التّفسير القرآني للقرآن - ج ١٦

عبدالكريم الخطيب

التّفسير القرآني للقرآن - ج ١٦

المؤلف:

عبدالكريم الخطيب


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر العربي
المطبعة: مطبعة السنة المحمديّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٦٠

١
٢

(٧٨) سورة النبأ

نزولها. مكية ، نزلت بعد سورة المعارج

عدد آياتها : أربعون آية.

عدد كلماتها : مائة وثلاث وسبعون كلمة.

عدد حروفها : ثمانمائة وستة عشر حرفا.

مناسبتها لما قبلها

كانت سورة «المرسلات» قبل هذه السورة ـ حديثا متصلا عن المشركين ، وكانت نهاية هذا الحديث معهم أن القى بهم فى جهنم ، وأخذ كل منهم مكانه فيها .. ثم أعيدوا إلى مكانهم من هذه الحياة الدنيا ، حيث يأكلون ويتمتعون ، كما تأكل الأنعام ، دون أن يكون لهم من تلك الرحلة المشئومة بهم إلى جهنم ، وما رأوا من أهوالها ـ ما يغير شيئا مما فى أنفسهم من ضلال وعناد ، فما زالوا على موقفهم من آيات الله التي تتلى عليهم ، وما زالوا فى تكذيب لرسول الله ، وفى عجب واستنكار ، حتى ليتساءل الوجود كله : إذن فبأى حديث بعد هذا الحديث يؤمن هؤلاء الضالون المكذبون؟

وتجىء سورة «النبأ» بعد هذا التساؤل الاستنكارى لنمسك بهم وهم فى حديث عن هذا الحديث ، وفى بلبلة واضطراب من أمره ، وفى تنازع واختلاف فيه ، لا يجدون ـ حتى فى أودية الزور والبهتان ـ الكلمة التي يقولونها فيه ، والتهمة التي يلصقونها به .. إن أية قولة زور يزينها لهم الشيطان ليلقوا بها فى وجه القرآن ، لتسقط على رءوسهم ، كما يسقط الحصى برمى به فى وجه الشمس ، ليخفى ضوءها ، أو يعطل مسيرتها ..

* * *

٣

بسم الله الرّحمن الرّحيم

____________________________________

الآيات : (١ ـ ١٦)

(عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣) كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ(٤) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٥) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧) وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (٨) وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (٩) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً (١١) وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (١٢) وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (١٣) وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (١٤) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) (١٦)

____________________________________

التفسير :

قوله تعالى :

* (عَمَّ يَتَساءَلُونَ)؟

أي عن أي شىء يتساءل هؤلاء المشركون؟ وهل هناك مشكلة مستعصية عليهم ، حتى يكون منهم هذا التساؤل الملحاح ، الذي يصبحون فيه ويمسون؟

قوله تعالى :

(عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ* الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ).

يجوز أن يكون هذا جوابا عن السؤال الوارد فى قوله تعالى : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ)؟ أي أنهم يتساءلون عن النبأ العظيم ، الذي اختلفت فيه آراؤهم ، وتشعبت به فى طرق الضلال عقولهم ، دون أن يتعرف أحد منهم الطريق إلى

٤

الهدى ، وإلى الخروج من دوامة هذا الاختلاف .. إنهم لا يختلفون فى سبيل البحث عن الحقيقة ، والتعرف عليها ، وإنما خلافهم فى أن يجدوا طريقا واحدا من طرق الضلال والبهتان ، تجتمع عليه كلمتهم ، ويلتقى عنده رأيهم.

والنبأ العظيم ، هو الأمر ذو الشأن ، الذي تغطّى أخباره كل خبر ، فتتجه إليه الأنظار ، وتشغل به الخواطر .. والمراد به هنا ، القرآن الكريم ، وما يحدثهم به عن البعث والقيامة ، والحساب .. الأمر الذي لا تحتمل عقولهم تصور إمكانه.

ويجوز أن يكون قوله تعالى : (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) سؤالا آخر بعد السؤال الأول : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ)؟. أي أيتساءلون عن هذا النبأ العظيم ، الذي هم مختلفون فى مذاهب القول فيه ، وفى أن ما يحدثهم به النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ عن البعث ، والحساب والجزاء ، شىء لا يصدق ، وأن ذلك إنما هو من خداع «محمد» واستهوائهم لاتّباع دعوته ، لحاجة فى نفسه؟ أذلك هو النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون؟

قوله تعالى :

(كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ، ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ)

هو رد على هذا الذي يتساءلون عنه .. إنه أمر لا يدعو إلى تساؤل من عاقل ، ولا يثير خلافا بين عقلاء .. إذ كان أظهر من أن يسأل عنه ، وأوضح من أن يختلف فيه ، وأنهم إذا جهلوه لجهلهم ، أو تجاهلوه بعنادهم ـ فإنه سيأتى اليوم الذي يعلمونه فيه يقينا ، ويرونه عيانا ..

وفى تكرار الخبر ، توكيد له ، وتقرير لتلك الحقيقة السافرة ، التي تقوم بين يديها ومن خلفها ، الأدلة القاطعة ، والبراهين الناطقة!

٥

قوله تعالى :

. (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً ، وَالْجِبالَ أَوْتاداً ، وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً ، وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً ، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً ، وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً ، وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً ، وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً ، وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً ، لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً ، وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً ..)

هذا عرض لبعض الأدلة والبراهين التي تقوم شاهدة على قدرة الله سبحانه وتعالى ، وعلى ما فى متناول هذه القدرة من التصريف فى عالم الإنسان ، حياة ، وموتا ، وبعثا .. وقد كان من شأنهم ـ لو كان لهم عقول ـ أن يقفوا بين يدى هذه المعارض من قدرة الله ، وأن يقرءوا فى صحفها ما يحدثهم عن جلال الله وقدرته ..

فهذه الأرض ، قد جعلها الله بقدرته القادرة «مهادا» أي فراشا ممهدا ، وبساطا ممدودا ، يتحرك فيها الإنسان ، ويسلك مسالكها ، ويجد وسائل العيش والحياة فيها ..

وهذه الجبال ، قد جعلها الله سبحانه «أوتادا» تمسك الأرض ، حتى لا تميد وتضطرب .. إنها أشبه بالأوتاد التي تشد الخيمة ، وتمسك بها ..

ثم هأتم أيها الناس ، وقد خلقكم الله أزواجا ، ذكرا وأنثى ، حتى تتوالدوا فى هذه الأرض وتتكاثروا ، ويتصل نسلكم فيها ، وتعمر وجوهها بأجيالكم المتعاقبة عليها ..

وليست هذه المزاوجة لكم وحدكم ، أيها الناس ، بل هى أمر عام ينتظم عوالم الأحياء كلها ، من نبات وحيوان .. بل إن هذا الحكم ليمتد ، فيشمل كل ما خلق الله .. فكل مخلوق ، من عالم الجماد ، أو النبات أو الحيوان ، لا يقوم له وجود إلا إذا كان له ما يقابله من جنسه ، مقابلة عنادّيّة ، من شأنها

٦

أن تستثير قواه ، وتبعث كوامنه ، وهو بالتالى يستثير المقابل له ، ويستخرج كوامنه ، وبهذا يلتقيان ، ويتزاوجان ، وتتكون من تزاوجهما طاقة يتولد عنها مخلوق جديد ، وهكذا الشأن فى عالم المعاني أيضا ..

فالذكر تقابله الأنثى ، والأنثى يقابلها الذكر ، والنور يقابله الظلام ، والنهار يقابله الليل ، واليقظة يقابلها النوم ، والحياة يقابلها الموت ، والحق يقابله الباطل ، والجميل يقابله القبيح .. وهكذا ، فليس شىء فى الوجود قائم بذاته ، متفرد بوجوده .. وذلك لتكون الوجدانية خالصة لله الواحد القهار.

قوله تعالى :

. (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً)

السّبات : السكون ، والهمود ، والمسبوت الميّت ، يقال : ضربه فأسبته ، أي أحمد أنفاسه ، وأبطل حركته .. والسبت : القطع.

ومن قدرة الله سبحانه وتعالى ، ومن آثار رحمته ، أنه جعل النوم موتا لنا ونحن أحياء ، فألبسنا الحياة والموت معا .. نحيا ، ونموت ، ونموت ونحيا ، وذلك فى كل يوم من أيام حياتنا.

فالنوم ، صورة مصفرة من الموت ، وانطلاق الروح فى حال النوم ، وسياحتها ورحلتها المنطلقة بعيدا عن الجسد ، هو أشبه بانطلاقها انطلاقا مطلقا بعد الموت ، وارتحالها الأبدى فيما وراء المادة .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) (٤٢ : الزمر) وقوله سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) (٦٠ : الأنعام)

قوله تعالى :

(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً).

٧

أي ومن فيض قدرته ـ سبحانه ـ ومن تدبير حكمته ، أنه جعل الليل لباسا ، أي ساترا ، يستر الكائنات ، كما يستر الثوب الجسد ، ويرخى على الأحياء سترا يمسك حواسها المنطلقة أثناء النهار ، ليعطيها فرصتها من الراحة والسكون ، وليتيح للقوى المندسة فى كيان الإنسان ، من مدركات ـ وعواطف ، ومشاعر ـ أن تنطلق ، لتجد وجودها كاملا ، وبهذا يحدث التوازن بين كل القوى المتزاوجة فى الإنسان .. بين جسده وروحه ، بين مادياته ومعنوياته ، بين حركته وسكونه ، بين يقظته ونومه ..

قوله تعالى :

(وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً)

المعاش : الحياة .. وسميت الحياة معاشا باسم سببها ، وهو العيش الذي لا حياة لحىّ إلا بما يتبلغ به من طعام ..

أي ومن قدرة الله سبحانه ، ومن فيض فضله ورحمته ، أن جعل النهار مبصرا ، ليرى الأحياء فيه مواقع معاشهم ، ووسائل كسبهم ..

قوله تعالى :

(وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً)

السبع الشداد ، السموات السبع .. ووصف السموات بأنها شداد ، إشارة إلى ما يبدو لنا من قيامها سقفا مرفوعا فوقنا ، دون أن تسقط علينا ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) (٦ : ق) وقوله تعالى : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (٤٧ : الذاريات)

٨

وأمّا القول بأنها الكواكب السبعة ، فغير صحيح ، لأن الكواكب ليست سبعة ، وإنما الذي عرف منها إلى الآن تسع ، وهناك كواكب كثيرة لم تكتشف بعد ، وقد تبلغ المئات عدّا ..

وأصحّ من هذا أن يقال إنها الطرائق السبع ، التي ذكرها الله سبحانه وتعالى فى قوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ) (١٧ : المؤمنون) وهى أطباق السموات السبع ، كما يقول سبحانه : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) (٣ : الملك)

قوله تعالى :

(وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً)

والسراج الوهاج ، هو الشمس ، ووصف السراج بأنه وهاج ، إشارة إلى توهج الشمس وتوقدها ، فهى كرة من نار ، متّقدة ..

قوله تعالى :

(وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً)

المعصرات : هى السحب التي يتحلب منها الماء ، أشبه بالثوب المبلول ، يعتصر ، فيتساقط الماء منه ..

وفى وصف السحب بأنها معصرات ، إشارة إلى أن الماء الذي تحمله متلبس بها ، مندسّ فى كيانها ، بل هى فى حقيقتها ماء ، ووعاء .. معا ..

والثجاج أو السحاح. المتدفق.

قوله تعالى :

(لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً ، وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً).

٩

هو بيان لما يتولد من هذا الماء المتدفق من السحب ، فبهذا الماء يخرج الله الحب والنبات ، ومنه يخرج هذه الجنات المتشابكة الأعصان ، المتعانقة الأفنان .. والله سبحانه قادر على أن يخرج النبات من غير ماء ، ولكن أقام سبحانه نظام الوجود على أسباب ومسببات .. فمنه سبحانه الأسباب ، ومنه تبارك اسمه المسببات ..

والحب : ما يقتات منه الناس ، كالبرّ ، والشعير ، والذرة ، والأرز ، ونحوها ..

والنبات : ما تأكل منه الأنعام ، كالكلأ ونحوه ..

فهذه بعض مظاهر قدرة الله .. أفلا يرى المشركون المكذبون بالبعث ، المختلفون فيما يحدثهم به النبىّ عنه ـ أفلا يرون أن بعثهم لا يعجز هذه القدرة القادرة ، التي أبدعت هذه الآيات ، وأحكمت صنعها؟ وألا يحدث ذلك لهم علما يرفع هذا الخلاف الذي هم فيه؟

____________________________________

الآيات : (١٧ ـ ٣٠)

(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً (١٨) وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (٢٠) إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً(٢١) لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢) لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣) لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً(٢٤) إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥) جَزاءً وِفاقاً (٢٦) إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً) (٣٠)

____________________________________

١٠

التفسير :

قوله تعالى :

(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً)

هو تهديد للمشركين بهذا اليوم الذي يكذبون به ، ويختلفون فيه .. إنه آت لا ريب فيه ، وهو يوم الفصل ، فيما هم فيه مختلفون ، وفيما يقضى به الله سبحانه وتعالى فيهم من عذاب ..

والميقات : الموعد الذي أقّت لهذا اليوم ..

قوله تعالى :

(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً)

هو بدل من يوم الفصل ، فيوم الفصل ، هو يوم النفخ فى الصور ، فإذا نفح فى الصور ، بعث الموتى من قبورهم ، وجاءوا إلى المحشر أفواجا ، أي زمرا ، إثر زمر ..

قوله تعالى :

(وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً ، وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) الواو فى قوله تعالى: «وفتحت» واو الحال ، والجملة بعدها حال من فاعل «فتأنون أفواجا» .. أي تأتون جماعات وأمما ، وقد فتحت السماء فكانت أبوابا ، وأزيح عن أعينكم هذا الغطاء الذي ترونها فيه ـ وأنتم فى الدنيا ـ سقفا سميكا مطبقا .. وكذلك الجبال تبدو وكأنها سراب يتراقص على وجه الأرض ..

وقد أشرنا من قبل إلى هذا التبدل الذي يقع فى عوالم الوجود يوم القيامة ، وقلنا إنه تبدل يقع فى حواس الإنسان ومدركاته ، يومئذ ، لا فى هذه العوالم ذاتها (١)

__________________

(١) انظر هذا البحث فى الكتاب الرابع عشر (سورة الطور ص ٥٤٥).

١١

يقول الأستاذ الإمام «محمد عبده» رحمه‌الله فى هذا المعنى : «يتغير فى ذلك اليوم ـ يوم القيامة ـ نظام الكون ، فلا تبقى أرض على أنها تقلّ ، ولاسماء على أنها تظلّى ، بل تكون السماء بالنسبة إلى الأرواح مفتحة الأبواب ، بل تكون أبوابا ، فلا يبقى علو ولا سفل ، ولا يكون مانع يمنع الأرواح من السير حيث تشاء ..

ثم يقول : «والآخرة عالم آخر غير عالم الدنيا التي نحن فيها ، فنؤمن بما ورد به الخبر فى وصفه ، ولا نبحث عن حقائقه مادام الوارد غير محال .. ولا شك أن امتناع السماء علينا إنما هو لطبيعة أجسامنا فى هذه الحياة الدنيا .. أما النشأة الأخرى ، فقد تكون السماء بالنسبة لنا أبوابا ندخل من أيها شئنا بإذن الله ..»

وقوله تعالى :

(إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً* لِلطَّاغِينَ مَآباً)

هو تهديد للمشركين ، المكذبين بيوم القيامة ، وبما فيه من حساب وجزاء .. فهذه جهنم على موعد معهم ، قد أعدت لهم ، ورصدت للقائهم .. إنها مآب ومرجع للطاغين المكذبين ، الذين لا يؤمنون بالله ، ولا باليوم الآخر ..

قوله تعالى :

(لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً)

الأحقاب ، جمع حقب ، والحقب : جمع حقبة .. والحقبة من الزمن ، القطعة الطويلة الممتدة منه ، وسميت أجزاء الزمن حقبا لأن بعضها يعقب بعضا ، ومنه الحقيبة ، التي يحملها المرء خلف ظهره ، والمراد أن هؤلاء الطاغين الذين أخذوا منازلهم فى جهنم ، لا يخرجون منها ، بل يعيشون فيها أزمانا بعد أزمان ، تتبدل

١٢

فيها أحوالهم : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها ، لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) (٥٦ : النساء) فهم ليسوا على حال واحدة ، بل هم فى أحوال شتى من العذاب ، يتقلبون فيه ، وينتقلون من حال إلى حال ، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (١٩ : الانشقاق) وقوله سبحانه : (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) (١٧ : المدثر) وقوله سبحانه فى آية تالية ، فى هذه السورة : (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً)

قوله تعالى :

(لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً* إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً* جَزاءً وِفاقاً)

الضمير فى «فيها» يعود إلى جهنم ، وبحوز أن يكون عائدا إلى الأحقاب ..

أي أن الطاغين الذي ألقوا فى جهنم ، لا يذوقون فيها «بردا» أي شيئا من البرد الذي يخفف عنهم سعير جهنم ، أولا يجدون شيئا من الراحة والسكون ، بل هم فى عذاب دائم : (لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) (٧٥ : الزخرف) كما أنهم لا يسقون فيها شرابا إلا ما كان من حميم وغساق ..

والحميم : الماء الذي يغلى ، والغساق : ما يسيل من أجسادهم من صديد يغلى فى البطون كغلى الحميم .. فهذا جزاء من جنس عملهم .. إنهم لم يعملوا إلا السوء ، فكان جزاؤهم من حصاد هذا السوء الذي زرعوه ، «حزاء وفاقا» لما عملوا ، ومجانسا له ..

قوله تعالى :

(إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً. وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً)

هو بيان للسبب الذي من أجله صاروا إلى هذا المصير الكئيب المشئوم ..

١٣

إنهم كانوا لا يتوقعون حسابا ، ولا يؤمنون به ، بل كذبوا بآيات الله التي تحدثهم عن البعث والجزاء والحساب ، فلم يعملوا لهذا اليوم حسابا.

والكذاب : وصف للكذب ، ومبالغة فى صفته ، كما أن كذاب (بالفتح) مبالغة لمن اتصف به .. أي أنهم كذبوا بآيات الله تكذيبا منكرا شنيعا ، لما صحب تكذيبهم من سفاهة وتطاول على رسول الله ..

وفى التعبير عن تكذيبهم بالحساب ، بقوله تعالى : «لا يرجون» ، مع أن الرجاء عادة إنما يكون لتوقع الخير ـ فى هذا إشارة إلى أن يوم القيامة ، من شأنه أن يكون أملا مرجوّا عند الناس ، ففيه الحياة الحق ، والخلود الدائم ، والنعيم الكامل ، وأن مقام الإنسان فى الحياة الدنيا هو مقام قلق ، وإزعاج ، لا ينبغى للعاقل أن يقيم وجوده عليه ، بل ينبغى أن يسعى إلى التحول عنه ، والنظر إلى ما وراءه ، والرجاء فى حياة أكرم ، وأفضل ، وأبقى ..

وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (١١٠ : الكهف)

قوله تعالى :

(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ* كِتاباً)

أي وكل شىء كان أو يكون فى هذا الوجود محصّى فى كتاب مبين .. وكذلك أعمال هؤلاء المكذبين الضالين محصاة عليهم ، مسجلة فى كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.

قوله تعالى :

. (فَذُوقُوا .. فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً)

١٤

هو من سياط البلاء والنكال التي تنهال على أصحاب النار ، وهم على هذا المورد الوبيل ، أن يشربوا من هذا العذاب ، وأن يتجرعوا كئوسه الملأى بالحميم والغساق ، وأن ما هم فيه فى لحظتهم تلك أهون مما يذوقونه فى كل لحظة آتية .. إنهم ينتقلون من عذاب إلى ما هو أشد منه ، حالا بعد حال ، ولحظة بعد لحظة ، فليبادروا بشرب ما بأيديهم ، قبل أن يشتد لهيبا ، ويزداد غليانا.

____________________________________

الآيات : (٣١ ـ ٤٠)

(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١) حَدائِقَ وَأَعْناباً (٣٢) وَكَواعِبَ أَتْراباً (٣٣) وَكَأْساً دِهاقاً(٣٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (٣٥) جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً (٣٧) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً (٣٨) ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (٣٩) إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) (٤٠)

____________________________________

التفسير :

قوله تعالى :

(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً* حَدائِقَ وَأَعْناباً* وَكَواعِبَ أَتْراباً* وَكَأْساً دِهاقاً)

١٥

هو وصف لما يتلقى المتقون من ربهم ، من فضل وإحسان ، فى مواجهة ما لقى للكذبون الضالون من عذاب ونكال.

فالمتقون لهم عند ربهم «مفاز» أي لهم مدخل إلى جناته ورضوانه ، وإلى ما فى هذه الجنات من ثمار طيبة .. منها العنب ، وقد خصّ العنب بالذكر ، لأنه كما يبدو ـ فى الحياة الدنيا ـ طيب الثمر ، دانى القطوف ، ممتد الظل .. ـ وفى هذه الجنة «كواعب» جمع كاعب ، وهى الفتاة التي نهد ثدياها ، وذلك فى أول شبابها ، وهؤلاء الكواعب «أتراب» أي متما ثلات فى الخلقة ، حسنا ، وبهاء ، وشبابا .. وهذا يعنى أنهن خلقن على صورة من الكمال ليس بعدها غاية ، حتى يقع تقاوت فيها .. وفى هذه الجنة كئوس «دهاق» مترعة ملأى ، لا تفرغ أبدا. مما فيها من خمر لذة للشاربين.

قوله تعالى.

(لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً)

أي ومن نعيم أهل الجنة ألّا يدخل على نفوسهم شىء مما يكدر صفاءها ، من لغو القول ، وهجره ، وفحشه .. (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ ، وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٠ : يونس)

قوله تعالى :

(جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً).

أي هذا النعيم الذي يساق إلى المتقين فى جنات النعيم ، هو جزاء لهم من ربهم ، على ما عملوا من صالح ، وما أحسنوا من عمل.

وقوله تعالى : (عَطاءً حِساباً) إشارة إلى أن هذا الجزاء الذي يجزيهم به ربهم ، ليس على قدر أعمالهم ، فإن أعمالهم ـ مهما عظمت ـ لا تزن مثقال ذرة

١٦

لمن هذا النعيم ، وإنما ذلك عطاء من ربهم ، وفضل من فضله ، وإحسان من إحسانه .. أما أعمالهم الصالحة ، فليست إلا وسيلة يتوسلون بها إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى ، فإذا رضى الله عنهم أرضاهم ، وأجزل العطاء لهم ..

وفى العدول عن خطاب المؤمنين إلى خطاب النبي فى قوله تعالى : (مِنْ رَبِّكَ) بدلا «من ربهم» ـ فى هذا تكريم للنبى الكريم ، وأنه من فضل ربّه عليه كان هذا العطاء الذي وسع المؤمنين جميعا.

وفى قوله تعالى : «حسابا» إشارة أخرى إلى أن هذا العطاء ذو صفتين : فأولا ، هو عطاء بحساب ، حسب منازل المتقين عند الله ، وحسب درجاتهم من التقوى ، وثانيا ، هو عطاء يكفى كل من نال منه ، فلا تبقى له حاجة يشتهيها بعد هذا العطاء ..

هذا ، وقد أشرنا ـ فى غير موضع ـ إلى أن نعيم الجنة ، وإن استجاب لكل ما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين ، فإنه يختلف بحسب مقام المتنعمين به ، حيث تقّبلهم لهذا النعيم ، واتساع قواهم له .. وهذا التقبل وهذا الاتساع يتبع مقام المتنعم ومنزلته عند الله .. وقد ضربنا لهذا مثلا بمائدة ممدودة عليها كل ما تشتهى الأنفس من طيبات ، وحولها أعداد من المدعوين إليها .. فكلّ ينال منها قدر طاقته ، وشهوته ، وإن كانوا جميعا قد نالوا ما يشتهون منها .. ولكن شتان بين من أخذ لقيمات ، وبين من قطف من كل ما عليها من ثمار!

قوله تعالى :

(رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً).

هو وصف لله سبحانه وتعالى ، المنعم بهذه النعم الجليلة .. إنها من ربّ

١٧

العالمين ، رب السموات والأرض وما بينهما ، من رب رحمن رحيم.

وقوله تعالى : (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) ـ إشارة إلى أن هذا النعيم الذي ينعم به المتقون ، إنما هو من رحمة الرحمن الذي أنزلهم منها هذا المنزل الكريم .. ولو ساقهم الله سبحانه إلى النار لما كان لهم على الله حجة ، لأن أحدا فى موقف الحساب والجزاء لا يستطيع أن يسأل الله عن المصير الذي هو صائر إليه .. إنه لا يملك خطابا ، ولا مراجعة.

قوله تعالى :

(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) ..

الظرف «يوم» هو قيد لهذا الوقت الذي لا يملك فيه المتقون خطابا .. فقوله تعالى : (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) مظروف بهذا الظرف ، وهو وقت قيام الروح والملائكة صفّا بين يدى الله ، فى موقف الحساب والجزاء .. وقوله تعالى : (لا يَتَكَلَّمُونَ) ـ هو بدل من قوله تعالى : (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً).

والروح : هى أرواح البشر ، فى موقف الحساب .. ويجوز أن يكون الروح ، جبريل ..

فالروح ـ أي الخلائق ـ ، والملائكة ، لا يتكلمون فى هذا الموقف ، إلا من أذن الله له بالكلام ، وقال صوابا فيما أذن الله سبحانه وتعالى له به من كلام .. فإذا أنطقه الله يومئذ ، فإنما ينطق بالحق.

قوله تعالى :

(ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً).

أي ذلك اليوم ، هو اليوم الحق ، الذي كذّب به المكذبون ، واختلف فيه المختلفون .. فمن شاء النجاة والفوز فيه ، اتخذ مآبا ومرجعا إلى ربه ، وعمل

١٨

حسابا لهذا المرجع والمآب ، وأعد لنفسه العمل الصالح لهذا اليوم ..

قوله تعالى :

(إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً* يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً).

أي بهذا الحديث ، وبهذه الأدلة التي سيقت لكم فيه ، قد جاءكم النذير أيها المكذبون بيوم القيامة ، وهو نذير بالعذاب لكم فى هذا اليوم ، وهو يوم قريب ، وإن ظمنتموه بعيدا بعدا ، تائها فى الزمن .. إنه مطلّ عليكم ، ويومها ينظر المرء ما قدمت يداه ، ويرى ما عمل من خير أو شر ، ويومها يتمنى الكافر أن لو كان ترابا من هول ما يطلع عليه من سيئات أعماله .. وهى أمنية لا سبيل له إليها ..!!

* * *

١٩

(٧٩) سورة النازعات

نزولها : مكية .. نزلت بعد سورة «النبأ»

عدد آياتها : ست وأربعون آية ..

عدد كلماتها : مائة وتسع وسبعون كلمة.

عدد حروفها : سبعمائة وثلاثة وخمسون حرفا.

مناسبتها لما قبلها

ختمت سورة «النبأ» بهذا النذير الذي يلقى به فى وجه المكذبين باليوم الآخر ، وبما يلقاهم منه من بلاء ، حتى إنه ليتمنى الكافر يومئذ أن يكون مغيّبا فى التراب ، غائصا فى أعماقه ، من هول ما يراه ..

وقد جاءت سورة «النازعات» مفتتحة بهذه الأقسام ، على أن هذا اليوم واقع لا شك فيه ، ولم يذكر لهذه الأقسام جواب ، لأن جوابها قد سبقها ، فى قوله تعالى : (إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً ...) الآية» أي أن هذا العذاب القريب الذي أنذرنا كم به واقع ، وحقّ (النَّازِعاتِ غَرْقاً ، وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً ..) الآيات».

بسم الله الرّحمن الرّحيم

____________________________________

الآيات : (١ ـ ١٤)

(وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (٢) وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٣) فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٤) فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (٥) يَوْمَ تَرْجُفُ

٢٠