الأربعين في أصول الدين - ج ٢

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]

الأربعين في أصول الدين - ج ٢

المؤلف:

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتبة الكليّات الأزهريّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٤٢
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

المسألة السّابعة والعشرون

فى

إثبات الجوهر الفرد

اعلم : أنا قبل الخوض فى مسألة المعاد ، نفتقر الى اثبات أصلين :

أحدهما : معرفة النفس ، ومعرفة النفس محتاجة الى معرفة (١) الجوهر الفرد.

والأصل الثانى : اثبات الخلاء. ونحن قبل الخوض فى مسألة المعاد ، نذكر هذه المسائل الثلاث :

أما مسألة الجوهر الفرد :

فنقول : لا شك أن هذه الأجسام المحسوسة ، قابلة للانقسامات. وهذه الانقسامات الممكنة. اما أن تكون موجودة بالفعل ، أو لا تكون. وعلى كلا التقديرين. فهى اما أن تكون متناهية أو غير متناهية. فحصل من هذا التقسيم أقسام أربعة. لا مزيد عليها :

الأول : قول من يقول : الجسم المحسوس مركب من أجزاء متناهية. وكل واحد منها غير قابل للقسمة بوجه من الوجوه. وهذا قول أكثر المتكلمين.

والثانى : قول من يقول : الجسم المحسوس مركب من أجزاء غير متناهية بالفعل. وهذا هو القول المنسوب الى «النظام».

والثالث : قول من يقول : هذا الجسم المحسوس واحد فى نفسه ، كما أنه واحد فى الحس ، الا أنه قابل لانقسامات غير متناهية ،

__________________

(١) مسألة : ب

٣

لا بمعنى أنه يقبل انقسامات غير متناهية دفعة واحدة ، بل بمعنى أن الجسم لا ينتهى فى الصغر الى حد الا ويقبل بعد ذلك الانقسام. وان كل ما يخرج من الانسامات الى الفعل أبدا فهو متناه. كما أنا نقول : انه تعالى قادر على ما لا نهاية له ، لا بمعنى أنه يمكن (٢) أن يخلق أشياء لا نهاية لها. فان ذلك محال. بل بمعنى أنه تعالى لا يصل فى الخلق والايجاد ، الى حد ، الا ويمكنه بعد ذلك أن يوجد شيئا آخر. وان كل ما يخرج الى الوجود فانه متناه. وهذا مذهب جمهور الفلاسفة.

الرابع : قول من يقول : الجسم البسيط واحد فى نفسه ، لكنه قابل لانقسامات متناهية.

فهذا هو تفليل المذاهب فى هذا الباب.

* * *

ويدل على أن الجسم مركب من أجزاء متناهية كل واحد منها لا يقبل القسمة بوجه من الوجوه : دلائل :

الحجة الأولى : ان كانت الحركة مركبة من أمور متتالية كل واحد منها لا يقبل القسمة الزمانية بوجه من الوجوه ، كان الجسم مركبا من أمور كل واحد منها لا يقبل القسمة الزمانية بوجه من الوجوه. والمقدم حق فالتالى مثله.

وانما قلنا : ان الحركة مركبة من أمور متتالية كل واحد منها لا يقبل القسمة الزمانية. وذلك لأن الجسم يشاهد أنه تحرك بعد أن لم يكن متحركا. وهذه الحركة صفة زائدة على ذات الجسم. ثم نقول : هذه الصفة اما أن لا يحصل شيء منها فى الحال ، أو يحصل. فان لم يحصل شيء منها فى الحال ، امتنع أن يصير ماضيا (٣) أو مستقبلا. وذلك

__________________

(٢) يمكن وجود أشياء غير متناهية : ا

(٣) ولا مستقبلا : ا

٤

لأن الماضى هو الّذي كان حاضرا فى وقت من الأوقات. وقد زال الآن. والمستقبل هو الّذي يتوقع أن يحضر فى زمان من الأزمنة الآتية ، وبعد لم يحضر. فلو امتنع أن يكون له حضور بوجه من الوجوه ، لم يكن ماضيا ، ولا مستقبلا ولا حاضرا. وكل ما كان كذلك لم يكن موجودا البتة. فالحركة لا وجود لها البتة. هذا خلف. فثبت : أنه لا بد أن يحضر من الحركة شيء فى الحال. وذلك الحاضر فى الحال ، اما أن يقبل القسمة بحسب الزمان ، أو لا يقبل. فان قبلها افترض فيه جزءان. أحدهما قبل الآخر ، لأن القسمة الزمانية هكذا تكون. وحين ما كان النصف الأول موجودا ، لم يكن النصف الثانى حاضرا وحينما جاء النصف الثانى ، صار النصف الأول فانيا. وحينئذ لا يكون الحاضر الموجود حاضرا موجودا ، بل الحاضر الموجود منه نصفه. ثم يعيد التقسيم الأول فى ذلك النصف.

والحاصل : أن كل ما كان منقسما بحسب القسمة الزمانية ، لم يكن مجموعه موجودا ، وما كان مجموعا حاضرا وجب أن لا يكون منقسما بحسب القسمة الزمانية. فثبت : أن الحاضر من الحركة والحاصل منها فى الحال ، غير قابل للقسمة الزمانية.

اذا ثبت هذا فنقول : اذا انقضى ذلك الجزء حصل عقيب انقضائه شيء آخر ، وهو أيضا حاضر. فوجب أن لا يكون هو أيضا منقسما. وهكذا القول فى جميع الأجزاء الواقعة فى تلك الحركة الى آخرها. فثبت بهذا البرهان القاطع القاهر : أن الحركة مركبة من أمور متتالية كل واحد منها غير قابل للقسمة البتة. واذا ثبت هذا قلنا : وجب أن يكون الجسم أيضا كذلك. لأن القدر الّذي يقطع من المسافة بالجزء الّذي لا يتجزأ من الحركة. ان كان منقسما كانت الحركة الى نصفها نصف الحركة الى آخرها. وحينئذ يكون ذلك الجزء من الحركة منقسما.

٥

وقد فرضنا أنه غير منقسم. هذا خلف. وان لم يكن منقسما فهو المطلوب.

ولما كانت الحركة مركبة من أجزاء متتالية. كل واحد منها غير قابلة للقسمة ، وثبت أن هذا القدر المقطوع بكل واحد منهما من المسافة غير منقسم ، وجب أن تكون المسافة مركبة من أجزاء متلاصقة. كل واحد منها غير قابل للقسمة. وهو المقصود.

الحجة الثانية : الزمان مركب من آنات متتالية ، فوجب أن يكون الجسم مركبا من نقط متشافعة.

بيان المقدمة الأولى من وجهين :

الأول : ان الزمان كم. وهو اما كم منفصل ، أو متصل. لا جائز أن يكون كما متصلا. لأن الماضى معدوم والمستقبل معدوم. والآن طرف ، فيلزم أن يكون أحد المعدومين متصلا بالمعدوم الآخر بطرف موجود. وهو محال. فاذن هو كم منفصل. فيكون مركبا عن وحدات متعاقبة. وهو المقصود.

الثانى : ان الآن الحاضر غير منقسم ، والا لم يكن حاضرا. واذا ثبت هذا ، فعدمه يقع أيضا دفعة واحدة ، فيكون عدمه حاصلا عقيب وجوده. وكذا القول فى الثانى. وهذا يقتضي تعاقب الآنات. واذا ثبت أن الزمان مركب من الآنات المتتالية ، وجب أن يكون الجسم مركبا من نقطة متشافعة ، للتقريب المذكور فى الطريقة الأولى.

الحجة الثالثة : النقطة شيء موجود ، مشار إليها. وهى لا تنقسم ومتى كان الأمر كذلك ، كان القول بالجوهر الفرد لازما. أما قولنا : النقطة شيء موجود ، مشار إليها. وهى لا تنقسم. فهذا لا يتم الا ببيان أمور :

الأول : ان النقطة شيء موجود. وهذا متفق عليه. الا أنا نقول :

٦

الدليل عليه : أن الخط متناه بالفعل. واذا كان متناهيا بالفعل ، كانت نهايته موجودة بالفعل. ولا معنى للنقطة الا نهاية الخط. فثبت : أن النقطة موجودة بالفعل.

فان قيل : نهاية الشيء عبارة عن انقطاعه ، وانقطاع الشيء عبارة عن أنه فنى وما بقى منه شيء البتة. وعدم الشيء كيف يكون أمرا موجودا؟

قلنا : نحن نعلم بالضرورة أن المقدارين اذا تماسا ، فانهما يتماسان بطرفيهما ، فلو كان طرف الشيء نفس العدم ، لكان معنى المماسة ، هو أن عدم هذا مماس لعدم ذاك. وهذا غير معقول. فعلمنا : أن طرف الشيء يستحيل أن يكون نفس العدم.

وأما المطلوب الثانى ـ وهو أن النقطة شيء مشار إليه ـ فذلك ظاهر ، لأنه يمكننا أن نشير بالحس الى طرف الخط.

وأما المطلوب الثالث ـ وهو ان النقطة غير قابلة للقسمة ـ فالذى يدل عليه : أنها لو انقسمت لافترض فيها جزءان ، وحينئذ يكون طرف الخط ، هو القسم الثانى فقط ، وحينئذ لا يكون الطرف طرفا. هذا خلف.

فالحاصل : أن كل ما كان منقسما ، لم يكن كله طرفا ، وكل ما كان كله طرفا ، لم يكن منقسما. والنقطة عبارة عن نفس الطرف ، فوجب أن لا تكون منقسمة ولما ثبت بالبرهان هذه المطالب الثلاثة ظهر أن النقطة موجودة مشار إليها ، غير منقسمة.

واذا ثبت هذا ، فنقول : هذا الشيء اما أن يكون جوهرا ، واما أن يكون عرضا. لا جائز أن يكون عرضا. والا لافتقر الى محل. ومحله ان كان منقسما لزم انقسامه بانقسام محله. وذلك محال. وان لم يكن منقسما عاد التقسيم فيه. وهو أنه اما أن يكون جوهرا أو عرضا. ويلزم

٧

اما التسلسل ـ وهو محال ـ أو الانتهاء الى (٤) جوهر غير قابل للقسمة وهو المطلوب ـ

الحجة الرابعة : اذا فرضنا خطا قائما على خط ، ثم أن الخط القادم انتقل من أحد جانبى الخط الثانى الى الجانب الآخر. فهذا الخط المتحرك صار بجميع الأجزاء المفترضة فيه ممسوس طرف الخط المتحرك وطرف الخط المتحرك نقطة ، وممسوس النقطة نقطة. فالخط المتحرك عليه ، وجب أن يكون مركبا من النقط التى كل واحد منها غير قابل للقسمة. ولا معنى لقولنا الجسم مركب من الأجزاء التى لا تتجزى الا ذلك.

الحجة الخامسة : اذا وضعنا كرة حقيقية على سطح حقيقى ، فموضع المماسة اما أن يكون منقسما أو لا يكون. والأول باطل. والا لكان ذلك الموضع من الكرة ، منطبقا على السطح المستقيم ، والمنطبق على المستقيم مستقيم. فذلك الموضع من الكرة مستقيم. فاذا تدحرجت الكرة. فالموضع الثانى من مواضع المماسة يكون أيضا مستقيما. ثم ان موضع المماسة الثانية لا شك أنه منطبق متصل بموضع المماسة الأولى. فان كان ذلك الاتصال على الاستقامة ، صارت الكرة سطحا مستويا. وان كان لا على الاستقامة ، بل على الزاوية ، صارت الكرة مضلعة. هذا خلف.

فثبت : أن موضع المماسة من الكرة شيء غير (٥) قابل للقسمة. واذا تدحرجت الكرة حتى تمت الدائرة ، كانت تلك الدائرة مركبة من مواضع المماسات ، وتلك المواضع نقط غير مستقيمة ، فحينئذ حصلت تلك الدائرة خطا مركبا من النقط المتلاصقة. وذلك هو المطلوب.

الحجة السادسة : لو كان الجسم قابلا لانقسامات لا نهاية لها ، لكان مركبا من أجزاء لا نهاية لها بالفعل. وهذا محال ، فذلك محال.

__________________

(٤) الى ما هو غير ... الخ : ب

(٥) شيء متميز قابل : ا

٨

بيان المقام الأول من وجهين :

الأول : أن كل موضع اختص بخاصية لا تحصل فى سائر المواضع ، كان ذلك الموضع متميزا بالفعل عن سائر المواضع. وكل نقطة يمكن فرضها فى خط ، فان تلك النقطة مختصة بخاصية ممتنعة الحصول فى سائر النقط ، فيلزم أن تكون كل واحدة من النقط التى يمكن فرضها فى الخط ، ان تكون حاصلة بالفعل.

وجميع مقدمات هذه الحجة جلية ، الا قولنا : ان كل واحدة من النقط التى يمكن فرضها فى الخط ، فانها تختص بخاصية لا توجد فى سائر النقط التى يمكن فرضها.

والدليل عليه : ان كل خط فان مقطع النصف منه موضع معين ، ويستحيل أن يكون غير تلك النقطة موضع النصف. وكذا القول فى مقطع الثلث ومقطع الربع. فانك ان زدت على مقطع الثلث شيئا ، أو نقصت منه شيئا ، لم يكن ذلك مقطع الثلث بل مقطعا آخر ، وكذا القول فى جميع المقاطع التى لا نهاية لها. فان لكل واحد منها موضعا ، لا يمكن أن يزاد عليه أو ينقص منه. فثبت : أن كل نقطة يمكن فرضها فى هذا الخط ، فانها مختصة بخاصية يمتنع حصولها فى سائر النقط الممكنة الفرض فى هذا الخط. فثبت : أنه لو كان الخط قابلا لانقسامات لا نهاية لها ، لكانت تلك الانقسامات حاصلة فيه بالفعل.

الوجه الثانى فى تقرير هذه المقدمة : انا اذا أشرنا الى جسم بسيط ، فان صريح العقل يشهد بأن هذا النصف منه مغاير للنصف الآخر منه.

اذا عرفت هذا ، فنقول : هذان النصفان قبل اشارتنا إليهما. اما أن يقال : كانا موجودين (أو كانا موجودين ، فان كانا موجودين (٦))

__________________

(٦) ما بين القوسين : سقط ب

٩

فهما كانا اثنين. وهذان الجزءان ، كانا موجودين بالفعل.

ثم ننقل الكلام الى نصف كل واحد من ذينك النصفين. الى آخر الانقسامات الممكنة.

فيلزم أن يقال : ان بحسب الانقسامات الممكنة يحصل فى الجسم أجزاء بالفعل. وهو المطلوب. وأما أن قلنا بأن هذين الجزءين اللذين نشير إليهما ما كانا موجودين قبل اشارتنا إليهما ، بل هذان الجسمان انما حدثا عند اشارتنا إليهما ، فيلزم أن يقال بأن ذلك الجسم الّذي كان قبل اشارتنا إليه واحدا ، صار ثانيا عند هذه الاشارة. وحدث عند هذه الاشارة هذان النصفان.

وهذا يقتضي أن يقال : الأجسام توجد وتعدم ، بحسب تغير أحوال الاشارات. وهذا يقتضي أن هذا السموات والأرضين والجبال والبحار ، تعدم وتوجد فى كل يوم ألف ألف مرة ، بحسب اشارات المشيرين وتوهمات المتوهمين. ومعلوم أن هذا لا يليق بالعقلاء. فثبت بما ذكرناه : أن كل شيء يقبل الانقسام ، فان تلك الانقسامات كانت موجودة فيه بالفعل قبل التقسيم. فظهر : أن التقسيم عبارة عن تفريق المتجاورين ، كما يقوله المتكلمون. فثبت : أن الجسم لو كان قابلا لانقسامات لا نهاية لها ، لكانت تلك الأجزاء التى لا نهاية لها ، موجودة فيه بالفعل.

وأما المقدمة الثانية ـ وهى قولنا : هذه الأجسام المتناهية فى المقدار ، يمتنع أن تكون مركبة من أجزاء غير متناهية فى العدد ـ فيدل عليه وجوه :

الأول : ان زيادة العدد اما أن توجب زيادة المقدار ، أو لا توجب. فان أوجبت لم يكن تألفها سببا لازدياد المقدار ، فلم تكن المقادير حاصلة

١٠

فيها البتة. هذا خلف. وأما ان كان ازدياد العدد موجبا ، لازدياد المقدار ، كانت نسبة العدد الى المقدار ، كنسبة العدد الى العدد. وكما أن بعضها أزيد من البعض فى المقدار ، وجب أن يكون بعضها أزيد من البعض فى العدد. والعدد الناقص متناه ، والزائد زائد على الناقص بقدر متناه ، فيكون زائدا على عدده بعدد متناه ، فيكون عدد الزائد متناهيا. وقد فرضناه غير متناه. هذا خلف.

والثانى : ان المسافة لو كانت مركبة من أجزاء غير متناهية ، لكان لا يمكن الوصول من أولها الى آخرها ، الا بعد الوصول الى نصفها. ولا يمكن الوصول الى نصفها الا بعد الوصول الى ربعها. فلو كانت أجزاء غير متناهية ، لامتنع الوصول من أولها الى آخرها فى مدة متناهية. ولما لم يكن ذلك ممتنعا ، علمنا : أن المقاطع الحاصلة فى المسافة متناهية.

الثالث : لو كانت المقاطع الحاصلة فى المسافة غير متناهية ، لامتنع أن يصل السريع الى البطيء. ولك لأنه اذا ابتدأ البطيء ثم ابتدأ السريع بعده. فان وصل السريع الى الموضع الّذي وصل إليه البطيء ، يكون البطيء قد قطع بعض الأجزاء. والى أن يصل السريع أيضا الى ذلك الموضع الثانى ، يكون قد وصل البطيء الى موضع ثالث. فلو حصل فى الجسم مقاطع غير متناهية ، لكان كلما وصل السريع الى موضع ، يكون البطيء قد تعداه. وكان يجب أن لا يصل السريع الى البطيء. وحيث يصل إليه ، عملنا : أن المقاطع الحاصلة فى المسافة ، متناهية.

أما الفلاسفة : فقد أدعوا أولا : أن القسمة الوهمية غير متناهية. واحتجوا عليه بوجوه :

١١

الحجة الأولى : ان كل ما كان متحيزا ، مختصا بجهة ، فان يمينه غير يساره ، وقدامه غير خلفه ، وفوقه غير تحته. وكل ما كان كذلك ، فهو مركب من هذه الجوانب الستة ، فلا يكون فردا ، بل يكون منقسما. وربما عبروا عن هذا الكلام بعبارة أخرى. وهى : انا لو فرضنا خطا مركبا من ثلاثة جواهر متماسة ، فالوسط يلاقى ما على يمينه بعين ما يلاقى ما على يساره أو بغيره؟ والأول باطل ، والا لكان كل واحد من الطرفين. ملاقيا كلية ذات الوسط. وهذا لا يكون ملاقاة بل يكون مداخلة ، فحينئذ يكون كل واحد من الطرفين مداخلا بكليته فى كلية ذات الوسط. وعلى هذا التقدير لا يكون مجموع الأجزاء الثلاثة أزيد فى المقدار من الجزء الواحد. وحينئذ لا يكون تألف هذه الأجزاء سببا لازدياد القدر والحجم ، ولا تكون الأعظام متألفة من تركبها. وكل ذلك باطل. ولما بطل هذا القسم ثبت أن الوسط شيء يماس ما على يمينه بغير الجانب الّذي به يماس ما على يساره. واذا كان كذلك كان الجوهر الفرد منقسما.

الحجة الثانية لهم : انا اذا فرضنا سطحا مركبا من جواهر لا تتجزى فاذا وقع الضوء على أحد وجهى ذلك السطح ، صار ذلك الوجه مضيئا والوجه الآخر منه لا يصير مضيئا. والمضىء مغاير لما ليس بمضيء. فكل واحد من تلك الجواهر التى منها تركب ذلك السطح ، يكون أحد وجهيه مضيئا ، والآخر غير مضىء ، فيكون كل واحد منهما منقسما.

الحجة الثالثة لهم : إنا اذا ركبنا خطا من ثلاثة أجزاء متماسة ، ووضعنا على طرفى هذا الخط جزءين. فعلى هذا التقدير بقى ما فوق الجزء (٧) الوسطانى خاليا. فاذا فرضنا أن الجوهرين الموضوعين

__________________

(٧) الجوهر : ب

١٢

على طرفى الخط ، تحركا الى الوسط ، لزم أن يصير كل واحد منهما مماسا لنصف الجوهر الوسطانى. وذلك يوجب القسمة.

ولا يقال : ما الدليل على أن حركتهما ممكنة فى هذه الصورة؟ لأنا نقول : الجزءان ، كل واحد منهما قابل للحركة. وما فوق الجزء الوسطانى فارغ. واذا كان الشيء قابلا للحركة ، وكان المتحرك إليه فارغا ، كانت الحركة ممكنة قطعا.

الحجة الرابعة لهم : انا اذا فرضنا خطا مركبا من أربعة أجزاء ، ووضعنا فوق طرفه الأيمن جزءا ، وتحت طرفه الأيسر جزءا آخر ، وفرضنا أن هذين الجزءين ، ابتدءا بالحركة معا ، وانتهيا معا. فمن الضرورة : أن كل واحد منهما لما مر بالآخر ، فقد تحاذيا. والمحاذاة لا تحصل الا عند وقوع كل واحد منهما على متصل الثانى والثالث. ومتى كان الأمر كذلك ، كانت القسمة لازمة.

الحجة الخامسة لهم : نفرض مربعا مركبا من خطوط أربعة متماسة ، وكل واحد من تلك الخطوط يكون مركبا من أربعة أجزاء متماسة ، فيكون هذا المربع مركبا من ستة عشر جزءا ، وقطره وهو الخط المركب من الجزء الأول من الخط الأول ، والثانى من الثانى ، والثالث من الثالث ، والرابع من الرابع. فهذه الأجزاء اما أن تكون متلاقية أو غير متلاقية. فان كانت متلاقية ، لزم أن يكون القطر مساويا للضلع. وهو محال. وان كانت غير متلاقية ، فكل واحد من تلك الفرج ، اما أن يكون بحيث يتسع لجزء لا يتجزأ واما أن يكون أقل من ذلك. والأول يقتضي أن يكون القطر فى مقدار سبعة جزاء. والضلعان أيضا كذلك. فيكون القطر مساويا لمجموع الضلعين. وذلك محال. وأما ان كانت كل واحدة من تلك الفرج أقل من الجوهر الفرد ، لزمته القسمة.

١٣

الحجة السادسة لهم : اذا غرزنا خشبة فى الأرض ، فعند طلوع الشمس يقع لها ظل طويل ، ثم كلما ازادات الشمس ارتفاعا ، ازداد ذلك الظل انتقاصا. فإذا فرضنا أن الشمس ارتفعت بمقدار جوهر فرد ، فاما أن لا ينتقص البتة من الظل شيء ، أو ينتقص. والأول باطل. اذ لو عقل أن ترتفع الشمس جوهرا فردا ، ولا ينتقص من الظل شيء ، جاز أن ترتفع ثانيا وثالثا ولا ينتقص من الظل شيء ، حتى تصل الشمس الى وسط السماء ، ويبقى الظل كما كان. وهو محال. واما أن ينتقص من الظل شيء. فاما أن يقال : كل ما ارتفعت الشمس جزءا واحدا ، ينتقص من الظل جزء واحد. فحينئذ يلزم أن يكون طول الظل مثل مدار ربع الفلك. وهو محال. أو يقال : كل ما ارتفعت الشمس جزءا ، ينتقص من الظل أقل من جزء. وذلك يوجب الانقسام.

الحجة السابعة لهم : اذا استدار الفلك استدارة منطقية استدارات جميع الدوائر الموازية لتلك المنطقة.

اذا عرفت هذا فنقول : اذا تحركت المنطقة جزءا ، فالدائرة الصغيرة القريبة من القطب الموازية للمنطقة ، ان تحركت أيضا جزءا ، لزم أن يكون مدار تلك الدائرة الصغيرة مساويا لمقدار المنطقة. هذا خلف. وان لم تتحرك البتة ، فحينئذ يلزم وقوع التفكك فى أجزاء الفلك. وذلك باطل. أما الأول : فلأن الدلائل الفلسفية قائمة على أن أجرام الفلك لا تقبل الانخراق والتفكيك. وأما ثانيا : فلأن القرآن وصفها بكونها سبعا شدادا. وذلك ينافى وقوع التفكيك فيها. فلم يبق الا أن يقال : مهما تحركت المنطقة جزءا ، تحركت تلك الدائرة الصغيرة أقل من جزء وهو المطلوب. وهذا الكلام قد يفرضونه فى حركة الرحى. ويلزمون عليه : تفكك أجزاء الرحى. والمتكلمون يلتزمونه. ويقولون : إنه سبحانه وتعالى فاعل مختار ، فهو يفكك أجزاء الرحى حال استدارتها ، ثم يعيد التأليف والتركيب إليها حال وقوفها.

١٤

والفلاسفة يدفعون هذا من وجهين :

الأول : الاستبعاد.

والثانى : ان الانسان لو ألصق عقبه بالأرض وأدار نفسه ، فحينئذ يلزم أن تتفكك أجزاء بدن الانسان فى تلك الحالة. ومن المعلوم أن الانسان يعلم بالضرورة أنه فى هذه الحالة بقيت أجزاء بدنه متلاصقة كما كانت قبل ذلك. فبطل القول بالتفكيك.

الحجة الثامنة لهم : اذا فرضنا مربعا متساوى الأضلاع بحيث يكون كل واحد من أجزائه (٨) عشرة ، لزم أن يكون قطره جذر مائتين ، ببرهان شكل العروس. ولكن ليس للمائتين جذر صحيح. فعلمنا : أن القول بالقسمة لازمة لهم.

الحجة التاسعة لهم : بطء الحركة ليس لتخلل السكنات. ومتى كان الأمر كذلك ، كان الجسم قابلا للقسمة أبدا : بيان الأول : انا نفرض فرسا جوادا شديد العدو ، بحيث يعدو من أول النهار الى وقت الظهر ، خمسين فرسخا. فهذه الحركة مع أنها فى غاية السرعة أبطأ من الحركة اليومية. فان الشمس تحركت من أول اليوم الى وقت الظهر ، ربع الفلك الأعظم.

اذا ثبت هذا فنقول : لو كان البطء لأجل تخلل السكنات ، يلزم أن تكون نسبة سكنات هذا الفرس المذكور الى حركاته كنسبة زيادة حركات الفلك الأعظم الى حركات الفرس ، لكن حركات الفلك أزيد من حركات هذا الفرس ألف ألف مرة ، فيلزم أن يقال : سكنات هذا الفرس أزيد من حركاته ألف ألف مرة. ولو كان الأمر كذلك ، لما ظهرت تلك الحركات القليلة ، فيما بين تلك السكنات الكثيرة ، لكن الأمر

__________________

(٨) أضلاعه : ا

١٥

بالضد. فانا لا نشاهد فى حركات الفرس المذكور شيئا من السكنات. فعلمنا : أنه ليس بطء الحركات لأجل تخلل السكنات.

اذا ثبت هذا فنقول : يلزم أن يكون الجسم قابلا أبدا للقسمة ، لأنه لو كان مركبا من الأجزاء التى لا تتجزى ، فلنفرض زمانا قطعت الحركة السريعة فيه جزءا لا يتجزأ. ففى ذلك الزمان ان قطع البطيء أيضا جزءا ، كان البطيء مثل السريع فى السرعة والبطء. وهذا خلف ، وان قطع البطيء أقل من جزء ، لزم انقسام الجوهر الفرد. وهو المطلوب.

الحجة العاشرة لهم : كل متحيز فهو متناه ، وكل متناه فانه يحيط به حدا وحدود. فان (٩) أحاط به حد واحد فهو الكرة ، واذا تلاصقت الكرات حصلت فيما بينها فرج ، بحيث يكون كل واحد من تلك الفرج أصغر من كل واحدة من تلك الكرات ، فقد وجد شيء أصغر من الجوهر الفرد ، فينقسم الجوهر الفرد ، وان أحاط به حدود مختلفة فهو المضلعات كالمثلث والمربع ، وكل ما كان كذلك ، فان جانب الزاوية منه أصغر من جانب الضلع ، وكل ما وقع التفاوت بالصغر والكبر فى أجزائه وجوانبه ، كان قابلا للانقسام. فالجوهر الفرد قابل للانقسام. فثبت : أن الجوهر الفرد الّذي يقول به المتكلمون لا بد أن يكون منقسما ، على جميع التقديرات.

ولنقتصر من دلائل نفاة الجوهر الفرد على هذه الوجوه العشرة. فان لنا كتابا منفردا فى هذه المسألة. ومن أراد الاستقصاء فيها ، فليطالع ذلك الكتاب.

واعلم : أنا نجيب عن جميع هذه الشبه بجواب واحد ، ونحيل بالأجوبة المفصلة على ذلك الكتاب. فنقول : ان جميع هذه الوجوه

__________________

(٩) كل ما أحاط : ب

١٦

مشتركة فى شيء واحد ، وهو أنه قد اختص أحد جانبى الجزء بخاصية لا تحصل فى الجانب الآخر منه ، ولكن هذا المعنى يوجب حصول انقسامات غير متناهية بالفعل. والفلاسفة لا يقولون بهذا المعنى. وما هو نتيجة هذه الشبه لا يقولون به ، وما يقولون به فهو الانقسام بالقوة فقط. لا نتيجة هذه الوجوه. فثبت : سقوط هذه الوجوه بأسرها.

وأما الأجوبة المفصلة فهى مذكورة فى الكتاب الّذي صنفناه فى هذه المسألة وبالله التوفيق.

١٧

المسألة الثامنة والعشرون

فى

حقيقة النّفس

اعلم : أن مرادنا من لفظة النفس ، هو الشيء الّذي يشير إليه كل انسان بقوله «أنا» حين (١) يقول : أنا فعلت ، وأنا أدركت.

اذا عرفت هذا ، فنقول : العقلاء اختلفوا فى حقيقة النفس. وضبط تلك المذاهب أن يقال : الّذي يشير إليه كل واحد بقوله «أنا» اما أن يكون جسما أو جسمانيا ، أو لا جسما ولا جسمانيا ، أو يكون مركبا من هذه الأقسام تركيبا ثنائيا أو ثلاثيا. فان كان جسما. فذلك الجسم اما أن يكون هو هذا الهيكل المحسوس ، أو جسم حاصل فى داخله. والقول الأول : هو اختيار طائفة عظيمة من المتكلمين ، الا أنه ضعيف. ويدل على ضعفه وجهان :

الأول : انى أعلم ببداهة عقلى ، أنى الآن هو (٢) الّذي كنت موجودا قبل هذا اليوم بعشرين سنة. وهذا الهيكل المحسوس الموجود ليس هو الّذي كان موجودا قبل ذلك بعشرين سنة (٣). لأن أجزاء هذا الهيكل متبدلة تارة بالسمن والهزال ، وتارة بسائر أنواع التحللات من العرق وانفصال الفضلات من الدماميل وغيرها. ولأنه محتاج

__________________

(١) حي : ا

(٢) غير : ا

(٣) المؤلف يفرق بين جسد المرء وروحه ، وبين النفس. فيقول : ان فى المرء ثلاثة أشياء ١ ـ جسده ٢ ـ وروحه ٣ ـ ونفسه. فهو يثبت النفس جسما روحانيا مجردا عن المادة. وأهل الحديث يثبتون ـ

١٨

__________________

ـ النفس شيئا زائدا كما قال المؤلف ولكنهم يقولون هى جسم مادى. وقد ذكر ابن قيم الجوزية أدلة من القرآن والسنة على مذهب المحدثين فى النفس. وقد رددنا عليه فى تعليقاتنا على شرح عيون الحكمة وفى تقديمنا لكتاب الأرواح العالية والسافلة. وبينا أنه ليس فى الانسان الا اثنان هما جسده وروح جسده. وأن روح جسده مثل الهواء فى الزق المنفوخ ، تضيع بموت الجسد ، وترتد فى الآخرة ببعث الجسد.

والذين قالوا بأن الروح جسم مخالف بالماهية والحقيقة لهذا الجسم المحسوس الّذي هو جسد الانسان. استدلوا على رأيهم بآيات قرآنية وأحاديث آحاد وحكايات خرافية وحكايات منامية. منها قول ابن القيم : «كان سماك بن حرب قد ذهب بصره ، فرأى ابراهيم الخليل فى المنام ، فمسح على عينيه ، وقال : اذهب الى الفرات ، فتنغمس فيه ثلاثا. ففعل. فأبصر» ا. ه أما الحكايات فنترك الحديث فى ردها ونقدها. لأن الحكايات ليست بحجة معتبرة لا عند الموافق ولا عند المخالف. وأما الأحاديث فانها قد خرجت من الأدلة ، لكونها آحادا.

وأما الأدلة القرآنية. فاننا نذكرها ، ونبين خطأ المستدل بها. استدل ابن القيم : فى روحه بما يلى :

الدليل الأول : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها. وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها. فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ ، وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) فانه أخبر بتوفيها وامساكها وارسالها.

الرد عليه : هو أخبر. ولكن لم يخبر بأنها فى حالة التوقى والامساك والارسال تكون منفصلة عن الجسد.

ومعنى التوفى. اما أن يكون بمعنى معرفها حقها من الأجر ، واما أن يكون بمعنى الموت. ولأنه قال حين موتها أى غاير بين الوفاة والموت ، يكون المعنى المراد : انى معرفها حقها من الأجر ، وفى يوم القيامة تناله ، وعبر بالوفاة فى الدنيا ، مع أن التوفية فى القيامة لتحقق وعد الله ووعيده. والتى لم تمت فى منامها يكتب فى صحيفتها ـ

١٩

__________________

ـ ما لها وما عليها. ثم انه يمسك التى قضى عليها الموت عن الدنيا بايداع الجسد فى القبر وبافناء خصائصه المستعدة لقبول الهواء الّذي يكون الروح. ويترك النفس الأخرى التى لم يقض عليها الموت الى أجلها المحتوم. وقد جاء التوفى بمعنى الموت ، وبمعنى اعطاء الأجر. فى أكثر من آية فى القرآن. وسياق الكلام هو الّذي يحدد المراد من التوفى. ومن ذلك : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) ـ (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها ، نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) ـ (فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ) ـ (وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ) ـ (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) ـ (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) ... الخ

هذا معنى. وفى الآية معنى آخر. وهو : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) كلها. أى يميت جميع الناس. وعبر عن الناس بالأنفس. وهذه التوفية أى الموت على نوعين : النوع الأول : حال موت الانسان ودخوله القبر. وهذا النوع مشار إليه بقوله (حِينَ مَوْتِها) والنوع الثانى : هو على سؤال مقدر. تقديره : ومن الّذي سيميت الانسان الّذي هو الآن جى ، لم يمت بعد. وله فى الدنيا طول البقاء؟ وأجاب بقوله : (وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) أى الله وحده هو أيضا الّذي سميت الناس الذين لم يموتوا بعد. وعبر ب (مَنامِها) عن أنهم لم يموتوا بعد. لأن النوم يدل على استمرار الحياة وان كان شبيها بالموت. ثم قال : أما التى قضيت عليها الموت فانى أمسكها عن التصرف فى الأجساد. وأما التى لها طول بقاء فانى أتركها الى أجلها. وعبر بالامساك عن الحفظ وعبر بالارسال عن التصرف ـ مع أنه عزوجل لا يمسك شيئا بيده الجارحة لأنه ليس جسما ـ وخاطبنا الله بهذه الألفاظ ليقرب المعانى الى عقولنا. وهذا المعنى الآخر هو الصحيح. والله أعلم.

وأيا ما كان المعنى. فان آية : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) لا تثبت انفصال الروح عن الجسد لأنه جاءت فى القرآن آيات تدل على أن النفس هى مجموع الروح والجسد. منها : (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ

٢٠