رياض المسائل في تحقيق الاحكام بالدّلائل - ج ١٤

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الاحكام بالدّلائل - ج ١٤

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-276-8
الصفحات: ٥٠٩

مكافئة من وجوه عديدة ، فلتطرح ، أو تؤوّل بما يؤول إلى الأوّل ، بحملها على القسمة بعد الطلب في مدّة الأربع سنين ، ورفع اليد عن مفهوم الشرط ، أو يحمل على الاستحباب.

( وقال ) الشيخ ( في ) المبسوط و ( الخلاف ) وتبعه القاضي وابن حمزة والحلي والفاضلان وكثير من المتأخّرين (١) ، بل ادّعى عليه الشهرة جماعة (٢) : إنّه لا يورث ( حتى يمضي ) له من حين ولادته ( مدّة لا يعيش مثله إليها ) عادة.

( و ) لا ريب أنّ هذا ( هو ) ال ( أولى في الاحتياط ، وأبعد من التهجّم على الأموال المعصومة بالأخبار الموهومة ) المرجوحة بالإضافة إلى الأُصول القطعيّة التي منها أصالة بقاء الحياة السابقة ، وعدم دخول التركة في ملك الورثة ، ولا دليل لهم عليه سواها ، كما صرّح به شيخنا الشهيد الثاني في الروضة ، فقال : وليس به رواية صريحة ، وما ادّعي له من النصوص ليس دالاًّ عليه (٣).

ولعل مراده من النصوص المدّعى دلالتها النصوص الواردة في مال مجهول المالك ، كالصحيح : سأل خطاب الأعور أبا إبراهيم عليه‌السلام وأنا جالس ، فقال : إنّه كان عند أبي أجير يعمل عنده بالأُجرة ، ففقدناه ، وبقي له‌

__________________

(١) المبسوط ٤ : ١٢٥ ، الخلاف ٤ : ١١٩ ، القاضي في المهذّب ٢ : ١٦٥ ، ١٦٦ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٤٠٠ ، الحلي في السرائر ٣ : ٢٩٨ ، المحقق في الشرائع ٤ : ٤٩ ، العلاّمة في القواعد ٢ : ١٦٧ ؛ الإيضاح ٤ : ٢٠٦ ، الدروس ٢ : ٣٥١ ، المقتصر : ٣٦٨.

(٢) منهم الشهيد الثاني في الروضة ٨ : ٤٩ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ١١ : ٥٣٨ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٩١.

(٣) الروضة ٨ : ٤٩.

٤٤١

من أجره شي‌ء ، فلا نعرف له وارثاً ، قال : « فاطلبوه » قال : وقد طلبناه فلم نجده ، قال : فقال : « مساكين » وحرّك يديه ، قال : وأعاد ، قال : « اطلب واجهد ، فإن قدرت عليه ، وإلاّ فهو كسبيل مالك ، حتى يجي‌ء له طالب ، فإن حدث بك حدث فأوصِ به : إن جاء طالب أن يدفع إليه » (١) ونحوه غيره (٢).

والمدّعي دلالتها عليه الفاضل في المختلف وولده في الإيضاح والفاضل المقداد في التنقيح (٣) ، وهو الظاهر من الكليني والشيخ وغيرهما من المحدّثين (٤) ، حيث ساقوها في أخبار باب مال المفقود.

ووجه عدم دلالتها ما أشار إليه في الكفاية (٥) ، من اختصاصها بمن لا يعرف له وارث ، ولا يشمل لمن له وارث ، كما هو مفروض المسألة ، ولذا لم يستدلّ بها أكثر أصحابنا ، بل صرّح جمع ومنهم شيخنا المتقدم ذكره بعدم دلالتها ، وربما كان الوجه في توهّم دلالتها ما ذكره المولى الأردبيلي رحمه‌الله فقال بعد الاستدلال بها ـ : وهذه الأخبار وإن لم تكن في الميراث ، إلاّ أنّ الظاهر عدم الفرق بينه وبين غيره من الحقوق (٦).

وهو كما ترى ، فإنّ الظهور المدّعى إن كان مستنداً إلى الأصل فهو‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ١٥٣ / ١ ، التهذيب ٩ : ٣٨٩ / ١٣٨٧ ، الإستبصار ٤ : ١٩٧ / ٧٣٩ ، الوسائل ٢٦ : ٢٩٦ أبواب ميراث الخنثى ب ٦ ح ١.

(٢) الفقيه ٤ : ٢٤١ / ٧٦٧ ، الوسائل ٢٦ : ٣٠١ أبواب ميراث الخنثى ب ٦ ح ١٠.

(٣) المختلف : ٧٤٩ ، الإيضاح ٤ : ٢٠٦ ، التنقيح ٤ : ٢٠٧.

(٤) الكافي ٧ : ١٥٣ ، الاستبصار ٤ : ١٩٦ ، التهذيب ٩ : ٣٨٩ ، وانظر الوسائل ٢٦ : ٢٩٦.

(٥) الكفاية : ٢٩١.

(٦) مجمع الفائدة ١١ : ٥٤٠.

٤٤٢

الحجة دونها ، وإن كان مستنداً إليها فضعفه أظهر من أن يخفى ، سيّما مع اعترافه أوّلاً بعدم دلالتها.

ثم إنّ المرجوحية المدّعاة في العبارة كما يستفاد من سياقها المتضمن لتضعيف أسانيدها ودلالتها مرجوحية حقيقية ليس معها في الروايات حجة ، وأمّا على المختار فليس المراد من المرجوحية ذلك ، بل المرجوحية بحسب الاحتياط في العمل ، وإلاّ فقد عرفت اعتبار أسانيد ما دلّ عليه ، مع الاعتضاد بالأولوية ، والإجماعين اللذين كاد أن يكونا كالأولوية حجة مستقلة ، وليس في كثير من المسائل الشرعية المثبتة بالظنون الاجتهادية أقوى من هذه الحجة ، فيخصّص بها الأصل في المسألة ، كما يخصّص بمثلها بل وبما دونها في تلك المسائل المزبورة.

والشهرة المدّعاة في كلام الجماعة ليست بتلك الشهرة التي توجب مرجوحية هذه الحجة ، ووهن الإجماعات المحكيّة ، فإنّها شهرة متأخّرة ، كما صرّح به جملة من النقلة لها في المسألة ، ومنهم صاحب الكفاية (١) ، وهو كذلك ؛ إذ لم نر من القدماء من أفتى بهذا القول ، إلاّ الشيخ وبعض من تبعه ممن تقدم إليه الإشارة (٢) ، ومجموعهم أربعة بعين عدد من قال بالمختار من القدماء ، فإنّهم أيضاً كما عرفت أربعة ، ويزيدون عليهم بدعوى جملة منهم على مختارهم إجماع الإمامية ، وأقلّ ما يستفاد من هذه الدعوى سيّما مع التعدّد الشهرة القديمة ، كما مرّ إليه الإشارة ، ومع ذلك الشهرة المتأخّرة إنّما نشأت من الفاضلين والشهيدين وجملة ممن تقدم‌

__________________

(١) الكفاية : ٢٩١.

(٢) راجع ص : ٤٣٦.

٤٤٣

إليهم الإشارة (١) ، وليس مثلها شهرة حقيقية ، سيما مع قول جملة منهم أيضاً بالمختار ، كالشهيدين والفاضل في قولهم الثاني ، كما عرفت (٢).

وبالجملة فالمختار سبيله واضح ، لا يكاد يحوم حوله شبهة الاشتباه والإنكار ، وإن كان مذهب الخلاف (٣) أقرب إلى الاحتياط.

وهنا قول رابع للإسكافي (٤) ، شاذّ ، غير واضح المستند ، وهو : التفصيل في المفقود بين من فقد في عسكر شهدت هزيمته وقتل من كان فيه أو أكثرهم فالمختار ، ومن لا يعرف مكانه في غيبته ولا خبر له فانتظار عشر سنين ، لكنّه لم يصرّح بشرط الطلب والفحص في شي‌ء من الموضعين.

وعلى المشهور ، فإذا مضت المدّة المعتبرة التي هي في زماننا مائة وعشرون سنة ؛ لندرة الزائد عليها غاية الندرة ، بل ربما اكتفى بما دونها إلى المائة في المسالك والروضة (٥) حكم بتوريث من هو موجود حال الحكم ، وقد صرّح الشهيدان وغيرهما بأنّه لو مات له قريب في تلك المدّة عزل له نصيبه منه ، وكان بحكم ماله (٦).

خلافاً للفاضل في التحرير ، فخصّ ذلك بما إذا علم حياته أو موته بعد مورّثه ، قال : وإذا مضت المدّة ولم يعلم خبره ردّ إلى ورثة الأوّل ؛ للشك في حياته حين موت مورّثه ، فلا يورث مع الشك (٧).

__________________

(١) راجع ص : ٤٣٦.

(٢) في ص : ٤٣٣.

(٣) راجع ص : ٤٣٦.

(٤) حكاه عنه في المختلف : ٧٤٩.

(٥) المسالك ٢ : ٣١٥ ، الروضة ٨ : ٤٩.

(٦) الدروس ٢ : ٣٥١ ، المسالك ٢ : ٣١٥.

(٧) التحرير ٢ : ١٧٣.

٤٤٤

وفيه نظر ؛ لاندفاع الشك بالأصل ، ولو عورض بأصالة عدم الإرث لردّت بورودها أيضاً في جانب غيره من ورثة الأوّل ، وبعد التساقط يبقى الأصل الأوّل على حاله سليماً عن المعارض ، فالأصح ما أطلقه الجماعة.

( السابعة : لو تبرّأ ) الوالد ( من جريرة ولده ) وجنايته ( وميراثه ، ففي رواية ) عمل بها الشيخ في النهاية وبعض من تبعه (١) أنّه ( يكون ميراثه للأقرب إلى أبيه ) دونه ، كما فهمه أكثر الأصحاب.

والمراد بالرواية الجنس ؛ لتعدّدها ، منها : عن رجل تبرّأ عند السلطان من جريرة ابنه وميراثه ، ثم مات الابن وترك مالاً ، من يرثه؟ قال : « ميراثه لأقرب الناس إلى أبيه » (٢).

ومنها : عن المخلوع يتبرّأ [ منه أبوه (٣) ] عند السلطان ، ومن ميراثه وجريرته ، لمن ميراثه؟ قال : « فقال علي عليه‌السلام : هو لأقرب الناس إليه » (٤) كما في التهذيب ، أو « إلى أبيه » كما في الفقيه.

( و ) ليس ( في ) شي‌ء من سندي ( الرواية ) مع تعدّدها ( ضعف ) كما في ظاهر العبارة ؛ لأنّ فيهما صفوان بن يحيى وابن مسكان المجمع على تصحيح رواياتهما ، فلا يضرّ جهالة الراوي الذي رويا عنه في الأُولى ، ولا جهالة في الثانية ولا اشتراك ، كما حقّق في محلّه مستقصى.

__________________

(١) النهاية : ٦٨٢ ، وتبعه القاضي في المهذب ٢ : ١٦٧.

(٢) التهذيب ٩ : ٣٤٨ / ١٢٥٢ ، الإستبصار ٤ : ١٨٥ / ٦٩٦ ، الوسائل ٢٦ : ٢٧٢ أبواب ميراث ولد الملاعنة ب ٧ ح ٢.

(٣) في النسخ : من ابنه ، والصواب ما أثبتناه من المصادر.

(٤) الفقيه ٤ : ٢٢٩ / ٧٣١ ، التهذيب ٩ : ٣٤٩ / ١٢٥٣ ، الإستبصار ٤ : ١٨٥ / ٦٩٧ ، الوسائل ٢٦ : ٢٧٣ أبواب ميراث ولد الملاعنة ب ٧ ح ٣.

٤٤٥

نعم فيها إضمار ، ومع ذلك هي كسابقتها شاذّة في الظاهر ، المصرّح به في كلام جماعة ، كالماتن في الشرائع والشهيدين في المسالك واللمعة والحلي في السرائر (١) ، حاكياً له عن الشيخ في الحائريات أيضاً ، مدّعياً هو كغيره بذلك رجوعه عمّا في النهاية ، ومع ذلك ادّعى هو والفاضل المقداد في التنقيح (٢) على خلافها إجماع أصحابنا ، بل المسلمين كافّة ، وهو الحجة.

مضافاً إلى الأُصول القطعية من الكتاب والسنة ، الدالّة بعمومها على إرث الوالد ولده.

وخصوص ما ورد في تعليل حرمان الزوجة من العقار بأنّ : « المرأة قد يجوز أن ينقطع ما بينها وبينه من العصمة ، ويجوز تغييرها وتبديلها ، وليس الولد والوالد كذلك ؛ لأنّه لا يمكن التفصّي منهما ، والمرأة يمكن الاستبدال بها » (٣) الحديث.

وهو كما ترى كالنصّ في فساد التبرّي ؛ إذ لو صح لأمكن به التفصّي عن الولد ، وقد حكم عليه‌السلام باستحالته ، هذا.

مع أنّ الروايتين وإن اعتبرتا سنداً ، إلاّ أنّهما ليستا صريحتين ، بل ولا ظاهرتين في ذلك ظهوراً تامّاً ، كما صرّح به الفاضل في المختلف‌

__________________

(١) الشرائع ٤ : ٤٤ ، المسالك ٢ : ٣٤٠ ، اللمعة ( الروضة البهية ٨ ) : ٢١٣ ، السرائر ٣ : ٢٨٦ ، وانظر مقدّمة المسائل الحائرية ( الرسائل العشر ) : ٢٨٨.

(٢) التنقيح ٤ : ٢٠٩.

(٣) الفقيه ٤ : ٢٥١ / ٨٠٨ ، التهذيب ٩ : ٣٠٠ / ١٠٧٤ ، الاستبصار ٤ : ١٥٣ / ٥٧٩ ، عيون الأخبار ٢ : ٩٦ ، علل الشرائع : ٥٧٢ / ٢ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٠ أبواب ميراث الأزواج ب ٦ ح ١٤.

٤٤٦

وشيخنا في الروضة وغيرهما (١) ، أمّا الأُولى فلأنّه ليس فيها تصريح بموت الولد قبل الأب ، ولعلّه مخصوص بموته بعده ، ويكون التبرّي المذكور غير معتبر ، كما مر.

وبنحوه يجاب عن الثانية على النسخة الثانية ، وكذا على النسخة الاولى مع أنّها عليها أضعف دلالة ؛ لأنّها غير صريحة في نفي ميراث الأب ، بل يمكن أن يكون المراد أنّ الميراث للأب ؛ لأنّه أقرب الناس إليه ، فإن لم يكن موجوداً فلأقرب الناس إليه.

وعن الشيخ أنّه قال عقيبهما : ليس في الخبرين أنّه نفى الولد بعد أن أقرّ به ، وإلاّ لم يلتفت إلى إنكاره ، ولو قبل إنكاره لم يلحق ميراثه بعصبته ؛ لعدم ثبوت النسب ، قال : ولا يمتنع أن يكون الوالد من حيث تبرّأ من جريرة الولد وضمانه حرم الميراث ، وإن كان نسبه صحيحاً (٢).

__________________

(١) المختلف : ٧٤٧ ، الروضة ٨ : ٢١٣ ؛ المهذب البارع ٤ : ٤٢٢.

(٢) حكاه عنه في الوسائل ٢٦ : ٢٧٣ ، وهو في الاستبصار ٤ : ١٨٥.

٤٤٧

( الفصل الثاني )

( في ) بيان ( ميراث الخنثى ) وشبهه وهو ( من له فرج الرجال والنساء ).

اعلم أنّ الظاهر من الآيات القرآنية انحصار أنواع الإنسان في صنفي الذكر والأُنثى ، ويستحيل اجتماعهما ، كقوله سبحانه ( خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ) (١) وقوله تعالى ( يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ ) (٢) إلى غير ذلك من الآيات الدالّة على ذلك بمعونة المقامات ، وعلى هذا فهو لا يخرج عنهما ويكون أحد فرجيه أصليّاً والثاني زائداً ، كسائر الزوائد في الخلقة من يدٍ ورجلٍ ونحوها ، فإن أمكن استعلام الأصلي من الزائد فهو المعروف بين الأصحاب بالخنثى الواضح ، وإلاّ فهو المشكل.

وطريق استعلامه أنّه ( يعتبر بالبول ) فإن بال من فرج الرجال فهو رجل ، وإن بال من فرج النساء فهي امرأة ، وإن بال منهما اعتبر بالسبق ( فمن أيّهما سبق ) بوله ( يورث عليه ) ذكورة وأُنوثة ، بلا خلاف ، بل عليه الإجماع في كثير من كلمات الأصحاب ، كالمفيد والمرتضى والحلي والفاضل في التحرير وولده في الإيضاح وشيخنا في المسالك والصيمري وغيرهم (٣) ، لكن الأوّلين لم يذكرا السبق ، بل ذكرا كالديلمي (٤) بدله الغلبة‌

__________________

(١) النجم : ٤٥.

(٢) الشورى : ٤٩.

(٣) المفيد في الإعلام ( مصنفات المفيد ٩ ) : ٦٢ ، المرتضى في الانتصار : ٣٠٦ ، الحلي في السرائر ٣ : ٢٧٧ ، التحرير ٢ : ١٧٤ ، الإيضاح ٤ : ٢٤٩ ، المسالك ٢ : ٣٤٠ ، غاية المرام ٤ : ١٩٦ ؛ المهذب البارع ٤ : ٤٢٤.

(٤) انظر المراسم : ٢٢٥.

٤٤٨

والكثرة ، ولعلّه ملازم لهما ، كما يستفاد من صريح الفاضل المقداد في التنقيح (١) ، وظاهر الباقين المدّعين للإجماع من غير نقل خلاف عن هؤلاء.

والأصل في جميع ذلك بعد الإجماعات المحكيّة النصوص المستفيضة ، ففي الصحيح : عن مولود ولد ، له قبل وذكر ، كيف يورث؟ قال : « إن كان يبول من ذكره فله ميراث الذكر ، وإن كان يبول من القُبل فله ميراث الأُنثى » (٢) ونحوه المرسل كالموثق (٣).

وفي الخبر : « كان أمير المؤمنين عليه‌السلام يورث الخنثى من حيث يبول » (٤) ونحوه آخر مروي عن العيون (٥).

وفي ثالث مروي عن إبراهيم بن محمّد الثقفي في كتاب الغارات وفيه : « فانظروا إلى مسيل البول ، فإن خرج من ذكره فله ميراث الرجل ، وإن خرج من غير ذلك فورثوه مع النساء » (٦) الحديث.

وفي الصحيح : « يورث من حيث يبول ، ومن حيث سبق بوله ، فإن خرج منهما سواء فمن حيث ينبعث ، فإن كانا سواء ورث ميراث الرجال وميراث النساء » (٧).

__________________

(١) التنقيح الرائع ٤ : ٢١٠.

(٢) الكافي ٧ : ١٥٦ / ١ ، التهذيب ٩ : ٣٥٣ / ١٢٦٧ ، الوسائل ٢٦ : ٢٨٣ أبواب ميراث الخنثى ب ١ ح ١.

(٣) الكافي ٧ : ١٥٧ / ٤ ، الوسائل ٢٦ : ٢٨٤ أبواب ميراث الخنثى ب ١ ح ٣.

(٤) الكافي ٧ : ١٥٦ / ٢ ، التهذيب ٩ : ٣٥٣ / ١٢٦٨ ، الوسائل ٢٦ : ٢٨٣ أبواب ميراث الخنثى ب ١ ح ٢.

(٥) عيون الأخبار ٢ : ٧٤ / ٣٥٠ ، الوسائل ٢٦ : ٢٨٤ أبواب ميراث الخنثى ب ١ ح ٥.

(٦) كتاب الغارات ١ : ١٩٣ ، الوسائل ٢٦ : ٢٨٤ أبواب ميراث الخنثى ب ١ ح ٦.

(٧) الكافي ٧ : ١٥٧ / ٣ ، التهذيب ٩ : ٣٥٤ / ١٢٦٩ ، الوسائل ٢٦ : ٢٨٥ أبواب ميراث الخنثى ب ٢ ح ١.

٤٤٩

وفي الخبر : « الخنثى يورث من حيث يبول ، فإن بال منهما جميعاً فمن أيّهما سبق البول ورث عليه ، فإن مات ولم يبل فنصف عقل المرأة ، ونصف عقل الرجل » (١) ونحوه آخر مروي عن قرب الاسناد (٢).

وفي المرسل المروي في الكافي : في المولود ، له ما للرجال وما للنساء ، يبول منهما جميعاً ، قال : « من أيّهما سبق » قيل : فإن خرج منهما جميعاً؟ قال : « فمن أيّهما استدرّ » قيل : فإن استدرّا جميعاً؟ قال : « فمن أبعدهما » (٣).

( فإن بدر منهما قال الشيخ ) وأكثر الأصحاب ، كالمفيد والديلمي وابني حمزة وزهرة والفاضلين والشهيدين وغيرهما من المتأخّرين (٤) : إنّه ( يورث على الذي ينقطع منه أخيراً ) واختاره الحلي (٥) ، نافياً الخلاف فيه ، مشعراً بدعوى الإجماع عليه ، وهو الحجة.

مضافاً إلى المرسلة الأخيرة ، فإنّ الظاهر من الأبعديّة فيها الأبعديّة زماناً ، والضعف منجبر بالشهرة بين الأصحاب ، وبالصحيحة الثانية المتضمّنة لقوله عليه‌السلام : « فمن حيث ينبعث » قال في القاموس : بعثه كمنعه أرسله فانبعث (٦). والمراد أنّه ينظر أيّهما أشدّ استرسالاً وإدراراً ، فيحكم‌

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٢٣٧ / ٧٥٩ ، التهذيب ٩ : ٣٥٤ / ١٢٧٠ ، الوسائل ٢٦ : ٢٨٦ أبواب ميراث الخنثى ب ٢ ح ٢.

(٢) قرب الإسناد : ١٤٤ / ٥١٧ ، الوسائل ٢٦ : ٢٨٩ أبواب ميراث الخنثى ب ٢ ح ٦.

(٣) الكافي ٧ : ١٥٧ / ٥ ، الوسائل ٢٦ : ٢٨٤ أبواب ميراث الخنثى ب ١ ح ٤.

(٤) الشيخ في النهاية : ٦٧٧ ، المفيد في المقنعة : ٦٩٨ ، الديلمي في المراسم : ٢٢٥ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٤٠١ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٨ ، المحقق في الشرائع ٤ : ٤٤ ، العلاّمة في القواعد ٢ : ١٨١ ، الشهيدين في اللمعة ( الروضة البهية ٨ ) : ١٩٢ ؛ كشف اللثام ٢ : ٣٠٣.

(٥) السرائر ٣ : ٢٧٧.

(٦) القاموس المحيط ١ : ١٦٨.

٤٥٠

به ، والظاهر أنّ المنقطع أخيراً أشدّ إدراراً ؛ لكون الخروج منه أكثر زماناً ، فتأمّل جدّاً.

( و ) مما ذكرنا ظهر أنّه ليس ( فيه تردّد ) وإن ذكره الماتن ، فهو ضعيف ، وأضعف منه عدم اعتباره ، كما عن الصدوق والإسكافي والمرتضى (١) ، وأضعف منهما مصير القاضي إلى اعتبار الأسبق انقطاعاً (٢) ؛ لعدم الشاهد عليه ، مع قيام الدليل كما عرفت على خلافه.

( فإن تساويا ) خروجاً وانقطاعاً ( قال ) الشيخ ( في الخلاف ) خاصّة : إنّه ( يعمل فيه بالقرعة ) مدّعياً عليه إجماع الفرقة وأخبارهم (٣).

قيل : وعنى بها ما ورد عنهم عليهم‌السلام من أنّها لكل أمر مشتبه ، وهذا منه (٤).

وهو شاذّ ، وإجماعه موهون معارض بمثله ومثله كما يأتي ، ولا اشتباه بعد ورود النص الصحيح بعدّ الأضلاع ، أو إعطاء نصف النصيبين ، كما يأتي.

( وقال المفيد ) في كتاب إعلام الورى (٥) ( و ) السيّد المرتضى ( علم الهدى ) في الانتصار (٦) إنّه ( يُعدّ أضلاعه ) فإن اختلف أحد الجانبين فذكر ، وإن تساويا عدداً فأُنثى ، مدّعيين عليه الإجماع ، واختاره‌

__________________

(١) الصدوق في المقنع : ١٧٦ ، حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٧٤٥ ، المرتضى في الانتصار : ٣٠٦.

(٢) المهذّب ٢ : ١٧١.

(٣) الخلاف ٤ : ١٠٦.

(٤) قاله الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٤٠.

(٥) الإعلام بما اتّفقت عليه الإمامية من الأحكام ( مصنفات المفيد ٩ ) : ٦٢.

(٦) الانتصار : ٣٠٦.

٤٥١

الإسكافي والحلي في السرائر (١) ؛ لذلك ؛ وللنص الذي ادعى تواتره ، وهو ما رواه في التهذيب بسنده إلى ميسرة بن شريح ، وهو طويل ، وفي جملته أنّه قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « جرّدوها من ثيابها ، وعدّوا أضلاع جنبيها » ففعلوا ، ثم خرجوا إليه ، فقالوا : عدد الجنب الأيمن اثنا عشر ضلعاً ، والجنب الأيسر أحد عشر ضلعاً ، فقال عليه‌السلام : « الله أكبر ، ايتوني بالحجام » فأخذ من شعرها ، وأعطاها رداءً وحذاءً ، وألحقها بالرجال ، قال : « لأنّ حوّاء خلقت من ضلع آدم ، وأضلاع الرجال أقلّ من أضلاع النساء بضلع » (٢) الحديث.

وطعن الأكثر في هذا الخبر بجهالة الراوي.

وفيه : أنّ الصدوق رواه في الفقيه عن عاصم بن حميد ، عن محمّد ابن قيس ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (٣) ، وطريقه إليه في المشيخة (٤) صحيح ، إلاّ أنّ في روايته أنّ أضلاعها كانت سبعة عشر ، تسعة في اليمين ، وثمانية في اليسار ، ويعضده رواية المفيد والإسكافي والعماني (٥) ، وهذا لا ينافي توافقها مع رواية التهذيب في أصل اعتبار العدّ ، وكون متساوي الأضلاع امرأة ، ومختلفها رجلاً.

وروى في الفقيه أيضاً عن السكوني ، عن جعفر عليه‌السلام ، عن أبيه عليه‌السلام : « أنّ عليّاً عليه‌السلام كان يورّث الخنثى ، فيعدّ أضلاعه ، فإن كانت ناقصة عن‌

__________________

(١) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٧٤٥ ، السرائر ٣ : ٢٨٠.

(٢) التهذيب ٩ : ٣٥٤ / ١٢٧١ ، الوسائل ٢٦ : ٢٨٦ أبواب ميراث الخنثى ب ٢ ح ٣.

(٣) الفقيه ٤ : ٢٣٨ / ٧٦٢.

(٤) المشيخة ( الفقيه ٤ ) : ١٠٨.

(٥) المفيد في الإرشاد ١ : ٢١٣ ، وحكاه عن الإسكافي والعماني في المختلف : ٧٤٥.

٤٥٢

أضلاع النساء بضلع ورث ميراث الرجال ؛ لأنّ الرجل تنقص أضلاعه عن ضلع المرأة بضلع ؛ لأنّ حواء خلقت من ضلع آدم » (١) الحديث.

وروى المفيد الحديث الأوّل في إرشاده عن الحسن بن علي العبدي ، عن سعد بن طَرِيف (٢) ، عن أصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (٣) نحو ما في الفقيه.

( وقال ) الصدوقان والمفيد في المقنعة والشيخ ( في النهاية والإيجاز والمبسوط ) والديلمي والقاضي وابنا حمزة وزهرة (٤) : إنّه ( يعطى نصف ميراث رجل ونصف ) ميراث ( امرأة ، وهو أشهر ) كما هنا وفي القواعد وشرح الشرائع للصيمري والتنقيح والدروس والروضة (٥) ، ونسبه في المسالك إلى أكثر المتأخّرين (٦).

أقول : بل عليه عامّتهم بحيث كاد أن يكون ذلك إجماعاً منهم ؛ لجملة من النصوص المتقدّمة ، منها الصحيح : « فإن كان سواء ورث ميراث الرجال والنساء » (٧) والمراد به نصف الأمرين ؛ لامتناع أن يراد مجموعهما.

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٢٣٨ / ٧٦٠ ، الوسائل ٢٦ : ٢٨٧ أبواب ميراث الخنثى ب ٢ ح ٤.

(٢) في النسخ : ظريف ، والصواب ما أثبتناه. لاحظ رجال البرقي : ٥٠ / ١٨٨ ، رجال النجاشي : ١٧٨ / ٤٦٨ ، رجال الطوسي : ٩٢ / ١٧ ، و ١٢٤ / ٣ ، و ٢٠٣ / ٣.

(٣) إرشاد المفيد ١ : ٢١٣ ، الوسائل ٢٦ : ٢٨٨ أبواب ميراث الخنثى ب ٢ ح ٥.

(٤) الصدوق في المقنع : ١٧٧ ، وحكاه عن والده في المختلف : ٧٤٥ ، المقنعة : ٦٩٨ ، النهاية : ٦٧٧ ، الإيجاز ( الرسائل العشر ) : ٢٧٥ ، المبسوط ٤ : ١١٤ ، الديلمي في المراسم : ٢٢٥ ، القاضي في المهذّب ٢ : ١٧١ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٤٠٢ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٨.

(٥) القواعد ٢ : ١٨١ ، غاية المرام ٤ : ١٩٧ ، التنقيح ٤ : ٢١٢ ، الدروس ٢ : ٣٧٩ ، الروضة ٨ : ١٩٤.

(٦) المسالك ٢ : ٣٤٠.

(٧) المتقدم في ص : ٤٤٥.

٤٥٣

وأصرح منه الخبران المذكوران بعده : « فإن مات ولم يبل فنصف عقل المرأة ونصف عقل الرجل » (١).

مضافاً إلى التأيّد بأنّ فيه مراعاة للحالتين ؛ لتساويهما عقلاً ، فيعمل بالمتيقّن ، ويعطى ميراث الأُنثى ، ويقسم ما زاد عليه من سهم المشكوك فيه وهو كونه ذكراً نصفين ، كما وقع نظيره في الشرع عند اختلاف الدعويين مع عدم الحجة.

ولعلّ هذا أقوى ؛ لقوّة الأدلّة عليه ، وانجبار قصور الخبرين منها بالصحيح قبلهما ، والشهرة العظيمة بين المتأخّرين والقدماء ظاهرة ومحكيّة حدّ الاستفاضة ، كما عرفته.

ومنها ينقدح الوهن في الإجماعين المتقدم إليهما الإشارة ، فليس فيهما حجة ، كما لا حجة في الأخبار الموافقة لهما ، مع قصور أكثرها سنداً ، وعدم جابر له جدّاً.

ودعوى الحلي التواتر (٢) ، غير جابرة بعد ظهور اتفاق أكثر الفتاوي على خلافها ، فالتواتر على تقدير تسليمه إنّما هو في الرواية ، وهو بمجرّده مع عدم الفتوى بها غير نافع ، بل يوجب وهنها بلا شبهة ، ومع ذلك فهي بأقسامها حتى الصحيح منها غير مقاومة للنصوص المقابلة المضاهية لها سنداً وعدداً ؛ لرجحانها عليها بما قدّمناه من الشهرة العظيمة بين أصحابنا ، التي كادت تكون إجماعاً ، فتكون حجة مستقلّة برأسها ، هذا.

وعن العماني أنّه قال : وقد روي عن بعض علماء الشيعة أنّه سئل عن الخنثى ، فقال : روى بعض أصحابنا في وجه ضعيف لم يصح عندي أنّ‌

__________________

(١) المتقدم في ص : ٤٤٥.

(٢) السرائر ٣ : ٢٨٠.

٤٥٤

حوّاء خلقت من ضلع آدم عليه‌السلام ، فصار للرجال من ناحية النساء ضلعاً أنقص ، وللنساء ثمانية عشر ضلعاً من كل جانب تسعة ، وللرجال سبعة عشر ضلعاً من جانب اليمين تسعة ومن جانب اليسار ثمانية ، ثم قال : وهذه علامة واضحة إن صحّت عنهم عليهم‌السلام (١).

وهو كما ترى ظاهر في عدم ثبوت الرواية وصحتها في الصدر الأوّل ، فضلاً عن تواترها ، فيدفع به دعوى الحلّي جدّا ، كيف لا؟! وهو متأخّر عن زمان العماني بكثير ، ويبعد غاية البعد حصول التواتر له دونه ، مع أنّه أسبق زماناً ، وأجدر بالاطلاع بالتواتر وأولى ، ومع ذلك لم يدّعه أحد من أصحابنا.

نعم نسب الرواية في الخلاف إلى أصحابنا ، فقال : روى أصحابنا (٢). وهو مع عدم كونه صريحاً في دعوى التواتر ، بل ولا ظاهراً ، وإن توهّمه منه الحلّي مضعّف باختياره فيه كما عرفت خلافها ، ولا يكون ذلك إلاّ لعدم تواترها ، أو كون تواترها بحسب الرواية خاصّة لا الفتوى ، وهو كما عرفت مما يوجب وهنها لا حجيتها.

وبالجملة فدعوى الحلّي ومختاره ضعيف ، وأضعف منه ما تخيّله بعض المعاصرين : من القول بمختاره فيما إذا علم عدد أضلاعه قبل موته ، ومختار المشهور إذا لم يعلم ذلك.

لكونه إحداث قول لا نجوّزه ، ومع ذلك لا شاهد عليه ، ولا منشأ له سوى دلالة الخبرين الأخيرين من نصوص المشهور بالمفهوم على عدم الحكم مع عدم الموت ، وهو ضعيف ؛ لكون الصحيح قبلهما مطلقاً ،

__________________

(١) حكاه عنه في المختلف : ٧٤٥.

(٢) الخلاف ٤ : ١٠٦.

٤٥٥

ولا يمكن تقييده بمفهومهما ؛ لعدم التكافؤ أصلاً ، وعدم القائل بالفرق ، كما مضى ، ولكنه جمع حسن لولاهما.

( و ) على المختار ( لو اجتمع مع الخنثى ) ذكر ، أو أُنثى ، أو ( ذكر وأُنثى ) معاً ، فقد اختلف الأصحاب في كيفية القسمة على قولين :

فـ ( قيل ) كما عن النهاية والإيجاز واستحسنه الفاضل في التحرير (١) : إنّه للذكر أربعة ، وللخنثى ثلاثة في الفرض الأوّل ، وكذا في الثاني لكن للأُنثى سهمان ، و ( للذكر أربعة ، وللخنثى ثلاثة ، وللأُنثى سهمان ) في الثالث.

وتوضيحه : أنّه يجعل للأُنثى أقلّ عدد يكون له نصف وهو اثنان ، وللذكر ضعف ذلك ، وللخنثى نصف كل منهما ، فالفريضة على الفرض الأوّل من سبعة ، وعلى الثاني من خمسة ، وعلى الثالث من تسعة ، حسب ما تقدم من التفصيل.

( وقيل ) كما عن المبسوط (٢) : إنّه ( تقسم الفريضة مرّتين ، فيفرض مرّة ذكراً ومرّة أُنثى ويعطى ) الخنثى وغيره ( نصف النصيبين ، وهو أظهر ) عند الماتن هنا ، والأشهر كما صرّح به جمع ممّن تأخّر (٣) ( مثاله : خنثى وذكر ، نفرضهما ذكرين تارة ، وذكراً وأُنثى اخرى ، ونطلب أقلّ مال له نصف ، ولنصفه نصف ، وله ثلث ، ولثلثه نصف ) حتى يصح منه فرض كونه ذكراً وكونه أُنثى ، وأخذ نصف النصيبين منه أيضاً ( فيكون اثني عشر ، فيحصل للخنثى خمسة ، وللذكر سبعة ).

__________________

(١) النهاية : ٦٧٧ ، الإيجاز ( الرسائل العشر ) : ٢٧٥ ، التحرير ٢ : ١٧٤.

(٢) المبسوط ٤ : ١١٥.

(٣) تلخيص الخلاف ٢ : ٢٦٦ ، الروضة البهية ٨ : ١٩٤ ، التنقيح الرائع ٤ : ٢١٤.

٤٥٦

( ولو كان بدل الذكر أُنثى ، حصل للخنثى سبعة ، وللأُنثى خمسة ) بيانه : أنّك إذا قسّمت الفريضة على تقدير الذكورية ، ثم قسّمتها مرّة أُخرى على تقدير الأُنوثية ، نظرت إلى كل من الفريضتين ، فإن تباينتا ضربت إحداهما في الأُخرى ، وإن توافقتا ضربت إحداهما في وفق الأُخرى ، وإن تماثلتا اجتزئت بإحداهما ، وإن تناسبتا أخذت بالأكثر ثم تضرب ذلك في اثنين ، فتعطي كل وارث من المجموع نصف ما حصل له من الفرضين.

فلو كان مع الخنثى ذكر فعلى تقدير فرض الخنثى ذكراً تكون الفريضة من اثنين ، وعلى تقدير فرضه أُنثى تكون من ثلاث ، والفريضتان متباينتان فتضرب إحداهما في الأُخرى ، ثم المجتمع في اثنين ، تكون اثني عشر ، للخنثى على تقدير الذكورية ستّة ، وعلى تقدير الأُنوثية أربعة ، فيؤخذ نصفهما ، وهو خمسة من اثني عشر ، وللذكر سبعة ؛ لأنّها نصف ماله على تقدير ذكوريّة الخنثى وهو ستة ، وماله على تقدير أُنوثيّته وهو ثمانية.

ولو كان مع الخنثى أُنثى فالمسألة بحالها ، إلاّ أنّ للخنثى سبعة ، وللأُنثى خمسة ، فإنّه على تقدير فرض الخنثى ذكراً فالفريضة من ثلاثة ، وعلى تقدير فرضه أُنثى فالفريضة من اثنين ، فتضرب إحداهما في الأُخرى ؛ لتباينهما ، ثم تضرب المجتمع في اثنين يصير اثني عشر ، للخنثى على تقدير الذكوريّة ثمانية ، وعلى تقدير الأُنوثية ستّة ، فيؤخذ نصفهما وهو سبعة ، وللأُنثى على تقدير ذكوريّته أربعة ، وعلى تقدير أُنوثيّته ستّة ومجموع النصف من كل منهما خمسة.

ولو اجتمع معه ذكر وأُنثى فعلى تقدير فرضه ذكراً تكون الفريضة من خمسة ، وعلى تقدير فرضه أُنثى تكون من أربعة ، والنسبة بين الفريضتين التباين ، فتضرب إحداهما في الأُخرى تبلغ عشرين ، ثم المجتمع في اثنين‌

٤٥٧

تبلغ أربعين ، فللخنثى على تقدير الذكوريّة ستّة عشر ، وعلى تقدير الأُنوثية عشرة ، ومجموع نصفهما ثلاثة عشر ، وللذكر على تقدير فرض ذكوريّة الخنثى ستّة عشر ، وعلى تقدير الأُنوثية عشرون ، ونصف ذلك ثمانية عشر ، وللأُنثى على تقدير فرض الذكورية ثمانية ، وعلى تقدير فرض الأُنوثية عشرة ، ونصف ذلك تسعة ، فقد تقرّر أنّ للخنثى حينئذٍ ثلاثة عشر من أربعين ، وللذكر ثمانية عشر ، وللأُنثى تسعة منها.

واختلفت كيفية القسمة بين القولين في هذه الفروض :

أمّا على الفرض الأوّل : فبموجب القول الأوّل للخنثى ثلاثة أسباع التركة ، وللذكر أربعة أسباعها ، وبموجب القول الثاني ينقص نصيب الخنثى عن ثلاثة أسباع الاثني عشر أعني خمسة وسبعاً بسبع واحد ، كما لا يخفى على المتأمّل.

وأمّا على الفرض الثاني : فبموجب القول الأوّل للخنثى ثلاثة أخماس التركة ، وللأُنثى خمسان ، وعلى القول الثاني ينقص عنه خمس واحد من اثني عشر ، كما لا يخفى على المحاسب.

وأمّا على الفرض الثالث : فبمقتضى القول الأوّل للخنثى ثلث التركة ثلاثة من تسعة ، وللذكر أربعة أتساع ، وللأُنثى تُسعان ، وعلى القول الثاني ينقص نصيب الخنثى بثلث واحد ، كما يظهر بالنظر في ذلك.

( ولو شاركهم زوج أو زوجة صحّحت فريضة الخناثى ) (١) ومشاركيه مع قطع النظر عن أحدهما ( ثم ضربت مخرج نصيب الزوج أو الزوجة ) من الربع أو الثمن ، وهو أربعة وثمانية ( في ) الحاصل من ( تلك الفريضة ، فما ارتفع ) منه ( فمنه تصح ) الفريضة.

فعلى الفرض الأوّل على القول الأوّل الذي فيه الفريضة سبعة‌ :

__________________

(١) في المطبوع من المختصر (٢٧٥) : الخنثى.

٤٥٨

لو جامعهم زوج ضربتها في مخرج نصيبه أربعة ، تحصل ثمانية وعشرون ، فللزوج منها الربع سبعة ، ومن كان له منها شي‌ء أخذه مضروباً في ثلاثة ، وهو ما نقص من مضروب الأربعة عن نصيب الزوج ، فللخنثى تسعة ، وللذكر كراثنا عشر.

ولو جامعهم زوجة ضربت السبعة في مخرج نصيبها ثمانية تحصل ستة وخمسون فللزوجة منها ثُمنها سبعة. ومن له منها شي‌ء أخذه مضروباً في سبعة ، وهو ما نقص من مضروب الثمانية عن نصيب الزوجة ، فللخنثى أحد وعشرون ، وللابن ثمانية وعشرون.

وعلى الفرض الأوّل على القول الثاني الذي فيه الفريضة اثنا عشر : لو جامعهم زوج ضربتها في مخرج نصيبه أربعة ، تحصل ثمانية وأربعون ، للزوج منها الربع اثنا عشر ، ومن كان له منها شي‌ء أخذه مضروباً في ثلاثة ، كما تقدم ، فللخنثى خمسة عشر ، وللابن أحد وعشرون.

ولو جامعهم زوجة ضربت الاثنا عشر في مخرج نصيبها ثمانية ، تبلغ ستّة وتسعين ، للزوجة اثنا عشر ، ومن كان له منها شي‌ء أخذه مضروباً في سبعة ، كما مرّ ، فللخنثى خمسة وثلاثون ، وللابن تسعة وأربعون ، وقس على هذا الفروض الباقية وغيرها على كل من القولين.

( ومن ليس له فرج النساء ولا ) فرج ( الرجال ) إمّا بأن تخرج الفضلة من دبره ، أو يفقده ويكون له ثقبة بين المخرجين تخرج منه الفضلتان ، أو البول مع وجود الدبر ، أو بأن يتقيّأ ما يأكله ، أو بأن يكون له لحمة رابية تخرج منه الفضلتان ، كما نقل ذلك على ما ذكره الفاضل في التحرير والشهيدان (١) ( يورث بالقرعة ) على الأظهر الأشهر بين الطائفة ،

__________________

(١) التحرير ٢ : ١٧٥ ، الدروس ٢ : ٣٨٠ ، المسالك ٢ : ٣٤٢ ، الروضة ٨ : ٢٠٥.

٤٥٩

بل عليه المتأخّرون كافّة ، ونفى عنه الخلاف في السرائر (١).

والمعتبرة به مع ذلك مستفيضة ، منها الصحيح : عن مولود ليس له ما للرجال ، ولا له ما للنساء؟ قال : « يقرع الإمام أو المقرع ، يكتب على سهم : عبد الله ، وعلى سهم : أمة الله ، ثم يقول الإمام أو المقرع : اللهم أنت الله لا إله إلاّ أنت ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، فبيّن لنا أمر هذا المولود كيف يورث ما فرضت له في الكتاب ، ثم يطرح السهمان في سهام مبهمة ، ثم يجال السهام ، على ما خرج ورث عليه » (٢).

وفي القريب من الصحيح بصفوان بن يحيى وابن مسكان المجمع على تصحيح رواياتهما ، فلا يضرّ جهالة الذي عنه رويا : عن مولود ليس بذكر ولا أُنثى ، ليس له إلاّ دبر ، كيف يورث؟ قال : « يجلس الإمام ويجلس معه ناس ، ويدعو الله تعالى ، ويجيل بالسهام على أيّ ميراث يورث ، ميراث الذكر ، أم ميراث الأُنثى ، فأيّ ذلك خرج ورثه عليه » ثم قال : « أيّ قضيّة أعدل من قضيّة يجال عليها السهام ، إنّ الله تعالى يقول ( فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ) (٣) » (٤) ونحوه المرسل (٥) ، وقريب منهما‌

__________________

(١) السرائر ٣ : ٢٧٧.

(٢) الكافي ٧ : ١٥٨ / ٢ ، الفقيه ٤ : ٢٣٩ / ٧٦٣ ، التهذيب ٩ : ٣٥٦ / ١٢٧٣ ، الاستبصار ٤ : ١٨٧ / ٧٠١ ، المحاسن : ٦٠٣ / ٢٩ ، الوسائل ٢٦ : ٢٩٢ أبواب ميراث الخنثى ب ٤ ح ٢.

(٣) الصافّات : ١٤١.

(٤) الكافي ٧ : ١٥٧ / ١ ، التهذيب ٩ : ٣٥٦ / ١٢٧٤ ، الوسائل ٢٦ : ٢٩١ أبواب ميراث الخنثى ب ٤ ح ١.

(٥) الكافي ٧ : ١٥٨ / ٣ ، التهذيب ٩ : ٣٥٧ / ١٢٧٥ ، الوسائل ٢٦ : ٢٩٣ أبواب ميراث الخنثى ب ٤ ح ٣.

٤٦٠