تراثنا ـ العددان [ 63 و 64 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 63 و 64 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٤

عطاء الله بن عبـدالله بن خشمان ، فرغ منه ظهر يوم الجمعة سنة ١٠٣١ ، بدأ بكتابته في مشهد الإمام الرضا عليه السلام وأتّمه في «يزد» ، وعليه ختمان له : صغير وكبير مدوّران ، ثمّ انتقل من ورثته بالبيع إلى غياث الدين محمّـد الرضوي بتاريخ ١٤ محرّم سنة ١٠٥١ ، وعليه خطّه بتملّكه كذلك ..

وعليه تملّك العبد النادم محمّـد أمين الرضوي الخادم القائني ، بتاريخ ١٤ محرّم سنة ١١٤١ بخطّه ، وتملّك الشيخ حسن الأردبيلي.

ويقع في ١٩٠ ورقة ، مقاسها ١٥ × ٢٣ ، تسلسل ١٠٠٤.

نسـخة الجزء الأوّل إلى آخر كتاب الاعتكاف ، كتابة القرن الحادي عشر ، والنسخة مصحّـحة ، ٢٨٦ ورقة ، رقم ٣٦٧.

نسـخة من أوّل المتاجر الى كتاب القراض ، نسخة قيّمة كتابة القرن الحادي عشر أو أواخر العاشر ، مكتوبة على نسخة معتبرة مكتوبة في حياة المؤلّف أو على نسخة الأصل بخطّ المؤلّف ؛ فإنّ على الهوامش تعليقات كثيرة للمؤلّف بعضها : «منه دام ظلّه» ، وأكثرها : «منه رحمه الله» ، والغالب عليها : «كذا بخطّه» ، فيظهر أنّه منقول عن خطّ المؤلّف مباشرة ، فإمّا أنّ النسخة كانت هي النسخة الأصلية ، أو كانت حواشي تلك النسخة بخطّ المؤلّف ..

وعلى كلّ فالنسخة مقابلة معها ، ومصحّـحة عليها ، وعليها بلاغات وتصحيحات وحواش المؤلّف ، وتقع في ٤٥٥ ورقة ، رقم ٥٨.

نسـخة من كتاب الإجارة إلى الإقرار ، كتابة القرن الحادي عشـر ، عليها كتابة تاريخها سنة ١٠٨٩ ، وعليها ختم الشيخ فضل الله النوري.

في ٢٤٦ ورقة ، رقم ٢٢١.

نسـخة من أوّل المتاجر إلى أواسط كتاب الأمانات ، مبتورة الآخر ،

٢٦١

والنسخة قيّمة ، عليها حواشٍ كثيرة : «كذا بخطّه» ؛ فيظهر أنّها منتسخة عن نسخة خطّ المؤلّف ، ولا تاريخ لها ولكن عليها كتابة تاريخها سنة ١٠٢٣ ، والكتابة هذه بخطّ كتاب الله بن حبيب الله البروجردي ، وختمه : «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي» ، وعليها ختم الشيخ فضـل الله النوري ، وخطّ الشيخ أحمد البلاغي ، وتقع في ١٦١ ورقة ، رقم ٢٢٠.

نسـخة تضـم المجلّد الأخير من الكتاب ، من أوّل النكاح إلى الفصل الثالث : في التفويض ، وهو ثالث فصول المقصد الثاني : في المهر ..

ذكر المؤلّف أنّه فرغ منه في النجف الأشرف نصف النهار من يوم السبت ١٨ جمادى الأُولى سنة ٩٣٥.

وهـي بخطّ نـور الدين بن عبـد الكاظـم بن نـور الدين ، فـرغ منـها ١٤ شهر صفر سـنة ٩٤٠ ؛ فالنسخة مكتوبة في حياة المؤلّف قبل موته بعشرة أشهر ، والظاهر أنّها منتسخة عن نسخة خطّ المصنّف ، وتقع في ٢٣٢ ورقة ، رقم ٣٦٨.

(٤١٤)

جامع المناقب

تأليف : السـيّد مرتضى بن يحيى الحسيني الزنجاني.

فارسي كبير ، في مناقب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبضعته البتول عليها السلام وأئمّة المسلمين من عترته الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين ، وقد خصّص لكلّ منهم فصلاً من الكتاب فيكون مجموع فصوله أربعة عشر ..

ألّفه على عهد السلطان فتح علي شاه القاجاري أوائل تولّيه الحكم ، بأمر الشاهزاده عبـدالله ميرزا.

٢٦٢

نسـخة بخطّ علي أكبر بن شيخ محمّـد الهزارجريبي ، فرغ منها في ٦ ذي الحجّة سنة ١٢٢٤ ، وهي مكتوبة في حياة المؤلّف ، وأظنّ أنّ هذه السنة هي سنة الفراغ من التأليف أيضاً.

٢٩٠ ورقة بالقطع الرحلي ، تسلسل ١٥٨٧.

(٤١٥)

جانـور شناسـي

لعلي بخش القاجاري.

في معرفة الحيوان ، ترجمة لكتاب بوفون دولاژنس بالفرنسية ، ترجمه إلى الفارسية عام ١٢٩٦ بأمر السلطان ناصر الدين شاه القاجاري ، المقتول سنة ١٣١٣.

نسـخة بخطّ مهديخان ابن أخي المؤلّف ، كتبها في حياته ، وفرغ منها في صفر سنة ١٣٠٤ وجعل لها فهرساً ، وبآخرها بخطّ المؤلّف أنّه راجعها بنفسه وصحّحها في ١٤ ربيع الأوّل سنة ١٣٠٤ ، وبأوّلها تصاوير الحيوان ، وعلى الهوامش تصحيحات المؤلّف وتعليقاته بخطّه.

في ٢٦١ ورقة ، رقمها ١٢٨٠.

(٤١٦)

الجـبر والاختيار

للأُستاذ الأكبر الوحيد البهبهاني ، محمّـد باقر بن محمّـد أكمل الأصبهاني البهبهاني الحائري ، المتوفّى سنة ١٢٠٥.

نسـخة بخطّ خليل بن الشيخ إبراهيم الزاهد ، ضمن مجموعة من

٢٦٣

الرسائل أكثرها للمؤلّف ، رقم ٣٩٣.

(٤١٧)

الجـبر والتفويـض

لصدر المتألّهين محمّـد بن إبراهيم ، صدر الدين الشيرازي المشتهر بالمولى صدرا ، المتوفّى سنة ١٠٥٠.

أوّلـه : «سبحانك من تنزّه عـن الفحشاء ، ولا يجـري في ملكه إلاّ ما يشاء ...».

نسـخة بخطّ السـيّد حسن الأخوي التقوي الشيرازي الطهراني ، كتبها بخطّه الفارسـي الجميل سنة ١٢٨٤ ، ضمن مجموعة فلسفية كلّها بخطّه ، رقم ٦ / ١٥٤٧.

(٤١٨)

جبر ومقابلة

رسالة فارسية في الجبر والمقابلة واستخراج المجهولات.

تأليف : ملك محمّـد بن سلطان حسين الأصفهاني ، من أعلام القرن العاشر ..

وضعها تكملة لرسالة القوشجي في الحساب.

نسخة تاريخها سنة ١٠٤٥ ، وبآخرها فائدة حسابية ، في ٣٧ ورقة ، رقمها ١٤٩٣.

للموضوع صـلة ...

٢٦٤

مـصطلحـات نحـويّـة

(١٧)

السـيّد علي حسـن مطر

واحد وثلاثون ـ مصطلح التوكيـد

التوكيد لغةً :

التوكيد لغةً : «مصدر وكّد العقدَ والعهدَ : أوثقه ، والهمزُ فيه لغة ، يقال أوكدتّه وأكّدتّه وآكدتّه إيكاداً ، وبالواو أفصح ، أي : شـددته ، وتوكّد الأمر وتأكّد بمعنى ... ووكّد الرحلَ والسرجَ توكيداً : شـدّه» (١).

التوكيد اصطلاحاً :

قبل أن يستقرّ لفظ (التوكيد) عنواناً للمعنى الاصطلاحي النحوي اسـتعمل النحاة ألفاظاً متعدّدة للتعبير عن هذا المعنى ، فعبّر سـيبويه (ت ١٨٠ هـ) عنه بـ : (التوكيد ، والصفة ، والبدل) (٢) ..

___________

(١) لسان العرب ، ابن منظور ، مادّة «وكـد».

(٢) الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبـد السلام هارون ٢ / ٣٨٥ ـ ٣٨٧.

٢٦٥

وعبّر عنه الفرّاء (ت ٢٠٧ هـ) بـ : (التشديد) (١) ..

وعبّر عنه المبرّد (ت ٢٨٥ هـ) بـ : (التوكيد ، والنعت ، والصفة) (٢).

وقد قسّم النحاة التوكيدَ إلى : لفظي ومعنوي ، والأوّل يحصل بتكرار لفظ المؤكّد مفرداً أو جملة ، ويحصل الثاني بألفاظ مخصوصة وهي : النفس والعين وكلّ وكلا وكلتا وجميع وأجمع وجمع وأجمعون وجمعاء.

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه القسمة لم تكن واضحة ومحدّدة منذ البداية ؛ فإنّنا نجد ابن السرّاج (ت ٣١٦ هـ) يقول : التأكيد قسمان : أوّلهما تأكيد «بتكرير الاسم ، نحو : رأيت زيداً زيداً ، رأيت زيداً نفسَـه ... [وثانيهما] ما يجيء للإحاطة والعموم ، تقول : جاءني القوم أجمعون ... وجاءني القومُ كلّهم» (٣) ، فأدرج في القسم الأوّل التوكيد اللفظي وبعضاً من التوكيد المعنوي في الاصطلاح الذي استقرّ في ما بعد ، وأدرج في القسم الثاني ما تبقّى من التوكيد المعنوي.

ويردُ عليه إنّ قوله : (بتكرير الاسم) يجعل التوكيد اللفظي قاصراً عن شمول جميع أفراده ؛ إذ يخرج عنه توكيد الفعل والحرف والجملة ، ولأجل ذلك عبّر ابن معطي (٤) وأبو علي الشلوبيني (٥) عن التوكيد اللفظي بـ : (تكرار

___________

(١) معانـي القرآن ، يحيى بن زياد الفـرّاء ، تحقيق عبـد الفتّاح شلبي وعلي النجدي ناصف ٣ / ١٢٢.

(٢) المقتضب ، محمّـد بن يزيد المبّرد ، تحقيق عبـد الخالق عضيمة ٣ / ٢١٠ ، ٣٤٢ ، ٤ / ١٠٥.

(٣) الموجز في النحو ، أبو بكر محمّـد بن السرّاج ، تحقيق مصطفى الشويمي وبنسالم دامرجي : ٦١ ـ ٦٢.

(٤) الفصول الخمسون ، ابن معطي ، تحقيق محمود الطناحي : ٢٣٥ ـ ٢٣٦.

(٥) التوطئة ، أبو علي الشلوبيني ، تحقيق يوسف أحمد المطوّع : ١٨٧.

٢٦٦

اللفظ) بنحو يجعله شاملاً لجميع أفراده.

وأمّا أبو بكر الزبيدي (ت ٣٧٩ هـ) فقد عبّر عن التوكيد بالنعت ، وقسّمه إلى نعت إحاطة ونعت تخصيص ، وقال : «ونعوت الإحاطة : أجمع وجمعاء ... وكلّهم وكلّهنّ وكلاهما وكلتاهما ... ونعوت التخصيص هي : نفسه ونفسها وأنفسهما وأنفسهم وأنفسهنّ» (١).

وواضح أنّ هذه قسمة لخصوص التوكيد المعنوي.

وعبّر الزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) عن التوكيد اللفظي بالتوكيد الصريح ، وعن المعنوي بالتوكيد غير الصريح (٢).

ولعلّ ابن يعيش (ت ٦٤٣ هـ) أوّل من قسّم التوكيد إلى لفظيّ ومعنوي ، وأنّ «اللفظيّ يكون بتكرير اللفظ ، وذلك نحو قولك : ضربتُ زيداً زيداً ... وأمّا التأكيد المعنوي فيكون بتكرير المعنى دون لفظه ، نحو قولك : رأيت زيداً نفسَه ، ومررت بكم كلّكم» (٣).

*حدّ التوكيد :

وأمّا الحدّ الاصطلاحي للتوكيد ، فأقدم ما وجدته منه لابن جنّي (ت ٣٧٩ هـ) ، وهو : «لفظ يتبع الاسمَ المؤكَّد لرفع اللبس وإزالة الاتّساع» (٤).

ومراده : أنّه يتبعه في الإعراب ، والظاهر من قوله : (يتبع الاسم المؤكد ... إلى آخره) أنّه ناظر إلى تعريف خصوص التوكيد المعنوي دون

___________

(١) الواضح في علم العربية ، أبو بكر الزبيدي ، تحقيق أمين علي السـيّد : ٢٦ ـ ٢٧.

(٢) المفصّل في علم العربية ، جار الله الزمخشري : ١١١.

(٣) شرح المفصّل ، ابن يعيش ٣ / ٣٩ ـ ٤٠.

(٤) اللمع في العربية ، ابن جنّي ، تحقيق فائز فارس : ٨٤.

٢٦٧

اللفظي ، إذ لو أراد به الأعـمّ من المعنوي واللفظي فإنّه لن يكون جامعاًرحمه الله لخروج توكيد الحرف والفعل والجملة.

وأمّا ما ذكره بعض النحاة كابن بابَشاذ (ت ٤٦٩ هـ) من أنّ : «التأكيد هو : تمكين المعنى في النفس بإعادة لفظ أو معنى لفظ» (١) ، وابن معطي (ت ٦٢٨ هـ) من أنّه : «تحقيق المعنى في نفس السامع» (٢) ، وغيرهما (٣) ، فهو بيان للتوكيد بمعناه المصدري بوصـفه فعلاً يحدثه المتكلّم ؛ ولا بيانَ فيه لمعنى اللفظ المؤكّد الذي هو أحد التوابع الخمسـة.

وقد حدّ ابن عصفور (ت ٦٦٩ هـ) التأكيد بأنّه : «لفظ يراد به تمكين المعنى في النفس ، أو إزالة الشكّ عن الحديث ، أو المحدَّث عنه ... فالذي يراد به تمكين المعنى في النفس : التأكيد اللفظي ... والذي يراد به إزالة الشكّ عن الحديث : التأكيد بالمصـدر ، فإذا قلت : (مات زيدٌ موتاً) ارتفع المجاز ، والذي يراد به إزالة الشكّ عن المحدّث عنه : التأكيد بالألفاظ التي يبوّب لها في النحو ، وهي : للواحد المذكَّر : نفسُـهُ وعينُـهُ وكلُّـه ...» (٤).

ويلاحظ عليه : إنّ إدخاله المفعول المطلق وهو من المنصوبات في باب التوكيد الذي هو من التوابع غير سديد.

___________

(١) شرح المقدّمة المحسـبة ، طاهر بن بابشاذ ، تحقيق خالد عبـد الكريم ٢ / ٤٧.

(٢) الفصول الخمسون ، ابن معطي : ٢٣٥.

(٣) أ ـ اللباب في علل البناء والإعراب ، أبو البقاء العكبري ، تحقيق غازي طليمات ١ / ٣٩٤.

ب ـ البسيط في شرح جمل الزجّاجي ، الإشبيلي ، تحقيق عيّاد الثبيتي ١ / ٣٦١.

(٤) أ ـ المقرّب ، ابن عصفور ، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمّـد معوّض : ٣١٦.

ب ـ شرح جمل الزجّاجي ، ابن عصفور ، تحقيق صاحب أبو جناح ١ / ٢٦٢ ـ ٢٦٤.

٢٦٨

وأمّا ابن الحاجب (ت ٦٤٦ هـ) فقد حدّ التوكيد بأنّه : «تابع يقرّرُ أمرَ المتبوع في النسبة أو الشمول» (١).

«والتقرير ههنا : أن يكون مفهوم التأكيد ومؤدّاه ثابتاً في المتبوع ، ويكون لفظ المتبوع يدلّ عليه صريحاً ، كما كان معنى (نفسـه) ثابتاً في قولك : جاءَني زيدٌ نفسه ؛ إذ يفهم من زيدٍ نفس زيد ... ثمّ إنّ التأكيد يقرّرُ ذلك الأمرَ ، أي : يجعله مستقرّاً متحقّقاً بحيث لا يظنّ به غيره» (٢).

وقد «أخرج المصنّف الصفة والعطف والبدل عن حدّ التأكيد بقوله : «يقرّرُ أمرَ المتبوع» ، أمّا البدل والعطف فظاهر خروجهما به وأمّا الصفة ؛ فلأنّ وضعها للدلالة على معنىً في متبوعها وإفادتها توضيح متبوعها في بعض المواضع ليست بالوضع ، وأمّا عطف البيان فهو لتوضيح متبوعه ، فهو يقرّرُ أمرَ المتبوع ويحقّقه لكن لا في النسبة والشمول» (٣).

وظاهر كلام ابن الحاجب أنّه يريد بهذا الحدّ التوكيد بكلا نوعيه اللفظي والمعنوي ؛ ذلك أنّه طرح هذا الحدّ في الكافـية ثمّ عقّبه بتقسيم التوكيد إلى لفظي ومعنوي ، وكذلك صنع في الوافـية وهي أُرجوزته التي نظـم بها الكافـية ؛ إذ قال :

تأكيدُهم متبوعه قـد قرّرا

في نسبة أو في شمـولٍ حصرا

إن كُرّرَ اللفظ فقُلْ : لفظيُّ

وغيـر تكـريـرٍ فمعنــويُّ

وعلى هذا جرى كلّ من الرضيّ والجامي في شرحهما للكافية ،

___________

(١) أ ـ شرح الوافية نظم الكافية ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى العليلي : ٢٦٤.

ب ـ شرح الرضيّ على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر ٢ / ٣٥٧.

ج ـ الفوائد الضيائية ، عبـد الرحمن الجامي ، تحقيق أُسامة الرفاعي ٢ / ٥٦.

(٢) شرح الرضيّ على الكافية ٢ / ٣٥٧.

(٣) الفوائد الضيائيّة ٢ / ٥٧.

٢٦٩

فأشارا إلى أنّ تأكيد النسبة ، أي : تقرير كون المتبوع منسوباً أو منسوباً إليه ، يتمّ أمّا بإعادة لفظه أو بالنفس والعين ، وأمّا تأكيد الشمول وتقرير ما يتعلّق بالمتبوع من إتّصافه بكون ما نسب إليه شاملاً لجميع أجزائه وأفراده ؛ فإنّه يتمّ باستعمال كلّ وجميع وأخواتهما (١).

وممّن تابع ابن الحاجب على حـدّه المذكور ابن هشام (ت ٧٦١ هـ) (٢) …ف وجمال الدين الفاكهي (ت ٢٧٩ هـ) (٣) ، إلاّ أنّهما خصّاه بالتوكيد المعنوي.

وأمّا ابن مالك (ت ٦٧٢ هـ) فإنّه قسّم التوكيد أوّلاً إلى معنوي ولفظي ، وطرح حدّين للتوكيد المعنوي :

* أوّلهما : أنّه «تابع يعتضد به كون المتبوع على ظاهره ؛ فإنّ ذكر (النفس) في قولك : (قَتلَ الأميرُ نفسُـه كافراً) يرفع احتمال كون القتل بالأمر لا بالمباشرة ، وإذا ارتفع احتمال التأويل اعتضد الظهور ، وكذا ذكر كلّهم في قولك : (جاء بنو فلانٍ كلُّهم) يرفع احتمال وضع العام في موضع الخاصّ» (٤).

وقد تابعه على هذا الحدّ كلّ من السيوطي (ت ٩١١ هـ) (٥) والفاكهي (٦) ، إلاّ أنّ هذا الأخير جعله شاملاً لكلّ من التوكيد اللفظي

___________

(١) أ ـ شرح الرضيّ على الكافية ٢ / ٣٥٧ ـ ٣٥٩.

ب ـ الفوائد الضيائيّة ٢ / ٥٦.

(٢) شرح شذور الذهب ، ابن هشام ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبـد الحميد : ٤٢٨.

(٣) شرح الحدود النحوية ، الفاكهي ، تحقيق محمّـد الطيّب الابراهيم : ١٨١.

(٤) شرح الكافية الشافية ، ابن مالك ، تحقيق عبـد المنعم هريدي ٣ / ١١٦٩ ـ ١١٧٠.

(٥) البهجة المرضيّة ، جلال الدين السيوطي ، تحقيق مصطفى الدشتي ٢ / ٥٩.

(٦) شرح الحدود النحوية ، الفاكهي : ١٨١.

٢٧٠

والمعنوي.

ويقاربه حدّ الأشموني (ت ٩٠٠ هـ) بأنّه : «التابع الرافع احتمال إرادة غير الظاهر» (١).

وعقَّب عليه الصبّان بقوله : «وإنّما اقتصر الشارح على رفع الاحتمال المذكور ؛ لأنّ رفع توهّم السهو والغلط إنّما يكون بالتأكيد اللفظي ... وخرج بقوله : (الرافع ... إلى آخره) ما عدا التوكيد حتّى البدل ؛ فإنّه وإن رفع الاحتمال في نحو : مررت بقومِك كبيرهم وصغيرهم ، أوّلهم وآخرهم ، إلاّأنّ ذلك عارض نشأ من خصوص المادّة» (٢).

وأمّا الحدّ الثاني الذي طرحه ابن مالك للتوكيد المعنوي فهو : «التابعُ الرافع توهّم إضافةٍ إلى المتبوع ، أو أن يراد به الخصوص ، ومجيئه في الغرض الأوّل بلفظ النفسِ والعينِ ... ومجيئه في الغرض الثاني تابعاً لذي أجزاءٍ يصحُّ وقوعُ بعضها موقعه مضافاً إلى ضميره بلفظ كلّ أو جميع أو عامّة ...» (٣).

وتابعه على هذا الحدّ ابنه بدر الدين (ت ٦٨٦ هـ) (٤).

وأمّا التوكيد اللفظي فقد حدّه ابن مالك بأنّه : «إعادة اللفظ أو تقويته بموافقه معنىً» (٥) ، ووجه الضعف فيه أنّه حدّ للتوكيد بمعناه المصدري الذي هو فعل المتكلّم ، وليس حدّاً للفظ المؤكّد الذي هو أحد التوابع ، وقد أخذ به الأشموني وقال في شرحه : «التوكيد اللفظي هو إعادة اللفظ أو

___________

(١) شرح الأشموني على الألفيّة ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبـد الحميد ٢ / ٤٠٢.

(٢) حاشية الصبّان على شرح الأشموني ٣ / ٧٢.

(٣) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمّـد كامل بركات : ١٦٤.

(٤) شرح ابن الناظم على الألفيّة : ١٩٦.

(٥) تسهيل الفوائد : ١٦٦.

٢٧١

تقويته بموافقه معنىً ... فالأوّل يكون في الاسم والفعل والحرف والمركّب غير الجملة والجملة ، نحو : جاءَ زيدٌ زيدٌ ... وقامَ قامَ زيدٌ ، ونَعَم نَعَم ، وكقوله : فحتّامَ حتّامَ العناءُ المطوّلُ ، والجملة كقولكَ : أُدرجي أُدرجي ... والثاني كقوله : أنتَ بالخيرِ حقيق قَمِنٌ» (١).

وأخذ بهذا الحدّ أيضاً كلّ من الفاكهي (٢) والمكودي (ت ١٠٨ هـ) ، إلاّ أنّ هذا الأخير اختزله بقوله : «إعادة اللفظ بموافقه» ولم يحصر الموافقة بكونها في المعنى ؛ «لأنّ الموافقة تارة تكون باللفظ والمعنى نحو : أُدرجي أُدرجي ، وأُخرى بالمعنى دون اللفظ نحو : أنت بالحقّ جدير قَمِنٌ» (٣).

وأمّا ابن عقيل (ت ٧٦٩ هـ) فقد حدّ التوكيد بمعناه المصدري أيضاً ، فقال : «هو تكرار اللفظ الأوّل» (٤) ، وعقّب عليه الخضري في حاشـيته بأنّ تكرار اللفظ الأوّل يكون «أمّا بعينه كما مثّلَه ، ولا يضّر فيه بعضُ تغيير نحو : (فمهِّل الكافرين أمهلهم) (٥) ... أو بمرادفه كقوله : أنت بالخيرِ حقيقٌ قَمِنٌ» (٦).

وأمّا ابن هشام (ت ٧٦١ هـ) فإنّه حدّ التوكيد بأنّه : «اللفظ المكرّر به ما قبله» (٧) ، وهو حدّ للتوكيد بوصفه تابعاً ؛ لأنّه «مبنيّ على أنّ المراد به :

___________

(١) شرح الأشموني على الألفية ٢ / ٤٠٨.

(٢) شرح الحدود النحوية : ١٨٣.

(٣) شرح المكودي على ألفيّة ابن مالك : ١٢٤.

(٤) شرح ابن عقيل على الألفيّة ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبـد المجيد ٢ / ٢١٤.

(٥) سورة الطارق ٨٦ : ١٧.

(٦) حاشية الخضري على شرح ابن عقيل ، ضبط وتصحيح محمّـد البقاعي ٢ / ٦١٤.

(٧) أوضح المسالك إلى ألفيّة ابن مالك ، ابن هشام ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبـدالحميد ٣ / ٢٤.

٢٧٢

المؤكّد ، حيث قال : اللفظ ... إلى آخره» (١).

ولم أجد بعد هذا تجديداً في حـدّ التوكيد لدى النحاة المتأخّـرين.

* * *

___________

(١) شرح التصريح على التوضيح ، خالد الأزهري ، حاشية الشيخ يس العليمي ٢ / ١٢٦.

٢٧٣

اثنان وثلاثون ـ مصـطلح عطف البيان

*العطف لغةً :

للعطف في اللغةِ عدّة معانٍ أهمّها : «الرجوع ، والانصراف ، والإشفاق ، والميل» (١) ، والمعنى الأوّل هو أنسب المعاني اللغوية بالمعنى الاصطلاحي ، قال الصبّان : «وسمّي هذا التابع عطف البيان ؛ لأنّ المتكلّم رجع إلى الأوّل فأوضحه به» (٢).

*عطف البيان اصطلاحاً :

عبّر سيبويه (ت ١٨٠ هـ) عن عطف البيان بأربعة عناوين ، وهي : الصفة ، والبدل ، والعطف ، وعطف البيان (٣).

وقد ورد تعبيره بـ (عطف البيان) في قوله : «وتقول : يا زيدُ زيدُ الطويل ... وقال رؤبة :

إنّي وأسطـارٍ سُطـرنَ سطرا

لَقائِلٌ : يا نصرُ نصراً نصرا (٤)

وأمّا قول رؤبة فعلى أنّه جعل نصراً عطفَ البيان (٥) ونصبه ، كأنّه على

___________

(١) لسان العرب ، ابن منظور ، مادّة «عطف».

(٢) حاشية الصبّان على شرح الأشموني ٣ / ٨٥.

(٣) الكتاب ، سيبويـه ، تحقيق عبـد السلام هارون ١ / ٤٣٢ ـ ٤٣٣ وج ٢ / ١٨٤ وص١٩٠ وص ١٩٢.

(٤) والشاهد فيـه على فهم سيبويـه : نصبُ (نصراً نصراً) حملاً على محلِّ (نصر) الأُولى ؛ لأنّها في محلِّ نصـب.

(٥) لكنّ ابن مالك يقول : «والأوْلى عندي جعله توكيداً لفظيّاً ؛ لأنّ عطف البيان حقّه =

٢٧٤

قوله : يا زيدُ زيداً» (١).

وفـي معـرضِ التعريـف بالمعـنى الاصـطلاحي لعطف البـيان قال ابـن السرّاج (ت ٣١٦ هـ) : «عطف البيان كالنعت والتأكيد في إعرابهما وتقديرهما ، وهو مبيّن لِما تجريه عليه كما يبيّنان ، وإنّما سمّي عطفَ البيان ولم يُقَل نعتٌ ؛ لأنّه غير مشتقّ من فعل ، ولا هو تحلية ، ولا ضرب من ضـروب الصفات ... وهو مفرّق بين الاسم الذي يجري عليه وبين ما له مثلُ اسمه ، نحو : رأيتُ زيداً أبا عمرٍو» (٢).

وعرّفه أبو عليّ الفارسي (ت ٣٧٧ هـ) بقوله : «عطف البيان أن يجري الاسم الذي ليس بحليةٍ ولا فعلٍ ولا نسب على الاسم الذي قبله ، فيبيّنه كما تبـيّنُ هذه الأشـياءُ التي هي صفـات ما تجـري عليه ، وذلك نحـو : رأيتُ أبا عبـدالله زيداً» (٣).

وحدّه ابن جنّي (ت ٣٩٣ هـ) بقوله : عطفُ البيان «أن تقيم الأسماءَ الصريحة غير المأخوذة من الفعل مقام الأوصاف المأخوذة من الفعل ، تقول : قامَ أخوك محمّـدٌ» (٤).

وهو حدّ لعطف البيان بمعناه المصدري بوصفه عملاً يمارسـه المتكلّم ، ومراده بالأسماء الصريحة : الأسماءُ الجامدة غير المشـتقّة ، تحرّزاً من دخول النعت في الحدّ.

___________

أن يكون للأوّل به زيادة وضوح ، وتكرير اللفظ لا يتوصّل به إلى ذلك». همع الهوامع ، السيوطي ، تحقيق عبـد السلام هارون ٥ / ١٩٠.

(١) الكتاب ٢ / ١٨٥ ـ ١٨٦.

(٢) الأُصول في النحو ، ابن السرّاج ، تحقيق عبـد الحسين الفتلي ٢ / ٤٥.

(٣) الإيضاح العضدي ، أبو علي الفارسي ، تحقيق حسن الشاذلي فرهود : ٢٨١.

(٤) اللمع في العربية ، ابن جنّي ، تحقيق فائز فارس : ٩٠.

٢٧٥

وحدّه ابن برهان العكبري (ت ٤٥٦ هـ) قائلاً : «عطف البيان يتعلّق بالاسم تعلّق الصفة ، ويفارق الصفة بأنّه غير مشتقّ ، فإذا كان الاسم مشتقّاً أو في معنى المشـتقّ سمّاه النحويّون صفةً ، وإذا كان جوهراً غير مشتقّ سـمّوه عطف بيان» (١).

وقال ابن بابَشاذ (ت ٤٦٩ هـ) : إنّه ما «يجري مجرى النعت ، إلاّ إنّه يكون بغير المشـتقّ» (٢).

وهو بنفس مضمون حدّ ابن برهان ، لكنّه أخصر منه.

والملاحظ إلى الآن أنّ اهتمام النحاة منصبّ على الاحتراز عن دخول النعت في حدّ عطف البيان ، دون الالتفات إلى إخراج بقيّة التوابع كالبدل في نحو : جاءَني أخوك زيدٌ ، فإنّ زيداً يصحّ إعرابه بدلَ كلّ من أخيك ، كما يصحّ إعرابه عطف بيان.

وأمّا الجرجاني (ت ٤٧١ هـ) فقد حدّه بقوله : عطف البيان «هو الاسم الذي يكون الشيء به أعرف ، فيبيَّنُ به غيره ، كقولك : مررتُ بأخيكَ زيدٍ ، بيّنتَ الأخ بزيدٍ ، و [مررتُ] بزيدٍ أبي عبـدالله ، إذا كان معروفاً بكنيته ، وبأبي عبـدالله زيدٍ ، إذا كان معروفاً بالاسم» (٣).

وحدّه الزمخشريّ (ت ٥٣٨ هـ) بأنّه : «اسم غير صفة يكشف عن المراد كشفها ويُنزّل من المتبوع منزلة الكلمة المستعملة من الكلمة الغريبة إذا ترجمت بها ، وذلك نحو قوله : أقسمَ بالله أبو حفص عمر ... فهو كما ترى جارٍ مجرى الترجمة حيثُ كشفَ عن الكنيةِ لقيامه بالشهرةِ دونها ...

___________

(١) شرح اللمع ، ابن برهان العكبري ، تحقيق فائز فارس ١ / ٢٣٥.

(٢) شرح المقدّمة المحسبة ، ابن بابشاذ ، تحقيق خالد عبـد الكريم ٢ / ٤٢١.

(٣) الجمل ، عبـد القاهر الجرجاني ، تحقيق علي حيدر : ٣٢ ـ ٣٣.

٢٧٦

والذي يفصله لك من البدل شيئان :

أحدهما : قول المرّار : أنا ابنُ التاركِ البكريّ بشرٍ ... لأنّ بشراً لو جُعل بدلاً من البكريّ ، والبدلُ في حكم تكرير العامل ، لكان التارك في التقدير داخلاً على بشرٍ (١).

والثاني : إنّ الأوّل ها هنا هو ما يعتمد بالحديث ، وورد الثاني من أجلِ أن يوضّح أمره ، والبدل على خلاف ذلكرحمه الله إذ هو ... المعتمد بالحديث والأوّل كالبساط لذِكره» (٢).

ويلاحظ أنّ الحاجة إلى هذا التعقيب الخارج عن مضمون الحدّ ، لبيان وجه الفرق بين عطف البيان وبين البدل ، تكشف عن قصور الحدّ وأنّه ليس مانعاً من دخول الأغيار.

وحدّه المطرّزي (ت ٦١٠ هـ) بنفس مضمون حدّ الزمخشري ، فقال : إنّه «اسم غير صـفة يجري مجرى التفسير» (٣).

وحدّه ابن معطي (ت ٦٢٨ هـ) بقوله : «هو اسم يفسّـره اسم كما يفسّـره النعتُ ، إلاّ إنّه ليس مشتقّاً ولا في حكم المشتقّ ، فأشبه البدل ، والفرق بينهما أنّه لا ينوي فيه إحلال الثاني محلّ الأوّل» (٤).

ويلاحظ أنّ عبارتـه وإن أعطت صورة عن عطف البيان ، إلاّ إنّها ليست حدّاً لـه بمعناه المصـدري ، ولا بوصـفه لفظاً تابعاً ، وكان المناسب أن يقول : (هو اسم يفسّـرُ اسماً) ليكون حدّاً لعطف البيان بوصفه أحد

___________

(١) وهو غير جائز ؛ لأنّ اسم الفاعل بالألف واللام لا يضاف إلاّ لِما فيه الألف واللام.

(٢) المفصّل في علم العربيّة ، الزمخشري : ١٢٢ ـ ١٢٣.

(٣) المصباح في علم النحو ، المطرّزي ، تحقيق ياسين محمود الخطيب : ١٠٩.

(٤) الفصول الخمسون ، ابن معطي ، تحقيق محمود الطناحي : ٢٣٦.

٢٧٧

التوابـع الخمسـة.

وحدّه الشلوبيني (ت ٦٤٥ هـ) بأنّه : «الاسم الجاري على اسم قبله يبيّنه كما يبيّنه النعت ، إلاّ إنّه لا يكون نعتاً ؛ لمانع عدم الاشتقاق أو معناه فيه ، والمقصود من الاسمين الأوّل ، والفرق بينه وبين البدل ما ذكرناه من معناه (١) غك ، وفي اللفظ يقع في باب النداء ، نحو : يا عبـدَالله زيداً ، على العطفِ المبيّن ، ويا عبـدَالله زيدٌ ، بالضمّ على البدل» (٢).

وفيه شيء من الإطالة ، وهو أقرب إلى شرح حقيقة المعرّف ، منه إلى الحدّ الفنّي المبيّن لذاتيات المحدود بالجنس والفصل.

وحدّه ابن الحاجب (ت ٦٤٦ هـ) بقوله : «عطف البيان تابع غير صفة يوضّح متبوعه ، مثل : أقسمَ بالله أبو حفصٍ عمر ، وفصله من البدل لفظاً في مثلِ : أنا ابنُ التاركِ البكريّ بِشْرٍ» (٣).

وهو أوّل حدٍّ يؤخذ فيه (التابع) جنساً لعطف البيان ، وقال الرضيّ في شرحه : «قوله : (يوضّـح متبوعه) يخرج التأكيدرحمه الله لأنّه لا يوضّحُ المؤكّد ، بل يحقّق أصل نسبته ، أو شمول النسبة لأجزائِه ، وعدمُ إيضاح المنسوق [عطف النسق] لمتبوعه ظاهر (٤) ، وكذا البدل عند النحاة رحمه الله لأنّ الأوّل عندهم في حكم الطرح وفي حكم المعدوم ، فلم يبق إلاّ الصفة وعطف البيان ، فلمّا قال : (غير صفة) خرجت الصفة» (٥).

___________

(١) أي : من أنّ المقصود في عطف البيان الأوّل ، وفي البدل الثاني.

(٢) التوطئة ، أبو علي الشلوبيني ، تحقيق يوسف المطوّع : ١٨٥.

(٣) أ ـ شرح الرضيّ على الكافية ، تحقيق يوسف حسن عمر ٢ / ٣٩٤.

ب ـ شرح الوافية نظم الكافية ، ابن الحاجب ، تحقيق موسى العليلي : ٢٧٠.

(٤) لأنّه غالباً غيره.

(٥) شرح الرضيّ على الكافية ٢ / ٣٩٤.

٢٧٨

وقال الرضيّ في بحث البدل : «وأنا إلى الآنَ لم يظهر لي فرق جليّ بيـن بـدل الكلّ مـن الكـلّ ، وبيـن عطف البـيان ، بل لا أرى عطـف البيان إلاّ البدل ، كما هو ظاهر كلامِ سيبويه ؛ فإنّه لم يذكر عطف البيان» (١).

أقـول :

تقدّم في بداية البحث أنّ سيبويه ذكر (عطف البيان) عنواناً للمعنى الاصطلاحي ، وعبّر عنه أيضاً بالعطف والصفةِ والبدل ، وهذا يكشف عن أنّ المعنى الاصطلاحي لم يستقرّ له عنوان محدّد حتّى ذلك الوقت ، وعليه فلا يكون تعبيره بعنوان البدل ظاهراً في أنّه يرى عطف البيان هو البدل الاصطلاحي ، كما أنّ تعبيره بعنوان الصفة لا يكون ظاهراً في أنّ عطف البيان هو النعتُ اصطلاحاً.

هـذا ، وتحسـن الإشارة إلى أنّ ابـن الحاجب نفسـه كان قد التفت إلى أنّه في بعضِ الموارد يمكن أن يعرب التابع عطفَ بيان وبدلاً أيضاً ، وأرجـع ذلك إلى اختلاف القصد ، قال : «فإن قلتَ : جاءني زيدٌ أبو عمرٍو ، فقـد أوضـحتَ زيداً بأبي عمرٍو ... [فإذا] قصدت إيضاح الأوّل بالثاني ، فهـو عطـف بـيان لا بـدل ، والأوّل هو المقصـود ، وإن قصـدت أنّ الثاني هـو المقصـود بالنسـبة ، والأوّل كالتوطـئةِ لـه ، كان بدلاً لا موضّحاً للأوّل» (٢).

وحدّه ابن عصفور (ت ٦٦٩ هـ) بأنّه : «جريان اسم جامدٍ معرفة على اسم دونه في الشهرة أو مثله ، يبيّنه كما يبيّنه النعت ، ولا يشترط فيه أن

___________

(١) شرح الرضيّ على الكافية ٢ / ٣٧٩.

(٢) شرح الوافية نظم الكافية : ٢٧٠ ـ ٢٧١.

٢٧٩

يكون مشتقّاً ولا في حكمه» (١).

ويلاحظ عليه :

أوّلاً : إنّ قوله : «ولا يشترط فيه ... إلى آخره» لا يناسب قوله : «اسم جامد» بل المناسب له أن يقول : ويشترط فيه أن لا يكون مشتقّاً ولا في حكمه.

ثانياً : إنّه يرى جواز كون عطف البيان مساوياً للمتبوع في الشهرة ، خلافاً لمن اشترط كونه أخصّ وأشهر من المتبوع ، «قال في شرح الكافية : واشترط الجرجاني والزمخشري زيادة تخصـيصه ، وليس بصحيحرحمه الله لأنّه في الجامد بمنزلة النعت في المشتقّ ، ولا يشـترط زيادة تخصّـص النعت ، فكذا عطف البيان» (٢).

وقد نقل السيوطي عن ابن حيّـان قوله : «شرط ابن عصفور أن يكون عطف البـيان أعرف من متبـوعه» (٣) ، وهذا النـقل منـافٍ لِمـا أثبتـناه عن ابن عصفور في حدّه لعطف البيان ، ولعلّ له رأياً آخر بهذا الشأن مذكور في غير كتاب المقـرّب.

وأمّـا ابن مالك (ت ٦٧٢ هـ) فقـد حدّ عطف البيان بأنّه : «التابع الجاري مجـرى النعت فـي ظهور المتـبوع ، وفي التوضـيح والتخصـيص ، جامداً أو بمنزلته» (٤).

فقوله : «(الجاري مجرى النعت في ظهور المتبوع) أخرج به النعتَ

___________

(١) المقرّب ، ابن عصفور ، تحقيق عادل عبـد الموجود وعليّ معوّض : ٣٢٧.

(٢) همع الهوامع ، السيوطي ، تحقيق عبـد العال سالم مكرم ٥ / ١٩١.

(٣) همع الهوامع ٥ / ١٩١.

(٤) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ، ابن مالك ، تحقيق محمّـد كامل بركات : ١٧١.

٢٨٠