الياقوت في علم الكلام

أبي اسحاق ابراهيم بن نوبخت

الياقوت في علم الكلام

المؤلف:

أبي اسحاق ابراهيم بن نوبخت


المحقق: علي اكبر الضيائي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-8179-78-4
الصفحات: ٩٥

تعالى مدرك لأكمل الموجودات ـ أعني ذاته ـ ، فيكون ملتذّا بها وذهب إليه ابن نوبخت في كتاب الياقوت وبسط القول في كتابه المسمّى ب «الابتهاج» وذكر العلّامة الحلّي في أنوار الملكوت (١) أنّه ما عثر على هذا الكتاب وقال ابن أخت العلّامة السيّد عميد الدين الأعرجي الحلّي في شرحه لأنوار الملكوت أنّه ما عثر على هذا الكتاب أيضا (٢) ونحن نقول كذلك.

تحقيق النّص

اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على نسختين قديميّتين هما :

١. نسخة كتبت في سنة ٧٣٣ ه‍. ق. محفوظة في مكتبة الإمام الرضا ـ عليه‌السلام ـ في مشهد برقم ١٠٧٧ وهي الأصل في هذا التحقيق.

٢. نسخة تاريخها سنة ٧٥٤ ق ورمزت لها «ب».

علي أكبر ضيائي

١٤٢١ ه‍. ق.

__________________

(١). ص ١٠٤.

(٢). إشراق اللّاهوت في نقد شرح الياقوت ، مخطوط ، ١٧٠ ؛ الذريعة ، ١ / ٦٢ ؛ علي اصغر حلبي ، تاريخ فلاسفه ايراني ، ص ١٠٧ ـ ١٠٨ ؛ خاندان نوبختي ، ص ١٧٧ ـ ١٨٠ ؛ كشف المراد ، ص ٣٢٠ ؛ محمد بن زكريا الرازي ، السيرة الفلسفية ، ٨٤ ـ ٨٥ ؛ رجال الخاقاني ، ص ١٤٦ ـ ١٤٧ ؛

Paul kraus ,Raziana i ,Orientalia ,iV] ٥٣٩١ [,P. ٦٠٣

راجع عن قول الحكماء والمتكلمين في اللّذة : فخر الدين الرازي ، معالم أصول الدين ، ص ٥٠ ، أبو منصور البغدادي ، أصول الدين ، ص ٤٥ ، جميل صليبا ، المعجم الفلسفي ، ١ / ١٢٣ ـ ١٢٦ ؛ الإشارات والتنبيهات ، ٣ / ٣٣٧ ؛ محمد على بن محمد حسين الحسيني المرعشي الشهرستاني ، جامع در ترجمه نافع ، ص ٧٧ ـ ٧٨ ؛ النافع يوم الحشر ، طهران ، ١٣٧٠ ق ، ص ٢٣ ـ ٢٤.

٢١

٢٢

٢٣

٢٤

٢٥
٢٦

بسم الله الرحمن الرحيم

(وبه نستعين ، ربّ اختم بالخير وعجّل) (١).

مسألة (٢) :

على العبد نعم جمّة ، فلا بدّ من (٣) أن يعرف المنعم فيشكره ، ولا طريق إلى هذه المعرفة الواجبة إلّا النّظر ، لأنّ التّقليد متردّد بين من لا ترجيح فيهم وقول المعصوم لا يكون حجّة إلّا إذا كان معصوما ومن معرفة الله تعالى (٤) ، تستفاد عصمته (٥) فيكون دورا.

والنظر طريق إلى العلم (٦) وتقسيم الخصم (٧) في استفادته من الضرورة أو (٨) النظر ينعكس عليه في الإبطال (٩) ، إن لم نتعرّض لنقض (١٠) تقسيمه والتهويلات بخبط أهل

__________________

(١). لم يرد ما بين القوسين في «ب».

(٢). كلمة «مسألة» لم ترد في «ب».

(٣). كلمة «من» ليست في الأصل.

(٤). عبارة «تعالى» لم ترد في الأصل.

(٥). أبطل المصنف قول الملاحدة حيث جعلوا المعارف متوقفة على قول المعصوم ، راجع أنوار الملكوت ، ص ٥.

(٦). أنكر بعض الاوائل النظر وزعموا أنّه لا يفضي إلى العلم وحصروا مدارك العلوم في الحواس والأخبار المتواترة.

(٧). وقد تعرض فخر الدين الرازي لهذا التقسيم وقال : «احتجّ المنكرون للنظر مطلقا بأمور أربعة : أولها العلم بأنّ الاعتقاد الحاصل عقيب النظر علم لا يجوز أن يكون ضروريا ، إذ كثيرا ما ينكشف الأمر بخلافه ولا نظريّا وإلّا لزم التسلسل وهو محال (تلخيص المحصل ، ص ٤٩).

(٨). في «ب» : «و» بدل «أو».

(٩). هذه الكلمة غير مقروء في «ب».

(١٠). في «ب» : لنقص.

٢٧

الكلام تدلّ على الصعوبة ، لا التعذّر (١).

ووجوبه عقليّ وإلّا أدّى إلى إفحام الرّسل من مكذّبيهم وهو أوّل الواجبات (٢) وقيل القصد إليه (٣).

والدّليل السّمعي لا يفيد اليقين أصلا ، لجواز الاشتراك والتخصيص والمجاز إلى غير ذلك عليه ويفيده مع القرائن الظّاهرة (٤) وما يبنى (٥) عليه صدق الرّسول لا يكتسب (٦) من جهته.

والعلم معرفة المعلوم على ما هو به (٧) وقد حدّه شيوخنا أيضا بما يقتضي سكون النّفس (٨) ومنه ضروريّ كالمشاهد (٩) ومكتسب كالتّوحيد.

والعلم بالدّليل مغاير للعلم بالمدلول ويستلزمه والعلم بكون الدّليل دليلا مغاير للعلم بالدّليل والمدلول معا.

__________________

(١). انظر أيضا قول إمام الحرمين الجويني في الشامل في أصول الدين ، ص ٧ ـ ٨ وقول فخر الدين الرازي في تلخيص المحصل ، ص ٥٠ وأشارا إلى هاتين الشبهتين وأجابا عنهما بما أجاب ابن نوبخت.

(٢). وهذا مذهب ابن نوبخت ومعتزلة البصرة وأبي إسحاق الأسفرايني والسيد المرتضى وأبي منصور البغدادي.

انظر : تلخيص المحصل ، ص ٥٩ وأصول الدين ، لأبي منصور البغدادي ، ص ٢١٠.

(٣). وهذا قول إمام الحرمين ، راجع عنه : تلخيص المحصل ، ص ٥٩.

(٤). هذا القول اختيار فخر الدين الرازي في المحصل ، راجع عنه : تلخيص المحصّل ، ص ٦٧.

(٥). في «ب» : بنى.

(٦). في «ب» : لا مكتسب.

(٧). نسب أبو منصور البغدادي هذا القول إلى الكعبي (أصول الدين ، ص ٥).

(٨). نسب أبو منصور هذا القول إلى أبي هاشم الجبّائي ، نفس المصدر والحق أنّ العلم غنيّ عن التعريف لوجوه :

الأول : إنّ المعرفة والعلم مترادفان ، فلا يصح أخذ أحدهما في تعريف الآخر.

الثاني : إنّ المعلوم لا يعلم إلّا بالعلم ، فتعريف العلم به دور صريح.

الثالث : الكيفيات الوجدانية لظهورها لا يمكن تحديدها ، لعدم انفكاكه عن تحديد الشيء بالأخفى والعلم منها.

راجع عن هذه الوجوه : أنوار الملكوت ، ص ١٣ ؛ كشف المراد ، ص ٢٤١.

(٩). في «ب» : كالمشاهدة.

٢٨

والنّظر يولّد العلم (١) كسائر الأسباب المولّدة لمسبّباتها (٢) والمعارف مقدورة لنا ، لأنّ الجهل يقع بنا (٣) ومن [قدر] (٤) على الشّيء قدر على ضدّه وليست المعارف الضّروريّة كالمكتسبة ، للتّفاوت في المشقّة الموجبة لارتفاع الدّرجة.

__________________

(١). في «ب» وشرح أنوار الملكوت (الورقة ٢٠) : مولّد للعلم.

(٢). إلى هذا ذهبت المعتزلة ، امّا الأشاعرة كإمام الحرمين ذهبوا إلى أنّ النّظر يتضمّن العلم إذا صحّ وانتهى ولم تستعقبه آفة تضادّ العلم وأرادوا من التضمّن العلم. راجع عن قول الأشاعرة في ذلك : الشامل في أصول الدين لإمام الحرمين ، ص ١٠ ـ ١١.

(٣). في «ب» : يقع منّا.

(٤). لم ترد هذه الكلمة في الأصل.

٢٩

مسألة : القول في الجوهر والعرض

الجوهر المتحيّز (١) والعرض الحالّ في المتحيّز ولا واسطة بينهما والجسم ما يتركّب (٢) من ثمانية جواهر فصاعدا (٣) ولا بدّ في كلّ جسم من الانتهاء إلى الجوهر وأنكره النظّام (٤).

والنقطة لازمة له والكرة فوق السّطح تلاقيه (٥) بجزء غير منقسم وإلّا لكان (٦) الشّكل مضلعا وقد فرضناه كريّا (٧).

__________________

(١). هذا التعريف مع غضّ النظر عن نقصانه وانّه التعريف بالجنس ، نصّ عليه إمام الحرمين الجويني بقوله : الجوهر المتحيّز وقيل : الجوهر ما له حجم وقيل : الجوهر ما يقبل العرض ، فأمّا العرض فقد قيل : ما يقوم بالجوهر وقيل : ما يطرأ على الجواهر (لمع الأدلّة ، ص ٧٧).

(٢). في «ب» : مركب.

(٣). نسب أبو الحسن الاشعري (مقالات الإسلاميين ، ص ٣٠٣) هذا التعريف للجسم إلى معمّر ونسبه الإيجى (شرح المواقف ، ٦ / ٢٩٣ ـ ٢٩٤) إلى الجبّائي وهو قول أكثر المعتزلة والمراد منه أنّ الجسم هو الطويل العريض العميق وأقلّ الأجسام ثمانية أجزاء وإذا انضمّ جزء إلى جزء حدث طول وانّ العرض يكون بانضمام جزءين إليهما وانّ العمق يحدث بأن يطبق على أربعة أجزاء فتكون الثمانية الاجزاء جسما عريضا طويلا عميقا ، راجع عن هذا التعريف : إرشاد الطالبين ، ص ٣٠ ؛ تلخيص المحصّل ، ص ١٤٢ ـ ١٤٣.

(٤). النظّام هو أبو إسحاق إبراهيم بن سيّار المعروف بالنظّام وهو شيخ أبي عثمان عمرو بن جاحظ وهو معدود من أذكياء المعتزلة وذوى النباهة فيهم وذهب إلى إبطال الجزء الذي لا يتجزأ ، انظر ، الفرق بين الفرق ، ص ١٣١ ؛ أصول الدين لأبي منصور البغدادي ، ص ٣٦ ؛ الفصل في الملل والاهواء والنحل ، ٥ / ٩٢ ؛ تلخيص المحصل ، ص ١٨٤.

(٥). في الأصل : يلاقيه وما أثبتناه في المتن موافق لنسخة «ب».

(٦). في «ب» : وإلّا كان.

(٧). في «ب» : كرتا.

٣٠

والأجسام متماثلة ، لاستوائها في التّحيّز واشتباهها بتقدير الاستواء في الأعراض.

وقد يخلو الجسم من الطّعم واللّون والرّيح كالهواء (١) وهي مرئيّة واعتبارها بالحصول في الحيّز المبطل لشبهة القوم في العرض (٢).

ولا بدّ في العالم من الخلاء (٣) وإلّا لزم أنّ العالم لا يزال منتقلا عند تنقّل بعوضة واحدة وهذا محال.

والحركة حصول الجوهر في حيّز عقيب حصوله في حيّز قبله والسّكون حصوله في حيّز واحد أكثر (٤) من زمان واحد (٥) وليس حصوله بمعنى (٦) ، بل نفس الحصول الحركة (٧).

__________________

(١). نسب أبو الحسن الأشعري (مقالات الإسلاميين ، ص ٣١٠) هذا القول إلى أبي الحسين الصالحي وأصحابه ، انظر : أصول الدين لأبي منصور البغدادي ، ص ٥٦ ـ ٥٧ ؛ شرح المواقف ، ٧ / ٢٣٤ ؛ وذهب أبو الحسن الأشعري وأبو منصور البغدادي إلى الاستحالة ، انظر : أصول الدين لأبي منصور البغدادي ص ٥٦ ـ ٥٧ ، أمّا فخر الدين الرازي وهو من الأشاعرة فذهب إلى الجواز وقال : الأجسام يجوز خلوّها عن الألوان والروائح خلافا لأصحابنا ، لنا أنّ الهواء لا لون له ولا طعم له (تلخيص المحصل ، ص ٢١٢).

(٢). الشبهة هي أنّ الأجسام لا ترى ولا يرى إلّا اللون والألوان أعراض وهو قول أبي الحسين الصالحي ومن قال بقوله وقال بعض المعتزلة : يرى اللّون والملون ولا ترى الحركات والسكون وسائر الأعراض وقال معمّر : إنّما تدرك أعراض الجسم ، فأمّا الجسم فلا يجوز أن يدرك ، انظر : مقالات الإسلاميين ، ص ٣٦٣ ؛ الفصل في الملل والأهواء والنحل ، ٥ / ٦٦ ـ ٦٩.

(٣). المراد من الخلاء كون الجسمين بحيث لا يتماسّان ولا يكون بينهما ما يماسّانه.

(٤). في «ب» : في حيّز أكثر.

(٥). راجع عن هذين التعريفين مع اختلاف يسير : تلخيص المحصل ، ١٤٨ ـ ١٤٩.

(٦). في «ب» : لمعنى.

(٧). وهذا ردّ على من قال : إنّ الحركة والسكون هي الأكوان ونسب أبو الحسن الأشعري (مقالات الإسلاميين ، ص ٣٥٢ ـ ٣٥٣) هذا القول إلى أبي علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي ونسبه العلامة الحلّي (أنوار الملكوت ، ص ٢٥) إلى السيد المرتضى والبهشمية وهم أتباع أبي هاشم عبد السلام بن محمد الجبائي ، لاحظ ترجمته في : تاريخ بغداد ، ١١ / ٥٥ ؛ وفيات الأعيان ، ٣ / ١٨٣ ؛ الملل والنحل ، ١ / ٩٨ في هامش الفصل في الملل والأهواء والنحل ؛ الفرق بين الفرق ، ص ١٨٤ ولاحظ ترجمة أبي على الجبائي في : وفيات الأعيان ، ٤ / ٢٦٧ ـ ٢٦٩ ؛ الملل والنحل ، ١ / ٩٨ في هامش الفصل لابن حزم الظاهري ؛ الفرق بين الفرق ، ص ١٨٣ ؛ مذاهب الإسلاميين ، ١ / ٢٨٠ وما بعدها.

٣١

والأعراض لا يصحّ عليها البقاء والانتقال (١) لأنّهما عرضان والعرض لا يقوم بالعرض (٢).

__________________

(١). في «ب» : الانتقال والبقاء.

(٢). اختلف المتكلّمون في بقاء الأعراض ، فأحاله الأشاعرة والكعبي وأجازت الكراميّة بقاء جميع الأعراض وامّا المعتزلة فأقوالهم مختلفة ، انظر : لمع الأدلّة ، ص ٧٧ ؛ أصول الدين لأبي منصور ، ص ٥٠ ـ ٥٢. وانظر عن قول الكرامية : الفرق بين الفرق ، ص ٢١٧ ـ ٢١٨.

٣٢

مسألة : [القول في أحكامها] (١)

الأجسام حادثة (٢) لأنّها إذا اختصّت بجهة فهي إمّا للنّفس ويلزم منه عدم الانتقال ، أو لغيره وهو إمّا موجب (٣) أو مختار.

والمختار قولنا والموجب يبطل ببطلان التسلسل ولأنّها لا تخلو (٤) من الأعراض الحادثة لعدمها المعلوم والقديم لا يعدم ، لأنّه واجب الوجود ، إذ لو كان وجوده جائزا لكان إمّا بالمختار وقد فرضناه قديما ، أو بالموجب ويلزم (٥) منه استمرار الوجود ، فالمقصود (٦) أيضا حاصل.

وبطلان التسلسل بفرض نقصان (٧) جملة ، فإمّا أن لا يؤثّر أو يؤثّر وكلاهما محالان.

ولأنّ ما لا يتناهى لا ينقضي بالأفراد ولأنّ حركات بعض الأفلاك أكثر من بعض وقبول التفاوت في مثل هذا محال ومعلومات القديم ومقدوراته ليست أعدادا متحقّقة لا نهاية لها ، بل المعلوم الصّلاحيّة (٨).

وحجّة الخصم أنّ حدوث العالم بعد أن لم يحدث يفتقر إلى مخصّص ويلزم

__________________

(١). هذه العبارة في الأصل مفقودة.

(٢). راجع عن حدوث الأجسام : أصول الدين لأبي منصور البغدادي ، ص ٦٨ ـ ٦٩.

(٣). في الأصل : واجب.

(٤). في «ب» : لا تحلوا.

(٥). في الأصل : يستلزم.

(٦). في «ب» : والمقصود.

(٧). في «ب» : يفرض بنقصان.

(٨). في الأصل : بل العلوم الصّلاحيّة.

٣٣

المذهب ولأنّ الإمكان متحقّق أزلا ، فلا بدّ من محلّ (١) وأيضا فهو جواد ، فكيف يكون مدّة عاطلا عن الجود. وهذا كلّه يدفعه أنّ فرض قدم الحادث محال ، فلا مخصّص سواه وعليه تخرّج الشّبه.

__________________

(١). انظر عن قول المعتزلة والردّ عليه : أصول الدين لأبي منصور البغدادي ، ص ٧١.

٣٤

مسألة : العالم لا يجب كونه أبديا

لأنّ قبول الماهية للعدم من لوازمها ، فكيف يكون أبديا.

[و] (١) شبهة الخصم ناشية من كيفية الأعدام ، لأنّ عدم الشّيء إمّا بمعدم أو بضدّ أو انتفاء شرط وفي الانتفاء ما يتّجه أوّلا والضّدّ يلزمه (٢) الدّور والمعدوم (٣) لا يفعل النفي ولا بدّ من الوجود وهو الضّدّ.

وهذه الشّبهة باطلة بالواحد منّا ونلتزم الضّدّ والعلّة غير محوجة إل المعلول.

__________________

(١). في «ب» ، والواو لم ترد في الأصل.

(٢). في «ب» : يلزم الدّور.

(٣). في شرح أنوار الملكوت ؛ المعدوم.

٣٥

القول في الموجودات

وجود الشّيء نفس ذاته (١) وإلّا لزم التسلسل ووجب (٢) قيام الموجود بالمعدوم وكلاهما محال.

والمعدوم غير ذات في العدم والعلم المدّعى والتميّز (٣) حاصل في المستحيل والوجود وفيما لساعدون (٤) على أنّه غير متحقّق وإن كان ممكنا.

والموجود امّا أن يكون لا أوّل له وهو القديم أو يكون وهو الحادث.

والقديم لا يستند إلى الفاعل ، إن كان مختارا (٥) ويستند إليه ، إن كان موجبا. والموجود إمّا أن يكون (٦) واجبا أو ممكنا.

خواص الواجب لذاته أن لا يكون وجوده بغيره وإلّا ينافي (٧) الحال حال فرض عدم الغير وأن لا يتركّب عن الغير وإلّا لكان (٨) محتاجا إليه وأن لا يكون وجوده زائدا عليه وإلّا لزم الاستغناء (٩) عنه أو تنافي الوجوب والإمكان أو لزم تأثير المعدوم في

__________________

(١). وهذا مذهب أبي الحسين البصري وأبي الحسن الأشعري وجماعة من المتكلمين.

(٢). في «ب» وجوب قيام.

(٣). في الأصل : التمييز.

(٤). في «ب» : ساعدون يساعدون.

(٥). في «ب» : إذا كان مختارا.

(٦). في «ب» : والموجود انّما ان يكون.

(٧). في «ب» : تنافى.

(٨). في «ب» : كان.

(٩). (عنه) لم ترد في «ب».

٣٦

الموجود والكلّ محال وأن لا يصحّ عدمه وإلّا كان وجوده مفتقرا إلى عدم موجب العدم. فيتنافى (١) الفرضان (٢).

خواص الممكن لذاته أن لا يوجد أحد طرفيه إلّا بأمر منفصل وأن لا يكون أحد الطّرفين أولى به والحاجة إلى المؤثّر من الإمكان ، لا من الحدوث (٣).

__________________

(١). في «ب» : فتنافى.

(٢). في الأصل : الفره ضان.

(٣). هذا قول الحكماء والمتأخرين من المتكلّمين ، أمّا قدماء المتكلمين فذهبوا إلى خلاف ذلك ، راجع عنه : لمع الأدلّة ، ص ٨٢ ؛ شرح المواقف ، ٣ ـ ٤ / ١٥٠ وبعد ؛ شرح المقاصد ، ١ / ١٢٦ وبعد ؛ تلخيص المحصّل ، ص ١٢٠ ؛ كشف المراد ، ص ٤٥ ؛ إرشاد الطالبين ، ص ١٥٥ ـ ١٥٧ ؛ شوارق الإلهام ، ص ٨٩ ـ ٩٠ ؛ العلّامة الحلّي ، إيضاح المقاصد من عين القواعد ، ص ٨٩ ـ ٩٠ ؛ المواقف في علم الكلام ، ص ٧٥.

٣٧

القول في [إثبات] (١) الصّانع

وتوحيده وأحكام صفاته

وثبوت حدث يوجب ثبوت صانع ، لأنّه ممكن ، فلا بدّ له من مؤثّر (٢).

والصانع قادر مختار وإلّا لزم قدم العالم لقدم موجبه وإحالة العالم على فاعل أوجبه الموجب مستفادة (٣) البطلان من الشّرع وهو كاف.

والقدح بعدم بقاء القادريّة ، لو فرضناه ، تهويل ؛ فإنّه في الحقيقة عدم الأمور الإضافية ولا وجود لها إلّا في الذّهن.

وهو عالم ، لوقوع (٤) الأفعال المحكمة منه والمحتذي والزنبور عالمان ولأنّ المحتذي إن كان فعله فهو (٥) عالم وإلّا كان قديما (٦) وسنبطله.

وهو حيّ ومعناه أنّه لا يمتنع عليه صدور الفعل (٧) وسنبيّنه (٨).

__________________

(١). لم ترد هذه الكلمة في النسختين ولكنّها وردت في أنوار الملكوت ، ص ٥٩.

(٢). هذا الدليل مبنيّ على أنّ مناط حاجة المعلول إلى العلة الإمكان ، لا الحدوث ، راجع ، المباحث المشرقية ، ١ / ١٣٣ ؛ لمع الأدلة ، ص ٨٢ ؛ شرح المقاصد ، ١ / ١٢٦ وبعد ، شرح المواقف ، ٣ ـ ٤ / ١٥٠ وبعد ؛ تلخيص المحصل ص ١٢٠ ؛ كشف المراد ، ٣٠٥ ؛ إيضاح المقاصد ، ص ٩٧ التمهيد للباقلاني ، ص ٤٤ ـ ٤٥ ؛ قواعد المرام في علم الكلام ، ص ٦٣ ـ ٦٧.

(٣). في «ب» : مستفاد البطلان.

(٤). في «ب» : بوقوع.

(٥). في «ب» : فهو قبله.

(٦). راجع عنه : قواعد المرام ، ص ٨٥ ـ ٨٦.

(٧). في الأصل : صدور فعل.

(٨). في الأصل : «تبينه» ، وفي «ب» : هذه الكلمة غير مقروء والظاهر أنّها «سنبيّنه» أي في مبحث القدرة.

٣٨

وهو سميع بصير ، أي يعلم ما يسمعه ويبصره (١) وادّعاه أمر زائد (٢) على العلم لا يتلقى إلّا من الشّاهد ومدركه الحواس فكيف نثبته غائبا والاعتماد على المشاركة في الحياة وعدم الآفة لا يغني لما ذكرناه و (٣) لأنّ حياته مخالفة لحياتنا ، فلا يلزم الاشتراك في كلّ حكم ، فحياتنا مصحّحة للشهوة دون حياته.

وهو مريد ، أي يعلم المصلحة في فعل ، فيدعوه (٤) علمه إلى إيجاده ولا زيادة على ذلك من الشّاهد وهو غير ثابت غائبا ، لأنّ الزائد إن كان للذّات أو المعنى القديم أو الحادث فيه أو في الجماد أو لا في محلّ ، فهو باطل بالمنافاة للكراهية وبما تبطل به المعاني القديمة وباستحالة حدوثه وباستحالة قيام الإرادة بالجماد وبوجوب رجوع حكم الإرادة إلى الحيّ وباستحالة حلول عرض لا في محل (٥) وتقديم الأفعال وتأخيرها وأمر عباده ونهيه وعقاب أهل الآخرة إلى غير ذلك يكفي فيه الداعي وإذا تأمّلته وجدته صحيحا.

وهو متكلّم واستفادته من السّمع ومعناه أنّه فاعل الكلام (٦) ، لأنّه في اللّغة كذلك وإلّا لزم أن يقال : تكلّم المصروع والصّدى.

وقول الخصم بكلام النّفس باطل ، لأنّا لا نعلمه ولا نجده وأيضا فهو متتابع متوال (٧)

__________________

(١). في الأصل : ما نسمعه ونبصره.

(٢). في «ب» : أمرا زائدا.

(٣). الواو لم ترد في «ب».

(٤). في «ب» : ما يدعوه.

(٥). ذهبت معتزلة البصرة والسيد المرتضى وأبو الصّلاح الحلبي إلى أنّ البارئ تعالى مريد بإرادة حادثة ، لا في محلّ وقد ردّ عليه الشيخ أبو إسحاق بقوله : باستحالة حلول عرض لا في محل وذهبت الأشاعرة إلى أنّه تعالى مريد بإرادة قديمة أزلية ، راجع عن هذه الأقوال : لمع الأدلة ، ص ٨٤ ـ ٨٥ ، ٩٠ ـ ٩١ ؛ تقريب المعارف في الكلام أبي الصلاح الحلبي ، ص ٥٠ ـ ٥١ ؛ كشف المراد ، ص ٣١٤ ؛ محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين ، لفخر الدين الرازي ، ص ٢٤٣ ـ ٢٤٤ ؛ الإبانة عن أصول الديانة ، ص ٤٢ ـ ٤٧.

(٦). في «ب» : للكلام.

(٧). في «ب» : متوالى.

٣٩

إن صحّ ، فكيف يثبت قدمه (١).

وهو غنىّ ، أي لا حاجة له إلى غيره وإلّا لكان ناقصا ومنه يستفاد الكمال.

والقول (٢) بالمعاني القديمة باطل ، لأنّ العلم بذا غير العلم بذا ، فيلزم إثبات قدماء لا نهاية لها ولأنّه إن حلّ فيه لم يعقل وإلّا لم يكن عالما أولى منّا ولأنّ قديما (٣) غير الله [تعالى] (٤) باطل بالإجماع وأيضا فلم يكن (٥) هذا ذاتا وذلك (٦) صفة أولى من عكسه.

والاعتماد على تسميته عالما ليس بشيء ، لأنّ أهل اللّغة لم يعلم (٧) معنى ذلك ويثبته (٨) على اعتقادها (٩) واستفادة أمر زائد على الذات من دليل العالمية مسلّم ، لكنّه غير موجود في الخارج ، بل في الذّهن كالطّول للطّويل ، والفعل المحكم يدلّ على أنّه عالم ، لا على ذات العلم.

وليس بجسم ولا جوهر ولا عرض وإلّا كان حدثا ، لما ذكرنا ولم يصحّ أن يفعل

__________________

(١). ذهبت الاماميّة والزيدية والنجّارية والمعتزلة والخوارج إلى انّ كلامه تعالى حادث ، خلافا للأشعرية ، انظر : كشف المراد ، ص ٣١٥ ـ ٣١٦ ؛ إرشاد الطالبين ، ص ٢١٩ ؛ تلخيص المحصل ، ص ٢٨٩ ؛ نهاية الاقدام في علم الكلام ، ص ٢٦٨ ؛ الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي ، ص ٧٣ ـ ٨٣ ؛ الإبانة عن أصول الديانة ، ص ١٩ ؛ معالم أصول الدين للرازي ، ص ٦١.

(٢). وهو قول الأشاعرة ، راجع : الإبانة عن أصول الديانة ، ص ٣٨ ـ ٣٩ ؛ لمع الادلّة ، ص ٨٧ ـ ٨٩ ؛ نهاية الأقدام ، ص ٣١٨ وللتفصيل في القول بالصفات وانّها قائمة بالذات ، راجع : مذاهب الإسلاميين ، ١ / ٥٤٥ ـ ٥٤٨ وهذا القول يعارض القول بالأحوال والشيعة يعارضون القول بالأحوال وللتفصيل راجع : مذاهب الإسلاميين ، ١ / ٣٤٢ ـ ٣٦٤ ؛ نهج الحق ، ص ٦٤ ـ ٦٥ ؛ كشف المراد ، ص ٣٥ ـ ٣٩ ، ٢٩٦ ؛ قواعد المرام ، ص ١٠٢.

(٣). في «ب» : قديمان.

(٤). عبارة «تعالى» لم ترد في الأصل.

(٥). في «ب» : لم يكن.

(٦). في «ب» : ذاك.

(٧). في «ب» : لم تعلم.

(٨). في «ب» : غير مقروء وفي الأصل : «تبنيه».

(٩). في الأصل : اعتيادها.

٤٠