تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

الوفيّات

وفيها توفّي إياس بن أبي البكير (١) بن عبد يا ليل الكناني حليف بني عديّ ، كان من المهاجرين. شهد بدرا هو وإخوته خالد ، وعاقل ، وعامر ، ولم يشهد بدرا إخوة أربعة سواهم ، وقد شهد إياس فتح مصر.

* * *

وفيها توفّي أخوه عاقل بن البكير (٢) ويقال : ابن أبي البكير ، كأنّه كان يسمّى (٣) باسمه. قال ابن سعد (٤) : كان اسم عاقل (غافلا) فغيّره النّبيّ

__________________

(١) السير والمغازي لابن إسحاق ١٤٤ ، المغازي للواقدي ١٥٦ ، البرصان والعرجان للجاحظ ٩٢ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٣٨٩ ، المحبّر لابن حبيب ٧٤ و ٣٩٩ و ٤٠٠ و ٤٥٩ ، طبقات خليفة ٢٣ ، الاستيعاب ١ / ١٠١ ـ ١٠٣ ، أنساب الأشراف ١ / ٢٤٣ و ٢٩٦ ، أسد الغابة ١ / ١٥٣ ، الوافي بالوفيات ٩ / ٤٦١ رقم ٤٤١٧ ، العقد الثمين ٣ / ٣٣٩ ، الإصابة ١ / ٨٩ رقم ٣٧٣.

(٢) السير والمغازي لابن إسحاق ١٤٤ ، المغازي للواقدي ١٤٥ و ١٥٦ ، البرصان والعرجان للجاحظ ٩٢ ، تهذيب سيرة ابن هشام ٥٧ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٣٨٨ ، المحبّر لابن حبيب ٧٤ و ٣٩٩ و ٤٠٠ و ٤٥٩ ، المعارف ١٥٧ و ٥٩١ ، طبقات خليفة ٢٣ ، تاريخ خليفة ٦٠ ، أنساب الأشراف ١ / ٢٤٣ و ٢٩٦ و ٣٧٥ ، تاريخ الطبري ٤ / ٣٣٩ ، الاستيعاب ٣ / ١٦٠ ، ١٦١ ، الكامل في التاريخ ٣ / ١٥٣ ، أسد الغابة ٣ / ١١٦ ، العقد الثمين ٥ / ٨١ ، الإصابة ٢ / ٢٤٧ رقم ٤٣٦١ ، شذرات الذهب ١ / ٩.

(٣) في المنتقى ، نسخة الأحمدية «يكنى» بدل «يسمّى».

(٤) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٨٨.

٤٢١

صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان أبو معشر والواقديّ يقولان : ابن أبي البكير ، وكان موسى بن عقبة ، وابن إسحاق ، وابن الكلبيّ يقولون : ابن البكير.

وعن يزيد بن رومان أنّ الإخوة الأربعة أسلموا في دار الأرقم (١).

عبادة بن الصّامت (٢) ع (٣)

ابن قيس بن أصرم أبو الوليد الأنصاريّ الخزرجيّ ، أحد النّقباء ليلة العقبة ، شهد بدرا والمشاهد ، وولّي قضاء فلسطين ، وسكن الشام.

__________________

(١) ابن سعد ٣ / ٣٨٨.

(٢) المغازي للواقدي ٩ و ٩٩ و ١٦٧ و ١٧٩ و ٣١٨ و ٤٠٨ و ٤١٦ و ٤٢٠ و ٤٢٣ و ٨٦١ و ١٠٥٩ ، المحبّر لابن حبيب ٧١ و ٢٧٠ و ٢٧٢ و ٤٢٣ ، تهذيب سيرة ابن هشام ١٠٣ و ١٠٨ و ١٥٥ و ٢١٠ ، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٨١ رقم ١٩ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٥٤٦ ، المعارف ٢٥٥ و ٣٢٧ ، التاريخ الكبير ٦ / ٩٢ رقم ١٨٠٩ ، الزهد لابن المبارك ١٩٢ و ٤٠٩ ، تاريخ خليفة ١٥٥ و ١٦٠ و ١٦٨ ، طبقات خليفة ٩٩ و ٣٠٢ ، أنساب الأشراف ١ / ٢٣٩ و ٢٥١ و ٢٥٢ و ٢٧٠ ، فتوح البلدان ١٥٦ ـ ١٥٨ و ١٦١ و ١٦٦ و ١٦٧ و ١٨١ و ١٨٢ ، تاريخ الطبري ١ / ٣٢ و ٢ / ٣٥٥ و ٣٥٦ و ٣٦٨ و ٤٥٨ و ٤٨١ و ٦٠٤ و ٣ / ٤٠١ و ٤ / ٢٤١ و ٢٥٨ و ٢٨٣ و ٣٥٦ ، مسند أحمد ٤ / ٢٠١ و ٥ / ٣١٣ ، فتوح الشام ٢٧٤ و ٢٨١ ، المعرفة والتاريخ ٢ / ٣٢٣ ـ ٣٢٥ و ٣٦٠ ـ ٣٦٢ ، العقد الفريد ٤ / ٣٤٥ ، تاريخ أبي زرعة ١ / ٢٢٤ ـ ٢٢٦ ، الجرح والتعديل ٦ / ٩٥ رقم ٤٩٢ ، مشاهير علماء الأمصار ٥١ رقم ٣٣٤ ، البدء والتاريخ ٥ / ١١٥ ، ١١٦ ، الكنى والأسماء للدولابي ١ / ٩١ ، جمهرة أنساب العرب ٣١٨ و ٣٥١ و ٣٥٤ ، الخراج وصناعة الكتابة ٢٩٧ و ٢٩٨ و ٣٠٠ و ٣٠٦ ، المستدرك ٣ / ٣٥٤ ـ ٣٥٧ ، الاستيعاب ٢ / ٤٤٩ ـ ٤٥١ ، أسد الغابة ٣ / ١٦٠ ، الكامل في التاريخ ١ / ١٦ و ٢ / ١٣٨ و ١٩٢ و ٤٩٢ و ٣ / ٧٧ و ٩٥ و ١١٤ و ١٥٣ ، لباب الآداب ١٧٥ و ٣٠٠ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ١ / ٢٥٦ ، ٢٥٧ رقم ٢٨١ ، تهذيب الكمال ٢ / ٦٥٥ ، تحفة الأشراف ٤ / ٢٣٩ ـ ٢٦٤ رقم ٢٦٦ ، المعين في طبقات المحدّثين ٢٣ رقم ٦٧ ، دول الإسلام ١ / ٢٧ ، الكاشف ٢ / ٥٧ رقم ٢٦٠٩ ، العبر ١ / ٣٥ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٥ ـ ١١ رقم ١ ، مجمع الزوائد ٩ / ٣٢٠ ، تلخيص المستدرك ٣ / ٣٥٤ ـ ٣٥٧ ، مرآة الجنان ١ / ٨٩ ، الوافي بالوفيات ١٦ / ٦١٨ ، ٦١٩ رقم ٦٧٠ ، الجمع بين رجال الصحيحين ١ / ٣٣٤ ، تهذيب تاريخ دمشق ٧ / ٢٠٩ ، الزيارات للهروي ٣٣ ، تهذيب التهذيب ٥ / ١١١ ، ١١٢ رقم ١٨٩ ، تقريب التهذيب ١ / ٣٩٥ رقم ١٢٣ ، الإصابة ٢ / ٢٦٨ ، ٢٦٩ رقم ٤٤٩٧ ، النكت الظراف ٤ / ٢٤١ ـ ٢٦٤ ، الوفيات لابن قنفذ ٥٤ رقم ٣٤ ، حسن المحاضرة ١ / ٨٩ ، خلاصة تذهيب التهذيب ١٥٩ ، شذرات الذهب ١ / ٤٠ ، كنز العمّال ١٣ / ٥٥٤.

(٣) سقط الرمز من النسخ والاستدراك من مصادر ترجمته.

٤٢٢

روى عنه أبو أمامة ، وأنس بن مالك ، وجبير بن نفير ، وحطّان بن عبد الله الرّقاشيّ ، وأبو الأشعث شراحيل الصّنعانيّ ، وأبو إدريس عائذ الله الخولانيّ ، وخلق سواهم.

وكان فيما بلغنا رجلا طوالا جسيما جميلا ، توفّي بالرّملة ، ويقال : توفي ببيت المقدس.

وقال محمد بن كعب القرظيّ : جمع القرآن في زمن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم خمسة من الأنصار : معاذ ، وأبيّ ، وأبو أيّوب ، وأبو الدّرداء ، وعبادة ، فلمّا استخلف عمر ، كتب يزيد بن أبي سفيان إليه : إنّ أهل الشام كثير ، وقد احتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقّههم ، فقال : أعينوني بثلاثة ، فخرج معاذ ، وأبو الدّرداء ، وعبادة (١).

وروى إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب ، عن أبيه ، أنّ عبادة بن الصّامت أنكر على معاوية شيئا ، فقال : لا أساكنك بأرض ، ورحل إلى المدينة ، فقال له عمر : ما أقدمك؟ فأخبره بفعل معاوية ، فقال له : أرحل إلى مكانك فقبّح الله أرضا لست فيها وأمثالك ، فلا إمرة له عليك (٢).

وقال عبادة : بايعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على السّمع والطّاعة ، وأن نقوم بالحقّ حيثما كنّا لا نخاف في الله لومة لائم (٣).

وفي «مسند أحمد» من حديث إسماعيل بن عبيد بن رفاعة قال : كتب

__________________

(١) أخرجه ابن أبي داود في «المصاحف». وإسناده حسن ، لكنه مرسل.

وأخرج البخاري في فضائل القرآن ٩ / ٤٦ باب القراء من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن قتادة قال : سألت أنس بن مالك : من جمع القرآن على عهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : أربعة من الأنصار : أبيّ بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد. وأبو زيد هذا أحد عمومة أنس ، وانظر تهذيب الأسماء ١ / ٣٥٧.

(٢) سير أعلام النبلاء ٢ / ٧.

(٣) انظر تهذيب تاريخ دمشق ٧ / ٢١٢.

٤٢٣

معاوية إلى عثمان : إنّ عبادة قد أفسد عليّ الشّام وأهله ، فإمّا أن يكفّ ، وإمّا أن أخلّي بينه وبين الشّام ، فكتب إليه أن رحّل عبادة حتّى تردّه إلينا ، قال : فدخل على عثمان فلم يفجأه إلّا وهو معه في الدّار ، فالتفت إليه فقال : يا عبادة ما لنا ولك؟ فقام عبادة بين ظهري النّاس فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «سيلي أموركم بعدي رجال يعرّفونكم ما تنكرون ، وينكرون عليكم ما تعرفون ، فلا طاعة لمن عصى ، ولا تضلّوا بربّكم» (١).

وقال الهيثم بن عديّ وحده : إنّ عبادة توفّي سنة خمس وأربعين ، ولا متابع له ، وقال جماعة إنّه توفّي سنة أربع وثلاثين.

(كعب الأحبار) توفّي فيها ، قاله شريح بن عبيد ، وقد تقدّم.

(مسطح بن أثاثة) (٢) بن عبّاد بن المطّلب (٣) بن عبد مناف المطّلبيّ ،

__________________

(١) مسند أحمد ٥ / ٣٢٥ وهو بنحوه من طريق : الحكم بن نافع ، عن أبي اليمان ، عن إسماعيل بن عيّاش ، عن عبد الله بن خثيم ، به. والإسناد ضعيف لضعف إسماعيل بن عياش حين يروي عن غير أهل بلده.

وأخرجه أحمد في «زوائد المسند» ٥ / ٣٢٩ من طريق سويد بن سعيد ، عن يحيى بن سليم ، عن ابن خثيم ، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة ، عن أبيه عبيد ، عن عبادة بن الصامت.

وأخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ٣٥٦ من طريق عبد الله بن واقد ، عن عبد الله بن خثيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن عبادة ـ وأخرجه أيضا من طريق سعيد بن منصور ، عن مسلم بن خالد الزنجي ، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة ، عن أبيه ، عن عبادة.

وأخرجه ابن ماجة (٢٨٦٥) بسند قويّ ، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ٧ / ٢١٤ ، ٢١٥ نقلا عن مسند الإمام أحمد ، والهيثمي في «مجمع الزوائد» ٥ / ٢٢٦.

(٢) المغازي للواقدي ٢٤ و ١٥٣ و ٤٢٩ و ٤٣٤ و ٦٩٤ ، تهذيب سيرة ابن هشام ٢١٦ و ٢٤٨ و ٢٤٩ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٥٣ ، طبقات خليفة ٩ ، نسب قريش ٩٥ ، أنساب الأشراف ١ / ٢٨٩ و ٣٤٣ ، تاريخ الطبري ٢ / ٤٠٢ و ٦١٣ و ٦١٤ و ٦١٧ و ٤ / ٣٣٩ ، المعارف ٣٢٨ ، الجرح والتعديل ٨ / ٤٢٥ رقم ١٩٣٦ ، جمهرة أنساب العرب ٧٣ ، مشاهير علماء الأمصار ١٢ رقم ٣٣ ، الاستيعاب ٣ / ٤٩٤ ، ٤٩٥ ، الكامل في التاريخ ٢ / ١٩٦ ـ ١٩٩ ، أسد الغابة ٤ / ٣٥٤ ، ٣٥٥ ، حلية الأولياء ٢ / ٢٠ ، ٢١ رقم ١١٧ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٨٩ رقم ١٢٩ ، سير أعلام النبلاء ١ / ١٨٧ ، ١٨٨ رقم ٢٠ ، العبر ١ / ٣٥ ، مرآة الجنان ١ / ٨٩ ، العقد الثمين ٦ / ٤٤٣ ـ ٤٤٥ و ٧ / ١٧٩ ، الإصابة ٣ / ٤٠٨ ، ٤٠٩ رقم ٧٩٣٥.

(٣) في نسخة دار الكتب «عبد المطلب» وهو وهم.

٤٢٤

المذكور في حديث الإفك ، شهد بدرا والمشاهد بعدها ، وكان فقيرا ينفق عليه أبو بكر الصّدّيق.

قال ابن سعد (١) : كان قصيرا شثن الأصابع ، غائر العينين ، عاش ستّا وخمسين سنة.

(أبو سفيان بن حرب) فيما قال المدائنيّ ، وقد تقدّم.

أبو طلحة الأنصاريّ (٢) ع (٣)

واسمه زيد بن سهل بن الأسود ، أحد بني مالك بن النّجّار ، كان من النّقباء ليلة العقبة ، شهد بدرا والمشاهد بعدها.

__________________

(١) ليس في طبقات ابن سعد وصف لمسطح ، وإنّما فيه ـ فقط ـ عمره. (انظر ج ٣ / ٥٣).

(٢) مسند أحمد ٤ / ٢٨ ، ٣١ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٥٠٤ ـ ٥٠٧ ، المغازي للواقدي ١٦٣ و ٢٤٢ و ٢٤٣ و ٢٦٤ و ٢٩٦ و ٧٢١ ، تهذيب سيرة ابن هشام ٢٣٠ و ٢٦٧ و ٣٥٠ ، تاريخ خليفة ١٦٦ ، طبقات خليفة ٨٨ ، الزهد لابن المبارك ١٨٥ ، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٨٩ رقم ١٠٦ ، التاريخ لابن معين ٢ / ١٨٣ ، أنساب الأشراف ١ / ٢٤٢ و ٢٧١ ، ق ٤ ج ١ / ٥٠٤ و ٥٠٦ و ٥٠٧ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٣٠٠ ، المعارف ١٦٦ و ٣٠٨ ، تاريخ أبي زرعة ١ / ٤٧٦ و ٥٦٢ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦١٩ و ٣ / ١٢٤ و ١٨١ و ٢١٣ و ٤ / ١٩٢ و ٢٣٠ و ٣٠٨ ، الكنى والأسماء للدولابي ١ / ٤٠ ، الاستيعاب ٤ / ١١٣ ـ ١١٥ ، مشاهير علماء الأمصار ١٥ رقم ٤٤ ، جمهرة أنساب العرب ٣٤٧ ، المحبّر لابن حبيب ٧٣ ، أنساب الأشراف ٥ / ١٨ و ٢٠ و ٢١ ، البدء والتاريخ ٥ / ١١٦ ، ١١٧ ، العقد الفريد ٤ / ٢٧٥ ، ٢٧٦ ، المستدرك ٣ / ٣٥١ ـ ٣٥٤ ، المعجم الكبير ٥ / ٩١ ـ ١١١ رقم ٤٨٠ ، الاستبصار ٥٠ ، الأسامي والكنى للحاكم ١ (ورقة ٢٩٣ ، ٢٩٤) ، أسد الغابة ٢ / ٢٨٩ ، جامع الأصول ٩ / ٧٣ ـ ٧٧ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٢٦٥ و ٢٩١ و ٣٣٣ و ٣ / ٥١ و ٦٧ و ٦٨ و ١٢٩ ، لباب الآداب ١٧٥ و ٣٠٠ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٢٤٥ ، ٢٤٦ رقم ٣٦٩ ، تهذيب الكمال ١ / ٤٥٧ ، المعين في طبقات المحدّثين ، ٢١ / رقم ٤٤ ، تلخيص المستدرك ٣ / ٣٥١ ـ ٣٥٤ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٢٧ ـ ٣٤ رقم ٥ ، العبر ١ / ٣٥ ، مجمع الزوائد ٩ / ٣١٢ ، مرآة الجنان ١ / ٨٩ ، الوفيات لابن قنفذ ٦٥ رقم ٥١ ، تهذيب تاريخ دمشق ٦ / ٤ ـ ١٢ ، الوافي بالوفيات ١٥ / ٣١ ، ٣٢ رقم ٣٤ ، الإصابة ١ / ٥٦٦ ، ٥٦٧ رقم ٢٩٠٥ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٤١٤ ، ٤١٥ ، تقريب التهذيب ١ / ٢٧٥ رقم ١٨٤ ، النكت الظراف ٣ / ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، خلاصة تذهيب التهذيب ١٢٨ ، شذرات الذهب ١ / ٤٠.

(٣) الرمز ساقط من النسخ ، والاستدراك من مصادر الترجمة.

٤٢٥

روى عنه ابن زوجته أنس بن مالك ، وزيد بن خالد الجهنيّ ، وابنه عبد الله بن أبي طلحة ، وابن عبّاس ، وغيرهم.

وسرد الصّوم بعد النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وغزا بحر الشّام فمات فيه في السّفينة ، وقيل : توفّي بالمدينة ، وصلّى عليه عثمان.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «صوت أبي طلحة في الجيش خير من مائة» (١).

وقال أنس : قتل أبو طلحة يوم حنين عشرين رجلا وأخذ أسلابهم (٢) ، وكان أكثر الأنصار مالا.

وقال عليّ بن زيد : سمعت أنسا يقول : كان أبو طلحة يجثو بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وينثر كنانته ويقول : وجهي لوجهك الوقاء (٣) ، ونفسي لنفسك الفداء (٤).

قال ابن سعد : كان آدم مربوعا يغيّر شيبة (٥).

وعن أنس قال : كان أبو طلحة يأكل البرد وهو صائم ويقول : ليس

__________________

(١) في نسخة دار الكتب ، والنسخة (ع) «فيه» ، وفي سير أعلام النبلاء ٢ / ٢٨ ، وأسد الغابة ، والإصابة ، والمنتقى نسخة الأحمدية «فئة» ، وفي الاستيعاب ، وأسد الغابة أيضا «مائة رجل» ، وفي تهذيب تاريخ دمشق ٦ / ٩ «فئة».

وقد أخرج هذا الحديث الإمام أحمد في المسند ٣ / ٢٠٣ من طريق يزيد بن هارون ، عن حمّاد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس. وإسناده صحيح.

وأخرجه ابن سعد في الطبقات ٣ / ٥٠٥ من طريق سفيان ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ، أو عن أنس بن مالك ، بلفظ : «خير من ألف رجل».

(٢) طبقات ابن سعد ٣ / ٥٠٥.

(٣) في نسخة دار الكتب «الودا» ، والتصحيح من الاستيعاب ، وغيره.

(٤) الاستيعاب ٤ / ١١٤.

(٥) الطبقات ٣ / ٥٠٧.

٤٢٦

بطعام ولا شراب. إسناده صحيح (١).

وقال عليّ بن زيد بن جدعان ، عن أنس قال : قرأ أبو طلحة : (انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً) (٢) فقال : ما استمع الله عذر أحد ، فخرج إلى الغزو وهو شيخ كبير (٣).

وصحّ عن أنس أنّه غزا البحر فمات ، فلم يجدوا جزيرة إلّا بعد سبعة أيّام ، فدفنوه ولم يتغيّر (٤).

وقال أنس : إنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم حلق رأسه وأعطى شقّ رأسه أبا طلحة (٥).

وقد أبلى أبو طلحة بلاء عظيما يوم أحد كما تقدّم.

قال الواقديّ [والمدائنيّ] (٦) وجماعة : توفّي سنة أربع وثلاثين.

وقال خليفة (٧) : سنة اثنتين وثلاثين.

__________________

(١) أخرجه أحمد في المسند ٣ / ٢٧٩ من طريق عبيد الله بن معاذ حدّثنا أبي ، عن شعبة ، عن قتادة وحميد ، عن أنس ، قال : «مطرنا بردا ، وأبو طلحة صائم ، فجعل يأكل منه ، قيل له : أتأكل وأنت صائم! فقال : إنّما هذا بركة. هذا إسناد صحيح ، وهذا اجتهاد من أبي طلحة أخذ به بعض المالكيّة ، والجمهور على خلافه ، فقد أخرجه البزّار في مسندة (١٠٢٢) وقال : لا نعلم هذا الفعل إلّا عن أبي طلحة. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٣ / ١٧٢ وقال رواه أبو يعلى ، وفيه عليّ بن زيد ، وفيه كلام ، وقد وثّق ، وبقيّة رجاله رجال الصحيح ، ورواه البزّار موقوفا ، وزاد : فذكرت ذلك لسعيد بن المسيّب فكرهه ، وقال : إنه يقطع الظمأ. ورواه ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ٦ / ١١ ، ١٢.

(٢) سورة التوبة ـ الآية ٤١.

(٣) تهذيب تاريخ دمشق ٦ / ٩ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٥٠٧.

(٤) إسناده صحيح ، وهو في الطبقات لابن سعد ٣ / ٥٠٧ من طريق عفّان بن مسلم ، عن حمّاد ، به.

(٥) أخرجه مسلم (١٣٠٦) (٣٢٥ و ٣٢٦) ، والترمذي (٩١٢).

(٦) زيادة من النسخة (ع) ، ومنتقى الأحمدية.

(٧) في تاريخه ١٦٦.

٤٢٧

(أبو عبس) (١) ـ خ ت ن ـ بن جبر (٢) بن عمرو الأنصاريّ الأوسيّ.

اسمه على الأصحّ عبد الرحمن ، وكان اسمه عبد العزّى فغيّره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان من قتلة كعب بن الأشرف اليهوديّ. شهد بدرا وغيرها (٣).

روى عنه ابنه زيد ، وحفيده أبو عبس بن محمد ، وعباية بن رفاعة ، وغيرهم.

وتوفّي بالمدينة ، وصلّى عليه عثمان.

* * *

وفيها ولد (زين العابدين) (٤) عليّ بن الحسين (٥).

__________________

(١) مسند أحمد ٣ / ٤٧٩ ، المغازي للواقدي ١٥٨ و ١٨٧ و ٣٤١ و ٣٧٥ و ٤٠٥ و ٦٣٥ و ٦٣٦ و ٧٢١ ، التاريخ لابن معين ٢ / ٧١٤ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٤٥٠ ، ٤٥١ ، المحبّر لابن حبيب ٧٤ و ٢٨٢ و ٤١٢ ، طبقات خليفة ٧٩ ، المعارف ٣٢٦ ، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ١٠٦ رقم ٣٠٠ ، أنساب الأشراف ١ / ٢٧١ ، تاريخ الطبري ٢ / ٤٨٩ و ٤ / ٣٣٩ الكنى والأسماء للدولابي ١ / ٤٣ ، الجرح والتعديل ٥ / ٢٢٠ رقم ١٠٣٤ ، مشاهير علماء الأمصار ٢٥ رقم ١١٥ ، الاستيعاب ٤ / ١٢٢ ، ١٢٣ ، أسد الغابة ٥ / ٢٤٧ ، ٢٤٨ ، الكامل في التاريخ ٢ / ١٤٣ ، جمهرة أنساب العرب ٣٣٥ و ٣٤١ ، الكاشف ٣ / ٣١٤ رقم ٢٦٣ ، تهذيب الكمال ٣ / ١٦٢١ ، الإصابة ٤ / ١٣٠ رقم ٧٣٤ ، تهذيب التهذيب ١٢ / ١٥٦ ، ١٥٧ رقم ٧٤٥ ، تقريب التهذيب ٢ / ٤٤٧ رقم ٧٠ ، خلاصة تذهيب التهذيب ٤٥٤.

(٢) في نسخة دار الكتب «جبير» وهو تحريف.

(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٤٥٠.

(٤) في نسخة دار الكتب وغيرها «زين العابدين بن عليّ» ، وهو خطأ.

(٥) المعرفة والتاريخ ٣ / ٣١٠.

٤٢٨

سنة خمس وثلاثين

فيها غزوة ذي خشب (١) وأمير المسلمين عليها معاوية (٢).

وفيها حجّ بالنّاس وأقام الموسم عبد الله بن عباس (٣).

وفيها مقتل عثمان رضي‌الله‌عنه : خرج المصريون وغيرهم على عثمان وصاروا إليه ليخلعوه من الخلافة.

قال إسماعيل بن أبي خالد : لمّا نزل أهل مصر الجحفة ، وأتوا يعاتبون عثمان صعد عثمان المنبر فقال : جزاكم الله يا أصحاب محمد عنّي شرّا : أذعتم السّيّئة وكتمتم الحسنة ، وأغريتم بي سفهاء النّاس ، أيّكم يذهب إلى هؤلاء القوم فيسألهم ما نقموا وما يريدون؟ قال ذلك ثلاثا ولا يجيبه أحد.

فقام عليّ فقال : أنا ، فقال عثمان : أنت أقربهم رحما ، فأتاهم فرحّبوا به ، فقال : ما الّذي نقمتم عليه؟ قالوا : نقمنا أنّه محا كتاب الله ـ

__________________

(١) ذو خشب : على مرحلة من المدينة من طريق الشام. (معجم ما استعجم ٢ / ٥٠٠).

(٢) تاريخ الطبري ٤ / ٣٤٠.

(٣) المعرفة والتاريخ ٣ / ٣١١ ، وطبقات ابن سعد ٣ / ٦٤.

٤٢٩

يعني كونه جمع الأمّة على مصحف (١) ـ ، وحمى الحمى (٢) ، واستعمل أقرباءه ، وأعطى مروان مائة ألف (٣) ، وتناول أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال : فردّ عليهم عثمان : أمّا القرآن فمن عند الله ، إنّما نهيتكم عن الاختلاف فاقرءوا عليّ أيّ حرف شئتم ، وأمّا الحمى فو الله ما حميته لإبلي ولا لغنمي ، وإنّما حميته لإبل الصّدقة. وأمّا قولكم : إنّي أعطيت مروان مائة ألف. فهذا بيت ما لهم فليستعملوا عليه من أحبّوا ، وأمّا قولكم : تناول أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فإنّما أنا بشر أغضب وأرضى ، فمن ادّعى قبلي حقّا أو مظلمة فها أنا ذا ، فإن شاء قودا وإن شاء عفوا. فرضي النّاس واصطلحوا ودخلوا المدينة.

وقال محمد بن سعد : قالوا رحل من الكوفة إلى المدينة : الأشتر النّخعيّ ـ واسمه مالك بن الحارث ـ ، ويزيد بن مكفّف (٤) ، وثابت بن قيس ، وكميل بن زياد ، وزيد ، وصعصعة ابنا صوحان ، والحارث الأعور ،

__________________

(١) قال الحافظ ابن العربيّ في (العواصم من القواصم ٥٦ ـ ٥٨) : وأمّا جمع القرآن فتلك حسنته العظمى وخصلته الكبرى ... وأمر بما سواه من القرآن في كلّ صحيفة ومصحف أن يحرّق ، إذ كان في بقائها فساد ، أو كان فيها ما ليس من القرآن ، أو ما نسخ منه ، أو على غير نظمه. وقد سلّم في ذلك الصّحابة كلّهم.

(٢) الحمى كان قديما. وهو مخصّص لإبل الزّكاة المرصدة للجهاد والمصالح العامّة ، وفي زمن سيّدنا عمر اتّسع الحمى عمّا كان عليه في زمن المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لزيادة سوائم بيت المال ، ثم اتّسع في زمن عثمان لاتّساع الدولة وازدياد الفتوح. (العواصم من القواصم ٦٠).

(٣) بلغت دولة الإسلام في خلافة الشيخين الذّروة ، لأنّهما كانا يكتشفان كوامن السّجايا في أهلها فيولّون القيادة ، وهما يعلمان أنّهما مسئولان عن ذلك عند الله ، ويزيد بن أبي سفيان ومعاوية أخوه كانا من رجال دولة الصّدّيق ، وقبل أن يكون معاوية من رجال دولتي الشيخين كان أحد من استعملهم النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ومروان رجل عدل من كبار الأمّة عند الصّحابة والتابعين. وإعطاء سيّدنا عثمان بعض أقاربه كان من ماله ومن بيت المال ، وهو حقّ شرعيّ للإمام ينفّذ فيه ما أدّاه إليه اجتهاده (انظر العواصم من القواصم وتعليقات الأستاذ محبّ الدين الخطيب عليه ٧١ وما بعدها).

(٤) في طبعة القدسي ٣ / ٢٤٦ «مكنف» والتصحيح من أنساب الأشراف ق ٤ ج ١ / ٥٣٠.

٤٣٠

وجندب بن زهير ، وأصفر بن قيس ، يسألون عثمان عزل سعيد بن العاص عنهم. فرحل سعيد أيضا إلى عثمان فوافقهم عنده ، فأبى عثمان أن يعزله ، فخرج الأشتر من ليلته في نفر ، فسار عشرا إلى الكوفة واستولى عليها وصعد المنبر عليها فقال : هذا سعيد بن العاص قد أتاكم يزعم أنّ السّواد بستان لأغيلمة من قريش ، والسّواد مساقط رءوسكم ومراكز رماحكم ، فمن كان يرى لله عليه حقا فلينهض إلى الجرعة (١) ، فخرج النّاس فعسكروا بالجرعة ، فأقبل سعيد حتى نزل العذيب (٢) ، فجهّز الأشتر إليه ألف فارس مع يزيد بن قيس الأرحبيّ ، وعبد الله بن كنانة العبديّ ، فقال : سيروا وأزعجاه وألحقاه بصاحبه ، فإن أبى فاضربا عنقه ، فأتياه ، فلمّا رأى منهما الجدّ رجع.

وصعد الأشتر منبر الكوفة وقال : يا أهل الكوفة ما غضبت إلّا لله ولكم ، وقد ولّيت أبا موسى الأشعريّ صلاتكم ، وحذيفة بن اليمان فيئكم ، ثمّ نزل وقال : يا أبا موسى اصعد ، فقال : ما كنت لأفعل ، ولكن هلمّوا فبايعوا لأمير المؤمنين وجدّدوا البيعة في رقابكم ، فأجابه النّاس. وكتب إلى عثمان بما صنع ، فأعجب عثمان ، فقال عتبة بن الوعل شاعر الكوفة :

تصدّق علينا يا بن عفّان واحتسب

وأمر علينا الأشعريّ لياليا

فقال عثمان : نعم وشهورا وسنين إن عشت ، وكان الّذي صنع أهل الكوفة بسعيد أول وهن دخل على عثمان حين اجترئ عليه.

وعن الزّهريّ قال : ولّي عثمان ، فعمل ستّ سنين لا ينقم عليه النّاس شيئا ، وإنّه لأحبّ إليهم من عمر ، لأنّ عمر كان شديدا عليهم ، فلمّا وليهم

__________________

(١) الجرعة : بالتحريك ، موضع قرب الكوفة المكان الّذي فيه سهولة ورمل. (معجم البلدان ٢ / ١٢٧ ، ١٢٨) وانظر : الكامل في التاريخ ٣ / ١٤٨.

(٢) في نسخة دار الكتب مهمل ، والتصحيح من معجم البلدان ٤ / ٩٢ وهو ماء بين القادسية والمغيثة.

٤٣١

عثمان لان لهم ووصلهم ، ثمّ إنّه توانى في أمرهم ، واستعمل أقرباءه وأهل بيته في السّتّ الأواخر ، وكتب لمروان بخمس مصر أو بخمس إفريقية ، وآثر أقرباءه بالمال ، وتأوّل في ذلك الصّلة التي أمر الله بها. واتّخذ الأموال ، واستسلف من بيت المال ، وقال : إنّ أبا بكر وعمر تركا من ذلك ما هو لهما ، وإنّي أخذته فقسّمته في أقربائي ، فأنكر النّاس عليه ذلك (١).

قلت : وممّا نقموا عليه أنّه عزل عمير بن سعد عن حمص ، وكان صالحا زاهدا ، وجمع الشام لمعاوية ، ونزع عمرو بن العاص عن مصر ، وأمّر ابن أبي سرح عليها ، ونزع أبا موسى الأشعريّ عن البصرة ، وأمر عليها عبد الله بن عامر ، ونزع المغيرة بن شعبة عن الكوفة وأمّر عليها سعيد بن العاص.

وقال القاسم بن الفضل : ثنا عمرو بن مرّة ، عن سالم بن أبي الجعد قال : دعا عثمان ناسا من الصّحابة فيهم عمّار فقال : إنّي سائلكم وأحبّ أن تصدقوني : نشدتكم الله أتعلمون أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يؤثر قريشا على سائر النّاس ، ويؤثر بني هاشم على سائر قريش؟ فسكتوا ، فقال : لو أنّ بيدي مفاتيح الجنّة لأعطيتها بني أميّة حتّى يدخلوها.

وعن أبي وائل أنّ عبد الرحمن بن عوف كان بينه وبين عثمان كلام فأرسل إليه : لم فررت يوم أحد وتخلّفت عن بدر وخالفت سنّة عمر؟ فأرسل إليه : تخلّفت عن بدر لأنّ بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شغلتني بمرضها ، وأمّا يوم أحد فقد عفا الله عنّي ، وأمّا سنّة عمر فو الله ما استطعتها أنا ولا أنت. وقد كان بين عليّ وعثمان شيء فمشى بينهما العبّاس فقال عليّ : والله لو أمرني

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٦٤ ، أنساب الأشراف ق ٤ ج ١ / ٥١٢ رقم ١٣٢٨.

٤٣٢

أن أخرج [من داري] (١) لفعلت ، فأمّا أداهن أن لا يقام بكتاب الله فلم أكن لأفعل.

وقال سيف بن عمر ، عن عطيّة ، عن يزيد الفقعسيّ (٢) قال : لمّا خرج ابن السّوداء إلى مصر نزل على كنانة بن بشر مرّة ، وعلى سودان بن حمران مرّة ، وانقطع إلى الغافقيّ فشجّه الغافقيّ فكلمه ، وأطاف به خالد بن ملجم ، وعبد الله بن رزين (٣) ، وأشباه لهم ، فصرف لهم القول ، فلم يجدهم يجيبون إلى الوصيّة ، فقال : عليكم بناب العرب وحجرهم ، ولسنا من رجاله ، فأروه أنّكم تزرعون ، ولا تزرعوا العام شيئا حتّى تنكسر مصر ، فتشكوه إلى عثمان فيعزله عنكم ، ونسأل من هو أضعف منه ونخلو بما نريد ، ونظهر الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، وكان أسرعهم إلى ذلك محمد بن أبي حذيفة ، وهو ابن خال معاوية ، وكان يتيما في حجر عثمان ، فكبر ، وسأل عثمان الهجرة إلى بعض الأمصار ، فخرج إلى مصر ، وكان الّذي دعاه إلى ذلك أنّه سأل عثمان العمل فقال : لست هناك.

قال : ففعلوا ما أمرهم به ابن السّوداء ، ثمّ إنّهم خرجوا ومن شاء الله منهم ، وشكوا عمرا واستعفوا منه ، وكلما نهنه (٤) عثمان عن عمرو قوما وسكّتهم انبعث آخرون بشيء آخر ، وكلّهم يطلب عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، فقال لهم عثمان : أمّا عمرو فسننزعه عنكم ونقرّه على الحرب ، ثمّ ولّى ابن أبي سرح خراجهم ، وترك عمرا على الصّلاة فمشى في ذلك سودان ، وكنانة بن بشر ، وخارجة ، فيما بين عبد الله بن سعد ، وعمرو بن العاص ، وأغروا بينهما حتّى تكاتبا على قدر ما أبلغوا كلّ واحد. وكتبا إلى

__________________

(١) ما بين الحاصرتين سقط من نسخة الدار ، فاستدركته من (ع) ومنتقى الأحمدية.

(٢) في نسخة الدار (القعنبي) والتصحيح من منتقى الأحمدية و (ع) ، وتاريخ الطبري ٤ / ٣٤٠.

(٣) كذا في نسخة الدار ، وفي منتقى الأحمدية (زرير) وفي ع (زريد) وكلاهما خطأ ، على ما في تاريخ الطبري ٥ / ١٤٢. وفي الرواة (عبد الله بن زرير) ولكنه غير هذا.

(٤) في «الجمهرة» لابن دريد : نهنهت الرجل عن الشيء إذا كففته عنه.

٤٣٣

عثمان ، فكتب ابن أبي سرح : إنّ خراجي لا يستقيم ما دام عمرو على الصّلاة. وخرجوا فصدّقوه واستعفوا من عمرو ، وسألوا ابن أبي سرح ، فكتب عثمان إلى عمرو : إنّه لا خير لك في صحبة من يكرهك فأقبل. ثم جمع مصر لابن أبي سرح.

وقد روي أنّه كان بين عمّار بن ياسر ، وبين عبّاس بن عتبة بن أبي لهب كلام ، فضربهما عثمان.

وقال سيف ، عن مبشّر ، وسهل بن يوسف ، عن محمد بن سعد بن أبي وقّاص قال : قدم عمّار بن ياسر من مصر وأبي شاك ، فبلغه ، فبعثني إليه أدعوه ، فقام معي وعليه عمامة وسخة وجبّة فراء. فلمّا دخل على سعد قال له : ويحك يا أبا اليقظان إن كنت فينا لمن أهل الخير ، فما الّذي بلغني عنك من سعيك في فساد بين المسلمين والتأليب على أمير المؤمنين ، أمعك عقلك أم لا : فأهوى عمّار إلى عمامته وغضب فنزعها وقال : خلعت عثمان كما خلعت عمامتي هذه ، فقال سعد (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) ويحك حين كبرت سنّك ورقّ عظمك ونفد عمرك خلعت ربقة الإسلام من عنقك وخرجت من الدّين عريانا ، فقام عمّار مغضبا موليا وهو يقول : أعوذ بربّي من فتنة سعد ، فقال سعد : ألا في الفتنة سقطوا ، اللهمّ زد عثمان بعفوه وحلمه عندك درجات ، حتّى خرج عمّار من الباب ، فأقبل على سعد يبكي حتّى اخضلّ لحيته وقال : من يأمن الفتنة يا بنيّ لا يخرجنّ منك ما سمعت منه ، فإنّه من الأمانة ، وإنّي أكره أن يتعلّق به النّاس عليه يتناولونه ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الحقّ مع عمّار ما لم تغلب عليه دلهة (١) الكبر» (٢) ، فقد دله (٣) وخرف.

__________________

(١) في طبعة القدسي ٣ / ٢٥٠ «ولهة» بالواو ، وهو تحريف ، والتصحيح من «الضعفاء الكبير» للعقيليّ.

(٢) ذكر الحديث مختصرا العقيلي في «الضعفاء» ٤ / ٢٣٦ رقم ١٨٢٩ فهو ضعيف.

(٣) في طبعة القدسي ٣ / ٢٥٠ «وله» ، والتصحيح من «الضعفاء» للعقيليّ ، وتاريخ دمشق لابن

٤٣٤

وممّن قام على عثمان محمد بن أبي بكر الصّدّيق ، فسئل سالم بن عبد الله فيما قيل عن سبب خروج محمد ، قال : الغضب والطّمع ، وكان من الإسلام بمكان ، وغرّه أقوام فطمع ، وكانت له دالّة (١) ، ولزمه حقّ ، فأخذه عثمان من ظهره.

وحجّ معاوية ، فقيل إنّه لمّا رأى لين عثمان واضطراب أمره قال : انطلق معي إلى الشّام قبل أن يهجم عليك من لا قبل لك به ، فإنّ أهل الشّام على الطّاعة ، فقال : أنا لا أبيع جوار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بشيء وإن كان فيه قطع خيط عنقي ، قال : فأبعث إليك جندا ، قال : أنا أقتّر على جيران رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الأرزاق بجند تساكنهم! قال : يا أمير المؤمنين والله لتغتالنّ ولتغزينّ ، قال : (حسبي الله ونعم الوكيل) (١).

وقد كان أهل مصر بايعوا أشياعهم من أهل الكوفة والبصرة وجميع من أجابهم ، واتّعدوا يوما حيث شخص أمراؤهم ، فلم يستقم لهم ذلك ، لكنّ أهل الكوفة ثار فيهم يزيد بن قيس الأرحبيّ واجتمع عليه ناس ، وعلى الحرب يومئذ القعقاع بن عمرو ، فأتاه وأحاط النّاس بهم فناشدوهم ، وقال يزيد للقعقاع : ما سبيلك عليّ وعلى هؤلاء ، فو الله إنّي لسامع مطيع ، وإنّي لازم لجماعتي إلّا أنّي أستعفي من إمارة سعيد ، ولم يظهروا سوى ذلك ، واستقبلوا سعيدا فردّوه من الجرعة ، واجتمع النّاس على أبي موسى فأقرّه عثمان.

__________________

= عساكر (ترجمة عثمان بن عفان ـ تحقيق سكينة الشهابي) ـ ص ٣٠١.

والدّله والدّله : ذهاب الفؤاد من همّ أو نحوه كما يدله عقل الإنسان من عشق أو غيره (لسان العرب ـ مادّة «دله»).

(١) تاريخ الطبري ٤ / ٣٤٥ ، تاريخ دمشق (ترجمة عثمان) ٣٠٦.

٤٣٥

ولمّا رجع الأمراء لم يكن للسّبائيّة (١) سبيل إلى الخروج من الأمصار ، فكاتبوا أشياعهم أن يتوافوا بالمدينة لينظروا فيما يريدون ، وأظهروا أنّهم يأمرون بالمعروف ، وأنّهم يسألون عثمان عن أشياء لتطير في النّاس ولتحقّق عليه ، فتوافوا بالمدينة ، فأرسل عثمان رجلين من بني مخزوم ومن بني زهرة فقال : انظرا ما يريدون ، وكانا ممّن ناله من عثمان أدب ، فاصطبرا للحقّ ولم يضطغنا ، فلمّا رأوهما أتوهما (٢) وأخبروهما ، فقالا : من معكم على هذا من أهل المدينة؟ قالوا : ثلاثة ، قالا : فكيف تصنعون؟ قالوا : نريد أن نذكر له أشياء قد زرعناها في قلوب النّاس ، ثمّ نرجع إليهم ونزعم لهم أنّا قرّرناه بها ، فلم يخرج منها ولم يتب ، ثمّ نخرج كأنّنا حجّاج حتّى نقدم فنحيط به فنخلعه ، فإن أبي قتلناه.

فرجعا إلى عثمان بالخبر ، فضحك وقال : اللهمّ سلّم هؤلاء فإنّك إن لم تسلّمهم شقّوا (٣). فأمّا عمّار فحمل علي عبّاس بن أبي لهب (٤) وعركه (٥) ، وأمّا محمد بن أبي بكر فإنّه أعجب حتّى رأى أنّ الحقوق لا تلزمه ، وأما ابن سارة (٦) فإنّه يتعرّض للبلاء (٧).

وأرسل إلى المصريّين (٨) والكوفيّين ، ونادى : الصلاة جامعة ـ وهم عنده في أصل المنبر ـ فأقبل أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فحمد الله وأثنى عليه ، وأخبرهم بالأمر ، وقام الرجلان ، فقال النّاس : اقتل هؤلاء فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

__________________

(١) في تاريخ دمشق (السبئية» ، وفي تاج العروس «السبائية» ، وكلاهما صحيح.

(٢) في تاريخ دمشق «باثّوهما».

(٣) أي «شقّوا العصا» كما في «التمهيد» ـ ص ٩٦.

(٤) في تاريخ الطبري «عباس بن عتبة بن أبي لهب» ، وفي تاريخ دمشق : «عليّ ذنب ابن أبي لهب».

(٥) في تاريخ دمشق «عركه بي» ، يريد أنّه حمّله ذنبه وتركه.

(٦) هكذا في الأصول ، ومنتقى الأحمدية ، وتاريخ دمشق. وفي تاريخ الطبري «ابن سهلة».

(٧) تاريخ الطبري ٤ / ٣٤٥ ، ٣٤٦ ، تاريخ دمشق (ترجمة عثمان) ٣٠٩ ، ٣١٠.

(٨) هكذا في الأصول وتاريخ دمشق ، وفي تاريخ الطبري «البصريّين».

٤٣٦

قال : «من دعا إلى نفسه أو إلى أحد ، وعلى النّاس إمام فعليه لعنة الله ، فاقتلوه» (١).

وقال عثمان : بل نعفو ونقبل ، ونبصّرهم بجهدنا ، إنّ هؤلاء قالوا : أتمّ الصلاة في السّفر ، وكانت لا تتمّ ، ألا وإنّي قدمت بلدا فيه أهلي فأتممت لهذا.

قالوا : وحميت الحمى ، وإنّي والله ما حميت إلّا ما حمي قبلي ، وإنّي قد ولّيت وإنّي لأكثر العرب بعيرا وشاء ، فما لي اليوم غير بعيرين لحجّتي ، أكذلك؟ قالوا : نعم.

قال : وقالوا : كان القرآن كتبا فتركها إلّا واحدا ، ألا وإنّ القرآن واحد جاء من عند واحد ، وإنّما أنا في ذلك تابع هؤلاء ، أكذلك؟ قالوا : نعم.

وقالوا : إنّي رددت الحكم (٢) وقد سيّره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الطّائف ثمّ ردّه ، فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سيّره وهو ردّه ، أفكذاك؟ قالوا : نعم.

وقالوا : استعملت الأحداث. ولم أستعمل إلّا مجتمعا مرضيّا (٣) ، وهؤلاء أهل عملي (٤) فسلوهم ، وقد ولّى من قبلي أحدث منه ، وقيل في ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أشدّ ممّا قيل لي في استعماله أسامة ، أكذلك؟ قالوا : نعم.

وقالوا : إنّي أعطيت ابن أبي سرح ما أفاء الله عليه ، وإنّي إنّما نفلته

__________________

(١) زاد في تاريخ دمشق : «وقال عمر بن الخطّاب : لا أحلّ لكم إلّا ما قتلتموه وأنا شريككم».

(٢) هو : الحكم بن أبي العاص بن أميّة بن عبد شمس.

(٣) في تاريخ الطبري وتاريخ دمشق : «مجتمعا محتملا مرضيّا». والمجتمع الّذي بلغ أشدّه ، يقال :

اجتمع الرجل : استوت لحيته وبلغ غاية الشباب.

(٤) في تاريخ الطبري «أهل عملهم» ، وفي تاريخ دمشق «أهل عمله».

٤٣٧

خمس الخمس ، فكان مائة ألف ، وقد نفل (١) مثل ذلك أبو بكر وعمر ، وزعم الجند أنّهم يكرهون ذلك فرددته عليهم ، وليس ذلك لهم ، أكذلك؟ قالوا : نعم.

وقالوا : إنّي أحبّ أهلي وأعطيهم ، فأمّا حبّهم فلم يوجب جورا ، وأمّا إعطاؤهم ، فإنّما أعطيهم من مالي. ولا أستحلّ أموال المسلمين لنفسي ولا لأحد. وكان قد قسم ماله وأرضه في بني أميّة ، وجعل ولده كبعض من يعطى (٢).

قال : ورجع أولئك إلى بلادهم وعفا عنهم ، قال : فتكاتبوا وتواعدوا إلى شوّال ، فلمّا كان شوّال خرجوا كالحجّاج حتّى نزلوا بقرب المدينة ، فخرج أهل مصر في أربعمائة ، وأمراؤهم عبد الرحمن بن عديس البلويّ ، وكنانة بن بشر اللّيثيّ ، وسودان بن حمران السّكونيّ ، [وقتيرة السّكونيّ] (٣) ، ومقدّمهم الغافقيّ بن حرب العكّي ، ومعهم ابن السّوداء.

وخرج أهل الكوفة في نحو عدد أهل مصر ، فيهم زيد بن صوحان العبديّ ، والأشتر النّخعيّ ، وزياد بن النّضر الحارثيّ ، وعبد الله بن الأصمّ ، ومقدّمهم عمرو بن الأصمّ.

وخرج أهل البصرة وفيهم حكيم بن جبلة ، وذريح بن عبّاد العبديّان ، وبشر بن شريح القيسيّ ، وابن محرّش الحنفيّ ، وعليهم حرقوص بن زهير السّعديّ.

__________________

(١) في تاريخ الطبري «أنفذ».

(٢) تاريخ الطبري ٤ / ٣٤٧ ، ٣٤٨ ، تاريخ دمشق (ترجمة عثمان) ـ ص ٣١١ ، ٣١٢.

(٣) ما بين الحاصرتين استدركته من منتقى الأحمدية ، ع ، و (تاريخ الطبري ٤ / ٣٤٨) وتاريخ دمشق.

٤٣٨

فأمّا أهل مصر فكانوا يشتهون عليّا ، وأمّا أهل البصرة فكانوا يشتهون الزّبير ، وأمّا أهل الكوفة فكانوا يشتهون طلحة ، وخرجوا ولا تشكّ كلّ فرقة أنّ أمرها سيتمّ دون الأخرى ، حتّى كانوا من المدينة على ثلاث ، فتقدّم ناس من أهل البصرة فنزلوا ذا خشب. وتقدّم ناس من أهل الكوفة فنزلوا الأعوص (١) ، وجاءهم أناس من أهل مصر ، ونزل عامّتهم بذي المروة ، ومشى فيما بين أهل البصرة وأهل مصر زياد بن النّضر ، وعبد الله بن الأصمّ ليكشفوا خبر المدينة ، فدخلا فلقيا أزواج النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وطلحة ، والزّبير ، وعليّا ، فقالا : إنّما نؤمّ هذا البيت ، ونستعفي من بعض عمّالنا ، واستأذنوهم للنّاس بالدخول ، فكلّهم أبى ونهى. فرجعا ، فاجتمع من أهل مصر نفر فأتوا عليّا ، ومن أهل البصرة نفر فأتوا الزّبير ، ومن أهل الكوفة نفر فأتوا طلحة (٢) ، وقال كلّ فريق منهم : إن بايعنا صاحبنا وإلّا كدناهم وفرّقنا جماعتهم ، ثمّ كررنا حتّى نبغتهم.

فأتى المصريّون عليّا وهو في عسكر عند أحجار الزّيت ، وقد سرّح ابنه الحسن إلى عثمان فيمن اجتمع اليه ، فسلّم على عليّ المصريّون ، وعرضوا له ، فصاح بهم وطردهم وقال : لقد علم الصّالحون أنّكم ملعونون ، فارجعوا لا صحبكم الله ، فانصرفوا ، وفعل طلحة والزّبير نحو ذلك.

فذهب القوم وأظهروا أنّهم راجعون إلى بلادهم ، فذهب أهل المدينة إلى منازلهم ، فلمّا ذهب القوم إلى عساكرهم كرّوا بهم ، وبغتوا أهل المدينة

__________________

(١) الأعوص : بفتح الواو ، موضع قرب المدينة. (معجم البلدان ١ / ٢٢٣).

(٢) هنا في (ع) اضطراب في النصّ ، وكذلك في منتقى الأحمديّة ، صحّحته من نسخة الدار ، وتاريخ الطبري ٤ / ٣٥٠ ، وتاريخ دمشق ٣١٧.

٤٣٩

ودخلوها ، وضجّوا بالتّكبير ، ونزلوا في مواضع عساكرهم (١) ، وأحاطوا بعثمان وقالوا : من كفّ يده فهو آمن.

ولزم النّاس بيوتهم ، فأتى عليّ رضي‌الله‌عنه فقال. ما ردّكم بعد ذهابكم؟ قالوا : وجدنا مع بريد كتابا بقتلنا ، وقال الكوفيّون والبصريّون : نحن نمنع إخواننا وننصرهم. فعلم النّاس أنّ ذلك مكر منهم.

وكتب عثمان إلى أهل الأمصار يستمدّهم ، فساروا اليه على الصّعب والذّلول ، فبعث معاوية اليه حبيب بن مسلمة ، وبعث ابن أبي سرح معاوية بن حديج (٢) وسار إليه من الكوفة القعقاع بن عمرو.

فلمّا كان يوم الجمعة صلّى عثمان بالنّاس وخطب فقال : يا هؤلاء الغزّاء (٣) الله الله ، فو الله إنّ أهل المدينة ليعلمون أنّكم ملعونون على لسان محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فامحوا الخطأ بالصّواب ، فإنّ الله لا يمحو السّيّء إلّا بالحسن ، فقام محمد بن مسلمة فقال : أنا أشهد بذلك ، فأقعده حكيم بن جبلة ، فقام زيد بن ثابت فقال : ابغني الكتاب ، فثار اليه من ناحية أخرى محمد بن أبي قتيرة (٤) فأقعده وتكلّم فأفظع ، وثار القوم بأجمعهم. فحصبوا النّاس حتّى أخرجوهم (٥) ، وحصبوا عثمان حتّى صرع عن المنبر مغشيّا عليه ، فاحتمل وأدخل الدّار.

__________________

(١) في منتقى ابن الملا (عشائرهم) عوض (عساكرهم) ، وما أثبتناه يوافق الطبري ، وابن عساكر.

(٢) في منتقى الأحمدية (خذيج) ، وهو تصحيف.

(٣) في نسخة دار الكتب (الغزاة) ، وفي تاريخ الطبري ٤ / ٣٥٣ «العدي» ، وما أثبتناه عن الأصل وتاريخ دمشق ٣٢٠.

(٤) في ع (أبي صبيرة) وهو تحريف ، والتصحيح من النسخ وتاريخ الطبري ، وتاريخ ابن عساكر.

(٥) أي من المسجد ، كما في تاريخ الطبري ٤ / ٣٥٣.

٤٤٠