تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٥

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

إنّي أوتر. ولما احتضر أوصى أن لا يؤذن بجنازته أحد (١) ، وكذلك أوصى علقمة.

إسرائيل ، عن أبي إسحاق قال : رأيت أبا جحيفة في جنازة أبي ميسرة آخذا بقائمة السرير حتى أخرج ، ثمّ جعل يقول : غفر الله لك أبا ميسرة (٢).

قال ابن سعد (٣) : توفّي في ولاية عبيد الله بن زياد بالكوفة.

٨٠ ـ عمرو (٤) بن عبسة م ٤

ابن عامر بن خالد ، أبو نجيح السلمي ، نزيل حمص ، وأخو أبي ذرّ لأمّه ، قدم على النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة ، فكان رابع من أسلم ، ورجع ثم هاجر فيما بعد إلى المدينة ، له عدّة أحاديث.

روى عنه : جبير بن نفير ، وشدّاد أبو عمارة ، وشرحبيل بن السّمط وكثير بن مرّة ، ومعدان بن أبي طلحة ، والقاسم أبو عبد الرحمن ، وسليم بن عامر ، وحبيب بن عبيد ، وضمرة بن حبيب ، وأبو إدريس الخولانيّ ، وخلق.

__________________

(١) في الأصل «أحدا».

(٢) طبقات ابن سعد ٦ / ١٠٩.

(٣) طبقات ابن سعد ٦ / ١٠٩.

(٤) انظر عن (عمرو بن عبسة) في :

طبقات ابن سعد ٤ / ٢١٤ ، و ٧ / ٤٠٣ ، والتاريخ الكبير ٦ / ٣٠٢ ، ٣٠٣ رقم ٢٤٧٤ ، وطبقات خليفة ٤٩ و ٣٠٢ ، والتاريخ لابن معين ٢ / ٢٤٩ ، والمحبّر ٢٣٧ ، ومشاهير علماء الأمصار ٥١ رقم ٣٣٠ ، والمعارف ٢٩٠ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٣ ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٣١ ، ٣٢ رقم ١٩ ، وتاريخ أبي زرعة ١ / ٦٠٨ ، ومروج الذهب ١٤٦٥ ، والاستيعاب ٢ / ١٤٩٨ ـ ٥٠١ ، وتحفة الأشراف ٨ / ١٥٩ ـ ١٦٥ رقم ٤٠٩ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٨٧ رقم ٨٦ ، والمستدرك ٣ / ٦١٦ ، ٦١٧ ، وتهذيب الكمال ٢ / ١٠٤٠ ، ١٠٤١ وفيه «ابن عنبسة» وهو غلط ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٣٢٧ ، ٣٢٨ و ٢ / ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، وتاريخ الطبري ٢ / ٣١٥ و ٣١٧ و ٣ / ٣٩٧ و ٤ / ٦٧ ، والمعين في طبقات المحدّثين ٢٥ رقم ٩٨ ، والكاشف ٢ / ٢٨٩ رقم ٤٢٥٦ ، ومسند أحمد ٤ / ١١١ و ٣٨٤ و ٣٨٥ ، والكامل في التاريخ ٢ / ٥٩ ، ٦٠ ، وأسد الغابة ٤ / ١٣٠ ، ١٣١ ، والجرح والتعديل ٦ / ٢٤١ رقم ١٣٣٩ ، والنكت الظراف ٨ / ١٦٤ ، ١٦٥ ، والإصابة ٣ / ٥ ، ٦ رقم ٥٩٠٣ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٦٩ رمق ١٠٧ ، وتقريب التهذيب ٢ / ٧٤ رقم ٦٢٩ ، وخلاصة تذهيب التذهيب ٢٩١ ، والكنى والأسماء للدولابي ١ / ٩٠.

٢٠١

وقد روى عنه : ابن مسعود ـ مع جلالته ـ وسهل بن سعد ، وأبو أمامة الباهليّ.

ولا أعلم هل مات في خلافة معاوية أو في خلافة يزيد ، وكان أحد الأمراء يوم اليرموك.

روى إسماعيل بن عيّاش ، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ، عن أبي سلام الدمشقيّ ، وعمرو بن عبد الله ، سمعا أبا أمامة ، عن عمرو بن عبسة قال : رغبت عن آلهة قومي في الجاهلية ، رأيت أنّها آلهة باطلة لا تضرّ ولا تنفع (١).

٨١ ـ عمرو (٢) بن سعيد (٣) م ت ن ق

ابن العاص بن سعيد بن العاص بن أميّة الأمويّ ، أبو أميّة المعروف بالأشدق.

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٤ / ٢١٧.

(٢) من حقّ هذه الترجمة أن تتقدّم على سابقتها حسب الترتيب الأبجدي.

(٣) انظر عن (عمرو بن سعيد الأشدق) في :

طبقات خليفة ١١ و ٢٩٨ ، والسير والمغازي لابن إسحاق ٢٢٧ ، والمحبّر ١٠٤ و ٣٠٤ و ٣٧٧ و ٣٧٨ ، والمغازي للواقدي ٨٤٥ و ٩٢٥ و ٩٣٢ ، ونسب قريش ١٧٥ ـ ١٨٠ و ٢٥١ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٧٦ و ١٣٣ و ٢٥٣ و ٢٥٥ ـ ٢٥٨ و ٢٦٤ و ٢٧٠ و ٢٧٤ ، والمعارف ١٤٥ و ٢٩٦ و ٦١٥ ، والمراسيل ١٤٣ رقم ٢٦٢ ، ومشاهير علماء الأمصار ٢٠ رقم ٨١ ، وتاريخ خليفة ٩٧ و ١٢٠ و ١٣٠ و ٢٢٩ و ٢٣١ و ٢٣٣ و ٢٣٥ و ٤٥٤ و ٢٥٦ و ٢٦٦ ، وفتوح البلدان ٤٠ و ١٣٥ و ١٤٢ ، والتاريخ الكبير ٦ / ٣٣٨ رقم ٢٥٧٠ ، والتاريخ الصغير ٢٠ و ٨٢ ، والجرح والتعديل ٦ / ٢٣٦ رقم ١٣٠٨ ، وطبقات ابن سعد ٥ / ٢٣٧ ، ٢٣٨ ، والبرصان والعرجان ٢٧٤ ، ٢٧٥ ، وجمهرة أنساب العرب ٨١ ، وأنساب الأشراف ١ / ١٤٢ و ١٩٩ و ٣٦٨ و ٤٨٢ و ٣ / ٧٢ و ١١٢ وق ٤ ج ١ / ٦ و ٣٨ و ٩٤ و ٩٨ و ١٣١ و ١٣٤ و ١٣٥ و ١٤٨ و ١٥٣ و ١٥٤ و ١٥٩ و ٢٨٦ و ٢٩٩ و ٣٠١ و ٣٠٤ و ٣٠٧ و ٣٠٩ و ٣١١ ـ ٣١٤ و ٣١٦ و ٣١٨ و ٣٢٢ و ٤٢٩ و ٤٣١ ـ ٤٣٣ و ٤٣٥ ـ ٤٣٧ و ٤٤١ ـ ٤٥١ و ٤٥٤ و ٤٥٥ و ٤٦٣ و ٤٧٠ و ٥٧١ ، والكامل في التاريخ ٢ / ٤١٤ و ٤١٨ و ٣ / ٥٠٨ و ٤ / ١٤ و ١٧ و ١٨ و ٣٩ و ٤٠ و ٤٣ و ٨٨٠ و ٨٩ و ١٤٨ ـ ١٥١ و ١٥٤ و ١٨٩ و ١٩٠ و ٢٥٢ و ٢٥٧ ـ ٣٠٤ و ٣٢٣ و ٣٢٩ و ٣٤٠ و ٥١٣ و ٥٢٢ و ٥ / ٢٢٠ و ٥٨٢ ، وتاريخ العظيمي ٨٩ و ١٠٤ و ١٨٥ و ١٨٧ و ١٨٨ ، والعقد الفريد ١ / ٧٩ و ٢ / ١٨٩ و ٤ / ٢٣ و ٤٦ و ١٣٢ و ١٦٨ و ٣٧٠ و ٣٧٦ و ٣٧٧ و ٣٩٤ و ٣٩٧ و ٤٠٧ ـ ٤٠٩ ، وثمار القلوب ٧٥ و ١٣٠ و ١٦٤ ، وتاريخ الطبري ٥ / ٤٧٤ ـ ٤٧٨ ، وجامع التحصيل ٢٩٨ رقم ٥٦٥ ، والأخبار الموفقيات ١٥٢ =

٢٠٢

ولي المدينة ليزيد ، ثم سكن دمشق ، وكان أحد الأشراف من بني أميّة ، وقد رام الخلافة ، وغلب على دمشق ، وادّعى أنّ مروان جعله وليّ العهد بعد عبد الملك.

حدّث عن : عمر ، وعثمان.

روى عنه : بنوه موسى ، وأميّة ، وسعيد ، وخثيم (١) بن مروان.

وكان زوج أخت مروان أمّ البنين شقيقة مروان.

قال عبد الملك بن عمير ، عن أبيه قال : لما احتضر سعيد بن العاص رضي‌الله‌عنه جمع بنيه فقال : أيّكم يكفل ديني؟ فسكتوا ، فقال : ما لكم لا تكلّمون؟ فقال عمرو (٢) الأشدق ، وكان عظيم الشّدقين : وكم دينك يا أبت؟ قال : ثلاثون ألف دينار ، قال : فيم استدنتها؟ قال : في كريم سددت فاقته ولئيم فديت عرضي منه ، فقال : هي عليّ (٣).

وعن سعيد بن المسيّب ، وسئل عن خطباء قريش في الجاهليّة فقال : الأسود بن المطّلب بن أسد ، وسهيل بن عمرو ، وسئل عن خطبائهم في الإسلام فقال : معاوية ، وابنه ، وسعيد بن العاص ، وابنه ، وابن الزبير.

وفي «مسند أحمد» (٤) ، من حديث عليّ بن زيد بن جدعان قال :

__________________

= و ٥٦١ ، وسيرة ابن هشام ١ / ٢٩٢ و ٣ / ٣٠٨ ، والأخبار الطوال ٢٤٤ و ٢٨٦ ، ومروج الذهب ١٩٦٠ و ١٩٦٢ و ١٩٧٠ و ١٩٩٧ ـ ١٢٠١ و ٢١٩١ و ٢٤٢٨ و ٢٤٢٩ ، و ٣٦٣٤ ، والمعرفة والتاريخ ٣ / ٣٢٦ و ٣٣٠ ، وتاريخ أبي زرعة ١ / ٧٢ و ٧٤ و ٢١٧ ، وعيون الأخبار ٢ / ١٧١ ، وتاريخ دمشق ١٣ / ٢٢٦ ب ، وتهذيب الكمال ١٠٣٥ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ٤٤٩ ، ٤٥٠ رقم ٨٨ ، والكاشف ٢ / ٢٨٥ رقم ٤٢٢٦ ، ومختصر التاريخ ١١٠ ، ولباب الآداب ٣٥ و ٣٣٨ ، وتحفة الأشراف ٨ / ١٥١ ، ١٥٢ رقم ٤٠٦ ، والتذكرة الحمدونية ٣٨٩ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٧ ـ ٣٩ رقم ٦٠ ، وتقريب التهذيب ٢ / ٧٠ رقم ٥٨٩ ، والإصابة ٣ / ١٧٥ رقم ٦٨٤٨ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢٨٩ ، والمنتخب من تاريخ المنبجي (بتحقيقنا) ٧٦ و ٧٧ ، وربيع الأبرار ٤ / ١٦٦ و ٢١٤ و ٢٣١ ، والكنى والأسماء ١ / ١١٣.

(١) في طبعة القدسي «خيثم» وهو تحريف.

(٢) في الأصل «عمر».

(٣) انظر نسب قريش ١٧٧.

(٤) ج ٢ / ٥٢٢.

٢٠٣

اخبرني من سمع أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ليرعفنّ على منبري جبّار من جبابرة بني أميّة». قال عليّ فحدّثني من رأى عمرو بن سعيد رعف على منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال الزبير بن بكّار : كان عمرو بن سعيد ولّاه معاوية المدينة ، ثمّ ولّاه يزيد ، فبعث عمرو بعثا لقتال ابن الزبير. وكان عمرو يدّعي أنّ مروان جعل إليه الأمر بعد عبد الملك ، ثم نقض ذلك وجعله إلى عبد العزيز بن مروان ، فلما شخص عبد الملك إلى حرب مصعب إلى العراق ، خالف عليه عمرو بن سعيد ، وغلّق أبواب دمشق ، فرجع عبد الملك وأحاط به ، ثم أعطاه أمانا ، ثمّ غدر به فقتله ، فقال في ذلك يحيى بن الحكم عمّ عبد الملك:

أعينيّ جودي بالدموع على عمرو

عشيّة تبتزّ الخلافة بالغدر

كأنّ بني مروان إذ يقتلونه

بغاث من الطّير اجتمعن على صقر

غدرتم بعمرو يا بني خيط باطل

وأنتم ذوو قربائه وذوو صهر

فرحنا وراح الشامتون عشيّة

كأنّ على أكتافنا فلق الصّخر

لحا الله دنيا يدخل النار أهلها

وتهتك ما دون المحارم من ستر (١)

وكان مروان يلقّب بخيط باطل (٢).

وروى ابن سعد (٣) بإسناد ، أنّ عبد الملك لما سار يؤمّ العراق ، جلس خالد بن يزيد بن معاوية ، وعمرو بن سعيد ، فتذاكرا من أمر عبد الملك ومسيرهما معه على خديعة منه لهما ، فرجع عمرو إلى دمشق فدخلها وسورها وثيق ، فدعا أهلها إلى نفسه ، فأسرعوا إليه ، وفقده عبد الملك ، فرجع بالناس

__________________

(١) الأبيات بتقديم وتأخير ، واختلاف بعض الألفاظ ، بعضها في : مروج الذهب ٦ / ٢١٨ ـ ٢١٩ (طبعة باريس) ، والأخبار الطوال ٢٩٥ ، والحيوان ٦ / ٣١٥ ، والحماسة للبحتري ، رقم ٧١٣ ، وأنساب الأشراف ٣ / ٧٢ و ٧٣ وق ٤ ج ١ / ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، وفي سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٥٠ وهي أكثر مما هنا ، وتاريخ دمشق ١٣ / ٢٢٩ ب ، وأخبار الدولة العباسية ١٤٤.

(٢) كان مروان بن الحكم يقال له خيط باطل لأنه كان طويلا مضطربا ، قال الشاعر :

لحا الله قوما أمّروا خيط باطل

على الناس يعطي من يشاء ويمنع

انظر : مروج الذهب ٣ / ٣٢ ، ولطائف المعارف للثعالبي ـ طبعة عيسى الحلبي ١٩٦٠ ـ ص ٣٦ ، وثمار القلوب ٧٦ رقم ١٠٣.

(٣) في الطبقات ٥ / ٢٣٨ وهو مختصر عمّا هنا.

٢٠٤

إلى دمشق ، فنازلها ستّ عشرة ليلة حتى فتحها عمرو له وبايعه ، فصفح عنه عبد الملك ، ثم أجمع على قتله ، فأرسل إليه يوما يدعوه ، فوقع في نفسه أنّها رسالة شرّ ، فزلف إليه فيمن معه ، لبس درعا متكفّرا بها (١) ، ثم دخل إليه ، فتحدّثا ساعة ، وقد كان عهد إلى يحيى بن الحكم أن يضرب عنقه إذا خرج إلى الصلاة ، ثم أقبل عبد الملك عليه فقال : يا أبا أميّة ، ما هذه الغوائل والزّبى التي تحفر لنا! ثمّ ذكّره ما كان منه ، وخرج إلى الصلاة ، ولم يقدم عليه يحيى ، فشتمه عبد الملك ، ثم أقدم هو ومن معه عليه فقتله.

قال خليفة (٢) : وفي سنة سبعين خلع عمرو بن سعيد عبد الملك ، وأخرج عامله عبد الرحمن بن أمّ الحكم عن دمشق ، فسار إليه عبد الملك ، ثمّ اصطلحا على أن يكون الخليفة من بعد عبد الملك ، وعلى أنّ لعمرو مع كلّ عامل عاملا ، وفتح دمشق ، ودخل عبد الملك ، ثمّ غدر به فقتله ، فحدّثني أبو اليقظان قال : قال له عبد الملك : يا أبا أميّة ، لو أعلم أنّك تبقي وتصلح قرابتي لفديتك ولو بدم النواظر ، ولكنّه قلّما اجتمع فحلان في إبل إلّا أخرج أحدهما صاحبه.

وقال الليث : قتل سنة تسع وستّين.

٨٢ ـ عمرو البكالي (٣) أبو عثمان ، صحابيّ ، شهد اليرموك.

وروى عن : النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم عن ابن مسعود ، وأبي الأعور السلميّ ، وغيرهما.

__________________

(١) في «أساس البلاغة» : كفّر نفسه بالسلاح وتكفّر به. وفي تاريخ الطبري ٦ / ١٤٢ «لبس عمرو درعا حصينة بين قباء قوهيّ وقميص قوهي».

(٢) في تاريخه ٢٦٦ ، وانظر ربيع الأبرار ٤ / ٢١٤ (باختصار).

(٣) انظر عن (عمرو البكالي) في :

طبقات ابن سعد ٧ / ٤٢١ ، والتاريخ الكبير ٦ / ٣١٣ رقم ٢٤٩٨ ، والجرح والتعديل ٦ / ٢٧٠ رقم ١٤٩٥ ، والمراسيل ١٤١ رقم ٢٥٦ ، وتاريخ الثقات للعجلي ٣٧٢ رقم ١٢٩٤ ، والثقات لابن حبّان ٣ / ٢٧٨ ، وجامع التحصيل ٣٠٣ رقم ٥٨٨ ، والاستيعاب ٢ / ٥٣٣ ، ٥٣٤ ، وطبقات خليفة ١٢٣ ، والمعجم الكبير ١٧ / ٤٣ ، ٤٤ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ١٣٨ رقم ٦٣٦ ، وتجريد أسماء الصحابة ١ / ٤٠١ ، وأسد الغابة ٤ / ٨٩ ، والإصابة ٣ / ٢٣ ، ٢٤ رقم ٥٩٩٠.

٢٠٥

وعنه : معدان بن أبي طلحة ، وأبو تميمة الهجيمي طريف ، وأبو أسماء الرحبيّ ، وغيرهم.

وأمّ الناس بمسجد دمشق ، روى الجريريّ ، عن أبي تميمة : قدمت الشام ، فإذا بهم يطوفون برجل ، قلت : من هذا؟ فقيل : هذا أفقه من بقي من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هذا عمرو البكاليّ ، ورأيت أصابعه مقطوعة ، فقيل : قطعت يوم اليرموك (١).

وقال أبو سعيد بن يونس : قدم عمرو البكالي مصر مع مروان ، فروى عنه عبد الله بن جبيرة. وقيل : هو أخو نوف البكالي.

وقال أحمد العجليّ (٢) : هو تابعيّ ثقة.

__________________

(١) الاستيعاب ٢ / ٥٣٣ و ٥٣٤.

(٢) في تاريخ الثقات ٣٧٢ رقم ١٢٩٤

٢٠٦

[حرف القاف]

٨٣ ـ قباث بن أشيم (١) ت

اللّيثي ، صحابيّ ، شهد اليرموك أميرا ، وطال عمره.

روى عنه : عبد الرحمن بن زياد ، وأبو الحويرث.

قال ابن سعد (٢) : إنه شهد بدرا مشركا ، وشهد مع النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعض المشاهد ، وكان على مجنّبة أبي عبيدة يوم اليرموك.

وقال دحيم : مات بالشام ، وأدركه عبد الملك بن مروان ، فسأله عن سنّه ، فقال : أنا أسنّ من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وكذا قال عبد الرحمن بن سعيد وغيره.

__________________

(١) انظر عن (قباث بن أشيم) في :

طبقات خليفة ٣٠ ، والتاريخ الكبير ٧ / ١٩٢ ، ١٩٣ رقم ٨٥٦ ، وتاريخ خليفة ٥٢ ، والجرح والتعديل ٧ / ١٤٣ رقم ٧٩٧ ، وتاريخ أبي زرعة ١ / ٧٠ ، وطبقات ابن سعد ٧ / ٤١١ ، وتاريخ الطبري ٢ / ١٥٥ و ٣ / ٣٩٧ و ٤٠٤ و ٤٠٥ و ٤ / ٣٩٠ ، والمغازي للواقدي ٩٧ ، ٩٨ ، والمعجم الكبير ١٩ / ٣٥ ـ ٣٧ ، والكامل في التاريخ ٢ / ٤١٢ ، وأسد الغابة ٤ / ١٨٩ ، ١٩٠ ، والاستيعاب ٣ / ١٦٨ ـ ٢٧٠ ، وفتوح الشام للأزدي ١٨٩ ، وتحفة الأشراف ٨ / ٢٧٣ ، ٢٧٤ رقم ٤٤٣ ، وتهذيب الكمال ٢ / ١١١٨ ، والمستدرك ٣ / ٦٢٥ ، وتلخيص المستدرك ٣ / ٦٢٥ ، ٦٢٦ ، وتاريخ الإسلام (السيرة النبويّة) ٢٣ ، ٢٤ ، و (عهد الخلفاء الراشدين) ١٤٢ ، والكاشف ٢ / ٣٤٠ رقم ٤٦١١ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٤٢ ، ٣٤٣ رقم ٦٢٣ ، وتقريب التهذيب ٢ / ١٢٢ رقم ٦٩ ، والإصابة ٣ / ٢٢١ ، ٢٢٢ رقم ٧٠٥٦ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٣١٤.

(٢) في الطبقات ٧ / ٤١١.

٢٠٧

وقال إبراهيم بن المنذر : ثنا عبد العزيز بن أبي ثابت ، ثنا الزبير بن موسى ، عن أبي الحويرث : سمعت عبد الملك بن مروان يقول لقباث بن أشيم اللّيثي : يا قباث ، أنت أكبر أم رسول الله؟ قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أكبر ، وأنا أسنّ منه ، ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عام الفيل ووقفت بي أمّي على روث الفيل محيلا (١) أعقله (٢).

اسم أبي الحويرث عبد الملك بن معاوية.

وروى سفيان بن حسين الواسطي ، عن خالد بن دريك ، عن قباث قال : انهزمت يوم بدر ، فقلت في نفسي : لم ير مثل هذا اليوم قطّ ، فلما أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأستأمنه قال : قلت : لم أر مثل أمر الله قطّ فرّ منه إلّا النّساء (٣) ، فقلت : أشهد أنّك رسول الله ، ما ترمرمت به شفتاي ، وما كان إلّا شيء عرض لي في نفسي.

٨٤ ـ قبيصة بن جابر (٤) ن

ابن وهب بن مالك الأسدي الكوفي ، أبو العلاء ، من كبار التابعين.

__________________

(١) في أسد الغابة : أخضر محيلا. والمحيل : المتغيّر.

(٢) سبق تخريج هذا الحديث في الجزء الخاص بالسيرة النبويّة من هذا التاريخ. انظر ص ٢٣ ، ٢٤.

(٣) في أسد الغابة : أنت الّذي قلت : لو خرجت نساء قريش بأكمتها ردّت محمدا وأصحابه.

قال : والّذي بعثك بالحقّ ما تحرّك به لساني ولا ترمرمت به شفتاي ...

(٤) انظر عن (قبيصة بن جابر) في :

طبقات ابن سعد ٦ / ١٤٥ ، وتاريخ خليفة ٢٦٨ ، وطبقات خليفة ١٤١ و ١٥٢ ، والتاريخ الكبير ٧ / ١٧٥ ، ١٧٦ رقم ٧٨٥ ، وتاريخ أبي زرعة ١ / ٥٩٢ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٤٥٧ ـ ٤٥٩ و ٣ / ٣١٣ ، والجرح والتعديل ٧ / ١٢٥ رقم ٧١٢ ، وتاريخ الثقات للعجلي ٣٨٨ رقم ١٣٧٦ ، والثقات لابن حبّان ٥ / ٣١٨ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٨٢ ، ومشاهير علماء الأمصار ١٠٦ رقم ٨٠٠ ، وأنساب الأشراف ق ٤ ج ١ / ٤٢ و ١١٩ و ٢٧٩ و ٥٣٤ ، وتاريخ الطبري ٣ / ٥٧٩ و ٥٨٠ و ٥ / ٣٣٧ ، والمحبّر ٢٣٥ و ٣٧٩ ، وأسد الغابة ٤ / ١٩١ ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٥٥ ، ٥٦ رقم ٦٣ ، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) ١٢٩ و ١٣٤ و ٥٢٦ ، والكاشف ٢ / ٣٤٠ رقم ٤٦١٣ ، وتهذيب الكمال ٢ / ١١١٩ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٤٤ ، ٣٤٥ رقم ٦٢٦ ، وتقريب التهذيب ٢ / ١٢٢ رقم ٧٢ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٣١٤ ، والكنى والأسماء للدولابي ٢ / ٤٩.

٢٠٨

روى عن : عمر ، وعبد الله بن مسعود ، وطلحة بن عبيد الله ، وعمرو بن العاص ، وجماعة.

روى عنه : الشعبيّ ، والعريان بن الهيثم ، وعبد الملك بن عمير.

وشهد خطبة عمر بالجابية ، وكان أخا معاوية من الرضاعة وقد وفد عليه ، وكان كاتب سعيد بن العاص بالكوفة ، وكان يعدّ من الفصحاء.

وقال ابن سعد (١) : كان ثقة له أحاديث.

وروى محمد بن عبّاد ، عن ابن عيينة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن قبيصة قال : ألا أخبركم عمّن صحبت؟ صحبت عمر رضي‌الله‌عنه ، فما رأيت أحدا أفقه في كتاب الله منه ، ولا أحسن مدارسة منه ، وصحبت طلحة بن عبيد الله ، فما رأيت أحدا أعطى لجزيل منه عن غير مسألة ، وصحبت عمرو بن العاص ، فما رأيت أحدا أنصع ظرفا منه ، وصحبت معاوية ، فما رأيت أحدا أكثر حلما ولا أبعد أناة منه ، وصحبت زيادا ، فما رأيت أكرم جليسا منه ، وصحبت المغيرة بن شعبة ، فلو أنّ مدينة لها أبواب لا يخرج من كلّ باب منها إلّا بالمكر لخرج من أبوابها كلّها (٢).

قال خليفة (٣) : مات قبيصة سنة تسع وستّين.

٨٥ ـ قيس بن ذريح (٤)

أبو يزيد اللّيثي الشاعر المشهور ، من بادية الحجاز ، وهو الّذي كان

__________________

(١) في الطبقات ٦ / ١٤٥.

(٢) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٢١٥ ، وأنساب الأشراف ق ٤ ج ١ / ١٠٢ رقم ٣١٢ (وفيه : قبيصة بن ذؤيب) و ١١٩ رقم ٣٤٧ ، وتهذيب تاريخ دمشق ٥ / ٤١٣ ، والبداية والنهاية ٨ / ١٣٥ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ٢١ و ٤٩ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٤٥ ، والنجوم الزاهرة ١ / ٦٤ و ٧٢ ، وسراج الملوك للطرطوشي ـ طبعة مصر ١٩٣٥ ـ ص ١٢٧ ، والبصائر والذخائر لأبي حيّان ٣ / ٣٣٧ ، ٣٣٨.

(٣) في طبقاته ١٤١ ، وفي تاريخه يذكر وفاته سنة ٧٢ ه‍.

(٤) انظر عن (قيس بن ذريح) في :

الشعر والشعراء ٤٧٥ وترجمته ٥٢٤ ، ٥٢٥ رقم ١١٦ ، وأمالي القالي ١ / ١٣٦ و ١٨٧ =

٢٠٩

يشبّب بأمّ معمر لبني بنت الحباب الكعبيّة ، ثم إنّه تزوّج بها ، وقيل إنّه كان أخا الحسين رضي‌الله‌عنه من الرّضاعة.

قال ثعلب : ثنا عبد الله بن شبيب ، ثنا موسى بن عيسى الجعفري : أخبرني عيسى بن أبي جهمة الليثي ، وكان مسنّا ، قال : كان قيس بن ذريح رجلا منّا ، وكان ظريفا شاعرا ، وكان يكون بقديد بسرف وبوادي مكّة ، وخطب لبني من خزاعة ، ثمّ من بني كعب فتزوّجها وأعجب بها ، وبلغت عنده الغاية ، ثم وقع بين أمّه وبينها فأبغضتها ، وناشدت قيسا في طلاقها ، فأبى ، فكلّمت أباه ، فأمره بطلاقها ، فأبى عليه ، فقال : لا جمعني وإيّاك سقف أبدا حتى تطلّقها ، ثم خرج في يوم قيظ فقال : لا أستظلّ حتى تطلّقها ، فطلّقها وقال : أما إنه آخر عهدك بي ، ثم إنّه اشتدّ عليه فراقها وجهد وضمر ، ولما طلّقها أتاها رجالها يتحمّلونها ، فسأل : متى هم راحلون؟ قالوا : غدا نمضي ، فقال :

وقالوا غدا أو بعد ذاك ثلاثة

فراق حبيب لم يبن وهو بائن

فما كنت أخشى أن تكون منيّتي

بكفّي إلّا أنّ ما حان حائن (١)

ثم جعل يأتي منزلها ويبكي ، فلاموه ، فقال :

كيف السّلوّ ولا أزال أرى لها

ربعا كحاشية اليماني المخلّق

 __________________

= و ٢ / ٧٥ و ٧٦ و ١٧٦ و ٢١٩ و ٣١٤ والذيل ٥٢ ، وأخبار القضاة ١ / ١٢٨ و ٣ / ١٠٥ ، ومروج الذهب ٣٠٤٩ ـ ٣٠٥٢ ، والأغاني ٩ / ١٨٠ ـ ٢٢٠ ، والمؤتلف والمختلف للآمدي ١٢٠ ، والموشّح للمرزباني ـ طبعة السلفية بمصر ٢٠٧ ، ووفيات الأعيان ٦ / ٣٧١ ، ٣٧٢ ، والمنازل والديار لابن منقذ ١ / ٣٥٣ و ٢ / ٦٨ و ١٢٨ و ١٥٧ و ٢٣٤ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ٥٣٤ ، ٥٣٥ رقم ١٤٠ ، وسمط اللآلي ٣٧٩ و ٧٠١ و ٧١٠ ، وتاريخ دمشق ١٤ / ٢٢١ أ ، وفوات الوفيات ٣ / ٢٠٤ ـ ٢٠٨ رقم ٤٠٠ ، والبداية والنهاية ٨ / ٣١٣ ، والنجوم الزاهرة ١ / ١٨٢ ، والتذكرة السعدية ٣٤٦ ـ ٣٤٨ و ٣٥١ و ٣٥٣ و ٣٦٨ ، والحماسة البصرية لابن أبي الفرج البصري (ت ٦٥٩ ه‍.) طبعة حيدرآباد ١٣٨٣ ه‍. ـ ١٩٦٤ م ـ ج ٢ / ١٩٨ ، وتزيين الأسواق ١ / ٥٣ و ٦٢ ، وعصر المأمون ٢ / ١٥٢ ، ورغبة الآمل ٥ / ٢٤٢ ، ومعجم الشعراء في لسان العرب ٣٣٧ ، ٣٣٨ رقم ٨٦٩ ، وتاريخ الأدب العربيّ ١ / ١٩٤ و ٢٠٠ و ٢٠١ ، والمثلّث للبطليوسي ٢ / ٣٥.

(١) البيتان في الأغاني ٩ / ١٨٥ ، وفوات الوفيات ٣ / ٢٠٧.

٢١٠

 ربعا لواضحة الجبين به في عزّة

كالشمس إذ طلعت رخيم المنطق

قد كنت أعهدها به في عزّة

والعيش صاف والعدي لم تنطق

حتى إذا هتفوا وأذّن فيهم

داعي الشّتات برحلة وتفرّق

خلت الدّيار فزرتها فكأنّني

ذو حيّة من سمّها لم يفرق (١)

وهو القائل :

وكلّ ملمّات الزّمان وجدتها

سوى فرقة الأحباب هيّنة الخطب (٢)

ومن شعره :

ولو أنّني أسطيع صبرا وسلوة

تناسيت لبني غير ما مضمر حقدا

ولكنّ قلبي قد تقسّمه الهوى

شتاتا فما ألفى صبورا ولا جلدا

سل اللّيل عنّي كيف أرعى نجومه

وكيف أقاسي الهمّ مستخليا فردا

كأنّ هبوب الرّيح من نحو أرضكم

تثير قناة المسك والعنبر النّدا

وعن أبي عمرو الشيبانيّ قال : خرج قيس بن ذريح إلى معاوية فامتدحه ، فأدناه وأمر له بخمسة آلاف درهم ومائتي وقال : كيف وجدك بلبني؟ قال : أشدّ وجد ، قال : فترضى زواجها؟ قال : ما لي في ذلك من حاجة قال : فما حاجتك؟ قال : تأذن لي في الإلمام بها ، وتكتب إلى عاملك ، فقد خشيت أن يفرّق الموت بيني وبين ذلك ، وأنشده :

أضوء سنا برق بدا لك لمعه

بذي الأثل من أجراع بثنة ترقب

نعم إنّني صبّ هناك موكل

بمن ليس يدنّيني ولا يتقرّب

مرضت فجاءوا بالمعالج والرّقى

وقالوا : بصير بالدواء مجرّب

فلم يغن عنّي ما يعقد طائلا

ولا ما يمنّيني الطبيب المجرّب

وقال أناس والظّنون كثيرة

وأعلم شيء بالهوى من يجرّب

ألا إنّ في اليأس المفرّق راحة

سيسليك عمّن نفعه عنك يعزب

فكلّ الّذي قالوا بلوت فلم أجد

لذي الشجو أشفى من هوى حين يقرب

 __________________

(١) انظر الحكاية وأبياتا أخرى في : الأغاني ٩ / ١٨١ ـ ١٨٥.

(٢) البيت في : الأغاني ٩ / ١٨٩ ، ومجالس ثعلب ١ / ٢٣٧ ، وحماسة أبي تمّام بشرح التبريزي ٣ / ٢٢٢.

٢١١

عليها سلام الله ما هبّت الصّبا

وما لاح وهنا في دجى اللّيل كوكب

فلست بمبتاع وصالا بوصلها

ولست بمفش سرّها حين أغضب

وقال :

يقولون لبني فتنة ، كنت قبلها

بخير فلا تندم عليها وطلّق

فطاوعت أعدائي وعاصيت ناصحيّ

وأقررت عين الشامت المتخلّق (١)

وددت وبيت الله أنّي عصيتهم

وحملت في رضوانها كلّ موبق (٢).

وكلّفت خوض البحر والبحر زاخر

أبيت على أثباج موج مغرّق

كأنّي أرى النّاس المحبّين بعدها

عصارة ماء الحنظل المتفلّق

فتنكر عيني بعدها كلّ منظر

ويكره سمعي بعدها كلّ منطق (٣)

فقال معاوية : هذا وأبيك الحبّ ، وأذن له في زيارتها ، فسار حتى نزل على امرأة بالمدينة يقال لها بريكة ، وأهدى لها وللبنى هدايا وألطافا ، وأخبرها بكتاب معاوية ، فقالت : يا بن عمّ ما تريد إلى الشهرة ، فأقام أياما ، فبلغ زوج لبني قدومه ، فمنع لبني بريكة ، وأيس قيس من لقائها ، فبقي متردّدا في كتاب معاوية ، فرآه ابن أبي عتيق يوما ، فقال : يا أعرابيّ ما لي أراك متحيّرا؟ قال : دعني بارك الله فيك ، قال : أخبرني بشأنك ، فإنّي على ما تريد ، وألحّ عليه ، فأخبره وقال : لا أراني إلّا في طلب مثلك ، وانطلق به ، فأقام عنده ليلة يحدّثه وينشده ، فلما أصبح ابن أبي عتيق ركب فأتى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقال : فداك أبي وأمّي ، اركب معي في حاجة ، فركب معه ، واستنهض ثلاثة أو أربعة من وجوه قريش ، ولا يدرون ما يريد ، حتى أتى بهم باب زوج لبني ، فخرج فإذا وجوه قريش ، فقال : جعلني الله فداكم ، ما جاء بكم؟ قالوا : حاجة لابن أبي عتيق استعان بنا عليك ، فقال : اشهدوا أنّ حكمه جائز عليّ ، فقال ابن أبي عتيق : اشهدوا أنّ امرأته لبني منه طالق ، فأخذ عبد الله بن جعفر برأسه ثم قال : لهذا جئت بنا! فقال : جعلت فداكم ، يطلّق هذا امرأته ويتزوّج

__________________

(١) المتخلّق : الّذي يتكلّف ما ليس في خلقه.

(٢) في طبعة القدسي ٦٢ «موثق».

(٣) الأبيات في : الأغاني ٩ / ١٨٥.

٢١٢

بغيرها خير من أن يموت رجل مسلم ، فقال عبد الله : أمّا إذ فعل ما فعل فله عليّ عشرة آلاف درهم ، فقال ابن أبي عتيق : والله لا أبرح حتى تنقل متاعها ، ففعلت ، وأقامت في أهلها ، حتى انقضت عدّتها وتزوّج بها قيس ، وبقيا دهرا بأرغد عيش ، فقال قيس :

جزى الرحمن أفضل ما يجازي

على الإحسان خيرا من صديق

فقد جرّبت إخواني جميعا

فما ألفيت كابن أبي عتيق

سعى في جمع شملي بعد صدع

ورأي حدت (١) فيه عن الطريق

وأطفأ لوعة كانت بقلبي

أغصَّتني حرارتها بريقي (٢)

هذه رواية.

وقال سليمان بن أبي شيخ : ثنا أيّوب بن عباية قال : خرج قيس بن ذريح إلى المدينة يبيع ناقة ، فاشتراها زوج لبني وهو لا يعرفه ، فقال لقيس : انطلق معي لتأخذ الثمن ، فمضى معه ، فلمّا فتح الباب إذا لبني استقبلت قيسا ، فلما رآها ولّى هاربا ، واتّبعه الرجل بالثمن ، فقال : لا تركب لي مطيّتين أبدا ، قال : وأنت قيس بن ذريح؟ قال : نعم ، قال : هذه لبني ، فقف حتى أخيّرها ، فإن اختارتك طلّقتها ، وظنّ الزوج أنّ له في قلبها موضعا ، فخيّرت فاختارت قيسا ، فطلّقها فماتت في العدّة (٣).

ولقد قيل لقيس : إنّ ممّا يسليك عنها ذكر معايبها ، فقال :

إذا عبتها شبّهتها البدر طالعا

وحسبك من عيب بها شبه البدر

لها كفل يرتجّ منها إذا مشت

ومتن كغصن البان مضطمر الخصر (٤)

ولقيس :

أريد سلوّا عن لبينى وذكرها

فيأبى فؤادي المستهام المتيّم

 __________________

(١) في طبعة القدسي «جرت» ، وهو تحريف.

(٢) الأبيات في : الأغاني ٩ / ٢٢٠.

(٣) انظر : الأغاني ٩ / ٢٠٥.

(٤) البيتان في الأغاني ٩ / ٩٥ والأول منهما بلفظ :

إذا ما مشت شبرا من الأرض أرجفت

من البهر حتى ما تزيد على شبر

٢١٣

 إذا قلت أسلوها تعرّض ذكرها

وعاودني من ذاك ما الله أعلم

صحا كلّ ذي ودّ علمت مكانه

سواي فإنّي ذاهب العقل مغرم

وله :

هل الحبّ إلّا عبرة بعد زفرة

وحز على الأحشاء ليس له برد

وفيض دموع تستهلّ إذا بدا

لنا علم من أرضكم لم يكن يبدو (١)

٨٦ ـ قيس بن السكن (٢) ـ م ن ـ الأسدي الكوفي.

سمع : عبد الله بن مسعود ، والأشعث بن قيس.

روى عنه : عمارة بن عمير ، وسعد بن عبيدة ، والمنهال بن عمرو ، وأبو إسحاق.

قال ابن معين : ثقة.

وقال أبو حاتم (٣) : توفّي في زمن مصعب.

٨٧ ـ قيس المجنون (٤)

ومن به يقاس المحبّون. هو قيس بن الملوّح بن مزاحم. وقيل :

__________________

(١) البيتان في الأغاني ٩ / ١٩٦.

(٢) انظر عن (قيس بن السكن) في :

طبقات ابن سعد ٦ / ١٧٦ ، وطبقات خليفة ٩٢ و ١٤٠ ، والتاريخ الكبير ٧ / ١٤٥ ، ١٤٦ رقم ٦٤٩ ، والجرح والتعديل ٧ / ٩٨ ، ٩٩ رقم ٥٥٧ ، ومشاهير علماء الأمصار ١٠٣ رقم ٧٦٧ ، والكاشف ٢ / ٣٤٨ رقم ٤٦٧٤ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٩٧ ، ٣٩٨ رقم ٧٠٣ ، وتقريب التهذيب ٢ / ١٢٩ رقم ١٤٥ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٣١٧ ، وتهذيب الكمال ٢ / ١١٣٥.

(٣) في الجرح والتعديل ٧ / ٩٨.

(٤) انظر عن (قيس المجنون) في :

الشعر والشعراء ٢ / ٤٦٧ ـ ٤٧٧ رقم ١٠ ، والمؤتلف والمختلف ١٨٨ ، ومعجم الشعراء للمرزباني ٤٧٦ ، والأغاني ٢ / ١ ـ ٩٥ ، وسمط اللآلي ٣٥٠ ، وجمهرة أنساب العرب ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، والمنازل والديار ١ / ٥١ و ١٢٩ و ١٦٤ و ١٨١ و ٣٥٤ و ٧ / ٣ و ٢ / ١٦ و ٤٦ و ١٣٤ و ١٤٧ و ١٦٤ و ٢٣٢ و ٣٥٤ ، ولباب الآداب ٤١٠ و ٤١١ و ٤١٣ ـ ٤١٥ ، ونشوار المحاضرة ٥ / ١٠٢ ، وسرح العيون ١٩٥ ، وشرح الشواهد ٢٣٨ ، وفوات الوفيات ٣ / ٢٠٨ ـ ٢١٣ رقم ٤٠١ ، والتذكرة السعدية ٣٤٩ و ٣٥٥ و ٣٦٤ و ٣٦٥ ، وسير أعلام النبلاء ٤ / ٥ ـ ٧ رقم ١ ، =

٢١٤

قيس بن معاذ ، وقيل : اسمه البحتريّ (١) بن الجعد ، وقيل غير ذلك ، وهو مجنون ليلى بنت مهدي أم مالك العامريّة ، وهو من بني عامر بن صعصعة ، وقيل : من بني كعب بن سعد.

سمعنا أخباره في جزء ألّفه ابن المرزبان ، وقد أنكر بعض الناس ليلى والمجنون ، وهذا دفع بالصّدر ، فليس من لا يعلم حجّة على من علم ، ولا المثبت كالنّافي ، فعن لقيط بن بكير المحاربي : أنّ المجنون علق ليلى علاقة الصّبا ، وذلك لأنّهما كانا صغيرين يرعيان أغناما لقومهما ، فعلق كلّ واحد منهما الآخر ، وكبرا على ذلك ، فلما كبرا حجبت عنه ، فزال عقله ، وفي ذلك يقول :

تعلّقت ليلى وهي ذات ذؤابة

ولم يبد للأتراب من ثديها حجم

صغيرين نرعى البهم يا ليت أنّنا

إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم (٢)

وذكر ابن دأب (٣) ، عن رباح بن حبيب العامريّ قال : كان في بني عامر جارية من أجمل النساء ، لها عقل وأدب ، يقال لها ليلى بنت مهدي ، فبلغ المجنون خبرها ، وكان صبّا بمحادثة النساء ، فلبس حلّة ثم جلس إليها وتحادثا ، فوقعت بقلبه ، فظلّ يومه يحادثها ، فانصرف فبات بأطول ليلة ، ثم بكّر إليها فلم يزل عندها حتى أمسى ، ولم تغمض له تلك الليلة عين ، فأنشأ يقول :

نهاري نهار الناس حتى إذا بدا

لي الليل هزّتني إليك المضاجع

 __________________

= والنجوم الزاهرة ١ / ١٧٠ ، وتزيين الأسواق ١ / ٩٧ ، وثمار القلوب ١١١ رقم ١٥٨ ، وأمالي القالي ١ / ١٣٦ و ١٣٧ و ١٦٢ و ٢٠٣ و ٢٠٧ و ٢٠٨ و ٢١٥ و ٢١٦ و ٢٢١ و ٢ / ٦١ و ٢٦٢ و ٣ / ٦٣ والذيل ٤٧ و ١١٨ ، وشذرات الذهب ١ / ٢٧٧ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٧٠ ، وتاريخ الأدب العربيّ ١ / ١٩٩ ، ومعجم الشعراء في لسان العرب ٣٤٢ رقم ٨٧٨ ، وديوانه بتحقيق عبد الستار فرّاج ، ونشوار المحاضرة ٥ / ١١٠٨ ، وبدائع البدائه ٣٢ رقم ١٠٩ ، ١٩.

(١) في طبعة القدسي ٦٤ «البحتري» وهو تحريف.

(٢) البيتان باختلاف بعض الألفاظ في : الديوان ٢٣٨ ، والأغاني ٢ / ١١ و ١٢ ، والشعر والشعراء ٢ / ٤٦٨ ، وسير أعلام النبلاء ٤ / ٦.

(٣) ابن دأب : بتشديد الهمزة المضمومة. هو : عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب. كان عالما بأخبار العرب وأشعارهم ، وشاعرا ، انظر عنه في كتاب «التاج» للجاحظ ١١٦ ، ١١٧.

٢١٥

أقضّي نهاري بالحديث وبالمنى

ويجمعني والهمّ بالليل جامع (١)

ووقع في قلبها مثل الّذي وقع بقلبه ، فجاء يوما يحدّثها ، فجعلت تعرض عنه ، تريد أن تمتحنه ، فجزع واشتدّ عليه ، فخافت عليه وقالت :

كلانا مظهر للناس بغضا

وكلّ عند صاحبه مكين (٢)

فسرّي عنه ، وقالت : إنّما أردت أن أمتحنك ، وأنا معطية لله عهدا : لا جالست بعد اليوم أحدا سواك ، فانصرف وأنشأ يقول :

أظنّ هواها تاركي بمضلّة

من الأرض لا مال لديّ ولا أهل

ولا أحد أفضي إليه وصيّتي

ولا وارث إلّا المطيّة والرّحل

محا حبّها حبّ الألى كنّ قبلها

وحلّت مكانا لم يكن حلّ من قبل (٣)

قلت : ثمّ اشتدّ بلاؤه بها ، وشغفته حبّا ، ووسوس في عقله ، فذكر أبو عبيدة : أنّ المجنون كان يجلس في نادي قومه وهم يتحدّثون ، فيقبل عليه بعضهم ، وهو باهت ينظر إليه لا يفهم ما يحدّث به ، ثم يثوب إليه عقله ، فيسأل عن الحديث فلا يعرفه ، حتى قال له رجل : إنّك لمخبول ، فقال :

إنّي لأجلس في النادي أحدّثهم

فأستفيق وقد غالتني الغول

يهوي بقلبي حديث النّفس نحوكم

حتى يقول جليسي أنت مخبول

قال أبو عبيدة : فتزايد به الأمر حتى فقد عقله ، فكان لا يقرّ في موضع ، ولا يؤويه رحل ، ولا يعلوه ثوب ، إلّا مزّقه ، وصار لا يفهم شيئا ممّا يكلّم به إلّا أن تذكر له ليلى فإذا ذكرت له أتى بالبدائه.

وقد قيل : إنّ قوم ليلى شكوا منه إلى السلطان ، فأهدر دمه ، ثم إنّ قومها ترحّلوا من تلك الناحية ، فأشرف فرأى ديارهم بلاقع ، فقصد منزلها ، وألصق صدره به ، وجعل يمرّغ خدّيه على التراب ويقول :

__________________

(١) الأغاني ٢ / ٤٥.

(٢) الأغاني ٢ / ١٤ ، و ١٦ ، و ٣١ ، الشعر والشعراء ٢ / ٤٦٩ ، فوات الوفيات ٣ / ٢٠٩.

(٣) الأغاني ٢ / ٤٦ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٦.

٢١٦

 أيا حرجات الحيّ حيث (١)

تحمّلوا بذي سلم لاجادكنّ ربيع

وخيماتك اللّاتي بمنعرج اللّوى

بلين بلى لم تبلهنّ ربوع

ندمت على ما كان منّي ندامة

كما ندم المغبون حين يبيع (٢)

قال ابن المرزبان : قال أبو عمرو الشيبانيّ : لما ظهر من المجنون ما ظهر ، ورأى قومه ما ابتلي به اجتمعوا إلى أبيه وقالوا : يا هذا ، ترى ما بابنك ، فلو خرجت ، به إلى مكة فعاذ ببيت الله ، وزار قبر رسوله ، ودعا الله رجونا أن يعافى ، فخرج به أبوه حتى أتى مكّة ، فجعل يطوف به ويدعو له ، وهو يقول :

دعا المحرمون الله يستغفرونه

بمكّة وهنا أن تحط ذنوبها (٣)

فناديت أن يا ربّ أوّل سؤلتي (٤)

لنفسي ليلى (٥) ثم أنت حسيبها

فإن أعط ليلى في حياتي لا يتب

إلى الله خلق توبة لا أتوبها (٦)

حتى إذا كان بمنى نادى مناد من بعض تلك الخيام : يا ليلى ، فخرّ مغشيّا عليه ، واجتمع الناس حوله ، ونضحوا على وجهه الماء ، وأبوه يبكي ، فأفاق وهو يقول :

وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى

فهيّج أطراف (٧) الفؤاد وما يدري

دعا باسم ليلى غيرها فكأنّما

أطار بليلى طائرا كان في صدري (٨)

ونقل ابن الأعرابيّ قال : لما شبّب المجنون بليلى وشهر بحبّها اجتمع أهلها ومنعوه منها ومن زيارتها ، وتوعّدوه بالقتل ، وكان يأتي امرأة تتعرّف له خبرها ، فنهوا تلك المرأة ، وكان يأتي غفلات الحيّ في الليل ، فسار أبو ليلى

__________________

(١) في الديوان : ١٩٠ «حين».

(٢) الديوان ١٩٠ ، الأغاني ٢ / ٢٧ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٦ ، ٧.

(٣) في الشعر والشعراء : «بمكة ليلا أن تمحّى ذنوبها».

(٤) في الشعر والشعراء «سالتي».

(٥) في طبعة القدسي ٦٦ «ليلى».

(٦) الديوان ٦٧ ، الشعر والشعراء ٢ / ٤٧٣ ، ٤٧٤ ، خزانة الأدب ٤ / ٥٩٣ ، والمثلث ٢ / ٤٢٤ ، ولسان العرب ٢٠ / ٣٧٠.

(٧) في الشعر والشعراء : «أحزان». وكذا في الأغاني.

(٨) الشعر والشعراء ٢ / ٤٧٢ ، الأغاني ٢ / ٥٥.

٢١٧

في نفر من قومه ، فشكوا إلى مروان ما ينالهم من قيس بن الملوّح ، وسألوه الكتاب إلى عامله عليهم يمنعه عنهم ويتهدّده ، فإن لم ينته أهدر دمه ، فلما ورد الكتاب على عامل مروان ، بعث إلى قيس وأبيه وأهل بيته ، فجمعهم وقرأ عليهم الكتاب ، وقال لقيس : اتّق الله في نفسك ، فانصرف وهو يقول :

ألا حجبت ليلى وآلى أميرها

عليّ يمينا جاهدا لا أزورها

وأوعدني فيها رجال أبوهم

أبي وأبوها خشّنت (١) لي صدورها

على غير شيء (٢) غير أنّي أحبّها

وأنّ فؤادي عند ليلى أسيرها (٣)

فلما يئس منها صار شبيها بالتّائه ، وأحبّ الخلوة وحديث النفس ، وجزعت هي أيضا لفراقه وضنيت (٤).

ويروى أنّ أبا المجنون قيّده ، فجعل يأكل لحم ذراعيه ويضرب بنفسه ، فأطلقه ، فكان يدور في الفلاة عريانا.

وله :

كأنّ القلب ليلة قيل يغدى

بليلى العامريّة أو يراح

قطاة عزّها (٥) شرك فباتت

تجاذبه وقد علق الجناح (٦)

وقيل : إنّ ليلى زوّجت ، فجاء المجنون إلى زوجها فقال :

بربّك هل ضممت إليك ليلى

قبيل الصّبح أو قبّلت فاها

وهل رفّت عليك قرون ليلى (٧)

فقال : اللهمّ إذ حلّفتني فنعم ، وكان بين يدي الزّوج نار يصطلي بها ،

__________________

(١) في طبعة القدسي ٦٧ «حشيت» ، والتصحيح عن الأغاني.

(٢) في الأغاني : «جرم».

(٣) في الأغاني ٢ / ٦٨ «وأنّ فؤادي رهنها وأسيرها».

(٤) القصة في : نشوار المحاضرة ٥ / ١٠٨ ، ١٠٩ ، والأغاني ٢ / ٦٨ ، و ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، وذم الهوى لابن الجوزي ـ طبعة مصر ـ ص ٣٨٨ ، ومصارع العشاق للسراج ٢ / ٢٨٧.

(٥) في طبعة القدسي ٦٧ «غرها» ، والتصحيح من الأغاني. و «عزّها» : غلبها.

(٦) الأغاني ٢ / ٤٨.

(٧) الأغاني ٢ / ٢٤ ، خزانة الأدب ٤ / ٢١٠ و ٢١١ و ٢١٣.

٢١٨

فقبض المجنون بكلتي يديه من الجمر ، فلم يزل حتى سقط مغشيّا عليه (١).

وكانت له داية يأنس بها ، فكانت تحمل إليه إلى الصحراء رغيفا وكوزا ، فربّما أكل وربّما تركه ، حتى جاءته يوما فوجدته ملقى بين الأحجار ميتا ، فاحتملوه إلى الحيّ فغسّلوه ودفنوه ، وكثر بكاء النّساء والشباب عليه ، واشتدّ نشيجهم (٢).

قال ابن الجوزي في «المنتظم» (٣) : روينا أنّه كان يهم في البرّيّة مع الوحش يأكل من بقل الأرض ، وطال شعره ، وألفه الوحش ، وسار حتى بلغ حدود الشام ، فكان إذا ثاب إليه عقله ، سأل من يمرّ من أحياء العرب عن نجد ، فيقال له : أين أنت من نجد ، أنت قد شارفت الشام ، فيقول : أروني الطريق ، فيدلّونه (٤).

وشعر المجنون كثير سائر ، وهو في الطبقة العليا في الحسن والرّقّة ، وكان معاصرا لقيس بن ذريح صاحب لبني ، وكان في إمرة ابن الزبير ، والله أعلم.

__________________

(١) الأغاني ٢ / ٢٥.

(٢) انظر : الأغاني ٢ / ٩٠.

(٣) في القسم الّذي لم ينشر بعد.

(٤) انظر : الأغاني ٢ / ٥٢.

٢١٩

[حرف الكاف]

٨٨ ـ كثير بن أفلح (١) ـ ن ـ مولى أيّوب الأنصاري ، أحد كتّاب المصاحف التي أرسلها عثمان إلى الأمصار.

روى عن : عثمان ، وأبيّ بن كعب.

روى عنه : محمد بن سيرين.

وقال النّسائي : روى عنه الزهري مرسلا لم يلحقه ، فإنّ كثيرا أصيب يوم الحرّة ، وروى عنه ابنه.

__________________

(١) انظر عن (كثير بن أفلح) في :

طبقات ابن سعد ٥ / ١٩٨ ، والتاريخ الصغير ٦٥ ، والتاريخ الكبير ٧ / ٢٠٧ رقم ٩٠٤ ، وطبقات خليفة ٢٣٩ و ٢٥٢ ، وتاريخ خليفة ٢٥٠ ، وتاريخ الثقات ٣٩٦ رقم ١٤٠٥ ، والثقات لابن حبان ٥ / ٣٣٠ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٤١٨ و ٦٤١ ، والجرح والتعديل ٧ / ١٤٩ رقم ٨٣٣ ، ومشاهير علماء الأمصار ٧١ رقم ٤٩٤ ، والكاشف ٣ / ٣ رقم ٤٦٩٧ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٤١١ ، ٤١٢ رقم ٧٣٦ ، وتقريب التهذيب ٢ / ١٣١ رقم ٤ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٣١٩ ، وتهذيب الكمال ٣ / ١١٤١.

٢٢٠