الإعتماد في شرح واجب الإعتقاد

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي

الإعتماد في شرح واجب الإعتقاد

المؤلف:

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي


المحقق: صفاء الدين البصري
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ١٧٥

كتاب الطّهارة

١٠١
١٠٢

قال «قدّس الله روحه» :

ويجب أن يعتقد أنّ الله تعالى كلّف عباده بالشّرائع المعلومة من دين النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فمنها الصّلاة اليوميّة ، وهي الظّهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء ، والصّبح ، وتفتقر إلى مقدّمات :

فمنها : الطّهارة ، وهي : الوضوء ، أو (١) الغسل ، أو (٢) التّيمّم.

أمّا الوضوء ؛ فيجب فيه النّيّة ، وهي : إرادة بالقلب يقصد بها إلى صفة الفعل ويعتقد إيقاعه تقرّبا إلى الله تعالى ، وصفتها : «أتوضّأ لرفع الحدث ، أو استباحة (٣) الصّلاة ، لوجوبه ، قربة إلى الله».

ثمّ يغسل وجهه ، وحدّه : من قصاص شعر الرّأس إلى محادر شعر الذّقن طولا ، وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضا ، ثمّ يغسل يده اليمنى من المرفق إلى أطراف الأصابع ، ثمّ يده اليسرى كذلك ، ثمّ يمسح مقدّم رأسه بأقلّ ما يقع عليه اسم المسح ، ثمّ يمسح رجليه من رءوس الأصابع إلى الكعبين ، وهما : ملتقى السّاق والقدم.

أقول : التّكليف : هو بعث من تجب طاعته على ما فيه مشقّة من فعل أو ترك ابتداءً ، وهو قسمان ـ كما تقدّم ـ عقليّ ـ وقد تقدّم ـ وشرعيّ. [ولمّا فرغ من التّكليف العقليّ شرع في] التّكليف الشّرعيّ المعلوم ضرورة من دين النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فمنها :

الصّلاة اليوميّة ، وهي خمس صلاة (٤) في اليوم واللّيلة تشتمل على سبع عشرة ركعة في الحضر ، وإحدى عشرة ركعة في السّفر : الظّهر أربع ركعات في الحضر ،

__________________

(١) «ج» : و.

(٢) «ج» : و.

(٣) «ج» : لاستباحة.

(٤) «ج» : صلوات.

١٠٣

وركعتان في السّفر ، وكذلك العصر والمغرب ثلاث ركعات سفرا وحضرا ، والعشاء الآخرة كالظّهر ، والصّبح ركعتان حضرا وسفرا.

وتفتقر صحّتها إلى مقدّمات ، فمن مقدّماتها :

الطّهارة ، وهي في اللّغة : النّظافة والنّزاهة ، وفي الشّرع :

إمّا اختياريّة ، وهي المائيّة ، وهي إمّا صغرى وهي الوضوء ، أو كبرى وهي الغسل.

وإمّا اضطراريّة ، وهي التّرابيّة ، وهي التّيمّم ، وتكون (١) بدلا من كلّ واحد من الوضوء والغسل.

فنقول : الوضوء يجب فيه أمور :

الأوّل : النّيّة ، لأنّه عبادة ، وكلّ عبادة لا تصحّ بدون النّيّة.

والنّيّة من أفعال القلب ، وهي : إرادة بالقلب ، يقصد بها إلى صفة الفعل من كونه واجبا أو مندوبا ويعتقد إيقاع ذلك الفعل تقرّبا إلى الله تعالى ، بمعنى : الطّاعة له ، والامتثال لأمره.

والنّيّة : إمّا أن تقع بالقلب لا غير ، أو بالقلب واللّسان ، وكلاهما صحيح ، أو باللّسان لا غير ، وهي باطلة قطعا.

وفي نيّة الوضوء والغسل خلاف ، فقيل : تجزي نيّة القربة (٢).

وفي صفتها قولان :

أحدهما : أنّه يذكر الفعل والتّقرّب به إلى الله تعالى ، فيقول : «أتوضّأ ، أو أغتسل ، قربة إلى الله».

وثانيهما : أنّه يذكر مع ذلك صفة الفعل ، فيقول : «أتوضّأ ، أو أغتسل ، لوجوبه

__________________

(١) «ج» : ويكون.

(٢) النّهاية : ١٥ ، المعتبر ١ : ١٣٩ ، شرائع الإسلام ١ : ١٥.

١٠٤

أو ندبه ، قربة إلى الله».

وقيل : لا بدّ من نيّة التّعيين (١) ، وفي صفتها قولان : أحدهما : انّه يذكر مع ما مضى أحد الشّيئين : إمّا رفع الحدث ، أو استباحة ما يجب له الطّهارة ، فيقول : «أتوضّأ ، أو أغتسل ، لرفع الحدث ، أو لاستباحة (٢) الصّلاة ، لوجوبه ، قربة إلى الله تعالى».

ويجب مقارنتها لغسل الوجه في الوضوء ، ولغسل الرّأس وارتماسا (٣) في الغسل ، واستدامة حكمها إلى الفراغ من ذلك الفعل ، بمعنى : أنّه لا يحدث في أثنائه (٤) بنيّة أخرى منافية للنّيّة الاولى.

الثّاني : من واجبات الوضوء غسل الوجه ، وحدّه في الطّول : من منابت الشّعر في مقدّم الرّأس إلى محادر شعر الذّقن ، وفي العرض : ما اشتملت عليه الإصبعان : الإبهام والوسطى ، وذلك من مستوي الخلقة في ذلك ، وغيره يحال عليه ، فيجب الابتداء [من القصاص] (٥) والانتهاء إلى الذّقن ، ولو عكس لم يصحّ.

الثّالث : غسل اليدين ، ويجب غسلهما مبتدئا بالمرفق بحيث يدخله (٦) في الغسل ، منتهيا إلى أطراف الأصابع ، ولو عكس لم يصحّ.

ويجب أن يغسل اليمنى أوّلا ، واليسرى بعدها.

الرّابع : مسح الرّأس ، وحدّه : مقدار ما يسمّى مسحا من مقدّم الرّأس خاصّة

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٩ ، الكافي في الفقه : ١٣٢ ، المختلف : ٢٠ ، المهذّب ١ : ٤٣ ، السّرائر : ١٧ ، إيضاح الفوائد ١ : ٣٥ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١٤ ، الرّسالة الفخريّة في معرفة النّيّة (كلمات المحقّقين) : ٤٢٤.

(٢) «ج» : استباحة.

(٣) «ج» : أو الارتماس.

(٤) «ج» : أثناء الفعل.

(٥) «ج» : بأعلى الوجه.

(٦) «ج» : يدخل.

١٠٥

ببقيّة نداوة الوضوء من غير استئناف ماء جديد.

الخامس : مسح الرّجلين من رءوس الأصابع إلى الكعبين ، وهما : النّابتان (١) في وسط القدم ـ على ما فسّره أكثر الفقهاء ـ (٢) أو ملتقى السّاق ـ على ما فسّره المصنّف «قدس الله روحه» (٣).

السّادس : التّرتيب ، على ما ذكر : النّيّة ، ثمّ غسل الوجه ، ثمّ اليد اليمنى ، ثمّ اليسرى ، ثمّ مسح الرّأس ، ثمّ مسح الرّجلين.

السّابع : الموالاة ، وهي إكمال الوضوء قبل أن يجفّ ما تقدّم والمتابعة بين الأفعال.

قال «قدّس الله روحه» :

وإن كان جنبا ، أو حائضا ، أو مستحاضة ، أو نفساء ، أو مسّ ميّتا من النّاس بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل ، وجب عليه الغسل.

ويجب فيه النّيّة ، فيقول المجنب : «أغتسل ، لرفع حدث الجنابة ، لوجوبه ، قربة إلى الله تعالى» ثمّ يغسل رأسه أوّلا ثمّ جانبه الأيمن ، ثمّ الأيسر.

ويجزيه أن يرتمس ارتماسة واحدة.

أقول : القسم الثّاني من أقسام الطّهارة المائيّة هو الغسل ، ويجب بامور ستّة : الجنابة (٤) ، والحيض ، والاستحاضة ، والنّفاس ، ومسّ الأموات من النّاس ، وغسل

__________________

(١) «ج» : النّاتئان.

(٢) كالشّيخ في : المبسوط ١ : ٢٢ ، والنّهاية : ١٣ ، المرتضى في : الانتصار : ٢٨ ، والمفيد في : المقنعة : ٥ : والمحقّق في : المعتبر ١ : ١٤٨ ، وسلّار في : المراسم : ٣٨ ، وأبي الصّلاح في : الكافي في الفقه : ١٣٢ ، وابن البرّاج في : المهذّب ١ : ٤٤.

(٣) راجع ص ٤٧ ، وكذا قال به في : قواعد الأحكام ١ : ١١ ـ ، تحرير الأحكام ١ : ١٠ ، المنتهى ١ : ٦٤ ، المختلف : ٢٤.

(٤) «ج» : بالجنابة.

١٠٦

الأموات.

أمّا الجنابة ، فتحصل ؛ إمّا بخروج المنيّ ، أو الجماع في الفرج ، ويجب على الجنب الغسل ، فقيل : إنّه واجب لنفسه (١) ، وقيل : واجب لغيره (٢). ولا خلاف في أنّ باقي الأغسال (٣) والوضوء واجب لغيره.

ويجب فيه النّيّة ، وقد ذكرنا صفتها والخلاف فيها في الوضوء (٤) ، ثمّ يغسل رأسه أوّلا مقارنا للنّيّة ، ثمّ يغسل ميامنه ، ثمّ مياسره على وجه يعمّ الماء اصول الشّعر ، وتخليل ما [لا] يصل إليه الماء إلّا به وجوبا.

ويجب التّرتيب على ما ذكر ، وإن يرتمس (٥) في الماء ، [كفاه] ارتماسة واحدة من غير احتياج إلى التّرتيب (٦).

وإذا حصل للمرأة الحيض ، أو الاستحاضة ، أو النّفاس ، وجب عليها الغسل. وصفة الغسل هنا كصفة غسل الجنابة ، إلّا أنّه لا بدّ فيه من الوضوء : إمّا قبله ، أو بعده.

وإذا مسّ ميتا من النّاس بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل ، وجب على من مسّه الغسل كغسل الحائض ، وإن مسّ ميّتا من غير النّاس ممّا له نفس سائلة وجب عليه غسل موضع الملاقاة خاصّة.

وإذا مات المسلم وجب تغسيله ثلاث غسلات :

الاولى : بماء السّدر.

__________________

(١) قال به العلّامة في : المختلف : ٢٩ ، والمنتهى ١ : ٩٣.

(٢) قال به ابن إدريس في : السّرائر : ٢٤ ، والمحقّق في : شرائع الإسلام ١ : ٨.

(٣) «ج» بزيادة : بغير غسل الجنابة.

(٤) راجع ص : ١٠٤.

(٥) «ج» : ارتمس.

(٦) «ج» : ترتيب.

١٠٧

والثّانية : بماء الكافور.

والثّالثة : بماء القراح ، مرتّبا كغسل الجنابة.

قال «قدّس الله روحه» :

وفاقد الماء يجب عليه التّيمّم ، ويجب فيه النّيّة ، وصفتها : أن يقول : «أتيمّم ، لاستباحة الصّلاة ، لوجوبه ، قربة إلى الله» ثمّ يمسح جبهته بعد أن يضرب بيديه على التّراب من قصاص شعر الرّأس إلى طرف أنفه ، ثمّ يمسح ظهر كفّه اليمنى ببطن اليسرى ، ثمّ ظهر اليسرى ببطن اليمنى ، وإن كان تيمّمه بدلا من الغسل ، ضرب ضربتين.

أقول : هذا هو القسم الثّالث من أقسام الطّهارة ، وهي الطّهارة الاضطراريّة الّتي هي بالتّراب ، ويكون بدلا من كلّ واحد من الوضوء والغسل ، والمبيح له عدم التّمكّن من استعمال الماء : إمّا لعدمه ، أو لعدم الإله المتوصّل بها إليه ، أو لعدم الثّمن ، أو [الخوف من استعماله : إمّا على النّفس ، أو المال] (١).

ويجب فيه النّيّة ، وصفتها (٢) : أن يقول : «أتيمّم بدلا من الوضوء ، أو بدلا من الغسل ، لاستباحة الصّلاة ، لوجوبه ، قربة إلى الله».

والنّيّة مقارنة لضرب اليدين على الأرض ، ثمّ يمسح جبهته من قصاص شعر الرّأس إلى طرف أنفه الأعلى ، ثمّ يمسح ظهر كفّه اليمنى ببطن كفّه اليسرى من الزّند إلى أطراف الأصابع ، ثمّ يده اليسرى كذلك.

ويكفي في التّيمّم إذا كان بدلا من الوضوء ضربة واحدة ، وإذا (٣) كان بدلا من الغسل افتقر إلى ضربتين بنيّة واحدة ، ويمسح عقيب الضّربة الاولى جبهته ، ويمسح عقيب الضّربة الثّانية يديه.

__________________

(١) «ج» : لخوف على النّفس والمال.

(٢) «ج» : وصورتها.

(٣) «ج» : وإن.

١٠٨

ويجب فيه التّرتيب ، على ما ذكر.

فائدة :

تجب الطّاهرة المائيّة بماء مطلق ، طاهر ، مملوك ، أو مباح غير مغصوب ، والتّرابيّة بتراب طاهر ، مملوك ، أو مباح خالص لا يمازجه معدن ، ولا ما يشابه التّراب من دقيق ، أو اشنان ، أو (١) غير ذلك.

ويجب في الوضوء : التّرتيب ، والموالاة ، وكذلك في التّيمّم.

ويجب في الغسل : التّرتيب ، في غير الارتماس ، دون الموالاة.

والأغسال ثلاثة أقسام :

منها : ما لا يضمّ إليه الوضوء لا وجوبا ولا ندبا ، وهو غسل الجنابة.

ومنها : ما يضمّ إليه الوضوء ندبا ، وهو غسل الأموات.

ومنها : ما يضمّ إليه الوضوء وجوبا ، وهو باقي الأغسال.

ونيّة التّيمّم يذكر فيها الاستباحة دون رفع الحدث ، وكذا غسل الاستحاضة.

قال : «قدّس الله روحه» :

ثمّ يجب عليه استقبال القبلة والشّروع في الصّلاة ، ويجب فيها القيام مستقبلا مع المكنة ، ثمّ ينوي فيقول : «اصلّي فرض الظّهر ـ مثلا ـ أداء ، لوجوبه ، قربة إلى الله» ثمّ يكبّر ، فيقول : «الله أكبر» ثمّ يقرأ الحمد وسورة اخرى ويركع إلى أن تصل كفّاه ركبتيه ، ويذكر الله تعالى ، ثمّ ينتصب مطمئنّا ، ثمّ يسجد على سبعة أعضاء : الجبهة ، والكفّين ، والرّكبتين ، وإبهامي الرّجلين.

ويجب أن يكون موضع الجبهة طاهرا واقعا على الأرض أو ما أنبتته الأرض ممّا لا يؤكل ولا يلبس ، ثمّ يذكر الله تعالى ، ثمّ يجلس مطمئنّا ، ثمّ يسجد ثانيا كما سجد

__________________

(١) «ج» : و.

١٠٩

أوّلا.

أقول : لمّا ذكر الطّهارة وأقسامها ، وذكر أنّها من جملة مقدّمات الصّلاة الواجبة ، ذكر من مقدّمات الصّلاة استقبال القبلة.

ويجب استقبال القبلة في الصّلوات الواجبة ، وهي الكعبة [لمن يشاهدها] (١) ، أو (٢) جهتها لمن بعد عنها بالعلامات الّتي ذكرها الشّارع.

ثمّ شرع في بيان كيفيّة الصّلاة ، وذكر أفعالها الواجبة.

وأفعال الواجبة ثمانية : القيام ، والنّيّة ، وتكبيرة الإحرام ، والقراءة ، والرّكوع ، والسّجود ، والتّشهّد ، والتّسليم ، خمسة منها أركان ، وهي : القيام ، والنّيّة ، وتكبيرة الإحرام ، والرّكوع ، والسّجدتان في كلّ ركعة ، والثّلاثة الباقية ، وهي : القراءة ، والتّشهّد ، والتّسليم ، ليست بأركان.

وكلّ ركن من أركان الصّلاة تبطل الصّلاة بتركه عمدا وسهوا. وكذا بزيادته ، وما ليس بركن تبطل الصّلاة بتركه عمدا ولا تبطل بتركه سهوا ، ونذكر كلّ فعل منها ، ونذكر ما فيه :

الأوّل : القيام ، ويجب فيه الاستقلال ، بمعنى : أنّه لا يكون معتمدا على شيء من جدار أو (٣) عصا ، أو غير ذلك مع القدرة على ذلك ، وينتقل إلى الاعتماد مع العجز عن الاستقلال ، وإلى القعود مع العجز عن الاعتماد ، وإلى الاضطجاع إلى الجنب الأيمن مع العجز عن القعود ، وإلى الاستلقاء مع العجز عن الاضطجاع.

الثّاني : النّيّة ، ويجب فيها القصد إلى الصّلاة المعيّنة ، واستحضارها ، والقصد إلى الوجوب ، وهو : الأمر بها إلزاما إن كانت واجبة ، وإلى النّدب ، وهو : الأمر بها

__________________

(١) «ج» : لمشاهدها.

(٢) «ج» : و.

(٣) «ج» : ولا.

١١٠

تخييرا إن كانت مندوبة ، وإلى الأداء ، وهو : الإتيان بها في وقتها ، وإلى القضاء ، وهو : الإتيان بها خارجة وقتها ، وإلى القربة ، وهو : أن يوقع ذلك الفعل طاعة لله تعالى ، وامتثالا لأمره.

ويجب مقارنتها لتكبيرة الإحرام ، واستدامة حكمها ـ كما ذكر في [النّيّة للوضوء] (١) ـ وصورتها : «اصلّي فرض الظهر ، أداء ، لوجوبه ، قربة إلى الله» مقارنة لتكبيرة الإحرام ، بمعنى : أن يكون آخر جزء من النّيّة مقارنا لأوّل جزء من تكبيرة الإحرام.

وهكذا نيّة باقي الصّلوات الخمس.

وإن صلاها في جماعة زاد على ذلك : «مأموما» فيقول : «أصلّي فرض الظهر ، أداء ، لوجوبه ، مأموما ، قربة إلى الله».

وإن كانت الصّلاة لا وقت معيّن لها ، أو لها وقت معيّن ولم يقض ، لم يحتج الى ذكر الأداء ، كما في صلاة الجنازة (٢) ، وصلاة العيد.

وإن كانت الصّلاة مندوبة ، مثل : النّوافل اليوميّة ، يقول (٣) : «اصلّي ركعتين من نوافل الظّهر ، أداء ، لندبهما (٤) ، قربة إلى الله».

الثّالث : تكبيرة الإحرام ، ويجب التّلفّظ ب «الله أكبر» بالعربيّة على هذا التّرتيب.

الرّابع : القراءة ، ويجب قراءة الحمد بكمالها ، والبسملة آية منها لا بدّ من ذكرها.

ويجب ترتيب آياتها ، وإعرابها ، والإتيان بها باللّفظ العربيّ ، وقراءة سورة

__________________

(١) «ج» : نيّة الوضوء.

(٢) «ج» : الجنائز.

(٣) «ج» : قال.

(٤) «ج» : لندبها.

١١١

كاملة بعدها في كلّ اولى وثانية ، ويأتي فيها بالبسملة أيضا وبما ذكرنا في الحمد.

الخامس : الرّكوع ، ويجب فيه الانحناء قدر ما تصل كفّاه ركبتيه من مستوي الخلقة مع المكنة ، ومطلق الذّكر على قول (١) والتّسبيح المعيّن ، وهو قول «سبحان ربّي العظيم وبحمده» على قول (٢) ، والطمأنينة فيه بقدر الذّكر ، ورفع الرّأس منه حتّى تعتدل أعضاؤه ، والطّمأنينة بعده ولو يسيرا.

السّادس : السّجود ، وهو في كلّ ركعة سجدتان.

ويجب فيه السّجود على الأعضاء السّبعة ، وهي : الجبهة ، والكفّان ، والرّكبتان ، وإبهاما الرّجلين.

ووضع الجبهة على ما يصحّ السّجود عليه وهو الأرض غير المستحيلة وما ينبت منها ممّا لا يكون مأكولا بالعادة ولا ملبوسا ، فلا (٣) يجوز السّجود على ما ليس بأرض ؛ كالجلود ولا على الصّوف ، و [لا] على الأرض المستحيلة مثل المعادن ؛ كالحديد والفضّة ، ولا على النّبات المأكول [بالعادة] ؛ كالثّمار والفواكه ، ولا على النّبات الملبوس ؛ كالقطن والكتّان.

ويشترط فيه أن يكون طاهرا ، ولا يجوز أن يكون نجسا ، وإن لم تتعدّ نجاسته.

ويجب في السّجود ذكر الله تعالى مطلقا ، على قول (٤) ، والتّسبيح المعيّن ، وهو قال : «سبحان ربّي الأعلى وبحمده» على قول (٥) ، والطّمأنينة بقدر ما يجب في السّجود من الذّكر أو التّسبيح ، ثمّ يجب عليه رفع الرّأس من السّجود الأوّل حتّى يعتدل جالسا ويطمئنّ يسيرا ، ثمّ يعود إلى السّجود الثّاني ويأتي به كما أتى

__________________

(١) شرائع الإسلام ١ : ٦٧ ، الكافي في الفقه : ١٢٣ ، النّهاية : ٨١ ، السّرائر : ٤٦ ، المنتهى ١ : ٢٨٢.

(٢) المبسوط ١ : ١١١ ، شرائع الإسلام ١ : ٦٧ ، المراسم : ٧١ ، المهذّب ١ : ٩٣.

(٣) «ج» : ولا.

(٤) شرائع الإسلام ١ : ٦٨ ، الكافي في الفقه : ١٢٣ ، المنتهى ١ : ٢٨٧.

(٥) المبسوط ١ : ١١٣ ، شرائع الإسلام ١ : ٦٨ ، المراسم : ٧١ ، المهذّب ١ : ٩٣.

١١٢

بالسّجود الأوّل ، إلّا الطّمأنينة بعد الرّفع منه ، فإنّها هاهنا مندوبة ، والاولى واجبة.

قال «قدّس الله روحه» :

ثمّ ينهض إلى الثّانية ؛ فيقرأ الحمد وسورة ويصنع كما صنع في الرّكعة الاولى ويتشهّد ؛ فيقول : «أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد».

ثمّ ينهض إلى الثّالثة ؛ فيقرأ الحمد وحدها إن شاء ، وإن شاء سبّح عوض الحمد ؛ فيقول : «سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر» مرّة واحدة. ثمّ يصلّي الرّابعة كذلك ، ويتشهّد كالأوّل ، ويسلّم مستحبّا.

أقول : إذا رفع المصلّي رأسه من السّجود الثّاني في الرّكعة الاولى ، وجب عليه القيام للإتيان بالرّكعة الثّانية ، فإذا قام قرأ الحمد والسورة (١) على صفة ما قرأ (٢) في الاولى ، ثمّ يصنع كما صنع في الرّكعة الاولى من الرّكوع والسّجود.

السّابع : التّشهّد ، فإذا رفع رأسه من السّجود الثّاني من الرّكعة الثّانية ، وجب عليه الجلوس للتّشهّد الأوّل.

وفي صفته روايتان :

إحداهما : كما ذكر ، وهو «أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد» (٣).

والاخرى : «أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد» (٤) وهي الأحوط.

ويجب فيه الجلوس والطّمأنينة بقدر ذكره ، والنّطق به العربيّة ، والتّرتيب ، كما

__________________

(١) «ج» : وسورة.

(٢) «ج» : قرأه.

(٣) شرائع الإسلام ١ : ٧٠ ، المبسوط ١ : ١١٥ ، المنتهى ١ : ٢٩٢.

(٤) المهذّب : ١ : ٩٥ ، الكافي في الفقه : ١٢٣ ، المراسم : ٧٢ ، السّرائر : ٤٨.

١١٣

ذكر.

ثمّ ينهض بعد إكمال التّشهّد إلى الرّكعة الثّالثة ، وهو مخيّر فيها : بين قراءة الحمد وحدها ، وبين التسبيح ، والواجب منه أربع تسبيحات ، وهي : «سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر».

ثمّ يصلّي الرّابعة كما صلّى الثّالثة ، فإذا رفع رأسه من السّجود الثّاني من الرّكعة الرّابعة من الرّباعيّة ، أو من الثّالثة من الثّلاثيّة ، وجب عليه الجلوس للتّشهّد الثّاني ، وصفته كالأوّل.

الثامن : التّسليم ، فقيل : إنّه واجب. وهو قول السّيّد المرتضى (١) «رحمه‌الله» (٢) ، وجماعة من الأصحاب (٣).

وقيل : إنّه مندوب. وهو قول الشّيخ أبي جعفر الطّوسي (٤) «رحمه‌الله» (٥) ،

__________________

(١) هو : عليّ بن الحسين بن موسى بن محمّد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر (ع) ، أبو القاسم المرتضى ، ذو المجدين ، الملقّب عن جدّه المرتضى ب : «علم الهدى» ، حاز من العلوم ما لم يدانه فيه أحد ، متوحّد في علوم كثيرة ، مثل : علم الكلام ، والفقه ، واصول الفقه ، والأدب ، والنّحو ، والشّعر ، ومعاني الشّعر ، واللّغة ، وهو أوّل من جعل داره دار العلم للمناظرة ، أخذ العلوم عن الشّيخ المفيد وغيره ، وتلمّذ عليه جماعة كثيرة كشيخ الطّائفة الطّوسي ، وأبي يعلى سلّار ، وابن البرّاج ، وابن حمزة ، وغيرهم. له مصنّفات كثيرة. ولد في رجب سنة ٣٥٥ ق ، وتوفّي في ربيع الأوّل سنة ٤٣٦ ق. تولّى غسله النّجاشي ، وصلّى عليه ابنه ، ودفن في داره. رجال النّجاشي : ٢٧٠ ، لسان الميزان ٤ : ٢٢٣ ، مقابس الأنوار : ٦ ، رجال العلّامة : ٩٤.

(٢) النّاصريّات (الجوامع الفقهيّة) : ١٩٦ ، رسائل الشّريف المرتضى ١ : ٢٧٦.

(٣) شرائع الإسلام ١ : ٧٠ ، الوسيلة (الجوامع الفقهيّة) : ٦٧٣ ، المراسم : ٦٩ ، الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٥٨ ، الجامع للشّرائع : ٧٤.

(٤) هو : أبو جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطّوسي ، ولد في طوس سنة ٣٨٥ ق ، انتقلت إليه الزّعامة بعد وفاة السّيّد المرتضى ، وهاجر من بغداد الى النّجف سنة ٤٤٨ ق. له مؤلّفات أكثر من خمسين في : الفقه ، والاصول ، والكلام ، والتّفسير ، وغيره. توفّي ليلة الاثنين ٢٢ محرّم سنة ٤٦٠ ق.

رجال النّجاشي : ٤٠٣ ، رجال العلّامة : ١٨٩ ، تنقيح المقال ٣ : ١٠٤ ، الكنى والألقاب ٢ : ٣٩٤.

(٥) النّهاية : ٨٩ ، الخلاف ١ : ٣٧٦.

١١٤

واختاره المصنّف [رحمه‌الله] (١) في أكثر كتبه (٢). ثمّ رجع عن القول بالنّدب وأفتى بالوجوب ، على ما نقله [عن شيخه] (٣) العلّامة ولده مولانا فخر الدّين محمّد (٤) «أدام الله أيّامه» (٥)

وللتّسليم عبارتان :

الاولى : «السّلام علينا وعلى عباد الله الصّالحين».

والثّانية : «السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

والواجب أحدهما من غير تعيين ، وبأيّهما بدأ كان هو الواجب وبه يخرج من الصّلاة ، والثّاني مندوب.

ومحلّه من (٦) الثّنائيّة : بعد التّشهّد ، ومن الثّلاثيّة والرّباعيّة : بعد التّشهّد الثّاني.

ويجب النّطق به بالعربيّة ، وبه يخرج من الصّلاة.

قال «قدّس الله روحه» :

__________________

(١) «ج» : قدّس الله روحه.

(٢) تحرير الأحكام ١ : ٤١ ، قواعد الأحكام ١ : ٣٥.

(٣) «ج» : عنه شيخنا.

(٤) هو : محمّد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي ، أبو طالب ، فخر المحقّقين ، أو فخر الدّين ، أو فخر الإسلام : وجه من وجوه هذه الطّائفة وثقاتها ، جليل القدر ، رفيع الشّأن ، كثير العلم ، وحيد عصره ، وفريد دهره ، جيّد التّصانيف ، حاله في علوّ قدره وسموّ مرتبته وكثرة علومه أشهر من أن يذكر. كفى في ذلك أنّه فاز بدرجة الاجتهاد في السّنة العاشرة من عمره الشّريف ، وكان والده العلّامة يعظّمه ويثني عليه ، حتّى انّه ذكره في صدر جملة من مصنّفاته الشّريفة ، وأمره في وصيّته الّتي ختم بها القواعد ، بإتمام ما بقي ناقصا من كتبه بعد حلول الأجل ، وإصلاح ما وجد فيها من الخلل.

روضات الجنّات ٦ : ٣٣٠ ، أمل الآمل ٢ : ٢٦٠ ، لؤلؤة البحرين : ١٩٠ ، جامع الرّواة ٢ : ٩٦ ، الكنى والألقاب ٣ : ١٦.

(٥) إيضاح الفوائد ١ : ١١٥.

(٦) «ج» : في.

١١٥

وكذلك العصر والعشاء الآخرة ، والمغرب ثلاث ركعات ، والصّبح ركعتان.

أقول : صفة صلاة العصر والعشاء كالظّهر في العدد والأفعال وفي أنّ كلّ واحد منهما فيها تشهّدان وتسليم ، والمغرب ثلاث ركعات بتشهّد عقيب الثّانية ، وتشهّد عقيب الثّالثة ، وتسليم ، فيكون في الفرائض الخمس : تسع تشهّدات ، وخمس تسليمات.

قال «قدّس الله روحه» :

ويجب الجهر بالقراءة في الصّبح وأوليي المغرب والعشاء الآخرة ، والإخفات في البواقي.

ويجب أن يكون بدنه خاليا من النّجاسة ، وكذلك ثوبه إلّا ما عفي عنه ، وإيقاع الصّلاة في أوقاتها.

أقول : يجب الجهر بالقراءة ، وأدناه أن يرفع صوته بحيث يسمعه القريب منه الصّحيح السّمع إذا استمع ، في ست ركعات ، وهي : الصّبح ، والأوّلتان من المغرب والعشاء الآخرة.

والإخفات ، وهو أن يسرّ القراءة بحيث يسمع نفسه في البواقي ، وهي : الظّهران وثالثة المغرب ، والأخيرتان (١) من العشاء الآخرة.

فالصّلاة : إمّا جهر محض كالصّبح ، وإمّا إخفات محض كالظّهرين ، وإمّا فيها الأمران كالعشاءين. ومن شرط صحّة الصّلاة أن يكون بدن المصلّي طاهرا من النّجاسة ، وكذلك ثوبه إلّا ما عفي عنه ، وهو ما نقص عن سعة الدّرهم البغليّ من الدّم ، وما يكون من النّجاسة مطلقا فيما لا تتمّ الصلاة فيه منفردا كالتّكّة والجورب والخفّ والقلنسوة.

ويجب في الصّلاة أيضا إيقاعها في مكان مملوك ، أو مأذون فيه ، ولا يصحّ في

__________________

(١) «ج» : الآخرتان.

١١٦

مكان مغصوب.

ويجب في الصّلاة أيضا إيقاعها في أوقاتها (١).

فأوّل وقت الظّهر : زوال (٢) الشّمس ، وعلامة الزّوال : زيادة الظّلّ بعد النّقصان (٣).

وأوّل وقت العصر : حين الفراغ من الظّهر ، وآخر وقتها : إذا بقي للغروب (٤) مقدار أدائها ، لا غير.

وأوّل وقت المغرب : غروب الشّمس ، وعلامته : زوال الحمرة من ناحية المشرق.

و [أوّل] وقت العشاء الآخرة : من حين الفراغ من المغرب ، وآخر وقتها إذا بقي لانتصاف اللّيل مقدار أدائها.

وأوّل وقت الصّبح : طلوع الفجر الثّاني ، وهو : البياض المنتشر في افق المشرق ، وآخره : طلوع الشّمس.

قال «قدّس الله روحه» :

ومنها صلاة الآيات ، وتجب عند أسبابها كالخسوف ، والكسوف ، والزّلزلة ، وأخاويف السّماء ، وهي : عشر ركعات بأربع سجدات.

ويجب فيها النّيّة ، فيقول : «أصلّي صلاة الكسوف ـ مثلا ـ أداء ، لوجوبها ، قربة إلى الله».

و (٥) يقرأ الحمد وسورة أو بعضها ، فإن أتمّ ركع ، ثمّ قام ، ويكبّر ؛ فيقرأ الحمد وسورة أو بعضها ، وهكذا إلى الرّكوع الخامس ، وينتصب ويسجد [سجدتين] ، ثمّ

__________________

(١) «ج» : وقتها.

(٢) «ج» : زيادة : من.

(٣) «ج» : نقصانه.

(٤) «ج» : لغروب الشّمس.

(٥) «ج» : ثمّ.

١١٧

يفعل في الثّانية كذلك ، وإن لم يتمّ السّورة قام من ركوعه فأتمّها أو قرأ بعضها وفعل كما قلنا (١) ، ويتشهّد ويسلّم.

أقول : من الصّلاة الواجبة (٢) صلاة الآيات ، وتجب عند أسبابها ، وهي أربعة : خسوف القمر ، وكسوف الشّمس ، والزّلزلة ، وأخاويف السّماء ؛ كالرّياح المظلمة.

وكيفيّتها : ركعتان ؛ تشتمل كلّ ركعة منها على خمسة ركوعات وسجدتين يكون فيهما معا : عشر ركوعات ، وأربع سجدات.

ويجب فيها النّيّة ، وصفتها : «أصلّي صلاة الخسوف ، أو الكسوف ، أداء ، لوجوبها ، قربة إلى الله».

وأوّل وقتها : إذا أخذ القرص في الاحتراق ، وآخره : إذا أخذ في الانجلاء ، فإذا صلاها في وقتها ، قال : «أداء» ومع خروج وقتها ، يقول : «قضاء» إلّا الزّلزلة ؛ فإنّه ينوي الأداء وإن سكنت.

ويأتي بتكبيرة الإحرام مقارنة للنّيّة ، ثمّ يقرأ الحمد ، فإذا أتمّها (٣) ؛ فإن شاء قرأ سورة تامّة ، وإن شاء قرأ بعضها (٤).

فإن قرأ سورة تامّة ، فإذا أكملها ركع [الرّكوع] الأوّل ، فإذا رفع رأسه منه عاد إلى قراءة الحمد ثانيا والسّورة ، ثمّ يركع الرّكوع الثّاني ، وهكذا يقرأ ، [ويركع] ثالثا ، ورابعا ، وخامسا ، فإذا رفع رأسه من الرّكوع الخامس هوى (٥) إلى السّجود وسجد سجدتين ، ثمّ يقوم إلى الثّانية ؛ فيقرأ كما قرأ في الرّكعة الاولى ، ويركع خمسا ، ويسجد سجدتين.

__________________

(١) «ج» : قلناه.

(٢) «ج» : الواجبات.

(٣) «ج» : انتهى.

(٤) «ج» : بعض سورة.

(٥) «ج» : أهوى.

١١٨

وإن (١) لم يقرأ بعد الحمد سورة تامّة لكن بعض سورة ، ركع ثمّ قام من ركوعه فقرأ من حيث قطع وجوبا من غير أن يقرأ الفاتحة ، وهكذا إلى الرّكوع الخامس. لكن ، يجب أن يكون الرّكوع الخامس عن تمام سورة ، ثمّ يسجد سجدتين ، ويقوم إلى الثانية ؛ فيقرأ الحمد ثانيا وبعض سورة ويركع خمسا ، ويجب أن يكون ركوعه الأخير عن تمام سورة أيضا ، ثمّ يسجد سجدتين ويتشهّد بالتّشهّد المذكور ويسلّم وجوبا.

وأكثر ما تكون هذه الصّلاة بالحمد عشر مرّات وعشر سور ، وأقلّ ما تكون بالحمد مرّتين وسورتين.

وصفة صلاة الزّلزلة وأخاويف السّماء ، كذلك ، غير أنّه يذكر في النّيّة اسم السّبب.

قال «قدّس الله روحه» :

ومنها : صلاة النّذر ، وشبهه ، وصلاة الجمعة ، والعيدين ، والأموات ، وتجب عند أسبابها.

وصفة صلاة الميّت أن ينوي ؛ فيقول : «اصلّي على هذا الميّت ، لوجوبه ، قربة إلى الله» ثمّ يكبّر ويتشهّد الشّهادتين ، ثمّ يكبّر ثانية ويصلّي على النّبيّ وآله ، ثمّ يكبّر ثالثة ويدعو للمؤمنين ، ثمّ يكبّر رابعة ويدعو للميّت ، ثمّ يكبّر خامسة وينصرف.

أقول : من الصّلاة (٢) الواجبة : صلاة النّذر ، وهي تجب عند سببها ، وهو : إيجاب الشّخص لها على نفسه بالنّذر. وكذلك ما يجب شبه (٣) النّذر ، وهو : العهد ، واليمين. وصفتها على ما يعيّنه في النّذر عددا ووصفا ووقتا على هيئة مشروعة.

وتجب فيها النّيّة ؛ فيقول : «اصلّي صلاة النّذر المعيّن ، أداء لوجوبه ، قربة إلى الله».

__________________

(١) «ج» : فإن.

(٢) «ج» : الصّلوات.

(٣) كذا في الأصل ، والأنسب : بشبه.

١١٩

ومنها : صلاة الجمعة ، وهي ركعتان تقوم مقام الظّهر عند حصول شروطها ، وهي : حضور الإمام العادل ، والعدد وهو خمسة ، والخطبتان قبلها ، والجماعة ، وتباعد الجمعتين فرسخا فما زاد.

ووقتها : زوال الشّمس إلى أن يصير ظلّ كلّ شيء مثله.

وتجب فيها النّيّة ، وصفتها : «أصلّي صلاة الجمعة ، أداء ، لوجوبها ، مأموما ، قربة إلى الله».

ومنها : صلاة عيد الفطر ، وعيد الأضحى ، وهي ركعتان تزاد فيها تسع تكبيرات بعد القراءة قبل الرّكوع ؛ في الاولى خمس تكبيرات ، وفي الثّانية أربع ، ويجب فيها الخطبتان بعدها ، ووقتها : من طلوع الشّمس إلى قبل الزّوال.

وتجب فيها النّيّة ، فإن وجب ؛ قال : «اصلّي صلاة عيد الفطر ، أو عيد الأضحى ، لوجوبها ، مأموما ، قربة إلى الله».

وإن لم تتحقّق شروطها وهي شروط الجمعة ، كانت مندوبة ، وصفة نيّتها : «أصلّي صلاة عيد الفطر ، أو عيد الأضحى ، لندبها ، قربة إلى الله».

ومنها : صلاة الأموات ، وهي واجبة على الكفاية على كلّ مسلم ومن بحكمه ممّن بلغ ستّ سنين. وهي : خمس تكبيرات ، وليس فيها قراءة ، ولا تسليم ، وليس من شرطها الطّهارة.

وصفتها : أن ينوي النّيّة ؛ فيقول : «اصلّي على هذا الميّت ، أو على هذه الجنازة ، لوجوبها ، قربة إلى الله» ويقارنها بالتّكبير.

وفي الدّعاء بين التّكبيرات قولان : أحدهما : الوجوب (١) ، والثّاني :

__________________

(١) المبسوط ١ : ١٨٥ ، السّرائر : ٨٠ ، الكافي في الفقه : ٥٧ ، المهذّب ١ : ١٣٠ ، المراسم : ٧٩ ، الجمل والعقود : ٧٩ ، المقنعة : ٣٧ ، جمل العلم والعمل : ٧٤ ، المعتبر ٢ : ٣٤٧.

١٢٠