الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل - ج ٢

الشيخ حسن محمد مكي العاملي

الإلهيّات على هدى الكتاب والسنّة والعقل - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن محمد مكي العاملي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ٧
ISBN: 978-964-357-385-0
ISBN الدورة:
978-964-357-388-1

الصفحات: ٤٨٠

نتائج البحث

إلى هنا خرجنا بهذه النتيجة وهي : إنّ العبادة ليست سوى إظهار الخضوع أمام موجود يعتقد بأنّه إله أو ربّ أو مفوّض إليه الأفعال الإلهية ، فلو كان الخضوع خاليا عن هذا الاعتقاد فلا يعد عبادة ولا شركا فيها. وأمّا كونه جائزا أو لا ، نافعا أو لا ، فالكل خارج عن إطار البحث. وبذلك يتضح أنّ كثيرا من الموضوعات التي تعرّفها فرقة الوهابية عبادة لغير الله وشركا به ، ليس صحيحا على إطلاقه ، وإنما هو شرك وعبادة على وجه ، وخضوع عقلائي على وجه آخر. ولا يكون شركا إلّا إذا كان المخضوع له معنونا بأحد العناوين الثلاثة الآتية :

١ ـ إنّه إله ، ب ـ إنه رب ، ج ـ إنه مفوّض إليه فعل الإله.

ومن تلك الموضوعات :

١ ـ التوسل بأولياء الله.

٢ ـ الاستعانة بأولياء الله في حياتهم.

٣ ـ الاستعانة بأرواحهم بعد مماتهم.

٤ ـ طلب الشفاعة منهم في الحياة والممات.

٥ ـ استحلاف الله سبحانه بحق الأولياء.

٦ ـ الاستغاثة بأولياء الله.

٧ ـ الحلف بغير الله.

٨ ـ الاعتقاد بالقدرة الغيبية لأولياء الله.

٩ ـ التبرك والاستشفاء بآثارهم.

١٠ ـ النذر لأهل القبور.

وغير ذلك ما أوجد به الوهابيّون صخبا وهياجا بين السطحيين من المسلمين المتأثرين بأفكارهم.

فإن الكلمة الحاسمة في هذه الموضوعات من وجهة التوحيد والشرك هي محاسبة عقيدة القائم بهذه الأفعال والدقة فيما يعتقد به. فلو قام بها على

١٠١

أنّ أولياء الله آلهة (آلهة صغيرة وإن كان فوقها إله كبير) ، أو أنهم أرباب مدبرون ومديرون للكون كله أو بعضه ، أو أنهم مفوّض إليهم أفعال الله سبحانه ، فلا شك أنّ أقلّ عمل صادر من أي شخص بهذه النية ، حتى ولو كان كتقبيل الضريح ولمس القبر ، يتصف بالعبادة ، ويكون العامل مشركا غير موحد في العبادة.

وأمّا إذا قام بها مجردة عن تلك العقيدة ، بل بما أنهم عباد مخلصون مكرّمون ، كرّسوا حياتهم في طريق رضا الله سبحانه ، وقاموا ببذل النفس والنفيس في سبيله فلا يعد عبادة حتى ولو ركعوا وسجدوا لهم. وقد عرفت أنّ سجود الملائكة لآدم ويعقوب وأبنائه ليوسف كان مجسدا لأعظم خضوع وتعظيم ، ولم يكن شركا في العبادة. وأنّ العرب الجاهليين كانوا واقعين في حبائل الشرك لا لأجل الخضوع المجرد للأصنام والأوثان ، بل لأجل اعتقاد الألوهية والربوبية في حقهم واعتقادهم باستقلالهم بالنفع ونفوذ المشيئة. يقول سبحانه موبخا إيّاهم يوم القيامة على ما اعتقدوه للأصنام من الاستقلال في إيصال النفع ودفع الضرر : (أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ* مِنْ دُونِ اللهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ) (١). ويقول حاكيا اختصامهم يوم القيامة إنهم يخاطبون من اعتقدوا فيهم الربوبية وخصائصها : (تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ* إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٢) فانظر إلى هذه التسوية التي اعترفوا بها حيث يصدق الكذوب ويندم المجرم حين لا ينفعه ندم. فالتسوية المذكورة هي التي صيّرتهم مشركين ، سواء أكانت تسوية في جميع الصفات أو في بعضها.

وممّا يدل على اعتقادهم الربوبية في معبوداتهم ، قوله سبحانه : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ) (٣) ، وغير ذلك من الآيات الدّالة على أنهم كانوا يعتقدون في الأوثان والأصنام شيئا من

__________________

(١) سورة الشعراء : الآيتان ٩٢ و ٩٣.

(٢) سورة الشعراء : الآيتان ٩٧ و ٩٨.

(٣) سورة البقرة : الآية ١٦٥.

١٠٢

الألوهية والربوبية ولمعة من التفويض. فلولا هذا الاعتقاد لما اصطبغ العمل بالشرك بل صار بين كونه أمرا عقلائيا مفيدا كما إذا كان الخضوع عن حق كالخضوع للأنبياء والأولياء والعلماء والصلحاء والآباء والمربّين ، وكونه عملا لاغيا غير مفيد إذا وقع في غير محله على ما عرفت.

فأنت بعد ما وقفت على تحديد العبادة تقدر على القضاء في المسائل السابقة المطروحة من جانب الوهابية.

* * *

١٠٣
١٠٤

التوحيد في الشفاعة والمغفرة و...

(١٠)

قد تعرفت على أهم أصناف التوحيد وأقسامه وأنّ الموحد الحقيقي من يوحّد الله تعالى في جميع المجالات سواء فيما كان راجعا إلى ذاته وصفاته أو إلى أفعاله أو إلى تخصيص العبادة به. هذا هو التقسيم الدارج بين المتكلمين لا سيما العدلية منهم ، فتراهم يقسّمون التّوحيد إلى المراتب المذكورة ويقولون : «ينقسم التّوحيد إلى : التوحيد الذاتي والتّوحيد الصفاتي والتّوحيد الأفعالي والتوحيد العبادي». ونحن حرصا على تفسير مراتب التوحيد فصلناه على النحو الذي تعرفت عليه. والذي يجب التنبيه عليه أنّ التوحيد في الخالقية ، والربوبية ، والحاكمية ، والتشريع من فروع التوحيد الأفعالي فهذا اللفظ يعمّ تلك الأقسام كلها التي ذكرناها ، كما يعمّ ما لم نذكر من أفعاله سبحانه ، كالمغفرة وحق الشفاعة وغيرهما. فمعنى التوحيد الأفعالي هو : تخصيص فعله سبحانه بذاته وأنّه لا يقوم به إلّا هو وعلى ذلك فلو كنّا في مقام التفصيل لوجب علينا أن نقول : إنّ الموحّد من يشهد بأنّ كل فعل يعد من خصائصه سبحانه لا يسند إلّا إليه ، سواء أكان من قبيل الخلق والرزق والإحياء والإماتة والمغفرة وحق الشفاعة أو غيرها.

وإنما ذكرنا الشفاعة والمغفرة وخصصناهما بالذكر لوقوع الشرك فيهما بين المشركين في عصر الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، كما أنّ جماعات

١٠٥

من المسيحيين مشركون في مجال المغفرة. فقد فوضت الطائفتان حق الشفاعة إلى بعض عباده سبحانه وعزلوه عن حقه ومقامه.

توضيح ذلك : إنّ هناك آيات تخص الشفاعة بالله لا يشاركه فيها غيره مثل قوله سبحانه : (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (١).

وقوله سبحانه : (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٢) وغير ذلك من الآيات.

غير أنّ بعض المشركين كانوا يعبدون الأصنام معتقدين بأنّ الشفاعة حق مطلق لهم ، وأن الله فوّض ذلك الحقّ إليهم يقول سبحانه : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْوَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣) وقال سبحانه : (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ)(٤).

فهاتان الآيتان تردان على المشركين بأنّ الأصنام لا تملك شيئا ، فكيف تشفع لهم؟! وقد أبطل سبحانه هذه المزعمة بصور مختلفة قال سبحانه : (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) (٥) وقال: (وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) (٦). فهذه الآيات التي مرّت عليك تخصّ حق الشفاعة بالله سبحانه وتسلب عن الأصنام حقّها. فمن زعم أنّ الشفاعة على وجه الملكيّة التامة بيد المخلوق فهو مشرك.

__________________

(١) سورة الأنعام : الآية ٥١.

(٢) سورة الزمر : الآية ٤٤.

(٣) سورة يونس : الآية ١٨.

(٤) سورة الزّمر : الآية ٤٣.

(٥) سورة الانفطار : الآية ١٩.

(٦) سورة البقرة : الآية ١٦٦.

١٠٦

وأمّا من قال بأنّ هناك عبادا صالحين تقبل شفاعتهم عند الله في إطار خاص وشرائط معينة في الشفيع والمشفوع له بإذن منه سبحانه ، فهو لا ينافي اختصاص حقّ الشفاعة بالله سبحانه. كيف وقد ورد النصّ بشفاعة طائفة عند الله بإذنه قال سبحانه : (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) (١).

وبذلك يظهر حال المغفرة. فإنّ المغفرة وحطّ الذنوب والتكفير عن السيئات حقه سبحانه. ومن زعم أنّ غيره سبحانه يملك أمر الذنوب ويغفرها ويكفر عنها فهو مشرك في مجال التّوحيد الأفعالي. وقد صرّح سبحانه في الذّكر الحكيم باختصاصها به قال عزوجل : (أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٢) وقال سبحانه : (فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) (٣). فالموحّد في هذا المجال لا يرى مثيلا لله سبحانه في أمر المغفرة. وأما الأنبياء والأولياء فلهم حقّ الاستغفار للمذنبين ، كما أنّ للمذنبين الرجوع إليهم والطلب منهم أن يستغفروا لهم قال سبحانه : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٤). وقال سبحانه حاكيا عن أبناء يعقوب : (قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ* قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(٥). ومع ذلك كله فالمغفرة بيد الله سبحانه.

هذا تمام الكلام في التوحيد بأقسامه ولنشرع في سائر صفاته الجلالية.

* * *

__________________

(١) سورة طه : الآية ١٠٩.

(٢) سورة الشورى : الآية ٥.

(٣) سورة آل عمران : الآية ١٣٥.

(٤) سورة النساء : الآية ٦٤.

(٥) سورة يوسف : الآيتان ٩٧ و ٩٨.

١٠٧
١٠٨

الصّفات السّلبية

(٢)

ليس بجسم ولا في جهة ولا محلّ ،

ولا حالّ ولا متّحد

اتفقت كلمة أهل التنزيه تبعا للأدلة العقلية والنقلية على أنّه سبحانه جميل أتم الجمال ، وكامل أشدّ الكمال لا يتطرق إليه الفقر والحاجة ، وهو غني بالذات ، وغيره محتاج إليه كذلك.

أمّا العقل ، فلأن كل متصوّر إمّا أن يكون واجب الوجود أو ممكنه أو ممتنعه. والثالث غير مطروح في المقام. والممكن لا يتصف بالألوهية ، فيبقى أن يكون واجب الوجود هو الذي تنتهي إليه سلسلة الموجودات. وما هو واجب الوجود لا يكون فقيرا ومحتاجا في ذاته وفعله ، لأنّ الفقر آية الإمكان.

وأمّا النقل ، فيكفي في ذلك ما ورد من الآيات من توصيف نفسه بالغناء قال سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (١).

إنّ معنى كون أسمائه وصفاته توقيفية ، لا يهدف إلّا إلى أنّه ليس لإنسان تسميته باسم أو وصف إلّا بما ورد في الكتاب والسّنة ، وأمّا تنزيهه

__________________

(١) سورة فاطر : الآية ١٥.

١٠٩

سبحانه عن كل شين وعيب ، وعن كل ما يناسب صفة المخلوق فليس ذلك أمرا توقيفيا ، والتوقف حتى في تنزيهه سبحانه عن صفات المخلوقين ، ونقص الممكنات ، ليس أمرا توقيفيا ، وإلّا لكان معنى ذلك تعطيل باب المعارف. ومن يتوقف في تنزيهه عن هذه الصفات غير المناسبة لساحته سبحانه فهو معطّل في باب المعرفة ، عنّين في ذلك المجال قال سبحانه : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (١).

وعلى ذلك يترتب نفي كل صفة تناسب صفة الممكنات وكل نقص لا يجتمع مع الغنى ووجوب الوجود ، سواء أكان داخلا فيما عددناه في عنوان البحث أو خارجا عنه ، غير أنا توضيحا للبحث نشير إلى دليل كل واحد مما أوردناه في العنوان.

١ ـ ليس بجسم

عرّف الجسم بتعاريف مختلفة لا يتسع المجال لذكرها. وعلى كل تقدير فالجسم هو ما يشتمل على الأبعاد الثلاثة من الطول والعرض والعمق ، وعلى قول ما يشتمل على الأبعاد الأربعة بإضافة البعد الزماني إلى الأبعاد الثلاثة المكانية.

وهو ملازم للتركيب ، والمركّب محتاج إلى أجزائه ، والمحتاج ممكن الوجود لا واجبه ، والممكن لا يكون إلها خالقا مدبّرا تنتهي إليه سلسلة الموجودات.

وبدليل آخر ، إنّ كل جسم محتاج إلى الحيّز والمحل ، والمحتاج إلى غيره ممكن لا واجب.

وبدليل ثالث ، إنّ الحيّز أو المحل ، إمّا أن يكون واجب الوجود كالحالّ ، فيلزم تعدد الواجب ، وإمّا أن يكون ممكن الوجود ، مخلوقا لله

__________________

(١) سورة الأنعام : الآية ٩١.

١١٠

سبحانه فهذا يكشف عن أنه كان موجودا غنيا عن المحل والحيز فخلقهما ، فكيف يكون الغني عن الشيء محتاجا إليه.

٢ ـ ليس في جهة ولا محل

وقد تبين حال استغنائه عنهما مما ذكرنا من الدليل على نفي الجسمية فلا نعيد.

٣ ـ ليس حالّا في شيء

إنّ المعقول من الحلول قيام موجود بموجود آخر على سبيل التبعية. وهذا المعنى لا يصحّ في حقه سبحانه لاستلزامه الحاجة وقيامه في الغير.

أضف إلى ذلك أنّ ذلك الغير إما ممكن أو واجب ، فلو كان ممكنا فهو مخلوق له سبحانه ، فقد كان قبل إيجاده مستقلا غير قائم فيه ، فكيف صار بعد خلقه قائما وحالّا فيه ، ولو كان واجبا يلزم تعدد الواجب وهو محال.

٤ ـ ليس متّحدا مع غيره

حقيقة الاتحاد عبارة عن صيرورة الشيئين المتغايرين شيئا واحدا ، وهو مستحيل في ذاته فضلا عن استحالته في حقه تعالى ، فإنّ ذلك الغير بحكم انحصار واجب الوجود في واحد ، ممكن. فبعد الاتحاد إمّا أن يكونا موجودين فلا اتحاد لأنهما اثنان أو يكون واحد منهما موجودا والآخر معدوما. والمعدوم إمّا هو الممكن ، فيلزم الخلف وعدم الاتحاد ، أو الواجب فيلزم انعدام الواجب وهو محال.

وبذلك تبين أنّ ما يدّعيه أصحاب الفرق الباطلة كالمسيحيين والحلوليين من المسلمين ، بل القائلين باتحاده سبحانه مع القديسين من الأنبياء والصلحاء والأقطاب وغيرهم ، كلها من شطحات الغلاة وإرجاف الصوفية أعاذنا الله من شرورهم.

١١١

ثم إن تنزيهه سبحانه بحجة نفي الحاجة لا ينحصر في ما ذكرناه في عنوان البحث بل كل صفة وتعريف لله سبحانه يستلزم تشبيهه بالمخلوقات ، فهو منفي عنه.

وبذلك يعلم صحة نفي التركيب عنه الذي تقدم بحثه في التّوحيد الذاتي الأحدي.

الكتاب العزيز ونفي الجسميّة

إنّ التدبّر في الذكر الحكيم يوفّقنا على أنّه سبحانه منزّه عن كل نقص وشين ، وأنّه ليس بجسم ولا جسماني. وهذا المعنى وإن لم يكن مصرّحا به في الكتاب ، لكن التدبّر في آياته ، الذي أمرنا به في ذلك الكتاب في قوله سبحانه : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (١). يوصلنا إلى ذلك. ولأجل إيقاف القارئ على موقف الكتاب في ذلك نشير إلى بعض الآيات :

١ ـ إنّ الذكر الحكيم يصف الواجب تعالى بقوله : (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٢) والآية صريحة في سعة وجوده سبحانه ، وأنّه معنا في كل مكان نكون فيه.

وما هذا شأنه لا يكون جسما ولا حالّا في محل أو موجودا في جهة. إذ لا شك أنّ الجسمين لا يجتمعان في مكان واحد وجهة واحدة ، فالحكم بأنّه سبحانه معنا في أي مكان كنا فيه ، لا يصحّ إلّا إذا كان موجودا غير مادي ولا جسماني.

ثمّ إنّ المجسّمة ، ومن يتلو تلوهم إذا وقفوا على هذه الآية يؤولونها بأنّ

__________________

(١) سورة ص : الآية ٢٩.

(٢) سورة الحديد : الآية ٤.

١١٢

المراد إحاطة علمه ، لا سعة وجوده. ولكنه تأويل باطل لا دليل عليه. والعجب أنّ هؤلاء يفرّون من التأويل في الصفات الخبرية ، ويرمون المؤوّلة بالتعطيل مع أنهم ارتكبوا ما ألصقوه بغيرهم.

أضف إلى ذلك أنّه سبحانه صرّح بإحاطة علمه بكل شيء في نفس الآية ، وقال : (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها) فإذا لا وجه لتكرار هذا المعنى بعبارة مبهمة ، وعلى ذلك لا مناص من حمل الآية على سعة وجوده وإحاطته بكل شيء لا إحاطة حلوليّة حتى يحل في الأجسام والإنسان ، بل إحاطة قيّومية عبّر عنها في الآيات الأخر بقوله : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (١). أي قائما بالذات ، وسائر الأشياء قائمة به. فليست كل إحاطة ملازمة للحلول والاتحاد ، ولا يمكن أن يكون ما تقوم الأشياء بذواتها به غائبا عنها غيبوبة الجسم عن الجسم.

٢ ـ يقول سبحانه : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٢).

والآية صريحة في سعة وجوده وأنّه موجود في كل مكان ومع كل إنسان لكن لا بمعنى الحلول بل إحاطة قيومية قيام المعلول بالعلّة ، والمعنى الحرفي بالمعنى الاسمي ، ومع ذلك فلا يصل الإنسان إلى كنه هذه الإحاطة وهذه القيومية. فالآية تفيد المعية العلميّة والمعية الوجودية ، فكلما فرض قوم يتناجون ، فالله سبحانه هناك موجود سميع عليم.

وبعبارة أخرى إنّه سبحانه وصف نفسه في الآية بالعلم بما في السموات وما في الأرض ، ثم أتى بقوله : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ) ،

__________________

(١) سورة البقرة : الآية ٢٥٥. وآل عمران : الآية ٢.

(٢) سورة المجادلة : الآية ٧.

١١٣

كالدليل على تلك الإحاطة العلمية ، فبما أنّه يسع وجوده كل مكان وجهة ، فهو عالم بكل ما يحويه المكان والجهة.

ومثل هذا لا يمكن أن يكون جسما ، لأنّ كل جسم إذا حواه مكان خلا منه مكان آخر.

٣ ـ قال تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) (١).

لمّا أمر سبحانه بالتوجه إلى القبلة ـ وربما أوهم ذلك أنّ الله في مكان يستقر فيه ـ دفعه سبحانه بقوله : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) أي لا يخلو مكان عن ذاته ووجوده.

فالمراد من الوجه هنا هو الذات ، قال ابن فارس : «وربما عبّر عن الذات بالوجه قال:

أستغفر الله ذنبا لست محصيه

ربّ العباد إليه الوجه والعمل» (٢)

ولا ينحصر تفسير الوجه بالذات بهذه الآية بل هو كذلك في الآيتين التاليتين :

١ ـ قوله سبحانه : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (٣).

٢ ـ وقوله سبحانه : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٤).

والدليل على أنّ الوجه في هاتين الآيتين بمعنى الذات ، لا العضو المخصوص ، واضح.

أمّا الآية الأولى ، فلأنّه سبحانه بصدد بيان أنّ كل شيء يهلك ويفنى

__________________

(١) سورة البقرة : الآية ١١٥.

(٢) المقاييس ، ج ٦ ، ص ٨٨ ، مادة «وجه». وغيره من المعاجم.

(٣) سورة القصص : الآية ٨٨.

(٤) سورة الرحمن : الآية ٢٧.

١١٤

إلّا نفسه وذاته. وهذا لا يصحّ إلّا أن يكون المراد من الوجه هو الذات لا العضو المخصوص.

وأمّا الآية الثانية ، فلأنّه وصف الوجه بقوله : (ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) ، بمعنى ذو الطّول والإنعام وما يقاربه. ومن المعلوم أنهما من صفات نفس الربّ لا من صفات الوجه ، أعني الجزء من الكل. ولو كان الوجه هنا ، بمعنى العضو المخصوص لوجب أن يقول : «ذي الجلال والإكرام» حتى يقع وصفا للربّ لا للوجه.

ويشهد على ذلك قوله سبحانه : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (١). فلما كان الاسم غير المسمى وصف الرب بقوله «ذي الجلال» ، ولم يصف الاسم به وإلّا لقال «ذو الجلال».

فإذا تبين أنّ الوجه في هذه الآيات بمعنى الذات ، أفهل يجتمع قوله (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) مع كونه جسما محددا في جهة خاصة وموجودا فوق العرش ، متمكنا فيه أو جالسا عليه ، وما أشبه ذلك ممّا يوجد في كلمات المجسّمة ومن هو منهم ، وإن كان يتبرأ من وصفه بالتجسيم.

٤ ـ يقول سبحانه وتعالى : (فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (٢).

إنّ الآية بصدد نفي التشبيه على الإطلاق ، وليس من كلمة أجمع من قوله سبحانه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). أو ليس القول بكونه جسما ذا جهة ومحل ، موجودا فوق العرش متمكنا فيه أو جالسا عليه ، تشبيه للخالق بالمخلوق؟ صدق الله العلي العظيم إذ قال : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (٣). فما هذا الصمم والعمى في الأسماع والأبصار والقلوب؟!!.

__________________

(١) سورة الرحمن : الآية ٧٨.

(٢) سورة الشورى : الآية ١١.

(٣) سورة الأنعام : الآية ٩١.

١١٥

نعم ، ربما يتوهم القاصر ، دلالة الآيتين التاليتين على كونه سبحانه في السماء وأنّه في جهة ، وهما قوله سبحانه : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ* أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) (١)

ولكن المتأمل فيما تقدمهما من الآيات يخرج بغير هذه النتيجة فإنه سبحانه يقول قبلهما : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (٢).

فهذه الآية تذكر نعمة الله سبحانه على أهل الأرض ببيان أنّه جعل الأرض ذلولا فسهل سلوكها ، وهيأ لهم رزقه فيها ، وعند ذلك ينتقل في الآية الثانية إلى ذكر أنّ وفرة النعم على البشر يجب أن لا تكون سببا للغفلة والتمادي والعصيان ، فليس من البعيد أن يخسف الأرض بهم ، فإذا هي تمور وتتحرك وترتفع فوقهم كما ليس من البعيد أن ينزل عليهم ريحا حاصبا ترميهم بالحصباء. فعند ذلك ، عند معاينة العذاب ، يخرجون من الغفلة ويعرفون الحق ، وهذا هو هدف الآيات الثلاث.

وأمّا التعبير ب (مَنْ فِي السَّماءِ) فيحتمل أن يراد منه من سلطانه وقدرته في السماء ، لأنه مسكن ملائكته واللوح المحفوظ ومنها تنزل قضاياه وكتبه وأوامره ونواهيه. كما أنّ منها ينزل رزق البشر ، وفيها مواعيده : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) فيصح التعبير بمن في السّماء عن سلطانه وقدرته وكتبه وأوامره ونواهيه.

كما يحتمل أن يكون الكلام حسب اعتقادهم ، بمعنى أأمنتم من تزعمون أنّه في السّماء أن يعذبكم بخسف أو بحاصب ، كما تقول لبعض المشبّهة : «أما تخاف من فوق العرش أن يعاقبك بما تفعل».

__________________

(١) سورة الملك : الآيتان ١٦ ـ ١٧.

(٢) سورة الملك : الآية ١٥.

١١٦

وهناك احتمال ثالث وهو أن يكون المراد من الموصول هو الملائكة الموكلون بالخسف والتدمير ، فإنّ الخسف والإغراق وإمطار الحجارة كانت بملائكته سبحانه في الأمم السالفة.

فبعد هذه الاحتمالات لا يبقى مجال لما يتوهمه المستدل.

أضف إلى ذلك أنه سبحانه يصرّح بكون إله السماء هو إله الأرض ويقول : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (١). فليس الإله بمعنى المعبود كما هو بعض الأقوال في معنى ذلك اللفظ ، بل «الإله» و «الله» بمعنى واحد ، غير أنّ الأول جنس والثاني علم. ولو فسّر أحيانا بالمعبود ، فإنّما هو تفسير باللازم ، فإنّ لازم الألوهية هو العبادة ، لا أنه بمعنى المعبود بالدلالة المطابقية.

فعلى ذلك فمفاد الآية وجود إله واحد في السماء والأرض وهذا يكون قرينة على أنّ المراد من قوله : (مَنْ فِي السَّماءِ) هو أحد الاحتمالات الماضية.

مكافحة علي (عليه‌السلام) القول بالتجسيم

إنّ عليّا (عليه‌السلام) وسائر الأئمة من أهل البيت مشهورون بالتنزيه الكامل. وكانوا يقولون إنّه سبحانه لا يشبهه شيء بوجه من الوجوه ، ولا تدرك الأفهام والأوهام كيفيته ولا كنهه. ويظهر ذلك من خطبه (عليه‌السلام) والآثار الواردة عن سائر أئمة أهل البيت (عليهم‌السلام). وقد وقف على ذلك القريب والبعيد. قال القاضي عبد الجبار : «وأمّا أمير المؤمنين (عليه‌السلام) فخطبه في بيان نفي التشبيه وفي إثبات العدل أكثر من أن تحصى» (٢).

__________________

(١) سورة الزخرف : الآية ٨٤.

(٢) فضل الاعتزال ، ص ١٦٣.

١١٧

روى المبرّد في الكامل : «قال قائل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : أين كان ربّنا قبل أن يخلق السّماوات والأرض؟ فقال علي (عليه‌السلام) : أين ، سؤال عن مكان ، وكان الله ولا مكان» (١).

وقال البغدادي : قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : «إنّ الله تعالى خلق العرش إظهارا لقدرته ، لا مكانا لذاته» ، وقال أيضا : «قد كان ولا مكان وهو الآن على ما كان» (٢).

وقد بلغ بعلي (عليه‌السلام) من الأمر أنّه كان يراقب العوام والسّوقة في مجالسهم وما يصدر منهم فدخل يوما سوق اللحامين وقال : «يا معشر اللحامين ، من نفخ منكم في اللحم فليس منّا. فإذا هو برجل موليه ظهره ، فقال : كلا والذي احتجب بالسبع. فضربه على ظهره ثم قال يا لحّام ، ومن الذي احتجب بالسبع؟ قال : ربّ العالمين يا أمير المؤمنين فقال : اخطأت ، ثكلتك أمك ، إنّ الله ليس بينه وبين خلقه حجاب ، لأنّه معهم أينما كانوا. فقال الرجل ما كفارة ما قلت يا أمير المؤمنين؟ قال : أن تعلم أنّ الله معك حيث كنت. قال : أطعم المساكين؟ قال : لا إنّما حلفت بغير ربّك» (٣).

وهذه المعية التي ذكرها علي (عليه‌السلام) قد وردت في آيات الذكر الحكيم ، منها ما سبق ومنها قوله تعالى : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ ..)(٤).

وقال (عليه‌السلام) : «ومن أشار إليه فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه ، ومن قال «فيم؟» فقد ضمّنه. ومن قال «علام؟» فقد أخلى منه. كائن لا عن حدث ، موجود لا عن عدم ، مع كل شيء لا بمقارنة ،

__________________

(١) الكامل ، ج ٢ ، ص ٥٩.

(٢) الفرق بين الفرق ، ص ٢٠٠.

(٣) الغارات ، ج ١ ، ص ١١٢.

(٤) سورة النساء : الآية ١٠٨.

١١٨

وغير كل شيء لا بمزايلة» (١).

وقال (عليه‌السلام) : «الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد ، ولا تحويه المشاهد ، ولا تراه النواظر ، ولا تحجبه السواتر» (٢).

وقال (عليه‌السلام) : «ما وحّده من كيّفه ، ولا حقيقته أصاب من مثّله ، ولا إياه عنى من شبّهه ، ولا حمده من أشار إليه وتوهّمه» (٣).

وقال (عليه‌السلام) : «قد علم السرائر ، وخبر الضمائر ، له الإحاطة بكل شيء ، والغلبة لكل شيء والقوة على كل شيء» (٤).

إلى غير ذلك من خطبه وكلمه في التنزيه ونفي الشبيه. ومن أراد الإسهاب في ذلك والوقوف على مكافحة أئمة أهل البيت (عليهم‌السلام) لعقيدة التشبيه والتكييف والتجسيم ، فعليه مراجعة الأحاديث المروية عنهم في الجوامع الحديثية. (٥).

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة الأولى ، طبعة مصر.

(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ١٨٠ ، طبعة مصر.

(٣) نهج البلاغة ، الخطبة ١٨١ ، طبعة مصر.

(٤) نهج البلاغة ، الخطبة ٨٢ ، طبعة مصر.

(٥) راجع توحيد الصدوق باب التوحيد ونفي التشبيه ، فقد نقل فيه (٢٧) حديثا. وبحار الأنوار ، ج ٣ باب نفي الجسم والصورة فقد نقل فيه (٤٧) حديثا. والجزء الرابع منه. وبذلك تعرف مدى وهن الكلمة التي نشرتها جريدة أخبار العالم الإسلامي العدد (١٠٥٨) من السنة الثانية والعشرين المؤرخ : ٢٩ جمادي الأولى ، عام ١٤٠٨ هجرية ، للشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن باز حيث نقد مقالة الدكتور محي الدين الصافي التي كتبها تحت عنوان «من أجل أن تكون أمة أقوى». وجاء في تلك المقالة «إنه قام الدليل اليقيني على أنّ الله ليس بجسم». فردّ عليه ابن باز بقوله : «هذا الكلام لا دليل عليه لأنّه لم يرد في الكتاب ولا في السنة وصف الله سبحانه بذلك ونفيه عنه. فالواجب السكوت عن مثل هذا لأنّ مأخذ صفات الله جلّ وعلا توقيفي لا دخل للعقل فيه. فيوقف عند حدّ ما ورد في النصوص من الكتاب والسنة». ولا نعلّق على ذلك إلّا بقوله سبحانه : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ، وأنّه نفس الدعوة إلى تعطيل عن المعارف والأصول ، على أنّك عرفت مفصلا تضافر النصوص. على تنزيهه سبحانه عن التجسم والتشبيه.

١١٩
١٢٠