تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

وقال عمرو بن مرّة ، عن أبي البختريّ (١) ، عن عليّ وسئل عن عبد الله فقال : علّم القرآن والسّنة ثمّ انتهى (٢).

وعن ابن مسعود قال : كناني النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا عبد الرحمن قبل أن يولد لي (٣).

وعن ابن المسيّب قال : رأيت ابن مسعود عظيم البطن أحمش السّابقين.

وقال قيس بن أبي حازم : رأيته آدم خفيف اللّحم (٤).

وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال : كان نحيفا قصيرا ، شديد الأدمة وكان لا يخضب (٥).

وعن غيره قال : كان ابن مسعود لطيف القدّ ، وكان من أجود النّاس ثوبا ، أبيض (٦) ، وأطيب النّاس ريحا (٧).

وقال ابن إسحاق : أسلم بن مسعود بعد اثنتين وعشرين نفسا.

وقال أبو الأحوص : سمعت أبا مسعود البدريّ وأبا موسى حين مات ابن مسعود ، وأحدهما يقول لصاحبه : أتراه ترك بعده مثله؟ قال : لئن قلت ذاك لقد كان يؤذن له إذا حجبنا ويشهد إذا غبنا (٨).

وقال أبو موسى : مكثت حينا وما أحسب ابن مسعود وأمّه إلّا من أهل

__________________

(١) في نسخة دار الكتب «البحتري» وهو تصحيف.

(٢) صفة الصفوة ١ / ٤٠١.

(٣) المستدرك ٣ / ٣١٣ ، المعجم الكبير ٩ / ٥٨.

(٤) انظر المستدرك ٣ / ٣١٣ ، ٣١٤ من طريق عبد الله بن سخبرة.

(٥) تاريخ بغداد ١ / ١٤٩.

(٦) «أبيض» سقطت من «المنتقى» لابن الملّا.

(٧) طبقات ابن سعد ٣ / ١٥٧.

(٨) انظر المستدرك ٣ / ٣١٦ ، وصفة الصفوة ١ / ٤٠١ ، ٤٠٢.

٣٨١

بيت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم من كثرة دخولهم وخروجهم عليه (١).

وقال القاسم بن عبد الرحمن : كان عبد الله بن مسعود يلبس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نعليه ويمشي أمامه بالعصا ، حتّى إذا أتى مجلسه نزع نعليه ، فأخذهما عبد الله وأعطاه العصا ، وكان يدخل الحجرة أمامه بالعصا (٢).

وعن عبيد الله بن عبد الله (٣) قال : كان عبد الله صاحب سواد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يعني سرّه ، وصاحب وساده يعني فراشه ، وصاحب سواكه (٤) ونعليه وطهوره ، وهذا يكون في السّفر (٥).

وعن عبد الله قال : كنت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حائط فبشّرني بالجنّة.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من أحبّ أن يقرأ القرآن غضّا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أمّ عبد» (٦).

قال ابن مسعود : ثمّ قعدت أدعو فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «سل تعطه» ،

فكان فيما قلت : اللهمّ إنّي أسألك إيمانا لا يرتدّ (٧) ، ونعيما لا ينفذ ، ومرافقة نبيّك محمد في أعلى جنان الخلد (٨).

__________________

(١) المستدرك ٣ / ٣١٤ ، ٣١٥ ، وأخرجه البخاري في الفضائل (٣٧٦٣) باب فضائل عبد الله بن مسعود ، وفي المغازي (٤٣٨٤) باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن ، ومسلم في الفضائل (٢٤٦٠) باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمّه ، والترمذي في المناقب (٣٨٠٨) باب مناقب عبد الله.

(٢) طبقات ابن سعد ٣ / ١٥٣ ، صفة الصفوة ١ / ٣٩٧.

(٣) في بعض رجال هذه الأخبار تحريفات وصحّحتها من سير النبلاء ١ / ٤٦٩.

(٤) لذلك يقال له : صاحب السّواد وصاحب السّواد.

(٥) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ١٥٣.

(٦) صحيح ، رواه أحمد في المسند ١ / ٧ ، وابن ماجة (١٣٨) عن أبي بكر وعمر معا ، ورواه أحمد ١ / ٢٦ و ٣٨ ، والبيهقي ١ / ٤٥٢ ، والحاكم ٣ / ٣٦٨ عن عمر ، ورواه أحمد ١ / ٤٤٥ ، و ٤٥٤ ، وابن سعد ٢ / ٣٤٢ عن ابن مسعود ، والطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٦٧ رقم ٨٤٢٥.

(٧) في المنتقى لابن الملّا ، ونسخة دار الكتب «يزيد».

(٨) إسناده حسن ، رواه أحمد في المسند ١ / ٤٤٥ و ٤٥٤ ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ٣١٧ من

٣٨٢

وقال أبو إسحاق السّبيعيّ ، عن الحارث ، عن عليّ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو كنت مؤمّرا أحدا عن غير مشورة لأمّرت عليهم ابن أمّ عبد». رواه أحمد في «مسندة» (١) والتّرمذيّ (٢).

وعن عليّ قال : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ابن مسعود فصعد شجرة فنظر الصّحابة إلى ساقي عبد الله ، فضحكوا من حموشة ساقيه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما تضحكون لهما في الميزان يوم القيامة أثقل من أحد.» رواه مغيرة ، عن أمّ موسى (٣) ، عن عليّ (٤).

وقال عبد الملك بن عمير ، عن مولى لربعيّ ، عن ربعيّ ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اقتدوا باللّذين من بعدي : أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمّار ، وتمسّكوا بعهد ابن أمّ عبد» (٥). حسّنه التّرمذيّ (٦)

__________________

= طريق جرير بن عبد الله بن يزيد الصهباني ، عن كميل بن زياد ، عن عليّ. وصحّحه ووافقه الذهبي في تلخيصه ، وانظر حلية الأولياء ١ / ١٢٤ وما بعدها ، وسير أعلام النبلاء ١ / ٤٧٥ ، وصفة الصفوة ١ / ٣٩٩ ، والطبراني ٩ / ٦٢ رقم ٨٤١٦ و ٨٤١٧٠.

(١) ١ / ٧٦ و ٩٥ و ١٠٧ و ١٠٨ وإسناده ضعيف لضعف الحارث ، وهو : ابن عبد الله الأعور الهمدانيّ.

(٢) في المناقب (٣٨١٠) باب مناقب عبد الله بن مسعود. وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ١ / ١٤٨.

(٣) في المنتقى لابن الملّا «معبد» وهو تحريف.

(٤) حديث صحيح ، أخرجه أحمد في المسند ١ / ١١٤ و ٤٢٠ و ٤٢١ ، وابن سعد ٣ / ١٥٥ ، وأبو نعيم في الحلية ١ / ١٢٧ ، والفسوي في المعرفة والتاريخ ٣ / ٥٤٦ ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٣١٧ ، وصحّحه ووافقه الذهبي في تلخيصه ، وأخرجه ابن جميع الصيداوي في «معجم الشيوخ» ٣٥ رقم ٨٧ من طريق أبي عتّاب ، عن شعبة ، عن معاوية بن قرّة ، عن أبيه ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٩ / ٢٨٩ وقال : رواه البزّار ، والطبراني ورجالهما رجال الصحيح ، وانظر : سير أعلام النبلاء ١ / ٤٧٩ ، ٤٨٠ ، وصفة الصفوة ١ / ٣٩٩ ، والمعجم الكبير ٩ / ٧٥ رقم ٨٤٥٢ و ٨٤٥٣ و ٨٤٥٤.

(٥) في المنتقى لابن الملّا «معبد» وهو تحريف.

(٦) في المناقب (٣٨٨٧) باب مناقب عمّار بن ياسر ، و (٣٨٩٣) باب مناقب عبد الله بن مسعود ، من طريق سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء ، عن ابن مسعود ، وهو في مسند أحمد ٥ / ٣٨٥ =

٣٨٣

لكنّ لفظه : «وما حدّثكم ابن مسعود فصدّقوه».

وقال منصور ، عن القاسم بن عبد الرحمن قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «رضيت لأمّتي ما رضي لها ابن أمّ عبد» (١). وروى نحوه من طرق أخر.

وقال علقمة : كان ابن مسعود يشبه النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في هديه ودلّه وسمته (٢).

وقال أبو إسحاق السّبيعيّ : سمعت عبد الرحمن بن يزيد يقول : قلنا لحذيفة : أخبرنا برجل قريب السّمت والدّلّ برسول الله حتّى نلزمه ، قال : ما أعلم أحدا أقرب سمتا ولا هديا ولا دلّا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتّى يواريه جدار بيته من ابن أمّ عبد ، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّ ابن أمّ عبد من أقربهم إلى الله زلفة (٣).

__________________

و ٤٠٢ ، وصحّحه ابن حبّان (٢١٩٣) ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٧٥ ، ووافقه الذهبي في تلخيصه. والطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٦٧ ، ٦٨ رقم ٨٤٢٦ من طريق سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء ، عن عبد الله.

(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ٣١٧ وقال : هذا إسناد صحيح ولم يخرجاه ، وله علّة ووضّح الذهبي في تلخيصه العلّة وهي : أن سفيان وإسرائيل روياه عن منصور ، عن القاسم بن عبد الرحمن مرسلا ، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٧٧ رقم ٨٤٥٨.

(٢) طبقات ابن سعد ٣ / ١٥٤.

(٣) في طبقات ابن سعد ٣ / ١٥٤ «وسيلة» بدل «زلفة» ، وأخرجه الترمذي في المناقب (٣٨٠٩) باب مناقب عبد الله بن مسعود ، وقال : حديث حسن صحيح ، وأخرجه البخاري في الفضائل (٣٧٦٢) باب مناقب عبد الله بن مسعود ، وأحمد في المسند ٥ / ٤٠١ ، ٤٠٢ ، وكلهم من طريق شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن حذيفة إلى قوله : «من ابن أمّ عبد».

وأخرجه البخاري في الأدب (٦٠٩٧) باب الهدي الصالح ، وابن سعد ، والفسوي في المعرفة والتاريخ ٢ / ٥٤٠ و ٥٤٢ كلّهم من طريق الأعمش ، عن شقيق ، عن حذيفة.

وانظر : معجم الشيوخ لابن جميع الصيداوي (بتحقيقنا) ٨٢ رقم ٢٧ ، وسير أعلام النبلاء ١ / ٤٨٤ ، وصفة الصفوة ١ / ٣٩٨ ، ورواه الطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٦ و ٨٧ رقم ٨٤٨٢ و ٨٤٨٣ و ٨٤٨٤ بلفظ : «المحظوظون» بدل «المحفوظون» ، وحلية الأولياء ١ / ١٢٦.

٣٨٤

وقال أبو إسحاق ، عن حارثة بن مضرّب قال : كتب عمر إلى أهل الكوفة : إنّني قد بعثت إليكم عمّار بن ياسر أميرا ، وابن مسعود معلّما ووزيرا ، وهما من النّجباء من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أهل بدر ، فاسمعوا لهما ، واقتدوا بهما ، فقد آثرتكم بعبد الله على نفسي (١).

وقال عبد الله بن عمرو : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «استقرءوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن مسعود (٢) ، وأبيّ بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى أبي حذيفة» (٣).

وقال مسروق ، عن عبد الله قال : ما من آية إلّا أعلم فيم أنزلت ، ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله منّي تبلّغنيه الإبل لأتيته (٤).

__________________

(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٣ / ١ / ١٨١ ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٣٨٨ وصحّحه ووافقه الذهبي ، والفسوي في المعرفة والتاريخ ٢ / ٥٣٣ ، والطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٨٥ رقم ٨٤٧٨.

(٢) في سير أعلام النبلاء ١ / ٤٨٦ «فبدأ به».

(٣) أخرجه البخاري في الفضائل (٣٧٥٨) باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة ، و (٣٧٦٠) و (٣٨٠٦) في مناقب الأنصار ، و (٤٩٩٩) في فضائل القرآن ، باب القراء من أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٢٢٥ وصحّحه ووافقه الذهبي في تلخيصه ، وأبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ١٧٦ ، والفسوي في المعرفة والتاريخ ٢ / ٥٣٧ ، ٥٣٨ ، وانظر مجمع الزوائد ٩ / ٣١١ والطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٦٠ رقم ٨٤١٠ و ٨٤١١ و ٨٤١٢.

(٤) إسناده صحيح ، أخرجه البخاري في فضائل القرآن (٥٠٠٢) باب القرّاء من أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من طريق عمر بن حفص ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن مسلم أبي الضحى ، عن مسروق ، قال : قال عبد الله ، رضي‌الله‌عنه : «والله الّذي لا إله غيره ، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلّا أنا أعلم أين أنزلت ، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلّا أنا أعلم فيمن أنزلت ، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه».

وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة (٢٤٦٣) باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمّه ، من طريق الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله بلفظ : «ولقد قرأت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بضعا وسبعين سورة ، ولقد علم أصحاب رسول الله ، أني أعلمهم بكتاب الله ، ولو أعلم أنّ أحدا أعلم مني لرحلت إليه».

وأخرجه البخاري أيضا (٥٠٠٠) من طريق الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله ، ..

٣٨٥

وقال الزّهري : أخبرني عبيد الله بن عبد الله ، أنّ ابن مسعود كره لزيد نسخ المصاحف وقال : يا معشر المسلمين أعزل عن نسخ المصاحف ويتولّاها رجل غيري ، والله لقد أسلمت وإنّه لفي صلب أبيه ، يا أهل الكوفة : اكتموا المصاحف التي عندكم وغلّوها (١).

قلت : قال ذلك لما جعل عثمان زيد بن ثابت على كتابة المصاحف ، وتطلّب سائر مصاحف الصحابة ليغسلها أو يحرّقها ، فعل ذلك ليجمع الأمّة على مصحف واحد.

قال أبو وائل : خطب ابن مسعود وقال : غلّوا مصاحفكم ، كيف يأمروني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت (٢) ، وقد قرأت من في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

__________________

= والخطيب البغدادي في «الرحلة في طلب الحديث» برقم (٢٥) ، والطبراني ٩ / ٦٨.

(١) رجاله ثقات ، لكنه منقطع ، فقد أرسل عبيد الله بن عبد الله عن عمّ أبيه عبد الله بن مسعود ، وأخرجه الترمذي في التفسير ، ضمن حديث رقم (٣١٠٤) باب : ومن سورة التوبة ، وابن أبي داود في «المصاحف» ص ١٧ ، وانظر الفتح الباري ٩ / ١٧ باب جمع القرآن ، وسير أعلام النبلاء ١ / ٤٨٧.

(٢) قال ابن كثير : في البداية والنهاية ٧ / ٢١٨. فكتب إليه عثمان يدعوه إلى اتّباع الصّحابة فيما أجمعوا عليه من المصلحة في ذلك وجمع الكلمة وعدم الاختلاف ، فأناب وأجاب إلى المتابعة وترك المخالفة رضي‌الله‌عنهم أجمعين. وانظر سير أعلام النبلاء ١ / ٤٨٨.

ويقول المرحوم الأستاذ الكوثري : إنّ ابن مسعود رضوان الله عليه بعد أن أبدى استياءه من عدم توليته أمر الكتابة ، وافق الجماعة على هذا العمل الحكيم. وكان زيد بن ثابت ـ عليه رضوان الله ـ هو الّذي قام بكتابة القرآن ، ومعه رهط في عهد عثمان ، كما كان هو القائم بها في عهد أبي بكر ـ رضوان الله عليهم ـ فليس لابن مسعود أن يغضب من تولية عثمان زيدا أمر نسخ القرآن وكتابته ، لأنه هو الّذي كان وقع عليه الاختيار في العهدين ، بسبب أنّ زيدا كان أكثر كتّاب الوحي ملازمة للنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في كتابة الوحي على شبابه وقوّته وجودة خطّه ، ولأبي بكر وعثمان أسوة حسنة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في اختياره لكتابة المصحف الكريم ، على أنّ طول ممارسته لمهمّة كتابة القرآن يجعله جاريا على نمط واحد في الرّسم. واتّحاد الرسم في جميع أدوار كتابة القرآن أمر مطلوب جدا. وتحميل مثل هذا العمل الشاقّ للشيوخ من الصّحابة فيه إرهاق. وليس أحد من الصحابة ينكر فضل ابن مسعود وسبقه واتّساعه في معرفة القرآن وعلومه ، لكنّهم لا يرون وجها لاستيائه من هذا الأمر ، وهو القائم بمهمّة عظيمة في الكوفة ، يفقّه أهلها في دين الله ويعلّمهم =

٣٨٦

بضعا وسبعين سورة ، وإنّ زيدا ليأتي مع الغلمان له ذؤابتان (١).

وقال أبو وائل : إنّي لجالس مع عمر ، إذ جاء ابن مسعود ، فكاد (٢) الجلوس يوازونه من قصره ـ يعني وهو قائم ـ فضحك عمر حين رآه ، وجعل يكلّم عمر ويضاحكه وهو قائم عليه ، ثم ولّى فأتبعه عمر بصره حتّى توارى فقال : كنيف مليء علما (٣).

وقال الأعمش ، عن أبي عمرو (٤) الشّيبانيّ ، عن أبي موسى أنّه قال : لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر بين أظهركم ، يعني ابن مسعود (٥).

__________________

= القرآن ، وابتعاده عن الكوفة سنين لم يكن من مصلحة العلم الّذي كان زرع بذوره هناك ، بل كان من الواجب أن يستمرّ على تعهّد غراسه ليؤتي أكله بإذن ربّه.

وقد استمرّ عمل الجماعة في نسخ المصاحف مدّة خمس سنين ، من سنة خمس وعشرين إلى ثلاثين في التحقيق. ثمّ أرسلوا المصاحف المكتوبة إلى الأمصار. وقد احتفظ عثمان بمصحف منها لأهل المدينة ، وبمصحف لنفسه. وكانت تلك المصاحف تحت أشراف قرّاء مشهورين في الإقراء والمعارضة بها. فشكرت الأمّة صنيع عثمان رضي‌الله‌عنه.

(١) أخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» ٢ / ٥٣٧ ، وابن أبي داود في «المصاحف» ١٥ ، ١٦ من طريق سعدويه ، وأيوب بن مسلمة ، كلاهما عن أبي شهاب (موسى بن نافع) ، عن الأعمش ، عن أبي وائل .. ، وحلية الأولياء ١ / ١٢٥ ، والطبراني في المعجم الكبير ٩ / ٧٠ رقم ٨٤٣٣ ـ ٨٤٣٧.

(٢) في ح (فكان) بدل (فكاد).

(٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٣ / ١٥٦ ، وأبو نعيم في الحلية ١ / ١٢٩ والفسوي في المعرفة والتاريخ ٢ / ٥٤٣ من طريق : عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب .. وإسناده صحيح.

وكنيف : تصغير كنف ، وهو الوعاء.

(٤) في النسخة (ح) «عمر» بدل «عمرو» وهو تحريف.

(٥) أخرجه أحمد في المسند ١ / ٤٦٣ ، والبخاري في الفرائض ١٢ / ١٣ ، ١٤ باب ميراث ابنة ابن مع ابنة ، من طريق شعبة ، عن أبي قيس ، عن هذيل بن شرحبيل ، وأخرجه أبو داود في الفرائض (٢٨٩٠) باب ما جاء في ميراث الصلب ، من طريق الأعمش ، عن أبي قيس الأودي ، عن هذيل بن شرحبيل ، وأخرجه الدارميّ ٢ / ٣٤٨ ، والترمذي (٢٠٩٣) ، وابن ماجة (٢٧٢١) وثلاثتهم في الفرائض ، من طريق : سفيان الثوري ، عن أبي قيس الأودي ، عن هذيل بن شرحبيل ، قال : «سئل أبو موسى الأشعري عن ابنة ، وابنة ابن ، وأخت ، فقال : للابنة =

٣٨٧

وقال أبو إسحاق ، عن أبي عبيدة بن عبد الله : سمعت أبا موسى يقول : مجلس كنت أجالسه ابن مسعود أوثق في نفسي من عمل سنة (١).

وقال الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن حريث بن ظهير (٢) قال : جاء نعي عبد الله إلى أبي الدّرداء فقال : ما ترك بعده مثله (٣).

وقال مسروق : انتهى علم الصّحابة إلى عليّ وابن مسعود (٤).

وقال زيد بن وهب : رأيت بعيني عبد الله أثرين أسودين من البكاء (٥).

وعن ابن مسعود قال : حبّذا المكروهان الموت والفقر ، وايم الله ما هو إلّا الغنى والفقر ، وما أبالي بأيّهما ابتدئت (٦).

وقال سيف بن عمر ، عن عطيّة ، عن أبي سيف قال : اتّخذ ابن مسعود ضيعة براذان (٧) ، ومات عن تسعين ألف مثقال ، سوى رقيق وعروض وماشية.

__________________

= النصف ، وللأخت النصف ، وإن ابن مسعود سيتابعني. فسئل ابن مسعود ، وأخبر بقول أبي موسى ، فقال : لقد ضللت إذا ، وما أنا من المهتدين ، أقضى فيها بما قضى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : للابنة النصف ، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين ، وما بقي فللأخت. فأتينا أبا موسى وأخبرناه بقول ابن مسعود فقال : لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم».

(١) رجاله ثقات ، لكنه منقطع. أخرجه الفسوي في المعرفة والتاريخ ٢ / ٥٤٥.

(٢) «حريث» و «ظهير» مهملان في بعض النسخ.

(٣) أخرجه البخاري في «التاريخ الصغير» ١ / ٦٠ من طريق مسدّد ، عن يحيى القطّان ، عن سفيان ، حدّثني الأعمش ، عن عمارة ، عن حريث بن ظهير ، وحريث بن ظهير هذا مجهول.

(تقريب التهذيب ١ / ١٥٩ رقم ٢١٠) وباقي رجاله ثقات.

(٤) أخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» ١ / ٤٤٤ ، ٤٤٥ من طريق زياد البكائي ، وجرير الضبيّ ، عن منصور ، عن الشعبي ، عن مسروق .. ومن طريقين آخرين.

(٥) سير أعلام النبلاء ١ / ٤٩٥.

(٦) حلية الأولياء ١ / ١٣٢ وفيه «ابتليت» بدل «ابتدئت».

(٧) في نسخة دار الكتب «بزاذان» ، والتصحيح من معجم البلدان ٣ / ١٢ حيث قال : بعد الألف ذال معجمة ، راذان الأسفل وراذان الأعلى : كورتان بسواد بغداد تشتمل على قرى كثيرة.

٣٨٨

وقال عامر بن عبد الله بن الزّبير إنّ ابن مسعود أوصى إلى الزّبير بن العوّام.

وقال قيس بن أبي حازم : دخل الزّبير على عثمان بعد وفاة ابن مسعود فقال : أعطني عطاء عبد الله فعيال عبد الله أحقّ به من بيت المال ، فأعطاه خمسة عشر ألفا (١).

همّام ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن أبيه ، عن ابن مسعود ، في الرجل يزني بالمرأة ثم يتزوّجها قال : هما زانيان ما اجتمعا ، قال قتادة : فقلت لسالم : أيّ رجل كان أبوك؟ قال : كان قارئا لكتاب الله.

الأعمش ، عن مالك بن الحارث (٢) ، عن أبي الأحوص : سمعت أبا مسعود الأنصاريّ يقول : والله ما أعلم النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ترك أحدا أعلم بكتاب الله من هذا ، يريد عبد الله بن مسعود (٣).

الطّيالسيّ : ثنا شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، حدّثني حبّة العرني قال : كتب عمر : يا أهل الكوفة أنتم رأس العرب وجمجمتها ، وسهمي الّذي أرمي به ، قد بعثت إليكم بعبد الله وخرت لكم وآثرتكم به على نفسي (٤).

توفّي عبد الله بالمدينة ، وكان قدمها فمرض أيّاما ودفن بالبقيع ، وله ثلاث وستّون سنة.

__________________

(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٣ / ١٦٠ من طريق يزيد بن هارون ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم. ورجاله ثقات.

(٢) في ع ، ح (الحويرث) بدل (الحارث) وهو خطأ ، على ما في تهذيب التهذيب حيث ذكر في الرواة عن مالك بن الحارث (أبا الأحوص).

(٣) أخرجه مسلم في الفضائل (٢٤٦١ / ١١٣) ، والفسوي في المعرفة والتاريخ ٢ / ٤١٤.

(٤) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٣ / ١٥٧ من طريق وهيب ، عن داود ، عن عامر ..

٣٨٩

عبد الرحمن بن عوف (١)

ع (٢)

ابن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب ، أبو محمد القرشيّ

__________________

(١) السير والمغازي لابن إسحاق ١٤٠ و ١٧٦ و ٢٢٢ و ٢٢٤ و ٢٧٠ ، المغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام ٣ / ١٢٠٢) ، نسب قريش ٢٦٥ و ٤٤٨ ، الأخبار الموفقيّات ٥٧٨ ، تهذيب سيرة ابن هشام ٥٦ و ١٢٧ و ١٣٨ و ٢١٣ و ٢٢٨ و ٣٤٤ ، المحبّر لابن حبيب ١٣ و ١٥ و ٦٥ و ٦٧ و ٧١ و ٧٢ و ١٠١ و ١٠٣ و ١١٠ و ١٢٠ و ١٥٠ و ١٧٥ و ٣٥٦ و ٤٠٨ و ٤٤٦ و ٤٥٣ و ٤٧٤ ، المعرفة والتاريخ (انظر فهرس الأعلام ٣ / ٦١٩) ، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٨٤ رقم ٥٣ ، عيون الأخبار ١ / ١٢ و ٢٥٧ ، طبقات ابن سعد ٣ / ١٢٤ ـ ١٣٧ ، مسند أحمد ١ / ١٩٠ ـ ١٩٥ ، طبقات خليفة ١٥ ، تاريخ خليفة ١٦٦ ، التاريخ الكبير ٥ / ٢٣٩ ، ٢٤٠ رقم ٧٩٠ ، التاريخ الصغير ١ / ٥٠ و ٥١ و ٦٠ و ٦١ ، المعارف ٢٣٥ ـ ٢٤٠ ، الجرح والتعديل ٥ / ٢٤٧ رقم ١١٧٩ ، ذيل المنتخب ٥٥٦ ، تاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام ١٠ / ٣٢١) ، أخبار القضاة لوكيع ١ / ٤٧ و ١٦٥ و ٣ / انظر فهرس الأعلام ١ / ٦٦٢) ، وق ٣ / ٢٨٦ ، و ٣١٠ ، وق ٤ ج ١ / ٤٨٣ و ٥٠٠ ـ ٥١٠ و ٥١٥ و ٥٢١ و ٥٢٧ و ٥٢٨ و ٥٤٦ و ٥٤٧ و ٥٧٤ ، و ٥ / ٢ و ١٥ ـ ١٩ و ٢٢ و ٢٣ و ٢٨ و ٣٤ و ٣٩ ، فتوح البلدان ٨ و ١٨ و ٣٢٧ ، الزهد لابن المبارك ١ / ١٨٢ و ٢ / ١٨٣ و ٤٤٣ ، حلية الأولياء ١ / ٩٨ ـ ١٠٠ رقم ٩ ، مشاهير علماء الأمصار ٨ رقم ١٢ ، الكنى والأسماء للدولابي ١ / ١٠ و ٥٢ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٦٩ ، العقد الفريد (انظر فهرس الأعلام ٧ / ١٢٤) ، ترتيب الثقات للعجلي ٢٩٧ رقم ٩٧٢ ، جمهرة أنساب العرب ١٣١ ، ١٣٢ ، البدء والتاريخ للمقدسي ٥ / ٨٦ ، المعجم الكبير للطبراني ١ / ٨٨ ـ ٩٩ ، المستدرك ٣ / ٣٠٦ ـ ٣١٢ ، الاستيعاب ٢ / ٣٩٣ ـ ٣٩٨ ، الجمع بين رجال الصحيحين ٢٨١ ، صفة الصفوة ١ / ٣٤٩ ـ ٣٥٥ رقم ٨ ، جامع الأصول ٩ / ١٩ ، أسد الغابة ٣ / ٤٨٠ ـ ٤٨٥ ، الكامل في التاريخ (انظر فهرس الأعلام ١٣ / ٢١٦) ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ١ / ٣٠٠ ـ ٣٠٢ رقم ٣٥٧ ، لباب الآداب لابن منقذ ٩٥ و ٣٠٥ ، الزيارات للهروي ٣٧ و ٩٣ ، ٩٤ ، التذكرة الحمدونية ١ / ١١٨ و ١٢٤ و ١٣٧ و ٤٠١ ، نهاية الأرب للنويري ١٩ / ٤٤٩ ، الرياض النضرة ٢ / ٢٨١ ، تحفة الأشراف للمزّي ٧ / ٢٠٥ ـ ٢١٦ رقم ٣٣٩ ، تهذيب الكمال ٢ / ٨١٠ ، دول الإسلام ١ / ١٦ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٦٨ ـ ٩٢ رقم ٤ ، تلخيص المستدرك ٣ / ٣٠٦ ـ ٣١٢ ، العبر ١ / ٣٣ ، الكاشف ٢ / ١٥٩ رقم ٣٣٢٦ ، تلقيح فهوم الأثر ٣٦٥ ، مرآة الجنان ١ / ٨٦ ، البداية والنهاية ٧ / ١٦٣ ، ١٦٤ ، الوفيات لابن قنفذ ٣٠ رقم ٣٢ ، ربيع الأبرار ٤ / ٣٩ و ٥١ و ٢٩٧ و ٣٨١ ، العقد الثمين ٥ / ٣٩٦ ـ ٣٩٨ ، شفاء الغرام (بتحقيقنا) ١ / ٢٤١ و ٢ / ١٠٤ و ٢١٧ و ٣٣٨ ، تهذيب التهذيب ٦ / ٢٤٤ ـ ٢٤٦ رقم ٤٩٠ ، تقريب التهذيب ١ / ٤٩٤ رقم ١٠٧٠ ، النكت الظراف ٧ / ٢٠٦ ـ ٢١٦ ، الإصابة ٢ / ٤١٦ ، ٤١٧ رقم ٥١٧٩ ، خلاصة =

٣٩٠

الزّهريّ ، أحد العشرة المشهود لهم بالجنّة ، وأحد الثّمانية الذين سبقوا إلى الإسلام ، وأحد السّتّة أصحاب الشّورى.

روى عنه بنوه إبراهيم ، وحميد ، وعمرو ، ومصعب ، وأبو سلمة ، ومالك بن أوس بن الحدثان ، وأنس بن مالك ، ومحمد بن جبير بن مطعم ، وغيلان بن شرحبيل ، وآخرون.

وكان اسمه في الجاهليّة عبد عمرو ، وقيل عبد الكعبة. وكان على ميمنة عمر في قدمته إلى الجابية ، وعلى ميسرته في نوبة سرغ (١).

مولده بعد الفيل بعشر سنين. وقد أسقط البخاريّ وغيره (عبدا) من نسبه.

وقال الهيثم بن كليب وغيره : (عبد الحارث) في (عبد بن الحارث).

وعن عبد الرحمن قال : كان اسمي عبد عمرو ، فسمّاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عبد الرحمن (٢). وعن سهلة (٣) بنت عاصم قالت : كان عبد الرحمن أبيض ، أعين ، أهدب الأشفار ، أقنى ، طويل النّابين الأعليين ، ربّما أدمى نابه شفته. له جمّة أسفل أذنيه ، أعنق ، ضخم الكفّين (٤).

__________________

= تذهيب التهذيب ٢٣٢ ، تاريخ الخميس ٢ / ٢٥٧ ، كنز العمّال ١٣ / ٢٢٠ ـ ٢٣٠ ، شذرات الذهب ١ / ٣٨.

(٢) الرمز ساقط من النسخ ، والمثبت من مصادر الترجمة.

__________________

(١) سرغ : أول الحجاز وآخر الشام بين المغيثة وتبوك من منازل حاجّ الشام. (معجم البلدان ٣ / ٢١٢).

(٢) رواه الطبراني في المعجم الكبير ١ / ١٢٦ رقم ٢٥٤ ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٣٠٦ ، وابن سعد في الطبقات ٣ / ١٢٤ وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه.

(٥) في النسخة (ح) «سلمة» بدل «سهلة» ، والتصحيح من النسخ الأخرى ، والإصابة ، وسير أعلام النبلاء ١ / ٧٥.

(٣) الاستيعاب ٢ / ٣٩٦ ، صفة الصفوة ١ / ٣٥٠.

٣٩١

وقال ابن إسحاق : كان عبد الرحمن ساقط الثّنيتين ، أهتم أعسر ، أعرج ، كان قد أصيب يوم أحد فهتم ، وجرح عشرين جراحة ، بعضها في رجله فعرج (١).

وعن يعقوب بن عتبة قال : كان طوالا ، حسن الوجه ، رقيق البشرة ، فيه جنأ أبيض بحمرة ، لا يغيّر شيبة (٢).

وقال صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن ، عن أبيه قال : كنّا نسير مع عثمان ، فرأى أبي فقال عثمان : ما يستطيع أحد أن يعتدّ على هذا الشيخ ، فضلا في الهجرتين جميعا.

وعن أنس قال : قدم عبد الرحمن المدينة فآخى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الخزرجيّ ، فقال : إنّ لي زوجتين ، فانظر أيّهما شئت حتّى أطلّقها لتتزوجها وأشاطرك نصف مالي ، فقال : بارك الله لك في أهلك ومالك ، ولكن دلّوني على السّوق ، فذهب ورجع وقد حصّل شيئا (٣).

وقد روى أحمد (٤) في «مسندة» من حديث أنس ، أنّ عبد الرحمن أثرى وكثر ماله حتّى قدمت له مرّة سبعمائة راحلة تحمل البرّ والدقيق ، فلما قدمت سمع لها أهل المدينة رجّة ، فبلغ ذلك عائشة فقالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «عبد الرحمن بن عوف لا يدخل الجنّة إلّا حبوا». فلمّا بلغه قال : يا أمّه أشهدك أنّها بأحمالها وأحلاسها في سبيل الله (٥).

__________________

(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ٣٠٨ وفيه «إحدى وعشرون جراحة» ، والطبراني ١ / ١٢٨ رقم ٢٦١ ، وانظر : سيرة ابن هشام ٢ / ٨٣ ، والإصابة ٢ / ٤١٧ ، وصفة الصفوة لابن الجوزي ١ / ٣٥٠.

(٢) ابن سعد ٣ / ١٣٣ ، الحاكم ٣ / ٣٠٨ ، ابن عبد البرّ في الاستيعاب ٢ / ٣٩٥ ، وابن حجر في الإصابة ٢ / ٤١٧.

(٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٣ / ١٢٦ من طريق ثابت ، وحميد ، عن أنس بن مالك.

(٤) في طبعة القدسي ٣ / ٢٢٢ «عبد» بدل «أحمد» ، وهو وهم.

(٥) أخرجه أحمد في المسند ٦ / ١١٥ ، والطبراني في المعجم الكبير ١ / ١٢٩ رقم ٢٦٤ ، وابن سعد في

٣٩٢

قلت : كان تاجرا سعيدا فتح عليه في التّجارة وتموّل ، حتّى إنّه باع مرّة أرضا بأربعين ألف دينار فتصدّق بها ، وحمل على خمسمائة فرس في سبيل الله ، ثمّ على خمسمائة راحلة (١).

وفي «الصّحيح» أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم غاب مرّة فقدّموا عبد الرحمن يصلّي بالنّاس ، فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يصلّي بالنّاس ، فأراد أن يتأخّر ، فأومأ إليه أن اثبت مكانك. فصلّى وصلّى رسول الله خلفه (٢). وهذه منقبة عظيمة.

وقال محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبيه قال : رأيت الجنّة ، وأنّي دخلتها حبوا ، ورأيت أنّه لا يدخلها إلّا الفقراء.

وعن عبد الله بن أبي أوفى قال : شكا عبد الرحمن خالدا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «يا خالد لا تؤذ رجلا من أهل بدر ، فلو أنفقت مثل أحد ذهبا لم تدرك عمله» (٣).

__________________

= طبقاته ٣ / ١٣٢ بلفظ مختلف ، وأبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ٩٨ ، وابن الجوزي في صفة الصفوة ١ / ٣٥٢.

وجاء في شذرات الذهب ١ / ٣٨ : «وما يذكر أنه يدخل الجنّة حبوا لغناه ، فلا أصل له ، ويا ليت شعري إذا كان هذا يدخلها حبوا ويتأخّر دخوله لأجل غناه فمن يدخلها سابقا مستقيما».

وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» ٧ / ١٦٤ : «تفرّد به عمارة بن زاذان الصيدلاني ، وهو ضعيف».

وقال المؤلّف الذهبي في سير أعلام النبلاء ١ / ٧٧ ، ٧٨ : «وبكلّ حال فلو تأخّر عبد الرحمن عن رفاقه للحساب ، ودخل الجنة حبوا على سبيل الاستعارة ، وضرب المثل ، فإنّ منزلته في الجنة ليست بدون منزلة عليّ والزبير ، رضي الله عن الكلّ».

والأحلاس : جمع حلس. وهو الكساء الّذي يلي ظهر البعير تحت القتب.

(١) انظر «المعجم الكبير» للطبراني ١ / ١٢٩ رقم ٢٦٥ ، وطبقات ابن سعد ٣ / ١٣٢ ، والحلية ١ / ٩٩.

(٢) المطالب العالية لابن حجر ، رقم ٤١٥ ونسبه إلى أبي يعلى.

(٣) ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٩ / ٣٤٩ وله زيادة ، ونسبه إلى الطبراني في المعجم الصغير ، والكبير باختصار ، والبزّار بنحوه ، وقال : رجال الطبراني ثقات. وأخرجه الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» ١٢ / ١٥٠ ، والحاكم في «المستدرك» ٣ / ٢٩٨ وصحّحه ، وتعقّبه الذهبي في =

٣٩٣

وقال محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «خياركم خياركم لنسائي» ، قال : فأوصى عبد الرحمن لهنّ بحديقة قوّمت بأربعمائة ألف (١).

وقال عبد الله بن جعفر : حدّثني أمّ بكر بنت المسور ، أنّ عبد الرحمن بن عوف باع أرضا له من عثمان بأربعين ألف دينار ، فقسّمها في فقراء بني زهرة ، وفي المهاجرين ، وأمّهات المؤمنين ، فقالت عائشة : سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنّة ، زاد يحيى الحمّاني فيه : عن عبد الله أنّها قالت : أما إني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لن يحنو عليكنّ بعدي إلّا الصّالحون» (٢).

وقال ابن إسحاق ، عن محمد بن عبد الرحمن بن حصين ، عن عوف بن الحارث ، عن أمّ سلمة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأزواجه : «إنّ الّذي يحنو عليكنّ بعدي لهو الصّادق البارّ ، اللهمّ اسق ابن عوف من سلسبيل الجنّة» (٣).

وعن نيار الأسلميّ قال : كان عبد الرحمن ممّن يفتي في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقال يزيد بن هارون : ثنا المعلّى الجزريّ ، عن ميمون بن مهران ،

__________________

= «تلخيص المستدرك» بقوله : رواه ابن إدريس ، عن ابن أبي خالد ، عن الشعبيّ مرسلا ، وهو أشبه. (انظر : سير أعلام النبلاء ١ / ٨٣ حاشية رقم ٣).

(١) أخرجه الحاكم في «المستدرك» ٣ / ٣١١ ، ٣١٢ وقال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، ووافقه المؤلّف في التلخيص. وأخرجه الترمذي (٣٧٥٠) وقال : حديث حسن غريب.

(٢) أخرجه أحمد في المسند ٦ / ١٠٤ بلفظ «الصابرون» بدل «الصالحون» ، و ٦ / ١٣٥ بلفظ «يحنّ» بدل «يحنو». وأخرجه الحاكم في «المستدرك» ٣ / ٣١٠ ، ٣١١ وصحّحه ، وتعقّبه الذهبي بقوله : ليس بمتّصل.

وأم بكر بنت المسور بن مخرمة مقبولة ، (تقريب التهذيب ٢ / ٦١٩ رقم ٧) وانظر : صفة الصفوة ١ / ٣٥٣ ، وابن سعد ٣ / ١٣٣.

(٣) أخرجه الحاكم في «المستدرك ٣ / ٣١١» وصحّحه ، ووافقه المؤلّف في تلخيصه ، وابن سعد في الطبقات ٣ / ١٣٢.

٣٩٤

عن ابن عمر ، أنّ عبد الرحمن قال لأصحاب الشّورى : هل لكم أن أختار لكم وأنفصل (١) منها؟ قال عليّ : أنا أوّل من رضي ، فإنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّك أمين في أهل السّماء والأرض» (٢).

وقال ابن لهيعة ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي عبيد بن أزهر ، عن أبيه (٣) أنّ عثمان اشتكى رعافا ، فدعا حمران فقال : اكتب لعبد الرحمن العهد من بعدي ، فكتب له ، فانطلق حمران إلى عبد الرحمن فقال : لك البشرى ، إنّ عثمان كتب لك العهد من بعده ، فقام بين القبر والمنبر فقال : اللهمّ إن كان من تولية عثمان إيّاي (٤) هذا الأمر فأمتني قبل عثمان ، فلم يعش إلّا ستّة أشهر.

وعن سعد بن الحسن (٥) قال : كان عبد الرحمن بن عوف لا يعرف من بين عبيده (٦).

وعن الزّهريّ قال : أوصى عبد الرحمن بن عوف لمن شهد بدرا ، فوجدوا مائة ، لكلّ رجل أربعمائة دينار ، وأوصى بألف فرس في سبيل الله (٧).

__________________

(١) عند ابن سعد «أتفصّى منها».

(٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٣ / ١٣٤ وانظر الاستيعاب ٢ / ٣٩٥.

(٣) في سير أعلام النبلاء ١ / ٨٨ : «عن أبيه ، عن جدّه ، أن عثمان».

(٤) في نسختي (ح) و (ع) ، والمنتقى لابن الملّا «أتاني» ، والتصحيح من نسخة دار الكتب وسير أعلام النبلاء.

(٥) في نسخة دار الكتب و (ح) «حسين» وكذلك في المنتقى لأحمد الثالث ، ثم صحّحت وكتب فوقها «جبير» ، ولهذا أثبت القدسي اسمه «سعيد بن جبير» في طبعته ٣ / ٢٢٤ وقال في الحاشية رقم (٣) : لعلّه الصواب على ما في «تهذيب التهذيب ٤ / ١٢».

وورد في صفة الصفوة ١ / ٣٥٥ «سعيد بن حسين» ، والأرجح ما أثبتناه حيث ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٤ / ٨٢ فقال : سعد بن الحسن ، أبو همام ، روى الحديث عن ليث ، وزائدة ، وروى عنه : ضمرة ، ومحمد بن يوسف الفريابي. وانظر : سير أعلام النبلاء ١ / ٨٩ الحاشية رقم (٢) ، والله أعلم بالصواب.

(٦) صفة الصفوة ١ / ٣٥٥.

(٧) سير أعلام النبلاء ١ / ٩٠.

٣٩٥

وقال إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف : سمعت عليّا يقول يوم مات أبي : اذهب يا بن عوف فقد أدركت صفوها وسبقت رنقها (١).

وقال محمد بن سيرين : اقتسم نساء ابن عوف ثمنهنّ فكان ثلاثمائة وعشرين ألفا (٢).

توفّي سنة اثنتين وثلاثين ، وله خمس وسبعون سنة ، ودفن في البقيع رضي‌الله‌عنه.

__________________

(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١ / ١٢٨ رقم ٢٦٣ / ١ وفيه «صفوتها» ، وأبو نعيم في حلية الأولياء ١ / ١٠٠ ، وابن سعد في الطبقات ٣ / ١٣٦ ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٣٠٦ و ٣٠٨.

والرنق : الكدر. يقال : ماء رنق ، أي كدر.

(٢) انظر طبقات ابن سعد ٣ / ١٣٦ ، ١٣٧ ، وصفة الصفوة ١ / ٣٥٥ ، وسير أعلام النبلاء ١ / ٩١.

٣٩٦

كعب الأحبار (١)

أبو إسحاق (٢) بن ماتع الحميري اليمانيّ الكتابيّ. أسلم في خلافة أبي بكر ، أو أوّل خلافة عمر.

وروى عن عمر ، وصهيب ، وعن كتب أهل الكتاب ، وكان في الغالب يعرف حقّها من باطلها لسعة علمه وكثرة اطّلاعه.

روى عنه ابن امرأته تبيع الحميريّ ، وأسلم مولى عمر ، وأبو سلّام الأسود ، وآخرون. ومن الصّحابة أبو هريرة ، وابن عبّاس ، ومعاوية.

وسكن الشّام وغزا بها. وتوفّي بحمص طالب غزاة.

__________________

(١) السير والمغازي لابن إسحاق ٦٦ و ٩٥ و ١٤١ ، المغازي للواقدي ١٠٨٢ ، ١٠٨٣ ، الزهد لابن المبارك (انظر فهرس الأعلام ـ ص : ش) ، التاريخ لابن معين ٢ / ٤٩٦ ، طبقات ابن سعد ٧ / ٤٤٥ ، ٤٤٦ ، أخبار مكة للأزرقي ١ / ٣١ و ٢ / ٤ و ٥٢ ، التاريخ الكبير ٧ / ٢٢٣ ، ٢٢٤ رقم ٩٦٢ ، التاريخ الصغير ١ / ٦٢ ، طبقات خليفة ٣٠٨ ، المحبّر لابن حبيب ١٣١ ، المعارف ٤٣٠ و ٤٣٩ ، عيون الأخبار ١ / ١٤٦ و ٢ / ١١٧ و ٢٧٧ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٧٥١ ، فتوح البلدان ١٨٢ ، أنساب الأشراف ق ٣ / ٧ و ١٧ و ٣٨ و ٤٣ و ٨٦ ، ق ٤ ج ١ / ٤٩٥ و ٥٤٢ ، ق ٥ / ١١ و ٥٢ ، تاريخ أبي زرعة ١ / ٣٧٣ ، ٣٧٤ ، تاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام ١٠ / ٣٧٩) ، الكنى والأسماء للدولابي ١ / ٩٩ ، الجرح والتعديل ١٦١ رقم ٩٠٦ ، الزاهر للأنباري ١ / ٢٠٢ و ٣٩٢ و ٦١٠ و ٢ / ١٢٧ و ٢٥٤ ، ثمار القلوب للثعالبي ٤٧٠ ، العقد الفريد ١ / ٨ و ٤ / ٤٠٦ و ٥ / ٢٧٤ و ٢٧٦ و ٦ / ٢٣٩ ، ربيع الأبرار للزمخشري ٤ / ٣٦٠ ، مشاهير علماء الأمصار ١١٨ رقم ٩١١ ، جمهرة أنساب العرب ٤٣٤ ، أسد الغابة ٤ / ٤٨٧ ، لباب الآداب لابن منقذ ١٥ و ٢٣٣ و ٤٢٤ ، الكامل في التاريخ ١ / ١٨ و ١٩ و ١٠٩ و ٤١٧ و ٦٧٤ و ٢ / ٥٦١ و ٣ / ٥٠ و ٥١ و ١١٥ و ١٥٣ و ١٥٦ و ٤ / ٣٦٠ و ٥ / ٣٠٠ ، الزيارات للهروي ٩ و ١٤ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٦٨ ، ٦٩ رقم ٩١ ، التذكرة الحمدونية ١ / ١٠٥ و ٢ / ١٣٧ ، تهذيب الكمال ٣ / ١١٤٦ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٤٩ ، العبر ١ / ٣٥ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٨٩ ـ ٤٩٤ رقم ١١١ ، شفاء الغرام (بتحقيقنا) ١ / ٣٢٠ و ٤٠٠ و ٢ / ١٧ و ١٩ ، الإصابة ٣ / ٣١٥ ، ٣١٦ رقم ٧٤٩٦ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٤٣٨ ، تقريب التهذيب ٢ / ١٣٥ رقم ٥٣ ، النجوم الزاهرة ١ / ٩٠ ، شذرات الذهب ١ / ٤٠ ، خلاصة تذهيب التهذيب ٢٧٣.

(٢) هذه الترجمة كلّها ساقطة من نسخة دار الكتب ، والاستدراك من بقيّة النسخ.

٣٩٧

قال خالد بن معدان ، عن كعب الأحبار : لأن أبكي من خشية الله أحبّ إليّ من أن أتصدّق بوزني ذهبا (١).

أبو الدّرداء (٢) (ع)

واسمه عويمر بن عبد الله ، وقيل ابن زيد ، وقيل ابن ثعلبة الأنصاريّ الخزرجيّ. وقيل عويمر بن قيس بن زيد ، ويقال عامر بن مالك ، حكيم هذه الأمّة.

__________________

(١) تاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) ١٤ / ٢٨٥ أ.

(٢) المغازي للواقدي ٢٥٣ ، تهذيب سيرة ابن هشام ١٢٧ ، التاريخ لابن معين ٢ / ٧٠٣ ، طبقات خليفة ٩٥ و ٣٠٣ ، الزهد لابن حنبل ١٦٧ ـ ١٧٨ ، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٢١ ، مسند أحمد ٥ / ١٩٤ و ٦ / ٤٤٠ و ٤٤٥ ، أنساب الأشراف ١ / ٢٧١ و ٤٤٨ ، فتوح البلدان ١٤٤ و ١٦٦ و ١٦٧ و ١٨٢ ، تاريخ أبي زرعة ١ / ١٩٨ ـ ٢٠٠ و ٦٤٧ ـ ٦٤٩ ، المعرفة والتاريخ ٢ / ٣٢٧ ـ ٣٣٠ ، الخراج وصناعة الكتابة ٢٩١ و ٣٠٠ ، المعارف ٢٥٩ و ٢٦٨ ، المحبّر لابن حبيب ٧٥ و ٢٨٦ و ٣٩٧ ، عيون الأخبار (انظر فهرس الأعلام ٤ / ١٨٥) ، تاريخ الطبري ٣ / ٣٩٧ و ٤ / ٢٥٨ و ٢٦٢ و ٢٨٣ و ٤٢١ و ٥ / ٨٩ ، الكنى والأسماء للدولابي ١ / ٢٧ و ٦٩ ، العقد الفريد (انظر فهرس الأعلام ٧ / ٩٢) ، الاستيعاب ٤ / ٥٩ ، ٦٠ ، التاريخ الكبير ٧ / ٧٦ ، رقم ٣٤٨ ، الجرح والتعديل ٧ / ٢٦ ـ ٢٨ رقم ١٤٦ ، حلية الأولياء ١ / ٢٠٨ ـ ٢٢٧ رقم ٣٥ ، طبقات ابن سعد ٧ / ٣٩١ ـ ٣٩٣ ، المستدرك ٣ / ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، الاستبصار ١٢٥ ، ١٢٧ ، مشاهير علماء الأمصار ٥٠ رقم ٣٢٢ ، جمهرة أنساب العرب ٣٦٢ ، الزهد لابن المبارك (انظر فهرس الأعلام ـ ص ع) ، فتوح الشام للأزدي ٢٧٤ ، ٢٧٥ ، الزاهر للأنباري ٢ / ٦٩ و ٣٣٢ ، أسد الغابة ٥ / ١٨٥ ، ١٨٦ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٤١١ و ٣ / ٩٥ و ٩٦ و ١١٤ و ١٢٩ ، تهذيب الكمال ٢ / ١٠٦٨ ، تحفة الأشراف ٨ / ٢١٨ ـ ٢٤٧ رقم ٤٢٦ ، التذكرة الحمدونية ١ / ١٣٠ و ١٣٩ و ١٤٥ و ١٨٧ ، لباب الآداب ١٦ و ٢٤٨ و ٢٤٩ و ٢٥٨ و ٣٠٠ و ٣٠٣ و ٣١٧ و ٣٣١ ، صفة الصفوة ١ / ٦٢٧ ـ ٦٤٣ رقم ٧٧ ، الزيارات للهروي ٩ و ١٣ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٢٢٨ ، ٢٢٩ رقم ٣٤٠ ، العبر ١ / ٣٣ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٢٤ ، ٢٥ رقم ١١ ، الكاشف ٢ / ٣٠٨ رقم ٤٣٩١ ، المعين في طبقات المحدّثين ٢٥ رقم ١٠١ ، دول الإسلام ١ / ٢٥ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٣٣٥ ـ ٣٥٣ رقم ٦٨ ، معرفة القراء الكبار ١ / ٤٠ ـ ٤٢ رقم ٧ ، الثقات لابن حبّان ٣ / ٢٨٥ ، ٢٨٦ ، طبقات الفقهاء للشيرازي ٤٧ ، تلخيص المستدرك ٣ / ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، مرآة الجنان ١ / ٨٨ ، مجمع الزوائد ٩ / ٢٦٧ ، غاية النهاية ١ / ٦٠٦ ، ٦٠٧ ، شفاء الغرام (بتحقيقنا) ١ / ١٢٦ و ١٢٨ و ١٢٩ ، الإصابة ٣ / ٤٥ ، ٤٦ =

٣٩٨

له عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عدّة أحاديث.

روى عنه أنس ، وأبو أمامة ، وجبير بن نفير ، وعلقمة ، وزيد بن وهب ، وقبيصة بن ذؤيب ، وأهله أمّ الدّرداء ، وابنه بلال بن أبي الدّرداء ، وسعيد بن المسيّب ، وخالد بن معدان ، وخلق سواهم.

ولي قضاء دمشق.

وداره بباب البريد وتعرف اليوم بدار الغزّي (١). كذا قال ابن عساكر (٢).

وقيل : كان اقنى ، اشهل ، يخضب بالصّفرة (٣).

وقال الأعمش ، عن خيثمة ، قال أبو الدّرداء : كنت تاجرا قبل المبعث ، فلمّا جاء الإسلام جمعت التّجارة والعبادة ، فلم يجتمعا ، فتركت التّجارة ولزمت العبادة (٤).

تأخّر إسلام أبي الدّرداء ، فقال سعيد بن عبد العزيز إنّه أسلم يوم بدر وشهد أحدا ، وأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمره أن يردّ من على الجبل (٥) يوم أحد ،

__________________

= رقم ٦١١٧ ، النكت الظراف ٨ / ٢١٩ ـ ٢٤٠ ، تهذيب التهذيب ٨ / ١٧٥ ـ ١٧٧ رقم ٣١٥ ، تقريب التهذيب ٢ / ٩١ رقم ٨٠٦ ، النجوم الزاهرة ١ / ٨٩ ، حسن المحاضرة ١ / ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، طبقات الحفّاظ للسيوطي ٧ ، خلاصة تذهيب التهذيب ٢٩٨ ، ٢٩٩ ، كنز العمّال ١٣ / ٥٥٠ ـ ٥٥٣ ، شذرات الذهب ١ / ٣٩ ، الأسامي والكنى للحاكم (ورقة ١٨٥ / ١).

(١) في طبعة القدسي ٣ / ٢٢٦ «دار العزى» ، وهو تصحيف ، والتصويب من تاريخ دمشق.

(٢) قال ابن عساكر في تاريخ دمشق ـ المجلدة الثانية ـ قسم ١ ـ طبعة المجمع العلمي بدمشق ـ تحقيق د. صلاح الدين المنجّد ـ ص ١٣٨ : «دار أبي الدرداء في باب البريد ، كانت لمعاوية بن أبي سفيان. فلمّا قدم أبو الدرداء من حمص أنزله معاوية معه في الخضراء ، ثم حوّله إلى هذه الدار ووهبها له ، وهي التي تعرف بدار الغزّي».

(٣) المستدرك ٣ / ٣٣٧.

(٤) طبقات ابن سعد ٧ / ٣٩١ عن أبي معاوية الضرير بالإسناد المذكور ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٩ / ٣٦٧ وقال : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

(٥) في نسخة دار الكتب «الخيل» والتصحيح من منتقى أحمد الثالث ، والمنتقى لابن الملّا ، (ع) و (ح) ، وسير أعلام النبلاء ٢ / ٣٣٨.

٣٩٩

فردّهم وحده ، وكان يومئذ حسن البلاء ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نعم الفارس عويمر» (١).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «حكيم أمّتي عويمر».

وفي البخاريّ (٢) من حديث أنس قال : مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبو الدّرداء ، ومعاذ ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد الأنصاريّ.

وقال الشّعبي : جمع القرآن على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ستّة ، فسمّي الأربعة وأبيّ بن كعب ، وسعد بن عبيد قال : وكان بقي على مجمّع بن جارية سورة أو سورتان ، حين توفّي النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣).

وكان ابن مسعود أخذ من في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بضعا وسبعين سورة ، وتعلّم بقيّة القرآن من مجمّع ، ولم يجمع أحد من خلفاء الصّحابة القرآن غير عثمان (٤).

وعن أبي الزّاهريّة قال : كان أبو الدّرداء من آخر الأنصار إسلاما (٥).

وقال معاوية بن صالح ، عن أبي الزّاهرية ، عن جبير بن نفير (٦) قال :

__________________

(١) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) ١٣ / ١٧٠ أوهو مرسل لأن شريح بن عبيدة لم يدرك أبا الدرداء. وانظر : طبقات ابن سعد ٧ / ٣٩٢ ، المستدرك ٣ / ٣٣٧.

(٢) في صحيحه ٩ / ٤٧ ، ٤٨ في فضائل القرآن ، باب القراء من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفي التاريخ الكبير له ٧ / ٧٦ ، وتاريخ دمشق (مخطوط الظاهرية) ١٣ / ٢٧٠ ب.

(٣) تاريخ دمشق (مخطوط الظاهرية) ١٣ / ٢٧٠ ب ، وأخرجه ابن سعد في الطبقات ٢ / ٣٥٥ من طريق محمد بن يزيد الواسطي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، ورجاله ثقات ، وسنده صحيح مع إرساله.

(٤) طبقات ابن سعد ٢ / ٣٥٥.

(٥) أخرجه أبو زرعة في «التاريخ» ١ / ٢٢٠ رقم ٢٠٤ من طريق : عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية.

(٦) في النسختين (ح) و (ع) «نصير» وهو تحريف.

٤٠٠