أسرار الآيات

صدر الدين محمّد بن إبراهيم الشيرازي [ ملا صدرا ]

أسرار الآيات

المؤلف:

صدر الدين محمّد بن إبراهيم الشيرازي [ ملا صدرا ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: انتشارات انجمن اسلامى حكمت و فلسفه ايران
المطبعة: چاپخانه وزارت و فرهنگ و آموزش عالى
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٤٦

والعجب والرياء ، إذ لكل من هذه المعاني صورة في الباطن كما لها صورة في الدنيا ، لكن صورتها التي في الدنيا مغشوشة بغيرها ، مغموسة في مادتها ممنوعة عن تأثيرها بعوائق خارجية.

فسبع الدنيا يمكن الاحتراز عنها بمانع أو حجاب أو عدم قصد من جانبه أو غير ذلك ، بخلاف السبع الباطني فإن كله حقيقة السبعية ، وهو مع ذلك متمكن من صميم قلب من رسخت ملكة السبعية فيه ، وكذلك الحيات والعقارب التي في البرزخ أو في الآخرة ، فإنها لازمة الإيلام والإيذاء من غير دافع ولا معارض ، لأنها صور خالصة بلا امتزاج بغيرها ولا افتراق وانفكاك بعد ، إذ الصور كلها في القيامة صور محضة بسيطة غير مشوبة بغواش وملابس ومواد ، وكذا نار الآخرة ليست كنار الدنيا ممزوجة بغيرها من دخان أو هواء أو مادة حطب أو فتيلة دهن أو غيرها ، بل نار محضة قطاعة (نَزَّاعَةً لِلشَّوى تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى).

وقد ورد في الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في عذاب القبر أنه قال هل تدرون فيما ذا أنزلت (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) قالوا الله ورسوله أعلم ، قال عذاب الكافر في قبره أن يسلط عليه تسعة وتسعون تنينا ، هل تدرون ما التنين تسعة وتسعون حية لكل حية تسعة رءوس ينهشونه ويلحسونه وينفخون في جسمه إلى يوم يبعثون ، فانظر يا عارف بين التدبر والاعتبار في هذا الحديث وتبصر واهتد.

فإني والحمد لله أعلم بعين اليقين أن هذا الحديث ونظائره الواردة من طريق الكتاب والسنة في أحوال القيامة وأهوالها حق وصدق ، فآمنت بها إيمانا عيانيا مقرونا بالكشف والشهود «و (بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا) و (جِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) ، ولست كالمتفلسف الجاهل بأحكام الآخرة وأحوال القيامة ينكر هذا وأمثاله ويجحدها ، ويقول إني نظرت في قبر فلان فلم أر شيئا من تلك الحيات أصلا ، وليعلم الجاهل المتفلسف العنين في معرفة الله واليوم الآخر أن هذا التنين له صورة غائبة عن هذا الحواس ، إذ مدركاتها مختصة بما له وضع مادي بالنسبة إلى محل الحس الداثر ، ولأجل ذلك

١٨١

لم يقع الإحساس بهذا التنين وما يجري مجراه من حيات الآخرة ومؤذياتها ولدغها وإيلامها لخدر الطبيعة وغشاوة الحس الظاهري ، وأن تلك الحيات والمؤذيات ليست لها صور خارجة عن ذات الميت ، أعني صميم قلبه وعين باطنه ونفسه المصورة في القيامة بصورة أخلاقه وأعماله ، وقد مرت الإشارة إلى أن الصور المحسوسة بما هي محسوسة بالذات متحد بالجوهر الحاس ، بل الروح هي بالحقيقة الحساس اللامس الذائق الشام ، وهي التي يتألم ويلتذ ويتنعم ويتعذب في الدنيا والآخرة جميعا ، لكن في الدنيا مع غواش وظلمات وملابس ، وهي خالصة يوم القيامة ، فصورة هذا التنين كانت مع الكافر المنافق قبل موته أيضا متمكنة من باطنه ، لكن لم يكن شاعرا بهذه الحيات ورءوسها ومباديها وصورها وموادها المعنوية ، لخدر حسه وغشاوة طبعه وأمور شاغلة له عن دركها ، وحجب حاجبة إياها عن بصيرته ، لغلبة الشهوات والأغراض ، فما أحس بلدغ هذا التنين (١) وعدد هذه الحيات التي عددها بقدر عدد الشهوات وعدد رءوسها بقدر عدد الأخلاق النفسانية الرديئة التي هي مبادي الشهوات.

قال بعض العلماء : أصل هذا التنين حب الدنيا التي هي رأس كل خطيئة ، ويتشعب منه رءوس بعدد ما يتشعب من حب الدنيا من الأخلاق الذميمة وما يتبعها من الشهوات ، وأصل هذا التنين معلوم بنور البصيرة ، وكذا كثرة رءوسه ، وأما انحصاره فيما ورد في الحديث المذكور فإنما توقف عليها بنور النبوة لا غير ، فهذا التنين متمكن من صميم فؤاد الكافر لا لمجرد كفره بالله وجهله البسيط ، بل لما يدعوه إليه كفره من حب الدنيا ، كما قال : (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ).

__________________

(١) ـ لسعه.

١٨٢

المشهد الرابع

في البعث والحشر

قاعدة

أما البعث فهو خروج النفس عن غبار الهيئات البدنية المحيطة بها ، كما يخرج الجنين من القرار المكين ، ومدة كون الميت في القبر ككون الجنين في الرحم ، ونسبة حالة القبر إلى حالة البعث كنسبة الجنين إلى المولود ، قوله تعالى (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ، وقد مرت الإشارة إلى أن للإنسان أنحاء من الوجود بعضها أقوى وأتم من بعض ، وأن له بعد هذه النشأة العنصرية نشئات أخرى ، وأما قول صاحب الإحياء إن دنياك وآخرتك ليستا إلا حالتاك ، وهما من جنس المضاف ، فليس كما ينبغي إلا أن يراد بالحالة نحو من الوجود الجوهري ، وليس المراد من كون الدنيا والأخرى أمران إضافيان ، أن هوية الإنسان نحو واحد من الوجود ، يكون أولا في هذا العالم وثانيا في ذلك العالم من غير تحول جوهري وحركة معنوية ، بل الدنيوية والأخروية والأولية والآخرية صفتان جوهريتان له ، وطوران وجوديتان لذاته لما سبق ، من أن الإنسان من لدن حدوثه يشتد وجوده شيئا فشيئا ويتطور في الأطوار الوجودية تدريجا ، إلا أن الدنيا جامعة لطائفة من تلك الأطوار والآخرة جامعة لما بعد هذه الأطوار إلى ما لا نهاية له ، وجميع الأطوار الدنياوية على تفاوتها في الدناءة والشرف خسيسة دنية

١٨٣

بالقياس إلى الأطوار الأخروية ، ولهذا المعنى يصح أن يقال إنهما واقعتان تحت جنس المضاف ، وإليه الإشارة بقوله (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) ، فكل من علم أن هذه النشأة الدنيوية من أوائل تكوناته الطبيعية الواقعة فيه على التدريج ، يعلم أن ذاته متوجهة دائما من نشأة أدنى إلى نشأة أخرى ، وأن له أطوار مختلفة بعضها بعد بعض ، على سبيل منازل السفر إلى الله تعالى بعض هذه المنازل في الدنيا وبعضها في الأخرى ، فأصل مادة وجوده من الدنيا ، وكذا صورته العنصرية ثم الصورة النباتية ثم الصورة الحسية كلها من الدنيا ، وبعد هذه الأطوار نشأة النفس ثم القلب والروح والسر والخفي ، وما وراء كلها من الآخرة (وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً).

وأقوى البراهين عندنا في تحقيق النشأة الآخرة هو المأخوذ من إثبات الغاية في الحركات الطبيعية سيما الحركة الجوهرية الإنسانية ، لأنها واقعة في جميع الحدود الإمكانية من أدونها ، كالنطفة بل التراب إلى أعلاها إذا قطع بها القوس الصعودية كلها ، ولهذا وقع هذا السياق من البرهان في كثير من آيات القرآن مثل قوله ، (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ، يعني (كُنْتُمْ أَمْواتاً) قبل ولوج الروح الحيواني فيكم كسائر النباتات والجمادات ، (فَأَحْياكُمْ) بهذه الحياة الحسية ، (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) عن هذه الحياة الطبيعية بإفادة الحياة النفسانية الروحانية ، (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بحياة أخرى قدسية ، وقوله حكاية عمن قال في جواب من قال ، (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) ... ، (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ ، مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) ، وقوله (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) ، إلى هنا من الأطوار الدنياوية ، ولا بد لهذه الحركة الذاتية من غاية في الطبيعة ، وإلا لكانت عبثا وباطلا ، وتلك الغاية لا بد أن يكون أمرا خارجا عن حدود الدنيا لوقوع المرور على مراتبها كلها ، والغاية بالضرورة خارجة عن حدود المسافة ومراحلها ، فهي من منازل الآخرة ، وهي لا تحصل إلا

١٨٤

بعد الموت والبعث ، فالموت هو آخر منزل من منازل الدنيا وأول منزل من منازل العقبى ، ولأجل هذا قال : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) ، وقال أيضا : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) إلى قوله (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ) ، وقال : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) ، وقال : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) ، وقوله : (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) ، ، إلى غير ذلك من الآيات التي وقع الاستدلال بها على ثبوت البعث تارة من جهة إثبات الغايات ، وتارة من جهة البدايات ، فإن للإنسان نشئات بعد هذه النشأة الطبيعية ، كما أن له نشئات سابقة على هذه ، والقوم ربما ذهلوا عن بعض مقاماته اللاحقة أو كلها ، كما أنهم ربما غفلوا عن بعض مقاماته السابقة ، فتارة أنكروا بعض مراتب المعاد ومنازل النفس كالظاهريين المنكرين للمعاد الروحاني وكالفلاسفة المنكرين للمعاد الجسماني ، وتارة كلها كالدهريه المنكرين للمعادين جميعا الزاعمين أن الإنسان إذا مات بطل ، (قالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) ، كما أنهم ربما أنكروا أن كان للإنسان كينونة سابقة على حدوث هذا البدن ، كأتباع أرسطو المنكرين لتقدم النفس على البدن تقدما عقليا كما رآه أفلاطون ومن قبله ، وأما أهل المعرفة والشهود المقتبسون أنوار الحكمة من مشكاة النبوة فيعلمون أن للإنسان نشئات وجودية بعد هذا الوجود ، ونشئات وجودية قبله ، كل بإزاء نظيره قال تعالى إشارة إلى بعض المقامات السابقة : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ ، مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) الآية ، أي

١٨٥

أخذ أرواحهم من ظهور آبائهم العقلية ، فهذا مقام عقلي تفصيلي (١) لأفراد الناس بعد وجود أعيانهم في علم الله على وجه بسيط عقلي ، وقال إشارة إلى مقام آخر بعد المقامين المذكورين : (يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما) الآية ، فهذه أيضا نشأة سابقة للإنسان على نشأته الدنياوية ، فإذا ثبت أن له أطوارا سابقة على هذا الوجود ثبت أن له العود إليها تارة أخرى ، إما سعيدا ، أو شقيا محبوسا في بعض المحابس والسجون.

وبالجملة من علم أنه من أين يجيء إلى هذه الدار ، يعلم أنه إلى أين يذهب ، بقوله : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) ، وقوله (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ).

تنبيه استبصاري

اعلم أن الإنسان لو علم ذهاب بدنه وقلد طبيعته في السلوك إلى الكمال ، وسلك في ذهاب نفسه وتصرف أحوالها كما سلك في مذهب جسده وصورة بدنه ، سيبلغ أقصى الغايات إن شاء الله ، فما سلكت فيه طبيعة بدنه وذهب إليه مسافر جسده ، أنه ابتدئ من تراب ثم من نطفة ثم كان علقة ثم مضغة ثم جنينا مصورا ثم طفلا متحركا حساسا ، ثم صار صبيا زكيا ، ثم شابا متصرفا قويا نشيطا متفكرا ، ثم يكون كهلا مجربا عاقلا أو مكارا محيلا ، ثم يكون شيخا حكيما كاملا أو زنديقا كافرا ، فله أن يصير بعد الموت إن

__________________

(١) التفصيلي الوجودي ، وقوله على وجه بسيط عقلي تعني من الوجه البسيط العقلي في علم الله ، العلمي الكمالي الذاتي السابق على وجود الأشياء وإيجادها وعلى العلم بها في مراتب وجودها الوجود الإجمالي ، وقوله إلى مقام آخر بعد المقامين يعني الوجود الملكوتي الصوري المثالي الذي هو عالم الأشباح بعد عالم الأرواح العقلية ، وتلك الأرواح والأشباح السابقة على وجودهم في النشأة الدنياوية نشأتها نشأة الدهر بقسميه الأيمني والأيسري ، والدهر باطن الزمان وسره ، والوجود الدنياوي زماني والزمان ظل الدهر ، وعن الأيمني والأيسري من الدهر الداهر يخبر قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الأرواح خلق قبل الأبدان بألفي عام والإخبار بهذا الأخبار عنهم كثيرة جدا (نوري قدس‌سره)

١٨٦

استقامت طريقته وصلحت سريرته ملكا مقربا ملتذا بلقاء الله تعالى وقربه ، وإن اعوجت سبيله وانسلخت فطرته فيصير مطرودا عن باب الله معذبا عذابا أليما ، ومعلوم أن في الاستحالات والانقلابات الطبيعية كان له ذهاب من طور أدنى إلى طور أعلى ، وكان كلما انخلع عنه صورة ناقصة تلبس بما هو أعلى منزلة وأجود من الأولى ، وكان له في كل موت حياة جديدة أشرف من الحياة السابقة ، فهكذا ينبغي أن يتحرى في مذهب نفسه في العلم والعمل ، فلا يروم أن يرقى إلى درجة من الكمال إلا ويخلع عن نفسه آراء وأخلاقا وعاداتا كانت مألوفة له معتادا بها أولا ، حتى يمكنه أن يفارق الصور البشرية كلها ويصعد إلى ملكوت السماء ويجازي هناك بأحسن الجزاء ، ويكون (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً).

قاعدة

في الحشر

اعلم أن الزمان علة التعاقب والتسابق في الوجود ، والمكان علة التكثر والافتراق في الحضور ، فهما سببان لاختفاء الموجودات بعضها عن بعض ، فإذا ارتفعا في القيامة ارتفعت الحجب بين الخلائق فيجتمع الخلائق كلهم الأولون والآخرون ، (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) ، فهو يوم الجمع (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) ، وبوجه آخر هو يوم الفصل ، لأن الدنيا دار الاشتباه والاختلاط ، متشابك فيها الحق مع الباطل ، ويتخالط فيها الوجود والعدم والخير والشر والخبيث والطيب ، وفي الآخرة يتفرق المتخالفات لقوله : (يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) ، وفيها يتميز المتشابهون لقوله ، (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) الآية ، وينفصل الخصمان لقوله ، (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ) ، وقوله : (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) ، ولا منافاة بين هذا الفصل وذلك الجمع ، بل هذا يوجب ذاك كما قال : (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ) ، والحشر أيضا بمعنى الجمع قوله : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً).

١٨٧

إعلام كشفي

اعلم ن حشر الخلائق على أنحاء مختلفة لما علمت سابقا من أن الإنسان سيصير أنواعا مختلفة بحسب الباطن والروح ، بعد أن كان نوعا بحسب الطبيعة البشرية ، وذلك من جهة اختلاف ملكاتهم الحاصلة من تكرر أعمالهم ، فالحشر لقوم على سبيل الوفد إلى الحق (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) ، ولقوم على سبيل الانسياق إلى جهنم وقوله : (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً) ، ولقوم على سبيل التعذيب (يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ) ، وقوم كما في قوله : (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) ، وقوله (يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) ، وقوم كما قال : (وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً) ، وقوم كما قال : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى).

وبالجملة يحشر كل أحد إلى غاية سعيه وعمله ونهاية قصده ونيته وهمته وما يحبه ويشتاق إليه ، «المرء يحشر مع من أحب» ، كما قال : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) ، وقوله : (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ) ، حتى أنه «لو أحب أحدكم حجرا يحشر معه».

بصيرة برهانية

قد سبق أن تكرر الأفاعيل من الإنسان يوجب حدوث ملكات وأخلاق في نفسه ، وكل ملكة وصفة تغلب على جوهر النفس يتصور النفس في القيامة بصورة تناسبها ، ولا شك أن أفاعيل الأشقياء المدبرين المردودين إلى أسفل سافلين بحسب هممهم القاصرة عن الارتقاء إلى جهة عليين ، مقصور على أغراض بهيمية أو سبعية غلبت عليهم شقوتهم ، ونفوسهم مردودة في البرازخ الحيوانية ، فيحشرون على صور تلك الحيوانات في الدار الآخرة ، فإن حقيقة كل نوع ليست مادتها بل صورتها التي هي بها بالفعل ، سواء كانت بلا مادة أو في مادة ، وسواء كانت المادة من هذا العالم أو من عالم

١٨٨

آخر ، فصورة البهيمية أو السبعية إذا حصلت في قابلية النفس ورسخت فيها صارت بهيمة أو سبعا بحسب الباطن ، وسيبرز في الآخرة عند كشف الغطاء ويحشر فيها كذلك كما في قوله : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) ، وفي الحديث «يحشر بعض الناس على صورة يحسن عندها القردة والخنازير» وبالجملة يحشر الخلائق على صور ضمائرهم ونياتهم ، وعليه يحمل معنى التناسخ الوارد في لسان الأقدمين.

١٨٩

المشهد الخامس

في الصراط

الصراط طريق (١) الحق ودين التوحيد الذي جميع الأنبياء والرسل عليهم‌السلام ومتابعيهم عليه ، وجميع المقامات السنية وأحوال السالكين في السير إلى الله وفي الله راجعة إليه ، وعلم التوحيد أنفع العلوم وأنورها وأشرفها وأوثقها ونقاوتها وصفوتها ، وهو المقصد الأقصى والمنزل الأعلى ، وليس وراء عبادان قرية ولا مطمع في النجاة إلا باقتنائه ، ولا فوز بالدرجات إلا باجتنائه ، ولعلو مرتبته انقلبت البصائر عنه كليلة ، والعقول عليلة ، والنواظر خواسر ، وحقيقة التوحيد يجل عن أن يحيط بها فهم ، أو يحوم حوم حماها وهم ، ولا يصعد أحد إلى جوار الله وقربه إلا صاحب علم التوحيد ، وما يمر على درجات السلوك نحوه والصعود إليه إلا بقوة هذا اليقين ، فهو السالك الواصل إليه تعالى بقطع منازل الاحتجاب ، وطي طبقات الحسنات و

__________________

(١) إن صراط التوحيد هو نفس المؤمن المسافر من بيت نفسه إلى الله امتثالا لأمره تعالى حيث قال (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) وإن تلك المسافرة الرجوعية لأجل أن يسلم نفسه التي باعها منه سبحانه بثمن الجنة كما قال جل شأنه (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) وبعد التسليم لما صارت نفس المؤمن نفسه عمت رحمته كتب على نفسه الرحمة وغرس فيها بيده فصارت جنة فيملكها حالتئذ إياه تمليكا صريحا أبديا فيدخلها المؤمن مستورا بالجنة التي هي سترة الله الساترة له سالمة مسلمة نفسه التي صارت مطمئنة ببرد اليقين وذلك هو الغفران المبين (نوري قدس‌سره)

١٩٠

سجلات الكتاب ، وغيره لا يمكن له السعي والمشي إلا بالاقتداء به والاعتصام بعروته والتمسك بضياء نوره وقوته ، كالأعمى في المشي بالقائد الآخذ بيده ، على أن لكل طائفة صراطا تمر عليه كما قال تعالى : (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).

وقد علمت أن لكل موجود حركة جبلية وتوجها غريزيا إلى مسبب الأسباب ، وللإنسان مع تلك الحركة الجبلية حركة إرادية نفسانية لباعث ديني ، وهذا المعنى أي تقلب الوجود في أطواره الكمالية مشاهد مكشوف لأهل البصيرة في أكثر الموجودات ، وخصوصا في الإنسان لسعة دائرة وجوده وعظم قوسه الصعودية إذا لم ينحرف عن صراط ربه ولم يسقط عن فطرته ، قال تعالى : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ، فالاستقامة عليه والتثبت فيه هو الذي كلف الله عباده به وأرسل رسوله إليهم ، وأنزل الكتاب عليهم لأجله وباقي الصراطات ليس شيء منها ، هو هذا الصراط المختص بأهل الله ، لأن كلا منها يؤدي سلوكه إلى غاية أخرى غير لقاء الله ، وإلى مظهر اسم آخر غير الرحمن الرحيم ، كالقهار والمنتقم والجبار وغير ذلك ، وإلى منزل آخر غير الجنة والرضوان كطبقات النيران ، كما حققه العرفاء قال تعالى : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) ، والاستقامة عليه هي المراد بقوله : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا) ، والانحراف عنه يوجب السقوط عن الفطرة والهوي إلى جهنم التي «قيل لها (هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ)» ، وهذا الصراط هو المدعو للمصلي في كل صلاة بقوله اهدنا الصراط المستقيم ، وهو «أدق من الشعر وأحد من السيف» ، لأن كمال الإنسان منوط باستعمال قوتيه ، أما القوة النظرية فلإصابة نور اليقين في الأنظار الدقيقة التي هي أدق من الشعر ، وأما القوة العملية فبتوسيط قواها الثلاثة التي هي الشهوية والغضبيه والفكرية في الأعمال ، لتحصل للنفس حالة اعتدالية متوسطة بين الأطراف غاية التوسط ، وهي أحد من السيف ، فالصراط له وجهان ، أحدهما أدق من الشعر ، والآخر أحد من السيف ، والانحراف عن الوجه الأول

١٩١

السقوط عن الفطرة ، (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) والوقوف على الوجه الثاني يوجب الشق والقطع ، كما قيل : من وقف عليه شقه ، وإليه الإشارة بقوله (يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ) ، وقوله : (اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) ، وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله تعالى : (أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) ، أي «مروا على صراط الآخرة مستويا من غير انحراف وميل» فمعنى حسن الخلق الوسط بين الإفراط والتفريط ، فخير الأمور أوسطها ، وكلا طرفي قصد الأمور في الدنيا ذميم ، ولذلك قال تعالى (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) ، وقال (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) ، وقال (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ).

وتحقيق ذلك أن كمال الآدمي بحسب العمل ، التجرد والبراءة عن هذه الأوصاف المتضادة الحيوانية ، وليس في قدرة البشر الانفكاك عنها بالكلية ، لكن التوسط بين الأضداد بمنزلة الخلو عنها ، وكلا جانبي هذا الصراط الجحيم ، ووسطها طريق الجنة ، ولهذا قيل «اليمين والشمال مضلة» وكماله بحسب العلم هو تحصيل نور الإيمان واليقين ، وغايته أن يصير إيمانه عيانا ، وعلمه عينا ، ويقينه شهودا حقا.

مشاهدة قلبية

هذا الصراط يظهر يوم القيامة على الأبصار وعلى قدر نور اليقين للمارين عليه إلى الآخرة ، وبحسب شدة نور يقينهم يكون قوة سلوكهم وسرعة مشيهم ، فيتفاوت درجات السعداء بتفاوت نور معرفتهم وقوة يقينهم وإيمانهم ، لأن المعارف أنوار ولا يسعى المؤمنون إلى لقاء الله إلا بقوة أنوارهم ، كما قال : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ).

وقد ورد في الخبر أن بعضهم يعطي نورا مثل الجبل ، وبعضهم أصغر ، ويكون آخرهم رجلا يعطي نورا على قدر إبهام قدمه ، فيضيء مرة ويطفي

١٩٢

مرة ، فإذا أضاء قدام قدمه مشى وإذا طفئ قام ، ومرورهم على الصراط على قدر نورهم ، فمنهم من يمر كطرف العين ، ومنهم كالبرق الخاطف ، ومنهم كالسحاب ، ومنهم يمر كشد الفرس ، والذي أعطى نورا على قدر إبهام قدمه يجثو على وجهه ويديه ورجليه يجر يدا ويعلق أخرى ويصيب جوانبه النار فلا يزال كذلك حتى يخلص الحديث ، وبهذا يظهر تفاوت الناس في الإيمان ، فرب إيمان رجل بالقياس إلى إيمان رجل آخر إذا وزن معه كان آلاف ألف مثله في القوة النورية والرسوخ العلمي.

بصيرة كشفية

عند كشف الغطاء يظهر لك أن النفس الآدمية السعيدة صورة صراط الله المستقيم ، الذي إذا سلكته متدرجا على منازله ومقاماته أوصلك إلى الجنة ، فهو في هذه الدار كسائر الأمور الأخروية غائبة عن الأبصار ، فإذا انكشف عند الغطاء بالموت ورفع الحجاب عن عين روحك ، يمد لك يوم القيامة كجسر محسوس على متن جهنم ، أوله في الموقف وآخره على باب الجنة ، يعرف ذلك من يشاهده أنه صنعتك وبناك ، وتعلم حينئذ أنه كان في الدنيا جسرا ممدودا على متن جهنم طبيعتك التي قيل إنها (ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) لأنها الذي تقود النفس إلى لهب الشهوات التي يظهر أثر حرها في الآخرة ، فالسعيد من أطفى ناره بماء العلم وطهارة التوبة.

زيادة كشف وتوضيح

قال الشيخ الصدوق محمد بن على بن بابويه القمي رحمه‌الله اعتقادنا في الصراط أنه حق وأنه جسر جهنم وأن عليه ممر جميع الخلق ، قال الله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) ، قال : والصراط في وجه آخر اسم حجج الله ، فمن عرفهم في الدنيا وأطاعهم أعطاه الله جوازا

١٩٣

على الصراط الذي هو جسر جهنم يوم القيامة ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام يا علي إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرئيل على الصراط ولا يجوز على الصراط أحد إلا من كانت معه براءة بولايتك ، عن الحسن البصري في صفة الصراط : أنه مسيرة ثلاثة آلاف سنة ، أدق من الشعر وأحد من السيف ، ألف صعود ، وألف استواء ، وألف هبوط ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : شعار المؤمنين على الصراط رب سلم رب سلم ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاث مواطن لا يذكر أحد أحدا ، عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أو يثقل ، وعند تطاير الصحف حتى يعلم أيقع كتابه في يمينه أم في شماله أم من وراء ظهره ، وعند الصراط إذا وضع بين ظهر جهنم حتى يجوز.

قال أهل الشهود إن الله تعالى خلق الصراط من رحمته أخرجها للمؤمنين ، فالصراط للموحدين خاصة ، والكفار لا جواز لهم عليه ، لأن النار قد التقطت من الموقف جبابرهم ، وسائر الكفار قد اتبعوا ما كانوا يعبدون من دون الله عزوجل إلى النار ، فقسم النور بين الموحدين على قدر ما جاءوا به من الدنيا ، والصراط يدق ويتسع على حسب منازل الموحدين ، الدقة للمذنبين والسعة للمتقين ، والأصل الواسع للأنبياء والأولياء يصير لهم كالبساط سعة وبسطا ، ولهم السرعة والإبطاء ، فأولهم كلمح البصر وآخرهم كعمر الدنيا سبعة آلاف سنة ، تزل قدم تحترق ، ثم يخرجها فتبرأ من الرحمة ، ثم تزل قدم والأخرى قد برئت ، فالإسلام خرج لهم من الرحمة ، فلما قبلوه ولم يفوا به ضرب لهم جسرا من تلك الرحمة ، فيمرون عليها فمن ضيع منهم شيئا من أعمال الإسلام فإنما ضيع الرحمة التي رحم بها فزلت ، فالدقة والاتساع على قدر الرحمة من الله للعبد فبحظ العبد من الرحمة التي قسمه سبحانه في أيام الدنيا يتسع الصراط عليه هناك ، والسرعة والإبطاء في قطع الصراط على قدر القرب ، فبحظ العبد من نور القربة يسرع ويبطأ ، فأولهم زمرة يقطع في مثل طرف العين ولمع البرق وهم الأنبياء عليهم‌السلام ، والثانية في مثل الريح والطير وهم الصديقون والأولياء ، والثلاثة مثل حضر (١)

__________________

(١) ارتفاع الفرس في عدوه.

١٩٤

الفرس وأجاويد الخيل وهم المجاهدون أنفسهم الذين صدقوا الله في جميع حركاتهم ، والرابعة مثل الراكب رحله وهم المتقون ، والخامسة في مثل سعي الرجل وهم العابدون ، والسادسة مشيا وهم العمال المستورون ، والسابعة جثوا وهم المتهتكون من الموحدين وكل زمرة لها نور ، نور النبوة ونور الولاية ونور الصدق ونور التقوى ونور العبادة ونور الستر ونور التوحيد ، فمنهم من نوره مد بصره ، ومنهم من نوره عند إبهام قدمه ، وهو آخرهم وليس النور هناك بكثرة الأعمال ، إنما النور بعظم نور الأعمال ، وإنما يعظم نور العمل على قدر ما في القلب من نور القربة وكل نور أقرب إلى الله فهو أقوى وأنور ، فكم من رجل قل عمله هناك سبق إلى الجنة ممن هو أربى بعمله منه أضعافا مضاعفة ، ألا ترى إلى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمعاذ بن جبل ، خلص يكفيك القليل من العمل ، ولذلك روي في الحديث «يا حبذا نوم الأكياس وفطرهم كيف يغبنون سهر الحمقى وصيامهم ، ولمثقال حبة من خردل من يقين أفضل عند الله من أمثال الجبال عبادة».

١٩٥

المشهد السادس

في نفخ الصور

لما سئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن معنى الصور فقال قرن من نور التقمه إسرافيل فوصفه بالسعة والضيق ، فقيل إن أعلاه أوسع وأسفله أضيق ، وقيل بالعكس ولكل من القولين وجه صحة كما لا يخفى على العارف ، والصور بضم الصاد وسكون الواو وقرئ بفتحها أيضا جمع الصورة ، لأن نافخها واهب الصور بإذن الله.

قال الشيخ العربي في الفتوحات المكية بعد ذكر الناقور والصور ليعلم بعد ما قررناه أن الله تعالى إذا قبض الأرواح من هذه الأجسام الطبيعية والعنصرية ، أودعها صورا أخذها في مجموع هذا القرن النوري ، فجميع ما يدركه الإنسان بعد الموت في البرزخ من الأمور يدركها بعين الصورة التي هو بها في القرن ، والنفخة نفختان ، نفخة تطفئ النار ، ونفخة تشعلها ، فكذلك نفخة الصور ، نفختان.

الأولى لإماتة الإنسان ولمن يزعم أن له حياة ، سواء كان من أهل السماوات أو من أهل الأرض ، قال تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) ، وهم الذين سبقت لهم القيامة الكبرى ، وإليهم الإشارة بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) إلى قوله : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) ، إذ الفزع الأكبر هو إشارة إلى قوله : (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) ، وأولئك ليسوا

١٩٦

من أهل السماوات والأرض ، لكون ذواتهم خارجة من عالم الأجسام وصورها ونفوسها ، ولا يجري عليهم تجدد الأكوان ولا تغير الزمان ، لاستغراقهم في بحر قهر الأحدية وسطوة نور القيومية كالملائكة المهيمين ومن يجري مجراهم في أن هوياتهم مطوية تحت الشعاع القيومي ، فلا التفات لهم إلى ذواتهم ، ولا علم لهم إلى غير الله (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا). والثانية لأجل الإحياء بعد الإماتة حياة أخرى أرفع من الأولى ، قوله : (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) ، أي أرض المحشر وأرض الجنة وكذا النفوس. واعلم أن المواد الكونية بصورها الطبيعية القابلة للاستنارة بالأرواح كالفحم في استعداده للاشتعال ، والصورة البرزخية كامنة فيها بحسب ذلك الاستعداد كمون الحرارة والحمرة في الفحم ، والصور النفسانية كامنة في الصور البرزخية كمون الاشتعال والإنارة في الحرارة ، ففي النفخة الأولى زالت الصور الطبيعية بالإماتة ، والصور البرزخية استعدت لقبول الاستنارة بالأرواح الكامنة فيها استعداد الفحم بالنار التي كمنت فيه لقبول الاشتعال ، فينفخ إسرافيل وهو المنشئ للأرواح في الصور نفخة ثانية فتستنير بأرواحها (فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) ، فيقوم تلك الصور إحياء ناطقة بما ينطقهم (اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) ، فمن ناطق بالحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) ، ومن ناطق «ب (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا) وكل واحد ينطق بحسب علمه وحاله وما كان عليه ، ونسي حاله في البرزخ ، فيتخيل أن ذلك منام كما يتخيله المستيقظ من هذه النوم ، وقد كان عند موته وانتقاله كالمستيقظ وأن الحياة الدنيا كالمنام وهي في جنب البرزخ والآخرة كمنام في منام ، وهذا القيام إنما يتحقق عند القيامة وفي القيامة يتحقق البعث ، لقوله : (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ) ، وعند البعث يتحقق الثواب والعقاب.

١٩٧

تنوير وتذكير

اعلم أن من الناس من يرى أمور القيامة وأحوالها بعين البصيرة ويحضر عنده شهود الآخرة ، فلا فرق في شهوده بين أن يكون قبل قيام الساعة أو بعده ، كما قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ، فلا يحتاج مثله في الوصول إلى عالم اليقين وبروز الحقائق له إلى البعث ، لزوال الحجب عن عين بصيرته كما في قوله : (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) ، وذلك لا يمكن إلا بتبدل نشأتهم الدنيوية إلى نشأتهم الأخروية ، وإذا تبدلت نشأتهم ، تبدلت أسماعهم وأبصارهم وحواسهم إلى أسماع وأبصار وحواس أخروية تدرك بها أمور الآخرة ، وإلى هذا التبديل أشار تعالى بقوله : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) ، وبقوله : (نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ) ، وبقوله : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) ، وبهذا التبديل في الوجود سواء وقع قبل الموت أو بالموت أو بعده يستحق الإنسان لدخول الجنة ودار السلام ، ويتحقق الفرق بين أهل الجنة وأهل النار ، فأهل الجنة لهم أبدان مطهرة وصور مجردة عن رجس هذه المواد ، بخلاف أهل الجحيم لعدم تبدل نشأتهم كما قال تعالى : (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ، كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) ، قال المفسرون المعنى أنكم مخلوقون من نطفة قذرة لا يناسب المكون من هذه المادة عالم القدس والطهارة ، وقوله : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) عقيب قوله : (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) ، يجري جواب عن سؤال مقدر ، كأنه قيل : إذا كان المخلوق من ماء مهين لا يستأهل جوار رب العالمين ، إذ ما للتراب ورب الأرباب ، فكيف يدخل المؤمنون جنة النعيم ، فقيل نبدلهم بنشأة خير من هذه النشأة ، فيحصل لهم بما أهلية الدخول في دار القدس ، كما قال سبحانه : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ

١٩٨

وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، وكما قال : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) ، إذ لا يستأهل دار الله وجواره ولا الصعود إلى المنزل الأعلى ، كما قال : (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) لكثافة جوهرهم وثقلهم وتعلقهم بهذا البدن الطبيعي ، وتثبطهم وقعودهم عن الارتقاء إلى عالم السماء وإخلادهم إلى الأرض ، لقوله : (لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ).

قاعدة

في أحوال تعرض يوم القيامة

إذا ظهر نور الأنوار وانكشف جلال وجه الله القيوم ، وغلب سلطان الأحدية ، واشتدت جهات الفاعلية والتأثير والتنوير ، وأخرجت القوابل والمستعدات من القوة إلى الفعل ، وانتهت الحركات إلى غاياتها ، وبرزت الحقائق من مكامن غيبها وحجب موادها وإمكاناتها إلى مجالي ظهوراتها ، انخرط كل ذى مبدإ في مبدئه ، ورجع كل شيء إلى أصله وعاد كل نقص إلى كماله وكل ذي غاية إلى غايته ، قوله : (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) ، وقوله : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ،) ، وقوله : (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ) ، وقوله : (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، فإذا اتصل كل فصل إلى وصله ، والتحق كل فرع بأصله ، وبلغ كتاب كل شيء أجله ، وجمع كل مستفيض بمفيضه ، (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) ، فلم يبق لأنوار الكواكب عند ذلك ظهور ، (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) ، ولا لأجرامها قدر ووضع ، (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) ، وزال ضوء الشمس وانكدر نور الكواكب (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) و (إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) ، ومحى نور القمر (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) ولم يبق بعد ومسافة بين المنير والمستنير ، ولا تفاوت ولا تباين (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) ، واتحدت النفوس بالأرواح وزالت المباينة بين الأشباح والأرواح ، ولهذا يكون أبدان أهل الجنة بصورة نفوسها كالشخص وظله ، ورجعت السماوات والأرض على ما

١٩٩

كانتا عليه قبل انفتاقها من الرتق ، فعادتا إلى مقام الجمعية المعنوية من هذه التفرقة الطبيعية حيث كانتا رتقا قبل الفتق فعادتا كما كانتا رتقا بعد الفتق ، وكذا العناصر الأربعة يصير كلها عنصرا واحدا مظلما (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) ، والجبال لكونها متكونة من الرمال المتفتتة فعادت كما كانت عليه ، (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) ، وتنقلب كل العنصريات والمركبات نارا غير هذه النار الأسطقسية وتصير الهيولى كلها بحرا مسجورا ، (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) ، كما وقعت الإشارة إليه في حق آل فرعون ، (أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً) ، وبالجملة يتصل البر بالبحر ويتحد الفوق والتحت ، ويزول الأبعاد والأحجام ويرتفع الحواجز والحوائل ، ويرق الحجب لأهل البرازخ ومواقف الأشهاد ، «يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ ، يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ» ويقام الخلائق عن مكامن الحجب إلى مواقف كشف الأسرار ، لقوله : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) ، والمتخلصون عن محابس البرازخ يتوجهون إلى الحضرة الإلهية ، لقوله : (فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ).

قال بعض العرفاء المكاشفين إذا (أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) حتى ما بقي فيها شيء اختزنته ، جيء بها إلى الظلمة التي هي دون المحشر ، كما قال : (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً) ، فيمد مد الأديم وبسطه فلا يرى فيها عوجا ولا أمتا ، وهي الساهرة فلا نوم فيها كما قال : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) ، ويرجع ما تحت مقعر فلك الكواكب جهنم ، وسميت بهذا الاسم لبعد قعرها يقال بئر جهنام أي بعيد القعر ، ويوضع الصراط من الأرض علوا إلى سطح فلك الكواكب وهو فرش الكرسي من حيث باطنه ، إذ كل أمور الآخرة يقع في باطن حجب الدنيا ، ولذلك قيل أرض الجنة الكرسي وسقفها عرش الرحمن ، ويوضع الموازين في أرض المحشر لكل مكلف ميزان يخصه بعد الميزان العام ، قوله : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) للرحمن ، وضرب بسور يسمى الأعراف بين الجنة والنار وجعل مكانا لمن اعتدلت كفتا ميزانه ، ووقعت الحفظة بأيديهم الكتب التي كتبوها في الدنيا من أعمال

٢٠٠