تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٦

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

أفضيت إليه أفضيت إلى قرّة عين (١).

وقال حميد بن هلال : أتى مطرّف بن عبد الله الحروريّة يدعونه إلى رأيهم فقال : يا هؤلاء إنه لو كان لي نفسان بايعتكم بإحداهما وأمسكت الأخرى ، فإن كان الّذي تقولون هدى أتبعتها الأخرى ، وإن كان ضلالة هلكت نفس وبقيت لي نفس ، ولكن هي نفس واحدة فلا أغرّر بها (٢).

وقال قتادة : قال مطرّف : لأن أعافى فأشكر أحبّ إليّ من أن أبتلي فأصبر (٣).

وقال مسلم بن إبراهيم : ثنا عقيل الدّورقيّ ، ثنا يزيد قال : كان مطرّف يبدو (٤) ، فإذا كانت ليلة الجمعة جاء ليشهد الجمعة ، فبينا هو يسير في وجه الصّبح سطع من رأس سوطه نور له شعبتان ، فقال لابنه عبد الله وهو خلفه : أتراني لو أصبحت فحدّثت النّاس بهذا كانوا يصدّقوني؟ فلمّا أصبح ذهب (٥).

وروى نحوها من وجه آخر ، عن غلام مطرّف ، عنه.

وقال مهديّ بن ميمون ، عن غيلان ، قال : أقبل مطرّف من البادية ، فبينا هو يسير إذ سمع في طرف سوطه كالتسبيح (٦).

وقال معمر ، عن قتادة قال : كان مطرّف يسير مع صاحب له ، فإذا طرف سوط أحدهما عنده ضوء (٧).

وقال سليمان بن المغيرة : كان مطرّف إذا دخل بيته سبّحت معه آنية بيته (٨).

__________________

(١) الطبقات الكبرى ٧ / ١٤٤ ، الزهد لابن حنبل ٢٣٩.

(٢) الطبقات الكبرى ٧ / ١٤٣.

(٣) حلية الأولياء ٢ / ٢٠٠.

(٤) أي يريد الخروج إلى البادية.

(٥) انظر مثله في حلية الأولياء ٢ / ٢٠٥.

(٦) الحلية ٢ / ٢٠٥.

(٧) الحلية ٢ / ٢٠٥.

(٨) الحلية ٢ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦.

٤٨١

وقال جرير بن حازم ، عن حميد بن هلال ، قال : كان بين مطرّف وبين رجل من قومه شيء ، فكذب على مطرّف ، فقال له : إن كنت كاذبا فعجّل الله حتفك ، فمات الرّجل مكانه ، واستعدى أهله زيادا على مطرّف ، فقال : هل ضربه؟ هل مسّه؟ قالوا : لا. قال : دعوة رجل صالح وافقت قدرا (١).

وروى نحوها عن غيلان بن جرير ، عن مطرّف.

وقال سليمان بن حرب : كان مطرّف مجاب الدّعوة ، قال لرجل : إن كنت كذبت فأرنا به ، فمات مكانه.

وقال مهديّ بن ميمون ، عن غيلان قال : كان ابن أخي مطرّف حبسه السلطان فلبس مطرّف خلقان ثيابه ، وأخذ عكّازا وقال : أستكين لربّي لعلّه أن يشفّعني في ابن أخي.

وقال أبو بكر الهذلي : كان مطرّف يقول لإخوانه : إذا كانت لكم حاجة فاكتبوها في رقعة لأقضيها لكم فإنّي أكره أن أرى ذلّ السؤال في الوجه (٢).

قال الفلّاس : توفّي سنة خمس وتسعين.

وقال ابن سعد وغيره : توفّي بعد سنة سبع وثمانين.

وقال خليفة : مات سنة ستّ وثمانين.

قال العجليّ : لم ينج من فتنة ابن الأشعث بالبصرة إلّا مطرّف ، وابن سيرين.

٤١٠ ـ (معاذ بن عبد الرحمن) (٣) ـ خ م ن ـ بن عثمان بن عبيد الله القرشيّ التّيمي أخو عثمان.

حدّث عن : أبيه ، وحمران بن أبان ، ويقال إنّه أدرك زمان عمر.

__________________

(١) الحلية ٢ / ٢٠٦.

(٢) انظر الحلية ٢ / ٢١٠.

(٣) الطبقات لخليفة ١٨ ، التاريخ الكبير للبخاريّ ٧ / ٣٦٣ ـ ٣٦٤ رقم ١٥٦٤ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٣٦٦ ـ ٣٦٧ ، الجرح والتعديل ٨ / ٢٤٧ رقم ١١٢١ ، الكاشف ٣ / ١٣٦ رقم ٥٦٠٢ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ١٩٢ رقم ٣٦٠ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧ رقم ١٢٠٤.

٤٨٢

روى عنه : محمد بن إبراهيم التّيمي ، والزّهري ، وابن المنكدر ، وعبد الله بن أبي سلمة الماجشون ، وجماعة.

٤١١ ـ (معاوية بن سبرة السّوائيّ) (١) ـ ع ـ العامريّ أبو العبيدين الكوفي الأعمى.

عن : ابن مسعود.

وعنه : سلمة بن كهيل ، وأبو إسحاق ، ومسلم البطين.

وثّقه ابن معين ، وهو مقلّ.

توفّي سنة ثمان وتسعين ، وله في بخ (٢).

٤١٢ ـ (معاوية بن سويد) (٣) ـ ع ـ بن مقرّن المزنيّ الكوفي.

روى عن : أبيه ، والبراء بن عازب.

روى عنه : سلمة بن كهيل ، وأشعث بن أبي الشّعثاء ، وأبو السّفر ، وعمرو بن مرّة.

واسم أبي السّفر سعيد بن محمد.

٤١٣ ـ (معاوية بن عبد الله بن جعفر) (٤) ـ ن ق ـ بن أبي طالب الهاشميّ المدني.

روى عن : أبيه ، ورافع بن خديج ، والسّائب بن يزيد.

__________________

(١) التاريخ لابن معين ٢ / ٥٧٢ رقم ١٨٥٧ ، الطبقات لخليفة ١٤٣ ، التاريخ الكبير ٧ / ٣٢٩ رقم ١٤١١ ، المعارف ٥٨٨ ، المعرفة والتاريخ ٢ / ٦٩ ، تاريخ أبي زرعة ١ / ٤٨٠ ، الجرح والتعديل ٨ / ٣٧٨ رقم ١٧٣١ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٠٦ رقم ٣٨٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٥٩ رقم ١٢٢٦.

(٢) اختصار البخاري في كتاب «الأدب المفرد».

(٣) التاريخ الكبير ٧ / ٣٣٠ رقم ١٤١٢ ، الجرح والتعديل ٨ / ٣٧٨ رقم ١٧٣٢ ، الكاشف ٣ / ١٣٩ رقم ٥٦٢٣ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٠٨ رقم ٣٨٧ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٥٩ رقم ١٢٣٠

(٤) الطبقات الكبرى لابن سعد ٥ / ٣٢٩ ، التاريخ الكبير ٧ / ٣٣١ رقم ١٤١٦ ، المعارف ٢٠٧ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٣٦٠ ـ ٣٦١ ، الجرح والتعديل ٨ / ٣٧٧ رقم ١٧٢٦ ، الكاشف ٣ / ١٣٩ رقم ٥٦٢٧ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٢١٢ ـ ٢١٣ رقم ٣٩١ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٦٠ رقم ١٢٣٤.

٤٨٣

روى عنه : ابنه عبد الله ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، والزّهري ، ويزيد بن عبد الله بن الهاد ، وآخرون.

وهو قليل الحديث نبيل فاضل ، وفد على يزيد بن معاوية وبقي إلى أن وفد على يزيد بن عبد الملك ، وكان صديقا ليزيد بن معاوية خاصّا به.

وذكر جويرية بن أسماء أنّ معاوية وفي عن أبيه عبد الله بن جعفر من الدّيون ألف ألف درهم.

٤١٤ ـ (المغيرة بن أبي بردة) (١) ـ ٤ ـ سار في هذا الزمان ، بل في سنة مائة إلى غزو البحر.

روى عن : أبي هريرة ، وقيل عن أبيه ، عن أبي هريرة في البحر «هو الطّهور ماؤه الحلّ ميتته».

روى عنه : يحيى بن سعيد الأنصاريّ ، وغيره.

٤١٥ ـ (المغيرة بن أبي شهاب المخزومي) (٢). قرأ على عثمان بن عفّان.

وعليه قرأ عبد الله بن عامر الدمشقيّ.

نقل القصّاع (٣) أنه توفي سنة إحدى وتسعين وله تسع وثمانون سنة.

٤١٦ ـ (المغيرة بن عبد الله اليشكريّ الكوفي) (٤) ـ م د ن ـ.

روى عن : أبيه عبد الله بن أبي عقيل اليشكري ، والمغيرة بن شعبة ، والمعرور بن سويد.

__________________

(١) تاريخ خليفة ٢٨٨ و ٢٩٢ ، التاريخ الكبير ٧ / ٣٢٣ رقم ١٣٨٩ ، المعرفة والتاريخ ٣ / ٣٣٨ ، الجرح والتعديل ٨ / ٢١٩ رقم ٩٨٣ ، الكاشف ٣ / ١٤٧ رقم ٥٦٨٢ ، ميزان الاعتدال ٤ / ١٥٩ رقم ٨٧٠٣ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٥٧ رقم ٤٦١ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٦٨ رقم ١٣٠٦.

(٢) غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري ٢ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦ ، معرفة القراء الكبار للذهبي ١ / ٤٨ رقم ١١.

(٣) مهمل في الأصل ، والتصويب من المصدرين السابقين.

(٤) التاريخ الكبير ٧ / ٣١٩ رقم ١٣٦٦ ، تاريخ أبي زرعة ١ / ٦٢٤ ـ ٦٢٥ ، الجرح والتعديل ٨ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥ رقم ١٠٠٩ ، الكاشف ٣ / ١٤٩ رقم ٥٦٩٣ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٦٣ رقم ٤٧٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٦٩ رقم ١٣٩١.

٤٨٤

روى عنه : أبو صخرة جامع بن شدّاد ، وعلقمة بن مرثد ، وأبو إسحاق السّبيعي ، ومحمد بن جحادة (١) ، وجماعة.

٤١٧ ـ موسى بن نصير (٢)

أبو عبد الرحمن اللّخميّ أمير المغرب ، كان مولى امرأة من لخم ، وقيل هو مولى لبني أميّة ، وكان أعرج.

روى عن : تميم الدّاريّ.

روى عنه : ابنه عبد العزيز ، ويزيد بن مسروق اليحصبي.

وشهد مرج راهط ، وولي غزو البحر لمعاوية ، فغزا جزيرة قبرس وبنى هناك حصونا كالماغوصة (٣) وحصن يأنس.

وقيل : إنّه ولد سنة تسع عشرة.

وقد ذكرنا افتتاحه الأندلس ، وجرت له عجائب وأمور طويلة هائلة.

وقيل انتهى إلى آخر حصن من حصون الأندلس ، فاجتمع الروم لحربه ، فكانت بينهم وقعة مهولة ، وطال القتال ، وجال المسلمون جولة وهمّوا بالهزيمة ، فأمر موسى بن نصير بسرادقه فكشف عن ثيابه وحرمه حتى يرون ، وبرز بين الصفوف حتى رآه النّاس ، ثم رفع يديه بالدعاء والتّضرّع والبكاء ، فأطال ، فلقد كسرت بين يديه أغماد السيوف ، ثم فتح الله ونزل النّصر.

__________________

(١) في الأصل «حجادة» والتصويب من تهذيب التهذيب.

(٢) تاريخ علماء الأندلس ٢ / ١٤٦ رقم ١٤٥٦ ، جذوة المقتبس ٣٣٨ ، رقم ٧٩٣ ، بغية الملتمس ٨ و ٤٥٧ رقم ١٣٣٤ ، الحلّة السّيراء ٢ / ٣٣٢ ـ ٣٣٤ رقم ١٧٨ ، فتوح مصر لابن عبد الحكم ٨٤ ـ ٩٢ ، وفيات الأعيان ٥ / ٣١٨ ـ ٣٢٩ رقم ٧٤٨ ، أخبار مجموعة لمجهول ٣ ، البيان المغرب ١ / ٣٩ ـ ٤٦ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٩٦ ـ ٥٠٠ رقم ١٩٥ ، العبر ١ / ١١٦ ، دول الإسلام ١ / ٦٨ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٦٠١ و ٣ / ٣٣٢ ، البداية والنهاية ٩ / ١٧١ ، مرآة الجنان ١ / ٢٠٠ ـ ٢٠١ ، النجوم الزاهرة ١ / ٢٣٥. نفح الطيب ١ / ٢٢٩ و ٢٨٣ ، شذرات الذهب ١ / ١١٢.

وأخباره كثيرة في كتب الفتوح والتاريخ ، مثل فتوح البلدان للبلاذري ، وتواريخ خليفة واليعقوبي والطبري والمسعودي وابن الأثير وغيرهم.

(٣) تعرف الآن ب «فماغوستا».

٤٨٥

قال جرير بن عبد الحميد ، عن سفيان بن عبد الله إنّ عمر بن عبد العزيز سأل موسى بن نصير عن أعجب شيء رآه في البحر ، فقال : انتهينا إلى جزيرة فيها ستّ عشرة جرّة خضراء ، مختومة بخاتم سليمان عليه‌السلام ، فأمرت بأربعة منها ، فأخرجت ، وأمرت بواحدة فنقبت ، فإذا شيطان يقول : والّذي أكرمك بالنّبوّة لا أعود بعدها أفسد في الأرض ، ثم نظر فقال : والله ما أرى بها سليمان ولا ملكه ، فانساخ في الأرض ، فذهب ، فأمرت بالبواقي فردّت إلى مكانها (١).

وقال اللّيث بن سعد : إنّ موسى بن نصير بعث ابنه مروان على جيش ، فأصاب من السّبي مائة ألف ، وبعث ابن أخيه في جيش فأصاب من السّبي مائة ألف أخرى (٢) ، فقيل للّيث : من هم؟ قال : البربر ، فلما جاء كتابه بذلك ، قال النّاس : إن ابن نصير والله أحمق ، من أين له أربعون (٣) ألفا يبعث بهم إلى أمير المؤمنين في الخمس؟ فبلغه ذلك فقال : ليبعثوا من يقبض لهم أربعين ألفا ، فلما فتحوا الأندلس جاء رجل فقال : ابعث معي أدلّك على كنز ، فبعث معه فقال لهم : انزحوا هاهنا ، فنزحوا فسال عليهم من الياقوت والزّبرجد ما أبهتهم فقالوا : لا يصدّقنا موسى ، فأرسلوا إليه ، فجاء ونظر ، قال اللّيث : إن كانت الطّنفسة لتوجد منسوجة بقضبان الذّهب ، تنظم السلسلة الذّهب باللّؤلؤ والياقوت ، فكان البربريّان ربّما وجداها فلا يستطيعان حملها حتى يأتيا بالفأس فيقسمانها (٤). ولقد سمع يومئذ مناد ينادي ولا يرونه : أيّها النّاس إنّه قد فتح عليكم باب من أبواب جهنّم.

وقيل : لما دخل موسى إفريقية وجد أكثر مدنها خالية لاختلاف أيدي البربر عليها ، وكانت البلاد في قحط ، فأمر النّاس بالصّوم والصلاة وإصلاح

__________________

(١) قارن بعبارته في سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٩٧ ، والحلة السيراء ٢ / ٣٣٤.

(٢) وفيات الأعيان ٥ / ٣١٩.

(٣) في الأصل «عشرون».

(٤) قارن بسير أعلام النبلاء ٤ / ٤٩٧ ـ ٤٩٨.

٤٨٦

ذات البين ، وخرج بهم إلى الصحراء ومعه سائر الحيوانات ، وفرّق بينها وبين أولادها ، فوقع البكاء والضّجيج ، وأقام على ذلك إلى نصف النّهار ، ثم صلّى وخطب ، ولم يذكر الوليد ، فقيل له : ألا تدعو لأمير المؤمنين؟ فقال : هذا مقام لا يذكر فيه إلّا الله ، فسقوا حتى رووا وأغيثوا (١).

قال أبو شبيب الصّدفيّ : لم نسمع في الإسلام بمثل سبايا موسى بن نصير (٢).

وقيل : إنّ موسى تمادى في سيره بأرض الأندلس مجاهدا حتى انتهى إلى أرض تميد بأهلها ، فقال له جنده : إلى أين تريد أن تذهب بنا ، حسبنا ما بأيدينا! فرجع وقال : لو أطعتموني لوصلت إلى (٣) القسطنطينيّة.

ولما افتتح موسى أكثر الأندلس رجع إلى إفريقية وله نيّف وستّون سنة ، وهو راكب على بغل اسمه «كوكب» وهو يجرّ الدّنيا بين يديه جرّا ، أمر بالعجل تجرّ أوقار الذّهب والجواهر والتّيجان والثياب الفاخرة ومائدة سليمان ، ثم استخلف ولده بإفريقية ، وأخذ معه مائة من رؤساء البربر ، ومائة وعشرين من الملوك وأولادهم ، وقدم مصر في أبّهة عظيمة ، ففرّق الأموال ، ووصل الأشراف والعلماء ، ثم سار يطلب فلسطين ، فتلقّاه روح بن زنباع ، فوصله بمبلغ كبير ، وترك عنده بعض أهله وخدمه ، فأتاه كتاب الوليد بأنّه مريض ، ويأمره بشدّة السّير ليدركه ، وكتب إليه سليمان بن عبد الملك يبطّئه في سيره فإنّ الوليد في آخر نفس ، فجدّ في السّير ، فآلى سليمان إن ظفر به ليصلبنّه ، وأراد سليمان أن يبطّئ ليسلّم ما جاء به موسى ، فقدم قبل موت الوليد بأيام ، فأتاه بالدّرّ والجوهر والنفائس وملاح الوصائف والتّيجان والمائدة ، فقبض ذلك كلّه ، وأمر بباقي الذهب والتقادم فوضع ببيت المال ، وقوّمت المائدة بمائة ألف

__________________

(١) وفيات الأعيان ٥ / ٣١٩ ـ ٣٢٠.

(٢) وفيات الأعيان ٥ / ٣١٩.

(٣) «إلى» ساقطة من الأصل.

٤٨٧

دينار ، ولم يحصل لموسى رضا الوليد ، واستخلف سليمان فأحضره وعنّفه وأمر به فوقف في يوم شديد الحرّ ـ وكان سمينا بدينا ـ فوقف حتى سقط مغشيّا عليه (١) وعمر بن عبد العزيز واقف يتألّم له ، فقال سليمان : يا أبا حفص ما أظنّ إلّا أنّني خرجت من يميني ، ثم قال : من يضمّه؟ فقال يزيد بن المهلّب : أنا أضمّه. قال : فضمّه إليك ولا تضيّق عليه ، فأقام عنده أياما ، وتوسّط بينه وبين سليمان وافتدي منه بألف ألف دينار ، ويقال : إنّ يزيد قال له : كم تعدّ من مواليك وأهل بيتك؟ قال : كثير. قال يزيد : يكونون ألفا؟ قال : وألف ألف ، وقال يزيد : وأنت على هذا وتلقي بيدك إلى التّهلكة ، أفلا أقمت في قرار عزّك وسلطانك وبعثت بالتّقادم ، فإن أعطيت الرّضا ، وإلا فأنت على عزّك! قال : لو أردت ذلك لصار ، ولكنّي آثرت الله ولم أر الخروج ، قال يزيد : كلّنا ذلك الرجل ، أراد بذلك قدومه هو على الحجّاج.

وقال سليمان يوما لموسى : ما كنت تفزع إليه (٢) عند حربك؟ قال : الدّعاء والصبر ، قال : فأيّ الخيل رأيتها أصبر؟ قال : الشّقر ، قال : فأيّ الأمم أشدّ قتالا؟ قال : هم أكثر من أن أصف ، قال : فأخبرني عن الروم ، قال : أسد في حصونهم ، عقبان على خيولهم ، نساء في مراكبهم ، إن رأوا فرصة افترصوها ، وإن رأوا غلبة فأوعال تذهب في الجبال ، لا يرون الهزيمة عارا ، قال : فأخبرني عن البربر ، قال : هم أشبه العجم بالعرب لقاء ونجدة وصبرا وفروسيّة وشجاعة ، غير أنّهم أغدر النّاس ، ولا وفاء لهم ولا عهد ، قال : فأخبرني عن أهل الأندلس ، قال : ملوك مترفون وفرسان لا يجبنون ، قال : فأخبرني عن الفرنج ، قال : هناك العدد والجلد والشدّة والبأس والنّجدة ، قال : فكيف كانت الحرب بينك وبينهم؟ قال : أمّا هذا فو الله ما هزمت لي راية قطّ ، ولا بدّد جمعي ، ولا نكب المسلمون معي منذ اقتحمت الأربعين إلى أن

__________________

(١) وفيات الأعيان ٥ / ٣٢٩.

(٢) في الأصل «إليك».

٤٨٨

بلغت الثمانين ، ثم قال : والله لقد بعثت لأخيك الوليد بتور (١) من زبرجد أخضر كان يجعل فيه اللّبن حتى يرى فيه الشعرة البيضاء ، ثم جعل يعدّد ما أصاب من الجوهر والزّبرجد حتى بهت سليمان وتعجّب (٢).

وبلغنا أنّ النّصيريّ من ولد موسى بن نصير قال : دخل موسى مع مروان مصر ، فتركه مع ابنه عبد العزيز بن مروان ، ثم كان مع بشر بن مروان وزيرا بالعراق.

وقال الفسوي (٣) : ولي موسى إفريقية سنة تسع وسبعين ، فافتتح بلادا كثيرة ، وكان ذا حزم وتدبير.

وذكر النّصيري أنّ موسى بن نصير قال يوما : أما والله لو انقاد النّاس إليّ لقدتهم حتى أوقفهم على رومية ثم ليفتحنّها الله على يديّ إن شاء الله.

ولما قدم مصر سنة خمس وتسعين توجّه إلى الوليد ، فلما جلس الوليد يوم جمعة على المنبر أتى موسى وقد ألبس ثلاثين رجلا التيجان ، على كلّ واحد تاج الملك وثيابه ، ودخل بهم المسجد في هيئة الملوك ، فلما رآهم الوليد ، بهت ثم حمد الله وشكر (٤) ، وهم وقوف تحت المنبر ، وأجاز موسى بجائزة عظيمة ، وأقام موسى بدمشق حتى مات الوليد واستخلف سليمان ، وكان عاتبا على موسى ، وحبسه وطالبه بأموال عظيمة ، ثم حجّ سليمان ومعه موسى بن نصير ، فمات بالمدينة.

وقيل : مات بوادي القرى.

وقيل : لم يسمع في الإسلام بمثل سبايا موسى بن نصير وكثرتهم.

وروى أنّ موسى قال لسليمان يوما : يا أمير المؤمنين لقد كانت الشّياه

__________________

(١) في القاموس المحيط للفيروزآبادي : إناء يشرب فيه : وفي النهاية لابن الأثير : إناء كالإجّانة قد يتوضّأ منه.

(٢) قارن بسير أعلام النبلاء ٤ / ٤٩٩ ، والحلة السيراء ٢ / ٣٣٤.

(٣) المعرفة والتاريخ ٣ / ٣٣٢.

(٤) قارن بسير أعلام النبلاء ٤ / ٥٠٠.

٤٨٩

الألف تباع بمائة درهم ، ويمرّ النّاس بالبقرة لا يلتفتون إليها ، وتباع النّاقة بعشرة دراهم ، ولقد رأيت العلج الفاره وامرأته وأولاده يباعون بخمسين درهما (١).

٤١٨ ـ (ميسرة أبو صالح الكوفي) (٢) ـ د ن ـ مولى كندة.

روى عن : عليّ ، وعن سويد بن غفلة ، وشهد قتال الخوارج مع عليّ.

وعنه : سلمة بن كهيل ، وهلال بن خبّاب ، وعطاء بن السّائب.

وثّقه ابن حبّان.

__________________

(١) السير ٤ / ٥٠٠.

(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ٦ / ٢٢٣ ، التاريخ لابن معين ٢ / ٥٩٨ ، التاريخ الكبير ٧ / ٣٧٤ رقم ١٦٠٨ ، المعرفة والتاريخ ٢ / ٧٩٩ ، الكنى والأسماء للدولابي ٢ / ٩ ، الجرح والتعديل ٨ / ٢٥٢ رقم ١١٤٤ ، الكاشف ٣ / ١٦٩ رقم ٥٨٥٧ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٣٨٧ رقم ٦٩٤ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٩١ رقم ١٥٤٣.

٤٩٠

[حرف النون]

٤١٩ ـ (ناعم (١) بن أجيل) (٢) ـ م ن (٣) ـ مولى أمّ سلمة ، أبو عبد الله.

همدانيّ النّسب ، أصابه سباء في الجاهلية.

روى عن : عليّ ، وابن عبّاس ، وكعب بن عديّ.

وعنه : عبد الرحمن بن هانئ الأعرج ، ويزيد بن أبي حبيب ، وعبيد الله ابن المغيرة ، والحارث بن يزيد ، وغيرهم.

٤٢٠ ـ نافع بن جبير (٤)

ابن مطعم بن عديّ بن نوفل القرشيّ النّوفليّ المدني ، أبو محمد ،

__________________

(١) التاريخ الكبير ٨ / ١٢٥ رقم ٢٤٤١ ، المعرفة والتاريخ ٢ / ٥٢٠ ، الكنى والأسماء للدولابي ٢ / ٦٢ ، الجرح والتعديل ٨ / ٥٠٨ رقم ٢٣٢٣ ، الكاشف ٣ / ١٧٢ رقم ٥٨٧٨ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٤٠٣ ـ ٤٠٤ رقم ٧٢٤ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٩٥ رقم ١٢.

(٢) في الأصل «الحبل» والتصحيح من (أسد الغابة ٥ / ٧) وقال أجيل : بضم الهمزة وفتح الجيم وسكون الياء. وانظر : المشتبه للذهبي ١ / ١٦.

(٣) الرمز من خلاصة التذهيب.

(٤) الطبقات الكبرى ٥ / ٢٠٥ ، الطبقات لخليفة ٢٤١ ، التاريخ الكبير للبخاريّ ٨ / ٨٢ ـ ٨٣ رقم ٢٢٥٧ ، المعارف ٢٨٥ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٣٦٤ و ٥٦٥ ، تاريخ أبي زرعة ١ / ١٦٠ ، الكنى والأسماء للدولابي ٢ / ١٠٢ ، الجرح والتعديل ٨ / ٤٥١ ـ ٤٥٢ رقم ٢٠٦٩ ، مشاهير علماء الأمصار ٧٨ رقم ٥٦٢ و ٨٣ رقم ٦٠٤ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ١٢١ ـ ١٢٢ ، رقم ١٨٢ ، تحفة الأشراف ١٣ / ٤٠٤ رقم ١٣٠٧ ، الكاشف ٣ / ١٧٣ رقم ٥٨٨٠ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٥٤١ ـ ٥٤٣ رقم ٢١٧ ، العبر ١ / ١١٧ ، جامع التحصيل ٣٥٨ رقم ٨٢٠ ، البداية والنهاية ٩ / ١٨٦ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٤٠٤ ـ ٤٠٥ رقم ٧٢٧ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٩٥ رقم ١٥ ، خلاصة تذهيب التهذيب ٣٩٩ ، شذرات الذهب ١ / ١١٦.

٤٩١

وقيل أبو عبد الله أخو محمد بن جبير.

روى عن : أبيه ، وعليّ ، والعبّاس ، والزّبير ، وعثمان بن أبي العاص ، وعائشة ، وجرير بن عبد الله ، وأبي هريرة ، وابن عبّاس.

روى عنه : حكيم بن عبد الله بن قيس ، والزّهري ، وعمرو بن دينار ، وصالح بن كيسان ، وصفوان بن سليم ، وسعد بن إبراهيم ، وعبد الله بن الفضل الهاشميّ ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين ، وموسى بن عقبة ، ومحمد بن سوقة ، وآخرون.

قال ابن سعد (١) : كان ثقة أكثر حديثا من أخيه محمد.

وقال ابن المديني : أصحاب زيد الذين كانوا يأخذون عنه ويفتون بفتواه منهم من لقيه ومنهم من لم يلقه ، وهم اثنا عشر رجلا ، فذكر منهم نافع بن جبير.

وقال عبد الرحمن بن خراش : كان ثقة أحد الأئمة ، وروي أنّه كان يحجّ ماشيا وراحلته تقاد معه (٢) ، وكان من الفصحاء الألباء.

قال ابن عيينة ، عن مسعر : إنّ الحجّاج قال لنافع بن جبير ، وذكر ابن عمر ، فقال : أهو الّذي قال لي كذا وكذا ، ليتني ضربت عنقه ، قال : أراد الله بك خيرا مما أردت بنفسك ، قال : صدقت ، ثم قال الحجّاج : عمر الّذي يقول : سيكون للنّاس نفرة من سلطانهم ، أعوذ بالله أن يدركني وإيّاكم ذلك أهواء متّبعة ، وما كان على عمر لو أدرك ذلك ، فقال بالسيف هكذا وهكذا ، وقال نافع : أما إنّه كان من خير الأمراء؟ قال : صدقت.

وقال الوليد بن عبد الله بن جميع : رأيت نافع بن جبير يخضب بالسّواد (٣).

وروى معن ، عن ثابت بن قيس قال : رأيت نافع بن جبير مربوطة

__________________

(١) الطبقات الكبرى ٥ / ٢٠٧.

(٢) الطبقات الكبرى ٥ / ٢٠٦.

(٣) الطبقات الكبرى ٥ / ٥٠٦.

٤٩٢

أسنانه بخرصان الذهب (١).

وقيل : غزا الدّيلم زمن الحجّاج.

توفّي بالمدينة سنة تسع وتسعين ، قاله غير واحد.

٤٢١ ـ (نافع بن عباس) (٢) ـ ع ـ أبو عياش مولى أبي قتادة الأنصاريّ.

روى عن : مولاه ، وعن أبي هريرة.

وعنه : عمر بن كثير بن أفلح ، والزّهري ، وصالح بن كيسان.

وهو قليل الحديث.

٤٢٢ ـ (نافع بن عجير) (٣) ـ د ـ بن عبد يزيد بن هاشم بن المطّلب المطّلبي.

عن : عمّه ركانة ، وأبيه عليّ.

وعنه : عبد الله بن عليّ المطّلبي ، ومحمد بن إبراهيم التّيمي ، وولده محمد بن نافع.

ذكره ابن حبّان في الثّقات (٤).

٤٢٣ ـ (النّعمان بن أبي عيّاش) (٥) ـ سوى د ـ أبو سلمة الأنصاريّ الزّرقيّ المدنيّ ، فاضل نبيل.

روى عن : أبي سعيد الخدريّ ، وجابر ، وخولة بنت عامر.

روى عنه : سهيل بن أبي صالح ، وسمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن ، وصفوان بن سليم ، وأبو حازم الأعرج ، وعبد الله الماجشون ، ومحمد بن أبي حرملة ، وموسى بن عبيدة ، وابن عجلان.

__________________

(١) الطبقات الكبرى ٥ / ٥٠٦.

(٢) الطبقات الكبرى ٥ / ٣٠٤ ، التاريخ الكبير ٨ / ٨٣ رقم ٢٢٥٩ ، الكنى والأسماء ٢ / ١٠٢ ، الجرح والتعديل ٨ / ٤٥٣ رقم ٢٠٧٣ ، الكاشف ٣ / ١٧٣ رقم ٥٨٨٢ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦ (دون ترقيم ، بين رقمي ٧٢٩ و ٧٣٠) ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٩٥ رقم ١٨.

(٣) التاريخ الكبير ٨ / ٨٤ رقم ٢٢٦٤ ، الجرح والتعديل ٨ / ٤٥٤ رقم ٢٠٨٠ ، الكاشف ٣ / ١٧٣ رقم ٥٨٨٦ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٤٠٨ رقم ٧٣٤ وفيه «عجيرة» ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٩٦ رقم ٢٣.

(٤) ج ٥ / ٤٦٩.

(٥) التاريخ الكبير ٨ / ٧٧ رقم ٢٢٢٩ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٥٥٠ ، الجرح والتعديل ٨ / ٤٤٥ رقم ٢٠٣٩ ، الكاشف ٣ / ١٨٢ رقم ٥٩٥٤ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٤٥٥ ، رقم ٨٢٤ ، تقريب التهذيب ٢ / ٣٠٤ رقم ١١٧.

٤٩٣

[حرف الهاء]

٤٢٤ ـ (هانئ بن كلثوم) (١) بن عبد الله الكنانيّ ، ويقال الكندي الفلسطيني.

أراده عمر بن عبد العزيز على إمرة فلسطين فأبى عليه.

روى عن : ابن عمر ، ومعاوية ، ومحمود بن الربيع.

روى عنه : خالد بن دهقان (٢) ، وأسيد بن عبد الرحمن ، ويحيى بن أبي عمرو السيباني (٣) وغيرهم.

وكان شريفا جليلا عابدا مجاهدا غازيا.

توفّي في خلافة عمر بن عبد العزيز.

٤٢٥ ـ (هلال بن يساف) (٤) ـ م ٤ ـ أبو الحسن الأشجعيّ مولاهم الكوفي ، من كبار التابعين.

روى : عن أبي الدرداء ، وسعيد بن زيد مرسلا ، وعن : عائشة ، وعمران بن

__________________

(١) التاريخ الكبير ٨ / ٢٣٠ رقم ٢٨٢٣ ، تاريخ أبي زرعة ١ / ٢٤٢ ، الجرح والتعديل ٩ / ١٠١ رقم ٤٢٤ ، مشاهير علماء الأمصار ١١٨ رقم ٩١٧ ، الكاشف ٣ / ١٩٢ رقم ٦٠٤١ ، جامع التحصيل ٣٦٢ رقم ٨٤٢ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٢٢ رقم ٤٦ ، تقريب التهذيب ٢ / ٣١٥ رقم ٤٦.

(٢) في الأصل «هققان».

(٣) في طبعة القدسي ٤ / ٦٤ «الشيبانيّ» وهو تحريف.

(٤) التاريخ لابن معين ٢ / ٦٢٤ ، الطبقات لخليفة ١٥٨ ، التاريخ الكبير ٨ / ٢٠٢ رقم ٢٧١٢ ، المعرفة والتاريخ ٣ / ١٢٨ ـ ١٢٩ ، تاريخ أبي زرعة ١ / ٦٠٨ ، الكنى والأسماء ١ / ١٤٨ ، المراسيل ٢٢٩ رقم ٤٢٢ ، الجرح والتعديل ٩ / ٧٢ رقم ٢٧٨ ، مشاهير علماء الأمصار ١٠٩ رقم ٨٣١ ، الكاشف ٣ / ٢٠٢ رقم ٦١١٧ ، جامع التحصيل ٣٦٤ رقم ٨٥٣ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٨٦ ـ ٨٧ رقم ١٤٤ ، تقريب التهذيب ٢ / ٣٢٥ رقم ١٥٢.

٤٩٤

حصين ، وسويد بن مقرن ، وسمرة بن جندب ، والبراء بن عازب ، وعن طائفة من التابعين.

وروى عنه : حصين بن عبد الرحمن ، وعبدة بن أبي لبابة ، ومنصور ، والأعمش ، وسعيد بن مسروق الثّوري ، وآخرون.

وثّقه ابن معين وغيره.

٤٢٦ ـ (هنيدة بن خالد الخزاعيّ) (١) ـ د ن ـ ويقال النّخعيّ.

كانت أمّه تحت عمر بن الخطاب.

روى عن : عليّ ، وحفصة ، وعائشة ، وغيرهم.

وعنه : الحسن بن عبيد الله النّخعي ، وأبو إسحاق السّبيعي ، والحرّ بن الصّباح ، وإسحاق بن سويد العدوي ، وآخرون.

وثّقه ابن حبّان (٢).

٤٢٧ ـ (الهيثم بن شفي) (٣) ـ د ن ق ـ أبو الحصين الرّعيني الحجري المصري.

يروي عن : أبي عامر الحجري ، وعبد الله بن عمرو ، وأبي ريحانة.

روى عنه : عيّاش بن عبّاس القتباني ، وأبو الخير مرثد اليزني ، ويزيد بن أبي حبيب.

قال : الدارقطنيّ : وشفي بالفتح والتخفيف ، وغلط من ضمّه.

__________________

(١) التاريخ الكبير ٨ / ٢٤٨ رقم ٢٨٩٠ ، المعرفة والتاريخ ٢ / ٩١ ، الجرح والتعديل ٩ / ١٢٠ رقم ٥٠٦ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ١٤١ رقم ٢٢٠ ، الكاشف ٣ / ١٩٩ رقم ٦٠٩٤ ، جامع التحصيل ٣٦٤ رقم ٨٥٢ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٧٣ رقم ١١٢ ، تقريب التهذيب ٢ / ٣٢٢ رقم ١١٦.

(٢) ج ٥ / ٥١٥.

(٣) شفي : بفتح الشين وتخفيف الياء. التاريخ الكبير ٨ / ٢١٢ ـ ٢١٣ رقم ٢٧٥٦ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٢٥٣ و ٥١٦ ، الكنى والأسماء ١ / ١٥١ ، الجرح والتعديل ٩ / ٧٩ ، ٨٠ رقم ٣٢٢ ، مشاهير علماء الأمصار ١٢١ رقم ٩٤٥ ، ميزان الاعتدال ٤ / ٣٢٣ رقم ٩٣٠٧ ، الكاشف ٣ / ٢٠٣ رقم ٦١٢٨ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٩٨ رقم ١٦٦ ، تقريب التهذيب ٢ / ٣٢٧ رقم ١٧٧.

٤٩٥

[حرف الواو]

٤٢٨ ـ (واسع بن حبّان) (١) ـ ع ـ بن منقذ بن عمرو الأنصاري المدني.

روى عن : عبد الله بن زيد بن عاصم المازني الأنصاري ، وابن عمر ، ورافع بن خديج.

روى عنه : ابنه حبّان ، وابن أخيه محمد بن يحيى بن حبّان.

قال أبو زرعة : مدنيّ ثقة.

٤٢٩ ـ الوليد بن عبد الملك (٢)

ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أميّة ، أبو العبّاس الأمويّ ،

__________________

(١) حبان : بفتح الحاء. الطبقات لخليفة ٢٣٧ و ٢٥٢ وفيه «حيّان» بالياء المثنّاة وهو تحريف ، التاريخ الكبير ٨ / ١٩٠ رقم ٢٦٥٥ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٢٩٨ ، الجرح والتعديل ٩ / ٤٨ رقم ٢٠٤ ، مشاهير علماء الأمصار ٧٨ رقم ٥٦٤ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ١٤٣ رقم ٢٢٤ ، تحفة الأشراف ١٣ / ٤١٠ رقم ١٣٢٠ ، الكاشف ٣ / ٢٠٤ رقم ٦١٣٢ ، جامع التحصيل ٣٦٤ رقم ٨٥٤ ، تهذيب التهذيب ١١ / ١٠٢ رقم ١٧٥ ، تقريب التهذيب ٢ / ٣٢٨ رقم ٣.

(٢) مصادر ترجمته كثيرة في كتب التواريخ العامة كتاريخ خليفة واليعقوبي والطبري والمسعودي وابن الأثير وابن كثير واليافعي وغيرها من كتب التراجم والطبقات ، ومنها : المعارف ٣٥٩ ، العبر ١ / ١١٤ ، فوات الوفيات ٤ / ٢٥٤ ـ ٢٥٥ رقم ٥٦٥ ، البداية والنهاية ٩ / ٧٠ و ١٦١ ، العقد الثمين ٧ / ٣٨٩ ، مرآة الجنان ١ / ١٩٩ ، خلاصة الذهب المسبوك للإربلي ١٣ ، نهاية الأرب للنويري ٢١ / ٣٣٥ ـ ٣٣٨ ، العيون والحدائق لمجهول ٣ / ١١ ـ ١٢ ، البدء والتاريخ للمقدسي ٦ / ٤١ ، النجوم الزاهرة ١ / ٢٢٠ و ٢٣٤ ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ٢٢٣ ، تاريخ الخميس للدياربكري ٢ / ٣١١ ـ ٣١٤ ، شذرات الذهب ١ / ١١١ ، أخبار الدول للقرماني =

٤٩٦

استخلف بعهد من أبيه بعده.

قال العتبي عن أبيه : كان دميما ، إذا مشى تبختر في مشيته (١) ، وكان أبواه يترفانه ، فشبّ بلا أدب ، وكان سائل الأنف (٢).

وقال سعيد بن عفير : كان الوليد طويلا أسمر ، به أثر جدريّ ، وبمقدّم لحيته شمط ليس في رأسه ولا لحيته غيره ، أفطس (٣).

وروى ابن يحيى الغسّاني أنّ روح بن زنباع قال : دخلت يوما على عبد الملك وهو مهموم ، فقال : فكّرت فيمن أولّيه أمر العرب فلم أجده ، فقلت : أين أنت عن الوليد؟ قال : إنّه لا يحسن النّحو. قال : فقال لي : رح إليّ العشيّة فإنّي سأظهر كآبة ، فسلني ، قال : فرحت إليه ، والوليد عنده ، فقلت له : لا يسوءك الله ما هذه الكآبة؟ قال : فكّرت فيمن أولّيه أمر العرب ، فلم أجده ، فقلت : وأين أنت عن ريحانة قريش وسيّدها الوليد! فقال لي : يا أبا زنباع إنه لا يلي العرب إلّا من تكلّم بكلامهم. قال : فسمعها الوليد ، فقام من ساعته ، وجمع أصحاب النّحو ، وجلس معهم في بيت وطيّن عليه ستّة أشهر ، ثم خرج وهو أجهل ممّا كان ، فقال عبد الملك : أما إنّه قد أعذر (٤).

وقد غزا الوليد أرض الروم في خلافة أبيه غير مرّة ، وحجّ بالنّاس سنة ثمان وسبعين.

وروى العتبيّ أنّ عبد الملك أوصى بنيه عند الموت بأمور ، ثم قال للوليد : لا ألفينّك إذا متّ تعصر عينيك وتحنّ حنين الأمة ، ولكن شمّر وائتزر

__________________

[(١٣٦ ،)] مآثر الإنافة للقلقشندي ١ / ١٣٢ ، نسب قريش ١٦٥ ، معجم بني أمية ١٨٩ ـ ١٩١ رقم ٣٩٠ ، الفخري لابن طباطبا ١١٥.

(١) فوات الوفيات ٤ / ٢٥٤.

(٢) تاريخ دمشق لابن عساكر (مخطوط الظاهرية) ١٧ / ٤٢٠ آ.

(٣) انظر تاريخ دمشق وفوات الوفيات ونهاية الأرب ٢١ / ٣٣٦

(٤) قارن بفوات الوفيات ٤ / ٢٥٤.

٤٩٧

والبس جلد نمر ودلّني في حفرتي وخلّني وشأني ، ثم ادع النّاس إلى البيعة ، فمن قال هكذا ، فقل بالسيف هكذا.

وبويع الوليد في شوال.

وروى سعيد بن عامر الضّبعيّ عن كثير أبي الفضل الطّفاوي قال : شهدت الوليد بن عبد الملك صلّى الجمعة والشمس على الشّرف ، ثم صلّى العصر.

قلت : كثير هو ابن يسار ، بصريّ.

روى عنه : حمّاد بن زيد ، وأبو عاصم النّبيل ، وجماعة. لم يضعّف ، وبنو أميّة معروفون بتأخير الصّلاة عن وقتها.

وقال ضمرة ، عن علي بن أبي عبلة ، سمع عبد الله بن عبد الملك بن مروان قال : قال لي الوليد : كيف أنت والقرآن؟ قلت : يا أمير المؤمنين أختمه في كل جمعة ، قلت : فأنت يا أمير المؤمنين؟ قال : وكيف مع الأشغال ، قلت : على ذاك ، قال : في كلّ ثلاث. قال علي : فذكرت ذلك لإبراهيم بن أبي عبلة فقال : كان يختم في رمضان سبع عشرة مرّة.

وقال ضمرة : سمعت إبراهيم بن أبي عبلة يقول : رحم الله الوليد وأين مثل الوليد ، افتتح الهند والأندلس وبنى مسجد دمشق ، وكان يعطيني قصاع الفضّة أقسّمها على قرّاء بيت المقدس.

وقال عمر بن عبد الواحد الدمشقيّ ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن أبيه قال : خرج الوليد بن عبد الملك من الباب الأصغر ، فوجد رجلا عند الحائط عند المئذنة الشرقية يأكل وحده ، فجاء فوقف على رأسه ، فإذا هو يأكل خبزا وترابا ، فقال : ما شأنك انفردت من النّاس! قال : أحببت الوحدة ، قال : فما حملك على أكل التراب ، أما في بيت مال المسلمين ما يجرى عليك! قال : بلى ولكن رأيت القنوع ، قال : فردّ الوليد إلى مجلسه ثم أحضره ، فقال : إنّ لك لخبرا لتخبرني به وإلّا ضربت ما فيه عيناك ، قال : نعم ، كنت جمّالا ومعي ثلاثة أجمال موقرة طعاما حتى أتيت مرج الصّفّر فقعدت في خربة

٤٩٨

أبول فرأيت البول ينصبّ في شقّ ، فاتّبعته حتى كشفته ، فإذا غطاء على حفير ، فنزلت ، فإذا مال صبيب ، فأنخت رواحلي وأفرغت أعكامي ، ثم أوقرتها ذهبا وغطّيت الموضع ، فلما سرت غير يسير وجدت معي مخلاة فيها طعام ، فقلت : أنا أنزل الكسوة ففرّغتها ورجعت لأملأها فخفي عنّي الموضع ، وأتعبني الطّلب ، فرجعت إلى الجمال فلم أجدها ، ولم أجد الطعام ، فآليت على نفسي ألّا آكل شيئا إلا الخبز بالتراب ، فقال الوليد : كم لك من العيال؟ فذكر عيالا. قال : يجرى عليك من بيت المال ، ولا تستعمل في شيء ، فإنّ هذا هو المحروم. قال ابن جابر : فذكر لنا أنّ الإبل جاءت إلى بيت مال المسلمين فأناخت عنده ، فأخذها أمين الوليد فطرحها في بيت المال.

رواته ثقات ، قاله الكناني.

وقال المفضّل الغلابيّ : ثنا نمير بن عبد الله الصّنعاني ، عن أبيه قال : قال الوليد بن عبد الملك : لو لا أنّ الله ذكر آل لوط في القرآن ما ظننت أنّ أحدا يفعل هذا.

وقال ابن الأنباريّ : ثنا أبو عكرمة الضّبّي أنّ الوليد بن عبد الملك قرأ على المنبر : (يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ) (١) ، وتحت المنبر عمر بن عبد العزيز وسليمان بن عبد الملك ، فقال سليمان : وددتها والله.

وعن أبي الزّناد قال : كان الوليد لحّانا كأنّي أسمعه على منبر النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : يا أهل المدينة.

قلت : وكان الوليد جبّارا ظالما ، لكنّه أقام الجهاد في أيامه ، وفتحت في خلافته فتوحات عظيمة كما ذكرنا.

قال حمّاد بن زيد : حدّثني خالد بن نافع ، حدّثني ابن عيينة ، عن المهلّب بن أبي صفرة ، عن يزيد بن المهلّب قال : لما ولّاني سليمان بن

__________________

(١) سورة الحاقّة ، الآية ٢٧.

٤٩٩

عبد الملك خراسان ودّعني عمر بن عبد العزيز فقال لي : يا يزيد اتّق الله ، إنّي حين وضعت الوليد في لحده إذا هو يركض في أكفانه ، يعني ضرب الأرض برجله.

قال سعيد بن عبد العزيز : هلك الوليد بدير مرّان (١) فحمل على أعناق الرجال فدفن بباب الصغير.

قال أبو عمر الضّرير وغيره : توفّي في نصف جمادى الآخرة سنة ستّ وتسعين.

وقال خليفة : عاش إحدى وخمسين سنة.

قلت : كانت خلافته تسع سنين وثمانية أشهر ، وبلغنا أنّ البشير لما جاء الوليد بفتح الأندلس جاءه أيضا بشير بفتح مدينة من خراسان ، قال الخادم : فأعلمته وهو يتوضّأ ، فدخل المسجد وسجد لله طويلا وحمده وبكى.

وقيل : كان يختن الأيتام ويرتّب لهم المؤدّبين ويرتّب للزّمنى من يخدمهم وللأضرّاء من يقودهم من رقيق المسلمين (٢) ، وعمّر مسجد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ووسّعه ، ورزق الفقهاء والفقراء والضّعفاء ، وحرّم عليهم سؤال النّاس ، وفرض لهم ما يكفيهم وضبط الأمور أتمّ ضبط.

__________________

(١) دير مرّان : بضمّ الميم وتشديد الراء ، بالقرب من دمشق على تلّ مشرف على مزارع .. (معجم البلدان ٢ / ٥٣٣).

(٢) فوات الوفيات ٤ / ٢٥٤.

٥٠٠