الياقوت في علم الكلام

أبي اسحاق ابراهيم بن نوبخت

الياقوت في علم الكلام

المؤلف:

أبي اسحاق ابراهيم بن نوبخت


المحقق: علي اكبر الضيائي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-8179-78-4
الصفحات: ٩٥

القول في تتبّع اعتراضاتهم في مسائل العدل

إلزامهم في مسألة تحسين العقل وتقبيح (١) الكذب لتخليص [النّبي] (٢) باطل (٣) ، لأنّه قبيح ، لكنّ الحسن التّعريض ووقوع فعل الرّعية (٤) بحسب إرادة الملك وكذلك العبد مع السّيّد لا يطابق لما ذكرنا (٥) للوجوب الفاصل.

وإلزام (٦) الخصم إيجاد الجواهر لعلّة الوجود المطّردة باطل ، لأنّ تعلّق قدرته لا يعلّل ولو (٧) علّل فمن أين أنّ العلّة فيه (٨) هي الوجود دون غيره والتّعليق بالمشيّة ليس تعليقا حقيقة ، بل هو إيقاف حكم اليمين.

وإلزام (٩) الخصم لنا في التّولّد (١٠) دفعا وجذبا حصلا معا فكان مقدورا بين قادرين باطل ، لأنّهما بمنزلة شخص واحد ويستحيل وقوع الانتقال بهما وإن (١١) ظننّاه ، كما نشاهده.

__________________

(١). في «ب» : تقبيحه.

(٢). هذه زيادة في «ب» ولم ترد في الأصل.

(٣). قالت الأشاعرة : انّ الكذب يحسن إذا تضمن تخليص نبيّ من ظالم ، انظر : تلخيص المحصل ، ص ٣٤٠.

(٤). في «ب» : الرغبة.

(٥). في «ب» : ما ذكرناه.

(٦). في «ب» : وإلّا لزم.

(٧). في «ب» : فلو.

(٨). قوله «فيه» لم يرد في «ب».

(٩). في «ب» : وإلّا لزم.

(١٠). في «ب» : في التولية.

(١١). في «ب» : وإنّه.

٦١

والقدرة على إيجاد الدّاعية في اللّطف باطل ، لعدم وقوع الثّواب المطلوب من التّكليف.

٦٢

القول في مسائل الوعد والوعيد (١)

ليس (٢) في العقل ما يدلّ على ثواب (٣) ولا عقاب (٤) ، لكثرة النّعم الّتي لا يستحقّ العبد معها جزاء على طاعته وإن استحقّ فلا دليل على الدّوام [قطعا] (٥) عقلا ، ولا عقاب ؛ إذ لا يقتضي العقل تعذيب المسيء في الشّاهد أبدا.

والإحباط باطل ، لأنّ العقل لا يقتضي (٦) محو (٧) الإحسان الكثير بالإساءة (٨) القليلة ولا منافاة بين الثّواب والعقاب ولأنّ انتفاء الأقدم بالأحدث ليس أولى من عكسه وللزوم الدّور المشهور ولأنّ الطّارئ إن أحبط وبقي أدّى إلى مخالفة قوله [تعالى] (٩) :

(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (١٠)

__________________

(١). الوعيد هو أصل من الأصول الخمسة للمعتزلة وهو في اعتقادهم كلّ خبر يتضمّن إيصال ضرر إلى الغير أو تفويت نفع عنه في المستقبل ولا فرق بين أن يكون حسنا مستحقا أو لا يكون كذلك ، انظر : إشراق اللّاهوت ، مخطوط في مكتبة الإمام الرضا ، الورقة ١١٦ ؛ الفصل في الملل ، ٤ / ٤٤ ؛ مذاهب الإسلاميين ، ١ / ٥٥ ، ٦٢ ـ ٦٤ ؛ الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة ، ٢٦٦ ـ ٢٦٨ ؛ أوائل المقالات ، ٩٩.

(٢). في «ب» : قال وليس.

(٣). في الأصل : في ثواب ، وما أثبتناه في المتن موافق لنسخة «ب».

(٤). في «ب» : وعقاب.

(٥). هذه الكلمة زيادة في الأصل ولم ترد في «ب» وسائر الشروح.

(٦). في «ب» : لا يقضي.

(٧). في «ب» : بجزا.

(٨). في «ب» : لاساءة.

(٩). هذه الزيادة لم ترد في الأصل ولكنّها وردت في «ب».

(١٠). سورة الزلزلة ، ٩٩ : الآية ٨.

٦٣

وإن لم يبق ، استحال زوال شيء (١) منهما ، إذ لا مقتضي له إلّا بإلزام (٢) وجودهما حال عدمهما ، لوجوب وجود العلّة مع المعلول (٣).

والفاسق المؤمن لا يخلّد في النّار ، لأنّ ثواب طاعته قد بطل أن يحبط وبقاؤه مع القول بنقله من الجنّة إلى النّار خلاف الإجماع (٤) ؛ ولأنّه تعالى وصف نفسه بأنّه عفوّ غفور ، فلو كانت الصّغائر مكفّرة والكبائر غير مكفّرة لبطل الوصف ؛ وأيضا فالجمع (٥) بين العمومين في الآيتين المذكورتين واجب لا بدّ منه وعمومات الخصم (٦) ظاهرة لا تفيد العلم ومعارضة بأمثالها.

والشّفاعة من النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) في أهل الكبائر متحقّقة ، للخبر القاطع ، ولوجوب شفاعتنا في النّبيّ عليه‌السلام لو لم يكن كذلك (٨).

والتّوبة لا يجب قبولها على الله تعالى (٩) ، لأنّ المسيء في العرف يحسن قبول توبته ويحسن الإعراض عنه والإجماع على الدّعاء يمنع وجوبها (١٠) أيضا.

والتّوبة على العبد واجبة ، لقضاء العقل والشرع بوجوبها ، وليس من شرطها الندم على جميع الذّنوب وإلّا لزم لو (١١) أذنبت ذنوبا إلى شخص وكسرت منه قلمه ألّا تقبل

__________________

(١). في «ب» : شيئا.

(٢). في الأصل : بالتزام وفي «ب» والشروح : بإلزام.

(٣). للردّ على الإحباط انظر : كشف المراد ، ٤٣٩ ـ ٤٤٠.

(٤). في «ب» : خلافا للإجماع.

(٥). في «ب» : فالجميع.

(٦). في «ب» : الخصوم.

(٧). في «ب» : عليه‌السلام.

(٨). انظر عن آراء المعتزلة والأشاعرة والشيعة في الشفاعة : أوائل المقالات ، ٥٢ ، ٩٦ ؛ كشف المراد ، ٤٤٣ ـ ٤٤٤ ؛ الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة ، ٢٤٧ ـ ٢٥٠ ؛ أصول الدين لأبي منصور البغدادي ، ٢٤٤ ـ ٢٤٥.

(٩). لم ترد عبارة «تعالى» في «ب».

(١٠). في «ب» : وجوبهما.

(١١). في «ب» : إذ أذنبت.

٦٤

توبتي لو لم أذكر القلم وأعتذر من كسره وذلك باطل.

والمؤمن لا يصحّ منه الكفر (١) وإلّا أدّى إلى تعذّر استيفاء الحقّ منه ، لانعقاد الإجماع على أنّه لا ينفك (٢) عن إحدى النّفعين (٣).

والمؤمن إذا فسق يسمّى مؤمنا (٤) ، لأنّ الإيمان هو التّصديق وهو مصدّق وليست الطاعات جزءا من الإيمان وإلّا كان قوله [تعالى] (٥) :

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) (٦)

تكرارا (٧).

وسائر السّمعيّات من الصّراط والميزان نقول به ، لأنّ العقل يجيز ذلك وقد ورد به الشّرع ، فكان حقّا.

__________________

(١). في «ب» : لا يصحّ الكفر منه.

(٢). في الأصل : لا ينقل وما أثبتناه في المتن موافق لنسخة «ب» والشرح.

(٣). في «ب» : البتعتين.

(٤). وإلى هذا القول ذهبت الإمامية والمرجئة وأصحاب الحديث وجماعة الأشعرية ، انظر : كشف المراد ، ٤٥٤ ؛ تلخيص المحصل ، ٤٠٣.

(٥). لم ترد عبارة [تعالى] في الأصل.

(٦). سورة البقرة ، ٢ : الآية ٢٧٧ ؛ سورة يونس ، ١٠ : الآية ٩.

(٧). في «ب» : تكريرا.

٦٥

القول في تتبّع اعتراضات الخصم

على مسائل الوعد والوعيد

ادّعاؤه حسن المدح أبدا وقياس الثّواب عليه قياس من غير جامع.

والتجاؤهم إلى الإغراء بالمعاصي واقع لو لم نقل بدوام (١) العقاب باطل بالتّوبة عندهم.

ويسير العقاب كاف للعاقل.

واعتصا [مهم] (٢) في الإحباط بما لو كسرت لغيري قلما وأنجيت (٣) ولده من الهلكة باطل بإحسان الكافر إلينا ، فإنّه يذمّ ويمدح معا.

وعذرهم (٤) في الشّفاعة باعتبار الرّتبة باطل لسقوطها في المشفوع فيه كسقوطها في المأمور به وإن اعتبرت في الشّافع والمشفوع إليه والآمر والمأمور.

__________________

(١). في «ب» : بدوم.

(٢). في الأصل : اعتصا وفي «ب» : اعتصا عتصامهم.

(٣). في «ب» : نجيت.

(٤). في «ب» : عدرتهم.

٦٦

القول في النّبوّات (١)

يجوز أن يعلم [سبحانه و] (٢) تعالى أنّ لنا في بعض الأفعال مصالح أو مفاسد ، فبعث (٣) الأنبياء لتعريف المكلّف ذلك.

وشرط المعجز أن يكون من فعله تعالى (٤) أو جاريا مجرى فعله ، والغرض به التّصديق.

محمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لظهور المعجز (٥) على يده وهو القرآن ، لأنّه تحدّى به وعجز العرب عن معارضته وتحدّيه به (٦) في قوله تعالى :

(فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (٧)

وغيرها من الآيات (٨) وعجزوا عن معارضته ، لأنّه لو عورض لنقل وعجزهم عن المعارض كان للتّعذّر (٩) دون غيره ، لشدّة شعفهم (١٠) بإطفاء نوره وإبطال أمره ، فلو قدروا

__________________

(١). العنوان لم يرد في «ب».

(٢). زيادة في «ب».

(٣). في «ب» وفي الأصل : فيبعث.

(٤). في «ب» وفي الأصل : من الله تعالى.

(٥). في «ب» وفي الأصل : المعجزة.

(٦). في الأصل ولم يرد قوله «به» في «ب».

(٧). سورة البقرة ، ٢ : الآية ٢٣.

(٨). مثل قوله تعالى : (لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) ، سورة الأسراء ، ١٧ : الآية ٨٨ وقوله تعالى : (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ) ، سورة هود ، ١١ : الآية ١٤.

(٩). في «ب» : للتعدق.

(١٠). في هامش الأصل : أي حرصهم.

٦٧

على المعارضة لعارضوه (١).

وغير القرآن من الآيات دليل على صدقه ، كانشقاق القمر والإخبار عن الغيوب في مواضع كثيرة (٢).

وظهور المعجزات على أيدي (٣) الأولياء والأئمة جائز ودليله ظهور المعجز على آصف وعلى مريم إلى غير ذلك (٤).

والأنبياء أفضل من الملائكة (٥) ، لاختصاصهم بشرف الرّسالة مع مشقّة التّكليف.

__________________

(١). وهناك أقوال أخر في سبب الإعجاز فقال الجبائيان إنّ سبب إعجاز القرآن فصاحته وقال النظام والمرتضى هو الصرفة بمعنى أنّ الله تعالى صرف العرب ومنعهم عن المعارضة ، انظر : كشف المراد ، ٣٨٤ ـ ٣٨٥ ؛ مذاهب الإسلاميين ، ١ / ٢١٣ ـ ٢٢٠ ؛ الملل والنحل للشهرستاني ، ١ / ٧٢.

(٢). انظر : سورة القمر ، ٥٤ : الآية ٤٥ ؛ سورة آل عمران ، ٣ : الآية ١٢ ؛ سورة الفتح ، ٤٨ : الآية ٢٧ ؛ سورة الحشر ، ٥٩ : الآية ١٢.

(٣). في «ب» وفي الأصل : يد.

(٤). مثلما نقلته الإمامية بالتواتر من ظهور المعجزات على أيدي الأئمة عليهم‌السلام ، أنوار الملكوت ، ١٨٧ ؛ كشف المراد ، ٣٧٨.

(٥). ذهبت الإمامية والأشاعرة إلى تفضيل الأنبياء على الملائكة على خلاف قول الحسين بن الفضل البجلي من الأشاعرة مع أكثر المعتزلة والفلاسفة بتفضيل الملائكة على الأنبياء ، انظر : أصول الدين لابي منصور البغدادي ، ١٦٦ ؛ الفرق بين الفرق ، ٣٤٣.

٦٨

القول في تتبّع الاعتراضات على النّبوّة

القدح باستغناء العقل عنها فاسد ، لأنّ العقل لا مدخل له إلّا في الكلّيّات.

وتجويز أن يكون الموحي غير (١) ملك مدفوع (٢) بإمكان اضطرار النّبيّ إلى أنّه ملك ، إمّا بالعلم ، أو بالعمل.

والقرآن لا يقدح في كونه من عند الله ، لجواز أن يكون الّذي ألقاه شيطانا ، لأنّه تعالى يجب عليه دفع ذلك الشّيطان ومنعه [من] (٣) الإضلال وأيضا الشّيطان (٤) لا قدرة له على الإخبار عن الغيوب الّتي (٥) تضمّنها القرآن.

وتجويز أن يكون النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٦) أفصح العرب لا يمنع من معارضته بما يماثله ، أو يقاربه (٧).

وتجويز وجود المعارضة ـ وإن لم تنقل (٨) ، كما نقوله في النّصّ عن الإمام ـ ليس بشيء ، لأنّ النّصّ (٩) نقله أهل التّواتر والمعارضة لم ينقلها يهوديّ ولا نصرانيّ فضلا

__________________

(١). في «ب» : عن.

(٢). في «ب» : فاسد.

(٣). في «ب» ولم يرد في الأصل.

(٤). في «ب» : فالشيطان.

(٥). في «ب» : الذي.

(٦). في «ب» : عليه‌السلام.

(٧). في «ب» : يقارنه.

(٨). في «ب» : وإن لم يفعل.

(٩). في «ب» : بأنّ النّصّ.

٦٩

عن المسلمين.

والقدح في كرامات الأولياء بالتّنفير المدّعى باطل ، لأنّه إنّما يكون عند التّحدّي ، لا عند سواه والتّمسّك بكون الملك روحانيّا لا تأثير له في الفضل على ما تقضي به أوائل العقول.

٧٠

القول في الإعادة وأحكامها

الأجزاء بعد الموت تجمع وتؤلّف ، لإخبار الصّادق بذلك (١) واغتذاء الحيوان بمثله يعاد الأصل (٢) دون الزّائد (٣) وإعادة المعدوم جائزة وإلّا لم يصحّ جمع الأجزاء بعد التفرّق ، لعدم الأعراض الأوّل (٤).

والجواهر باقية ، لعلمي بأنّي [أنا] (٥) الّذي كنت بالأمس ، لا غير (٦) ولا تنتفي بانتفاء ما يحتاج إليه لعدم الحاجة ، فلا ينتفي إلّا بضدّ.

__________________

(١). لقوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) ، سورة القيامة ٧٥ : الآية ٣ ـ ٤.

(٢). في «ب» : تعاد الأصيل.

(٣). غرض المصنف بهذا الكلام الجواب عن شبهة الآكل والمأكول ، انظر : رسالة أضحوية لابن سينا ، تحقيق سليمان دنيا ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، ١٣٦٨ ق ، ص ٥٥ ـ ٥٦ ؛ المواقف ، ٣٧٢ ـ ٣٧٤ ؛ شرح المقاصد ، ٢١٣ ـ ٢١٨ ؛ أسرار الحكم للسبزواري ، ٣٣١ ـ ٣٣٢ ؛ إرشاد الطالبين ، ٤٠٦ ـ ٤١٠ ؛ المبدأ والمعاد لصدر الدين الشيرازي ، ٣٨٢ ـ ٣٩٦ ؛ كشف المراد ، ٤٣٢ ؛ إشراق اللّاهوت ، الورقة ١٢٦.

(٤). في «ب» : وفي الأصل : الأولى.

(٥). في «ب» : والشروح.

(٦). في «ب» : لا غيره.

٧١

جمل متفرّقة

الأمر بالمعروف واجب وكذلك النّهي عن المنكر ومن شرط وجوب النّهي عن المنكر أن لا يغلب في ظنّ المنكر (١) مفسدة تلزم من الإنكار (٢).

والأجل هو الوقت والميّت يموت بأجله وليس كلّ مقتول يقتل بأجله وإلّا كان الملك لو قتل أهل بلده في يوم كان مماتهم (٣) واجبة وهو خرق العادة (٤).

والسّعر تقدير البدل (٥) وهو من الله تعالى عند الأفعال الّتي لا تقبح ومنّا عند الأفعال القبيحة.

والرّزق ما صحّ أن ينتفع به وجائز أن يأكل الإنسان رزق غيره كما يأكل مال الغير وليس الرّزق مالا فقط ، بل يكون حياة وولدا إلى غير ذلك.

__________________

(١). في «ب» غير مقروء.

(٢). ومن شروطهما أن يعرف الآمر والناهي وجه الفعل والتأثير في المخاطب.

(٣). في «ب» : حياتهم.

(٤). في «ب» : للعادة.

(٥). في «ب» : البذل.

٧٢

القول في عصمة الأنبياء والرّدّ على

مخالفي الملّة أجمع

العصمة لطف يمنع (١) من اختصّ به من الخطاء ولا يمنعه على وجه القهر وإلّا لم يكن المعصوم مثابا ووجه عصمة الأنبياء أنّهم لو لم يكونوا معصومين لأدّى إلى التّنفير عن قبول أقوالهم وذلك ممّا (٢) يدرأه (٣) المعجز ودلالته.

وما يدّعي (٤) اليهود من استحالة النسخ (٥) باطل ، لجواز تغيّر المصلحة كما في المريض وعليه يخرج (٦) قولهم إن لم يكن السبت (٧) مصلحة كان الأمر به قبيحا وإن كان مصلحة كان النّهي عنه قبيحا ؛ على أنّ في التوراة أوامر كثيرة (٨) منسوخة.

وادّعاؤهم انّ موسى قال : أنا خاتم النبيين (٩) باطل ، لأنّهم لا تواتر لهم بحادثة بخت نصر ؛ على أنّ الفاظ التّأبيد لا تدلّ على الدّوام كقصّة دم الفصيح والعبد (١٠) المعتق.

__________________

(١). في «ب» وفي الأصل : يمتنع.

(٢). في «ب» : وفي الأصل : ذلك وممّا.

(٣). أي يدفعه.

(٤). في «ب» : تدعي.

(٥). هذا قول الفريق الأوّل من اليهود وهم قائلون باستحالة النسخ عقلا.

(٦). وقوله : «عليه يخرج» في نسخة «ب» ممسوح.

(٧). في «ب» : سبب.

(٨). في «ب» : كثر.

(٩). هذا قول الفريق الثاني من اليهود وهم يدعون تأبيد شرع موسى عليه‌السلام خبرا ، راجع عن قولهم : أصول الدين لابي منصور البغدادي ، ٢٢٦ ، ٣٢٦.

(١٠). في «ب» : وفي الأصل : عبد.

٧٣

وادّعاء النّصارى أقانيم الثّلاثة (١) باطل (٢) لأنّها إن كانت كالمعاني بطلت (٣) وإن كانت عين الذّات فهو مناقض (٤).

وقول المنجّمين يبطله قدم الصّانع واشتراط اختياره ويلزم عليه أن لا يستقرّ الفعل على حال (٥) من الأحوال.

وقول أهل الطّبيعة يبطل بمثل ذلك.

وقول الثّنويّة فاسد (٦) بنحو ما ذكرناه ، وقد ألزموا اعتذار الجاني وغير ذلك.

وقول المجوس باطل ، بمثل ذلك.

وقول عبدة الأصنام يبطل ، لعلمنا بعدم فعلها.

وقول الغلاة يبطل أصله ، استحالة كون البارئ [تعالى] (٧) جسما ، ومعجزات أمير المؤمنين عليه‌السلام معارضة بمعجزات موسى وعيسى عليهما‌السلام (٨).

__________________

(١). في «ب» وفي الأصل : أقانين الآلة.

(٢). راجع : الفصل في الملل ، ١ / ٤٨ ـ ٥٠ ؛ كشف المراد ، ٣١٨ ؛ مذاهب الإسلاميين ، ١ / ٤٤٦ ـ ٤٤٨ ؛ شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبّار ، ٢٩٥ ـ ٢٩٨.

(٣). في «ب» : فقد بطل.

(٤). في «ب» : متناقض.

(٥). في «ب» : حالة.

(٦). في «ب» : باطل.

(٧). هذه الزيادة لم ترد في النّسختين ، بل في الشروح.

(٨). الغالية هم الذين غلوا في حق الائمة عليهم‌السلام حتى أخرجوهم من حدود الخلقية وحكموا فيهم بأحكام إلاهية ، فربّما شبهوا واحدا من الائمة بالإله وربّما شبّهوا الإله بالخلق وهم على طرفي الغلوّ والتقصير وانّما نشأت شبهاتهم من مذاهب الحلولية ومذاهب التناسخية ، منهم الخطّابية والنصيرية والكاملية والإسحاقية.

٧٤

[القول في الإمامة]

الإمامة واجبة عقلا ، لأنّها لطف يقرّب (١) من الطّاعة ويبعّد (٢) من المعصية ، ويختلّ حال الخلق مع عدمها.

وقد ذكر أصحابنا فيها وجوها من إرشاده إلى الصّنائع (٣) وتمييز (٤) الأغذية من السّموم وغير ذلك.

وواجبة سمعا أيضا ، لقوله :

(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (٥)

والأمر بالشّيء أمر بما لا يتمّ (٦) ذلك الشّيء إلّا به (٧) ، ولقوله (٨) عليه‌السلام :

(الأئمّة من قريش).

وهو إلزام وإجماع الصّحابة حجّة على ذلك.

وواجب في الإمام عصمته وإلّا كانت علة الحاجة إليه فيه ، فيؤدّى إلى التّسلسل وأيضا فنحن مأمورون بطاعته ، فلو أمر بمعصيته لتناقض القول ، فلا بدّ من عصمته ،

__________________

(١). في «ب» : تقرّب.

(٢). في «ب» : تبعّد.

(٣). في «ب» : الصانع.

(٤). في «ب» : تميّز.

(٥). سورة المائدة ، ٥ : الآية ٤١.

(٦). في «ب» : بالاسم.

(٧). في «ب» : الآية.

(٨). في «ب» : وقوله.

٧٥

ولأنّه إمام والإمام من يفعل الشّيء لأجله وإلّا كانت اليهود والنّصارى أئمة لنا ويستحيل التّعبّد باتّباع غير المعصوم لقبحه ، ولأنّ الأمّة مختلفة في الأحكام (١) ، فلا بدّ من حجّة تقطع اختلافهم ويظهر لنا منه العلم ، ولأنّ الأدلّة غيره باطلة من الرّأى والخبر المفرد ، فلا بدّ من إثباته ، ولأنّ الشّريعة امّا ان تحفظ (٢) بالأمّة أو به والأمّة يجوز خطاؤها والّا لم يكن (٣) له عليه‌السلام أن يقول : «ألا لا ترجعوا بعدي (٤) كفّارا». ولا قوله تعالى (٥) : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) (٦) فلا بدّ منه ، ولأنّ خصائص الرّسول (٧) متحقّقة في الإمام من كونه يولّي ولا يولّى عليه (٨) ويعزل ولا يعزل إلى غيره ، فوجب (٩) عصمته كعصمته.

وواجب في الإمام أنّه أفضل بالعلم والشجاعة والزّهد ، لقبح تقديم المفضول على الفاضل (١٠) وواجب أن لا يشذّ [عنه] (١١) شيء من أحكام الشّريعة (١٢) ، لقبحه كقبح نصب وزير (١٣) لا يضطلع باعباء الوزارة ، والتّمكّن ليس بشيء وإلّا لجاز (١٤) أن يولّى البقّال

__________________

(١). التزم العامّة بعصمة الأمة وصرح به علماء الأصول منهم في بحث الإجماع وحجيته.

(٢). في «ب» : يحبط.

(٣). في «ب» : لم يجز.

(٤). في «ب» : من بعدي.

(٥). عبارة «تعالى» لم ترد في «ب».

(٦). سورة آل عمران ، ٣ : الآية ١٤٤.

(٧). في «ب» : النبي.

(٨). قوله «عليه» لم يرد في «ب».

(٩). في «ب» : فوجوب.

(١٠). اتفق العقلاء على قبح تقديم المفضول على الفاضل إلّا القلانسي والحسين بن الفضل ومحمد بن اسحاق بن خزيمة فإن هؤلاء أجازوا إمامة المفضول ، راجع : أصول الدين لابي منصور البغدادي ، ٢٩٣ ، ٣٠٤.

(١١). زيادة في «ب» ولم ترد في الأصل.

(١٢). في «ب» وفي الأصل : الأحكام الشرعية.

(١٣). في النسختين : الوزير والأصحّ ما أثبتناه في المتن.

(١٤). في «ب» : جاز.

٧٦

وزيرا لتمكّنه.

وواجب النّصّ ، لأنّ الشّرط الخفيّ به تحقّقه ، إذا لا بدّ من إبانته بالنصّ (١) أو المعجز ، والعلم بالإصابة لا يكفي لقبحه في الاعتبار بالشّاهد ، والأفضليّة (٢) خفيّة (٣) أيضا لوجوب المساواة ثمّ النّظر وهذا يظهر في كثرة (٤) الثّواب ظهورا بيّنا ويستدلّ عليه (٥) بامتناع التّنفير وتحقّقه لو زاد ثواب أحد من رعيته عليه ، ولأنّ الإمامة ركن عظيم كالصّلاة وغيرها ، فكما لم يثبت ذلك إلّا بالنّصّ (٦) ، فكذلك هاهنا.

__________________

(١). في نسخة «ب» هذه العبارة مشوشة وفيها : وجوب النص والشرط الخفي تحققه لا بدّ من اثباته بالنص.

(٢). في «ب» : لا فطبه.

(٣). في «ب» : حقيقة.

(٤). في «ب» : كثير.

(٥). أي على وجوب المساوات ، كما في هامش الأصل.

(٦). زعمت الأشاعرة أنّ النبي عليه‌السلام لم ينص على إمامة أحد بعده واحتجّوا بأنّه لو نصّ على ذلك لظهر وانتشر واحتجت عليه الإمامية بوجود التّنصيص على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، راجع : لمع الأدلّة ، ١١٤ ـ ١١٥.

٧٧

القول في تتبّع اعتراضات مخالفينا

في وجوب الإمامة والعصمة

القدح بغيبة الإمام وإلزامهم إيجاب ظهوره باطل ، لوجود الطّريق ـ كما قلناه ـ في المعرفة.

وإلزامهم (١) وجود أئمة متعدّدة باطل ، لأنّا نكتفي بخلفائه الّذين يرجعون إليه.

وقيام غيرها مقامها لا يصحّ ، لأنّه لا تعقل العصمة وكلامنا في رعية غير معصومين.

وتخيّل امتناع جريان العصمة فاسد ، لأنّها ممّا يزجر عنها كالكبائر ، لا سيّما (٢) عندنا.

وحاجة أمير المؤمنين عليه‌السلام (٣) إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) لم يكن للامتناع (٥) من القبيح ، بل لتعلّمه (٦) الأحكام.

والتّمسّك بأنّ الحدود زمان الغيبة إمّا أن لا تسقط (٧) فتحتاج إلى ظهوره أو تسقط (٨) وهو نسخ للشريعة باطل ؛ لأنّ الحدود ثابتة في جنوب (٩) مستحقّيها ، فإن أدركهم (١٠)

__________________

(١). في «ب» : إلزاماتهم.

(٢). في «ب» : ولا سيّما.

(٣). قوله : «عليه‌السلام» لم يرد في «ب».

(٤). في الأصل : إلى النبي عليه‌السلام صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي «ب» فمع النبيّ عليه‌السلام.

(٥). في «ب» : الامتناع.

(٦). في «ب» : لتعليم.

(٧). في «ب» : يسقط.

(٨). في «ب» : يسقط.

(٩). في «ب» : حقوق.

(١٠). في «ب» وفي الأصل : أدكهم.

٧٨

ظهوره استوفاها وإلّا فأمرهم إلى الله وإثمهم على المخيف له.

والاقتداء بنوّابه (١) في الأطراف (٢) البعيدة لا يوجب عصمتهم ، لأنّ الاقتداء بهم ما كان (٣) لأجل فعلهم ، ولهذا يقتدون بإمامهم.

واختلاف الشّيعة كان لغيبة (٤) الإمام ، فما أجمعوا عليه حقّ ، وما اختلفوا فيه رجعنا فيه إلى أصله.

وما يدّعى من اختلاف [قول] (٥) أمير المؤمنين عليه‌السلام دعاوي آحاد فاسدة ، وقد تكلّم أصحابنا عليها (٦) في كتبهم.

والتّمسّك بوقوع البعد عن الإمام فلا بدّ من النّقل (٧) وإذا اكتفى به ثمّ اكتفى به عن الإمام جملة فاسد ، لأنّه يكتفى به ، لكون الإمام من ورائه وإذا عدم لم يوجد الحافظ.

وتقديم عمرو بن العاص على أبي بكر وعمر (٨) كان في السّياسة وهو أعلم بها منهما.

القول في الاعتراض (٩) على وجوب النّصّ ويتبعه التّسوية بين الأوصياء والأمراء والأئمة فاسد ، لعدم اختصاصهم بالصّفة الخفيّة ، واعلم انّ هذه الصّفة إذا ثبت (١٠) لم يبق للخصوم مضطرب والكلام كلّه في ثبوتها وقد قرّرنا فيها ما تقرّر بعون الله تعالى.

__________________

(١). في «ب» : به وأنّه.

(٢). في «ب» : الأطراق.

(٣). في «ب» : ما كانوا.

(٤). في «ب» : بغيبة.

(٥). في «ب» ولم ترد هذه الكلمة في الأصل.

(٦). في «ب» : عليهم.

(٧). في «ب» : التفضل.

(٨). في «ب» : عمرو.

(٩). في «ب» : الاعتراضات.

(١٠). في «ب» : اذا لم يثبت.

٧٩

القول في إثبات إمامة (١) أمير المؤمنين عليه‌السلام

بعد الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بغير فصل

الكلام على أنّ أبا بكر غير معصوم مع اشتراط العصمة تبطل إمامته ، فتعيّن إمامة إمامنا.

وأصحابنا على كثرتهم ينقلون أنّه استخلفه بألفاظ صريحة كقوله : «هذا خليفتي عليكم وإمامكم من بعدي» وهم أهل تواتر وينقلون أنّ أسلافهم كانوا أهل تواتر ، فدلّ على استواء الأطراف في الشّروط (٢) ولأنّه لو حدثت (٣) هذه الدّعاوى ، لعلم وقت حدوثها (٤) ، كعلمنا (٥) بالوقت الّذي حدث فيه أقوال الفرق.

ونصّه عليه [أفعالا] (٦) كنصّه أقوالا من إخائه له (٧) وتزويجه ابنته وغير ذلك.

ولأنّ أصحابنا على كثرتهم ينقلون معجزاته عقيب ادّعائه للإمامة (٨) وذلك دليل صدقه (٩).

ولأنّ التّوراة والإنجيل مصرّحان بإمامته في مواضع نقلها أصحابنا كثيرة.

__________________

(١). في «ب» : إثبات أمير المؤمنين.

(٢). في «ب» : في الشرط.

(٣). في «ب» : لو حدث.

(٤). في «ب» : حدوثه.

(٥). في «ب» : لعلمنا.

(٦). زيادة في «ب» ولم ترد في الأصل.

(٧). قوله «له» لم يرد في «ب».

(٨). في «ب» : الإمامة.

(٩). في «ب» : صدق.

٨٠