أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد - ج ١

مقاتل بن عطيّة

أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد - ج ١

المؤلف:

مقاتل بن عطيّة


المحقق: الشيخ محمّد جميل حمّود
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٤٦
الجزء ١ الجزء ٢

أخبرنا شيخنا أبو عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي قراءة عليه : أخبرنا الإمام فخر الدين علي بن أحمد المقدسي ، ثم ذكر حديث المناشدة بعدّة طرق.

(١٨) الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى ٨٥٢ ه‍ رواه في «تهذيب التهذيب» في مواضع بعدّة طرق منها ج ٧ / ٣٣٧ وقال ص ٣٣٩ : قلت : لم يجاوز المؤلف (أبو الحجاج المزّي المتوفى ٧٤٢) ما ذكر ابن عبد البر وفيه مقنع ولكنه ذكر حديث الموالاة عن نفر سمّاهم فقط ، وقد جمعه ابن جرير الطبري في مؤلّف فيه أضعاف من ذكر ، وصحّحه واعتنى بجمع طرقه أبو العباس ابن عقدة ، فأخرجه من حديث سبعين صحابيا أو أكثر ، وقال في فتح الباري ٧ / ٦١ : وأوعب من جمع مناقبه (يعني الإمام عليا) من الأحاديث الجياد النسائي في كتاب «الخصائص» وأما حديث : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، فقد أخرجه الترمذي والنسائي وهو كثير الطرق جدا ، وقد استودعها ابن عقدة في كتاب مفرد ، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان ، وقد روينا عن الإمام أحمد قال : ما بلغنا عن أحد من الصحابة ما بلغنا عن عليّ بن أبي طالب.

(١٩) أبو الخير الشيرازي الشافعي قال في (إبطال الباطل) الذي ردّ به على نهج الحق : وأما ما روي من أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكره يوم غدير خم حين أخذ بيد عليّ وقال : ألست أولى؟ فقد ثبت هذا في الصحاح وقد ذكرنا سرّه في ترجمة كتاب (كشف الغمة في معرفة الأئمة).

(٢٠) الحافظ جلال الدين السيوطي الشافعي المتوفى ٩١١ ه‍ قال : إنه حديث متواتر ، وحكاه عنه غير واحد ممن تأخر عنه كما يأتي.

(٢١) الحافظ أبو العباس شهاب الدين القسطلاني المتوفى ٩٢٣ ه‍ قال في «المواهب اللدنية» ج ٧ ص ١٣ : وأما حديث الترمذي والنسائي : من كنت مولاه فعليّ مولاه. فقال الشافعي : يريد بذلك ولاء الإسلام كقوله تعالى (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) ، وقول عمر : أصبحت مولى كل مؤمن أي : وليّ كل مؤمن ، وطرق هذا الحديث كثيرة جدا.

٦٨١

(٢٢) الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيثمي المكي المتوفى ٩٧٤ ه‍ قال في «الصواعق المحرقة» ص ٢٥ عند ردّ استدلال الشيعة بحديث الغدير : وجواب هذه الشبهة التي هي أقوى شبههم يحتاج إلى مقدمة وهي بيان الحديث ومخرجه ، وبيانه : أنه حديث صحيح لا مرية فيه ، وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد ، فطرقه كثيرة جدا ، ومن ثم رواه ستة عشر صحابيا ، وفي رواية لأحمد أنه سمعه من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثلاثون صحابيا ، وشهدوا به لعليّ لمّا نوزع أيام خلافته كما مرّ وسيأتي ، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان ، ولا التفات لمن قدح في صحته ولا بمن ردّه بأن عليا كان باليمن لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحجّ مع النبيّ ، وقول بعضهم : إن زيادة اللهم وال من والاه ، إلى آخر موضوعة مردود فقد ورد ذلك من طرق صحّح الذهبي كثيرا منها ، ثم تكلم في مقام الردّ عليه في تواتره تارة ، وفي مفاده أخرى فقال : ولفظه عند الطبراني وغيره بسند صحيح أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم خطب بغدير خم تحت شجرات فقال : أيها الناس؟ أنه قد نبأني اللطيف الخبير ..

وقال في ص ٧٣ في عدّ مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام : الحديث الرابع : قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم غدير خم : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه. الحديث وقد مرّ في حادي عشر الشبه وأنه رواه عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثلاثون (١) صحابيا وأن كثيرا من طرقه صحيح أو حسن ، ومرّ الكلام ثم على معناه مستوفى ، وقال في شرح همزية البوصيري ص ٢٢١ في شرح قوله :

وعليّ صنو النبيّ ومن

دين فؤادي وداده والولاء

أي مناصرته والذبّ عنه والردّ على من نازع في خلافته ، ولم يبال بوقوع الإجماع عليها وعلى من خرجوا عليه ونازعوه الأمر ورموه بما هو بريء منه ، وذلك عملا بما صحّ عنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، إن عليا مني وأنا منه ، وهو وليّ كل مؤمن بعدي ، ولتأكيد الذب عنه لكثرة أعدائه من بني

__________________

(١) هؤلاء هم الشهود للإمام علي عليه‌السلام يوم الرحبة لا كل رواة الحديث.

٦٨٢

أمية والخوارج الذين بالغوا في سبّه وتنقيصه مدة ألف شهر حتى المنابر خصّه الناظم بذلك ، ولهذا اشتغل جهابذة الحفّاظ ببث فضائله رضي الله عنه نصحا للأمة ونصرة للحق ، ومن ثمّ قال أحمد : ما جاء لأحد من الفضائل ما جاء لعليّ. وقال إسماعيل القاضي والنسائي وأبو علي النيسابوري : لم يرد في حق أحد من الصحابة بأسانيد الصحاح الحسان أكثر ما ورد في حق عليّ ، فمن ذلك ما صحّ : أن الله تعالى يحبه وأن رسول الله يحبه ، بل روى الترمذي : أنه كان أحبّ الناس إلى رسول الله إلى أن قال : وأن آية المباهلة (آل عمران : ٦٠) لمّا نزلت دعا صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليا وفاطمة وابنيها وقال : اللهم هؤلاء أهلي وأنه قال : أنا سيد ولد آدم وعليّ سيد العرب. لكن اعترض تصحيح الحاكم لهذا ، وأنه قال : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، رواه ثلاثون صحابيا ، وأن الله تعالى أمره أن يحبّ أربعة وأخبره بأنه يحبّهم منهم عليّ ، وأنه لا يحبّه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق ، وأنّ من سبّه فقد سبّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأنه يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل صلى‌الله‌عليه‌وسلم على تنزيله ، وأنه يهلك فيه اثنان : محبّ مفرط ومبغض مبهت ، وأنّ قاتله اللعين ابن ملجم أشقى الآخرين كما أن عاقر الناقة أشقى الأولين.

(٢٣) جمال الدين الحسيني الشيرازيّ المتوفى ١٠٠٠ ه‍ قال في (أربعينه) بعد ذكر حديث الغدير ونزول آية سأل سائل في القضية : أصل هذا الحديث سوى قصة الحارث تواتر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهو متواتر عن النبي أيضا ، رواه جمع كثير وجم غفير من الصحابة فرواه ابن عبّاس ، ثم روى لفظ ابن عبّاس وحذيفة ابن أسيد الغفاري وحديث الركبان.

(٢٤) جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن صلاح الدين الحنفي قال في (المعتصر من المختصر) ص ٤١٣ : روى أبو الطفيل واثلة بن الأسقع قال : جمع الناس عليّ بن أبي طالب في الرحبة فقال :

أنشد بالله عزوجل كل امرئ سمع رسول الله يوم غدير خم يقول ما سمع؟ فقام أناس من الناس فشهدوا : أن رسول الله قال يوم غدير خم : ألستم تعلمون أني

٦٨٣

أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ وهو قائم ثم أخذ بيد عليّ فقال : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، قال أبو الطفيل : فخرجت وفي نفسي منه شيء فلقيت زيد بن أرقم فأخبرته فقال : ما تتهم أنا سمعته من رسول الله لا يلتفت إلى من أنكر خروج عليّ إلى الحج مع النبيّ ومروره في طريقه بغدير خم ، وقال : قدم عليّ من اليمن بالبدن لأنه وإن لم يكن معه في خروجه إلى الحج فكان معه في رجوعه على طريقه الذي كان مروره به بغدير خم ، فيحتمل أنه كان هذا الكلام في الرجعة يؤيده الحديث الصحيح : أنه كان القول من رسول الله بغدير خم في رجوعه إلى المدينة من حجّه عن زيد بن أرقم قال : لمّا رجع رسول الله من حجة الوداع ونزل بغدير خم أمر بدوحاته فقممن ، وذكر الحديث بلفظ زيد المذكور من طريق النسائي ص ٣٠.

(٢٥) الشيخ نور الدين الهرويّ القاري الحنفي المتوفى ١٠١٤ ه‍ قال في «المرقاة في شرح المشكاة» ج ٥ / ٥٦٨ بعد رواية الحديث بطرق شتى : والحاصل أن هذا حديث صحيح لا مرية فيه ، بل بعض الحفّاظ عدّه متواترا إذ في رواية لأحمد أنه سمعه من النبي ثلاثون صحابيا وشهدوا به لعليّ لمّا نوزع أيام خلافته (١). وقال ص ٥٨٤ : رواها أحمد في مسنده وأقلّ مرتبته أن يكون حسنا ، فلا التفات لمن قدح في ثبوت الحديث. وأبعد من ردّه بأن عليّا كان باليمن لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحجّ مع النبي ، ولعل سبب قول هذا القائل أنه وهم أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال هذا القول عند وصوله من المدينة إلى غدير خم ، ثم قول بعضهم : إن زيادة اللهم وال من والاه موضوعة مردودة ، فقد ورد من طرق صحّح الذهبيّ كثيرا منها.

(٢٦) زين الدين المناوي الشافعي المتوفى ١٠٣١ ه‍ ، قال في «فيض القدير»

__________________

(١) قال العلامة الأميني في هامش الغدير : إذا كان بلوغ رواة الحديث ثلاثين موجبا لتواتره فكيف به إذا انهيناهم في هذا الكتاب إلى ما ينيف على المائة صحابيا ، ثم كيف به إذا أنهاهم الحافظ أبو العلاء العطار إلى مائتين وخمسين طريقا.

٦٨٤

ج ٦ / ٢١٨ : قال ابن حجر : حديث كثير الطرق جدّا قد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد منها صحاح ومنها حسان. وفي بعضها : قال ذلك يوم غدير خمّ ، وزاد البزّار في روايته : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحبّ من أحبه ، وابغض من أبغضه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، لمّا سمع أبو بكر وعمر ذلك قالا فيما أخرجه الدارقطني عن سعد بن أبي وقاص : أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة. وأخرج أيضا : قيل لعمر : إنك تصنع بعليّ شيئا لا تصنعه بأحد من الصحابة ، قال : إنه مولاي ؛ ثم قال بعد رواية حديث نزول آية : سأل سائل بعذاب واقع : يوم الغدير. قال الهيثمي : رجال أحمد ثقات ، وقال في موضع آخر : رجاله رجال الصحيح. وقال المصنّف (السيوطي) : حديث متواتر.

(٢٧) نور الدين الحلبي الشافعي المتوفى ١٠٤٤ ، ذكر في «السيرة الحلبية» ج ٣ / ٣٠٢ ما مرّ عن ابن حجر من صحّة الحديث ووروده بأسانيد صحاح وحسان وعدم الالتفات إلى القادح في صحته ، وعدم كون ذيله موضوعا ، ووروده من طرق صحّح الذهبي كثيرا منها.

(٢٨) الشيخ أحمد بن باكثير المكي الشافعي المتوفى ١٠٤٧ ، قال في «وسيلة المآل في مناقب الآل» بعد رواية الحديث بلفظ حذيفة بن أسيد ، وعامر بن ليلى ، وابن عبّاس ، والبراء بن عازب : أخرج هذه الرواية البزّاز برجال الصحيح عن فطر بن خليفة وهو ثقة ، وعن أم سلمة رضي الله عنها ، فذكر لفظها ثم لفظ سعد بن أبي وقاص ، فقال : أخرج الدار قطني في «الفضائل» عن معقل بن يسار قال : سمعت أبا بكر يقول : علي بن أبي طالب عترة رسول الله أي الذي حثّ النبي على التمسك بهم والأخذ بهديهم فإنهم نجوم الهدى من اقتدى بهم اهتدى. وخصّه أبو بكر بذلك رضي الله عنه لأنه الإمام في هذا الشأن وباب مدينة العلم والعرفان فهو إمام الأئمة وعالم الأمة ، وكأنه أخذ ذلك من تخصيصه صلى الله عليه [وآله] له من بينهم يوم غدير خم بما سبق ، وهذا حديث صحيح لا مرية فيه ولا شك ينافيه ، وروي عن الجمّ الغفير من الصحابة وشاع واشتهر ، وناهيك بمجمع حجّة الوداع ،

٦٨٥

قال شيخ الإسلام العسقلاني : حديث من كنت مولاه ، أخرجه الترمذي والنسائي وهو كثير الطرق جدا ، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد ، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان. ويدل على ذلك ما روى أبو الطفيل : أن عليا رضي الله عنه وكرّم وجهه جمع الناس وهو خليفة في الرحبة ـ موضع في العراق ـ ثم قام فحمد الله وأثنى عليه ، إلى آخر اللفظ المذكور ص ١٧٦.

(٢٩) الشيخ عبد الحق الدهلويّ البخاريّ المتوفى ١٠٥٢ ه‍ قال في شرح المشكاة ما تعريبه : وهذا الحديث صحيح بلا شك ، رواه جمع مثل الترمذي والنسائي وأحمد ، وطرقه كثيرة ، رواه ستة عشر صحابيا ، وفي رواية : سمعه عن النبي ثلاثون صحابيا وشهدوا به لعليّ لمّا نوزع أيام خلافته ، وكثير من أسانيده صحاح وحسان ولا يلتفت إلى قول من تكلّم في صحته ولا إلى قول بعضهم : إن زيادة اللهم وال من والاه .. موضوع لأنها رويت بطرق شتى صحّح أكثرها الذهبيّ ، وقال في (لمعاته) : هذا حديث صحيح لا مرية فيه ، وقد أخرجه جماعة كالترمذي إلى آخر كلامه المذكور ، ثم قال : كذا قال الشيخ ابن حجر في «الصواعق المحرقة».

(٣٠) الشيخ محمود بن محمد الشيخانيّ القادريّ المدني قال في (الصراط السويّ في مناقب آل النبيّ) : ومن تلك الأحاديث الواردة الصحيحة قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعليّ رضي الله عنه : من كنت مولاه فعليّ مولاه. أخرجه الترمذي والنسائي والإمام أحمد وغيرهم وكم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان. ثم روى حديث الرحبة بلفظ سعيد بن وهب فقال : قال الذهبي : هذا حديث صحيح. ثم ذكر رواية أحمد حديث الرحبة عن أبي الطفيل وزيد بن أرقم فقال : قال الحافظ الذهبي: هذا الحديث صحيح غريب (١) ثم رواه من طريق أبي عوانة عن أبي الطفيل عن زيد فقال : قال الحافظ الذهبي : هذا حديث صحيح. ثم رواه من طريق الحافظين أبي

__________________

(١) ليس لغرابته وجه بالمعنى الاصطلاحي ولا بغيره إلا كونه في فضل أمير المؤمنين (ع).

٦٨٦

يعلى والحسن بن سفيان فقال : قال الحافظ الذهبي : هذا حديث حسن اتفق على ما ذكرنا جمهور أهل السنة.

وأما ما انفرد به أهل البدع من الإسماعيلية (١) ببلاد اليمن وخالف به أهل الجمعة والجماعة والسنن فإنهم قالوا في قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم غدير خم إي مرجعه من حجة الوداع بعد أن جمع أصحابه وكرّر عليهم قوله : ألست أولى بكم من أنفسكم؟ ثلاثا وهم يجيبونه بالتصديق والاعتراف ، ثم رفع يد عليّ رضي الله عنه وقال : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، واخذل من خذله ، وانصر من نصره ، وأدر الحق معه حيث دار.

ومعنى المولى في هذا الحديث : الأولى لا الناصر وغيرهما من المعاني المشتركة ، قال المدّعي من الإسماعيلية : وإنما أراد النبي أن لعلي رضي الله عنه ما لرسول الله من الولاء عليهم وجعل قوله أولا : ألست أولى بكم من أنفسكم؟ سندا ، وقال المدّعي أيضا : لو كان المولى بمعنى الناصر والسيّد وغيرهما لما احتاج إلى جمع الصحابة وإشهادهم ، ولا أن يأخذ بيد عليّ ويرفعها ، لأن ذلك يعرفه كلّ أحد ، ولا يحتاج إلى الدعاء له بقوله : اللهم وال من والاه إلى آخره ، وقال المدّعي أيضا : ولا يكون هذا الدعاء إلّا لإمام معصوم مفترض الطاعة بعده ، وبدليل جعله الحق تابعا لعليّ لا متبوعا له ، ولا يكون ذلك إلا لمن وجبت طاعته وعصمته ، وقال المدّعي : فصحّ بهذا أن عليّا رضي الله عنه هو الوصيّ وأنه نصّ من رسول الله وأن خلافة من تقدمه معصية. انتهى افتراء المدّعي.

أقول : قد مرّ الأحاديث الصحاح والحسان وليس فيها جميع ما ذكره المدّعي بل الصحيح مما ذكرنا : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، والصحيح مما ذكرناه أيضا : اللهم وال من والاه. والصحيح ما ذكرناه أيضا : أن الله وليّ المؤمنين ومن كنت

__________________

(١) قال العلّامة الأميني (قدس‌سره) : سيوافيك في بيان مفاد الحديث أن هذه البرهنة لم تختص بالإسماعيلية ، وإنما هي مقتضى الحق الصراح ، وقد قال به كل من يرى ولاء لأمير المؤمنين بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كولائه خلافة عنه.

٦٨٧

وليه فهذا وليّه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، والصحيح مما ذكرناه أيضا قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم للناس : أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه. والصحيح مما ذكرنا أيضا : قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : كأني دعيت فأجبت وأني قد تركت فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. ثم قال : إن الله مولاي وأنا وليّ كل مؤمن ، ثم أخذ بيد علي فقال : من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، والصحيح مما ذكرنا أيضا قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ألست أولى بكم بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى ، قال : فإن هذا مولى من أنا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، فلقيه عمر فقال : هنيئا لك أصبحت وأمسيت ولي كل مؤمن ومؤمنة.

انتهى ما هو الصحيح والحسان وليس في ذلك من مخترعات المدّعي ومفترياته (١) ، وقد استوعب طرق الأحاديث المذكورة وغيرها ابن عقدة في كتاب مفرد.

(٣١) السيد محمد البرزنجيّ الشافعي المتوفى ١١٠٣ ه‍ قال في تأليفه (النواقض) اعلم أن الشيعة يدّعون أن هذا الحديث نصّ جلي في إمامة علي رضي الله عنه وهو أقوى شبههم ، والقدر الذي ذكرناه وهو : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، من دون تلك الزيادة من الحديث صحيح وروي من طرق كثيرة.

(٣٢) ضياء الدين المقبليّ المتوفى ١١٠٨ ه‍ عدّ حديث الغدير في كتابه (الأبحاث المسدّدة في الفنون المتعددة) من الأحاديث المتواترة المفيدة للعلم.

وفي تعليق [هداية العقول إلى غاية السئول] ج ٢ / ٣٠ : نقل العلّامة السيد عبد الله ابن علي الوزير في «طبق الحلوى» تاريخه المعروف عن السيد محمد

__________________

(١) لم يأت المدّعي إلا بشيء مما صححه هذا الرجل ولم يزد عليه إلا بيانا في سرد الاحتجاج به (ولا مناص له من ذلك) فإن كان له نظر في الحجة فلما ذا لم يبده وستقف على لباب القول في هذه كلها إن شاء الله تعالى.

٦٨٨

إبراهيم : أن حديث من كنت مولاه ، له مائة وخمسون طريقا ، لكن لم يعرف كل ذلك من حفّاظ الحديث إلا الأفراد ، وقال السيّد العلّامة محمد بن إسماعيل الأمير رحمه‌الله : أن له مائة وخمسين طريقا. قال العلامة المقبلي بعد سرده لبعض طرق هذا الحديث : فإن لم يكن هذا معلوما فما في الدين معلوم. وجعل هذا في الفصول من المتواتر لفظا وكذلك حديث المنزلة ، وأقرّ الجلال كلام الفصول في تواتر حديث الغدير ولم يسلّمه في حديث المنزلة قال : وإنما هو (يعني حديث المنزلة) صحيح مشهور لا متواتر (١).

وقال السيّد الأمير محمد الصنعاني المذكور في ـ الروضة النديّة شرح التحفة العلوية ـ وحديث الغدير متواتر عند أكثر أئمة الحديث ، قال الحافظ الذهبيّ في تذكرة الحفاظ في ترجمة الطبري : ألّف محمد بن جرير فيه كتابا ، وقال الذهبي : وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه. وقال الذهبي في ترجمة الحاكم : فله طرق جيدة أفردتها بمصنّف. قلت : عدّه الشيخ المجتهد نزيل حرم الله ضياء الدين صالح بن مهدي المقبلي في الأحاديث المتواترة التي جمعها في أبحاثه ، وهو من أئمة العلم والتقوى والإنصاف ، ومع إنصاف الأئمة بتواتره فلا يملّ بإيراد طرقه بل يتبرّك ببعض منها.

(٣٣) الشيخ محمد صدر العالم قال في (معارج العلى في مناقب المرتضى) : ثم اعلم أنّ حديث الموالاة متواتر عند السيوطي رحمه‌الله كما ذكره في (قطف الأزهار) فأردت أن أسوق طرقه ليتضح التواتر فأقول : أخرج أحمد والحاكم عن ابن عباس وابن أبي شيبة وأحمد عنه عن بريدة. وأحمد وابن ماجه عن البراء. والطبراني عن جرير. وأبو نعيم عن جندع الأنصاري. وابن قانع عن حبشي بن جنادة ، والترمذي وقال : حسن غريب. والنسائي والطبراني والضياء المقدسي عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم أو حذيفة بن أسيد. وابن أبي شيبة والطبراني عن أبي أيوب. وابن أبي شيبة وابن أبي عاصم والضياء عن سعد بن أبي وقاص ،

__________________

(١) خفي عليه تواتر حديث المنزلة وأنه من المتفق عليه.

٦٨٩

والشيرازي في الألقاب عن عمر ، والطبراني عن مالك بن الحويرث ، وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم وابن عقدة في كتاب الموالاة عن حبيب بن بديل بن ورقاء وقيس بن ثابت وزيد بن شراحيل الأنصاري ، وأحمد عن علي وثلاثة عشر رجلا ، وابن أبي شيبة عن جابر ، وأخرج أحمد وابن أبي عاصم في السنّة عن زاذان بن عمر قال : سمعت عليا في الرحبة (فذكر إلى آخر الحديث) ثم قال : وأخرج أحمد عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم (فذكر لفظهما ثم قال) : وأخرج الطبراني عن ابن عمر ، وابن أبي شيبة عن أبي هريرة واثني عشر من الصحابة ، وأحمد والطبراني والضياء عن علي وزيد بن أرقم وثلاثين رجلا من الصحابة ، وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن سعد ، والخطيب عن أنس ، وأخرج عبد الله بن أحمد وأبو يعلى وابن جرير والخطيب والضياء عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : شهدت عليّا في الرحبة (فذكر الحديث بتمامه) ثم قال : وأخرج الطبراني عن عمرو بن مرّة وزيد بن أرقم معا ، وأخرج الطبراني والحاكم عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم (فذكر الحديث باللفظ الذي أسلفناه) فقال : وأخرج الطبراني عن حبشي بن جنادة ، وأخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب.

(٣٤) السيّد ابن حمزة الحرّاني الدمشقي الحنفي المتوفى ١١٢٠ ه‍ روى حديث الغدير في كتابه «البيان والتعريف» ج ٢ / ١٣٦ و ٢٣٠ من طرق الترمذي والنسائي والطبراني والحاكم والضياء المقدسي ، ثم قال : قال السيوطي حديث متواتر.

(٣٥) أبو عبد الله الزرقاني المالكي المتوفى ١١٢٢ قال في «شرح المواهب» ٧ ص ١٣ بعد ذكر كلام المصنف المذكور ص ٣٠٠ : وخصّه لمزيد علمه ، ودقائق استنباطه وفهمه ، وحسن سيرته ، وصفاء سريرته ، وكرم شيمه ، ورسوخ قدمه «إلى أن قال» : وللطبراني وغيره بإسناد صحيح : أنه (ص) خطب بغدير خم وهو موضع بالجحفة برجعه من حجة الوداع (فذكر الحديث) وفيه : يا أيها الناس! إن الله

٦٩٠

مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبّه ، وابغض من أبغضه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار. وزعم بعض أن زيادة : اللهم وال إلخ. موضوعة مردودة بأن ذلك جاء من طرق صحح الذهبي كثيرا منها ، وروى الدارقطني عن سعد قال : لما سمع أبو بكر وعمر ذلك قالا : أمسيت يا بن أبي طالب؟ مولى كل مؤمن ومؤمنة (ثم ذكر حديث نزول آية سأل سائل حول القضية وترجم ابن عقدة وأثنى عليه فقال) : وهو متواتر ، رواه ستة عشر صحابيا وفي رواية لأحمد أنه سمعه من النبيّ (ص) ثلاثون صحابيا وشهدوا به لعليّ لما نوزع أيام خلافته ، فلا التفات إلى من قدح في صحته ولا لمن ردّه بأن عليّا كان باليمن لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحج معه (ص).

(٣٦) شهاب الدين الحفظيّ الشافعي ، أحد شعراء الغدير في القرن الثاني عشر قال في (ذخيرة الأعمال في شرح جواهر اللآل) : هذا حديث صحيح لا مرية فيه أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد وطرقه كثيرة. قال الإمام أحمد رحمه‌الله : وشهد به لعليّ ثلاثون صحابيا لمّا نوزع في أيام خلافته.

(٣٧) ميرزا محمد البدخشي قال في (نزل الأبرار) ص ٢١ : هذا حديث صحيح مشهور ، ولم يتكلم في صحته إلا متعصّب جاحد لا اعتبار بقوله ، فإن الحديث كثير الطرق جدا ، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد ، وقد نصّ الذهبي على كثير من طرقه بالصحة ، ورواه من الصحابة عدد كثير.

وقال في (مفتاح النجا في مناقب آل العباء) أخرج الحكيم في «نوادر الأصول» والطبراني بسند صحيح في الكبير عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد : إن رسول الله خطب بغدير خم تحت شجرة فقال : يا أيها الناس؟ قد نبأني اللطيف الخبير إلى آخر ما مر .. فقال : وأخرج أحمد عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم باللفظ الذي أسلفناه .. ثم قال : وأخرج أحمد عن علي وأبي أيوب الأنصاري وعمرو بن مرّة ، وأبو يعلى عن أبي هريرة ، وابن أبي شيبة عنه وعن اثني عشر من الصحابة ، والبزّار

٦٩١

عن ابن عباس وعمارة وبريدة والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وأبي أيوب وجرير وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وأنس ، والحاكم عن علي وطلحة وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن سعد ، والخطيب عن أنس ثم ذكر الحديث فقال : وفي رواية أخرى للطبراني عن عمرو بن مرة وزيد بن أرقم وحبشي بن جنادة مرفوعا بلفظ : من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، وأعن من أعانه. وعند ابن مردويه عن ابن عبّاس مرفوعا : اللهم من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، واخذل من خذله ، وانصر من نصره ، وأحب من أحبّه ، وابغض من أبغضه. وفي أخرى لأبي نعيم في «فضائل الصحابة» عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب معا مرفوعا : ألا؟ إن الله وليي وأنا وليّ كل مؤمن ، من كنت مولاه فعليّ مولاه. ولأحمد في رواية أخرى ، ولابن حبّان والحاكم والحافظ أبي بشر اسماعيل بن عبد الله العبدي الأصفهاني المشهور بسمّويه عن ابن عبّاس عن بريدة (وذكر لفظه) وللطبراني رواية أخرى عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم (وذكر لفظه) وعند الترمذي والحاكم عن زيد بن أرقم (وذكر لفظه) أقول : هذا حديث صحيح مشهور نصّ الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي التركمانيّ الفارقي ثم الدمشقيّ على كثير من طرقه بالصحة ، وهو كثير الطرق جدا ، وقد استوعبها الحافظ أبو العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي المعروف بابن عقدة في كتاب مفرد. وأخرج أحمد عن أبي الطفيل قال : جمع عليّ كرّم الله وجهه الناس في الرحبة (ثم ذكر حديث الرحبة).

(٣٨) مفتي الشام العماديّ الحنفي الدمشقي المتوفى ١١٧١ ه‍ عدّه في (الصلاة الفاخرة) ص ٤٩ من الأحاديث المتواترة ، يرويه كما قال في أول كتابه من عشرة مشايخ فأكثر نقلا عن الترمذي والبزّار وأحمد والطبري وأبي نعيم وابن عساكر وابن عقدة وأبي يعلى.

(٣٩) أبو العرفان الصبّان الشافعي المتوفى ١٢٠٦ ه‍ قال في (إسعاف

٦٩٢

الراغبين) في هامش نور الأبصار ص ١٥٣ بعد رواية الحديث : رواه عن النبيّ ثلاثون صحابيا ، وكثير من طرقه صحيح أو حسن.

(٤٠) السيد محمود الآلوسي البغداد المتوفى ١٢٧٠ ه‍ قال في (روح المعاني) ج ٢ / ٢٤٩ : نعم ثبت عندنا أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال في حق الأمير هناك (يعني غدير خم) : من كنت مولاه فعليّ مولاه. وزاد على ذلك كما في بعض الروايات ، لكن : لا دلالة في الجميع على ما يدّعونه من الإمامة الكبرى والزعامة العظمى. وقال في ج ٢ / ٣٥٠ : قال الذهبي : إنه صحيح. ونقل عن الذهبي أيضا أنه قال : إن «من كنت مولاه» متواتر يتيقّن أن رسول الله قاله ، وأما «اللهم وال من والاه» فزيادة قوية الإسناد.

(٤١) الشيخ محمد الحوت البيروتي الشافعي المتوفى ١٢٧٦ ه‍ ، قال في «أسنى المطالب» ص ٢٢٧ : حديث «من كنت مولاه فعليّ مولاه» رواه أصحاب السنن غير أبي داود ورواه أحمد وصحّحوه. وروي بلفظ : من كنت وليّه فعلي وليّه. ورواه أحمد والنسائي والحاكم وصحّحه.

(٤٢) المولوي ولي الله اللكهنوي ، قال في «مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيّد المرسلين» ـ بعد ذكر الحديث بغير واحد من طرقه ما تعريبه : وليعلم أنّ هذا الحديث صحيح وله طرق عديدة ، وقد أخطأ من تكلّم في صحّته إذ أخرجه جمع من علماء الحديث مثل الترمذي والنسائي ، ورواه جمع من الصحابة وشهدوا به لعليّ في أيام خلافته ، ثم ذكر حديث المناشدة وإصابة الدعوة.

(٤٣) الحافظ المعاصر شهاب الدين أبو الفيض أحمد بن الصديق الحضرمي ، قال في كتابه «تشنيف الآذان» ص ٧٧ : وأما حديث : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، فمتواتر عن النبيّ من رواية نحو ستين شخصا لو أوردنا أسانيد الجميع لطال بنا ذلك جدا ، ولكن نشير إلى مخرجيها تتميما للفائدة ، ومن أراد الوقوف على طرقها وأسانيدها فليرجع إلى كتابنا في المتواتر فنقول :

٦٩٣

رواه أحمد في مسنده وابن أبي عاصم في السنّة عن عليّ وثلاثة عشر رجلا من الصحابة ، ورواه النسائي في الخصائص عن عليّ وبضعة عشر رجلا ، ورواه عنه وعن جماعة معه أيضا الطحاوي في مشكل الآثار والبزّار في المسند وابن عساكر وآخرون ، ورواه ابن راهويه في المسند وابن جرير في تهذيب الآثار وابن أبي عاصم في السنة والطحاوي في مشكل الآثار والمحاملي في الأمالي وابن عقدة والخطيب من حديث ابن عباس ، ورواه أحمد والنسائي في الكبرى والخصائص ، وابن ماجه والحسن بن سفيان والدولابي في الكنى ، وابن عساكر في التاريخ من حديث البراء بن عازب ورواه أحمد والترمذي والنسائي في الكبرى وابن حبان في الصحيح والبزّار والدولابي في الكنى والطبراني والحاكم وآخرون عن زيد بن أرقم ، ورواه أحمد والنسائي في الكبرى والخصائص ، وسمّويه في فوائده ، وعثمان بن أبي شيبة وابن جرير في التهذيب وابن حبّان والحاكم والطبراني في الصغير وأبو نعيم في الحلية وتاريخ أصبهان والفضائل وابن عقدة وابن عساكر من طرق تبلغ حدّ التواتر عن بريدة.

ورواه أحمد والنسائي في الكبرى والطبراني من حديث أبي أيوب ، ورواه الترمذي وابن عقدة والطبراني والدارقطني ومن طريقه ابن عساكر من حديث حذيفة بن أسيد إلّا أنه عند الترمذي على الشكّ ، ورواه النسائي وابن ماجه وسعيد بن منصور وابن جرير في التهذيب والبزّار وابن عقدة وابن عساكر من حديث سعد بن أبي وقاص ، ورواه ابن أبي شيبة والبزّار في مسنديهما وأبو يعلى والطبراني في الأوسط وابن عقدة ، ورواه الطبراني في الصغير وابن عقدة وأبو نعيم في الحلية والتاريخ والخطيب وابن عساكر من حديث أنس بن مالك ، ورواه الحاكم والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في التاريخ وابن عساكر من حديث أبي سعيد ، ورواه عثمان بن أبي شيبة والنسائي في سننهما وابن عقدة وأبو يعلى والطبراني والبانياسي في جزئه وأبو نعيم في تاريخ أصبهان وابن عساكر في تاريخ دمشق من حديث جابر بن عبد الله ، ورواه الطبراني من حديث عمرو بن ذي مرّ ،

٦٩٤

ورواه عثمان بن أبي شيبة في سننه وابن عقدة والطبراني وابن عدي ومن طريقه ابن عساكر من حديث ابن عمر ، ورواه ابن عقدة والطبراني وابن عساكر من حديث مالك بن الحويرث ، ورواه أبو نعيم في الحلية والطبراني وأبو طاهر المخلص وابن قانع وابن عساكر عن حبشي بن جنادة ، ورواه الطبراني وابن عقدة من حديث جرير بن عبد الله البجلي ، ورواه البزّار من حديث عمارة ، والطبراني وابن عقدة وابن عساكر من حديث عمار بن ياسر ، وابن عساكر من حديث رباح بن الحارث ، ومن حديث عمر بن الخطاب ، ومن حديث نبيط بن شريط ، ورواه ابن عقدة وابن عساكر من حديث سمرة بن جندب ، ورواه الطوسي في أماليه من حديث أبي ليلى ، ورواه أبو نعيم في الصحابة من حديث جندب الأنصاري ، ورواه ابن عقدة في كتاب الموالاة من حديث جماعة بأسانيد متعددة منهم : حبيب بن بديل ، وقيس بن ثابت ، وزيد بن شرحبيل ، والعباس بن عبد المطلب ، والحسن بن علي وأخوه ، وعبد الله بن جعفر ، وسلمة بن الأكوع ، وزيد بن أبي ثابت ، وأبو ذر ، وسلمان الفارسي ، وخزيمة بن ثابت ، وسهل بن حنيف ، وأبو رافع ، وزيد بن حارثة ، وجابر بن سمرة ، وضمرة الأسلمي ، وعبد الله بن أبي أوفى ، وعبد الله بن بسر المازني ، وعبد الرحمن بن يعمر الديلمي ، وأبو الطفيل ، وسعد بن جنادة ، وعامر بن عميرة ، وحبّة بن جوين ، وأبو أمامة ، وعامر بن ليلى ، ووحشي بن حرب ، وعائشة ، وأم سلمة ، ورواه الحاكم من حديث طلحة بن عبيد الله (١).

تنبيه :

لقد عرفت ـ أخي القارئ ـ مدى اهتمام علماء المسلمين بسند حديث الغدير ، حيث رووه واخبتوا وسكنوا إليه ، ومنهم من زووا عنه كل ريبة وشك ، وحكموا بصحة أسانيد جمّة من طرقه ، وحسن طرق أخرى ، وقوة طائفة منها ، وهناك أمة من فطاحل العلماء حكموا بتواتر الحديث ، وشنّعوا على من أنكر ذلك ،

__________________

(١) انتهى ما ذكره العلّامة الأميني عليه الرحمة ، وهناك الكثير من الكلمات حول سند حديث الغدير أعرضنا عن ذكرها خوف الملل والإطالة فليراجع إحقاق الحق ج ٣ / ٣٢٨ والغدير في الكتاب والسّنّة.

٦٩٥

ولقد ظهر لك ـ أخي القارئ ـ من خلال الكلمات المتقدمة من علماء الرجال أن من رواه من الصحابة ما يناهز المائة وعشرة صحابي ، بل إن الحافظ السجستاني رواه عن مائة وعشرين صحابيا ، بل زاد عليه الحافظ أبي العلاء الهمداني حيث رواه بمائتي وخمسين طريقا. هذا عدا عن رواية التابعين ومن بعدهم في الأجيال المتأخرة ، فلن تجد فيما يؤثر عن رسول الله حديثا يبلغ هذا المبلغ من الثبوت واليقين والتواتر.

وقد أفرد شمس الدين الجزري رسالة في إثبات تواتره ونسب منكره إلى الجهل ، فهو كما مرّ عن الفقيه ضياء الدين المقبلي : إن لم يكن معلوما فما في الدين معلوم.

وعن الغزالي : أنه أجمع الجمهور على متنه ، وعن البدخشي أنه : حديث صحيح مشهور ولم يتكلم في صحته إلّا متعصب جاحد لا اعتبار بقوله. وكما قال شمس الدين الجزري الشافعي : إنه صحيح من وجوه كثيرة تواتر عن أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه ، وهو متواتر أيضا عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم رواه الجمّ الغفير عن الجم الغفير ، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممن لا اطلاع له في هذا العلم.

«لكن بين ثنايا العصبيّة ومن وراء ربوات الأحقاد حثالة حدى بهم الانحياز عن مولانا أمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه إلى تعكير هذا الصفو وإقلاق تلك الطمأنينة بكل جلبة ولغط ، فمن منكر صحة صدور الحديث معللا بأن عليا أمير المؤمنين كان باليمن وما كان مع رسول الله في حجته تلك ، إلى آخر ينكر صحّة صدر الحديث ، إلى ثالث يضعّف ذيله ، ورابع يطعن في أصله.

وقد عرفت تواتر الجميع والاتفاق على صحته ونصوص العلماء على اعتبار هذه كلها ، غير آبهين بكل ما هناك من الصخب واللغب ، فالإجماع قد سبق المهملجين ولحقهم حتى لم يبق لهم في مستوى الاعتبار مقيلا» (١).

__________________

(١) الغدير ج ١ / ٣١٥.

٦٩٦

والعجب ممن زعم (١) أن حديث الغدير ما أخرجه إلّا أحمد بن حنبل في مسنده وهو مشتمل على الصحيح والضعيف.

وكأن هذا القائل لم يقف على تأليف غير مسند أحمد ، أو أنه لم يوقفه السير على الأسانيد الجمّة الصحيحة والقويّة في الصحاح والمسانيد والسنن وغيرها ، وكأنه لم يطّلع على ما أفرده الأعلام بالتأليف حول أحمد وسنده أو لم يطرق سمعه ما يقوله السبكي في طبقاته ج ١ / ٢٠١ من أن أحمد ألّف مسنده وهو أصل من أصول هذه الأمة ، قال الحافظ أبو موسى المديني : «مسند الإمام أحمد أصل كبير ومرجع وثيق لأصحاب الحديث ، انتقى من أحاديث كثيرة ومسموعات وافرة ، فجعل إماما ومعتمدا وعند التنازع ملجأ ومستندا على ما أخبرنا والدي وغيره بأن المبارك بن عبد الجبار كتب إليهما من بغداد قال : أخبرنا ثم ذكر السند من طريق الحافظ ابن بطة إلى أحمد أنه قال : إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفا ، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله فارجعوا إليه فإن كان فيه وإلّا ليس بحجة ، وقال عبد الله : قلت لأبي : لم كرهت وضع الكتب وقد عملت المسند؟ فقال : عملت هذا الكتاب إماما إذا اختلف الناس في سنّة عن رسول الله رجع إليه. وقال : قال أبو موسى المديني : ولم يخرج إلّا عمّن ثبت عنده صدقه وديانته دون من طعن في أمانته ، وأحمد لم يورد في مسنده إلّا ما صحّ عنده.

وهذا الحافظ السيوطي يقول في ديباجة «جمع الجوامع» كما في كنز العمال ج ١ / ٣ : وكلّ ما في مسند أحمد فهو مقبول ، فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن. فهب أنّا سالمنا من يلوك بين أشداقه إنه ما أخرجه إلّا أحمد في مسنده ولكن ما ذنب أحمد؟ وما التبعة على المسند إن كان هذا الحديث ـ أي الغدير ـ من قسم الصحاح من رواياته؟ على أنه ليس من الممكن مسالمته على تخصيص الرواية

__________________

(١) المدّعي هو محمد محسن الكشميري في «نجاة المؤمنين» على ما حكاه العلّامة الأميني في غديره ج ١ / ٣١٦.

٦٩٧

بأحمد وأولئك رواته أمم من أئمة الحديث أدرجوه في الصحاح والمسانيد وأخرجوه ثقة عن ثقة ، ورجال كثير من أسانيده رجال الصحيحين.

هذا مضافا على أن المدّعي تخصيص الحديث بمسند أحمد وتضعيفه له من أجل ذلك لم ينصب لنا قرينة على مدعاه ووجه تضعيفه له.

وبهذا يندفع ما أورده صاحب الشبهة المذكورة ، كما يندفع قول من قال : إن حديث الغدير نقل في غير الكتب الصحاح ، ذاهلا عن أن الحديث أخرجه الترمذي في صحيحه ، وابن ماجة في سننه ، والدارقطني بعدّة طرق ، وضياء الدين المقدسي في المختار ووو .. وقد مرّ معنا ما ذكره الشيخ محمّد الحوت البيروتي الشافعي في أسنى المطالب : من أن حديث الغدير رواه أصحاب السنن غير أبي داود ورواه أحمد وصحّحوه والنسائي والحاكم وأمثاله.

من خلال هذا كله : تعرف قيمة قول من قدح في صحّته بعدم رواية الشيخين في صحيحيهما. فإن ما نقله جمهور العامة من الاتفاق على حسنه وتصحيحه لم يدع مجالا لمغمز ، فالمضعّف للحديث شاذ نادر ، والشاذ يترك ولا يجوز العمل به. هذا مضافا إلى أنه كم من حديث صحيح ما أخرجه الشيخان على حدّ تعبير الشيخ محمود بن محمّد الشيخاني القادري المدني في الصراط السويّ في مناقب آل النبيّ وقد تقدم ذكره. ويكفي للتدليل على ذلك أن الحاكم النيسابوري استدرك عليهما كتابا ضخما لا يقلّ عن الصحيحين ، وصافقه على كثير مما أخرجه الذهبيّ في الملخّص ، وتجد في تراجم العلماء مستدركات أخرى على الصحيحين.

وهذا الحاكم النيسابوري يقول في المستدرك ج ١ ص ٣ : لم يحكما [يعني البخاري ومسلم] ولا واحد منهما بأنّه لم يصحّ من الحديث غير ما أخرجاه. وقد نبغ في عصرنا هذا جماعة من المبتدعة يشتمون برواة الآثار بأن جميع ما يصحّ عندكم من الحديث لا يبلغ عشرة آلاف حديث ، وهذه الأسانيد المجموعة المشتملة على ألف جزء أو أقلّ أو أكثر منه كلّها سقيمة غير صحيحة. وقد سألني جماعة من أعيان أهل العلم بهذه المدينة وغيرها أن أجمع كتابا يشتمل على الأحاديث المرويّة

٦٩٨

بأسانيد يحتجّ محمّد بن إسماعيل [البخاري] ومسلم بن الحجّاج بمثلها ، إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علّة له فإنهما رحمهما‌الله لم يدّعيا ذلك لأنفسهما.

وقد خرّج جماعة من علماء عصرهما ومن بعدهما عليهما أحاديث قد أخرجاها وهي معلولة وقد جهدت في الذبّ عنها في المدخل إلى الصحيح بما رضيه أهل الصنعة ، وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات قد احتج بمثلها الشيخان رضي الله عنهما أو أحدهما ، وهذا شرط الصحيح عند كافّة فقهاء أهل الإسلام ، أنّ الزيادة في الأسانيد والمتون من الثقات مقبولة. اه.

وقال الحافظ الكبير العراقي في «فتح المغيث» ص ١٧ في شرح قوله في ألفيّة الحديث :

ولم يعمّاه ولكن قلّ ما

عند ابن الأخرم منه قد فاتها

أي لم يعمّ البخاري ومسلم كلّ الصحيح ، يريد لم يستوعباه في كتابيهما ولم يلتزما ذلك ، وإلزام الدارقطني وغيره إيّاهما بأحاديث ليست بلازم ، قال الحاكم في خطبة المستدرك : ولم يحكما ولا واحد منهما أنّه لم يصح من الحديث غير ما أخرجاه. ه.

قال البخاري : ما أدخلت في كتاب الجامع إلّا ما صحّ وتركت من الصحاح لحال الطول.

وقال مسلم : ليس كلّ صحيح وضعته هنا إنّما وضعت هنا ما أجمعوا عليه. يريد ما وجد عنده فيها شرائط المجمع عليه وإن لم يظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم. وقال العراقي أيضا ص ١٩ في شرح قوله :

وخذ زيادة الصحيح إذ تنصّ

صحّته أو من مصنّف ينصّ

بجمعه نحو إن حبّان الزكي

وابن خزيمة وكالمستدرك

لمّا تقدم أن البخاري ومسلما لم يستوعبا إخراج الصحيح فكأنه قيل : فمن أين يعرف الصحيح الزائد على ما فيهما؟ فقال : خذه إذ تنصّ صحته. أي حيث

٦٩٩

ينصّ على صحته إمام معتمد كأبي داود والترمذي والنسائي والدارقطني والخطابي والبيهقي في مصنّفاتهم المعتمدة كذا قيّده ابن الصلاح بمصنفاتهم ولم أقيّده بها بل إذا صحّ الطريق إليهم أنهم صحّحوه ولو في غير مصنفاتهم ، أو صحّحه من لم يشتهر له تصنيف من الأئمة كيحيى بن سعيد القطّان وابن معين ونحوهما فالحكم كذلك على الصواب ، وإنما قيّده ابن الصلاح بالمصنّفات لأنه ذهب إلى أنه ليس لأحد في هذه الأعصار أن يصحّح الأحاديث فلهذا لم يعتمد على صحة السند إلى من صحّحه في غير تصنيف مشهور ، ويؤخذ الصحيح أيضا من المصنّفات المختصة بجمع الصحيح فقط كصحيح أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، وصحيح أبي حاتم محمّد بن حبّان ، وكتاب المستدرك على الصحيحين لأبي عبد الله الحاكم ، وكذلك ما يوجد في المستخرجات على الصحيحين من زيادة أو تتمة لمحذوف فهو محكوم بصحته. انتهى.

فعدم إخراج البخاري ومسلم هذا الحديث المتفق على صحته وتواتره والحال هذه لا يكون قدحا في الحديث إن لم يكن نقصا في الكتابين ومؤلّفيهما ، وكأنّ الشيخ محمود القادري فطن بهذا وحاول بقوله الآنف الذكر : «لا وكم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان» تقديس ساحة الكتابين ومؤلفيهما عن هذا النقص ، لا أنه أراد إثبات صحة الحديث بذلك ، كيف؟ وهو يقول : اتفق على ما ذكرنا جمهور أهل السنّة (١).

ولا يخفى على الباحث أن القرون الأولى لم يكن يوجد فيها شيء من كلّ هذا اللغط أمام ما أصحر به نبيّ الإسلام يوم الغدير ، نعم كان هناك شرذمة من أهل الحنق والأحقاد على آل الله وكانوا ينحتون له قضية شخصية واقعة بين أمير المؤمنين وزيد بن حارثة ، كل ذلك تصغيرا لموقعه العظيم في النفوس ، إلى أن جاء المأمون العباسي وأحضر أربعين من فقهاء عصره وناظرهم في ذلك ، وأثبت

__________________

(١) الغدير : ج ١ / ٣٢٠.

٧٠٠