الإسلام والتناسخ

السيّد حسين يوسف مكّي

الإسلام والتناسخ

المؤلف:

السيّد حسين يوسف مكّي


المحقق: محمّد كاظم مكي
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الزهراء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٧٧

١
٢

٣
٤

بين يدي التحقيق

التناسخ مسألة قديمة العهد في تاريخ البشر ، قدم الموت في حياتهم.

فمنذ مات الناس الأوّلون على هذه الأرض ، فكّر أهلهم في مصيرهم بعد الموت ، في استمرار وجودهم أو عدمه ، طارحين حول هذا المصير افتراضات عديدة ، يطمح بعضها إلى أن ميتهم سيعود إليهم بجسم آخر ، باسم شخص آخر ، يدخل حياتهم باسم مولود جديد يطل على هذا العالم ...

وتوسّع التفكير في هذا المصير حتى أخذ شكلا منهجيا في فلسفات روحية ، وديانات أرضية غير سماوية ، خاصة لدى الشعوب القديمة من فراعنة وفينيقيين وهنود وصينيين ، ويونان ، وفرس ... فحفلت الديانات البراهمية والبوذية ، والكنفوشية والزرادشتية بإشارات إلى مبدأ التناسخ بمختلف أشكاله وأنواعه ...

٥

وعند ما ظهر الإسلام كان يحمل حلّا لقضية مصير الإنسان وقيامة وحسابه في الآخرة ، وما يواكب هذا الحساب من الجنة أو النار ، غير أن المجتمع الإسلامي قد عرف مذاهب فكرية وفلسفات شتى ، وجدت فكرة التناسخ لدى بعضها متسعا ومقاما ، بل شهد هذا المجتمع محاولات كثيرة لإيجاد جذور لفكرة التناسخ في الدين الإسلامي نفسه ، فهبّ المفكرون المسلمون ، على مرور القرون يوضحون موقف الإسلام من هذه القضية ويفندونه ، وظهرت مؤلفات عديدة تناقش موضوع المصير البشري ، ومصير المخلوقات عامة وما يمكن أن يلحقها من تناسخ وتقمص وفسخ ورسخ ومسخ ...

وكان من المؤلفات الحديثة «الإسلام والتناسخ ، أو إبطال التناسخ» للعلامة المجتهد السيد حسين مكي. وهذا الكتاب على ضآلة حجمه يجمع في صورة واضحة ، مختصرة ، وشاملة ، آراء كل الفلاسفة والدهريين ، وجميع أصحاب الفرق الإسلامية في موضوع التناسخ ، كما أن ميزات الشمول والاختصار والوضوح في هذا الكتاب تبرر تحقيقه ، وتجعل تقديمه للقراء عملا مفيدا.

٦

وحيث أن هذا الكتاب ما زال مخطوطا ، انتهى المؤلف من تأليفه وكتابته بخط يده سنة ١٣٨٨ ه‍ ، وترك دون طباعة مع العديد من المخطوطات ، التي وضعها السيد المكي. وحيث أن النص يحتاج إلى تحقيق مصادره ومراجعه وضبطها ، وإذا أنه لا بد من وضع هذا الكتاب ، إن لجهة موضوعه ، وطريقة معالجته هذا الموضوع ، في إطار مؤلفات المؤلف ، وفي إطار المؤلفات السابقة والمعاصرة التي عالجت موضوع التناسخ ، فإنه لا بد من وضع مقدمة شاملة مفصلة تتعلق بالمؤلف وسيرته وموقعه العلمي ، كما تتضمن هذه المقدمة دراسة عن تطور مسألة التناسخ وأنواعه في تاريخ الفكر البشري قبل الإسلام ومع الإسلام.

ثم إننا نجد الحاجة ماسة إلى وصف المخطوط ، وتحليل مضامينه والتعليق عليها. وعرض منهج المؤلف في عرض هذه المضامين.

إن هذه الموضوعات التي ستشكل مقدمة التحقيق ، تجعل لهذه المقدمة وظيفة الدليل الهادي إلى الكتاب ، لأننا نعتقد من الناحية المنهجية أن تحقيق النص لجهة صحة نسبته للمؤلف وسلامة مضمونه كما وضعه المؤلف نفسه ، هو الغاية من التحقيق ، ولكن

٧

كل نص محقق بحاجة إلى مقدمة تشكل الباب الذي يمكن الدخول منه ، لأن البيوت لا تدخل إلّا من أبوابها ، كما أن هذا النص بحاجة إلى فهارس لمفردات مضامينه من آيات قرآنية ، وشواهد نبوية ، وأسماء أعلام ، وأماكن ، ومفاهيم ، مما ييسر للقارىء أولا وللباحث ثانيا الاستفادة الأكبر من هذا النص. إن منهجية التحقيق التي تقوم على وضع مقدمات النص وفهارسه ، تجعل من التحقيق عملا علميا مفيدا.

وإذا كانت هذه هي المنهجية التي سنعتمدها في تحقيق كتاب «الإسلام والتناسخ ، أو إبطال التناسخ» فإن الكتاب المحقق سيكون مشتملا على قسمين اثنين متكاملين :

ـ القسم الأوّل : ويتعلق بتقديم المؤلف والموضوع والمخطوط ، وهذا ما نسميه بمقدمة التحقيق وتشتمل على القضايا التالية :

ـ خطة التقديم.

ـ سيرة المؤلف.

ـ تطور مسألة التناسخ وأنواعه في تاريخ الفكر البشري قبل الإسلام ومع الإسلام.

٨

ـ كتب ألفت في الموضوع نفسه.

ـ مخطوطة الكتاب ، مضمونها والتعليق عليها ، ومنهجية المؤلف.

ـ القسم الثاني : ويتعلق بالكتاب في متنه وهوامشه وفهارسه ، وذلك لجهة :

ـ عرض متن الكتاب كما ورد بخط المؤلف.

ـ ضبط المصادر والمراجع في الهوامش.

ـ وضع فهارس الكتاب :

فهرس الآيات القرآنية.

فهرس الأحاديث النبوية والإمامية.

فهرس الأعلام.

فهرس الأماكن والبقاع.

فهرس المفاهيم والمصطلحات.

فهرس المصادر والمراجع.

فهرس المحتوى.

آملين أن نكون بهذا التقسيم قد حققنا مهمتين اثنتين :

٩

أولا : تحقيق هذا الكتاب وتقديمه للقراء ، وإخراجه من عالم المخطوطات إلى عالم الطباعة والانتشار.

ثانيا : تقديم نموذج عملي في التحقيق لطلاب الدراسات العليا في الجامعات والذين يقومون بتحقيق المخطوطات.

والله المستعان.

محمد كاظم مكي

١٩٩١ م

١٠

القسم الأول

مقدمة التحقيق

أولا : خطة التقديم.

ثانيا : سيرة المؤلف.

ثالثا : تطور مسألة التناسخ وأنواعه في تاريخ الفكر البشري.

رابعا : كتب ألفت في الموضوع نفسه.

خامسا : مخطوطة الكتاب ، مضمونها ، والتعليق عليها ومنهجية المؤلف.

١١
١٢

أولا : خطة التقديم

إن القصد من مقدمات الكتب الموضوعة أو المحققة ، كما توحي كلمة تقديم ، هي أن تكون المدخل السليم الذي يؤدي إلى الغاية ، والذي يسمح بالإطلالة الكاملة الشاملة والسريعة على المؤلفات ، إنها تسهيل الاطلاع على هذه الكتب ، وتسهيل معرفة مضمونها ، وتسهيل الإفادة الضرورية والكافية منها ، لذلك فالمقدمة تصبح فن التقديم.

مقدمات الكتب وجوهها ، فمن يقرأ المقدمات يكون كمن يرى وجوه الناس ، يقرأ فيها شخصيات أصحابها ، لأن الوجه هو المقدمة ، وبه تكون الإطلالة ، إطلالة الإنسان على الآخرين ، حيث يكون مقبولا ، بمقدار ما تكون إطلالته محببة ، جذابة ، معبّرة.

وعلى هذا الأساس يجب أن تتصف مقدمات الكتب بمواصفات الوجه وخصائصه ، وبذلك تتحقق

١٣

القيمة المنهجية للمقدمة ، والوظيفة المنهجية للمقدمة.

فالعنوان جزء من المقدمة ، والمقدمة تتضمن هدف الكاتب والباحث والمحقق من تأليفه وبحثه وتحقيقه ، وتتضمن خطوات الدراسة ومراحلها ، ويمكن أن يلحق بمقدمة التحقيق ، بالإضافة إلى عرض الموضوع ما يحيط بالموضوع من دراسات وأبحاث تشكل الإطار اللازم للدراسة. ومعروف أنه لا يظهر جمال اللوحات والصور إلّا من خلال أطرها.

بالإضافة إلى عرض الموضوع فإن ترجمة شخصية المؤلف صاحب الكتاب موضوع المحقق ، وعرض سيرته ، تلقى أضواء على البحث وعلى التحقيق ، فالوعاء ينضح بما فيه ، وسيرة الشخص ينبوع عطاء ، ورمز هذا العطاء.

كما أنه لا بد في مجال دراسة المخطوطات وبعد التعرف إلى شخصية المؤلف من التعرف إلى طبيعة المخطوط ، عنوانا ، ومضمونا وشكلا ، وطريقة بحث ، لتكون كل هذه المقدمات في خدمة الموضوع ، وبالتالي يصبح المجهول معلوما ، والصعب سهلا ، والغامض واضحا. حقا ليست القيمة في الموضوع ، بل في طريقة عرض الموضوع ، أي ما نسميه بالتمهيد وبالمقدمة ، وهذا ما نسميه بخطة التقديم ، وهذا ما

١٤

سيجده القارئ متمثلا في عرضنا اللاحق لسيرة المؤلف ، ولتطور مسألة التناسخ في تاريخ الفكر البشري ، بالإضافة إلى عرض مخطوطة الكتاب بشكلها ومنهجها.

١٥
١٦

ثانيا : سيرة المؤلف

ألف : نسبه ، نشأته ، دراسته.

باء : المؤلف معلما.

جيم : المؤلف في جامعة النجف الأشرف.

دال : المؤلف على طريق الاجتهاد

هاء : المؤلف يمارس الرعاية الدينية في العراق.

ثم في دمشق.

واو : مشاريعه العمرانية وإنجازاته.

زاي : مؤلفاته :

* : المطبوعات :

(أ) في الفقه.

(ب) في العقيدة.

(ج) في الأدعية.

(د) في أصول الفقه.

١٧

(ه) في التاريخ.

* : المخطوطات :

(أ) في الفقه.

(ب) في أصول الفقه.

(ج) في العقيدة.

١٨

ألف : نسبه ، نشأته ، دراسته :

هو الحسين بن محمود بن إبراهيم ، بن يوسف بن إبراهيم بن علي ...... بن مكي ...... بن عبيد الله الأعرج ، بن الحسين الأصغر ، بن الإمام زين العابدين ، بن الإمام الحسين ، بن الإمام علي بن أبي طالب ... فهو حسيني النسب ، ويفصله عن الإمام الحسين (ع) خمسة وثلاثون جدا ، أما مكي فهو جدّه الخامس عشر ، وإلى هذا الجد تنسب العائلة.

ولد الحسين المكي سنة ١٣٢٦ ه‍ / ١٩٠٨ م في بلدته حبوش ـ قضاء النبطية ، في جبل عامل من جنوب لبنان ، في بيت تقى وعلم ، فلقد كان أبوه السيد محمود وجدّه السيد إبراهيم من الأتقياء المهتمين بالشئون الدينية وصلاة الإمامة في المسجد ، فيما كان عم والده ، السيد حسن يوسف مكي فقيها مجتهدا ، وقد

١٩

تولى الرعاية الدينية في منطقة النبطية بين سنتي ١٣٠٩ ـ ١٣٢٤ ه‍ / ١٨٩١ ـ ١٩٠٦ م.

وقد أنشأ مدرسة دينية في النبطية سنة ١٣١٠ ه‍ / ١٨٩٢ م ، عرفت بالمدرسة الحميدية ، وتوقفت هذه المدرسة بعد وفاة السيد حسن يوسف مكي وذلك سنة ١٣٢٤ ه‍ / ١٩٠٦ م ، وقد دفن في مدينة النبطية.

كما كان عم المؤلف ، والمدعو السيّد أحمد بن السيّد إبراهيم مكي عالما وفقيها وأستاذا في المدرسة الحميدية ، لمادتي النحو والصرف حوالي سنة ١٣١٨ ه‍ / ١٩٠٠ م وما بعدها ، وقد توفي السيد أحمد في العراق ، ودفن في الصحن الحيدري الشريف (١).

درس الحسين في كتّاب بلدته أولا ، ثم في مدرستها الرسمية التي كانت تعتمد اللغة الفرنسية إلى جانب العربية ، وانتقل بعد ذلك إلى مدينة النبطية حيث أنهى في مدرستها الرسمية دراسة الشهادة الابتدائية وكان

__________________

(١) عبد المحسن الظاهر : الدلالة العاملية (مخطوطة ، تاريخ ١٣٨٤ ه‍ / ١٩٦٤ م) ، ج ٣ ، ص ٣٢ ، محمد كاظم مكي : الحركة الفكرية والأدبية في جبل عامل ، ط ٢ ، دار الأندلس ـ بيروت ١٩٨٢ م ؛ ص ٣٦.

٢٠