رياض المسائل في تحقيق الاحكام بالدّلائل - ج ١٤

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الاحكام بالدّلائل - ج ١٤

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-276-8
الصفحات: ٥٠٩

وفيه : « لا ترث ممّا ترك زوجها من القرى والدور والسلاح والدوابّ شيئاً ، وترث من المال والفرش والثياب ومتاع البيت مما ترك ، وتقوّم النقض والأبواب والجذوع والقصب ، فتعطى حقّها منه » (١).

ونحوه الموثق : « لا ترث من تركة زوجها من القرى والدور والسلاح والدوابّ شيئاً ، وترث من المال والرقيق والثياب ومتاع البيت مما ترك ، ويقوّم النقض والجذوع والقصب ، فتعطى حقّها » (٢).

وفي القريب منه سنداً : « لهنّ قيمة الطوب والبناء والقصب والخشب ، فأمّا الأرض والعقارات فلا ميراث لهنّ فيه » قال : قلت : فالثياب؟ قال : « لهنّ » (٣) ونحوه الخبر (٤).

وفي آخر : « لا يرثن من الأرض والعقارات شيئاً » (٥).

وفي ثالث : « لا يرثن من الدور والضياع شيئاً ، إلاّ أن يكون أحدث بناءً ، فيرثن ذلك البناء » (٦) والمراد بإرثهنّ منه إرثهنّ من القيمة ، بدلالة الأخبار المفصّلة.

__________________

(١) الكافي ٧ : ١٢٧ / ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٩٨ / ١٠٦٥ ، الإستبصار ٤ : ١٥١ / ٥٧١ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠٥ أبواب ميراث الأزواج ب ٦ ح ١.

(٢) الفقيه ٤ : ٢٥٢ / ٨١١ ، التهذيب ٩ : ٢٩٩ / ١٠٧٢ ، الإستبصار ٤ : ١٥٣ / ٥٧٨ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٠ أبواب ميراث الأزواج ب ٦ ح ١٢.

(٣) الكافي ٧ : ١٣٠ / ١١ ، التهذيب ٩ : ٢٩٩ / ١٠٧١ ، الإستبصار ٤ : ١٥٢ / ٥٧٧ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠٦ أبواب ميراث الأزواج ب ٦ ح ٣.

(٤) الكافي ٧ : ١٢٩ / ١٠ ، التهذيب ٩ : ٢٩٩ / ١٠٦٩ ، الإستبصار ٤ : ١٥٢ / ٥٧٥ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٠ أبواب ميراث الأزواج ب ٦ ح ١١.

(٥) الكافي ٧ : ١٢٧ / ١ ، التهذيب ٩ : ٢٩٨ / ١٠٦٦ ، الإستبصار ٤ : ١٥٢ / ٥٧٢ ، الوسائل ٢٦ : ٢٠٧ أبواب ميراث الأزواج ب ٦ ح ٤.

(٦) التهذيب ٩ : ٣٠٠ / ١٠٧٣ ، الإستبصار ٤ : ١٥٣ / ٥٧٩ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٠ أبواب ميراث الأزواج ب ٦ ح ١٣.

٣٨١

وفي رابع : إنّ بكيراً حدثني عن أبي جعفر عليه‌السلام : « أنّ النساء ( لا يرثن ) (١) ممّا ترك زوجها من تربة دار ولا أرض ، إلاّ أن يقوّم البناء والجذوع والخشب ، فتعطى نصيبها من قيمة البناء ، وأمّا التربة فلا تعطى شيئاً من أرض ولا تربة » قال زرارة : هذا لا شك فيه (٢).

وهذه الأخبار مع اعتبار سند جملة منها بالصحة والموثقية ، وانجبار باقيها بالشهرة العظيمة المحققة جدّاً والمحكية ظاهرة الدلالة على المختار.

ولا يقدح في حجية بعضها تضمّنه لما لا يقول به أحد من السلاح والدوابّ ؛ لأنّ طرح بعض الخبر لمعارض أقوى لا يوجب طرح ما لا معارض فيه ، كما مرّ مراراً.

وربما يؤوّل ذلك بأنّهما من الحبوة ، أو موصى به ، أو صدقة ، أو نحوها ممّا لا ترث الزوجة ولا غيرها معه.

نعم ذلك نقص في مقام التعارض إذا كان المعارض موجوداً ، ولا وجود له هنا سوى العمومات المتفق على تخصيصها ولو في الجملة كثيراً ، وهو نقص أيضاً ، فيتساوى النقصان ، والخاص مقدّم.

وأمّا الأخبار السابقة فلا معارضة فيها لهذه الأخبار بوجه ؛ إذ غايتها إثبات الحرمان في العقارات ، ولا تنافي بينه وبين إثباته من جملة الأراضي ولو كانت غيرها من هذه الأخبار بوجه أصلاً.

فلا وجه مع ذلك للقول الأوّل إلاّ مراعاة تقليل التخصيص والاقتصار‌

__________________

(١) في المصادر : لا ترث امرأة.

(٢) التهذيب ٩ : ٣٠١ / ١٠٧٧ ، الإستبصار ٤ : ١٥٣ / ٥٨٠ ، الوسائل ٢٦ : ٢١١ أبواب ميراث الأزواج ب ٦ ح ١٥.

٣٨٢

فيه على المتيقن منه ، وليس بوجه ؛ لوجوب الالتزام به ولو كثر بعد قيام الدليل عليه ، وقد قام ، كما ظهر لك في المقام.

والاقتصار على المتيقن غير لازم ، بل يكفي المظنون بعد حصول الظن به من الأخبار المزبورة ، ومنع حصوله منها أو عدم حجية مثلها بناءً إمّا على عدم حجية أخبار الآحاد ، أو عدم قابليتها لتخصيص نحو عمومات الكتاب ضعيف ، على الأشهر الأقوى ، كما حقق في محله مستقصى.

وأمّا ما في شرح الإرشاد للمقدس الأردبيلي رحمه‌الله والكفاية (١) من المناقشات في جملة الأخبار الواردة في المسألة ، وتأويلها بتأويلات بعيدة وتمحّلات غير سديدة فممّا لا ينبغي الالتفات إليه والعروج في مقام التحقيق عليه ، وكفاه فساداً مخالفته لفهم الأصحاب كافّة ، مع عدم تعرض أحد منهم لشي‌ء منه أصلاً ، ولو جرى أمثال هذه التأويلات في الروايات لا ندرس جملة الأحكام ، وما بقي لها أثر في محل ولا مقام.

ثم إنّ ظاهر العبارة وما ضاهاها من عبائر الجماعة في الاقتصار فيما تحرم منه على العقار والأبنية والآلات عدم حرمانها من نحو الشجر والنخل ، وهو أحد القولين في المسألة.

والثاني : إلحاقه بالآلات ، نسب إلى القواعد والدروس وأكثر المتأخّرين (٢) ، وهو مذهب فخر الدين مدّعياً هو ووالده والصيمري وغيرهم (٣) أنّه المشهور ، بل الظاهر منهم أنّه لا خلاف فيه على المشهور ،

__________________

(١) الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ٤٤٥ ، الكفاية : ٣٠٣.

(٢) نسبه إليهم في المسالك ٢ : ٣٣٣ ، وهو في القواعد ٢ : ١٧٨ ، والدروس ٢ : ٣٥٨.

(٣) فخر الدين في الإيضاح ٤ : ٢٤١ ، ووالده في القواعد ٢ : ١٧٨ ، والصيمري في غاية المرام ٤ : ١٨٣ ، المهذب البارع ٤ : ٤٠٢.

٣٨٣

وفي المسالك (١) أنّه ممنوع ، كما يظهر من تتبّع عباراتهم.

وكيف كان فالأقرب الإلحاق ؛ للتصريح به في بعض الصحاح المتقدمة (٢).

مضافاً إلى إمكان استفادته من جُملة من النصوص النافية لإرثهنّ من العقار شيئاً ، والنخل والشجر منها ، كما صرّح به جماعة (٣) ، ومنهم بعض أهل اللغة بل جماعة (٤).

وعدم التعرض فيها للقيمة غير ضائر بعد قيام الإجماع على ثبوتها ؛ إذ لا قائل بالحرمان منهما عيناً وقيمةً ؛ لتردّده بين الحرمان منه عيناً خاصّة أو عدمه بالكلية ، فإذا ثبت الحرمان عيناً من هذه الأخبار ثبتت القيمة بعدم القائل بالفرق بين الطائفة.

مع أنّ في إثباتها مناسبة لإثباتها في الآلات والأبنية ، بل ربما ادّعي دخول الشجر في الآلات (٥) ، وإن كان بعيداً ، مع ما فيه من تقليل التخصيص للعمومات.

وظاهر شيخنا في المسالك (٦) الميل إلى هذا ، وفي الروضة إلى الأوّل قائلاً : إنّ النصوص الصحيحة وغيرها دالّة عليه أكثر من دلالتها على القول‌

__________________

(١) المسالك ٢ : ٣٣٣.

(٢) في ص : ٦٤٨٢ ، ٦٤٨٣.

(٣) منهم الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٣٣ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٣٢٨ ، وانظر روضة المتقين ١١ : ٤١٢.

(٤) منهم الجوهري في الصحاح ٢ : ٧٥٤ ، وابن الأثير في النهاية ٣ : ٢٧٤ ، والطريحي في مجمع البحرين ٣ : ٤١٠.

(٥) الروضة ٨ : ١٧٣.

(٦) المسالك ٢ : ٣٣٣.

٣٨٤

المشهور بين المتأخّرين (١). وفيه نظر.

( و ) للسيّد المرتضى ( علم الهدى ) رحمه‌الله في أصل المسألة قول ثالث تفرّد به ، حيث إنّه ( يمنعها ) أي الزوجة ( من العين ) أي عين الرباع خاصّة ( دون القيمة ) فيثبتها لها ؛ مراعاة للجمع بين العمومات وما أجمع عليه الأصحاب من الحرمان بتخصيص الحرمان بالعين وإيجاب القيمة ، على نحو ما اختاره في الحبوة.

وهو شاذّ ومستنده ضعيف ؛ لظهور كلمات القوم قديمهم وحديثهم في الحرمان منها عيناً وقيمة ، وإن اختلفوا في مقدار ما تحرم منه ، ويشير إلى ذلك استنادهم إلى الأخبار ، وهي كما عرفت صريحة في حرمانها من الأرض مطلقاً ، عيناً وقيمةً ، بدليل استثناء القيمة من آلاتها خاصّة.

ومع ذلك فهي حجة برأسها في خلافه ، فإنّها ليست من الآحاد حتى لا يقال بحجيتها ، أو لا يخصّص عموم الكتاب بها ، ولو سلّم فالقرينة على صحتها من فتاوى الأصحاب موجودة جدّاً ، فيكون من الآحاد المحفوفة بالقرائن القطعية ، ولا ريب في حجيتها لأحد حتى عنده ، فتأمّل.

واعلم أنّ مقتضى إطلاق العبارة وغيرها من عبائر الجماعة ممّا أُطلق فيه الزوجة عدم الفرق فيها بين كونها ذات ولد من زوجها أم لا ، وهو الأقوى ، وفاقاً لكثير من أصحابنا ، كالكليني والمفيد والمرتضى والشيخ في الاستبصار والحلبي وابن زهرة (٢) ظاهراً ، والحلي وجماعة من المتأخّرين (٣)

__________________

(١) الروضة ٨ : ١٧٤.

(٢) الكليني في الكافي ٧ : ١٢٧ ، المفيد في المقنعة : ٦٨٧ ، المرتضى في الانتصار : ٣٠١ ، الاستبصار ٤ : ١٥٤ ، ١٥٥ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ٣٧٤ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧.

(٣) السرائر ٣ : ٢٥٩ ؛ كشف الرموز ٢ : ٤٦٤ ، مفاتيح الشرائع ٣ : ٣٢٨ ٣٢٩.

٣٨٥

صريحاً ، وفي السرائر وعن الخلاف (١) الإجماع عليه ، وهو الحجة.

مضافاً إلى إطلاق الأخبار السابقة ، بل عمومها الثابت من صيغة الجمع في جُملة منها ، وترك الاستفصال في أُخرى ، وعموم التعليل ووجه الحكمة في ثالثة.

خلافاً للصدوق وأكثر المتأخّرين (٢) ، فخصّوا الحكم بغير ذات الولد ؛ تقليلاً للتخصيص ؛ وعملاً بالمقطوع الغير المسند إلى إمام : إذا كان لهنّ ولد أُعطين من الرباع (٣). وللجمع بين النصوص المتقدمة المختلفة في أصل الحرمان وعدمه بالكلية بحمل الأدلة على غير ذات الولد والأخيرة على صاحبتها.

وفي الجميع نظر ؛ للزوم التخصيص وإن كثر بعد قيام الدليل عليه ولو من الإطلاق أو العموم ، فإنّه في أفراد الخاص ، وهو بالإضافة إلى أصل العمومات خاصّ فيقدّم عليها.

والمقطوع لا حجة فيه بعد القطع ، وليس مثل الإرسال ليجبر ضعفه بالشهرة ونحوها ، كما صرّح به جماعة من أصحابنا (٤).

والجمع لا شاهد عليه ، مع وضوح الجمع بغيره من حمل ما دلّ على عدم الحرمان بالكلية على التقية ، كما تقدمت إليه الإشارة ، والاحتياط لا يترك هنا ، بل في أصل المسألة أيضاً ، فإنّه طريق السلامة.

__________________

(١) السرائر ٣ : ٢٥٩ ، الخلاف ٤ : ١١٦.

(٢) الفقيه ٤ : ٢٥٢ ؛ والقواعد ٢ : ١٧٨ ، الإيضاح ٤ : ٢٤١ ، والشهيد في اللمعة ( الروضة ٨ ) : ١٧٢ ، التنقيح ٤ : ١٩٢.

(٣) الفقيه ٤ : ٢٥٢ / ٨١٣ ، التهذيب ٩ : ٣٠١ / ١٠٧٦ ، الإستبصار ٤ : ١٥٥ / ٥٨٢ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٣ أبواب ميراث الأزواج ب ٧ ح ٢.

(٤) منهم المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة ١١ : ٤٤٤ ، وصاحب الكفاية : ٣٠٤.

٣٨٦

وهنا فوائد مهمة يطول الكلام بذكرها جملة ، إلاّ أنّا نذكر منها ما لا بُدّ منه ، وهو أنّ الظاهر كما صرّح به جماعة (١) من غير خلاف بينهم أجده أنّه لا فرق في الأبنية والمساكن على القول باعتبارها بين ما يسكنه الزوج وغيره ، ولا بين الصالح للسكنى وغيره ، كالحمّامات والأرحية وغيرها إذا صدق عليه اسم البناء.

وأنّ المراد بالآلات المثبتة منها خاصّة دون المنقولة ، فإنّها ترث من عينها إجماعاً ، كما حكاه الصيمري في شرح الشرائع (٢) ، ولا فرق بين كونها قابلة للنقل بالفعل أو بالقوة ، كالثمرة على الشجرة والزرع على الأرض وإن لم يستحصد ، أو كان بذراً ، دون الشجر.

وأنّ كيفية التقويم للبناء والآلات والشجر على القول بانسحاب الحكم فيه أن يقوّم مستحق البقاء في الأرض مجاناً إلى أن يفنى ، فيقدّر الدار كأنّها مبنية في ملك الغير على وجه لا يستحق عليها أُجرة إلى أن يفنى ، وتعطى قيمة ما عدا الأرض من ذلك.

وذكر الصيمري وجهاً آخر لكيفية التقويم أخصر من الأوّل ، وهو أنّه يقوّم الأرض على تقدير خلوّها من الأبنية والأشجار ، ما يسوى؟ فإذا قيل : عشرة ، مثلاً قوّمت اخرى مضافة إليهما ، فإذا قيل : عشرون ، مثلاً كانت شريكة في العشرة الزائدة.

وهل القيمة رخصة للورثة لتسهيل الأمر لهم حتى لو بذلوا الأعيان لم‌

__________________

(١) منهم الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٣٤ ، والروضة ٨ : ١٧٤ ، والسبزواري في الكفاية : ٣٠٤.

(٢) غاية المرام ٤ : ١٨٤.

٣٨٧

يكن لها طلب القيمة ، أم على سبيل الاستحقاق؟ فيه وجهان ، ولعلّ الأقرب الأوّل ، وفاقاً لجماعة من الأصحاب (١) ، وإن كان الظاهر من النصوص وجوبها على الوارث على وجه قهري ؛ لورودها في مقام توهّم تعيّن العين ، فلا يفيد سوى إباحة القيمة ، وسبيلها سبيل الأوامر الواردة مورد توهّم الحظر الغير المفيدة لذلك سواها ، كما برهن في محله مستقصى ؛ مضافاً إلى إشعار التعليل الوارد في جملة منها بذلك جدّاً.

خلافاً للصيمري والمحقق الثاني والشهيد الثاني في المسالك والروضة (٢) ، والاحتياط معهم في الجملة.

وهنا‌ ( مسألتان : )

( الأُولى : إذا طلّق ذو الأربع نساء واحدة من الأربع وتزوّج اخرى ) بعد العدّة ، أو فيها إذا كانت بائنة ، ثم مات ( واشتبهت ) المطلّقة بين الأربع الأُول ( كان للأخيرة ) الخامسة المعلومة ( ربع الثمن مع الولد ، وربع الربع مع عدمه ، والباقي ) عن نصيبها ( بين الأربعة ) المشتبهة بينهنّ المطلّقة ( بالسوية ) بلا خلاف أجده ، ولا نقله أحد من الطائفة ، عدا الفاضل المقداد في التنقيح والشهيدين في الدروس والمسالك والروضة (٣) ، فنقلوه عن الحلي خاصّة ، حيث صار إلى القرعة ، فمن أخرجتها بالطلاق‌

__________________

(١) منهم المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة ١١ : ٤٥١ ، والسبزواري في الكفاية : ٣٠٤.

(٢) الصيمري في غاية المرام ٤ : ١٨٤ ، ١٨٥ ، المسالك ٢ : ٣٣٤ ، الروضة ٨ : ١٧٥.

(٣) التنقيح ٤ : ١٩٣ ، الدروس ٢ : ٣٦١ ، المسالك ٢ : ٣٣٢ ، الروضة ٨ : ١٧٨.

٣٨٨

منعت من الإرث ، وحكم بالنصيب للباقيات بالسوية ؛ لأنّ القرعة لكلّ أمر مشتبه إمّا مطلقاً ، أو في الظاهر مع كونه متعيّناً عند الله تعالى ، والأمر هنا كذلك ؛ لأنّ المطلّقة في نفس الأمر غير وارثة ، ولأنّ الحكم بتوريث الجميع يستلزم توريث من يعلم عدم إرثه ؛ للقطع بأنّ إحدى الأربع غير وارثة.

وهو حسن على أصله ، وكذا على غيره لولا الشهرة المستندة إلى صريح بعض المعتبرة المروي في الكافي صحيحاً والتهذيب كذلك في باب ميراث المطلّقات وأواخر باب أحكام الطلاق ، وموثّقاً في باب ميراث الأزواج ، وفيه : أرأيت إن هو خرج إلى بعض البلدان ، فطلّق واحدة من الأربع ، وأشهد على طلاقها قوماً من أهل تلك البلاد ، وهم لا يعرفون المرأة ، ثم تزوّج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدّة التي طلّقت ، ثم مات بعد ما دخل بها ، كيف يقسم ميراثه؟ قال : « إن كان له ولد فإنّ للمرأة التي تزوّجها أخيراً من أهل تلك البلاد ربع ثُمن ما ترك ، وإن عرفت التي طلّق من الأربع بعينها واسمها ونسبها فلا شي‌ء لها من الميراث ، وعليها العدّة » قال : « ويقتسمن الثلاث نسوة ثلاثة أرباع ثُمن ما ترك بينهنّ ، وعليهنّ العدّة ، وإن لم يعرف التي طلّق من الأربع اقتسمن الأربع نسوة ثلاثة أرباع ثُمن ما ترك بينهنّ جميعاً ، وعليهنّ جميعاً العدّة » (١).

ولو اشتبهت بواحدة أو باثنتين أو نحو ذلك ، ففي انسحاب الحكم أو القرعة نظر ، من الخروج عن النص ، وتساويهما معنى ، واستقرب الوجه الأوّل فخر الإسلام وشيخنا الشهيد الثاني في الروضة (٢) ، وإن اختار في‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ١٣١ / ١ ، التهذيب ٨ : ٩٣ / ٣١٩ ، و ٩ : ٢٩٦ / ١٠٦٢ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٧ أبواب ميراث الأزواج ب ٩ ح ١.

(٢) إيضاح الفوائد ٤ : ٢٤٠ ، الروضة ٨ : ١٨١ ، وفيهما أنّه هو الأقوى.

٣٨٩

المسالك (١) انسحاب الحكم ، وتوقف فيه الفاضل والشهيد الأوّل (٢) ، وهو في محلّه ، فلا بُدّ من الرجوع إلى الصلح.

( الثانية : نكاح المريض مشروط بالدخول ) بمعنى أنّه لا يلزم بحيث يترتب عليه أحكامه من الإرث ونحوه ( فإن مات ) في مرضه ذلك ( قبله ) أي قبل الدخول ( فلا مهر لها ولا ميراث ) على الأشهر الأظهر ، بل لا يكاد يتحقق فيه خلاف من أحد ولا تأمّل ولا نظر ، إلاّ من الماتن في الشرائع والشهيد في الدروس (٣) ، حيث نسب الأوّل الحكم إلى الرواية ، والثاني إلى المشهور ، وهو منهما مشعر بنوع تردّدٍ فيه لهما ، ولعلّه من حيث مخالفته للعمومات القطعية من الكتاب والسنة ، وخصوص إطلاق المعتبرة (٤) الناطقة بجواز نكاح المريض بعد المنع عن طلاقه ، من دون تقييد بالدخول ، ولا اشتراط في لزومه.

وهو حسن لولا إطباق الفتاوى عليه ، حتى منهما هنا وفي اللمعة (٥) المتأخّرة كالكتاب عن الكتابين السابقين ، فهو رجوع منهما وجزم منهما بالحكم جدّاً.

ونسب الحكم في السرائر (٦) إلى أصحابنا ، مشعراً بكونه مجمعاً عليه‌

__________________

(١) المسالك ٢ : ٣٣٢.

(٢) القواعد ٢ : ١٧٨ ، الدروس ٢ : ٣٦١.

(٣) الشرائع ٤ : ٣٥ ، الدروس ٢ : ٣٥٨.

(٤) الوسائل ٢٠ : ٥٠٥ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ب ٤٣. وج ٢٢ : ١٤٩ ( أبواب أقسام الطلاق ب ٢١.

(٥) اللمعة ( الروضة البهية ٨ ) : ١٧٢.

(٦) السرائر ٣ : ٢٨٣.

٣٩٠

بيننا ، كما عن صريح التذكرة (١).

ومع ذلك النصوص الصريحة المعتبرة سنداً مطبقة على ذلك أيضاً ، ففي الصحيح المروي في الفقيه : عن رجل تزوّج في مرضه؟ فقال : « إذا دخل بها فمات ورثته ، وإن لم يدخل بها لم ترثه ، ونكاحه باطل » (٢).

وفي نحوه المروي هو وما يأتي في الكافي والتهذيب في باب طلاق المريض : « ليس للمريض أن يطلّق ، وله أن يتزوّج ، فإن هو تزوّج ودخل بها فهو جائز ، وإن لم يدخل بها حتى مات في مرضه فنكاحه باطل ، ولا مهر لها ، ولا ميراث » (٣).

وفي القريب منهما سنداً بابني محبوب وبكير ، المجمع على تصحيح ما يصح عنهما : عن المريض ، إله أن يطلّق؟ قال : « لا ، ولكن له أن يتزوّج إن شاء ، فإن دخل بها ورثته ، وإن لم يدخل بها فنكاحه باطل » (٤).

والمراد ببطلان العقد في هذه النصوص عدم لزومه على وجه يترتب عليه جميع أحكامه حتى بعد الموت من الميراث والعدّة ، لا البطلان وعدم الصحة حقيقةً ، وإلاّ لزم عدم جواز وطئه لها في المرض بذلك العقد ، مع أنّ صدرها كغيرها من الأخبار الدالّة على جواز نكاح المريض بقول مطلق يدل على خلافه.

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٥١٨.

(٢) الفقيه ٤ : ٢٢٨ / ٧٢٤ ، الوسائل ٢٦ : ٢٣١ أبواب ميراث الأزواج ب ١٨ ح ١.

(٣) الكافي : ١٢٣ / ١٢ ، التهذيب ٨ : ٧٧ / ٢٦١ ، الإستبصار ٣ : ٣٠٤ / ١٠٨٠ ، الوسائل ٢٦ : ٢٣٢ أبواب ميراث الأزواج ب ١٨ ح ٣.

(٤) الكافي ٦ : ١٢١ / ١ ، الوسائل ٢٦ : ٢٣٢ أبواب ميراث الأزواج ب ١٨ ح ٢.

٣٩١

وإن مات المريض في مرض آخر بعد برئه من المرض الأوّل ، أو مات بعد الدخول ، فلا ريب في صحة العقد ، ولزومه ، وترتّب أحكامه ؛ عملاً بالعمومات ، وخصوص هذه الروايات جميعها في الفرض الثاني ، والصحيح الثاني منها في الفرض الأوّل ؛ لتقييده البطلان بموته في مرضه ، وبه يقيّد الموت المطلق الموجب للبطلان في الآخرين ، مع أنّ المتبادر منه فيهما المقيّد خاصّة.

ولو ماتت هي في مرضه الذي عقد فيه قبل الدخول بها ، ففي توريثه منها إشكال ينشأ :

من أنّ صحة العقد ولزومه الموجب لترتّب جملة الأحكام عليه موقوفة على الدخول ، أو البرء.

ومن أنّ الحكم على خلاف الأُصول المقرّرة في الكتاب والسنة ، فيقتصر فيه على مورد المعتبرة ، وهو موته خاصّة.

وهذا أقوى ، وفاقاً للروضة (١) ؛ لمنع الدليل الأوّل ، واحتمال الفرق بين موته وموتها في مرضه ، حيث منع عن الإرث في الأوّل دون الثاني ، باحتمال كون الحكمة في وجه المنع عن الإرث مقابلة المريض بضدّ قصده من الإضرار بالورثة بإدخال الزوجة عليهم ، وبعبارة اخرى : كون الحكمة مراعاة حال الورثة ، وهي في الفرض الثاني مفقودة ، بل منعكسة ، فينبغي الحكم فيه بالصحة ، فتأمّل.

__________________

(١) الروضة ٨ : ١٧٢.

٣٩٢

( المقصد الثالث : )

( في ) بيان الإرث بـ ( الولاء ، و ) قد عرفت أنّ ( أقسامه ثلاثة ) مترتّبة.

( الأوّل ) (١) ( : ولاء العتق ) والأصل فيه بعد الإجماع السنة المستفيضة ، بل المتواترة من طرق العامّة والخاصّة ، وسيأتي إلى جملة منها الإشارة.

ويختص الإرث به بالمعتِق دون المعتَق ، فلا يرث مولاه المعتِق له ، بلا خلاف فيه إلاّ من الإسكافي والصدوق في الفقيه (٢) ، فأورثا منه أيضاً كالعكس. وهو شاذّ ، بل عن الشيخ وفي التنقيح (٣) على خلافه الإجماع ، وهو الحجة.

مضافاً إلى الأصل ، فإنّ الإرث يحتاج إلى سبب شرعي ، ولم يثبت في محل البحث ؛ لاختصاص النصوص الدالّة على الإرث بإرث المولى من عتيقه خاصّة ، وهي صحاح مستفيضة تضمّنت قولهم عليهم‌السلام : « الولاء لمن أعتق » (٤). وربما يفهم منه عدم الإرث في محل البحث ، مع أنّ في المسالك وغيره (٥) أنّ بعض ألفاظ الحديث : « إنّما الولاء » وهو أظهر دلالة.

__________________

(١) في المطبوع من المختصر (٢٧٢) : القسم الأوّل.

(٢) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٧٥٢ ، الفقيه ٤ : ٢٢٤.

(٣) حكاه عن الشيخ في الدروس ٢ : ٢١٤ ، والمفاتيح ٣ : ٣٠٦ ، وهو في الخلاف ٤ : ٨٤ ، والمبسوط ٤ : ٩٥ ، التنقيح ٤ : ١٩٤.

(٤) الكافي ٧ : ١٧٠ / ١ ، الفقيه ٣ : ٧٤ / ٢٦١ ، التهذيب ٨ : ٢٢٤ / ٨٠٧ ، الوسائل ٢٦ : ٢٤٣ أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ب ١ ح ١.

(٥) المسالك ٢ : ٣٣٦ ؛ وانظر المفاتيح ٣ : ٣٠٦.

٣٩٣

وأمّا ما في الخبر : « الولاء لحمة كلحمة النسب » (١) فمع ضعف سنده بالسكوني مطلق يحتمل التقييد بما يوافق المذهب ، كما نبّه عليه جدّي المجلسي رحمه‌الله في شرحه على الفقيه (٢) ، ومع ذلك غير مكافئ لشي‌ء ممّا مرّ من الحجج ، نعم لو دار الولاء توارثا ، كما لو أعتق العتيق أب المنعم.

( ويشترط ) في الإرث به ( التبرّع بالعتق ) (٣) ( وأن لا يتبرّأ من ضمان ) (٤) ( جريرته ) حال إعتاقه.

( فلو كان ) العتق على المعتق ( واجباً ) في كفّارة أو نذر وشبههما ( كان ) العبد ( المعتَق سائبة ) أي لا عقل بينه وبين معتِقه ، قال ابن الأثير : تكرّر في الحديث ذكر السائبة والسوائب ، كان الرجل إذا أعتق عبداً فقال : هو سائبة ، فلا عقل بينهما ولا ميراث (٥).

( وكذا لو تبرّع بالعتق و ) لكن ( تبرّأ من ) ضمان ( الجريرة ) على الأظهر الأشهر في الشرط الأوّل ، بل عليه عامّة من تأخّر ، ونفى عنه الخلاف في السرائر (٦) ، وفي الانتصار والغنية (٧) الإجماع عليه ، وهو الحجة.

مضافاً إلى الأصل ، مع اختصاص النصوص المتقدمة بمباشرة العتق ، فلا يشمل محل الخلاف والمشاجرة.

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٧٨ / ٢٨١ ، الوسائل ٢٣ : ٧٥ أبواب العتق ب ٤٢ ح ٢.

(٢) روضة المتقين ١١ : ٣١٩.

(٣) في « ح » زيادة : على الأظهر.

(٤) ليس في « ب » و « ر ».

(٥) النهاية ٢ : ٤٣١.

(٦) السرائر ٣ : ٢٥.

(٧) الانتصار : ١٦٨ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧.

٣٩٤

والمعتبرة به مع ذلك مستفيضة ، ففي الصحيح : « انظروا في القرآن ، فما كان فيه : ( فتحرير رقبة ) فتلك السائبة التي لا ولاء لأحدٍ عليها إلاّ الله تعالى ، فما كان ولاؤه لله تعالى فهو لرسوله ، وما كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّ ولاءه للإمام عليه‌السلام ، وجنايته على الإمام عليه‌السلام ، وميراثه له » (١) وفي معناه آخر (٢).

وفي ثالث : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام فيمن نكل بمملوكه : أنّه حرّ ، ولا سبيل له عليه ، سائبة ، يذهب فيتوالى إلى من أحبّ ، فإذا ضمن جريرته فهو يرثه » (٣).

وفي الخبر : الرجل أُعتق ، إله أن يضع نفسه حيث شاء ، ويتولّى من أحبّ؟ فقال : « إذا أُعتق لله تعالى فهو مولى للذي أعتقه ، وإذا أُعتق وجعل سائبة ، فله أن يضع نفسه حيث شاء ، ويتولّى من شاء » (٤).

خلافاً للمبسوط وابن حمزة (٥) في أُمّ الولد ، فأثبتا الولاء لورثة مولاها بعد انعتاقها من نصيب ولدها ، ونفى الأوّل الخلاف فيه.

وهو موهون بوجوده ، مع مصير المشهور إلى الخلاف ، ومع ذلك معارض بحكاية الإجماع ونفي الخلاف المتقدّمة.

__________________

(١) الكافي ٧ : ١٧١ / ٢ ، التهذيب ٩ : ٣٩٥ / ١٤١٠ ، الإستبصار ٤ : ١٩٩ / ٧٤٨ ، الوسائل ٢٦ : ٢٤٨ أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ب ٣ ح ٦.

(٢) الكافي ٧ : ١٧١ / ٧ ، الفقيه ٣ : ٨١ / ٢٩٣ ، التهذيب ٨ : ٢٥٤ / ٩٢٥ ، الإستبصار ٤ : ٢٣ / ٧٦ ، الوسائل ٢٣ : ٧١ أبواب العتق ب ٤٠ ح ٢.

(٣) التهذيب ٩ : ٣٩٥ / ١٤١١ ، الوسائل ٢٦ : ٢٤٥ أبواب ولاء ضمان الجريرة والإمامة ب ١ ح ٦.

(٤) الكافي ٦ : ١٩٧ / ٢ ، التهذيب ٨ : ٢٥٠ / ٩٠٩ ، الوسائل ٢٣ : ٦٣ أبواب العتق ب ٣٦ ح ١.

(٥) المبسوط ٦ : ٧١ ، الوسيلة : ٣٤٤.

٣٩٥

ولهما (١) أيضاً فيمن انعتق بالقرابة ، فأوجبا الولاء لمن ملك أحد قرابته فانعتق عليه ، سواء ملكه باختيار أو اضطرار ؛ للموثق : في رجل يملك ذا رحمه ، هل يصلح له أن يبيعه ، أو يستعبده؟ قال : « لا يصلح أن يبيعه ، ولا يتّخذه عبداً ، وهو مولاه ، وأخوه في الدين ، وأيّهما مات ورثه صاحبه ، إلاّ أن يكون وارث أقرب إليه منه » (٢).

وفيه نظر ، فإنّ الظاهر أنّ المراد بالإرث فيه الإرث الحاصل بالقرابة دون الولاء ، ويؤيّده الحكم فيه بالتوارث من الطرفين ، فلا حجة فيه لهما.

ويتصوّر الإرث بالولاء هنا مع كون العتق بالقرابة ، ويشترط في العتق (٣) بالولاء عدم المناسب مطلقاً ، كما سيأتي فيما إذا كان صاحب الولاء غير مناسب للعتيق أصلاً مع كونه نازلاً منزلة من يكون العتق بسبب قرابته ، بأن يكون صاحب الولاء قريباً لذلك القريب مع عدم قرابته للعتيق ، وقد مات ذلك القريب ، فصار قريبه الذي ليس من أقرباء العتيق صاحب الولاء ، كما إذا اشترى رجل امّه فانعتقت عليه ، ومات الرجل ، وكان له أخ لأبيه خاصّة ، ولا وارث للُامّ نسباً أصلاً ، فولاء الأُمّ للأخ المذكور.

وأما الصحيح : عن الرجل يعتق الرجل في كفّارة يمين أو ظهار ، لمن يكون الولاء؟ قال : « للذي يعتق » (٤) فشاذّ ، فليطرح ، أو يحمل على ما إذا توالى إليه بعد العتق ، أو على التقية ، كما يستفاد من الانتصار (٥) ، حيث‌

__________________

(١) المبسوط ٦ : ٧١ ، الوسيلة : ٣٤٣.

(٢) الفقيه ٣ : ٨٠ / ٢٨٧ ، الوسائل ٢٣ : ٢٩ أبواب العتق ب ١٣ ح ٥.

(٣) كذا ، ولعلّ الأنسب : الإرث.

(٤) الفقيه ٣ : ٧٩ / ٢٨٣ ، التهذيب ٨ : ٢٥٦ / ٩٣١ ، الإستبصار ٤ : ٢٦ / ٨٦ ، الوسائل ٢٣ : ٧٨ أبواب العتق ب ٤٣ ح ٥.

(٥) الانتصار : ١٦٨.

٣٩٦

نسب خلافنا إلى الفقهاء الأربعة ، أو على الإعتاق تطوّعاً في كفّارة غيره ، كما دل عليه بعض الصحاح المتقدمة (١).

ولا خلاف في الشرط الثاني ، بل في عبائر جمع (٢) الإجماع عليه ، وهو الحجة.

مضافاً إلى المعتبرة ، منها الخبر القريب من الصحيح بابن محبوب المجمع على تصحيح رواياته : عن السائبة؟ فقال : « الرجل يعتق غلامه ، ثم يقول له : اذهب حيث شئت ، ليس لي من ميراثك شي‌ء ، ولا عليّ من جريرتك شي‌ء ، ويشهد على ذلك » (٣).

وفي اشتراط الإشهاد في التبرّي قولان ، والأكثر على العدم ؛ للأصل.

خلافاً للشيخ والصدوق والإسكافي (٤) ؛ للأمر به في الخبر المذكور وغيره ، كالصحيح : « من أعتق رجلاً سائبة فليس عليه من جريرته شي‌ء ، وليس له من الميراث شي‌ء ، وليشهد على ذلك » (٥).

وفيه : أنّ الأمر به أعمّ من ذلك ومن كونه شرط الإثبات عند الحاكم لو ادّعاه ، فلا مخرج عن الأصل بمثله ، بل مقتضى الجمع بينهما حمله على الثاني.

__________________

(١) راجع ص : ٣٩٠ ، الرقم ٥.

(٢) منهم العلاّمة في التحرير ٢ : ١٦٨ ، وفخر المحققين في إيضاح الفوائد ٣ : ٥٢٣ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٣٠٧.

(٣) الكافي ٧ : ١٧١ / ٦ ، الفقيه ٣ : ٨٠ / ٢٨٩ ، التهذيب ٨ : ٢٥٦ / ٩٢٩ ، الاستبصار ٤ : ٢٦ / ٨٤ ، المقنع : ١٦٠ ، الوسائل ٢٣ : ٧٧ أبواب العتق ب ٤٣ ح ٢.

(٤) النهاية : ٦٦٩ ، المقنع : ١٥٦ ، وحكاه عن الإسكافي في المختلف : ٧٥٢.

(٥) التهذيب ٨ : ٢٥٦ / ٩٢٨ ، الإستبصار ٤ : ٢٦ / ٨٣ ، الوسائل ٢٣ : ٧٨ أبواب العتق ب ٤٣ ح ٤.

٣٩٧

وهل يسقط التبرّي بعد العتق للإرث ، أم لا ، بل لا بُدّ منه حينه؟ وجهان ، ظاهر الأكثر وصريح الفاضل في التحرير والشهيد في الدروس (١) الثاني ؛ ولعلّه لعموم : « الولاء لمن أعتق » (٢) خرج منه ما لو تبرّأ من جريرته حال الإعتاق بالإجماع والروايات ، وبقي غيره مندرجاً تحته.

وهو حسن لولا إطلاق التبرّي فيما مرّ من النص المحتمل لوقوعه حال الإعتاق وبعده ، سيّما مع عطف التبري على « يعتق » فيه ب « ثمّ » في الكافي والفقيه ، وهي حقيقة في التراخي ، لكن الموجود في التهذيب والاستبصار الواو بدل ثم.

وكيف كان النص معهما مطلق يشمل الصورتين ، إلاّ أن يدّعى تبادر التبرّي حال الإعتاق لا بعده ، بقرينة السياق ، وهو غير بعيد ، مع أنّ مخالف الأكثر غير معلوم الوجود ، وإن أشعر به عبارة التحرير والدروس.

( ولا يرث المعتِق ) عتيقه ( مع وجود مناسب ) له ( وإن بعد ) فإنّ الولاء بعد النسب ، كما مر ، بالإجماع ، وآية اولي الأرحام (٣) ، والنصوص المستفيضة ، منها الصحيح : « قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام في خالة جاءت تخاصم في مولى رجل مات ، فقرأ هذه الآية ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) فدفع الميراث إلى الخالة ، ولم يعط المولى » (٤).

( ويرث ) المولى عتيقه ( مع الزوج والزوجة ) بعد أن يأخذ كل‌

__________________

(١) في « ر » زيادة : والمسالك. التحرير ٢ : ١٦٨ ، الدروس ٢ : ٢١٤ ، المسالك ٢ : ٣٣٥.

(٢) الوسائل ٢٣ : ٦١ ، ٦٤ أبواب العتق ب ٣٥ ، ٣٧.

(٣) الأنفال : ٧٥ ، الأحزاب : ٦.

(٤) الكافي ٧ : ١٣٥ / ٢ ، التهذيب ٩ : ٣٢٩ / ١١٨٣ ، الإستبصار ٤ : ١٧٢ / ٦٤٩ ، الوسائل ٢٦ : ٢٣٣ أبواب ميراث ولاء العتق ب ١ ح ٣.

٣٩٨

منهما نصيبه الأعلى ، بلا خلاف ، إلاّ من الحلبي (١) رحمه‌الله فمنع عن إرثه مع الزوج خاصّة ، وجعل المال له كلّه ، النصف تسمية والباقي ردّاً ، كما مضى (٢).

وهو شاذّ ، ومستنده غير واضح ، ومع ذلك عموم : « الولاء لمن أعتق (٣) : و « ولحمة كلحمة النسب » (٤) يردّه.

( وإذا اجتمعت الشروط ) المتقدمة ( ورثه المنعم ) أي المعتق له ، واختص بتركته ( إن كان واحداً ، واشتركوا في المال إن كانوا أكثر ) يقتسمونه بينهم بالسوية مطلقاً ، ذكوراً كانوا أو إناثاً أو مختلفين ، بلا خلاف ؛ لأنّ السبب في الإرث هو الإعتاق ، فيتبع الحصّة ، ولا ينظر فيها إلى الذكورة والأُنوثة كالإرث بالنسب ؛ لأنّ ذلك خارج بالنص والإجماع ، وإلاّ لكان مقتضى الشركة خلاف ذلك.

( ولو عدم المنعم فللأصحاب في ) تعيين الوارث للعتيق ( أقوال ) خمسة ، لا ضرورة بنا إلى التطويل بنقلها جملة ، مع عدم وضوح حججها ، إلاّ أنّ الأقرب إلى الأخبار منها قولان مشهوران :

أحدهما : ما استظهره الماتن هنا بقوله : ( أظهرها انتقال الولاء إلى الأولاد الذكور ، دون الإناث ، فإن لم يكن الذكور فالولاء لعصبته ) الذين يعقلون عنه إذا أحدث حدثاً ، من إخوته وجدوده وعمومته وأبنائهم.

كل ذا إذا كان المعتق رجلاً.

( ولو كان المعتِق امرأة فـ ) ينتقل الولاء ( إلى عصبتها دون أولادها )

__________________

(١) الكافي في الفقه : ٣٧٤.

(٢) راجع ص : ٣٦٣.

(٣) تقدّمت مصادرهما في ص : ٣٨٩.

(٤) تقدّمت مصادرهما في ص : ٣٨٩.

٣٩٩

مطلقاً ، ( ولو كانوا ذكوراً ).

استناداً في اختصاص الأولاد الذكور من المعتق الرجل بالإرث إلى الصحيح ، وهو طويل ، وفيه : « وإن كانت الرقبة على أبيه تطوّعاً ، وقد كان أبوه أمره أن يعتق عنه نسمة ، فإنّ ولاء المعتَق هو ميراث لجميع ولد الميت من الرجال » (١) الحديث.

والخبر : عن رجل مات ، وكان مولى لرجل ، وقد مات مولاه قبله ، وللمولى ابن وبنات ، فسأله عن ميراث المولى؟ فقال : « هو للرجال دون النساء » (٢).

وفي اختصاص عصبة المنعم بالولاء مع فقد الولد الذكر إلى الصحيح : قضى عليه‌السلام في رجل حرّر رجلاً فاشترط ولاءه ، فتوفّي الذي أعتق ، وليس له ولد إلاّ النساء ، ثم توفّي المولى وترك مالاً وله عصبة ، فاحتقّ في ميراثه بنات مولاه وعصبته ، فقضى بميراثه للعصبة الذين يعقلون عنه (٣).

وفيه أيضاً دلالة على منع البنات عن الميراث ، لكن في دلالته على المستدل به عليه نظر ، فإنّ ظاهر قوله : ثم توفّي المولى وترك مالاً وعصبة ، أنّ العصبة للمولى وهو العتيق ، لا المنعم كما هو المدّعى ، والاحتقاق وهو التخاصم إنّما وقع بين بنات المنعم وعصبة العبد ، فلا دلالة فيه على‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ١٧١ / ٧ ، التهذيب ٨ : ٢٥٤ / ٩٢٥ ، الإستبصار ٤ : ٢٣ / ٧٦ ، الوسائل ٢٣ : ٧١ أبواب العتق ب ٤٠ ح ٢.

(٢) التهذيب ٩ : ٣٩٧ / ١٤١٩ ، الوسائل ٢٦ : ٢٣٩ أبواب ميراث ولاء العتق ب ١ ح ١٨.

(٣) التهذيب ٨ : ٢٥٤ / ٩٢٣ ، الإستبصار ٤ : ٢٤ / ٧٧ ، الوسائل ٢٣ : ٧١ أبواب العتق ب ٤٠ ح ١.

٤٠٠