الإسلام والتناسخ

السيّد حسين يوسف مكّي

الإسلام والتناسخ

المؤلف:

السيّد حسين يوسف مكّي


المحقق: محمّد كاظم مكي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الزهراء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٧٧

أفلاطون ، قال وهو يتناول كأس السم : أنا مسرور لأني سأنتقل إلى مكان آخر (١). أما أرسطو (٣٨٤ ـ ٣٢٢ ق. م) تلميذ أفلاطون ، فقد كان يقول بأن النفس لا تعرف الفناء لأنها منبثقة عن العقل الفعال. والواقع أن اهتمام الفلسفة اليونانية بالتناسخ ، يظهر تشابها في الأفكار والمعتقدات مع الأفكار والمعتقدات الهندية ، ونقاطا مشتركة حتى في التفاصيل ، وبشكل خاص ما ورد في الكتاب العاشر من جمهورية أفلاطون (٢).

وقبل الميلاد عرف الشرق كما عرف الغرب اليوناني فكرة التناسخ ، حيث أن الزرادشتية ـ وهي الديانة التي انتشرت في فارس قبل الميلاد ، ثم ضعفت وانحسرت عن هذه البلاد بعد الفتح الإسلامي ـ قد قالت باستقلال النفس عن الجسد ، وترددت في معتقداتها أصداء الأفكار البوذية ، حيث في مجال الروح والنفس والجسد ، نجد تلاقيا بين البوذية والفلسفة اليونانية والزرادشتية ، حتى (لكأن الهند وإيران تتكلمان على لسان أفلاطون وبلغة أكثر وضوحا وجلاء هذه اللغة التي تتكرر

__________________

(١) م. س ، ص ٣٤ ـ ٣٦.Monnot ,Melanges ، ١٤.P. ٠٥١.

(٢) Monnot ,Melanges ، ١٤.P. ٠٥١.

٤١

في الأفلاطونية المحدثة) (١).

والأفلاطونية المحدثة نسبة إلى أفلوطين (٢٠٥ ـ ٢٧٠ م) وقد عاش هذا الفيلسوف في مصر وتثقف في الإسكندرية ، وكان يعتقد بالتقمص ، أي بأن الإنسان يولد بالتقمص في جسد إنسان والنفس هي آخر الكائنات المعقولة وأول الكائنات المحسوسة وهي الرحالة في العالم الماورائي (٢).

٢ ـ مع الاسلام :

للإسلام رأي واضح في الروح والنفس والخلود والبعث والحساب يوم القيامة ، وقد تأكد في القرآن الكريم الذي أشار إلى الخلود وجنة الخلد ، ودار الخلد ، والخلود في النار أو في الجنة بأكثر من ستين آية (٣) ، كما تكرر في مجال الروح مثل هاتين الآيتين : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ...) (٤).

__________________

(١) Monnot ,Melanges ، ١٤.P. ٠٥١.

(٢) طليع : التقمص ، ص ٣٧ ـ ٣٨.

(٣) محمد فارس بركات : المرشد إلى آيات القرآن الكريم ص ١٤٠٧.

(٤) سورة الإسراء ، الآية : ٨٥.

٤٢

و (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ) (١) إلى أكثر من خمسين آية عن البعث والإحياء ويوم القيامة والحساب (٢) وفي كتب تفسير القرآن ، ما يكفي لتوضيح مدلولات هذه الآيات.

أما الكلام على التناسخ ، فلم يكن المؤلفون المسلمون على غير اطلاع على هذا الموضوع ، أو أنهم يجهلون فكرة التطور التاريخي لهذه المسألة ، فقد عرض المسعودي (٣٤٦ ه‍ / ٩٥٦ م) لفكرة التناسخ وأشار إلى أن الهنود القدامى وفلاسفة اليونان ومنهم أفلاطون وتلاميذه قد قالوا بهذه الفكرة ، وبأن التناسخ هو تنقل الأرواح في أنواع الصور (٣). إلّا أن أبا الفتح الشهرستاني في كتابه الملل والنحل قد أشار إلى أصول فكرة التناسخ وتطورها عند الأمم ، حيث ذكر أن الحرنانية وهم جماعة من الصابئة كانوا أول من قال بهذه الفكرة ، والتناسخ هو تكرر الأدوار إلى ما لا نهاية ، والثواب والعقاب في هذه الدار ، والأعمال التي نحن فيها هي أجزية على أعمال سلفت منا في الأدوار

__________________

(١) سورة غافر ، الآية : ١٥.

(٢) المرشد ، ص ٦١ ، ١١٩ ، ٤١٧ ، Monnot : Melanges ،. ١٥١.P. ٤١.

(٣) المسعودي : مروج الذهب ط ٤ ، مصر ١٩٦٤ ، ١ : ٧٦ ـ ٨٠ ، ٢ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧.

٤٣

الماضية ، ثم أشار الشهرستاني إلى آراء الهند البراهمة ، والبوذية وموقفهم من التناسخ الذي عرفته أمم عديدة ، حيث (ما من ملة إلّا وللتناسخ فيها قدم راسخ) (١).

وقد سبقه البيروني (٤٤٠ ه‍ / ١٠٤٨ م) في كتابه عن الهند للإشارة إلى رأي الهندوس في التناسخ (٢) ناقلا بعض مقاطع من آراء مفكريهم في هذا المجال ، وآراء غير الهنود من ماني إلى أفلاطون وبروكليس.

إن هذه المؤلفات التي تكلمت على التناسخ تشير إلى اهتمام الكتاب المسلمين بهذا الموضوع ، إلّا أن الإشارة تجدر إلى وجود خطين اثنين عن المفكرين المسلمين الذين تناولوا موضوع التناسخ ، الأول هو خط علماء الكلام المسلمين ، والثاني هو خط الفلاسفة.

أما علماء الكلام فقد وضعوا كتبا عديدة في هذا الموضوع ، مناقشين هذه المسألة ، مثل مؤلفات بشر بن المعتمر المعتزلي (٢١٠ ه‍ / ٨٢٥ م) والحسن بن

__________________

(١) الشهرستاني : الملل والنحل ، دار المعرفة ، بيروت ، ١٣٩٥ ه‍ / ١٩٧٥ ، ط ٢ ج ٢٢ ص ٢٥٥.

(٢) البيروني : ما للهند من مقالة ، نشره Sachau ، لندن ١٨٨٧ م ص ٢٤.

٤٤

موسى النوبختي (من القرن ٣ ه‍ / ٩ م) ، الذي وضع كتاب الرد على أصحاب التناسخ (١) ، وعبد الجبار الذي وضع كتابا مماثلا في منتصف القرن الرابع الهجري ، وعبد القاهر البغدادي (٤٢٩ ه‍ / ١٠٣٧ م) في كتاب أصول الدين ، حيث تكلم على المعاد ، إلى ما خصصه ابن حزم (٤٥٥ ه‍ / ١٠٦٣ م) من صفحات في كتابه الفصل للكلام على التناسخ (٢).

أما خط الفلاسفة فقد تمثل بآراء الفارابي (٣٣٩ ه‍ / ٩٥٠ م) في كتابه آراء أهل المدينة الفاضلة ، وابن سينا (٤٢٩ ه‍ / ١٠٣٧ م) حيث يشدد الفيلسوفان على العلاقة بين الروح والجسد فالأرواح تحتاج بالضرورة إلى إعادة لتبقى ، كما يقول الأول. أما الثاني فيعتبر أن ارتباط النفس بالجسد طبيعي وبنيوي وليس بالصدقة ، وقد تابع أصحاب ابن سينا الأخذ بأفكاره ووجدوا في فلسفة الإشراق صدى واسعا دائما يؤكد نظريتهم في إبطال التناسخ ، كما عند السهروردي (٣).

__________________

(١) النوبختي : فرق الشيعة ، دار الأضواء ، ط ٢ ، بيروت ، ١٤٠٤ ه‍ / ١٩٨٤ م ، المقدمة ، ص ، دي.

(٢) Monnot ,Melanges ، ١٥٤.P. ٤١.

(٣) م. ن.

٤٥

ولقد تابع الكثير من الباحثين فقهاء وعلماء كلام وفلاسفة مناقشة فكرة التناسخ في الإسلام وإبطالها ، نذكر منهم على سبيل المثال العلامة الحلي (٧٦٢ ه‍ / ١٣٧١ م) والملا صدر الدين الشيرازي ممن سيرد ذكرهم ، وتعرض آراؤهم في متن نص الكتاب ، ـ موضوع التحقيق ـ وهوامشه.

أقسام التناسخ :

قسم الدارسون التناسخ على أقسام وأشكال ، فهو نسخ ، ومسخ ، وفسخ ، ورسخ.

أما النسخ : فهو انتقال روح الإنسان إلى جسد آخر ، ومنه نسخت الآية بالأخرى ، ونسخ الآية أزالها ، وتناسخ القرون ، كما يقول الزمخشري (٥٣٨ ه‍ / ١١٤٤ م) في كتابه أساس البلاغة ، والرازي (بعد ٦٦٦ ه‍ / بعد ١٢٦٨ م) في مختار الصحاح.

أو هو إبطال شيء وإقامة شيء مكانه ، والتناسخ تحول من حال إلى حال ومنه التناسخية وهذا هو مذهب التناسخية كما عند ابن منظور (٧١١ ه‍ /

٤٦

١٣١١ م) في لسان العرب والفيروزآبادي (٨١٧ ه‍ / ١٤١٥ م) في قاموسه المحيط (١).

وأما المسخ : فهو تحويل صورة إلى ما هو أقبح منها ، ومنه شيء مسيخ ، ومسخهم الله مسخا ، أي حوّل صورته وشوه خلقته ، وهو انتقال النفس من بدن إنسان إلى بدن حيوان (٢).

وأما الفسخ : فهو تفريق الشيء ونقصه ، وانتقال الروح الناطقة من بدن الإنسان إلى الحشرات وقيل إلى الأجسام الجمادية كالمعادن (٣).

والرسخ : أخيرا هو انتقال الروح من الجسم إلى

__________________

(١) الزمخشري : أساس البلاغة ، دار صادر ، بيروت ، ١٣٩٩ ه‍ / ١٣٧٩ م ، ص ٦٢٩.

الرازي : مختار الصحاح ، رتبه محمود خاطر ، دار المعارف بمصر ، ١٩٧٧ م ، ص ٦٥٦.

ابن منظور : لسان العرب ، قدم له عبد الله العلائلي ، إعداد يوسف خياط ، دار لسان العرب ، بيروت ، ص ٦٢٤.

الفيروزآبادي : القاموس المحيط ، دار الجيل ، بيروت ، لاط ، لات ، ص ٢٨١.

(٢) الزمخشري ، ص ٥٩٤ ؛ الرازي ، ص ٦٢٩ ، ابن منظور ، ص ٤٨١ ، الفيروزآبادي ٢٧٩.

(٣) أحمد رضا : متن اللغة ، منشورات مكتبة الحياة ، بيروت ، ٤ : ٤٠٨.

٤٧

النبات والجماد ، أو إلى الجماد نهائيا حيث تترسخ فيه (١).

وهكذا تتدرج مراحل التناسخ من الأعلى إلى الأدنى ، من الإنسان إلى الجماد ، والتناسخ هو غير التقمص ، وهذا المفهوم الأخير يعني أن النفوس البشرية اللطيفة خالدة باقية والأجسام أقمصة للنفوس ، ويقول بالتقمص عدد من المذاهب والفلسفات في الشرق وفي الغرب ، ويتميز التقمص عن التناسخ بالمضمون كما بالتسمية بالعربية وبالأجنبية حيث يعني التقمص (La Reincarnation (في حين يعني التناسخ (La Metampsychose (ـ ٢­.

__________________

(١) المنجد في اللغة والأعلام ، دار المشرق. بيروت ، ١٩٧٥ ، ص ٥٨١.

(٢) أمين طليع : التقمص ، ص ١٦ ـ ١٧ : محمد خليل الباشا : التقمص وأسرار الحياة والموت ، دار النهار للنشر ـ بيروت ، ١٩٨٢ ، ص ٥ ـ ٨.

٤٨

رابعا : كتب ألفت في الموضوع نفسه

تشغل مسألة التناسخ جانبا كبيرا من التراث ، إذ بالإضافة إلى الفرق والمدارس العقائدية غير الإسلامية ، والفلسفات القديمة والحديثة ، فإن بعض المسلمين مالوا إلى الأخذ بهذه المسألة ، في حين قامت الفرق الإسلامية المختلفة ، والمذاهب الفقهية والمدارس الكلامية تدحض هذه الفكرة وتسعى لإبطالها عن طريق الأدلة الشرعية حينا والعقلية حينا آخر ، مما خلق نتاجا فكريا واسعا في هذا الموضوع ، ففي حين قال الحرنانية والبراهمة والتناسخية وفلاسفة اليونان بهذه المسألة ، قامت في أوساط المسلمين فرق تساندهم كالقرامطة والصيامية والخابطية ، وبعض المعتزلة كأحمد بن أيوب بن مانوس تلميذ النظام ، وبعض الكيسانية وغيرها من فرق الشيعة المغالية ، وغير الشيعة

٤٩

كفرق البيانية والجناحية والخطّابية والراوندية والقدرية وغيرهم (١).

وقد تتالت الردود على هذه الفرق ، ووضعت المؤلفات في هذه الموضوع ، حيث وضع الحسن بن موسى النوبختي كتاب الرد على أصحاب التناسخ (٢) إلى جانب الردود المتأخرة والتي حمل كل كتاب منها اسم «إبطال التناسخ» وقد وضع بعض هذه الكتب باللغة الفارسية في حين وضع غالبها باللغة العربية ومنها :

ـ كتاب بطلان النسخ والمسخ ، باللغة الفارسية وضعه السيد أبو القاسم ابن الحسين النقوي القمي ، اللاهوري ، وقد طبع بلاهور ـ الهند.

ـ كتاب إبطال التناسخ للشيخ علي الحزين ، من أحفاد مرشد الشيخ صفي الدين ، جد الصفوية ، والشيخ إبراهيم الزاهدي الجيلاني الذي ولد سنة

__________________

(١) البغدادي : الفرق بين الفرق ، ص ٢٣٣ ، ٢٧٠ ـ ٢٧٣.

الشهرستاني : الملل والنحل ، ج ٢ ، ص ٥٦ ، ٢٥٢ ـ ٢٥٥.

(٢) ابن النديم : الفهرست ، تحقيق رضا تجدد ، طهران ١٣٩١ ه‍ / ١٩٧١ م ، ص ٢٢٥.

٥٠

١١٠٣ م / ١٦٩٢ م وتوفي في الهند سنة ١١٨١ ه‍ / ١٧٦٨ م.

ـ كتاب إبطال التناسخ لميرزا حسن بن المولى عبد الرزاق اللاهجي المتوفى سنة ١١٢١ ه‍ / ١٧١٠ م ، ويوجد ضمن مجموعة في كتب الشيخ جعفر سلطان العلماء بطهران.

ـ كتاب إبطال التناسخ للشيخ محمد رضا الطهراني النجفي ، وهو مطبوع باللغة الفارسية.

ـ كتاب إبطال التناسخ للمولى محمد علي بن محمد جعفر إمام الجمعة في رشت ـ إيران ، والمتوفى سنة ١٣٢٠ ه‍ / ١٩٠٢ م ، وضع باللغة الفارسية ، وطبع مع كتاب المبدأ والمعادلة.

ـ كتاب إبطال التناسخ ، باللغة الأردية ، وضعه السيد المعاصر محمد هارون الحسيني الزنجي المقيم بحسين آباد في منطقة البنغال ـ الهند ، وقد توفي سنة ١٣٣٩ ه‍ / ١٩٢١ م ، وقد طبع الكتاب في لكهنو (١).

__________________

(١) الشيخ آغا بزرك الطهراني : الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، دار الأضواء ، بيروت ، ١٤٠٣ ه‍ / ١٩٨٣ م ، ص ٦٧ ـ ٦٨.

٥١

وهكذا نلاحظ أن فكرة التناسخ ـ كونها تتعارض مع البعث الجسدي والمعاد والحساب يوم القيامة ، مما يتعارض مع أحد أصول الدين الإسلامي ، قد شغلت عددا كثيرا من الباحثين والمؤلفين للرد على مضمونها ودحضها ، وكان هؤلاء الباحثون من شتى البلاد الإسلامية ومن غير العرب ، كالهنود والإيرانيين مما يعني أن كتاب إبطال التناسخ موضوع هذا التحقيق ، والذي وضعه الإمام السيد حسين يوسف مكي العاملي ، لم يكن الأول ولن يكون الكتاب الأخير في هذا المجال ، بل هو واحد من الكتب المتأخرة في سلسلة الكتب التي عرفها التراث الإسلامي في هذا الموضوع.

كما أن طريقة عرض الكتاب ومنهجه يعبران عن منهجية رجال الدين ، وأساتذة جامعة النجف وعلمائها حيال هذا الموضوع العقائدي وغيره من العقائد ، حيث يكون النقاش من خلال المصادر الدينية ، ومن خلال اعتماد الموضوعية العلمية ، أبرز خصائص العمل العلمي لدى هؤلاء العلماء ، وإن اتسم بالحماس كتعبير عن صفاء المعتقد لديهم.

٥٢

خامسا : مخطوطة الكتاب ، مضمونها ،

والتعليق عليها ، ومنهجية المؤلف

وصف المخطوطة : تتألف المخطوطة الوحيدة ، والمكتوبة في غالبها بخط يد المؤلف من ٥٦ صفحة ما عدا خمس صفحات (٥ ، ٦ ، ٧ ، ٣٣ ، ٣٤) ، كتبت بخط ولده العلامة السيد علي مكي.

والمخطوطة من القطع الصغير ، كتبت بخط نسخي جميل واضح ، وتحتوي الصفحة الواحدة من المخطوطة على عشرين سطرا كمعدل وسطي ، وعدد الكلمات في السطر الواحد يتراوح بين ٩ ـ ١١ كلمة.

تشتمل الدراسة على خمسة عشر عنوانا كبيرا ، يندرج تحت بعضها عناوين تفصيلية صغيرة ، ما عدا المقدمة وهي من ثلاث صفحات ، أما الخاتمة فهي صغيرة وقصيرة ، وقد أتت بمثابة استنتاج من ستة أسطر.

٥٣

تاريخ التأليف : ويلاحظ أن المؤلف قد بدأ كتابة مؤلفه الصغير هذا في ٣٠ شوال من سنة ١٣٨٧ ه‍ / ١٩٦٧ م وكان ذلك في مدينة دمشق. وانتهى منه في ٢١ ذي الحجة من سنة ١٣٨٨ ه‍ / ١٩٦٨ م ، أي أن مدة التأليف استمرت سنة واحدة وشهرا واحدا واثنين وعشرين يوما ، مما يدل على أن البحث في هذا الموضوع والتأليف فيه لم يكن متواصلا عند السيد المكي ، بل كان على تقطع ، بسبب انشغالاته الفقهية والتأليفية الأخرى والتدريسية اليومية ، وبسبب مهامه كمسئول ديني ، ومرجع للطائفة الإسلامية الشيعية في دمشق ، إلى مهامه الاجتماعية الكثيرة.

دواعي التأليف : البحث في التناسخ ليس جديدا ليؤلف فيه كتاب جديد ، إنما كان هذا الكتاب كما يقول المؤلف استجابة لطلب الجمهور من المؤمنين من بعض أهل العلم ، «وقد رغب إلي بعضهم أن أكتب فيه رسالة كشفا عن حقيقته ، فرأيت من اللازم أن أجيبه إلى ما طلب».

منهجية البحث والمعالجة : عرض المؤلف آراء القائلين بالتناسخ من فلاسفة ودهريين وغيرهم من فرق ومذاهب بحسب التسلسل التاريخي ، ثم قدم بعد ذلك

٥٤

رأيه معتمدا على الأدلة الإسلامية الإيمانية المعتمدة في التشريع الإسلامي وأولها القرآن والسنة ، مستندا إلى تفاسير الطبرسي والفخر الرازي والصافي ، مشيرا إلى قصور العقل في تفسير كنه الروح وذلك ليس بسبب العقل نفسه ولكن لكون النفس مخلوقا مجهول الكنه عند العقل فلا بد من الاستعانة بالأنبياء ، ومن هنا فالمؤلف لا يعتمد طريق الفلاسفة بل يلجأ إلى الإسلام لتفسير حقيقة النفس ، وهو كمفكر إسلامي يناقض التناسخ من وجهة نظر الإسلام ، ولا يناقش الفلاسفة بالفلسفة بل بالإسلام.

لقد جاء هذا الكتاب جامعا بصورة سريعة ومختصرة كل آراء الفلاسفة والدهريين ، واضعا بين أيدينا معلومات كثيرة عن آراء الفرق الإسلامية والمذاهب الإسلامية ، ومن هنا أهمية تحقيقه وتقديمه لجمهور القراء.

٥٥
٥٦

القسم الثاني

كتاب الاسلام والتناسخ

أو إبطال التناسخ وفهارسه

أولا : صور عن بعض صفحات المخطوط.

ثانيا : متن الكتاب.

ثالثا : فهارس الكتاب :

(أ) فهرس الآيات القرآنية.

(ب) فهرس الأحاديث النبوية والإمامية.

(ج) فهرس الأعلام.

(د) فهرس الفرق والجماعات.

(ه) فهرس الأماكن والبقاع.

(و) فهرس المفاهيم والمصطلحات.

(ز) فهرس مصادر التحقيق ومراجعه.

(ح) فهرس مصادر الكتاب ومراجعه.

(ط) فهرس المحتوى.

٥٧
٥٨

٥٩

٦٠