الدّارس في تاريخ المدارس - ج ٢

عبد القادر بن محمّد النعيمي الدمشقي

الدّارس في تاريخ المدارس - ج ٢

المؤلف:

عبد القادر بن محمّد النعيمي الدمشقي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٦

الدخوار ، وعاش سبعا وتسعين سنة ممتعا بالسمع والبصر ، توفي يوم عاشوراء انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان وعشرين المذكورة : الدخوار الطبيب واقف الدخوارية مهذب الدين عبد الرحيم بن علي بن حامد ، المعروف بالدخوار شيخ الأطباء بدمشق ، وقد وقف داره بدرب العجل بالقرب من الصاغة العتيقة على الاطباء بدمشق مدرسة لهم وكانت وفاته من هذه السنة في صفر ، ودفن بسفح قاسيون ، وعلى قبره قبة على أعمدة في أصل الجبل شرقي الركنية ، وقد ابتلي بستة أمراض متعاكسة ، منها ريح اللقوة ، وكان مولده سنة خمس وستين وخمسمائة وكان عمره ثلاثا وستين انتهى كلامه. قال الأسدي في سنة ثمان وعشرين المذكورة : مهذب الدين الدخوار عبد الرحيم بن علي بن حامد الشيخ مهذب الدين الطبيب ، المعروف بالدخوار ، شيخ الاطباء ورئيسهم بدمشق ، وأخذ العربية عن الكندي ، وقرأ الطب على الرضي الرخي ثم لازم الموفق بن المطران مدة حتى مهر ، ثم أخذ عن الفخر المارديني لما قدم دمشق في أيام صلاح الدين وتخرج به جماعة كثيرة من الاطباء ، وروى عنه الشهاب القوصي وغيره شعرا ، وصنف في الصناعة الطبية كتبا منها : (كتاب الجنينة) و (اختصار الحاوي) لأبي بكر (١) الرازي و (مقالة في الاستفراغ) واختصر الأغاني وغير ذلك ، وقد أطنب ابن أبي أصيبعة (٢) في وصفه فقال : كان أوحد عصره ، وفريد دهره ، وعلامة زمانه ، واليه انتهت رئاسة الطب على ما ينبغي ، أتعب نفسه في الاشتغال حتى فاق اهل زمانه ، وحظي عند الملوك ، ونال المال والجاه ، وكان أبوه كحالا مشهورا ، وكذلك أخوه حامد بن علي ، وكان هو أول أمره يكحل ، وقد نسخ كتبا كثيرة بخطه المنسوب أكثر من مائة مجلد في الطب وغيره ، وخدم الملك العادل ، ولازم خدمة صفي الدين بن شكر ، وحظي عند العادل بحيث أنه حصل له منه في مرضه سنة عشر سبعة آلاف دينار مصرية ، ومرض الكامل بمصر فعالجه ، فكان مبلغ ما وصل اليه من الذهب في نوبه الكامل نحو اثني عشر الف دينار واربع عشرة بغلة بأطواق ذهب والخلع

__________________

(١) شذرات الذهب ٢ : ٢٦٣.

(٢) أبن كثير ١٣ : ٢٧٢.

١٠١

الأطلس وغيرها وذلك في سنة اثنتي عشرة ، وولاه العادل رئاسة أطباء مصر والشام ، وكان خبيرا بكل ما يقرأ عليه ، وقرأت عليه مدة ، وكان في كبره يلازم الاشتغال ويجتمع كثيرا بالسيف الآمدي ، وحفظ شيئا من كتبه ، وحصل معظم مصنفاته ، ونظر في الهيئة والنجوم ، ثم طلبه الأشرف فتوجه اليه سنة اثنتين وعشرين فأكرمه وأقطعه ما يغلّ في السنة نحو الف وخمسمائة دينار ، ثم عرض له ثقل في لسانه واسترخاء ، فجاء الى دمشق لما ملكها الأشرف سنة ست وعشرين فولاه رياسة الطب ، وجعل له مجلسا لتدريس الصنعة ، ثم زاد به ثقل لسانه حتى بقي لا يكاد يفهم كلامه ، فكان الجماعة يبحثون قدامه ويجيب هو ، وربما كتب لهم الذي يشكل في اللوح ، واجتهد في علاج نفسه ، واستعمل المعاجين الحارة فعرضت له حمى قوية ، وتوالت عليه أمراض كثيرة ، توفي في صفر ودفن في تربة له بقاسيون فوق الميطور شرقي الركنية ، وعلى قبره قبة على أعمدة. قال بعضهم : بعد ما أسهل أشهرا فظهر فيه غير واحد من الأمراض وسالت عينه انتهى. وقال ابن كثير : ابتلى بستة امراض متعاكسة ، ووقف داره بالصاغة العتيقة مدرسة للطب انتهى. وكان معاصره المهذب الموصلي. قال ابن كثير في سنة عشر وستمائة وفي المحرم منها : توفي المهذب الطبيب المشهور وهو علي بن أحمد بن مقبل الموصلي شيخ الحديث ، وكان أعلم أهل زمانه بالطب وله فيه تصنيف حسن ، وكان كثير الصدقة حسن الأخلاق انتهى. ثم قال في سنة سبع وستين وستمائة : الطبيب الماهر شرف الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن حيدرة الرخي شيخ الأطباء بدمشق ، ومدرس الدخوارية عن وصية واقفها ، وله بذلك التقدم في هذه الصناعة على أقرانه من أهل زمانه ومن شعره قوله :

يساق بنو الدنيا الى الحتف عنوة

ولا يشعر الباقي بحالة من يمضي

كأنهم الأنعام في جهل بعضها

بما تم من سفك الدماء على بعض

وقال الذهبي في العبر في سنة تسعين وستمائة : والسويدي ابن الحكيم العلامة شيخ الأطباء عز الدين أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن علي بن طرخان الأنصاري الدمشقي الشافعي ، ولد سنة ستمائة ، وسمع من الشمس بن العطار ،

١٠٢

وابن ملاعب وطائفة ، وتأدب على ابن معطي ، وأخذ الطب عن المهذب الدخوار ، وبرع في الطب وصنف فيه ، وفاق الأقران وكتب الكثير بخطه المليح ، ونظر في العقليات ، وألف كتاب (الباهر في الجواهر) و (التذكرة في الطب). توفي في شعبان انتهى. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الاسلام في سنة سبع وثمانين وستمائة : وشيخ الأطباء علاء الدين علي بن أبي الحزم بن النفيس الدمشقي صاحب التصانيف بمصر ، وكان من أبناء الثمانين انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة سبع المذكورة : الحكيم الرئيس علاء الدين علي بن أبي الحزم بن نفيس ، شرح قانون ابن سينا وصنف الموجز وغيره من الفوائد ، وكان يكتب من حفظه ، وكان اشتغاله على ابن الدخوار ، وتوفي بمصر في ذي القعدة انتهى. وانما ذكرت هذين الطبيبين لكونهما من تلاميذ الدخوار استطرادا ، والظاهر أن الذي درس بها بعد وصي الواقف الرئيس الدنيسري ، وستأتي ترجمته في مدرسته قريبا. وقال ابن كثير في سنة تسعين وستمائة : وفيها درس كمال الدين الطبيب بالمدرسة الدخوارية الطبية في ذي القعدة انتهى. وقال الصفدي في المحمدين في تاريخه : محمد بن عبد الرحيم بن مسلم كمال الدين الطبيب ، شيخ قديم عارف بالطب بصير بأصوله ومفرداته ، درس بالدخوارية ، وطال عمره ، وتوفي سنة سبع وتسعين وستمائة انتهى. وقال ابن كثير في سنة اربع وتسعين وستمائة : الجمال المحقق أحمد بن عبد الله بن الحسين الدمشقي ، اشتغل على مذهب الشافعي ، وبرع فيه وافتى وأعاد ، وكان فاضلا في الطب ، وقد ولي مشيخة الدخوارية لتقدمه في صناعة الطب على غيره ، وعاد المرضى بالبيمارستان النوري على قاعدة الأطباء ، وكان مدرسا للشافعية بالمدرسة الفروخشاهية ، ومعيدا بعدة مدارس ، وكان جيد الذهن مشاركا في فنون كثيرة انتهى. وقد مرت ترجمته بالمدرسة الفروخشاهية ، ولعل بدر الدين المذكور في الأعلاق هو ما قاله ابن كثير في سنة احدى عشرة وسبعمائة : وممن توفي فيها من الأعيان الشيخ الرئيس بدر الدين محمد ابن رئيس الأطباء أبي اسحاق ابراهيم بن محمد بن طرخان الأنصاري من سلالة سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه وهو السويدي اي من سويدا

١٠٣

حوران ، سمع الحديث وبرع في الطب ، توفي في شهر ربيع الأول ببستانه بقرب الشبلية ، ودفن بتربة له في قبة عن سبعين سنة انتهى. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الاسلام في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة : مات كبير الأطباء امين الدين سليمان بن داود الدمشقي عن سبع وستين سنة انتهى. وقال في العبر : ومات بدمشق كبير الطب امين الدين سليمان بن داود في عشر التسعين ، فيها درس بالدخوارية انتهى. وقال ابن كثير في سنة اثنتين المذكورة ، والطبيب الماهر الحاذق الفاضل سليمان امين الدين بن داود بن سليمان ، كان رئيس الأطباء بدمشق ومدرسهم مدة ، ثم عزل بجمال الدين بن شهاب الكحال مدة قبل موته لأمر تعصب عليه فيه نائب السلطنة ، توفي يوم السبت سادس عشرين شعبان ودفن بالقبيبات انتهى. وقال فيها البرزالي ومن خطه نقلت : وفي يوم السبت السادس والعشرين من شعبان توفي الطبيب الفاضل الرئيس امين الدين سليمان بن داود بن سليمان ، وصلي عليه ظهر اليوم المذكور بجامع دمشق ، ودفن بالقبيبات قبلي البلد ، وكان طبيبا مشهورا ، وللناس فيه اعتقاد لفضله واقدامه على المداواة ومعرفته بالمعالجة ، وكان رئيس الأطباء ، ومدرس الطب مدة ، ثم انه باشر ذلك غيره ، وكان شيخه بالطب عماد الدين الدنيسري وسمع بقراءتي عليه شيئا من الحديث في سنة ثلاث وثمانين وستمائة وحج غير مرة انتهى. وقال ابن كثير في سنة سبع عشرة وسبعمائة في ذي القعدة وفيه درس بالدخوارية الشيخ جمال الدين محمد بن شهاب الدين أحمد الكحال ، ورتب في رئاسة الطب عوضا عن أمين الدين سليمان الطبيب ، بمرسوم نائب السلطنة دنكز واختياره لذلك انتهى.

(تنبيه) الدخوارية هذه بالراء المهملة قبل الياء المثناة من تحت ، ووجدت قائمة فيه وقف المدارس ، وفيها أيضا في سنة عشرين وثمانمائة قال : الدخوارية عمر بعضها الناظر برسم رئيس الأطباء العمالة له ، كذا وجد انتهى.

١٥٦ ـ المدرسة الدنيسرية

غربي باب البيمارستان النوري والصلاحية بآخر الطريق من قبلة. قال الذهبي

١٠٤

في العبر في سنة ست وثمانين وستمائة : عماد الدين أبو عبد الله محمد بن عباس ابن احمد الربعي الرئيس الطبيب الحاذق ، ولد بدنيسر سنة ست ، وسمع بمصر علي بن مختار (١) وجماعة ، وتفقه للشافعي وصحب البهاء زهير (٢) مدة وتأدب به وصنف وقال الشعر وبرع في الطب توفي في ثاني صفر انتهى. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ست المذكورة : عماد الدين محمد بن عباس الدنيسري الطبيب الماهر الحاذق الشاعر ، خدم الأكابر والوزراء وعمر ثمانين سنة ، توفي في صفر من هذه السنة بدمشق انتهى. وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين : عماد الدين الدنيسري الطبيب الشافعي محمد بن العباس بن احمد بن صالح الحكيم البارع عماد الدين الربعي الدنيسري ، ولد بدنيسر سنة خمس أو ست ، وقرأ الطب حتى برع فيه وسار وسمع الحديث بالديار المصرية من علي بن مختار العامري ، وعبد العزيز ابن باقا والحسن بن دينار وابن المقير وصحب البهاء زهير مدة وتخرج به في الشعر والأدب ، وتفقه على مذهب الشافعي وصنف في الطب (المقالة المرشدة في درج الأدوية المفردة) وارجوزة في (الترياق الفاروق) وارجوزة نظم المقدمة المعروفة لأبقراط وكتاب في (المثرود يطوس) وغير ذلك ، ثم سافر من دنيسر ، ودخل مصر ، ورجع الى الشام ، وخدم بالقلعة الدولة الناصرية ، ثم خدم بالبيمارستان الكبير ، وكان أبوه خطيبا بدنيسر ، سمع من قاضي القضاة نجم الدين ابن صصري والموفق بن أبي اصيبعة والبرزالي ، وتوفي سنة ست وثمانين وستمائة ، ومن شعره قوله :

وقلت شهودي في هواك كثيرة

وأصدقها قلبي ودمعي مسفوح

فقال شهود ليس يسمع قولهم

فدمعك مقذوف وقلبك مجروح

وأحسن منه قول الآخر :

ودمعي الذي يملي الغرام مسلسل

رمى جسدي بالضعف والجفن بالجرح

وقال الأسدي في سنة ست المذكورة : وفيها العماد محمد بن عباس بن أحمد

__________________

(١) شذرات الذهب ٥ : ١٨٩.

(٢) شذرات الذهب ٥ : ٢٧٦.

١٠٥

ابن عبيد بن صالح الحكيم البارع في الطب صاحب المدرسة للأطباء بالقرب من بيمارستان نور الدين الشهيد رحمه‌الله تعالى ، وله مصنفات في الطب ، وله من أبيات ثم ذكر الأبيات المتقدمة ، والدنيسري هذا هو غير الباجربقي. قال الذهبي في العبر في سنة تسع وتسعين وستمائة : والباجربقي المفتي جمال الدين عبد الرحيم ابن عمر بن عثمان الشيباني الدنيسري الشافعي ، اشتغل بالموصل وقدم دمشق فدرس واشتغل وحدث بجامع الأصول عن رجل عن مؤلفه وعاش نحو السبعين أو أكثر ، كان حسن السمت ، كثير العبادة والافادة ، توفي في خامس شوال انتهى. والله سبحانه وتعالى أعلم.

١٥٧ ـ المدرسة اللبودية النجمية

قال القاضي عز الدين : مدرسة خارج البلد ملاصقة لبستان الفلك المشيري أنشأها نجم الدين يحيى بن محمد بن اللبودي في سنة أربع وستين وستمائة انتهى. وقال ولد المؤلف هو الشيخ محيي الدين يحيى : (١) وفي سنة تسع وأربعين وتسعمائة أقامها جديدة وبعد أن صارت تل تراب وجعلها مسجدا برسم تأديب الأطفال قاضي القضاة محمد بك الرومي (٢) الحنفي قيل بأنه من مماليك مولانا السلطان با يزيد بن عثمان (٣) جد سلطاننا الآن السلطان سليمان (٤) نصره الله تعالى ، وفتحها وجعل لها شيخا يؤدب الأطفال فليعلم انتهى قول ولد المؤلف بحروفه. قال الذهبي في تاريخه العبر فيمن مات سنة احدى وعشرين وستمائة : وابن اللبودي شمس الدين محمد بن عبد الله الدمشقي الطبيب ، قال ابن أبي أصيبعة : كان علامة وقته ، وأفضل أهل زمانه في العلوم الحكمية ، وكان له ذكاء مفرط وحرص بالغ ، توفي في ذي القعدة ودفن بتربته في طريق المزة انتهى. قلت : ولعلها تربة حمام الفلك. وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين : شمس الدين بن اللبودي الطبيب محمد بن عبد الله بن عبد الواحد الطبيب العلامة البارع شمس الدين

__________________

(١) شذرات الذهب ٨ : ٣٨٣.

(٢) شذرات الذهب ٨ : ٢٨٤.

(٣) شذرات الذهب ٨ : ٨٦.

(٤) شذرات الذهب ٨ : ٣٧٥.

١٠٦

اللبودي الدمشقي : قال ابن أبي أصيبعة : أفضل أهل زمانه سافر إلى العجم ، واشتغل على النجيب أسعد الهمداني وله مجلس الأشغال ، خدم الظاهر غازي بحلب المحروسة ، ثم قدم بعد موته إلى دمشق ، توفي سنة إحدى وعشرين وستمائة ، وله من العمر إحدى وخمسون سنة ، وله من التصانيف (الرأي المعتبر في معرفة القضاء والقدر) و (شرح الملخص) للامام فخر الدين (١) ورسالة (في وجع المفاصل) و (شرح فصول أبقراط) و (شرح مسائل حنين بن اسحاق) وهو والد الصاحب نجم الدين اللبودي انتهى. وقال الأسدي في سنة احدى وعشرين المذكورة : محمد بن عبدان بن عبد الواحد شمس الدين بن اللبودي الحنفي الدمشقي الطبيب البارع. قال ابن أبي أصيبعة في سنة سبعين : نجم الدين يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن اللبودي ، واقف اللبودية التي عند حمام الفلك ، المبرز على الأطباء ، ولديه فضيلة بمعرفة الطب ، وقد ولي نظر الدواوين بدمشق ، مات ودفن بتربته عند اللبودية انتهى ، يعني تربة أبيه كما قدمناه في كلام الذهبي والصفدي والأسدي. ثم قال القاضي عز الدين : أول من درس بها جمال الدين الزواوي ، وسافر عنها وقتل على القصب في طريق حمص ، ثم تولى بعده المغربي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى.

(فوائد) الأولى : قال ابن كثير في سنة ثمان وستين وستمائة : الشيخ موفق الدين أحمد بن القاسم بن خليفة الخزرجي الطبيب عرف بابن أبي أصيبعة ، له تاريخ الأطباء في عشر مجلدات لطاف ، وهو وقف بمشهد عروة بالجامع الأموي ، توفي بصرخد وقال كان قد جاوز التسعين انتهى.

الثانية : قال الذهبي في مختصر تاريخ الاسلام في ثلاث وعشرين وسبعمائة : وتوفي مسند الشام بهاء الدين القاسم بن مظفر بن محمود بن عساكر الطبيب ، وقف أماكن ، ودفن بتربته يعني بالروضة بسفح قاسيون وعاش أربعا وتسعين سنة ، مات في شعبان ، وله سماعات واجازات ، وتفرد بأشياء ، قرأ عليه البرزالي

__________________

(١) شذرات الذهب ٥ : ٢١.

١٠٧

نحوا من مائة جزء وحدث عن ابن اللتي وغيره انتهى. وقال فيه في سنة ثلاثين وسبعمائة وتوفي المعمر زين الدين أيوب بن نعمة الدمشقي الكحال في ذي الحجة عن تسعين سنة يروي عن المزي وجماعة انتهى. قال الصفدي في كتابه الوافي في ذكر المحمدين : محمد بن عبيد الله بن المظفر بن عبد الله الباهلي ، هو أفضل الدولة أبو المجد بن أبي الحكم من الحكماء المشهورين ، كان طبيبا حاذقا ، وله يد طولى في الهندسة والنجوم ويعرف الموسيقى ، ويلعب بالعود ويزمر ، وله في سائر الآلات المطربة يد عمالة ، وعمل أرغنا وبالغ في إتقانه ، وقرأ على والده وغيره الطب ، وكان في دولة نور الدين ابن الشهيد ، ولما عمر البيمارستان بدمشق جعل أمر الطب فيه إليه ، وكان يدور على المرضى فيه ، وكان يعتبر أحوالهم وبين يديه المشارفون والخدام للمرضى وكل ما يكتبه للمرضى لا يؤخر عنهم ، فإذا فرغ من ذلك طلع القلعة وافتقد مرضى السلطان وغيرهم وعاد إلى البيمارستان وجلس في الايوان الكبير وجميع الأيوان مفروش ، ويحضر كتب الاشغال وكان نور الدين قد أوقف جملة كثيرة من الكتب الطبية ، وكانت في الخزانتين اللتين في صدر الإيوان ، وكان جماعة الأطباء والمشتغلين يأتون إليه ويجلسون بين يديه ، ثم تجري مباحث طبية وتقرأ التلاميذ ولا يزال معهم في مباحث واشتغال ونظر في الكتب مقدار ثلاث ساعات ، ثم يركب بعد ذلك كله إلى داره بدمشق ، توفي بها سنة سبعين وخمسمائة انتهى.

١٠٨

فصل

الخوانق

١٥٨ ـ الخانقاه الأسدية

بدرب الوزير قاله ابن شداد. وقال الشيخ شهاب الدين ابو شامة في الروضتين : والخانقاه الأسدية داخل باب الجابية بدرب الهاشميين ، إنشاء أسد الدين شير كوه الكبير منشئ المدرسة الأسدية بالشرف القبلي ظاهر دمشق المطلة على الميدان الأخضر ، وقد مرت ترجمته فيها في مدارس الشافعية ، ونبهنا عليها في مدارس الحنفية ، فان المدرسة هذه مشتركة بين الفريقين. قال الذهبي في العبر في سنة أربعين وسبعمائة : ومات بدمشق الشيخ المعمر نجم الدين بن بركات أبو الفضل بن القرشية البعلي الصوفي ، أحد أعيان الصوفية وأكابر الفقراء القادرية عن تسعين سنة أو أكثر ، حدث عن الشيخ الفقيه وكان خاتمة أصحابه وابن عبد الدايم وابن أبي اليسر وجماعة ، وولي مشيخة الشبلية والأسدية ، توفي في شهر رجب انتهى. وقال الحسيني في ذيله في سنة تسع وأربعين وسبعمائة : والعلائي بهاء الدين محمد ابن الامام شمس الدين محمد بن أبي الفتح البعلي ثم الدمشقي الحنبلي ، حضر عمر بن القواس (١) وسمع من طائفة ، وولي العقود ومشيخة الأسدية انتهى. ثم ولي مشيختها السيد ناصر الدين بن نقيب الأشراف وقد مرت ترجمته في المدرسة الأمجدية. ثم ولي مشيختها بدر الدين بن البرهان وقد مرت ترجمته في المدرسة الاكزية.

فائدتان الأولى : قال البرزالي في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة : وفي يوم

__________________

(١) شذرات الذهب ٥ : ٤٤٢.

١٠٩

الخميس ثاني المحرم توفي برهان الدين ابراهيم بن ناصر الدين إسحاق ابن الشيخ برهان الدين ابراهيم بن اسحاق بن مظفر الوزيري وصلي عليه بعد العصر بجامع دمشق ، ودفن بمقبرة باب الصغير ، وكان رجلا جيدا فيه دين وخير وكان من صوفية الأسدية وله حلقة بالجامع ووظائف انتهى.

الثانية : قال الذهبي في تاريخه العبر في سنة تسعين وستمائة : والأبهري القاضي شمس الدين عبد الواسع بن عبد الكافي بن عبد الواسع الشافعي سمع من ابن روزبه وابن الزبيدي (١) وطائفة ، وأجاز له الشيخ أبو الفتح الميداني (٢) والمؤيد بن الاخوة وخلق ، توفي في شوال بالخانقاه الأسدية وله اثنان وتسعون سنة إلا شهرا انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم انتهى.

١٥٩ ـ الخانقاه الاسكافية

أنشأها شرف الدين محمد بن الاسكاف على نهر يزيد بسفح قاسيون قاله القاضي عز الدين بن شداد انتهى.

١٦٠ ـ الخانقاه الأندلسية المشهورة

شرقي العزيزية والأشرفية داخل الكلاسة لصيق الجقمقية غربي السميصاتية. قال بعضهم : وقفها مختلط. وقال ابن شداد : الخانقاه المعروفة بأبي عبد الله محمد ابن احمد بن يوسف الاندلسي قبالة السميصاتية انتهى. ومن صوفيتها العلامة شهاب الدين أحمد العنابي وقد مرت ترجمته بالمدرسة الناصرية. وقال ابن كثير في سنة احدى وثمانين وستمائة : القاضي أمين الدين الأشتري أبو العباس أحمد بن شمس الدين أبي بكر عبد الله بن محمد بن عبد الجبار بن طلحة الحلبي المعروف بالاشتري الشافعي المحدث ، سمع الكثير وحصل ، ووقف أجزاء بدار الحديث الأشرفية ، توفي رحمه‌الله تعالى بالخانقاه الأندلسية يوم الخميس

__________________

(١) شذرات الذهب ٥ : ١٤٤.

(٢) شذرات الذهب ٥ : ١٧.

١١٠

الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول عن ست وستين سنة رحمه‌الله تعالى ، وكان الشيخ محيي الدين النواوي رحمه‌الله تعالى يثني عليه ، ويرسل له الصبيان ليقرأوا عليه في بيته لأمانته عنده وصيانته وديانته انتهى.

١٦١ ـ الخانقاه الباسطية

بالجسر الأبيض غربي المدرسة الأسعردية وشمالي الخانقاه العزية ، أنشأها القاضي زين الدين عبد الباسط بن خليل ناظر الجيوش الاسلامية والخوانق والكسوة الشريفة ، وكانت هذه الخانقاه دارا له ، فلما نزل السلطان الملك الأشرف برسباي إلى آمد سنة ست وثلاثين وثمانمائة خاف من نزول العسكر بها ، فجدد لها محرابا وأوقفها ، ثم اجتمع بهذا السلطان وعظم شأنه عنده ، وصار الحل والعقد بيده ، ولا يبرم الأشرف المذكور أمرا إلا برأيه ، وشرع في عمارة بلاد السلطان فزاد متحصلها بذلك ، وكان سعيد الحركات لم يصل أحد من المباشرين الى ما وصل إليه ، عمّر المدارس بالحرمين والقدس ، وبمصر على باب داره ، وبدمشق بالصالحية ، ووقف على ذلك كله أوقافا حسنة جيدة ، ورتب في الركبين الموفدين المصري والشامي سحابتين وما يحتاجان إليه من الجمال والرجال وغير ذلك ، وهما خيمتان كبيرتان على صفة الجملون برسم الفقراء والمساكين ، ورتب أيضا لكل سحابة خمسة وعشرين قنطارا من البقسماط وما يكفيهما من أحمال الماء جزاه الله خيرا ، وتقرر مملوكه جاني بك دواداره في استدراية السلطان وأوصى قبل وفاته الى جماعة منهم مملوكه المذكور ومملوكه الآخر أرغون وأسند النظر عليهما في تركته الى ناظر الجيوش الاسلامية محب الدين بن الأشقر والى الأمير جاني بك الجركسي ، وتوفي بمصر ثاني شوال سنة اربع وخمسين وثمانمائة وقد قارب الستين سنة ، وصلي عليه بدمشق صلاة الغائبة ، وكان والده عاقلا مداريا ، وغبطه السلطان بقرية حسرين من الغوطة ، ووالدته جركسيه ، وخلف ولدين ذكرين أبا بكر وعثمان وابنتين احداهما زوجة ابراهيم بن منجك ، والاخرى تزوج بها السلطان جقمق ، وطلب السلطان جقمق من أولاده مائة الف

١١١

دينار ، وصارت وظائفه بدمشق لناظر الجيش بدر الدين حسن بن المزلق (١) وتوفي معه في هذا العام من الأعيان بمصر القاضي ولي الدين الشطي الشافعي ، توفي في ذي الحجة وصلي عليه بدمشق بالنية صلاة الغائبة ، والعالم الفاضل نائب الحكم بدمشق شهاب الدين أحمد بن عرب شاه (٢) وهو الحنفي ، توفي بمصر وأول من ولي مشيخة هذه الخانقاه قاضي القضاة الباعوني (٣) رحمه‌الله تعالى.

١٦٢ ـ الخانقاه الحسامية

شمالي المدرسة الشبلية البرانية عند جسر كحيل. قال ابن شداد : منسوبة لأم حسام الدين بن عمر بن لاجين ، وهي بنت أيوب ست الشام أخت السلطان الملك الناصر صلاح الدين خارج دمشق بالشرف القبلي انتهى. وقوله بالشرف القبلي خطأ وصوابه ما قدمناه. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة سبع وثمانين وخمسمائة : الأمير حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين ، وأمه ست الشام بنت أيوب واقفة الشامية الجوانية والشامية البرانية بدمشق ، توفي ليلة الجمعة تاسع عشر شهر رمضان ، ففجع السلطان بابن أخيه تقي الدين عمر بن شاهنشاه صاحب المدرسة التقوية وبابن اخته في ليلة واحدة ، فقد كانا له من أكبر الأعوان وأعز الاخوان ، ودفن حسام الدين بالتربة الحسامية وهي التي أنشأتها أمه بمحلة العوينة وهي الشامية البرانية انتهى. وقال الصفدي : محمد بن عمر بن لاجين ابن اخت السلطان صلاح الأمير حسام الدين ، توفي في الليلة التي توفي فيها صاحب حماه تقي الدين المظفر في سنة سبع وثمانين وخمسمائة وحزن السلطان عليهما ودفن حسام الدين بالتربة الحسامية المنسوبة إليه من بناء والدته ست الشام وهي الشامية الكبرى بظاهر دمشق انتهى. وقال الأسدي في سنة سبع وثمانين وخمسمائة : محمد ابن عمر بن لاجين حسام الدين بن ست الشام ، وكان صاحب نابلس ، وكان شجاعا مقداما جوادا ، توفي بدمشق في شهر رمضان في الليلة التي مات فيها تقي

__________________

(١) شذرات الذهب ٧ : ٣٢٣.

(٢) شذرات الذهب ٧ : ٢٨٠.

(٣) شذرات الذهب ٧ : ٣٠٩.

١١٢

الدين عمر ، ففجع السلطان صلاح الدين بابن أخيه وابن اخته ودفن بتربة أمه بالشامية بالقبر الأوسط على والده انتهى. ولي مشيختها الشيخ شرف الدين نعمان وسكنها ، وقد مرت ترجمته بالمدرسة الجوهرية انتهى.

١٦٣ ـ الخانقاه الخاتونية

ظاهر باب النصر المعروف الآن بباب دار السعادة في أول الشرف القبلي على بانياس وهي شرقي جامع دنكز ولصيقه وبابها يفتح للقبلة ، قال ابن شداد :

منسوبة إلى خاتون بنت معين الدين أنر تزوجت نور الدين الشهيد انتهى. وقد مرت ترجمتها في المدرسة الخاتونية الجوانية انتهى. وقال الصفدي في العين : عبد الواحد بن عبد الوهاب بن علي بن عبد الله الأمين أبو الفتوح المعروف بابن سكينة ، أسمعه والده في حياته من أبي الفتح بن البطي وأبو زرعة المقدسي وأبي بكر أحمد بن المقرب الكرخي وغيرهم ، وقرأ القرآن وبرع وتفقه وقرأ الأدب ، وتغرب نحو عشرين سنة ويتردد ما بين الحجاز والشام ومصر والجزيرة وسميساط وغيرها ، ويخالط ملوكها ، وتولى مشيخة رباط القدس ، ثم بخانقاه خاتون ظاهر دمشق ، وعاد إلى بغداد ، وتلقى بالديوان بالاكرام والاحترام ، وولي المشيخة برباط جده شيخ الشيوخ ، وأنفذ رسولا إلى كيش فأدركه أجله بها سنة ثمان وستمائة ، ومولده سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة ومن شعره قوله :

دع العذال ما شاؤوا يقولوا

فأين السمع مني والعذول

أتوا برقيق عذلهم ليمحوا

هوى جللا له خطر جليل

وسمعي عنهم في كل شغل

بوجه شرحه شرح يطول

تمكن في شغاف القلب حتى

غدا ورسيسه فيه دخيل

وقال ابن كثير في سنة سبع عشرة وسبعمائة : الشيخ شهاب الدين الرومي أحمد بن محمد بن ابراهيم المراغي ، تولى مشيخة الخاتونية ، توفي في المحرم منها ودفن بالصوفية انتهى ملخصا. وقد مرّ بتمامه في المدرسة المعينية. وقال الأسدي

١١٣

في صفر سنة ثمان وعشرين وثمانمائة من ذيله : سراج الدين عمر ابن الشيخ شهاب الدين احمد بن محمد بن احمد بن عمر بن رضوان بن السلاوي ، اشتغل في الفقه يسيرا وفي الفرائض وفضل فيها ، وأقام بطرابلس مدة وحصل فيها وظائف ، ثم استقر بدمشق ، وباشر جهات والده إمامة جامع الأموي وغيرها ، ثم ولي مشيخة خانقاه خاتون ونظرها بعد وفاة الشيخ عبد المالك ، وكان يتردد إلى الأكابر ويجتمع بهم ويباسطهم ويعاشرهم والناس لذلك يراعونه ، توفي يوم الاثنين خامس عشره ، وقد جاوز الستين ، ودفن بمقبرة الصوفية عند والده. ووالده توفي في تاسع عشرين صفر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة فبينه وبين والده خمس عشرة سنة إلا نصف شهر انتهى. ثم تولى بعده مشيختها ونظرها الشهاب الدلجي (١) المصري وليها منه ، وقدم دمشق وباشر ذلك مباشرة مذمومة ، وقد مرت ترجمته في المدرس الأتابكية. وقال ابن قاضي شهبة في سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة : في محرمها يوم الاثنين سابع عشره نزل الشهاب الدلجي الزنديق عن مشيخة خانقاه خاتون ونظرها لبرهان الدين وولي الدين ابن قاضي عجلون بعوض أخذه عنهما ، وكانت وقعت له قضية بسبب الخناقاه قام معه قاضي القضاة بهاء الدين بن حجي وساعده ، ووقع بين قاضي القضاة المذكور والشيخ علاء الدين البخاري بسبب ذلك ، فكتب الشيخ في القاضي إلى مصر فعزل ثم بعد أيام وقعت له قضية قبيحة صار بها من أبين الناس. شعر :

لقد أسمعت إذ ناديت حيا

ولكن لا حياة لمن تنادي

وبعد مدة وجيزة أشهد عليه برهان الدين أن الوظيفة المذكورة يختص بها أخوه ولي الدين دونه ا ه. ثم تلقاها عنه شيخ الشافعية نجم الدين ثم تلقاها عنه أخوه زين الدين عبد الرحمن ثم تلقاها عنه أخوه تقي الدين أبو بكر ثم نزل عنها للقاضي شهاب الدين أحمد بن علي البقاعي ثم تلقاها عنه ولده انتهى والله أعلم.

__________________

(١) شذرات الذهب ٧ : ٣٢٢.

١١٤

١٦٤ ـ الخانقاه الدويرية

المعروفة بدويرة حمد بدرب السلسلة بباب البريد قاله بن شداد. وقال الأسدي في تاريخه في سنة احدى واربعمائة : حمد صاحب الدويرة بباب البريد ، حمد بن عبد الله بن علي أبو الفرج الدمشقي المقري المعدل من جملة عدول البلد ، وهو صاحب دويرة حمد بباب البريد ، حكى عنه محمد بن عوف الترسي (١) : قال هبة الله الأكفاني في سنة احدى وأربعمائة : وجد حمد وزوجته مذبوحين وصبي قرابته في داره بباب البريد حكاه الذهبي انتهى. ومن وقفها الحصة وهي النصف شائعا من جنينة بني وهبان بالطريق الوسطاني الاخذ الى المزة ، ومنه أيضا النصف كذلك من البستان المعروف بالصوفية من ارض اللوان بالمزة أيضا ، ومنه أيضا نظير الحصة المذكورة وهي النصف شائعا كذلك من البستان المعروف بدفوف الاصابع بالمزة أيضا ، ومنه أيضا جميع قرار أرض البستان المعروف بحسين الامدي بالمزة أيضا ، ومنه أيضا جميع الحصة وهي احد عشر سهما ونصف سهم من اربعة وعشرين سهما وهي الربع والسدس ونصف الثمن شائعا من المزرعة المعروفة بالعصامية بزقاق الماء بالمزة ، ومنه سهم واحد من أربعة وعشرين سهما شائعا من البستان المعروف بالقاطوع بالمزة أيضا ، ومنه نظير الحصة المذكورة من الجنينة قرب القاطوع المذكور ، وتعرف بجنينة فاطمة يفصل بينهما نهر داريا والمزة جوار طاحون السيفي منخاص ومنه أيضا نظير الحصة المذكورة شائعا من الجنينة الملاصفة لحمام العوافي بالمزة ايضا ، ومنه الحصة الشائعة وهي سهم واحد من أربع وعشرين سهما من قرار أرض الجنينة المعروفة باللحام بحارة صلاح بالمزة أيضا ، ومنه الحصة الشائعة وقدرها ثلاثة أسهم من اربعة وعشرين سهما من قرار أرض البستان وهو المعروف بالخزان بزقاق الماء بالمزة ايضا عليها حكر في كل سنة مبلغ ستين درهما ، ومنه الحصة الشائعة ومبلغها نصف سهم من أربع وعشرين سهما من الدار الرحى الخراب المعروفة بالشهابية

__________________

(١) شذرات الذهب ٣ : ٢٤٩.

١١٥

من جملة أراضي المزة بوادي النيرب قبلي نهر بردى ، ومنه قطعة الأرض السليخة من أراضي قصور داريا من أراضي قرية كفر سوسيا ، ومنه الحصة من قرار الأرض الشائعة ومبلغها اثنا عشر سهما من أربعة وعشرين سهما وهي النصف من القطعتين من الأرض المذكورة الخراجيتين ، المعروفة إحداهما بالدورة والاخرى بالطويلة من أرض الشاغور ، ومنه الحصة الشائعة وهي النصف من الأرض الخراجية المعروفة بجنينة الوتار وشربها من نهر الانباط ، ومنه أيضا الحصة الشائعة وهي ستة أسهم من أربعة وعشرين سهما وهي الربع من قطعة الارض السليخة الخراجية المعروفة بحقل الفرس ، ومنه أيضا الحصة الشائعة وقدرها ستة أسهم من أربعة وعشرين سهما من المكان المعروف بالمطبخ شمالي الوقف على المدرسة الشامية البرانية ، ومنه أيضا الحصة الشائعة وقدرها نصف سهم من أربعة وعشرين سهما من المزرعة المعروفة بالصفوانية شمالي نهر بردى وطاحون الشيخ ، ومنه الحصة المقسومة المفروزة سهمين من أربعة وعشرين وهي نصف السدس من القرية المعروفة بالبويضة من وادي العجم قرب البريج ، ومنه أيضا الحصة الشائعة وقدرها أربعة أسهم من أربعة وعشرين سهما وهي السدس من القطعة المعروفة بحقلة قافية من أراضي قرية داعية ، ومنه نظير الحصة المذكورة وهي السدس شائعا من الحقل الخراجي المعروف بحقل محفوظ من أراضي داعية المذكورة ، ومنه نظير الحصة المذكورة أيضا وهي السدس شائعا من الحقل المعروفة بحقل عبيد من اراضي داعية أيضا ، ومنه الحصة الشائعة وقدرها سهم واحد من اربعة وعشرين سهما وهي ثلث الثمن من جميع قطع الأراضي السبع الخراجيات المعروفة بوقف القاطوع من أراضي بيت رانس ، تعرف الأولى منها بالكرم الصغير ، والثانية بحقل الزيتونة ، والثالثة والرابعة بالماحل ، والخامسة بالتبوكية ، والسادسة بالقطبية والسابعة بالبرانس ومنه الحصة الشائعة وقدرها سهمان من أربعة وعشرين من الدار المعروفة بطاحون باب توما العامرة ، ومنه الحصة الشائعة وقدرها من أربعة وعشرين سهما من الحوانيت الأربعة ، والمقعد داخل دمشق بسوق البزورية قبلي الدخلة الغير النافذة الآخذة الى العشر ، وبرأس المقعد الدخلة المذكورة ،

١١٦

ومنه جميع قرار أرض الاصطبل بدرب السلسلة بجوار الخانقاه المذكورة والطبقات التي كانت علو الاصطبل المذكور ، ومنه قرار الارض المحاكرة بمحلة سوق ساروجة المعروفة بحكر الأقرع ، وبحارة السودان قديما بالقرب من تربة يونس ، ثبت أن ذلك جميعه وقف على مصالح الخانقاه المذكورة وعلى الصوفية المقررين بها وعلى سائر جهاتها ومصارفها الشرعية ثبوتا شرعيا ، وحكم بموجب ذلك أقضى القضاة شرف الدين أبو محمد عبد الله بن مفلح الحنبلي ، لكن أخذ الطباق المذكورة السيد تاج الدين وأدخلها في عمارته لصيقها ، ثم وقف عوضها الربع على الخانقاه المذكورة. وقال الحافظ السيد شمس الدين الحسيني في ذيل العبر لشيخه الذهبي في سنة خمس واربعين وسبعمائة : ومات بطرابلس شيخنا مجد الدين محمد بن عيسى بن يحيى بن احمد ابو الخطاب النيني المصري ثم الدمشقي الصوفي عن اثنتين وسبعين سنة ، حدث بجامع الترمذي عن ابن ترجم ، وولي مشيخة دويرة حمد بباب البريد انتهى. وقال الذهبي في تاريخه وهو الصغير المعروف بالعبر في سنة سبع وثمانين وستمائة : والجمال بن الحموي ابو العباس أحمد بن أبي بكر بن سليمان بن علي الدمشقي ، حضر ابن طبرزد ، وسمع من الكندي وابن الحرستاني ، افترى على الحاكم ابن الصايغ بشهادة فأسقط لأجلها ومات بدويرة حمد في ذي القعدة وله سبع وثمانون سنة ، وكان شهد في المحضر الذي زور على قاضي القضاة شمس الدين بن الصايغ في محنته التي خلصه الله منها والله أعلم انتهى. وقال أيضا في سنة تسع وتسعين وستمائة : وأحمد بن محمد بن حمزة بن منصور أبو العباس الهمداني الطبيب النجم الحنبلي ، روى عن ابن الزبيدي ومات بدويرة حمد في شهر رمضان انتهى. وقال ابن كثير في سنة ست وعشرين وسبعمائة العز حسن بن احمد بن زفر الأربلي ثم الدمشقي كان يعرف طرفا صالحا من النحو والحديث والتاريخ ، وكان مقيما بدويرة حمد صوفيا ، وكان حسن المجالسة انتهى. وأثنى عليه البرزالي في نقله وحسن معرفته ، مات بالبيمارستان الصغير في جمادى الآخرة ودفن بباب الصغير عن ثلاث وستين سنة انتهى. وقال البرزالي في تاريخه رحمه‌الله تعالى في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة

١١٧

ومن خطه نقلت : وفي يوم الاربعاء ، عاشر ذي القعدة توفي الشمس محمد بن الشيخ بدر الدين محمد بن محمد بن نعمة المقدسي رحمه‌الله تعالى بدويرة حمد ، ودفن يوم الخميس بمقبرة باب كيسان عند أقاربه ، ومولده في سنة ثمانين وستمائة ، وكان جابيا بدويرة حمد وبجامع القبيبات وبجامع القابون انتهى. يعني الجامعين اللذين أنشأهما كرم الدين (١) المتشرف بالإسلام وكيل الخاطر السلطاني رحمهما‌الله تعالى ورحمنا أيضا آمين.

١٦٥ ـ الخانقاه الروز نهارية

بالبرج المستجد خارج باب الفراديس الأول والتربة به ، قال ابن كثير في سنة عشرين وستمائة : الشيخ ابو الحسن الروز نهاري توفي ودفن بالمكان المنسوب إليه بين السورين عند باب الفراديس انتهى. وقال الأسدي في تاريخه رحمه‌الله تعالى في سنة عشرين وستمائة : ابو الحسن الروز نهاري المدفون خارج باب الفراديس الأول في البرج المستجد قاله ابو شامة رحمه‌الله تعالى. وقال الذهبي : المدفون بالبرج الذي عن يمين باب الفراديس بالخانقاه الروز نهارية انتهى والله تعالى أعلم.

١٦٦ ـ الخانقاه السميساطية

السميساطية بمهلات مصغرة نسبة للسميساطي ابي القاسم علي بن محمد بن يحيى السلمي الحبشي من أكابر الرؤساء بدمشق ، حدث عن عبد الوهاب الكلابي وطائفة ، منهم والده ولم يرو عنه غير ابنه ابي القاسم فيما ذكره عبد العزيز الكناني ، وتوفي أبوه محمد بن يحيى في سنة اثنتين واربعمائة وتوفي ابو القاسم يوم الخميس بعد صلاة العصر العاشر من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة بدمشق ، ودفن من الغد في داره بباب الناطفانيين التي وقفها على فقراء الصوفية ؛ وقف علوها على الجامع ، ووقف أكثر نعمه على وجوه البر ، وكان فيما

__________________

(١) ابن كثير ١٤ : ١٠٩.

١١٨

قاله ابن الأثير : مقدما في الهندسة وعلم الهيئة كذا ذكره ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه. وسميساط قلعة على الفرات بين قلعة الروم وملطية. وقال الذهبي في سنة ثلاث وخمسين واربعمائة : وابو القاسم السميساطي واقف الخانقاه علي بن محمد بن يحيى السلمي الدمشقي ، روي عن عبد الوهاب الكلابي وغيره ، وكان بارعا في الهندسة والهيئة ، صاحب حشمة وثروة واسعة ومروءة وافرة ، عاش ثمانين سنة انتهى ، وقال الواني : كان مذهب أبيه محمد الاعتزال روى عنه ابنه ، وقال توفي في صفر سنة اثنتين وأربعمائة انتهى ، وكانت هذه الخانقاه دار عبد العزيز بن مروان بن الحكم (١) ابي الأصبغ الأموي أمير المؤمنين وابنه عمر رضي‌الله‌عنه وليّ عهد أمير المؤمنين (٢) بعد أخيه ، عبد الملك بعهد مروان (٣) إن صححنا خلافة مروان ، فإنه خارج على ابن الزبير (٤) رضي‌الله‌عنهما. ثم انتقلت هذه الدار بعده الى ابنه عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه وذلك مكتوب على عتبة الباب الى اليوم ، روى عن أبيه وأبي هريرة وعقبة بن عامر (٥) وابن الزبير رحمهم‌الله تعالى. قال ابن سعد (٦) : كان ثقة قليل الحديث. قال عبد العزيز : يا ليتني لم أكن شيئا يا ليتني كنت قبل هذا الماء الجاري ، توفي في جمادى الاخرة سنة خمس وثمانين من الهجرة بحلوان ، وحمل في النيل الى مصر ، وقد بسط الصفدي ترجمته وقال أيضا : عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك بن مروان أبي الأصبغ هو ابن اخت عمر بن عبد العزيز ، داره بالكشك قبلي دار البطيح العتيقة ، ولي نيابة دمشق لأبيه توفي في حدود العشرة والمائة انتهى.

ولما قدم أبو القاسم المذكور أي السميساطي دمشق وسكن بدرب الخزاعية واليه كان يفتح باب هذه الدار ، وعرف الدرب به ، اشترى هذه الدار وبنى بها الصفة القبلية وجنبها لا غير وباقيها ساحة. قال ابن شداد : الخانقاه السميساطية منسوبة لأبي القاسم السميساطي ، ولما ملك تاج الدولة تتش سألوه أن يفتح لها بابا

__________________

(١) شذرات الذهب ١ : ٩٥.

(٢) شذرات الذهب ١ : ١١٨.

(٣) شذرات الذهب ١ : ٧٣.

(٤) شذرات الذهب ١ : ٧٩.

(٥) شذرات الذهب ١ : ٦٤.

(٦) شذرات الذهب ٢ : ٦٩.

١١٩

في دهليز الجامع فأذن لهم ، ففتح حيث هو الان ، ثم عمرت ، فكان أول من شرع فيها الوزير المعروف بالفلكي بنى البركة والصفة الغربية والطباق على دهليزها ، ثم مجد الدين بن الداية عمّر الصفة الشرقية والله تعالى أعلم انتهى. وقال الصفدي رحمه‌الله تعالى في حرف السين سعيد بن سهل بن محمد بن عبد الله أبو المظفر المعروف بالفلكي النيسابوري توفي رحمه‌الله تعالى سنة ثمان وسبعين وأربعمائة (١) ، سمع أبا الحسن علي بن أحمد بن محمد المديني (٢) وأبا علي نصر الله ابن أحمد بن عثمان الخشنامي (٣) وغيرهما ، ثم سكن خوارزم وولي الوزارة لأميرها ، ودخل بغداد مرارا وحدث بها عنه ابو محمد بن الاخضر ، ثم سافر الى دمشق لزيارة القدس فوردها في ايام نور الدين الشهيد فأكرم مورده ، وطلب العود الى بلاده فلم يسمح نور الدين له وأمسكه وأنزله الخانقاه السميساطية وجعله شيخها ، فأقام بها مدة لا يتناول من وقفها شيئا ، ويجمع نصيبه عنده إلى أن صار بيده منه جملة حسنة فعمر بها الايوان الذي في الخانقاه يعني الشمالي والسقاية ، وأقام هناك إلى حين وفاته وروى عنه الحافظ ابو القاسم بن عساكر والله تعالى أعلم انتهى. وقال الأسدي في سنة ثلاث وستين وخمسمائة وفيها فوض نور الدين أمر الربط والزوايا والأوقاف بدمشق وحمص وحماه وحلب الى الشيخ أبي الفتح شيخ الشيوخ عمر بن علي بن محمد بن حمويه (٤) ، وكتب له العماد منشورا انتهى. قال أبو شامة : ثم ذكر العماد نسخة المنشور وفيه : فلينظر في رباط السميساطية وقبة الطواويس ورباط الطاحونة وغيرها من الربط التي للصوفية بدمشق وبعلبك انتهى. وقال الأسدي في سنة سبع وسبعين وخمسمائة في ترجمة محمد بن علي بن الزاهد محمد بن علي بن محمد بن حمويه ابو الفتح الجويني الصوفي شيخ الشيوخ بدمشق : ولد في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة إلى أن قال : وأقبل عليه نور الدين ، وأحسن إليه ، وفوض إليه مشيخة الشام على الصوفية بدمشق وبعلبك وحمص وحماة وحلب المحروسة وغيرها ، وكان السلطان صلاح الدين يحترمه ويعظمه إلى ان قال : توفي في شهر رجب رحمه‌الله تعالى ودفن بمقابر الصوفية ،

__________________

(١) شذرات الذهب ٤ : ١٨٨.

(٢) شذرات الذهب ٣ : ٤٠١.

(٣) شذرات الذهب ٣ : ٤٠٩.

(٤) شذرات الذهب ٤ : ٢٥٩.

١٢٠