الأربعين في أصول الدين - ج ١

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]

الأربعين في أصول الدين - ج ١

المؤلف:

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]


المحقق: الدكتور أحمد حجازي السقا
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتبة الكليّات الأزهريّة
المطبعة: مطبعة دار التضامن
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٤
الجزء ١ الجزء ٢

والجواب عن الشبهة الثالثة : انه تعالى انما يعلم الشيء كما هو ، فان كان له عدد محصور علمه كذلك. وان كان له عدد غير محصور ، كان علمه كذلك.

النوع الخامس من المخالفين : الذين ينكرون كونه تعالى عالما بما لا نهاية له من المعلومات. ولهم فيه شبه :

الشبهة الأولى : انا لما بينا أنه يجب تعدد العلم بتعدد المعلومات فلو كانت المعلومات غير متناهية ، لحصل فى ذات الله تعالى علوم غير متناهية.

ولو أن قائلا يقول : انا لا نثبت العلم لله تعالى ، بل نثبت العالمية : كان هذا نزاعا فى العبارة. ويلزمه : أن يثبت لله تعالى عالميات لا نهاية لها. لأنه لا يمكننا أن نعلم كونه تعالى عالما بأحد هذين المعلومين ، حال شكنا فى كونه تعالى عالما بالمعلوم الآخر ـ المعلوم غير المشكوك ـ

اذا ثبت هذا فنقول : لو كان الله تعالى عالما بما لا نهاية له ، لزم أن يحصل فى ذاته علوم غير متناهية ، أو عالميات غير متناهية. وذلك محال. لأن كل عدد يوجد ، فانه قابل للزيادة والنقصان ، وكل ما كان كذلك ، وجب أن يكون متناهيا.

الشبهة الثانية : قالوا : كل معلوم فهو متميز عن غيره. وكل متميز عن غيره ، فهو متناه. لأن المتميز هو الّذي ينفصل عن غيره بحده وطرفه ، فاذن كل ما كان معلوما : فهو متناه. وما لا يكون متناهيا ، يمتنع أن يكون معلوما.

الشبهة الثالثة : مقدورات الله تعالى أقل من معلوماته. والأقل

٢٠١

من غيره متناه. فمقدوراته متناهية ، ومعلوماته أضعاف مقدوراته ، وأضعاف المتناهى : متناه. فمعلوماته : متناهية.

والجواب عن الأولى : ان علم الله تعالى. لم لا يجوز أن يقال : انه واحد ، وانما تعلقاته غير متناهية. وهذه التعلقات نسب واضافات. ودخول اللانهاية فى النسب والاضافات غير ممتنع. بدليل ما ذكرناه : أن الواحد نصف الاثنين ، وثلث الثلاثة. وهكذا الى ما لا نهاية له؟

والجواب عن الشبهة الثانية : ان هذه الشبهة اما أن نوردها فى كل واحد من آحاد المعلومات ، أو فى مجموعها. والأول باطل. لأن كل واحد من آحاد المعلومات متناه. والثانى باطل. لأن هذا الكلام انما يتجه لو كان للمعلومات التى لا نهاية لها مجموع وجملة. وذلك محال. لأن المجموع والجملة ، يشعران بالتناهى ، ووصف ما لا نهاية له بكونه مجموعا وجملة : محال.

لا يقال : هذا الّذي ذكرتموه مما يؤكد السؤال. وذلك لأن كل ما كان معلوما فهو شيء مشار إليه بحسب اشارة العقل ، فله خصوصية وتعين وتميز ، وكل ما كان كذلك فهو متناه ، فأذن كل معلوم فهو متناه. وما لا يكون متناهيا لا يكون معلوما.

لأنا نقول : انه معلوم من حيث انه غير متناه. وكونه معلوما من هذا الاعتبار ، لا ينافى كونه غير متناه.

والجواب عن الشبهة الثالثة : ان قولنا : المقدورات أقل من المعلومات. هو أن العلم يتعلق بالواجب والممتنع والجائز. والقدرة لا تعلق لها الا بالجائزات.

٢٠٢

النوع السادس من المخالفين : الذين ينكرون كونه تعالى عالما بجميع المعلومات واحتجوا عليه بوجهين :

الأول : لو كان عالما بجميع المعلومات ، لكان اذا علم شيئا ، علم كونه عالما به ، وعلم كونه تعالى عالما بكونه عالما. وهكذا فى المرتبة الثالثة والرابعة الى ما لا نهاية له ، فيكون له بحسب كل واحد من المعلومات علوم غير متناهية ، لأنها أمور مترتبة ، لأن المرتبة الثالثة مرتبة على الثانية ، والثانية على الأولى. فاذا حصلت هاهنا مراتب غير متناهية ، لزم حصول أسباب ومسببات لا نهاية لها دفعة واحدة. وذلك مما ظهر ابطاله فى مسألة اثبات العلم بواجب الوجود.

لا يقال : لم لا يجوز أن يقال : اثبات العلم بالعالم بالشيء ، هو نفس العلم بذلك الشيء؟

لأنا نقول : هذا باطل من وجوه :

أحدها : ان المعلوم والعلم مما يتغايران ، فوجب أن يكون العلم بالمعلوم مغايرا للعلم بالعلم بذلك المعلوم.

وثانيها : انه لو كان العلم بالعلم بالشيء نفس العلم بذلك الشيء. لكان من علم شيئا ، حضر فى ذهنه العلم بالعلم ، والعلم بالعلم به. وهكذا هذه المراتب الغير متناهية ولما علمنا بالضرورة : أنه ليس كل من علم الشيء حضر فى ذهنه هذه المراتب الغير متناهية ، علمنا : أن العلم بالعلم بالشيء (هو) مغاير للعلم بذلك الشيء.

وثالثها : انه يمكننا أن نعلمه عالما بذلك الشيء ، وان كنا لا نعلمه عالما بكونه عالما بذلك الشيء. والمعلوم مغاير للمشكوك.

٢٠٣

فثبت بهذه الوجوه : أن العلم بالعلم بالشيء. يمتنع أن يكون نفس العلم بذلك الشيء.

الوجه الثانى : انه لو كان عالما بجميع المعلومات ، سواء كانت واقعة ، أو ممكنة الوقوع. فاذا علم الله تعالى جوهرا فردا ، فذلك الجوهر الفرد يمكن وقوعه فى أحياز غير متناهية على البدل ، وفى أزمنة غير متناهية على البدل ، وموصوفة من كل نوع من أنواع الأعراض بأفراد لا نهاية لها على البدل. فهذه المراتب لا نهاية لها ، لا مرة واحدة بل مرارا ، لا نهاية لها. وكل ذلك محال فى جوهر فرد ، وجزء لا يتجزأ. ومعلوم : أن استحضار العلم المنفصل بهذه المراتب دفعة واحدة مما لا يقبله العقل.

والجواب عن الوجه الأول : ان علم الله تعالى واحد. الا أن مراتب تعلقاته غير متناهية ، والتعلقات من باب النسب والاضافات. ودخول ما لا نهاية له فيها غير ممتنع. كما ضربنا فى المثال ، من الوحدة ، المشتملة على النسب والاضافات التى لا نهاية لها.

والجواب عن الوجه الثانى : أنها محض التعجب. ولا عبرة بذلك فى صفات الله تعالى. فان كما لها وجلالها أعظم من أن يحيط به عقول البشر.

وهذا ما انتهى إليه العقل الضعيف. وجلال الله تعالى منزه عن غايات عقول العقلاء ، ونهايات علوم العلماء. وبالله التوفيق.

٢٠٤

المسألة الثالثة عشرة

فى

إثبات أنه تعالى مريد

وهذه المسألة مشتملة على فصول :

الفصل الأول

فى

شرح حقيقة الإرادة

اعلم : أنه متى صدر عنا فعل أو ترك. فقبل ذلك الفعل وذلك الترك ، يظهر فى قلوبنا حالة تقتضى ترجيح ذلك الفعل على ذلك الترك ، أو بالعكس. والعلم بحصول تلك الحالة المقتضية للترجيح : علم ضرورى.

ثم اختلف العقلاء فى أن تلك الحلة المقتضية للترجيح ما هى؟ فقال قوم من محققى المعتزلة : انما هى الداعية.

* * *

وتحقيق الكلام فى الداعى : ان الانسان قادر على الفعل وعلى الترك. فنسبة قدرته الى طرفى الفعل والترك على السوية ، وما دامت القدرة على هذا الاستواء ، يمتنع حصول الرجحان. لأن الاستواء والرجحان متنافيان. فاذا حصل فى القلب علم أو اعتقاد أو ظن باشتمال ذلك الفعل على نفع زائد ، حصل الرجحان بسبب ذلك. وصار المجموع الحاصل من تلك القدرة ومن ذلك العلم أو الظن أو الاعتقاد : مؤثرا فى وقوع ذلك الفعل. وأما فى حق البارى سبحانه فالاعتقاد والظن ممتنعان ، فلم يبق الداعى فى حق الله تعالى الا العلم باشتمال ذلك الفعل على مصلحة راجحة.

٢٠٥

هذا هو الكلام فى حقيقة الداعية.

* * *

ثم قالوا : تلك الحالة المقتضية للترجيح التى نجدها من قلوبنا ليست الا هذه الداعية.

ومن الناس من قال : الميل والإرادة حالة زائدة على هذه الداعية. واحتجوا عليه بوجهين :

الحجة الأولى : ان الميل قد يوجد ، بدون هذه الداعية. وذلك لأن العطشان اذا خير بين شرب قدحين متساويين من الماء فانه لا بد وأن يرجح أحدهما على الآخر من أجل (١) أنه لا بد وأن يحدث فى قلبه ميل الى أحد القدحين دون الثانى. وهذا الترجيح حاصل. وليس هذا الترجيح الا عبارة عن الداعية بالتفسير الّذي ذكرناه. لأنه لما استوى القدحان فى جميع المنافع المعلومة والمظنونة ، امتنع أن يكون ذلك الميل الّذي هو غير مشترك فيه بينهما هو عين هذا العلم والظن ، الّذي هو مشترك فيه بينهما.

الحجة الثانية : انا نجد من أنفسنا أنا متى علمنا أو اعتقدنا أو ظننا اشتمال الفعل على هذه المصلحة الزائدة ، فانه يتولد عن ذلك العلم ميل ورغبة وترجيح ، ويكون ذلك الميل كالأمر اللازم لذلك الفعل (٢) وكالأمر المتولد منه. ولذلك فان الخصم يقول : ان هذا العلم يدعو الفاعل الى الفعل ، فجعل كون هذا العلم داعيا ، كالأمر المتولد منه. فثبت بهذين الوجهين : أن الداعى مغاير للارادة فى حقنا.

__________________

(١) بمعنى : ب

(٢) لذلك العلم : ب

٢٠٦

الفصل الثانى

فى

بيان أن الله تعالى مريد

اتفقت الأمة على اطلاق هذا اللفظ. الا أنهم اختلفوا فى معناه فذهب «حسين النجار» الى أن معناه : أنه تعالى غير مغلوب ولا مستكره. فجعل كونه تعالى مريدا ، وصفا سلبيا. وقال «أبو القاسم البلخى» : معنى كونه مريدا لأفعال نفسه : أنه موجد لها ، ومعنى كونه مريدا لأفعال غيره : أنه آمر بها. وقال «أبو الحسين البصرى» : معنى كونه مريدا لأفعال نفسه أنه دعاه الداعى الى ايجادها. ومعنى كونه مريدا لأفعال غيره : أنه دعاه الداعى الى الحث عليها ، والترغيب فى فعلها. ولعل مذهب «أبى القاسم البلخى» هو هذا.

ومذهبنا : أن كونه تعالى مريدا : صفة زائدة على كونه تعالى عالما ـ وهذا مذهب جمهور البصريين من المعتزلة ـ

لنا : انا وجدنا بعض أفعال الله تعالى متقدمة ، وبعضها متأخرة مع أن ما تقدم ، كان يجوز فى العقل أن يتأخر ، وما تأخر كان يجوز فى العقل أن يتقدم. واذا كان كذلك ، افتقر ذلك التقدم والتأخر ، الى مرجح ومخصص ، لامتناع حصول الرجحان لا عن مرجح. ثم نقول : ذلك المرجح اما القدرة أو العلم أو صفة أخرى. لا جائز أن يكون هو القدرة. لأن خاصية القدرة : الايجاد. وذلك بالنسبة الى جميع الأوقات على السوية. ولا جائز أن يكون هو العلم. لأن العلم بالوقوع تبع للوقوع. فلو كان هو تبعا لذلك العلم ، لزم الدور. فثبت : أنه لا بد من شيء آخر ، يكون مخصصا ومرجحا سوى القدرة والعلم. وظاهر أن الحياة والكلام والسمع والبصر لا تصلح

٢٠٧

لذلك. ولا بد من اثبات صفة وراء هذه الصفات ، خاصيتها الترجيح والتخصيص. وتلك الصفة هى المسماة بالارادة.

فان قيل : لا نسلم أن تقدم المتأخر ، وتأخر المتقدم جائز. بيانه : ان من المحتمل أن يكون هذه الحوادث الأرضية مستندة الى الاتصالات الفلكية ، وتلك الاتصالات لازمة (٣) من كون كل واحد منها (٤) متحركا على وجه خاص. وكون كل واحد منهما متحركا على وجه خاص انما كان لأن ماهية كل واحد منها مخالفة لماهية الآخر. فلا جرم كان كل واحد من تلك الماهيات ، قد استلزم نوعا معينا من الحركات.

لا يقال : هذا مدفوع من وجهين :

الأول : ان القول بأن ذات كل واحدة منها هى الموجبة لتلك الحركة باطل لان تلك الماهية باقية ، وتلك الحركة متغيرة ، والباقى لا يكون علة لغير الباقى.

الثانى : ان هذا محتمل. ولكنا قد دللنا على حدوث العالم ، فلم اختص حدوث العالم بذلك الوقت ، ولم يحدث قبله ولا بعده؟

لأنا نجيب عن الأول : بأنه لا يبعد أن يكون الدائم موجبا للمتغير ، على معنى ان كل حالة متقدمة سابقة ، فانها تكون شرطا لكون ذلك الباقى علة لوجود الحالة المتأخرة (٥) وبهذا الطريق لا يمتنع كون الدائم علة للمتغير.

وعن الثانى : ان بتقدير ثبوت القول بحدوث العالم وحدوث الزمان ، لم يكن قبل اوّل الزمان الحادث زمان آخر ، واذا كان كذلك ، لم يكن له قبل ، واذا لم يكن له قبل استحال أن يقال : لم لم يوجد قبله؟

__________________

(٣) اللازمة : ب

(٤) منها : ا

(٥) المتغيرة : ا

٢٠٨

سلمنا صحة التقدم والتأخر ، ولكن لم لا يجوز أن يكون المرجح هو القدرة؟ قوله : «خاصية القدرة الايجاد. وهذا بالنسبة الى الأوقات مما يختلف» (٦) قلنا : وكذلك خاصية الإرادة التخصيص بوقت مين ، لا بهذا الوقت المعين. فلو افتقرت القدرة الى مرجح آخر ، لافتقرت الإرادة أيضا الى مرجح آخر. ولزم التسلسل.

وتمام تقرير هذا السؤال : ان القدرة كما أنها صالحة للايجاد فى هذا الوقت ، بدلا عن ذلك الوقت ، وفى ذلك الوقت ، بدلا عن هذا الوقت : فكذا الإرادة صالحة للتخصيص بذلك الوقت ، بدلا عن هذا الوقت ، وبهذا الوقت بدلا عن ذلك الوقت. فان كانت تلك الصلاحية فى القدرة تحوجها الى الإرادة. فهذه الصلاحية فى الإرادة تحوجها الى مخصص آخر ، وان استغنى هاهنا عن المرجح ، فكذا هناك. فظهر أنه لا فرق بين الصورتين.

لا يقال : لم لا يجوز أن يقال : إرادة الله تعالى من شأنها تخصيص كل حادث بالوقت الّذي حدث فيه ، وليس لها صلاحية أن تخصص احداث ما حدث فى وقت بوقت آخر ، وعلى هذا التقدير تستغنى الإرادة عن مرجح آخر. لأنا نقول : هذا باطل من وجوه :

الأول : ان على هذا التقدير لا يكون صانع العالم فاعلا مختارا ، بل علة موجبة بالذات. لأنه لما كان بحال أوجب أن يكون مؤثرا فى الايجاد فى هذا الوقت ، ويمتنع عقلا أن يكون موجدا له فى وقت آخر ، لم يكن له اختيار البتة ، بل كان موجبا بالذات.

الثانى : لو جاز هذا الكلام فى الإرادة ، فلم لا يجوز مثله فى القدرة؟ وهو أن يقال : قدرة الله لها صلاحية الايجاد فى ذلك الوقت

__________________

(٦) لا يختلف : ب

٢٠٩

المعين ، وليس لها صلاحية الايجاد فى سائر الأوقات. وعلى هذا التقدير تستغنى هذه القدرة عن الإرادة.

الثالث : ان الأوقات متساوية ، فلو جاز أن يقال : هذا الوقت المعين له خاصية ، وإرادة الله تعالى لا تصلح لتخصيص الحادث المعين ، الا به. فلم لا يجوز أن يقال : لكل واحد من الأوقات خاصية ، والمؤثر فى حدوث هذه الحوادث هو خواص هذه الأوقات؟ وعلى هذا التقدير يكون المؤثر فى حدوث الحوادث هو الأوقات لا الصانع. ويلزم منه نفى الصانع.

سلمنا : أنه لا يجوز أن يكون المرجح هو القدرة ، فلم لا يجوز أن يكون المرجح هو العلم؟ قوله : «العلم بالوقوع تبع للوقوع ، فلا يجوز أن يكون مؤثرا فى الوقوع» قلنا : نحن لا نقول : المؤثر فى الوقوع هو العلم بالوقوع بل نقول : علم الله تعالى باشتمال هذا الفعل على الاحسان الى الغير ، مع كونه عاريا عن جميع جهات القبح : سبب لرجحان الفعل على الترك. وعلى هذا التقدير يندفع ما ذكرتم.

والجواب :

أما السؤال الأول. فجوابه : أن الزمان وان كان محدثا. لكن لنفرض أن من أول حدوث الزمان الى هذا اليوم ، دار فلك الثوابت مائة الف مرة. وكان يجوز فى العقل أن يوجد العالم بحيث يكون من أول حدوث الزمان الى هذا اليوم ، قد دار فلك الثوابت مائة وخمسين ألف مرة. ويجوز أيضا بحيث يكون من أول الحدوث الى هذا اليوم ، دار فلك الثوابت خمسين ألف مرة. فهذا هو المراد من التقدم والتأخر. واذا تلخص هذا ، ظهر الاحتياج الى المخصص والمرجح.

وأما السؤال الثانى. فجوابه : ان المفهوم من التخصيص غير المفهوم من التكوين. واذا اختلف المفهومان وتغاير الاعتباران ، سمينا

٢١٠

مفهوم مبدأ التخصيص بالارادة. وسمينا مفهوم مبدأ الايجاد بالقدرة.

وأما السؤال الثالث. فجوابه : انا سنقيم الدلالة على أنه تعالى خالق لجميع أفعال العباد ، واذا كان الأمر كذلك ، بطل تعليل أفعال الله تعالى بالحسن والقبح ورعاية المصالح.

وأما الفلاسفة. فقد احتجوا على نفى كونه تعالى مريدا بوجوه :

الشبهة الأولى : ان كل من قصد الى ايجاد شيء ، فلا بد وأن يكون تحصيل ذلك الفعل أولى فى علمه واعتقاده من تركه. وكل من كان كذلك ، كان قبل ذلك الفعل ناقصا ، ويصير مستكملا بسبب ذلك الفعل. وهذا فى حق الله تعالى محال.

أما بيان المقدمة الأولى ـ وهى : أن كل من قصد الى شيء ، فلا بد وان يكون ذلك الفعل أولى فى اعتقاده من تركه ـ فالدليل عليه : أنه لو لم تحصل هذه الأولوية فى اعتقاد ذلك الفاعل ، لكان الفعل والترك بالنسبة إليه سيان. ولو كان كذلك امتنع كونه مرجحا للفعل على الترك. لأن حصول الترجيح بدون المرجح محال.

وأما بيان المقدمة الثانية ـ وهى أن كل من كان وجود ذلك الفعل أولى به من عدمه فهو ناقص ـ فدليله : أنه اذا فعل ذلك الفعل ، حصلت تلك الأولوية ، واذا لم يفعل لم تحصل. فكان ناقصا بذاته ، مستكملا بغيره.

لا يقال : لم لا يجوز أن يقال الفعل والترك ـ وان استويا بالنسبة إليه ـ الا أن الفعل أصلح للغير من الترك ، وهذا : الفاعل يرجح الفعل ، لا لأنه أنفع له ، بل لأنه احسان الى الغير وايصال للنفع الى الغير؟ لأنا نقول : الاحسان الى الغير وتركه ان استويا بالنسبة إليه ، امتنع الترجيح ، وان لم يستويا ، كان الاحسان الى الغير أولى

٢١١

به. فيكون الاحسان الى الغير سببا لاستكماله ، وتركه يصير سببا لنقصانه. فيعود المحذور المذكور.

الشبهة الثانية لهم : قالوا : لو كان الله تعالى مريدا ، لكان مريدا بإرادة محدثة. وهذا محال فذلك محال. أما بيان الملازمة فهو أن القصد الى الايجاد يمتنع حصوله ، الا عند حصول ذلك الايجاد ، فأما قبل حصول ذلك الايجاد. فذلك لا يكون قصدا الى الايجاد ، بل يكون ذلك عزما على أنه سيوجد فى الوقت الفلانى.

لا يقال : لم لا يجوز أن يكون العزم على أنه سيفعل غدا ، يكون نفس القصد الى الايجاد عند حضور الغد؟ لأنا نقول : ان من عزم على أن يفعل بكرة الغد ، ثم جلس فى بيت مظلم ، لا يميز فيه بين الليل والنهار ، واستمر ذلك العزم فى قلبه الى أن جاء الغد. لكنه لم يعلم مجىء الغد. فانه لا يصير قاصدا الى الفعل. ولو كان العزم على الفعل غدا ، يكون عين القصد الى الفعل عند مجىء الغد ، لصار عند مجىء الغد قاصدا للفعل ، بل اذا كان عازما على الفعل غدا ، ثم أحس مجىء الغد ، تولد من ذلك العزم ، ومن هذا العلم : قصد الى هذا الفعل. فثبت : أن القصد الى احداث الفعل ، لا يتحقق الا حال حدوث الفعل. فثبت : أنه تعالى لو كان يفعل الأفعال بالقصد والإرادة ، لكانت إرادة لا محالة محدثة.

وانما قلنا : انه يمتنع أن تكون ارادته محدثة ، لأنها لو كانت محدثة لافتقر فى خلق تلك الإرادة الى إرادة اخرى ، فيلزم اما الدور ، واما التسلسل. وكل ذلك محال ، فثبت : أنه يمتنع كونه تعالى مريدا.

لا يقال : أليس من الناس من قال : ان علم الله تعالى بالمتغيرات

٢١٢

متغير متجدد؟ وقال : ان ذاته تعالى توجب العلم بذلك المعلوم عند حدوث ذلك المعلوم ، فلا جرم استغنى حدوث ذلك العلم عن علم آخر ، فلم لا يجوز مثله فى الإرادة؟

لأنا نقول : العلم بالشيء تبع لوقوع ذلك الشيء. فاذا حدث ذلك الشيء ، أمكن أن يقال : ذاته تعالى توجب ذلك العلم ، بشرط وقوع ذلك المعلوم. أما إرادة الوقوع فمؤثرة فى الوقوع ومتقدمة عليه ، فيمتنع أن يقال : ان ذاته تعالى توجب إرادة الوقوع بشرط الوقوع.

واذا لم يمكن جعل وقوع المراد شرطا لكون ذاته موجبا لحدوث الإرادة ، لم يبق الا أن يقال : انه تعالى أحدث تلك الإرادة على سبيل الاختيار. وحينئذ يلزم التسلسل. فظهر الفرق بين العلم والإرادة.

الشبهة الثالثة : لو كان البارى تعالى مريدا لخلق العلم ، لكان اما ان يريد خلق العالم فى جميع الأوقات أزلا وأبدا ، أو يريد تخصيص خلق العالم بوقت معين. والأول يقتضي قدم العالم. واذا كان العالم قديما دائما موجودا ، امتنع القصد الى الايجاد. لأن القصد الى ايجاد الموجود محال. وهذا القسم يفضى ثبوته الى عدمه ، فيكون باطلا.

والثانى أيضا باطل. لأن ذلك الوقت ما كان موجودا فى الأزل ، والا عاد التقسيم الأول. وهو أن ذلك الوقت قد حدث بعد أن لم يكن ، فيعود التقسيم الأول فيه. وهو أنه تعالى اما أن يقال : انه أراد خلق ذلك الوقت أزلا وأبدا ، أو أراد خلقه فى وقت معين. والأول يلزم منه القدم ، والثانى يلزم منه اشتراط كل وقت بوقت آخر. ويلزم التسلسل. وهو محال.

الشبهة الرابعة : لو كان البارى تعالى مريدا لاحداث العالم ،

٢١٣

لكانت تلك الإرادة اما أن تكون قديمة أو محدثة. والقسمان محالان ، فثبوت الإرادة فى حق الله تعالى محال.

انما قلنا : انه لا يجوز ان يكون مريدا بإرادة قديمة لوجهين :

الأول : ان على هذا التقدير يكون حصول الفعل فى ذلك الوقت المعين من لوازم تلك الإرادة. وتلك الإرادة لكونها قديمة أزلية ممتنعة التغير والزوال. ولازم اللازم لازم ، فيكون عدم وقوع ذلك الفعل فى ذلك الوقت ممتنعا. واذا كان ذلك ، كان الصانع موجبا بالذات لا فاعلا بالاختيار. فاذن القول بقدم الإرادة يفضى الى نفى الإرادة. والصفة اذا أدت الى نفى الذات ، كان القول بتلك الصفة باطلا ، فبطل القول بكون تلك الإرادة قديمة.

الثانى : ان بدخول ذلك الفعل فى الوجود ، لا تبقى الإرادة متعلقة بايجاده ، لأن ايجاد الموجود محال. فلو كان ذلك التعلق قديما ، لزم عدم القديم وهو محال.

فثبت بهذين الوجهين : انه يمتنع كونه تعالى مريدا بإرادة قديمة.

وانما قلنا : انه يمتنع كونه تعالى مريدا بإرادة محدثة : لما ذكرنا أنه يلزم التسلسل فى الارادات. ولما بطل القسمان ، ثبت أن فاعلية الله تعالى غير موقوفة على الإرادة.

والجواب عن الشبهة الأولى : قوله : «المريد لا يرجح أحد الطرفين على الآخر ، الا اذا كان أحد الطرفين أولى به فى علمه أو ظنه أو اعتقاده» قلنا : هذا مدفوع. ودليله ما ذكرنا فى مسألة القدحين والرغيفين والطريقين.

٢١٤

والجواب عن الشبهة الثانية : ان إرادة ايقاع الفعل عند مجىء الغد ، هو نفس القصد لايقاع الفعل عند مجىء الغد. والكلام فيه عين ما ذكرناه فى مسألة أن العلم بأن الشيء سيوجد ، نفس العلم بوجوده اذا وجد.

والجواب عن الشبهة الثالثة : انه لما كان ايجاد هذا الزمان المعين ، غير موقوف على زمان آخر ، فلم لا يجوز أن تكون إرادة احداثه ، لا تفتقر الى زمان آخر؟

والجواب عن الشبهة الرابعة : ما قدمناه فى مسألة اثبات القدرة.

الفصل الثالث

فى

شرح مذاهب الناس فى كونه تعالى مريدا

اعلم : أن المفهوم من كونه تعالى مريدا. اما أن يكون صفة سلبية أو ثبوتية. أما القول بأنه أمر سلبى فهذا هو المنقول عن «النجار» أنه قال : «معنى كونه تعالى مريدا : أنه غير مقهور ولا مغلوب» (٧) وأما الذين فسروه بمعنى ثبوتى. فذلك المعنى اما أن يكون معللا بذاته أو بمعنى.

أما الأول ـ فهو القول الثانى ل «النجار» وذلك أنه قال : انه تعالى مريد لذاته. وأما الذين قالوا : المريدية معللة بمعنى ، فذلك المعنى اما أن يكون قديما قائما بذات الله تعالى. وهذا هو قول اصحابنا. واما أن يكون محدثا. وعلى هذا التقدير فهذه الإرادة المحدثة. اما أن تكون قائمة بذات الله تعالى ـ وهو قول الكرامية ـ

__________________

(٧) مستكره : ب

٢١٥

أو موجودة لا فى محل ـ وهو قول «أبى على» و «أبى هاشم» و «القاضى عبد البحار بن احمد» ـ واما أن تكون قائمة بذات غير الله تعالى. وما رأيت أحدا اختار هذا القسم. فهذا تفصيل مذاهب الناس فى هذه المسألة. ولما كثر خوض المتقدمين فى هذه المباحث ، لا جرم اكتفينا فيها بالقليل من القول.

فأما قول «النجار» ان معنى كونه مريدا : «أنه غير مقهور ولا مغلوب» فهذا باطل. لأن الجماد والنائم غير مقهور ، مع أنه ليس بمريد. وأما قول من قال : كونه مريدا هو نفس ذاته. فهو أيضا باطل. لأنه لما دل الدليل على استناد هذا العالم الى موجود واجب الوجود لذاته ، فقد علمنا ذاته بعد ما علمنا كونه مريدا. والمعلوم غير ما هو غير معلوم. وأما قول من قال : ان ارادته محدثة. فهو باطل. لأنه لما ثبت أن احداث المحدثات موقوف على الإرادة. فلو كانت الإرادة محدثة ، لافتقر احداثها الى إرادة أخرى. ولزم التسلسل.

وأما قول «الكرامية» انه تحدث الإرادة فى ذاته. فهو أيضا باطل. لما ثبت أن ذاته يمتنع أن تكون محلا للحوادث.

واما قول «المعتزلة» انه تحدث الإرادة لا فى محل. فهذا أيضا باطل. ويدل عليه وجهين :

الأول : ان وجود عرض لا فى محل ، بعيد عن العقول. ولو جاز ذلك ، فلم لا يجوز وجود سواد لا فى محل ، وبياض لا فى محل؟ وكذا القول فى سائر الأعراض.

الثانى : ان ذوات الحيوانات تصح عليها صفة المريدية ، فلو

٢١٦

جوزت (١) إرادة لا فى محل ، لكانت نسبة تلك الإرادة الى ذات الله تعالى ، كنسبتها الى سائر الذوات. فوجب أن توجب صفة المريدية لكل من يصح أن يكون مريدا ، لعدم الاختصاص ، فيلزم أن كل ما يريده الله تعالى ، يريده كل الاحياء. وذلك باطل.

فان قيل : ذات الله تعالى لا فى محل. وهذه الإرادة لا فى محل. فكان اختصاص هذه الإرادة بذات الله تعالى أولى من اختصاصها بسائر الأحياء.

قلنا : كونه لا فى محل مفهوم سلبى ، فلا يجوز أن يكون ذلك علة لاختصاص صفة المريدية بذات الله تعالى ، لأن السلب لا يكون علة للثبوت. واذا ظهر أن هذا القيد لا يصلح أن يكون علة لهذا الاختصاص ، عاد المحذور المذكور. وبالله التوفيق.

__________________

(١) وجدت : ب

٢١٧

المسألة الرابعة عشرة

فى

كونه تعالى حيا

مذهب «أبى الحسين البصرى» أن الحى هو الّذي لا يمتنع أن يعلم ويقدر.

وقال أصحابنا : الحياة صفة قائمة بالذات ، لأجلها لا يمتنع على الذات أن تعلم وتقدر.

وحجة أصحابنا على قولهم : ان الذوات على قسمين : منها ما يصح عليه أن يعلم ويقدر ، ومنها ما لا يصح ذلك عليه. وهى الجمادات. والقسمان متساويان فى الذاتية. ولو لا امتياز ما يصح عليه أن يعلم ويقدر عما لا يصح عليه ذلك ، والا لما حصل هذا التفاوت.

قال «أبو الحسين البصرى» : انا قد دللنا على أن ذاته تعالى مخالفة لسائر الذوات ، لنفس ذاته المخصوصة ، فلم لا يجوز أن تكون صفة العالمية والقادرية فى حق الله تعالى معللة بذاته المخصوصة؟ وهذا سؤال حسن.

والمعتمد لنا أن نقول : قولك الحى هو الّذي لا يمتنع عليه أن يعلم ويقدر : هذا اشارة الى نفى الامتناع والامتناع سلب. ونفى الامتناع (٢) سلب السلب ، فيكون أمرا ثبوتيا. ثم هذا الأمر الثبوتى ليس هو نفس الذات. لأنا اذا علمنا انتهاء الممكنات الى واجب الوجود لذاته ، فقد علمنا ذاته. وبعد ما علمنا هذا الأمر ـ أعنى قولنا لا يمتنع أن يعلم ويقدر ـ والمعلوم مغاير لغير المعلوم ، يثبت : أن كونه تعالى حيا : صفة حقيقية قائمة بذاته. وهو المطلوب.

__________________

(٢) الاحتجاج : ا

٢١٨

المسألة الخامسة عشرة

فى

إثبات أن لله تعالى علما وقدرة

اعلم أنا لا ندعى فى هذه المسألة أزيد من أن المفهوم من كونه تعالى عالما قادرا حيا ، ليس نفس المفهوم من ذاته ، بل هو أمر مغاير لذاته. فان كانت «المعتزلة» تساعدنا على هذا القدر ، فقد حصل الوفاق وزال الخلاف. واعلم : أن أكثر المتكلمين تخبطوا فى تعيين محل النزاع فى هذه المسألة.

وتحقيق الكلام أن نقول : ان كل من علم أمرا من الأمور ، فانه لا بدّ وأن يحصل بين العلم وبين المعلوم نسبة مخصوصة ، واضافة مخصوصة. هذه الاضافة هى التى يعبر عنها المتكلمون بالتعلق ، فيقولون : العلم متعلق بالمعلوم. وعندنا : أن العلم عبارة عن نفس هذا التعلق وعن نفس هذه الاضافة المخصوصة. وندعى أن هذه الاضافة والنسبة : مغايرة لنفس الذات. فالعلم مع هذه الاضافة المخصوصة أمران ، لا أمر واحد.

وجماعة من الأصحاب : أثبتوا أمورا ثلاثة : الذات والعلم ـ وهو صفة حقيقية قائمة بالذات ـ ثم أثبتوا لهذه الصفة هذه النسبة وهذه الاضافة وهذا التعلق. فيكون هذا التعلق حاصلا بين تلك الصفة وبين المعلوم.

وأما القاضى «أبو بكر الباقلانى» فظاهر كلامه يشعر باثبات أمور أربعة : الذات والعلم ، ثم العلم يوجب العالمية ـ هذه أمور

٢١٩

ثلاثة ـ ثم هاهنا أمر (١) آخر ، وهو أنهم أثبتوا هذا التعلق للعالمية لا للعلم او للعلم للعالمية. وعلى هذا التقدير يكون الحاصل هناك أمور أربعة. وأما ان أثبتوا التعلق للعالمية وللعلم ، فيكون الحاصل هناك أمورا خمسة : الذات ، والعلم ، والعالمية ، وتعلق العلم ، وتعلق العالمية. وأكثر من تقدمنا ما بحثوا عن هذه الفروق. فلذا بقيت مخبطة غير ملخصة (٢).

والّذي ندعيه ونقوله : أنه لا بد من اثبات الذات. ولا بد من اثبات النسبة والاضافة وهى المسماة بالشعور وبالعلم. وأما اثبات سائر الأمور فذاك مما لا ندعيه ولا نتعرض له. والدليل القاطع على ثبوت هذه المغايرة : أنا اذا علمنا انتهاء الممكنات الى موجود واجب الوجود لذاته ، لم يلزم من علمنا بهذا القدر ، علمنا بكونه تعالى عالما قادرا ، بالمعنى الّذي ذكرناه. والمعلوم مغاير لغير المعلوم. فكان كونه تعالى عالما قادرا ، ليس عين ذاته. ثم هذا المفهوم الزائد ليس أمرا سلبيا. ويدل عليه وجهان :

الأول : انا نعلم بالضرورة : أن كون العالم عالما ، عبارة عن نسبة مخصوصة بين العالم والمعلوم. وليست هذه النسبة وهذه الاضافة ، عبارة عن سلب شيء أو عن عدم شيء آخر.

والثانى : وهو أن العلم لا يكون عبارة عن عدم أى شيء كان ، بل يكون عبارة عن عدم الجهل. لأن الجهل ان أريد به عدم العلم ، كان العلم عبارة عن عدم العدم ، فيكون ثابتا ، وان أريد به اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه ، لم يلزم من عدم هذا المعنى حصول

__________________

(١) خبط : ب

(٢) محصلة : ا

٢٢٠