الإعتصام - ج ١ و ٢

أبي اسحاق ابراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي الغرناطي

الإعتصام - ج ١ و ٢

المؤلف:

أبي اسحاق ابراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي الغرناطي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٢
الصفحات: ٦٠٧

في الفرقة ، وكالمهدي المغربي الخارج عن الأمة نصرا للحق في زعمه ، فابتدع أمورا سياسية وغيرها خرج بها من السنّة ـ كما تقدمت الإشارة إليه قبل ـ وهذا هو الذي تشير إليه الآيات المتقدمة والأحاديث ، لمطابقتها لمعنى الحديث ، وإما أن يراد المعنيان معا.

فأمّا الأول : فلا أعلم قائلا به ، وإن كان ممكنا في نفسه ، إذ لم أر أحدا خص هذه بما إذا افترقت الأمة بسبب أمر دنياوي لا بسبب بدعة ، وليس ثمّ دليل يدل على التخصيص ، لأن قوله عليه الصلاة والسلام : «من فارق الجماعة قيد شبر» الحديث ، لا يدل على الحصر ، وكذلك : «إذا بويع الخليفتان فاقتلوا الآخر منهما» ، وقد اختلف العلماء في المراد بالجماعة المذكورة في الحديث حسبما يأتي ، فلم يكن منهم قائل بأن الفرقة المضادة للجماعة هي فرقة المعاصي غير البدع على الخصوص.

وأما الثاني : وهو أن يراد المعنيان معا ، فذلك أيضا ممكن ، إذ الفرقة المنبه عليها قد تحصل بسبب أمر دنياوي لا مدخل فيها للبدع وإنما هي معاص ومخالفات كسائر المعاصي ، وإلى هذا المعنى يرشد قول الطبري في تفسير الجماعة ـ حسبما يأتي بحول الله ـ ويعضده حديث الترمذي : «ليأتين على أمتي من يصنع ذلك» (١) (؟) فجعل الغاية في اتباعهم ما هو معصية كما ترى.

وكذلك في الحديث الآخر : «لتتبعن سنن من كان قبلكم ـ إلى قوله ـ حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لاتبعتموهم» (٢) فجعل الغاية ما ليس ببدعة.

وفي معجم البغوي عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لكعب بن عجرة رضي الله عنه : «أعاذك الله يا كعب بن عجرة من إمارة السفهاء ـ قال : وما إمارة

__________________

(١) تقدم تخريجه ص : ٣٤٩ ، الحاشية : ١.

(٢) أخرجه البخاري في كتاب : الاعتصام ، باب : قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لتتبعن سنن من كان قبلكم» ، وأخرجه في كتاب : أحاديث الأنبياء ، باب : ما ذكر عن بني إسرائيل (الحديث : ١٣ / ٢٥٥). وأخرجه مسلم في كتاب : العلم ، باب : اتباع سنن اليهود والنصارى (الحديث : ٢٦٦٩).

٤٦١

السفهاء؟ ـ قال : أمراء يكونون بعدي لا يهتدون بهديي ، ولا يستنون بسنتي ، فمن صدقهم بكذبهم ، وأعانهم على ظلمهم ، فأولئك ليسوا مني ، ولست منهم ، ولا يردون عليّ الحوض ، ومن لم يصدقهم على كذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم ، ويردون عليّ الحوض» (١) الحديث.

وكل من لم يهتد بهداه ولا يستن بسنته فإما إلى بدعة أو معصية ، فلا اختصاص بأحدهما ، غير أن الأكثر في نقل أرباب الكلام ، وغيرهم أن الفرقة المذكورة إنما هي بسبب الابتداع في الشرع على الخصوص ، وعلى ذلك حمل الحديث من تكلم عليه من العلماء ، ولم يعدوا منها المفترقين بسبب المعاصي التي ليست ببدع ، وعلى ذلك يقع التفريع إن شاء الله.

المسألة الثالثة :

إن هذه الفرق تحتمل من جهة النظر أن يكونوا خارجين عن الملة بسبب ما أحدثوا ، فهم قد فارقوا أهل الإسلام بإطلاق ، وليس ذلك إلا الكفر ، إذ ليس بين المنزلتين منزلة ثالثة تتصور.

ويدل على هذه الاحتمال ظواهر من القرآن والسنّة ، كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) (٢) وهي آية نزلت ـ عند المفسرين ـ في أهل البدع ، ويوضحه من قرأ : إنّ الّذين فارقوا دينهم والمفارقة للدين بحسب الظاهر إنما هي الخروج عنه ، وقوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) (٣) الآية ، وهي عند العلماء منزلة في أهل القبلة وهم أهل البدع ، وهذا كالنص ، إلى غير ذلك من الآيات.

__________________

(١) أخرجه الترمذي في كتاب : الصلاة ، باب : ما ذكر في فضل الصلاة (الحديث : ٦١٤). وأخرجه النسائي في كتاب : البيعة ، باب : الوعيد لمن أعان أميرا على الظلم ، وباب : من لم يعن أميرا على الظلم (الحديث : ٧ / ١٦٠). وأخرجه الحاكم في المستدرك (الحديث : ٤ / ٤٢٢).

(٢) سورة : الأنعام ، الآية : ١٥٩.

(٣) سورة : آل عمران ، الآية : ١٠٦.

٤٦٢

وأما الحديث فقوله عليه الصلاة والسلام : «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» (١) وهذا نص في كفر من قيل ذلك فيه ، وفسره الحسن بما تقدم في قوله : «ويصبح مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا» (٢) الحديث ، وقوله عليه الصلاة والسلام في الخوارج : «دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم ، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء ، ثم ينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شيء ـ وهو القدح ـ ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء من الفرث والدم» (٣) فانظر إلى قوله : «من الفرث والدم» فهو الشاهد على أنهم دخلوا في الإسلام فلا يتعلق بهم منه شيء.

وفي رواية أبي ذر رضي الله عنه : «سيكون بعدي من أمتي قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه ، هم شر الخلق والخليقة» (٤) إلى غير ذلك من الأحاديث ـ إنما هي قوم بأعيانهم ، فلا حجة فيها على غيرهم ، لأن العلماء استدلوا بها على جميع أهل الأهواء ، كما استدلوا بالآيات.

وأيضا ، فالآيات إن دلت بصيغ عمومها فالأحاديث تدل بمعانيها لاجتماع الجميع في العلة.

__________________

(١) أخرجه أبو داود في كتاب : السنة ، باب : الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه (الحديث : ٤٦٨٦) وأخرجه النسائي في كتاب : تحريم الدم ، باب : تحريم القتل (الحديث : ٧ / ١٣٦). وأخرجه البخاري في كتاب : الفتن ، باب : قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» (الأحاديث : ١٣ / ٢٢ ، ١٣ / ٢٥). وأخرجه مسلم في كتاب : الإيمان ، باب : بيان معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» (الحديث : ٦٦).

(٢) تقدم تخريجه ص : ٣٧٨ ، الحاشية : ٢.

(٣) تقدم تخريجه ص : ٣٧٨ ، الحاشية : ١.

(٤) تقدم تخريجه ص : ٣٧٨ ، الحاشية : ١.

٤٦٣

فإن قيل : الحكم بالكفر والإيمان راجع إلى حكم الآخرة ، والقياس لا يجري فيها.

فالجواب : إن كلّا منا في الأحكام الدنياوية ، وهل يحكم لهم بحكم المرتدين أم لا؟

وإنما أمر الآخرة لله ، لقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) (١).

ويحتمل أن لا يكونوا خارجين عن الإسلام جملة ، وإن كانوا قد خرجوا عن جملة من شرائعه وأصوله.

ويدل على ذلك جميع ما تقدم فيما قبل هذا الفصل ، فلا فائدة في الإعادة.

ويحتمل وجها ثالثا ، وهو أن يكون منهم من فارق الإسلام لكن مقالته كفر وتؤدي معنى الكفر الصريح ، ومنهم من لم يفارقه ، بل انسحب عليه حكم الإسلام وإن عظم مقاله وشنع مذهبه ، لكنه لم يبلغ به مبلغ الخروج إلى الكفر المحض والتبديل الصريح.

ويدل على ذلك الدليل بحسب كل نازلة ، وبحسب كل بدعة ، إذ لا شك في أن البدع يصح أن يكون منها ما هو كفر كاتخاذ الأصنام بتقربهم إلى الله زلفى ، ومنها ما ليس بكفر كالقول بالجهة عند جماعة وإنكار الإجماع وإنكار القياس وما أشبه ذلك.

ولقد فصل بعض المتأخرين في التكفير تفصيلا في هذه الفرق ، فقال : ما كان من البدع راجعا إلى اعتقاد وجود إله مع الله ، كقول السبئية في عليّ رضي الله عنه إنه إله أو خلق الإله في بعض أشخاص الناس كقول الجناحية : إن الله تعالى له روح يحل في بعض بني آدم ويتوارث ، أو إنكار رسالة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم كقول الغرابية : إن جبريل غلط في الرسالة فأداها إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعليّ كان صاحبها ، أو استباحة المحرمات وإسقاط

__________________

(١) سورة : الأنعام ، الآية : ١٥٩.

٤٦٤

الواجبات ، وإنكار ما جاء به الرسول كأكثر الغلاة في الشيعة ، مما لا يختلف المسلمون في التفكير به ، وما سوى ذلك من المقالات فلا يبعد أن يكون معتقدها غير كافر.

واستدلّ على ذلك بأمور كثيرة لا حاجة إلى إيرادها ولكن الذي كنا نسمعه من الشيوخ أن مذهب المحققين من أهل الأصول إن الكفر بالمآل ، ليس بكفر في الحال ، كيف والكافر ينكر ذلك المآل أشد الإنكار ويرمي مخالفه به تبين له وجه لزوم الكفر من مقالته لم يقل بها على حال.

وإذا تقرر نقل الخلاف فلنرجع إلى ما يقتضيه الحديث الذي نحن بصدده من هذه المقالات.

أما ما صح منه فلا دليل على شيء ، لأنه ليس فيه إلا تعديد الفرق خاصة. وأما على رواية من قال في حديثه : «كلها في النار إلا واحدة» (١) فإنما يقتضي إنفاذ الوعيد ظاهرا ، ويبقى الخلود وعدمه مسكوتا عنه ، فلا دليل فيه على شيء مما أردنا ، إذ الوعيد بالنار قد يتعلق بعصاة المؤمنين كما يتعلق بالكفار على الجملة ، وإن تباينا في التخليد وعدمه.

المسألة الرابعة :

إن هذه الأقوال المذكورة آنفا مبنية على أن الفرق المذكورة في الحديث هي المبتدعة في قواعد العقائد على الخصوص ، كالجبرية والقدرية والمرجئة وغيرها وهو مما ينظر فيه ، فإن إشارة القرآن والحديث تدل على عدم الخصوص ، وهو رأي الطرطوشي ، أفلا ترى إلى قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) الآية ، وما في قوله تعالى : (ما تَشابَهَ) (٢) لا تعطى خصوصا في اتباع المتشابه لا في قواعد العقائد ولا في غيرها ، بل الصيغة تشمل ذلك كله ، فالتخصيص تحكّم.

__________________

(١) تقدم تخريجه ص : ٣٤٩ ، الحاشية : ١.

(٢) سورة : آل عمران ، الآية : ٧.

٤٦٥

وكذلك قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) (١) فجعل ذلك التفريق في الدين ، ولفظ الدين ، ويشمل العقائد وغيرها ، وقوله : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (٢). فالصراط المستقيم هو الشريعة على العموم ، وشبه ما تقدم في السورة من تحريم ما ذبح لغير الله وتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وغيره ، وإيجاب الزكاة ، كل ذلك على أبدع نظم وأحسن سياق.

ثم قال تعالى : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) (٣) فذكر أشياء من القواعد وغيرها ، فابتدأ بالنهي عن الإشراك ، ثم الأمر ببرّ الوالدين ، ثم النهي عن قتل الأولاد ، ثم عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ثم عن قتل النفس بإطلاق ، ثم عن أكل مال اليتيم ، ثم الأمر بتوفية الكيل والوزن ، ثم العدل في القول ، ثم الوفاء بالعهد.

ثم ختم ذلك بقوله : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).

فأشار إلى ما تقدم ذكره من أصول الشريعة وقواعدها الضرورية ، ولم يخص ذلك بالعقائد ، فدلّ على أن إشارة الحديث لا تختص بها دون غيرها.

وفي حديث الخوارج ما يدل عليه أيضا فإن ذمهم بعد أن ذكر أعمالهم ، وقال في جملة ما ذمهم به : «يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم» (٤) فذمهم بترك التدبر والأخذ بظواهر المتشابهات.

كما قالوا : حكم الرجال في دين الله ، والله يقول : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) (٥).

__________________

(١) سورة : الأنعام ، الآية : ١٥٩.

(٢) سورة : الأنعام ، الآية : ١٥٣.

(٣) سورة : الأنعام ، الآية : ١٥١.

(٤) تقدم تخريجه ص : ٣٧٨ ، الحاشية : ١.

(٥) سورة : الأنعام ، الآية : ٥٧.

٤٦٦

وقال أيضا : «يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان» (١) فذمهم بعكس ما عليه الشرع ، لأن الشريعة جاءت بقتل الكفار والكف عن المسلمين ، وكلا الأمرين غير مخصوص بالعقائد.

فدلّ على أن الأمر على العموم لا على الخصوص فيما رواه نعيم بن حماد في هذا الحديث : «أعظمها فتنة الذين يقيسون الأمور برأيهم فيحلون الحرام ويحرمون الحلال» (٢) وهذا نص في أن ذلك العدد لا يختص بما قالوا من العقائد.

واستدل الطرطوشي على أن البدع لا تختص بالعقائد بما جاء عن الصحابة والتابعين وسائر العلماء من تسميتهم الأقوال والأفعال بدعا إذا خالفت الشريعة ، ثم أتى بآثار كثيرة كالذي رواه مالك عن عمه أبي سهيل عن أبيه أنه قال : «ما أعرف شيئا مما أدركت عليه الناس إلا النداء بالصلاة» (٣) يعني : بالناس الصحابة ، وذلك أنه أنكر أكثر أفعال عصره ، ورآها مخالفة لأفعال الصحابة.

وكذلك أبو الدرداء سأله رجل فقال : رحمك الله لو أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين أظهرنا هل ينكر شيئا مما نحن عليه؟ فغضب واشتد غضبه ، ثم قال : وهل يعرف شيئا مما أنتم عليه؟

وفي البخاري عن أم الدرداء قالت : «دخل أبو الدرداء مغضبا فقلت له : ما لك؟ فقال : والله ما أعرف منهم من أمر محمد إلا أنهم يصلون جميعا ، وذكر جملة من أقاويلهم في هذا المعنى مما يدل على أن مخالفة السنّة في الأفعال قد ظهرت» (٤).

وفي مسلم قال مجاهد : دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر مستند إلى حجرة عائشة ، وإذا ناس في المسجد يصلون الضحى ، فقلنا : ما هذه الصلاة؟ فقال : بدعة.

__________________

(١) تقدم تخريجه ص : ٣٧٨ ، الحاشية : ١.

(٢) عزاه في مجمع الزوائد (١ / ١٧٩) إلى الطبراني في الكبير ، وإلى البزار.

(٣) أخرجه البخاري في كتاب : مواقيت الصلاة ، باب : تضييع الصلاة عن وقتها (الحديث : ٢ / ١٥٢). وأخرجه الترمذي في كتاب : صفة القيامة (الحديث : ٢٤٤٩).

(٤) أخرجه البخاري في كتاب : صلاة الجماعة ، باب : فضل صلاة الفجر في جماعة (الحديث : ٢ / ١١٥).

٤٦٧

قال الطرطوشي : فحمله عندنا على أحد وجهين : إما أنهم يصلونها جماعة ، وإما أفذاذا على هيئة النوافل في أعقاب الفرائض. وذكر أشياء من البدع القولية مما نص العلماء على أنها بدع ، فصح أن البدع لا تختص بالعقائد. وقد تقررت هذه المسألة في كتاب (الموافقات) بنوع آخر من التقرير.

نعم ثمّ معنى آخر ينبغي أن يذكر هنا. وهي :

المسألة الخامسة :

وذلك أن هذه الفرق إنما تصير فرقا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلّيّ في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة ، لا في جزئي من الجزئيات ، إذ الجزئي والفرع الشاذ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعا ، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية ، لأن الكليات تقتضي عددا من الجزئيات غير قليل ، وشاذها في الغالب أن لا يختص بمحل دون محل ولا بباب دون باب.

واعتبر ذلك بمسألة التحسين العقلي ، فإن المخالفة فيها أنشأت بين المخالفين خلافا في فروع لا تنحصر ، ما بين فروع عقائد وفروع أعمال.

ويجري مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات ، فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة ، كما تصير القاعدة الكلية معارضة أيضا ، وأما الجزئي فبخلاف ذلك ، بل يعد وقوع ذلك من المبتدع له كالزلة والفلتة ، وإن كانت زلة العالم مما يهدم الدين ، حيث قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ثلاث يهدمن الدين : زلة العالم ، وجدال منافق بالقرآن ، وأئمة مضلون. ولكن إذا قرب موقع الزلة لم يحصل بسببها تفرق في الغالب ولا هدم للدين بخلاف الكليات.

فأنت ترى موقع اتباع المتشابهات كيف هو في الدين إذا كان اتباعا مخلّا بالواضحات ، وهي أم الكتاب ، وكذلك عدم تفهم القرآن موقع في الإخلال بكلياته وجزئياته.

وقد ثبت أيضا للكفار بدع فرعية ، ولكنها في الضروريات وما قاربها ، كجعلهم لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا ، ولشركائهم نصيبا ثم فرعوا عليه أن ما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله ، وما كان لله وصل إلى شركائهم وتحريمهم البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي ،

٤٦٨

وقتلهم أولادهم سفها بغير علم ، وترك العدل في القصاص والميراث ، والحيف في النكاح والطلاق ، وأكل مال اليتيم على نوع من الحيل ، إلى أشباه ذلك مما نبه عليه الشرع وذكره العلماء ، حتى صار التشريع ديدنا (١) لهم ، وتغيير ملة إبراهيم عليه‌السلام سهلا عليهم ، فأنشأ ذلك أصلا مضافا إليهم وقاعدة رضوا بها ، وهي التشريع المطلق لا الهوى ، ولذلك لما نبههم الله تعالى على إقامة الحجة عليهم بقوله تعالى : (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) (٢) قال فيها : (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٣) فطالبهم بالعلم الذي شأنه أن لا يشرع إلا حقا وهو علم الشريعة لا غيره ، ثم قال تعالى : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا) (٤)؟ تنبيها لهم على أن هذا ليس مما شرعه في ملة إبراهيم ، ثم قال : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٥) فثبت أن هذه الفرق إنما افترقت بحسب أمور كلية اختلفوا فيها والله أعلم.

المسألة السادسة :

إنا إذا قلنا بأن هذه الفرق كفار ـ على قول من قال به ـ أو ينقسمون إلى كافر وغيره فكيف يعدون من الأمة؟ وظاهر الحديث يقتضي أن ذلك الافتراق إنما هو مع كونهم من الأمة ، وإلّا فلو خرجوا من الأمة إلى الكفر لم يعدوا منها البتة ـ كما تبين ـ.

وكذلك الظاهر في فرق اليهود والنصارى ، إن التفرق فيهم حاصل مع كونهم هودا ونصارى.

فيقال في الجواب عن هذا السؤال : إنه يحتمل أمرين :

أحدهما : أن نأخذ الحديث على ظاهره في كون هذه الفرق من الأمة ، ومن أهل القبلة ، ومن قيل بكفره منهم ، فإما أن يسلم فيهم هذا القول فلا يجعلهم من الأمة أصلا ولا

__________________

(١) الدّيدن : الدأب.

(٢) سورة : الأنعام ، الآية : ١٤٣.

(٣) سورة : الأنعام ، الآية : ١٤٣.

(٤) سورة : الأنعام ، الآية : ١٤٤.

(٥) سورة : الأنعام ، الآية : ١٤٤.

٤٦٩

أنهم مما يعدون في الفرق ، وإنما نعد منهم من لا تخرجه بدعته إلى كفر ، فإن قال بتكفيرهم جميعا ، فلا يسلم أنهم المرادون بالحديث على ذلك التقدير ، وليس في حديث الخوارج نص على أنهم من الفرق الداخلة في الحديث ، بل نقول : المراد بالحديث فرق لا تخرجهم بدعهم عن الإسلام ، فليبحث عنهم.

وإما أن لا نتبع المكفر في إطلاق القول بالتكفير ، ونفصل الأمر إلى نحو مما فصله صاحب القول الثالث ، ويخرج من العدد من حكمنا بكفره ، ولا يدخل تحت عمومه إلا ما سوّاه مع غيره ممن لم يذكر في تلك العدة.

والاحتمال الثاني : أن نعدهم من الأمة على طريقة لعلها تتمشى في الموضع ، وذلك أن كل فرقة تدعي الشريعة ، وأنها على صوبها ، وأنها المتبعة للمتبعة لها ، وتتمسك بأدلتها ، وتعمل على ما ظهر لها من طريقها! وهي تناصب العداوة من نسبتها إلى الخروج عنها ، وترمي بالجهل وعدم العلم من ناقضها ، لأنها تدعي أن ما ذهبت إليه هو الصراط المستقيم دون غيره ، وبذلك يخالفون من خرج عن الإسلام ، لأن المرتد إذا نسبته إلى الارتداد أقرّ به ورضيه ولم يسخطه ، ولم يعادك لتلك النسبة ، كسائر اليهود والنصارى ، وأرباب النحل المخالفة للإسلام.

بخلاف هؤلاء الفرق فإنهم مدعون المؤالفة للشارع والرسوخ في اتباع شريعة محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإنما وقعت العداوة بينهم وبين أهل السنّة بسبب ادعاء بعضهم على بعض الخروج عن السنّة ، ولذلك تجدهم مبالغين في العمل والعبادة ، حتى بعض أشد الناس عبادة مفتون.

والشاهد لهذا كله ـ مع اعتبار الواقع ـ حديث الخوارج ، فإنه قال عليه الصلاة والسلام : «تحقرون صلاتكم مع صلاتهم ، وصيامكم مع صيامهم ، وأعمالكم مع أعمالهم» ، وفي رواية : «يخرج من أمتي قوم يقرءون القرآن ، ليست قراءتكم من قراءتهم بشيء ولا صلاتكم من صلاتهم بشيء» (١) وهذه شدة المثابرة على العمل به ، ومن ذلك

__________________

(١) تقدم تخريجه ص : ٣٧٨ ، الحاشية : ١.

٤٧٠

قولهم : كيف يحكم الرجال والله يقول : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) (١)؟ ففي ظنهم أن الرجال لا يحكمون بهذا الدليل ، ثم قال عليه الصلاة والسلام : «يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم».

فقوله عليه الصلاة والسلام : «يحسبون أنه لهم» واضح فيما قلنا ، ثم إنهم يطلبون اتباعه بتلك الأعمال ليكونوا من أهله ، وليكون حجة لهم ، فحين ابتغوا تأويله وخرجوا عن الجادة كان عليهم لا لهم.

وفي معنى ذلك من قول ابن مسعود قال : وستجدون أقواما يزعمون أنهم يدعون إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم ، عليكم بالعلم وإياكم والبدع والتعمق ، عليكم بالعتيق.

فقوله : يزعمون كذا ، دليل على أنهم على الشرع فيما يزعمون.

ومن الشواهد أيضا حديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج إلى المقبرة فقال : «السلام عليكم دار قوم مؤمنين! وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، وددت أني قد رأيت إخواننا ـ قالوا : يا رسول الله ألسنا إخوانك؟ ـ قال : بلى أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد ، وأنا فرطكم على الحوض قالوا : يا رسول الله كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك؟ قال : أرأيت لو كان لأحدكم خيل غرّ محجلة في خيل دهم بهم ، ألا يعرف خيله؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : فإنهم يأتون يوم القيامة غرّا محجلين من الوضوء ، وأنا فرطهم على الحوض ، فليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال ، أناديهم : ألا هلم ألا هلم! فيقال : قد بدلوا بعدك ، فأقول : فسحقا فسحقا فسحقا» (٢).

__________________

(١) سورة : الأنعام ، الآية : ٥٧.

(٢) أخرجه البخاري في كتاب : الوضوء ، باب : فضل الوضوء والغر المحجلون (الحديث : ١ / ٢٠٧). وأخرجه مسلم في كتاب : الطهارة ، باب : استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء (الحديث : ٢٤٩). وأخرجه مالك في الموطأ في كتاب : الطهارة ، باب : جامع الوضوء (الأحاديث : ١ / ٢٨ ، ٣٠). وأخرجه النسائي في كتاب : الطهارة ، باب : حلية الوضوء (الأحاديث : ١ / ٩٣ ، ٩٥).

٤٧١

فوجه الدليل من الحديث أن قوله : فليذادن رجال عن حوضي» إلى قوله : «أناديهم ألا هلم» مشعر بأنهم من أمته ، وأنه عرفهم ، وقد بين أنهم يعرفون بالغرر (١) والتحجيل (٢) ، فدل على أن هؤلاء الذين دعاهم وقد كانوا بدلوا ذوو غرر وتحجيل ، وذلك من خاصية هذه الأمة ، فبان أنهم معدودون من الأمة ولو حكم لهم بالخروج من الأمة لم يعرفهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بغرة أو تحجيل لعدمه عندهم.

ولا علينا أقلنا : إنّهم خرجوا ببدعتهم عن الأمة أو لا ، إذ أثبتنا لهم وصف الانحياش إليها.

وفي الحديث الآخر : «فيؤخذ بقوم منكم ذات الشمال ، فأقول : يا رب أصحابي! قال : فيقال : لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول كما قال العبد الصالح : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ) إلى قوله : (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٣) ـ قال ـ : فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم» (٤).

فإن كان المراد بالصحابة الأمة ، فالحديث موافق لما قبله : «بل أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد» فلا بد من تأويله على أن الأصحاب يعني بهم من آمن به في حياته وإن لم يره ، ويصدق لفظ المرتدين على أعقابهم على المرتدين بعد موته ، أو مانعي الزكاة تأويلا على أن أخذها إنما كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحده ، فإن عامة أصحابه رأوه وأخذوا عنه براءة من ذلك.

المسألة السابعة في تعيين هذه الفرق :

وهي مسألة ـ كما قال الطرطوشي ـ طاشت فيها أحلام الخلق ، فكثير ممن تقدم وتأخر من العلماء عينوها لكن في الطوائف التي خالفت في مسائل العقائد فمنهم من عد أصولها ثمانية ، فقال : كبار الفرق الإسلامية ثمانية :

__________________

(١) الغرر : جمع غرّة : وهي أول كل شيء وأكرمه ، ومن الفرس : بياض في جبهته.

(٢) التحجيل : بياض في قوائم الفرس أو بعضها.

(٣) سورة : المائدة ، الآيتان : ١١٧ ـ ١١٨.

(٤) أخرج نحوه مسلم في كتاب : الفضائل ، باب : إثبات حوض نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٤٧٢

١ ـ المعتزلة (١). ٢ ـ الشيعة (٢). ٣ ـ الخوارج (٣). ٤ ـ المرجئة (٤). ٥ ـ النجارية (٥).

٦ ـ الجبرية (٦). ٧ ـ المشبهة (٧). ٨ ـ الناجية.

فأما المعتزلة : فافترقوا إلى عشرين فرقة وهم : الواصلية (٨) ، والعمريّة (٩) ، والهذيلية (١٠) ،

__________________

(١) المعتزلة : فرقة من المتكلمين يخالفون أهل السنة في بعض المعتقدات على رأسهم واصل بن عطاء الذي اعتزل بأصحابه حلقة الحسن البصري.

(٢) الشيعة : هم الذين شايعوا عليّا رضي الله عنه على الخصوص وقالوا بإمامته وخلافته نصّا ووصية.

(٣) الخوارج : جماعة خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وقد كانوا معه في حرب صفين ثم خرجوا عليه.

(٤) المرجئة : تكلموا في الإيمان والعمل إلا أنهم وافقوا الخوارج في بعض المسائل التي لا تتعلق بالإمامة.

(٥) النجارية : أصحاب الحسين بن محمد النجار ، وافقوا المعتزلة في نفي الصفات من العلم والقدرة والإرادة والحياة والسمع والبصر ، ووافقوا الصفاتية في خلق الأعمال.

(٦) الجبرية : هم الذين يقولون بنفي الفعل والقدرة عن العبد وإضافة الفعل والقدرة إلى الرب تعالى.

(٧) المشبهة : هم القائلين بتشبيه الله بالمخلوقات وهم على عدة أصناف.

(٨) الواصلية : أصحاب أبي حذيفة واصل بن عطاء الغزّال الألثغ كان تلميذا للحسن البصري ، يدور اعتزالهم حول :

١ ـ القول بنفي صفات الباري تعالى.

٢ ـ القول بالقدر خيره وشره ليس من الله تعالى.

٣ ـ القول بمنزلة بين الإيمان والكفر.

٤ ـ جوّزوا أن يكون عثمان وعلي على الخطأ.

(٩) العمرية : مثل الواصلية إلا أنهم فسّقوا الفريقين في قضية عثمان وعلي رضي الله عنهما وهم منسوبون إلى عمر بن عبيد وكان من رواة الحديث وتابع واصل بن عطاء في القواعد وزاد عليه تعميم الفسق.

(١٠) الهذيلية : أصحاب أبي الهذيل حمدان بن الهذيل العلاف انفرد عن أصحابه ب :

١ ـ أثبت الصفات لله تعالى وجوها له.

٢ ـ أثبت إرادات لا محل لها يكون الله تعالى مريدا بها.

٣ ـ قال في كلام الله إن بعضه لا في محل وهو قوله : (كُنْ) وبعضه في محل كالأمر والنهي.

وكان أمر التكوين عنده غير أمر التكليف.

٤ ـ قال في القدر مثل ما قاله أصحابه إلا أنه قدري الأولى جبري الآخرة.

٥ ـ قال أهل الخلد يصيرون إلى سكون دائم خمودا وتجتمع لأهل الجنة اللذات في ذلك السكون ، وتجتمع الآلام في ذلك السكون لأهل النار.

٦ ـ قال في الاستطاعة إنها عرض من الأعراض.

٤٧٣

والنظامية (١) ، والأسوارية (٢) ، والإسكافية (٣) ، والجعفرية (٤) ، والبشرية (٥) ،

__________________

ـ ٧ ـ أوجب على المكلف قبل ورود السمع أن يعرف الله بالدليل من غير خاطر.

٨ ـ قال في الآجال : إن لم يقتل الرجل مات في ذلك الوقت والأرزاق قسمين : ما خلق الله من الأمور المنتفع بها يجوز أن يقال خلقها رزقا للعباد.

* ما حكم الله له من هذه الأرزاق للعباد : فما أحلّ منها فهو رزقه وما حرّم فليس رزقا.

٩ ـ قال : إرادة الله غير المراد فإرادته لما خلق هو خلقه له. وخلقه للشيء عنده غير الشيء والخلق عنده قول لا في محل.

١٠ ـ قال الحجة لا تقوم فيما غاب إلا بخبر عشرين.

(١) النظامية : أصحاب إبراهيم بن يسار بن هانئ النظام انفرد عن أصحابه ب :

١ ـ قال : إن الله لا يوصف بالقدرة على الشرور والمعاصي.

٢ ـ قال : إن الله ليس موصوف بالإرادة على الحقيقة.

٣ ـ قال : أفعال العباد كلها حركات فحسب والسكون حركة اعتماد والعلوم والإرادات حركات النفس.

٤ ـ قال : إن الروح هي التي لها قوة واستطاعة وحياة مشيئة وهي مستطيعة بنفسها والاستطاعة قبل الفعل.

٥ ـ قال : كل ما جاوز حد القدرة من الفعل فهو من فعل الله بإيجاب الخلقة.

٦ ـ قال : بنفي الجزء الذي لا يتجزأ أو أحدث القول بالمطفرة.

٧ ـ تارة يقضي بكون الأجسام أعراضا وتارة يقضي بكون الأعراض أجساما.

٨ ـ قال : إن الله خلق الموجودات كلها دفعة واحدة.

٩ ـ قال : إعجاز القرآن من حيث الإخبار عما مضى وما يأتي وأنه منع العرب عن الاهتمام به جبرا أو تعجيزا ولولاه لكانوا قادرين على أن يأتوا بسورة من مثله.

١٠ ـ قال : الإجماع ليس حجة في الشرع.

١١ ـ قال إلى الرخص ووقع في كبار الصحابة.

١٢ ـ قال بتحسين العقل وتقبيحه في جميع ما يتصرف فيه من أفعال.

١٣ ـ تكلم في مسائل الوعد والوعيد.

(٢) الأسوارية : أصحاب الأسواري ، وافقوا النظامية فيما ذهبوا إليه وزادوا أن الله تعالى لا يقدر على ما أخبر بعدمه أو علم عدمه والإنسان قادر عليه.

(٣) الإسكافية : أصحاب أبي جعفر الإسكاف ، قالوا : الله لا يقدر على ظلم العقلاء خلاف ظلم الصبيان والمجانين فإنه قادر عليهم.

(٤) الجعفرية : فرقة من المعتزلة أتباع الجعفر بن جعفر بن حرب ، وجعفر بن مبشر.

(٥) البشرية : أصحاب بشر بن المعتمر الذي انفرد ب :

١ ـ قال : إن اللون والطعم والرائحة والإرادات كلها من السمع والرؤية يجوز أن تحصل متولدة ـ

٤٧٤

والمزدارية (١) ، والهشامية (٢) ، والصالحية (٣) ، والخطابية (٤) ، والحدبية (٥) ، والمعمرية (٦) ، والثمامية (٧) ، والخياطية (٨) ، والجاحظية (٩) ، والكعبية (١٠) ،

__________________

ـ من فعل العبد إذا كانت أسبابها من فعله.

٢ ـ قال : إن الاستطاعة هي سلامة البنية وصحة الجوارح.

٣ ـ قال : إن الله قادر على تعذيب الطفل وتكلم في ذلك بكلام متناقض.

٤ ـ قال : إن إرادة الله فعل من أفعاله.

٥ ـ قال بلطف الله وتكلم بموضوع الصلاح والأصلح وإن على الله أن يمكن العبد بالقدرة والاستطاعة.

٦ ـ قال : إن من تاب عن كبيرة ثم راجعها عاد استحقاقه العقوبة الأولى.

(١) المزدارية : أصحاب عيسى بن صبيح الملقب بالمردار انفرد ب :

١ ـ قال في القدر : إن الله يقدر على الكذب ويظلم سبحانه وتعالى عما يشركون.

٢ ـ جوّز وقوع فعل واحد من فاعلين على سبيل التولد.

٣ ـ قال : إن الناس قادرون على مثل القرآن فصاحة ونظما وقال : إن القرآن مخلوق.

(٢) الهشامية : أصحاب هشام بن عمرو الفوطي ، الذي بالغ في القدر وقال : إن الأعراض لا تدل على أن الله خالق ، وقال : أن الجنة والنار ليستا مخلوقتين الآن لعدم الفائدة منهما الآن ، وامتنع عن القول بأن الله هو خالق الكافر واستباح دماء وأموال من خالف مذهبه.

(٣) الصالحية : أصحاب الصالحي جوّزوا قيام العلم والقدرة والسمع والبصر مع الميت ، وجوّزوا خلو الجوهر عن الأعراض كلها.

(٤) الخطابية : أصحاب أبو خطاب الأسدي ، قالوا : الأئمة الأنبياء ، وأبو الخطاب نبي ، وهؤلاء يستحلون شهادة الزور لموافقيهم على مخالفيهم ، وقالوا : الجنة نعيم الدنيا والنار آلامها.

(٥) الحدبية : أصحاب فضل الحدبي ، زادوا التناسخ وأن كل حيوان مكلف.

(٦) المعمرية : أصحاب معمر بن عباد السلمي من أعظم القدرية فرية في تدقيق القول بنفي الصفات ونفي القدر من الله تعالى ، وقال : أن الله خلق الأجسام والأجسام خلقت الأعراض ، ويحكى عنه أنه ينكر قدم الله.

(٧) الثمامية : أصحاب ثمامة بن أشرس النميري ، كان جامعا بين سخافة الدين وخلاعة النفس ، وقال : إن الأفعال المتولدة لا فاعل لها.

(٨) الخياطية : أصحاب أبي الحسين بن أبي عمرو الخياط الذي غالى في إثبات المعدوم شيئا ، وقال في نفي الصفات عن الباري مثل ما قاله أصحابه.

(٩) الجاحظية : أصحاب عمرو بن بحر أبي عثمان الجاحظ الذي قال بإثبات الطبائع للأجسام وأثبت لها أفعالا مخصوصة بها ، وقال باستحالة عدم الجواهر وقال : إن للقرآن جسدا يجوز أن يقلب مرة رجلا ومرة حيوانا.

(١٠) الكعبية : أصحاب أبي القاسم بن محمد الكعبي وهو تلميذ أبي الحسين الخياط وزاد عليه بأن ـ

٤٧٥

والجبائية (١) ، والبهشمية (٢).

وأما الشيعة : فانقسموا أولا ثلاث فرق : غلاة (٣) ، وزيدية ، وإمامية.

فالغلاة : ثمان عشرة فرقة وهم : السبئية (٤) ، والكاملية (٥) ، والبيانية (٦) ، والمغيرية (٧) ، والجناحية (٨) ، والمنصورية (٩) ، والخطابية (١٠) ،

__________________

ـ إرادة الباري ليست صفة قائمة بذاته ولا هو مريدا لذاته وكذا في السمع والبصر.

(١) الجبائية : أصحاب محمد بن عبد الوهاب الجبائي الذي قال : إن الله يحدث عند قراءة كل قارئ للقرآن كلاما لنفسه في محل القراءة وقد وافق أهل السنة في الإمامة.

(٢) البهشمية : أصحاب أبي هاشم بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي ويقال لهم الذمية لقولهم باستحقاق الذم لا على الفعل وقد شاركوا المعتزلة في أكثر ضلالاتهم وانفرد بأن قالوا كون الله سميعا في حالة وكونه بصيرا حالة لاختلاف القضيتين والمفهومين المتعلقين والأثرين ووافق والده بعدة أشياء.

(٣) غلاة الشيعة : الذين غلوا في حق أئمتهم حتى أخرجوهم من حدود الخليقية وحكموا فيهم بأحكام الإلهية.

(٤) السبئية : أصحاب عبد الله بن سبأ الذي زعم أن عليّا إله وأنه لم يمت وأن الرعد صوته وأنه يجيء في السحاب ، وقالوا بالتوقف والغيبة والرجعة وبتناسخ الجزء الإلهي في الأئمة بعد علي.

(٥) الكاملية : أصحاب أبي كامل قال بتكفير الصحابة الذين لم يبايعوا عليّا وكان يقول : الإمامة نور يتناسخ من شخص إلى شخص.

(٦) البيانية : أتباع بيان بن سمعان التميمي قالوا بانتقال الإمامة من أبي هاشم إليه وهو من القائلين بإلهية علي رضي الله عنه وادعى أنه انتقل إليه الجزء الإلهي بنوع من التناسخ وزعم أن معبوده على صورة إنسان عضوا فعضوا وجزءا فجزءا.

(٧) المغيرية : أصحاب المغيرة بن سعيد العجلي زعم أن الإمامة بعد محمد بن علي بن الحسين في محمد بن عبد الله الحسن بن الحسن وأنه حي لم يمت وادعى الإمامة لنفسه بعد الإمام محمد ثم ادعى النبوة واستحل المحارم وقال : إن الله صورة وجسم ذو أعضاء على مثال حروف الهجاء ولما قتل اختلف أصحابه برجعته.

(٨) الجناحية : طائفة من غلاة الشيعة أصحاب عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ذي الجناحين.

(٩) المنصورية : أصحاب أبي منصور العجلي الذي زعم أنه إمام بعد أن تبرأ منه محمد بن علي الباقر وطرده ، وزعم أن عليّا هو الكسف الساقط من السماء وأن الرسالة لا تنقطع واستحل أصحابه قتل مخالفيهم وأخذ أموالهم واستحلال نسائهم.

(١٠) الخطابية : أصحاب أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الأسدي الأجدع مولى بني أسد عزا نفسه ـ

٤٧٦

والغرابية (١) ، والذّمية (٢) ، والهشامية (٣) ، والزرارية (٤) ، واليونسية (٥) ، والشيطانية (٦) ، والرزامية (٧) ، والمفوضة (٨) ، والبدائية (٩) ، والنصرية (١٠) ، والإسماعيلية (١١) وهم : الباطنية (١٢) ، والقرمطية (١٣) ، والحرمية (١٤) ، والسبعية (١٥) ،

__________________

ـ إلى جعفر بن محمد الصادق وغلا فيه فتبرأ جعفر منه ولعنه ، فاعتزل عنه وادعى الإمامة وزعم أن الأئمة أنبياء ثم آلهة وزعم أن جعفر هو الإله في زمانه.

(١) الغرابية : قوم قالوا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعلي رضي الله عنه أشبه من الغراب بالغراب والذباب بالذباب فبعث الله جبريل عليه‌السلام إلى علي فغلط جبريل فيعنون صاحب الريش ـ يعنون به جبريل.

(٢) الذّمية أو العلبائية : أصحاب العلباء بن ذراع الدوسي وكان يفضل عليّا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وزعم أن عليّا بعث محمدا ، وأن علي هو الإله ، وكان يقول بذم محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وزعم أنه بعث ليدعو إلى علي فدعا إلى نفسه.

(٣) الهشامية : أصحاب هشام بن الحكم صاحب المقالة في التشبيه وهشام بن سالم الجواليقي الذي نسج على (منواله) في التشبيه.

(٤) الزرارية : أصحاب زرارة بن أعين ، قالوا بحدوث صفات الله.

(٥) اليونسية : أصحاب يونس بن عبد الرحمن. قالوا الله تعالى على العرش تحمله الملائكة ، والعرش يحمل الرب تعالى.

(٦) الشيطانية أو النعمانية : أصحاب محمد بن النعمان أبي جعفر الأحول ، الملقب بشيطان الطاق وهو تلميذ محمد الباقر ، محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم. قيل : وافق هشام بن الحكم في أن الله تعالى لا يعلم شيئا حتى يكون وقال : إن الله تعالى نور على صورة إنسان رباني ونفى أن يكون جسما.

(٧) الرزامية : أتباع رزام بن رزم ساقوا الإمامة من علي إلى ابنه محمد ثم إلى ابنه هاشم ثم بعده بفترة إلى أبي مسلم وادعوا حلول روح الاله فيه وقالوا بتناسخ الأرواح.

(٨) المفوضة : قالوا : الله فوض خلق الدنيا إلى محمد وقيل إلى علي.

(٩) البدائية : قوم جوّزوا البداء على الله ، سبحانه وتعالى عما يشركون.

(١٠) النصيرية والإسحاقية : قالوا : حلّ الله في علي.

(١١) الإسماعيلية : أثبت الإمامة لإسماعيل بن جعفر وقالوا بالبداء أنه محال ومنهم من قال : أن إمامهم لم يمت. وأشهر ألقابهم الباطنية وقالوا على الله أنه لا موجود ولا عالم ولا جاهل ولا قادر ولا عاجز.

(١٢) الباطنية : لزمهم هذا اللقب لحكمهم بأن كل ظاهر باطنا ولكل تنزيل تأويلا ، قيل فيهم : نفاة الصفات الحقيقية ومعطلة الذات عن جميع الصفات.

(١٣) القرمطية : هم الباطنية ولكن هذا اسمهم في العراق إذ لهم دعوة في كل زمان ومقالة جديدة بكل لسان.

(١٤) الحرمية : من فرق الإسماعيلية ولقبوا بالحرمية لإباحتهم المحرمات والمحارم.

(١٥) السبعية : من فرق الإسماعيلية ولقبوا بالسبعية لأنهم زعموا أن النطقاء ـ أي : الرسل ـ سبعة : آدم ـ

٤٧٧

والبابكية (١) ، والحمدية.

وأما الزيدية (٢) : فهم ثلاث فرق : الجارودية (٣) ، والسليمانية (٤) ، والبتيرية (٥).

وأما الإمامية (٦) : ففرقة واحدة ؛ فالجميع اثنتان وأربعون فرقة.

وأما الخوارج : فسبع فرق وهم : المحكمة (٧) ، والبيهسية (٨) ، والأزارقة (٩) ،

__________________

ـ ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ومحمد المهدي سابع النطقاء ، وبين كل اثنين سبعة أئمة يتممون شريعته ولا بدّ في كل عصر من سبعة يقتدى بهم ويهتدى.

(١) البابكية : من فرق الإسماعيلية ولقبوا بالبابكية لأن طائفة منهم اتبعت بابك الحزمي.

(٢) الزيدية : أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة ولم يجوزوا ثبوت الإمامة في غيرهم وقد طعنوا في الصحابة طعن الإمامية.

(٣) الجارودية : أصحاب أبي الجارود زياد بن أبي زياد زعموا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نص على علي رضي الله عنه بالوصف دون التسمية وهو الإمام بعده والناس قصروا بعده حيث لم يتعرفوا الوصف ولم يطلبوا الموصوف.

(٤) السليمانية : أصحاب سليمان بن جرير كان يقول إن الإمامة شورى فيما بين الخلق ويصح أن تنعقد بعقد رجلين من خيار المسلمين ، وكفر عثمان وعائشة والزبير وطلحة لإقدامهم على قتال علي.

(٥) البتيرية : أصحاب كثير النوى الأبتر ، قالوا في الإمامة كقول السليمانية ولم يقولوا في عثمان شيئا من الكفر أو الإيمان ، وهم في الأصول يرون رأي المعتزلة ويعظمون أئمة الاعتزال أكثر من تعظيمهم أئمة أهل البيت وأما في الفروع فهم على مذهب أبي حنيفة.

(٦) الإمامية : هم القائلون بإمامة علي رضي الله عنه بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نصّا ظاهرا أو تعيينا صادقا وقد كفروا كبار الصحابة.

(٧) المحكمة : هم الذين خرجوا على علي رضي الله عنه حين جرى أمر المحكمين واجتمعوا بقرية حروراء من ناحية الكوفة وخروجهم على أمرين :

١ ـ بدعتهم في الإمامة أن تكون في غير قريش.

٢ ـ في التحكيم أنه حكم الرجال.

(٨) البيهسية : أصحاب أبي بيهس وهو أحد بني سعد بن ضبيعة الذي كفر من قال في بيع الأمة وكفر الواقفية ومن البيهسية من يقال لهم : الصونية ومنهم من يقال لهم : أصحاب التفسير وصنف يقال لهم : أصحاب السؤال.

(٩) الأزارقة : أصحاب أبي راشد نافع بن الأزرق الذين خرجوا مع نافع من البصرة إلى الأهواز ، ومن بدعهم :

١ ـ تكفير علي رضي الله عنه.

٤٧٨

والنجدات (١) ، والعبدية ، والإباضية (٢) وهم أربع فرق : الحفصية (٣) ، واليزيدية (٤) ، والحارثية (٥) ، والمطيعية.

وأما العجاردة (٦) : فإحدى عشرة فرقة وهم : الميمونية (٧) ، والشعيبية (٨) ، والحازمية (٩) ، والحمزية (١٠) ، والمعلومية (١١) ،

__________________

ـ ٢ ـ تكفير من قعد عن القتال وإن كان موافقا على دينه.

٣ ـ إباحة قتل أطفال ونساء المخالفين لهم.

٤ ـ إسقاط رجم الزاني وإسقاط حد القذف.

(١) الحراث ، أو لعلها النجدات : أصحاب نجدة بن عامر الحنفي الذي استحل دماء أهل العهد والذمة وأموالهم في حال التقية وافترقت جماعته بعده إلى عطوية وفديكية ، وبرئ كل واحد منهما عن صاحبه.

(٢) الإباضية : أصحاب عبد الله بن إباض الذي قال إن مخالفينا من أهل القبلة كفار غير مشركين ومفارقتهم جائزة وموارثتهم حلال ، وحرام قتلهم وسبهم في السر غيلة إلا بعد نصب القتال وإقامة الحجة.

(٣) الحفصية : أصحاب حفص بن أبي المقدام الذي تميز بقول : إن بين الشرك والإيمان خصلة واحدة وهي معرفة الله عزوجل.

(٤) اليزيدية : أصحاب يزيد بن أنيسة الذي قال بتولي المحكمة الأولى قبل الأزارقة ، وتبرأ ممن بعدهم إلا الإباضية فإنه يتولاهم ، وزعم أن الله سيبعث رسولا من العجم.

(٥) الحارثية : أصحاب الحارث الإباضي خالف الإباضية في قوله بالقدر على مذهب المعتزلة وفي الاستطاعة قبل الفعل وفي إثبات طاعة لا يراد بها الله.

(٦) العجاردة : أصحاب عبد الكريم بن عجرد وافق النجدات في بدعهم وهم ينكرون كون سورة يوسف من القرآن ويزعمون أنها قصص من القصص.

(٧) الميمونية : أصحاب ميمون بن خالد تفرد عن العجاردة بإثبات القدر خيره وشره من العبد وإثبات الفعل للعبد خلقا وإبداعا وإثبات الاستطاعة قبل الفعل.

(٨) الشعيبية : أصحاب شعيب بن محمد وكان مع ميمون إلا أنه بريء منه حين أظهر القول بالقدر. قال شعيب : إن الله خالق أعمال العباد ولا يكون شيء إلا بمشيئة الله وللعبد الكسب وهو على بدع الخوارج في الإمامة والوعيد.

(٩) الحازمية : أصحاب حازم بن علي أخذوا بقول شعيب في أن الله خالق أعمال العباد وقالوا بالموافاة.

(١٠) الحمزية : أصحاب حمزة بن أدرك وافقوا الميمونية في القدر وفي سائر بدعها إلا في أطفال المشركين ومخالفيهم فإنهم قالوا : هؤلاء كلهم في النار.

(١١) المعلومية : قالوا من لم يعرف الله بجميع أسمائه وصفاته فهو جاهل به حتى يصير عالما بجميع ذلك فيكون مؤمنا وقالوا إن الاستطاعة مع الفعل والفعل مخلوق للعبد فبرئت منهم الحازمية.

٤٧٩

والمجهولية (١) ، والصلتية (٢) ، والثعلبية (٣) أربع فرق وهم : الأخنسية (٤) ، والمعبدية (٥) ، والشيبانية (٦) ، والمكرمية (٧) ؛ فالجميع اثنتان وستون.

وأما المرجئة (٨) : فخمس وهم : العبيدية (٩) ، واليونسية (١٠) ، والغسانية (١١) ،

__________________

(١) المجهولية : قالوا من علم بعض أسماء الله وصفاته وجهل بعضها فقد عرفه تعالى وقالوا : إن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى.

(٢) الصلتية : أصحاب عثمان بن أبي صلت قال بأن الرجل إذا أسلم توليناه وتبرأنا من أطفاله حتى يدركوا فيقبلوا الإسلام.

(٣) الثعلبية : أصحاب ثعلبة بن عامر كان مع ابن عجرد يدا واحدة إلى أن اختلفا في أمر الأطفال فقال ثعلبة : إنا على ولايتهم صغارا أو كبارا حتى نرى منهم إنكارا للحق ورضا بالجور ، فتبرأت منه العجاردة.

(٤) الأخنسية : أصحاب أخنس بن قيس انفرد عن الثعالبة بقوله : أتوقف في جميع من كان في دار التقية من أهل القبلة إلا من عرف منه إيمان فأتولاه عليه أو كفر فأتبرأ منه ، وهم على أصول الخوارج في أغلب المسائل.

(٥) المعبدية : أصحاب معبد بن عبد الرحمن خالف الأخنس في الخطأ الذي وقع له في تزويج المسلمات من مشركي قومهم أصحاب الكبائر وخالف ثعلبة في حكم أخذ الزكاة من عبيدهم.

(٦) الشيبانية : أصحاب شيبان بن سلمة. من مذهبهم القول بالجبر ونفي القدرة الحادثة.

(٧) المكرمية : أصحاب مكرم بن عبد الله العجلي تفرّد بقوله : تارك الصلاة كافر لا من أجل ترك الصلاة ولكن من أجل جهله بالله وقال كذلك في كل كبيرة يرتكبها الإنسان.

(٨) المرجئة : فرقة تكلموا في الإيمان والعمل إلا أنهم وافقوا الخوارج في بعض المسائل التي تتعلق بالإمامة.

(٩) العبيدية : أصحاب عبيد المكتئب حكي عنه أنه قال : ما دون الشرك مغفور لا محالة والعبد إذا مات على توحيده لا يضره ما اقترف من الآثام واجترح من السيئات وزعم أن الله على صورة إنسان سبحانه عما يصفون.

(١٠) اليونسية : أصحاب يونس بن عون النميري زعم أن الإيمان هو المعرفة بالله والخضوع له وزعم أن إبليس كان عارفا بالله وحده وكفر باستكباره على الله والمؤمن يدخل الجنة بإخلاصه ومحبته لا بعمله وطاعته.

(١١) الغسانية : أصحاب غسان الكوفي زعم أن الإيمان هو المعرفة بالله وبرسوله والإقرار بما أنزل الله وبما جاء به الرسول في الجملة والإيمان لا يزيد ولا ينقص ، وكان يحكى عن أبي حنيفة مثل مذهبه ويعده من المرجئة ، ولعله كذب كذلك عليه.

٤٨٠