تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

سنة اثنتين وعشرين

فيها فتحت أذربيجان على يد المغيرة بن شعبة. قاله ابن إسحاق ، فيقال إنّه صالحهم على ثمانمائة ألف درهم (١).

وقال أبو عبيدة : افتتحها حبيب بن مسلمة (٢) الفهريّ بأهل الشام عنوة ومعه أهل الكوفة ، وفيهم حذيفة ، فافتتحها بعد قتال شديد (٣). فالله تعالى أعلم.

وفيها غزا حذيفة مدينة الدّينور عنوة ، وقد كانت فتحت لسعد ثم انتقضت (٤).

ثم غزا حذيفة ماسبذان (٥) فافتتحها عنوة ، على خلف في ماه ، وقيل : افتتحها سعد فانتقضوا.

__________________

(١) تاريخ خليفة ١٥١ ، تاريخ الطبري ٤ / ١٤٦.

(٢) في النسخة (ح) «سلمة» وهو خطأ.

(٣) تاريخ خليفة ١٥١.

(٤) تاريخ خليفة ١٥٠.

(٥) في طبعة القدسي ٣ / ١٣٥ «ماه سندان» والتصويب من (معجم البلدان ٥ / ٤١) ، وانظر تاريخ خليفة ١٥٠.

٢٤١

وقال طارق بن شهاب : غزا أهل البصرة ماه فأمدّهم أهل الكوفة ، عليهم عمّار بن ياسر ، فأرادوا أن يشركوا في الغنائم ، فأبى أهل البصرة ، ثم كتب إليهم عمر : الغنيمة لمن شهد الوقعة (١).

وقال أبو عبيدة : ثم غزا حذيفة همذان ، فافتتحها عنوة ولم تكن فتحت. وإليها انتهى فتوح حذيفة. وكلّ هذا في سنة اثنتين وعشرين.

قال : ويقال همذان افتتحها المغيرة بن شعبة سنة أربع وعشرين ، ويقال : افتتحها جرير بن عبد الله بأمر المغيرة (٢).

وقال خليفة بن خيّاط (٣) : فيها افتتح عمرو بن العاص أطرابلس المغرب ، ويقال في السنة التي بعدها.

وفيها عزل عمّار عن الكوفة (٤).

وفيها افتتحت جرجان.

وفيها فتح سويد بن مقرّن الرّيّ ، ثم عسكر وسار إلى قومس فافتتحها (٥).

* * *

[الوفيات]

وفيها توفّي : أبيّ بن كعب ، في قول الواقديّ ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، ومحمد بن يحيى الذّهليّ ، والتّرمذيّ ، وقد مرّ سنة تسع عشرة.

__________________

(١) تاريخ خليفة ١٥١.

(٢) تاريخ خليفة ١٥١.

(٣) في التاريخ ١٥٢.

(٤) انظر تاريخ الطبري ٤ / ١٦٣.

(٥) الطبري ٤ / ١٥٢ و ١٥٣.

٢٤٢

(معضد بن يزيد الشّيبانيّ) (١) استشهد بأذربيجان ، ولا صحبة له.

* * *

[بقيّة حوادث السنة]

وولد فيها يزيد بن معاوية (٢).

وقال محمد بن جرير (٣) : إنّ عمر أقرّ على (فرج الباب) عبد الرحمن بن ربيعة الباهليّ وأمره بغزو التّرك ، فسار بالنّاس حتى قطع الباب ، فقال له شهريران (٤) : ما تريد أن تصنع؟ قال : أناجزهم في ديارهم ، وبالله إنّ معي لأقواما لو يأذن لنا أميرنا في الإمعان لبلغت بهم السّدّ.

ولمّا دخل عبد الرحمن على التّرك حال الله بينهم وبين الخروج عليه وقالوا : ما اجترأ على هذا الأمر إلّا ومعهم الملائكة تمنعهم من الموت ، ثم هربوا وتحصّنوا ، فرجع بالظّفر والغنيمة ، ثمّ إنّه غزاهم مرّتين في خلافة عثمان فيسلم ويغنم ، ثمّ قاتلهم فاستشهد ـ أعني عبد الرحمن بن ربيعة ـ فأخذ أخوه سلمان (٥) بن ربيعة الراية ، وتحيّز بالنّاس ، قال : فهم ـ يعني التّرك ـ يستسقون بجسد عبد الرحمن حتى الآن.

خبر السّدّ

الوليد : ثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، أخبرني رجلان ، عن أبي بكرة الثّقفيّ ، أنّ رجلا أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إنّي قد رأيت السّدّ ، قال : كيف

__________________

(١) تاريخ خليفة ١٦٥ ، تاريخ الطبري ٤ / ٣٠٤ ـ ٣٠٦ ، الكامل في التاريخ ٣ / ١٣٢ ـ ١٣٤.

(٢) تاريخ الطبري ٤ / ١٦٠.

(٣) في تاريخه ٤ / ١٥٥.

(٤) في تاريخ ابن جرير (شهربراز) وفي المواضع التالية من النّصّ كذلك.

(٥) في نسخة دار الكتب (سليمان) وهو خطأ ، على ما في الأصل وتاريخ الطبري ٤ / ١٥٩ ، وأسد الغابة ٢ / ٣٢٧.

٢٤٣

رأيته؟ قال : رأيته كالبرد المحبّر (١). رواه سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة مرسلا ، وزاد : طريقة سوداء وطريقة حمراء ، قال : قد رأيته. قلت : يريد حمرة النّحاس وسواد الحديد.

سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، يروي ذلك عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إنّ يأجوج ومأجوج يحفرونه كلّ يوم ، حتى إذا كادوا أن يروا شعاع الشمس قال الّذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غدا ، فيعيده الله كأشدّ ما كان ، حتّى إذا بلغت مدّتهم (٢) حفروا ، حتى إذا كادوا أن يروا الشمس قال الّذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه إن شاء الله غدا ، فيعودون إليه كهيئته حين تركوه فيحفرونه ، فيخرجون على النّاس (٣) ، ويتحصّن النّاس منهم في حصونهم ، فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع فيها كهيئة الدماء ، فيقولون : قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء ، فيبعث الله نغفا (٤) فيقتلهم بها (٥).

وذكر ابن جرير في تاريخه من حديث عمرو بن معديكرب عن مطر بن ثلج (٦) التميميّ قال (٧) : دخلت على عبد الرحمن بن ربيعة بالباب وشهريران (٨) عنده ، فأقبل رجل عليه شحوبة حتى دخل على عبد الرحمن

__________________

(١) ذكره الإمام البخاري تعليقا ، كما في (البداية والنهاية لابن كثير ٧ / ١٢٤). وقال ابن كثير في تفسيره : (هذا حديث مرسل) ، وبسط القول في أحاديث السّدّ في سورة الكهف.

(٢) زاد في «سنن ابن ماجة» : «وأراد الله أن يبعثهم على الناس».

(٣) زاد في «سنن ابن ماجة» : «فينسفون الماء».

(٤) النّغف : بالتحريك : دود. (النهاية لابن الأثير).

(٥) رواه ابن ماجة في الفتن (٤٠٨٠) باب طلوع الشمس من مغربها ، وأحمد في المسند ٢ / ٥١٠ ، ٥١١ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٢ / ٢.

(٦) في النسخة (ع) : «بلج» وهو تصحيف. والصواب في الأصل وتاريخ الطبري.

(٧) تاريخ الطبري ٤ / ١٥٩.

(٨) في تاريخ الطبري «شهربراز».

٢٤٤

فجلس إلى شهريران ، وكان على مطر قباء برد يمنّي أرضه حمراء ووشيه أسود. فتساءلا ، ثم إنّ شهريران قال : أيّها الأمير أتدري من أين جاء هذا الرجل؟ هذا رجل بعثته نحو السّدّ منذ سنتين (١) ينظر ما حاله ومن دونه ، وزوّدته مالا عظيما ، وكتبت له إلى من يليني وأهديت له ، وسألته أن يكتب له إلى من وراءه ، وزوّدته لكلّ ملك هديّة ، ففعل ذلك بكلّ ملك بينه وبينه ، حتّى انتهى إلى الملك الّذي السّدّ في ظهره (٢) ، فكتب له إلى عامله على ذلك البلد فأتاه ، فبعث معه بازياره ومعه عقابه وأعطاه حريرة ، قال : فلمّا انتهينا إذا جبلان ، بينهما سدّ مسدود حتى ارتفع على الجبلين ، وإنّ دون السّدّ خندقا أشدّ سوادا من اللّيل لبعده ، فنظرت إلى ذلك كلّه وتفرّست فيه ، ثم ذهبت لأنصرف ، فقال لي البازيار (٣) على رسلك أكافئك (٤) إنّه لا يلي ملك بعد ملك إلّا تقرّب إلى الله بأفضل ما عنده من الدنيا فيرمي به هذا اللهب ، قال : فشرّح بضعة لحم معه وألقاها في ذلك الهواء ، وانقضّت عليها العقاب ، وقال : إن أدركتها قبل أن تقع فلا شيء ، فخرج عليه العقاب باللّحم في مخاليبه ، فإذا قد لصق فيه ياقوتة فأعطانيها وها هي ذه ، فتناولها شهريران فرآها حمراء ، فتناولها عبد الرحمن ثم ردّها ، فقال شهريران. إنّ هذه لخير من هذا ـ يعني الباب ـ وايم الله لأنتم أحبّ إليّ ملكة من آل كسرى ، ولو كنت في سلطانهم ثمّ بلغهم خبرها لانتزعوها منّي ، وايم الله لا يقوم لكم شيء ما وفيتم أو وفى ملككم الأكبر.

__________________

(١) في تاريخ الطبري «سنين».

(٢) هكذا في الأصل ، وفي تاريخ الطبري «حتى انتهى إليه ، فانتهى إلى الملك الّذي السّدّ في ظهر أرضه».

(٣) البازيار : حافظ الباز وصاحبه. تاج (العروس). والباز أشرف الطيور. وبه سمي (علم البزدرة) كما في تذكرة داود الأنطاكي.

(٤) في تاريخ الطبري (أكافك) وكلاهما صحيح. ومثله في النسخة (ح).

٢٤٥

فأقبل عبد الرحمن على الرسول وقال : ما حال السّدّ (١) وما شبهه؟ فقال : مثل هذا الثوب الّذي على مطر ، فقال مطر : صدق والله الرجل لقد بعد (٢) ورأى ووصف صفة الحديد والصّفر.

فقال عبد الرحمن لشهريران : كم كانت قيمة هاتيك (٣)؟ قال : مائة ألف في بلادي هذه ، وثلاثة آلاف ألف في تلك البلدان.

وحدّث سلام التّرجمان قال : لمّا رأى الواثق بالله كأنّ السّدّ الّذي بناه ذو القرنين قد فتح وجّهني وقال لي : عاينه وجئني بخبره ، وضمّ إليّ خمسين رجلا ، وزوّدنا ، وأعطانا مائتي بغل تحمل الزّاد ، فشخصنا من سامرّاء بكتابه إلى إسحاق (٤) وهو بتفليس (٥) ، فكتب لنا إسحاق إلى صاحب السرير ، وكتب لنا صاحب السرير إلى ملك اللّان ، وكتب لنا ملك اللّان إلى فيلان شاه (٦) ، وكتب لنا إلى ملك الخزر ، فوجّه معنا خمسة أدلّاء ، فسرنا من عنده ستة وعشرين يوما ، ثم صرنا إلى أرض سوداء منتنة ، فكنّا نشتمّ الخلّ (٧) ، فسرنا فيها عشرة أيام ، ثمّ صرنا إلى مدائن خراب ليس فيها أحد ، فسرنا فيها سبعة وعشرين يوما ، فسألنا الأدلّاء عن تلك المدن فقالوا : هي التي كان يأجوج ومأجوج يطرقونها فأخربوها. ثم صرنا إلى حصون عند السّدّ

__________________

(١) في تاريخ الطبري ٤ / ١٦٠ «الردم».

(٢) في تاريخ الطبري (نفذ) بدل (بعد).

(٣) هكذا في ح والأصل ومنتقى أحمد الثالث. وفي نسخة دار الكتب وتاريخ الطبري (هديتك).

(٤) في «المسالك والممالك» لابن خرداذبه ـ ص ١٦٣ «إسحاق بن إسماعيل صاحب أرمينية».

(٥) تفليس : بفتح أوّله ويكسر : بلد بأرمينية الأولى ، وبعض يقول بأرّان ، وهي قصبة ناحية جرزان قرب باب الأبواب. (معجم البلدان ٢ / ٣٥).

(٦) في نسخة دار الكتب : «قبلان شاه» ، والتصحيح من الأصل ، والمسالك والممالك ، ونهاية الأرب للنويري.

(٧) في «المسالك والممالك» : «وكنّا قد تزوّدنا قبل دخولها خلّا نشمّه من الرائحة المنكرة». وانظر نهاية الأرب ١ / ٣٧٥.

٢٤٦

بها قوم يتكلّمون بالعربية [والفارسية ، مسلمون (١) يقرءون القرآن ، لهم مساجد وكتاتيب ، فسألونا ، فقال] : نحن رسل أمير المؤمنين ، فأقبلوا يتعجّبون ويقولون : أمير المؤمنين! فنقول : نعم ، فقالوا : شيخ هو أم شاب؟ قلنا : شاب ، فقالوا : أين يكون؟ فقلنا : بالعراق بمدينة يقال لها سرّ من رأى ، فقالوا : ما سمعنا بهذا قطّ (٢).

ثم صرنا إلى جبل أملس ليس عليه خضراء ، وإذا جبل مقطوع بواد عرضه مائة (٣) ذراع ، فرأينا عضادتين مبنيّتين ممّا يلي الجبل من جنبتي الوادي عرض كلّ عضادة خمسة وعشرون ذراعا ، الظاهر من تحتها عشرة أذرع خارج الباب ، وكلّه بناء بلبن من حديث مغيّب في نحاس (٤) في سمك خمسين ذراعا ، قد ركب على العضادتين على كلّ واحدة بمقدار عشرة أذرع في عرض خمسة ، وفوق الدروند بناء بذلك اللّبن الحديد إلى رأس الجبل ، وارتفاعه مدّ البصر ، وفوق ذلك شرف حديد لها قرنان يلج كلّ واحد منهما إلى صاحبه ، وإذا باب حديد له مصراعان مغلقان عرضهما مائة ذراع في طول مائة ذراع في ثخانة خمسة أذرع. وعليه قفل طوله سبعة أذرع في غلظ باع ، وفوقه بنحو قامتين غلق طوله أكثر من طول القفل ، وقفيزاه كلّ واحد منهما ذراعان ، وعلى الغلق مفتاح معلّق طوله ذراع ونصف ، في سلسلة طولها ثمانية أذرع ، وهي في حلقة كحلقة المنجنيق.

__________________

(١) في نهاية الأرب «وأهلها مسلمون».

(٢) في نهاية الأرب زيادة : «فسألناهم عن إسلامهم من أين وصلهم ومن علّمه لهم؟ فقالوا : وصل إلينا منذ أعوام كثيرة رجل راكب على دابّة طويلة العنق طويلة اليدين والرجلين ، لها في موضع صلبها حدبة ، (فعلمنا أنّهم يصفون الجمل) قالوا : فنزل بنا وكلّمنا بكلام فهمناه ، ثم علّمنا شرائع الإسلام فقبلناها ، وعلّمنا أيضا القرآن ومعانيه فتعلّمناه وحفظناه».

(٣) في نهاية الأرب «عرضه مائة وخمسون ذراعا».

(٤) في «المسالك والممالك ص ١٦٥» زيادة : «تكون اللّبنة ذراعا ونصفا في ذراع ونصف في سمك أربع أصابع ، ودروند حديد طرفاه على العضادتين طوله مائة وعشرون ذراعا».

٢٤٧

ورئيس تلك الحصون يركب في كلّ جمعة في عشرة فوارس ، مع كلّ فارس مرزبّة من حديد فيضربون القفل بتلك المرازب ثلاث ضربات ، يسمع من وراء الباب الضّرب فيعلمون أنّ هناك حفظة ، ويعلم هؤلاء أنّ أولئك لم يحدثوا في الباب حدثا ، وإذا ضربوا القفل وضعوا آذانهم يتسمّعون ، فيسمعون دويّا كالرّعد.

وبالقرب من هذا الموضع حصن كبير ، ومع الباب حصنان يكون مقدار كلّ واحد منهما مائتي ذراع ، في مائتي ذراع ، وعلى باب كلّ حصن شجرة ، وبين الحصنين عين عذبة ، وفي أحد الحصنين آلة بناء السّدّ من قدور ومغارف وفضلة اللّبن قد التصق بعضه ببعض من الصّدإ ، وطول اللّبنة ذراع ونصف في مثله في سمك شبر. فسألنا أهل الموضع هل رأوا أحدا من يأجوج ومأجوج ، فذكروا أنّهم رأوا مرّة أعدادا منهم فوق الشرف ، فهبّت ريح سوداء فألقتهم إلى جانبهم ، وكان مقدار الرجل منهم شبرا ونصفا (١) ، فلمّا انصرفنا أخذ بنا الأدلّاء ، إلى ناحية خراسان ، فسرنا إليها حتى خرجنا خلف سمرقند بتسعة فراسخ ، وكان أصحاب الحصون زوّدونا ما كفانا.

ثم صرنا إلى عبد الله بن طاهر. قال سلام التّرجمان : فأخبرته خبرنا ، فوصلني بمائة ألف درهم ، ووصل كلّ رجل معي بخمسمائة درهم ، ووصلنا إلى سرّ من رأى بعد خروجنا منها بثمانية وعشرين شهرا. قال مصنّف كتاب «المسالك والممالك» (٢) : هكذا أملى عليّ سلام التّرجمان (٣).

__________________

(١) في نهاية الأرب ١ / ٣٧٨ (شبرين ونصفا).

(٢) هو أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله المعروف بابن خرداذبه ، المتوفّى في حدود سنة ٣٠٠ ه‍.

انظر كتابه (ص ١٦٢ ـ ١٧٠) طبعة بريل ١٨٨٩ ، وانظر نهاية الأرب للنويري ١ / ٣٧٤ ـ ٣٧٨ ، ومعجم البلدان ٣ / ١٩٧ ـ ٢٠٠.

(٣) قال ياقوت في معجم البلدان ٣ / ٢٠٠ : «قد كتبت من خبر السدّ ما وجدته في الكتب ولست أقطع بصحّة ما أوردته لاختلاف الروايات فيه. والله أعلم بصحته ، وعلى كل حال فليس في صحة أمر السدّ ريب ، وقد جاء ذكره في الكتاب العزيز».

٢٤٨

سنة ثلاث وعشرين

فيها : بينما عمر رضي‌الله‌عنه يخطب إذ قال : (يا سارية الجبل) ، وكان عمر قد بعث سارية بن زنيم الدّئليّ إلى فسا ودارا بجرد (١) فحاصرهم ، ثمّ إنّهم تداعوا وجاءوه من كلّ ناحية والتقوا بمكان ، وكان إلى جهة المسلمين جبل لو استندوا إليه لم يؤتوا إلّا من وجه واحد ، فلجئوا إلى الجبل ، ثم قاتلوهم فهزموهم. وأصاب سارية الغنائم فكان منها سفط جوهر ، فبعث به إلى عمر فردّه وأمره أن يقسّمه بين المسلمين ، وسأل النّجّاب أهل المدينة عن الفتح وهل سمعوا شيئا ، فقال : نعم (يا سارية الجبل الجبل) وقد كدنا نهلك ، فلجأنا إلى الجبل ، فكان النّصر. ويروى أنّ عمر سئل فيما بعد عن كلامه (يا سارية الجبل) فلم يذكره (٢).

__________________

(١) هكذا في الأصل ، والأنساب للسمعاني ٥ / ٢٤٢ ، وقد يسقطون الألف عنها. (الأنساب ٥ / ٢٩٢) وهي في بلاد فارس.

(٢) أخرجه البيهقي في دلائل النّبوّة ، وكذلك أبو نعيم ، واللالكائيّ في «شرح السّنّة» ، وابن عساكر في تاريخ دمشق (التهذيب ٦ / ٤٦) ، وابن الجوزي في مناقب عمر ـ ص ١٧٢ ، ١٧٣ ، وابن الأثير في أسد الغابة ٢ / ٢٤٤ ، والواقدي في فتوح الشام ٢ / ٤٢ ، وقال ابن حجر في الإصابة ٢ / ٣ : «أخرج القصة الواقديّ عن أسامة بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر ، وأخرجها سيف مطوّلة عن أبي عثمان ، وأبي عمرو بن العلاء ، عن رجل من بني مازن .. والدير عاقولي في فوائده ، وابن الأعرابي في كرامات الأولياء ، من طريق ابن وهب ، عن يحيى بن =

٢٤٩

وفيها كان فتح كرمان ، وكان أميرها سهيل بن عديّ (١).

وفيها فتحت سجستان ، وأميرها عاصم بن عمرو (٢).

وفيها فتحت مكران ، وأميرها الحكم بن عثمان ، وهي من بلاد الجبل (٣).

وفيها رجع أبو موسى الأشعريّ من أصبهان ، وقد افتتح بلادها (٤).

وفيها غزا معاوية الصّائفة حتى بلغ عمّورية (٥).

__________________

= أيوب ، عن ابن عجلان ، عن نافع ، عن ابن عمر» وانظر : تاريخ الطبري ٤ / ١٧٨.

(١) تاريخ الطبري ٤ / ١٨٠.

(٢) في نسخة دار الكتب «عمر» والتصحيح من الأصل وتاريخ الطبري ٤ / ١٨٠.

(٣) تاريخ الطبري ٤ / ١٨١.

(٤) تاريخ الطبري ٤ / ١٨٣ ـ ١٨٦.

(٥) تاريخ الطبري ٤ / ٢٤٠.

٢٥٠

الوفيّات

خ ت ن ق (قتادة بن النّعمان) (١) بن زيد بن عامر بن سواد بن كعب ـ واسمه ظفر (٢) ـ بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس ، أبو عمر الأنصاريّ

__________________

(١) مسند أحمد ٤ / ١٥ و ٦ / ٣٨٤ ، المغازي للواقدي ٥٠ و ١٥٨ و ٢٢٤ و ٢٤٢ و ٢٤٣ و ٣٣٤ و ٣٤١ و ٤٠٥ و ٤٩٨ و ٥١٦ و ٥٨٥ و ٨٠٠ و ٨٩٦ و ١٠٠٩ و ١١١٨ ، طبقات ابن سعد ١ / ١٨٧ و ٢ / ١٩٠ و ٣ / ٤٥٢ ، ٤٥٣ ، تاريخ خليفة ١٥٣ ، طبقات خليفة ٨١ ، ٩٦ ، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ١٠٠ رقم ٢٣٤ ، المحبّر ٢٩٨ و ٤١٥ و ٤٢٩ ، السير والمغازي لابن إسحاق ٣٢٨ ، ربيع الأبرار ٤ / ١٢٩ ، التاريخ الكبير ٧ / ١٨٤ ، ١٨٥ رقم ٨٢٣ ، المعارف ٢٦٨ و ٤٦٦ و ٥٨٨ ، البرصان والعرجان ٣٦٢ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٣٢٠ ، الجرح والتعديل ٧ / ١٣٢ رقم ٧٥٣ ، ثمار القلوب ٢٨٨ ، المستدرك ٣ / ٢٩٥ ، ٢٩٦ ، الاستبصار ٢٥٤ ـ ٢٥٧ ، الاستيعاب ٣ / ٢٤٨ ـ ٢٥١ ، أنساب الأشراف ١ / ٢٤١ و ٢٢٣ و ٢٧٨ ، و ٢٧٩ و ٢٨٠ و ٥٢٣ ، تاريخ الطبري ٢ / ٥١٦ و ٤ / ٢٤١ ، مشاهير علماء الأمصار ٢٧ رقم ١٢٦ ، جمهرة أنساب العرب ٣٤٣ ، أسد الغابة ٤ / ١٩٥ ـ ١٩٧ ، الكامل في التاريخ ٢ / ١٥٥ و ٤٨٨ و ٣ / ٧٧ ، صفة الصفوة ١ / ٤٦٣ ، ٤٦٤ رقم ٣٥ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٥٨ ، ٥٩ رقم ٦٧ ، تهذيب الكمال ٣ / ١١٢٣ ، العبر ١ / ٢٧ الكاشف ٢ / ٣٤١ رقم ٤٦٢٤ ، المعين في طبقات المحدّثين ٢٥ رقم ١٠٧ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٣٣١ ـ ٣٣٣ رقم ٦٦ ، مرآة الجنان ١ / ٨٢ ، الوفيات لابن قنفذ. ٥٠ رقم ٢٣ ، مجمع الزوائد ٩ / ٢١٨ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٣٥٧ ، ٣٥٨ رقم ٦٣٨ ، تقريب التهذيب ٢ / ١٢٣ رقم ٨٤ ، الإصابة ٣ / ٢٢٥ ، ٢٢٦ رقم ٧٠٧٦ ، خلاصة تذهيب التهذيب ٣١٥ ، كنز العمّال ١٣ / ٥٧٤ ، شذرات الذهب ١ / ٣٤ ، المعجم الكبير ١٩ / ٣ ـ ١٤.

(٢) في المعجم الكبير ١٩ / ٣ «واسمه : كعب ظفر».

٢٥١

الظّفريّ ، أخو أبي سعيد الخدريّ لأمّه ، وقتادة الأكبر.

شهد بدرا وأصيبت عينه ووقعت على خدّه يوم أحد ، فأتى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فغمز حدقته وردّها إلى موضعها ، فكانت أصحّ عينيه (١).

وكان على مقدّمة عمر في مقدمه إلى الشام ، وكان من الرّماة المذكورين.

وله أحاديث ، روى عنه أخوه أبو سعيد ، وابنه عمر بن قتادة ،

__________________

(١)

أخرجه ابن سعد في الطبقات ١ / ١٨٧ ، ١٨٨ من طريق : علي بن محمد ، عن أبي معشر ، عن زيد بن أسلم ، وغيره ، و ٣ / ٤٥٣ من طريق ابن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، وهو مرسل ، وابن هشام في السيرة ٢ / ٨٢.

وأخرج الطبراني في المعجم الكبير ١٩ / ٨ رقم ١٢ من طريق عاصم ، عن أبيه عمر ، عن أبيه قتادة بن النعمان قال : أهدي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قوس ، فدفعها إليّ يوم أحد ، فرميت بها بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى اندقّت عن سيتها ، ولم أزل عن مقامي نصب وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ألقى السهام بوجهي كلّما مال سهم منها إلى وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مليت رأسي لأقي وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بلا رمي أرميه ، فكان آخرها سهما بدرت منه حدقتي على خدّي وتفرّق الجمع ، فأخذت حدقتى بكفّي فسعيت بها في كفّي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما رآها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في كفّي دمعت عيناه ، فقال : «اللهمّ إنّ قتادة قد أوجه نبيّك بوجهه فاجعلها أحسن عينيه وأحدّهما نظرا ، فكانت أحسن عينيه وأحدّهما نظرا». ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد بالسند المتقدّم في «مجمع الزوائد» ٦ / ١١٣ وقال : فيه من لم أعرفه.

وأخرج الدار الدّارقطنيّ ، وابن شاهين ، من طريق عبد الرحمن بن يحيى العذري ، عن مالك ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن قتادة بن النعمان ، أنه أصيبت عينيه يوم أحد ، فوقعت على وجنته ، فردّها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فكانت أصحّ عينيه. وعبد الرحمن بن يحيى العذري ، قال العقيلي : مجهول لا يقيم الحديث من جهته ، وأخرجه الدار الدّارقطنيّ والبيهقي في الدلائل ، من طريق عياض بن عبد الله بن أبي سرح ، عن أبي سعيد الخدريّ ، عن قتادة : أنّ عينه ذهبت يوم أحد ، فجاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فردّها ، فاستقامت.

وأخرج البيهقي في دلائل النّبوّة ، فيما ذكره ابن كثير ٢ / ٤٤٧ من حديث يحيى الحمّاني ، حدّثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أبيه عن جدّه قتادة بن النّعمان ، أنه أصيبت عينه يوم بدر ، فسالت حدقته على وجنته ، فأرادوا أن يقطعوها ، فسألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : لا ، فدعاه فغمز حدقته براحته فكان لا يدري أيّ عينيه أصيب. رجاله ثقات خلا عمر بن قتادة ، فإنّه لم وثّقه سوى ابن حبّان ، ولم يرو عنه سوى ابنه عاصم.

٢٥٢

ومحمود بن لبيد ، وغيرهم.

وعاش خمسا وستّين سنة. توفّي فيها على الصّحيح ، ونزل عمر في قبره (١) وقيل توفّي في التي قبلها.

(ع) عمر بن الخطّاب رضي‌الله‌عنه

ابن نفيل بن عبد العزّى بن رياح (٢) بن قرط بن رزاح بن عديّ بن كعب بن لؤيّ (٣). أمير المؤمنين أبو حفص القرشي العدويّ ، الفاروق ..

استشهد في أواخر ذي الحجّة. وأمّه حنتمة بنت هشام (٤) المخزوميّة أخت أبي جهل. أسلم في السنة السادسة من النّبوّة وله سبع وعشرون سنة.

روى عنه عليّ ، وابن مسعود ، وابن عبّاس ، وأبو هريرة ، وعدّة من

__________________

(١) المعجم الكبير ١٩ / ٣ رقم ٤.

(٢) هكذا في الأصل ، ونسخة (ح) ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، وغيره. وفي بعض المصادر «رياح بن عبد الله بن قرط». انظر : جمهرة أنساب العرب ١٥٠ ، ونسب قريش ٣٤٧ ، ومشاهير علماء الأمصار ٥ رقم ٣ ، والبدء والتاريخ ٥ / ٨٨ ، والاستيعاب ٢ / ٤٥٨ ، وطبقات خليفة ٢٢ ، والمعجم الكبير ١ / ٦٤ رقم ٤٩ / ١ ، والمستدرك ٣ / ٨٠ ، وأسد الغابة ٤ / ٥٢ ، وصفة الصفوة ١ / ٢٦٨ ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٣ ، والإصابة ٢ / ٥١٨ رقم ٥٧٣٦.

(٣) في هذا الجدّ يلتقي بنسب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم. (مرآة الجنان / ٨١) وذكر المطهّر المقدسي في البدء والتاريخ ٥ / ٨٨ «.. كعب بن لؤيّ بن غالب. ينتهي إلى الشجرة التي منها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر وعثمان بثمانية آباء».

(٤) هكذا في الأصل ، ونسخة دار الكتب ، والمعجم الكبير للطبراني ١ / ٦٥ ، ومشاهير علماء الأمصار لابن حبّان ٥ ، وقيل «هاشم» كما في : جمهرة أنساب العرب ١٥٠ ، وطبقات خليفة ٢٢ ، ونسب قريش ٣٤٧ ، والبدء والتاريخ ٥ / ٨٩ ، وصفة الصفوة ١ / ٢٦٨ ، والمستدرك ٣ / ٨٠ ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٣ ، وأسد الغابة ٤ / ٥٢ ، والاستيعاب ٢ / ٤٥٨ وفيه قال ابن عبد البرّ : «أمّه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وقالت طائفة في أمّ عمر : حنتمة بنت هشام بن المغيرة ، ومن قال ذلك فقد أخطأ ، ولو كانت =

٢٥٣

الصّحابة ، وعلقمة بن وقّاص ، وقيس بن أبي حازم ، وطارق بن شهاب ، ومولاه أسلم ، وزرّ بن حبيش ، وخلق سواهم.

وعن عبد الله بن عمر قال : كان أبي أبيض تعلوه حمرة ، طوالا ، أصلع ، أشيب (١).

وقال غيره : كان أمهق (٢) طوالا ، آدم ، أعسر يسر (٣).

وقال أبو رجاء العطارديّ (٤) : كان طويلا جسيما شديد الصّلع ، شديد الحمرة (٥) ، في عارضيه خفّة. وسبلته (٦) كبيرة وفي أطرافها صهبة ، إذا حزبه أمر قتلها (٧).

وقال سماك بن حرب : كان عمر أروح كأنّه راكب والنّاس يمشون ، كأنّه من رجال بني سدوس (٨).

والأروح : الّذي يتدانى قدماه إذا مشى.

__________________

= كذلك لكانت أخت أبي جهل بن هشام ، والحارث بن هشام بن المغيرة ، وليس كذلك ، وإنّما هي ابنة عمّهما ، فإنّ هاشم بن المغيرة وهشام بن المغيرة أخوان فهاشم والد حنتمة أمّ عمر وهشام والد الحارث وأبي جهل وهاشم بن المغيرة هذا جدّ عمر لأمّه كان يقال له ذو الرمحين». وانظر :

الرياض النضرة ١ / ١٨٨.

(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٢٤.

(٢) أي خالص البياض.

(٣) يستعمل كلتا يديه. انظر : طبقات ابن سعد ٣ / ٣٢٥ ، والمستدرك ٣ / ٨٦.

(٤) بضمّ العين المهملة. وضبطها في (ع) بالفتح ، وهذا من أوهامها في الضبط.

(٥) يعني البياض. والعرب تقول امرأة حمراء أي بيضاء (تاج العروس).

(٦) السبلة بالتحريك : طرف الشارب ، والصّهبة : سواد في حمرة.

(٧) انظر : طبقات ابن سعد ٣ / ٣٢٦ ، والاستيعاب لابن عبد البر ٢ / ٤٦٠.

(٨) طبقات ابن سعد ٣ / ٣٢٦ ، المعجم الكبير للطبراني ١ / ٦٧ رقم ٦٠ الاستيعاب ٢ / ٤٦٢.

٢٥٤

وقال أنس : كان يخضب بالحنّاء (١).

وقال سماك : كان عمر يسرع في مشيته (٢).

ويروى عن عبد الله بن كعب بن مالك قال : كان عمر يأخذ بيده اليمنى أذنه اليسرى ويثب على فرسه فكأنما خلق على ظهره (٣).

وعن ابن عمر وغيره ـ من وجوه جيّده ـ أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «اللهمّ أعزّ الإسلام بعمر بن الخطّاب» (٤).

وقد ذكرنا إسلامه في (الترجمة النّبويّة).

وقال عكرمة : لم يزل الإسلام في اختفاء حتّى أسلم عمر.

وقال سعيد بن جبير :

(وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) (٥) نزلت في عمر خاصّة.

وقال ابن مسعود : ما زلنا أعزّة منذ أسلم عمر (٦).

__________________

(١) ابن سعد ٣ / ٣٢٧.

(٢) ابن سعد ٣ / ٣٢٦.

(٣) أخرج ابن سعد في الطبقات ٣ / ٢٩٣ من طريق عبد الله بن عمر قال : اخبرني زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : رأيت عمر بن الخطّاب يأخذ بأذن الفرس ، ويأخذ بيده الأخرى أذنه ثم ينزو على متن الفرس. وأخرج الطبراني في المعجم الكبير ١ / ٦٦ رقم ٥٥ من الطريق نفسه : ثم يثب على الفرس.

(٤) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٣ / ٢٧٠ بلفظ «أيّد دينك» ، وأخرجه من طريق أشعث بن سوّار ، عن الحسن. بلفظ «أعزّ الدين». (٣ / ٢٦٧) وأخرج الحاكم في المستدرك ٣ / ٨٣ من طريق المبارك بن فضالة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي‌الله‌عنهما ، عن ابن عبّاس رضي‌الله‌عنهما ، عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «اللهمّ أعزّ الإسلام بعمر». هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه. وقد صحّ شاهده عن عائشة بنت الصّدّيق رضي‌الله‌عنهما .. أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «اللهمّ أعزّ الإسلام بعمر بن الخطّاب خاصّة». هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ومدار هذا الحديث على حديث الشعبيّ عن مسروق ، عن عبد الله : «اللهمّ أعزّ الإسلام بأحبّ الرجلين إليك».

(٥) سورة التحريم ، الآية ٤ ، وانظر الحديث في مجمع الزوائد.

(٦) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٣ / ٢٧٠ ، وابن الجوزي في مناقب عمر ١٨ ، والحاكم في

٢٥٥

وقال شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال له أبو بكر وعمر : إنّ النّاس يزيدهم حرصا على الإسلام أن يروا عليك زيّا حسنا من الدنيا. فقال : «أفعل ، وايم الله لو أنّكما تتفقان لي على أمر واحد ما عصيتكما في مشورة أبدة» (١).

وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّ لي وزيرين من أهل السماء ووزيرين من أهل الأرض ، فوزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل ، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر (٢) ،

وروى نحوه من وجهين عن أبي سعيد الخدريّ.

قال التّرمذيّ في حديث أبي سعد : حديث حسن.

قلت : وكذلك حديث ابن عبّاس حسن.

وعن محمد بن ثابت البناني ، عن أبيه ، عن أنس نحوه.

وفي «مسند أبي يعلى» من حديث أبي ذرّ يرفعه : «إنّ لكلّ نبيّ وزيرين ، ووزيراي أبو بكر وعمر».

وعن أبي سلمة ، عن أبي أروى الدّوسيّ قال : كنت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فطلع أبو بكر وعمر فقال : «الحمد لله الّذي أيّدني بكما».

تفرّد به عاصم ابن عمر ، وهو ضعيف (٣).

__________________

= المستدرك ٣ / ٨٤ كلهم من طريق قيس بن أبي حازم ، عن ابن مسعود.

(١) أخرجه أحمد في المسند ٤ / ٢٢٧ ، بالسند ، وبلفظ : «إنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما : «لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما».

(٢) أخرجه الترمذي في المناقب (٣٧٦١) باب ٦٤ مناقب أبي بكر الصدّيق رضي‌الله‌عنه ، من طريق : أبي الجحّاف ، عن عطيّة ، عن أبي سعيد الخدريّ ، وقال : هذا حديث حسن غريب. وأبو الجحّاف اسمه : داود بن أبي عوف ، ويروى عن سفيان الثوريّ قال : أخبرنا أبو الجحّاف وكان مرضيّا. وانظر أسد الغابة ٤ / ٦٣ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٢ / ٩ ، ١٠.

(٣) انظر عنه مثلا : الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ ٥ / ١٨٦٩ ـ ١٨٧٢ ، والمجروحين لابن حبّان ٢ / ١٢٧ ، والضعفاء الكبير للعقيليّ ٣ / ٣٣٥ رقم ١٣٥٧ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٣٥٥ رقم ٤٠٦٠ والحديث في معجم الزوائد ٩ / ٥١ وقال رواه البزّار والطبراني في الأوسط والكبير.

٢٥٦

وقد مرّ في ترجمة الصّدّيق أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم نظر الى أبي بكر وعمر مقبلين فقال : «هذان سيّدا كهول أهل الجنّة» الحديث (١).

وروى التّرمذيّ من حديث ابن عمر ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج ذات يوم فدخل المسجد ، وأبو بكر وعمر معه وهو آخذ بأيديهما فقال : «هكذا نبعث يوم القيامة» (٢). إسناده ضعيف.

وقال زائدة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعيّ ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اقتدوا باللّذين من بعدي أبي بكر وعمر». ورواه سالم أبو العلاء ـ وهو ضعيف ـ عن عمرو بن هرم ، عن ربعيّ ، وحديث زائدة حسن (٣).

وروى عبد العزيز بن المطلب بن حنطب ، عن أبيه ، عن جدّه قال : كنت جالسا عند النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ طلع أبو بكر وعمر فقال : «هذان السّمع والبصر» (٤) ويروى نحوه من حديث ابن عمر وغيره.

وقال يعقوب القمّي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير قال : جاء جبريل إلى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «أقرئ عمر السّلام وأخبره أنّ غضبه

__________________

(١) انظر الصفحة ٦٥ حاشية رقم (٤).

(٢) رواه الترمذي في المناقب (٣٧٥١) باب ٥٦ مناقب أبي بكر الصّدّيق رضي‌الله‌عنه ، من طريق : سعيد بن مسلمة ، عن إسماعيل بن أميّة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، وفيه : «أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وهو آخذ بأيديهما ..» ، وقال : هذا حديث غريب. وسعيد بن مسلمة ليس عندهم بالقويّ. وقد روي هذا الحديث أيضا من غير هذا الوجه عن نافع ، عن ابن عمر.

(٣) رواه الترمذي في المناقب (٣٧٤٢) باب ٥٢ مناقب أبي بكر الصّدّيق رضي‌الله‌عنه ، وقال :

وفي الباب عن ابن مسعود. هذا حديث حسن. وروى سفيان الثوري هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير ، عن مولى لربعيّ ، عن ربعيّ ، عن حذيفة ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وانظر رقم (٣٧٤٣).

(٤) رواه الترمذي في المناقب (٣٧٥٣) باب ٥٧ مناقب أبي بكر الصّدّيق ، وقال : وفي الباب عن عبد الله بن عمرو ، هذا حديث مرسل. وعبد الله بن حنطب لم يدرك النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٢٥٧

عزوجل ورضاه حكم». والمرسل أصحّ ، وبعضهم يصله عن ابن عبّاس (١).

وقال محمد بن سعد (٢) بن أبي وقّاص ، عن أبيه ، أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إيها يا بن الخطّاب فو الّذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجّا (٣) إلّا سلك فجّا غير فجّك» (٤).

وعن عائشة ، أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ الشيطان يفرق من عمر» (٥).

__________________

(١) أخرجه ابن الجوزي في مناقب عمر ٢٨ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ٦٩ وقال : رواه الطبراني في الأوسط.

(٢) في نسخة دار الكتب «سعيد» وهو خطأ.

(٣) في صحيح البخاري ٤ / ١٩٩ «فجّا قطّ».

(٤) أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ٤ / ١٩٩ باب مناقب عمر بن الخطّاب ، وفي الأدب ٧ / ٩٣ باب التبسّم والضّحك ، وفي بدء الخلق ٤ / ٩٦ باب صفة إبليس وجنوده ، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٣٩٦) باب من فضائل عمر رضي‌الله‌عنه ، وأحمد في المسند ١ / ١٧١ و ١٨٢ و ١٨٧.

والحديث أطول ممّا هنا وهو عن محمد بن سعد بن أبي وقّاص ، عن أبيه ، قال : استأذن عمر بن الخطّاب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعنده نسوة من قريش يكلّمنه ويستكثرنه عالية أصواتهنّ على صوته ، فلمّا استأذن عمر بن الخطاب قمن فبادرن الحجاب ، فأذن له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فدخل عمر ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يضحك ، فقال عمر : أضحك الله سنّك يا رسول الله ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«عجبت من هؤلاء اللّائي كنّ عندي ، فلمّا سمعن صوتك ابتدرن الحجاب» فقال عمر : فأنت أحقّ أن يهبن يا رسول الله ، ثم قال عمر : يا عدوّات أنفسهنّ أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ فقلن : نعم أنت أفظّ وأغلظ من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إيها يا ابن الخطّاب والّذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجّا قطّ إلّا سلك فجّا غير فجّك».

(٥) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ٣٥٣ من طريق : عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، أنّ أمة سوداء أتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورجع من بعض مغازيه فقالت : إنّي كنت نذرت إن ردّك الله صالحا أن أضرب عندك بالدّف ، قال : إن كنت فعلت فافعلي ، وإن كنت لم تفعلي فلا تفعلي ، فضربت ، فدخل أبو بكر وهي تضرب ، ودخل غيره وهي تضرب ، ثم دخل عمر ، قال : فجعلت دفّها خلفها وهي مقنعة. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الشيطان ليفرق منك يا عمر ، أنا جالس ها هنا ودخل هؤلاء فلمّا أن دخلت فعلت ما فعلت».

٢٥٨

رواه مبارك بن فضالة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن القاسم ، عن عائشة.

وعنها أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال في زفن الحبشة لمّا أتى عمر : «إنّي لأنظر إلى شياطين الجنّ والإنس قد فرّوا من عمر». صحّحه التّرمذيّ (١).

وقال حسين بن واقد : حدّثني عبد الله بن بريدة ، عن أبيه أنّ أمة سوداء أتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد رجع من غزاة ، فقالت : إنّي نذرت إن ردّك الله صالحا أن أضرب عندك بالدّفّ ، قال : «إن كنت نذرت فافعلي فضربت ، فدخل أبو بكر وهي تضرب ، ثم دخل عمر فجعلت دفّها خلفها وهي مقنعة. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الشّيطان ليفرق منك يا عمر» (٢).

وقال يحيى بن يمان ، عن الثّوريّ ، عن عمر بن محمد ، عن سالم بن عبد الله قال : أبطأ خبر عمر على أبي موسى الأشعريّ ، فأتى امرأة في بطنها شيطان فسألها عنه فقالت : حتّى يجيء شيطاني ، فجاء فسألته عنه فقال : تركته مؤتزرا وذاك رجل لا يراه شيطان إلّا خرّ لمنخريه ، الملك بين عينيه وروح القدس ينطق بلسانه (٣).

__________________

(١) رواه الترمذيّ عن الحسن بن الصباح البزار ، أخبرنا زيد بن الحباب ، عن خارجة بن عبد الله ابن سليمان بن زيد بن ثابت قال : أخبرنا يزيد بن رومان ، عن عروة ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جالسا فسمعنا لغطا وصوت صبيان. فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإذا حبشية تزفن والصّبيان حولها ، فقال : «يا عائشة تعالي فانظري» ، فجئت ، فوضعت لحييّ على منكب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجعلت انظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه ، فقال لي : «ما شبعت أما شبعت»؟

قالت : فجعلت أقول : لا. لأنظر منزلتي عنده إذ طلع عمر. قالت : فارفضّ الناس عنها ، قالت : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّي لأنظر إلى شياطين الجنّ أو الإنس قد فرّوا من عمر» قالت : فرجعت.

قال الترمذيّ : هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. (مناقب عمر ، باب رقم ٧١ ـ ٣٧٧٤).

(٢) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ٣٥٣ ، والترمذي في مناقب عمر ، باب ٧١ رقم (٣٧٧٣).

(٣) مناقب أمير المؤمنين عمر لابن الجوزي ٤٩.

٢٥٩

وقال زرّ : كان ابن مسعود يخطب ويقول : إنّي لأحسب الشيطان يفرق من عمر أن يحدث حدثا فيردّه ، وإنّي لأحسب عمر بين عينيه ملك يسدّده ويقوّمه.

وقالت عائشة قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قد كان في الأمم محدّثون (١) فإن يكن في أمّتي أحد فعمر بن الخطاب». رواه مسلم (٢).

وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الله وضع الحقّ على لسان عمر وقلبه». رواه جماعة عن نافع ، عنه ، وروي نحوه عن جماعة من الصّحابة (٣).

وقال الشّعبيّ : قال عليّ رضي‌الله‌عنه : ما كنّا نبعد أنّ السّكينة تنطق على لسان عمر (٤).

__________________

(١) محدّثون : قال ابن وهب : ملهمون. وقيل : مصيبون ، إذا ظنّوا فكأنّهم حدّثوا بشيء فظنّوه.

وقيل : تكلّمهم الملائكة ، وقال البخاري : يجري الصواب على ألسنتهم.

(٢) في فضائل الصحابة ، باب من فضائل عمر رضي‌الله‌عنه (٢٣٩٨) ، ورواه ابن الجوزي في مناقب عمر ص ٢٣ ، والترمذي في مناقب عمر ، باب ٧٣ رقم (٣٧٧٦) ، وأخرجه البخاري من طريق إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه ، وزاد زكريا بن أبي زائدة عن سعد عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن من أمّتي منهم أحد فعمر». قال ابن عباس رضي‌الله‌عنهما : ما من نبيّ ولا محدّث. (كتاب فضائل الصحابة ، باب مناقب عمر ٤ / ٢٠٠) ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء ١١٧ ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٨٦ ، والنووي في تهذيب الأسماء ٢ / ٧ وابن الأثير في أسد الغابة ٤ / ٦٤.

(٣) أخرجه الترمذي في المناقب ، باب ٦٥ رقم (٣٧٦٥) وقال : وفي الباب عن الفضل بن عبّاس ، وأبي ذرّ ، وأبي هريرة. هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ٦٦ باب إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه ، وقال : رواه الطبراني في الأوسط ، وأخرجه السيوطي في تاريخ الخلفاء ١١٧ ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٨٧ وتابعه الذهبي في تلخيصه ، وابن ماجة في المقدّمة باب ١١ رقم (١٠٨).

(٤) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ٦٧ وقال : رواه الطبراني في الأواسط ، وأخرجه السيوطي في تاريخ الخلفاء ١١٨ وقال : أخرجه ابن منيع في مسندة عن عليّ.

٢٦٠