لله» وإذا
__________________
(١) قال صاحب اللّسان : قال أبو منصور : سمّى الحجج أنباء ، وهي جمع النّبإ ، لأنّ الحجج أنباء عن الله ـ عزوجل. لسان العرب ١ : ١٦٢ (مادّة نبأ). وكذا سيأتي شرحها.
(٢) «ج» : الحسن.