إعراب القرآن - ج ٣

أبي جعفر أحمد بن محمّد بن إسماعيل النحّاس [ ابن النحّاس ]

إعراب القرآن - ج ٣

المؤلف:

أبي جعفر أحمد بن محمّد بن إسماعيل النحّاس [ ابن النحّاس ]


المحقق: عبدالمنعم خليل إبراهيم
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٠

(فَسَقى لَهُما) أي قبل الوقت الذي كانتا تسقيان فيه. (ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِ) وهو في اللغة ما ليس عليه شمس ، والفيء ما كانت عليه شمس ثم زالت. (فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) قال سعيد بن جبير عن ابن عباس : لقد قال موسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ربّ إنّني لما أنزلت إليّ من خير فقير ، وما أحد من الخلق أكرم على الله جلّ وعزّ منه ولقد افتقر إلى شقّ تمرة فمصّها فلزق بطنه بظهره من الجوع.

(فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ) قال عبد الله بن أبي الهذيل عن عمر بن الخطاب قال : جاءت وقد جعلت كم قميصها على وجهها أو كمّ درعها. قال أبو إسحاق : ويقال : جاءت تمشي مشي من لم يعتد الدخول والخروج مستحيية ، (قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ) وفي الكلام حذف أي : فأجابها ومضى معها. (فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ) حذفت الضمّة من الفاء للجزم ، وحذفت الألف لالتقاء الساكنين.

(إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) أي من قوي على عملك وأدّى فيه الأمانة.

(قالَ ذلِكَ) في موضع رفع بالابتداء. (بَيْنِي وَبَيْنَكَ) في موضع الخبر ، والتقدير عند سيبويه : بيننا ، وأعيدت الثانية توكيدا. (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ) نصب بقضيت و «ما» زائدة (فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) تبرية ، ويجوز (فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) من جهتين : إحداهما أن تكون «لا» عاملة كليس ، والأخرى أن يكون «عدوان» مرفوعا بالابتداء ، و «عليّ» الخبر ، كما تقول:

لا زيد في الدار ولا عمرو. (وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) ابتداء وخبر. قال أبو إسحاق :

والمعنى : والله شهيدنا على ما عقد بعضنا على بعض.

وقرأ عاصم : (أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ) بفتح الجيم ، وروي عن الأعمش أو جذوة (١) بضم الجيم.

__________________

(١) انظر كتاب السبعة لابن مجاهد ٤٩٣ ، والبحر المحيط ٧ / ١١١ ، وهذه قراءة مسلمة أيضا.

١٦١

وعن الأشهب العقيلي (فِي الْبُقْعَةِ) بفتح الباء ، وهي لغات ، وقولهم بقاع يدلّ على بقعة ، كما يقال : جفنة وجفان ، ومن قال : بقعة قال : في الجمع بقع مثل غرفة وغرف. قال أبو إسحاق : ويجوز بقعة وبقاع مثل جفرة وجفار. قال : و (أَنْ) في موضع نصب بمعنى أنّه (يا مُوسى).

قال : (وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ) عليها. (وَلَّى مُدْبِراً) على الحال. (وَلَمْ يُعَقِّبْ) أي لم يلتفت ، والتقدير قيل له (يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ) قال وهب : قيل له : ارجع إلى حيث كنت فرجع فلفّ درّاعته على يده فقال له الملك : أرأيت إن أراد الله أن يصيبك بما تحاذر أينفعك لفّك يدك فقال : لا ولكنّي ضعيف خلقت من ضعف وكشف يده فأدخلها في فم الحيّة فعادت عصا. قال (إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) مما تحاذر.

(وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ) يكون التقدير : ولّى مدبرا من الرّهب أو لفّ يده من الرّهب وعن ابن كثير والجحدريّ (مِنَ الرَّهْبِ) (١) بضم الراء والهاء ، وعن قتادة (مِنَ الرَّهْبِ) (٢) بفتح الراء وإسكان الهاء على أصل المصدر. (فَذانِكَ بُرْهانانِ) ابتداء وخبر ، ومن قرأ فذانّك (٣) فله تقديران : منها أنه ثنّى ذلك فقال : ذانّك ومن قال : ذانك وقيل : تشديد النون عوض من الألف التي حذفت من «ذا» وكذا (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ) [النساء : ١٦] ، وكذا (هذانِ خَصْمانِ) [الحج : ١٩] ، وهذا القول الثاني قول أبي حاتم ، وقيل : تشديد النون للفرق بين النون التي لا تقع معها إضافة فتحذف وبين النون المحذوفة في الإضافة ، فأما فذاناك وفذانيك فلا وجه لهما.

__________________

(١) انظر مختصر ابن خالويه ١١٢ ، والبحر المحيط ٧ / ١١٢ وتيسير الداني ١٣٩.

(٢) انظر تيسير الداني ١٣٩.

(٣) انظر تيسير الداني ١٣٩ ، والبحر المحيط ٧ / ١١٣.

١٦٢

(فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً) نصب على الحال ومعنى «ردء» معين مشتق من أردأته أي أعنته ، وقد حكي ردأته ردءا. وجمع ردء أرداء ، ومن خفف الهمزة حذفها وألقى حركتها على الدال ، فقال : فأرسله معي ردّا. (يُصَدِّقُنِي) (١) وقرأ عاصم وحمزة (يُصَدِّقُنِي) بالرفع يكون نعتا لردء ويكون حالا. قال أبو إسحاق : ومن جزم فعلى جواب السؤال.

قال الفراء : والصرح كلّ بناء متّسع (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ) فالظنّ هاهنا شكّ فكفر على الشكّ لأنه قد رأى من البراهين ما لا يخيل على ذي فطنة.

(بَصائِرَ) نصب على الحال ، والتقدير ولقد آتينا موسى الكتاب بصائر أي مبيّنا (وَهُدىً وَرَحْمَةً) عطف على بصائر ، ويجوز الرفع بمعنى فهو هدي ورحمة.

(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِ) أقيمت الصّفة مقام الموصوف أي بجانب الجبل الغربي.

(وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) نصب على المصدر ، كذا عند الأخفش قال : ولكن رحمك ربّك رحمة ، وعند أبي إسحاق مفعول من أجله أي للرّحمة ، وعند الكسائي على خبر كان. قال : ويجوز الرفع بمعنى ولكن هي رحمة. قال أبو إسحاق : الرفع بمعنى ولكن فعل ذلك رحمة. (فَنَتَّبِعَ) جواب (لَوْ لا) أي هيلا.

_________________

(١) انظر تيسير الداني ١٣٩ ، والبحر المحيط ٧ / ١١٣.

١٦٣

قال الفراء (١) (بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ) بالرفع لأنه صلة للكتاب وكتاب نكرة. قال : وإذا جزمت وهو الوجه فعلى الشرط.

(أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) ابتداء وخبر. قال أبو العالية : هؤلاء قوم من أهل الكتاب آمنوا بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل أن يبعث وقد أدركه بعضهم. قال محمد بن إسحاق : سألت الزّهري عن قوله جلّ وعزّ (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) من هم ، فقال : النجاشي وأصحابه ، ووجّه باثني عشر رجلا فجلسوا مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان أبو جهل وأصحابه قريبا منهم فآمنوا بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلما قاموا من عنده تبعهم أبو جهل ومن معه فقالوا لهم خيّبكم الله من ركب ، وقبحكم من وفد لم تلبثوا أن صدقتموه ، ما رأينا ركبا أحمق ولا أجهل منكم ، فقالوا : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) لم نأل أنفسنا رشدا لنا أعمالنا ولكن أعمالكم (وَيَدْرَؤُنَ) من درأت أي دفعت أي يدفعون بالاحتمال والكلام الحسن الأذى ، وقيل يدفعون بالتوبة والاستغفار الذنوب. (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) فأثنى عليهم بأنهم ينفقون من أموالهم.

شرط ومجازاة. تجبى إليه ثمرات كلّ شيء (٢) على تأنيث الجماعة و (يُجْبى) على تذكير الجمع ، وثمرات جمع ثمرة ، وثمر جمعه ثمار.

(وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) منصوب عند المازني بمعنى في معيشتها فلما حذف «في» تعدّى الفعل ، وهو عند الفراء (٣) منصوب على التفسير ، قال : كما تقول : أبطرك مالك وبطرته ، ونظيره عنده (إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) [البقرة : ١٣٠] ، وكذا عنده (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) [النساء : ٤] ونصب المعارف على التفسير محال عند البصريين لأن معنى التفسير والتمييز أن يكون واحدا نكرة يدلّ على الجنس.

__________________

(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٠٧.

(٢) انظر تيسير الداني ١٣٩ ، والبحر المحيط ٧ / ١٢١ وكتاب السبعة لابن مجاهد ٤٩٤.

(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٠٨.

١٦٤

قال مجاهد : (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ) حمزة بن عبد المطلب (كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أبو جهل بن هشام.

(وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ). قال أبو إسحاق : جواب «لو» محذوف ، والمعنى : لو أنّهم كانوا يهتدون لما اتّبعوهم ، ولما رأوا العذاب ، وقال غيره : التقدير :

لو أنهم كانوا يهتدون لأنجاهم الهدى ولما صاروا إلى العذاب.

(فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ) أي تحيّروا فلم يدروا ما يجيبون به لمّا سئلوا ، فقيل لهم : (ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) [القصص : ٦٥].

(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ) قال علي بن سليمان : هذا وقف التمام ولا يجوز أن يكون «ما» في موضع نصب بيختار لأنها لو كانت في موضع نصب لم يعد عليها شيء قال : وفي هذا رد على القدرية ، وقال أبو إسحاق : «ويختار» هذا وقف التمام المختار ، قال : ويجوز أن يكون «ما» في موضع نصب بيختار ، ويكون المعنى ويختار الذي كان لهم فيه الخير.

(أَفَلا تَسْمَعُونَ) أي أفلا تقبلون ، وبعده (أَفَلا تُبْصِرُونَ) أي أفلا تتبيّنون هذا.

(وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) قيل معناه من كلّ قرن وفي كل أمة قوم يكونون عدولا يشهدون على الناس يوم القيامة بأعمالهم. (فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ) أي حجّتكم بما كنتم تدينون به (فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ) أي أنّ الحق ما في الدنيا. (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي ما كانوا يدعون من دون الله ، وقد قال جلّ وعزّ قبل هذا : (وَقِيلَ ادْعُوا

١٦٥

شُرَكاءَكُمْ) [القصص : ٦٤] أي الذين جعلتموهم مع الله جلّ وعزّ شركاؤكم لأنهم جعلوا لهم نصيبا من أموالهم ، وهذا على جهة التوبيخ أي ادعوهم لينجوكم مما أنتم فيه ، فدعوهم فلم يستجيبوا لهم أي فلم ينجّوهم ولم يعينوهم ، فهذا معنى (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ).

إن «قارون» لم ينصرف ، لأنه اسم أعجميّ وما كان على فاعول أعجميا لا يحسن فيه الألف واللام لم ينصرف في المعرفة وانصرف في النكرة فإن حسنت فيه الألف واللام انصرف إن كان اسما لمذكر نحو طاوس وراقود. قال أبو إسحاق : ولو كان قارون من العربية من قرنت الشيء لانصرف. (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ) إنّ واسمها في صلة «ما» قال أبو جعفر : وسمعت علي بن سليمان يقول : ما أقبح ما يقول الكوفيون في الصلاة أنه لا يجوز أن يكون صلة الذي وأخواته «أنّ» وما علمت فيه وفي القرآن «ما أن مفاتحه». وهو جمع مفتح ، ومن قال: مفتاح قال : مفاتيح (لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) أحسن ما قيل فيه أن المعنى لتنيء العصبة أي تميلهم من ثقلها. كما يقال :

ذهبت به وأذهبته ، وجئت به وأجأته ، وأنأته ونؤت به. فأما قولهم : له عندي ما ساءه وناءه فهو إتباع كان يجب أن يقال : وأناءه ومثله يقال : هنأني الشيء ومرأني وأخذه ما قدم وما حدث. (إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ) تأوله الفراء (١) على أن موسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم هو الذي قال له وحده فجمع ، ومثله عنده (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) [آل عمران : ١٧٣] وإنما هو نعيم ابن مسعود رجل من أشجع وحده. قال أبو جعفر : وسمعت علي بن سليمان يقول :

غير هذا ، وينكر ما قال الفراء لأنه بطلان البيان. قال : وإنما هذا على أن نعيما قاله ومن يذهب مذهبه. (لا تَفْرَحْ) تأوله أبو إسحاق على أنّ المعنى لا تفرح بالمال لأنّ الفرح لا يؤدي فيه الحق. (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) فرّق الفراء (٢) بين الفرحين والفارحين ، وزعم أن الفرحين الذين هم في حال الفرح وأن الفارحين الذين يفرحون في المستقبل ، وزعم أن مثله طمع وطامع وميّت ومائت ، وبذلك على خلاف ما قال قول الله جلّ وعزّ (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [الزمر : ٣٠] ولم يقل : مائت.

(قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) تأوله الفراء (٣) على معنيين : أحدهما على فضل عندي ، والآخر على علم فيما رأى ، كما تقول : هذا كذا عندي ، وقال أبو إسحاق :

__________________

(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٣١١.

(٢) انظر معاني الفراء ٢ / ٣١١.

(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٣١١.

١٦٦

المعنى : إنما أوتيته على علم بالتوراة ، لأنه كان عالما بها وأنكر قول من قاله إنه كان يعمل الكيمياء ، قال : لأن الكيمياء باطل لا حقيقة له.

أحسن ما قيل في هذا قول الخليل رحمه‌الله ويونس وسيبويه والكسائي : إنّ القوم تنبّهوا أو نبّهوا فقالوا وي ، والمتندّم من العرب يقول في حال تندّمه : وي ، وحكى الفراء (١) : أن بعض النحويين قال : إنّها ويك أي ويلك ثم حذفت اللام. قال أبو جعفر : وما أعلم جهة من الجهات إلّا هذا القول خطأ منها فمن ذلك أن المعنى لا يصحّ عليه لأن القوم لم يخاطبوا أحدا فيقولوا له ويلك ، وكان يجب على قوله أن يكون «إنّه» بكسر «إنّ» لأن جميع النحويين يكسرون أنّ بعد ويلك ، وأيضا فإنّ حذف اللام من ويل لا يجوز ، وأيضا فليس يكتب : هذا ويك.

(وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) قال الضحّاك : الجنّة.

(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) قال عكرمة : ليس شيء خيرا من «لا إله إلّا الله» ، وإنما المعنى : من جاء بلا إله إلا الله ، فله خير.

(كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) استثناء. قال أبو إسحاق : ولو كان في غير القرآن لجاز إلا وجهه بمعنى كلّ شيء غير وجهه هالك ، كما قال : [الوافر]

٣٢٧ ـ وكلّ أخ مفارقه أخوه

لعمر أبيك إلّا الفرقدان (٢)

والمعنى : وكلّ أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه. (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بمعنى وترجعون إليه.

__________________

(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٣١٢.

(٢) مرّ الشاهد رقم (٢٠٥).

١٦٧

٢٩

شرح إعراب سورة العنكبوت

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(أَنْ) الأولى في موضع نصب بحسب وهي وصلتها مقام المفعولين على قول سيبويه و (أَنْ) الثانية في موضع نصب على إحدى جهتين بمعنى لأن يقولوا وبأن يقولوا وعلى أن يقولوا ، والجهة الأخرى أن يكون التقدير أحسبوا أن يقولوا.

(فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) فيه قولان : أحدهما أن يكون صدقوا مشتقّا من الصدق ، والكاذبين مشتقّا من الكذب الذي هو ضدّ الصدق ، ويكون المعنى :

فليبيننّ الله الذين صدقوا ، فقالوا نحن مؤمنون واعتقدوا مثل ذلك ، والذين كذبوا حين اعتقدوا غير ذلك وصدقوا في قولهم نحن نصبر ونثبت مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الحرب ويعلم الذين كذبوا ، والقول الآخر أن يكون صدقوا مشتقّا من الصدق ، وهو الصلب ، والكاذبين من كذب إذا انهزم ، فيكون المعنى : فليعلمنّ الله الذين ثبتوا في الحرب والذين انهزموا ، كما قال : [البسيط]

٣٢٨ ـ ليث بعثر يصطاد الرّجال إذا

ما الّليث كذّب عن أقرانه صدقا (١)

وجعلت فليعلمنّ في موضع ليبيّننّ مجازا.

(ساءَ ما يَحْكُمُونَ) قدّر أبو إسحاق «ما» تقديرين أحدهما أن تكون في موضع

__________________

(١) الشاهد لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ٥٤ ، ولسان العرب (كذب) و (عثر) ، والتنبيه والإيضاح ٢ / ١٦١ ، وتهذيب اللغة ١٠ / ١٧٤ ، وجمهرة اللغة ٤٢١ ، وتاج العروس (كذب) ، و (عثر) ، وبلا نسبة في ديوان الأدب ١ / ٨٤.

١٦٨

نصب بمعنى : ساء شيئا يحكمون ، والتقدير الآخر أن يكون «ما» في موضع رفع بمعنى ساء الشيء حكمهم وقدرها أبو الحسن بن كيسان تقديرين آخرين سوى ذينك : أحدهما أن يكون «ما» مع يحكمون بمنزلة شيء واحد ، كما تقول :

أعجبني ما صنعت أي صنيعك ، قال : وإن قلت ساء صنيعك لم يجز ، والتقدير الآخر أن يكون «ما» لا موضع لها من الإعراب وقد قامت مقام الاسم لساء ، وكذا نعم وبئس. قال أبو الحسن بن كيسان : وأنا أختار أن أجعل لما موضعا في كلّ ما أقدر عليه نحو قول الله جلّ وعزّ (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) [آل عمران : ١٥٩] ، وكذا (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) [النساء : ١٥٥] ، وكذا : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) [القصص : ٢٨] «ما» في موضع خفض في هذا كلّه وما بعدها تابع لها ، وكذا (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً) [البقرة : ٢٦] «ما» في موضع نصب وبعوضة تابعة لها.

(مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ) أهل التفسير على أنّ المعنى : من كان يخاف الموت فليفعل عملا صالحا فإنه لا بدّ أن يأتيه ، و «من» في موضع رفع بالابتداء ، و «كان» في موضع الخبر وفي موضع جزم بالشرط و «يرجو» في موضع خبر كان ، والمجازاة (فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ).

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) قال أبو إسحاق : مثل ووصينا الإنسان بوالديه ما يحسن ، قال : رويت إحسانا ، والمعنى : ووصّينا الإنسان بوالديه أن يحسن إليهما إحسانا.

قيل : معناه يبيّن أمرهم لأن المبيّن للأمر هو العالم به.

(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا) قال أبو إسحاق : أي الطريق الذي نسلكه في ديننا. (وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) قال : هو أمر في تأويل شرط وجزاء أي إن تتّبعوا سبيلنا حملنا خطاياكم ، كما قال : [الوافر]

١٦٩

٣٢٩ ـ فقلت ادعي وأدعو إنّ أندى

لصوت أن ينادي داعيان (١)

أي : إن دعوت دعوت ، ويجوز «وليحمل» بكسر اللام وهو الأصل إلّا أن الكسرة حذفت استخفافا ، حقيقة المعنى : ـ والله أعلم ـ اتّبعوا سبيلنا ونحن لكم بمنزلة المأمورين في حمل خطاياكم إن كانت لكم خطايا كما تقول : قلّدني وزر هذا.

(وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ) جمع ثقل ، والثقل في الأذن ، وربما دخل أحدهما على الآخر.

في الكلام حذف ، والمعنى : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه ليدعوهم إلى الإيمان فدعاهم إليه ألف سنة إلّا خمسين عاما ، وأظهر البراهين فكذبوه ، ودلّ على هذا الحذف (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ) وإنّ هذه القصة قد ذكرت في غير موضع من القرآن (أَلْفَ سَنَةٍ) منصوب على الظرف (إِلَّا خَمْسِينَ) منصوب على الاستثناء من الموجب وهو عند سيبويه بمنزلة المفعول ؛ لأنه مستثنى عنه كالمفعول ، وعند الفراء (٢) بإن لأنها عنده «إن» دخلت عليها «لا» فالنصب عنده بإن ، والرفع عنده بلا إذا رفعت. فأما أبو العباس محمد بن يزيد فهو عنده مفعول محض كأنك قلت عنده : استثنيت زيدا. قال أبو جعفر : ورأيت أبا إسحاق يذهب إلى أن قول أبي العباس هذا خطأ ، ولا يجوز عنده فيه إلّا ما قال سيبويه. ونملي كلام أبي إسحاق في الاستثناء الذي ذكره في الآية نصّا لحسنه ، وأنه قد شرح فيه أشياء من هذا الباب. قال أبو إسحاق : «الاستثناء في كلام العرب توكيد العدد وتحصيله» ؛ لأنك قد تذكر الجملة ويكون الحاصل أكثرها فإذا أردت التوكيد في تمامها قلت كلّها وإذا أردت التوكيد في نقصانها أدخلت فيها الاستثناء تقول: جاءني إخوتك ، تعني أنّ جميعهم جاءك ، وجائز أن تعني أن أكثرهم قد جاءك

__________________

(١) الشاهد للأعشى في الكتاب ٣ / ٤٧ ، والدرر ٤ / ٨٥ والرّد على النحاة ص ١٢٨ ، وليس في ديوانه ، وللفرزدق في أمالي القالي ٢ / ٩٠ ، وليس في ديوانه ، ولدثار بن شيبان النمري في الأغاني ٢ / ١٥٩ ، وسمط اللآلي ص ٧٢٦ ، ولسان العرب (ندى) وللأعشى أو للحطيئة أو لربيعة بن جشم في شرح المفصل ٧ / ٣٥ ، ولأحد هؤلاء الثلاثة أو لدثار بن شيبان في شرح التصريح ٢ / ٢٣٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٢٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٩٢ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ٢ / ٨٦٤ ، والإنصاف ٢ / ٥٣١ ، وأوضح المسالك ٤ / ١٨٢ ، ومغني اللبيب ١ / ٣٩٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣.

(٢) انظر الإنصاف المسألة (٣٤) ، وهمع الهوامع ١ / ٢٢٤.

١٧٠

وإذا قلت : جاءني إخوتك كلّهم أكّدت معنى الجماعة وأعلمت أنه لم يتخلّف منهم أحد وتقول : جاءني إخوتك إلّا زيدا فتؤكد أن الجماعة تنقص زيدا ، وكذلك رؤوس الأعداد تشبّه بالجماعات ، تقول : عندي عشرة فجائز أن تكون ناقصة وجائز أن تكون تامة فإذا قلت : عندي عشرة إلّا نصفا أو عشرة كاملة أعلمت تحقيقها ، وكذلك إذا قلت : لبث ألفا إلّا خمسين فهو كقولك : عشرة إلّا نصفا لأنك استعملت الاستثناء فيما كان أملك بالعشرة من التّسعة لأن النصف قد دخل في باب العاشر ولو قلت : عشرة إلّا واحدا أو إلّا اثنين كان جائزا وفيه قبح ؛ لأن تسعة وثمانية يؤدّي عن ذلك العدد ولكنه جائز من جهة التوكيد إنّ هذه التسعة لا تزيد ولا تنقص لأن قولك : عشرة إلّا واحدا قد أخبرت بحقيقة العدد فيه. والاختيار في الاستثناء في الأعداد التي هي عقود الكسور والصّحاح أن يستثنى. فأمّا استثناء نصف الشيء فقبيح جدا لا تتكلّم به العرب فإذا قلت عندي عشرة إلّا خمسة فليس تكون الخمسة مستثناة من العشرة ؛ لأنها ليست تقرب منها ، وإنما يتكلّم بالاستثناء كما يتكلّم بالنقصان فتقول : عندي درهم ينقص قيراطا فلو قلت :

عندي درهم ينقص خمسة الدوانيق أو ينقص نصفه كان الأولى بذلك عندي نصف درهم لأن نصف درهم لا يقع عليه اسم درهم وإخوتك يقع على بعضهم اسم الأخوة.

(فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ) مشتق من طاف يطوف ، وهو اسم موضع على ما أحاط بالأشياء من غرق أو قتل أو غيرهما (وَهُمْ ظالِمُونَ) ابتداء وخبر في موضع الحال.

(فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ) معطوف على الهاء. قال الكسائي : (وَإِبْراهِيمَ) منصوب بأنجينا. يعني أنه معطوف على الهاء ، وأجاز أن يكون معطوفا على نوح ، والمعنى وأرسلنا إبراهيم ، وقول ثالث أن يكون منصوبا بمعنى : واذكر إبراهيم.

(إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً) نصب بتعبدون و «ما» كافّة ، ولا يجوز أن يكون صلة لأن إنّ لا تقع على الفعل فإن كان بعد «ما» اسم فقلت : إنما زيد جالس ، فما أيضا كافة ، وأجاز بعض النحويين أن يكون صلة فتقول : إنما زيدا جالس. ويجوز في غير القرآن رفع أوثان على أن تجعل «ما» اسما لأن و «تعبدون» صلتها ، وحذفت الهاء لطول الاسم ، وجعلت أوثانا خبر إنّ. فأما (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) فهو منصوب بالفعل لا غير.

١٧١

(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) ذكر أبو إسحاق فيه قولين : أحدهما أن المعنى : وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا أهل السماء ، والآخر ولا لو كنتم في السماء. قال أبو جعفر : وسمعت علي بن سليمان يحكي عن محمد بن يزيد قال :

المعنى وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا من في السماء على أن من ليست موصولة ولكن يكون نكرة ويكون في السماء من نعتها ، ثم أقام النعت مقام المنعوت. قال أبو إسحاق : وهذا خطأ لأن من إذا كانت نكرة فلا بد من نعتها فقد صار بمنزلة الصلة لها فلا يجوز حذف الموصول وإبقاء الصلة وكذا نعتها إذا كان بمنزلة الصلة ، ولكن الناس خوطبوا بما يعرفون ، وعندهم أنه من كان في السماء فالوصول إليه أبعد ، فالمعنى وما أنتم بمعجزين في الأرض ولو كنتم في السماء ما أعجزتم ، ومثله (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) [النساء : ٧٨].

(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) خبر كان ، واسمها (إِلَّا أَنْ قالُوا) ويجوز رفع «جواب» تجعله اسم كان والخبر (أَنْ قالُوا وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ (١) بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) هذه قراءة الحسن ومجاهد وأبي عمرو والكسائي. قال أبو إسحاق : وقرئ مودّة بينكم (٢) وقرأ أهل المدينة وعاصم وابن عامر (مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) (٣) وقرأ حمزة مودّة بينكم. القراءة الأولى برفع مودة فيها ثلاثة أوجه ، ذكر أبو إسحاق منها وجهين : أحدهما أنها مرفوعة على خبر إنّ ويكون ما بمعنى الذي ، والتقدير : إنّ الذي اتّخذتموه من دون الله أوثانا مودّة بينكم ، والوجه الآخر أن يكون على إضمار مبتدأ أي هي مودّة أو تلك مودّة بينكم.

__________________

(١) انظر كتاب السبعة لابن مجاهد ٤٩٨ ، والبحر المحيط ٧ / ١٤٤.

(٢) انظر تيسير الداني ١٤٠.

(٣) انظر تيسير الداني ١٤٠.

١٧٢

والمعنى : ألفتكم وجماعتكم مودّة بينكم ، والوجه الثالث الذي لم يذكره أن يكون «مودّة» رفعا بالابتداء و (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) خبره ، فأما إضافة مودّة إلى بينكم فإنه جعل بينكم اسما غير ظرف ، والنحويون يقولون : جعله مفعولا على السعة ، وحكى سيبويه : [الرجز] يا سارق الليلة أهل الدار (١)

ولا يجوز أن يضاف إليه وهو ظرف لعلّة ليس هذا موضع ذكرها. والقراءة الثانية على أنه جعل بينكم ظرفا فنصبه. والقراءة الثالثة على أنه نصب مودّة لأنه جعلها مفعولا من أجلها ، كما تقول : جئتك ابتغاء العلم وقصدت فلانا مودّة له.

(وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا) مفعولان قال أبو جعفر : قد ذكرناه وبيّنا معناه (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) ليس «في الآخرة» داخلا في الضلة وإنما هو تبيين وقد ذكرناه في غير هذا الموضع بأكثر من هذا.

(وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) قال الكسائي : المعنى : وأنجينا لوطا أو أرسلنا لوطا.

قال : وهذا الوجه أحبّ إليّ.

قراءة الكوفيين (أَإِنَّكُمْ) (٢) في الأولى والثانية على الاستفهام ، وكذا قراءة أبي عمرو إلّا أنه يخفّف ، وقرأ نافع إنّكم (٣) بغير استفهام في الأولى واستفهم في الثانية. وهذه القراءة على اتّباع السواد ، وهي على الإلزام لا على الاستفهام. وكذا قال محمد بن يزيد في قول الشاعر : [الخفيف]:

٣٣٠ ـ ثمّ قالوا : تحبّها قلت : بهرا (٤)

__________________

(١) الرجز بلا نسبة في الكتاب ١ / ٢٣٣ ، وخزانة الأدب ٣ / ١٠٨ ، والدرر ٣ / ٩٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٦٥٥ ، وشرح المفصل ٢ / ٤٥ ، والمحتسب ٢ / ٢٩٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٠٣.

(٢) انظر كتاب السبعة لابن مجاهد ٤٩٩ ، والبحر المحيط ٧ / ١٤٥.

(٣) انظر كتاب السبعة لابن مجاهد ٤٩٩ ، والبحر المحيط ٧ / ١٤٥.

(٤) الشاهد لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ٤٣١ ، والأغاني ١ / ٨٧ ، والدرر ٣ / ٦٣ ، وجمهرة اللغة ٣٣١ ، والخصائص ٢ / ٢٨١ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٦٧ ، وشرح شواهد المغني ص ٣٩ ، وشرح المفصل ١ / ١٢١ ، ولسان العرب (بهر) ، وبلا نسبة في الكتاب ١ / ٣٧٢ ، وأمالي المرتضى ١ / ٣٤٥ ، وكتاب اللامات ١٢٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨٨.

١٧٣

والقراءة الأولى عند أبي عبيد بعيدة للجمع بين الاستفهامين. قال أبو جعفر :

وليس الأمر كذلك لأن هذا استفهام بعد استفهام وليس ينكر في مثل هذا استفهامان وقد شبّهه بما لا يشبهه ممّا ذكره في هذه السورة.

(إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ) عطف على الكاف في التأويل ، ولا يجوز العطف على موضعها بغير تأويل لئلا يعطف ظاهر مخفوض على مكنيّ. (إِلَّا امْرَأَتَكَ) استثناء من موجب.

(وَعاداً وَثَمُودَ) (١) قال الكسائي : قال بعضهم : هو راجع إلى أول السورة (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ... (وَعاداً وَثَمُودَ) ، قال : وأحبّ إليّ أن يكون على (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) وأخذت عادا وثمودا. وزعم أبو إسحاق أن التقدير : وأهلكنا عادا وثمودا.

(وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) فيه قولان : أحدهما أنّ المعنى : وكانوا مستبصرين في الضلالة ، والقول الآخر وكانوا مستبصرين ؛ أي قد عرفوا الحقّ من الباطل بظهور البراهين. وهذا القول أشبه ـ والله أعلم ـ لأنه إنما يقال : فلان مستبصر إذا عرف الشيء على الحقيقة ، ومن كفر فلم يعرف الشيء على حقيقته فلا يخلو أمره من إحدى جهتين إمّا أن يكون معاندا وإما أن يكون قد ترك ما يجب عليه من الاستدلال وتعرّف الحقّ ، وهو على أحد هذين يعاقب.

(وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ) قال الكسائي : إن شئت كان على عاد وكان فيه ما فيه وإن شئت كان على (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) [النمل : ٢٤] وصدّ قارون وفرعون وهامان.

__________________

(١) انظر تيسير الداني ١٤١.

١٧٤

(فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) قال الكسائي : «فكلّا» منصوب بأخذنا.

(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ) الكاف في موضع رفع على التأويل ، لأنها خبر الابتداء في موضع نصب على الظرف. والعنكبوت مؤنّثة ، وحكى الفراء (١) تذكيرها وأنشد : [الوافر]

٣٣١ ـ على هطّالهم منهم بيوت

كأنّ العنكبوت هو ابتناها (٢)

قال أبو جعفر : وفي جمع العنكبوت وجوه يقال : عناكب وعناكيب وعكاب وعكب وأعكب ، وقد حكي أنّه يقال : عنكب. (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ) قال الضحاك : ضرب مثلا لضعف آلهتهم ووهنها فشبّهها ببيت العنكبوت.

قال : (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ).

أي ما تعبدون من دونه من شيء. قال أبو جعفر : «من» هاهنا للتبعيض ولو كانت زائدة للتوكيد لا نقلب المعنى.

مذهب أبي العالية أن المعنى إن مما يتلى في الصلاة ، والتقدير على هذا إن تلاوة الصلاة مثل (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢]. قال أبو جعفر : وقد ذكرنا غير هذا.

(وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) مذهب الضحّاك أن المعنى : ولذكر الله عند ما يحرم فيترك أجلّ الذكر ، وقيل : المعنى : ولذكر الله النهي عن الفحشاء والمنكر أكبر أي كبير ، وأكبر يكون بمعنى كبير.

__________________

(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٣١٧.

(٢) الشاهد بلا نسبة في لسان العرب (عنكب) و (هطل) ، وتهذيب اللغة ٣ / ٣٠٩ ، والمخصص ١٧ / ١٧ ، وديوان الأدب ١ / ٣٢٩ ، وتاج العروس (عنكب) و (هطل) ، ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٣١٧.

١٧٥

(وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) بدل من أهل ، ويجوز أن يكون استثناء.

فجعل الله جلّ وعزّ هذا دليلا على نبوته لأنه لا يكتب ولا يخالط أهل الكتاب ولم يكن بمكّة أهل الكتاب فجاءهم بأخبار الأنبياء والأمم ، وزالت الريبة والشك بهذه الأشياء.

(بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ) أي بل الكتاب ، وزعم الفراء (١) أنّ في قراءة عبد الله بل هي آيات بينات بمعنى بل آيات القرآن آيات بينات ، قال : ومثله (هذا بَصائِرُ) [الجاثية : ٢٠] ولو كانت هذه لجاز ، ونظيره (هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي) [الكهف : ٨٩].

(وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ) وكان طلبهم لهذا تعنّتا وتهزّؤا لأنه قد ظهر من الآيات ما فيه كفاية فكان هذا مما لا نهاية له فأمر أن يقول لهم (إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) أي يأتي منها بما فيه الصلاح. (وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) قيل : معناه يبيّن لهم ما يجب عليهم وبيّن الأول بقوله : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ) «أنّا» في موضع رفع بيكفي.

هذه «أيّ» دخلت عليها كاف التشبيه فصار فيها معنى «كم» والتقدير عند الخليل وسيبويه (٢) رحمهما‌الله كالعدد. وشرح هذا أبو الحسن بن كيسان فقال. أيّ شيء من الأشياء ، فالمعنى على قول الخليل وسيبويه : كشيء كثير من العدد ، قال : ولهذا قال

__________________

(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٣١٧.

(٢) انظر الكتاب ٢ / ١٧٣.

١٧٦

الكسائي : الأصل في «كم» كما فإذا قلت : كم مالك؟ فالمعنى : كأي شيء من العدد مالك ، قال : ومثل ذلك في الإبهام : له كذا وكذا درهما ، أي له كالعدد المذكور أو المشار إليه ثم كثر استعمالهم لذلك حتى قالوا : له كذا وإن لم يتقدّم شي ولم يشر إلى شيء. فإذا قلت : له عندي كذا درهما ، وجب له عند الكوفيين أحد عشر درهما ، فإذا قلت : له عندي كذا وكذا درهما ، وجب له أحد وعشرون درهما ، وإذا قلت : له عندي كذا درهم كانت مائة ، وإذا قلت : كذا دراهم كانت ثلاثة ، ولا يجوز عند البصريين الخفض بوجه ، وهي عندهم مبهمة يقع للقليل والكثير ، وزعم أبو عبيدة أن الحيوان والحياة والحيّ واحد. وغيره يقول : إنّ الحيّ جمع على فعول مثل عصيّ.

(وَلِيَتَمَتَّعُوا) لام كي ، ويجوز أن تكون لام أمر ، لأن أصل لام الأمر الكسر إلّا أنه أمر فيه معنى التهديد. ومن قرأ وليتمتّعوا (١) بإسكان اللام لم يجعلها لام كي ، لأن لام كي لا يجوز إسكانها.

(وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) لام توكيد ، ودخلت اللام في مع على أحد أمرين منهما أن تكون اسما ولام التوكيد إنما تدخل على الأسماء ومنها أن تكون حرفا فتدخل عليها لأن فيها معنى الاستقرار ، كما تقول : إنّ زيدا لفي الدار و «مع» إذا سكنت فهي حرف لا غير ، وإذا فتحت جاز أن تكون اسما وأن تكون حرفا ، والأكثر أن تكون حرفا جاء لمعنى إلّا أنها فتحت لما وقع فيها مما ليس في أخواتها.

__________________

(١) انظر كتاب السبعة لابن مجاهد ٥٠٢ ، والبحر المحيط ٧ / ١٥٥.

١٧٧

٣٠

شرح إعراب سورة الرّوم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال أبو جعفر :

هذه قراءة أكثر الناس ، وروي عن أبي عمرو وأبي سعيد الخدري أنهما قرءا الَم غَلبَتِ الرُّومُ(١) وقرءا سَتُغْلَبُونَ (٢) ، وحكى أبو حاتم أن عصمة روى عن هارون أن هذه قراءة أهل الشام ، وأحمد بن حنبل يقول : إن عصمة هذا ضعيف ، وأبو حاتم كثير الرواية عنه والحديث يدلّ على أن القراءة (غُلِبَتِ) بضم الغين ؛ وكان في هذا الإخبار دليل على نبوّة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لأن الروم غلبتها فارس فأخبر الله جلّ وعزّ أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين ، وأن المؤمنين يفرحون بذلك لأن الروم أهل كتاب فكان هذا من علم الغيب الذي أخبر الله جلّ وعزّ به مما لم يكن وأمر أبا بكر رضي الله عنه أن يراهنهم على ذلك ، وأن يبالغ في الرهان ثم حرم الرهان ونسخ بتحريم القمار (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) زعم الفراء (٣) أن الأصل من بعد غلبتهم فحذفت التاء كما حذفت في قوله : (وَأَقامَ الصَّلاةَ) [النور : ٣٧] ، وهذا غلط لا يخفى على كثير من أهل النحو لأن «أقام الصلاة» مصدر حذف منه لاعتلال فعله فجعلت التاء عوضا من المحذوف ، و «غلب» ، ليس بمعتل ولا حذف منه شيء وقد حكى الأصمعي : طرد طردا وحلب حلبا وغلب غلبا فأيّ حذف في هذا ، وهل يجوز أن يقال : في أكل أكلا وما أشبهه حذف منه. (فِي بِضْعِ سِنِينَ) حذفت الهاء من بضع فرقا بين المذكّر والمؤنّث ، وفتحت النون من سنين لأنه جمع مسلّم ، ومن العرب من يقول في بضع سنين كما يقول : من غسلين

__________________

(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٣١٩.

(٢) انظر البحر المحيط ٧ / ١٥٧.

(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٣١٩.

١٧٨

وإن جاز فجمع سنة بالواو والنون والياء والنون ، لأنه قد حذف منها شيء فجعل هذا الجمع عوضا ، وكسرت السين وكانت مفتوحة في سنة لأن الكسرة جعلت دليلا على أنه جمع على غير ما يجب له. هذا قول البصريين ، ويلزم الفراء أن يضمّها إلّا أنّه يقول :

الضمّة دليل على الواو ، وقد حذف من سنة واو في أحد القولين ولا يضمها أحد علمناه. (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) ويقال : من قبل ومن بعد ، وحكى الكسائي عن بعض بني أسد. (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) (١) الأول مخفوض منون والثاني مضموم بلا تنوين. وحكى الفراء (٢) ، «من قبل ومن بعد» مخفوضين بغير تنوين ، وللفراء في هذا الفصل من كتابه في القرآن أشياء كثيرة ، الغلط فيها بيّن فمنها أنه زعم أنه يجوز «من قبل ومن بعد» كما قال الشاعر: [مجزوء الكامل]

٣٣٢ ـ إلّا علالة أو بداهة

سابح نهد الجزاره (٣)

وكما قال : [المنسرح]

٣٣٣ ـ يا من رأى عارضا أكفكفه

بين ذراعي وجبهة الأسد (٤)

والغلط في هذا بيّن لأنه ليس في القرآن لله الأمر من قبل ومن بعد ذلك ، فيكون مثل قوله : «بين ذراعي وجبهة الأسد» ألا ترى أنك تقول : أخذته بنصف وربع الدرهم ، ولا يجوز أخذته بنصف وربع ، وتقول : قطع الله يد ورجل زيد.

ولا يجوز يد ورجل ، على أنّ هذا أيضا ليس بكثير في كلام العرب وإنما يحمل كتاب الله على الكثير والفصيح ، ولا يجوز أن يقاس عليه ما لا يشبهه ، ولو قلت :

اشتريت دار وغلام عمرو ، لم يجز عند أحد علمناه ومن ذلك أنه زعم أنه يجوز من قبل ومن بعد وأنت تريد الإضافة وهذا نقض الباب كلّه لأن الضمّ إنما كان فيه لعدم الإضافة وإرادتها ، فإذا خفضت وأنت تريدها تناقض الكلام وإنما يجوز «من قبل ومن بعد» على

__________________

(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٢٠.

(٢) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٢٠.

(٣) الشاهد للأعشى في ديوانه ص ٢٠٩ ، والكتاب ١ / ٢٣٧ ، وخزانة الأدب ١ / ١٧٢ ، والخصائص ٢ / ٤٠٧ ، وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٢٩٨ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١١٤ ، وشرح المفصل ٣ / ٢٢ ، والشعر والشعراء ١ / ١٦٣ ، ولسان العرب (جزر) ، و (علل) و (بده) ، والمقاصد النحوية ٣ : ٤٥٣ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ٢ / ٦٢٦ ، ورصف المباني ٣٥٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١١٨ ، والمقتضب ٤ / ٢٢٨ والمقرب ١ / ١٨٠.

(٤) الشاهد للفرزدق في ديوانه ٢١٥ ، والكتاب ١ / ٢٣٩ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣١٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٩٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٢١ والمقاصد النحوية ٣ / ٤٥١ ، والمقتضب ٤ / ٢٢٩ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ١٠٠ ، وتخليص الشواهد ٨٧ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٨٧ ، والخصائص ٢ / ٤٠٧ ، ورصف المباني ص ٣٤١ ، وسرّ صناعة الأعراب ٢٩٧ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٣٦ ، وشرح عمدة الحافظ ٥٠٢ ، ولسان العرب (بعد) و (يا).

١٧٩

أنهما نكرتان. قال أبو إسحاق : والمعنى من متقدّم ومن متأخّر ، ومنها أنه شبّه من قبل ومن بعد بقولهم : من عل ، وأنشد : [الرجز]

٣٣٤ ـ إن تأت من تحت أجئها من عل (١)

وليس من قبل ومن بعد من باب من عل. قال سيبويه (٢) : ولم يسكنوا من الأسماء ما ضارع المتمكّن ولا ما جعل في موضع بمنزلة غير المتمكّن. فالمضارع «من عل» حرّكوه لأنهم يقولون : من عل فأما التمكّن الذي جعل بمنزلة غير المتمكن فقولهم : أبدأ بهذا أول ويا حكم ، أفلا ترى أن سيبويه لحذفه قد فصل بين «من عل» وبين «أول» ثم جاء الفراء فجمع بينهما ، وأنشد الذي ذكرناه ، وأنشد : [الطويل]

٣٣٥ ـ فو الله ما أدري وإنّي لأوجل

على أيّنا تعدو المنيّة أوّل (٣)

فخلط الجميع في الباب وجاء بهما في «قبل وبعد» وأحدهما مخالف لقبل وبعد.

فأما الكلام في قبل وبعد على مذهب سيبويه وعلى مذهب البصريين إنّ سبيلهما أن لا يعربا لأنهما قد كانتا حذف منهما المضاف إليه والإضافة فصارتا معرفتين من غير جهة التعريف فزال تمكّنهما فلم يخليا من حركة لأنهما قد كانتا معربتين فاختير لهما الضم لأنه قد يلحقهما بحقّ الإعراب الجرّ والنصب فأعطيتا غير تينك الحركتين فضمّتا إلّا أن أبا العباس محمد بن يزيد قال : لمّا كانتا غايتين أعطيتاه ما هو غاية الحركات. (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) في معناه قولان : أحدهما أنهم فرحون بغلبة الروم فارس ؛ لأن الروم أهل كتاب فهم إلى المسلمين أقرب من الأوثان ، والقول الآخر وهو أولى أنّ فرحهم إنما هو لإنجاز وعد الله جلّ وعزّ إذ كان فيه دليل على النبوة لأنه أخبر جلّ وعزّ بما يكون في بضع سنين فكان فيه.

مصدر مؤكّد. قال أبو إسحاق : ويجوز (وَعْدَ اللهِ) بالرفع بمعنى ذلك وعد الله.

(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) وهم الكفار وهم أكثر.

(يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) ثم بيّن ما يجهلونه بقوله : (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) «هم» الأول ابتداء والثاني ابتداء ثان والجملة خبر الأول ، وفي الكلام معنى التوكيد ،

__________________

(١) الرجز بلا نسبة في معاني الفراء ٢ / ٣١٩ ، وتهذيب اللغة ٢ / ٢٤٤ ، ولسان العرب (بعد).

(٢) انظر الكتاب ٣ / ٣١٩.

(٣) مرّ الشاهد رقم (١٤).

١٨٠