أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد - ج ٢

مقاتل بن عطيّة

أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد - ج ٢

المؤلف:

مقاتل بن عطيّة


المحقق: الشيخ محمّد جميل حمّود
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٦٥
الجزء ١ الجزء ٢

نعيم طرق هذا الحديث من الجم الغفير في مناقب المهديّ كلّهم عن عاصم بن أبي النجود عن زر عن عبد الله عن النبيّ ، فمنهم سفيان بن عيينة وطرقه عنه بطرق شتى ، ومنهم قطر بن خليفة وطرقه عنه بطرق شتى ومنهم الأعمش وطرقه عنه بطرق شتى ، ومنهم أبو إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني وطرقه عنه بطرق شتى ، ومنهم حفص بن عمر ومنهم سفيان الثوري وطرقه بطرق شتى ومنهم شعبة وطرقه بطرق شتى ، ومنهم واسط بن الحارث ومنهم يزيد بن معاوية أبو شيبة له فيه طريقان ، ومنهم سليمان بن قرم وطرقه عنه بطرق شتى ، ومنهم جعفر الأحمر وقيس بن الربيع وسليمان بن قرم واسباط جمعهم سند واحد ، ومنهم سلام أبو المنذر ، ومنهم أبو شهاب محمد بن إبراهيم الكناني وطرقه عنه بطرق شتى ، ومنهم عمرو بن عبيد التنافسي وطرقه عنه بطرق شتى ، ومنهم أبو بكر بن عيّاش وطرقه عنه بطرق شتى ، ومنهم أبو الحجاف داود بن أبي العوف وطرقه عنه بطرق شتى ، ومنهم عثمان بن شبرمة وطرقه عنه بطرق شتى ، ومنهم عبد الملك أبي عيينة ، ومنهم محمد بن عياش عن عمرو العامري وطرقه بطرق شتى وذكر سندا وقال فيه : حدّثنا أبو غسّان حدثنا قيس ولم ينسبه ، ومنهم عمرو بن قيس الملائي ومنهم عمار بن زريق ، ومنهم عبد الله بن حكيم بن جبير الأسدي ، ومنهم عمرو بن عبد الله بن بشير ، ومنهم الأحوص ، ومنهم سعد بن حسن بن أخت ثعلبة ، ومنهم معاذ بن هشام قال : حدثني أبي عن عاصم ، ومنهم يوسف بن يونس ، ومنهم غالب بن عثمان ، ومنهم حمزة الزيات ، ومنهم شيبان ، ومنهم الحكم بن هشام ، ورواه غير عاصم عن زر وهو عمر بن مرة عن زر ، كل هؤلاء رووا (اسمه اسمي) إلّا ما كان من عبيد الله بن موسى عن زايدة عن عاصم فإنه قال فيهم (واسم أبيه اسم أبي) ولا يرتاب اللبيب أن هذه الزيادة لا اعتبار بها مع اجتماع هؤلاء الأئمة على خلافها» (١).

__________________

(١) منتخب الأثر / لطف الله الصافي ص ٢٣٦ ، والبيان للكنجي الشافعي المطبوع بهامش إلزام الناصب ج ٢ / ٨ ـ ٩ ط / مؤسسة الأعلمي ١٩٧٧ م.

٥٦١

وقال عليّ بن عيسى عفا الله عنه : أما أصحابنا الشيعة فلا يصحّحون هذا الحديث لما ثبت عندهم من اسمه واسم أبيه عليهما‌السلام وأما الجمهور فقد نقلوا أن زائدة (راوي الحديث) كان يزيد في الأحاديث فوجب المصير إلى أنه من زيادته ليكون جمعا بين الأقوال والروايات (١).

وعليه فلا يبقى مجال للاعتماد على نقل زايدة ويسقط عن الاعتبار ، بل تطمئن النفس بأن زائدة أو غيره من رواة الحديث زاد هذه الجملة فيه ، ويحتمل أن تكون تلك الزيادة من صنعة أهل السياسة والرئاسة ، فإن ترويج الأحاديث المكذوبة على رسول الله كان لها شأنا عظيما في نجاح السياسات ، وتأسيس الحكومات في الصدر الأول ، فكانوا يأمرون بوضع الأحاديث ويتوسلون بها إلى جلب قلوب العامة لحفظ حكومتهم ، ويشهد لذلك أعمال معاوية على من يروي في فضل مولانا أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام حديثا ومنقبة وإعطائه الجوائز والصلات لكلّ من وضع حديثا في ذمّ الإمام عليّ وأهل البيت عليهم‌السلام أو مدح عثمان وغيره من بني أمية ، فاستأجر أمثال أبي هريرة من أهل الدنيا وعبدة الدنانير والدراهم لجعل الأحاديث ، وهكذا جرى الأمر في ابتداء خلافة بني العبّاس وتأسيس حكومتهم وثورتهم على الأمويين ، واستمر الأمر فوضع الوضّاعون بأمرهم أو تقربا إليهم أحاديثا لتأييد مذاهبهم وآرائهم وسياستهم وتصحيح أعمالهم الباطلة ، ومما أخذه العباسيون وسيلة لبناء حكومتهم على عقيدة دينية هذا البشائر الواردة في الإمام المهديّ عليه‌السلام ؛ فإذا لا يبعد في أن يكون الداعي إلى زيادة هذه الجملة تقوية حكومة محمّد بن عبد الله المنصور العبّاسي الملقب بالمهدي أو تأييد دعوة محمّد بن عبد الله بن الحسن الملقب بالنفس الزكية. ويؤكد هذا ما ذكره المؤرخ الصاحب الفخري في «الآداب السلطانية والدول الإسلامية» أن عبد الله المحض أثبت في نفوس طوائف من الناس أن ابنه محمّد هو المهدي الذي بشّر به ، وأنه يروي هذه الزيادة (اسم أبيه اسم أبي).

__________________

(١) بحار الأنوار ج ٥١ / ٨٦ ط / دار الوفاء.

٥٦٢

وبالجملة : فلا اعتبار بهذه الزيادة لمعارضتها للأخبار المتواترة القطعية المذكورة في كتب أصحابنا ، وما عداه شاذّ موضوع ، واجب طرحه ، لا سيّما أن الزيادة المذكورة في متن الحديث تفرّد بها رجل مجهول الحال لا يعرف خبره ، ويروي المناكير عن المشاهير على حدّ تعبير رجل الجرح والتعديل ابن حبان.

٤ ـ يمكن الجمع بين هذه الزيادة والأخبار المذكورة بوجوه :

الوجه الأول : احتمال التصحيف (١) ، وأن الصادر منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (واسم أبيه اسم ابني) يعني الإمام الحسن عليه‌السلام ، فإن تعبيره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنه بابني وعنه وعن أخيه الإمام الحسين بابناي في نهاية الكثرة ، فتوهم فيه الراوي فصحف ابني بأبي ، ويؤيد هذا الاحتمال ما جاء في البحار عن أمالي الشيخ بسند معنعن إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى في حديث عن أبيه قال : بعد ذكر بعض أمارات الظهور ، وعند ذلك يظهر القائم فيهم ، قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم ابني وهو من ولد ابنتي. (المراد من قوله «ابني» السبط الأكبر الإمام الحسن عليه‌السلام) (٢).

الوجه الثاني (٣) ما ذكره كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي في مطالب السئول في مناقب آل الرسول : «لا بد قبل الشروع في تفصيل الجواب بيان أمرين يبنى عليهما الفرض :

الأول : أنه شائع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجد الأعلى ، وقد

__________________

(١) وقد ورد تصحيف في رواية شعيب بن خالد عن أبي إسحاق قال : قال «الإمام» عليّ رضي الله عنه ونظر إلى ابنه الحسن فقال : إن ابني هذا سيّد كما سمّاه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق. راجع سنن أبي داود ج ٤ / ١٠٨ حديث (٤٢٩٠) وهو تصحيف «حسين» للاتفاق على أن الإمام الحجّة المهدي عجّل الله فرجه من صلب الإمام الحسين لانحصار الإمامة في عقبه دون الإمام الحسن المجتبى عليه‌السلام.

(٢) منتخب الأثر ص ٢٤١ نقلا عن البحار.

(٣) ونقله عن الكنجي الشافعي العلّامة محمد باقر المجلسي في البحار ج ٥١ / ٨٦ وص ١٠٣ ذكره عن ابن طلحة.

٥٦٣

نطق القرآن بذلك فقال تعالى : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) (١) وقال تعالى حكاية عن يوسف (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) (٢) ونطق بذلك النبيّ في حديث الإسراء أنه قال : (قلت من هذا؟ قال : أبوك إبراهيم) فعلم أن لفظة الأب تطلق على الجد وإن علا فهذا أحد الأمرين :

الثاني : أن لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة ، وقد استعملها الفصحاء ودارت بها ألسنتهم ووردت في الأحاديث حتى ذكرها الإمامان البخاري ومسلم كل منهما يرفعه إلى سهل بن سعد الساعدي أنه قال عن عليّ أن رسول الله سماه بأبي تراب ولم يكن له اسم أحب إليه منه ، فأطلق لفظ الاسم على الكنية ومثل ذلك قول الشاعر :

أجلّ قدرك أن تسمى مؤنبة

ومن كنّاك فقد سمّاك للعرب

ويروى : (ومن يصفك) فأطلق التسمية على الكنية أو الصفة ، وهذا شائع ذائع في لسان العرب ، فإذا وضح ما ذكرناه من الأمرين ، فاعلم أيدك الله بتوفيقه أن النبيّ كان له سبطان أبو محمّد الحسن وأبو عبد الله الحسين ، ولما كان الحجّة الخلف الصالح محمّد من ولد أبي عبد الله الحسين ولم يكن من ولد أبي محمّد الحسن ، وكانت كنية الحسين أبا عبد الله ، فأطلق النبيّ على الكنية لفظ الاسم لأجل المقابلة بالاسم في حق أبيه وأطلق على الجد لفظة الأب فكأنه قال يواطئ اسمه اسمي فهو محمّد وأنا محمّد ، وكنية جده اسم أبي إذ هو عبد الله وأبي عبد الله ، لتكون تلك الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته وإعلام أنه من ولد أبي عبد الله الحسين بطريق جامع موجز ، وحينئذ تنتظم الصفات وتوجد بأسرها مجتمعة للحجّة الخلف الصالح محمّد عليه‌السلام ، فهذا بيان شاف وكاف في إزالة ذلك الإشكال فافهمه) انتهى.

__________________

(١) سورة الحج : ٧٨.

(٢) سورة يوسف : ٣٨.

٥٦٤

الوجه الثالث : نقله صاحب البحار عن بعض معاصريه وهو أن كنية الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام هي أبو محمّد وعبد الله أبو النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبو محمّد فتتوافق الكنيتان ، والكنية داخلة تحت الاسم (١).

الوجه الرابع : أن يقال في الخبر هكذا : (اسمه اسمي واسم أبي) حيث ورد في الأخبار أن «عبد الله» من أسمائه ، وهو اسم والد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعليه يكون الاشتباه من الراوي حيث زاد قوله (واسم أبيه) لأنه لم يفهم معنى الخبر ولم يحتمل أن يكون للإمام المهدي عجّل الله فرجه اسمان ، فأراد تصحيح الخبر من عنده فزاد هذه الجملة ، وبهذا يظهر عدم منافاة الخبر لأخبارنا بوجه (٢).

الوجه الخامس : ويحتمل أن يكون الخبر هكذا : (اسمه اسمي واسم ابنه اسم أبي) لما يظهر من جملة من الأخبار أن من أولاده عليه‌السلام عبد الله ، لذا ورد أن «عبد الله» من كناه ، فبدّل اسم ابنه باسم أبيه.

الوجه السادس : من المقطوع به بالأدلة أن أهل البيت عليهم‌السلام عبيد الله تعالى ، فصفة العبودية من لوازم ذواتهم صلوات الله عليهم ، والصفة اسم تدل على الموصوف بها ، فالإمام العسكري عليه‌السلام عبد الله حقيقة ، فاسمه أي صفته كاسم والد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله.

٥ ـ جاء في الصحاح «يواطئ اسمه اسمي» وليس فيه تلك الزيادة التي جاء بها زائدة بن أبي الرّقاد ، ولم ينقلها أحد من أئمة الحديث وحفاظه المعروفين بنقد الأخبار وتمييز رجالاته عند العامة ، وإنما جاء بتلك الزيادة من ذكرنا آنفا ، وليس من الممكن المعقول أن يخطئ ثلاثون ثقة أو أكثر من حملة الحديث وثقاته عند العامة بتركهم لهذه الزيادة ـ على تقدير وجودها ـ ويصيب زائدة وحده ، وينفرد بحفظها دون هؤلاء ، مع أن الجميع قد نقلوا الحديث عن عاصم بن بهدلة عن

__________________

(١) بحار الأنوار ج ٥١ / ١٠٣.

(٢) منتخب الأثر ص ٢٤٠.

٥٦٥

زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود.

فزائدة لا يعتمد على شيء من حديثه ، قال الرجالي النقّاد المتعصب الذهبي عنه ما نصه : «زائدة بن أبي الرّقاد أبو معاذ ، عن زياد النميري ، ضعيف ، وقال البخاري : منكر الحديث ، وهو بصري. وقال النسائي : لا أدري ما هو ، وزياد النميري ـ الذي روى عنه زائدة ـ أيضا ضعيف» (١).

وقال خاتمة حفّاظ أهل السنّة وأحد أئمة الجرح والتعديل في علم الرجال عندهم ابن حجر العسقلاني ما نصه :

«زائدة بن أبي الرّقاد الباهلي البصري الصيرفي ، روى عن عاصم وثابت البناني وزياد النميري ، قال البخاري : منكر الحديث ، وقال السجستاني : لست أعرف خبره ، وقال النسائي: لست أدري من هو ، وقال ابن حيان : يروي المناكير عن المشاهير» (٢).

بعد هذا التقديم ، أيعقل أن يستند الباحث البصير والمثقف المتحلّل من قيود العصبية إلى حديث قد طعن في راويه أشدّ الطعن أئمة الجرح والتعديل عندهم حيث عليهم المعوّل والاعتماد في معرفة الثقات من غيرهم في رجال الإسناد عند أهل مذهبه ، ويضرب الصفح عن نقل ما يخالفه وهم يزيدون على ثلاثين ثقة ، وفيهم طائفة من أعاظم الحفّاظ وكبار رجالهم من أهل نحلته ، وقد جاء الحافظ الكنجي على ذكرهم مفصلا في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان عجّل الله فرجه فليراجع.

ثم إن الحافظ الترمذي ، كغيره من حفّاظ العامة ، أخرج الحديث في سننه عن جماعة كثيرة من الصحابة وحسّنه ، ولم تكن فيه هذه الزيادة في حديث زائدة ،

__________________

(١) ميزان الاعتدال للذهبي ج ٢ / ٦٥ رقم ٢٨٢٤.

(٢) تهذيب التهذيب / ابن حجر العسقلاني ج ٣ / ٣٠٥ ط / أولى سنة ١٣٢٥ ه‍.

٥٦٦

نعم أخرج السجستاني (١) هذا الحديث بهذه الزيادة في سننه ، إلّا أنك قد عرفت طعنه في زائدة ، وأنه ما عرف خبره ، كما أنه أخرجه بغير هذه الزيادة.

٦ ـ اعتراف جم غفير من أكابر علماء العامة بولادة الإمام المهديّ عليه‌السلام عام ٢٥٥ ه‍ وبقائه حيّا إلى الآن حتى يأذن الله تعالى له في الظهور ، ولا بأس هنا تتميما للفائدة بذكر تصريحاتهم والتعرض لذكر أساميهم ، فيسفر الصبح لذي عينين.

١ ـ منهم العلّامة الشيخ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي النيسابوري الفقيه الشافعي (المتوفى سنة ٤٥٨ ه‍) فإنه ذكر في كتابه «شعب الإيمان» وقال : «اختلف الناس في أمر المهديّ فوقف جماعة وأحالوا العلم إلى عالمه ، واعتقدوا أنه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، يخلقه الله متى شاء ، يبعثه ، نصرة لدينه ، وطائفة يقولون إنّ المهديّ الموعود ولد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، وهو الإمام الملقّب بالحجّة ، القائم المنتظر ، محمّد بن الحسن العسكري ، وأنه دخل السرداب بسرّ من رأى وهو مختف عن أعين الناس ، منتظر خروجه ، ويظهر ويملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما. (ثم إنّ البيهقي أجاب القائلين بامتناع بقائه إلى هذا الحين لطول الزمان فقال :) ولا امتناع في طول عمره وامتداد أيامه كعيسى بن مريم والخضر عليهما‌السلام. وهؤلاء (القائلون ببقائه وطول عمره) هم الشيعة وخصوصا الإمامية منهم (قال :) ووافقهم (في ما ادّعوه في المهدي عليه‌السلام) عليه جماعة من أهل الكشف ...».

قال بعض علماء الإمامية أنّ المراد من الموافقين من أهل الكشف غير الشيخ محيي الدين والشعراني والشيخ حسن العراقي لأن البيهقي متقدّم على هؤلاء ولأن وفاته كانت سنة ٤٥٨ ه‍ والشيخ محيي الدين والشعراني والشيخ حسن العراقي وجدوا بعده لأن وفاة محيي الدين كانت سنة ٦٣٨ ه‍ كما صرّح به الشيخ حسن

__________________

(١) هو أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي المتوفى عام ٢٧٥ ه‍ ، اشتهر كتابه «السنن» باسمه «سنن أبي داود».

٥٦٧

العراقي ، وهكذا الشعراني كان في سنة ٩٥٥ ه‍ والعراقي وغيره كانا معاصرين للشعراني. فمراد البيهقي من أهل الكشف الذين أخبر عنهم غير هؤلاء ، هذا ويظهر من كلام البيهقي أنه موافق للإمامية في دعواهم ولو لا اتفاقه معهم لأنكر عليهم ولم يقل : ولا امتناع في طول عمره كعمر الخضر ، حيث لا شبهة في طول عمره بين جميع فرق المسلمين.

٢ ـ ومنهم العلامة أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن محمّد بن الخشاب (المتوفى سنة ٥٦٧ ه‍) فإنه أخرج في كتابه «تاريخ مواليد الأئمة ووفياتهم» بسنده عن أبي بكر أحمد بن نصر بن عبد الله بن الفتح الدراع النهرواني ، قال : «حدّثنا صدقة بن موسى ، حدثنا أبي عن الرضا عليه‌السلام قال: الخلف الصالح من ولد أبي محمد الحسن بن علي ، وهو صاحب الزمان ، وهو المهديّ» ثم قال : «وحدّثني الجرّاح بن سفيان ، قال : حدثني أبو القاسم طاهر بن هارون بن موسى العلوي عن أبيه هارون عن أبيه موسى ، قال : قال سيّدي جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : الخلف الصالح من ولدي وهو المهديّ اسمه م ح م د ، وكنيته أبو القاسم ، يخرج في آخر الزمان ، يقال لأمه صيقل».

وأخرج العلّامة السيّد هاشم البحراني الحديث في «غاية المرام» نقلا من تاريخ ابن الخشاب وقال بعد قوله : «يخرج في آخر الزمان يقال لأمه صيقل» قال أبو بكر الزراع (و) يقال لها «حكيمة». وفي رواية يقال لها «نرجس» وفي رواية يقال لها «سوسن». ويكنّى «أبا القاسم» وهو ذو الاسمين خلف ومحمّد ، يظهر في آخر الزمان وعلى رأسه غمامة تظلّله عن الشمس تدور معه حيث ما دار تنادي بصوت فصيح : هذا المهدي.

٣ ـ ومنهم الشيخ كمال الدين أبو سالم محمد بن طلحة الحلبي الشافعي القرشي (المتوفى سنة ٦٥٢ أو ٦٥٤ ه‍) فإنه ذكر في كتابه «مطالب السؤال» (١) وقال : «الباب الثاني عشر في أبي القاسم محمّد بن الحسن الخالص بن عليّ

__________________

(١) ص ٨٨ ط / إيران ١٢٨٧ ه‍.

٥٦٨

المتوكل بن محمّد القانع بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب ، المهديّ الحجّة الخلف الصالح المنتظر عليهم‌السلام ورحمته وبركاته» ثم ذكر هذه الأبيات :

«فهذا الخلف الحجّة قد أيده الله

هدانا منهج الحقّ وآتاه سجاياه

وأعلى في ذرى العلياء بالتأييد مرقاه

وآتاه حلى فضل عظيم فتحلاه

وقد قال رسول الله قولا قد رويناه

وذوا العلم بما قال إذا أدرك معناه

يرى الأخبار في المهدي جاءت بمسماه

وقد أبداه بالنسبة والوصف وسمّاه

ويكفي قوله مني لإشراق محياه

ومن بضعته الزهراء مرساه ومسراه

ولن يبلغ ما أديت أمثال وأشباه

فإن قالوا هو المهدي ما مانوا بما فاهوا»

ثم قال أبو طلحة في مدحه عليه‌السلام : «قد رتع من النبوة أكناف عناصره ورضع من الرسالة أخلاف أو اصره ، وترع من القرابة بسجال معاصرها ، وبرع في صفات الشرف فعقدت عليه بخناصرها ، فاقتنى من الأنساب شرف نصابها ، واعتلى عند الانتساب على شرف أحسابها ، واجتنى جنى الهداية من معادنها وأسبابها ، فهو من ولد الطّهر البتول المجزوم بكونها بضعة الرسول ، فالرسالة أصلها وإنها لأشرف العناصر والأصول. فأما مولده فبسرّمن رأى في ثالث وعشرين من رمضان سنة ٢٥٨ ه‍ وأما نسبه أبا وأما فأبوه الحسن الخالص ، وأما أمه أم ولد تسمى «صيقل» و «حكيمة» وقيل غير ذلك ، وأما اسمه ف «محمد» ، وكنيته «أبو القاسم» ، ولقبه «الحجّة» و «الخلف الصالح» وقيل «المنتظر».

٤ ـ ومنهم المؤرخ المشهور شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت الحموي (وهو من الخوارج) الرومي البغدادي (المتوفى سنة ٦٢٦ ه‍) فإنه أخرج في كتابه المعروف «معجم البلدان» (١) وقال: «عسكر سامراء ينسب إلى المعتصم وقد نسب

__________________

(١) ج ٦ / ١٧٥ ط / مصر ١٣٢٤ ه‍.

٥٦٩

إليه (أي إلى هذا العسكر) قوم من الأجلّاء ، منهم : عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام يكنّى (أي علي بن محمد) بالحسن الهادي ، ولد بالمدينة (المشرفة) ونقل إلى سامراء (جبرا) وابنه الحسن بن عليّ ولد بالمدينة أيضا (وقيل في سامراء) ونقل إلى سامراء فسمّيا بالعسكريّين لذلك ، فأما عليّ فمات في رجب سنة ٢٥٤ ومقامه بسامراء عشرين سنة. وأما الحسن فمات بسامراء أيضا سنة ٢٦٠ ودفنا بسامراء وقبورهما مشهورة هناك» قال : «ولولدهما المنتظر هناك مشاهد معروفة».

٥ ـ ومنهم الشيخ العارف الشيخ فريد الدين العطّار (المتوفى سنة ٦٢٧ ه‍) فإنه أخرج في كتابه «مظهر الصفات» كما نقل عنه الشيح سليمان القندوزي الحنفي في «ينابيع المودة» (١) قال : «ومن أشعاره الذي أنشدها في أهل البيت عليهم‌السلام وفيها ذكر مولد الإمام المهدي عليه‌السلام بالإشارة ..».

ويظهر من أبياته الفارسية ، التي أردها القندوزي الحنفي ، أنه كان يعتقد ولادته عليه‌السلام وينتظر ظهوره عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

٦ ـ ومنهم الشيخ محيي الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد المعروف بابن الحاتمي الطائي الأندلسي الشافعي (المتوفى سنة ٦٣٨ ه‍) والمدفون بصالحية الشام وقبره مزار : قال في الباب ٣٦٦ من كتاب «الفتوحات» : «اعلموا أنه لا بدّ من خروج المهدي ، لكن لا يخرج حتى تمتلئ الأرض جورا وظلما ، فيملأها قسطا وعدلا ، ولو لم يكن من الدنيا إلا يوم واحد طوّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يلي ذلك الخليفة ، وهو من عترة رسول الله من ولد فاطمة ، جدّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب ووالده الحسن العسكري ابن الإمام عليّ النقي ابن محمّد التقي ابن الإمام عليّ الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمّد الباقر بن الإمام زين العابدين بن الإمام الحسين بن عليّ بن أبي طالب يواطئ اسمه اسم رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ، يبايعه المسلمون بين الركن

__________________

(١) ص ٤٧٣.

٥٧٠

والمقام يشبه رسول الله في الخلق .. وهو أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، أسعد الناس به أهل الكوفة ، يقسم المال بالسويّة ، ويعدل في الرعية ، يأتيه الرجل فيقول : يا مهديّ أعطني وبين يديه المال فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمله. (ثم نقل أوصافه وبعض أفعاله) وهذه الأمور ذكرها ابن الصبّان في إسعاف الراغبين باب ٢ ص ١٣١ ـ ١٣٣ بهامش نور الأبصار ص ١٣١ ـ ١٣٣ ومن شعر الشيخ محيي الدين في أوصاف الإمام المهديّ عليه‌السلام وقد ذكره في الفتوحات باب ٣٦٦ أيضا :

هو السيد المهدي من آل أحمد

هو الصارم الهندي حين يبيّد

هو الشمس يجلو كل غمّ وظلمة

هو الوابل الوسمي حين يجود

٧ ـ ومنهم الشيخ أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد القرشي الكنجي الشافعي المتوفى سنة (٦٥٨) فإنه أخرج في كتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان) ص ٣٣٦ باب (٢٥) وقال : في الدلالة على جواز بقاء المهدي عليه‌السلام قال : إن المهدي ولد الحسن العسكري فهو حيّ موجود باق منذ غيبته إلى الآن.

٨ ـ ومنهم الشيخ جلال الدين محمد العارف البلخي الرومي المعروف بالمولوي المتوفى سنة ٦٧٢ فإنه ذكر في ديوانه الكبير وذكر ذلك الشيخ سليمان في ينابيع المودة ص ٤٧٣ قال : أنشد هذه الأبيات (في أحوال أهل البيت عليهم‌السلام ومنهم المهدي المنتظر عليه‌السلام).

اي سرور مردان علي مستان سلامت ميكنند

واى صفدر مردان علي مردان سلامت ميكنند

(إلى أن قال) :

با قاتل كفار گو با دين وبا ديندار گو

با حيدر كرار گو مستان سلامت ميكنند

با درج دو گوهر بگو با برج دو اختر بگو

با شبر وشبير بگو مستان سلامت ميكنند

٥٧١

با زين دين عابد بگو با نور دين باقر بگو

با جعفر صادق بگو مستان سلامت ميكنند

با موسى كاظم بگو با طوس عالم بگو

با تقي قائم بگو مستان سلامت ميكنند

با مير دين هادي بگو با عسكري مهدي بگو

با آن ولى مهدي بگو مستان سلامت ميكنند

٩ ـ ومنهم الشيخ الكامل صلاح الدين الصفدي المتوفى سنة ٧٦٤ فإنه قال في شرح الدائرة : إن المهديّ الموعود هو الإمام الثاني عشر من الأئمة أولهم سيدنا علي وآخرهم المهديّ رضي الله عنهم ونفعنا بهم.

١٠ ـ ومنهم الشيخ جمال الدين أحمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن مهنا المتوفى سنة ٨٢٨ ه‍ فإنه أخرج في كتابه عمدة الطالب ص ١٨٦ ـ ١٨٨ طبع النجف الأشرف سنة (١٣٢٣ ه‍) قال : أما عليّ الهادي فيلقب بالعسكري لمقامه بسر من رأى وكانت تسمى العسكر وأمّه أم ولد وكان عليه‌السلام في غاية الفضل ونهاية النبل أشخصه المتوكل إلى سر من رأي فأقام بها إلى أن توفي (مسموما) كان من الزهد والعلم على أمر عظيم وهو والد الإمام محمد المهدي (صلوات الله عليه) ثاني عشر الأئمة عند الإمامية ، وهو القائم المنتظر عندهم من أم ولد اسمها نرجس.

١١ ـ ومنهم الشيخ أبو عبد الله أسعد بن علي بن سليمان عفيف الدين اليافعي اليمني المكي الشافعي المتوفى سنة ٧٦٨ فإنه أخرج في كتابه مرآة الجنان ج ٢ ص ١٠٧ وص ١٧٢ طبع حيدرآباد الدكن سنة ١٣٢٨ ه‍ قال : وفي سنة ٢٦٠ توفي الشريف العسكري أبو محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر الصادق ، أحد الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية وهو والد الإمام المنتظر صاحب السرداب ويعرف بالعسكري وأبوه أيضا يعرف بهذه النسبة. توفي في يوم الجمعة سادس ربيع الأول وقيل ثامنه ، وقيل غير ذلك من السنة المذكورة ودفن بجنب قبر أبيه بسرّ من رأى.

٥٧٢

١٢ ـ ومنهم العلّامة السيد علي بن شهاب الدين الهمداني الشافعي المتوفى سنة ٧٨٦ فإنه أخرج في كتابه المودة القربى في المودة العاشرة ، أحاديث عديدة فيها إثبات وجود الإمام المهديعليه‌السلام وإنه يظهر في آخر الزمان يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.

١٣ ـ ومنهم الشيخ شهاب الدين الدولة الدولةآبادي المتوفى سنة ٨٤٩ ه‍ وله مؤلفات عديدة في التفسير والمناقب وله كتاب سماه (هداية السعداء) وذكر فيه أسماء الأئمة الاثني عشر عند الإمامية وذكر أحاديث في أحوال الإمام الحجة المنتظر ابن الحسن العسكري. وذكر فيه أنه غائب عن الأبصار وله عمر طويل كما عمّر مثله من المؤمنين عيسى والياس والخضر ، ومن الكافرين الدجال والشيطان والسامري.

١٤ ـ ومنهم شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي الشافعي المتوفى سنة ٨٠٤ ، فإنه أخرج في كتابه دول الإسلام ج ١ ص ١٢٢ طبع حيدرآباد سنة ١٣٣٧ ه‍ وقال : بأن الإمام المهدي عليه‌السلام من أولاد الإمام الحسن العسكري وهو باق إلى أن يأذن الله له بالخروج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

١٥ ـ ومنهم الشيخ علي بن محمد بن أحمد المالكي المكي لمعروف بابن الصبّاغ المتوفى سنة ٨٥٥ ه‍ ، فإنه أخرج في كتابه الفصول المهمة ص ٢٧٣ وص ٢٧٤ من الباب (١٢) أحوال الإمام المهدي عليه‌السلام. وذكر ولادته وتاريخها. وقال إن أمّه نرجس خير أمة ، وقال : ولد أبو القاسم محمّد بن الحجّة بن الحسن الخالص بسرّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة ٢٥٥ ه‍ ، وأما نسبه أبا وأما فهو أبو القاسم ، محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بن عليّ الهادي بن محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ (زين العابدين) بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين ، وأما أمّه فأم ولد ، يقال لها نرجس ، خير أمة ، وقيل اسمها غير ذلك ، وأما كنيته فأبو

٥٧٣

القاسم ، وأما لقبه ، فالحجّة والمهديّ والخلف الصالح والقائم المنتظر وصاحب الزمان ، وأشهرها المهديّ ، صفته (عليه‌السلام) : شاب مربوع القامة ، حسن الوجه والبشرة يسيل شعره على منكبيه ، أقنى الأنفق ، أجلى الجبهة ، بوّابه محمّد بن عثمان ، معاصره المعتمد (العبّاسي).

١٦ ـ ومنهم الشيخ شمس الدين أو المظفر يوسف بن قزأغلي الحنفي بن عبد الله. وهو سبط ابن الجوزي المعروف المتوفى سنة ٦٥٤. وقال سبط ابن الجوزي الحنفي في كتابه تذكرة خواص الأئمة ص ٨٨ ، ط / أول في إيران سنة ١٢٨٧ ه‍ ، فصل الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، وأمه أم ولد اسمها سوسن ، وكنيته أبو محمّد ، ويقال له العسكري أيضا. ولد عليه‌السلام سنة ٢٣١ ه‍ بسرّ من رأى وتوفي بها سنة ٢٦٠ ه‍ في خلافة المعتمد على الله (العباسي). وكان سنّه عند الوفاة تسعا وعشرين سنة ، ثم قال : وأولاده (أي أولاد الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام) منهم : محمّد الإمام. ثم قال : فصل هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن موسى الرضا بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام ، وكنيته أبو عبد الله ، وأبو القاسم ، وهو الخلف الحجّة ، صاحب الزمان ، القائم المنتظر ، التالي ، وهو آخر الأئمة. ثم قال : أنبأ عبد العزيز بن محمد بن البزار عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يخرج في آخر الزمان ، رجل من ولدي اسمه كاسمي وكنيته ككنيتي يملأ الأرض عدلا ، كما ملئت جورا ، فذلك المهدي.

(ثم قال سبط ابن الجوزي) وهذا الحديث مشهور. وقد أخرج أبو داود ، والزهري عن عليّ بمعناه. ثم قال : ويقال له ذو الاسمين محمّد وأبو القاسم قال : قالوا أمه أم ولد يقال لها صيقل.

١٧ ـ ومنهم شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي نزيل مكة المشرفة الشافعي المتوفى سنة ٩٩٣ ه‍ ، فإنه أخرج في الصواعق المحرقة له ص ١٢٧ ط / مصر سنة

٥٧٤

١٣٠٨ ه‍ ، وقال عند ذكره الأئمة الاثني عشر (أبو محمّد الحسن الخالص) ولد سنة ٢٣٢ ه‍ (ثم ذكر كرامة من كراماته المعروفة وقضية الاستسقاء في سامراء وقضية الراهب الذي كان يحمل في يده من عظام بعض الأنبياء ، وإذا أخرجه كانت تمطر السماء وإذا ستره يقف المطر فعرف ذلك الإمام فأخذ منه العظم وكلما دعا لم تمطر ، فخرج الناس من الاشتباه وعرفوا حيلة العالم النصراني. قال : وكان الإمام الحسن العسكري عزيزا مكرما إلى أن مات بسر من رأى ودفن عند أبيه (علي الهاديعليه‌السلام) وعمره ثمانية وعشرون سنة. (قال) : ويقال إنه سمّ أيضا (كما سمّوا آباءه الكرام) قال : ولم يخلف غير ولده (أي القاسم محمّد الحجّة) وعمره عند وفاة أبيه (كان) خمس سنين آتاه الله الحكمة (قال) : ويسمى القائم ، المنتظر. قيل : لأنه ستر وغاب فلم يعرف أين (هو) ذهب وانتهى ما في الصواعق المحرقة لابن حجر مع الاختصار.

١٨ ـ ومنهم الشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي المتوفى بعد سنة ١١٥٤ ه‍ ، فإنه أخرج في كتابه الإتحاف بحب الأشراف ص ١٧٨ طبع مصر سنة ١٣١٦ ه‍ وقال : الحادي عشر من الأئمة الحسن الخالص ويلقّب بالعسكري ، ولد بالمدينة لثمان خلون من ربيع الأول سنة (٢٣٢ ه‍) وتوفي عليه‌السلام يوم الجمعة لثمان خلون من ربيع الأول سنة (٢٦٠ ه‍) وله من العمر ثمان وعشرون سنة. قال : ويكفيه شرفا أن الإمام المهديّ المنتظر من أولاده فلله درّ هذا البيت الشريف ، والنسب الخضم المنيف وناهيك به فخارا ، وحسبك فيه من علوّه مقدارا ، فهم جميعا ، في كرم الأرومة ، وطيب الجرثومة كأسنان المشط ، متعادلون ، ولسهام المجد مقتسمون ، فيا له من بيت عالي الرتبة سامي المحلة فلقد طال السّماك علّا ونبلا وسما على الفرقدين منزلة ومحلا ، واستغرقت صفات الكمال ، فلا يستثنى فيه بغير ولا بإلّا انتظم في المجد هؤلاء الأئمة ، انتظام اللآلي وتناسقوا في الشرف ، فاستوى الأول والتالي ، وكم اجتهد قوم في خفض منارهم ، والله يرفعه ، وركبوا الصعب والذلول ، في تشتيت شملهم والله يجمعه وكم ضيّعوا من حقوقهم ،

٥٧٥

ما لا يهمله الله ، ولا يضيّعه ، أحيانا الله على حبهم ، وأماتنا عليه ، وأدخلنا في شفاعة من ينتمون في الشرف إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكانت وفاته (أي الحسن العسكري) بسرّ من رأى ، ودفن بالدار التي دفن فيها أبوه ، وخلف بعده ولده وهو الثاني عشر من الأئمة ، أبو القاسم ، محمّد الحجّة ، الإمام ولد الإمام محمّد الحجّة ، ابن الإمام الحسن الخالص ، بسرّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة ٢٥٥ قبل موت أبيه بخمس سنين ، وكان أبوه قد أخفاه حين ولد ، وستر أمره ، لصعوبة الوقت ، وخوفه من الخلفاء العبّاسيين فإنهم كانوا في ذلك الوقت يتطلبون الهاشميين ويقصدونهم بالحبس والقتل ويرون إعدامهم (وذلك لإعدامهم من يعدم) سلطنة الظالمين وهو الإمام المهدي عليه‌السلام كما عرفوا ذلك من الأحاديث التي وصلت إليهم من الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخبرتهم أن الإمام المهديّ الموعود المنتظر عليه‌السلام يقطع دابر الظالمين ويستولي على الدنيا ولا يترك أحدا منهم في الأرضين. (قال الشبراوي) : وكان الإمام محمّد الحجّة يلقب أيضا بالمهديّ ، والقائم ، والمنتظر ، والخلف الصالح ، وصاحب الزمان ، وأشهرها : المهديّ. (قال) : ولذلك ذهبت الشيعة إلى أنه الذي صحّت الأخبار والأحاديث بأنه يظهر في آخر الزمان ، وأنه موجود ولهم في ذلك تآليف كثيرة. ثم أخذ في الرد على الشيعة بالنسبة إلى ما ينسبه إليهم وهم منه برآء ، ثم قال : وقد أشرق نور هذه السلسلة الهاشمية ، والبيضة الطاهرة النبوية والعصابة العلوية وهم اثنا عشر إماما ، مناقبهم عليّة وصفاتهم سنيّة ، ونفوسهم شريفة أبيّة ، وأرومتهم كريمة محمّدية ، وهم محمّد الحجّة بن الحسن الخالص بن عليّ الهادي بن محمد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ (زين العابدين) بن الإمام الحسين أخو الإمام الحسن ولدي الليث الغالب عليّ بن أبي طالب (رضي الله تعالى عنهم أجمعين).

١٩ ـ ومنهم الشيخ أبو المواهب الشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني المتوفى سنة (٩٧٣ ه‍) أو سنة (٩٦٠ ه‍) فإنه قال في كتابه (اليواقيت والجواهر) ص ١٤٥ طبع مصر سنة ١٣٠٧ ه‍. قال : البحث الخامس والستون ، في

٥٧٦

بيان أن جميع أشراط الساعة التي أخبر بها الشارع حقّ لا بدّ أن تقع كلها قبل يوم القيامة. وذلك ، كخروج المهدي عليه‌السلام وقال : وهو من أولاد الإمام الحسن العسكري ، ومولده عليه‌السلام ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى ابن مريم عليه‌السلام فيكون عمره إلى وقتنا هذا وهو سنة ٩٥٨ ه‍ سبعمائة وست وستين سنة (٧٦٦) (١). (ثم قال الشعراني) : هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش المطلّ على بركة الرطل بمصر المحروسة عن الإمام الحجّة المهديّ حين اجتمعت به ووافقه على ذلك شيخنا سيّد علي الخواصّ.

٢٠ ـ ومنهم الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كرم الريش فإنه ذكر الإمام الحجّة عليه‌السلام واعترف بوجوده ، وأنه اجتمع به ، وذلك كما ذكره الشعراني في (لواقح الأنوار في طبقات الأخبار) ج ٢ المطبوع بمصر سنة ١٣٠٥ ه‍ وقال فيه : إن الشيخ حسن العراقي في ضمن سياحته اجتمع مع الإمام المهديّ الحجّة وسأله عن عمره فقال له : يا ولدي عمري الآن ٦٢٠ سنة. قال الشعراني : فقلت ذلك لسيّدي علي الخواصّ فوافق على عمر المهديّ (رضي الله عنها).

٢١ ـ ومنهم الشيخ نور الدين عبد الرحمن بن أحمد بن قوام الدين المعروف بجامي الشافعي الشاعر المعروف. وقد ذكر في كتابه «شواهد النبوة» الإمام المهديّ الموعود المنتظر الحجّة بن الحسن الإمام الثاني. وذكر كثيرا من أحواله عليه‌السلام وكراماته ، وقال : «هو الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا» ، وذكر قضية ولادته عليه‌السلام نقلا عن عمّته حكيمة عليها‌السلام وغيرها ، وقال فيها : «إنه لمّا ولد جثى على ركبتيه ورفع سبابته إلى السماء وعطس فقال : الحمد لله رب العالمين» ، وذكر بعض من رأى الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه وهو من سأل الإمام الحسن

__________________

(١) لا يخفى وقوع الاشتباه في تحديد سنيّ عمر الإمام عليه‌السلام ، ولعله اشتباه من النسّاخ ، لأن ولادة الإمامعليه‌السلام كانت عام ٢٥٥ ه‍ نطرحها من ٩٥٨ ه‍ عام التقاء الشيخ العراقي به ، فيكون الحاصل ٧٠٣ سنين.

٥٧٧

العسكري عليه‌السلام عن الخلف بعده ، قال : «فدخل الإمام الدار ثم خرج وقد حمل طفلا كأنّه البدر في ليلة تمامه في سن ثلاث سنين ، فقال الإمام للسائل : لو لا كرامتك على الله لما أريتك هذا الولد الذي اسمه اسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكنيته كنيته ، وهو الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما». وذكر خبر من دخل على الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ورأى بيتا عليه ستر مسبل ، فسأله عن الخلف بعده ، فقال له : ارفع الستر ، فرفع الستر ، فرأى الإمام الحجّة المهدي المنتظر. وذكر أيضا قضية الأشخاص الذين بعثهم المعتمد أو المعتضد ليتفتشوا دار الإمام ويأخذوا الإمام إن وجدوه ، فلم يعثروا عليه في الدار ، فدخلوا سردابا محفورا هناك فوجدوه في آخر السرداب. وكان السرداب مملوءا بالماء والمهدي عليه‌السلام في آخره (على الماء) فكلما أرادوا الوصول إليه غرقوا في الماء ولم يتمكنوا من الوصول إليه فأخبروا بذلك الخليفة العباسي الذي أرسلهم إليه بما وقع ، فأمرهم بكتمان ما رأوا وقال لهم : إن أظهرتم ذلك أمرت بقتلكم فكتموا ذلك في حياته. وتفصيل هذه الأخبار موجود في كتب الإمامية كالبحار ج ٥١ ـ ٥٢ ـ ٥٣ حيث جمع المجلسي جميع ما روي فيه (عجّل الله تعالى فرجه) من الأخبار حسب إمكانه نقلا عن كتب علماء العامة ، وكتب الإمامية عليهم الرحمة.

٢٢ ـ ومنهم المولوي علي أكبر أسد الله الموؤذي الذي هو من علماء العامة في الهند ، وله كتاب «المكاشفات» وهو من الحواشي على «نفحات الأنس» للمولى عبد الرحمن الجامي ، وقد صرّح في البحث الحادي والثلاثين بإمامة الإمام الحجّة المهديّ بن الحسن العسكري وآبائه إلى الإمام عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام ، وقال : «إنه (أي الإمام الغائب عجّل الله تعالى فرجه) غائب عن أعين العوام والخواص ...».

٢٣ ـ ومنهم الشيخ عبد الله بن محمد المطيري شهرة والمدني مسكنا والشافعي مذهبا فإنه ذكر في كتابه «الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبيّ وعترته الطاهرة» الأئمة الاثني عشر فعدّهم واحدا بعد واحد إلى أن وصل إلى الإمام

٥٧٨

الحادي عشر ، فقال : «إنّ ابنه الإمام الثاني عشر محمّد القائم المهدي». ثم قال : «وقد ورد النص عليه في الأحاديث من جده رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ومن جده عليّ بن أبي طالب عليهما‌السلام ، ومن بقية آبائه الكرام أهل الشرف والمقام ، وهو صاحب السيف القائم المنتظر كما ورد في الصحيح من الخبر». وقال : «وله قبل قيامه غيبتان ..» ثم ذكر أحواله في غيبته وبعد ظهوره.

٢٤ ـ ومنهم الشيخ أبو المعالي محمد سراج الدين الرفاعي ثم المخزومي الشريف الكبير فإنه ذكر في كتابه «صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار» عند ترجمته الإمام أبي الحسن الهادي عليه‌السلام ، قال : «وأما الإمام عليّ الهادي بن الإمام محمّد الجواد ولقبه النقي والعالم والفقيه والأمير والدليل والعسكري والنجيب ، ولد في المدينة المنورة سنة ٢١٢ ه‍ وتوفي شهيدا بالسمّ في خلافة المعتز العباسي يوم الاثنين لثلاث ليال خلون من رجب سنة ٢٥٤ ه‍ وكان له خمسة أولاد : الإمام الحسن العسكري والحسين ومحمّد وجعفر وعائشة. أما الإمام الحسن العسكري فأعقب صاحب السرداب الحجّة المنتظر وليّ الله الإمام المهديّ عليه‌السلام».

٢٥ ـ ومنهم الشيخ مير خواند المؤرّخ المشهور (محمد بن خاوندشاه بن محمود المتوفى سنة ٩٠٣ ه‍) فإنه ذكر في كتابه المعروف «روضة الصفا» ج ٣ ، أحوال الإمام الثاني عشر من حيث والولادة وبعض أحواله وكراماته مفصّلا.

٢٦ ـ ومنهم الشيخ المحقق بهلول بهجت أفندي مؤلّف كتاب «المحاكمة في تاريخ آل محمّد» والذي ذكر فيه إمامة الأئمة الاثني عشر عليهم‌السلام إلى أن ذكر ولادة الإمام المهدي الحجّة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه ، وقال : «ولد في الخامس عشر من شعبان سنة ٢٥٥ ه‍» ، وذكر أن اسم أمّه نرجس ، وإنّ له غيبتين : الأولى الصغرى والثانية الكبرى ، وصرّح بطول عمره وبقائه عجّل الله تعالى فرجه ، وأنه يظهر عند ما يأذن الله له بالخروج فيملأ الأرض قسطا وعدلا ؛ ثم قال: «وإنّ ظهوره أمر اتفق عليه المسلمون فلا حاجة لذكر الدلائل له».

٥٧٩

٢٧ ـ ومنهم الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الزرندي فإنه ذكر في كتابه «معراج الوصول إلى فضيلة آل الرسول» الأئمة الاثنا عشر ، وقال : «الإمام الثاني عشر هو صاحب الكرامات المشهورة الذي عظم قدره بالعلم واتباع الحق ، القائم بالحقّ والداعي إلى منهج الحقّ ، الإمام أبو القاسم محمد بن الحسن» ، ثم ذكر تاريخ ولادته وبعض أحواله عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

٢٨ ـ ومنهم الشيخ حسين بن معين الدين الميبدي فإنه صرّح في ص ١٢٣ من «شرح الديوان» بولادة الإمام المهدي وتاريخه وخصوصياته عليه‌السلام.

٢٩ ـ ومنهم الشيخ الحافظ محمد بن محمد بن محمود النجار المعروف بخواجة پارسا وهو من أعيان علماء الحنفية وكبار مشايخ النقشبندية وكانت وفاته عام ٨٢٢ على ما في كتاب «كشف الظنون» ، وقد أورد في كتابه «فصل الخطاب» عند ذكره الأئمة عليها‌السلام ما نصّه : «وأبو محمد الحسن العسكري ولده م ح م د معلوم عند خاصة أصحابه وثقات أهله» ، ثم ذكر حديث السيّدة حكيمة في ولادة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه ، وذكر حكاية إرسال المعتضد جلاوزته إلى سامراء وأمره بأخذه أين وجدوه ، وذكر قضية دخولهم دار الإمام ثم دخولهم السرداب وأنهم رأوه مملوءا بالماء ، وكلما أراد أحد منهم أن يدخل الماء ويأخذ الإمام عليه‌السلام ـ الذي كان في آخر السرداب على حصير مفروش على الماء ـ غرق. ثم ذكر بعض علائم ظهوره وقال : «الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى» ، وقال : «وقد تظاهرت (أي الأخبار) على ظهوره وإشراق نوره» وأنه يجدّد الشريعة المحمّدية ، ويجاهد في الله حقّ جهاده ، ويطهّر من الأدناس أقطار بلاده ؛ زمانه زمان المتقين ، وأصحابه خلصوا من الريب ، وسلموا من العيب ، وأخذوا بهداه وطريقه ، واهتدوا من الحق إلى تحقيقه ، به ختمت الخلافة والإمامة ، وهو الإمام من لدن إمام ، مات أبوه الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام إلى يوم القيامة. وذكر أنّ عيسى عليه‌السلام يصلّي خلفه ، ويصدقه على دعواه ، ويدعوا إلى ملته التي هو فيها والتي صاحبها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ..

٥٨٠