إظهار الحق - ج ١ ـ ٢

رحمة الله بن خليل الرحمن الهندي

إظهار الحق - ج ١ ـ ٢

المؤلف:

رحمة الله بن خليل الرحمن الهندي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٨

١
٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

تمهيد

الحمد لله الذي لم يتّخذ ولدا ولم يكن له شريك في ملكه أبدا ، فسبحان الذي أنزل على عبده الكتاب وجعله تبصرة وذكرى لأولي الألباب ، وكشف نقاب الحق عن وجه اليقين بدلائل آياته ، ونصب على منصّته أعلام الهداية ليحقّ الحقّ بكلماته حتى انقطعت دون محجّته حجج أقوام بظواهر شبهها يتظاهرون وهم يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ، ويأبى الله إلّا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون ، والصلاة والسلام على من سفرت معجزات نبوّته بأحسن المطالع وظهرت شعائر شريعته فنسخت معالم الأديان والشرائع ، أرسله مولاه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وأيّده بمحكم كتاب أعجز البلغاء عن أن يأتوا بسورة من مثله ، سيّدنا محمد الذي بشّر بظهوره التوراة والإنجيل وتحقّقت بوجوده دعوة أبيه إبراهيم الخليل صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلى آله الفائزين باتّباع شريعته السالكين منهج الإصابة في اقتفاء طريقته وصحبه الذين وصل الله بالإسلام بينهم حتى صاروا أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم.

أما بعد ، فيقول العبد الراجي إلى رحمة ربّه المنّان رحمة الله بن خليل الرحمن غفر الله له ولوالديه وأحسن إليهما وإليه ، إن الدولة الإنكليزية لمّا تسلّطت على مملكة الهند تسلّطا قويا وبسطوا أبساط الأمن والانتظام بسطا مرضيا ، ومن ابتداء سلطنتهم إلى ثلاث وأربعين سنة (٤٣) ما ظهرت الدعوة من علمائهم إلى مذهبهم ، وبعدها أخذوا في الدعوة وكانوا يتدرّجون فيها حتى ألّفوا الرسائل والكتب في ردّ أهل الإسلام وقسموها في الأمصار بين العوام ، وشرعوا في الوعظ في الأسواق ومجامع الناس وشوارع العامّ. وكان عوام أهل الإسلام إلى مدة متنفرين عن استماع وعظهم ومطالعة رسائلهم ، فلم يلتفت أحد من علماء الهند إلى ردّ

٣

تلك الرسائل. لكن تطرّق الوهن بعد مدة في تنفّر بعض العوام ، وحصل خوف مزلّة أقدام بعض الجهّال الذين هم كالأنعام. فعند ذلك توجّه بعض علماء أهل الإسلام إلى ردّهم. وإني وإن كنت منزويا في زاوية الخمول وما كنت معدودا في زمر العلماء الفحول ولم أكن أهلا لهذا الخطب العظيم الشأن ، لكني لمّا اطّلعت على تقريراتهم وتحريراتهم ووصلت إلى رسائل كثيرة من مؤلّفاتهم استحسنت أن أجتهد أيضا بقدر الوسع والإمكان. فألّفت أولا الكتب والرسائل ليظهر الحال على أولي الألباب ، واستدعيت ثانيا من القسّيس الذي كان بارعا وأعلى كعبا من العلماء المسيحية الذين كانوا في الهند مشتغلين بالطّعن والجرح على الملّة الإسلامية تحريرا وتقريرا وأعني مؤلّف ميزان الحق ، أن يقع بيني وبينه المناظرة في المجلس العامّ ليتّضح حقّ الاتّضاح أن عدم توجّه العلماء الإسلامية ليس لعجزهم عن ردّ رسائل القسّيسين ، كما هو مزعوم بعض المسيحيين. فتقرّرت المناظرة في المسائل الخمس التي هي أمّهات المسائل المتنازعة بين المسيحيين والمسلمين ، أعني : التحريف والنسخ والتثليث وحقيّة القرآن ونبوّة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فانعقد المجلس العامّ في شهر رجب سنة ألف ومائتين وسبعين من هجرة سيّد الأوّلين والآخرين صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بلدة أكبرآباد وكان بعض الأحبّاء المكرّم أطال الله بقاءه معينا لي في هذا المجلس ، وكان بعض القسّيسين معينا للقسّيس الموصوف. فظهرت الغلبة لنا بفضل الله في مسألتي النسخ والتحريف اللتين كانتا من أدقّ المسائل وأقدمها في زعم القسّيس ، كما تدلّ عليه عبارته في كتاب حلّ الإشكال. فلما رأى ذلك سدّ باب المناظرة في المسائل الثلاث الباقية. ثم وقع لي الاتفاق أن وصلت إلى مكّة شرّفها الله تعالى وحضرت عتبة الأستاذ العلّامة والتحرير الفهّامة عين العلم والدراية وينبوع الحكم والرواية شمس الأدباء تاج البلغاء مقدام المحقّقين سند المدقّقين إمام المحدّثين قدوة الفقهاء والمتكلمين فلذة كبد البتول سمي الرسول المقبول سيّدي وسندي ومولاي السيّد أحمد بن زيني دحلان أدام الله فيضه إلى يوم القيام ، فأمرني أن أترجم باللسان العربي هذه المباحث الخمسة من الكتب التي ألّفت في هذا الباب ، لأنها كانت إما بلسان الفرس وإما بلسان مسلمي الهند. وكان سبب تأليفي في هذين اللسانين الأول مألوف المسلمين في تلك المملكة ، واللسان الثاني لسانهم ، وإن القسّيسين الواعظين المقيمين في تلك المملكة ماهرون في اللسان الثاني يقينا وواقفون على اللسان الأول أيضا قليلا ، سيما القسّيس الذي ناظرني فإنه كانت مهارته في الأول أشدّ من الثاني. ورأيت إطاعة أمر مولاي بمنزلة الواجب وشمّرت عن ساق الجدّ لامتثال أمره. فأرجو ممّن سلك مسلك الإنصاف وتنكّب عن طريق الاعتساف أن يستر خطائي ويجري قلم الإصلاح على هفواتي ، وأسأل الله الميسّر لكل صعاب

٤

أن يمنّ عليّ بما يرشدني إلى الحق والصواب ، ويجعل هذا الكتاب مقبول الأنام منتفعا به الخاصّ والعامّ ويصونه عن شبهات المبطلين وأوهام المنكرين ، وهو الوليّ للتوفيق وبيده أزمة التحقيق ، وهو على كل شيء قدير وبالإجابة جدير. وسمّيته (إظهار الحق) ورتّبته على مقدمة وستّة أبواب.

٥
٦

مقدمة

في بيان الأمور التي يجب التنبيه عليها

الأمر الأول : إني إذا أطلقت الكلام في هذا الكتاب في موضع من المواضع فهو منقول عن كتب علماء بروتستنت بطريق الإلزام والجدل ، فإن رآه الناظر مخالفا لمذهب أهل الإسلام فلا يقع في الشك ، وإذا نقلت عن الكتب الإسلامية أشرت إليه غالبا إلّا أن يكون مشهورا.

الأمر الثاني : إن النقل غالبا في هذا الكتاب من كتب فرقة بروتستنت ، سواء كانت تراجم أو تفاسير أو تواريخ ، لأن هذه الفرقة هي المتسلّطة على مملكة الهند (١) ومن علمائها وقعت المناظرة والمباحثة ووصلت إليّ كتبها وقليلا ما يكون عن كتب فرقة كاتلك أيضا.

الأمر الثالث : إن التبديل والإصلاح بمنزلة الأمر الطبيعي لفرقة بروتستنت ، ولذلك ترى أنه إذا طبع كتاب من كتبهم مرة أخرى يقع غالبا فيه تغيير كثير بالنسبة إلى المرة الأولى ، إما بتبديل بعض المضامين أو بزيادتها أو نقصانها أو بتقديم المباحث وتأخيرها ، فإذا قوبل المنقول عن كتبهم بالكتب المنقول عنها ، فإن كانت تلك الكتب مطبوعة من جنس الكتب التي نقل عنها الناقل ، فيخرج النقل مطابقا ، وإلّا فيخرج غير مطابق غالبا. فمن لم يكن واقفا على عادتهم يظن أن الناقل أخطأ ، والحال أنه مصيب وحصل هذا الأمر من عادات هؤلاء القسّيسين. ووقعت أنا أيضا في المغالطة مرتين قبل العلم بعادتهم ، فلا بدّ أن يكون الناظر

__________________

(١) جرت هذه المناظرة خلال احتلال القوّات البريطانية للهند ، ومن المعروف أن المذهب البروتستانتي هو السائد في بريطانيا.

٧

في هذا الأمر على تنبّه تام لئلا يقع في الغلط أو يوقعه أحد فيه ولئلا يتّهم الناقل. وأنا أبيّن الكتب التي أنقل عنها فأقول الكتب المذكورة هذه :

١ ـ ترجمة الكتب الخمسة لموسى عليه‌السلام في اللسان العربي التي طبعها وليم واطس في لندن سنة ١٨٤٨ من الميلاد على النسخة المطبوعة في الروميّة العظمى سنة ١٢٦٤.

٢ ـ ترجمة كتب العهد العتيق والجديد كلها في اللسان العربي التي طبعها وليم واطس المذكور أيضا سنة ١٨٤٤ ، وجعل في هذه الترجمة الزبور التاسع والعاشر زبورا واحدا ، وقسم الزبور المائة والسابع والأربعين إلى قسمين وجعله زبورين فصار فيها عدد الزبورات ما بين العاشر والمائة والسابع والأربعين أقلّ منه بواحد بالقياس إلى التراجم الأخر. وفيما عداها متّفقة. فلو وجد الناظر الاختلاف في هذا الأمر بالنسبة إلى التراجم الأخر فلا بدّ أن يحمل على ما ذكرت.

٣ ـ ترجمة العهد الجديد باللسان العربي وطبعت في بيروت سنة ١٨٦٠ ، ونقلت عبارة العهد الجديد غالبا عن هذه الترجمة لأنّ عبارتها ليست ركيكة مثل عبارة الترجمة الأولى.

٤ ـ تفسير آدم كلارك على العهد العتيق والجديد الذي طبع في لندن سنة ١٨٥١.

٥ ـ تفسير هورن الذي طبع في لندن سنة ١٨٢٢ في المرة الثالثة.

٦ ـ تفسير هنري واسكات الذي طبع في لندن.

٧ ـ تفسير لاردنر الذي طبع في لندن سنة ١٨٢٧ في عشرة مجلدات.

٨ ـ تفسير دوالي ورجرد مينت الذي طبع في لندن سنة ١٨٤٨.

٩ ـ تفسير هارسلي ..

١٠ ـ كتاب واتسن.

١١ ـ ترجمة فرقة بروتستنت بلسان الإنكليز المثبت عليها الخاتم المطبوعة سنة ١٨١٩ وسنة ١٨٣٠ وسنة ١٨٣١ وسنة ١٨٣٦.

١٢ ـ ترجمة العهد العتيق والجديد لرومن كاتلك بلسان الإنكليز وطبعت في دبلن سنة ١٨٤٠. وما سواها كتب أخرى أيضا يجيء ذكرها في مواضعها. وهذه الكتب في بلاد تسلّط

٨

عليها الإنكليز كثيرة الوجود فمن شكّ فليطابق النقل بأصله.

الأمر الرابع : إن صدر عن قلمي في موضع من المواضع لفظ يوهم بسوء الأدب بالنسبة إلى كتاب من كتبهم المسلمة عندهم أو إلى نبيّ من الأنبياء عليهم‌السلام ، فلا يحمل الناظر على سواء اعتقادي بالنسبة إلى الكتب الإلهية والأنبياء عليهم‌السلام ، لأن إساءة الأدب إلى كتاب من كتب الله أو إلى نبيّ من الأنبياء عليهم‌السلام من أقبح المحذورات عندي ، أعاذني الله وجميع أهل الإسلام منها. لكن لمّا لم يثبت كون الكتب المسلمة عندهم المنسوبة إلى الأنبياء بحسب زعمهم كتبا إلهامية ، بل ثبت عكسه ، وثبت أن بعض مضامين هذه الكتب يجب على كل مسلم أن ينكره أشدّ الإنكار ، وثبت أن الغلط والاختلاف والتناقض والتحريف واقعة فيها جزما ، فإني معذور في أن أقول إن هذه الكتب ليست كتبا إلهية ، وان أنكر بعض القصص مثل ان لوطا شرب الخمر وزنى بابنتيه وحملتا بالزنا منه ، وان داود عليه‌السلام زنى بامرأة أوريا وحملت بالزنا منه ، وأشار إلى أمير العسكر لأن يدبّر أمرا يقتل به أوريا ، فأهلكه بالحيلة وتصرّف في زوجته ، وان هارون صنع عجلا وبنى له مذبحا فعبده هارون مع بني إسرائيل وسجدوا له وذبحوا الذبائح أمامه ، وان سليمان ارتدّ في آخر العمر وعبد الأصنام وبنى المعابد لها ولا يثبت من كتبهم المقدسة أنه تاب بل الظاهر أنه مات مرتدّا مشركا. فإن هذه القصص وأمثالها يجب علينا أن ننكرها ونقول إنها غير صحيحة جزما ، ونعتقد اعتقادا يقينيا أن ساحة النبوّة بريئة من أمثال هذه الأمور القبيحة ، وكذا معذور في أن أقول للغلط إنه غلط. وهكذا فلا يناسب لعلماء بروتستنت أن يشكّوا في هذا الباب. ألا يرون إلى أنفسهم كيف يتجاوزون الحدّ في مطاعنهم على القرآن المجيد والأحاديث النبوية والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكيف يصدر عن أقلامهم ألفاظ غير ملائمة! لكن الإنسان لا يرى عيب نفسه ولو كان عظيما ويتعرّض لعيب غيره ولو كان صغيرا ، إلّا من فتح الله عين بصيرته. ولنعم ما قال المسيح عليه‌السلام : «لما ذا تنظر القذى الذي في عين أخيك وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها؟ أم كيف تقول لأخيك دعني أخرج القذى من عينك وها الخشبة في عينك؟ يا مرائي أخرج أوّلا الخشبة من عينك ، وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك» كما هو مصرّح في الباب السابع من إنجيل متّى.

الأمر الخامس : قد تخرج كلمة تثقل على المخالف. ألا ترى أن المسيح عليه‌السلام كيف خاطب الكتبة والفريسيين مشافهة بهذه الألفاظ؟ : «ويل لكم أيّها الكتبة والفريسيون المراءون ، وويل لكم أيّها القادة العميان ، وأيّها الجهّال العميان ، وأيّها الفريسي الأعمى ،

٩

وأيّها الحيّات والأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم» وأظهر قبائحهم على رءوس الأشهاد حتى شكا بعضهم بأنك تشتمنا ، كما هو مصرّح في الباب الثالث والعشرين من إنجيل متّى والباب الحادي عشر من إنجيل لوقا ، وكيف أطلق لفظ الكلاب على الكنعانيين الذين كانوا كافرين ، كما هو مصرّح في الباب الخامس عشر من إنجيل متّى ، وكيف خاطب يحيى عليه‌السلام اليهود بقوله : «يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي» كما هو مصرّح في الباب الثالث من إنجيل متّى ، سيما في مناظرات العلماء الظاهرية تقع أمثال هذه الكلمات بمقتضى البشرية. ألا ترى إلى مقتدى فرقة بروتستنت ورئيس المصلحين جناب لوطر كيف يقول في حق الذي كان مقتدى المسيحيين في عهده أعني البابا معاصره ، وكيف يقول في حق السلطان الأعظم والملك الأفخم هنري الثامن ملك لندن! وأنقل بعض أقواله بطريق الترجمة عن الصفحة ٢٧٧ من المجلد التاسع من كاتلك هرلد وادّعى صاحبه أنه نقل هذه الأقوال عن المجلدين الثاني والسابع من المجلدات السبعة التي لجناب رئيس المصلحين. قال الرئيس الممدوح في الصفحة ٢٧٤ من المجلد السابع المطبوع سنة ١٥٥٨ في حقّ البابا هكذا : «أنا أول من طلبه الله لإظهار الأشياء التي يوعظ بها فيما بينكم ، وإني لأعلم أن كلام الله المقدّس عندكم امش مشيا هينا يا بولسي الصغير ، واحفظ نفسك يا حماري من السقوط ، احفظ نفسك يا حماري البابا ولا تقدم يا حماري الصغير لعلّك تسقط وتنكسر الرجل ، لأن الهواء في هذا العام قليل جدا حتى إن الثلج يوجد فيه دسومة كثيرة وتزلّ فيه الأقدام. فإن سقطت فيستهزئ الخلق ان أي أمر شيطاني هذا. ابعدوا عنّي أيّها الأشرار غير المبالين الحمقاء الأذلّاء الحمير ، أأنتم تخيلون أنفسكم أنكم أفضل من الحمير؟ إنك أيها البابا حمار ، بل حمار أحمق ، وتبقى حمارا دائما». انتهى. ثم قال في الصفحة ٤٧٤ من المجلد المسطور هكذا : «لو كنت حاكما لحكمت أن يكتف الأشرار البابا ومتعلّقوه ثم يغرقوا في أستيا الذي من الروم على ثلاثة أميال وهاهنا غير عظيم ـ يعني البحر ـ لأنه حمّام جيد لحصول الشفاء للبابا وجميع متعلّقيه من جميع الأمراض والضعف. وإني أعطي قولي بل أعطي المسيح كفيلا على أني لو أغرقتهم إغراقا ليّنا إلى نصف ساعة لبرءوا عن جميع الأمراض» ا. ه. وقال في الصفحة ٤٥١ من المجلد المذكور : «إن البابا ومتعلّقيه زمرة الأشرار المفسدين الخادعين الكاذبين وكنيف الأشرار الذي هو مملوء من أعظم الشياطين الجهنميين وهو مملوء بحيث يخرج من بصاقه ومخاطه الشياطين» انتهى. وقال في الصفحة ١٠٩ من المجلد الثاني المطبوع سنة ١٥٦٢ : «قلت أولا إن بعض مسائل جان هس مسائل الإنجيليين ، والآن أرجع عن هذا القول وأقول ليس البعض بل كل مسائله التي ردّها الدجّال وحواريه في محفل كون ستس ، وأقول لك مشافهة أيّها النائب المقدس لله إن جميع مسائل

١٠

جان هس المردودة واجبة التسليم وكل مسألة من مسائلك شيطانية كفرية. فلذلك أسلم مسائل جان هس المردودة واستعد لتأييدها بفضل الله». انتهى. وكان من مسائل جان هس (إن السلطان أو القسّيس إذا ارتكب كبيرة من الكبائر لا يبقى سلطانا وقسّيسا). فلما كانت جميع مسائله مسلمة عند رئيس المصلحين ، كانت هذه المسألة أيضا مسلمة. فعلى هذا لا يخرج أحد من مقتديه أهلا للسلطنة أو القسّيسية لأنه لا يوجد أحد منهم لا يصدر عنه كبيرة من الكبائر. والعجب كل العجب أن العصمة ليست شرطا للأنبياء وهم ما كانوا معصومين عند الرئيس ، وتشترط للسلطان والقسّيس ، لعلّ منصب النبوّة أدون من منصب القسّيسية عنده. وأما ألفاظ الرئيس المذكور في حق السلطان الأعظم هنري الثامن ، فهذه ، قال في الصفحة ٢٧٧ من المجلد السابع المطبوع سنة ١٥٥٨ هكذا : ١ ـ لا ريب أن لوطر يخاف إذ بذل السلطان هذا القدر من ريقه في الكذب واللّغو. ٢ ـ إني أتكلم مع الكاذب الديوث ولمّا لم يراع هو لأجل الحمق منصبه السلطاني فلم لا أرد كذبه في حلقومه؟ ٣ ـ أيها الحوض الخشبي الجاهل أنت تكذب وسلطان أحمق سارق الكفن. ٤ ـ كذا يلغو هذا السلطان الأحمق المصر. انتهى. والظاهر ان أمثال هذه الألفاظ يكون إطلاقها على الخصم جائزا عند علماء بروتستنت إلّا أن يقولوا إنها وقعت منه بمقتضى البشرية. فأقول إني إن شاء الله لا أذكر عمدا لفظا يوازن لفظا من ألفاظ مقتداهم في حق العلماء المسيحية. لكن لو صدر من غير العمد لفظ لا يكون مناسبا لشأنهم في زعمهم أرجو منهم المسامحة والدعاء. قال المسيح عليه‌السلام : «باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم». كما هو مصرّح في الباب الخامس من إنجيل متّى.

الأمر السادس : إنه كثر في ديار أوروبا وجود الذين يعبّر علماء بروتستنت عنهم بالملاحدة وهم ينكرون النبوّة والإلهام ويستهزءون بالمذاهب ، سيما بالمذهب المسيحي ، ويسيئون الأدب بالنسبة إلى الأنبياء ، سيما بالنسبة إلى المسيح عليه‌السلام ، ويزيدون في الديار المذكورة يوما فيوما. واشتهرت كتبهم في أقطار العالم ، فيجيء نقل أقوالهم أيضا على سبيل القلّة في هذا الكتاب. فلا يظن من هذا النقل أحد أني أستحسن أقوالهم وأفعالهم. حاشا وكلا لأن منكر نبيّ من الأنبياء الذين ثبتت نبوّتهم عندنا ، سيما منكر المسيح عليه‌السلام. كمنكر محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بل النقل لتنبيه علماء بروتستنت ليعلموا أن ما أوردوا على الملّة الإسلامية ليس بشيء بالقياس مما أورد أهل ديارهم وصنفهم على الملّة المسيحية.

الأمر السابع : إن عادة أكثر علماء بروتستنت في تحرير جواب المخالف جارية بأنهم يتفحصون في كتابه بنظر العناد والاعتساف ، فإن وجدوا في جميع الكتاب الأقوال القليلة ضعيفة اغتنموها ونقلوها لتغليط العوامّ ، ثم يقولون إن جميع كتابه من هذا القبيل. والحال

١١

انهم ما وجدوا مع غاية تفحّصهم إلّا القدر المسطور ، ثم بعد ذلك يأخذون أقوال المخالف ، حيث يقدرون على التأويل والجواب ، ويتركون الأقوال القوية بالمرّة ولا يشيرون إليها أيضا ولا ينقلون جميع عبارة كتابه في الردّ ليظهر على الناظر حال كلام الجانبين بل يصدر عنهم الخيانة تارة في النقل ، فيحرّفون كلامه وغرضهم الأصلي إيقاع الناظر في مغلطة ، ليظن ، بملاحظة بعض الأقوال التي نقلوها ، ان كلام المخالف كله كما قالوا. وهذه العادة غير مستحسنة ، ومن كان واقفا عليها يجزم انهم ما وجدوا في كتاب المخالف إلّا هذا القدر. وظاهر أنه لا يلزم منه على تقدير صحة النقل أيضا ضعف كتاب المخالف كله ، سيما إذا كان كبيرا ، لأن الكتاب إذا لم يكن إلهاميا يوجد فيه عادة بعض أقوال ضعيفة ، لأن كلام البشر يتعسّر خلوّه عن هذا. كما قيل لكل صارم نبوة ولكل جواد كبوة ، وأول ناس أول الناس ، والعصمة عن الخطأ والسهو والضعف عندنا خاصة الكلام الإلهامي والكتاب الإلهامي لا غير. ألا يرون أنه لا يوجد محقّق من محقّقيهم من زمان إمام الفرقة جناب لوطر إلى هذا الحين بحيث لا يكون في كلامه خطأ أو ضعف في موضع من المواضع من تصنيفاتهم؟ وإلّا فعليهم البيان وعلينا الجواب. أيجوز في الصورة المذكورة عندهم أن ننقل بعض الأقوال الضعيفة التي صدرت عن إمامهم الممدوح ، أو عن إمامهم الآخر كالون ، أو عن محقّق مشهور من محقّقيهم؟ ونقول إن كلامه الباقي كله أيضا باطل وهذيان من هذا القبيل ، وما كان له دقّة النظر. حاشا لا نقول ذلك ، بل هو خلاف الإنصاف. ولو كان هذا القدر يكفي عندهم لحصل لنا الراحة العظيمة فننقل الأقوال من أقوال أئمتهم ومحقّقيهم في المواضع التي اعترف متّبعوهم وجهل ملّتهم أيضا بأنّها ضعيفة أو غلط ، ثم نقول بعد ذلك إن كلامهم الباقي كله من هذا القبيل ، وإنهم كانوا كذا. فالمرجو منهم أنهم إن كتبوا جواب كتابي هذا فلا بدّ أن ينقلوا عبارتي كلها في الردّ ويراعوا الأمور التي هي مذكورة في المقدمة ، ولو اعتذر وأعدم الفرصة ، فهذا العذر غير مقبول ، لأنه قد صرّح صاحب مرشد الطالبين في الصفحة ٣١٠ من كتابه المطبوع سنة ١٨٤٨ في الفصل الثاني عشر من الجزء الثاني : «إن نحو ألف سوّاح من البروتستنت يواظبون على بثّ الإنجيل ، ولهم قدر مائة معاون على ذلك من الواعظين والمعلّمين وغيرهم ممّن تنصّروا». انتهى ملخصا. فهؤلاء كلهم خرجوا من بلادهم وليس لهم أمر مهم غير الوعظ والدعوة إلى ملّتهم ، فكيف يقبل عذر عدم الفرصة من هذا الجمّ الغفير؟

وأذكر شيئا لتوضيح ما قلت من حال ترجمة إمام الفرق جناب لوطر ، وحال كتاب ميزان الحق للقسّيس النبيل فندر ، وكتاب حلّ الإشكال ومفتاح الأسرار للقسّيس الممدوح أيضا. قال وارد كاتلك في كتابه المطبوع سنة ١٨٤١ في حال الترجمة المذكورة التي كانت في لسان دچهه : «قال زونكليس الذي هو أعظم علماء بروتستنت مخاطبا للوطر : يا لوطر أنت تخرّب

١٢

كلام الله ، أنت مخرّب عظيم ، ومخرّب الكتب المقدسة ، ونحن نستحي منك استحياء ، لأنّا كنّا نعظّمك تعظيما في الغاية وتظهر الآن انك كذا. وردّ لوطر ترجمة زونكليس ولقبه بالأحمق والحمار والدجّال والخادع. وقال القسّيس ككرمن في حق الترجمة المذكورة : ترجمة كتب العهد العتيق ـ سيما كتاب أيوب وكتب الأنبياء ـ معيبة وعيبها ليس بقليل ، وترجمة العهد الجديد أيضا معيبة وعيبها ليس بقليل ، وقال بسرواوسياندر للوطر : ترجمتك غلط. ووجد ستافيلس وامسيرس في ترجمة العهد الجديد فقط ألفا وأربعمائة ١٤٠٠ فساد هي بدعات». انتهى كلام وارد.

فإذا كان الفساد في ترجمة العهد الجديد فقط ألفا وأربعمائة ، فالغالب أنه لا يكون في جميع الترجمة أقلّ من أربعة آلاف فساد ، ولا ينسب الجهل وعدم التحقيق إلى إمامهم المعظّم مع وجود هذه الفسادات ، فكيف ينسبها أهل الإنصاف إلى من كان كلامه مجروحا في خمسة أو ستّة مواضع على زعم المخالف؟

وإذا فرغت من بيان ترجمة إمامهم ، أتوجه إلى ميزان الحق وغيره. فاعلم أيّها الأخ ان لهذا الكتاب نسختين : نسخة قديمة كانت متداولة إلى مدة بين القسّيسين الواعظين قبل تأليف الاستفسار. ولمّا ألّف الذكيّ الفاضل آل حسن الاستفسار وردّ الباب الأول والثالث من النسخة المذكورة ، وانكشف على القسّيس النبيل فندر حال كتابه بعد ملاحظة الاستفسار ، استحسن أن يهذّبها ويصلحها مرة أخرى ويزيد فيها شيئا ويطرح عنها شيئا ، ففعل هذا المستحسن وأخرج نسخة جديدة سواها بعد الإصلاح التامّ وطبع هذه الجديدة في اللسان الفارسي سنة ١٨٤٩ في بلدة أكبرآباد ، وفي لسان أردو سنة ١٨٥٠. فصارت تلك النسخة العتيقة بهذه النسخة الجديدة كالقانون المنسوخ عندهم لا يعبأ بها ، فلا أنقل عنها إلّا قولا واحدا وإن كان مجالا واسعا للكلام فيها. وأنقل عن هذه الجديدة الفارسية بطريق الأنموذج أربعة وعشرين قولا ، وعن كتاب حلّ الإشكال المطبوع سنة ١٨٤٧ تسعة أقوال ، وقولين عن مفتاح الأسرار القديم والجديد على سبيل الترجمة باللسان العربي مع الإشارة إلى الباب والفصل والصفحة. فأقول وبالله التوفيق :

القول الأول : في الفصل الثاني من الباب الأول من ميزان الحق في الصفحة ١٧ : «يدّعي القرآن والمفسّرون في هذا الباب ـ أي النسخ ـ أنه كما نسخ التوراة بنزول الزبور ونسخ الزبور بظهور الإنجيل فكذلك نسخ الإنجيل بسبب القرآن» انتهى. فقوله : (نسخ التوراة بنزول الزبور ونسخ الزبور بظهور الإنجيل) بهتان لا أثر له في القرآن ولا في التفاسير ، بل لا أثر له في كتاب من الكتب المعتبرة لأهل الإسلام. والزبور عندنا ليس بناسخ للتوراة ولا

١٣

بمنسوخ بالإنجيل. وكان داود عليه‌السلام على شريعة موسى عليه‌السلام ، وكان الزبور أدعية لعلّه سمع من بعض العوامّ فظن أنه يكون في القرآن والتفاسير فنسب إليها. فهذا حال هذا المحقّق في بيان الدعوى في الطعن الذي هو أول المطاعن وأعظمها.

القول الثاني : في الفصل المذكور في الصفحة ٢٤ هكذا : «لا أصل لادّعاء الشخص المحمّدي بأن الزبور ناسخ للتوراة والإنجيل ناسخ لهما». وهذا أيضا غير صحيح كالأول لمّا عرفت أن الزبور ليس بناسخ للتوراة ولا بمنسوخ بالإنجيل. ولمّا طلبت منه تصحيح النقل في هذين القولين في المناظرة التي وقعت بيني وبينه في المجموع العامّ ما وجد ملجأ سوى الإقرار بأنه أخطأ ، كما هو مصرّح في رسائل المناظرة التي طبعت مرارا في أكبرآباد ودهلي باللسان الفارسي ولسان أردو. فمن شاء فليرجع إليها.

القول الثالث : في الفصل المذكور في الصفحة ٢٥ : «يلزم من قانون النسخ هذا التصوّر أن الله أراد عمدا ، بالنظر إلى مصلحته وإرادته ، أن يعطي شيئا ناقصا غير موصل إلى المطلوب ويبيّنه. لكنه كيف يمكن أن يتصوّر أحد مثل هذه التصوّرات الناقصة الباطلة في ذات الله القديمة الكاملة الصفات؟» ، وهذا لا يرد على أهل الإسلام نظرا إلى النسخ المصطلح عندهم ، كما ستعرف في الباب الثالث إن شاء الله. نعم يردّ على مقدّسهم بولس ، لأن هذا المقدّس ابتلي بهذا التصوّر الناقص الباطل الذي كان عند القسّيس غير ممكن. وانقل عبارته عن الترجمة العربية المطبوعة سنة ١٨٦٠. قال في الباب السابع من الرسالة العبرانية هكذا : «١٨ فإنه يصير إبطال الوصيّة السابقة من أجل ضعفها أو عدم نفعها ١٩ إذ الناموس لم يكمل شيئا» إلخ. وفي الباب الثامن من الرسالة المذكورة هكذا : «٧ فإنه لو كان ذلك الأول بلا عيب ، لما طلب موضع الثاني. ١٣ فإذا قال جديدا أما الأول وأما ما عتق وشاخ فهو قريب من الاضمحلال». وفي الآية التاسعة من الباب العاشر من الرسالة المذكورة هكذا : «ينزع الأول حتى يثبت الثاني». فأطلق مقدّسهم على التوراة أنه أبطل ونزع وكان ضعيفا وعديم النفع وغير مكمل لشيء ومعيبا ، وجعله أحقّ بالاضمحلال والإبطال ، بل يردّ على زعم هذا القسّيس أن الله ابتلي أولا بهذا التصوّر الباطل الناقص ، والعياذ بالله لأنه قال على لسان حزقيال هكذا : «إذن أعطيتهم أنا وصايا غير حسنة وأحكاما لا يعيشون بها» كما هو مصرّح في الآية الخامسة والعشرين من الباب العشرين من كتاب حزقيال. فالعجب كل العجب من إنصاف هذا المحقّق أنه ينسب إلى أهل الإسلام ما يلزم على مذهبه لا على مذهبهم.

القول الرابع : في الفصل المذكور في الصفحة ٢٦ : «لا بدّ أن تبقى أحكام الإنجيل وكتب العهد العتيق جارية ما دامت السموات والأرض بمقتضى هذه الآيات». وهذا غلط لأنه

١٤

إن كان بمقتضاها بقاء أحكام العهدين يلزم أن يكون جميع القسّيسين واجبي القتل ، لأنهم لا يعظّمون السبت ، وناقض تعظيمه على حكم التوراة واجب القتل. على أنه أقرّ في هذا الفصل في الصفحة ١٩ : «إن الأحكام الظاهرية» من التوراة «كملت بظهور المسيح ونسخت بمعنى أنها ما بقيت محافظتها لازمة». فهذه الأحكام الظاهرية على اعترافه ما بقيت جارية ما دامت السموات والأرض. وتكميلها ونسخها بالمعنى المذكور عندهم هو نسخ الأحكام المصطلح عندنا. وقال عيسى عليه‌السلام للحواريين حين أرسلهم : «إلى طريق أمم لا تمضوا وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا». وقال : «لم أرسل إلّا إلى خراف بيت إسرائيل الضالّة». فنهى عن دعوة أمم والسامريين وخصّص رسالته ببني إسرائيل. ثم قال وقت العروج إلى السماء : «اذهبوا إلى العالم أجمع وأكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها» ، فأمر بدعوة جميع العالم وعمّم رسالته فنسخ حكمه الأول ، ونسخ الحواريون ، بعد المشاورة ، جميع الأحكام العملية المندرجة في التوراة إلّا أربعة أحكام. حرمة ذبيحة الصنم ، وحرمة الدم ، وحرمة المخنوق ، وحرمة الزنا. وكتبوا في هذا الباب كتابا إلى الكنائس ، كما هو مصرّح في الباب الخامس عشر من كتاب الأعمال ، ثم نسخ مقدّسهم بولس من هذه الأربعة أيضا الثلاثة الأولى بفتوى الإباحة العامّة المندرجة في الآية الرابعة عشر من الباب الرابع عشر من رسالته إلى أهل رومية ، وفي الآية الخامسة عشر من الباب الأول من رسالته إلى طيطوس. فنسخ الحواريون أحكام التوراة ونسخ مقدّسهم أحكام الحواريين ، فظهر مما ذكرت أن النسخ ، كما وقع في أحكام التوراة ، كذلك وقع في أحكام الإنجيل. فهذه الأحكام المنسوخة من كليهما ما بقيت جارية ما دامت السموات والأرض. وستعرف هذه الأمور مفصّلة في الباب الثالث إن شاء الله تعالى.

والآيات التي تمسّك بها هذا القسّيس النبيل أربع على ما نقلها في الصفحة ٢٦ و ٢٧ في الفصل المذكور : الأولى : الآية الثالثة والثلاثون من الباب الحادي والعشرين من إنجيل لوقا هكذا : «السماء والأرض تزولان وكلامي لا يزول». والثانية : الآية الثامنة عشرة من الباب الخامس من إنجيل متّى هكذا : «فإنّي الحقّ أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكمل الكل». والثالثة : الآية الثالثة والعشرون من الباب الأول من الرسالة الأولى لبطرس هكذا : «أنتم مولودون ثانية لا من زرع يفنى بل مما لا يفنى بكلمة الله الحيّة الباقية إلى الأبد». الرابعة : الآية الثامنة من الباب الأربعين من أشعيا هكذا : «يبس الحشيش وسقط الزهر وكلمة ربّنا تدون إلى الأبد». ولا يصحّ للمسيحيين التمسّك بالآية الثانية والرابعة على أن حكما من أحكام التوراة لا ينسخ لأن أحكامه العملية كلها صارت منسوخة في الشريعة العيسوية ، ولا بالأولى والثالثة على أن

١٥

حكما من أحكام الإنجيل لا ينسخ لأن النسخ قد وقع في أحكامه أيضا لما عرفت وستعرف في الباب الثالث مفصّلا إن شاء الله تعالى. فالصحيح أن الإضافة في لفظ (كلامي) الواقع في الآية الأولى للعهد والمراد به الكلام الذي أخبر فيه عن الحوادث الآتية ـ كما اختار المفسّر دوالي ورجرد منيت على مختار القسّيس بيرس ودين أستان هوب وستعرف في الباب المذكور ، وليست هذه الإضافة للاستغراق ليفيد أن كل كلامي يبقى إلى الأبد ، سواء كان حكما أو غيره ، وانه لا يصحّ أن ينسخ حكم من أحكامي ، وإلّا لزم كذب إنجيلهم في الأحكام المنسوخة. على أن عدم الزوال في الآية الثانية كان مقيّدا بقيد الكمال ، وقد حصل كمال أحكام التوراة في الشريعة العيسوية ، على زعم القسّيس النبيل. فلا مانع للزوال بعده. ولفظ (إلى الأبد) في الآية الثالثة محرّف إلحاقي لا وجود له في أقدم النسخ وأصحّها. ولذلك كتب قوسان في جانبه هكذا (إلى الأبد) في النسخة العربية المطبوعة سنة ١٨٦٠ في بيروت. وقد قال طابعوه ومصحّحوه في التنبيه الذي أوردوه في الديباجة هكذا : و «الهلالان يدلّان على أن الكلمات التي بينهما ليس لها وجود في أقدم النسخ وأصحّها». انتهى. وقول بطرس الحواري : (كلمة الله الحيّة الباقية إلى الأبد) كقول أشعيا : (كلمة ربّنا تدوم إلى الأبد). فكما لا يفيد قول أشعيا عليه‌السلام عدم نسخ حكم التوراة ، فكذلك لا يفيد قول بطرس عدم نسخ حكم الإنجيل. والتأويل الذي يجري في قول أشعيا ، فهو بعينه يجري في قول بطرس. فهذه الآيات الأربع لا يصحّ التمسّك بها في مقابلة أهل الإسلام لإبطال النسخ المصطلح عندهم ، ولذلك كانت أقوال القسّيس النبيل مضطربة في التمسّك بهذه الآيات وقت المناظرة التي وقعت بيني وبينه ، كما لا يخفى على ناظر رسائلها التي طبعت باللسان الفارسي ولسان أردو في دهلي وأكبرآباد مرارا.

القول الخامس : نقل القسّيس النبيل قول الفاني في بيان مذهب الشيعة الاثني عشرية في حق القرآن المجيد من كتابه المسمّى بدبستان في الفصل الثالث من الباب الأول من ميزان الحق في الصفحة ٢٩ وحرّف قوله حيث كانت عبارته هكذا : (بعضي أزيشان كوبند كه عثمان مصحف را سوخته) إلخ. ونقل القسّيس النبيل هكذا ، كه (مى كويند) ، فأسقط لفظ (بعضي أريشان) ، وزاد لفظ (مي) ليكون النسبة بحسب الظاهر إلى كل الفرقة. وهكذا نقل القسّيس النبيل عبارة الاستفسار في الصفحة ١٠٣ من كتابه حلّ الإشكال هكذا : «قوانين الصرف والنحو والمعاني والبيان وسائر الفنون لا ترى قبل عهد الإسلام عند أحد من اليهود والمسيحيين». انتهى. وما كان في عبارة الاستفسار لفظ سائر الفنون بل كان بدله مفردات اللغة. وكان غرض صاحب الاستفسارات الفنون التي تتعلق باللسان الأصلي للتوراة والإنجيل ما كانت قبل عهد الإسلام عند أحد من اليهود والمسيحيين ، فحرّف القسّيس النبيل

١٦

لفظ مفردات اللغة بسائر الفنون ، ثم اعترض عليه. وفرقة كاتلك يقولون : إن التحريف في مثل هذه الأمور عادة فرقة بروتستنت. نقل وارد كاتلك في كتابه «أنه وصل عرض حال من فرقة بروتستنت إلى السلطان جيمس الأول بهذا المضمون أن الزبورات التي هي داخلة في كتاب صلواتنا مخالف للعبري بالزيادة والنقصان والتبديل في مائتي ٢٠٠ موضع تخمينا». انتهى. وقال طامس أنككلس كاتلك في الصفحة ١٧٦ و ١٧٧ من كتابه المسمّى بمرآة الصدق وهو بلسان أردو وطبع سنة ١٨٥١ : «إن نظرتم إلى الزبور الرابع عشر فقط الذي هو موجود في كتاب الصلوات العامّ الذي يظهر عليه علماء بروتستنت رضاهم وقبولهم بالحلف ، ثم طالعتم هذا الزبور في الكتاب المقدس لبروتستنت ، لوجدتم أن أربع آيات في كتاب الصلوات ناقصة بالقياس إلى الكتاب المقدس. لكن هذه الآيات إن كانت من كلام الله فلم تركوها؟ وإن لم تكن من كلام الله فلم لم يظهروا عدم صدقها في كتاب الصلوات؟ والحقّ الصريح أن البروتستنتيين حرّفوا كلام الله وهذا الخبر الذي عن الأمر المستقبل إما بالزيادة أو بالنقصان». انتهى. فإسقاط لفظ (بعضي أزيشان) أهون من إسقاط أربع آيات في الزبور الواحد. وكذا تبديل لفظ (مفردات اللغة) أهون من التحريف في مائتي ٢٠٠ موضع من كتاب الزبور.

القول السادس : في الصفحة ٥٤ في الفصل السادس من الباب الأول من ميزان الحق هكذا : «واعتقادنا في النبيّ هذا أن الأنبياء والحواريين وإن كانوا قابلي السّهو والنسيان في جميع الأمور لكنهم معصومون في التبليغ والتحرير». انتهى. وهذا أيضا غلط كما سيظهر في الفصل الثالث من الباب الأول ، وفي الباب الثالث عشر من سفر الملوك الأول في حال النبيّ الذي جاء بأمر الله من يهودا إلى يوربعام ، ثم رجع إلى يهودا بعد ما أخبر بأن المذبح الذي بناه يوربعام ، يهدمه السلطان يوشيا الذي يكون من أولاد داود عليه‌السلام. وقع هكذا : «١١ وكان في بيت إيل شيخا نبيّا أتاه بنوه وأخبروه بكل ما صنع رجل الله في ذلك اليوم إلخ ١٢ فقال لهم أبوهم : أيّ طريق أخذ؟ فدلّه بنوه على الطريق الذي أخذ رجل الله إلخ ١٣ فقال لبنيه : أسرجوا لي الحمار ، فأسرجوا له الحمار وركبه ١٤ ولحق رجل الله فوجده جالسا تحت شجرة البطم إلخ ١٥ قال له : مرّ معي إلى بيتي لتأكل خبزا ١٦ قال : لا أقدر أن أرجع وأدخل معك ولا آكل طعاما ولا أشرب ماء في هذه البلاد ١٧ لأن الملك قال لي : يقول الرب قائلا : لا تأكل طعاما ولا تشرب ماء هنالك ولا ترجع من الطريق التي جئت منها ١٨ قال له : أنا أيضا نبيّ مثلك وقد قال لي الملاك عن قول الربّ قائلا : ردّه معك إلى بيتك ويأكل طعاما ويشرب ماء فكذب له وخدعه ١٩ فرجع معه وأكل طعاما وشرب ماء في منزله ٢٠ فبينما هما على المائدة كان قول الربّ إلى النبيّ الذي ردّه ٢١ فدعا إلى الرجل الذي جاء من يهودا وقال له : هكذا يقول الربّ إنك خالفت قول فم الربّ ولم تحفظ ما أمرك به الله ربّك ٢٢ ورجعت

١٧

وأكلت الخبز وشربت الماء في الموضع الذي قال لك لا تأكل فيه خبزا ولا تشرب ماء فلا يدخل جسدك قبل آبائك ٢٣ فلما أكل وشرب أسرج حماره للنبيّ الذي ردّه ٢٤ وخرج منصرفا فاستقبله أسد في الطريق وقتله وصارت جثّته مطروحة في الطريق إلخ ٢٥ مرّ قوم ورأوا الجثّة مطروحة في الطريقة والأسد قائما عند الجثة فدخلوا القرية التي فيها النبيّ الشيخ وأخبروا بذلك ٢٦ فسمع النبيّ الذي ردّه إلخ ٢٧ فقال لبنيه : أسرجوا لي الحمار فأسرجوه ٢٨ وانطلق إليه ٢٩ فأخذ النبيّ جثة رجل الله فحملها على الحمار فرجع وجاء بها إلى القرية التي كان فيها ذلك النبيّ الشيخ لينوح عليه». انتهى. فأطلق في هذه العبارة على النبي الشيخ لفظ النبي في خمسة مواضع ، وفي الآية الثامنة عشر نقل عن حضرته الأقدس ادّعاء الرسالة الحقّة ، وفي الآية العشرين ثبت تصديق رسالته الحقّة أيضا. وهذا النبيّ الشيخ الصادق النبوّة افترى على الله وكذب في التبليغ وخدع رجل الله المسكين ، وألقاه في غضب الربّ ، وأهلكه. فثبت عدم عصمتهم في التبليغ أيضا ، فإن قلت إنهم يفترون على الله ويكذبون في التبليغ قصدا لا سهوا ونسيانا وكلام القسّيس النبيل في السّهو والنسيان ، قلت هذا ، وإن كان توجيها مناسبا لعبارته ، لكنه يلزم عليه شناعة أقوى من السّهو والنسيان. ومع ذلك هو غلط أيضا كما سنعرف. ثم قال القسّيس النبيّ بعده : «إن ظهر لأحد في موضع من المواضع في تحريرهم اختلاف أو محال عقلي فذلك دليل نقصان فهمه وعقله». أقول : هذا أيضا ليس بصحيح بل تغليط وتمويه محض ومخالف لتصريح علماء اليهود والمفسّر آدم كلارك الذي هو من المفسّرين المشهورين من فرقة بروتستنت ولتصريح كثير من المحقّقين من هذه الفرقة ، كما ستعرف في الفصل الثالث والرابع من الباب الأول ، والشاهد السادس عشر من المقصد الأوّل من الباب الثاني. ولو ادّعى هذا القسّيس صدق ما ادّعاه ، فعليه أن يوجّه جميع الاختلافات والأغلاط التي نقلتها في الفصل الثالث ليظهر الحال. لكنه لا بدّ أن يكون بيانه مشتملا على توجيه جميعها لا بعضها ، ولا بدّ أن يكون جوابه بعد نقل عبارتي وتقريري ليحيط الناظر بكلام الجانبين ، ولو وجّه بعضها الذي يمكن تأويله ولو بعيدا وترك نقل عبارتي فلا يسمع ادّعاؤه.

القول السابع : في الصفحة ٦٠ في مقدمة الباب الثاني من ميزان الحق : «خلّص الله اليهود بعد انقضاء سبعين سنة على ما وعد أرميا وأوصلهم إلى إقليمهم». وهذا أيضا غلط لأن إقامتهم كانت في بابل ثلاثا وستّين سنة لا سبعين كما ستعرف في الفصل الثالث من الباب الأول إن شاء الله تعالى.

القول الثامن : في الصفحة ١٠٥ في الفصل الثالث من الباب الثاني : «وتمّ سبعون أسبوعا التي هي عبارة عن أربعمائة وتسعين سنة في وقت ظهوره ـ أي المسيح ـ كما أخبر

١٨

دانيال الرسول أنه يمضي من رجوع بني إسرائيل عن بابل إلى مجيء المسيح المدة بالقدر المذكور». وهذا أيضا غلط كما ستعرفه في الفصل الثالث من الباب الأول ، على أن هذا القول غير صحيح بالنظر إلى تحقيقه أيضا ، وإن فرضنا أن اليهود أقاموا في بابل سبعين سنة ثم أطلقوا ، أنه صرّح في الصفحة ٦٠ : «أن أسر اليهود كان قبل ميلاد المسيح بستمائة سنة فإذا أسقطنا سبعين من ستمائة يبقى خمسمائة وثلاثون فتكون المدة من الإطلاق إلى ظهور المسيح بهذا القدر لا بقدر أربعمائة وتسعين سنة».

القول التاسع : في الصفحة ١٠٠ في الفصل الثالث من الباب الثاني : «أخبر الله داود الرسول أن هذا المخلّص يظهر من أولادك وتكون سلطنته إلى الأبد ، كما هو مصرّح في الآية الثانية عشر والثالثة عشر من الفصل السابع من سفر صموئيل الثاني» والتمسّك بهاتين الآيتين غلط ، كما ستعرف مفصّلا في الفصل الثالث من الباب الأول.

القول العاشر : في الصفحة ١٠١ في الفصل الثالث من الباب الثاني هكذا : «علم مكان ولادة هذا المخلّص في الآية الثانية من الفصل الخامس من كتاب ميخا الرسول هكذا : وأنت يا بيت لحم أفراثا وإن كنت صغيرا في ألوف يهودا لكن منك يخرج لي الذي هو يكون سلطانا في إسرائيل وخروجه من البدي منذ أيام الأزل». انتهى. وهذه العبارة محرّفة كما حقّق محقّقهم المشهور هورن ، كما ستعرف في الشاهد الثالث والعشرين من المقصد الأول من الباب الثاني ، ومخالفة للآية السادسة من الباب الثاني من إنجيل متّى. فيلزم على القسّيس إما أن يعترف بتحريف عبارة ميخا ، كما اعترف محقّقهم المشهور ، أو يعترف بتحريف عبارة الإنجيل. وهو يتحاشى عن إقراره عند العوّام. وفي صورة الإقرار : يلزم عليه في الصورة الأولى أنه كيف تمسّك بالعبارة المحرّفة ، وفي الصورتين أن يبيّن من حرّف ومتى حرّف ولما ذا حرّف؟ ، أحصل له شيء من المناصب الدنيوية أو شيء من ثواب الآخرة ، كما هو يسأل أهل الإسلام ، ويقول : إن هذا البيان دين عليهم ، وهم بفضل الله براء من هذا الدين ، كما فصّل في الإعجاز العيسوي وإزالة الشكوك ومعدل اعوجاج الميزان وهذا الكتاب.

القول الحادي عشر : في الصفحة المذكورة : «إن هذا المخلّص يتولّد من العذراء كما قال أشعيا في الآية الرابعة عشر من الفصل السابع». والتمسّك بهذا أيضا غلط بلا شبهة كما ستعرف في بيان الغلط الخمسين من الفصل الثالث من الباب الأول ، وستعرف هناك أيضا ان ما ادّعى جناب القسّيس في الصفحة ١٣٠ من كتابه حلّ الإشكال (أنه لا معنى للفظ علماء الا العذراء) غلط أيضا.

القول الثاني عشر : نقل القسّيس النبيل من الزبور الثاني والعشرين عبارة من الصفحة

١٩

١٠٤ في الفصل الثالث من الباب الثاني. وفي هذه العبارة وقعت هذه الجملة أيضا : «ثقبوا يدي ورجلي». وهذه الجملة لا توجد في النسخة العبرانية ، بل فيها بدلها هذه الجملة : «كلتا يدي مثل الأسد» نعم توجد في تراجم المسيحيين قديمة كانت أو جديدة فيسأل من القسّيس النبيل ان النسخة العبرانية هاهنا محرّفة في زعمكم أم لا؟ فإن لم تكن محرّفة فلم حرّفتم هذه الجملة لتصدق على المسيح في زعمكم؟ وإن كانت محرّفة فلا بدّ أن تقرّوا بتحريفها. ثم يسأل على وفق تقريره في ميزان الحق من حرّفها ومتى حرّفها ولما ذا حرّفها؟ أحصل له شيء من المناصب الدنيوية أو شيء من ثواب الآخرة؟

القول الثالث عشر إلى الخامس عشر : في الفصل السادس من باب الثاني في الصفحة ١٦٥ : عدّ القسّيس النبيل من الإخبارات بالحوادث الآتية التي يستدلّ بصدقها على كون الكتب المقدسة كتبا إلهية ، الخبر المندرج في الفصل الثامن والثاني عشر من كتاب دانيال ، والخبر المندرج في إنجيل متّى من الآية ١٦ إلى ٢٢ من الباب العاشر. وهذه الأخبار الثلاثة غير صحيحة كما بيّنّا في الفصل الثالث من الباب الأول في الغلط الثلاثين والحادي والثلاثين والثامن والتسعين.

القول السادس عشر : في الصفحة ٢٣٤ من الفصل الثالث من الباب الثالث : «وكلّ منهم يقول إن الآيات العديدة المنسوخة توجد في القرآن ، ومن يتأمّل تأمّلا قليلا ويدقّق تدقيقا يسيرا يفهم أن مثل هذه القاعدة معيبة وناقصة». أقول لو كان هذا عيبا فالتوراة والإنجيل معيبان ناقصان بالطريق الأولى ، لأنهما أيضا يشتملان على الآيات المنسوخة ، كما عرفت في بيان القول الرابع ، وستعرف في الباب الثالث مفصّلا إن شاء الله. فالعجب من هذا المحقّق أنه يقول بمخالفة القرآن ما يقع على التوراة والإنجيل بأشنع حالة.

القول السابع عشر : قال القسّيس النبيل في الصفحة ٢٤٦ في الفصل الرابع من الباب الثالث بعد ما أنكر المعجزة التي فهمت من قوله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧] ، وقدح عليها بحسب زعمه : «ولو سلّمنا أن الحديث المذكور ، رأي الذي ذكره المفسّرون ، صحيح وأن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم رمى بقبضة من تراب على عسكر العدو فلا تثبت منه المعجزة أيضا». انتهى. أقول : الحديث الذي ذكره المفسّرون هكذا : روي أنه لمّا طلعت قريش من العقنقل (قال عليه‌السلام : «هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك ، اللهمّ إنّي أسألك ما وعدتني». فأتاه جبريل عليه‌السلام وقال له : خذ قبضة من تراب فارمهم بها. فلما التقى الجمعان تناول كفّا من الحصباء فرمى بها في وجوههم وقال : «شاهت الوجوه». فلم يبق مشرك إلّا شغل بعينيه فانهزموا وردفهم المؤمنون فيقتلونهم

٢٠