تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

جبير بن الحويرث : حضرت اليرموك فلا أسمع إلّا نقف الحديد إلّا أنّي سمعت صائحا يقول : يا معشر المسلمين يوم من أيّام الله أبلوا لله فيه بلاء حسنا ، فإذا هو أبو سفيان تحت راية ابنه (١).

قال سويد بن عبد العزيز ، عن حصين ، عن الشّعبيّ ، عن سويد بن غفلة قال : لما هزمنا العدوّ يوم اليرموك أصبنا يلامق ديباج فلبسناها فقدمنا على عمر ونحن نرى أنّه يعجبه ذلك ، فاستقبلناه وسلّمنا عليه ، فشتمنا ورجمنا بالحجارة حتّى سبقناه نعدو ، فقال بعضنا : لقد بلغه عنكم شر ، وقال بعض القوم : لعلّه في زيّكم هذا ، فضعوه ، فوضعنا تلك الثّياب وسلّمنا عليه ، فرحّب وساءلنا وقال : إنّكم جئتم في زيّ أهل الكفر ، وإنّكم الآن في زيّ أهل الإيمان ، وإنّه لا يصلح من الدّيباج والحرير إلّا هكذا ، وأشار بأربع أصابعه.

وعن مالك بن عبد الله قال : ما رأيت أشرف من رجل رأيته يوم اليرموك إنّه خرج إليه علج فقتله ، ثمّ آخر فقتله ، ثمّ آخر فقتله ، ثم انهزموا وتبعهم وتبعته ، ثمّ انصرف الى خباء عظيم له فنزل ، فدعا بالجفان ودعا من حوله ، قلت : من هذا؟ قالوا : عمرو بن معديكرب.

__________________

(١) ذكر الأزدي في فتوح الشام ـ ص ٢٢٠ إنّ أبا سفيان تجهّز في أحسن الجهاز وأحسن الهيئة ثم خرج ، وصحبه أناس من المسلمين كثير ، كانوا خرجوا متطوّعين ، فأحسن أبو سفيان صحبتهم حتى قدموا على جماعة المسلمين. فلما كان يوم خرج المسلمون إلى عدوّهم باليرموك كان أبو سفيان يومئذ يسير في الناس ، ويقف على أهل كل راية ، وعلى كلّ جماعة ، فيحرّض الناس ويحضّهم ، ويعظهم ، ويقول : إنكم يا معشر المسلمين أصبحتم في دار العجم منقطعين عن الإبل ، نائين عن أمير المؤمنين وأمداد المسلمين ، وقد والله أصبحتم بإزاء عدوّ ، كثير عددهم ، شديد عليكم حنقهم ، وقد وترتموهم في أنفسهم ونسائهم ، وأولادهم ، وأموالهم ، وبلادهم. فلا والله لا ينجيكم منهم اليوم وتبلغون رضوان الله إلّا بصدق اللقاء والصبر في المواطن المكروهة ، فامتنعوا بسيوفكم ، وتقرّبوا بها إلى خالقكم ، ولتكن هي الحصون التي تلجون إليها ، وبها تمنعون. وقاتل أبو سفيان يومئذ قتالا شديدا ، وأبلى بلاء حسنا».

١٤١

وعن عروة : قتل يومئذ النّضر بن الحارث بن علقمة العبدريّ ، وعبد الله بن سفيان بن عبد الأسد المخزوميّ.

وقال ابن سعد (١) : قتل يومئذ نعيم بن عبد الله النّحّام العدويّ.

قلت : وقد ذكر.

وقيل : كان على مجنبة أبي عبيدة يومئذ قباث (٢) بن أشيم الكنانيّ اللّيثي (٣).

ويقال : قتل يومئذ عكرمة بن أبي جهل ، وعبد الرحمن بن العوّام ، وعيّاش بن أبي ربيعة ، وعامر بن أبي وقّاص الزّهري (٤).

وقعة القادسيّة

كانت وقعة القادسيّة بالعراق في آخر السنة فيما بلغنا ، وكان على النّاس سعد بن أبي وقّاص ، وعلى المشركين رستم ومعه الجالينوس ، وذو الحاجب (٥).

قال أبو وائل : كان المسلمون ما بين السبعة إلى الثمانية آلافا. ورستم في ستّين ألفا ، وقيل : كانوا أربعين ألفا ، وكان معهم سبعون فيلا (٦).

__________________

(١) في الطبقات ٤ / ١٣٩.

(٢) في نسخة دار الكتب «قباب» ، والتصويب من الأصل ، وأسد الغابة ٤ / ١٨٩ وقيّده : بضمّ القاف وبالباء الموحّدة وآخره تاء مثلّثة نقلا عن الإكمال لابن ماكولا ٧ / ٩٣ والصواب فتح القاف.

وهو في خط محمد بن علي الصوري في مواضع «قباث» بفتح القاف (مجمل اللغة لابن فارس).

(٣) فتوح الشام للأزدي ١٨٩ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٤١٢.

(٤) في حاشية الأصل : «بلغت قراءة في التاسع عشر على مؤلّفه».

(٥) تاريخ خليفة ١٣١.

(٦) تاريخ خليفة ١٣١.

١٤٢

وذكر المدائني أنّهم اقتتلوا قتالا شديدا ثلاثة أيام في آخر شوّال ، وقيل في رمضان ، فقتل رستم وانهزموا ، وقيل إنّ رستم مات عطشا ، وتبعهم المسلمون فقتل جالينوس وذو الحاجب ، وقتلوهم ما بين الخرارة (١) إلى السّيلحين (٢) إلى النّجف ، حتى ألجئوهم إلى المدائن ، فحصروهم بها حتى أكلوا الكلاب ، ثم خرجوا على حامية بعيالهم فساروا حتى نزلوا جلولاء (٣).

قال أبو وائل : اتّبعناهم إلى الفرات فهزمهم الله ، واتّبعناهم إلى الصّراة (٤) فهزمهم الله ، فألجأناهم إلى المدائن (٥).

وعن أبي وائل قال : رأيتني أعبر الخندق مشيا على الرجال ، قتل بعضهم بعضا (٦).

وعن حبيب بن صهبان قال : أصبنا يومئذ من آنية الذّهب حتّى جعل الرجل يقول : صفراء ببيضاء ، يعني ذهبا بفضّة (٧).

وقال المدائنيّ : ثم سار سعد من القادسية يتبعهم. فأتاه أهل الحيرة فقالوا : نحن على عهدنا. وأتاه بسطام فصالحه. وقطع سعد الفرات ، فلقي جمعا عليهم بصبهرا ، فقتله زهرة بن حويّة ، ثم لقوا جمعا بكوثا (٨) عليهم

__________________

(١) في طبعة القدسي ٣ / ٨٨ «الخرار» ، والتصويب من معجم البلدان ٢ / ٣٥٠ موضع قرب السّيلحون من نواحي الكوفة.

(٢) هكذا في الأصل وتاريخ خليفة ١٣٢ ، وفي معجم البلدان ٣ / ٢٩٨ : سيلحون : بفتح أوّله وسكون ثانيه ، وفتح لامه ثم حاء مهملة ، وواو ساكنة ونون. وهي قرب الحيرة ضاربة في البرّ قرب القادسيّة بينها وبين الكوفة.

(٣) تاريخ خليفة ١٣٢ ، ١٣٣.

(٤) الصّراة : بالفتح. نهر ببغداد يأخذ من نهر عيسى من عند بلدة يقال لها المحوّل بينها وبين بغداد فرسخ ويسقي ضياع بادوريا. (معجم البلدان ٣ / ٣٩٩).

(٥) تاريخ خليفة ١٣٢.

(٦) تاريخ خليفة ١٣٢.

(٧) تاريخ خليفة ١٣٣.

(٨) هكذا في الأصل ، وفي معجم البلدان ٤ / ٤٨٧ كوثى : بالضمّ ثم السكون ، والثاء مثلّثة ،

١٤٣

الفيرزان (١) فهزموهم ، ثم لقوا جميعا كثيرا بدير كعب عليهم الفرّخان فهزموهم ، ثم سار سعد بالنّاس حتّى نزل المدائن فافتتحها (٢).

وأما محمد بن جرير (٣) فإنّه ذكر القادسيّة في سنة أربع عشرة ، وذكر أنّ في سنة خمس عشرة مصّر سعد الكوفة ، وأنّ فيها فرض عمر الفروض ودوّن الدواوين ، وأعطى العطاء على السّابقة. (٤)

قال : ولمّا فتح الله على المسلمين غنائم رستم ، وقدمت على عمر الفتوح من الشام والعراق جمع المسلمين فقال : ما يحلّ للوالي من هذا المال؟ قالوا : أمّا لخاصّته فقوته وقوت عياله لا وكس ولا شطط ، وكسوته وكسوتهم ، ودابّتان لجهاده وحوائجه ، وحمّالته (٥) إلى حجّة وعمرته ، والقسم بالسّويّة أن يعطى أهل البلاء على قدر بلائهم ، ويرمّ أمور المسلمين ويتعاهدهم (٦).

وفي القوم عليّ رضي‌الله‌عنه ساكت ، فقال : ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال : ما أصلحك وأصلح عيالك بالمعروف (٧).

وقيل إنّ عمر قعد على رزق أبي بكر حتى اشتدّت حاجته ، فأرادوا أن يزيدوه فأبى عليهم (٨).

* * *

وكان عمّاله في هذه السنة : عتّاب بن أسيد ، كذا قال ابن جرير (٩) ،

__________________

= وألف مقصورة تكتب بالياء لأنها رابعة الاسم. موضع بسواد العراق في أرض بابل.

(١) هكذا في الأصل وتاريخ الطبري ٣ / ٤٥٥ ويقال «البيرزان» ٣ / ٥٠٤ حيث تقلب الفاء إلى باء بالفارسية.

(٢) تاريخ خليفة ١٣٣.

(٣) في التاريخ ٣ / ٤٨٠.

(٤) تاريخ الطبري ٣ / ٦١٣.

(٥) في تاريخ الطبري «حملانه».

[(٦ ، ٧ ، ٨)] تاريخ الطبري ٣ / ٦١٦.

(٩) ج ٣ / ٦٢٣.

١٤٤

وقد قدّمنا موت عتّاب ، قال : وعلى الطّائف يعلى بن منية (١) ، وعلى الكوفة سعد ، وعلى قضائها أبو قرّة. وعلى البصرة المغيرة بن شعبة. وعلى اليمامة والبحرين عثمان بن أبي العاص. وعلى عمان حذيفة بن محصن. وعلى ثغور الشّام أبو عبيدة بن الجرّاح.

__________________

(١) وهي أمّه ، واسم أبيه (أميّة) ، كما في تبصير المنتبه.

١٤٥

المتوفّون فيها

(الحارث بن هشام) يقال توفّي فيها. وسيأتي في طاعون عمواس (١).

ع سعد بن عبادة (٢)

ابن دليم بن حارثة بن أبي حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج [بن ساعدة بن كعب بن الخزرج. الأنصاريّ السّاعديّ. سيّد الخزرج] أبو

__________________

(١) رواه الزمخشريّ بكسر أوله وسكون ثانيه ، ورواه غيره بفتح اوله وثانيه ، وضبطه بعضهم بفتح العين وسكون الميم. وهي قرية بين الرملة وبيت المقدس ، ومنها بدأ الطاعون.

(٢) طبقات ابن سعد ٣ / ٦١٣ ـ ٦١٧ ، طبقات خليفة ٩٧ و ٣٠٣ ، تاريخ خليفة ٧٢ و ١١٧ و ١٣٥ ، الأخبار الموفقيّات ٥٧٩ و ٥٩١ ، فتوح البلدان ٣ / ٥٨٣ ، أنساب الأشراف (انظر فهرس الأعلام ٦٤٥) ، المعارف ١١٠ و ٢٥٩ ، التاريخ الكبير ٤ / ٤٤ رقم ١٩١١ ، التاريخ الصغير ١ / ٣٩ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٢٩٤ ، تاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام ١٠ / ٢٦٣) ، العقد الفريد ٢ / ٣٤ و ٤ / ٢٥٧ و ٢٥٩ و ٢٦٠ ، المحبّر ٢٣٣ و ٢٦٩ و ٢٧١ و ٢٧٣ و ٢٧٧ و ٤٢٣ ، نسب قريش ٢٠٠ ، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٩٠ رقم ١٢١ ، مسند أحمد ٥ / ٢٨٤ و ٦ / ٧ ، جمهرة أنساب العرب ٣٦٥ ، الجرح والتعديل ٨٨ رقم ٣٨٢ ، مشاهير علماء الأمصار ١٠ رقم ٢٠ ، الكنى والأسماء ١ / ٦٥ ، الاستيعاب ٢ / ٣٥ ـ ٤١ ، المستدرك ٣ / ٢٥٢ ـ ٢٥٤ ، الاستبصار ٩٣ ـ ٩٧ ، تهذيب تاريخ دمشق ٦ / ٨٦ ـ ٩٣ ، أسد الغابة ٢ / ٣٥٦ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٤٨٩ ، صفة الصفوة ١ / ٥٠٣ ، ٥٠٤ رقم ٥٣ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ١ / ٢١٢ ، ٢١٣ رقم ٢٠٤ ، التذكرة الحمدونية ٢ / ١٠٢ رقم ٢٠٥ ، تهذيب الكمال ١ / ٤٧٤ ، العبر ١ / ١٩ ، تلخيص المستدرك ٣ / ٢٥٢ ـ ٢٥٤ ، المعين في طبقات المحدّثين ٢١ رقم ٤٦ ، دول الإسلام ، ١ / ١٥ ، الكاشف ١ / ٢٧٨ رقم ١٨٥١ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٢٧٠ ـ ٢٧٩ رقم =

١٤٦

ثابت ، ويقال أبو قيس (١).

أحد النّقباء ليلة العقبة. وقد اجتمعت عليه الأنصار يوم السّقيفة وأرادوا أن يبايعوه بالخلافة.

لم يذكر أهل المغازي أنّه شهد بدرا. وذكر البخاري (٢) وأبو حاتم (٣) أنّه شهدها ، وروي ذلك عن عروة.

قال الواقديّ : كان سعد ، وأبو دجانة ، والمنذر بن عمرو لمّا أسلموا يكسرون أصنام بني ساعدة. وكان سيّدا جوادا. لم يشهد بدرا. وكان يتهيّأ للخروج ، فنهش قبل أن يخرج ، فأقام ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لئن كان سعد لم يشهد بدرا لقد كان عليها حريصا». هكذا حكاه ابن سعد في «الطبقات» (٤) بلا سند. وقد شهد أحدا والمشاهد.

قال : وكان يبعث كل يوم بجفنة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما قدم المدينة ، وقال عروة : كان ينادي على أطم (٥) سعد : من أحبّ شحما ولحما فليأت سعد بن عبادة. وقد أدركت ابنه يفعل ذلك (٦).

وقال ابن عبّاس : إنّ أمّ سعد توفّيت فتصدّق عنها بحائطه المخراف (٧).

__________________

[(٥٥ ،)] مرآة الجنان ١ / ٧١ ، البداية والنهاية ٧ / ٤٩ و ٦١ الوافي بالوفيات ١٥ / ١٥٠ ـ ١٥٢ رقم ٢٠٣ ، شفاء الغرام ١ / ٢٥٢ و ٢ / ١٨٤ و ٢١٣ و ٢١٦ و ٢١٧ و ٢١٨ و ٢١٩ و ٢٢٠ تهذيب التهذيب ٤٧٥ ، ٤٧٦ رقم ٨٨٣ ، تقريب التهذيب ١ / ٢٨٨ رقم ٩٠ ، الإصابة ٢ / ٣٠ رقم ٣١٧٣ ، خلاصة تذهيب التهذيب ١٣٤ ، شذرات الذهب ١ / ٢٨ ، كنز العمال ١٣ / ٤٠٤ ، المعجم الكبير ٦ / ١٧ ـ ٢٩ ، البدء والتاريخ ٥ / ١١٥.

(١) وهو الأصحّ كما في أسد الغابة.

(٢) في التاريخ الكبير ٤ / ٤٤.

(٣) في الجرح والتعديل ٤ / ٨٨ ، وكذلك يذكر الطبراني في المعجم الكبير ٦ / ١٧ رقم ٥٣٥٢.

(٤) ج ٣ / ٦١٤ ، والمستدرك للحاكم ٣ / ٢٥٢ كلاهما من طريق الواقدي وهو ضعيف.

(٥) أطم وآطام : القصر ، أو الحصن المبنيّ بالحجارة.

(٦) طبقات ابن سعد ٣ / ٦١٣.

(٧) طبقات ابن سعد ٣ / ٦١٥.

١٤٧

ولسعد ذكر في حديث الإفك.

وقد حدّث عنه بنوه : قيس ، وسعيد ، وإسحاق ، وابن عبّاس ، وأبو أمامة بن سهل ، وسعيد بن المسيّب ، ولم يدركه.

وقال ابن سعد (١) : أنا محمد بن عمر حدّثني محمد بن صالح ، عن الزّبير بن المنذر بن أبي أسيد السّاعديّ أنّ أبا بكر بعث إلى سعد بن عبادة أن أقبل فبايع فقد بايع النّاس. فقال : لا والله لا أبايع حتّى أراميكم بما في كنانتي وأقاتلكم بمن معي. وقال : فقال بشير بن سعد : يا خليفة رسول الله إنّه قد أبى ولجّ وليس بمبايعكم أو يقتل ، ولن يقتل حتى يقتل معه ولده وعشيرته ، ولن يقتلوا حتى تقتل الخزرج ، فلا تحرّكوه فقد استقام لكم الأمر وليس بضارّكم ، إنّما هو رجل واحد ما ترك. فقبل أبو بكر نصيحة بشير.

قال : فلمّا ولي عمر لقيه ذات يوم فقال له : إيه يا سعد. فقال : إيه يا عمر.

فقال عمر : أنت صاحب ما أنت صاحبه. قال : نعم وقد أفضى إليك هذا الأمر. وكان والله صاحبك أحبّ إلينا منك ، وقد والله أصبحت كارها لجوارك. فقال عمر : إنّه من كره جوار جاره تحوّل عنه ، فقال سعد : أما إنّي غير مستسر (٢) بذلك. وأنا متحوّل إلى جوار من هو خير منك. فلم يلبث أن خرج مهاجرا إلى الشّام. فمات بحوران (٣).

قال محمد بن عمر : ثنا يحيى بن عبد العزيز بن سعد بن عبادة ، عن أبيه قال : توفّي سعد بحوران لسنتين ونصف من خلافة عمر. قال محمد بن عمر : كأنّه مات سنة خمس عشرة. قال عبد العزيز : فما علم بموته بالمدينة حتى سمع غلمان في بئر منبه أو بئر سكن ـ وهم يقتحمون نصف النّهار ـ قائلا من البئر :

__________________

(١) الطبقات ٣ / ٦١٦ والخبر ضعيف لضعف الواقدي ، وفيه الزبير بن المنذر وهو لا يكاد يعرف.

كما قال الذهبي في ميزان الاعتدال ، ومحمد بن صالح صدوق يخطئ.

(٢) في طبقات ابن سعد «مستنسئ» (٣ / ٦١٧).

(٣) المعجم الكبير ٦ / ١٨ رقم ٥٣٥٧ و ٥٣٥٨.

١٤٨

نحن قتلنا سيّد

الخزرج سعد بن عباده

 فرميناه بسهمين

فلم نخط فؤاده

 فذعر الغلمان ، فحفظ ذلك اليوم فوجدوه اليوم الّذي مات فيه سعد ، وإنّما جلس يبول في نفق فاقتتل فمات من ساعته ، وجدوه قد اخضرّ جلده (٣).

وقال ابن أبي عروبة : سمعت محمد بن سيرين يحدّث أنّه بال قائما ، فلمّا رجع قال لأصحابه : إنّي لأجد دبيبا ، فمات فسمعوا الجنّ تقول : نحن قتلنا سيّد الخزرج ـ البيتين (١).

وقال سعيد بن عبد العزيز : أوّل مدينة فتحت بالشام بصرى ، وفيها مات سعد بن عبادة.

(سعد بن عبيد) (٢) بن النّعمان أبو زيد الأنصاري الأوسيّ.

استشهد بوقعة القادسيّة ، وقيل إنّه والد عمير بن سعد الزّاهد أمير حمص لعمر ، شهد سعد بدرا وغيرها ، وكان يقال له سعد القاري (٣).

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٣ / ٦١٧.

(٢) الطبقات ٣ / ٦١٧ ، المعجم الكبير ٦ / ١٩ رقم ٥٣٥٩ و ٥٣٦٠.

(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٤٥٨ ، المحبّر ٢٧٧ و ٢٨٦ ، تاريخ خليفة ١٣٣ ، التاريخ الكبير ٤ / ٤٧ رقم ١٩١٩ ، تاريخ الطبري ٣ / ٤٤٤ ـ ٤٤٦ و ٥٦٦ و ٥٨٣ ، فتوح البلدان ٢ / ٣٢١ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٤٨٧ ، الاستيعاب ٢ / ٤١ ، مشاهير علماء الأمصار ١٠ ، ١١ رقم ٢٣ ، جمهرة أنساب العرب ٣٣٤ ، الجرح والتعديل ٤ / ٨٩ رقم ٣٨٦ ، المعجم الكبير ٦ / ٦٥ ، ٦٦ رقم ٥٥٤ ، أسد الغابة ٢ / ٢٨٥ ، ٢٨٦ ، البداية والنهاية ٧ / ٤٩ ، و ٦١ ، ٦٢ ، الوافي بالوفيات ١٥ / ١٥٥ رقم ٢٠٨ ، الإصابة ٢ / ٣١ رقم ٣١٧٦.

(٤) قال ابن مندة : «القاري من بني قارة الأنصاري». وقال ابن الأثير : وقول ابن مندة أنه من قارة أنصاريّ وهم منه كيف يكون من القارة وهم ولد الديس بن محلم بن غالب .. بن الهون بن خزيمة والهون أخو أسد بن خزيمة وهذا أنصاريّ فكيف يجتمعان ، وإنما هو القارئ مهموزا من القراءة ، وقد ذكر أنه أوّل من جمع القرآن من الأنصار ولم يجمع القرآن من الأوس غيره قاله أبو أحمد العسكري ، وأمّا أنا فأستبعد أن يكون هذا ممن جمع القرآن من الأنصار ولم يجمع القرآن لأنّ الحديث يرويه أنس بن مالك ، وذكرهم وقال : أحد عمومتي أبو زيد وأنس من بني عديّ بن

١٤٩

وذكر محمد بن سعد (١) أنّ القادسيّة سنة ستّ عشرة. وأنّه قتل بها وله أربع وستّون سنة.

وقال قيس بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن سعد بن عبيد أنّه خطبهم فقال : إنّا لاقوا العدوّ غدا وإنّا مستشهدون غدا ، فلا تغسلوا عنّا دما ولا نكفّن إلّا في ثوب كان علينا (٢).

(سعيد بن الحارث)(٣) بن قيس بن عديّ القرشيّ السّهميّ ، هو وإخوته الحجّاج ، ومعبد ، وتميم ، وأبو قيس ، وعبد الله ، والسائب ، كلّهم من مهاجرة الحبشة ، ذكرهم ابن سعد.

استشهد أكثرهم يوم اليرموك ويوم أجنادين.

سهيل بن عمرو بن عبد شمس (٤)

ابن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن (٥) حسن بن عامر بن لؤيّ أبو يزيد

__________________

= النجار خزرجيّ ، فكيف يكون هذا وهو أوسيّ عما لأنس هذا بعيد جدّا. (أسد الغابة ٢ / ٢٨٦).

(١) الطبقات ٣ / ٤٥٨ ، المعجم الكبير ٦ / ٦٥ رقم ٥٤٩٠.

(٢) طبقات ابن سعد ٣ / ٤٥٨.

(٣) طبقات ابن سعد ٤ / ١٩٦ ، أنساب الأشراف ١ / ٢١٥ ، فتوح البلدان ١ / ١٣٥ ، تاريخ خليفة ١٣١ ، تاريخ الطبري ٣ / ٥٧٢ ، المعجم الكبير ٦ / ٨٢ ، ٨٣ رقم ٥٧٢ ، الاستيعاب ٢ / ٨ تهذيب تاريخ دمشق ٦ / ١٢٥ ، أسد الغابة ٢ / ٣٠٤ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٢٠٢ رقم ٢٠٢ ، رقم ٣١ ، الوافي بالوفيات ١٥ / ٢٠٨ رقم ٢٨٩ ، الإصابة ٢ / ٤٤ ، ٤٥ رقم ٣٢٥١.

(٤) طبقات ابن سعد ٧ / ٤٠٤ ، ٤٠٥ ، تاريخ خليفة ٨٢ و ٩٠ ، طبقات خليفة ٢٦ و ٣٠٠ ، المحبّر ٧٩ و ١٦٢ و ١٧٠ و ٢٨٨ و ٤٧٣ ، نسب قريش ٤١٧ ـ ٤١٩ ، تاريخ الطبري (راجع فهرس الأعلام ١٠ / ١٧٨) ، فتوح البلدان ١٠٣ و ١٠٩ و ١٦٦ ، أنساب الأشراف ١ / ٤٠ و ١٠٢ و ٢٠٣ و ٢١٩ و ٢٢٠ و ٢٢١ و ٢٢٨ و ٢٣٧ و ٢٩٢ و ٣٠٣ و ٣٠٤ و ٣٤٩ و ٣٥٠ و ٣٥٤ و ٣٥٧ و ٣٦٢ و ٣٦٣ و ٤٠٧ ، عيون الأخبار ١ / ٨٥ ، فتوح الشام للأزدي ٤٦ ، ٤٧ ، الأخبار الموفقيّات ٥٨٣ ، ٥٨٥ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٥٢٤ ، المعارف ٦٩ و ١٥٤ و ٢٨٤ و ٣٤٢ ،

(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل ، والاستدراك من مصادر ترجمته.

١٥٠

العامريّ ، أحد خطباء قريش وأشرافهم.

أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه ، وكان قد أسر يوم بدر ، وكان قد قام بمكة وحضّ على النّفير فقال : يا آل غالب أتاركون أنتم محمدا والصّباة (١) يأخذون عيركم؟ من أراد مالا فهذا مال ، ومن أراد قوّة فهذه قوّة. وكان سمحا جوادا فصيحا ، قام خطيبا بمكة أيضا عند وفاة النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنحو خطبة أبي بكر فسكّنهم ، وهو الّذي مشى في صلح الحديبيّة.

وقال الزّبير بن بكّار ، كان سهيل بعد كثير الصّلاة والصّوم والصّدقة ، وخرج بجماعته إلى الشام مجاهدا ، وقيل إنّه صام وقام حتّى شحب لونه وتغيّر ، وكان كثير البكاء عند قراءة القرآن.

قال المدائنيّ وغيره : إنّه استشهد يوم اليرموك.

وقال الشافعيّ والواقديّ : إنّه توفّي بطاعون عمواس.

روى عنه يزيد بن عميرة الزّبيدي وغيره عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقيل كان أميرا على كردوس (٢) يوم اليرموك.

__________________

= الاستيعاب ٢ / ١٠٨ ـ ١١٢ ، المستدرك ٣ / ٢٨١ ـ ٢٨٢ ، المعجم الكبير ٦ / ٢٥٩ رقم ٥٩٦ ، جمهرة أنساب العرب ١٦٦ ، الجرح والتعديل ٤ / ٢٤٩ رقم ١٠٧٢ ، التاريخ الكبير ٤ / ١٠٣ ، ١٠٤ رقم ٢١١٧ ، ثمار القلوب ٥١٩ ، مشاهير علماء الأمصار ٣٣ رقم ١٨٠ ، العقد الفريد ١ / ١٤٨ و ٢ / ٣٨٩ و ٤ / ١٦٢ و ٦ / ٨٧ و ٨٩ ، أسد الغابة ٢ / ٣٧١ ـ ٣٧٣ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ١ / ٢٣٩ ، ٢٤٠ رقم ٢٤٠ ، التذكرة الحمدونية ١ / ١٢٣ و ٢ / ٣٧ ، تلخيص المستدرك ٣ / ٢٨١ ، ٢٨٢ ، سير أعلام النبلاء ١ / ١٩٤ ، ١٩٥ رقم ٢٥ ، العقد الثمين ٤ / ٦٢٤ ـ ٦٣٠ ، البداية والنهاية ٧ / ٦٢ ، الوافي بالوفيات ١٦ / ٢٧ ـ ٢٩ رقم ٣٥ ، صفة الصفوة ١ / ٣٠٧ ، تهذيب التهذيب ٤ / ٢٦٤ ، ٢٦٥ (بدون رقم) ، الإصابة ٢ / ٩٣ ، ٩٤ رقم ٣٥٧٣ ، كنز العمال ١٣ / ٤٣٠ ، شذرات الذهب ١ / ٣٠ ، مجموعة الوثائق السياسية ٥٨ رقم (١١) ، ٢٦٧ رقم (٢٢١).

(١) الصباة : جمع صابئ. وهو الّذي يترك دينه ويتحوّل إلى دين آخر. ولهذا كان المشركون يقولون عن المسلم بأنّه صبأ. أي تحوّل عن الشرك إلى الإسلام.

(٢) الكردوس : القطعة العظيمة من الخيل.

١٥١

(عامر بن مالك بن أهيب الزّهريّ) (١) أخو سعد بن أبي وقّاص ، من مهاجرة الحبشة.

قدم دمشق بكتاب عمر على أبي عبيدة بإمرته على الشّام وعزل خالد ، استشهد يوم اليرموك على الصحيح (٢).

(عبد الله بن سفيان)(٣) هذا ابن أخي أبي سلمة بن عبد الأسد المخزوميّ.

له صحبة وهجرة إلى الحبشة ورواية.

روى عنه عمرو بن دينار منقطعا ، واستشهد باليرموك.

(عبد الرحمن أخو الزّبير بن العوّام لأبيه (٤)) حضر بدرا هو وأخوه عبيد الله الأعرج مشركين ، فهربا فأدرك عبيد الله فقتل ، ثم أسلم فيما بعد هذا ، وصحب النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واستشهد باليرموك.

* * *

* عتبة بن غزوان رضي‌الله‌عنه ، يقال مات فيها ، وقد تقدّم.

* عكرمة بن أبي جهل المخزوميّ ، يقال استشهد يوم اليرموك ، وقد تقدّم.

د ن ق (عمرو بن أمّ مكتوم)(٥) الضّرير.

__________________

(١) المحبّر ٤٥٩ ، فتوح البلدان ١٣٧ و ١٦١ ، التاريخ الكبير ٦ / ٤٥٢ رقم ٢٩٦٥ ، الجرح والتعديل ٦ / ٣٢٧ ، ٣٢٨ رقم ١٨٢٤ ، الاستيعاب ٣ / ٤ ، تهذيب تاريخ دمشق ٧ / ١٩٨ البداية والنهاية ٧ / ٦٢.

(٢) تهذيب تاريخ دمشق ٧ / ١٩٨.

(٣) تاريخ خليفة ١٣١ ، فتوح البلدان ١ / ٦٢ ، الاستيعاب ٢ / ٣٨٥ ، الكاشف ٢ / ٨٣ رقم ٢٧٨٦ ، البداية والنهاية ٧ / ٦٢ ، الإصابة ٢ / ٣١٩ رقم ٤٧٢١.

(٤) المعارف ٢٢٠ ، جمهرة أنساب العرب ١٢١ و ١٢٥ ، الاستيعاب ٢ / ٣٩٩ ، البداية والنهاية ٧ / ٦٢ ، الإصابة ٢ / ٤١٥ ، ٤١٦ رقم ١٥٧٨.

(٥) مختلف في اسمه ، فأهل المدينة يقولون : عبد الله بن قيس بن زائدة بن الأصمّ بن رواحة القرشي العامري. وأمّا أهل العراق فسمّوه عمرا. ويقال : عمرو بن زائدة ، وغيره ، انظر : طبقات

١٥٢

مؤذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واستخلفه على المدينة في غير غزوة ، قيل كان اللّواء معه يوم القادسيّة ، واستشهد يومئذ.

وقال ابن سعد (١) : رجع إلى المدينة بعد القادسيّة ، ولم نسمع له بذكر بعد عمر.

قلت : روى عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وأبو رزين الأسديّ ، وله ترجمة طويلة في كتاب ابن سعد.

* عمرو بن الطّفيل بن (٢) عمرو بن طريف قتل باليرموك.

(عيّاش بن أبي ربيعة) (٣) عمرو بن المغيرة بن عيّاش المخزوميّ ، صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الّذي سمّاه في القنوت ودعا له بالنّجاة (٤).

__________________

= ابن سعد ٤ / ٢٠٥ ـ ٢١٢ ، نسب قريش ٣٤٣ ، المحبّر ٢٥٤ ، المعارف ٢٩٠ ، أنساب الأشراف ١ / ٣١١ و ٥٢٦ ، تاريخ الطبري ٢ / ٤٨٣ و ٥٣٦ و ٥٥٥ ، المنتخب من ذيل المذيّل ٥٦٤ ، البرصان والعميان ٣٦٢ ، جمهرة أنساب العرب ١٧١ ، مشاهير علماء الأمصار ١٦ رقم ٥٣ (وفيه اسمه : عبد الله) ، حلية الأولياء ٢ / ٤ رقم ٨٨ (وفيه : عبد الله) ، الاستيعاب ٢ / ٥٠١ ، ٥٠٢ ، المستدرك ٣ / ٦٣٤ ، ٦٣٥ ، أسد الغابة ٤ / ١٢٧ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٢٩٥ ، ٢٩٦ رقم ٥٥٦ ، صفة الصفوة ١ / ٥٨٢ ـ ٥٨٤ رقم ٦٣ ، الكاشف ٢ / ٢٨٤ رقم ٤٢٢٣ ، تلخيص المستدرك ٣ / ٦٣٤ ، ٦٣٥ ، العبر ١ / ١٩ ، البداية والنهاية ٧ / ٦٢ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٣٤ رقم ٥٢ (وفيه : عمرو بن زائدة) ، ومثله : تقريب التهذيب ٢ / ٧٠ رقم ٥٨٢ ، الإصابة ٢ / ٥٢٣ ، ٥٢٤ رقم ٥٧٦٤ ، خلاصة تذهيب التهذيب ٢٨٩ ، شذرات الذهب ١ / ٢٨.

(١) في الطبقات ٤ / ٢١٢.

(٢) فتوح البلدان ١ / ١٣٥.

(٣) طبقات ابن سعد ٤ / ١٢٩ ، طبقات خليفة ٢١ ، التاريخ الكبير ٧ / ٤٦ رقم ٢٠٤ ، عيون الأخبار ١ / ٣٠٧ و ٣٣٩ و ٣٤٠ ، أنساب الأشراف ١ / ١٩٧ و ٢٠٨ و ٢٠٩ و ٢١٠ و ٢٢٠ ، مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ١٢٤ رقم ٥١٦ ، العقد الفريد ٢ / ٥٠ ، مشاهير علماء الأمصار ٣٦ رقم ٢١١ ، جمهرة أنساب العرب ٢٣٠ ، الاستيعاب ٣ / ١٢٢ ، ١٢٣ ، أسد الغابة ٤ / ١٦١ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٤٢ رقم ٤١ ، الكاشف ٢ / ٣١٢ رقم ٤٤١٩ ، الإصابة ٣ / ٤٧ رقم ٦١٢٣ ، تلقيح فهوم الأثر ٣٧٧ ، تهذيب التهذيب ٨ / ١٩٧ رقم ٣٦٠ ، تقريب التهذيب ٢ / ٩٥ رقم ٨٤٨ ، خلاصة تذهيب التهذيب ٣٠٠ ، شذرات الذهب ١ / ٢٨.

(٤) الاستيعاب ٣ / ١٢٣.

١٥٣

روى عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ،

وعنه ابنه عبد الله وغيره ، وهو أخو أبي جهل لأمّه ، كنيته أبو عبد الله ، استشهد يوم اليرموك.

* فراس بن النّضر بن الحارث (١) ، يقال استشهد باليرموك.

* قيس بن عديّ بن سعد (٢) بن سهم ، من مهاجرة الحبشة ، قتل باليرموك.

(قيس بن أبي صعصعة)(٣) عمرو بن زيد بن عوف الأنصاريّ المازنيّ.

شهد العقبة وبدرا ، وورد له حديث من طريق ابن لهيعة عن حبّان بن واسع بن حبّان ، عن أبيه عنه ، قلت : في كم أقرأ القرآن يا رسول الله؟ قال : «في خمس عشرة» ،

قلت : أجدني أقوى من ذلك (٤). وفيه دليل على أنّه جمع القرآن.

وكان أحد أمراء الكراديس يوم اليرموك.

(نصير بن الحارث)(٥) بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدّار

__________________

(١) أنساب الأشراف ١ / ٢٠٣ ، الاستيعاب ٣ / ٢١١ ، أسد الغابة ٤ / ١٧٧ ، الإصابة ٣ / ٢٠٢ رقم ٦٩٦٨.

(٢) المحبّر ١٣٣ و ١٧٧ و ١٧٨ و ٤٧٤ ، تاريخ خليفة ١٨٨ ، أنساب الأشراف ١ / ١٣٢ ، الإصابة ٣ / ٢٨٤ رقم ٧٣٥٩ ، البداية والنهاية ٧ / ٦٢.

(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ٥١٧ ، تاريخ الطبري ٢ / ٤٣٣ ، أنساب الأشراف ١ / ٢٤٤ ، الاستيعاب ٢٢٣ ، أسد الغابة ٤ / ٢١٨ ، البداية والنهاية ٧ / ٦٢ ، الإصابة ٣ / ٢٨٣ ، ٢٨٤ رقم ٧٣٥٥.

(٤) أخرجه أبو داود في الصلاة (١٣٨٨) باب في كم يقرأ القرآن؟ ، والترمذي في القراءات (٤٠١٦) باب رقم (٤) ، وأحمد في المسند ٢ / ١٦٥ و ١٨٩ و ٢١٦ من عدّة طرق كلّها من حديث عبد الله بن عمر.

(٥) نسب قريش ٢٥٥ ، أنساب الأشراف ١ / ٢٠٣ ، تاريخ الطبري ٣ / ٩٠ ، جمهرة أنساب العرب ١٢٦ ، الاستيعاب ٣ / ٥٦٥ ـ ٥٦٧ ، أسد الغابة ٥ / ٢٠ ، ٢١ ، البداية والنهاية ٧ / ٦٢ وفيه «نصير» بالصاد المهملة ، وهو تصحيف ، الإصابة ٣ / ٥٥٧ ، ٥٥٨ رقم ٨٧٢٠.

١٥٤

ابن قصيّ العبديّ القرشي.

من مسلمة الفتح ومن حلماء قريش ، وقيل إنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أعطاه مائة من الإبل من غنائم حنين ، تألّفه بذلك. فتوقف في أخذها وقال : لا أرتشي على الإسلام ، ثم قال : والله ما طلبتها ولا سألتها وهي عطيّة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخذها ، وحسن إسلامه ، واستشهد يوم اليرموك ، وأخوه النّضر قتل كافرا في نوبة بدر.

(نوفل بن الحارث) (١) بن عبد المطلب بن هاشم ، أبو الحارث ابن عمّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وهو أسنّ من أسلم من بني هاشم ، وقد أسر يوم بدر ففداه العبّاس ، فلمّا فداه أسلم (٢).

وقيل إنّه هاجر أيام الخندق ، وآخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بينه وبين العبّاس ، وكانا شريكين في الجاهليّة متحابّين ، شهد نوفل الحديبيّة والفتح ، وأعان

__________________

(١) طبقات خليفة ٦ ، تاريخ خليفة ١٣٤ ، المعارف ١٢٦ ، ١٢٧ و ١٥٥ ، أنساب الأشراف ١ / ٣٠١ ، تاريخ الطبري ٢ / ٤٢٦ و ٤٦٥ ، المنتخب من ذيل المذيّل ٥٠٢ ، ٥٠٣ ، جمهرة أنساب العرب ٧٠ ، الجرح والتعديل ٨ / ٤٨٧ رقم ٢٢٣٠ ، مشاهير علماء الأمصار ٣٢ رقم ١٦٦ ، الاستيعاب ٣ / ٥٣٧ ، ٥٣٨ ، أسد الغابة ٥ / ٤٦ ، تهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ١٣٤ رقم ٢٠١ ، العقد الثمين ٧ / ٣٥١ ـ ٣٥٣ ، سير أعلام النبلاء ١ / ١٩٩ رقم ٢٧ ، الوفيات لابن قنفذ ٤٥ ، ٤٦ ، البداية والنهاية ٧ / ٦٢ ، المستدرك ٣ / ٢٤٥ ـ ٢٤٧ ، تلخيص المستدرك ٣ / ٢٤٥ ـ ٢٤٧ ، الإصابة ٣ / ٥٧٧ رقم ٨٨٢٦ ، شذرات الذهب ١ / ٣٢.

(٢) روى الحاكم في المستدرك من طريق هشام بن يحيى ، عن محمد بن سعد ، عن عليّ بن عيسى النوفليّ قال : لما أسر نوفل بن الحارث ببدر قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أفد نفسك يا نوفل» قال : ما لي شيء أفدي به يا رسول الله. قال : «أفد نفسك برماحك التي بجدّة». قال : والله ما علم أحد أنّ لي بجدّة رماحا بعد الله غيري. أشهد أنّك رسول الله ، ففدى نفسه بها ، وكانت ألف رمح. قال : وآخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين نوفل والعباس بن عبد المطلب ، وكانا قبل ذلك شريكين في الجاهلية متفاوضين في المالين متحابّين. وشهد نوفل مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فتح مكة وحنينا والطائف ، وثبت يوم حنين مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال رسول الله : «كأنّي انظر إلى رماحك تقصف في أصلاب المشركين».

١٥٥

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم حنين بثلاثة آلاف رمح ، وثبت معه يومئذ (١).

توفّي سنة خمس عشرة بخلف (٢) وقيل سنة عشرين.

(هشام بن العاص) السّهميّ. عند ابن سعد (٣) أنّه قتل يوم اليرموك.

__________________

(١) انظر الحاشية السابقة.

(٢) في الأصل «بحلب» وهو خطأ.

(٣) الطبقات ٤ / ١٩٢.

١٥٦

سنة ستّ عشرة

قيل : كانت وقعة القادسيّة في أوّلها. واستشهد يومئذ مائتان ، وقيل : عشرون ومائة رجل.

قال خليفة (١) : فيها فتحت الأهواز ثم كفروا (٢) ، فحدّثني الوليد بن هشام ، عن أبيه ، عن جدّه قال : سار المغيرة بن شعبة إلى الأهواز فصالحه الفيرزان (٣) على ألفي ألف درهم وثمانمائة ألف درهم ، ثمّ غزاهم الأشعريّ بعده.

وقال الطبريّ (٤) : فيها دخل المسلمون مدينة بهرسير (٥) وافتتحوا المدائن (٦) ، فهرب منها يزدجرد بن شهريار.

__________________

(١) تاريخ خليفة ١٣٤.

(٢) أي نقضوا العهد.

(٣) في تاريخ خليفة «البيرزان» ، وقد سبق الإشارة إلى هذا اللفظ في بعض المصادر وأنّ الفاء تقلب باء بالفارسيّة ، فيقال : أصفهان ، وأصبهان ، مثلا.

(٤) في التاريخ ٤ / ٥.

(٥) في (ع) والأصل (بهرشير) وفي (ح) : (نهر شير). والتصحيح من معجم البلدان ١ / ٥١٥ حيث ضبطها بالفتح ثم الضم ، وفتح الراء وكسر السين المهملة. وهي من نواحي سواد بغداد قرب المدائن.

(٦) قال ياقوت : الّذي عندي فيه أنّ هذا الموضع كان مسكن الملوك من الأكاسرة الساسانيّة وغيرهم

١٥٧

فلمّا نزل سعد بن أبي وقّاص بهرسير ـ وهي المدينة التي فيها منزل كسرى ـ طلب السّفن ليعبر بالنّاس إلى المدينة القصوى ، فلم يقدر على شيء منها ، وجدهم قد ضمّوا السّفن ، فبقي أيّاما حتّى أتاه أعلاج فدلّوه على مخاضة (١) ، فأبى ، ثمّ إنّه عزم له أن يقتحم دجلة ، فاقتحمها المسلمون وهي زائدة ترمي بالزّبد (٢) ، ففجئ (٣) أهل فارس أمر لم يكن لهم في حساب ، فقاتلوا ساعة ثمّ انهزموا وتركوا جمهور أموالهم ، واستولى المسلمون على ذلك كلّه ، ثم أتوا إلى القصر الأبيض ، وبه قوم قد تحصّنوا ثمّ صالحوا.

وقيل إنّ الفرس لمّا رأوا اقتحام المسلمين الماء تحيّروا وقالوا : والله ما نقاتل الإنس ولا نقاتل إلّا الجنّ ، فانهزموا (٤).

ونزل سعد القصر الأبيض ، واتّخذ الإيوان مصلّى ، وإنّ فيه لتماثيل جصّ فما حرّكها (٥).

ولمّا انتهى إلى مكان كسرى أخذ يقرأ (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ) (٦) الآية.

__________________

= فكان كل واحد منهم إذا ملك بنى لنفسه مدينة إلى جنب التي قبلها وسمّاها باسم ، فأوّلها المدينة العتيقة التي لزاب ، ثم مدينة الإسكندر ، ثم طيسفون من مدائنها ، ثم اسفانير ، ثم مدينة يقال لها رومية ، فسمّيت المدائن بذلك .. قال حمزة : اسم المدائن بالفارسيّة توسفون وعرّبوه على الطيسفون والطيسفونج وإنّما سمّتها العرب المدائن لأنّها سبع مدائن بين كل مدينة إلى الأخرى مسافة قريبة أو بعيدة. (معجم البلدان ٥ / ٧٤ ، ٧٥).

(١) في النسخة (ح) «مخاصمة» وهو تحريف.

(٢) العبارة في تاريخ الطبري ٤ / ١٠ «وتلاحق عظم الجند ، فركبوا اللّجّة ، وإنّ دجلة لترمي بالزّبد ، وإنّها لمسودّة ، وإنّ الناس ليتحدّثون في عومهم وقد اقتربوا ما يكترثون».

(٣) في تاريخ الطبري «ففجئوا».

(٤) تاريخ الطبري ٤ / ١٤.

(٥) تاريخ الطبري ٤ / ١٤ ، ١٥.

(٦) سورة الدخان ، الآية ٢٥.

١٥٨

قالوا : وأتمّ سعد الصّلاة يوم دخلها ، وذلك أنّه أراد المقام بها ، وكانت أوّل جمعة جمعت بالعراق ، وذلك في صفر سنة ستّ عشرة (١).

قال الطّبريّ : قسّم سعد الفيء بعد ما خمّسه ، فأصاب الفارس اثنا عشر ألفا ، وكلّ الجيش كانوا فرسانا (٢).

وقسّم سعد دور المدائن بين النّاس وأوطنوها ، وجمع سعد الخمس وأدخل فيه كلّ شيء من ثياب كسرى وحليّه وسيفه. وقال للمسلمين : هل لكم أن تطيب أنفسكم عن أربعة أخماس هذا القطف فنبعث به إلى عمر ، فيضعه حيث يرى ويقع من أهل المدينة موقعا؟ قالوا : نعم ، فبعثه على هيئته. وكان ستّين ذراعا في ستّين ذراعا بساطا واحدا مقدار جريب (٣). فيه طرق كالصّور. وفصوص كالأنهار ، وخلال ذلك كالدّرّ (٤) ، وفي حافّاته كالأرض المزروعة ، والأرض كالمبقلة بالنّبات في الرّبيع من الحرير على قصبات (٥) الذّهب. ونوّاره بالذّهب والفضّة ونحوه. فقطّعه عمر وقسّمه بين النّاس. فأصاب عليّا قطعة منه فباعها بعشرين ألفا (٦).

واستولى المسلمون في ثلاثة أعوام على كرسيّ مملكة كسرى ، وعلى كرسيّ مملكة قيصر ، وعلى أمّي بلادهما. وغنم المسلمون غنائم لم يسمع بمثلها قطّ من الذّهب والجوهر والحرير والرّقيق والمدائن والقصور. فسبحان الله العظيم الفتّاح.

__________________

(١) تاريخ الطبري ٤ / ١٦.

(٢) تاريخ الطبري ٤ / ٢٠.

(٣) الجريب : ثلاثة آلاف وستمائة ذراع. (تاج العروس).

(٤) في تاريخ الطبري ٤ / ٢١ «كالدير».

(٥) في تاريخ الطبري ٤ / ٢١ «قضبان».

(٦) تاريخ الطبري ٤ / ٢١ ، ٢٢.

١٥٩

وكان لكسرى وقيصر ومن قبلهما من الملوك في دولتهم دهر طويل ، فأمّا الأكاسرة والفرس وهم المجوس فملكوا العراق والعجم نحوا من خمسمائة سنة ، [فأوّل ملوكهم دارا ، وطال عمره فيقال إنّه بقي في الملك مائتي سنة] (١) ، وعدّة ملوكهم خمسة وعشرون نفسا ، منهم امرأتان ، وكان آخر القوم يزدجرد الّذي هلك في زمان عثمان ، وممّن ملك منهم ذو الأكتاف سابور (٢) ، عقد له بالأمر وهو في بطن أمّه ، لأنّ أباه مات وهذا حمل ، فقال الكهّان : هذا يملك الأرض ، فوضع التّاج على بطن الأمّ ، وكتب منه (٣) إلى الآفاق وهو بعد جنين ، وهذا شيء لم يسمع بمثله قطّ ، وإنّما لقّب بذي الأكتاف لأنّه كان ينزع أكتاف من غضب عليه ، وهو الّذي بنى الإيوان الأعظم وبنى نيسابور وبنى سجستان (٤).

ومن متأخّري ملوكهم أنوشروان ، وكان حازما عاقلا ، كان له اثنا عشر ألف امرأة وسريّة ، وخمسون ألف دابّة ، وألف فيل إلّا واحدا ، وولد نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وسلم في زمانه (٥) ، ثمّ مات أنوشروان وقت موت عبد المطلب ، ولمّا استولى الصّحابة على الإيوان أحرقوا ستره ، فطلع منه ألف ألف مثقال ذهبا.

وقعة جلولاء (٦)

في هذه السّنة قال ابن جرير الطّبريّ (٧) : فقتل الله من الفرس مائة

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة دار الكتب.

(٢) في نسخة دار الكتب «شابور» وكلاهما صحيح.

(٣) في نسخة دار الكتب (وكتب به).

(٤) انظر عنه : تاريخ سنّي ملوك الأرض والأنبياء لحمزة بن الحسن الأصفهاني ص ٤٧ ـ طبعة دار مكتبة الحياة ببيروت ـ الطبعة الثالثة.

(٥) المصدر نفسه ـ ص ٥٣.

(٦) جلولاء : بالمدّ ، طسوج من طساسيج السواد في طريق خراسان ، بينها وبين خانقين سبعة فراسخ ، وهو نهر عظيم يمتدّ إلى بعقوبا. (معجم البلدان ٢ / ١٥٦).

(٧) تاريخ الطبري ٤ / ٢٦.

١٦٠