أعلام النبوّة

أبو حاتم الرازي

أعلام النبوّة

المؤلف:

أبو حاتم الرازي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسه پژوهشى حكمت و فلسفه ايران
المطبعة: صارمي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٤

الحشا (١). واتّخاذ مائدة من خشب الشّمشار ، وتغشّى (٢) بالذّهب الخالص (٣) ويجعل لها إكليل من ذهب وصحاف ومشارب وبراطيل ومحاس (٤) يغرف (٥) بها من ذهب خالص وسلاسل وخمسون (٦) كلبة من نحاس ، ورفوف البيت من ذهب ، وستوره (٧) رقم ، وشقاق من قياطين (٨) وبساط من أبريسم (٩) رقيق (١٠) وبخور ودخنة ولبان وطيب ودهن البنفسج المقدّس ، وقميص كتّان (١١) لهارون وهميان مضفور (١٢) يشدّ به ظهره ؛ وأن يذبح الثّور بين يدى الرّبّ ويرشّ الدّم على المذبح ، ويجعل الثّرب وزيادة الكبد والكليتين وشحمها على المذبح قدّام الرّب (١٣) ؛ ويذبح كبش وينضح دمه على طرف أذن هارون وولده ، وعلى أباهيم أرجلهم ، ويغسل الكبش وبطنه وأكارعه وأعضاؤه ، ويقطّع على أعضائه ورأسه ، ويصعد به على المذبح لقربان الرّب. فقد ذكر فى التّوراة نحو هذه الصّفات فى باب اتّخاذ (١٤) قبّة الزّمان وآلاتها والتّابوت والمنارة وآلاتها وغير ذلك (١٥).

وذكرنا هذه على الاختصار ، فان لكلّ شيء ممّا ذكرنا صفات طويلة ؛ ولعل هذه الصّفات فى التّوراة تكون فى طول سورة البقرة. فذكرنا هذا المقدار ، لانّ الملحد ذكر (١٦) البساط من أبريسم (١٧) والشّحم والثّرب واستفظعه ، وعاب فعل موسى جهلا منه ، ولم يعلم أن موسى حين اتّخذ

__________________

(١) ـ ووجها هما ... الحشا : ـ B (٢) ـ تغشى : يغشى B (٣) الخالص : المخالص A (٤) ـ محاس : محاسى AB ، محاشى C (٥) يغرف : يغزوA (٦) ـ خمسون : خمسين ABC (٧) ـ ستوره : ستورB (٨) قياطين : قباطين A (٩) إبريسم ابريشم AB ، إبريسم C (١٠) رقيق : الرقيق B (١١) ـ كتان : كناس A (١٢) ـ مضفور : مظفورAB ، مضفورC (١٣) ـ ويرش ... قدام الرب ـ B (١٤) ـ اتخاذ : اتخاذه B (١٥) ـ والتابوت ... وغير ذلك : والتابوت وغير ذلك والمنارة وآلاتهاABC (١٦) ـ ذكر : ذكرناA (١٧) من إبريسم : من ابريشم B وابريشم A ، من إبريسم C

١٢١

هذه الأسباب ، ضرب بها الأمثال كما قلنا ؛ فزعم (١) أنّها خرافات واتّخذها (٢) هزوا ولعبا ؛ واستظهر بدعوى المنانيّة : أنّ موسى كان (٣) من رسل الشّياطين ، وقال : «من عنى بذلك فيقرأ (سفر الأسفار) الّذي للمنّانيّة ؛ فانه يطّلع على عجائب من قولهم فى اليهوديّة ، من لدن إبراهيم إلى زمن عيسى» ... وهل قالت المنّانيّة بجهلهم فى ذلك إلّا مثل (٤) ما قال الملحد بقلّة معرفته ، حين عاب هذه الأسباب التى فى التوراة ، وزعم أنّها خرافات ، جهلا منه بمراد موسى فى ذلك وبما (٥) ضرب (٦) فيها من الأمثال ؛ فعدّ الملحد ذلك سخفا وخرافات ؛ وإنّما هى أمثال تحتها معان (٧) غامضة ، يعلمها حكماء الدّيانة الذين يعرفون معانى كلام الأنبياء (ع). ولم يكن موسى وسائر الأنبياء ، مع براعتهم وكمالهم على حسب ما تقدّم (من) وصفهم ، يجهلون من هذا ، ما عرفه الملحد. وموسى (ع) مع كماله ، وما ظهر للأنام من (٨) استحكام رأيه ، ووفور (٩) عقله ، وأفعاله (١٠) العظيمة التى كانت منه ولا يكون مثلها (١١) إلّا من أكمل النّاس وممّن (١٢) يكون مؤيدا ، كان يعلم ، أنّ الله عزوجل لا يحتاج إلى بساط من أبريسم (١٣) يقعد عليه ، أو خوان من خشب الشّمشار (١٤) يأكل عليه ، أو قبّة يجلس فيها مثل القبّة التى أمر موسى باتّخاذها على تلك الصّفات المكتوبة فى التّوراة (و) التى سمّاها قبّة الزّمان وإلى هذه الأسباب والآلات التى ذكرناها ، وأنّ الله عزوجل (١٥) هو (١٦) مقدّس عن (١٧) هذه الأمور. وهذه إن لم تكن أمثالا (١٨) كما قلنا ، فهى (١٩) من فعل المجانين ومن لا يعقل قوله (٢٠) ؛ و

__________________

(١) ـ فزعم : فزعواA (٢) اتخذها : اخذهاB (٣) ـ واستظهر ... كان : +A ـ (٤) ـ الامثل : الامثال AC ـ (٥) ـ بما : فيماABC (٦) ضرب : ضربت A (٧) ـ معان : معانى BC ـ (٨) ـ من : منه C (٩) ـ وفور : نورB (١٠) افعاله : فعله A (١١) مثلها : امثالهاA (١٢) ـ ممن : من A (١٣) ـ إبريسم : ابريشم B ، ابريسيم C (١٤) الشمشار : الشمسادA ، اشمسارB (١٥) ـ عزوجل : ـ A (١٦) هو : ـ B (١٧) عن : من B (١٨) ـ امثالا : امثال B (١٩) فهى : فهوB (٢٠) قوله : + وفعله B

١٢٢

نعوذ بالله من قول من يظنّ بموسى (ع) هذا الظّن ؛ بل ، كان أطهر وأزكى وأكمل من ذلك ، ولكنّه لما اصطفاه الله عزوجل ، وبعثه بالرّسالة ، ضرب للنّاس هذه الأمثال العجيبة ، وأشار إلى معانيها الجليلة ، ليعتبر بها النّاس.

(٣) ومثال تلك القبّة فى التّيه الّذي كانوا فيه ، مثال الكعبة التى وضعها الله للناس ، وحجّها النّبيّون (ع) فى الأمم السّالفة ثم جدّد (١) رسومها إبراهيم (ع) وحجّها ، وجعلها محمّد (ص) قبلة لأمّته وأمر بحجّها ؛ وسمّوها بيت الله ، وقد علموا أنّ الله عزوجل لا يحتاج إلى بيت يسكن فيه (٢) ، وأنّ البيوت كلّها لله. ومثل تعظيمهم لبيت (٣) المقدس ، واتّخاذهم ايّاه قبلة. وهكذا كان سبيل قبّة الزّمان التى اتّخذها موسى (ع) وكذلك سبيل البساط والخوان ، والشّحم والثّرب الّذي أمر أن يجعل على النّار لسرور (٤) الرّبّ ، وسبيل سائر الفرائض والسّنن التى استعبد الله بها عباده على ألسنة (٥) الأنبياء (ع) الذين شرعوا الشّرائع ، وأمروا النّاس باقامتها ؛ ولو لا أنّ الامر هكذا ، لكانت هذه الافعال التى عاب بها الملحد الأنبياء (ع) عبثا وجنونا ، ولكانت من أمحل المحال (٦) ؛ كما يقدّره الجهّال والملحدون والضّلّال الذين اتّخذوها هزوا ، ودعاهم الجهل إلى الخروج عن الشّرائع ، وإيثار التعطيل والالحاد.

(٤) أفترى الأنبياء الطّاهرين حين شرعوا هذه الشّرائع التى قد خلدت على الدّهر ورسموا هذه الرّسوم الباقية إلى الابد (٧) ، لم يعرفوا معنى ما يعرفه الملحدون ؛ وهم أكمل البشر ، وكل واحد منهم كان قطبا للانام فى دهره؟! أو ترى المسيح (ع) حين قال فى الإنجيل : «لا تظنّوا أنى جئت لا بطل التّوراة والأنبياء ، لم آت لا بطلها ، بل جئت لاكملها. والحقّ أقول

__________________

(١) ـ جدد : حددA (٢) ـ يسكن فيه : يسكنهاC (٣) ـ لبيت : بيت B (٤) ـ سرور : لسنه ABC (٥) ـ ألسنة : سنةB (٦) ـ المحال : الامحال A (٧) ـ الى الابد : الا الايك C

١٢٣

لكم : إنّ زوال السّماوات والارض ايسر من زوال حرف واحد من التّوراة. فمن نقص (١) وصيّة واحدة من هذه الوصايا الصّغار وعلّمها النّاس منقوصة (٢) يدعى فى ملكوت السماء ناقصا (٣) ومن علم وعمل يدعى فى ملكوت السّماء عظيما (٤).» وقد قيل فى التّوراة : «إنّ من طلّق امرأته فليعطها تاب الطّلاق ، فأمّا أنا فأقول لكم : كلّ من (٥) طلّق امرأته من غير زنى وتزوّج أخرى فقد زنى وألجأها الى الزّنى (٦) ومن تزوّج مطلّقة فى الزنى فقد زنى». فتلا عليهم هذا الحكم الّذي هم فى التّوراة ثم عطّله ، وعطّل أكثر أحكام التّوراة ، وغيّر ظواهر رسومها ، وعطّل السّبت وأقام بدله الاحد ؛ وقد علم أنّ موسى (ع) أمر أمّته بإقامته وكتب ذلك لهم فى التّوراة وشدّد الامر فيه وأخبرهم أنّ ذلك عن أمر الله عزوجل ، فقال فى التّوراة : قال الله (٧) لموسى : «قل لبنى إسرائيل احفظوا السّبوت لأنّها آية بينى وبينكم ولتعلموا (٨) أنّى أنا الرّبّ إلهكم فاحفظوا السّبت (٩) فانّه قدس لكم ومن عمل فيه عملا (١٠) فلينبذوا (١١) ذلك الانسان من شعبه. اعملوا الاعمال ستّة أيّام وفى اليوم السّابع سبت الرّاحة قدسا هو للرّب (١٢) كلّ من عمل يوم السّبت فلا يقبل (١٣) (١٤) وليحفظ بنو إسرائيل (١٥) فى اتّخاذ السّبت لأعقابهم عهدا إلى الدّهر ما بينى وبين إسرائيل أبدا إلى الدّهر (١٦) لانّ فى ستّة أيّام خلق الله السّماء والارض وما فيهما وفرغ فى يوم (١٧) السّابع» وفى موضع آخر فى التّوراة : «اعملوا الاعمال فى ستّة أيّام واصنعوا ما أردتم (١٨) أن

__________________

(١) ـ نقص : نقض B ، ينقض C (٢) منقوصة : منقوضة : BC (٣) ـ ناقصا : ناقضاB (٤) ومن ... عظيما : +A ـ (٥) ـ ان ... كل من ـ A (٦) ـ الزنى : الّذي A (٧) ـ فقال ... الله : ـ A (٨) ـ لتعلموا : قال BC ـ (٩) السبت : السبوت A (١٠) ـ عملا : ـ A (١١) فلينبذوا : فليبدواAB ، فلينبذC (١٢) ـ للرب : اللرب A (١٣) كل ... يقبل : ـ C (١٤) ـ فلا يقبل : فلا يقل ABC (١٥) ـ اسرائيل : السرائيل A ، بنى اسرائيل (١٦) ابدا الى الدهر : انه الى الدهرABC (١٧) ـ يوم : اليوم A (١٨) ـ اردتم : رديتم C

١٢٤

تصنعوا فيها فأمّا (١) يوم السّبت فسبوت (٢) لله ربّكم لا تعملوا فيه عملا أنتم وبنوكم (٣) وعبيدكم وإمائكم (٤) ونسوانكم وحرمكم (٥) وكل بهائمكم والسّكّان الذين فى قراكم (٦) ليستريح عبيدكم وإمائكم معكم.» وهو (٧) أشدّ ما ألزموا من الفرائض فى دينهم فنسخه (٨) عيسى (ع) بالأحد مع شهادته بصحّة التّوراة ونبوّة موسى ، وتصديق جميع ما أتى (٩) به. أفتراه كان معتوها لا يعقل ما يقول وما يفعل؟ وما الّذي منعه أن يقول إنّي جئت لأبطل التّوراة ؛ فقد كان نابذ اليهود (١٠) ونابذوه ، ولا يرجو أن يتّبعوه؟ فما الّذي دعاه إلى أن يشهد بصحّة التّوراة ثم ينسخها و (١١) ينسخ أحكامها؟ ولو لم يكن هذا بحكمة (١٢) ولم يكن الأمر كما ذكرنا : أنّ قولهم وفعلهم وما أمروا به كله كان أمثالا يختلف ظاهرها وتتّفق معانيها ، لكان الأمر أفظع ممّا ادّعاه الملحد ، ولكان يجب أن يحكم على من يفعل هذه الأفعال بالجهل وعدم العقل ـ ونعوذ بالله من ذلك ـ بل ، كان أطهر وأزكى وأكمل من ذلك.

(٥) وهكذا كانت (١٣) سبيل محمّد (ص) فى شهادته لموسى وعيسى (ع) بالصّدق والنّبوّة ، وفى نسخه (١٤) السّبت والأحد وإقامته (١٥) الجمعة بدل ذلك ، وفى نسخه شرائعهم على ما تقدّم القول به. ولكنّ الملحد لم يعرف رسوم الأنبياء وسننهم ومرادهم فيما فعلوا ، وأسكرته وساوسه ، فحكم عليهم بالتّناقض والاختلاف ؛ وترك أيضا رسم الفلاسفة الحكماء المحقّين ؛ فإنّهم رسموا (١٦) أيضا (١٧) فى كلامهم مثل ما رسمه (١٨) أهل الشّرائع من الأنبياء (١٩) ؛ كما

__________________

(١) ـ فاما : ـ B (٢) فسبوت : فسبوتاABC (٣) ـ وبنوكم : ولا بنوكم B (٤) إمائكم : ايامكم C (٥) حرمكم : حرثكم A (٦) ـ قراكم : قريكم A (٧) وهو : هوA (٨) ـ فنسخه : فمسخه A (٩) ـ اتى : اوتى B (١٠) ـ اليهود : + به A (١١) ـ ينسخها و : ـ B (١٢) بحكمة : حكمه A (١٣) ـ كانت : ـ B (١٤) ـ نسخه : نسخ C (١٥) اقامة ، اقامةA (١٦) ـ رسموا : وسعواA (١٧) أيضا : ـ AB (١٨) رسمه : رسمواA (١٩) الأنبياء : + غيره ABC

١٢٥

ذكرنا أنّ كثيرا من كلامهم كان (١) عويصا (٢) غامضا ، إلّا ما (٣) هو من كلام المبتدعين الذين نظروا فى رسوم الفلاسفة الحكماء وابتدعوا الوساوس المتناقضة ، مثل الملحد وأشباهه. فلو تدبّر الملحد هذه الحال واستيقظ من سكره ، وعرف مذاهب الأنبياء ، لعلم أنّ كلامهم وشرائعهم ليس فيها تناقض ولا اختلاف ؛ أو (٤) لو تدبّر تناقض كلام أئمّته (٥) المبتدعين ، إذ لم يعرف رسوم الأنبياء ، وغفل (٦) أيضا عن رسوم الفلاسفة المحقّين ، ثم كان يشتغل بما جاء عن أئمّته من الاختلاف الكثير والتّناقض القبيح وتكذيب بعضهم لبعض ، لكان ذلك أولى به وأوجب عليه وأقرب من الانصاف ؛ فإنّ ذلك واضح فى كتبهم. وكلام (٧) هؤلاء الذين تشبّهوا بالفلاسفة الحكماء ، كان مجرّدا بلا قشور ، وليس هو على رسم (٨) كلام الأنبياء الذين ضربوا الأمثال ، ولا على رسم كلام الفلاسفة الحكماء (٩) الذين تكلّموا بالعويص ؛ على نحو ما حكينا أنّه فى كتاب برقلس (١٠) الفيلسوف وفى كتاب ديمقراط وغيرهما.

(٦) فأمّا المبتدعون الذين تشبّهوا بالفلاسفة فانّهم أوردوا فى وساوسهم وفيما ابتدعوه بآرائهم المدخولة من القول فى (١١) البارى وفى كون العالم وفى أوائل الأشياء ، من الاختلاف والتّناقض ما فيه للملحدين (١٢) خزى عظيم وشناعة قبيحة وشغل شاغل لهم عن الطّعن على الأنبياء الطّاهرين ؛ فانهم لم يدعوا شيئا تكلّموا فيه من هذه الاسباب ، إلّا اختلفوا فيه ونقض بعضهم على بعض ، ونسبوا كثيرا من دعاويهم (١٣) إلى الفلاسفة القدماء الحكماء ، وقبّحوا أمرهم عند النّاس ، حتّى أجروهم مجرى الضّلال ؛ ونفرت قلوب النّاس من

__________________

(١) ـ كان : ـ B (٢) عويصا : عريضاC (٣) ما : من AC ـ (٤) ـ او : وB (٥) ائمته : ائمةA (٦) غفل : عقل BC ـ (٧) ـ كلام : كلامهم A (٨) ـ رسم : رسوم A (٩) ـ الحكماء : والحكماءC (١٠) ـ برقلس : برقليس ABC (١١) ـ فى : ـ B (١٢) ـ للملحدين : للملحد من C (١٣) ـ دعاويهم : دعائهم A

١٢٦

النّظر فى أصولهم. فكيف لم يعجب الملحد من اختلاف أئمّته وكلامهم المتناقض وبدعهم التى ابتدعوها ؛ كما ابتدع هو مقالته السّخيفة التى تدلّ على ضعف عقله ، من (١) القول بقدم الخمسة ، وخالف من تقدّمه ، وادّعى أنّه نظير سقراط وأرسطاطاليس ، وتشبّه بالفلاسفة الحكماء ؛ كما تشبّه بهم (٢) من كان على مثل مذهبه من الضّلّال ، وابتدعوا الوساوس (٣)؟! وكيف لم يكشف مستور (٤) أكاذيب هؤلاء ودفينها ولم يهتك ستور عيوبهم؟ فكان يسقط رئاسته (٥) وتكبّره!! ولكن طعن على أهل الشّرائع وزعم أنّهم (٦) ينهون عن النّظر مخافة أن (٧) ينكشف دفين أكاذيبهم ، ويهتك النّظر ستورهم ؛ فتسقط رياستهم وتكبّرهم. فانّه لو تأمّل حال نفسه من (٨) مخالفته (٩) لهم ، وأحوالهم فى اختلافهم ، لوجد فى أصولهم من تكذيب بعضهم بعضا ونقض بعضهم على بعض ، ما كان يشغله عن (١٠) عيب الأنبياء والطّعن عليهم ؛ ولكن ، نظر بعين العمى ، وحكم بالهوى ، وضلّ عن طريق الهدى فى الأولى (١١) حتى (١٢) لحق بأمّه الهاوية فى الأخرى ، يعضّ (١٣) على يديه ، ويقول : (يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا).

__________________

(١) ـ من : فى A (٢) ـ بهم : ـ B (٣) ـ الوساوس : الوسوايس C (٤) مستور مستوراC (٥) ـ رئاسته : رئاسةAC ـ (٦) ـ انهم : انهاA (٧) ان : ـ A (٨) ـ من : فى C (٩) مخالفته : بخلافه B (١٠) ـ عن : على C (١١) ـ فى الاولى : فى اولى A ، والاولى C (١٢) حتى : لحتى A (١٣) ـ يعض : بغض B

١٢٧
١٢٨

الباب الرّابع

١٢٩
١٣٠

الفصل الاول

ذكر شيء من اختلاف المتفلسفة وتناقض كلامهم (١)

(١) ونحن نذكر شيئا من اختلافهم وتناقض كلامهم وأقاويلهم الشّنيعة القبيحة ، وأكشف عن المحالات والخرافات التى ابتدعوها فى أصولهم دون الفروع ، وأختصر القول فيه ؛ فان استقصينا فى ذلك ، طال القول به جدا. ومع ذلك فانّ هؤلاء المبتدعين قد خلطوا (٢) بدعهم بكلام الفلاسفة المحقّين ونسبوا كثيرا من ذلك إلى الحكماء القدماء : كما نسبت المجوس قولهم بالاثنين وكما نسبت النّصارى قولهم فى المسيح انّه ابن الله ، إلى الأنبياء. ويصعب علينا أن نميّز المحقّ منهم من المبطل وأن نميّز كلام (٣) المبتدعين منهم من كلام (٤) الحكماء القدماء المحقّين ؛ ولكنا ، نذكر مقالة كل امرئ منهم وننسبها (٥) إلى من نسبوها إليه ونذكر رسما من اختلافاتهم وتناقض كلامهم لتستدل به على ما وراءه (٦) من ضلالهم وعمى قلوبهم ، ولتعلم

__________________

(١) ـ اخذنا هذا العنوان من هامش نسخةB ، وفى النسخةA ، ورد العنوان هكذا : «ونحن نذكر شيئا من اختلافهم» (٢) ـ خلطوا : خاطواB (٣) ـ نميز كلام : يميز الكلام B (٤) كلام : الكلام : B (٥) ـ ننسبها : ننسيهاB (٦) ـ وراءه : رواه A

١٣١

أنّ الملحد ، لم يبصر السّارية فى عينه (١) ورأى (٢) فى عين غيره (٣) قذاة ، وما بها من قذىّ (٤) ، حين غفل عن اختلاف (٥) أئمّته (٦) الّذين هم قدوته وقدوة أشباهه من الملحدين الذين زعموا أنّهم استدركوا بفطنهم وعقولهم معرفة كيفيّة الخالق (٧) البارى ، جلّ وتعالى (٨) ، وأنّهم عرفوا المبادى ، وأحاطوا بالفلك وما وراءه (٩) ، وأدركوا معرفة طبائع الاشياء كلّها ، ونشو (١٠) جميع الخلائق من الابتداء إلى الانتهاء ، من غير توقيف من رسول مبعوث (١١) من الله عزوجل (١٢) خالق الخلق الّذي لا يعزب عنه مثقال ذرّة فى الارض ولا فى السّماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر. فزعموا أنّهم بلغوا بآرائهم المدخولة وعقولهم التّائهة وقلوبهم الموسوسة ، اللّطائف من لدن تحت الأرض السّابعة إلى أعلى (١٣) علّيّين ، افتراء على الله وكفرا به ؛ فضلّوا ضلالا بعيدا وخسروا خسرانا مبينا ، وقالوا على الله غير الحقّ ، وما كانوا مهتدين ؛ (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ.)

__________________

(١) ـ عينه : ـ B ، عينيه C (٢) رأى : رى B (٣) عين غيره : غير عينه A (٤) ح ـ قذى : قذاB (٥) ـ اختلاف : ـ C (٦) ائمته : ائمةB (٧) ـ الخالق : ـ AB (٨) ـ جل وتعالى : ـ A (٩) وما وراءه : فما وراءه A ، فماورءه B (١٠) ـ نشو : نستوB (١١) ـ مبعوث : مبعوثون B (١٢) عزوجل : ـ A (١٣) ـ اعلى : اعلاB

١٣٢

الفصل الثانى

فى اختلاف الفلاسفة فى المبادى

(١) قال سقراط وأفلاطن : إنّ المبادى ثلاثة ، وهى الله (١) والعنصر والصّورة.

والله هو العقل ـ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ـ وهو واحد بسيط ، وهو غير مختلط بالعنصر ولا مشارك شيئا مما يقبل (٢) التّأثير (٣). والعنصر ، هو الموضع الأوّل للكون والفساد ، والصّورة جوهر لا جسم فى التخييلات والافكار المنسوبة (٤) الى الله (٥). وقالا (٦) : الله عقل هذا العالم ـ عزّ (٧) الله عن ذلك. وقال أفلاطن : إنّ الله خلق هذا العالم على مثال صورته ؛ ولو لم يكن (٨) كذلك ، لما تهيّأ أن (٩) يكون كون (١٠) على هذه الصورة الّتي هو عليها.

(٢) وقال ثالس (١١) ، و (١٢) هو (١٣) أحد السّبعة الّذين يدعون أساطين الحكمة : إنّ الله هو العقل للعالم ـ عزّ (١٤) الله وتعالى. وقال : إنّ (١٥) المبدع إنّما هو فقط.

__________________

(١) ـ الله : + عزوجل BC ـ (٢) ـ يقبل : يقبلان A (٣) التأثير : تيرA ، الناشرB (٤) ـ المنسوبة : المنصوبةB (٥) الله : + عزوجل BC ـ (٦) ـ قالا : قال AC ـ (٧) ـ عز : عن B (٨) ـ لو لم يكن : لم لا يكن B (٩) ان : ـ A (١٠) كون : كوناC (١١) ـ ثالس : ثالث A (١٢) و : ـ C ، وظA (١٣) هو : + من B (١٤) ـ عز : عن B (١٥) ان : + ان C

١٣٣

ومؤيّس (١) الأشياء (٢) لا يحتاج إلى أن تكون عنده صورة الشّيء بأيسيّته (٣) ، وإلّا فقد لزمه إن كانت الصّورة عنده أن لا يكون مقدار الصّورة الّتي عنده ، وإذا كان كذلك فليس هو مبدعا (٤) ـ وخالفه كسنوفانس وفلوطرخس فى (٥) قدّم الصّورة ـ وقال فى مبادى الأشياء ما نذكره فى موضعه إن شاء الله تعالى (٦). (٣) وقال إبيقورس (٧) : إنّ الا له فى صورة النّاس وإنّه متصوّر (٨) بالعقل للطافة طبيعة (٩) جوهره. وقال بأربع طبائع أخر غير قابلة للفساد فى جنسها (١٠) ، وهى : الاجزاء التى لا تتجزّأ (١١) والخلاء وما (١٢) لا نهاية له ـ ويسميها (١٣) المتشابهات ـ والاسطقسات.

(٤) وقال انكساغورس : إنّ العقل هو الاله ـ عزّ (١٤) الله وجلّ عن ذلك. وإنّ الاجسام كانت أوّلا (١٥) فى المبدأ واقفة (١٦) ، وإنّ العقل الّذي هو الاله رتّبها (١٧) وجعل لها تولّدا على مناسبات.

(٥) وقال بيروس (١٨) : ليست أوائل بتّة ، إنّما الاشياء تخرج من ذاتها ؛ ولا فعل. فلا تزال تخرج (١٩) إلى الفعل ؛ فاذا خرج ما كان بالقوّة إلى الفعل ، فحينئذ تكون الاشياء من ذاتها لا (٢٠) من شيء آخر. فلا تزال تخرج حتى تتمّ (٢١) ؛ فاذا تمّت ، صارت كالّتى (٢٢) تراها وتحس بها (٢٣) وتدركها بالحواسّ الخمس ؛ وليس (٢٤) معقول بتّة إلّا ما كان من الحواس وما أدركته الحواس. وقال : إنّ العالم دائم لا يزول ولا يفتر ولا يضمحلّ ، ولا يجوز أن يكون أوّل مبدع يفعل

__________________

(١) ـ مؤيس : + وC (٢) الاشياء : لاشياءA (٣) ـ بايسيته : باسيةC (٤) ـ مبدعا : مبدع C (٥) فى : ـ B (٦) ـ تعالى : ـ A (٧) ـ ابيقورس انيقوس BC : اتيقوس A ، (٨) متصور : منصوب B (٩) ـ طبيعة : الطبيعةB (١٠) جنسها : جسمهاC (١١) لا تتجزأ : لاتخذاB (١٢) ـ وما : ـ A ـ A ، ما وB (١٣) يسميها : يسمهاB (١٤) ـ عز : عن B (١٥) ـ أولا : اولى B (١٦) واقفة : واقعةA (١٧) ـ رتبها : ربتهاB (١٨) ـ بيروس : بينوس B ، مينوس A ، بنيوس C (١٩) ـ فلا تزال تخرج : فلا يزال يخرج C (٢٠) ـ لا : الاB (٢١) تتم : تعم A (٢٢) ـ كالتى : كالذى ABC (٢٣) تحس بها : تحسبهاC (٢٤) ـ ليس : ليست A

١٣٤

فعلا يدثر إلّا وهو (١) يدثر مع فعله. وهذا (٢) العالم ، هو الكلّ الممسك لهذه الاجزاء التى فيه. ـ وهذا (٣) هو القول بالدّهر الدّاهر.

(٦) وقال برقلس (٤) أيضا بدهر هذا العالم وأنّه باق لا يدثر ، ووضع فى ذلك كتابا (٥) وقال : إنّما اتّصلت العوالم وصارت (٦) عالما واحدا ؛ فهو باق (٧) لا يدثر ، وهو متّصل بالعالم الا على ، والعالم الاعلى صاف (٨) ، وهذا مصفّى ؛ فآخر هذا العالم هو بدء (٩) ذلك العالم ، وليس هذا العالم بداثر لأنّه متّصل بما ليس بداثر ، بل تدثر (١٠) قشوره (١١) لأنّ ما كان من البارى بلا (١٢) متوسط لا يضمحل ولا يدثر ؛ والدّثور يدخل على الشّيء من نحو المتوسّطات.

(٧) وقال إبيقورس (١٣) مقالة خالف فيها جميع الفلاسفة وتفرّد بها ، وكان يقول : إنّ الأوائل اثنان ، الخلاء والصّورة ؛ يعنى بالخلاء ، نفى المكان ؛ وأمّا الصّورة ، فكالهيولى (١٤) الّتي منها ابدع (١٥) الخلق وكوّن كلّ ما فى العالم. وزعم أنّها ليست مكوّنة ، بل كان منها كون ؛ لأنّ المكان والخلاء المحض منها كونا (١٦) (١٧). وهى فوق المكان (١٨) وفوق الخلاء ، فكل ما خلق منها أو كوّن او ابدع بأنواع الإبداع والتّكوين والخلق كلّه (١٩) ينحلّ ويفسد (٢٠) ويدثر ويفنى (٢١) حتى يرجع إلى الخلق الاوّل الّذي منه بدى (٢٢). وليس بعد الدّثور والفناء قصاص ولا حساب (٢٣) ولا ثواب ولا عقاب ، بل كلّ (٢٤) يضمحل ويفنى (٢٥). ـ فهذا (٢٦) جملة

__________________

(١) ـ وهو : هوB (٢) هذا : هذB (٣) ـ هذا : هذB (٤) ـ برقلس : برقلساA (٥) ـ كتابا : كتباAB (٦) ـ وصارت : فصارت B (٧) باق : باقى A (٨) ـ صاف : صافى B (٩) ـ بدء : بداءB (١٠) ـ تدثر : يدثرABC (١١) قشورة : قشورةB (١٢) بلا : بدى A (١٣) ـ ابيقوروس : انيقوقوس A (١٤) ـ فكالهيولى : فكان الهيولى B ، فكالمتولى C (١٥) ابدع : ابداع A (١٦) ـ منها كون ... منها كونا : ـ B (١٧) ـ كونا : كون AC (١٨) ـ المكان : المكاره AB (١٩) ـ كله : كل B (٢٠) يفسد : ينفسدABC (٢١) يفنى : يعنى B (٢٢) ـ بدى : بداءB (٢٣) ـ حساب : حسنات B (٢٤) كل : كان A (٢٥) يفنى : تفد : A (٢٦) فهذا : فهذB

١٣٥

قوله.

(٨) وقال ابيقورس (١) : إنّ المبادى الموجودات ، هى أجسام مدركة عقلا ، لا خلاء فيها (٢) ولا كون لها ؛ وهى سرمديّة غير فاسدة ، لا تحتمل (٣) أن تكسر أو تهشم ، ولا يعرض لها فى الشّيء من أجزائها اختلاف ولا استحالة ، وهى مدركة (٤) عقلا ، فهى تتحرك فى الخلاء بالخلاء ، والخلاء (٥) لا نهاية له ، وهذه الأجسام لا نهاية لها (٦).

(٩) وقال بوثاغورس ، ويقال هو أوّل من سمّى الفلسفة بهذا الاسم : إنّ أوّل المبادئ هو (٧) العلّة الفاعلة ، وهى الله (٨) والعقل ؛ والآخر هو (٩) العنصر القابل للانفعال ، وعنه كان العالم (١٠) المدرك بحس البصر. ثم قال : أوّل الأعداد الواحد ، وهو ذكر ؛ والعدد (١١) الثّاني أنثى وهو اثنان وهو ثانى الأوّل ؛ والثّلاثة (١٢) ذكر ، والأربعة الأنثى وهو غاية العدد. والواحد الأوّل هو النّار وهو ذكر ، والثّاني (١٣) الهواء وهو أنثى ، والثّالث الماء وهو ذكر ، والرّابع الأرض وهو أنثى. وقال فى هذا قولا كثيرا على هذا التخليط.

(١٠) وقال ايراقليطس واناسس : إنّ مبدأ الأشياء كلّها هو النّار وذلك (١٤) أنّ كون الأشياء كلّها (١٥) من النّار وانتهاءها إلى النّار ؛ وأوّل الغلظ منها (١٦) إذا اجتمعت (١٧) وتكاثفت (١٨) بعضها (١٩) إلى بعض صارت (٢٠) أرضا وإذا تحلّلت (٢١) الأرض وتفرقت أجزاؤها صار منها الماء طبعا ؛ ولأنّ كلّ الأجسام فى العالم تتخلّلها (٢٢)

__________________

(١) ـ ابيقورس : انيقرس A (٢) ـ فيها : فيه A (٣) لا تحتمل : فلا تحتمل C (٤) ـ مدركة : ملائكه ABC (٥) والخلاء : ـ B (٦) لها : ـ A (٧) ـ هو : هى ABC (٨) الله : + عزوجل BC ـ (٩) هو : فهوAB (١٠) ـ العالم : العلم C (١١) ـ والعدد : العددA (١٢) ـ الثلاثة : الثالثةB (١٣) ـ الانثى ... والثانى : ـ C (١٤) ـ وذلك : فذلك C (١٥) كلها : ـ B (١٦) ـ منها : منه ABC (١٧) ـ اجتمعت : اجتمع ABC (١٨) تكاثفت : تكاثف ABC (١٩) بعضها : بعضه ABC (٢٠) صارت : صارABC (٢١) تحللت : انتحلت B ، تخللت C (٢٢) ـ تتخللها : تخللهاAB ، تحللهاC

١٣٦

النّار وتثيرها (١) فالنّار هى المبدأ ؛ لأنّ منها يكون الكلّ وإليها ينحلّ ويفسد (٢) (١١) وقال انقسمانس الملطى (٣) : أول المبادى هو الهواء ، ومنه كان الكلّ وإليه ينحلّ ، مثل النّفس التى فينا ؛ فانّ الهواء يمسكها ويحفظها فينا. والهواء يمسك العالم وهو روحه وماسكه. ونقض عليه هذا القول كثير (٤) منهم بحجج. (١٢) وقال كسنوفانس (٥) : إنّ أوّل الاشياء هو الارض ، وإنّه لا نهاية لها (٦) ، وإنّها هى الاصل (٧) ، وهى تجمع الأشياء كلّها.

(١٣) وقال ثالس الملطى ، وهو أحد السّبعة الذين يدعون أساطين الحكمة : أوّل المبادى (٨) هو الماء ، وهو العنصر الاوّل القابل كلّ صورة (٩) ، ومنه أبدع سائر الجواهر من السّماء وما دونها ، وهو (١٠) غاية كلّ مبدع. وقال : من جمد الماء كوّنت الارض ومن انحلاله كوّن الهواء ومن جمع (١١) الهواء تكوّنت النّار. وقال : هذا العنصر هو أوّل وآخر ، إنّما هو عنصر الجسمانيّة والجرميّة لأنّه عنصر الرّوحانيّة البسيطة (١٢) ، وهذا العنصر (١٣) له صفو (١٤) وكدورة ، فما كان من صفوه يكون جسما وما كان من ثقله يكون جرما ؛ فالجرم يدثر والجسم لا يدثر وكل جرم من هذه الاجرام الظّاهرة فانّه جسم غير ملموس (١٥) ويظهر فى النّشأة (١٦) الثّانية ويكون كالجرم (١٧) الظّاهر يدرك بحسّ البصر وبالحواس الخمس الباطنة. وقال أيضا : إنّ فوق السّماء عوالم مبدعة (١٨) لا يقدر المنطق أن يصفها وهى من عنصر لا يدرك العقل غوره والمنطق ،

__________________

(١) ـ تثيرها : يثيرهاAB (٢) يفسد : ينفسدABC (٣) ـ الملطى : الماطى C (٤) ـ كثير : كثيراB (٥) ـ كسنوفانس : اكسرفانس ABC (٦) لها : ـ B (٧) هى الاصل : فى الاصل B (٨) ـ المبادى : المعادى : C (٩) صورة : ـ A (١٠) ـ هو : هى ABC (١١) ـ جمع : جميع BC (١٢) ـ البسيطة : البسيطB (١٣) العنصر : الغصرB (١٤) صفو : صغوB (١٥) ـ ملموس : مملوس B (١٦) النشأة : المنشأةB (١٧) كالجرم : للجرم AC ـ (١٨) ـ مبدعة : مبتدعةAB

١٣٧

والنّفس والطبيعة تحته ، وهو المدهر المحق (١) وإليه تشتاق (٢) العقول والأنفس وهو الّذي يقال له الدّيمومة (٣) والبقاء فى النّشأة الثّانية.

وقال الذين يقال لهم الفلاسفة من أهل أقاديما (٦) : لا تخلو (٤) هذه (٥) الاشياء وهذا الخلق ، أن يكون لها أوّل ، والاوّل هو النّار ؛ لانّه ضياء ، ولانّ النّار فى كلّ عالم من (٧) ذلك العالم ، وفى كلّ عالم أوّل (٨) مشاكل لهذه ، ولهذه كلّها أواخر هى أوّل لهذه تجمعها (٩) كلّها ، وليس (١٠) تجمع الأواخر الأوائل (١١).

(١٤) وقال ارسطاطاليس : إنّ المبادئ هى الصّورة والعنصر والقدم والأسطقسّات (١٢) الأربعة ، وجسم خامس وهو الاثير ، وهو العنصر الاعظم ، وإنّ الاله الاعلى (١٣) مفارق للصّورة وهو كره (١٤) للكلّ ـ تعالى الله وجلّ (١٥) ـ وإنّ الصّور (١٦) متّصلة (١٧) متّحدة ، وهى مقسومة بالأكر ، وكل واحد منها مركّب من (١٨) نفس وجسم ، فالجسم منها هو الاثير ، والنّفس نطق (١٩) عقلىّ غير متحرّك ، والجسم متحرّك حركة (٢٠) دورية ، وهو علّة الحركة بالفعل ، وهو الاثير وهو غير مستحيل.

(١٥) وقال آنكسماندروس (٢١) الملطى : إنّ مبدأ (٢٢) الموجودات هو الّذي لا نهاية له ، وإنّ منه الكلّ وإليه ينتهى الكلّ ولا نهاية له. وقال : إنّ العوالم بلا نهاية ، ولم يفسر المبدأ (٢٣) الّذي لا نهاية له.

__________________

(١) ـ المدهر المحق : الدهر : A ، الدهر الزمن C (٢) تشتاق : تساق A ، تستاق B (٣) الديمومة : الديموميةBC ـ (٤) ـ تخلو : يخلوAB (٥) هذه : ـ B (٦) اقاديما : قاديماABC (٧) ـ من : فى AC ـ (٨) اوّل : واوّل AB (٩) ـ تجمعها : يجمعهاAB (١٠) وليس : أوليس B (١١) الاوائل : اوائل AB (١٢) ـ والاسطقسات B (١٣) ـ الاعلى : ـ A (١٤) كره : كرةC (١٥) وجل : ـ A (١٦) ـ الصور : الصورةC (١٧) متصلة : متعلةA (١٨) ـ من : عن A (١٩) نطق : منطق C (٢٠) ـ حركة : وحركةB (٢١) ـ آنكسماندروس : كسيمدوس BC ـ كيمدوس A (٢٢) مبدأ : مبدى B (٢٣) ـ المبدأ : المبدى B

١٣٨

(١٦) وقال انبذقليس (١) : إنّ البارى لم يزل هويّته فقط ، وهو العلم المحض (٢) والإرادة المحض ، وهو الجود والعزّ (٣) والقدرة والعدل والخير (٤) والحقّ ؛ وهناك قوى (٥) مسماة لهذه الاسامى وهى الهويّة ؛ وهذه كلّها مبدع فقط ، وقال : إنّ الصّورة (٦) إنّما أبدعها المبدع لا بنوع علم وإرادة ، بل بنوع علّة فقط. وقال : إنّ العالم واحد ، إلا إنّ الكل ليس هو العالم وحده فقط ، لكن العالم جزء يسير من الكلّ ، وباقى الكلّ عنصر معطّل. وقال : أول مبدع هو العنصر الّذي منه أبدع العقل بتوسّط ؛ وليس العنصر أول بسيط عقلى بل أوّل بسيط (٧) على ما ذكرنا نحو ذات العقل. فاما نحو ذات العنصر فهو مركّب (٨) من المحبّة والغلبة. والمحبّة والغلبة هما المبدءان ، وعن المحبّة والغلبة أبدعت الجواهر البسيطة (٩) الرّوحانيّة والبسيطة (١٠) الجسمانيّة والمركبة الجرمانية. وقال : إن الانفس الدّنسة تبقى فى الظّلمة بعد دثور العالم متشبّثة به (١١) ، حتى تستغيث بالنّفس الكليّة وتتضرع (١٢) النّفس الكليّة إلى العقل ، والعقل إلى البارى (١٣) ، فيمسح البارى (١٤) نوره على العقل ، والعقل على النفس ، والنفس على هذا (١٥) العالم مرّة (١٦) أخرى حتى تعاين (١٧) الانفس الجزئيّة النّفس الكليّة وتلحق بعالمها ؛ وذلك بعد دهور كثيرة (١٨). فأورد نحو هذا من قول (١٩). ومن قوله وقول بثاغورس (٢٠) و

__________________

(١) ـ انبدقليس : انيدفليس B (٢) ـ المحض : المحضةABC (٣) العز : العذB (٤) الخير : الخبرةB (٥) ـ قوى : قوةC (٦) ـ الصورة : الصورC (٧) ـ بسيط ... بسيط : ـ B (٨) ـ مركب : موكب B (٩) ـ البسيطة : البسيطB (١٠) ـ البسيطة : البسيطB (١١) ـ به : له A (١٢) ـ تتضرع : يتضرع A ، بتضرع B (١٣) البارى : + جل ذكره BC ـ (١٤) البارى : + جل وعزBC ـ (١٥) ـ على هذا : هذB (١٦) مرة : من B (١٧) تعاين : تغاين B (١٨) ـ كثيرة : كثيرB (١٩) قول : ـ B (٢٠) بثاغورس : بساغورس B

١٣٩

ديمقراط تشعّبت (١) الاقاويل الكثيرة والآراء المختلفة فى المبدع والمبدع.(١٧) وقال طولوس (٢) الفيومى وتمستيوس (٣) : لا شيء مبدع إلّا ما يرى بالأعين ، ويسمع بالآذان من صوت يصدم (٤) أو جرم يحطم : ودفعا أنّ شيئا (٥) وراء ذلك. وقال أفلاطن القبطى بهذا القول وقال أفلاطن أيضا : لا فعل ولا حركة ولا تغيير ولا فناء (٦) ولا زوال ، ولكنا نرى (٧) فاعلا ومتحركا ، ولا نرى (٨) تغييرا ولا متغيرا (٩) ولا فناء ولا فانيا ولا زوالا ولا زائلا.

(١٨) وقال هرقل فيلسوف أهل إفسوس (١٠) : إنّ الأوائل نور عقلىّ وهو الله حقّا ـ عزّ الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ـ وهو اسم الله باليونانيّة ، ويدلّ على أنّه مبدع الكلّ وهو اسم شريف جدا. فأول شيء أبدع ، وأوّل (١١) هذه (١٢) العوالم ، المحبّة والغلبة والمنازعة. ومن المحبّة كانت العوالم العلويّة (١٣) إلى (١٤) أن ينتهى إلى السّماء ، ومن السّماء إلى هذه الأرض.

(١٩) ووافق (١٥) أنبدقليس (١٦) فى أمر المحبّة والغلبة وخالفه فى غير (١٧) ذلك. وقال : إنّ السّماء تصير فى النّشأة الثّانية بغير (١٨) كواكب ؛ لأنّ الكواكب تهبط سفلا حتى تهبط (١٩) إلى الأرض ، وتلتهب (٢١) فتصير متّصلة بعضها ببعض (٢٢) حتى تكون كالدّائرة (٢٣) حول الأرض (٢٠). وكل الأنفس الدّنسة (٢٤) تبقى فى الأرض وتلك النّار

__________________

(١) تشعبت : تشعب A ، تستعب B (٢) ـ طولوس : طولوس A (٣) تمستيوس : طسيوس C ، طست بوس A ، طست يوس B (٤) ـ يصدم : + يقدم B (٥) شيئا : + وB (٦) ـ فناء : فنى C (٧) نرى : نوى B (٨) لا نرى : ولاA ، ـ B (٩) متغيرا : متغيرB (١٠) ـ افسوس : فسوف B (١١) ـ واوّل : اوّل C (١٢) هذه : هذاB (١٣) ـ العلوية : + التى BC ـ (١٤) الى : ـ C (١٥) ـ ووافق : فوافق C (١٦) انبدقليس : انبدفاليس B (١٧) ـ غير : ـ C (١٨) بغير : ـ AC ـ (١٩) ـ حتى تهبط : حتى يهبطB (٢٠) تلتهب ... الارض : ـ C (٢١) تلتهب : تتهب B (٢٢) ببعض : بعض B (٢٣) ـ كالدائرة : كالنائرةA (٢٤) ـ الدنسة : الدنيةB

١٤٠