تراثنا ـ العددان [ 66 و 67 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 66 و 67 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٠

القرآن الكريم ، وكون بغضهم والعداوة لهم وجفاءهم وقطعيتهم مرض يعري القلوب ويسلبها الإيمان ، هو أن المودّة للقربى ميزان ومعيار لتعديل الصحابي ، وبغض ذوي القربى والمصادمة معهم ميزان ومعيار لجرح الصحابي ، فهذا الضابط يتطابق مع ما تقدّم من الموازين والمعايير التى مرّت بنا في الحلقات السابقة.

ومن ذلك قول الصدّيقة الزهراء عليها السلام بإن الهجرة كوصف للصحابي أنّما تنطبق عليه لا لكون معناها انتقال البدن من مكان إلى مكان كسفر جغرافي ، بل الهجرة إنّما هي بالهجرة إلى أهل البيت عليهم السلام ، لا الابتعاد عنهم ، وأنّ المدار على الموالاة والمتابعة لرسول الله وأهل بيته ، لا المعاداة لهم والمخالفة ، والهجرة تحققت بهم ، والنصرة بنصرة الله ورسوله وذي القربى ، فلا هجرة إلاّ إليهم لا إلى غيرهم ، ولا نصرة ومودّة وموالاة إلاّ لهم لا عليهم ، ولا إتّباع بإحسان إلاّ بإتباع سبيلهم ، وما أسألكم عليه من أجر إلاّ ـ وهو المودة في القربى ـ من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً ، كما مرّ بنا قول علي عليه السلام : «أنّ الصدّيق من صدّق بحبهم وأبطل باطل عدوهم ، والفاروق من فرّق بينهم وبين عدوهم» (١) ، وأنّ من ترك الهجرة إليهم يتعرّب ، وأنّ من يترك المودّة والموالاة لهم يتحزّب.

فهذه وقفة يلزم إعطاءها الإمعان التّام في مبحث عدالة الصحابة.

للبحـث صلـة ...

____________

(١) نهج البلاغة : كتاب ٤٩. ط مؤسسة الإمام صاحب الزمان  عجل الله فرجه ـ.

١٢١

الحاوي

في رجال الشيعة الإمامية

لابن أبي طيء الحلبي

(٢)

الشيخ رسول جعفريان

٢٥ ـ التقي بن نجم بن عبـيدالله ، أبو الصلاح الحلبي.

قال الذهبي في تاريخه : شيخ الشيعة وعالم الرافضة بالشام ..

قال يحيى بن أبي طيّ في تاريخه : هو عين علماء الشام ، والمُشار إليه بالعلم والبيان ، والجمع بين علوم الأديان ، وعلوم الأبدان.

ولد في سنة أربع وسبعين بحلب ، ورحل إلى العراق ثلاث مرّات ، وقرأ على الشريف المرتضى.

وقال ابن أبي رَوْح : توفّي بعد عوده من الحجّ بالرملة في المحرّم ، وكان أبو الصلاح علاّمة في فقه أهل البيت.

وقال غيره : له مصنّفات في الأُصول والفروع ، منها : كتاب الكافي ، وكتاب التقريب ، وكتاب المُرشد إلى طريق التعبّد ، وكتاب العُمْدة في الفقه ، وكتاب تدبير الصـحّة ، صنّفه لصاحب حلب نصر بن صالح ، وكتاب شُبَهُ الملاحدة ، وكتبه مشهورة بين أئمّة القوم.

وذُكر عنه صلاح وزُهْد ، وتقشّف زائد ، وقناعة مع الحُرْمة العظيمة والجَلالة ، وأنّه كان يُرغّب في حضور الجماعة ، وكان لا يصلّي في المسجد

١٢٢

غير الفريضة ، ويتنفّل في بيته ، ولا يقبل ممّن يقرأ عليه هديّة ، وكان من أذكياء الناس وأفقههم وأكثرهم تفنّـناً ، وطوّل ابن أبي طيّ ترجمته (١).

قال ابن حجر : تقي بن عمر بن عبيدالله بن عبـدالله بن محمّـد الحلبي ، أبو الصلاح ، مشهور كنيته ..

من علماء الإمامية. ولد سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وطلب ومهر وصنّف ، وأخذ عن أبي جعفر الطوسي وغيره ، ورحل إلى العراق ، فحمل عن الشريف المرتضى ، ومات بحلب سنة سبع وأربعين وأربعمائة (٢).

٢٦ ـ ثابت بن أسـلم بن عبـد الوهّاب*.

قال الذهبي : أبو الحسن الحلبي ، أحد علماء الشيعة.

وكان من كبار النُحاة ، صنّف كتاباً في تعليل قراءة عاصم ، وأنّها قراءة قريش ، وكان من كبار تلامذة أبي الصلاح. تصدّر للإفادة بعده ، وتولّى خزانة الكتب بحلب ، فقال مَن بحلب من الإسماعيلية : أنّ هذا يُفْسد الدعوة ؛ وكان قد صنّف كتاباً في كشف عوارهم وابتداء دعوتهم ، وكيف بنيت على المخاريق. فَحُمِل إلى صاحب مصر ، فأمر بِصَلْبه ، [فاستشهد في حدود سنة ٤٦٠] ، فرحمه الله ولعن من صلبه.

وأُحرقت خزانة الكتب التي بحلب ، وكان فيها عشرة آلاف مجلّدة من وقف سيف الدولة بن حمدان وغيره (٣).

____________

(١) تاريخ الإسلام السنوات ٤٤١ ـ ٤٦٠ / ١٤٣ ـ ١٤٤ رقم ١٩٢.

(٢) لسان الميزان ٢ / ١٢٤ رقم ١٨٠٤.

(٣) تاريخ الإسلام السنوات ٤٤١ ـ ٤٦٠ / ٤٩٩ رقم ٢٨٥.

ويعلم من هذه الترجمة : أنّ المترجم شيعي إمامي ، من تلامذة أبي الصلاح

١٢٣

٢٧ ـ ثعلبة بن إبراهيم الكوفي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وذكر أنّ له تصنيفاً يروي فيه عن جماعة من أهل السُـنّة (١).

٢٨ ـ جعفر بن أحمد البخاري.

قال ابن حجر : راوية أبي عمرو الكشّي ، حمل عنه كتابه في معرفة رجال الشيعة ، قال ابن أبي طيّ : كان فاضلاً جليل القدر (٢).

٢٩ ـ جعفر بن أحمد العلوي الرُقي أبو القاسم العُرَيْضي*.

قال ابن حجر : مصنّف كتاب الفتوح ، روى عن علي بن أحمد العقيقي ، روى عنه أحمد بن زياد بن جعفر ، وقال : كان إمامياً حَسَن المعارَضة كثير النوادر (٣).

٣٠ ـ جعفر بن إبراهيم.

قال ابن حجر : قال ابن أبي طيّ : كان ثقة من رجال علي بن الحسين

____________

الحلبي ، وكان مخالفاً للإسماعيلية ، كما كان الحال بين علماء الإمامية في إيران ودعاة الإسماعيلية ، ولكنّ الذهبي لم يفهم هذا المعنى ؛ ولمّا كانت الترجمة لعالم شيعي حلبي ، فالمحتمل أنّه أخذ الترجمة من ابن أبي طيّ.

ووضعت النجمة (*) للتراجم الغير مقطوع بأنّ مصدرها هو كتاب ابن أبي طيّ هذا ؛ بل بناءً على الظنّ القوي. راجع ص ١٣٠ من العدد السابق.

(١) لسان الميزان ٢ / ١٤٥ رقم ١٨٦٤.

(٢) لسان الميزان ٢ / ١٩٤ ـ ١٩٥ رقم ١٩٨٤.

(٣) لسان الميزان ٢ / ١٩٤ رقم ١٩٨٣.

١٢٤

رضي الله عنهما ، روى عنه عبـدالله بن حجاج (١).

٣١ ـ جعفر بن محمّـد بن جعفر بن موسى بن قولوَيْه.

أبو القاسم السهمي الشيعي.

قال الذهبي : قلت : كان ابن قولوَيه من كبار الشيعة ، ومن علمائهم المشهورين ، وكان من أصحاب سعد بن عبـدالله ، وهو شيخُ الشيخ المفيد ، وقال فيه المفيد : كما يوصف الناس من جميلٍ وفقهٍ ودينٍ وثقةٍ ، فهو فوق ذلك.

وله كتب حسان ، منها : كتاب الصلاة ، وكتاب الجمعة والجماعة ، وكتاب قيام الليل ، وكتاب الصداقة ، وكتاب قسمة الزكاة ، وكتاب الشهور والحوادث ، وغير ذلك من كتب الفقه.

حمل عنـه الشيخ محمّـد بن محمّـد بن النعمان المفيد ، وأبو جعفر ابن يعقوب ، وأبو الحسن يحيى بن محمّـد بن عبـدالله الحسيني ، وأحمد ابن عبـدون ، والحسين بن عبيدالله الغضائري ، وحيدرة بن نعيم السمرقندي ، ومحمّـد بن سليم الصابوني بمصر ..

وأحسبه من أهل مصر (٢)!

ذكر ابن أبي طيّ وفاته في هذه السنة [٣٦٨] (٣).

____________

(١) لسان الميزان ٢ / ١٩٠ رقم ١٩٦٩.

(٢) والمترجَم قمّي ، كما هو المشهور.

(٣) تاريخ الإسلام السنوات ٣٥١ ـ ٣٨٠ / ٣٩٣ ـ ٣٩٤ ؛ وفيه : «ابن أبي علي» ..

وهو خطأ واضـح ؛ إذ النصّ ـ كما يظهر ـ هو من عبارات ابن أبي طيّ ، وتصحيف «طيّ» بـ : «علي» أمر عادي.

١٢٥

٣٢ ـ جنادة السَلولي.

قال ابن حجر : ويقال أبو جنادة ، روى عن أبي حمزة الثُمالي ، وعنه حصين بن مخارق ، ذكروه في رجال الشيعة ، نقلته من خطّ ابن أبي طيّ (١).

٣٣ ـ حسن بن إبراهيم بن عبـد العزيز بن عبـد الملك التيمي النيسابوري ، أبو علي بن أبي القاسم.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ ، فقال : كان أحد علماء الشيعة الفضلاء ، وأحد وجوه نيشابور ، وقد حدّث كثيراً ، وكان من تلامذة أبي سعيد مسعود بن ناصر السنجري الحافظ ، وعاش إلى بعد الخمسـمائة (٢).

٣٤ ـ حسن بن إبراهيم بن محمّـد بن جعفر الحمصي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ ، وقال : أخذ عنه أبي ، وقال : كان فقيهاً إمامياً مُناظِراً ، مات سنة أربعين وخمسـمائة وقد عمّر طويلاً (٣).

٣٥ ـ الحسن بن بشّار بن محمّـد بن مرزوق ، أبو محمّـد الريان الحلبي *.

قال ابـن حـجر : مـن شـيوخ الرافضـة ، له مصـنّف فـي مـنع رؤيـة الله تعالى ، مات سنة خمس عشرة وخمسـمائة (٤).

____________

(١) لسان الميزان ٢ / ٢٥٢ رقم ٢١٤٧.

(٢) لسان الميزان ٢ / ٣٥٧ رقم ٢٤١٢.

(٣) لسان الميزان ٢ / ٣٦٠ رقم ٢٤١٩.

(٤) لسان الميزان ٢ / ٣٦٩ ـ ٣٧٠ رقم ٢٤٣٨.

١٢٦

٣٦ ـ حسن بن زهرة بن الحسن بن زهرة بن علي بن محمّـد.

قال الذهبي في تاريخه : من أولاد إسحاق بن جعفر بن محمّـد بن علي بن الحسين ، الشريف أبو علي الحسيني الإسحاقي الحلبي الشيعي ..

نقيب مدينة حلب ، ورئيسها ، ووجهها ، وعالمها ، ورأس الشيعة ووجاههم ، ووالد النقيب السـيّد أبي الحسن علي ، ولد له علي هذا سنة اثنتين وتسـعين وخمسـمائة ؛ وولي النقابة في الأيام الظاهرية بحلب بعد سـنة ستّـمائة.

وكان أبو علي عارفاً بالقراءات ، وفقه الشيعة ، والحديث والآداب والتواريخ ، وله النظم والنثر ، وكان صدراً مُحتشماً ، وافرَ العقل ، حسنَ الخَلْق والخُلق ، وفصيحاً مفوّهاً ، صاحب ديانة وتعبّد ، ولي كتابة الإنشاء للملك الظاهر غازي ، ثمّ أنف من ذلك واستعفى ، وأقبل على الاشتغال والتلاوة ، ثمّ نُفّذ رسولاً إلى العراق ، ومرّة إلى سلطان الروم ، ومرّة إلى صاحب إربل ، فلمّا تُوُفّي الظاهر طُلب لوزارة ولده العزيز ، فاستعفى.

وحجَّ في سنة تسع عشرة ، ولقيَتْه هدايا الملوك : فنفّذ إليه الملك الأشرف موسى من الرقّة خِلْعةً له ولأولاده ودوابَّ وأربعة آلاف درهم ، ونفّذ إليه صاحب آمِد هديّة ، وصاحب ماردين هَديّة ، وتَلقّاه صاحب الموصل لؤلؤ بنفسه ، وحمل إليه الإقامات ، وخَلَع عليه وعلى أولاده ، واحتُرم في بغداد وتُلُقّي ، ولمّا رَجَع من الحجّ مرض وتمادت به العِلّة ، ثمّ لحقه ذرْبٌ ومات.

قال ابن أبي طيّ : فُجِع بموته الصديق والعدوّ ، والقريب والبعيد ، وكان للناس به وبجاهه نفعٌ عظيم ، وكان كما قال الشاعر :

١٢٧

وما كان قيس هلكه هَلك واحد

ولكنّه بنيان قوم تهـدّما

وغُلّق البلد ، وشيّعه الناس على طبقاتهم ، ومات سنة عشرين وستّـمائة.

وقد سمع من أبي علي محمّـد بن أسعد الجَوّانى النقيب ، والافتخار أبي هاشم الهاشمي. وتفنّن في علوم شتّى.

وله ولد آخر اسمه أبو المحاسن عبـد الرحمن.

تُوُفّي بعد مجيئه من الحجّ في جمادى الأُولى ، ودفن بجبل جوشـن (١).

قال ابن حجر : حسن بن زهرة بن الحسن ، انتهى نسبه إلى الحسين ابن إسحاق بن المؤتمن بن جعفر الصادق.

كان أديباً فاضلاً ، ولي نقابة الطالبيّـين بحلب في بيت رياسة ويتبع فقه الإمامية والقراءات وغير ذلك ، مات سنة عشرين وستّـمائة ، وله ستّ وخمسون سنة (٢).

٣٧ ـ الحسن بن علي بن نصر بن عقيل ، أبو علي العَبْدي العراقي ، همام الدين.

قال الذهبي : من شيوخ الرافضة ، وُلِد بالحلّة سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة ، وكان خبيراً بالأُصول ، كثير المحفوظ ، شاعراً محسناً كبيراً.

مدح المستنجد والمستضيء والناصر ، ومدح صاحب الموصل

____________

(١) تاريخ الإسلام السنوات ٦١١ ـ ٦٢٠ / ٤٧٧ رقم ٦٥٧ ، وانظر : الوافي بالوفيات ١٢ / ١٨ ـ ٢٠.

(٢) لسان الميزان ٢ / ٣٨٧ ـ ٣٨٨ رقم ٢٤٦٨.

١٢٨

وصاحب حلب ، وأرسل إلى السلطان صلاح الدين بقصيدة فنفذ إليه مائة دينار ، قدم حلب واشتغل عليه يحيى بن أبي طيّ ، وعظّمه في تاريخه.

ومن شعره :

ولم أرَ كالدنيا مقيل مهجّـرٍ

حبيبٍ إليه ظِلُّهـا وَهْوَ زائلُ

وما الناسُ إلاّ كامل الحظّ ناقصٌ

وآخَرُ منهـم ناقص الحظّ كاملُ

وإنّي لَمُنْشٍ من حياءٍ وعفّةٍ

وإنْ لم يَكُن عندي مِن المال طائلُ

تُوُفّي بدمشـق (١).

٣٨ ـ الحسن بن عَنْبس بن مسعود*.

قال الذهبي : أبو محمّـد الرافقي. الشيخ المُعمّر الشيعي ، العارف بمذهب القوم ..

ذكر الكراجكي أنّه اجتمع به بالرافقة (٢) ورأى له حلقة عظيمة يقرؤون عليه مذهب الإمامية ، وكان بصيراً بالأُصول.

يذكر أنّه قرأ على الشيخ المفيد ولقي القاضي عبـد الجبار ، مات وقد نيف على المائة (٣).

قال ابن حجر : كان شيعياً غالياً ، قرأ على الشيخ المفيد ولقي القاضي عبـد الجبّار ، وعمّر مائة سنة أو أكثر.

قال الكراجكي : اجتمعت به بالرافقة ، ورأيت له حلقة عظيمة يقرؤون

____________

(١) تاريخ الإسلام السنوات ٦٠١ ـ ٦١٠ / ١١٢.

(٢) الرافقة : بلد متصّل البناء بالرقة على ضـفة الفرات ؛ راجع : معجم البلدان ـ ذيل عنوان : «الرافقة».

(٣) تاريخ الإسلام السنوات ٤٨١ ـ ٤٩٠ / ١٧١ رقم ١٧٧ ، وفيّات سنة ٤٨٦.

١٢٩

عليه مذهب الإمامية.

مات سنة خمس وثمانين وأربعمائة ، ويقال سنة ستّ وثمانين ، ومن شيوخه الصفوائي وأبو جعفر بن بابويه وكانت له خصوصية بالصاحب بن عباد (١).

٣٩ ـ الحسن بن محمّـد بن الحسن الطوسي.

شيخ الرافضة وعالمهم ، أبو علي ابن شيخ الرافضة الشيخ أبي جعفر الطوسي ، رحلت إليه طوائف الشيعة إلى العراق وحملوا عنه.

قال الذهبي : ذَكَره ابن أبي طيّ في تاريخه ، فقال : كان ورعاً ، عالماً ، متألّهاً ، كثير الزهد والورع ، قائماً بالتلاوة والأوراد ، والاشتغال ، والتصنيف.

وُلِد بمشهد عليّ عليه السلام ، وقرأ على أبيه جميع كتبه.

حدّثني عماد الدين أبو جعفر محمّـد بن أبي القاسم الطبري ، قال : كان الشيخ أبو علي الطوسي من أعبد الناس وأفْيَدهم تألّهاً ، لم يُرَ إلاّ قارئاً ، أو مصلّياً ، أو معلّماً ، أو مشتغلاً ، وكان بين عينيه الركْن العتر من السجود وكان يسترها.

قال ابن رُطْبة : كان أبو علي خشناً في ذات الله ، عظيم الخشوع والعبادة ، معظّماً عند الخاصّة والعامّة.

وقال آخر : رأيت أبا علي رجلاً قد وهب نفسه لله. لم يجعل لأحدٍ معه فيها نصيباً ، ولا أشكّ أنّه كان من خواصّ الأبدال.

____________

(١) لسان الميزان ٢ / ٤٤٧ ـ ٤٤٨ رقم ٢٥٦٣ ؛ ولا بُدّ أن يكون هذا النصّ منقولاً عن تاريخ الري لمنتجب الدين ، أو عن طبقات الإماميّة لابن أبي طيّ.

ولم يرد ذكر لهذا الشخص في مصادر الرجال الشـيعية الموجودة الآن.

١٣٠

قلت : وكان مقيماً بمشهد عليّ بالعراق.

قال العماد الطبري : لو جازت الصلاة على غير النبيّ والإمام ، لصلّيت عليه ، كان قد جمع العلم والعمل ، وصدق اللهجة. وقد زار أبو سعد السمعاني المشهد وسمع عليه وأثنى عليه.

وقال أبو منصور محمّـد بن الحسن النقّاش : كنّا نقرأ على الشيخ أبي علي بن أبي جعفر ، وإن كان إلاّ كالبحر يتدفّق بجواهر الفوائد ، وكان أروى الناس للمَثَل والشاهد ، وأحفظ الناس للأُصول ، وأنقلهم للمذهب ، وأرواهم للحديث (١).

٤٠ ـ الحسين بن أحمد بن خالويه النحوي.

الهمداني الأصل ، نزيل حلب.

قال ابن حجر في لسانه : أخذ ببغداد عن أبي بكر بن دريد ، وأبي بكر ابن مجاهد ، وأبي عمر الزاهد ، وابن الأنباري ، وسمع على أبي العبّـاس بن عُقْدة وغيره ، قال ابن أبي طيّ : كان إمامياً عالماً بالمذهب.

قلت : وقد ذكر في كتاب ليـس ما يدلّ على ذلك ..

وقال الذهبي في تاريخه : كان صاحب سُـنّة (٢)!

____________

(١) تاريخ الإسلام السنوات ٥٢١ ـ ٥٤٠ / ٥٥٧ ـ ٥٥٨ رقم ٥١٦.

وقد ذكره الذهبي ضمن المتوفّين في عشر الأربعين وخمسمائة ظنّاً ويقيناً ، والحال إنّ المترجَم توفّي في سنة ٤٩٢ .. والذهبي نفسه ذكره أيضاً ضمن المتوفّين في هذه السنة ، دون أيّ نقل عن ابن أبي طيّ أو غيره ..

والعجب من المحقّق ؛ إذ لم يتوجّه إلى التكرار وكتب في ذيل الترجمة في سنة ٤٩٢ : لم أجد مصدر ترجمته ، والحال أنّه ذكر في ذيل الترجمة هنا مصادر كثيرة لترجمته.

(٢) تاريخ الإسلام السنوات ٣٥١ ـ ٣٨٠ / ٤٣٩ ؛ ولم يذكر فيه شيئاً عن ابن أبي طيّ.

١٣١

قلت ـ يعني : ابن حجر ـ : كان يظهر ذلك تقرّباً لسيف الدولة صاحب حلب ؛ فإنّه كان يعتقد ذلك.

وقد قرأ أبو الحسين النصيبي ـ وهو من الإمامية ـ عليه كتابه في الإمامة. وله تصانيف في اللغة والقراءات وغيرهما.

وكان يقال له : ذو النونين ؛ لأنّه كان يكتب في آخر كتـبه : الحسين ابن خالويه فيعرف بالنونين.

أخذ عنه عبـد المنعم بن غلبون ، والحسن بن سليمان وغيرهما. ونفق سوقه بحلب ، ووقع بينه وبين المتنبّي منازعات عند سيف الدولة.

مات بحلب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. وقيل : في التي قبلها (١).

٤١ ـ الحسين بن أحمد بن عيّاش الحلبي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في شيوخ الشيعة ، وقال : كان فقيهاً.

صنّف كتاب الأنواع والأسجاع ، وكتاب الإمامة ، وأخذ عن العين زربي وغيره ، وتفقّه عليه جماعة ، ومات سنة ثمان وخمسـمائة (٢).

٤٢ ـ الحسين بن أحمد بن غالب الجبلي ، أبو علي المؤدّب.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ ، وقال : وكان أحد الفقهاء الإمامية ، قرأ على ابن البرّاج ، وولي القضاء ، ثمّ عزل نفسه لمنام رآه ، وقال : عاهدْتُ الله تعالى بعده أن لا أحكم بين اثنين. جلس يُقْرئ الناس القرآن.

____________

(١) لسان الميزان ٢ / ٤٩٠ رقم ٢٦٤٨.

(٢) لسان الميزان ٢ / ٤٩٢ رقم ٢٦٥٤.

١٣٢

قال الكراجكي : لقيته فرأيت رجلاً عظيم التألّه كأنّه جاور الآخرة.

ومات سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة بجَبْلة (١).

٤٣ ـ الحسين بن أحمد بن محمّـد الصفّار.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : روى عن أبي طالب بن غيلان ، روى عنه ابن السمعاني (٢).

٤٤ ـ الحسين بن أحمد بن محمّـد القطّان البغدادي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : إمام عالم فاضل من فقهاء الإماميّة ، قرأ على الشريف المرتضى ، وعلى الشيخ المفيد.

وقدم حلب سنة تسعين وثلاثمائة ، فأقرأ في جامعها ، ثمّ توجّه إلى طرابلس فأقام عند رئيسها أبي طالب محمّـد بن أحمد وأقرأ أولاده.

وصنّف الشامل في الفقه أربع مجلّدات ، وكان موجوداً سنة سبع عشرة وأربعمائة (٣).

٤٥ ـ الحسين بن إسحاق الكوفي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الإمامية ، وقال : كان يقول : إنّه لقي ألف شيخ أخذ عنهم حديث الأئمّة.

روى عنه محمّـد بن يحيى ، وأحمد بن إدريس وغيرهما (٤).

____________

(١) لسان الميزان ٢ / ٤٩٢ رقم ٢٦٥٥.

(٢) لسان الميزان ٢ / ٤٩٣ رقم ٢٦٥٩.

(٣) لسان الميزان ٢ / ٤٩٤ رقم ٢٦٦٠.

(٤) لسان الميزان ٢ / ٥٠٤ رقم ٢٦٧٣.

١٣٣

٤٦ ـ الحسين بن إسماعيل بن الحسن بن محمّـد بن الحسن بن داود بن علي بن عيسى بن محمّـد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي النيسابوري ، يلقَّب فَخْر الحرمين.

قال ابن حجر : ذكره ابن السمعاني ، وقال : كان ذا جاهٍ ومالٍ ، ومنزلةٍ عالية في العِلْم.

وقال ابن أبي طيّ في كتاب الإمامية ؛ كان إمامياً في الأُصول والفُروع ، ويعرف الحديث.

وكان يجلس للعامّة ويحدّث ، وقد خرّج رجال البخاري ورجال مسلم ، وكان أهل الحديث في زمانه يهابونه ، واجتهدوا في تَلَفه ، فلم يقدروا إلاّ على نسبته إلى التشيّع ، فكان يَحمد الله على ذلك (١).

٤٧ ـ الحسين بن إسماعيل.

قال ابن حجر : أحد مشايخ أبي جعفر الطوسي ، روى عن المرزباني وجماعة ، أثنى عليه الطوسي ووثّقه ، وروى عنه أيضاً عمر بن محمّـد الصيرفي ، ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة (٢).

٤٨ ـ الحسين بن بركة الحلبي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في الشيعة الإمامية.

وله كتاب النبراس في الردّ على أهل القياس ، كان بعد السبعين

____________

(١) لسان الميزان ٢ / ٥٠٤ رقم ٢٦٧٥.

(٢) لسان الميزان ٢ / ٥٠٥ رقم ٢٦٧٧.

١٣٤

وأربعمائة (١).

٤٩ ـ الحسين بن بشر الأسدي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة الإمامية ، وقال : إنّه كان محدّثاً فاضلاً ، جيّد الخطّ والقراءة ، عارفاً بالرجال والتواريخ ، جوّالاً في طلب الحديث ، اعتنى بحديث جعفر الصادق ورتّبه على المسند ، وسمّاه جامع المسانيد ، كتب منه ثلاثة آلاف قائمة ، ومات ولم يتمّه.

ووثّقه الشيخ المفيد. ومن شيوخه محمّـد بن علي بن سليمان ، حدّثه عن حنان بن سُدَير وغيره (٢).

٥٠ ـ الحسين بن بشر بن علي بن بشر الطرابلسي.

المعروف بالقاضي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : كان صاحب دار العلم بطرابلس ، وله خطب يضاهي بها خطب ابن نباتة ، وله مناظرة مع الخطيب البغدادي ذكرها الكراجكي في رحلته ، وقال : حكم له على الخطيب بالتقدّم في العلم (٣).

٥١ ـ الحسين بن تميم بن سعيد بن غالب القِنَّسْريني.

المعروف بالسَـروجي.

____________

(١) لسان الميزان ٢ / ٥٠٧ رقم ٢٦٨٤.

(٢) لسان الميزان ٢ / ٥٠٨ رقم ٢٦٨٧.

(٣) لسان الميزان ٢ / ٥٠٩ رقم ٢٦٨٨.

١٣٥

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : رحل إلى العراق ، وقرأ على أبي علي بن أبي جعفر الطوسي كتاب تهذيب الأحكام لأبيه ، ومات بنابلس سنة ثمان عشرة وخمسـمائة (١).

٥٢ ـ الحسين بن توليا التُرْكي ، أبو جعفر.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : سكن شَـيْزَر وانقطع إلى أُمرائها ، وهو الذي علم أُسامة بن منقذ وغيره ، ومات سـنة عشرين وسـتّمائة (٢).

٥٣ ـ الحسين بن ثابت بن هارون الفرّاء البزاعي.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الشيعة ، وقال : رحل إلى العراق سنة أربع وعشرين وأربعمائة ، فلقي الشريف المرتضى ، فأجازه وقرّظه ، ووصفه بالعلم والفهم ، ونعته بالخطيب (٣).

٥٤ ـ الحسين بن الحسن القاساني.

قال ابن حجر : ذكره ابن أبي طيّ في رجال الإمامية ، وقال : سمع ورحل ، وجمع معجم شـيوخه وهو مفيد (٤).

____________

(١) لسان الميزان ٢ / ٥٠٩ رقم ٢٦٨٩.

(٢) لسان الميزان ٢ / ٥٠٩ رقم ٢٦٨٧.

(٣) لسان الميزان ٢ / ٥١٠ رقم ٢٦٩٢.

(٤) لسان الميزان ٢ / ٥١٥ رقم ٢٧٠٤.

١٣٦

٥٥ ـ الحسين بن روح بن بحر القيني.

الشيخ الصالح أبو القاسم ، كبير الإمامية ، والذي كان أحد الأبواب إلى صاحب الزمان المنتظر ـ عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ.

قال الذهبي في تاريخه : أبو القاسم القيني أو القيسي ، وكذا صورته في تاريخ يحيى بن أبي طيّ الغسّاني ، وخطّه معلقٌ سقيم.

ثمّ قال : هو الشيخ الصالح أحد الأبواب لصاحب الأمر ، نصّ عليه بالنيابة أبو جعفر محمّـد بن عثمان بن سعيد العمري عنه ، وجعله من أوّل من يدخل عليه حين جعل الشيعة طبقات.

وقد خرج على يديه تواقيع كثيرة ..

فلمّا مات أبو جعفر ، صارت النيابة إلى أبي القاسم ، وجلس في الدار ببغداد ، وجلس حوله الشيعة ، وخرج ذكاء الخادم ومعه عكّازة ومَدْرح وحُقّة ، وقال : إنّ مولانا قال : إذا دفنني أبو القاسم وجلس ، فسلِّمْ هذا إليه. وإذا في الحُقّ خواتيم الأئمّة.

ثمّ قام في آخر اليوم ومعه طائفة ، فدخل دار أبي جعفر محمّـد بن علي الشَلْمَغاني ، وكَثُرَت غاشيته ، حتّى كان الأُمراء يركبون إليه الوزراء والمعزلون عن الوزارة والأعيان.

وتواصف الناس عقْلَه وفَهْمه ؛ فقال علي بن محمّـد الأيادي ، عن أبـيه ، قال : شاهدتْـه يومـاً وقـد دخـل عليـه أبـو عمر القاضـي ، فقال له أبـو القاسم : صوابُ الرأي عند المشـغف (١) عبرة عند المتورّط. فلا يفعل

____________

(١) كذا في الأصل ؛ وفي سـير أعلام النبلاء ـ كما سيأتي ـ : المشـفق.

١٣٧

القاضي ما عزم عليه.

فرأيت أبا عمر قد نظر إليه ، ثمّ قال : من أين لك هذا؟!

قال له : إن كنت قلت لك ما عرفته ، فمسألتي من أين لي فضول ، وإن كنت لم تعرفه ، فقد ظَفِرتَ بي.

فقبض أبو عمر على يديه وقال : لا ، بل والله أُوخّرك ليومي ولغدي.

فلمّا خرج أبو عمر ، قال أبو القاسم : ما رأيت محجوجاً قطّ يلقي البرهان بنَفاق مثل هذا ، لقد كاشفته بما لم أُكاشف به أمثاله أبداً.

ولم يزل أبو القاسم على مثل هذه الحال مدَّةً وافر الحُرْمة إلى أن ولي الوزارة حامد بن العبّاس ، فجرت له معه خُطُوب يَطول شرحها.

قلت : ثمّ ذكر ترجمته في ستّ ورقات ، وكيف قبض عليه وسجن خمسة أعوام ، وكيف أُطلق لمّا خلعوا المقتدر من الحبس ، فلمّا أُعيد إلى الخلافة شاوروه فيه ، فقال : دعوه ، فبخطيّـته جرى علينا ما جرى.

وبقيت حرمته على ما كانت إلى أن توفّي في هذه السنة [٣٢٦] ، وقد كاد أمره أن يظهر ويستفحل ولكن وقى الله شـرّه!

وممّا رموه به أنّه يكاتب القرامطة ليقدموا ويحاصروا بغداد ، وأنّ الأموال تجبى إليه ، وقد تلطّف في الذبّ عن نفسه بعبارات تدلّ على رزانته ووفور عقله ودهائه وعلمه.

وكان يفتي الشيعة ويفيدهم ، وله رتبة عظيمة بينهم (١).

قال الذهبي في السير : قال ابن أبي طيّ في تاريخه : نصّ عليه بالنيابة أبو جعفر محمّـد بن عثمان العمري ، وجعله من أوّل من يدخل حين جعل

____________

(١) تاريخ الإسلام السنوات ٣٢١ ـ ٣٣٠ / ١٩٠ ـ ١٩١.

١٣٨

الشيعة طبقات.

قال : وقد خرج على يديه تواقيع كثيرةٌ ..

فلمّا مات أبو جعفر صارت النيابة إلى حسين هذا ، فجلس في الدار ، وحفَّ به الشيعة ، فخرج ذكاء الخادم ومعه عكّازة ومُدَرَّج وحُقّة ، وقال له : إنّ مولانا قال : إذا دفنني أبو القاسـم حسين وجلس ، فسلِّمْ هذا إليه. وإذا في الحُقّ خواتيم الأئمّة.

ثمّ قام ومعه طائفة ، فدخل دار أبي جعفر محمّـد بن علي الشلمغاني ، وكثرت غاشيتُه ، حتّى كان الأُمراء والوزراء يركبون إليه والأعيان.

وتواصَفَ الناس عَقْلَه وفهْمَه ؛ فروى علي بن محمّـد الأيادي ، عن أبـيه ، قال : شاهدتُـه يومـاً وقـد دخـل عليـه أبـو عمر القاضـي ، فقال له أبـو القاسم : صواب الرأي عند المشـفق عبرةٌ عند المتورّط. فلا يفعل القاضـي ما عزم عليه.

فرأيت أبا عمر قد نظر إليه ، ثمّ قال : من أين لك هذا؟!

فقال : إن كنتُ قلت لك ما عرفتَه ، فمسألتي من أين لك فضولٌ ، وإن كنت لم تعرفه ، فقد ظفرت بي.

قال : فقبض أبو عمر على يديه ، وقال : لا ، بل والله أُوخّرك ليومي أو لغدي.

فلمّا خرج قال أبو القاسم : ما رأيت محجوجاً قطّ يلقي البرهان بنفاق مثل هذا .. كاشفته بما لم أُكاشف به غيره.

ولم يزل أبو القاسم وافر الحُرْمة إلى أن وُزّر حامد بن العبّـاس ، فجرت له معه خطوب يطول شرحها.

١٣٩

ثمّ سرد ابن أبي طيّ ترجمته في أوراق ، وكيف أُخِذ وسجن خمسة أعوام ، وكيف أُطلق وقت خلع المقتدر ، فلمّا أعادوه إلى الخلافة شاوروه فيه ، فقال : دعوه فبخطيّـته أُوذينا.

وبقيت حرمته على ما كانت إلى أن مات في سنة ستّ وعشرين وثلاثمائة ، وقد كاد أمره أن يظهر.

قال الذهبي : قلت : ولكن كفى الله شرّه ، فقد كان مُضْمراً لشقّ العصا. وقيل : كان يكاتب القرامطة ليقدموا بغداد ويحاصروها.

وكانت الإمامية تبذل له الأموال ، وله تلطّف في الذبّ عنه ، وعبارات بليغة تدلّ على فصاحته وكمال عقله ، وكان مُفْتي الرافضة وقُدوتهم ، وله جلالة عجيبة ، وهو الذي ردّ على الشلمغاني لمّا عَلِم انْحلاله (١).

٥٦ ـ حسين بن عقبة الضرير بن عبـد الله البصري الضرير*.

قال الذهبي : من أعيان الشيعة ، قرأ على الشريف المرتضى كتاب الذخيرة وحفظه وله سبع عشرة سنة ، وكان من أذكياء بني آدم.

ورد أنّه قال : أقدر أحكي مجالس المرتضى وما جرى فيها من أوّل يوم حضرتُها ، ثمّ أخذ يسردها مجلساً مجلساً والناس يتعجّبون (٢).

قال ابن حجر : قرأ على الشريف أبي القاسم المرتضى القرآن وحفظه وله سبع عشرة سنة ، وكان من أذكياء بني آدم ، وكان من أعيان الشيعة ، مات سنة إحدى وأربعين وأربعـمائة (٣).

____________

(١) سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ، الوافي بالوفيات ١٢ / ٣٦٦.

(٢) تاريخ الإسلام السنوات ٤٤١ ـ ٤٦٠ / ٤٣ رقم ١٠.

(٣) لسان الميزان ٢ / ٥٥٢ رقم ٢٧٨٦.

١٤٠