أعلام الدين في صفات المؤمنين

الشيخ الحسن بن أبي الحسن الديلمي

أعلام الدين في صفات المؤمنين

المؤلف:

الشيخ الحسن بن أبي الحسن الديلمي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٢
ISBN: 4-5503-75-2
الصفحات: ٥٣٢

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « والله ما عبد الله بشيء أفضل من أداء حقّ المؤمن ، وإنّ المؤمن أفضل حقاً من الكعبة ، وإنّ المؤمن أخو المؤمن فهو عينه ودليله ، لا يخونه ولا يخذله ، ومن حقه عليه لا يشبع ويجوع المؤمن ، ولا يروى ويعطش ، ولا يلبس ويعرى أخوه ، ويحبٌ له ما يحبه لنفسه ، فإذا احتجت فاسأله ، وإذا سألك أعطه ، وكن لهم ظهراً فإنّهم لك ظهر ، وإذا غاب أخوك فاحفظه في غيبته ، وإن شهد فزره ، وآجِلَّه وأكرمه فإنّه منك وأنت منه ، وإن أصابه خير فاحمد الله تعالى ، وإن ابتلى فاعضده وتحمّل عنه وأعنه (١).

فإنّه يحقّ عليك نصيحته ومواساته ومنع عدوه منه (٢).

وإنّ نفراً من المسلمين خرجوا في سفر لهم ، فأضلوا الطريق وأصابهم عطش شديد ، فتمكّنوا (٣) ولزموا أصول الشجر ، فجاءهم شيخ عليه ثياب بيض ، فقال : قوموا فلا بأس عليكم ، هذا الماء ، فقاموا وشربوا وارتووا ، ثم قالوا له : من أنت ، رحمك الله؟فقال : أنا من الجن الذين بايعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، سمعته يقول : « المؤمن أخو المؤمن ودليله (٤) « فلم تكونوا تضيعوا بحضرتي (٥).

وقال عليه‌السلام : « من مشى لأخيه المؤمن في حاجة فنصحه فيها ، كتب الله

__________________

قال : يا ابن ابي بعفور يهم لهمّه ، وفرح لفرحه إن هو فرح ، وحزن لحزنه ان هو حزن ، فإن كان عنده ما يفرج عنه فرج عنه ، وإلاّ دعا الله له.

قال : ثم قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ثلاث لكم وثلاث لنا : أن تعرفوا فضلنا ، وأن تطأوا أعقابنا ، وتنظروا عاقبتنا فمن كان هكذا كان بين يدي الله ، فأما الذين عن يمين الله فلو أنّهم يراهم من دونهم لم يهنئم العيش ممّا يرون من فضلهم.

فقال ابن أبي يعفور : ما لهم فما يرونهم وهم عن يمين الله! قال : يا ابن أبي يعفور إنّهم محجوبون بنور الله ، أما بلغك حديث ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول : إن المؤمنين عن يمين الله وبين يدي الله ، وجوههم أبيض من الثلج وأضوء من الشمس الضاحية ، فيسأل السائل : من هؤلاء؟ فيقال : هؤلاء الذين تحابّوا في جلال الله.

١ ـ المؤمن : ٤٢ / ٩٥ ، باختلاف يسير.

٢ ـ المؤمن : ٤٢ / ٩٦ ، باختلاف يسير.

٣ ـ في المصدر : فتيمموا.

٤ ـ في المصدر : عينه ودليله.

٥ ـ المؤمن : ٤٣ / ١٠٠.

٤٤١

له بكلّ خطوة حسنة ، ومحا عنه سيئة ، قضيت الحاجة أولم تقض (١).

ألا وإنّ الله انتجب قوماً من خلقه ، لقضاء حوائج الفقراء من شيعة عليّ عليه‌السلام ليؤتيهم (٢) بذلك الجنة (٣).

ومن نفّس عن مؤمن كربة ، نفّس الله عنه اثنتين وسبعين كربة من كرب الدنيا ، واثنتين وسبعين كربة من كرب الآخرة ، ومن يسر على مؤمن ، يسر الله له حوائج الدنيا والآخرة ، ومن ستر على مؤمن عورة ، ستر الله عليه سبعين عورة من عوراته التي يخافها في الدنيا والآخرة (٤).

وإنَ قضاء حاجة المؤمن خير من حملان ألف فرس في سبيل الله ، وعتق ألف نسمة ، وصيام شهر في المسجد الحرام واعتكافه » (٥).

وروى ابن عباس قال : كنت مع الحسن بن علي عليهما‌السلام في المسجدالحرام ـ وهو معتكف به ، وهو يطوف بالكعبة ـ فعرض له رجل من شيعته ، فقال : يا ابن رسول الله ، إنّ علي ديناً لفلان ، فإن رأيت أن تقضيه عني.

فقال : « وربّ هذه البنية (٦) ، ما أصبح عندي شيء ».

فقال : إن رأيت [ أن ] (٧) تستمهله عنّي ، فقد تهددني بالحبس.

قال ابن عباس : فقطع الطواف وسعى معه ، فقلت : يا ابن رسول الله ، أنسيت أنك معتكف؟

فقال : « لا ، ولكن سمعت أبي عليه‌السلام يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من قضى أخاه المؤمن حاجة ، كان كمن عبد الله تسعة الاف سنة صائماً نهاره قائماً ليله ».

فاجتاز على دار أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام فقال للرجل : « هلاَ أتيت أبا

__________________

١ ـ المؤمن : ٤٦ / ١٠٧.

٢ ـ في المصدر : ليثيبهم.

٣ ـ المؤمن : ٤٦ / ١٠٨.

٤ ـ المؤمن : ٤٦ / ١٠٩ ، باختلاف في اللفظ.

٥ ـ المؤمن : ٤٧ / ١١١ ، باختلاف في اللفظ.

٦ ـ في عدة الداعي : البيت.

٧ ـ ما بين المعقوفين أثبتناه من عدة الداعي.

٤٤٢

عبد الله في حاجتك؟ »

فقال : أتيته ، فقال : « إني معتكف » فقال : « أما إنّه لوسعى في حاجتك لكانت خيراً من اعتكاف ثلاثين سنة » (١).

عن إبراهيم التيمي قال : كنت أطوف بالبيت الحرام ، فاعتمد عليَّ أبو عبد الله عليه‌السلام فقال : ألا أخبرك ـ يا إبراهيم ـ بمالك في طوافك هذا؟ »

قال ، قلت : بلى ، جعلت فداك.

فقال (٢) : « من جاء إلى هذا البيت عارفاً بحقّه ، وطاف به أسبوعاً ، وصلّى ركعتين في مقام إبراهيم ، كتب الله له عشرة الاف حسنة ، ومحا عنه عشرة آلاف سيئة ، ورفع له عشرة الاف درجة ».

ثم قال عليه‌السلام : « ألا أخبرك بخير من ذلك؟ »

قال ، قلت : بلى ، جعلت فداك.

فقال : « من قضى أخاه المؤمن حاجة ، كان كمن طاف طوافاً وطوافاً وطوافاً ـ حتى عدّ عشرة ـ وقال : أيّما مؤمن سأله أخوه المؤمن حاجة ، وهو يقدر على قضائها ولم يقضها له ، سلّط الله عليه شجاعاً في قبره ينهش أصابعه » (٣).

وقال عليه‌السلام : « إنّ مؤمناً كان في مملكة جبار يؤذيه ، فهرب منه ونزل برجل من أهل الشرك فأضافه وألطفه وأجاره ، فلمّا حضره الموت أوحى الله تعالى إليه :

__________________

١ ـ ورد نحوه باختصار في المؤمن : ٥٣ ، ورواه ابن فهد الحلي في عدة الداعي : ١٧٩ ، وعلّق الشيخالمجلسي « قدَه » في بحار الانوار ٧٤ : ٣٣٥ ، ببيان مفصل على الحديث ، منه قوله :

فإن قيل : كيف لم يختر الحسين عليه‌السلام إعانته مع كونها أفضل؟ قلت : يمكن أن يجاب عن ذلك بوجوه :

الأول : أنه يمكن أن يكون له عليه السلام عذر آخر لم يظهره للسائل ، ولذا لم يذهب معه ، فأفاد الحسن عليه السلام ذلك لئلاّ يتوهم السائل أن الاعتكاف في نفسه عذر في ترك هذا ، فالمعنى لو أعانك مع عدم عذر آخركان خيراً.

الثاني : أنه لا استبعاد في نقص علم إمام قبل إمامته عن إمام آخر في حال إمامته ، أواختبار الامام ما هو أقل ثواباً لا سيما قبل الإمامة.

الثالث : ما قيل إنه لم يفعل ذلك لايثار أخيه على نفسه صلوات الله عليهما في إدراك ذلك الفضل.

٢ ـ في الأصل زيادة : له.

٣ ـ ورد نحوه في المؤمن : ٥٥ / ١٤١ ، ورواه ابن فهد في عدة الداعي : ١٧٨.

٤٤٣

وعزّتي وجلالي ، لوكان في جنتي مسكن [ لمشرك ] (١) لأسكنتك فيها ، ولكنّها محرّمة على من مات مشركاً ، ولكن يا نار هادنيه ولا تؤذيه ، ويؤتى برزقه فيها من حيث يشاء الله تعالى » (٢).

وقال عليه‌السلام : « من سرّ مؤمنا فقد سرّنا ، ومن سرّنا فقد سرّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن سرّ رسول الله فقد سرّ الله تعالى ، ومن سرّ الله أسكنه في ظلّ عرشه يوم لا ظل إلاّ ظله (٣).

وإنّ من أحب الأعمال إلى الله تعالى إدخال السرور على عبده المؤمن (٤).

ومن أدخل على مؤمن سروراً ، خلق الله منه خلقاً فيقول له : أبشر ـ يا ولي الله ـ بكرامة من الله ورضوان ، ثم لا يزال معه حتى يدخل قبره ، فيقول مثل [ ذلك ] (٥) ، ثم لا يزال معه عند كل هول يبشره ، فيقول له : من أنت ، يرحمك الله؟ فيقول : أنا السرور الذي أدخلت على فلان » (٦).

وقال عليه‌السلام : « إنّ لله جنة ادّخرها لثلاثة : إمام عادل ، ورجل يُحَكِّمُ أخاه المسلم في ماله ، ورجل مشى لأخيه المسلم في حاجة قضيت أو لم تقض (٧).

وثبت الله قدميه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام (٨).

وكتب له اثنتين وسبعين رحمة ، عجّل له واحدة يصلح بها أمر دنياه ، وادّخر له واحدة وسبعين لأهوال الآخرة (٩).

ومن أكرم مؤمناً فإنما يكرم الله تعالى (١٠).

__________________

١ ـ ما بين المعقوفين أثبتناه من كتاب المؤمن.

٢ ـ المؤمن : ٥٠ / ١٢٣ ، باختلاف يسير ، وفيه : عن أبي جعفر عليه‌السلام.

٣ ـ نحوه في المؤمن : ٤٨ / ١١٤.

٤ ـ المؤمن : ٥١ / ١٢٧ ، باختلاف يسير.

٥ ـ أثبتناه من المؤمن.

٦ ـ المؤمن : ٥١ / ١٢٦.

٧ ـ المؤمن : ٥٣ / ١٣٤ ، وفيه : عن أبي الحسن عليه‌السلام.

٨ ـ المؤمن : ٥٤ / ١٣٦ ، وفيه : وعن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من مشى في حاجة لأخيه المسلم حتى يتمَها أثبت الله قدمه يوم تزلَ الأقدام.

٩ ـ المؤمن : ٥٤ / ١٣٧ ، ، فيه : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعان أخاه اللهفان اللهبان من غم أوكربة كتب الله عز وجلّ له إثنين وسبعين رحمة ...

١٠ ـ المؤمن : ٥٤ / ١٣٨ ، وفيه : عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٤٤

ودعاء المؤمن للمؤمن ، يدفع عنه البلاء ، ويدرِّ عليه الرزق (١).

وأوحى الله تعالى إلى داود عليه‌السلام : إنّ العبد من عبادي يأتيني بالحسنة فأبيحه جنتي ، فقال داود : يا رب ، وما تلك الحسنة؟ قال : يدخل على عبدي المؤمنسروراً ولو بتمرة ، فقال داود : يا ربّ ، حقاً على من عرفك أن لا يقطع رجاءهمنك » (٢).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّما مؤمن عاد مريضاً خاض في الرحمة خوضاً ، فإذا قعد عنده استنقع بها ، فإن عاده غدوة صلّى عليه سبعون ألف ملك إلى أن يمسي ، وإن عاده عشية صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح » (٣).

وقال عليه‌السلام : « إنّ العبد المسلم إذا خرج من بيته ، يريد زيارة أخيه التماس وجه الله ورغبة فيما عنده ، وكل الله تعالى به سبعين ألف ملك ينادونه من خلفه (٤) : ألا طبت وطابت لك الجنة » (٥).

وقال رسول الله : « هبط إلى الأرض ملك ، فأقبل يمشي حتى دفع إلى باب رجل ، وعليها رجل واقف ، فقال له الملك : ما جاء بك إلى هذه الدار؟ فقال : أخ ليزرته في الله ، فقال له الملك : أبشر ، فإني رسول الله إليك ، وهو يقرئك السلام ويقول : وجبت الجنة لك عندي ، وإنّ الله يقول : أيما مسلم زار أخاه ، فإيّاى يزور وثوابه علي » (٦).

وقال عليه‌السلام : « من أشبع أربعة من المؤمنين ، كان كمن عتق رقبة من ولد إسماعيل (٧).

ومن أدخل مؤمنين بيته فأشبعهما ، كان ذلك أفضل من عتق رقبة ، وأطعمه الله من ثمار الجنة (٨).

__________________

١ ـ المؤمن : ٥٥.

٢ ـ المؤمن : ٥٦ / ١٤٣.

٣ ـ ألمؤمن : ٥٨ / ١٤٦.

٤ ـ في المصدر زيادة : إلى أن يرجع إلى منزله.

٥ ـ المؤمن : ٥٨ / ١٤٨ ، وفيه : عن أبي جعفر عليه‌السلام.

٦ ـ المؤمن : ٥٩ / ١٥٠ ، باختلاف في اللفظ.

٧ ـ المؤمن : ٦٣ / ١٥٩ ، باختلاف في اللفظ ، وفيه : عن أبي جعفر عليه‌السلام.

٨ ـ المؤمن : ٦٣ / ١٦٠ ، باختلاف في اللفظ ، وفيه : عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٤٤٥

ومن أطعم مؤمناً من جوع أوسقاه من ظمأ ، أطعمه الله من ثمار الجنة وسقاه من الرحيق المختوم ومن كسا مؤمناً من عري ، كساه الله من الثياب الخضر ، ولم يزل فى ضمان الله مادام عليه (١).

وإنّ من أحب الخصال إلى الله تعالى ، إطعام مسلم من جوع ، أو فك رقبة منرق ، أو قضاء عن مؤمن ديناً (٢).

وأقرب ما يكون العبد من الكفر أن يحفظ على أخيه عثراته وزّلاته ليعيّره ويعنفه بها يوماً ما (٣).

ومن عيّر مؤمناً بشيء لم يمت حتى يركبه (٤).

ومن قال لأخيه المؤمن : أف لك ، انقطع ما بينهما ، فإذا قال له : أنت عدوّي ، فقد كفر أحدهما ، فإذا اتّهمه انماث الإيمان في قلبه كما يُماث الملح في الماء (٥).

ومن لم يعرف لأخيه مثل ما يعرف له فليس بأخيه (٦).

ومن أدخل على أخيه المؤمن سروراً ، فقد أدخله على رسول الله وعلينا ، وكذلك من أدخل عليه أذى أو غماً (٧).

ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يجلس في مجلس (٨) يسبّ فيه امام أو يغتاب فيه مؤمن (٩).

وليس بمؤمن من لم يأمن جاره بوائقه وأخوه بوادره (١٠).

ولو كشف الغطاء عن الناس فنظر [ وا ] (١١) وصل ما بين الله وبين

__________________

١ ـ المؤمن : ٦٣ / ١٦١ ، باختلاف في اللفظ ، وفيه : عن علي بن الحسين عليه‌السلام.

٢ ـ المؤمن : ٦٥ / ١٦٧ ، باختلاف في اللفظ ، وفيه : عن أبي جعفر عليه‌السلام.

٣ ـ المؤمن : ٦٦ / ١٧١ ، باختلاف في اللفظ ، وفيه : عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٤ ـ المؤمن : ٦٦ / ١٧٣.

٥ ـ المؤمن : ٦٧ / ١٧٥ ، وفيه : عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٦ ـ المؤمن : ٦٧ / ١٧٦.

٧ ـ المؤمن : ٦٨ / ١٨٣ ، باختلاف في اللفظ ، وفيه : عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٨ ـ في الأصل : مجالس ، وما أثبتناه من المصدر.

٩ ـ المؤمن : ٧٠ / ١٩٢.

١٠ ـ المؤمن : ٧١ / ١٩٥ ، باختلاف يسير.

١١ ـ أثبتناه من المصدر.

٤٤٦

المؤمن ، لخضعت له رقابهم ، وانقادت له طاعتهم ، ولو نظروا إلى ما يُرَدّ من الأعمال من السماء ، لقالوا : ما يقبل من أحد عمل » (١).

وقال : « لا تبدي الشماتة بأخيك فيرحمه [ الله عزّ وجلّ ] (٢) ويبتليك » (٣).

يقول العبد الفقير إلى رحمة الله ورضوانه ، أبو محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي ، أعانه الله على طاعته وتغمّده برحمته ورأفته : إنّني حيث ذكرت صفات المؤمنين ، وما يجب أن يكونوا عليه من الخصال المحمودة ، وما يجانبوه من الخصال الذميمة ، وبالغت في ذلك على حدّ يخاف أن يشق على من لم يعرف اُصول ذلك من كتاب الله تعالى وسنة نبيّه وأهل بيته عليه وعليهم السلام ، أحببت أن أردف ذلك بذكر ما جاء من بشائر المؤمن ومسارّه ، عند وفاته وبعد وفاته ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ألا أخبركم بالفقيه كل الفقيه؟ »

قالوا : بلى ، يا رسول الله ، قال : « من لم يطمع الناس في جنب الله ، ولم يؤيسهم من رحمة الله تعالى ».

الحديث الأول : عن صفوان بروايته عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، أن قوماً من أصحابه قالوا له : إنما أحببناكم لقرابتكم من رسول الله ، ولما أوجب الله من حبّكم ، ما أحببناكم لدنيا نصيبها منكم ، ولكن لوجه الله والدار الآخرة.

فقال : « صدقتم ، ثم قال : من أحبنا كان معنا وجاء معنا يوم القيامة هكذا ـ ثم جمع بين السبابتين ـ ثم قال : والله لو أنّ رجلاً صام النهار وقام الليل ، ثم لقي الله بغير ولايتنا ، لقيه وهو عليه ساخط ».

وقال عليه‌السلام : « إذا كان يوم القيامة يقبل قوم على نجائب من نور ، ينادون بأعلى أصواتهم : الحمد لله الذي أنجزنا وعده ، الحمد لله الذي أورثنا أرضه نتبوأ من الجنة حيث نشاء.

قال فيقول الخلائق : هذه زمرة الانبياء ، فإذا النداء من عند الله عزّ وجلّ : هؤلاء شيعة علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وهم صفوتي من عبادي وخيرتي.

__________________

١ ـ المؤمن : ٧٢ / ١٩٨ ، باختلاف يسير وفيه : عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٢ ـ أثبتناه من المصدر.

٣ ـ المؤمن : ٧٢ / ٢٠٠ ، باختلاف يسير ، وفيه : عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٤٤٧

فيقول الخلائق : إلهنا وسيدنا ، بما نالوا هذه الدرجة؟

فإذا النداء من قبل الله عزّ وجلّ : نالوها بتختمهم في اليمين ، وصلاتهم إحدى وخمسين ، وإطعامهم المسكين ، وتعفيرهم الجبين ، وجهرهم في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم » (١).

وعنه عليه‌السلام قال : « من أحبّنا ولقي الله وعليه مثل زبد البحر ذنوباَ ، كان حقا على الله أن يغفر له » (٢).

وقال عاصم ، عن أبي حمزة ، عن حنش (٣) بن المعتمر قال : دخلت على عليّ ـ وهو في الرحبة متكئاً ـ فقلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، كيف أصبحت؟ قال : فرفع رأسه وردّ عليّ ، وقال : « أصبحت ـ والله ـ محباً لمحبّنا ، صابراً على بغض مبغضنا ، إنّ محبنا ينتظر الرّوح والفرج في كل يوم وليلة ، وإنّ مبغضنا بنى بنياناً ، فأسس بنيانه على شفا جرف ، فكأنك ببنيانه قد هار » (٤).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام لداود الرقّي : « ألا أحدّثك بالحسنة التي من جاءبها أمِن من فزع يوم القيامة ، وبالسيئة التي من جاء بها أكبّه الله على وجهه في النار؟ » قال : قلت : بلى ، قال : « الحسنة حبّنا ، والسيئة بغضنا » (٥).

وعن الحارث الأعور قال : أتيت أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال : « ما جاء بك؟ » فقلت : حبك ، قال : « الله الله ، ما جاء بك إلاّ حبّي؟ » فقلت : نعم ، فقال : « أما إني سأحدّثك بشكرها : إنّه لا يموت عبد يحبّني حتى يراني حيث يحب ، ولا يموت عبد يبغضني حتى يراني حيث يكره » (٦).

__________________

١ ـ أخرجه المجلسي في بجار الأنوار ٨٥ : ٨٠ عن أعلام الدين.

٢ ـ أخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢١ / ١٠٣ عن أعلام الدين.

٣ ـ في الأصل : جيش ، وهو تصحيف ، والصواب ما أثبتناه من المصدر ، وهو حنش بن المعتمر ، ويقال : ابن ربيعة الكناني ، أبو المعتمر ، تابعي من أهل الكوفة ، من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، اُنظر « ميزان الاعتدال١ : ٦١٩ / ٢٣٦٨ ، الجرح والتعديل ٣ : ٢٩١ / ١٢٩٧ ، تهذيب التهذيب ٣ : ٥٨ / ١٠٤ ، والإصابة ١ : ٣٩٦ / ٢١١٤ ».

٤ ـ رواه المفيد في آماله : ٢٣٢ / ٤ ، وأخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢١ / ١٠٤ عن أعلام الدين.

٥ ـ أخرجة المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢٢ / ١٠٥ عن أعلام الدين.

٦ ـ أخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢٢ / ١٠٦ عن أعلام الدين.

٤٤٨

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام لعمر (١) بن حنظلة : « يابا صخر ، إنّ الله يعطي الدنيا لمن يحبّ ويبغض ، ولا يعطي هذا الأمر إلاّ أهلَ صفوته ، أنتم ـ والله ـ على ديني ودين آبائي » (٢).

وقال عليه‌السلام : « والله لنشفعنّ ، والله لنشفعنّ ـ ثلاث مرات ـ حتى يقول عدوّنا : فما لنا من شافعين ولا صديق حميم.

إنّ شيعتنا يأخذون بحجزتنا ، ونحن آخذون بحجزة نبينا ، ونبينا آخذ بحجزة الله » (٣).

وقال له زياد الأسود : إنّي أُلِمُّ بالذنوب فأخاف ألهلكة ، ثم أذكر حبكم فأرجو النجاة.

فقال عليه‌السلام : « وهل الدّين إلاّ الحب! قال الله : ( حَبّبَ إليكم الإيمان ) (٤) وقال : ( إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يحببكم الله ) (٥) ».

وقال رجل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي أحبك ، فقال : « إنك لتحبني؟ » فقال الرجل : إي والله ، فقال النبي : « أنت مع من أحببت » (٦).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « من مات منكم على هذا الأمر منتظراً له ، كان كمن كان في فسطاط القائم » (٧).

وقال له بعض أصحابه : أصلحك الله ، والله لقد تركنا أسواقنا انتظاراً لهذا ألأمر ، فقال أبو عبد الله : « أترى من حبس نفسه على الله لا يجعل له مخرجاً؟ بلى ـ والله ـ ليجعلن الله له مخرجاً ، رحم الله من حبس نفسه علينا ، رحم الله من أحيا

__________________

١ ـ في الأصل : عمرو ، وما أثبتناه من الكافي هو الصواب ، وهو عمر بن حنظلة العجلي البكزي الكوفي ، يكنى أبا صخر ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر والصادق عليهما‌السلام ، اُنظر « رجال الشيخ : ١٣١ / ٦٤ و ٢٥١ / ٤٥١ ، معجم رجال الحديث ١٣ : ٢٧ / ٨٧٢٣ ».

٢ ـ الكافي ٢ : ١٧٠ / ١ ، وأخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢٢ / ١٠٧ عن أعلام الدين.

٣ ـ المحاسن : ١٨٢ / ١٧٩ ، وأخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢٢ / ١٠٨ عن أعلام الدين.

٤ ـ الحجرات ٤٩ / ٧.

٥ ـ آل عمران ٣ : ٣١.

٦ ـ أخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢٢ / ١٠٩ عن أعلام الدين.

٧ ـ المحاسن : ١٧٣ / ١٤٧.

٤٤٩

أمرنا » (١).

وروي عن أبي أيوب الأنصاري رحمه‌الله قال : كنت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد سئل عن الحوض ، فقال : « أما إذا سألتموني عن الحوض ، فإنّي سأخبركم عنه ، إن الله تعالى أكرمني به دون الأنبياء ، وإنّه ما بين أيلة إلى صنعاء ، يسيل فيه خليجان من الماء ، وماؤهما أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، بطحاؤهما مسك أذفر ، حصباؤهما الدرّ والياقوت ، شرط مشروط من ربي ، لا يردهما إلاّ الصحيحة نيّاتهم ، النقيِّة قلوبهم ، الذين يعطون ما عليهم في يسر ، ولا يأخذون مالهم في عسر ، المسلّمون للوصيّ من بعدي ، يذود من ليس من شيعته ، كما يذود الرجل الجمل الأجرب عن إبله » (٢).

وعنه عليه‌السلام قال : « إذا بلغت نفس أحدكم هذه ـ وأومأ بيده إلى حلقه ـ قيل له : أما ما كنت تحذر من همّ الدنيا فقد أمنته ، ثم يعطى بشارته » (٣).

وعنه عليه‌السلام ، يرويه عن آبائه ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : « بشّر شيعتك ومحبيك بخصال عشر : أوّلها : طيب مولدهم ، و [ ثانيها ] (٤) حسن إيمانهم ، و [ ثالثها ] (٥) حبّ الله لهم ، والرابعة : الفسحة في قبورهم ، والخامسة : نورهم يسعى بين أيديهم (٦) والسادسة : نزع الفقر من بين أعينهم وغنى قلوبهم ، والسابعة : المقت من الله لأعدائهم ، والثامنة : الأمن من البرص والجذام ، والتاسعة : انحطاط الذنوب والسيئات عنهم ، والعاشرة : هم معي في الجنة وأنا معهم ، فطوبى لهم وحسن مآب » (٧).

وروى جابر بن عبد الله قال : بينا نحن عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ

__________________

١ ـ المحاسن : ١٧٣ / ١٤٨ ، باختلاف يسير ، و : عن عبد الحميد الواسطي قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام.

٢ ـ أمالي الطوسي ١ : ٢٣٢ ، باختلاف في اللفظ ، وأخرجه المجلسي في بحار الأنوار ٨ : ٢٨ / ٣٣ عنأعلام الدين.

٣ ـ أخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٦٢ / ١١ ، عن أعلام الدين ، وفيه : عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٤ ، ٥ ـ أثبتناه من البحار.

٦ ـ في الخصال : وخامسها النور على الصراط بين أعينهم.

٧ ـ رواه الصدوق في الخصال : ٤٣٠ / ١٠ ، وأخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٦٢ / ١٢ عن أعلام الدين.

٤٥٠

التفت إلى عليّ عليه‌السلام فقال : « يا أبا الحسن ، هذا جبرئيل عليه‌السلام يقول : « إن ّالله تعالى أعطى شيعتك ومحبّيك سبع خصال : الرفق عند الموت ، والإُنس عند الوحشة ، والنور عند الظلمة ، والأمن عند الفزع ، والقسط عند الميزان ، والجواز على الصراط ، ودخول الجنة قبل الناس يسعى نورهم بين أيديهم » (١).

وروى جابرـأيضاً ـ عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « من أحبّ الأئمة من أهل بيتي ، فقد أصاب خير الدنيا والآخرة ، فلا يشكّنّ أحد أنّه في الجنّة ، فإنّ في حبّ أهل بيتي عشرين خصلة : عشر في الدنيا ، وعشر في الآخرة.

أمّا في الدنيا : فالزهد ، والحرص على العمل ، والورع في الدين ، والرغبة في العبادة ، والتوبة قبل الموت ، والنشاط في قيام اللّيل ، واليأس مما في أيدي الناس ، والحفظ لأمر الله عزّ وجلّ ونهيه ، والتاسعة بغض الدنيا ، والعاشرة : السخاء.

وأمّا في الآخرة : فلا ينشر له ديوان ، ولا ينصب له ميزان ، ويُعطى كتابه بيمينه ، وتكتب له براءة من النار ، ويبيضَ وجهه ، ويُكسى من حلل الجنة ، ويشفّع في مائة من أهل بيته ، وينظر الله إليه بالرحمة ، ويتوّج من تيجان الجنة ، والعاشرة : دخول الجنة بغير حساب ، فطوبى لمحب أهل بيتي » (٢).

وعن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « للمؤمن على الله تعالى عشرون خصلة ، يفي له بها ، له على الله تعالى : ألاّ يفتنه ولا يُضلّه ، وله على الله أن لا يعريه ولا يجوعه [ وله على الله أن لا يشمت به عدوه ] (٣) وله على الله أن لا يخذله ويعزّه (٤) [ وله على الله أن لا يهتك ستره ] (٥) ، وله على الله أن لا يميته غرقاً ولا حرقاً ، وله على الله أن لا يقع على شيء ولا يقع عليه شيء ، وله على الله أن يقيه مكر الماكرين ، وله على الله أن يعيذه من سطوات الجبارين ، وله على الله أن يجعله معنا في الدنيا

__________________

١ ـ رواه الصدوق في الخصال : ٤٠٢ / ١١٢ ، باختلاف يسير ، وأخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٦٢ / ١٣ عن أعلام الدين.

٢ ـ الخصال : ٥١٥ / ١ ، وفيه : عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأخرجهالمجلسي في البحار ٢٧ : ١٦٣ / ١٤.

٣ ـ أثبتناه من الخصال.

٤ ـ في الخصال : ويعزله.

٥ ـ أثبتناه من الخصال.

٤٥١

والآخرة ، وله على الله أن لا يسلّط عليه من الأدواء ما يشين خلقته [ وله على الله أن يعيذه من ألبرص والجذام ] (١) ، وله على الله أن لا يميته على كبيرة ، وله على الله أن لا ينسيه مقامه في المعاصي حتّى يحدث توبة ، وله على الله أن لا يحجب عنه (علمه ويعرفه بحجته) (٢) وله على الله أن [ لا ] (٣) يغرز في قلبه الباطل ، وله على الله أن يحشره يوم القيامة ونوره يسعى بين يديه ، وله على الله أن يوفّقه لكل خير ، وله على الله أن لا يسلط عليه عدوه فيذله ، وله على الله أن يختم له بالأمن والإيمان ويجعله معنا في الرفيق الأعلى ، هذه شرائط الله عز وجلّ للمؤمنين » (٤).

ومن كتاب (فرج الكرب) عن أبي بصير ، قال الصادق عليه‌السلام : « يابامحمد تفرّق الناس شعباً ورجعتم ـ أنتم ـ إلى أهل بيت نبيّكم ، فأردتم ما أراد الله ، وأحببتم من أحبّ الله ، واخترتم من اختاره الله ، فابشروا واستبشروا ، فأنتم والله المرحومون ، المتقبل منكم حسناتكم ، المتجاوز عن سيئاتكم فهل سررتك؟ »

فقلت : نعم.

فقال : « يابا محمد ، إنّ الذنوب تساقط عن ظهور شيعتنا ، كما يسقط الريح الورق من الشجر ، وذلك قوله تعالى : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يُسبّحون بحمد ربهم ... ويستغفرون للذين امنوا ) (٥) والله ـ يا با محمد ـ ما أراد الله بهذا غيركم ، فهل سررتك؟ »

قلت : نعم زدني.

فقال : « قد ذكركم الله في كتابه عزّ من قائل : ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) (٦) يريد أنكم وفيتم بما أخذ عليكم ميثاقه من ولايتنا ، وأنّكم لم تستبدلوا بنا غيرنا.

وقال : ( الاخلاّء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ الا المتقين ) (٧) والله ما عنى بهذا

__________________

١ ـ أثبتناه من الخصال.

٢ ـ في الخصال : معرفته بحجته.

٣ ـ أثبتناه من الخصال.

٤ ـ الخصال : ٥١٦ / ٢ ، وأخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢٢ / ١١٠ عن أعلام الدين.

٥ ـ المؤمن ٤٠ : ٧.

٦ ـ الأحزاب ٣٣ : ٢٣.

٧ ـ الزخرف ٤٣ : ٦٧.

٤٥٢

غيركم ، فهل سررتك ، يابا محمد؟ »

فقلت : زدني قال : « لقد ذكركم الله في كتابه ، حيث يقول : ( إخواناً على سرر متقابلين ) (١) والله ما أراد الله بهذا غيركم ، هل سررتك؟ [ فقلت : نعم زدني ] (٣) قال : وقد ذكركم الله تعالى بقوله : ( أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ) (٣) فرسول الله في هذا الموضع النبيّون ، ونحن الصديقون والشهداء ، وأنتم الصالحون ، وأنتم والله شيعتنا ، فهل سررتك؟ » فقلت : نعم زدني.

فقال : « لقد أستثناكم الله تعالى على الشيطان فقال : (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) (٤) والله ما عنى بهذا غيركم ، فهل سررتك؟ ».

فقلت : نعم زدني.

فقال : « قال الله تعالى : ( قل ياعبادى الذين أسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر الذنوب جميعاً ) (٥) والله ما عنى بهذا غيركم ، هل سررتك ، يابا محمد؟ » قلت : زدني.

فقال : « يابا محمد ، ما استثنى الله تعالى لأحد من الأنبياء ولا أتباعهم ، ما خلا شيعتنا ، فقال عز من قائل : ( يوم لا يغني مولى عن مولى شيئاَ ... إلاّ من رحم الله ) (٦) وهم شيعتنا ، يابا محمد ، هل سررتك؟ »

قلت : زدني ، يابن رسول الله.

قال : « لقد ذكركم الله تعالى في كتابه حيث قال : ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنّما يتذكّر اُولوا الألباب ) (٧) فنحن الذين نعلم ، وأعداؤنا الذين لا يعلمون ، وشيعتنا هم اُولو الألباب ».

قلت : زدني ، يا ابن رسول الله.

__________________

١ ـ الحجرات ١٥ : ٤٧.

٢ ـ أثبتناه من البحار.

٣ ـ النساء ٤ : ٦٩.

٤ ـ ألإسراء ١٧ : ٦٥.

٥ ـ الزمر ٣٩ : ٥٣.

٦ ـ الدخان ٤٤ : ٤١ ، ٤٢.

٧ ـ الزمر ٣٩ : ٩.

٤٥٣

قال : « يابا محمد ، ما يحصى تضاعف ثوابكم ـ يابا محمد ـ ما من آية تقود إلى الجنة ، وتذكر أهلها بخير ، إلاّ وهي فينا وفيكم ، وما من آية تسوق إلى النار ، إلاّ وهي في عدونا ومن خالفنا ، والله ما على دين محمد وملة إبراهيم عليه‌السلام غيرنا وغيركم ، وإن سائر الناس منكم براء ، يا أبا محمد ، هل سررتك؟ »

قلت : نعم ـ يا ابن رسول الله ـ صلّى الله عليك ، وجعلت فداك ، ثم انصرفت فرحاً (١).

* * *

__________________

١ ـ رواه الكليني في الكافي ٨ : ٣٣ / ٦ ، والصدوق في فضائل الشيعة : ٢١ / ١٨ ، والمفيد في ألإختصاص : ١٠٤ ، باختلاف في ألفاظه ، وأخرجه المجلسي في بحار الأنوار ٧ ٢ : ١٢٣ / ١١ عن أعلام الدين.

٤٥٤

فصل : في حسن الظن بالله تعالى

روي عن العالم عليه‌السلام أنه قال : « والله ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة ، إلاّ بحسن ظنه بالله عزّ وجل ، ورجائه له ، وحسن خلقه ، والكف عن اغتياب المؤمنين ، فالله تبارك وتعالى لا يعذب عبداً بعد التوبة والاستغفار ، إلاّ بسوء ظنه ، وتقصيره في رجائه لله عز وجل ، وسؤ خلقه ، واغتيابه للمؤمنين ، وليس يحسن ظن عبد مؤمن بالله ـ عز وجل ـ إلاّ كان عند ظنّه به ، لأنّ الله تعالى كريم يستحيي أن يخلف ظن عبده ورجاءه ، فأحسنوا الظنّ بالله وارغبوا إليه ، فإنّ الله تعالى يقول : ( الظّانين بالله ظنّ السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعدّ لهم جهنّم وساءت مصيراً ) (١) » (٢).

وقد روي : انّ الله تعالى قال : « أنا عند ظنّ عبدي بي ، فلا يظنّ بي إلاّ خيراً » وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه وآله : « الثقة بالله حصن لا يحصّن به إلاّ مؤمن ، والتوكّل عليه نجاة من كل سوء ، وحرز من كل عدو ».

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : ( فلا اقتحم العقبة ) (٣) فقال : « من انتحل ولايتنا فقد جاز العقبة ، فنحن تلك العقبة التي من أقتحمها نجا ».

ثم قال : « مهلاً ، أفيدك حرفاً هو خير لك من الدنيا وما فيها ، قوله تعالى : ( فك رقبة ) (٤) إن الله تعالى فكّ رقابكم من النار بولايتنا ـ أهل البيت ـ فأنتم صفوة الله (٥) ، ولو أنّ الرجل منكم يأتي بذنوب مثل رمل عالج ، لشفعنا فيه عند الله تعالى ، فلكم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، لا تبديل لكلمات الله ، ذلك هو الفوز العظيم » (٦).

ميسر قال : كنت أنا وعلقمة الحضرمي ، وأبو حسّان العجلي ، وعبد الله بن

__________________

١ ـ الفتح ٤٨ : ٦.

٢ ـ فقه الرضا عليه‌السلام : ٣٦٠.

٣ ـ البلد٩٥ : ١١.

٤ ـ البلد ٩٠ : ١٣.

٥ ـ رواه الصدوق في فضائل الشيعة : ٢٦ / ١٩ باختلاف في ألفاظه ، وفيه : عن أبان بن تغلب عنأبي عبد الله عليه‌السلام.

٦ ـ أخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢٥ / ١١٢ عن أعلام الدين.

٤٥٥

عجلان ، ننتظر أبا جعفر عليه‌السلام ، فخرج علينا فقال : « مرحباً وأهلاً ، والله إني لأحبّ ريحكم وأرواحكم ، وإنّكم لعلى دين الله ».

فقال له علقمة : فمن كان على دين الله ، تشهد أنّه من أهل الجنة؟

قال : فمكث هنيئةً ثم قال : « بوروا (١) أنفسكم ، فإن لم تكونوا قارفتم الكبائر فأنا أشهد ».

قلنا : وما الكبائر؟

قال : « سبع : الشرك بالله العظيم ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنة [ وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، والربا ، والفرار من الزحف ] (٢) ».

قال ، قلنا : ما منّا أحد أصاب من هذا شيئاً.

فقال : « فأنتم إذاً ناجون (٣) ، فاجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للنّاس ، فإنّه ما كان للنّاس فهو للنّاس ، وما كان لله فهو له ، فلا تخاصموا النّاس بدينكم ، فإنّ الخصومة ممرضة (٤) للقلب ، إنّ الله قال لنبيّه : ( إنّك لا تهدي من أحببت ) (٥) وقال : ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) (٦) » (٧).

عن عبد الله بن أبي يعفور قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « قد استحييت مما أكرر هذا الكلام عليكم ، إنّما بين أحدكم وبين أن يغتبط أن تبالغ نفسه هاهنا ـ وأهوى بيده إلى حنجرته ـ يأتيه رسول الله صلّى الله عليه وعليّ فيقولان له : أما ما كنت تخاف فقد آمنك الله منه ، وأمّا ما كنت ترجو فأمامك (٨) ، فابشروا أنتم الطيبون ، ونساؤكم الطيبات ، كل مؤمنة حوراء عيناء ، وكل مؤمن صديق شهيد » (٩).

__________________

١ ـ باره : جربه وامتحنه « الصحاح ـ بور ـ ٢ : ٥٩٧ ».

٢ ـ أثبتناه من البحار.

٣ ـ رواع العياشي في تفسيره ١ : ٢٣٧ / ١٠٤.

٤ ـ في الأصل : همرصة ، وهو تصحيف ، والصواب ما أثبتناه من كتاب التوحيد.

٥ ـ القصص ٢٨ : ٦٥.

٦ ـ يونس ١٠ : ٩٩.

٧ ـ رواه الصدوق في التوحيد : ٤١٤ / ١٣ ، باختلاف يسير ، وفيه : عن علي بن عقبة عن أبيه ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : اجعلوا ... ، وأخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢٥ / ١١٣.

٨ ـ المحاسن : ١٧٥ : ١٥٦.

٩ ـ البحار٢٧ : ١٦٣ / ١٥ عن أعلام الدين.

٤٥٦

وعن أبي حمزة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « شيعتنا أقرب الخلق من عرش الله يوم القيامة » (١).

وقال : « أنتم أهل تحية الله بالسلام ، وأهل أثرة الله برحمته ، وأمل توفيق الله بعصمته ، وأهل دعوته بطاعته ، ولا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ، أسماؤكم عندنا الصالحون المصلحون ، وأنتم أهل الرضا لرضاه عنكم ، والملائكة إخوانكم في الخير ، فإذا اجتهدتم دعوا ، واذا أذنبتم استغفروا ، وأنتم خير البرية بعدنا ، دياركم لكم جنة ، وقبوركم لكم جنة ، للجنة خلقتم ، وفي الجنة نعيمكم ، وإلى الجنة تصيرون » (٢).

وقال أبو حمزة : سمعت أبا جعفر يقول : « إذا قام المؤمن في الصلاة ، بعث الله الحور العين حتى يحدقن َبه ، فإذا انصرف ولم يسأل الله منهنّ شيئاً تفرّقن وهنّ متعجبات » (٣).

وقال الحسن بن علي عليه‌السلام : « ما يضر الرجل من شيعتنا أي ميتة مات : أكله سبع ، أو اُحرق بنار ، أو غرق ، أو صلب ، أوقتل ، هو والله صديق شهيد » (٤).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام لأصحابه ابتداءً منه : « أحببتمونا وأبغضنا الناس ، وصدّقتمونا وكذّبنا الناس ، ووصلتمونا وجفانا الناس ، فجعل الله محياكم محيانا ومماتكم مماتنا.

أما ـ والله ـ ما بين الرجل منكم وبين أن يقرّ الله عينه ، إلاّ أن تبلغ نفسه هذا المكان ـ وأومأ إلى حلقه فمد الجلدة ثم أعاد ذلك ، فو الله ما رضى حتى حلف « فقال ـ : والله الذي لا إله الاّ هو ، لحدّثني أبي محمد بن عليّ بذلك ، إن الناس أخذواها هنا وهاهنا ، وإنكم أخذتم حيث أخذ الله ، إنّ الله اختار من عباده محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله واخترتم خيرة الله ، فاتقوا الله ، وأدّوا الأمانات إلى الأسود والأبيض ، وإن كان حرورياً ، وإن [ كان ] (٥) شامياً » (٦).

__________________

١ ـ المحاسن : ١٨٢ / ١٧٧ ، والبحار ٢٧ : ١٢٦ / ١١٤ عن أعلام الدين.

٢ ـ النص الموجود في المتن ملفق من عدة أحاديث ، اُنظر ما رواه الشيخ الصدوق في فضائل الشيعة : ١٣ / ١٣ و ٣٦ / ٣٣ و ٣٦ / ٣٤ ، وأخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢٦ / ١١٤ عن أعلام الدين.

٣ ـ فضائل ألشيعة : ٣٦ / ٣٥.

٤ ـ رواه البرقي في المحاسن : ١٦٤ / ١١٩ ، باختلاف يسير ، وفيه : عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٥ ـ أثبتناه من البحار.

٦ ـ أخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٦٣ / ١٦ عن أعلام الدين.

٤٥٧

وعن عبد الرحيم قال : قال لي أبو جعفر : « إنّما يغتبط أحدكم حين تبلغ نفسه هاهنا ، فينزل عليه ملك (١) فيقول : أمّا ما كنت ترجو فقد اُعطيته ، وأمّا ما كنت تخافه فقد أمنت منه ، فيفتح له باب إلى منزله من الجنة ، ويقال له : اُنظر إلى مسكنك من الجنة ، وانظر هذا رسول الله وفلان وفلان وفلان (٢) ، هم رفقاؤك [ وهو قوله تعالى : ] (٣) ( الذين آمنوا وكانوا يتّقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) (٤) » (٥).

وعن محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله قال : « قال الله تعالى : ليأذن بحربي مستذل عبدي المؤمن ، وما تردّدت في شيء تردّدي في موت عبدي المؤمن ، إنّي لأحبّ لقاءه ويكره الموت فأصرفه عنه ، وإنّه ليدعوني في الأمر فأستجيب له ، ولو لم يكن في الأرض إلاّمؤمن واحد ، لاستغنيت به عن جميع خلقي ، ولجعلت له من إيمانه أنساً لا يستوحش معه » (٦).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أبغضنا ـ أهل البيت ـ بعثه الله يوم القيامة يهودياً ».

وعن صفوان ، عن أبي عبد الله قال : « أما ـ والله ـ إنكم لعلى دين الله ودين ملائكته ، وإنكم ـ والله ـ لعلى الحق ، فاتّقوا الله ، وكفوا ألسنتكم ، وصلّوا في مساجدكم ، وعودوا مرضاكم ، فإذا تميّز الناس فتميزوا ، فإنّ ثوابكم لعَلى الله ، وإنّ أغبط ما تكونون إذا بلغت نفس أحدكم إلى هذه ـ وأومأ إلى حلقه ـ قرّت عينه ».

وروى خالد بن نجيح الخزاز فقال : (دخلنا على أبي عبد الله عليه‌السلام) (٧) فقال : « مرحباً بكم وأهلاً وسهلا ، والله إنّا لنستأنس برؤيتكم ، إنكم ما أحببتمونا لقرابة بيننا وبينكم ، ولكن لقرابتنا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحب لرسول [ الله ] (٨) ، على غير دنياً أصبتموها منّا ، ولا مال اعطيتم عليه ، أحببتمونا في توحيد الله

__________________

١ ـ في تفسير العياشي : ملك الموت.

٢ ـ في تفسير العياشي : وعلي والحسن والحسين عليهم‌السلام.

٣ ـ أثبتناه من البحار.

٤ ـ يونس ١٠ : ٦٣ ، ٦٤.

٥ ـ رواه العياشي في تفسيره ٢ : ١٢٤ / ٣٢ ، وأخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٦٤ / ١٧.

٦ ـ المحاسن : ١٦٠ / ١٠٠ ، باختلاف يسير.

٧ ـ في الأصل : حيث دخلنا عليه ، وما أثبتناه من البحار.

٨ ـ أثبتناه من البحار.

٤٥٨

وحده لاشريك له ، إنّ الله قضى على أهل السماوات وأهل الأرض الموت فقال (كل شيء هالك إلاّ وجهه ) (١) فليس يبق إلاّ الله وحده لا شريك له.

اللهم كما كانوا مع آل محمد في الدنيا ، فاجعلهم معهم في الآخرة ، اللهم كما كان سرّهم على سرّهم وعلانيتهم [ على علانيتهم ] (٢) فاجعلهم في ثقل محمد يوم القيامة » (٣).

وسأله أبو بصير عن قول الله تعالى : ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ) (٤) ماعنى بذلك؟

فقال : « معرفة الإمام ، واجتناب الكبائر ، ومن مات وليس في رقبته بيعة لإمام مات ميتة جاهلية ، ولا يعذر النّاس حتى يعرفوا إمامهم ، فمن مات وهو عارف بالإمامة لم يضرّه تقدّم هذا الأمر أوتأخّر ، وكان كمن هو مع القائم في فسطاطه.

قال : ثم مكث هنيئة ، ثم قال : لا ، بل كمن قاتل معه.

ثم : قال : لا ، بل ـ والله ـ كمن استشهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) » (٦).

عن الحارث بن الأحول قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي عليه‌السلام : لمّا اسري بي إلى السماء ، رأيت في الجنة نهراً أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، فيه أباريق عدد نجوم السماء ، على شاطئه قباب الياقوت الأحمر والدرّ الأبيض ، فضرب جبرئيل بجناحه إلى جانبه فإذا هو مسك أذفر.

ثم قال : والله الذي نفس محمّد بيده ، إنّ في الجنة لشجراً يصفقن بالتسبيح بصوت لم يسمع الأوّلون والآخرون بمثله ، يثمرن أثداءً كالرّمان ، تلقي الثمرة إلى الرجل فيشقها عن سبعين حلّة ، والمؤمنون ـ يا عليّ ـ على كراسي من نور ، وهم الغر المحجّلون وأنت إمامهم ، على الرجل نعلان يضيء له شراكهما أمامه حيث شاء من الجنة ، فبينا المؤمن كذلك إذ أشرفت عليه امرأة من فوقهم فتقول : سبحان الله ـ يا عبد الله ـ أما لنا

__________________

١ ـ القصص ٢٨ : ٨٨.

٢ ـ أثبتناه من البحار.

٣ ـ أخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢٦ / ١١٥ عن أعلام الدين.

٤ ـ البقرة ٢ : ٢٦٩.

٥ ـ في الأصل زيادة : السلام.

٦ ـ أخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢٦ / ١١٦ عن أعلام الدين.

٤٥٩

منك دولة! فيقول : ومن أنت؟ فتقول : أنا من اللّواتي قال الله : ( ولدينا مزيد ) (١) ، فبينا هو كذلك ، إذ أشرفت عليه اُخرى من فوقهم ، فتقول : سبحان الله ـ يا عبد الله ـ أما لنا منك دولة! فيقول : ومن أنت؟ فتقول : أنا من اللواتي قال الله : ( فلا تعلم نفس ما اُخفي لهم من قرّة أعين جزاءً بما كانوا يعملون ) (٢).

ثم قال : والّذي نفس محمد بيده ، إنّه ليجيئه سبعون ألف ملك ، يسمّونه باسمه واسم أبيه » (٣).

وعن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « ما من مؤمن إلاّ وقد جعل الله له من إيمانه أنساً يسكن إليه ، حتى لو كان على قلة جبل لم يستوحش » (٤).

وقال أبو عبد الله : « وفد إلى الحسين عليه‌السلام وفد فقالوا : يا ابن رسول الله ، إن أصحابنا وفدوا إلى معاوية ووفدنا نحن إليك.

فقال : إذن أجيزكم بأكثر مما يجيزهم.

فقالوا : جعلنا فداك ، إنما جئنا مرتادين لديننا.

قال : فطأطأ رأسه ونكت (٥) في الأرض وأطرق طويلاً ، ثم رفع رأسه فقال : « قصيرة من طويلة » (٦) ، من أحبنا لم يحبّنا لقرابة بيننا وبينه ، ولا لمعروف أسديناه إليه ، إنَما أحبّنا لله ورسوله ، فمن أحبنا جاء معنا يوم القيامة كهاتين ـ وقرن بين سبابتيه ـ » (٧).

حديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في البشائر ، رواه عنه الصادق

__________________

١ ـ ق ٣٥ : ٥٠.

٢ ـ السجدة ٣٢ : ١٧.

٣ ـ رواه البرقي في المحاسن : ١٨٠ : ١٧٢ ، باختلاف يسير ، وأخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢٧ / ١١٧ عن أعلام الدين.

٤ ـ رواه البرقي في المحاسن : ١٥٩ / ٩٨.

٥ ـ قال ابن الاثير في النهاية ـ نكت ـ ٥ : ١١٣ : « بينا هو ينكت إذا انتبه » أي يفكر ويحدث نفسه. وأصله من النكت بالحصى ، ونكت الارض بالقضيب ، وهو أن يؤثر فيها بطرفه ، فعل المفكر المهموم.

٦ ـ مثل ذكره الميداني في مجمع الأمثال٢ : ١٠٦ ، وقال : قال ابن الاعرابي : القصيرة التمرة والطويلة النخلة ، يضرب لاختصار الكلام.

٧ ـ أخرجه المجلسي في البحار ٢٧ : ١٢٧ / ١١٨ عن أعلام الدين.

٤٦٠