الياقوت في علم الكلام

أبي اسحاق ابراهيم بن نوبخت

الياقوت في علم الكلام

المؤلف:

أبي اسحاق ابراهيم بن نوبخت


المحقق: علي اكبر الضيائي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-8179-78-4
الصفحات: ٩٥

الجسم وبهذا تبطل المعاني أيضا في القدرة واستحالة خرق الإجماع في إثبات معنى دون (١) معنى.

وليس متحيّزا (٢) ، لأنّه إن كان منقسما فقد أبطلناه وإلّا كان أصغر شيء تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

ولا حالّا في شيء وإلّا يقوم بالمحلّ وهو مستغن (٣) مطلقا ويلزم قدم المحلّ أيضا. ولا تقوم الحوادث بذاته وإلا كان حادثا.

ولا تصحّ رؤيته ، لاستحالة الجهة عليه ووجوب رؤيته الآن لصحّة أبصارنا وارتفاع الموانع والاعتذار بالعلم لا يغني ، لأنّ مخالفة الدّليل شاهدا جائز (٤) ، فعلى الخصم بيان مثله وآية النظر محذوفة المضاف ومعارضة بقوله تعالى :

(لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) (٥)

عند (٦) التمدح وعليه يخرج قولهم بموجب الآية بناء على العموم وحملهم لها على بعض الأحوال ، فتدبّره (٧).

__________________

(١). في «ب» : نفى.

(٢). في «ب» : بمتحيز.

(٣). في الأصل : يستغنى.

(٤). في «ب» : شاهد جائزا.

(٥). سورة الأنعام ، ٦ : ١٠٣.

(٦). في «ب» : زيادة «و» : وعند.

(٧). أجمعت المعتزلة على أنّ الله سبحانه لا يرى بالأبصار واختلفوا هل يرى بالقلوب فقال أبو الهذيل وأكثر المعتزلة : نرى الله بقلوبنا أننا نعلمه بقلوبنا وأنكره هشام الفوطي وعباد بن سليمان ذلك ، راجع : مقالات الإسلاميين ، ص ١٥٧ ؛ مذاهب الإسلاميين ، ١ / ٤١٧ ـ ٤٢٣ ؛ وراجع عن قول الأشاعرة : الإبانة ، ص ٦ ـ ٨ ؛ لمع الأدلة ، ص ١٠١ ـ ١٠٥ ؛ الاقتصاد في الاعتقاد ، ص ٣٠ ـ ٣٥ ؛ نهاية الأقدام ، ص ٣٥٦ ؛ معالم أصول الدين ، ص ٦٠ ؛ وردّ الشيعة على الأشاعرة فلاحظ : نهج الحق ، ص ٤٦ ـ ٤٨ ؛ كشف المراد ، ص ٣٢١ ـ ٣٢٤ ؛ الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة ، ص ١٩٥ ـ ١٩٨ ؛ إرشاد الطالبين ، ص ٢٤١ ـ ٢٤٩ ؛ التحفة الكلامية ، مخطوط ، ٢٥ ـ ٢٦ ؛ تلخيص المحصل ، ص ٣١٦ ـ ٣٢٢.

٤١

وهو سبحانه تعالى (١) قادر على كلّ (٢) ما يصحّ أن يكون مقدورا ، لأنّ نسبة الذّات إلى كل ممكن متساوية وعلى أعمال عباده ، لأنّه إن اتّصف بها قبل خلقه لم يزل وإن لم يكن متّصفا بها فقد فقدت العلّة فكيف لا يفقد الحكم الذاتي واستحالة أن يبطل المتأخّر المتقدّم (٣) وعلى أمثال أعمال العباد ، فإنّ صفاتها أحوال عارضة لا تدخل في حقائقها.

وهو عالم بكلّ المعلومات لاستواء نسبة الذّات إليها وبذاته والمغايرة المدّعى اشتراطها تبطل بعلمنا بأنفسنا وبالجزئيات (٤) والتغيّر في الأمور الإضافية (٥) لا يقتضي التغيّر في الذّات (٦).

وهو واحد ، لأنّ إثبات ذاتين لا يتميّزان كإثبات ذات واحدة لها حكم ذاتين وأيضا فهما ممّا يصحّ تمانعهما ، فليفرض وقوعه ، فيؤدّي إلى الفساد (٧) والأقوى الاعتماد على السّمع.

والماهية (٨) باطلة لأنّا نعلم وجوده وهو عين الذّات والحقيقة.

وليس مخاطبا متكلّما في الأزل لقبح خطاب المعدوم (٩).

__________________

(١). عبارة «تعالى» لم ترد في «ب».

(٢). كلمة «كل» لم ترد في «ب».

(٣). في «ب» : متقدما.

(٤). في «ب» : الجزئيّات.

(٥). في «ب» : لاضافية.

(٦). في «ب» : لا يقتضي تغيّر الذّات.

(٧). هذا دليل التمانع ومأخذه قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) أى لتناقضت أحكامهما عند تقدير القادرين على الكمال.

(٨). في «ب» : المايته.

(٩). ذهبت إليه المعتزلة خلافا للأشاعرة والكلابية ، احتج أبو الحسن الأشعري على أنّ كلامه تعالى قديم بأنّ الله تعالى قال : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) بعني من قبل أن يخلق ومن بعد ذلك وهذا يوجب أنّ الأمر غير مخلوق. فراجع عنه : الإبانة عن أصول الديانة ، لأبي الحسن الأشعري ، صص ١٩ ـ ٢٠.

٤٢

القول في الدّلالة على أنّ الصّفات

ثابتة من وجوب وجوده فقط

مدبّر العالم إن كان واجب الوجود فهو المقصود وإن كان جائز الوجود افتقر إلى مؤثّر ، فيتسلسل أو ينتهي (١) إلى الواجب بذاته.

والموجود إمّا أن يتعلق وجوده بغيره بحيث يلزم من عدم الغير عدمه ، أو لا يتعلّق والأوّل الممكن والثّاني الواجب لذاته.

والله (٢) تعالى ليس بعرض ، لأنّ العرض يتقوّم بمحلّه وما يتقوّم بغيره فهو ممكن. وليس بجسم لما ذكرناه أوّلا.

وليس له وصف زائد على ذاته (٣) لأنّه (٤) إن تقوّم وجوده به كانت ذاته مفتقرة إلى غيره وإن لم يتقوّم فهو معلول وعلّته إمّا الذّات ويستحيل كونها فاعلة قابلة أو غيرها ولا علاقة لواجب الوجود بغيره.

وليس بمتغيّر ، لأنّ حدوث أمر في ذاته إن اقتضاه غيره كانت الذّات متعلّقة بالغير والذّات يقتضي دوام التّغيّر.

__________________

(١). في الأصل : يؤدّي وما أثبتناه موافق لنسخة «ب».

(٢). في «ب» : فالله.

(٣). ذهبت الأشاعرة إلى الزيادة والحكماء والمحققون من المتكلّمين إلى أنّه نفسها واختاره المصنف.

(٤). في الأصل زيادة «إمّا» بعد «لأنّه».

٤٣

دقيقة

والمؤثّر مبتهج بالذّات ، لأنّ علمه بكماله الأعظم يوجب له ذلك وكيف لا والواحد منّا يلتذّ بكماله النّقصاني وكونها في الشّاهد من توابع [اعتدال] (١) المزاج لا ينفي (٢) أن يكون في الغائب لغير ذلك لجواز تعدّد السّبب.

ولسنا نقول : إنّه يلتذّ بخلق شيء ليجب وجوده أزلا ، بل هو ملتذّ بذاته وهذه المسألة سطرنا فيها كتابا [منفردا] (٣) وسمّيناه بكتاب الابتهاج.

__________________

(١). زيادة في «ب».

(٢). في «ب» : لا ينتفي.

(٣). هذه زيادة في «ب» ولم ترد في الأصل.

٤٤

القول في العدل

والأفعال قد يستقلّ العقل بقبح بعضها دون بعض وبحسنه كالظّلم والإنصاف والكذب والصّدق (١) ، لأنّه (٢) معلوم ولا يستند إلى الشّرع (٣) لاستقباح الجاهلية له ، فلا بدّ من العقل ولأنّا عند كونه ظلما نحكم بقبحه ، فالمؤثّر فيه نفس كونه ظلما.

ومنّا من (٤) ادّعى الضّرورة في ذلك وهو حقّ ولهذا إذا شككنا في النّبوّة يرتفع قبح الزّنا دون قبح الظّلم.

ولو كان الحسن للأمر لم تكن أفعال الصّانع حسنة وانتفاء النّهي مقابلة (٥) في القبح انتفاء الأمر ، فوجب أن تكون أفعاله قبيحة.

والصّانع تعالى لا يفعل القبيح لعلمه بقبحه وغنائه (٦) عنه واعتباره بالشّاهد والتضرّر المدّعى ملغى (٧) حالة الغفلة والحسن إنّما يفعل لحسنه كالتكليف الّذي

__________________

(١). في «ب» : الصدق والكذب.

(٢). في «ب» : ولانه معلوم.

(٣). وهذا خلاف ما ذهبت إليه الأشاعرة والمجبرة حيث قالوا : إنّ التّحريم والتّحليل والإيجاب والنّدب والحسن والقبح ترجع إلى قضية الكلام وموجب الأمر والنّهي ، راجع عن قولهم : الشامل في أصول الدين لإمام الحرمين الجويني ، ص ٢٦.

(٤). في هامش الأصل : المراد منه أبو الحسين البصري.

(٥). في «ب» : يقابله.

(٦). في «ب» : غناوه وقول المؤلف «وغنائه» عطف على قوله «بقبيحه» لا على قوله «لعلمه» ، على ما قاله العلّامة في أنوار الملكوت ، ص ١٠٨.

(٧). في «ب» : يلغى.

٤٥

لا غرض فيه إلّا ذلك.

ونحن فاعلون (١) لأفعالنا الحسنة والقبيحة ، لأنّها واقعة بحسب قصدنا والذّمّ والمدح يتعلّق بهما والكسب هذيان (٢) للزوم القول في فعل القلب على أصلهم ويلزمهم أن لا يكون لله تعالى (٣) نعمة على كافر ، بل ولا على مؤمن وأن تظهر المعجزات على يد الكاذب (٤) ، فلا نثق بالشّرائع وأن يكون ظالما جائرا والتعلّق بالحاجة إلى مرجّح والكلام فيه كالسّالف ، فلا بدّ فيه (٥) من مرجّح ملجئ باطل ، لأنّ المرجّح العلم بما في الفعل من المصلحة له وكذلك في الوقت على أنّ ذلك بمنزلة طريقين للهارب (٦) من السّبع وقد أجمعنا على اشتراط المخصّص وصدور فعل غير مشعور به ليس بشيء ، لأنّا استدللنا على العالمية بالأحكام وأين الأحكام فيما تذكرونه.

وليس القديم مريدا للقبائح (٧) من عباده وعندنا لا يكاد الخلاف يتحقّق هاهنا ، لأنّ الإرادة هي العلم على ما سبق وإن سلّمنا قول الشّيوخ أمكننا (٨) أن يدلّ عليه بالأمر والنّهي وانّ الطّاعة موافقة للإرادة ، فيكون الكافر مطيعا وأنّ الرّضا واجب بقضائه (٩) ،

__________________

(١). في «ب» : فعالون.

(٢). نسب الشريف المرتضى في رسالة «الحكايات» نظرية الكسب إلى النجارية وهم أتباع الحسين بن محمد النجار (ت ٢٣٠ ه‍. ق) فرقة من المعتزلة ويقال لهم الحسينية أيضا ونظرية الكسب هي أنّ الله تعالى خالق أفعال العباد كلّها وليكن للعبد تأثير فيها بقدرة حادثة وقرر بعض الأشاعرة هذه النظرية أيضا مثل أبي الحسن الأشعري وأبي بكر الباقلاني ، كما ردّه بعض المعتزلة كالقاضي عبد الجبار ، انظر : «رسالة الحكايات» في مجلة تراثنا ، ١٦ / ١١٨ ؛ نهج الحق ، ١٢٥ ـ ١٢٩ ؛ كشف المراد ٣٢٢ ـ ٣٢٣ ؛ الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة ، ٢٠٦ ؛ مذاهب الإسلاميين ، ١ / ٦١٦ ـ ٦١٨ ؛ أصول الدين لأبي منصور ، ١٣٤ ـ ١٣٧.

(٣). عبارة «تعالى» : زيادة في الأصل.

(٤). في «ب» الكذّاب.

(٥). في «ب» لم ترد «فيه».

(٦). في «ب» : طريقى الهارب.

(٧). في «ب» : للقبيح.

(٨). في «ب» : أمكنا.

(٩). في «ب» : بقضائه واجب.

٤٦

فكيف يرضى بالكفر وتعلّقهم بادّعاء التعجيز ليس بشيء وإنّما يكون عاجزا لو لم يقدر على إجبارهم (١) وقد بيّنّا أنّه قادر.

وتقع الأفعال المتولّدة منّا أيضا لتوجّه الأمر والنّهي إلى الفعل والتّرك وكيف لا وأصل القبائح وهو الظّلم والكذب متولّد.

ويقبح الألم (٢) في الشّاهد ، لأنّه عبث وهو أن يفعل لغرض ممكن الوصول من دونه ، لأنّه ظلم وهو ما لا نفع فيه ولا يستحقّ ولا يشارف الاستحقاق ويدخل في النّفع دفع الضّرر ولأنّه مفسدة ويحسن عند عرائه من هذه الوجوه ولا يقبح الألم لمجرّد الضّرر كالمستحق ولا يسمّى ضررا إلّا عند الاستحقاق والظّنّ في النّفع قائم مقام العلم.

وحسنه به معلوم (٣) في الشّاهد كالمبايعات (٤) ولا يكون الظلم (٥) على هذا حسنا لنقل المنافع ، لأنّ نقلها لم يكن مقصودا فيه وحسنه لدفع الضّرر معلوم كشرب المريض الدّواء المرّ (٦) ، و (٧) ليس في الشّاهد علم متعلّق بالتّحصيل ، بل الظّنّ ؛ حتّى قال الشّيوخ : مثله في الأكل والضّرر المستحقّ حسن والظّنّ كاف فيه كمن أذنب ، وغاب عنّا فإنّا نذمّه مع جواز توبته.

[و] (٨) الصّانع تعالى لا يفعل [الألم] (٩) لدفع الضّرر لقدرته على فعله ابتداء

__________________

(١). في الأصل : اخبارهم وما اثبتناه موافق لنسخة «ب».

(٢). في «ب» : الألم يقبح.

(٣). في «ب» : معلوم به.

(٤). في «ب» : المبياعات.

(٥). تكررت عبارة «ولا يكون الظلم» في الأصل.

(٦). في «ب» : للدواء المرّ.

(٧). لم ترد «و» في الأصل.

(٨). لم ترد «و» في الأصل.

(٩). هذه الكلمة لم ترد في الأصل وما أثبتناه موافق لنسخة «ب».

٤٧

لأنّهما (١) فعله ، ولا لظنّ ما لأنّه عالم لنفسه ، ولا لأنّه يعلم أنّه إن لم يولم زيدا فعل (٢) ما يستحقّ به العقاب لقدرته (٣) على العفو وقدرة العاصي على الامتناع ، وإنّما يفعله (٤) للاعتبار ولا بدّ من عوض يخرجه عن كونه ظلما ، ولا يفعله للعوض فقط لحسن الابتداء به ، إذ ليس كالثّواب المقارن تعظيما وتبجيلا لقبح (٥) الابتداء به.

وإذا ساوى الألم اللّذّة في المصلحة لم يجز (٦) فعل الألم ، لإمكان التّحصيل بغيره (٧).

والتّفضّل بالعوض.

وقول البكريّة (٨) هذيان ، لأنّا نعلم تألّمنا أطفالا وتألّم البهائم ، وقول التّناسخيّة (٩) أقرب منه ؛ وقد قال شيوخنا القدماء (١٠) به وهو باطل ، لوجوب تذكّره ووقوع الألم في المعصومين ووجوب مقارنة الاستخفاف (١١) له ووجوب الهرب منه والفزع والجزع ، وما قدّمناه في فعل غير المستحقّ يبطل قولهم جملة.

__________________

(١). في «ب» : ولأنّهما.

(٢). في «ب» : فعلى.

(٣). في «ب» : بقدرته.

(٤). في «ب» : يفعل.

(٥). في «ب» : يصح الابتداء به وهو خطأ.

(٦). في «ب» : لم يحسن.

(٧). في «ب» : لغيره.

(٨). هم أصحاب بكر ابن أخت عبد الواحد بن زيد ، فزعموا أنّ الأطفال في المهد لا يألمون وإن قطعوا أو حرقوا وأجازوا أن يكونوا في وقت الضرب والقطع والإحراق متلذذين مع ظهور البكاء والصياح منهم ، راجع عن هذه الفرقة : الفرق بين الفرق ، ٢١٢ ـ ٢١٣ ؛ مقالات الإسلاميين ، ١ / ٣١٧ ؛ كشف المراد ، ٣٥٦ ـ ٣٥٧ ؛ أنوار الملكوت ، ١٢٥ ؛ إشراق اللاهوت ، مخطوط في مكتبة الإمام الرضا (ع) ، الورقة ٩٦.

(٩). هم قائلون بتناسخ الأرواح في الأجساد والانتقال من شخص إلى شخص وما يلقي من الراحة والتعب والدعة والنصب وذهبوا إلى أنّ الألم انّما يحسن بمجرّد الاستحقاق ، راجع : الملل والنحل للشهرستاني ، ٩١ ؛ الفرق بين الفرق ، ٢٧٠ ـ ٢٧٦ ؛ كشف المراد ، ٣٥٦ ـ ٣٥٧ ؛ الفصل في الملل والاهواء والنحل ، ١ / ٩٠ ـ ٩٤.

(١٠). هذا القول مروي عن زرارة بن أعين من علمائنا المتقدمين.

(١١). في «ب» : مقارنته الاستحقاق.

٤٨

والألم المبتدأ منه سبحانه تعالى (١) في المكلّف وغيره من غير علقة العبد عليه عوضه ، وكذلك الآلام الواقعة بأمره وإباحته وإيجابه مع عدم الاستحقاق لفعله (٢) ولا عوض على ذابح الشّاة وإلّا لم يكن الفعل حسنا كذابح السّنور (٣) وأيضا فالعوض لا يربى (٤) على الألم ويحسن (٥) منّا أن نبتدئ بذبح المحرّمات وفاعل القتل دون الأمر يلتزم العوض لاختلاف الأمرين في التّحسين واللّطف في الذّبح وإن تحقّق فعدم وجوبه لغيريّة (٦) المصلحة.

فإن علم سبحانه وقوعه وإلّا أقام (٧) غيره مقامه وقد يكون نافي العبثية الأكل (٨) وأمثاله والإلجاء آكدّ من الأمر وليس الهرب من السّبع على الشوك (٩) ملزما للقديم عوضا ، بل للأسد (١٠) والمعرفة حاصلة من قبل إقدامه وفي استخدام العبيد عوض (١١) لهم عليه وجهة الثّواب غير (١٢) جهة العوض.

وهو تعالى بالتّمكين ضامن للانتصاف ، لا العوض كدفعي (١٣) سيفا إلى شخص ليقتل [به] (١٤) كافرا ، فقتل به مؤمنا ولا يجوز أن يمكّن أحدا من الظّلم ، إلّا وله من الأعواض ما

__________________

(١). في الأصل زيادة «تعالى».

(٢). في «ب» : كفعله.

(٣). في «ب» : المسنون.

(٤). في هامش الياقوت : أي لا يزيد (في نسخة الأصل).

(٥). في «ب» : والّا لحسن.

(٦). في «ب» : لغيره.

(٧). في «ب» : قام.

(٨). في «ب» : بالأكل.

(٩). في «ب» : ليس الهرب على الشوك من السّباع.

(١٠). في «ب» : الأسد.

(١١). في «ب» : عوضا.

(١٢). في «ب» : عين.

(١٣). في «ب» : كدافعي.

(١٤). زيادة في «ب».

٤٩

يوازي ظلمه وإلّا كان تعليقا للواجب بالتّفضّل وهو غير جائز (١).

والعوض منقطع وإلّا لم يحسن تحمّل ضرر شاهدا (٢) ولا جاز (٣) إيلام الكافر المكلّف واخترامه (٤) ، وحديث الغمّ والضّرر هذيان (٥) لجواز وصول العوض في الدّنيا أو جعله بحيث لا يشعر الإنسان بانقطاعه.

ولا يسقط العوض بالهبة ولا بالإبراء في الدّارين معا كما لا يسقط حقّ اليتيم والمحجور عليه بإبرائه منه والعوض يزيد بالتّأخير إن (٦) كان في التّأخير مصلحة وإلّا فلا.

__________________

(١). في «ب» : وهو جائز.

(٢). في «ب» : ضررا مشاهدا.

(٣). في «ب» : وإلّا جاز.

(٤). في «ب» : احترامه وهو خطأ.

(٥). هذا ردّ قول أبي علي الجبّائي في إثبات دوام العوض فقال أبو علي : لو لا دوامه لزم التسلسل ، لأنّ انقطاعه يوجب الغمّ والضرر وذلك ألم يستحق به عوضا آخر فإن انقطع العوض الثاني فذلك يوجب الغم والضرر وذلك ألم وهكذا فيتسلسل وهو باطل.

(٦). في «ب» : إذ.

٥٠

القول في أفعال القلوب ونظرائها (١)

العلم معرفة المعلوم على ما هو به وقد يتعلّق العلم [الواحد] (٢) بمعلومين كعلمنا بمنافاة الحركة للسّكون ، فإنّه لو لا أن نعلم به كلاهما لم يصحّ الأوّل (٣).

والعلوم المتعلّقة بالمعلومات المختلفة مختلفة ، لأنّ النّظر مناف للعلم بالمدلول ومشروط بالعلم بالدّليل.

والإرادة منّا القصد ومن الصّانع العلم الدّاعي والفرق بين الإرادة والشّهوة أنّ الإنسان المريض ينفر طبعه عن الدّواء المرّ ويريده وليست إرادة الشّيء كراهة ضدّه (٤) ، لوجودها حالة (٥) الغفلة عن الضّدّ.

والعزم (٦) إرادة جازمة حصلت بعد تردّد والمحبّة الإرادة ، لكنّها منه إرادة الثّواب

__________________

(١). في «ب» : نظائرها.

(٢). زيادة في «ب».

(٣). اختلف المتكلّمون في تعلق العلم المحدث بمعلومين وأكثر ، فأجازه بعضهم وقال أبو الحسن الباهلي بجواز ذلك في العلم الضروري دون المكتسب وأوجب ذلك أبو منصور البغدادي حيث قال : الصحيح عندنا أنّ كلّ علم متعلّق بمعلومين ، لأنّ من علم شيئا كان عالما به وبأنّه عالم به ، راجع : أصول الدين لأبي منصور البغدادي ، ص ٣٠.

(٤). ذهب قوم كأبي منصور البغدادي إلى إرادة الشيء كراهة لعدمه وأبطل ذلك ابن نوبخت ، راجع عنه : الفرق بين الفرق ، ٣٢٦.

(٥). في «ب» : حال.

(٦). في «ب» : والعدم.

٥١

ومنّا إرادة الطّاعة والرّضا قيل : انّه الإرادة (١) وقيل : ترك الاعتراض (٢) والإرادة لا تراد ، كالشّهوة لا تشتهى ، والتمنّى لا يتمنّى.

وكلام النفس (٣) هذيان وإلّا لم يجز أن نصف أحدا بأنّه غير متكلّم أخرس كان أو ساكتا.

والألم إدراك المنافي واللّذّة إدراك الملائم وليس الخلاص عن الألم (٤) للذّة (٥) المبصر مبتداء لصورة جميلة (٦).

والقدرة عبارة عن سلامة الأعضاء وصحّتها لاستحالة الانفكاك وقد أثبتها قوم (٧) من أصحابنا معنى وهي ممّا يصحّ (٨) وجودها واستدامتها بعده ، إذ هي صحّة الأعضاء.

وقد نفى قوم كون القدرة قبل الفعل (٩) ، فيلزم عليه (١٠) تكليف ما لا يطاق ، وحدوث قدرته تعالى ، أو قدم العالم ، أو (١١) إثبات أمر مستغن عنه ، لأنّ الحاجة إليها وجوده وقد وجد.

وهي متعلّقة بالأضداد لتحقّقه فينا ولأنّها لو تضادّت لتضادّ المقدورات لكنّا على

__________________

(١). نسب العلامة الحلّي هذا القول إلى أبي الحسن الأشعري ، أنوار الملكوت ، ص ١٣٩.

(٢). في «ب» : الإعراض.

(٣). هذه إشارة إلى قول الأشاعرة ، لأنّهم يثبتون معنى في النفس غير الإرادة وهو الكلام النفساني المغاير للحروف والأصوات ، راجع عن قولهم : لمع الأدلّة ، ٩١ ـ ٩٣.

(٤). نسب إلى محمد بن زكريّا المتطبّب انّ اللّذّة راحة عن مولم ، أصول الدين لابى منصور البغدادي ، ٤٥ ؛ السيرة الفلسفية لمحمد بن زكريا ، ٨٤ ـ ٨٥ ؛ وأيضا :

Paul Kraus ,"Raziana l ",Orlentalla ,IV] ١٩٣٥ [,P.٣٠٦.

(٥). في «ب» : كلذّة.

(٦). في «ب» : جملة.

(٧). في هامش الأصل : وهذا قول السيّد المرتضى.

(٨). في الأصل : ما يصحّ وما اثبتناه موافق لنسخة «ب».

(٩). ذهب ابن نوبخت والمعتزلة والحكماء إلى أنّ القدرة متقدمة على الفعل وقالت الأشعرية إنّها مقارنة.

(١٠). في «ب» : ويلزم منه.

(١١). في «ب» : وإثبات.

٥٢

أحوال متضادّة وذلك باطل.

ولا بدّ من تعلّق القدرة بشيء وإلّا نقض (١) كونها قدرة وهي متعلّقة بالحدوث ، لأنّه الحاصل بها.

وليست موجبة وإلّا لزم إذا خلق الله تعالى في الضّرير الأمّي قدرة على الكتابة أن يكتب وأيضا فإن كانت علّة تتعلّق إلّا بالموجود وإن كانت سببا وجب أن لا نستطيع ردّ المقدور وكلاهما باطلان.

وهي غير باقية لاستحالة قيام المعنى بالمعنى وهي موجودة قبل الفعل بزمان واحد فإذا وجد استغنى عنها وعن مقارنتها.

__________________

(١). في «ب» : نقص.

٥٣

القول في التّكاليف

من جملة شرائط التكليف العقل والقدرة والعلم بما كلّف به أو (١) التّمكّن من العلم به.

وما يشير إليه الإنسان بقوله : إنّا هذه البنية والجملة (٢) ، لأنّ الأحكام ترجع إليها والإدراك يقع بها والأفعال المبتداة تظهر في أطرافها (٣) وليست شيئا في القلب (٤) وإلّا لم يصحّ (٥) تحريك يد المريض [منه] (٦).

وأفعال الصّانع لا بدّ فيها (٧) من الأغراض وإلّا كانت عبثا والغرض في التكليف التعريض لنفع عظيم لا يوصل إليه إلّا به ، إذ يقبح الابتداء بالثّواب وتكليف المعلوم

__________________

(١). في «ب» : و.

(٢). ذهب ابن نوبخت إلى أنّ المكلّف هو هذه الجملة التي نشاهدها دون أبعاضها وبه تعلّقت الأحكام من أمر ونهي ومدح وذمّ واختاره السيد المرتضى في كتابه الذخيرة ، ص ١١٤.

(٣). في الأصل : أطرافنا وما أثبتناه موافق ل «ب».

(٤). ذهب ابن الراوندي إلى أنّ الانسان جزء لا يتجزّى في القلب وابن الراوندي هو أبو الحسين أحمد بن يحيى بن إسحاق (ت. ٢٤٥ ق) وهو منسوب إلى راوند وهي قرية من قرى قاشان بنواحي أصبهان ، له مقالة في علم الكلام وله مصنفات كثيرة منها : كتاب سمّاه «فضيحة المعتزلة» وكتب أبو الحسين عبد الرحيم بن محمد بن عثمان الخيّاط المعتزلي المتوفى في آخر القرن الثالث كتاب «الانتصار والرد على ابن الراوندي الملحد» ليردّ به على «فضيحة المعتزلة» ، راجع عنه : وفيات الأعيان ، الترجمة رقم ٣٤ ؛ الفرق بين الفرق ، ٦٦.

(٥). قال العلامة الحلّي ؛ وفي بعض النسخ «وإلّا لصحّ تحريك يد المريض منه» ثم قال : وأظنّ أنّ الثانية أصحّ ، أنوار الملكوت ، ١٥٠.

(٦). زيادة في «ب».

(٧). في الأصل : «فيه» وما أثبتناه موافق لنسخة «ب».

٥٤

كفره حسن لأجل التعريض ، وكفره من قبل نفسه لا من قبل القديم تعالى ، ولهذا يحسن منّا أن ندعو إلى الطّعام من نعلم امتناعه وإلى الدّين من نعلم إبائه.

وقد قرّرنا أنّه لا يفعل القبيح ، فلا يجوز منه أن يكلّف عباده ما لا يطيقونه (١) ، كما لا يجوز منه أن يكلّف عباده ما لا يطيقونه ، كما لا يجوز مخاطبة الجماد والعلم لا يؤثر في المعلوم ، بل يتعلّق به على ما هو عليه وكلّ فرض نفرض يقتضي فرضا في الأزل يوافقه ، إذ لو لم يكن كذلك لكان لا يجوز إلّا تكليف ما لا يطاق ولم يقل به أحد من العقلاء.

و (٢) اللّطف أمر يفعله الله تعالى بالمكلّف لا ضرر فيه يعلم عند وقوع الطاعة ولولاه لم يطع ، فهو واجب الفعل لأنّ قاعدة التّكليف (٣) يقتضي إيجابه كالتّمكين ولأنّ تركه لطف في ترك الطّاعة واللّطف في المفسدة مفسدة.

ومن لطفه في فعل قبيح لا يحسن تكليفه لدوران الأمر بين ممتنعين ولو لم يفعل القديم لطفا واجبا لم يحسن منه عقاب المكلّف ، لأنّه لمنعه يفسد فكان الفساد منسوبا (٤) إليه ، لا إلى العبد.

والأصلح واجب في الدّنيا إذ لا مانع منه وتركه بخل وأيضا فعدم وقوعه ينقص (٥) حقيقة القادر ولا إخلال منه تعالى بواجب ، لأنّه إنّما يحرمنا ذلك لعلمه بوجود مفسدة فيه ، وهكذا نقول (٦) في مرض الطّفل والبهيمة ، وأهل الجنّة منزّهون عمّا ينفّر

__________________

(١). ذهبت الإمامية والمعتزلة إلى استحالة أن يكلّف الله تعالى بما لا يطاق وخالف فيه المجبّرة ، فإنّهم جوّزوه ، أنور الملكوت ، ١٥٢.

(٢). «و» زيادة في الأصل.

(٣). في «ب» : قاعدة المكلّف.

(٤). في «ب» : مسنويا.

(٥). في «ب» : تنقيص.

(٦). في «ب» : القول.

٥٥

وزيادة الشّهوات تفتقر إلى زيادة البنى (١) ، فكان مفسدة من هذا الوجه.

والشّكر المتعلّق [به] (٢) هذيان لوجوده في الثّواب والأعواض (٣) وفعل الأسباب مقابل بمثله وأيضا فشكره على الألطاف الدّينيّة مشهور وقول إبراهيم عليه‌السلام (٤) : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) (٥) معلوم.

وكيف يحسن من العاقل أن يمنع الإنسان الصّادي من بحر يملكه أو يمنعه من السّكون والاستظلال بظلّ داره ولفظ ما تناثر من حبّه أو الانتفاع بما يلقيه من مأكله (٦) رغبة عنه والصّانع مالك خزائن الدّنيا فهو بأن لا يمنعنا أولى.

__________________

(١). في «ب» : الشيء.

(٢). هذه زيادة في «ب» ولم ترد في الأصل.

(٣). في «ب» : الأعراض.

(٤). قوله «عليه‌السلام» لم يرد في «ب».

(٥). سورة إبراهيم : الآية ٣٥.

(٦). في «ب» : ممّا أكله.

٥٦

نكت (١) من التّوحيد

أغفلناها (٢) في بابها.

الصّانع عالم فيما لم يزل ، لأنّه لو تجدّد له ذلك لقامت به الحوادث واستحال (٣) أن يحدث العلم (٤) إلّا وهو عالم.

وقادر فيما لم يزل ، لأنّه لو تجدّد له ذلك (٥) لكان مفيد ذلك (٦) إمّا هو ويلزم منه سبق القادريّة أو غيره ولا بدّ أن يكون خلقه وكيف يخلقه وهو غير قادر.

وهو (٧) حيّ فيما لم يزل ، التداخل المعاني.

وهو قادر على القبيح وإلّا لم يستحق مدحا إذا لم يفعله ولم يصحّ أن يفعله ونحن الضّعفاء.

وموجد الخير خيّر وموجد الشّرّ شرّير إن (٨) عنوا به نفس المسألة فهو التزامنا (٩)

__________________

(١). في الأصل : نكتة وما أثبتناه موافق لإشراق اللّاهوت ونسخة «ب».

(٢). في الأصل : أغفلنا وما أثبتناه موافق لنسخة «ب» وسائر الشروح.

(٣). في «ب» : استحالة.

(٤). في «ب» : العالم.

(٥). قوله «ذلك» مفقود في «ب».

(٦). في الأصل : مفيده لذلك وفي «ب» : مفيدا ذلك وكلاهما غير صحيح وما أثبتناه موافق لنسخ أنوار الملكوت وإشراق اللّاهوت.

(٧). قوله «هو» لم يرده في «ب».

(٨). في «ب» : فإن.

(٩). في «ب» : إلزامنا.

٥٧

بمذهبنا ، وإلّا فلا معنى له وعدم الفعل إنّما جاء لعدم الدّاعي ، فكيف يسمح (١) بعدم المقتضي (٢).

وقادر (٣) على خلاف المعلوم للإمكان (٤).

وعلمه بأنّ العالم معدوم حال عدمه لم يتغيّر ، لأنّه علمه كذلك (٥) في حالة مخصوصة وعلمه بغيره أيضا في حالة أخرى ، وقد ذهب قوم من شيوخنا (٦) إلى حدوث العلم وذلك فزعا (٧) من تكليف المعلوم كفره وقد دلّلنا على حسنه.

__________________

(١). في النسختين : يسمح والظاهر أنّ الأصحّ هو يتمسّك.

(٢). أي بعدم القدرة.

(٣). في «ب» : قادرا.

(٤). في «ب» : الإمكان.

(٥). هكذا ورد في «ب» وفي الأصل : لذلك.

(٦). والمراد منه هشام بن الحكم.

(٧). في الأصل : فزع وما أثبتناه في المتن موافق لنسخة «ب» وفي نسخ أنوار الملكوت : فرعا أو فرعا وورد في إحدى النسخ من إشراق اللّاهوت المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام «من لوازم» بدلا من هذه الكلمة وما أثبتناه هو أصحّ الأقوال وذلك موافق لشرح العلامة الحلّي في معنى هذه الجملة ، حيث قال : نقل الشيخ ـ أي ابن نوبخت ـ عن هشام : أنّه إنّما صار إلى هذا المذهب ، لأنّه يؤدّي إلى قبح تكليف الكافر ومعنى ذلك أنّه إنما صار إلى هذا المذهب خوفا وفزعا من أن يؤدّي إلى قبح تكليف الكافر.

٥٨

القول في تتبّع اعتراضات مخالفينا في التوحيد

على طريق الإشارة (١) الجملية ، إحالتهم في العذر عن إبطال الموجب عدم (٢) الصّدور على مانع (٣) يلزم منه أن لا يوجد العالم لاستحالة عدم القديم وإحالتهم العالم على فاعل صادر عن الموجب باطل ، لوجوب صدور أمثاله ، بل نحن كلّنا عنه ، فلا بدّ من مخصّص غيره والكلام فيه كما في الأوّل والقدح في القادر الأزلي باستحالة قدم العالم فاسد ، لأنّ المشدود قادر على المشي (٤) ولكنّ المانع منعه.

وليس سميعا بصيرا بسمع وبصر ، لأنّ الإبصار اتّصال الشّعاع بسطح المرئي ، فلا يعقل إلّا في الأجسام ، وتفسيره بأنّه حيّ لا آفة به فاسد ، لأنّه فينا لمعنى (٥) لا يتحقّق فيه ، فلا يحال به على الشّاهد ، بل هو العلم فقط.

وإحالة الإرادة على (٦) القصد باطل ، لأنّه لا دليل عليه ، وخلقها لا في محلّ (٧)

__________________

(١). في «ب» : الأشاعرة.

(٢). في الأصل : علم وما أثبتناه في المتن مأخوذ من نسخة «ب».

(٣). هذه الكلمة في «ب» غير مقروء.

(٤). في «ب» : على المنى.

(٥). في «ب» : بمعنى وهذا أيضا صحيح.

(٦). في «ب» : إلى.

(٧). ذهب أبو الهذيل إلى أنّ خلق الإرادة لا في محل واختاره السيد المرتضى في جمل العلم والعمل ، حيث قال : من صفاته وإن كانت عن علّة كونه مريدا وكارها ، لأنّه تعالى قد أمر ونهى ولا يكون الأمر والخبر أمرا ولا خبرا إلّا بالإرادة والنهي لما يكون نهيا بالكراهة ولا يجوز أن يستحق هاتين الصفتين لنفسه لوجوب كونه مريدا كارها للشيء الواحد على الوجه الواحد ولا لعلّة قديمة لما تبطل به الصفات القديمة ولا لعلّة محدثة في غير حيّ لافتقار الإرادة إلى بنية ولا لعلّة موجودة ، لوجوب رجوع كلّها إلى ذلك ولم يبق إلّا أن توجد لا في محلّ ، انظر : تمهيد الأصول ، المقدمة وأبطل الشيخ ابن نوبخت ذلك بقوله : «وخلقها لا في محلّ معارض بخلقها في جماد».

٥٩

معارض بخلقها في جماد ومنعه لعدم الشّرط يعكس عليهم بالإبطال ، لأنّهم نفوا الشّرط وغيره ممّا زاد عليه.

وليس بقديم الكلام وتقسيم الخصم ذلك (١) إلى أنّه يحلّ فيه أو في غيره وإبطال الثّاني بوجوب الاشتقاق (٢) ممنوع وكم من الأشياء القائمة بالمحال (٣) ولا اشتقاق (٤) كرائحة الكافور وغيرها (٥) وأيضا فالوجوب باطل عندهم ، لأنّه متلقى من السّمع.

والوجود في الرؤية باطل ، لوجوب رؤية الرؤية وغيرها ورؤية الطّعم والرائحة وأيضا فالوجود مختلف (٦) لأنّه عين الذّات والذّوات منّا (٧) متساوية ، وهو مخالف (٨) لها.

__________________

(١). في «ب» : وتقسيم ذلك الخصم.

(٢). والمراد من الخصم في كلام الشيخ أبي إسحاق هو الأشاعرة ، راجع عن قولهم : لمع الأدلّة ، ٩٠.

(٣). في «ب» : باللمحال.

(٤). في «ب» : ولا الاشتقاق.

(٥). في «ب» : بغيرها ، بدلا عن قوله : «وغيرها».

(٦). في «ب» : متخلّف.

(٧). قوله «منا» لم يرد في «ب».

(٨). في «ب» : مخالق.

٦٠