نهاية الأفكار

الشيخ محمد تقي البروجردي النجفي

نهاية الأفكار

المؤلف:

الشيخ محمد تقي البروجردي النجفي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٥٥

تقرير أبحاث آية الله الشيخ آغا ضياء العراقي قدس سره
الجزء ١ و ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ - ١

في الأصول الموضوعية للآثار الشرعية المترتبة على الآثار الشرعية الخارجة عن ابتلاه المكلف في زمان التعبد بالمؤدى ، كما في الماء التالف الذي غسل به الثوب النجس سابقا أو توضأ به غافلا فشك بعد خروجه عن الابتلاء بتلف ونحوه في طهارته أو في اطلاقه ( هذا ) إذا أريد من تطبيق العمل على المؤدى تطبيقه عليه بجميع لوازمه ( واما ) لو أريد به التطبيق في الجملة ولو بانتهائه إلى الأثر الشرعي ( فيتوجه ) عليه اشكال التفكيك بين اللوازم الشرعية المترتبة على المستصحب بتوسيط امر شرعي ، وبين اللوازم الشرعية المترتبة بتوسيط اثر عقلي أو عادى بعد فرض اشتراكهما في الانتهاء إلى الأثر العملي ( وبما ذكرنا ) انقدح بطلان المسلك الأول الراجع إلى جعل مفاد التنزيل من باب جعل الأثر والمماثل بلا واسطه ( إذ لازمه ) تخصيص حجية الاستصحاب في الموضوعات بما إذا كان الموضوع مورد ابتلاء المكلف حين توجيه التكليف بعدم النقض ، ولازمه عدم صحة استصحاب طهارة الماء التالف ، أو اطلاقه في فرض ابتلاء المكلف بأثره وملاقيه حين الشك في طهارته ، أو اطلاقه ، لامتناع جعل الأثر الحقيقي للماء التالف فعلا خصوصا لو قيل بان الطهارة منتزعة من احكام تكليفية قائمة بذات الموضوع من نحو جواز شربه وجواز استعماله في الوضوء ونحوه ، وهو كما ترى ( مضافا ) إلى اقتضائه عدم جريانه في القسم الثاني من اقسام الكلى فيما لو كان المستصحب تكليفا واثرا شرعيا ، كالوجوب المردد بين النفسي أو الغيري لواجب آخر قد علم بارتفاعه بنسخ ونحوه ، لامتناع جعل كلي الأثر والقدر المشترك بلا كونه في ضمن فصل خاص ، فإنه كما يمتنع جعل الوجوب الواقعي عاريا عن الخصوصية النفسية أو الغيرية ( كذلك ) يمتنع جعل الوجوب الظاهري بلا كونه في ضمن إحدى الخصوصيتين ( وهذا ) بخلاف المسلك المختار الراجع إلى كون نتيجة التنزيل مجرد التعبد بالمؤدى والامر بالمعاملة مع المتيقن السابق معاملة الباقي من حيث الجري العملي على طبقه حركة وسكونا ، فإنه عليه لا محذور في جريان الاستصحاب في الخارج عن الابتلاء في زمان الشك بلحاظ التعبد بأثره المبتلى به في زمان الشك من نحو طهارة الثوب المغسول به ، وصحة الوضوء السابق وصلاته ، كما لا محذور في التعبد ببقاء

١٨١

القدر المشترك في المثال بلحاظ الجري العمل على طبقه ، كما أنه على هذا المسلك بمقتضى الانصراف المدعي إلى القضايا الشرعية يصح التفكيك في الآثار مع الواسطة بين ما يكون ترتبه على المستصحب بواسطة شرعية ، وبين ما لا يكون كذلك ( نعم ) لو اغمض عن الانصراف المزبور لا مجال لنفي الأصول المثبتة من جهة ابتلائها بوجود المعارض من طرف استصحاب العدم الجاري في الأثر العقلي المسبوق بالعدم ( إذ ذلك ) انما يتوجه في فرض كون مبنى حجية المثبت اطلاق التنزيل بلحاظ جعل الأثر الحقيقي ولو بالواسطة ( والا فعلى المختار ) في مفاد هذه التنزيلات من كونه مجرد التعبد بوجود الشيء وتوسعته من حيث موضوعيته للتعبد بأثره بلا واسطة ، وكذا التعبد به من حيث موضوعيته لاثر آخر إلى أن ينتهي إلى الأثر الشرعي العملي ، فلا يتوجه الاشكال المزبور ( فان ) الشك في وجود الأثر العقلي الذي هو أحد الوسائط بعد أن كان مسببا عن الشك في وجود موضوعه وسببه وهو الحياة مثلا ، فلا محالة يكون الأصل الجاري فيها من حيث موضوعيته للأثر حاكما على الأصل الجاري في نفس الأثر ورافعا للشك عن وجوده ، فيخرج بذلك عن عموم لا تنقض فلا يجري فيه أصل العدم حتى يعارض استصحاب الحياة ( نعم ) لو كان مقتضى الأصل الجاري في الأثر الذي هو النمو أو نبات اللحية توسعته حتى من حيث أثريته للحيوة لا من حيث ذاته فقط ، بحيث يستتبع توسعته من هذه الجهة توسعة في موضوعه وسببه ، لكان للمعارضة المزبورة مجال ، لاقتضاء كل من استصحاب الموضوع والأثر نفي الشك عن الآخر واخراجه عن عموم لا تنقض ( ولكن ) دون اثباته خرط القتاد ، ومعه يبقي الأصل الجاري في الموضوع بلا معارض ( وحينئذ ) فالعمدة في المنع عن اعتبار المثبت ما ذكرناه من انصراف هذه التنزيلات إلى تطبيق خصوص القضايا الشرعية المترتبة على المؤدى بلا واسطة ، بلا نظر لها إلى غيرها من القضايا العقلية أو العادية كي يقتضى توسعته بلحاظ مطلق ما يترتب عليه من الأثر ولو بواسطة عقلية أو عادية.

( ثم إن ما ذكرناه ) من الانصراف المزبور غير مختص بمفاد خصوص

١٨٢

التنزيلات الواردة في الأصول ، بل هو جار في كل دليل مثبت لمثل هذه التنزيلات سواء فيه الأصول أو الامارات فلا فرق بينهما من هذه الجهة ( وانما الفرق ) بينهما في التزامهم بحجية المثبت في الامارات دون الأصول من جهة اقتضاء الطرق والامارات حكايات متعددة بالنسبة إلى المؤدى ولوازمه وملزوماته وملازماته ، حيث إنه بهذا الاعتبار ينطبق موضوع التنزيل على جميع تلك الحكايات فتكون الامارة الواحدة باعتبار تعدد حكايتها بمنزلة امارات متعددة قائمة بعضها على المؤدى وبعضها على لوازمه وبعضها على ملزوماته وملازماته في أنها باشتمالها على كل حكاية تكون مشمولة لدليل التصديق مستقلا بلحاظ التعبد بأثره في عرض الحكاية الأخرى ، مع انصراف دليل التصديق في كل حكاية كما في التعبد بالأصول إلى توسعة خصوص القضايا الشرعية المترتبة عليه بلا واسطة عقلية أو عادية ( وهذا ) بخلاف الأصول فإنها من جهة عدم كشفها عن المؤدى ولوازمه وملزوماته يكون التنزيل فيها مقصورا على خصوص المؤدى بلحاظ التعبد بأثره الشرعي بلا واسطة عقلية أو عادية ، فلا يكون المتعبد به في استصحاب الحياة مثلا الا عنوان المتيقن من حيث تيقنه به ، بلحاظ ما يترتب عليه من الأثر الشرعي بلا واسطة ، دون غيره مما هو لازمه أو ملزومه ( فتكون ) الأصول من هذه الجهة نظير ما هو المشهور في باب الرضاع من اختصاص حرمة النشر في قوله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب بما إذا تحقق من قبل الرضاع إحدى العناوين المحرمة بالنسب كعنوان الام وعنوان الأخت أو العمة أو الخالة ونحوها ، دون غيرها من العناوين الملازمة لها كعنوان أخت الأخت مثلا ، وان كان بينهما فرق من جهة أخرى من حيث كون الاشكال في الأصول المثبتة من جهة قصور دليل التنزيل عن الشمول للعناوين الملازمة ، بلا اشكال في ثبوت أصل الكبرى ، بخلاف باب الرضاع فان الاشكال فيه يكون من جهة ثبوت أصل الكبرى وهي حرمة أخت الأخت بهذا العنوان في باب النسب ، بلا قصور في دليل التزيل في الشمول لكل ما ثبت من الكبرى في النسب ، ففي الحقيقة يكون بين البابين تمام المعاكسة من جهة الملاك والمناط ، ولكن مثل هذه التفرقة لا يضر بما نحن بصدده من تنظير أحد البابين بالآخر ، إذ يكفي في صحته مجرد اشتراكهما في عدم اثبات

١٨٣

اللوازم وان كان ذلك في كل باب بمناط غير المناط في الباب الآخر.

( واما المنع ) عن تعدد الحكاية في الطرق والامارات ، بتوهم عدم حكايتها الا عن خصوص المؤدى دون لوازمه وملزوماته وملازماته ، بدعوى ان المخبر عن الشيء كالموت والحياة قد لا يلتفت إلى لوازمه كالنمو ونبات اللحية فضلا عما يستتبعه من اللوازم الشرعية مع وضوح ان حكاية الخبر عن الشيء فرع التفات المخبر إليه وبدونه يستحيل الحكاية ( فمدفوع ) بان الامر كذلك في الحكاية التصديقية الموجبة للاذعان بكون المؤدى مرادا للمتكلم لا مطلقا حتى بالنسبة إلى الحكاية التصورية ( واعتبار ) خصوصها حتى في لوازم المؤدى وملزوماته ممنوع جدا ( بل نقول ) : انه بعد احراز الحكاية التصديقية بالنسبة إلى المؤدى والمدلول المطابقي يكفي في صحة الاخذ بلوازمه وملزوماته ، مجرد حكاية الخبر عنها ولو تصورية الملائمة مع القطع بعدم التفات المخبر والمتكلم إليها ( ولذا ترى ) بناء العرف والعقلاء في محاوراتهم وفى باب الاقرار وغيره على الاخذ بلوازم الكلام الصادر من الغير والزامهم إياه بما يقتضيه كلامه من اللوازم حتى مع قطعهم بعدم التفات المتكلم إلى تلك اللوازم وغفلته عنها ( ومن الواضح ) انه لولا كفاية مجرد الدلالة التصورية في صحة الاخذ بلوازم المؤدى وملزوماته لما صح منهم الاخذ بلوازم الكلام الصادر عن الغير واخذه بما يقتضيه كلامه من اللوازم ( نعم ) لابد في صحة الاخذ بها من احراز الدلالة التصديقية بالنسبة إلى المؤدى والمدلول المطابقي ، وبعد احراز هذه الجهة ولو بالأصول العقلائية يؤخذ بجميع ما له من اللوازم والملزومات بمقتضى الدلالة التصورية ( وعلى فرض ) تسليم اعتبار الدلالة التصديقية حتى بالنسبة إلى لوازم المؤدى وملزوماته ، نقول : انه يكفي في الحكاية المزبورة مجرد التفات المخبر والمتكلم إلى لوازم المؤدى وملزوماته ولو بنحو الاجمال ، بان لكلامه لازم وملزوم ولا يحتاج إلى الالتفات التفصيلي بالنسبة إليها ، ومع تحقق ذلك بنحو الاجمال ، لا قصور في شمول دليل التعبد بالامارة لجميع ما يحكي عنه من المؤدى ولوازمه وملزوماته ( وبذلك ) تمتاز الامارات والأدلة الاجتهادية عن الأصول في حجية المثبتات فيهما دون الأصول ( والا ) فمع المنع عن تعدد الحكاية فيهما يشكل التفرقة

١٨٤

بينهما وبين الأصول في حجية المثبتات. ( وأقصى ) ما قيل حينئذ في الفرق بينهما أمران ( أحدهما ) ان الامارة على الشيء وان لم تكن حاكية الا عن نفس المؤدى ولا كان التعبد بها الا تعبدا واحدا بمدلولها المطابقي ( ولكن ) التعبد بالمؤدى يشمل اللوازم المترتبة عليه ولو بوسائط عقلية أو عادية ( وفيه مالا يخفي ) فإنه بعد عدم كون التعبد بها الا تعبدا بمدلولها المطابقي ، كيف يمكن دعوى شموله لما يتبعه من اللوازم ، مع أن هذا الملاك موجود في الأصول أيضا ، فلم لا يقال به فيها ، فيطالب بالفرق بينهما ( وثانيهما ) ما عن بعض الأعاظم قدس‌سره فإنه بعد التزامه بان للامارة على الشيء كحيوة زيد لا تكون الا حكاية واحدة عن المؤدى وهو الحياة لا حكايات متعددة حكاية عن حياة زيد وحكاية عن نموه ونبات لحيته ، قال : ان الوجه في حجية مثبتات الامارة دون الأصول ، هو ان الامارة تكون محرزة للمؤدى وكاشفة عنه كشفا ظنيا وان الشارع بأدلة اعتبارها قد أكمل جهة نقصها فصارت الامارة ببركة دليل اعتبارها كاشفة عن الواقع ومحرزة له كالعلم الوجداني وبعد انكشاف المؤدى يترتب عليه جميع ما له من الخواص والآثار على قواعد سلسلة العلل والمعلولات ( وحاصل ) ما افاده هو مقايسته الامارة بالعلم الوجداني ، بدعوى انه كما أن بالعلم الوجداني بشيء كحيوة زيد مثلا يترتب جميع ما للمعلوم من اللوازم والآثار ، كذلك بقيام الامارة عليه ، فإنه بعد أن كان المجعول فيها هو الطريقية والكاشفية والوسطية في الاثبات تصير الامارة لا محالة ببركة دليل تتميم كشفها كاشفة عن الواقع كالعلم الوجداني فإذا أقامت على حياة زيد فبنفس اثباتها للحيوة يثبت قهرا جميع مالها من الخواص والآثار ولو بألف واسطة عقلية أو عادية على قواعد سلسلة العلل والمعلولات ولا يحتاج في اثبات اللوازم إلى حكاية الامارة عنها كحكايتها عن المؤدى ( بخلاف ) الأصول العملية ، فإنه ليس فيها جهة كشف عن الواقع ولو ناقصا كي يكون المجعول فيها هو الطريقية ، وانما المجعول فيها مجرد تطبيق العمل على المؤدى ، اما بالبناء على أنه هو الواقع كالأصول المحرزة : أو بدونه كما في الأصول غير المحرزة ، فلا يمكن المصير فيها إلى حجية المثبتات لعدم اقتضاء أدلتها أزيد من اثبات نفس المؤدى أو ما يترتب عليه من الحكم

١٨٥

الشرعي بلا واسطة عقلية أو عادية ( وفيه ما لا يخفى ) فان حيثية الطريقية والكاشفية والمحرزية بعد ما كانت بحقيقتها من الأمور التكوينية الخارجية ، لامن الحقايق الاعتبارية الجعلية ، فلا محالة يكون مرجع جعل الطريقية والكاشفية للامارة تأسيسا أو امضاء إلى الجعل بمعنى الادعاء والتنزيل بادعاء ما ليس بكاشف تام حقيقة كاشفا تاما المستلزم لتطبيق عنوانه على المورد بنحو من الادعاء والعناية ، نظير جعل الحياة أو العدالة لزيد بالجعل التشريعي ، ومرجع ذلك بعد احتياج التنزيل إلى الأثر الشرعي المصحح له ولو في طرف المنزل إلى الامر بالمعاملة مع ما أدت إليه الامارة معاملة الواقع في الجري العملي على طبقه وعدم الاعتناء باحتمال مخالفته للواقع ، لكونه هو الذي زمام امر رفعه ووضعه بيد الشارع ويصلح أيضا لتنجيز الواقع وقد تقدم تفصيل ذلك في الجزء الثالث من الكتاب عند البحث عن قيام الطرق والأصول مقام القطع فراجع ( وحينئذ ) نقول : انه بعد عدم حكاية الطرق والامارات على ملزوم المؤدى وملازماته ، لا مجال لترتب تلك اللوازم والآثار بمحض التعبد بانكشاف المؤدى والبناء على أنه الواقع بداهة عدم اقتضاء التعبد المزبور الا تطبيق عنوان الكشف والاحراز في مورده ، لا تطبيقه على لوازمه ، وآثاره مع الشك الوجداني فيها وعدم العلم بها لا وجدانا ولا تعبدا وتنزيلا. ( وبذلك ) يظهر فساد مقايسة المقام بالعلم الوجداني بالشيء ، فان ترتب تلك اللوازم في مورده انما هو من جهة ملازمة العلم بالشيء كالحياة للعلم بلوازمه وملزوماته كنبات اللحية ، لا انه من جهة اقتضاء مجرد العلم بالملزوم مع قطع النظر عن استتباعه للعلم باللازم كي تصح المقايسة المزبورة ، ولذا لو فرض في مورد عدم استتباع العلم بالملزوم للعلم بلازمه لا يحكم بترتب اللازم عليه بمحض الملازمة الواقعية ، لان لزوم ترتبه منوط عقلا بقيام الطريق عليه من علم وجداني أو تعبدي ( وحينئذ ) فإذا لم يكن العلم الوجداني بالملزوم بنفسه مقتضيا لترتب لوازمه وآثاره الا من جهة استتباع العلم به للعلم بلازمه ، فكيف يقتضيه مجرد العلم التعبدي بالملزوم مع الشك الوجداني في اللازم وعدم العلم به لا وجدانا ولا تعبدا ، ومعه لا مجال لترتب اللوازم والآثار في الامارات دون الأصول الا بفرض كون اللازم من آثار كشف الحياة

١٨٦

تعبدا ، أو كون التعبد بكشف اللازم من لوازم التعبد بكشف الحياة ، ولكنهما من الأغلاط ( إذ الأول ) منهما ظاهر ( الثاني ) أيضا كذلك لعدم الملازمة بين التعبد بكشف الملزوم ، والتعبد بكشف اللازم ( فلا محيص ) حينئذ من ابداء الفرق في حجية مثبتات الطرق والامارات دون الأصول بما ذكرناه من اشتمال كل من الطرق والامارات على حكايات متعددة كل واحدة منها في عرض الأخرى مشمولة لتعبد مستقل بخلاف مفاد الأصول كالاستصحاب ، فإنه لا يشمل الا ما هو متيقن سابقا ومشكوك لاحقا.

بقى التنبيه على أمور : ( الامر الأول ) ان ما ذكرنا من عدم اعتبار مثبتات الأصل انما هو فيما يلازم المستصحب واقعا من الأمور العقلية وما يترتب عليها من الآثار الشرعية ( واما ) الآثار العقلية المترتبة على ما يعم الواقع والظاهر ، فهي مما يترتب قهرا لثبوت موضوعها وجدانا ، كوجوب الإطاعة في الاحكام ، فإذا كان المستصحب حكما شرعيا يترتب باستصحابه جميع ما له من الأثر شرعيا كان أم عقليا ، كوجوب الإطاعة عقلا ووجوب تحصيل مقدمته وحرمة ضده وفساده إذا كان عبادة بناء على اقتضاء الامر بالشيء النهى عن ضده ، بل ذلك غير مرتبط بباب المثبت ، لان مورد الكلام في المثبت اللوازم العقلية المترتبة على وجود المستصحب واقعا ، والاشكال فيها انما كان من جهة عدم احراز موضوعها ولو تعبدا بمعونة التنزيل الجاري في المستصحب ، وأين ذلك ولوازم الامر الظاهري المتحقق بالوجدان كما هو ظاهر ( من هذا القبيل ) باب تطبيق الكليات على الجزئيات كما في استصحاب الاحكام الكلية الثابتة لموضوعاتها ، حيث إن تطبيقها على مواردها يكون من شؤون العقل ولا يرتبط مثل هذا التطبيق العقلي بباب المثبت ( وحينئذ ) فلا مجال لمقايسة مثل هذه الآثار العقلية باللوازم العقلية المترتبة على وجود المستصحب واقعا إزاحة شبهة ، قد يورد على ما ذكرنا من ترتب الآثار العقلية المترتبة على ما يعم الواقع والظاهر ، بأنه يصح ذلك على مسلك ارجاع التنزيل في لا تنقض إلى جعل المماثل ( والا ) فعلى مسلك ارجاعه إلى مجرد الامر بالبناء على وجود الأثر لا إلى جعل حقيقة فلا

١٨٧

يكون التنزيل الا مثبتا لوجوب الشيء ادعاء ، ومثله لا يكون موضوعا لحكم العقل بوجوب الإطاعة ووجوب مقدمته وحرمة ضده ، لان ترتب هذ ، انما هو على الوجوب الحقيقي ولو ظاهرا ، لا على الوجوب الادعائي الذي هو نتيجة التنزيل بلحاظ الأعمال ( ولكن ) يندفع ذلك بما حققناه من رجوع الخطابات الظاهرية طرا باي لسان كانت ، إلى كونها أحكاما طريقية راجعة في صورة المصادفة إلى كونها عين الاحكام الواقعية المبرزة بالخطابات الأولية وفى صورة عدم المصادفة إلى كونها أحكاما صورية وانشاءات محضة خالية عن الإرادة الجدية ، حيث إن كونها أحكاما طريقية مبرزة عن الإرادة الواقعية في فرض المصادفة ، يكفي في ترتب تلك اللوازم والآثار ، وقد تقدم ما يوضح ذلك في أوائل الجزء الثالث من الكتاب وعند البحث عن وجه منجزية أوامر الطرق والأصول.

( الامر الثاني ) يظهر من جماعة منهم العلامة الأنصاري قدس‌سره اعتبار الأصل المثبت إذا كانت الوساطة خفية خفاء يعد الآثار المترتبة عليها بالدقة والحقيقة عند العرف آثارا لذي الواسطة لا لها وقد ذكر الشيخ قدس‌سره لذلك أمثلة وهو كما أفادوه ، فان ما ذكرنا من قصور أدلة التنزيل بمقتضى الانصراف عن الشمول للآثار الشرعية المترتبة بواسطة عقلية أو عادية انما هو في صورة عدم خفاء الواسطة بنحو يعد الأثر في العرف اثرا للواسطة ( واما ) في صورة خفائها الموجب لعد الأثر في العرف اثرا لذي الواسطة ، فلا قصور في شمول دليل التنزيل لها على كل من مسلك جعل المماثل والامر بالبناء على بقاء المستصحب بلحاظ العمل ( واما ) الاشكال عليه بأنه لا اثر لخفاء الواسطة في التفصيل المزبور ، بتقريب ان الأثر ان كان اثرا لذي الواسطة حقيقة وبحسب ما ارتكز عند العرف من مناسبات الحكم والموضوع بحيث تكون الواسطة من قبيل الجهات التعليلية لترتبه على ذي الواسطة ، فحجية الأصل بالنسبة إليه وان كان مما لا مجال لانكارها الا انه لا يكون تفصيلا في المثبت ، لأنه لا يرجع إلى المثبت ( وان كان ) اثرا لنفس الواسطة حقيقة لا لذيها ، فهو وان كان من المثبت ، ولكنه لا مجال لا ثباته بالأصل الجاري في ذي الواسطة ، ولا ينفع فيه

١٨٨

تسامح العرف فيه بعدهم إياه اثرا لذي الواسطة ، إذ لا عبرة بالمسامحات العرفية فيما هو من هذا القبيل ( والانظار ) العرفية انما تكون متبعة في فهم مداليل الألفاظ واستفادة المرادات من حيث الأعمية والأخصية بحسب ما ارتكز في أذهانهم من مناسبات الحكم والموضوع ، لا في مقام تطبيق المفاهيم على المصاديق بالنظر المسامحي على خلاف ما يقتضيه النظر الدقى العقلي ( فمدفوع ) بمنع رجوع المسامحة العرفية في المقام إلى مقام التطبيق ، وانما هي راجعة إلى تحديد مفهوم حرمة النقض ( فان ) قوله لا تنقض اليقين بالشك بعد أن كان مسوقا بالنسبة إلى ما كان نقضا له بالانظار العرفية ، لا بحسب الحقيقة والدقة ، فلا محالة تصير المسامحة العرفية مرجعا في تحديد مفهوم حرمة النقض والتعبد ببقاء المتيقن ، لا في تطبيق الكبرى المستفادة من لا تنقض على المورد ، فإذا كان الأثر من جهة خفاء الواسطة مما يعد كونه بنظر العرف اثرا للمستصحب ، لا للواسطة وان كان اثرا لها بحسب الدقة والحقيقة ، فلا بد من ترتبه عليه بمقتضى حرمة النقض المسوقة بالنسبة إلى ما يعد كونه نقضا بالأنظار العرفية ، ولا يرتبط مثل هذا التسامح بالتسامح في مقام تطبيق المفهوم على المورد كما هو ظاهر ( ثم ) ان المحقق الخراساني قدس‌سره الحق جلاء الوساطة بخفائها في اعتبار المثبت فيما إذا كان التلازم بينهما في الوضوح بمثابة لا يرى العرف التفكيك بينهما حتى في مقام التنزيل كالأبوة والنبوة ، وما افاده قدس‌سره متين جدا في فرض تمامية الصغرى والا فلا اشكال في أصل الكبرى.

( الامر الثالث ) في الفروع التي توهم ابتنائها على المثبت الممنوع حجيته ( فمنها ) ما ذكره المحقق قده وغيره من أنه لو أنفق الوارثان على اسلام أحدهما المعين في أول شعبان والآخر في غرة رمضان ، واختلفا فادعى أحدهما موت المورث في شعبان ، والآخر موته في أثناء رمضان كان المال بينهما نصفين لأصالة بقاء حياة المورث ، مع أن الأصل المزبور مثبت لموضوع التوارث بلحاظ ، ان موضوعه انما هو موت المورث عن وارث مسلم بحيث كان للإضافة الحاصلة من اجتماع موت المورث واسلام الوارث في زمان دخل في موضوع التوارث ، ومثله لا يثبت بأصالة بقاء

١٨٩

حياة المورث إلى غرة رمضان الا على القول بالمثبت ( وفيه ) منع دخل الإضافة المزبورة في موضوع التوارث ، بل الموضوع فيه مجرد اسلام الوارث في ظرف حياة مورثه ( وبعبارة ) أخرى اجتماع اسلام الوارث مع حياة مورثه في زمان موضوع للإرث ولا بأس باثباته بالأصل المزبور ، ولا يكون مرتبطا بباب المثبت ، لكونه من قبيل الموضوعات المركبة المحرزة بعضها بالوجدان وهو اسلام الوارث في غرة رمضان وبعضها وهو حياة المورث إلى أثناء رمضان بالأصل.

( ومنها ) حكمهم بضمان من كان يده على مال الغير مع الشك في اذن صاحبه لأصالة عدم الرضا من المالك حين وضع اليد على المال ، حيث توهم ابتناء حكمهم بالضمان على اعتبار المثبت ، بلحاظ ان موضوع الضمان هو اليد العادية والأصل المزبور غير مثبت لعنوان العدوان ( وفيه ) مع دخل عنوان العدوان في موضوع الضمان ( وانما ) موضوعه وضع اليد على مال الغير من دون اذن مالكه أو رضاه ، فيكون مركبا من أمرين : أحدهما اليد ، والآخر عدم اذن صاحب المال ، فيدخل في الموضوعات المركبة المحرزة بعضها بالوجدان ، وبعضها بالأصل.

( ومنها ) ما عن بعض من استصحاب رطوبة النجس من المتلاقيين مع جفاف الآخر لاثبات نجاسة الطاهر منهما ، واستصحاب رطوبة الذبابة التي طارت عن النجاسة لاثبات نجاسة الثوب الذي طارت إليه ، حيث إن نجاسة الملاقى بالفتح في الفرضين انما يكون من لوازم سراية الرطوبة من الملاقي بالكسر إليه واثباته بالأصل المزبور من أظهر افراد المثبت ( ويمكن ان يقال ) : ان المستصحب حينئذ هي الرطوبة المسرية لا الرطوبة الصرفة واستصحابها وان كان مثبتا في الحقيقة الا انه يمكن الاعتذار عنه بخفاء الواسطة في مثله ، إذ العرف لا يفهم من بقاء الرطوبة المسرية في أحد المتلاقيين إلى حين الملاقاة الا سراية النجاسة إلى الطاهر منهما ( ولا يقاس ) ذلك باستصحاب بقاء الماء في الحوض في الحكم بطهارة الثوب النجس الواقع فيه ( للفرق ) الواضح بينهما فان طهارة الثوب من لوازم جريان الماء على الثوب وانغساله به ، ومثله امر خارج عند العرف ملازم لبقاء ماء الحوض إلى حين وقوع الثوب في الحوض عرفا لا عين بقائه ،

١٩٠

فاستصحاب بقاء الماء في الحوض لا يثبت ذلك ، بخلاف بقاء الرطوبة المسرية إلى حين الملاقاة فان العرف لا يفهم من بقاء الرطوبة المسرية إلى حين الملاقاة الا سراية الرطوبة إلى الملاقي لكونها اي السراية بأنظارهم عين بقاء الرطوبة المسرية إلى حين الملاقاة ، بلا نظر منهم إلى امر ثالث هو الواسطة ، فتدبر.

( ومنها ) ما ذكره في التحرير من أنه لو اختلف الولي والجاني في سراية الجناية ، فقال الولي : ان المجني عليه مات بالسراية ، وقال الجاني : بل مات بسبب آخر من شرب سم ونحوه وان جنايته وقعت على الميت ، أو انه كان ميتا قبل الجناية ، ففي ثبوت الضمان وعدمه وجهان من أصالة عدم الضمان ، ومن استصحاب بقاء حياة المجني عليه إلى زمان وقوع الجناية عليه ( أقول ) : لا ريب في أنه لا يمكن تصحيح القول بالضمان في المثال بالأصل المزبور الا على القول بالمثبت ، إذ ليس الموضوع للضمان مركبا من الجناية وحياة المجني عليه إلى حين ورود الجناية عليه ليندرج في الموضوعات المركبة المحرزة بعضها بالوجدان ، وبعضها بالأصل ( وانما ) موضوعه عبارة عن امر بسيط من القتل أو السراية ونحو ذلك ، وترتب مثله على أصالة بقاء حياة المجني عليه إلى زمان ورود الجناية عقلي محض ، ولا يمكن اثباته بالأصل المزبور ، لكونه من أشنع افراد المثبت ، ولعل صدور هذا الاحتمال من العلامة قدس‌سره لكونه ممن يرى الاستصحاب من الامارات المفيدة للظن النوعي.

( ومنها ) استصحاب عدم الحاجب عند الشك في وجوده في محال الغسل أو المسح ، حيث إن بنائهم عند الشك في وجود الحاجب لا في حاجبية الموجود على اجراء أصالة العدم فيه ، وعدم الاعتناء باحتمال وجوده والحكم بصحة الوضوء والغسل ، مع أن صحة الوضوء والغسل من لوازم وصول الماء إلى البشرة وانغسالها به ، ومثله من اللوازم العادية لعدم وجود الحاجب ( وفيه ) ان بنائهم وان كان على الاخذ بأصالة العدم في الفرض المزبور ، ولكن نمنع كونه من جهة الاستصحاب أو من جهة قاعدة المقتضى والمانع ، بل من المتحمل قويا كون الأصل المزبور نظير أصالة عدم القرينة أصلا عقلائيا برأسه غير مربوط الاستصحاب ، وان مدركه هو الغلبة ، كما

١٩١

هو كذلك في أصالة عدم القرينة ( فإذا ) كان الغالب خلو البشرة عن وجود ما يمنع عن وصول الماء إليها ، فعند الشك في وجوده في محال الغسل أو المسح يلحق المشكوك بالغالب ( ولذا ) نمنع بنائهم على الاخذ بالأصل المزبور في موارد غلبة وجود الحاجب على البشرة كما في بعض ذي الصنايع ، كالبناء المباشر للجص والطين والمستعمل للزفت والقير لاصلاح الحياض ( ومع الاغماض ) عن ذلك يمكن ان يقال : انه من استصحاب بقاء الماء المصبوب على محال الوضوء أو الغسل على وصف الجريان على البشرة ( أو من باب ) اندراج مثله في خفاء الواسطة ، كما يؤيده عدم تعديهم إلى صورة الشك في حاجبية الموجود ( والا ) فعلى فرض كونه من باب العمل بالمثبت فلا يفرق بين صورة الشك في وجود الحاجب وبين صورة الشك في حاجبية الموجود ( ولكن ) التحقيق ما ذكرناه أولا من كون الأصل المزبور أصلا عقلائيا برأسه مدركه الغلبة النوعية ( ومنها ) أصالة عدم تحقق الرد من المالك في عقد الفضول المانع عن اضافته إليه بالإجازة ، حيث إن بنائهم على التمسك بالأصل المزبور عند الشك في رد المالك إياه قبل اجازته ، مع أنه مثبت بالنسبة إلى إضافة العقد إليه بالإجازة ( وفيه ) مضافا إلى امكان دعوى كون الأصل المزبور قاعدة عقلائية برأسها قد أمضاها الشارع في أمثال المورد ، نمنع كونه من باب المثبت ، بل انما ذلك من جهة اندراج المورد في الموضوع المركب المحرز بعضه بالوجدان وبعضه بالأصل ، حيث إن كل عقد صادر من الفضول يصح ويضاف إلى المالك بإجازته إياه إذا لم يسبقها رده ، فكان القيد العدمي محرزا بالأصل والباقي بالوجدان فتدبر.

( ومنها ) استصحاب عدم دخول هلال شوال في يوم الشك المثبت لكون الغد يوم العيد ، حيث إن بنائهم على التمسك بالأصل المزبور لاثبات كون الغد يوم العيد وترتيب احكامه عليه من الصلاة والغسل والفطرة ، مع أن الأصل المزبور غير مثبت لذلك ، بل ولا لكون اليوم المشكوك فيه من رمضان ليترتب عليه وجوب الصوم ، لان كون الزمان المشكوك فيه من رمضان وكون غده يوم العيد وأول شوال من مفاد كان الناقصة ولا يثبت مثله بأصالة بقاء رمضان أو عدم دخول هلال

١٩٢

شوال الذي هو مفاد كان وليس التامتين ، نظير ( أصالة ) بقاء الكر بالنسبة إلى كرية الموجود ( وفيه ) منع كون مبنى التسالم المزبور هو الاستصحاب ، بل العمدة في ذلك هي القاعدة المضروبة في المقام المستفادة من قوله (ع) صم للرؤية وأفطر للرؤية مكنيا بذلك عن اعتبار العلم بدخول رمضان وشوال في ترتب وجوب الصوم والافطار ، اما برؤية الهلال ، أو بمضي ثلاثين يوما ، فأولية الشهر الذي هو موضوع الاحكام الخاصة من وجوب الصوم أو الافطار عبارة عن اليوم الذي ليلته ليلة رؤية الهلال ، أو الذي سبقه من الشهر الماضي ثلاثون يوما ، كما أن آخريته عبارة عن اليوم الذي ينتهي إلى ليلة رؤية الهلال ، أو اليوم الثلاثين من ذلك الشهر فتدبر ( ويمكن ) تطبيقه على الاستصحاب بنحو لا يلزم منه شبهة المثبتية ، باستصحاب رمضانية يوم الشك بمفاد كان الناقصة بالتقريب المتقدم في استصحاب الأمور التدريجية.

( الامر الرابع ) ان الاستصحاب كما يجري فيما هو تمام الموضوع للحكم الشرعي ، كذلك يجري فيما هو جزئه أو قيده ( فإذا ) كان الموضوع مركبا من جزئين أو أكثر وكان بعض اجزائه مشكوكا يجري فيه الأصل ويترتب عليه الأثر الشرعي إذا كان الجزء الآخر محرزا أيضا اما بالوجدان أو بأصل آخر ، حيث إنه باستصحابه يتحقق الموضوع المركب ، فيترتب عليه الأثر الشرعي ، وهذا مما لا اشكال فيه ( كما لا اشكال ) في جريانه فيما هو من قيود الحكم الذي أنيط به الحكم الشرعي في لسان الخطاب ، كالاستطاعة بالنسبة إلى وجوب الحج ، فإنه مهما شك فيها يجري فيها الأصل وجودا وعدما بلا كلام ويترتب عليه الحكم الشرعي من غير أن يرتبط ذلك بالمثبت ، ( فإنه ) بإناطة الوجوب بالقيد والشرط ، تصير الإناطة والتقيد مجعولا وتكون مما امر رفعه ووضعه بيد الشارع كما في إناطة الحكم بموضوعه ، فمع الشك فيه وجودا أو عدما يجري فيه الاستصحاب ويترتب على استصحابه ما له من الأثر نفيا واثباتا ( نعم ) الاشكال انما هو في شرائط الواجب وقيود المأمور به ( ينشأ ) من عدم خلو استصحابها عن شبهة المثبتية.

( وتوضيح ) المقال فيه هو ان مرجع القيود المأخوذة في الواجب والمأمور به

١٩٣

في ظاهر الخطاب ، كالطهارة والستر ونحوهما ( اما ) ان يكون إلى دخل التقيد بها في المأمور به على نحو تكون الإضافة والتقيد بالقيد والشرط جزء للمأمور به ومشمولا بحسب التحليل للامر النفسي الضمني كما هو المشهور بحيث يكون مرجع الامر بالصلاة مع الطهارة إلى ايجاب ذات الصلاة مع التقيد بالطهارة ويكون وجوب تحصيل القيد لأجل مقدمتيها للتقيد المأخوذ في الواجب بنحو الجزئية لا لذات الصلاة ( واما ) ان يكون راجعا إلى كونها بنفسها مما له الدخل في تحقق المشروط والمقيد نظير العلة بالنسبة إلى المعلول ، ونظير شرائط الوجوب بالنسبة إلى الوجوب من غير أن يكون للإضافة والتقيد بهما دخل في المأمور به كما في الفرض الأول ، كي يلزمه انحلال الواجب إلى الذات والتقيد بقيد كذا ، فيكون الواجب هو ذات الصلاة غير أن الشارع اعتبر كونها حسب إناطتها بالستر والطهارة على وجه لا يكاد يتحقق الا في ظرف الستر والطهارة ، فتكون الطهارة وكذا الستر مقدمة محضة للمأمور به وخارجة عنه ( وبعد ذلك ) نقول : انه على الفرض الأول ربما يتأتى الاشكال في استصحاب شرائط الواجب وقيوده عند الشك فيها ، بتقريب ان الإضافة والتقيد المأخوذ في الواجب امر واقعي كذات المقيد ، ولا تكون من الجعليات التشريعية وانما التشريع في دخل مثلها في موضوع الحكم ، والاستصحاب الجاري في ذات القيد والشرط مثبت بالنسبة إليها فلا يجدى الاستصحاب المزبور لاثبات مثلها الا على القول بالمثبت ، أو دعوى خفاء الواسطة ( بخلاف ) الفرض الثاني فإنه لا قصور في استصحاب القيد والشرط عند الشك فيهما ، ( إذ ) بإناطة موضوع الحكم بكونه في ظرف وجود القيد تصير الإناطة لا محالة شرعية لكونها مما امر رفعه ووضعه بيد الشارع ويصير القيد طرفا لها ، وبهذا الاعتبار يعتبر العقل منه جهة المقدمية للواجب ، وحينئذ فحيث ان الشك في وجود القيد يستتبع الشك في تحقق الإناطة يجري فيه الاستصحاب ويترتب عليه جهة الإناطة المزبورة عقلا لكونها من لوازم الأعم من الواقع والظاهر ، حيث يعتبر العقل بضم الوجدان إلى الأصل تحقق الامر المقيد بكونه في ظرف وجود كذا ( فيكون ) الفارق بين الفرضين في جريان الاستصحاب في قيود الواجب وعدم

١٩٤

جريانه من جهة شرعية الإناطة وعدم شرعيتها ، ففي الفرض الثاني لما كانت الإناطة بين موضوع الحكم وقيده شرعية يجري الاستصحاب في القيد والشرط وتترتب على استصحابهما الإناطة بين موضوع الحكم وقيده عقلا ، بخلاف الفرض الأول فإنه تكون الإضافة والتقيد القائم بين الشيئين أمرا واقعيا كذات الموضوع ولا يقتضى الاستصحاب الجاري في القيد اثبات التقيد المزبور الاعلى القول بالمثبت ( ولا دافع ) لهذا الاشكال ، الا دعوى كونه من باب خفاء الواسطة أو جلائها ، أو دعوى كشف حجية المثبت في نحو هذه الموارد من جهة تطبيق الإمام (ع) الاستصحاب على الطهارة الحدثية والخبيثية ونحوهما هذا ( ولكن ) يندفع هذا الاشكال بأنه لا نعني من التقيد المأخوذ في الواجب على هذا المسلك الا الإضافة الخاصة المتقومة بذات المقيد والقيد ، ومن الواضح انه كما أن بوجدان القيد واقعا يعتبر العقل تلك الإضافة الخاصة فيحكم بتحقق الصلاة المتقيدة بالطهور والستر مثلا ، كذلك باستصحابه وتعبد الشارع بما هو طرف هذه الإضافة ، فيعتبر العقل باستصحابه أيضا تلك الإضافة والقيد المزبور ( وبالجملة ) ان حكم العقل بتحقق الإضافة والتقيد تابع احراز تحقق طرفيها فمتى أحرز تحقق طرفها وجدانا أو تعبدا يعتبر العقل الإضافة الخاصة ولا يرتبط ذلك بباب المثبت كي يحتاج إلى التشبث بخفاء الواسطة أو جلائها ، فلا فرق حينئذ بين المسلكين من هذه الجهة ( وانما الفرق ) بينهما في مقام الجعل من حيث جعلية الإناطة على أحد المسلكين وعدم جعليتها على المسلك الآخر لكونها أمرا واقعيا فتدبر.

( التنبيه الثامن )

يعتبر في صحة الاستصحاب ان يكون المستصحب موضوعا كان أم حكما ذا اثر عملي بلحاظ بقائه حين توجيه الخطاب بعدم النقض إلى المكلف الذي هو ظرف التنزيل ، لأنه الذي يقتضيه التعبد ببقاء الشيء عملا ، فلابد في صحة هذا التنزيل من لحاظ الأثر الثابت للشيء حين التعبد بالبقاء والا فلا يكفي في صحة الاستصحاب

١٩٥

مجرد كون المستصحب ذا اثر في الحدوث ما لم يكن ذا اثر عملي في بقائه ، لان ذلك أجنبي عن هذا التنزيل ، ولذا يكتفى في جريان الاستصحاب بمجرد كون المستصحب ذا اثر عملي في بقائه ولو لم يكن لحدوثه اثر شرعي أو عملي أصلا ووجهه ما أشرنا إليه.

( التنبيه التاسع )

لا فرق في جريان الاستصحاب بين ان يكون المستصحب مشكوك الحدوث في الزمان اللاحق رأسا ، كالشك في الطهارة بعد العلم بالحدث وبالعكس ، وبين ان يكون مشكوك الحدوث في جزء من الزمان ومن حيث ظرفه مع الجزم بأصل حدوثه في الجملة ، كالشك في تقدم حدوث الشيء وتأخره ( فكما ) يجري الاستصحاب في الأول يجري أيضا في الثاني ( فلو علم ) يوم الجمعة بموت زيد وشك في أن حدوثه فيه أو فيما قبله يجري فيه استصحاب العدم في الأزمنة المشكوك حدوثه فيها إلى زمان اليقين بأصل الحدوث اجمالا ، ويترتب عليه الآثار الشرعية المترتبة على عدم حدوثه فيها ، ولا يضر به احتمال انطباق زمان الحدوث الاجمالي على الأزمنة السابقة المتصلة بزمان علمه ، لان ذلك لا يخرجه عن المشكوكية واقعا بعد عدم سراية اليقين الاجمالي من متعلقه الذي هو العنوان الاجمالي إلى المحتملات التفصيلية ( نعم ) لا يثبت بمثله حدوثه في الزمان المتأخر لأنه من المثبت الذي نفينا اعتباره في التنبيه السابق ، الا بدعوى ان الحدوث هو الوجود المسبوق بالعدم ، فإذا أحرز وجود الشيء في زمان وثبت بالأصل عدمه قبل ذلك الزمان يتحقق مفهوم الحدوث ، لاندراجه في الموضوعات المركبة المحرزة بعضها بالوجدان وبعضها بالأصل ، ولكنه ضعيف جدا ( نعم ) لا يجري فيه أصالة عدم حدوثه في الزمان المتأخر الذي هو زمان العلم بحدوث الحادث ، اما فيه ، أو فيما قبله ، لا بالنسبة إلى طبيعي الحدوث : ولا بالنسبة إلى شخص الحدوث المحتمل تحققه في زمان العلم ( والأول ) ظاهر للجزم بانتقاض عدم الطبيعي في ذلك الزمان بيقين

١٩٦

آخر ( وكذلك الثاني ) لأن الشك المتصور فيه انما هو من حيث حده المتنزع عن سبق وجوده بالعدم ، والا فاصل وجوده في الزمان المتأخر معلوم تفصيلا ( ومن الواضح ) ان الحد المزبور لم يكن معلوم العدم سابقا حتى يجري فيه الأصل ، وعلى فرض اليقين به لا يصلح ذلك امر الاستصحاب لوضوح ان اليقين به كذلك ملازم مع اليقين بوجوده سابقا فكيف يمكن ان يجري فه الاستصحاب ( وحينئذ ) فتبقى أصالة عدم حدوثه إلى زمان العلم بلا معارض ( هذا ) إذا كان الحادث على فرض حدوثه في زمان مقطوع البقاء ، كالموت والحياة بحيث اخذ حدوثاته في الأزمنة المتعددة على نحو البدلية ( واما ) إذا كان الحادث من الأمور الآنية التي يمكن ان يفرض له حدوثات عرضية وعلم اجمالا بتحقق أحدها فيجري فيه أيضا أصالة العدم بالنسبة إلى كل واحد من الحدوثات لتحقق أركانه فيها ، غاية الامر العلم الاجمالي بتحقق أحدها موجب لتعارض تلك الأصول ، وذلك في فرض اقتضاء جريان الجميع طرح تكليف الزامي لا مطلقا كما هو ظاهر ( هذا كله ) إذا كان الأثر الشرعي مترتبا على الحادث بلحاظ اضافته إلى اجزاء الزمان.

( وأما إذا كان ) الأثر الشرعي مترتبا عليه بلحاظ اضافته إلى حادث آخر من حيث التقدم أو التقارن أو التأخر ، ففي جريان الاستصحاب فيه خلاف بين الاعلام ( وحيث ) ان للفرض شقوق وصور عديدة فلا بأس بالتعرض لها وبيان أحكامها ( فنقول ) : ان كل حادث أضيف إلى حادث آخر بالقياس إلى اجزاء الزمان ( اما ) ان يكون متقدما عليه أو متأخرا عنه ، أو مقارنا معه في الزمان ( ثم العنوان ) الذي يكون موضوعا للأثر ، اما ان يكون نفس تلك العناوين أعني تقديم الشيء أو تأخره أو تقارنه للشيء الآخر بنحو مفاد كان أو ليس التامة كالموت المتقدم للأب على موت الابن وبالعكس ( واما ) ان يكون هو الشيء المتصف بكونه متقدما على الحادث الآخر أو متأخرا عنه أو مقارنا معه بنحو مفاد كان أو ليس الناقصة ( واما ) ان يكون هو الشيء في ظرف تقدمه أو تأخره أو تقارنه لحادث آخر بحيث اخذ تلك الأزمنة ظرفا محضا لموضوع الأثر ، أو قيدا ووصفا له ( وكذلك ) حال

١٩٧

الحادث الآخر بالإضافة إلى هذا الحادث ( فإنه ) يكون له هذه الأقسام بعينها ( فهذه ) اقسام متصورة في مفروض البحث للعنوان الذي يكون موضوعا للأثر.

( واما ) حكم هذه الأقسام ( اما القسم ) الأول منها ، فان قلنا في مثل هذه الإضافات ان لها حظا خارجيا عند وجود طرفيها غير متوقفة على الاعتبار بحيث كان الخارج ظرفا لنفسها ولولا لوجودها كما هو التحقيق ، فلا شبهة في جريان أصالة العدم في كل من التقدم والتأخر والتقارن بنحو مفاد ليس التامة ، لكونها من الخارجيات المسبوقة بالعدم أزلا ، غاية الامر بالعلم الاجمالي بانقلاب أحد هذه الاعدام المستصحبة يسقط الجميع بالمعارضة عند استلزام جريانه فيها طرح تكليف الزامي ، وذلك في فرض ترتب الأثر الملزم على كل واحد من عنوان التقدم والتأخر والتقارن أو لحادث آخر كذلك ( والا ) فمع فرض كون الأثر المهم لخصوص عنوان التقدم أو التأخر أو التقارن ، لا لكل واحد منهما ، ولا لحادث آخر كذلك ، فلا معارضة في البين ( واما لو قلنا ) ان هذه الإضافات من خارجات المحمول التي لاحظ لنفسها في الخارج وان الخارج موطن منشأ انتزاعها من الحدوثات الزمانية الخاصة بلا جهة زائدة فيها ، فلا مجال لجريان أصالة العدم فيها ، لعدم كونها بنفسها من الخارجيات المسبوقة بالعدم ، بل لابد حينئذ من جعل محط أصل العدم في منشأ انتزاعها الذي هو الحدوثات الخاصة الزمانية ، لأنها هي التي تقوم بها المصلحة والمفسدة وتكون موضوعة للأثر ، فيجري استصحاب الحادث بحسب اجزاء الزمان المتقدم على الحادث الآخر والمقارن له دون المتأخر عنه للعلم الاجمالي حينئذ بانقلابه بالنقيض اما مقدما واما مقارنا واما مؤخرا ( وبذلك ) لا يبقى مجال توهم المعارضة بين تلك الأصول ، إذ هي فرع جريان أصالة عدم الحادث في الزمان المتأخر ( والا ) مع عدم جريانه فيه للعلم المزبور تنتفي المعارضة بين الأصول ( ولا مجال ) في هذا الفرض لجريان أصالة عدم الحدوث المتأخر بلحاظ بقاء وصف التأخر ، إذ ذلك فرع خارجية مثل هذه الإضافات ، الا فمع عدم خارجيتها كما هو المفروض فلا يكون محط الأصل الا شخص الحدوث الخاص بخصوصيته الذاتية ، والمفروض انتقاض العدم الخاص المتيقن

١٩٨

في ضمن اليقين بعدم الجامع بين الحدوثات باليقين بالوجود كما ذكرناه في أصالة عدم الحدوث بالقياس إلى اجزاء الزمان ( واما عدم ) شخص الحدوث الخاص في هذا الزمان فهو أيضا مما لا يجري فيه الأصل ، لما ذكرنا من أن الشك المتصور فيه انما هو بلحاظ حده المنتزع عن سبقه بالعدم ، لا بلحاظ أصل وجوده ، لكونه معلوما بالتفصيل ، وهذا المعنى مع أنه غير متيقن سابقا لا يصلح امر الاستصحاب بلحاظ ان اليقين به كذلك ملازم لليقين بوجوده سابقا ( وحينئذ ) فالقاء المعارضة بين الأصول الجارية في اعدام الحدوثات الخاصة الموصوفة بالتقدم والتأخر والتقارن مبني على جعل هذه الإضافات من الخارجيات غير المتوقفة على الاعتبار الزائدة على الحدوثات الخاصة الزمانية ( والا ) فعلى مسلك جعلها من الاعتبارات المنتزعة التي لا يكون الخارج الا ظرفا لمنشأ انتزاعها من الحدوثات الخاصة الزمانية ، فلا يتم المعارضة بين الأصول ، الا بفرض كون الشيء من الأمور الآنية التي يتصور فيه حدوثات متعددة عرضية ، إذ حينئذ بالعلم الاجمالي بتحقق أحدها تتحقق المعارضة بين الأصول الجارية في اعدام الحدوثات الخاصة الزمانية ، وذلك في فرض اقتضاء جريان الأصل في الجميع طرح تكليف ملزم ( والا فلا ) لما تقرر غير مرة من عدم مانعية مجرد العلم الاجمالي عن جريان الأصول في أطرافه ( وعليه ) فلا مجال لما في الكفاية من القاء المعارضة بين تلك الأصول مع بنائه على اعتبارية تلك الأوصاف وكونها من خارجات المحمول المنتزعة من الذوات الخاصة ، خصوصا مع تمثيله في المقام بمثل موت المتوارثين الذي ليست حدوثاته الا بدلية ، وقد عرفت انه على هذا المبنى لا يكون مجرى الأصل الا الحدوثات الخاصة الزمانية التي هي المناشئ لهذه الاعتبارات لكونها هي الموضوع للآثار الخاصة ، وان مجرى الأصل لا يكون الا عدم الحادث بلحاظ اجزاء الزمان المتقدم على الحادث الآخر أو التقارن دون تأخره عنه ( ومن التأمل ) فيما ذكرنا انقدح حال القسم الثاني وهو ما كان الأثر مترتبا على اتصاف الذات بهذه الصفات بنحو مفاد كان أو ليس الناقصة ، فإنه على مبنى اعتبارية هذه الإضافات على وجه لا يكون الخارج ظرفا لها ، بل لمناشئها اي الوجودات الخاصة

١٩٩

بحدودها الذاتية وخصوصياتها الواقعية لا مجال لجريان الاستصحاب في اعدام اتصاف الذوات بهذه الأوصاف بنحو السلب المحصل ، بلحاظ ان الذوات الخاصة بالخصوصيات الذاتية التي هي موضوع الأثر حقيقة غير صالحة للانفكاك عن ذاتياتها حتى في عالم تقررها فلا يمكن سلب ذاتياتها في عالم من العوالم ولو قبل وجوداتها ( لان ) ما يمكن سلبه عن الشيء ولو قبل وجوده انما هي اللوازم الزائدة عن حقيقة الشيء اللاحقة لوجوده ، دون اللوازم الذاتية الثابتة للشيء في عالم تقرره ( ومن هنا ) لا يجرى الأصل العدم في لوازم الماهية لأنها لا تنفك عنها ولو قبل وجودها فلا يكون لها حالة سابقة ( واما على المختار ) في أمثال هذه النسب والإضافات من كونها أمورا خارجية ، كالفوقية والتحتية مسبوقة بنفسها بالاعدام الأزلية زائدا عن عدم طرفيها فعليه وان لم يكن مجال لاستصحاب وجود المتصف بالتقدم والتقارن أو بعدمهما ، لعدم اليقين بالحالة السابقة ( ولكن ) في طرف العدم لا بأس باستصحاب عدم اتصاف الحادث بالتقدم أو التقارن ولو قبل وجوده بنحو القضية السالبة المحصلة ، فيقال في الشيء ، الكذائي انه قبل وجوده لم يكن متصفا بكذا فشك في اتصافه به حال وجوده والأصل بقائه على ما كان ، فإذا كان الأثر مترتبا على الذات المتصفة بكذا بحيث كان لحيث الاتصاف المزبور دخل في ترتبه ، فلا محالة يكفي في نفي الأثر نفي اتصاف الذات بالوصف ولو قبل وجودها ( لان ) نقيض اتصاف الشيء بشيء عدم اتصافه به لا اتصافه بعدمه بنحو القضية المعدولة كي يقتضى وجود الموصوف خارجا كالقضايا الموجبة ويكون الأصل المزبور مثبتا بالنسبة إليه ( وحينئذ ) فبعد كفاية مجرد نقيض الأثر المترتب على النقيض في استصحاب كل طرف من النقيضين بلا احتياج إلى ترتب الأثر على نفس المستصحب ، فلا قصور في استصحاب عدم اتصاف الذات بالوصف ولو قبل وجودها بنحو السلب المحصل لنفي الأثر المترتب على الذات المتصفة ، وبذلك نلتزم بجريان استصحاب العدم بمفاد ليس الناقصة فيما هو من نظائره من مثل القرشية ونحوها ( نعم ) انما يثمر هذا الاستصحاب فيما إذا اعتبر قيدية الوصف في صقع ذات الموضوع السابق في لحاظ العقل على وجودهما بنحو قابل لحمل الوجود على المقيد

٢٠٠