الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل - ج ٣

الشيخ حسن محمد مكي العاملي

الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل - ج ٣

المؤلف:

الشيخ حسن محمد مكي العاملي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ٧
ISBN: 978-964-357-386-7
ISBN الدورة:
978-964-357-388-1

الصفحات: ٦١٦
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

وخذ على ذلك مثالاً ، معرفة الله والميل إلى عوالم الغيبية ، فان لها جذوراً في عمق وجود الانسان ، ولم يزل كل انسان من صباه إلى كهولته ميّالا إلى تلك العوالم ، شغوفاً بحب الاطلاع عليها ، والخضوع لها .

ولكن هذا الميل إذا لم يقع في إطار الهداية والتوجيه الإلهي ، يسفّ بالإنسان إلى الحضيض ، ويصنع منه عابداً للحجر والخشب والعجماوات ، خاضعاً للشمس والقمر والنار . ألا ترى صانعي الآلات ومخترعي العقول الالكترونية كيف طفقوا يخضعون للأصنام والأبقار ؟ !

ولكنها إِذا كانت تحت ظل هداية إلهية ، تتجلى بمظهر التوحيد ، وأَنّ للعالم بأسره إلها واحداً أحداً عالماً ، قادراً ، محيطاً بكل شيء ، جامعاً لكل صفات الكمال والجمال .

إن الميول الطبيعية ، كالميل إلى الزواج والتسلط على المناصب والتكاثر في الأموال ، مما خُمّر عليه الإِنسان ، ولا بقاء لحياته إلا به ، ولو سلبت عنه لصار موجوداً مهملا خاملاً طالباً للموت وجانحاً إلى الفناء .

ولكن لو تركت هذه الغرائز ومجالها ، لآل الإنسان إلى حيوان ضار ، مدمر لكل شيء بغية تحصيل المال والإستبداد بالمناصب .

وأما لو كبح جماحها ، وعدّلت ميولها بهداية تحدد مجاريها وتُرشد صاحبها الى كيفية الإِستفادة منها ، لصار موجوداً عاقلاً متكاملاً سعيداً في حياته ، متآلفاً ومتآزراً مع سائر بني نوعه ، لبناء المجتمع الصالح .

وهكذا ، فقد عُلِم من هاتين المقدمتين أن وجود الفطريات والغرائز في الإنسان ، وحاجتها إلى الهداية والتعديل أمر لا ينكر ، وإنّما الكلام كلّه في تعيين من يقوم بهذه المهمة :

فهل المحاسبات العقلية كافية في حمل الإِنسان على هداية فطرياته وكبح جماح غرائزه عن الإِفراط والتفريط ؟

أم هل الشخصيات الممتازة في عالم الإِجتماع ، الموصوفة بالعقل

٤١
 &

والدراية والتجربة قادرة على القيام بهذه المهمة ؟

أم أنّ المَرْجِعَيْن المتقدمين ـ مع تقدير عملهما والإعتراف بانتفاع الإنسان من هدايتهما في مسير حياته ـ قاصران عن القيام بهذه المهمة ، ولا بدّ من مرجع ثالث له الإحاطة الكاملة بالفطريات والغرائز البشرية وما يصلحها ويقوّمها ، وهم الأنبياء والرسل الإلهيون المعصومون من الخطأ والزلل ، والمؤيدة هدايتُهم بضمانات إجرائية قاهرة ؟ .

نحن نعتقد أن الأمر الثالث هو المتعين ، وأن المرجعين الأوَّلَيْن غيُر وافيين بمعالجة المشكلة .

أما العقل ، فمع الإِعتراف بأنه يضيء الطريق أمام الإِنسان ، ويأخذ بيده في المزلّات والمزالق ، إلا أنه قاصر عن مصارعة الغرائز المتفجرة وكبح ثورانها . فإن كلَّ إِنسان يعلم من نفسه أن غرائزه وميوله الشهوية إذا تفجرت ، لم تترك للعقل ضياء ولا للفكر نوراً ، بل كان مثل العقل حينذاك مثل الإِنسان المبصر إِذا وقع في مهب الرياح والزوابع الرملية ، فإنها تَكُفُّ بَصَرَه عن الرؤية وتُعَرْقِل مَسيرَهُ .

وفي تلك الحالات ، لا ينفك العقل عن خداع صاحبه وإراءة المحاسبات الكاذبة لتبرير عمله ، وإيجاد الذرائع لارتكابه ، بحيث لو كان هذا الإنسان في موقف عادي خالٍ عن ذلك الثوران في العواطف والغرائز لما اعتنى بشيء من تلك التسويلات ، ولذلك لا تجد مجرماً يقوم بجناية إلّا وهو يلقي لنفسه الأعذار والتبريرات حين إقدامه عليها .

وكثيراً ما يستسهل الإنسان في تلك الحالات ـ على فرض إلتفاته إلى خطورة وقبح ما يقوم به ـ يستسهل ما يترتب عليه من الذم واللوم والعقاب ، قضاءً لوَطره منه ، وإشباعاً لشهوته مما يناله من اللذائذ المادية .

وأما رجالات الأخلاق والإِجتماع ، فمع أنّ لهم دوراً في تهذيب النفوس ، ودفعها إلى الكمال ، وكبح جماح غرائزها على الإجمال ، إلا أَنّ عملهم لا يخلو عن نقائص ربما تَذْهَبُ بأعمالهم أدراج الرياح .

٤٢
 &

أما أولاً ، فلأنَّ شرط التربية ، الوقوف على رموز الخلقة ، والتعرف على خصوصيات من ترجى تربيته . وليس لهذه الشخصيات ، العلم المحيط بخصوصيات الإِنسان ، لا لقلة عملهم وضيق أَفكارهم ، بل لعظمة الانسان في روحه ومعنوياته ، وغرائزه وفطرياته ، وهو أشبه ببحر كبير لا يرى ساحله ، ولا يضاء محيطه . وقد خفيت كثير من جوانب حياته ورموز وجوده ، حتى لُقّب بـ « الموجود المجهول » . (١)

ويُصدَّق ضالة هذه المعرفة ، تزايدُ الفساد وارتفاع نسبته في أقطار العالم عبر نفس المناهج التربوية التي تصوّبها تلك الشخصيات المرموقة في عالم التربية .

وأما ثانياً ، فلأَن الحجر الأَساس لتأثير التربية ، أنْ يكون المربي إنساناً كاملاً وموجوداً مثالياً ، يتمتع بسمو الأخلاق والملكات ، فيجذب بها القلوب ، ويشد إليها النفوس .

ومن المعلوم أن واضعي المناهج التربوية في العالم ، وإن كانوا خبراء في مجال تخصُّصِّهم ، إلا أنّهم فاقدون لهذا الشرط الأساس . ألا ترى أَنَّهم يوصون ببسط العدل ، وحماية المستضعف ، وترك الخمر والقمار وو . . . ومع ذلك فهم مرتكبون لها ، واقعون فيها .

ولا يشذ عنهم إلا من كان مراعياً للدين متمسكاً بأهدابه ، ولكن الفضل حينئذ لا يعود إليه بل إِلى صاحب الشريعة الذي سَنَّ تلك البرامج والمناهج .

وأما ثالثاً ، فلأن المناهج التربوية لا تؤتي ثمارها إلا إذا كانت منتسبة إلى الخالق سبحانه ، فإنّ هذا يمنحها ضمان الإِجراء والتجسّد في المجتمع لارتباطها بعوامل التشويق إلى الثواب والتحذير من العقاب ، وإلا فلن تعدو مجموعة نصائح شخصية أو مدرسية ، ما أسرع ما تتهاوى أمام ضربات معاول الشهوة الثائرة .

__________________

(١) وقد ألف الفيلسوف الفرنسي الكسي كارل ، كتاباً خاصاً حول الإنسان وغرائزه وفطرياته ، أسماه « الإنسان ذلك الموجود المجهول » .

٤٣
 &

ومجموع ما ذكرناه يدلنا على أن مهمة هداية الغرائز والفطريات ، التي تصنع من الإِنسان موجوداً عارفاً بالنُّظُم ، مؤمناً بالمناهج ، مجرياً لها في ليلة ونهاره ، وسرّه وإعلانه ، لا تتم إِلا بيد رسل مبعوثين من جانب خالق البشر ، بمناهج كاملة أنزلها إليهم ، وحفّها بدوافع الطاعة من المغريات بالثواب والمحذّرات من العقاب .

قال الشيخ الرئيس في بيان ما يلزم أن تشتمل عليه الأفعال التي يسنها النبي للبشر ، أفراده ومجتمعاته حتى تأخذ لنفسها طريقاً إلى التطبيق ومسلكاً إلى البقاء :

« ويجب أن تكون هذه الأفعال مقرونة بما يذكّر الله تعالى والمعاد لا محالة ، وإلا فلا فائدة فيها .

والتذكير لا يكون إلا بالفاظ تقال أو نيات تنوى في الخيال ، وأَنْ يقال لهم : إن هذه الأفعال يتقرب بها إلى الله ويستوجب بها الخير الكريم » . . . . إلى ان قال : « وبالجملة يجب أَنْ يكون فيها منبّهات » (١) .

الأنبياء والفطرة في الحديث

إنّ الإمام أمير المؤمنين علياً عليه السلام يصوّر الإنسان موجوداً يجمع في ذاته دفائن العقول وأنوار العرفان .

غير أنّ إثارة تلك المعارف الكامنة ، وإبراز تلك الأسرار الدفينة ، يحتاج إلى إنسان كامل يقوم بتلك المهمة وهو النبي .

فدور الأنبياء دور التذكير والتنبيه ، لا دور التعليم والتأسيس ، لأن كل ما يلقيه الأنبياء من أُصول ومعارف مختمر في وجود الإِنسان بعلم فطري وقضاءٍ خلقي ، لكنه لا يلتفت إليها إلا بفضل من يوجّهه .

__________________

(١) « النجاة » في الحكمة الإلهية ، للشيخ الرئيس ، ص ٣٠٦ ، الطبعة الثانية ١٣٥٧ هـ ـ ١٩٣٨ م .

٤٤
 &

يقول عليه السلام : « فبعث فيهم رُسُلَه ، وواتر إليهم أَنبيائه ، ليستأدوهم ميثاق فطرته ، ويذكروهم مَنْسِيَّ نعمته ، ويحتجوا عليهم بالتبليغ ، ويثيروا لهم دفائن العقول . . . » (١) .

فمثل الانبياء على هذا التقدير ، مثل المهندس الزراعي ، فكما أنه ليس له دور في خلق الثمار على الأشجار وإِظهارها على الأغصان ، وانما ينحصر دوره في إخصاب الأرض وتهيئتها لتُظهِر الشجرة ثمارها وفواكها ، فهكذا الأنبياء بتعاليمهم السماوية ، فإن دورهم تهيئة الإِنسان ليُبرز ما تعلّمه في مدرسة الفطرة من الأصول والمعارف التي تدعو إلى العدل والقسط ، ونبذ الظلم والتعدي وغيرها .

نعم ، للأنبياء ـ على تقدير آخر ـ دور التعليم ، وذلك في الوظائف الفرعية في مجال العبادات والمعاملات إذ لولاهم لما وقف الإِنسان على طرق عبادة الله تعالى ، وكيفية سلوكه مع بني نوعه في مقام المعاملة .

*       *      *

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة الاولى .

٤٥
 &

الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعق الجزء الثالث

٤٦
 &

أدلة لزوم البعثة

(٤)

بعثة الأنبياء أولى من الكماليات

يعتمد هذا الدليل بنحو رئيسي على مشاهدة النعم التي أودعها الخالق في وجود الإِنسان وما يحيط به ليُسهِّل عليه معيشتَه وتكاملَه في الحياة . وليست كلّ هذه النعم دخيلة في ضروريات حياته ، بحيث ينعدم وجوده بدونها ، بل إن كثيراً منها مما يدخل في الكماليات ، وتسهيل مجاري الحياة . وكثير من هذه الكماليات أُمور جزئية بسيطة لا يلتفت إليها الإِنسان إلا بالتأمل والتدبّر . ولأَجل زيادة التوضيح نمثِّل ببعض الأَجهزة في بدن الإِنسان .

إن الصانع الحكيم جهّز العين بأجهزة مختلفة ، منها ما هو دخيل في أصل تحقق الرؤية ، ومنها ما هو دخيل في سهولتها وتيسرها .

١ ـ فجعل العين في أعلى أجزاء بدن الإنسان حتى يتسلط بنحو كامل على ما أمامه .

٢ ـ وجعل العين بمختلف طبقاتها في إطار جسم شحمي صلب أبيض اللون ، حفظاً لها مما قد يصيبها .

٣ ـ وجعل العين بإطارها وجميع طبقاتها في حفرة عظيمة ، زيادة في صيانتها من الصدمات الطارئة .

٤ ـ وجعل فوق العين حاجباً يمنع من نزول العرق إليها ، وأوجد في

٤٧
 &

ناصية الإِنسان خطوطاً ليسهل إنحراف العرق يميناً ويساراً .

٥ ـ وجعل لكل عين جفنين حافظين لها ، وخلق فيهما أشفاراً وأهداباً ، صيانة لها عن الدخان والأغبرة . وهما ، مع أنهما يمنعان بضمهما دخولَ ما يؤذي العين ، لكنهما لا يمنعان من الرؤية . فهما في هذا المجال أشبه بالستائر الحديديّة تسمح للنور بالدخول من دون دخول أشعة الشمس .

٦ ـ وجعل في باطن كل جفن غدداً يترشح منها سائل لزج يصون أنسجة العين من الإِحتكاك بما يحيطها ، ويسهل دوران كرة العين في جميع الجهات .

٧ ـ وأحاط عدسية العين بمجموعة من الأنسجة العضلية ، تجعلها تنقبض أمام الأَنوار القوية وتنبسط أمام الضعيفة منها ، صيانة للعين عن دخول أزيد مما تتحمله أو أقل مما تحتاج إليه من النور .

هذا بعض يسير مما يرجع الى العين ، وفي الأجهزة الأُخرى بدائع وفوائد لا تحصى نذكر نذراً منها :

إنّ يد الخلقة جعلت تحت قدم الإنسان ، أخمصاً حتى يَسْهُل عليه الوقوف والسير .

وجعلت في اليد أصابع ، ثم فاوتت بينهما في الطول ، ليسهل على الإِنسان القيام بأعماله ، وليكون بذلك صانعاً فناناً مبدعاً .

وجعلت في بواطن الأَنامل خطوطاً وتعاريج ليسهل عليه الإِمساك بالأجسام .

وهكذا إذا درسنا خلقة الإِنسان وجدنا أنها مشتملة على أجهزة مختلفة بين دخيلة في أصل الحياة ودخيلة في كمالها وسهولتها . وكل ذلك يدفعنا إلى التساؤل : هل يمكن لخالق الإِنسان أن يسهّل له كل طرق التكامل الظاهرية ، ثم يترك ما هو دخيل في تكامله الروحي والمعنوي ؟ .

وهل يمكن لأحد أن ينكر دور الأنبياء في تكامل الإنسان ، ولو على وزان دور الخطوط في بواطن الأنامل على الأقل ؟ .

٤٨
 &

أو يصح من الخالق الحكيم أن يهب له تلك الأجهزة المُؤَثِّرة في كمالاته المادية ، ويترك ما هو مؤثر في تكامل روحه وفكره ؟ .

ولقد أُلهمنا هذا البرهان مما ذكره الشيخ الرئيس في إلهيات الشفاء حيث قال :

« الحاجة إلى هذا ( بعث النبي ) في أن يبقى نوع الإِنسان ويتحصَّل وجوده ، أشدّ من الحاجة إلى نبات الشعر على الأشفار وعلى الحاجبين ، وتقصير الأخمص من القدمين ، وأشياء أُخرى من المنافع التي لا ضرورة إليها في البقاء . . . . فلا يجوز أن تكون العناية الأُولى تقضي تلك المنافع ، ولا تقضي هذه التي هي أُسُّها » (١) .

وإلى هذا يشير صدر المتألهين بقوله : « إن ذاته سبحانه منبع الخيرات ومنشأ الكمالات ، فيصدر منه كل ما يصدر على أقصى ما يتصور في حقه من الخير والكمال ، والزينة والجمال ، سواء أكان ضرورياً له ، كوجود العقل للإِنسان والنبي للأُمة . وغير ضروري ، كإنبات الشعر على الأشفار والحاجبين ، وتقصير الأخمص من القدمين » (٢) .

*       *      *

__________________

(١) الهيات الشفاء ، بحث النبوة ، ص ٥٥٧ طبعة طهران . وأورده بعينه في كتاب النجاة ، ص ٣٠٤ ، طبعة ١٣٥٧ هـ .

(٢) المبدأ والمعاد ، لصدر المتألهين ، ص ١٠٣ ، طبعة طهران .

٤٩
 &

الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعق الجزء الثالث

٥٠
 &

أدلة لزوم البعثة

(٥)

اللُّطف الإِلهي

استدلوا على لزوم بعث الرسل بقاعدة اللطف . وبما أن هذه القاعدة تطرح دليلاً في مواضع مختلفة من المسائل الكلامية ، فلا بد لنا من بسط الكلام فيها بشكل عام ، حتى يتبين حالها في كل مقام يستدل بها ، سواء فيما له صلة ببعث الرسل أو غيره ، فنقول :

إن اللطف ، في اصطلاح المتكلمين ، يوصف بوصفين :

١ ـ اللطف المُحَصِّل .

٢ ـ اللطف المُقَرِّب .

وهناك مسائل تترتب على اللطف بالمعنى الأول ، ومسائل أُخرى تترتب على اللطف بالمعنى الثاني ، وربما يؤدي عدم التمييز بين المعنيين إلى خلط ما يترتب على الأول بما يترتب على الثاني . ولأجل الإِحتراز عن ذلك نبحث عن كل منهما ، بنحو مستقل .

أ ـ اللُّطف المحصِّل .

اللُّطف المحصِّل عبارة عن القيام بالمباديء والمقدمات التي يتوقف عليها تحقق غرض الخلقة ، وصونها عن العبث واللغو ، بحيث لولا القيام بهذه

٥١
 &

المباديء والمقدّمات من جانبه سبحانه ، لصار فعله فارغاً عن الغاية ، وناقَضَ حكمته التي تستلزم التحرز عن العبث . وذلك كبيان تكاليف الإنسان ، وإعطائه القدرة على امتثالها .

ومن هذا الباب بعث الرسل لتبيين طريق السعادة ، وتيسير سلوكها . وقد عرفت في الأدلّة السابقة ، أن الإنسان أقصر من أن ينال المعارف الحقّة ، أو يهتدي إلى طريق السعادة في الحياة ، بالإعتماد على عقله ، والإستغناء عن التعليم السماوي . ووجوب (١) اللطف بهذا المعنى ، ليس موضع مناقشة لدى القائلين بحكمته سبحانه ، وتنزيهه عن الفعل العبثي الذي اتّفق عليه العقل والنقل . (٢)

اللطف المحصِل في مصطلح المتكلمين

ما ذكرناه من المعنى للطف المحصل ، مصطلح خاص لنا وليس معروفاً بين المتكلّمين والمعنى المعروف لديهم هو : قيامه سبحانه بعمل تترتب عليه الطاعة . قال القاضي عبد الجبار : انّ اللطف هو كلّ ما يختار عنده المرء الواجبَ ، ويتجنب عن القبيح . (٣)

ب : اللطف المقرب

المراد منه ما يكون موجباً لقرب المكلف إلى فعل الطاعة والبعد عن فعل المعصية ، من دون أن يكون له حظ في التمكين ولا يبلغ الإلجاء وذلك كالوعد والوعيد والترغيب والترهيب التي تستتبع رغبة العبد إلى العمل وبعده عن المعصية . (٤)

قولهم : « ولاحظ في التمكين » يخرج بعث الرسل وبيان التكليف ، واعطاء

__________________

(١) سيوافيك معنى الوجوب على الله سبحانه .

(٢) لاحظ سورة الذاريات : الآية ٥٦ ، وسورة المؤمنين : الآية ١١٥ .

(٣) الأُصول الخمسة / ٥١٩ .

(٤) كشف المراد / ٢٠١ ، ط صيدا .

٥٢
 &

القدرة فانّها ممكِّنة للعبد من الطاعة لا مقربة منها وقد عرفت انّ هذا القسم من اللطف داخل في المحصل بالمعنى الأوّل المختار وقوله : « ولا يبلغ الالجاء » يخرج ما إذا لم يكن للعبد معه محيص من اختيار الطاعة ، فهذا أيضاً الجاء وليس لطفاً .

استدلوا على وجوب اللطف مطلقاً انّه تعالى أراد من المكلّف الطاعة فإذا علم أنّه لا يختار الطاعة ( اللطف المحصل ) أو لا يكون أقرب إليها إلّا عند فعل يفعله به ، وجب في الحكمة أن يفعل ، إذا لو أخل به لكشف ذلك عن عدم إرادته أو جرى ذلك مجرى من أراد من غيره حضور طعامه وعلم أو ظنّ انّه لا يحضر بدون رسول ، فمن لم يرسل عدّ مناقضاً لغرضه . (١)

والحقّ هو القول بوجوب اللطف إذا كان مؤثر في قرب الأغلبية الساحقة من المكلّفين إلى الطاعة أي ما هو دخيل في نفس الرغبة إلى الطاعة ، والابتعاد عن المعصية في نفوس الأكثرية ، فيجب على الله القيام به .

وفي الكتاب والسنّة إشارات إلى هذا النوع من اللُّطف . يقول سبحانه : ( وَ بَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) . (٢)

والمراد من الحسنات والسيئات ، نعماء الدنيا وضرّاؤها وكأنّ الهدف من ابتلائهم بهما هو رجوعهم إلى الحقّ والطاعة .

ويقول سبحانه : ( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَ الضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ) . (٣)

ومفاد الآية أنّ الله تعالى أرسل رسله لإبلاغ تكاليفه تعالى إلى العباد وإرشادهم إلى طريق الكمال ، غير أن الرَّفاه والرَّخاء والتوغل في النعم المادية ، ربما يسبب الطغيان وغفلة الإنسان عن

__________________

(١) قواعد المرام / ١١٨ .

(٢) سورة الأعراف : الآية ١٦٨ .

(٣) سورة الأعراف : الآية ٩٤ .

٥٣
 &

وإجابة دعوة الأنبياء ، فاقتضت حكمته تعالى أخذهم بالبأساء والضراء ، لعلهم يضرعون ويبتهلون إلى الله تعالى (١) .

ولاجل ذلك نشهد أن الأنبياء لم يكتفوا بإقامة الحجة والبرهان ، والإِتيان بالمعاجز ، بل كانوا ـ مضافاً إلى ذلك ـ مبشرين ومنذرين . وكان الترغيب والترهيب من شؤون رسالتهم ، قال تعالى : ( رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ) (٢) . والإنذار والتبشير دخيلان في رغبة الناس بالطاعة وابتعادهم عن المعصية .

وفي كلام الإِمام علي عليه السلام إشارة إلى هذا ، قال عليه السلام :

« أيها الناس ، إن الله تبارك وتعالى لما خلق خلقه أراد أن يكونوا على آداب رفيعة وأخلاق شريفة ، فعلم أنهم لم يكونوا كذلك إلا بأَن يعرّفهم ما لهم وما عليهم ، والتعريف لا يكون إلا بالأمر والنهي (٣) . والأمر والنهي لا يجتمعان إلا بالوعد الوعيد ، والوعد لا يكون إلا بالترغيب ، والوعيد لا يكون إلا بالترهيب ، والترغيب لا يكون إلا بما تشتهيه أنفسهم وتلذه أعينهم ، والترهيب لا يكون إلا بضد ذلك . . . الخ » (٤) .

وقوله عليه السلام : « والأمر والنهي لا يجتمعان إلّا بالوعد والوعيد » ، إشارة إلى أنّ امتثال الأمر والنهي ونفوذهما في نفوس الناس يتوقف على الثواب والعقاب ، فلولاهما لما كان هناك حركة إيجابية نحو التكليف إلّا من العارفين الذين يعبدون الله تعالى لا رغبة ولا رهبة ، بل لكونه مستحقاً للعبادة .

فتحصّل من ذلك أنّ ما هو دخيل في تحقق الرغبة بالطاعة ، والإبتعاد عن المعصية ، في نفوس الأكثرية الساحقة من البشر ، يجب على الله سبحانه القيام به صوناً للتكليف عن اللغو ، وبالتالي صوناً للخلقة عن العبث .

__________________

(١) لاحظ الإلهيات ، ج ١ ، بحث البلايا والمصائب والشرور وكونه حكيماً ، ص ٢٧٣ ـ ٢٨٦ .

(٢) سورة النساء : الآية ١٦٥ .

(٣) هذا إشارة إلى اللطف المحصل .

(٤) بحار الأنوار ، ج ٥ ، كتاب العدل والمعاد ، الباب الخامس عشر ، الحديث ١٣ ، ص ٣١٦ .

٥٤
 &

نعم إذا كانت هذه المباديء كافية في تحريك الأكثرية ، نحو الطاعة ، ولكن القليل منهم لا يمتثلون إلّا في ظروف خاصة ، كاليسر في الرزق ، أو كثرة الرفاه ، فهل هو واجب على الله سبحانه ؟ .

الظاهر لا ، إلا من باب الجود والتفضل .

وبذلك يعلم أن اللطف المقرب إذا كان مؤثراً في رغبة الأكثرية بالطاعة وترك المعصية يجب من باب الحكمة .

وأما اذا كان مؤثراً في آحادهم المعدودين ، فالقيام به من باب الفضل والكرم .

وبذلك تقف على مدى صحة ما استدل به بعضهم على اللطف في المقام ، أو سقمه .

استدل القاضي عبد الجبار على وجوب اللطف بقوله : « إنه تعالى كلّف المكلّف ، وكان غرضه بذلك تعريضه إلى درجة الثواب ، وعلم أن في مقدوره ما لو فعل به لاختار عنده الواجب ، واجتنب القبيح ، فلا بد من أن يفعل به ذلك الفعل وإلا عاد بالنقض على غرضه ، وصار الحال فيه كالحال في أحدنا إذا أراد من بعض أصدقائه أن يجيبه إلى طعام قد اتخذه ، وعلم من حاله أنه لا يجيبه ، إلا اذا بعث إليه بعض أعزته من ولد أو غيره ، فإنه يجب عليه أن يبعث ، حتى إذا لم يفعل عاد بالنقض على غرضه . وكذلك ها هنا » (١) .

وقال العلامة الحلي : « إن المكلِّف ( بالكسر ) إذا علم أن المكلَّف لا يطيع إلا باللطف ، فلو كلفه من دونه كان ناقضاً لغرضه ، كمن دعا غيره إلى طعام ، وهو يعلم أنه لا يجيبه إلا أن يستعمل معه نوعاً من التأدّب ، فإن لم يفعل الداعي ذلك النوع من التأدب كان ناقضاً لغرضه ، فوجوب اللطف يستلزم تحصيل الغرض » (٢) .

__________________

(١) شرح الاصول الخمسة ، ص ٥٢١ .

(٢) كشف المراد ، الفصل الثاني ، المسألة الثانية عشرة ، ص ٣٢٥ ، ط قم ١٤٠٧ .

٥٥
 &

وقال الفاضل المقداد : « إنا بيَّنّا أنه تعالى مريد للطاعة وكاره للمعصية ، فإذا علم أن المكلف لا يختار الطاعة ، أو لا يترك المعصية ، أو لا يكون أقرب الى ذلك إلا عند فعل يفعله به ، وذلك الفعل ليس فيه مشقة ولا غضاضة ، فإنه يجب في حكمته أن يفعله ، إذا لو لم يفعله لكشف ذلك : إما عن عدم إرادته لذلك الفعل ، وهو باطل لما تقدم ، أو عن نقض غرضه ، إذا كان مريداً له ، لكن ثبت كونه مريداً له فيكون ناقضاً لغرضه .

ويجري ذلك في الشاهد مجرى من أراد حضور شخص إلى وليمة ، وعرف أو غلب على ظنه أن ذلك الشخص لا يحضر إلا مع فعل يفعله ، من إرسال رسول أو نوع أدب أو بشاشة أو غير ذلك من الأفعال ، ولا غضاضة عليه في فعل ذلك فمتى لم يفعل عُدّ ناقضاً لغرضه .

ونقض الغرض باطل ، لأنه نقض ، والنقص عليه تعالى محال ، ولأن العقلاء يعدونه سَفَهاً وهو ينافي الحكمة » (١) .

وهذه البيانات تدل على أن اللطف واجب من باب الحكمة .

هذا كلام القائلين بوجوب اللطف ، وهو على اطلاقه غير تام ، بل الحق هو التفصيل بين ما يكون مؤثراً في تحقق التكليف بشكل عام بين المكلفين ، فيجب من باب الحكمة ، والا فيرجع إلى جوده وتفضله من دون إيجاب عليه .

واستدل القائل بعدم وجوبه بقوله : « لو وجب اللطف على الله تعالى لكان لا يوجد في العالم عاصٍ ، لأنه ما من مكلف إلا وفي مقدور الله تعالى من الألطاف ما لو فعله به لاختار عنده الواجب واجتنب القبيح ، فلما وجدنا في المكلفين من أطاع وفيهم من عصى ، تبين أن الألطاف غير واجبة على الله تعالى » (٢) .

يلاحظ عليه : أنَّ كون العاصي دليلاً على عدم وجوبه ، يعرب عن أنّ

__________________

(١) ارشاد الطالبين ، ص ٢٧٧ ـ ٢٧٨ .

(٢) شرح الاصول الخمسة ، ص ٥٢٣ .

٥٦
 &

المستدل لم يقف على حقيقة اللطف ، ولذلك استدل بوجود العصاة على عدم وجوبه ، فهو تصور أن اللطف عبارة عما لا يتخلف معه المكلف عن الإتيان بالطاعة وترك المعصية ، فنتيجته كون وجود العصيان دليلاً على عدم وجوده ، وعدم وجوده دليلاً على عدم وجوبه ، مع أنك قد عرفت في أدلة القائلين به بأنه ما يكون مقرباً إلى الطاعة ومبعّداً عن المعصية من دون أن يبلغ حد الإلجاء .

يقول القاضي عبد الجبار بأن العباد على قسمين ، فإن فيهم من يعلم الله تعالى من حاله أنه إن فعل به بعض الأفعال كان عند ذلك يختار الواجب ويتجنب القبيح ، أو يكون اقرب الى ذلك . وفيهم من هو خلافه حتى إنْ فَعَلَ به كُلَّ ما فعل لم يختر عنده واجباً ولا اجتنب قبيحاً (١) .

ويؤيده ما ورد في الذكر الحكيم من أن هناك اُناساً لا يؤمنون ابداً ولو جاءهم نبيهم بكل أنواع الآيات والمعاجز .

قال سبحانه : ( وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ ) (٢) .

وقال سبحانه : ( وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ) (٣) .

وفي الختام ، نقول : إن اللطف سواء أكان المراد منه اللطف المحصِّل أو اللطف المقرّب ، من شؤون الحكمة ، فمن وصفه سبحانه بالحكمة والتنزّه عن اللغو العبث ، لا مناص له عن الإعتقاد بهذه القاعدة ، غير أنّ القول بوجوب اللطف في المحصّل أوضح من القول به في المقرّب .

ولكن يظهر من الشيخ المفيد أن وجوب اللطف من باب الجود والكرم ، قال : « ان ما اوجبه أصحاب اللطف من اللطف ، إنما وجب من جهة الجود

__________________

(١) شرح الاصول الخمسة ، ص ٥٢٠ .

(٢) سورة يونس : الآية ١٠١ .

(٣) سورة البقرة : الآية ١٤٥ .

٥٧
 &

والكرم ، لا من حيث ظنوا أن العدل أوجبه ، وأنه لو لم يفعل لكان ظالماً » (١)

يلاحظ عليه : إن إيجابه من باب الجود والكرم يختص باللطف الراجع إلى آحاد المكلفين ، لا ما يرجع إلى تجسيد غرض الخلقة أو غرض التكليف عند الأكثرية الساحقة من المكلفين ، كما عرفت .

ثم إن المراد من وجوب اللطف على الله سبحانه ، ليس ما يتبادر إلى اذهان السطحيين من الناس ، من حاكمية العباد على الله ، مع أن له الحكم والفصل ، بل المراد إستكشاف الوجوب من أوصافه تعالى ، فإن أفعاله مظاهر لأوصافه تعالى ، كما أن أوصافه مظاهر لذاته تبارك وتعالى .

فإذا علمنا ـ بدليل عقلي قاطع ـ أنه تعالى حكيم ، استتبع ذلك واستلزم العلم بأنه لطيف بعباده ، حيثما يبطل غرض الخلقة أو غرض التكليف ، لو لا اللطف .

*       *      *

__________________

(١) اوائل المقالات ، ص ٢٥ ـ ٢٦

٥٨
 &

أدلة منكري بعثة الأنبياء

الدليل الأول .

إن الرسول إما أن يأتي بما يوافق العقول أو بما يخالفها . فإن جاء بما يوافق العقول ، لم يكن إليه حاجة ، ولا فائدة فيه . وإن جاء بما يخالف العقول ، وجب ردّ قوله .

وبعبارة أخرى : إنّ الذي يأتي به الرسول لا يخلو من أحد أمرين : إمّا أن يكون معقولاً ، وإمّا أن لا يكون معقولاً .

فإن كان معقولاً ، فقد كفانا العقل التام بإدراكه والوصول إليه ، فأي حاجة لنا إلى الرسول . وإن لم يكن معقولاً ، فلا يكون مقبولاً . إذ قبول ما ليس بمعقولٍ ، خروجٌ عن حدّ الإِنسانية ودخولٌ في حريم البهيمية .

والجواب :

إن حصر ما يأتي به الرسول بموافق العقول ومخالفها ، حصر غير حاصر . فإن ها هنا شقّا ثالثاً وهو إتيانهم بما لا يصل إليه العقل بالطاقات الميسورة له . فإنك قد عرفت فيما أقمنا من الأدلة على لزوم البعثة ، أن عقل الإِنسان وتفكّره قاصر عن نيل الكثير من المسائل ، فلاحظ .

٥٩
 &

الدليل الثاني :

قد دلّ العقل على أن الله تعالى حكيم ، والحكيم لا يتعبّد الخلق الّا بما تدل عليه عقولهم ، وقد دلّت الدلائل العقلية على أن للعالم صانعاً عالماً قادراً حكيماً ، وأنه أنعم على عباده نعماً توجب الشكر . فننظر في آيات خلقه بعقولنا ، ونشكره بآلائه علينا . وإذا عرفناه وشكرنا له ، إستوجبنا ثوابه . وإذا أنكرناه وكفرنا به ، إستوجبنا عقابه . فما بالنا نتّبع بشراً مثلنا ؟ ! . .

والجواب :

إن قسماً من هذا الدليل تكرار للدليل الأول . وأما ما اُفيد في ذيله من وقوف الأنسان على حسن الشكر وقبح الكفر ، فهو وإن كان صحيحاً ، غير أنه يلاحظ عليه أمران :

الاول : إن كثيراً من الناس لا يعرفون كيفية الشكر . فربما يتصورون أن عبادة المقرَّبين نوع شكر لله سبحانه . فلأجل ذلك ترى عبدة الاصنام والاوثان يعتقدون أن عبادتهم للمخلوق شيئاً موجباً للتقرّب (١) .

الثاني ـ إنَّ تخصيص برامج الأنبياء بالأمر بالشكر والنهي عن كفران النعمة ، غفلة عن اهدافهم السامية . فإنهم جاؤوا لإسعاد البشر في حياتهم الفردية والاجتماعية ، ولا تختص رسالتهم بالأوراد والأذكار الجافة ، كتلك التي يرددها أصحاب بعض الديانات أيام السبت والأحد في البيع والكنائس . وإنك لتقف على عظيم أهداف رسالة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله إذا وقفت على كلمته المأثورة :

« إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة » (٢) .

__________________

(١) قال تعالى حكاية عن المشركين : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ، مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّـهِ زُلْفَ ) ( سورة الزمر : الآية ٣ )

(٢) تاريخ الطبري ج ٢ ، ص ٦٣ قاله النبي عند دعوة اقاربه إلى الاسلام ، طبعة بيروت .

٦٠