تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٥

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

واذهبوا بهذه الخميصة إليه» (١) ، وكان لها أعلام.

واسمه عبيد ، وهو من مسلمة الفتح ، أحضر في تحكيم الخصمين ، وكان عالما بالنّسب ، وقد بعثه النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم مصدّقا ، وكان معمّرا ، بنى في الجاهلية معهم الكعبة ، ثم بقي حتى بنى فيها مع ابن الزبير في سنة أربع وستّين.

قال ابن سعد (٢) ابتنى أبو جهم بالمدينة دارا وكان عمر رضي‌الله‌عنه قد أخافه وأشرف عليه حتى كفّ من غرب لسانه ، فلما توفّي عمر سرّ بموته ، وجعل يومئذ يحتبش في بيته ، يعني يقفز على رجليه.

وقالت فاطمة بنت قيس : طلّقني زوجي البتّة ، فأرسلت إليه أبتغي النفقة ، فقال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ليس لك نفقة ، وعليك العدّة ، انتقلي إلى أمّ شريك ولا تفوتيني بنفسك» ثم قال : «أم شريك يدخل عليها إخوتها من المهاجرين ، انتقلي إلى بيت ابن أمّ مكتوم». فلما حللت خطبني معاوية وأبو جهم بن حذيفة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أما معاوية فعائل لا شيء له ، وأمّا أبو جهم فإنّه ضرّاب للنساء ، أين أنتم عن أسامة» ، فكأنّ أهلها كرهوا ذلك ، فنكحته (٣).

__________________

= الأخبار ١ / ٢٨٣ ، وأنساب الأشراف ١ / ٥٧ ، وق ٤ ج ١ / ٢١ و ٥٥ و ٦٧ و ٥٥١ و ٥٧٥ و ٥٧٧ ـ ٥٧٨ و ٥٩٣ ، وتاريخ الطبري ٤ / ١٩٨ و ٣٥٩ و ٤١٣ و ٥ / ٦٧ ، والعقد الفريد ٤ / ٢٨٦ ، وجمهرة أنساب العرب ٥ و ١٥٦ ، والاستيعاب ٤ / ٣٢ ، ٣٣ ، وأسد الغابة ٥ / ١٦٢ ، ١٦٣ ، والكامل في التاريخ ٢ / ٢٠٦ و ٣ / ٥٣ و ١٦٢ و ١٨٠ و ٣٣٠ و ٤ / ٤٥ ، والأسامي والكنى للحاكم ، ورقة ١٠٨ ب ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٢٠٦ رقم ٣١٤ ، والمغازي من تاريخ الإسلام ٥١٢ ، وعهد الخلفاء الراشدين ٤٦٠ و ٤٨١ ، وشفاء الغرام ١ / ٥٦٧ و ١ / ٩ و ١١ ـ ١٣ و ٣٢ والتذكرة الحمدونية ٢ / ٢٦٨ و ٣٨٣ ، وربيع الأبرار ١ / ٤٧٦ ، ٤٧٧ ، والمستجاد ١٥٣ ، وشرح نهج البلاغة ١٧ / ٩ ، ومطالع البدور ١ / ١٦ ، وحياة الحيوان للدميري ١ / ٣٩٥ ، والإصابة ٤ / ٣٥ ، ٣٦ رقم ٢٠٧.

(١) أخرجه البخاري في الصلاة ١ / ٩٩ باب إذا صلّى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها ، وأبو داود في اللباس (٤٠٥٢) باب من كره لبس الحرير.

(٢) في الطبقات ٥ / ٤٥١.

(٣) أخرج نحوه ابن ماجة في النكاح (١٨٦٩) باب لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ، وأحمد في المسند ٦ / ٤١٢.

٢٨١

وقد شهد أبو جهم اليرموك ، ووفد على معاوية مرّات ، ولم يرو شيئا مع أنه تأخّر.

وحكى سليمان بن أبي شيخ أنّ أبا جهم بن حذيفة وفد على معاوية ، فأقعده معه على السرير وقال : يا أمير المؤمنين نحن فيك كما قال عبد المسيح :

نميل على جوانبه كأنّا

نميل إذا نميل على أبينا (١).

نقلّبه لنخبر حالتيه

فنخبر منهما كرما ولينا (٢).

فأعطاه معاوية مائة ألف.

وروى الأصمعيّ ، عن عيسى بن عمر قال : وفد أبو جهم على معاوية ، فأكرمه وأعطاه مائة ألف ، واعتذر فلم يرض بها ، فلما ولي يزيد وفد عليه ، فأعطاه خمسين ألفا ، فقلت : غلام نشأ في غير بلده ، ومع هذا فابن كلبيّة ، فأيّ خير يرجى منه ، فلما استخلف ابن الزبير أتيته وافدا ، فقال : إنّ علينا مؤنا وحمالات ، ولم أجهل حقّك ، فإنّي غير مخيّب سفرك ، هذه ألف درهم فاستعن بها ، فقلت : مدّ الله في عمرك يا أمير المؤمنين ، فقال : لم تقل هذا لمعاوية وابنه ، وقد نلت منهما مائة وخمسين ألفا ، قلت : نعم ، من أجل ذلك قلت هذا ، وخفت إن أنت هلكت أن لا يلي أمر الناس بعدك إلّا الخنازير.

١٢٧ ـ أمّ سلمة أمّ المؤمنين (٣)

هند بنت أبي أميّة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزوميّة

__________________

(١) في عيون الأخبار ١ / ٢٨٤ : «إذا ملنا نميل على أبينا».

(٢) البيتان لعبد المسيح في ابن عبد كلال ، وهما في : عيون الأخبار ١ / ٢٨٤ ، وأمالي القالي ١ / ٢٣٧ ، والعقد الفريد ١ / ٥٢ بتقديم وتأخير.

(٣) انظر عن (أمّ سلمة) في :

طبقات ابن سعد ٨ / ٨٦ ـ ٩٦ ، والتاريخ الصغير ٣٢ ، والمحبّر ٨٣ و ٨٤ و ٩٢ و ٩٨ ـ ١٠٠ و ١٠٢ و ١٠٧ و ١٧٧ و ٢٧٤ و ٢٨٩ و ٤٤٩ ، والمغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام) ١١٧٩ ، وسيرة ابن هشام ١ / ٢١ و ١٨٥ و ٣٥٤ و ٣٦٠ و ٢ / ٢٠ و ١١٠ و ١٣٨ و ٣ / ٣١٤ و ٤ / ٢٩١ و ٢٩٢ و ٢٩٦ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٨٤ و ١٨٠ و ١٩٧ و ٢٤٥ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٢١٥ و ٢٤٦ و ٢٧١ و ٣٦٥ و ٤١٦ و ٥١٠ و ٦٨٠ و ٢ / ١٠٧ و ٢٠٤ و ٢٧٣ و ٢٧٤ ، والعقد الفريد =

٢٨٢

بنت عمّ أبي جهل ، وبنت عمّ خالد بن الوليد.

بنى بها النّبيّ في سنة ثلاث من الهجرة ، وكانت قبله عند الرجل الصالح أبي سلمة بن عبد الأسد ، وهو أخو النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الرضاعة.

روت عدّة أحاديث.

روى عنها : الأسود بن يزيد ، وسعيد بن المسيّب ، وأبو وائل شقيق ، والشّعبيّ ، وأبو صالح السّمّان ، وشهر بن حوشب ، ومجاهد ، ونافع بن

__________________

= ٣ / ٢٢٢ و ٢٢٤ و ٤ / ٣١٦ و ٣١٧ و ٤ / ٣٤١ و ٣٤٢ و ٣٦٦ و ٣٨٣ و ٦ / ١٠٥ ، ونسب قريش ٣٢٩ ، وأنساب الأشراف (انظر فهرس الأعلام) ١ / ٦١٨ و ٣ / ٣١١ ، ٣١٢ ، و ٤ ق ١ / ١٢٩ و ٢٧٤ و ٣٢٨ و ٥٣٨ و ٥٨٣ و ٥٨٤ ، والأخبار الطوال ٢٦٥ ، والتاريخ لابن معين ٢ / ٧٤٠ ، والزهد لابن المبارك ٣٨ و ٤٢١ و ٥٦٣ ، وفتوح البلدان ٥٥١ و ٥٨١ ، والمعارف ١٢٨ و ١٣٦ و ١٣٧ و ١٤٦ ، و ٤٤٠ و ٤٦٠ و ٥٢٨ ، وعيون الأخبار ١ / ٣١٦ ، ومسند بقيّ بن مخلد ٨١ رقم ١٢ ، ومروج الذهب ١٤٨٩ ، والبدء والتاريخ ٤ / ٢٠٠ و ٥ / ١١ و ١٤ و ٦ / ٦ ، والبرصان والعرجان ٨٠ و ١١٤ ، وجمهرة أنساب العرب ١١٩ و ١٣٧ و ١٤٤ و ١٤٦ ، وربيع الأبرار ٤ / ١٩٦ ، وطبقات خليفة ٣٣٤ ، وتاريخ العظيمي ٨١ و ١٦٠ و ١٨٤ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٣٦١ ، ٣٦٢ رقم ٧٦٩ ، وأخبار القضاة ١ / ٣١ و ٤٥ و ١٤٩ و ٢٥٢ ، وتاريخ أبي زرعة ١ / ٤٣١ و ٤٩١ ، ٤٩٢ و ٤٩٥ ، والجرح والتعديل ٩ / ٤٦٤ رقم ٢٣٧٥ ، وتاريخ الطبري ٢ / ٢٧١ و ٣٣٠ و ٥٦١ و ٥٨٥ و ٦٣٧ و ٣ / ٤٢ و ٥٠ و ٨٣ و ١٦٤ و ١٧١ و ١٧٥ و ١٩٥ و ٣٣٠ و ٤ / ٤٤٧ و ٤٥١ و ٥ / ١٣٩ ، ومسند أحمد ٦ / ٢٨٨ ، والاستيعاب ٤ / ٤٥٤ ، ٤٥٥ ، وتحفة الأشراف ١٣ / ٣ ـ ٦٧ رقم ٩٢٢ ، وتهذيب الكمال ١٦٩٨ ، والمستدرك ٤ / ١٦ ـ ١٩ ، وأسد الغابة ٥ / ٥٨٨ ، ٥٨٩ ، والكامل في التاريخ ٢ / ٧٦ و ٨٨ و ١٧٦ و ٢٠٥ و ٢٤٣ و ٢٥٤ و ٣٠٦ و ٣٠٨ و ٣١٢ و ٣٧٨ و ٣ / ٥٤ و ٣٨٣ و ٤ / ٥ و ٤ / ٩٣ و ٥٢٥ ، ومختصر التاريخ ٢٦ و ٤٩ و ٥١ و ٥٣ ، ومرآة الجنان ١ / ١٣٧ ، ودول الإسلام ١ / ٤٦ ، والكاشف ٣ / ٤٣٦ رقم ١٤٦ ، والسيرة النبويّة (من تاريخ الإسلام) ١٨٤ و ١٩٠ و ١٩٢ و ٢٧١ و ٣٩١ و ٤٢٤ و ٤٧٠ و ٤٨٩ و ٥٠٠ و ٥٥٧ و ٥٦٧ و ٥٩٣ ، والمغازي (انظر فهرس الأعلام) ٨٠٥ ، والخلفاء الراشدون ٤٣ و ٤٤ و ٥٥ و ٣٩٤ و ٤٦٥ ، وسير أعلام النبلاء ٢ / ٢٠١ ـ ٢١٠ رقم ٢٠ ، والعبر ١ / ٦٥ ، ومجمع الزوائد ٩ / ٢٤٥ ، والبداية والنهاية ٨ / ٢١٤ ، والمعين في طبقات المحدّثين ٣٠ رقم ١٧٧ ، ووفيات الأعيان ٢ / ٦٩ و ٣٩٩ و ٥ / ٣٦٨ و ٦ / ٢٧٥ ، والهفوات النادرة ١٠٢ و ١٠٥ ، والزيارات ١٤ ، والوفيات لابن قنفذ ٣٦ رقم ٦٠ ، وذيل المذيل ٧١ ، وشفاء الغرام ١ / ٣٠٧ و ٣١٠ و ٢ / ١١٨ و ١١٩ و ١٣٣ ، والنكت الظراف ١٣ / ٤ ـ ٦٥ ، والإصابة ٤ / ٤٥٨ ـ ٤٦٠ رقم ١٣٠٩ ، وتهذيب التهذيب ٢ / ٥٥ ط ـ ٤٥٧ ، وتقريب التهذيب ٢ / ٦١٧ رقم ٢ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٤٩٦ ، وكنز العمال ١٣ / ٦٩٩ ، وشذرات الذهب ١ / ٦٩.

٢٨٣

جبير بن مطعم ، ونافع مولاها ، ونافع مولى ابن عمر ، وابن أبي مليكة ، وعطاء بن أبي رباح ، وخلق سواهم.

وكانت من أجمل النساء ، وطال عمرها ، وعاشت تسعين سنة أو أكثر ، وهي آخر أمّهات المؤمنين وفاة ، وقد حزنت على الحسين رضي‌الله‌عنه وبكت عليه ، وتوفّيت بعده بيسير في سنة إحدى وستّين.

وقال بعضهم : توفّيت سنة تسع وخمسين ، وهو غلط ، لأنّ في «صحيح مسلم» (١) أنّ عبد الله بن صفوان دخل عليها في خلافة يزيد.

وأبوها أبو أميّة يقال : اسمه حذيفة ويلقّب بزاد الراكب ، وكان أحد الأجواد ، ووهم من قال اسمها رملة.

وروى عطاء بن السّائب ، عن محارب بن دثار أنّ أمّ سلمة أوصت أن يصلّي عليها سعيد بن زيد ، وروي أنّ أبا هريرة صلّى عليها ، ودفنت بالبقيع (٢). وهذا فيه نظر لأنّ سعيدا وأبا هريرة توفّيا قبلها ، والله أعلم.

ابن سعد : أنبأ محمد بن عمر ، أنبأ ابن أبي الزّناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : لما تزوّج النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمّ سلمة حزنت حزنا شديدا ـ لما ذكروا لها من جمالها ـ فتلطّفت حتّى رأيتها والله أضعاف ما وصفت لي في الحسن والجمال ، فذكرت ذلك لحفصة ـ وكانتا يدا واحدة ـ فقالت : لا والله إنّها الغيرة وما هي كما تقولين إنّها لجميلة ، فرأيتها بعد فكانت كما قالت حفصة ، ولكنّ كنت غيري (٣).

__________________

(١) في الفتن وأشراط الساعة ، رقم (٢٨٨٢) باب الخسف بالجيش الّذي يؤم البيت. من طريق عبيد الله بن القبطية ، قال : دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان وأنا معهما على أم سلمة أم المؤمنين ، فسألاها عن الجيش الّذي يخسف به ، وكان ذلك في أيام ابن الزبير ، فقالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يعوذ عائذ بالبيت ، فيبعث إليه بعث ، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم» ، فقلت : يا رسول الله ، فكيف بمن كان كارها؟ قال : «يخسف به معهم» ، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيّته».

(٢) طبقات ابن سعد ٨ / ٩٦.

(٣) طبقات ابن سعد ٨ / ٩٤.

٢٨٤

قال مسلم بن خالد الزّنجي ، عن موسى بن عقبة ، عن أمّه ، عن أمّ كلثوم قالت : لما تزوج النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمّ سلمة قال لها : «إنّي قد أهديت إلى النّجاشيّ أواق من مسك وحلّة ، وإنّي أراه قد مات ، ولا أرى الهديّة إلّا ستردّ ، فإذا ردّت فهي لك». قالت : فكان كما قال ، فأعطى كلّ امرأة من نسائه أوقيّة من مسك ، وأعطى سائره أمّ سلمة ، وأعطاها الحلّة (١).

القعنبي : ثنا عبد الله بن جعفر الزّهريّ ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر أمّ سلمة أن تصلّي الصّبح بمكّة يوم النّحر ، وكان يومها ، فأحبّ أن توافيه (٢).

الواقدي : عن ابن جريج ، عن نافع قال : صلّى أبو هريرة على أمّ سلمة (٣).

قلت : هذا من غلط الواقديّ ، أبو هريرة مات قبلها.

١٢٧ ب ـ أبو رهم السّماعيّ (٤) ـ د ن ق ـ ويقال : السمعيّ (٥). اسمه أحزاب بن أسيد (٦) ، ويقال : أسيد ، ويقال : أسد ، الظّهريّ ، ويقال : بكسر الظّاء ، وهو غلط من أولاد السّمع ـ ويقال : السّمع بكسر السّين وإسكان الميم ـ بن مالك بن زيد بن سهل.

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٨ / ٩٤.

(٢) أخرجه أحمد في المسند ٦ / ٢٩١ ، من طريق أبي معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم سلمة ، وهو مرسل في طبقات ابن سعد ٨ / ٩٥.

(٣) طبقات ابن سعد ٨ / ٩٦.

(٤) انظر عن (أبي رهم السماعي) في :

طبقات ابن سعد ٧ / ٤٣٨ (دون ترجمة) ، وسيرة ابن هشام ٢ / ١٤٠ ، وتاريخ الثقات ٤٩٨ رقم ١٩٥١ ، والثقات لابن حبان ٥ / ٥٨٥ ، والمعرفة والتاريخ ٢ / ٣٤٥ ، وطبقات خليفة ٢٩٣ ، ومشاهير علماء الأمصار ١١٢ رقم ٨٥٥ ، وتاريخ أبي زرعة ١ / ٣٨٩ ، وجامع التحصيل ١٦٩ رقم ١٥ ، والمراسيل ١٥ رقم ١٥ ، وأسد الغابة ٥ / ١٩٦ ، وتهذيب الكمال ١ / ٢٨٠ ، ٢٨١ رقم ٢٨٣ ، والتاريخ الكبير ٢ / ٦٤ ، ٦٥ رقم ١٧٠٠ ، والجرح والتعديل ٢ / ٣٤٨ رقم ١٣٢١ ، والكاشف ١ / ٥٣ رقم ٢٣٤ ، وتهذيب التهذيب ١ / ١٩٠ رقم ٣٥٤ ، وتقريب التهذيب ١ / ٤٩ رقم ٣٢٤ ، والإصابة ٤ / ٧٥ رقم ٤٤٠.

(٥) السّمعيّ : بكسر السين وفتح الميم. كما في : اللباب ٢ / ١٤٠.

(٦) مثل أمير.

٢٨٥

روى عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديثا خرّجه ابن ماجة ، فمن قال : لا صحبة له جعل الحديث مرسلا.

وروى عن : أبي أيّوب الأنصاري ، والعرباض بن سارية.

روى عنه : الحارث بن زياد ، وخالد بن معدان ، وأبو الخير مرثد اليزني ، ومكحول الشّامي ، وشريح بن عبيد ، وجماعة.

روى له داود ، والنّسائي ، وابن ماجة.

١٢٨ ـ أبو الرّباب القشيريّ (١)

واسمه مطرّف بن مالك ، بصريّ من كبار التابعين وثقاتهم.

لقي أبا الدّرداء ، وكعب الأحبار ، وأبا موسى ، وشهد فتح تستر.

روى عنه : زرارة بن أوفى ، وأبو عثمان النّهديّ ، ومحمد بن سيرين.

فروى محمد عنه قال : دخلنا على أبي الدرداء نعوده ، وهو يومئذ أمير ، وكنت خامس خمسة في الذين ولّوا قبض السّوس ، فأتاني رجل بكتاب فقال : بيعونيه ، فإنّه كتاب الله أحسن أقرأه ولا تحسنون ، فنزعنا دفّتيه ، فاشتراه بدرهمين ، فلما كان بعد ذلك خرجنا إلى الشام ، وصحبنا شيخ على حمار بين يديه مصحف يقرأه ويبكي ، فقلت : ما أشبه هذا المصحف بمصحف شأنه كذا وكذا ، فقال : إنه ذاك ، قلت : فأين تريد؟ قال : أرسل إليّ كعب الأحبار عام أول فأتيته ، ثم أرسل إليّ ، فهذا وجهي إليه ، قلت : فأنا معك ، فانطلقنا حتى قدمنا الشام ، فقعدنا عند كعب ، فجاء عشرون من اليهود فيهم شيخ كبير يرفع حاجبيه بحريرة فقالوا : أوسعوا أوسعوا ، وركبنا أعناقهم ، فتكلّموا فقال كعب : يا نعيم ، أتجيب هؤلاء أو أجيبهم؟ قال : دعوني حتى أفقه هؤلاء ما قالوا ، ثم أجيبهم ، إنّ هؤلاء أثنوا على أهل ملّتنا خيرا ، ثم قلبوا ألسنتهم ، فزعموا أنّا بعنا الآخرة بالدنيا ، هلمّ فلنواثقكم ، فإن جئتم بأهدى

__________________

(١) انظر عن (أبي الرباب القشيري) في :

طبقات خليفة ١٩٧ ، والتاريخ الكبير ٧ / ٣٩٦ رقم ١٧٢٩ ، والجرح والتعديل ٨ / ٣١٢ رقم ١٤٤٥ (وفيه : أبو الرئاب).

٢٨٦

منه لتتّبعنا ، قال : فتواثقوا ، فقال كعب : أرسل إليّ ذلك المصحف ، فجيء به ، فقال : أترضون أن يكون هذا بيننا؟ قالوا : نعم ، لا يحسن أحد يكتب مثله اليوم ، فدفع إلى شاب منهم ، فقرأ كأسرع قارئ ، فلما بلغ إلى مكان منه نظر إلى أصحابه كالرجل يؤذن صاحبه بالشّيء ، ثم جمع يديه فقال به ، فنبذه ، فقال كعب : آه ، وأخذه فوضعه في حجره ، فقرأ ، فأتى على آية منه ، فخرّوا سجّدا ، وبقي الشيخ يبكي ، فقيل : وما يبكيك؟ فقال : وما لي لا أبكي ، رجل عمل في الضّلالة كذا وكذا سنة ، ولم أعرف الإسلام حتى كان اليوم.

همّام : ثنا قتادة ، عن زرارة ، عن مطرّف بن مالك قال : أصبنا دانيال بالسّوس (١) في بحر من صفر ، وكان أهل السّوس إذا استقروا استخرجوه فاستسقوا به ، وأصبنا معه ريطتي كتّان ، وستّين جرّة مختومة ، ففتحنا جرّة ، فوجدنا في كلّ جرّة عشرة آلاف ، وأصبنا معه ربعة فيها كتاب ، وكان معنا أجير نصرانيّ يقال له نعيم ، فاشتراها بدرهمين.

قال همّام : قال قتادة : وحدّثني أبو حسّان أنّ من وقع عليه رجل يقال له حرقوص ، فأعطاه أبو موسى الرّيطتين ومائتي درهم ، ثم إنّه طلب أن يردّ عليه الرّيطتين ، فأبى ، فشقّقهما عمائم ، فكتب أبو موسى في ذلك إلى عمر ، فكتب إليه : إنّ نبيّ الله دعا الله أن لا يرثه إلّا المسلمون ، فصلّ عليه وأدفنه.

قال همّام : وثنا فرقد ، ثنا أبو تميمة أنّ كتاب عمر جاء : أن اغسله بالسّدر وماء الرّيحان.

ثم رجع إلى حديث مطرّف قال : فبدا لي أن آتي بيت المقدس ، فبينا أنا في الطريق إذا أنا براكب شبّهته بذلك الأجير النّصرانيّ ، فقلت : نعيم ، قال : نعم. قلت : ما فعلت نصرانيتك؟ قال : تحنّفت بعدك ، ثم أتينا دمشق ،

__________________

(١) السّوس : بضم أوله وسكون ثانيه ، وسين مهملة أخرى. بلدة بخوزستان فيها قبر دانيال النبيّ ، عليه‌السلام. قال حمزة : السوس تعريب الشوش ، بنقط الشين ، ومعناه : الحسن والنّزه والطيّب واللطيف. (معجم البلدان ٣ / ٢٨٠).

٢٨٧

فلقينا كعبا ، فقال : إذا أتيتم بيت المقدس فاجعلوا الصّخرة بينكم وبين القبلة ، ثم انطلقنا ثلاثين ، حتى أتينا أبا الدرداء ، فقالت أمّ الدرداء لكعب : ألا تعديني على أخيك يقوم الليل ويصوم النهار ، فجعل لها من كل ثلاث ليال ليلة ، ثم انطلقنا حتى أتينا بيت المقدس ، فسمعت اليهود بنعيم وكعب ، فاجتمعوا ، فقال كعب : إنّ هذا كتاب قديم ، وإنّه بلغتكم فاقرءوه ، فقرأه قارئهم ، فأتى على مكان منه ، فضرب به الأرض ، فغضب نعيم ، فأخذه وأمسكه ، ثم قرأ قارئهم حتى أتى على ذلك المكان (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (١) فأسلم منهم اثنان وأربعون حبرا ، وذلك في خلافة معاوية ، ففرض لهم معاوية وأعطاهم.

قال همّام : وحدّثني بسطام بن مسلم ، ثنا معاوية بن قرّة ، أنّهم تذاكروا ذلك الكتاب ، فمرّ بهم شهر بن حوشب فقال : على الخبير سقطتم ، إنّ كعبا لما احتضر قال : ألا رجل آتمنه على أمانة؟ فقال رجل : أنا ، فدفع إليه ذلك الكتاب وقال : اركب البحيرة ، فإذا بلغت مكان كذا وكذا فاقذفه ، فخرج من عند كعب فقال : هذا كتاب فيه علم ، ويموت كعب ، لا أفرط به ، فأتى كعبا وقال : فعلت ما أمرتني ، قال : وما رأيت؟ قال : لم أر شيئا ، فعلم كذبه ، فلم يزل يناشده ويطلب إليه حتى ردّ عليه الكتاب ، فلما أيقن كعب بالموت قال : ألا رجل يؤدّي أمانتي؟ قال رجل : أنا ، فركب سفينة ، فلما أتى ذلك المكان ذهب ليقذفه ، فانفرج له البحر حتى رأى الأرض ، فقذفه وأتاه فأخبره ، فقال كعب : إنّها التوراة كما أنزل الله على موسى عليه‌السلام ، ما غيّرت ولا بدّلت ، ولكن خشيت أن نتّكل على ما فيها ، ولكن قولوا : لا إله إلا الله ولقّنوها موتاكم.

رواه أحمد بن أبي خيثمة في تاريخه ، عن هدبة ، ثنا همّام.

١٢٩ ـ أبو شريح الخزاعيّ (٢) العدوي الكعبي ، من عرب الحجاز ، في

__________________

(١) سورة آل عمران ـ الآية ٨٥.

(٢) انظر عن (أبي شريح الخزاعي) في :

التاريخ الصغير ٨٢ ، والتاريخ الكبير ٣ / ٢٢٤ رقم ٧٥٦ ، والجرح والتعديل ٣ / ٣٩٨ رقم

٢٨٨

اسمه أقوال ، أشهرها خويلد بن عمرو.

أسلم يوم الفتح ، وصحب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروى عنه.

حدّث عنه : نافع بن جبير بن مطعم ، وأبو سعيد المقبري ، وابنه سعيد المقبريّ ، وسفيان بن أبي العوجاء.

توفّي سنة ثمان وستّين بالمدينة.

١٣٠ ـ أمّ عطيّة الأنصاريّة (١) نسيبة ، التي أمرها النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن تغسّل بنته زينب (٢).

__________________

= ١٨٢٨ ، وطبقات خليفة ١٠٨ (وفيه : أبو شريح الكعبي اسمه عمرو بن خويلد) ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٣٩٨ ، وطبقات ابن سعد ٤ / ٢٩٥ ، ومشاهير علماء الأمصار ٢٧ رقم ١٢٩ ، والمغازي للواقدي ٦١٦ و ٨٤٥ و ٨٩٦ ، ومسند أحمد ٤ / ٣١ و ٦ / ٣٨٤ ، وسيرة ابن هشام ٤ / ٥٧ ، ٥٨ ، والاستيعاب ٤ / ١٠١ ـ ١٠٣ ، وتاريخ خليفة ٢٦٥ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٩١ رقم ١٢٤ ، وتاريخ الطبري ٤ / ٢٧٢ و ٥ / ٣٤٦ ، والأخبار الموفقيات ٥١٢ ، والأسامي والكنى ، للحاكم ، ورقة ٢٧٤ ب ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٢٤٣ رقم ٣٦٤ ، وأسد الغابة ٥ / ٢٢٥ ، ٢٢٦ ، والكامل في التاريخ ٣ / ١٠٥ و ٤ / ١٨ ، وتحفة الأشراف ٩ / ٢٢٣ ـ ٢٢٦ رقم ٦٣٥ ، والمعين في طبقات المحدّثين ٢٨ رقم ١٤٧ ، والكاشف ٣ / ٣٠٥ رقم ٢١٠ ، والمغازي (من تاريخ الإسلام) ٥٥٦ ، وشفاء الغرام ٢ / ١٩٠ و ١٩١ و ٢٤٧ ، والنكت الظراف ٩ / ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، والإصابة ٤ / ١٠١ ، ١٠٢ رقم ٦١٣ ، وتهذيب التهذيب ١٢ / ١٢٥ ، ١٢٦ رقم ٥٨١ ، وتقريب التهذيب ٢ / ٤٣٤ رقم ٣.

(١) انظر عن (أم عطية الأنصارية) في :

المغازي للواقدي ٦٨٥ ، والجرح والتعديل ٩ / ٤٦٥ رقم ٢٣٧٩ ، وطبقات ابن سعد ٨ / ٤٥٥ ، ومسند أحمد ٦ / ٤٠٧ ، وطبقات خليفة ٣٤٠ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٨٧ رقم ٨١ ، والكامل في التاريخ ٢ / ٢٩١ ، وأسد الغابة ٥ / ٦٠٣ وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٣٦٤ رقم ٧٧٣ ، وتاريخ الطبري ٣ / ١٢٤ ، والتاريخ لابن معين ٢ / ٧٤٢ ، والاستيعاب ٤ / ٤٧١ ، ٤٧٢ ، والمغازي من تاريخ الإسلام ٥٢٠ ، والمعين في طبقات المحدّثين ٣٠ رقم ١٧٦ ، والكاشف ٣ / ٤٣٦ رقم ١٤٥ ، والإصابة ٤ / ٤٧٦ ، ٤٧٧ رقم ١٤١٥.

(٢) أخرج ابن الأثير في أسد الغابة ٥ / ٦٠٣ من طريق : الترمذي ، حدثنا أحمد بن منيع ، أخبرنا هشيم ، أخبرنا خالد ومنصور وهشام ، فأما خالد وهشام فقالا عن محمد وحفصة ، وقال منصور ، عن محمد ، عن أم عطية ، قالت : توفيت إحدى بنات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «اغسلنها وترا ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ، واغسلنها بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور ، فإذا فرغتنّ فآذنني» ، فلما

فرغنا آذناه فألقى إلينا حقوه وقال : «أشعرنها إيّاه».

=

٢٨٩

روى عنها : محمد بن سيرين ، وأخته حفصة ، وأمّ شراحيل ، وعليّ بن الأقمر ، وعبد الملك بن عمير.

هشام بن حسّان ، عن حفصة بنت سيرين ، عن أمّ عطيّة قالت : غزوت مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم سبع غزوات ، فكنت أصنع لهم طعامهم ، وأخلفهم في رحالهم ، وأداوي الجرحى ، وأقوم على المرضى (١).

وعن أمّ شراحيل مولاة أمّ عطيّة قالت : كان عليّ رضي‌الله‌عنه يقيل عندي ، فكنت أنتف إبطه بورسة (٢).

١٣١ ـ أبو كبشة (٣) ـ د ت ق ـ الأنماري المذحجي ، اسمه عمر ، وقيل : عمرو بن سعد (٤).

له صحبة ورواية ، نزل الشام.

روى عنه : ثابت بن ثوبان ، وسالم بن أبي الجعد ، وأبو البختريّ سعيد بن فيروز الطّائي ، وعبد الله بن بسر الحبراني ، وعبد الله بن يحيى أبو عامر الهوزني.

__________________

= قال : أخرجها ها هنا أبو عمر وأخرجها الثلاثة في النون من الأسماء.

والحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات ٨ / ٣٥ من طريق معن بن عيسى ، عن مالك بن أنس ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين.

(١) طبقات ابن سعد ٨ / ٤٥٥.

(٢) طبقات ابن سعد ٨ / ٤٥٦.

(٣) انظر عن (أبي كبشة) في :

تاريخ اليعقوبي ٢ / ٨٧ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٩٦ رقم ١٧٦ ، والمعارف ١٤٨ ، وتاريخ خليفة ١٥٦ ، والزهد لابن المبارك ٣٥٤ رقم ٩٩٩ ، والمغازي للواقدي ٢٤ و ١٥٣ ، والمعرفة والتاريخ ٢٤ / ٣٥٧ و ٣ / ١٩١ ، وطبقات ابن سعد ٧ / ٤١٦ ، ومسند أحمد ٤ / ٢٣٠ ، وطبقات خليفة ٧٣ و ٣٠٦ ، ومشاهير علماء الأمصار ٥٤ رقم ٣٦٧ ، وتحفة الأشراف ٩ / ٢٧٣ ، ٢٧٤ رقم ٦٥٢ ، والتاريخ لابن معين ٢ / ٧٢١ ، وأسد الغابة ٥ / ٢٨١ ، ٢٨٢ ، والاستيعاب ٤ / ١٦٦ ، ١٦٧ ، والكاشف ٣ / ٣٢٧ رقم ٣٤١ ، والنكت الظراف ٩ / ٢٧٤ ، والإصابة ٤ / ١٦٤ رقم ٩٥٨ ، وتهذيب التهذيب ٢٠٩ رقم ٩٧٢ ، وتقريب التهذيب ٢ / ٤٦٥ رقم ٥ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٤٥٨.

(٤) وقيل : سعد بن عمرو ، وقيل عمير بن سعد.

٢٩٠

١٣٢ ـ أبو مالك الأشعريّ (١)

له صحبة ورواية. واسمه مختلف فيه ، فقيل ، كعب بن عاصم ، وقيل : عامر بن الحارث ، وقيل : عمرو بن الحارث.

روى أحاديث.

روى عنه : عبد الرحمن بن غنم ، وأمّ الدرداء ، وربيعة الجرشيّ ، وأبو سلام الأسود ، وشهر بن حوشب ، وعطاء بن يسار ، وشريح بن عبيد.

وكان يكون بالشام.

قال ابن سميع : أبو مالك الأشعريّ ، قديم الموت بالشام ، اسمه كعب بن عاصم.

وقال ابن سعد (٢) : توفّي أبو مالك في خلافة عمر.

وقال شهر بن حوشب ، عن ابن غنم قال : طعن معاذ ، وأبو عبيدة ، وأبو مالك في يوم واحد.

قلت : فعلى هذا رواية أبي سلام ومن بعده ، عن أبي مالك مرسلة منقطعة ، وهذا الإرسال كثير في حديث الشاميّين.

روى صفوان بن عمرو ، عن شريح (٣) عن عبيد ، أنّ أبا مالك الأشعريّ لما حضرته الوفاة قال : يا سامع الأشعريّين إنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «حلوة الدنيا مرّة الآخرة ومرّة الدنيا حلوة الآخرة» (٤) (٥) :

__________________

(١) انظر عن (أبي مالك الأشعري) في :

مسند أحمد ٥ / ٣٤١ ، وطبقات خليفة ٦٨ و ٣٠٤ ، وطبقات ابن سعد ٤ / ٣٥٨ و ٧ / ٤٠٠ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٨٩ رقم ١٠٢ ، والكاشف ٣ / ٣٣٠ رقم ٣٥٧ ، وأسد الغابة ٥ / ٢٨٨ ، وتحفة الأشراف ٩ / ٢٨٠ ـ ٢٨٤ رقم ٦٥٥ ، والتاريخ الكبير ٧ / ٢٢١ ، ٢٢٢ رقم ٩٥٦ ، والجرح والتعديل ٧ / ١٦٠ رقم ٨٩٨ ، والنكت الظراف ٩ / ٢٨٠ ـ ٢٨٤ ، والإصابة ٣ / ٢٩٤ و ٤ / ١٧٥ ، وتهذيب التهذيب ١٢ / ٢١٨ ، ٢١٩ رقم ١٠٠٢ ، وتقريب التهذيب ٢ / ١٣٤ رقم ٤٦ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٤٥٩.

(٢) قول ابن سعد غير موجود في ترجمة أبي مالك الأشعري.

(٣) في طبعة القدسي ٣ / ١٠٢ «شريح بن عبيد» والتصويب من مسند أحمد.

(٤) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ٣٤٢.

(٥) جاء في الأصل هنا ، بخط المؤلّف : «ينبغي أن تحوّل ترجمته إلى طبقة معاذ» ، وتحته أيضا : =

٢٩١

١٣٣ ـ أبو مسلم الخولانيّ (١)

الدارانيّ الزّاهد ، سيّد التابعين بالشّام. اسمه عبد الله بن ثوب على الأصحّ ، وقيل : اسمه عبد الله بن عبد الله ، وقيل : ابن ثواب ، وقيل : ابن عبيد ، وقيل : ابن مسلم وقيل : اسمه يعقوب بن عوف (٢).

قدم من اليمن ، وقد أسلم في حياة النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقدم المدينة في خلافة أبي بكر.

__________________

= حوّلت إلى طبقة معاذ أخصر من هذا فليعلم. فمن أراد أن يكملها من هنا فليفعل».

(١) انظر عن : (أبي مسلم الخولانيّ) في :

التاريخ لابن معين ٢ / ٧٢٥ ، والزهد لابن المبارك ١٥٨ و ٣٣٨ و ٥٢٨ ، والملحق به ٢١٥ ، وتاريخ الطبري ٤ / ٣٥٢ ، وطبقات ابن سعد ٧ / ٤٤٨ ، وطبقات خليفة ٣٠٧ ، ومشاهير علماء الأمصار ١١٢ رقم ٨٥٦ ، والمعارف ٤٣٩ ، والأخبار الموفقيّات ٢٩٩ ، ٣٠٠ ، والتاريخ الصغير ٦٧ و ٧٠ ، والتاريخ الكبير ٥ / ٥٨ ، ٥٩ رقم ١٣٣ ، وأنساب الأشراف ق ٤ ج ١ / ٣٥٤ ، وتاريخ الثقات ٥١١ رقم رقم ٢٠٤٣ ، والجرح والتعديل ٥ / ٢٠ رقم ٩٠ ، وتاريخ داريا ٥٩ ، وحلية الأولياء ٢ / ١٢٢ ـ ١٣١ رقم ١٦٨ ، والإكمال ١ / ٥٦٨ ، وجمهرة أنساب العرب ٤١٨ (وفيه أبو مسلم الخولانيّ عبد الله بن أيوب) وهو تصحيف ، والأخبار الطوال ١٦٢ ، ١٦٣ ، والعقد الفريد ١ / ٢٤٧ و ٣ / ١٧١ ، والمعرفة والتاريخ ٢ / ٣٠٨ و ٣٨٢ و ٣٨٤ و ٤٧٨ و ٧٧٢ و ٣ / ١٩٩ ، وثمار القلوب ٦٨٨ ، وعيون الأخبار ٢ / ١١٧ ، وتاريخ أبي زرعة ١ / ٢٢٦ و ٢٢٧ و ٣٨٦ و ٢ / ٦٩٠ ، والاستيعاب ٢ / ٢٧٢ ، وتاريخ دمشق (تراجم عبادة بن أوفى ـ عبد الله بن ثوّب) ٤٨٣ ـ ٥٢٥ رقم ٢٠٦ ، وتهذيب تاريخ دمشق ٧ / ٣١٤ ـ ٣٢٢ ، وأسد الغابة ٣ / ٣٩٥ ، وصفة الصفوة ٤ / ١٧٩ ـ ١٨٥ و ٥ / ٢٩٧ ، ٢٩٨ وسير أعلام النبلاء ٤ / ٧ ـ ١٤ رقم ٢ ، وتذكرة الحفاظ ١ / ٤٦ ، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) ٥٣٩ ، ٥٤٠ ، والكاشف ٣ / ٣٣٣ رقم ٣٨٥ ، والوفيات لابن قنفذ ٩٧ رقم ٦٣ ، وجامع التحصيل ٢٥٢ رقم ٣٤١ ، وفوات الوفيات ٢ / ١٦٩ رقم ٢١٧ ، والبداية والنهاية ٨ / ١٤٦ ، ومرآة الجنان ١ / ١٣٨ ، والوافي بالوفيات ١٧ / ٩٩ ، ١٠٠ رقم ٨١ ، وتهذيب الكمال ١٧٠ و ١٦٥٤ ، وتهذيب التهذيب ١٢ / ٢٣٥ ، ٢٣٦ رقم ١٠٦٨ ، وتقريب التهذيب ٢ / ٤٧٣ رقم ٧١ ، والإصابة ٣ / ٨٧ رقم ٦٣٠٢ و ٤ / ١٩٠ رقم ١١١٧ ، والتذكرة الحمدونية ١ / ١٩٥ ، وربيع الأبرار ١ / ٣٩٨ ، والبيان والتبيين ٣ / ١٢٧ ، والبصائر والذخائر ٢ / ٢٠١ ، والعزلة لأبي سليمان الخطابي ـ القاهرة ١٣٥٢ ـ ص ٨٥ ، والإيجاز والإعجاز ٩ ، وطبقات الحفاظ ١٣ ، وشذرات الذهب ١ / ٧٠.

(٢) انظر الأقوال في اسمه في : تاريخ دمشق ٤٨٣.

٢٩٢

وروى عن : عمر ، ومعاذ ، وأبي عبيدة ، وأبي ذرّ ، وعبادة بن الصّامت.

روى عنه : أبو إدريس عائذ الله الخولانيّ ، وأبو العالية الرياحيّ (١) ، وجبير بن نفير ، وعطاء بن أبي رباح ، وشرحبيل بن مسلم ، وأبو قلابة الجرميّ ، ومحمد بن زياد الألهاني ، وعمير بن هانئ ، وعطيّة بن قيس ، ويونس بن ميسرة ، وفي بعض هؤلاء من روايته عنه مرسلة.

قال إسماعيل بن عيّاش ، ثنا شرحبيل بن مسلم قال : أتى أبو مسلم الخولانيّ المدينة وقد قبض النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واستخلف أبو بكر (٢).

وقال إسماعيل : ثنا شرحبيل أنّ الأسود تنبّأ (٣) باليمن ، فبعث إلى أبي مسلم ، فأتاه بنار عظيمة ، ثم ألقى أبا مسلم فيها ، فلم تضرّه ، فقيل للأسود : إن تنف هذا عنك أفسد عليك من اتّبعك ، فأمره بالرحيل ، فقدم المدينة وقد قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأناخ راحلته ودخل المسجد يصلّي ، فبصر به عمر ، فقام إليه فقال : ممّن الرجل؟ قال : من اليمن ، فقال : ما فعل الّذي حرّقه الكذّاب بالنّار؟ قال : ذاك عبد الله بن ثوّب ، قال : فنشدتك بالله أنت هو؟ قال : اللهمّ نعم ، فاعتنقه عمر وبكى ، ثم ذهب به حتى أجلسه فيما بينه وبين الصّدّيق وقال : الحمد لله الّذي لم يمتني حتى أراني في أمّة محمد من صنع به كما صنع بإبراهيم الخليل (٤).

رواه غير واحد ، عن عبد الوهاب بن نجدة ، وهو ثقة ، ثنا إسماعيل ، فذكره.

ويروى عن مالك بن دينار أنّ كعبا رأى أبا مسلم الخولانيّ ، فقال : من هذا؟ قالوا : أبو مسلم الخولانيّ قال : هذا حكيم هذه الأمّة (٥).

__________________

(١) مهمل في الأصل.

(٢) تاريخ دمشق ٤٩٢.

(٣) في الأصل «ثنا» بدل «تنبّأ» والتصويب من أسد الغابة ، والسياق.

(٤) تاريخ دمشق ٤٩٣.

(٥) أخرجه ابن عساكر من طريق الخضر بن أبان ، عن سيار بن حاتم ، عن جعفر بن مالك بن دينار.

٢٩٣

وقال معمر ، عن الزّهريّ قال : كنت عند الوليد بن عبد الملك ، فكان يتناول عائشة رضي‌الله‌عنها ، فقلت : يا أمير المؤمنين ألا أحدّثك عن رجل من أهل الشام كان قد أوتي حكمة؟ قال : من هو؟ قلت : أبو مسلم الخولانيّ ، سمع أهل الشام ينالون من عائشة فقال : ألا أخبركم بمثلي ومثل أمّكم هذه ، كمثل عينين في رأس يؤذيان صاحبهما ، ولا يستطيع أن يعاقبهما إلّا بالذي هو خير لهما ، فسكت (١).

وقال الزّهري : أخبرنيه أبو إدريس الخولانيّ ، عن أبي مسلم.

وقال عثمان بن أبي العاتكة : علّق أبو مسلم سوطا في مسجده ، وكان يقول : أنا أولى بالسّوط من البهائم ، فإذا دخلته فترة مشق ساقيه سوطا أو سوطين.

قال : وكان يقول : لو رأيت الجنّة عيانا والنّار ما كان عندي مستزاد (٢).

وقال إسماعيل بن عيّاش ، عن شرحبيل : إنّ رجلين أتيا أبا مسلم الخولانيّ في منزله ، فلم يجداه ، فأتيا المسجد فوجداه يركع ، فانتظرا انصرافه ، وأحصيا ، فقال أحدهما : إنّه ركع ثلاثمائة ركعة ، والآخر : أربعمائة ركعة ، قبل أن ينصرف (٣).

وقال الوليد بن مسلم : أخبرني عثمان بن أبي العاتكة أنّ أبا مسلم الخولانيّ سمع رجلا يقول : من سبق اليوم؟ فقل : أنا السابق ، قالوا : وكيف يا أبا مسلم؟ قال : أدلجت من دارنا (٤) ، فكنت أول من دخل مسجدكم (٥).

وقال أبو بكر بن أبي مريم ، عن عطيّة بن قيس ، قال : دخل أناس من أهل دمشق على أبي مسلم وهو غاز في أرض الروم ، وقد احتفر جورة في

__________________

(١) تاريخ دمشق ٤٩٧.

(٢) تاريخ دمشق ٤٩٨ ، وحلية الأولياء ٢ / ١٢٧.

(٣) حلية الأولياء ٢ / ١٢٧ ، تاريخ دمشق ٤٩٨.

(٤) في تاريخ دمشق «من داريا» وفي نسخة أخرى كما هنا.

(٥) تاريخ دمشق ٤٩٩.

٢٩٤

فسطاطه ، وجعل فيها نطعا ، وأفرغ فيه الماء ، وهو يتصلّق (١) فيه ، قالوا : ما حملك على الصيام وأنت مسافر؟ قال : لو حضر قتال لأفطرت ولتهيّأت له وتقوّيت ، إنّ الخيل لا تجري الغايات وهي بدّن ، إنّما تجري وهي ضمر ، ألا وإنّ أمامنا باقية جائية لها نعمل (٢).

وقال يزيد بن يزيد بن جابر : كان أبو مسلم الخولانيّ يكثر أن يرفع صوته بالتكبير ، حتى مع الصبيان ، ويقول : أذكر الله حتى يرى الجاهل أنّك مجنون (٣).

وقال محمد بن زياد الألهاني ، عن أبي مسلم الخولانيّ ـ وأراه منقطعا ـ أنه كان إذا غزا أرض الروم ، فمرّوا بنهر قال : أجيزوا باسم الله ، ويمرّ بين أيديهم ، فيمرّون بالنهر الغمر ، فربّما لم يبلغ من الدّوابّ إلّا الراكب ، فإذا جازوا قال : هل ذهب لكم شيء ، فألقى بعضهم مخلاته ، فلما جاوزوا قال : مخلاتي وقعت ، قال : اتبعني ، فاتّبعته ، فإذا بها معلّقة بعود في النهر ، فقال : خذها (٤).

وقال سليمان بن المغيرة ، عن حميد الطّويل : إنّ أبا مسلم أتى على دجلة ، وهي ترمي بالخشب من مدّها ، فوقف عليها ثم حمد الله وأثنى عليه ، وذكر مسير بني إسرائيل في البحر ثم لهز دابّته ، فخاضت الماء ، وتبعه الناس حتى قطعوا ، ثم قال : فقدتم شيئا ، فأدعو الله أن يردّه عليّ؟ (٥). وقال عنبسة بن عبد الواحد : ثنا عبد الملك بن عمير قال : كان أبو مسلم الخولانيّ إذا استسقى سقي (٦).

__________________

(١) تصلّق : تقلّب على جنبه. (لسان العرب ـ مادّة : صلق). وفي النهاية في غريب الحديث لابن الأثير : تصلّق الحوت في الماء إذا ذهب وجاء.

(٢) تاريخ داريا ٦١ ، تاريخ دمشق ٥٠٠ ، حلية الأولياء ٢ / ١٢٧ ، وانظر : الزهد لابن المبارك ٥٢٨ رقم ١٥٠١.

(٣) تاريخ دمشق ٥٠١.

(٤) تاريخ دمشق ٥٠٣.

(٥) تاريخ دمشق ٥٠٣.

(٦) تاريخ دمشق ٥٠٥.

٢٩٥

وقال بقيّة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي مسلم الخولانيّ : إنّ امرأة خبّبت (١) عليه امرأته ، فدعا عليها ، فذهب بصرها ، فأتته ، فاعترفت وقالت : إنّي لا أعود ، فقال : اللهمّ إن كانت صادقة فاردد بصرها ، فأبصرت (٢).

وقال ضمرة بن ربيعة ، عن بلال بن كعب قال : قال الصبيان لأبي مسلم الخولانيّ : أدع الله أن يحبس علينا هذا الظّبي فنأخذه ، فدعا الله فحبسه عليهم حتى أخذوه (٣).

وروى عثمان بن عطاء الخراساني ، عن أبيه : قالت امرأة أبي مسلم الخولانيّ : ليس لنا دقيق. فقال : هل عندك شيء؟ قالت : درهم بعنا به غزلا ، قال : ابغنيه ، وهاتي الجراب ، فدخل السوق ، فأتاه سائل وألحّ ، فأعطاه الدرهم ، وملأ الجراب من نحاتة النّجارة مع التراب ، وأتى وقلبه مرعوب منها ، فرمى الجراب وذهب ، ففتحته ، فإذا به دقيق حوّارى (٤) فعجنت وخبزت ، فلما ذهب من الليل هويّ (٥) جاء فنقر الباب ، فلما دخل وضعت بين يديه خوانا وأرغفة ، فقال : من أين هذا؟ قالت : من الدقيق الّذي جئت به ، فجعل يأكل ويبكي (٦).

رواها ضمرة بن ربيعة ، عن عثمان.

وقال أبو مسهر ، وغيره : ثنا سعيد بن عبد العزيز أنّ أبا مسلم استبطأ خبر جيش كان بأرض الروم ، فبينا هو على تلك الحال ، إذ دخل طائر فوقع وقال : أنا رتباييل (٧) مسلّ الحزن من صدور المؤمنين ، فأخبره خبر ذلك

__________________

(١) يقال : خبّب فلان على فلان صديقه أي أفسده عليه.

(٢) تاريخ دمشق ٥٠٦ ، حلية الأولياء ٢ / ١٢٩.

(٣) تاريخ دمشق ٥٠٧.

(٤) الحوّاري : الدقيق الأبيض ، وهو لباب الدقيق وأجوده وأخلصه. (لسان العرب ـ مادّة : حور).

(٥) الهويّ : كغنيّ ، ويضمّ ، من الليل ساعة. (القاموس المحيط). وفي تاريخ دمشق : «الهديء».

(٦) تاريخ دمشق ٥٠٩.

(٧) في تاريخ داريا : «أرز بابيل».

٢٩٦

الجيش ، فقال أبو مسلم : ما جئت حتى استبطأتك (١).

وقال سعيد بن عبد العزيز : كان أبو مسلم الخولانيّ يرتجز يوم صفّين ويقول :

ما علّتي ما علّتي

وقد لبست درعتي

أموت عبد طاعتي (٢)

وقال إسماعيل بن عيّاش : ثنا هشام بن الغاز ، حدّثني يونس الهرم ، أنّ أبا مسلم الخولانيّ قام إلى معاوية وهو على المنبر ، فقال : يا معاوية ، إنّما أنت قبر من القبور ، إن جئت بشيء كان لك شيء ، وإلّا فلا شيء لك ، يا معاوية ، لا تحسب أنّ الخلافة جمع المال وتفرقته ، إنّما الخلافة القول بالحقّ ، والعمل بالمعدلة ، وأخذ الناس في ذات الله ، يا معاوية ، إنّا لا نبالي بكدر الأنهار إذا صفا لنا رأس عيننا ، إيّاك أن تميل على قبيلة ، فيذهب حيفك بعدلك ، ثم جلس. فقال له معاوية : يرحمك الله يا أبا مسلم (٣).

وقال أبو بكر بن أبي مريم ، عن عطيّة بن قيس قال : دخل أبو مسلم على معاوية ، فقام بين السّماطين فقال : السلام عليك أيّها الأجير ، فقالوا : مه. قال : دعوه فهو أعرف بما يقول ، وعليك السلام يا أبا مسلم ، ثم وعظه وحثّه على العدل (٤).

وقال إسماعيل بن عيّاش : ثنا شرحبيل بن مسلم الخولانيّ أنّه كان إذا دخل الروم لا يزال في المقدّمة ، حتى يؤذن للناس ، فإذا أذن لهم كان في السّاقة ، وكانت الولاة يتيمّنون به ، فيؤمّرونه على المقدّمات (٥).

وقال سعيد بن عبد العزيز : توفّي أبو مسلم بأرض الروم ، وكان قد شتّى

__________________

(١) تاريخ داريا ٦١ ، تاريخ دمشق ٥١١.

(٢) في تاريخ دمشق ٥١٤ :

ما علّتي ما علّتي

أموت عند طاعتي

وقد لبست درعتي

(٣) تاريخ دمشق ٥١٦.

(٤) انظر بقية الخبر في تاريخ دمشق ٥١٦. وحلية الأولياء ٢ / ١٢٥.

(٥) تاريخ دمشق ٥٢٢.

٢٩٧

مع بسر بن أبي أرطاة ، فأدركه أجله ، فأتاه بسر في مرضه ، فقال له أبو مسلم : اعقد لي على من مات في هذه الغزاة من المسلمين ، فإنّي أرجو أن آتي بهم يوم القيامة على لوائهم (١).

وقال الإمام أحمد : حدّثت عن محمد بن شعيب (٢) عن بعض مشيخة دمشق قال : أقبلنا من أرض الروم ، فمررنا بالعمير ، على أربعة أميال من حمص في آخر الليل ، فاطّلع الراهب من صومعته فقال : هل تعرفون أبا مسلم الخولانيّ؟ قلنا : نعم. قال : إذا أتيتموه فأقرءوه السلام ، فإنّا نجده في الكتب رفيق عيسى بن مريم ، أما إنّكم لا تجدونه حيّا ، فلما أشرفنا على الغوطة بلغنا موته (٣).

قال الحافظ ابن عساكر (٤) : يعني سمعوا ذلك. وكانت وفاته بأرض الروم كما حكينا.

وقال ابن عيّاش ، عن شرحبيل بن مسلم ، عن سعيد بن هانئ قال : قال معاوية : إنّما المصيبة كلّ المصيبة بموت أبي مسلم الخولانيّ ، وكريب بن سيف الأنصاري (٥).

هذا حديث حسن الإسناد ، يعطي أنّ أبا مسلم توفّي قبل معاوية. وقد قال المفضّل بن غسّان : توفّي علقمة وأبو مسلم الخولانيّ سنة اثنتين وستّين (٦).

* ـ أبو ميسرة الهمدانيّ هو عمرو بن شرحبيل ، مرّ.

__________________

(١) تاريخ دمشق ٥٢٣.

(٢) هو محمد بن شعيب بن شابور الدمشقيّ البيروتي الّذي يروي عن الإمام الأوزاعي.

(٣) حلية الأولياء ٢ / ١٢٨ ، تاريخ دمشق ٥٢٤.

(٤) في تاريخ دمشق ٥٢٤.

(٥) تاريخ أبي زرعة ١ / ٢٢٧ و ٢ / ٦٩٠ ، وتاريخ داريا ٦٣ ، وتاريخ دمشق ٥٢٤.

(٦) تاريخ دمشق ٥٢٥.

٢٩٨

١٣٤ ـ أبو واقد اللّيثي (١) ع

له صحبة ورواية ، وروى أيضا عن : أبي بكر ، وعمر ، وشهد فنح مكة ، وكان يكون بالمدينة وبمكة ، وبمكة توفّي.

روى عنه : عطاء بن يسار ، وسعيد بن المسيّب ، وعروة ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وبسر بن سعيد ، وأبو مرّة مولى عقيل المدنيّون.

__________________

(١) انظر : (أبي واقد الليثي) في :

سيرة ابن هشام ٤ / ٨٩ ، والتاريخ لابن معين ٢ / ٧٣١ ، والمعرفة والتاريخ ٣ / ٣٧٤ ، والتاريخ الكبير ٢ / ٢٥٨ رقم ٢٣٨٤ ، والجرح والتعديل ٣ / ٨٢ ، ٨٣ رقم ٣٧٩ في الحاشية رقم ٤ ، والتاريخ الصغير ٥٣ ، وجمهرة أنساب العرب ١٨٢ ، ومشاهير علماء الأمصار ٢٥ رقم ١١١ ، وتاريخ خليفة ٢٦٥ ، وطبقات خليفة ٢٩ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٨٩ رقم ١١١ ، والمغازي للواقدي ٤٥٣ و ٨٢٠ و ٨٩٠ و ٨٩٦ و ٩٩٠ ، وثمار القلوب ٢٩٦ ، والمحبّر ٢٣٧ ، ومسند أحمد ٥ / ٢١٧ ، والاستيعاب ٤ / ٢١٥ ، ٢٦٦ ، وأسد الغابة ٥ / ٣١٩ ، ٣٢٠ ، وتحفة الأشراف ١١ / ١١٠ ـ ١١٢ رقم ٦٦٤ ، وتهذيب الكمال ١٦٥٧ ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٢٧١ رقم ٤٣٨ ، والمعين في طبقات المحدّثين ٢٨ رقم ١٥٣ ، والكاشف ٣ / ٣٤٣ رقم ٤٣٨ ، والوفيات لابن قنفذ ٧٨ ، والإصابة ٤ / ٢١٥ ، ٢١٦ رقم ١٢١١ ، وتهذيب التهذيب ١٢ / ٢٧٠ ، ٢٧١ رقم ١٢٣٥ ، وتقريب التهذيب ٢ / ٤٨٦ رقم ١ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٦٨ و ٤٦٢.

٢٩٩

الطبقة الثامنة

[حوادث سنة إحدى وسبعين]

توفّي فيها : عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي.

والبراء بن عازب.

* * *

وفيها : خرج عبد الله بن ثور أحد بني قيس بن ثعلبة بالبحرين ، فوجّه مصعب بن الزبير إلى قتاله عبد الرحمن الإسكاف ، فالتقوا بجواثاء (١) فانهزم عبد الرحمن والناس (٢).

* * *

وفيها : حجّ بالناس أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير (٣).

* * *

وعرّف بمصر عبد العزيز بن مروان ، وكان أول من عرّف بمصر (٤). يعني اجتمع الناس عشيّة عرفة ودعا لهم أو وعظهم.

وفيها ، أو في التي بعدها. قتل بخراسان أميرها أبو صالح (عبد الله بن

__________________

(١) جواثا : بضم الجيم. حصن لعبد القيس بالبحرين. (معجم البلدان ٢ / ١٧٤).

(٢) تاريخ خليفة ٢٦٧.

(٣) تاريخ خليفة ٢٦٧ ، تاريخ الطبري ٦ / ١٦٦ ، مروج الذهب ٤ / ٣٩٨ ، الذهب المسبوك للمقريزي ٢٥ ، شفاء الغرام (بتحقيقنا) ج ٢ / ٣٤٠ ، البداية والنهاية ٨ / ٣١٧ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٣٦٨.

(٤) كتاب الولاة والقضاة للكندي ـ ص ٥٠.

٣٠٠