تراثنا ـ العددان [ 71 و 72 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 71 و 72 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٣٨

(٦٦٦)

ديوان جامى

مولانا نور الدين عبد الرحمن الجامي ، المولود سنة ٨١٧ والمتوفّى سنة ٨٩٨.

من أكبر أعلام القرن التاسع في مختلف مجالاته ، وأشهر من أن يطوّل في التعريف به ، ومَن أراد التفصيل فقد أفرد الأُستاذ الأديب علي أصغر حكمت كتاباً خاصّاً حافلاً في حياة المترجم ، مطبوع سنة ١٣٢٠ هـ ش وفي المكتبة نسخ متعدّدة منه ، منها نسخة عليها خطّه ـ دام عزّه ـ.

ولمولانا جامي غير مثنوياته الخاصّة دواوين ثلاثة دوّنها ورتّبها بنفسه ، أوّلها ديوان رتّبه سنة ٨٨٤ على حسب القوافي ، والثاني رتّبه سنة ٨٨٥ على حسب موضوعاته ، والثالث دوّنه سنة ٨٩٧ ، ورتّب أشعار هذا الديوان على ترتيب تاريخ إنشائها الأوّل فالأوّل ، فسمّى ما نظمه في شبابه : فاتحة الشباب ، والقسم الثاني ما نظمه في منتصف عمره سمّاه : واسطة العقد ، والقسم الثالث منظومات أُخريات حياته سمّاها : خاتمة الحياة ..

راجع : الذريعة ٩ ـ ق ١ ـ / ١٨٨ ، وجامي : ٢٠٧ ، وفهرست سپهسالار ٢ / ٥٧٧ ، فهرس جامعة طهران ٢ / ١٨٦.

نسخـة من الديوان الأوّل ـ يحتوي القصائد والغزليات والمقطعات والرباعيات ـ ثمينة قديمة ، مجدولة مذهّبة ، وعليها لوحة مزوّقة ، بخطّ أحد خطّاطي القرن الحادي عشر ، نستعليق جميل ، قريبة من عصر الشاعر ، عليها ختم تاريخه ١١٥٦ ، وعليها تملّك للشيخ محمّد باقر ابن المرحوم

٢٨١

العلاّمة آخوند ملاّ محمّد تقي گزي الأصفهاني بأوّله وآخره ، وتاريخه رجب ١٢٨٢ ، وختمه : «محمّد باقر العلوم» ..

في ٢٣٧ ورقة ، مقاسها ٤ / ١٣ × ٢٢ ، تسلسل ٦٧٥.

مجلّد يحتوي الديوان الأوّل ـ فيه القصائد والغزليات والمقطعات والرباعيات ـ والديـوان الثاني والقسـم الثالث من الديـوان الثالث ـ واسم هذا القسـم : خاتـمة الحـياة ـ كلّه في مجلّد بخطّ نستعليق جميل ، كتبه أحـد خطّاطي القرن الثاني عشر ، مجدول مذهّب ، عليه تملّك محمّد بن محمّد الشهير بـ : «شاهي» ، وعليه ختم مدوّر ، في أوسطه «محمّد شاه» ، وبدائرته كتابة ـ [لعلّها :] «يا خليل المتكبر» ـ لم تقرأ بوضوح ، وسائره واضـح جلي.

وفي سـتّة مواضع منه تزويق وتذهيب : بأعلى الصفحتين الأُولى والثانية ، ثمّ بأعلى الصفحة التي يبدأ فيها بالغزليات ، المرتّبة حسب القوافي ، ثمّ بأعلى الصفحتين الأُولى والثانية من الديوان الثاني ، ثمّ بأعلى الصفحة الأُولى من خاتمة الحياة ، ومكتوب فيها كتابات كوفية ..

والمجموع في ٦٠٠ ورقة ، مقاسها ٧ / ١٦ × ٢٤ ، تسلسل ١٣٥٦.

(٦٦٧)

ديوان جـلال

هو ديوان فارسي للشاه زاده جلال الدين ميرزا القاجاري.

نسخـة ضمن مجموعة دواوين ، بخطّ محمّد تقي بن محمّد باقر الهمداني ، فرغ منها ٢٨ رجب سنة ١٣٤٩ ، في ١٠ أوراق ، رقم ١٦٥٧.

٢٨٢

(٦٦٨)

ديوان جمالى

وهو : الشاعر التركي ، الصوفي العارف ، الإمامي الحافظ ، قاسم جمال الدين.

من مريدي الشيخ قطب العارفين حاجّ إبراهيم فضال الدين قاضي ناحية «دي» ، سمّى ديوانه هذا : «سلسلة حدقه عشاقى وسنبله حديقه مشتاقى» أو : «دستور ياپير» ، وفرغ منه سنة ١٣٠٥ ، والظاهر أنّ شيخه المذكور كان حيّاً في ذاك التاريخ ، وتخلصه : «جمالي» ، وربّما تخلّص : «قاسم».

وأكثره في مدائح الأئمّة ومراثيهم باللغة التركية ، والظاهر أنّه من أتراك تركيا.

نسخـة بخطّ الناظم ، فرغ منها ـ كما ذكرنا ـ ٢٧ ذي الحجّة سنة ١٣٠٥ ، وألحق بخطّه بآخر ديوانه هذا «الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام» ، أعني استنسخ أكثر أشعاره لا كلّها ، والمجموع في ١٦٥ ورقة ، مقاسها ١٣ × ٣ / ٢٠ ، تسلسل ٣٠٨.

(٦٦٩)

ديوان جمالى

هو : العارف الشيخ محمّد الجمالي التبريزي ، كان شيخ الإسلام بشيراز.

فارسي.

٢٨٣

ذكر شيخنا ـ دام ظلّه ـ أنّ الخطّاطين كانوا يكتبون ديوانه والمذهّبون يذهّبونه له إجلالاً له وإعجاباً به وحبّاً له.

نسخـة بخطّ أحد أُولئك الخطّاطين المعاصرين له ، بخطّ فارسي فاخر عتيق مجدول مزوّق ، بأوّلها لوحة ، وتقع في ٢٢٢ ورقة ، رقم ١٣٥٤.

(٦٧٠)

ديوان حافـظ

[هو : الخواجه شمس الدين محمّد المدعو بـ : حافظ الشيرازي (٧٢٩ ـ ٧٩٢ هـ) على خلاف في تاريخي الولادة والوفاة ، وقبره بشيراز معروف بالحافظية ، ويتفأل بديوانه. انظر : الذريعة ٩ / ٢٢٢].

قطعـة منه ، أوراق من حرف الدال ثمّ حرف اللام والميم ، وهي أوراق متبقّية من نسخة كاملة من الديوان مكتوبة بخطّ فارسي غاية في الروعة والجمال ، وهي نسخة خزائنية ، كتبها أحد خطّاطي القرن العاشر بأجمل خطوط ذلك العصر على ورق مذهّب (زراندود) ، مجدولة بالذهب ، والمجموع الباقي من هذه النسخة النفيسة ١٠ أوراق ، رقم ١٦٧٢.

(٦٧١)

ديوان السيّد حسين بحر العلوم

هو العلاّمة الجليل السيّد حسين ابن العلاّمة السيّد رضا نجل الآية الكبرى السيّد مهدي بحر العلوم.

جمع الناظم ديوانه وجعله في بابين ، الباب الأوّل : ما نظمه في النبيّ وعترته الطاهرة صلوات الله عليهم من مديح ورثاء ، والباب الثاني : في سائر

٢٨٤

ما نظمه في شتّى الأغراض ، وكلّ منهما على حسب القوافي.

نسخـة قيّمة بخطّ أحد الخطّاطين ، كتبها بنسخ جيّد ، وكتب العناوين بالشنجرف ، وهي مؤطّرة ومجدولة بالذهب واللاجورد والشنجرف ، وأظنّها خزائنية ، وهي المهداة من الناظم إلى معتمد الدولة فرهاد ميرزا القاجاري ، وألحق بآخر الديوان قصيدته التي أنشأها عندما بعث الديوان إلى معتمد الدولة ، وألحق بآخره أيضاً تخميس مراثي جدّه السيّد بحر العلوم ، ١٢٩ ورقة ، رقم ١١٩١.

(٦٧٢)

ديوان خاقانى

نسخـة كتبت في جمادى الأُولى سنة ١١١٠ ، بأوّلها قصيدته الشينية التي تسمّى : «مرآت الصفات» ، في ٤٢٢ ورقة ، مقاسها ١٥ × ٧ / ٢٥ ، تسلسل ١٣٢٩.

نسخـة قيّمة ، كتابة أحد خطّاطي القرن العاشر ، تبدأ بخطبة ثمّ «مرآت الصفات» ثمّ الديوان غير مرتّب على حسب القوافي ، تقع في ٣٣٣ ورقة ، مقاسها ٦ / ١٧ × ٢٤ ، تسلسل ١٣٨٤.

للموضوع صلة ...

٢٨٥

مـصطلحـات نحـويّـة

(٢٢)

السيّد علي حسـن مطر

واحد وأربعون ـ مصطلح اسم الجمع

عبّر سيبويه (ت ١٨٠ هـ) عن «اسم الجمع» بأنّه : «الاسم الذي لم يكسّر عليه واحده للجمع» ؛ فقد قال في باب التحقير : «هذا باب تحقير مالم يكسّر عليه واحده للجمع ، ولكنّه شيء واحد يقع على الجميع ، فتحقيره كتحقير الاسم الذي يقع على الواحد ؛ لأنّه بمنزلته إلاّ أنّه يعنى به الجميع ، وذلك قولك في قوم : قويم ، وفي رجل : رُجيل ، وكذلك في النَّفَر والرَهْط والنِسوة» (١).

وقال في موضع آخر : «هذا باب ما هو اسم يقع على الجميع لم يكسّر عليه واحده ، ولكنّه بمنزلة قَوْم ونَفَر وذَوْد ، إلاّ أنّ لفظه من لفظ واحده ، وذلك قولك : رَكْب وسَفْر ، فالركب لم يكسّر عليه راكب ، ألا ترى أنّك تقول في التحقير : رُكيب وسُفير ، فلو كان كسّر عليه الواحد رُدَّ إليه ،

____________

(١) الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون ٣ / ٤٩٤.

٢٨٦

فليس (فَعْل) ممّا يكسّر عليه الواحد للجمع» (١).

وقد حذا ابن السرّاج (ت ٣١٦ هـ) حذو سيبويه في التعبير عن اسم الجمع بأنّه : «اسم يقع على الجميع ولم يكسّر عليه واحد ، وهو من لفظه» (٢) ِ.

ويبدو أنَّ المبّرد (ت ٢٨٥ هـ) أوّل من عبّر عنه بـ : «اسم الجمع» ؛ إذ قال : «وأمّا قولهم : خادِم وخَدَم وغائب وغَيَب ، فإنّ هذا ليس بجمع (فاعل) ... إنّما هي أسماء للجمع ... ولو قالوا : (فُعُل) لكان من أبواب جمع (فاعل) ... نحو : كتاب وكُتُب» (٣).

وقال في موضع آخر : «أسماء الجمع التي ليس لها واحد من لفظها : اعلم أنّ مجراها في التحقير مجرى الواحد ؛ لأنّها وضعت أسماءً ، كلّ اسم منها لجماعة ، كما أنّك إذا قلت : (جماعة) فإنّما هو اسم مفرد وإن كان المسمّى به جمعاً ... وتلك الأسماء : نَفَر وقَوْم ورَهْط وبَشَر ، تقول : بُشَيْر وقُوَيْم ورُهَيط» (٤).

وعبّر عنه ابن السرّاج (ت ٣١٦ هـ) بـ : «اسم الجميع» قائلاً : «وما كان اسماً للجميع ، وليس من لفظ واحده فهو كالواحد ويصغّر على لفظه ، نحو : قَوْم ، تقول فيه : قُوَيم ، ورَهْط تقول فيه : رُهَيْط» (٥).

وإلى هنا لا نجد النحاة يفرّقون في اسم الجمع بين ما لم يكن له

____________

(١) الكتاب ٣ / ٦٢٤.

(٢) الأُصول في النحو ، ابن السرّاج ، تحقيق عبد الحسين الفتلي ٣ / ٣١.

(٣) المقتضب ، محمّد بن يزيد المبّرد ، تحقيق محمّد عبد الخالق عضيمة ٢ / ٢٢٠.

(٤) المقتضب ٢ / ٢٩٢.

(٥) الموجز في النحو ، أبو بكر محمّد بن السرّاج ، تحقيق مصطفى الشويمي وبن سالم دامرجي : ١٢٢.

٢٨٧

واحد من لفظه ، وبين ما كان له واحد ، كرَكْب وسَفْر ، ممّا قام الدليل على أنّه ليس جمع تكسير لمفرده ، إلاّ أنّ أبا الحسن الأخفش المتوفّى أوائل القرن الرابع (١) ، ذهب إلى أنّ نحو : ركب وسفر جمع «تكسير ، فإذا صُـغِّر على مذهبه رُدَّ إلى الواحد وصُـغِّر عليه ، ثمّ تلحقه الواو والنون إن كان مذكّراً ، والألف والتاء إن كان مؤنّثاً ، فتقول في تصغير رَكْب : رُوَيكبون ، وفي سَفْر : مُسَيفرون ، ورُوَيْكبات ومُسَيْفرات» (٢).

وسيأتي استعراض أدلّة النحاة على بطلان مذهبه.

وقال الزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) : «ويقع الاسم على الجميع لم يكسر عليه واحده ، وذلك نحو : رَكْب وسَفْر وأَدَم وعَمَد وحَلَق وخَدَم» (٣).

وتمثيله لاسم الجمع بنحو : ركب وسفر ، واضح في مخالفته لما ذهب إليه الأخفش ، وقد ساق ابن يعيش (ت ٦٤٣ هـ) في شرحه لعبارة الزمخشري أربعة أدلّة على بطلان مذهب الأخفش وهي :

[الأوّل] : «أنّ المسموع في تصغير رَكْب : رُكَيْب ، قال الشاعر :

وأينَ رُكيبٌ واضعون رحالَهم

إلى أهلِ نارٍ من أُناسٍ بأَسودا

 ... وهذا نصٌّ في محلِّ النزاع ؛ إذ لو كان جمعاً مكسّراً لرُدَّ إلى الواحد ، فأمّا قول أبي الحسن : (رُوَيكبون) ، فهو شيء يقوله على مقتضى قياس مذهبه ، والمسموع غيره.

الثاني : إنّ الجمع المكسّر مؤنّث ، وهذه الأسماء مذكّرة ، تقول : هو

____________

(١) تاريخ وفاته مردّد بين الأعوام ٢١٠ ، ٢١٥ ، ٢٢١ هـ. (المزهر ـ للسيوطي ـ ٢ / ٤٦٣).

(٢) شرح المفصّل ، ابن يعيش ٥ / ٧٧.

(٣) المفصّل في علم العربية ، جار الله الزمخشري : ١٩٧.

٢٨٨

الرَّكْب ، وهذا السَّفْر ، ولو كان مكسّراً لقلت : هي وهذه.

الثالث : إنّ (فَعْلاً) لا يكون جمعاً مكسّراً لفاعل ونحوه ؛ لأنّ الجمع المكسّر حقّه أن يزيد على لفظ الواحد ، وهذا أخفّ من بناء الواحد.

الرابع : إنّ هذه الأبنية لو كانت جمعاً صناعياً ، لاطّرد ذلك في ما كان مثله ، وأنت لا تقول في جالس : جَلْس ، ولا في كاتب : كَتْب.

فثبت بما ذكرناه أنّه : اسم مفرد دالّ على الجمع ، وليس جمعاً على الحقيقة» (١).

وقال الشلوبيني (ت ٦٤٥ هـ) معرّفاً باسم الجمع : «وضعت أسماء الجموع نحو الرَّهْط والنَّفَر والقَوْم والعُصبة لأداءِ معناها من أوّل وهلة ، لا أنّها كانت آحاداً ثمّ عطف عليها بالواو آحادٌ مثلها ، ثمّ عوّض من الآحاد التي عطفت بالواو على الأوّل شيء أُضيف إلى الأوّل المعطوف عليه كما فعل ذلك في التثنية وجمع السلامة» (٢).

وقال أيضاً : «ولمْ يُقل فيه إنّه مجموع ؛ لأنّه ليس له واحد من لفظه ، ولا يكون الجمع عندهم إلاّ ما له واحد من لفظه ... وربّما جاءَ ما ظاهره ذلك ، ولكن يقوم الدليل على أنّه ليس بجمع تكسير ، وعلى أنّه ليس بمبنيّ على واحدٍ غير الجمع ، كرَكْب» (٣).

ويمكن أن يستفاد من عبارته الأخيرة في صياغة تعريف «اسم الجـمع» ، بأنّه : ما دلَّ على جماعة وليس بمبني على واحد غير الجمع ، فهذا أفضل من قولهم : ولم يكن له واحد من لفظه ؛ لأنّ هذا يوهم دخول

____________

(١) شرح المفصّل ، ابن يعيش ٥ / ٧٧ ـ ٧٨.

(٢) شرح المقدّمة الجزولية ، أبو علي الشلوبيني ، تحقيق تركي العتيبي ١ / ٣٨٣.

(٣) التوطئة ، أبو علي الشلوبيني ، تحقيق يوسف المطوّع : ١٢٥.

٢٨٩

نحو : صَحْب ورَكْب في التعريف ، وإن أمكن إخراجه بما ذكروه.

وقال ابن عصفور (ت ٦٦٩ هـ) : «اسم الجمع ، ما ليس له واحد من لفظه ، نحو : قوم ؛ لأنّ واحده رجل ، ونحو : إبل ؛ فإنّ واحده ناقة أو جـمل» (١).

وفيه شيء من المسامحة ، وكان ينبغي أن يصدّره بـ : (ما دلَّ على أكثر من اثنين) ، أو : (ما دلَّ على جماعة).

وقال ابن مالك (ت ٦٧٢ هـ) في التعريف بالجمع واسم الجمع ، وبيان الفارق بينهما : «كلّ اسـم دلّ على أكثر من اثنين ولا واحد له من لفظه ، فهو جمع واحد مقدّر إن كان على وزن خاصّ بالجمع أو غالب فيه ، وإلاّ فهو اسم جمع ، فإن كان له واحد يوافقه في أصل اللفظ دون الهيئة وفي الدلالة عند عطف أمثاله عليه فهو جمع ، ما لم يخالف الأوزان الآتي ذكرها ، أو يساوِ الواحد دون قبح في خبره ووصفه والنسبة إليه ... فإن كان كذلك فهو اسم جمع ... لا جمع ، خلافاً للأخفش في رَكْب ونحوه» (٢).

ويستفاد من كلامه أنّ من شروط كون الاسم الدالّ على أكثر من اثنين جمعاً اصطلاحياً :

* أوّلاً : أن يكون على وزن خاصّ بالجمع أو غالب فيه.

* ثانياً : أن لا يكون مساوياً للمفرد في خبره ووصفه والنسبة إليه.

وعليه يثبت أنّ مثل : (ركب) اسم جمع وليس جمعاً لراكب ؛ لأنّه لم يأتِ على وزن خاصّ بالجمع أو غالب فيه ، ولأنّه مساوٍ للمفرد في خبره

____________

(١) شرح جُمل الزجّاجي ، ابن عصفور ، تحقيق صاحب أبو جناح ١ / ١٤٧.

(٢) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمّد كامل بركات : ٢٦٧.

٢٩٠

ووصفه والنسبة إليه ؛ إذ يقال فيه : الركب سائر ، كما يقال : الراكب سائر ، بينما لا يقال في الجمع : الرجال سائر ؛ فإنّ فيه قبحاً.

ويستخلص منه تعريفه لاسم الجمع بأنّه : ما دلّ على أكثر من اثنين ، ولم يكن على وزن خاصّ بالجمع أو غالب فيه ، ولم يساوِ المفرد في خبره ووصفه والنسبة إليه.

ومن الجدير بالذكر هنا ما لاحظه أبو حيّان الأندلسي على ابن مالك من أنّه أورد «في أسماء الجـموع جملة ممّا بينه وبين المفرد تاء التأنيث وياء النسب ، وأصحابنا لا يسمّون هذا النوع اسم جمع بل يسمّونه اسم جنس» (١).

وقال ابن الناظم (ت ٦٨٦ هـ) : «الموضوع لمجموع الآحاد هو اسم الجمع ، سواء كان له واحد من لفظه كرَكْب وصَـحْب ، أو لم يكن كقوم ورهط ... وممّا يعرف به اسم الجمع كونه على وزن الآحاد ، وليس له واحد من لفظه ... وكونه مساوياً للواحد في تذكيره والنسبة إليه» (٢).

فهو يرى أنّ حقيقة اسم الجمع تتقوّم بكونه موضوعاً أوّل وهلة للدلالة على مجموع الآحاد ، وأنّها ليست من قبيل دلالة تكرار الواحد بالعطف كما هي الحال في الجمع الاصطلاحي ، وأمّا كونه على وزن الآحاد ... إلى آخر ما ذكره ، فهي علامات يعرف بها اسم الجمع.

وقال الرضيّ (٦٨٦ هـ) : «اسم الجمع نحو : إبل وغنم ؛ لأنّها وإن

____________

(١) ارتشاف الضرب من لسان العرب ، أبو حيّان الأندلسي ، تحقيق رجب عثمان محمّد ١ / ٤٨٢.

(٢) شرح الألفية ، ابن الناظم : ١٤ ـ ١٥.

٢٩١

دلّت على آحاد ، لكن لم يقصد إلى تلك الآحاد بأن أُخذت حروف مفردها وغُيّرت بتغيير ما ، بل آحادها ألفاظ من غير لفظها ، كبعير وشاة» (١).

ثمّ ردّ القول بأنّ نحو ركب في راكب وطَلَب في طالب جمع ، بدعوى أنّ آحادها من لفظها ، وأنّ (راكب) مثلاً قد غُيّرت حروفه فصار (ركباً) بقوله : ليس راكب بمفرد ركب ، وإن اتّفق اشتراكهما في الحروف الأصلية ؛ لأنّها لو كانت جموعاً لهذه الآحاد ، لم تكن جموع قلّة ؛ لأنّ أوزانها محصورة ... بل جموع كثرة ، وجمع الكثرة لا يُصغّر على لفظه ، بل يُردّ إلى واحده ... وهذه لا تردّ ، نحو : رُكَيب ... وأيضاً لو كانت جموعاً لردّت في النسب إلى آحادها ، ولم يُقل : ركبيّ» (٢).

وقال أبو حيّان (ت ٧٤٥ هـ) : «واسم الجمع قسمان : قسم ليس له واحد من لفظه ، كقَوْم ورَهْط ونَفْر ، وقسم له واحد من لفظه ، نحو : صَحْب ، وسبق ذكر الخلاف فيه ، وإنّ الأخفش يذهب إلى أنّه جمع تكسير» (٣).

وقال ابن الفخّار (ت ٧٥٤ هـ) : «اسم الجمع ، وهو : ما ليس له واحد من لفظه لا تحقيقاً ولا تقديراً ، أو له واحد من لفظه ولم يثبت في أبنية الجموع ، خلافاً للأخفش» (٤).

وقال الأشموني (ت ٩٠٠ هـ) في شرحه على الألفية : «الفرق بين الجمع واسم الجمع من وجهين ، معنوي ولفظي :

____________

(١) شرح الرضيّ على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر ٣ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦.

(٢) شرح الرضيّ على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر ٣ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦.

(٣) ارتشاف الضرب من لسان العرب ١ / ٤٨٠.

(٤) شرح جُمل الزجّاجي ، ابن الفخار الخولاني ، مصوّرتي عن مخطوطة الخزانة العامّة بالرباط : ٢٩.

٢٩٢

أمّا المعنوي ، فهو : أنّ الاسم الدالّ على أكثر من اثنين إمّا أن يكون موضوعاً لمجموع الآحاد المجتمعة ، دالاًّ عليها دلالة تكرار الواحد بالعطف ، وإمّا أن يكون دالاًّ عليها دلالة المفرد على جملة أجزاءِ مسمّاه ... فالأوّل هو الجمع ، سواء كان له واحد من لفظه مستعمل ، كرجال وأسود ، أو لم يكن ، كأبابيل (١) ، والثاني هو اسم الجمع ، سواء كان له واحد من لفظه ، كرَكْب وصَحْب ، أم لم يكن ، كقوم ورهط ...

وأمّا اللفظي ، فهو : أنّ الاسم الدالّ على أكثر من اثنين إن لم يكن له واحد من لفظه ، فإمّا أن يكون على وزن خاصّ بالجمع ، نحو : أبابيل وعباديد (٢)) ، أو غالب فيه ، نحو : أعْراب ، فهو جمع واحدٍ مقدّر ، وإلاّ فهو اسم جمع ، نحو : رهط وإبل» (٣).

وعليه يمكن طرح تعريفين لاسم الجمع ، يقوم أحدهما على أساس الفارق المعنوي بينه وبين الجمع الاصطلاحي ، فيقال : إنّه ما كان موضوعاً لمجموع الآحاد ، دالاًّ عليها دلالة المفرد على جملة أجزاء مسمّاه ، ويقوم الآخر على أساس الفارق اللفظي بينهما ، فيقال : إنّه ما دلّ على أكثر من اثنين ولم يكن على وزن خاصّ بالجمع أو غالب فيه.

وقد أخذ الفاكهي (ت ٩٧٢ هـ) بالنحو الأوّل ؛ فقال في تعريف اسم الجمع : إنّه «الاسم الموضوع لمجموع الآحاد دالاًّ عليها دلالة المفرد على جملة أجزاء مسمّاه ... فمدلوله مجموع الأفراد ، وكلّ منها جزء مدلوله ،

____________

(١) الأبابيل : جماعة في تفرقة ، واحدها إبّيل وإبّول ، وذهب أبو عبيدة إلى أنّ الأبابيل جمع لا واحد له من لفظه. لسان العرب ، مادّة «أبل».

(٢) العباديد : الخيل المتفرّقة ، لا واحد له ، ولا يقال : عبديد. لسان العرب ، مادّة «عبد».

(٣) شرح الأشموني على الألفية ، تحقيق حسن حمد ٣ / ٤١٢.

٢٩٣

ودلالته على أحدها بالتضمّن ؛ لأنّه جزء المدلول ، كالتخت اسم لذي أجزاء مدلوله مجموعها» (١).

* * *

____________

(١) الحدود النحوية ، جمال الدين الفاكهي ، تحقيق محمّد الطيّب الإبراهيم : ٩٠ ـ ٩١.

٢٩٤

من ذخائر التراث

٢٩٥
٢٩٦

٢٩٧
٢٩٨

مقـدّمة التحقيق :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد خير الأنام ، وعلى آله الطيّبين الطاهرين ، وعلى أصحابه الكرام.

أمّا بعد ..

لقد أجمعت الأُمّة على أنّ أفضل مكان للسجود هو الأرض ؛ بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لقد جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً» (١).

وهو محلّ اتّفاق ؛ لقولَي الإمام جعفر الصادق عليه السلام : «السجود على الأرض أفضل ؛ لأنّه أبلغ في التواضع والخضوع لله عزّ وجلّ» ..

و : «السجود على الأرض فريضة ، وعلى غير الأرض سنّّة» (٢).

وهنا يلاحظ أنّ الجميع ـ بدون استثناء ـ متّفقين على أنّ السجود على الأرض هو الأفضل.

____________

(١) انظر : صحيح البخاري ١ / ١٤٩ ح ٢ وص ١٩٠ ح ٩٨ ، صحيح مسلم ٢ / ٦٣ ـ ٦٤ ، سُـنن الترمذي ٢ / ١٣١ ح ٣١٧ ، سُـنن أبي داود ١ / ١٢٩ ح ٤٨٩ ، سُـنن النسائي ٢ / ٥٦ ، مسند أحمد ٢ / ٢٤٠ و ٢٥٠.

(٢) الوسائل ٥ / ٣٦٧ ح ١ و ٢ باب ١٧ إستحباب السجود على الأرض.

٢٩٩

ولكن عندما نلاحظ مناخ الجزيرة العربية آنذاك ، وما تحمله من الطقس الحارّ وارتفاع درجات الحرارة والجفاف الذي كان يسود أجواؤها ، ممّا يعني صعوبة السجود على رمضائها ، حاول كثير من الصحابة إيجاد منفذ للتخلّص من السجود على هذه الأرض الحارّة ، فكان أكثر الصحابة يحتفظون بأشياء مرتبطة بطبيعة الأرض ، فبدؤوا بأخذ الحصى والاحتفاظ به لحين موعد صلاتهم ؛ وذلك لدفع الضرر الحاصل من السجود على الأرض السـاخنة ، لذا أصبحت هي البديـل في سجودهم ، وقد صرّح بذلك كثير من الصحابة ، منهم : جابر بن عبدالله ، وأنس بن مالك ، وغيرهم ..

فقد قال جابر بن عبدالله : «كنت أُصلّي الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فآخذ قبضة من الحصى ليبرد في كفّي أضعها لجبهتي أسجد عليها لشدّة الحـرّ» (١).

وقال أنس بن مالك : «كنّا نصلّي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شدّة الحرّ فيأخذ أحدنا الحصباء في يده ، فإذا برد وضعه وسجد عليه» (٢).

وعن ابن عمر : «مُطرنا من الليل فخرجنا لصلاة الغداة ، فجعل الرجل يمرّ على البطحاء ، فيجعل في ثوبه من الحصباء فيصلّي عليه ...» (٣).

فثبت لنا هنا أنّه يمكن أن نأخذ شيئاً من الأرض شرط الطهارة بديلة لها ، وتكون حاضرة معنا في حلّنا وترحالنا ؛ والكلّ يعلم أنّ الحصى

____________

(١) راجع : مسند أحمد ٣ / ٣٢٧ ، المستدرك على الصحيحين ١ / ٣٠٩ ح ٧٠١ ؛ وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، وأقرّه الذهبي في التلخيص ، السُـنن الكبرى ٢ / ١٠٥ ؛ وفيه : قال الشيخ : ولو جاز السجود على ثوب متّصل به لكان ذلك أسهل من تبريد الحصى في الكفّ ، ووضعها للسجود عليها.

(٢) السُـنن الكبرى ٢ / ١٠٦.

(٣) السُـنن الكبرى ٢ / ٤٤٠.

٣٠٠