تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٤

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

أغضب عثمان عمر ، فقبض من حصباء المسجد قبضة ضرب بها وجه عثمان ، فشجّ الحصى بجبهته آثارا من شجاج ، فلما رأى عمر كثرة تسرّب الدم على لحيته قال : امسح عنك الدم ، فقال : يا أمير المؤمنين لا يهولنّك ، فو الله إنّي لأنتهك ما ولّيتني أمره من رعيّتك أكثر مما انتهكت منّي ، فأعجب بها عمر من رأيه وحلمه وزاد به عنده خيرا.

عثمان بن طلحة (١) ، ـ م د ـ بن أبي طلحة عبد الله بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار بن قصيّ القرشي العبدري الحجبي.

حاجب الكعبة ، هاجر مع عمرو بن العاص وخالد ثم سكن مكة.

روى عنه : ابن عمر ، وعروة بن الزبير ، وابن عمّه شيبة بن عثمان ، وغيرهم.

ودفع إليه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مفتاح الكعبة يوم الفتح (٢).

__________________

(١) انظر عن عثمان بن طلحة في :

مسند أحمد ٣ / ٤١٠ ، وطبقات خليفة ١٤ و ٢٧٧ ، وتاريخ خليفة ٢٠٥ ، ونسب قريش ٢٥١ و ٤٠٩ ، وتاريخ الطبري ٣ / ٢٩ و ٣١ ، وفتوح البلدان ٩٣ ، وأنساب الأشراف ١ / ٥٣ و ٢٥٨ و ٣٦١ و ٣٨٠ ، ومشاهير علماء الأمصار ٢٧ رقم ١٣٠ ، والاستيعاب ٣ / ٩٢ ، ٩٣ وسيرة ابن هشام ٣ / ٢٢٣ ، والمغازي للواقدي ٦٦١ و ٧٤٤ و ٧٤٥ و ٧٤٨ و ٧٤٩ و ٨٣٣ ـ ٨٣٥ و ٨٣٧ و ٨٣٨ و ١١٠٠ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٢٧٢ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ١٠٥ رقم ٢٩٢ ، والمعارف ٧٠ و ٢٦٧ و ٥٧٥ ، والتاريخ الكبير ٦ / ٢١١ ، ٢١٢ رقم ٢١٩٤ ، والجرح والتعديل ٦ / ١٥٥ رقم ٨٥١ ، والمنتخب من ذيل المذيّل ٥٥٦ ، والطبقات الكبرى ٥ / ٤٤٨ ، والمعجم الكبير ٩ / ٥٣ ـ ٥٥ ، وجمهرة أنساب العرب ١٢٧ ، والجمع بين رجال الصحيحين ١ / ٣٥٢ ، والمستدرك ٣ / ٤٢٨ ، ٤٢٩ ، وأسد الغابة ٣ / ٣٧٢ ، والكامل في التاريخ ٣ / ١٦٩ ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ١ / ٣٢٠ ، ٣٢١ رقم ٣٩٢ ، وتحفة الأشراف ٧ / ٢٣٦ ، ٢٣٧ رقم ٣٦٠ ، وتهذيب الكمال (المصوّر) ٩١٢ ، والكاشف ٢ / ٢١٩ رقم ٣٧٦٠ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ١٠ ـ ١٢ رقم ٢ ، والمغازي (من تاريخ الإسلام) ٥٥١ ، والبداية والنهاية ٨ / ٢٣ ، والعقد الثمين ٦ / ٢١ ، والإصابة ٢ / ٤٦٠ رقم ٥٤٤٠ ، وتهذيب التهذيب ٧ / ١٢٤ رقم ٢٦٧ ، والتقريب ٢ / ١٠ رقم ٧٥ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢٢٠ ، وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (بتحقيقنا) انظر فهرس الأعلام ٢ / ٥٤٢.

(٢) سيرة ابن هشام ٤ / ٥٤ (بتحقيقنا) ، وأخبار مكة ١ / ١٦٩ ، والمغازي للواقدي ٢ / ٨٣٣ ، والطبقات الكبرى ٢ / ١٣٦ و ١٣٧ ، وأنساب الأشراف ١ / ٣٦١ ، والمصنّف لعبد الرزّاق (٩٠٧٣) ، وتفسير الطبري ٨ / ٤٩١ ، والمغازي (من تاريخ الإسلام ـ بتحقيقنا) ٥٥٢ ، =

٨١

وقال عوف الأعرابي عن رجل انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطى المفتاح شيبة بن عثمان عام الفتح وقال : «دونك هذا فأنت أمين الله على بيته» (١).

قلت : شيبة أسلم يوم حنين ، فيحتمل أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولّاه الحجابة لما اعتمر من الجعرانة مشاركا لعثمان هذا في الحجابة ، فإن شيبة كان حاجب الكعبة يوم قال له عمر : أريد أن أقسم مال الكعبة ، كما في البخاري (٢).

فعن أبي بشر ، عن مسافع بن شيبة ، عن أبيه قال : دخل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكعبة يصلّي ، فإذا فيها تصاوير ، فقال : «يا شيبة اكفني هذه» ،

فاشتدّ ذلك عليه ، فقال له رجل : طيّنها ثم الطخها بزعفران ، ففعل (٣).

وقالت صفيّة بنت شيبة : أخبرتني امرأة من بني سليم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما خرج من الكعبة أمر عثمان بن طلحة أن يغيّب قرني الكبش ـ يعني كبش إسماعيل ـ وقال : «لا ينبغي للمصلّي أن يصلّي وبين يديه شيء يشغله» (٤).

قتل طلحة يوم أحد مشركا (٥).

__________________

= ومجمع الزوائد للهيثمي ٦ / ١٧٧ ، والبداية والنهاية ١ / ٥١٥ ، ٥١٦ ، وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (بتحقيقنا) ١ / ٢٥٤ ، وشرح المواهب ٢ / ٣٤٠ ، ٣٤١.

قال ابن إسحاق في «السيرة ٤ / ٥٤» : «حدّثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور ، عن صفية بنت شيبة ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما نزل مكة ، واطمأنّ الناس ، خرج حتى جاء البيت ، فطاف به سبعا على راحلته ، يستلم الركن بمحجن في يده ، فلما قضى طوافه ، دعا عثمان بن طلحة ، فأخذ منه مفتاح الكعبة ، ففتحت له ، فدخلها فوجد فيها حمامة من عيدان ، فكسرها بيده ثم طرحها ، ثم وقف على باب الكعبة وقد استكفّ له الناس في المسجد».

وأخرجه البخاري ٨ / ١٥ من طريق : ابن عمر ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته مردفا أسامة بن زيد ، ومعه بلال ، ومعه عثمان بن طلحة بن الحجبة حتى أناخ في المسجد ، فأمره أن يأتي بمفتاح البيت.

(١) المغازي (من تاريخ الإسلام) ٥٥١.

(٢) ناقش المؤلّف ـ رحمه‌الله ـ هذا الموضوع في «المغازي» ٥٥١.

(٣) رواه ابن قانع في معجمه ، وانظر : شفاء الغرام ـ بتحقيقنا ـ ١ / ٢٣٠.

(٤) أخرجه أحمد في المسند ٤ / ٦٨ و ٥ / ٣٨٠ ، وأبو داود (٢٠٣٠) ، والحميدي في مسندة (٥٦٥) ، والطبراني في المعجم الكبير (٨٣٩٦) من طريق : سفيان ، عن منصور ، عن خاله مسافع ، عن صفية بنت شيبة.

(٥) سيرة ابن هشام ٣ / ٢٥ و ٩٠ و ١٠٩.

٨٢

وقال عبد الله بن المؤمّل المخزومي ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ، أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلّا ظالم»

ـ يعني الحجابة (١) ـ.

قال مصعب (٢) : قتل بأجنادين سنة ثلاث عشرة.

وقال الهيثم بن عديّ ، والمدائني : توفي سنة إحدى وأربعين.

وقال خليفة (٣) : توفي سنة اثنتين وأربعين.

عقيل بن أبي طالب (٤) ، ـ ن ق ـ بن عبد المطّلب الهاشمي ، أبو يزيد ،

__________________

(١) أخرجه الأزرقي في أخبار مكة ١ / ٢٦٥ عن جدّه ، عن مسلم بن خالد الزنجي ، عن ابن جريج. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ، والأوسط ، كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٣ / ٢٨٥ وأعلّه بابن المؤمّل لضعفه. وانظر : فتح الباري ٨ / ١٥.

(٢) في نسب قريش ٢٥١.

(٣) في تاريخه ٢٠٥.

(٤) انظر عن عقيل بن أبي طالب في :

مسند أحمد ١ / ٢٠١ و ٣ / ٤٥١ ، والتاريخ لابن معين ٢ / ٤١١ ، والطبقات الكبرى ٤ / ٤٢ ، وطبقات خليفة ١٢٦ و ١٨٩ ، وسيرة ابن هشام ٣ / ٢٩٩ ، و ٤ / ١٣٢ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ١٠٤ رقم ٢٧٨ ، والمحبّر لابن حبيب ٤٥٧ ، والمغازي للواقدي ١٣٨ و ٦٩٤ و ٨٢٩ و ٨٣٠ و ٩١٨ ، والمعارف ١٢٠ و ١٥٥ و ١٥٦ و ٢٠٣ و ٢٠٤ و ٢١١ و ٥٨٨ ، وترتيب الثقات للعجلي ٣٣٨ رقم ١١٥٥ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٦ و ١٥٣ ، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) ١٥٨٧ و ١٥٩٦ و ١٦١٣ و ١٦١٦ و ١٦٣١ و ١٦٤٠ و ١٨٥١ ـ ١٨٥٣ و ١٩٠٣ و ١٩٠٥ و ٢٣٢٣ و ٢٤٠١ و ٢٠٩٤ ، والسير والمغازي ١٥٥ ، والأخبار الموفقيات ٣٣٤ و ٣٣٥ و ٣٣٦ ، والتاريخ الصغير ٧٤ ، والتاريخ الكبير ٧ / ٥٠ ، والعقد الفريد ٢ / ٣٥٦ و ٣ / ٢٠٤ و ٤ / ٤ ـ ٧ و ٢٩ و ٦ / ٩٩ ، والجرح والتعديل ٦ / ٢١٨ رقم ١٢٠١ ، والمستدرك ٣ / ٥٧٥ ـ ٥٧٧ ، وجمهرة أنساب العرب ٦٩ ، والاستيعاب ٣ / ١٥٧ ، ١٥٨ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٥٠٦ و ٥٣٦ و ٧٠٠ و ٣ / ٧٣ و ١٦٧ ، ومشاهير علماء الأمصار ٩ رقم ١٤ ، وأنساب الأشراف ٣٠١ و ٣٥٦ و ٣٦٥ ، وفتوح البلدان ٥٨ و ٥٤٩ ، وتاريخ الطبري ٢ / ١٥٦ و ٣١٣ و ٤٢٦ و ٤٦٥ و ٤٧٥ و ٤ / ٢٠٩ ، و ٥ / ٣٧٧ و ٧ / ٧٥١ ، وأسد الغابة ٣ / ٤٢٢ ، والكامل في التاريخ ١ / ٤٥٨ و ٢ / ٥٨ و ١٣٢ و ٤ / ٣٥ و ٨٨ و ٥ / ٥٤١ و ٦ / ٣١٣ و ٨ / ٣٦ ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ١ / ٣٣٧ رقم ٤١٧ ، وتحفة الأشراف ٧ / ٣٤٣ رقم ٣٨٢ ، وتهذيب الكمال ٢ / ٩٤٩ ، والمغازي (من تاريخ الإسلام) ١١٧ و ١٢٨ و ١٤٩ و ٣٢٥ و ٣٩٧ و ٤٠٠ ، والمعين في طبقات المحدّثين ٢٤ رقم ٩٢ ، وتلخيص المستدرك ٣ / ٥٧٥ ـ ٥٧٧ ، والكاشف ٢ / ٢٣٩ رقم ٣٩١٣ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ٩٩ ، ١٠٠ رقم ١٩ ، والبداية =

٨٣

ويقال أبو عيسى ، وكان أكبر من جعفر ، وعلي.

أسلم وشهد غزوة مؤتة ، وله عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحاديث.

روى عنه : ابنه محمد ، وحفيده عبد الله بن محمد ، وموسى بن طلحة ، والحسن البصري ، وعطاء بن أبي رباح ، وأبو صالح السّمّان.

ووفد على معاوية فأكرمه ، وكان أكبر من عليّ بعشرين سنة ، وعاش بعده مدّة ، وكان علّامة بالنسب وأيام العرب.

قال ابن سعد (١) : وكان عقيل ممّن أخرج من بني هاشم كرها إلى بدر ، فأسر يومئذ ، وكان لا مال له ، ففداه العباس.

ثم هاجر في أول سنة ثمان ، ثم عرض له مرض بعد شهوده غزوة مؤتة ، فلم نسمع له بذكر في الفتح ولا ما بعدها ، وقد أطعمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخيبر كل سنة مائة وأربعين وسقا.

وعن علي رضي‌الله‌عنه انّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «أعطي لكلّ نبيّ سبعة رفقاء نجباء ، وأعطيت أنا أربعة عشر» ، فذكر منهم عقيلا.

وروي من وجوه مرسلة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعقيل : «يا أبا يزيد إنّي أحبّك حبّين ، حبّا لقرابتك منّي ، وحبّا لحبّ أبي طالب إيّاك» (٢).

وعن داود بن أبي هند ، أنّ عليّا دخل عليه عقيل ومعه كبش فقال : إنّ أحد الثلاثة أحمق ، فقال عقيل : أما أنا وكبشي فلا.

__________________

= والنهاية ٨ / ٤٧ ، ومجمع الزوائد ٩ / ٢٧٣ ، والعقد الثمين ٦ / ١١٣ ، وتهذيب التهذيب ٧ / ٢٥٤ رقم ٤٦٣ ، والتقريب ٢ / ٢٩ رقم ٢٦٥ ، والإصابة ٢ / ٤٩٤ رقم ٥٦٢٨ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢٢٨ ، والزيارات للهروي ٩٣ ، ٩٤.

(١) في الطبقات الكبرى ٤ / ٤٣ ، وانظر : تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ١ / ٣٣٧.

(٢) رواه ابن سعد في الطبقات ٤ / ٤٤ عن الفضل بن دكين ، عن عيسى بن عبد الرحمن السلمي ، عن أبي إسحاق. وأخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ٥٧٦ من طريق : علي بن عبد العزيز ، عن أبي نعيم ، عن عيسى بن عبد الرحمن السلمي ، عن أبي إسحاق. ومن طريق : محمد بن علي ، عن إبراهيم بن رستم ، عن أبي حمزة ، عن يزيد ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن حذيفة. وتابعه الذهبي في التلخيص ٣ / ٥٧٦.

٨٤

وقال عطاء : رأيت عقيلا شيخا كبيرا يقلّ غرب (١) زمزم.

وقال أبو جعفر الباقر : أتى عقيل عليّا بالعراق ليعطيه ، فأبى ، فقال : أذهب إلى من هو أوصل منك ، فذهب إلى معاوية ، فعرف له معاوية قدومه ، ثم قال : هذا عقيل وعمّه أبو لهب ، فقال : هذا معاوية وعمّته حمّالة الحطب(٢).

وقال غسّان بن مضر : ثنا أبو هلال ، ثنا حميد بن هلال ، أنّ عقيلا سأل عليّا فقال : إنّي محتاج وفقير.

فقال : اصبر حتى يخرج عطائي ، فألحّ عليه.

فقال لرجل : خذ بيده ، فانطلق به إلى الحوانيت ، فقل : دقّ الأقفال وخذ ما في الحوانيت.

فقال : تريد أن تتّخذني سارقا!.

قال : وأنت تريد أن تتّخذني سارقا وأعطيك أموال الناس.

قال : لآتينّ معاوية.

قال : أنت وذاك ،.

فأتى معاوية ، فأعطاه مائة ألف ، ثم قال : اصعد على ، المنبر فاذكر ما أولاك على وما أوليتك ، قال : فصعد المنبر فحمد الله ثم قال : أيّها الناس إنّي أخبركم أني أردت عليّا على دينه ، فاختار دينه عليّ ، وأردت معاوية على دينه فاختارني على دينه.

فقال معاوية : هذا الّذي تزعم قريش أنه أحمق (٣)!!.

توفي عقيل في خلافة معاوية.

عمارة بن حزم (٤) ، بن زيد بن لوذان الأنصاري النّجّاري ، أبو عبد الله.

__________________

(١) يقلّ : يحمل. والغرب : بسكون الراء : الدلو العظيمة.

(٢) العقد الفريد ٤ / ٦ ، عيون الأخبار ٢ / ١٩٧.

(٣) أسد الغابة ٣ / ٤٢٣ ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣ / ٨٤ ، وانظر : البيان والتبيين للجاحظ ٢ / ١٧٤ ، والعقد الفريد ٤ / ٤ ، ٥.

(٤) انظر عن عمارة بن حزم في :

٨٥

أحد من شهد بدرا ، ذهب بصره ، وبقي إلى خلافة معاوية.

عمرو بن أميّة (١) ، ـ ع ـ بن خويلد بن عبد الله بن إياس ، أبو أميّة الضّمري.

أسلم بعد أحد ، وشهد بئر معونة (٢) وما بعدها ، وكان من أولى النجدة

__________________

= الطبقات الكبرى ٣ / ٤٨٦ ، وسيرة ابن هشام ٢ / ٢٠١ و ٣٤١ و ٤ / ١٦٢ ، ١٦٣ ، والمغازي للواقدي ٩ و ٢٤ و ١٣٩ و ١٦٢ و ٣٩٧ و ٤٣٦ و ٤٤٨ و ٨٠٠ و ٨٩٦ و ١٠٠٣ و ١٠٠٩ و ١٠١٠ ، والمحبّر لابن حبيب ٧٢ و ٤٠٢ و ٤٣١ ، والتاريخ الكبير ٦ / ٤٩٤ رقم ٣٠٩١ ، والتاريخ الصغير ٢٠ ، وطبقات خليفة ٨٩ ، وتاريخ خليفة ١١٥ ، والجرح والتعديل ٦ / ٣٦٤ رقم ٢٠٠٦ ، والاستيعاب ٣ / ١٩ ، والمستدرك ٣ / ٥٩٠ ، وتاريخ الطبري ٣ / ١٠٦ ، وأنساب الأشراف ١ / ٢٤٢ و ٢٨٣ ، ومشاهير علماء الأمصار ٢٨ رقم ١٣٢ ، وفتوح البلدان ١١٠ ، وأسد الغابة ٤ / ٤٨ ، والكامل في التاريخ ٢ / ٢٤٨ ، والمغازي (من تاريخ الإسلام للمؤلّف) ٦٤١ ، والوافي بالوفيات ٢٢ / ٤٠٤ رقم ٢٧٩ ، والإصابة ٢ / ٥١٣ ، ٥١٤ رقم ٥٧١١ ، وتعجيل المنفعة ٢٩٤ ، ٢٩٥ رقم ٧٦١.

(١) انظر عن (عمرو بن أميّة) في :

مسند أحمد ٤ / ١٣٩ و ١٧٩ و ٥ / ٢٨٧ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٣٢٥ و ٣٩٦ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٩١ رقم ١٢٧ ، وسيرة ابن هشام ٢ / ٤٥ و ٢٠٤ و ٣ / ٣٣ و ١٣٩ و ١٤٣ و ٢٢١ و ٣٠٧ و ٣٠٩ ، و ٤ / ١٨١ و ٢٧٩ ، ٢٨٠ ، والمغازي للواقدي ٧٤٢ ، ٧٤٣ و ٩٢٥ ، ٩٢٦ و ١٠٢٦ و ١٠٥٨ ، و ١٠٥٩ والمحبّر لابن حبيب ٧٦ و ١١٨ و ١١٩ و ١٨٣ ، والتاريخ الكبير ٦ / ٣٠٧ ، ٣٠٨ رقم ٢٤٨٥ ، وطبقات خليفة ٣١ ، وتاريخ خليفة ٧٧ و ٩٨ ، والمعارف ٦٧ ، وتاريخ اليعقوبي ٦ ذ و ٧٣ و ٨ ، وترتيب الثقات ٣٦٢ رقم ١٢٤٩ ، والثقات لابن حبّان ٣ / ٢٧٢ ، والطبقات الكبرى ٤ / ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، والجرح والتعديل ٦ / ٢٢٠ رقم ١٢١٦ ، والاستيعاب ٢ / ٤٩٧ ، ٤٩٨ ، وجمهرة أنساب العرب ١٨٥ ، والمستدرك ٣ / ٦٢٣ ، والجمع بين رجال الصحيحين ١ / ٣٦٢ ، والسير والمغازي ٢٢٣ و ٢٥٩ ، والكنى والأسماء للدولابي ١ / ١٤ ، والأسامي والكنى للحاكم ، ورقة ٣٥ ، وأسد الغابة ٤ / ٨٦ ، والكامل في التاريخ ٢ / ١٦٩ ـ ١٧١ و ١٧٣ و ٢١٠ و ٢٣١ و ٤ / ٤٤ ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٢٤ ، ٢٥ رقم ٩ ، وتحفة الأشراف ٨ / ١٣٥ ـ ١٤٠ رقم ٣٩٩ ، وتهذيب الكمال ٢ / ١٠٢٧ ، والكاشف ٢ / ٢٨٠ رقم ٤١٩٣ ، والمعين في طبقات المحدّثين ٢٥ رقم ٩٥ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ١٧٩ ـ ١٨١ رقم ٣٣ ، والمغازي (من تاريخ الإسلام) ١٢٩ و ٢٣٧ و ٢٤٠ و ٤٧٠ ، ٤٧١ ، وتلخيص المستدرك ٣ / ٦٢٣ ، والبداية والنهاية ٨ / ٤٦ ، والعقد الثمين ٦ / ٣٦٥ ، والإصابة ٢ / ٥٢٤ رقم ٥٧٦٥ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٦ رقم ٦ ، والتقريب ٢ / ٦٥ رقم ٥٣٧ ، والنكت الظراف ٨ / ١٣٥ و ١٣٧ و ١٣٩ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢٤٣.

(٢) سيرة ابن هشام ٣ / ١٣٩ ، والطبقات الكبرى ٤ / ٢٤٨.

٨٦

والشجاعة والإقدام ، وبعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سرّية وحده (١).

وبعثه بكتابه إلى النجاشي يدعوه إلى الإسلام فأسلم (٢).

روى عنه : ابناه جعفر ، وعبد الله ، وابن أخيه الزّبرقان بن عبد الله ، والشّعبيّ ، وأبو سلمة ، وأبو قلابة الجرميّ.

وتوفّي بالمدينة ، وشهد بدرا مع المشركين ، وبقي إلى أيام معاوية.

عمرو بن الحمق (٣) ـ ن ق ـ الخزاعي.

له صحبة ورواية ، وبايع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجّة الوداع ، وسمع منه (٤).

روى عنه : رفاعة بن شدّاد ، وجبير بن نفير ، وعبد الله بن عامر المعافريّ.

__________________

(١) سيرة ابن هشام ٤ / ٢٧٩ وقد خرج في بعث لقتال أبي سفيان بن حرب. وانظر : الطبقات الكبرى ٤ / ٢٤٩ ، ومسند أحمد ٤ / ١٣٩ و ٥ / ٢٨٧.

(٢) سيرة ابن هشام ٣ / ٣٠٧ ، والطبقات ٤ / ٢٤٩.

(٣) انظر عن (عمرو بن الحمق) في :

مسند أحمد ٥ / ٢٢٣ ، والطبقات الكبرى ٦ / ٢٥ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٩٦ رقم ١٧٧ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ١٧٦ و ٢٣٠ ، ٢٣١ ، والتاريخ الكبير ٦ / ٣١٣ ، ٣١٤ رقم ٢٤٩٩ ، والتاريخ الصغير ٥٦ ، وتاريخ خليفة ١٩٤ و ٢١٢ ، وطبقات خليفة ١٠٧ و ١٣٦ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٣٣٠ و ٢ / ٤٨٣ ، ٤٨٤ و ٨١٣ و ٣ / ١٩٣ ، والاستيعاب ٢ / ٥٢٣ ، ٥٢٤ ، ومشاهير علماء الأمصار ٥٦ رقم ٣٧٩ ، وأنساب الأشراف ١ / ٦١ ، وتاريخ الطبري ٤ / ٣٢٦ و ٣٧٢ و ٣٧٣ و ٣٩٣ و ٣٩٤ و ٥ / ١٧٩ و ٢٣٦ و ٢٥٨ و ٢٥٩ و ٢٦٥ و ١٠ / ٥٩ ، والجرح والتعديل ٦ / ٢٢٥ رقم ١٢٤٨ ، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) ١٦٠٠ و ١٦٠٦ ، وترتيب الثقات ٣٦٣ رقم ١٢٥٥ ، والثقات لابن حبّان ٣ / ٢٧٥ ، والمحبّر بن حبيب ٢٩٢ و ٤٩٠ ، والمنتخب من ذيل المذيل ٥٤٦ ، وأسد الغابة ٤ / ١٠٠ ، ١٠١ ، والكامل في التاريخ ٢ / ١٧ و ٣ / ١٤٤ و ١٦٨ و ١٧٩ و ٤٦٢ و ٤٧٢ و ٤٧٤ و ٤٧٧ و ٤ / ٨٣ ، والزيارات للهروي ٧٠ ، وتحفة الأشراف ٨ / ١٤٩ ، ١٥٠ رقم ٤٠٤ ، وتهذيب الكمال ٢ / ١٠٣٠ ، ١٣١ ، والكاشف ٢ / ٢٨٣ رقم ٤٢١٢ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٢٣ ، ٢٤ رقم ٣٧ ، رقم ٥٨١٨ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢٨٨ ، وانظر المغازي من تاريخ الإسلام ٤٤١ و ٤٤٨ و ٤٥٥ و ٤٥٦ و ٥٤١ ، والبدء والتاريخ ٥ / ١٠٩.

(٤) الاستيعاب ٢ / ٥٢٤.

٨٧

وقال ابن سعد (١) : كان أحد الرءوس الذين ساروا إلى عثمان ، وقتله ابن أمّ الحكم بالجزيرة.

وقال خليفة (٢) : كان عمرو بن الحمق يوم صفّين على خزاعة مع عليّ.

وعن الشعبي قال : لما قدم زياد الكوفة أثاره عمارة بن عقبة بن أبي معيط فقال : إنّ عمرو بن الحمق من شيعة علي ، فسيّر إليه يقول : ما هذه الزرافات التي تجتمع عندك! من أرادك أو أردت كلامه ففي المسجد.

وعنه قال : تطلّب زياد رؤساء أصحاب حجر ، فخرج عمرو إلى الموصل هو ورفاعة بن شدّاد ، فكمنا في جلّ (٣) ، فبلغ عامل ذلك الرستاق ، فاستنكر شأنهما ، فسار إليهما في الخيل ، فأما عمرو بن الحمق فكان مريضا ، فلم يكن عنده امتناع ، وأما رفاعة فكان شابّا ، فركب وحمل عليهم ، فأفرجوا له ، ثم طلبته الخيل ، وكان راميا فرماهم فانصرفوا ، وبعثوا بعمرو إلى عبد الرحمن بن أم الحكم أمير الموصل ، فكتب فيه إلى معاوية ، فكتب إليه معاوية إنّه زعم أنه طعن عثمان تسع طعنات بمشاقص ، ونحن لا نتعدّى عليه فاطعنه كذلك ، ففعل به ذلك ، فمات في الثانية.

وقال أبو إسحاق ، عن هنيدة الخزاعي قال : أول رأس أهدي في الإسلام رأس عمرو بن الحمق (٤).

وقال عمّار الدّهني (٥) : أوّل رأس نقل رأس ابن الحمق ، وذلك لأنه لدغ (٦) فمات ، فخشيت الرسل أن تتّهم به ، فحزّوا رأسه وحملوه.

__________________

(١) الطبقات الكبرى ٦ / ٢٥.

(٢) تاريخ خليفة ١٩٤.

(٣) في الأصل «من حبل» ، والتصحيح من : (أسد الغابة ٤ / ١٠٠).

(٤) الطبقات الكبرى ٦ / ٢٥.

(٥) في الأصل «الذهني» ، والتصحيح من (اللباب ١ / ٥٢٠) بضمّ الدال المهملة وسكون الهاء ... نسبة إلى دهن بن معاوية الدهني ..

(٦) لما كان مختبئا في الغار مع رفاعة ، كما في (أسد الغابة ٤ / ١٠٠).

٨٨

وقلت : هذا أصحّ ممّا مرّ ، فإنّ ذاك من رواية ابن الكلبي ، فالله أعلم هل قتل أو لدغ.

وقال خليفة (١) : قتل سنة خمسين.

عمرو بن العاص (٢) ، ـ ع ـ بن وائل بن هاشم بن سعيد (٣) بن سهم بن

__________________

(١) في تاريخه ٢١٢.

(٢) انظر عن (عمرو بن العاص) في كتب التاريخ والسير والأدب وغيرها ، فأخباره كثيرة ، ومن مصادر ترجمته التي اخترناها :

مسند أحمد ٤ / ٢٠٢ ، والتاريخ لابن معين ٢ / ٤٤٢ ، والطبقات الكبرى ٤ / ٢٥٤ و ٧ / ٤٩٣ ، ونسب قريش ٤٠٩ ، وطبقات خليفة ٢٥ و ١٣٩ ، وتاريخ خليفة (انظر فهرس الأعلام) ٥٧٠ ، والمغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام ٣ / ١٢١٦) ، والمحبّر ٧٧ و ١٢١ و ١٧٧ ، والتاريخ الكبير ٦ / ٣٠٣ ، ٣٠٤ رقم ٢٤٧٥ ، والتاريخ الصغير ٦٥ ، وتاريخ أبي زرعة ١ / ١٨٠ و ١٨٣ ، ١٨٤ ، وأنساب الأشراف ١ / ١٣٩ و ١٦٨ ـ ١٧١ و ١٧٣ و ١٧٤ و ٢١٥ و ٢٣٢ ـ ٢٣٤ و ٢٨٨ و ٣١٢ و ٣١٣ و ٣١٦ و ٣٦١ و ٣٨٠ و ٣٨١ و ٤٧١ و ٥٢٩ ، وترتيب الثقات ٣٦٥ رقم ١٢٦٩ ، والثقات لابن حبان ، ٣ / ٢٦٥ ، ومشاهير علماء الأمصار ٥٥ رقم ٣٧٦ ، والمعارف ١٨٢ و ٢٨٥ ـ ٢٨٧ و ٢٩٢ و ٥٦٩ و ٥٧٥ ، ٥٧٦ و ٥٩٢ ، وثمار القلوب ٦٨ و ٨٦ و ٨٨ و ٣٤١ ، وربيع الأبرار للزمخشري ٤ / ١٣ و ٢٤ و ٣٢ و ٤٧ و ١٣٤ و ١٨١ و ١٨٧ و ٣٤٧ ، والبدء والتاريخ للمقدسي ٦ / ٣ ، وسيرة ابن هشام ١ / ١٣١ و ٣١٩ و ٣٦٠ ، ٣٦١ و ٣٦٣ و ٣٦٩ و ٢ / ٢٣٠ و ٢٤٩ ، و ٣ / ٢٥ و ٣٧ و ٧٣ و ١٠٤ و ١٠٥ و ٢٢١ و ٢٢٣ و ٣١٢ ، و ٤ / ٣٧ و ١٣٦ و ٢٥٤ و ٢٦٩ و ٢٧٠ و ٢٧٢ ، والمستدرك ٣ / ٤٥٢ ـ ٤٥٥ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٣٢٣ ، وتاريخ الطبري ٤ / ٥٥٨ ، ومروج الذهب ٣ / ٢١٢ ، وجمهرة أنساب العرب ١٦٣ ، والحلّة السيراء ١ / ١٣ ، والخراج وصناعة الكتابة ٣٣٦ ـ ٣٤٤ ، والأخبار الموفقيات ٥٩١ ـ ٥٩٧ ، والجرح والتعديل ٦ / ٢٤٢ رقم ١٣٤٢ ، والجمع بين رجال الصحيحين ١ / ٣٦٢ ، والزيارات للهروي ٣٨ و ٤٨ و ٥١ ، وجامع الأصول ٩ / ١٠٣ ، وأسد الغابة ٤ / ١١٥ ـ ١١٨ ، والكامل في التاريخ (انظر فهرس الأعلام) ١٣ / ٢٥٨ ، وتاريخ اليعقوبي (انظر فهرس الأعلام) ١ / ٣١٩ ، والسير والمغازي ١٥٩ و ١٦٧ ـ ١٦٩ و ٢١٣ ـ ٢١٥ و ٢٤٥ و ٣٢٣ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٨٧ رقم ٨٢ ، وتهذيب الكمال ٢ / ١٠٣٧ ، ١٠٣٨ ، وتحفة الأشراف ٨ / ١٥٢ ـ ١٥٩ رقم ٤٠٨ ، وأخبار مكة ١ / ١٣١ و ٢ / ١٢٣ ، وفتوح البلدان (انظر فهرس الأعلام) ٣ / ٦٤٦ ، والعقد الفريد (انظر فهرس الأعلام) ٤ / ٢١١ ، ٢١٢ ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٣٠ ، ٣١ رقم ١٨ ، والكنى والأسماء للدولابي ١ / ٧٧ ، والأسامي والكنى للحاكم ، ورقة ٣٠٣ ، والكاشف ٢ / ٣٨٧ رقم ٤٢٤١ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ٥٤ ـ ٧٧ رقم ١٥ ، والمغازي (من تاريخ الإسلام) ٥١٢ ـ ٥١٧ ، وعهد الخلفاء الراشدين (منه) انظر فهرس الأعلام ٧٤٦ ، ٧٤٧ ، وشفاء الغرام (بتحقيقنا) انظر فهرس الأعلام ٢ / ٥٤٦ ، والوفيات لابن قنفذ ٦٠ رقم

(٣) سعيد : بالتصغير ، كما في (الإصابة).

٨٩

عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤيّ بن غالب ، أبو عبد الله ، وأبو محمد القرشي السّهميّ.

أسلم في المدينة وهاجر ، واستعمله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على جيش غزوة ذات السلاسل ، وفيه أبو بكر وعمر ، لخبرته بمكيدة الحرب (١).

ثم ولي الإمرة في غزوة الشام لأبي بكر وعمر (٢).

ثم افتتح مصر ووليها لعمر (٣).

وله عدّة أحاديث.

روى عنه : ابناه عبد الله ومحمد ، وأبو عثمان النهدي ، وقبيصة بن ذؤيب ، وعلي بن رباح ، وعبد الرحمن بن شماسة ، وآخرون.

وقال ابن عبد البرّ (٤) : أسلم عمرو بن العاص في صفر سنة ثمان ، وأمّره النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على سرية نحو الشام في جمادى الآخرة سنة ثمان فيما ذكره الواقدي إلى السلاسل ، ثم أمدّه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمائتي فارس ، فيهم أبو بكر ، وعمر ، وأبو عبيدة ، إلى أن قال : ثم ولي مصر لمعاوية ، ومات بها يوم الفطر سنة ثلاث وأربعين على الأصحّ ، فصلّى ابنه عليه ، ثم رجع فصلّى الناس

__________________

= ٤٣ ، ومرآة الجنان ١ / ١١٩ ، والتذكرة الحمدونية ١ / ٣٦٠ ، ٣٦١ و ٤٣٩ و ٢ / ٢٣ و ١٢٦ ـ ١٢٨ و ٢٣٣ ، والعقد الثمين ٦ / ٣٩٨ ، وغاية النهاية ، رقم ٢٤٥٥ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٥٦ ، ٥٧ رقم ٨٤ ، والتقريب ٢ / ٧٢ رقم ٦١١ ، والنكت الظراف ٨ / ١٥٥ ، والإصابة ٣ / ٢ رقم ٥٨٨٤ ، والنجوم الزاهرة ١ / ١١٣ ، وحسن المحاضرة ١ / ٢٢٤ ، والبداية والنهاية ٤ / ٣٣٦ ـ ٣٣٨ و ٨ / ٢٤ ـ ٢٧ ، وشذرات الذهب ١ / ٥٣ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢٤٦.

(١) سيرة ابن هشام ٤ / ٢٦٩ ، والمغازي للواقدي ٢ / ٧٦٩ ، وجوامع السيرة ٢٠ ، وتاريخ الطبري ٣ / ١٥٨ ، والطبقات الكبرى ٢ / ١٣١ ، والمحبّر لابن حبيب ١٢١ ، ١٢٢ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٧٥ ، وأنساب الأشراف ١ / ٣٨٠ ، ٣٨١ رقم ٨١٠ ، والبدء والتاريخ ٤ / ٢٣٢ ، والكامل في التاريخ ٢ / ٢٣٢ ، ونهاية الأرب ١٧ / ٢٨٣ ، ٢٨٤ ، وعيون التواريخ ١ / ٢٨٥ ، ٢٨٦ ، وتاريخ الإسلام (المغازي) ٥١٣ ـ ٥١٧ ، والبدء والتاريخ ٥ / ١٠٦ ، ١٠٧.

(٢) تاريخ خليفة ١١٩ ، وتاريخ الطبري ٣ / ٣٨٧ ، والكامل في التاريخ ٢ / ٤٠٢ ، وانظر : تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ٨١.

(٣) تاريخ خليفة ١٤٢ ، ١٤٣ ، وانظر : تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ١٩٧ وما بعدها ، وفتوح مصر لابن عبد الحكم.

(٤) الاستيعاب ٢ / ٥٠٨.

٩٠

صلاة العيد ، ثم ولي مصر بعده عتبة أخو معاوية ، فبقي سنة ومات ، فولي مصر مسلمة بن مخلد ، انتهى.

وقدم عمرو دمشق رسولا من أبي بكر إلى هرقل ، وله بدمشق دار عند سقيفة كردوس ، ودار عند باب الجابية ، تعرف ببني حجيجة ، ودار عند عين الحمى.

وأمّه عنزيّة (١) ، وكان قصيرا يخضب بالسواد.

قال حمّاد بن سلمة : عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ابنا العاص مؤمنان ، هشام وعمرو» (٢).

ابن لهيعة عن مشرح (٣) ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أسلم الناس ، وآمن عمرو بن العاص».

رواه الترمذي (٤).

وقال ابن أبي مليكة : قال طلحة بن عبيد الله : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «عمرو بن العاص من صالحي قريش».

أخرجه الترمذي (٥) ، وفيه انقطاع.

__________________

(١) هي : النابغة بنت حرملة ، سبيت من بني جلان بن عنزة بن أسد بن بن ربيعة بن نزار.

(٢) إسناده حسن ، أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٣٠٤ و ٣٢٧ و ٣٥٣ ، وابن سعد في الطبقات ٤ / ١٩١ ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٢٤٠ و ٤٥٢ ، من طرق ، عن حمّاد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة. وأخرجه ابن سعد أيضا ، عن عمرو بن حكّام ، عن شعبة ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عمّه ..

(٣) مشرح : بكسر الميم وسكون الشين. (تهذيب التهذيب ١٠ / ١٥٥).

(٤) حديث غريب لا يعرف إلّا من حديث ابن لهيعة عن مشرح ، وليس إسناده بالقويّ. كذا قال الترمذي في جامعه ، باب مناقب عمرو بن العاص رضي‌الله‌عنه (٣٩٣٣). وهو في الطبقات لابن سعد ٤ / ١٩٢.

(٥) في المناقب (٣٩٣٤) وقال : هذا حديث إنما نعرفه من حديث نافع بن عمر الجمحيّ. ونافع ثقة ، وليس إسناده بمتّصل ، ابن أبي مليكة لم يدرك طلحة.

وأخرجه أحمد في المسند ١ / ١٦١ من طريق وكيع ، والنووي في تهذيب الأسماء ق ١ ج ٢ / ٣١.

٩١

وقال ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب : أخبرني سويد بن قيس ، عن قيس بن سميّ (١) ، أن عمرو بن العاص قال : يا رسول الله أبايعك على أن يغفر لي ما تقدّم من ذنبي ، قال : «إنّ الإسلام والهجرة يجبّان ما كان قبلهما» ،

قال : فو الله ما ملأت عيني منه ولا راجعته بما أريد ، حتى لحق بالله حياء منه (٢).

وقال الحسن البصري : قال رجل لعمرو بن العاص : أرأيت رجلا مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يحبّه ، أليس رجلا صالحا؟ قال : بلى ، قال : قد مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يحبّك ، وقد استعملك ، قال : بلى ، فو الله ما أدري أحبّا كان لي منه ، أو استعانة بي ، ولكن سأحدّثك ، برجلين مات وهو يحبّهما : عبد الله بن مسعود ، وعمّار بن ياسر.

فقال الرجل : ذاك قتيلكم يوم صفّين.

قال : قد والله فعلنا (٣).

وروى أنّ عمرا لما توفّي النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان على عمان ، فأتاه كتاب أبي بكر بذلك.

قال ضمرة ، عن الليث بن سعد ، أنّ عمر نظر إلى عمرو بن العاص يمشي فقال : ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميرا (٤).

__________________

(١) في الأصل ، وفي مسند أحمد «شفي» ، وهو تحريف. وقد صحّحه الحافظ ابن حجر في (تعجيل المنفعة ـ ص ٣٤٦ رقم ٨٩٤) فقال : «قيس بن سمي بن الأزهر التجيبي. شهد فتح مصر ، وروى عن عمرو بن العاص. وعنه : سويد بن قيس ليس بالمشهور. قلت : قد عرّفه أبو سعيد بن يونس ونسبه فساق نسبه إلى سعد بن تجيب ، ثم قال : وهو جدّ حيوة بن الرواع بن عبد الملك بن قيس صاحب الدار المعروفة بمصر. قال : وكان ولده بإفريقية ، ومن شهد فتح مصر يكون إمّا صحابيّا وإمّا مخضرما ، فلا يقال فيه بعد هذا التعريف ليس بمشهور ، والله أعلم».

(٢) أخرجه أحمد في المسند ٤ / ٢٠٤.

(٣) أخرجه أحمد ، في المسند ٤ / ٢٠٣ من طريق : الأسود بن عامر ، عن جرير بن حازم ، ورجاله ثقات.

(٤) تاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) ١٣ / ٢٥٧ ب.

٩٢

وقال جويرية بن أسماء : حدّثني عبد الوهاب بن يحيى بن عبد الله بن الزبير : ثنا أشياخنا أنّ الفتنة وقعت ، وما رجل من قريش له نباهة أعمى فيها من عمرو بن العاص ، وقال : ما زال معتصما بمكة ليس في شيء ممّا فيه الناس ، حتى كانت وقعة الجمل ، فلما فرغت بعث إلى ولديه عبد الله ومحمد فقال : إني قد رأيت رأيا ، ولستما باللّذين تردّاني عن رأيي ، ولكن أشيرا عليّ ، إني رأيت العرب صاروا عيرين يضطربان ، وأنا طارح نفسي بين جداري مكة ، ولست أرضى بهذه المنزلة ، فإلى أيّ الفريقين أعمد؟

قال عبد الله : إن كنت لا بدّ فاعلا ، فإلى عليّ.

قال : إني إن أتيت عليّا قال : إنما أنت رجل من المسلمين ، وإن أتيت معاوية يخلطني بنفسه ، ويشركني في أمره ، فأتى معاوية (١).

وعن عروة ، أو غيره قال : دعا ابنيه ، فأشار عليه عبد الله أن يلزم بيته ، لأنه أسلم له ، فقال له محمد : أنت شريف من أشراف العرب ، وناب من أنيابها ، لا أرى أن تتخلّف ، فقال لعبد الله : أما أنت فأشرت عليّ بما هو خير لي في آخرتي ، وأما أنت يا محمد فأشرت عليّ بما هو أنبه لذكري ، ارتحلا ، فارتحلوا إلى معاوية ، فأتوا رجلا قد عاد المرضى ، ومشى بين الأعراض ، يقصّ على أهل الشام غدوة وعشيّة : يا أهل الشام إنكم على خير وإلى خير ، تطلبون بدم خليفة قتل مظلوما ، فمن عاش منكم فإلى خير. ومن مات فإلى خير.

فقال عبد الله : ما أرى الرجل إلا قد انقطع بالأمر دونك ، قال : دعني وإيّاه ، ثم إن عمرا قال : يا معاوية أحرقت كبدي بقصصك ، أترى أنّا خالفنا عليّا لفضل منّا عليه ، لا والله ، إن هي إلا الدنيا نتكالب عليها ، وايم الله لتقطعنّ لي قطعة من دنياك ، أو لأنابذنّك ، قال : فأعطاه مصر ، يعطي أهلها عطاءهم ، وما بقي فله (٢).

ويروى أنّ عليّا كتب إلى عمرو يتألّفه ، فلما أتاه الكتاب أقرأه معاوية

__________________

(١) تاريخ دمشق ١٣ / ٢٦٠ أ.

(٢) تاريخ دمشق ١٣ / ٢٦٠ ب ، وهو طويل.

٩٣

وقال : قد ترى ، فإمّا أن ترضيني ، وإمّا أن ألحق به ، قال : فما تريد؟ قال : مصر ، فجعلها له (١).

وعن يزيد بن أبي حبيب وغيره ، أنّ الأمر لما صار لمعاوية استكثر طعمة مصر لعمرو ، ورأى عمرو أنّ الأمر كله قد صلح به وبتدبيره وعنائه ، وظنّ أنّ معاوية سيزيده الشام مع مصر ، فلم يفعل معاوية ، فتنكّر له عمرو ، فاختلفا وتغالظا ، فدخل بينهما معاوية بن حديج ، فأصلح أمرهما ، وكتب بينهما كتابا : أنّ لعمرو ولاية مصر (٢) سبع سنين ، وأشهد عليهما شهودا ، ثم سار عمرو إليها سنة تسع وثلاثين ، فما مكث نحو ثلاث سنين حتى مات (٣).

ويروى أنّ عمرا ومعاوية اجتمعا ، فقال معاوية له : من الناس؟ قال : أنا ، وأنت ، والمغيرة بن شعبة ، وزياد ، قال : وكيف ذاك؟ قال : أما أنت فللتأنّي ، وأما أنا فللبديهة ، وأما مغيرة فللمعضلات ، وأما زياد فللصغير والكبير ، قال : أما ذانك فقد غابا ، فهات أنت بهديتك ، قال : وتريد ذلك؟ قال : نعم ، قال : فأخرج من عندك ، فأخرجهم ، فقال : يا أمير المؤمنين أسارّك ، قال : فأدنى منه رأسه ، فقال : هذا من ذاك ، من معنا في البيت حتى أسارّك؟! (٤).

وقال جويرية بن أسماء أنّ عمرا قال لابن عباس : يا بني هاشم ، أما والله لقد تقلّدتم لقتل عثمان قرم الإماء العوارك (٥) ، أطعتم فسّاق أهل العراق في عتبة ، وأجزرتموه مرّاق أهل مصر ، وآويتم قتلته. فقال ابن عباس : إنّما تكلّم لمعاوية ، وإنّما تكلّم عن رأيك ، وإنّ أحقّ الناس أن لا يتكلّم في أمر عثمان لأنتما ، أما أنت يا معاوية فزيّنت له ما كان يصنع ، حتى إذا حصر طلب منك نصرك ، فأبطأت عنه ، وأحببت قتله وتربّصت به ، وأما أنت يا عمرو ،

__________________

(١) تاريخ دمشق ١٣ / ٢٦١ ب.

(٢) في الأصل «طابة مصر».

(٣) الطبقات الكبرى ٤ / ٢٥٨ ، تاريخ دمشق ١٣ / ٢٦٢ ب.

(٤) تاريخ دمشق ١٣ / ٢٦٢ ب ، ٢٦٣ أ.

(٥) القرم : شدّة الشهوة. والعوارك : الحيض.

٩٤

فأضرمت المدينة عليه ، وهربت إلى فلسطين تسأل عن أبنائه ، فلما أتاك قتله أضافتك عداوة عليّ أن لحقت بمعاوية ، فبعت دينك منه بمصر ، فقال معاوية : حسبك يرحمك الله ، عرّضني لك عمرو ، وعرّض نفسه (١).

وكان عمرو من أفراد الدهر دهاء ، وجلادة ، وحزما ، ورأيا ، وفصاحة.

ذكر محمد بن سلّام الجمحيّ : أنّ عمر بن الخطّاب كان إذا رأى رجلا يتلجلج في كلامه قال : خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد (٢).

وقال مجالد ، عن الشعبي ، عن قبيصة بن جابر قال : صحبت عمر ، فما رأيت رجلا أقرأ لكتاب الله منه ، ولا أفقه في دين الله منه ، ولا أحسن مداراة منه ، وصحبت طلحة بن عبيد الله ، فما رأيت رجلا أعطى لجزيل منه من غير مسألة ، وصحبت معاوية ، فما رأيت أحلم منه ، وصحبت عمرو بن العاص ، فما رأيت رجلا أبين ـ أو قال أنصع ـ طرفا منه ، ولا أكرم جليسا ، ولا أشبه سريرة بعلانية منه ، وصحبت المغيرة بن شعبة ، فلو أنّ مدينة لها ثمانية أبواب ، لا يخرج من باب منها إلا بمكر لخرج من أبوابها كلها (٣).

وقال موسى بن عليّ ، حدّثنا أبي (٤) ، : ثنا أبو قيس مولى عمرو بن العاص ، أنّ عمرا كان يسرد الصوم ، وقلّما كان يصيب من العشاء أول الليل أكثر ممّا كان يأكل في السحر (٥).

وقال عمرو بن دينار : وقع بين المغيرة بن شعبة وبين عمرو بن العاص كلام ، فسبّه المغيرة ، فقال عمرو : يا هصيص ، أيستبّني ابن شعبة! فقال

__________________

(١) تاريخ دمشق ١٣ / ٢٦٣ ب.

(٢) تاريخ دمشق ١٣ / ٢٦٤ أ. وقال ابن عبد البر في الاستيعاب ٢ / ٥١٢ : يريد خالق الأضداد.

(٣) المعرفة والتاريخ ١ / ٤٥٧ ، ٤٥٨ ، تاريخ دمشق ١٣ / ٢٦٤ أ.

(٤) في الأصل «موسى بن علاء بن رباح» ، والتصويب من صحيح مسلم وغيره.

(٥) أخرجه مسلم في الصيام (١٠٩٦) باب فضل السحور وتأكيد استحبابه ، واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر ، والترمذي (٧٠٨) ، وأبو داود (٢٣٤٣) والنسائي ٤ / ١٤٦ ، وأحمد ٤ / ١٩٧ من طرق عن : موسى بن علي ، بهذا الإسناد.

٩٥

عبد الله ابنه : إنّا لله ، دعوت بدعوى القبائل وقد نهي عنها. فأعتق ثلاثين رقبة (١).

وقال عمرو بن دينار : أخبرني مولى لعمرو بن العاص ، أنّ عمرا أدخل في تعريش الوهط ـ وهو بستان له بالطائف ـ ألف ألف عود ، كل عود بدرهم (٢).

وقال يزيد بن أبي حبيب : حدّثني عبد الرحمن بن شماسة قال : لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى ، فقال له ابنه : لم تبكي ، أجزعا من الموت؟! قال : لا والله ولكن لما (٣) بعده ، قال : قد كنت على خير ، فجعل يذكّره صحبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفتوحه الشام ، فقال عمرو : تركت أفضل من ذلك كله ، شهادة أن لا إله إلا الله ، إني كنت على ثلاث أطباق (٤) ، ليس منها طبقة إلا عرفت نفسي فيها : كنت أول شيء كافرا ، وكنت أشدّ الناس على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلو متّ حينئذ لوجبت لي النار ، فلما بايعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كنت أشد الناس منه حياء ، ما ملأت عيني منه ، فلو متّ حينئذ لقال الناس : هنيئا لعمرو ، أسلم على خير ، ومات على خير أحواله ، ثم تلبّست بعد ذلك بأشياء ، فلا أدري أعليّ أم لي ، فإذا أنا متّ فلا يبكي عليّ ولا تتبعوني نارا ، وشدّوا عليّ إزاري ، فإنّي مخاصم ، فإذا واريتموني فاقعدوا عندي قدر نحر جزور وتقطيعها ، أستأنس بكم ، حتى أعلم ما أراجع رسل ربّي.

أخرجه أبو عوانة في مسندة (٥).

__________________

(١) تاريخ دمشق ١٣ / ٢٦٤ ب.

(٢) تاريخ دمشق ١٣ / ٢٦٥ أ.

(٣) في الأصل «ما» ، والتصحيح من الاستيعاب ٢ / ٥١٤ ، وفي البداية والنهاية (٨ / ٢٦) «مما».

(٤) أي ثلاث أحوال ، أو ثلاث منازل ، كما في النهاية.

(٥) ج ١ / ٧٠ ، ٧١ باب : بيان رفع الإثم ، قال حدّثنا يزيد بن سنان وإبراهيم بن مرزوق البصريّين ، والصّغاني ، وسليمان بن سيف ، قالوا : ثنا أبو عاصم قال : ثنا حيوة بن شريح ، قال : حدّثني يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن شماسة المهري قال : حضرنا عمرو بن العاص ، وهو في سياقة الموت ، وولّى وجهه إلى الحائط ، فجعل يبكي طويلا ، فقال له ابنه : ما يبكيك؟ أما بشّرك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم! قال : ثم أقبل بوجهه فقال : إن أفضل ما تعدّ عليّ شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله ، إني قد رأيتني على أطباق ثلاث ، لقد رأيتني وما =

٩٦

وقال الزّهري : عن حميد بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عمرو أنّ أباه قال [حين احتضر] : اللهمّ أمرت بأمور ونهيت عن أمور ، تركنا كثيرا ممّا أمرت ، ووقعنا في كثير مما نهيت ، اللهمّ لا إله إلا أنت. ثم أخذ بإبهامه ، فلم يزل يهلّل حتى توفي (١).

وقال أبو فراس مولى عبد الله بن عمرو : إنّ عمرا توفي ليلة الفطر ، فصلّى عليه ابنه ودفنه ، ثم صلّى بالناس صلاة العيد.

قال الليث ، والهيثم بن عديّ ، والواقدي ، وابن بكير ، وغيرهم : توفي سنة ثلاث وأربعين ليلة عيد الفطر ، زاد يحيى بن بكير : وسنّه نحو مائة سنة.

وقال أحمد العجليّ (٢) : وعمره تسع وتسعون سنة.

وقال ابن نمير : توفي في سنة اثنتين وأربعين.

(فائدة) ، قال الطحاوي : ثنا المزني : سمعت الشافعيّ يقول : دخل ابن عباس على عمرو بن العاص وهو مريض فقال : كيف أصبحت؟ قال :

__________________

= أحد من الناس أبغض إليّ من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا أحبّ إليّ من أن أكون قد استمكنت منه فقتلته ، فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار ، فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت : يا رسول الله أبسط يدك لأبايعك ، فبسط يمينه ، فقبضت يدي ، فقال : ما لك يا عمرو! فقلت : أردت أن أشترط. فقال : تشترط ما ذا؟ قلت : يغفر لي. قال : أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله ، وأنّ الهجرة تهدم ما كان قبلها ، وأنّ الحجّ يهدم ما كان قبله ، فبايعته ، وما كان أحد أجلّ في عيني منه ، إني لم أكن أستطيع أن أملأ عيني منه إجلالا ، فلو سئلت أن أصفه ما أطقت ، لأني لم أكن أملأ عيني منه ، فلو متّ. على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة. ثم ولّينا أشياء لا أدري ما حالي فيها ، فإذا أنا متّ فلا تتبعني نائحة ولا نار ، فإذا دفنتموني في قبري فسنّوا على التراب سنّا ، فإذا فرغتم من دفني فأقيموا عند قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها ، حتى أعلم ما أراجع به رسل ربّي ، فإنّي أستأنس بكم. معنى حديثهم واحد.

والحديث في الاستيعاب ٢ / ٥١٤ ، والبداية والنهاية ٨ / ٢٦ وقال : وقد روى مسلم هذا الحديث في صحيحه من حديث يزيد بن أبي حبيب بإسناده نحوه ، وفيه زيادات على هذا السياق ..

(١) تاريخ دمشق ١٣ / ٢٦٨ ب.

(٢) في تاريخ الثقات ٣٦٥ وفيه : مات وهو ابن تسع وسبعين سنة!.

٩٧

أصبحت وقد أصلحت من دنياي قليلا ، وأفسدت من ديني كثيرا ، فلو كان ما أصلحت هو ما أفسدت لفزت ، ولو كان ينفعني أن أطلب طلبت ، ولو كان ينجيني أن أهرب هربت ، فعظني بموعظة أنتفع بها يا بن أخي ، فقال : هيهات يا أبا عبد الله ، فقال : اللهمّ إنّ ابن عباس يقنطني من رحمتك ، فخذ منّي حتى ترضى.

ولعمرو بن العاص ترجمة طويلة في طبقات ابن سعد (١) ثمان عشرة ورقة.

عمرو بن معديكرب (٢) ، بن عبد الله بن عمرو بن عصم بن عمرو بن

__________________

(١) الطبقات الكبرى ٤ / ٢٥٤ ـ ٢٦١.

(٢) انظر عن (عمرو بن معديكرب) في : المحبّر لابن حبيب ٢٦١ و ٣٠٣ ، وسيرة ابن هشام ٤ / ٢٢٦ ، ٢٢٧ ، وترتيب الثقات لابن العجليّ ٣٧١ رقم ١٢٨٧ ، والثقات لابن حبّان ٧ / ٣٧٨ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٣٣٢ ، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) ٧٧٧ و ١٠٧٢ و ١٥٤٨ و ١٥٦٣ و ١٥٦٧ ـ ١٥٧٣ و ٢٤٩٠ و ٣٥٢٠ ، والمحاضرات لراغب الأصبهاني ٢ / ٣٧٣ ، والاستيعاب ٢ / ٥٢٠ ـ ٥٢٣ ، وثمار القلوب ٤٩٧ ، والبدء والتاريخ (طبعة المعارف) ٣ / ١٨٥ ، والهفوات النادرة ٩ ، وجمهرة أنساب العرب ٤١١ ، وعيون الأخبار ١ / ١٢٧ و ١٢٩ ، وتاريخ الطبري ٣ / ١٣٢ ـ ١٣٤ وانظر فهرس الأعلام ١٠ / ٣٥٦ ، وفتوح البلدان ١٤٢ و ٣١٥ و ٣١٦ و ٣٢٤ و ٣٤٢ و ٣٩٢ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ١٤٦ رقم ٧٣٠ ، وربيع الأبرار ١ / ٣٣٤ و ٤ / ١٦ و ٣١٨ ، والخراج وصناعة الكتابة ٣٥٩ ، والأخبار الموفقيّات ١٦٦ و ٤٨٠ و ٤٨١ و ٦٢٦ ، والتاريخ الصغير ٢٤ ، والتاريخ الكبير ٦ / ٣٦٧ رقم ٢٦٥٨ ، والجرح والتعديل ٦ / ٢٦٠ رقم ١٤٣٦ ، وتاريخ خليفة ٩٣ و ١٣٢ و ١٤٨ ، وطبقاته ٧٤ و ١٩٠ ، والمعارف ١٠٦ و ٢٩٦ و ٢٩٩ و ٥٥٦ ، والشعر والشعراء ١ / ٢٨٩ ـ ٢٩١ ، والأغاني ١٥ / ٢٠٨ ـ ٢٤٥ ، والمؤتلف ١٥٦ ، ومعجم الشعراء للمرزباني ٢٠٨ ، ووفيات الأعيان ٢ / ١٥ و ٣ / ١٥٩ و ٦ / ١٠٨ و ١٠٩ و ٣٩٧ ، والسمط الثمين ٦٣ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٢٢ و ٣ / ٤٦٠ ، والعقد الفريد (انظر فهرس الأعلام) ٧ / ١٤٠ ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٣٣ ، رقم ٢٣ ، والزيارات ٦٩ و ٩٨ ، والكامل في التاريخ (انظر فهرس الأعلام) ١٣ / ٢٦٠ ، وأسد الغابة ٤ / ١٣٢ ـ ١٣٤ ، والتذكرة الحمدونية ١ / ٢٧٢ و ٢ / ٤١٢ و ٤٣٧ ـ ٤٣٩ و ٤٦٧ و ٤٦٨ و ٤٧٦ و ٤٨٧ ، والوفيات لابن قنفذ ٤٩ ، ٥٠ رقم ٢٢ ، وسرح العيون ٢٤٣ ، والحور العين ١١٠ ، والإصابة ٣ / ١٨ رقم ٥٩٧٢ ، والكنى والأسماء للدولابي ١ / ٦٥ ، والأسامي والكنى للحاكم ورقة ٩٥ ، ٩٦ ، وتاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ١٦ و ١٤١ و ٢٢٥ و ٢٤٤ ، والمنازل والديار ٢ / ٢٨٨ ، ولباب الآداب ١٨٠ ـ ١٨٢ و ٢٠٣ و ٢٠٥ و ٢١٣ ـ ٢١٦ و ٣٤٩ و ٤٢٣ ، والكامل في الأدب للمبرّد ١ / ٣٦٣ ، ٣٦٤.

٩٨

زبيد ، أبو ثور الزبيدي.

له وفادة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وشهد اليرموك وأبلى بلاء حسنا يوم القادسية ، وكان فارسا بطلا ضخما عظيما ، أجشّ الصوت ، إذا التفت التفت جميعا ، وهو أحد الشجعان المذكورين ، وارتدّ عند وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم رجع وحسن إسلامه.

وقيل : كان يأكل أكل جماعة ، أكل مرّة عنزا رباعيا وثلاثة أصوع (١) ذرة (٢).

وقال جويرية بن أسماء : شهد صفّين غير واحد أبناء خمسين ومائة سنة ، منهم عمرو بن معديكرب.

توفي عمرو هذا في إمرة معاوية.

عمير بن سعد (٣) ، ـ ت ـ بن شهيد بن قيس الأنصاري الأوسي.

صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كان من زهّاد الصحابة وفضلائهم.

__________________

(١) أصوع : جمع صاع ، وهو مكيال لأهل المدينة يأخذ أربعة أعداد ، ويجمع أيضا على «أصوع» بالهمز ، و «أصواع» ، و «صوع» و «صيعان».

(٢) الأغاني ١٥ / ٢٠٨ ، ٢٠٩.

(٣) انظر عن (عمير بن سعد) في :

الطبقات الكبرى ٤ / ٣٧٤ ، ٣٧٥ و ٧ / ٤٠٢ ، وتاريخ خليفة ١٥٥ ، وأنساب الأشراف ١ / ٢٨٠ ، وفتوح البلدان ١٦١ و ١٨٢ و ١٨٥ و ١٩٤ و ٢٠٩ و ٢١٢ و ٢١٦ و ٢١٩ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ١٦١ ، وتاريخ أبي زرعة ٦٩ و ١٨٣ ، والتاريخ الصغير ٢٧ ، والتاريخ الكبير ٦ / ٥٣١ رقم ٣٢٢٥ ، والجرح والتعديل ٦ / ٣٧٦ رقم ٢٠٧٩ ، وتاريخ الطبري ٣ / ٤٠٨ و ٤١٥ و ١٠٧٤ و ١٤٤ و ٢٤١ و ٢٨٩ ، وحلية الأولياء ١ / ٢٤٧ ـ ٢٥٠ رقم ٣٨ ، والاستيعاب ٢ / ٤٨٦ ـ ٤٨٨ ، والاستبصار ٢٨١ ، وصفة الصفوة ١ / ٦٩٧ ـ ٧٠١ رقم ٩٩ ، والزيارات للهروي ٩٤ ، والكامل في التاريخ ٢ / ٥٣٥ و ٥٦٢ و ٣ / ٢٠ و ٧٧ ، وأسد الغابة ٤ / ١٤٣ ـ ١٤٥ ، وتحفة الأشراف ٨ / ٢٠٥ ، ٢٠٦ رقم ٤١٨ ، وتهذيب الكمال (المصوّر) ٢ / ١٠٦٠ ، والكاشف ٢ / ٣٠٢ رقم ٤٣٥٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢ / ١٠٣ ـ ١٠٥ رقم ١٢ ، والتذكرة الحمدونية ١ / ١٣٣ ـ ١٣٥ ، وتعجيل المنفعة ٣٢٢ رقم ٨٢١ (باسم عمير بن سعيد) وصحّحه ، وتهذيب التهذيب ٨ / ١٤٤ ، ١٤٥ رقم ٦٠٣٦ ، ومجمع الزوائد ٩ / ٣٨٢ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢٩٦ ، وكنز العمال ١٣ / ٥٥٦.

٩٩

روى عنه : ابنه محمود ، وكثير بن مرّة ، وأبو إدريس الخولانيّ ، وراشد بن سعد ، وغيرهم.

وكان يقال له : نسيج وحده (١) ، واستعمله عمر على حمص.

وهم ابن سعد (٢) فقال : إنه عمير بن سعد بن عبيد ، وإنما هو ابن عمّ أبيه.

وقال عبد الصمد بن سعيد. ولي حمص بعد سعيد بن عامر بن حذيم.

وعن الزّهري قال : فبقي على إمرة حمص حتى قتل عمر ، ثم نزعه عثمان.

وقال عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبد الرحمن بن عمير بن سعد قال :

قال لي ابن عمر ، ما كان في المسلمين رجل من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل من أبيك (٣).

وقال ابن سيرين : إنّ عمر من عجبه بعمير بن سعد كان يسمّيه : نسيج وحده.

أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن ، أنبأ أحمد بن عبد الواحد البخاري سنة اثنتين وعشرين وستمائة ، أنبأ أبو الكرم علي بن عبد الكريم بهمذان ، أنبأ أبو غالب أحمد بن محمد المقري سنة ستّ وخمسمائة ، أنبأ عبد الرحمن بن محمد بن شبابة ، ثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن عبيد الأسدي ، ثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل ، أنبأ عبد الله بن صالح كاتب الليث ، ثنا سعيد بن عبد العزيز أنه بلغه أنّ الحسن بن أبي الحسن قال : كان عمر بن الخطّاب رضي‌الله‌عنه بعث عمير بن سعد أميرا على حمص ، فأقام بها حولا ، فأرسل إليه عمر وكتب إليه : «بسم الله الرحمن الرحيم. من عمر بن الخطّاب إلى عمير بن سعد ، السلام عليك ، فإنّي أحمد إليك الله الّذي لا

__________________

(١) حلية الأولياء ١ / ٢٤٧ و ٢٥٠ ، وصفة الصفوة ١ / ٦٩٧.

(٢) الطبقات الكبرى ٤ / ٣٧٥.

(٣) الإصابة ٣ / ٣٢.

١٠٠