رياض المسائل في تحقيق الاحكام بالدّلائل - ج ١٤

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الاحكام بالدّلائل - ج ١٤

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-276-8
الصفحات: ٥٠٩

العلّة ليست منصوصة بل مستنبطة ، فيكون الإلحاق بها قياساً لا يقول به الأصحاب ، ومنع الإجماع لمخالفة القديمين.

وفي الجميع نظر يظهر وجهه بعد تتميم الإجماع بمنع منعه بمخالفتهما ؛ لشذوذهما ، مع معلومية نسبهما ، فلا يقدح خروجهما في انعقاد الإجماع إجماعاً منّا ، بل وأكثر من خالفنا أيضاً ؛ نظراً إلى حصول اتفاق الكلّ بعد عصرهما ، بل وقبلهما ، فتأمّل جدّاً.

وبه يخصّص العموم على تقديره ، مع إمكان القدح فيه بعدم عموم في الإخوة وإنّما هو جمع منكر في سياق الإثبات لا يفيده لغة ، على الأشهر الأقوى ، فهو مطلق ، وفي شموله لمثل الإخوة القتلة مناقشة ، أو شك وريبة ، فيبقى عموم ما دل على ثبوت الثلث للُامّ من الكتاب والسنّة سليماً عمّا يصلح للمعارضة.

وأمّا العلّة المستنبطة فهي وإن لم تكن حجة إلاّ أنّها مؤيّدة ، سيّما بعد اجتماعها مع المؤيّدات المتقدّمة في عدم حجب الولد ، بل لا يبعد جعل مجموعها حجة ، سيّما بعد الاعتضاد بالشهرة العظيمة المحققة والمحكية في كلام جماعة حدّ الاستفاضة ، ومنهم الفاضل في المختلف ، وجَعَلَها على المختار حجة ، فقال في الاستدلال : لنا أنّه المشهور بين علمائنا ، فيتعيّن العمل به (١). وهو ظاهر في بلوغها حدّ الإجماع ، وإلاّ لما استدل بها ؛ إذ ليس من طريقته جعل الشهرة حجة في مقام أصلاً ، ولو لا نفيه البأس عن القول الثاني أخيراً لكان استدلاله المزبور بالشهرة في انعقاد الإجماع ظاهراً ، بل صريحاً.

__________________

(١) المختلف : ٧٤٣.

٣٢١

( و ) الخامس ( أن يكونوا منفصلين ) بالولادة ، فـ ( لا ) يكفي كونهم ( حملاً ) بلا خلاف ظاهر ، إلاّ من الماتن في الشرائع (١) ، فتردّد فيه أوّلاً : من العموم ، وأصالة عدم اشتراط الانفصال.

ومن الخبر : « إنّ الطفل والوليد لا يحجب ، ولا يرث ، إلاّ ما آذن بالصراخ ، ولا شي‌ء أكنّه البطن وإن تحرّك ، إلاّ ما اختلف عليه الليل والنهار » (٢) وانتفاء العلّة المنصوصة لحجبهم ، وهي إنفاق الأب عليهم.

ولكن جَعَل هذا أظهر ثانياً ، وهو كذلك وإن كان في الدليل الأخير نظر لانجبار ضعف الخبر بالعمل ، ومنع العموم ؛ لفقد اللفظ الدالّ عليه ، وإنّما غايته الإطلاق ، وفي شموله لمثل الحمل شكّ ونظر ، سيّما بعد ملاحظة منعه عن الإرث وإن عزل له نصيب حتى يظهر.

وليس في اعتبار الإيذان بالصراخ في الخبر اشتراط له فيخالف الإجماع من هذا الوجه فلا يمكن الاستدلال به ؛ لوروده مورد الغالب في تولّد الحمل ومجيئه ، فلا عبرة بمفهومه ، كما هو الحال في نظائره ، فيكون المراد منه الكناية عن اعتبار حياته دون صراخه الحقيقي.

ومن هنا اشترط الشهيدان في الدروس والروضة (٣) سادساً ، وهو كونهم عند موت المورّث أحياء ، وإلاّ فلو كان بعضهم ميّتاً أو كلّهم عنده لم يحجب ، وكذا لو اقترن موتهما ، أو اشتبه المتقدّم منهما والمتأخّر.

وتوقّف في الدروس لو كانوا غرقى ، من حيث إنّ فرض موت كلّ‌

__________________

(١) الشرائع ٤ : ١٩.

(٢) الفقيه ٤ : ١٩٨ / ٦٧٤ ، التهذيب ٩ : ٢٨٢ / ١٠٢٢ ، الوسائل ٢٦ : ١٢٣ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ١٣ ح ١.

(٣) الدروس ٢ : ٣٥٧ ، الروضة ٨ : ٦٣.

٣٢٢

واحد منهما يستدعي كون الآخر حيّاً ، فيتحقق الحجب ، ومن عدم القطع بوجوده والإرث حكم شرعي ، فلا يلزم منه اطّراد الحكم بالحياة ، قال : ولم أجد في هذا كلاماً لمن سَبَق.

وقوّى في الروضة عدم الحجب ؛ للشك ، والوقوف فيما خالف الأصل على مورده.

أقول : ومنه يظهر الوجه في اشتراط أصل هذا الشرط ، ومرجعه إلى عموم ما دل على فرض النصيب الأكمل ، ومنع عموم الإخوة ؛ للشك في شموله للميّت منهم. وهو حسن ، كما مرّ ، بل جريان منع العموم هنا أظهر ؛ لتبادر الأحياء من الإخوة دون الأموات.

ومنه يظهر الوجه في اشتراط الثاني منهما في الروضة (١) سابعاً ، وهو المغايرة بين الحاجب والمحجوب ، فلو كانت الأُمّ أُختاً لأب فلا حجب ، كما يتفق في المجوس ، أو الشبهة بوطء الرجل ابنته ، فولدها أخوها لأبيها.

وفيما صرّح به الشهيدان في الكتابين (٢) من عدم حجب الإخوة للأب المنفيّين عنه بالملاعنة ؛ مضافاً إلى ما دل على اشتراط كونهم للأب ، فإنّ المتبادر منه كونهم له شرعاً ، وهو منتفٍ عنهم ، وإن كانوا له في نفس الأمر ، ولذا لا توارث بينه وبينهم ، كما يأتي.

ومنه أيضاً يظهر عدم حجب الأولاد للُامّ والزوجين عن كمال النصيب إذا كانوا كذلك.

واعلم أنّ أولاد الإخوة لا يحجبون هنا ، وإن حجبوا من كان أبعد‌

__________________

(١) الروضة ٨ : ٦٤.

(٢) الدروس ٢ : ٣٥٧ ، الروضة ٨ : ٦٢.

٣٢٣

عنهم بمرتبة ، كما صرّح به جماعة (١) من غير خلاف بينهم أجده ؛ أخذاً بعموم ما دل على كمال النصيب ، واختصاص ما دل على الحجب عنه بالإخوة بهم دون أولادهم ؛ لعدم صدق الإخوة عليهم حقيقة ، وإلحاقهم بهم في حجب الحرمان ، وبالأولاد فيه وفي حجب النقصان قياس فاسد في الشريعة.

( المرتبة الثانية )

( الإخوة ) مطلقاً ، ويعبّر عنهم بالكلالة ( والأجداد ) كذلك.

اعلم أنّه ( إذا لم يكن للميت أحد الأبوين ، ولا ولد وإن نزلوا ) أو كانوا ممنوعين عن إرثه ( فالميراث للإخوة ) له ، وأولادهم وإن نزلوا ، بشرط الأقرب فالأقرب ( والأجداد ) وإن علوا مرتّبين مطلقاً ، انفردوا أو اجتمعوا ، لأبٍ وأُمٍّ كانوا أم لُامٍّ ، أم لأب ، على تفصيل يأتي ذكره إن شاء الله تعالى.

( فالأخ الواحد للأب والأُمّ يرث المال ) ويحوز كلّه بالقرابة ( وكذا الإخوة ) المتعدّدون لهما.

( والأُخت ) كذلك ، إلاّ أنّها ( إنّما ترث النصف بالتسمية ، والباقي بالردّ ) عليها ، دون العصبة بالقرابة ، بخلاف الإخوة ، فإنّهم يحوزون الجميع بها خاصّة.

( وللأُختين فصاعداً ) لهما ( الثلثان بالتسمية ، والباقي بالردّ ).

__________________

(١) منهم المحقق في الشرائع ٤ : ١٩ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣١٨ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٩٣.

٣٢٤

( ولو اجتمع الإخوة والأخوات لهما كان المال بينهم ، للذّكر سهمان ، وللأُنثى سهم ).

( وللواحد من ولد الامّ السدس ) بالتسمية ، مطلقاً ( ذكراً كان أو أُنثى ) والباقي بالقرابة.

( وللاثنين فصاعداً ) من ولدها ( الثلث ) بالتسمية ، والباقي بالقرابة ، يقتسمونه ( بينهم بالسوية ) مطلقاً ( ذكراناً كانوا أو إناثاً ) أو ذكراناً وإناثاً.

( ولا يرث مع الإخوة ) والأخوات ( للأب والأُمّ ، ولا مع أحدهم أحد من ولد الأب ) خاصّة ، لا من الفريضة ولا من القرابة مطلقاً ، اجتمعوا مع كلالة الأُمّ أيضاً أم لا ، بلا خلاف أجده ، بل عليه الإجماع في كلام جماعة (١) ، ومنهم الفضل بن شاذان من قدماء الطائفة (٢) ، وهو الحجة المخصّصة لعمومات الإرث بالقرابة والفريضة من الكتاب والسنّة.

مضافاً إلى المعتبرة ، منها النبوي والمرتضوي : « أنّ أعيان بني الأُمّ أحق بالميراث من ولد العلات » (٣).

والأعيان : الإخوة لأبٍ واحد وأُمٍّ واحدة ، مأخوذة من عين الشي‌ء ، وهو النفيس منه ، وبنو العلات : هم لأبٍ واحد وأُمّهات شتّى ؛ لأنّ الذي‌

__________________

(١) كالمفيد في المقنعة : ٦٨٩ ، وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ٣٩٠ ، والهندي في كشف اللثام ٢ : ٢٩٢.

(٢) حكاه عنه في الكافي ٧ : ١٠٥.

(٣) الأوّل في : الفقيه ٤ : ١٩٩ / ٦٧٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٣ أبواب ميراث الأخوة والأجداد ب ١٣ ح ٤.

والثاني في : التهذيب ٩ : ٣٢٦ / ١١٧٢ ، الإستبصار ٤ : ١٧٠ / ٦٤٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٣ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ١٣ ح ٣.

٣٢٥

تزوّجها بعد اولى قد كان ناهلاً ؛ لأنّ النهل شرب الإبل الماء أوّلاً ثم يترك حتى يسري في عروقه ويشرب مرّة أُخرى ، وهذا الشرب علل بعد نهل ، فكأنّ من تزوّج بأُمّهم بعد اخرى نهل بالأُولى ثم علّ بالثانية.

والخبر : « أخوك لأبيك وأمّك أولى بك من أخيك لأبيك ، وابن أخيك لأبيك وأُمّك أولى بك من ابن أخيك لأبيك » (١).

وإرسال الأوّل كقصور سند الثاني بالعمل مجبور ، فلا إشكال فيه.

( لكن يقومون ) أي إخوة الأب ( مقامهم ) أي مقام إخوة الأب والأُمّ ( عند عدمهم ) أو منعهم عن الإرث ( ويكون حكمهم في الانفراد والاجتماع ) بعضهم مع بعض ، أو مع كلالة الأُمّ ( ذلك الحكم ) الذي ذكر في الإخوة لهما ، إجماعاً ؛ للعمومات ، والنصوص المستفيضة.

فلو انفرد الأخ أو الأُخت للأب حاز المال كلّه ، لكن الأوّل جميعه بالقرابة ، والثانية النصف بها والباقي بالتسمية.

وكذا الإخوة والأخوات المتعدّدون ، لكن فريضتهنّ الثلثان ، والباقي بالقرابة ، ويقتسمونه بالسوية مع التساوي في الذكورية والأُنوثية ، وبالتفاوت مع الاختلاف فيهما للذّكر مثل حظّ الأُنثيين.

هذا حكم انفرادهم عن باقي الكلالات للأبوين أو للأُمّ.

( و ) أمّا حكم اجتماعهم معها فهو أنّه ( لو اجتمع الكلالات ) الثلاث ( كان لولد الأُمّ ) خاصّة ( السدس إن كان واحداً ، والثلث إن كانوا أكثر ، والباقي لولد الأب والأُمّ ) معاً مطلقاً ، ذكراً كان أو أُنثى ، واحداً أو متعدّداً ( ويسقط ) معهم ( أولاد الأب ) خاصّة ، كما مرّ.

__________________

(١) الكافي ٧ : ٧٦ / ١ ، التهذيب ٩ : ٢٦٨ / ٩٧٤ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٢ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ١٣ ح ١.

٣٢٦

( فإن أبقت الفريضة ) وزادت التركة عن السهام ، بأن كان كلالة الأبوين أُختاً خاصّةً مطلقاً ، أو أُختين كذلك مع واحد من كلالة الأُمّ ( فالردّ على كلالة الأب والأُم ) خاصّة ، على الأشهر الأظهر ، بل عليه عامّة من تأخّر ، وفي السرائر بل في كلام جماعة كما في المسالك ، بل في كلام أكثر علمائنا كما في المختلف الإجماع عليه (١) ، وهو الحجة.

مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة ، منها زيادة على ما يأتي من فحوى المعتبرة ، وصريح بعضها الصحيح : ما تقول في امرأة ماتت ، وتركت زوجها ، وإخوتها لُامّها ، وإخوة وأخوات لأبيها؟ قال : « للزوج النصف ثلاثة أسهم ، ولإخوتها لُامّها الثلث سهمان ، الذكر والأُنثى فيه سواء ، وبقي سهم ، فهو للإخوة والأخوات من الأب ، للذّكر مثل حظّ الأُنثيين ؛ لأنّ السهام لا تعول ، وأنّ الزوج لا ينقص من النصف ، ولا الإخوة من الامّ من ثلثهم ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ يقول ( فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ ) (٢) وإن كان واحداً فله السدس ، وإنّما عنى الله تعالى في قوله ( وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ) (٣) إنّما عنى الله تعالى بذلك الإخوة والأخوات من الأُمّ خاصّة وقال في آخر سورة النساء ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ ) يعني بذلك : أُختاً لأب وأُمٍّ ، أو أُختاً لأب ( فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ) ـ ( وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (٤) فهم الذين يزادون وينقصون » قال : « ولو أنّ امرأة‌

__________________

(١) السرائر ٣ : ٢٦٠ ، المسالك ٢ : ٣٢٧ ، المختلف : ٧٣٨.

(٢ و ٣) النساء : ١٢.

(٤) النساء : ١٧٦.

٣٢٧

تركت زوجها ، وأُختيها (١) لُامّها ، وأُختيها لأبيها ، كان للزوج النصف : ثلاثة أسهم ، ولأُختيها لُامّها (٢) الثلث ، ولأُختيها لأبيها السدس : سهم ، وإن كانت واحدة فهو لها ؛ لأنّ الأُختين من الأب لا يزادون على ما بقي ، ولو كان له أخ لم يزد على ما بقي » (٣) ونحوه بعينه إلاّ في يسير الحسن (٤).

وإنّما ذكرناه بطوله لتكفّله لبيان كثير ممّا سبق من الأحكام ، وتفسيره الكلالتين في الآيتين بما فسّرهما به المفسّرون ، وبيانه حكم ما إذا عالت الفريضة بمزاحمة الزوج أو الزوجة من ردّ النقص على الأخوات من الأب خاصّة ، وقد تركه الماتن هنا اتّكالاً على ما قدّمه من بطلان العول والعصبة. ووجه دلالته على الحكم في المسألة الحصر المستفاد من قوله عليه‌السلام : « فهم الذين يزادون وينقصون ».

وقريب منهما فيه بعض المعتبرة ، كالموثقة بالحسن بن علي ، عن عبد الله بن المغيرة المجمع على تصحيح ما يصح عنه ، وفيه : قلت لزرارة : إنّ بكيراً حدثني عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّ الأُخت للأب والأخوات للأب والأُمّ يزادون وينقصون ؛ لأنّهنّ إلى أن قال فقال زرارة : وهذا قائم عند أصحابنا ، لا يختلفون فيه (٥). وظاهره إجماع قدماء الرواة والأصحاب على‌

__________________

(١) في المصادر : وإخوتها.

(٢) في المصادر : وللإخوة من الامّ.

(٣) الكافي ٧ : ١٠١ / ٣ ، التهذيب ٩ : ٢٩٠ / ١٠٤٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٥٤ أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب ٣ ح ٢.

(٤) الكافي ٧ : ١٠٣ / ٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٥٧ أبواب ميراث الأخوة والأجداد ب ٣ ذيل الحديث ٣.

(٥) الكافي ٧ : ١٠٤ / ٧ ، التهذيب ٩ : ٣١٩ / ١١٤٨ ، الوسائل ٢٦ : ١٥٢ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٢ ح ٢.

٣٢٨

ذلك.

وهذا الخبر وإن لم يتضمّن الحصر ، إلاّ أنّ السياق قريب منه في الدلالة.

مضافاً إلى أنّ بكيراً الراوي لهذا هو الذي روى الحسن المتقدّم ، والظاهر اتحادهما.

فقول الفضل بن شاذان والعماني بالردّ عليهم جميعاً على قدر أنصبائهم (١) ضعيف ، سيّما مع شذوذه كما في المسالك (٢) ، وعدم وضوح مستنده عدا ما يتخيّل من التساوي في القرب ، وعدم أولويّة بعض على بعض ، وهو بعد تسليمه اجتهاد في مقابلة النص ، فلا يعتبر.

( ولو أبقت الفريضة مع ولد الامّ وولد الأب ) بعد اجتماعهما ( ففي الردّ ) على قرابة الأب خاصّة ، أو عليهما ( قولان ) مشهوران ( أحدهما ) قول الصدوق والشيخين وأتباعهما وأكثر المتأخّرين كما في المسالك وغيره (٣) : إنّه ( يردّ على كلالة الأب ) خاصّة ؛ للموثق : في ابن أُختٍ لأب وابن أُختٍ لأُمّ ، قال : « لابن الأُخت للأُمّ السدس ، ولابن الأُخت للأب الباقي » (٤) وهو يستلزم كون الامّ كذلك ؛ لأنّ الولد إنّما يرث بواسطتها.

__________________

(١) حكاه عنهما في المختلف : ٧٢٨ ، والدروس ٢ : ٣٦٨.

(٢) المسالك ٢ : ٣٢٧.

(٣) الصدوق في المقنع : ١٧٢ ، المفيد في المقنعة : ٦٩١ ، الطوسي في النهاية : ٦٣٨ ، وتبعهما ابن البراج في المهذّب ٢ : ١٣٨ ، وأبو الصلاح في الكافي : ٣٧٢ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٣٨٩ ، ونجيب الدين في الجامع للشرائع : ٥١٣ ، المسالك ٢ : ٣٢٧ ، الكفاية : ٢٩٨.

(٤) التهذيب ٩ : ٣٢٢ / ١١٥٧ ، الإستبصار ٤ : ١٦٨ / ٦٣٧ ، الوسائل ٢٦ : ١٦٢ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٥ ح ١١.

٣٢٩

و ( لأنّ النقص يدخل عليهم ) بمزاحمة الزوج أو الزوجة ، دون كلالة الأُمّ ، إجماعاً ، ومن كان عليه الغُرم فله الغُنم ، وذلك : ( مثل أُخت لأب مع واحد أو اثنين فصاعداً من ولد الأُمّ ، أو أُختين للأب مع واحد من ولد الامّ ) فيحوز كلالة الأُمّ السدس ، أو الثلث ، على تقدير التعدّد فرضاً ، والباقي مطلقاً للأُخت والأُختين فرضاً وردّاً.

( و ) القول ( الآخر ) : إنّه ( يردّ على الفريقين بنسبة مستحقهما ) أرباعاً في الفرض الأوّل ، وأخماساً في الأخيرين.

( وهو أشبه ) عند الماتن هنا وفي الشرائع والفاضل في أحد قوليه (١) ، وفاقاً للإسكافي والحلي والمبسوط (٢) ؛ لتساويهما في المرتبة ، وفقد المخصّص ؛ استضعافاً للرواية ، فإنّ في طريقها علي بن فضال ، وهو فطحي ، ومنع اقتضاء دخول النقص الاختصاص بالردّ ؛ لتخلّفه في البنت والأبوين.

وهو حسن لولا ورود النص المعتبر بالاختصاص ، وضعف السند ممنوع ؛ لوثاقة عليّ بتصريح العدول من أرباب الرجال بها (٣) ، ومع ذلك معتضدة بالشهرة (٤) المحقّقة والمحكية ، بل ظاهر الكليني في باب بيان الفرائض دعوى الإجماع ، فإنّه قال : والإخوة والأخوات من الامّ لا يزادون على الثلث ، ولا ينقصون من السدس ، والذكر والأُنثى فيه سواء ، وهذا كلّه‌

__________________

(١) الشرائع ٤ : ٢٨ ، التحرير ٢ : ١٦٤.

(٢) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٧٣٨ ، الحلي في السرائر ٣ : ٢٦٠ ، المبسوط ٤ : ٧٣.

(٣) رجال الكشي ٢ : ٨١٢ ، رجال النجاشي : ٢٥٧ / ٦٧٦ ، الفهرست : ٩٢ / ٣٨١.

(٤) في « ر » زيادة : العظيمة.

٣٣٠

مجمع عليه (١).

وهو كما ترى عامّ يشمل محلّ النزاع ، هذا.

مضافاً إلى مفهوم الحصر وما يقرب منه في النصوص الصحيحة المتقدّمة ، التي هي العمدة في ثبوت الحكم المشهور في المسألة السابقة.

مع تأيّد الجميع بما في بعض المعتبرة من قوله عليه‌السلام : « وأخوك لأبيك أولى بك من أخيك لأُمّك » (٢) بناءً على ما ذكره بعض المحدثين في توجيهه نظراً إلى مخالفة ظاهره الإجماع من أنّ وجهه أنّ له ما بقي إن كان ذكراً ويردّ عليه خاصّة إن كان أُنثى (٣). فتأمّل جدّاً.

وأصرح من الجميع المرسلة المروية في مجمع البيان ، فإنّ فيها : « ويصح اجتماع الكلالتين معاً ؛ لتساوي قرابتهما ، وإذا فضلت التركة يردّ الفاضل على كلالة الأب والأُمّ ، أو الأب دون كلالة الأُمّ » (٤) فإذاً القول الأوّل أقوى.

( وللجدّ المال ) كلّه ( إذا انفرد ) مطلقاً ( لأبٍ كان أو لُامٍّ ، وكذا الجدّة ) المنفردة ، ترثه مطلقاً.

( ولو اجتمع جدّ وجدّة ، فإن كانا ) معاً ( لأبٍ فلهما المال ) كلّه ، يقتسمونه بينهم ( للذّكر مثل حظّ الأُنثيين ، وإن كانا ) معاً ( لُامٍّ فالمال ) لهم يقتسمونه بينهم ( بالسوية ) بلا خلاف في شي‌ء من ذلك أجده ، وبه صرّح جماعة (٥) ، وهو الحجة.

__________________

(١) الكافي ٧ : ٧٤.

(٢) الكافي ٧ : ٧٦ / ١ ، الوسائل ٢٦ : ١٧١ أبواب ميراث الأخوة والأجداد ب ٧ ح ٤.

(٣) الوسائل ٢٦ : ١٧١ / ذيل الحديث ٤.

(٤) مجمع البيان ٢ : ١٨.

(٥) منهم السبزواري في الكفاية : ٢٩٨ ، وانظر مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ٣٩٥.

٣٣١

مضافاً إلى عموم أدلّة الإرث بالقرابة من الكتاب والسنّة ، التي هي المستند أيضاً في إرث الأخوات والإخوة ، بل جميع أهل هذه المراتب والمرتبة المتقدّمة والمتأخّرة ، كما عرفته غير مرّة.

لكن لا يستفاد منها كيفية القسمة في المتقربين بالأب بالتفاوت والمتقربين بالأُمّ بالسوية ، وهي ثابتة في الإخوة بالكتاب والإجماع والسنّة ، ولم أقف على نص معتبر سنداً يدل عليها هنا ، ولا إشكال فيها في المتقرّبين بالأُم ؛ لموافقتها الأصل في الشركة الثابتة بالأدلّة ، وهو التسوية ، كما مرّ نظيره في مواضع عديدة.

ويشكل فيها في الطرف الآخر ، سيّما مع مخالفتها الأصل المزبور ، لكنّه يرتفع بعدم الخلاف فيها هنا أيضاً ، مع وقوع التصريح بها في الرضوي : « فإن ترك جدّين من قبل الامّ وجدّين من قبل الأب ، فللجدّ والجدّة من قبل الامّ الثلث بينهما بالسوية ، وما بقي فللجدّ والجدّة من قبل الأب ، للذّكر مثل حظّ الأُنثيين » (١).

وقريب منه المرسلة المروية في مجمع البيان ، وفيها : « فالجدّ أب الأب مع الأخ الذي هو ولده في درجة ، وكذلك الجدّة مع الأُخت ، فهم يتقاسمون المال للذّكر مثل حظّ الأُنثيين » إلى أن قال : « ومتى اجتمع قرابة الأب مع قرابة الأُمّ مع استوائهم في الدرج كان لقرابة الأُمّ الثلث بينهم بالسوية ، والباقي لقرابة الأب للذّكر مثل حظّ الأُنثيين » (٢).

مضافاً إلى عموم المعتبرة الواردة في علّة تفضيل الذكران على النسوة‌

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٩٠ ، المستدرك ١٧ : ١٨٣ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٨ ح ٢.

(٢) مجمع البيان ٢ : ١٨ ، الوسائل ٢٦ : ٦٥ أبواب موجبات الإرث ب ١ ح ٥.

٣٣٢

بأنّ ذلك لأنّهنّ ليس عليهنّ جهاد ولا نفقة ولا معقلة (١) ، وإنّما ذلك على الرجال ، ولذلك جعل للمرأة سهماً واحداً وللرجل سهمين ، كما في الصحيح (٢) وغيره (٣) ، وفي ثالث : « لأنّ الله تبارك وتعالى فضّل الرجال على النساء بدرجة ولأنّ النساء يرجعن عيالاً على الرجال » (٤).

وهي كما ترى عامة من حيث التعليل أوّلاً ، ومن جهة الإطلاق بل العموم ثانياً ، ولا وجه لتقييده أو تخصيصه ببيان علّة تفضيل الأولاد والكلالة الذين تضمّنتهم الآية الكريمة بعد عموم العلّة واللفظ ، ولا يرد ذلك في المتقربين بالأُمّ مطلقاً بعد وضوح قيام دليل على التخصيص من الإجماع والكتاب والسنّة فيهم دون غيرهم ، هذا.

مضافاً إلى المؤيّدات الأُخر التي تظهر بالتأمّل فيما يأتي من الأدلّة على تنزيل الأجداد من كلّ جهة منزلة الإخوة من تلك الجهة ، ولو لا ما نورد عليها من المناقشة في التمسّك بها لإثبات حكم في نحو المسألة لكانت حجة مستقلة.

وبالجملة لا شبهة في المسألة وإن أطلق عنان المناقشة فيها بعض الأجلّة ، لكنّه بعد ما عرفت لا وجه له ، والحمد لله سبحانه.

( وإذا اجتمع الأجداد المختلفون ) قرابة ، بأن كان بعضهم لأبٍ‌

__________________

(١) المَعْقُلَة : الدية. النهاية لابن الأثير ٣ : ٢٧٩.

(٢) الكافي ٧ : ٨٥ / ٣ ، التهذيب ٩ : ٢٧٥ / ٩٩٣ ، المحاسن : ٣٢٩ / ٨٩ ، الوسائل ٢٦ : ٩٣ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٢ ح ١.

(٣) الكافي ٧ : ٨٥ / ٢ ، التهذيب ٩ : ٢٧٤ / ٩٩٢ ، الوسائل ٢٦ : ٩٤ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٢ ح ٣.

(٤) الكافي ٧ : ٨٤ / ١ ، التهذيب ٩ : ٢٧٤ / ٩٩١ ، الوسائل ٢٦ : ٩٤ أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب ٢ ح ٢.

٣٣٣

وبعضهم لُامّ ( فلمن يتقرب بالأُمّ الثلث ، على الأصح ) مطلقاً ( واحداً كان أو أكثر ، ولمن يتقرب بالأب الثلثان ) كذلك ( ولو كان ) المتقرب به ( واحداً ) وفاقاً لوالد الصدوق والنهاية والقاضي والحلي وابن حمزة (١) ، وعليه المتأخّرون كافّة كما في المسالك (٢) ، مدّعياً اتفاقهم عليه ، وبه يشعر عبارة الروضة (٣) ، حيث نسب فيها الأقوال الآتية إلى الندرة ، وهو الحجة.

مضافاً إلى عموم الأدلّة الدالة على أنّ لكلّ قريب نصيب من يتقرب به إلى الميت وسهمه ، ولا ريب أنّ الأُمّ سهمها الثلث ، فليكن ذلك لقريبها الجدّ ولو انفرد.

والقول بأنّه كما أنّ الثلث نصيبها كذلك السدس نصيبها فترجيح الأوّل على الثاني في إعطائه القريب دونه يحتاج إلى مرجّح.

فاسد ؛ لمنع كون السدس فريضتها الأصلي ، بل هي الثلث ، وإنّما السدس فريضتها بالحاجب ، مشروطة به ، وهو في المقام مفقود ، فيتبعه عدمه ، ويلزم منه ثبوت النصيب الأصلي الذي هو الثلث.

ومن هنا يظهر فساد التأمّل في هذه الحجة ، كما اتفق لصاحب الكفاية (٤) ، وإن لم يبيّن وجهه.

وخصوص الموثق : « إذا لم يترك الميت إلاّ جدّه أبا أبيه وجدّته أُمّ امّه ، فإنّ للجدّة الثلث ، وللجدّ الباقي ، وإذا ترك جدّه من قبل أبيه ، وجدّ أبيه ، وجدّته من قبل امّه ، وجدّة امّه ، كان للجدّة من قبل الامّ الثلث ،

__________________

(١) حكاه عن والد الصدوق في المختلف : ٧٣٣ ، النهاية : ٦٤٩ ، القاضي في المهذّب ٢ : ١٤٢ ، الحلي في السرائر ٣ : ٢٦٠ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣٩٢.

(٢) المسالك ٢ : ٣٢٧.

(٣) الروضة ٨ : ١٢٧.

(٤) الكفاية : ٢٩٨.

٣٣٤

وسقطت جدّة الأُمّ ، والباقي للجدّ من قبل الأب ، وسقط جدّ الأب » (١).

ونحوه الرضوي : « فإن ترك جدّاً من قبل الامّ ، وجدّاً من قبل الأب ، فللجدّ من قبل الامّ الثلث ، وللجدّ من قبل الأب الثلثان » (٢).

وفي المسألة أقوال أُخر :

منها : قول الصدوق : للجدّ من الامّ مع الجدّ للأب أو الأخ للأب السدس ، والباقي للجدّ للأب أو الأخ (٣).

ومنها : قول الفضل بن شاذان : إنّه لو ترك جدّته أُمّ امّه وأُخته للأبوين ، فللجدّة السدس (٤).

ومنها : قوله وقول العماني : إنّه لو ترك جدّته أُمّ امّه وجدّته أُمّ أبيه ، فلأُمّ الامّ السدس ، ولأُمّ الأب النصف ، والباقي يردّ عليهما بالنسبة (٥).

ومنها : قول التقي وابن زهرة والكيدري : إنّ للجدّ أو الجدّة للأُمّ السدس ، ولهما الثلث بالسوية (٦).

ومستندهم غير واضح ولا متوهّم ، غير ما في النكت من أنّ لهم رواية محمّد بن حمران ، عن زرارة ، قال : أراني أبو عبد الله عليه‌السلام صحيفة الفرائض ، فإذاً فيها : « لا ينقص الجدّ من السدس شيئاً » ورأيت سهم الجدّ‌

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٣١٣ / ١١٢٤ ، الإستبصار ٤ : ١٦٥ / ٦٢٥ ، الوسائل ٢٦ : ١٧٦ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٩ ح ٢.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٩٠ ، المستدرك ١٧ : ١٨٣ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٨ ح ٢.

(٣) حكاه عنه في المختلف : ٧٣٣.

(٤) حكا عنه في الدروس ٢ : ٣٧٠.

(٥) حكاه عنه في المختلف : ٧٣٣.

(٦) الكافي في الفقه : ٣٧٢ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٧ ، ونقله عن الكيدري في المختلف : ٧٣٣.

٣٣٥

فيها مثبتاً (١). قال في وجه الاستدلال بها : وهو غير محمول على الجدّ للأب ؛ لأنّ النص أنّه إذا كان مع إخوة كان كأحدهم (٢). انتهى.

وهو ضعيف جدّاً ، أوّلاً : بضعف السند باشتراك الراوي ، وثانياً : بما ذكره في الجواب عنها من أنّ حديثنا أي الموثق المتقدّم صريح ، مع اعتضاده بما تقدّم ، أي من العمومات وعمل الأصحاب ، وأنّ الشيخ حملها على التقية (٣) ، فإنّه يشمل الجدّ مطلقاً ، وهو غير مذهبنا.

أقول : ويحتمل حملها أيضاً على الطعمة على بعض الوجوه.

وربما انتصر لهم بعض أفاضل المعاصرين وغيره بما سيأتي من الأخبار المنزّلة للأجداد منزلة الإخوة ، ومقتضاه ما ذكروه ؛ لأنّ الواحد من كلالة الأُمّ نصيبه السدس ، فليكن أيضاً نصيب الجدّ المنزّل منزلته ؛ عملاً بعموم المنزلة.

وفيه أوّلاً : أنّه لا دلالة فيها على أزيد من تنزيل الجدّ للأب منزلة الإخوة والأخوات له ، وهو لا يستلزم تنزيل الجدّ للأُمّ منزلة كلالتها ، ولا يتم الاستدلال على هذا التقدير قطعاً.

وثانياً : أنّه على تقدير تسليم ذلك غايتها إثبات المنزلة لهم إذا كانوا مع الكلالة ، لا مطلقا ، ونبّه على هذا الصدوق في الفقيه ، فقال في جملة كلام له في الردّ على الفضل فيما قال به من أنّ الجدّ بمنزلة الأخ أبداً ، يرث حيث يرث ، ويسقط حيث يسقط ما لفظه : فكيف يكون الجدّ بمنزلة الأخ‌

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٣٠٦ / ١٠٩٥ ، الإستبصار ٤ : ١٥٨ / ٥٩٧ ، الوسائل ٢٦ : ١٧٠ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ٦ ح ٢١.

(٢) غاية المراد ٣ : ٥٦٤.

(٣) التهذيب ٩ : ٣٠٦.

٣٣٦

أبداً؟ وكيف يرث حيث يرث ، ويسقط حيث يسقط؟ بل الجدّ مع الإخوة بمنزلة واحد منهم ، فأمّا أن يكون أبداً بمنزلتهم يرث حيث يرث ويسقط حيث يسقط الأخ فلا (١) ، إلى آخر ما ذكره وأطال في ردّه وتضعيف مستنده.

ومن هنا يظهر وجه ثالث لفساد الاستدلال بها لجميع تلك الأقوال ، فإنّ منها قول الصدوق ، وهو كما ترى يأبى مناط الاستدلال وينكره غاية الإنكار.

ويشهد له في إنكاره مضافاً إلى الأصل ، مع اختصاص أكثر تلك النصوص المثبتة للمنزلة مع الإخوة خاصّة ، كما مرّ إليه الإشارة تقييد جملة منها لها بما إذا اجتمع الجدّ مع الكلالة ، كالصحيحين : « إنّ الجدّ مع الإخوة من الأب يصير مثل واحد من الإخوة ما بلغوا » (٢).

ونحوهما المرسل المروي عن العماني : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أملى على أمير المؤمنين عليه‌السلام في صحيفة الفرائض : « أنّ الجدّ مع الإخوة ، يرث حيث ترث الإخوة ، ويسقط حيث تسقط ، وكذلك الجدّة أُخت مع الأخوات ، ترث حيث يرثن ، وتسقط حيث يسقطن » (٣).

ولو لا اختصاص المنزلة بصورة الاجتماع مع الكلالة لما كان للتقييد بقوله : « مع الإخوة » فائدة ، بل كان ينبغي أن يقال : إنّ الجدّ مثل واحد من‌

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٢٠٨ / ذيل الحديث ٧٠٥.

(٢) الأوّل في : الفقيه ٤ : ٢٠٦ / ٦٩٣ ، الوسائل ٢٦ : ١٦٤ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٦ ح ٤.

والثاني في : الكافي ٧ : ١٠٩ / ٢ ، التهذيب ٩ : ٣٠٣ / ١٠٨١ ، الإستبصار ٤ : ١٥٥ / ٥٨٣ ، الوسائل ٢٦ : ١٦٥ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٦ ح ٩.

(٣) الوسائل ٢٦ : ١٧٠ أبواب ميراث الأخوة والأجداد ب ٦ ح ٢٢.

٣٣٧

الإخوة ، ترث حيث يرث الإخوة ، ويسقط حيث تسقط ، فتأمّل جدّاً.

( ولو اجتمع معهم ) أي مع الأجداد ( زوج أو زوجة أخذ ) كل منهما ( النصيب الأعلى ) له من النصف أو الربع ( ولمن يتقرب ) منهم ( بالأُمّ ثلث الأصل ) لأنّه نصيبها المفروض لها ، فيأخذه المتقرّبون بها ( والباقي لمن يتقرب بالأب ) منهم.

( والجدّ الأدنى يمنع ) الجدّ ( الأعلى ) بلا خلاف ولا إشكال فيه ، ولا فيما مضى ؛ للقواعد المقررة.

مضافاً إلى خصوص المعتبرة ، منها : عن زوج وجدّ ، قال : « يجعل المال بينهما نصفين » (١) ومضى في الموثق السابق ما يدل على منع الأدنى الأعلى (٢).

( وإذا اجتمع معهم الإخوة فالجدّ ) والجدّة للأب ( كالأخ ) والأُخت له ، والجدّ ( والجدّة ) للأمّ ( ك‍ ) الأخ و ( الأخت ) لها ، على المعروف من مذهب الأصحاب من غير خلاف يعرف بينهم ، بل ادّعى جماعة منهم الإجماع عليه ، كالكليني في الكافي والشيخ في الاستبصار والفاضل المقداد في كنز العرفان (٣) ، ونسبه الشهيدان إلى الأصحاب (٤) معربين عن دعوى الإجماع عليه ، لكن عبارة الأوّلين مختصّة بدعواه على قيام الجدّ منزلة الأخ من الأب ، وعبارة الثالث كما بعده وإن كانت ناصّة بالعموم ، إلاّ أنّها غير صريحة في دعوى الإجماع ، فإنّه قال : الأجداد عندنا في مرتبة الإخوة ، فإذا‌

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٣١٥ / ١١٢٩ ، الوسائل ٢٦ : ١٨٠ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ١١ ح ٢.

(٢) راجع ص : ٣٣١.

(٣) الكافي ٧ : ١١٥ ، الاستبصار ٤ : ١٥٨ ، كنز العرفان ٢ : ٣٣٤.

(٤) غاية المراد ٣ : ٥٦٥ ، المسالك ٢ : ٣٢٧.

٣٣٨

اجتمعوا معهم كان الجدّ للأب كالأخ له ، والجدّة له كالأُخت له ، والجدّ للأُمّ كالأخ منها ، وكذا الجدّة ، انتهى.

ولكنّها فيها ظاهرة غاية الظهور ، سيّما مع كون ما ذكره المعروف من مذهبهم والمشهور ، فهي الحجة المثبتة لهذا التفصيل المزبور.

مضافاً إلى إطلاق المرسلة المتقدّمة ؛ إذ ليس فيها التقييد للإخوة بكونهم من الأبوين أو الأب خاصّة ، كما في إجماعي الكليني والشيخ ، وأكثر النصوص المستفيضة بل المتواترة الواردة في المسألة.

مع أنّ جملة منها أيضاً مطلقة ، كالصحيح : في رجل مات ، وترك ستّة إخوة وجدّاً ، قال : « هو كأحدهم » (١).

والموثق : في ستّة إخوة وجدّ ، قال : « للجدّ السبع » (٢).

والخبر : في رجل ترك خمسة إخوة وجدّاً ، قال : « هي من ستّة ، لكل واحد منهم سهم » (٣).

فإنّ إطلاق الجدّ والإخوة فيها شامل للمتقربين بالأُمّ أيضاً ، لكنّها مع ذلك مجملة ، قاصرة عن بيان التفصيل المعروف بينهم من أنّ جدود الأب وجدّاته ككلالته ، وجدود الامّ وجدّاتها ككلالتها ، يقتسمون تقسيم الكلالة مع الاختلاف في الذكورية والأُنوثية بالتفاوت أو التسوية ، لكن الإجماع الظاهر المصرّح به كفانا مئونة الاشتغال بطلب حجة أُخرى في المسألة ، أو تطبيق الأخبار عليها بجهد ومشقّة.

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٢٠٧ / ٦٩٧ ، الوسائل ٢٦ : ١٦٥ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٦ ح ٧.

(٢) الكافي ٧ : ١١٠ / ٥ ، الفقيه ٤ : ٢٠٧ / ٦٩٨ ، التهذيب ٩ : ٣٠٤ / ١٠٨٤ ، الإستبصار ٤ : ١٥٦ / ٥٨٦ ، الوسائل ٢٦ : ١٦٨ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٦ ح ١٥.

(٣) الكافي ٧ : ١١٠ / ٦ ، التهذيب ٩ : ٣٠٤ / ١٠٨٥ ، الإستبصار ٤ : ١٥٦ / ٥٨٧ ، الوسائل ٢٦ : ١٦٨ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٦ ح ١٦.

٣٣٩

مع تكفّل كثير من النصوص لبيان التقسيم بالتفاوت بين الأجداد للأب والإخوة له إذا اجتمعوا ، كالصحيح : « إنّ الجدّ مع الإخوة من الأب يصير مثل واحد من الإخوة ما بلغوا » قال : قلت : رجل ترك أخاه لأبيه وأُمّه وجدّه ، أو قلت : ترك جدّه وأخاه لأبيه (١) وأُمّه ، قال : « المال بينهما ، فإن كانا أخوين أو مائة ألف فله نصيب مثل واحد من الإخوة » قال : قلت : رجل ترك جدّه وأُخته ، فقال : « (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) ، وإن كانتا أُختين فالنصف للجدّ ، والنصف الآخر للأُختين ، وإن كنّ أكثر من ذلك فعلى هذا الحساب ، وإن ترك إخوة وأخوات لأب وأُمّ ، أو لأب ، وجدّاً فالجدّ أحد الإخوة ، المال بينهم ، للذّكر مثل حظّ الأُنثيين » قال زرارة : هذا مما لا يؤخذ عليّ فيه ، قد سمعته من أبيه ومنه قبل ذلك ، وليس عندنا في ذلك شك ولا اختلاف (٢).

والصحيح : عن رجل ترك أخاه لأبيه وأُمّه وجدّه ، قال : « المال بينهما ولو كانا أخوين أو مائة ، كان الجدّ معهم كواحد منهم ، للجدّ نصيب واحد من الإخوة ، قال : « فإن ترك أُخته فللجدّ سهمان ، وللأُخت سهم ، وإن كانتا أُختين فللجدّ النصف ، وللأُختين النصف » قال : « فإن ترك إخوة وأخوات من أب وأُمّ كان الجدّ كواحد من الإخوة ، للذّكر مثل حظّ الأُنثيين » (٣) إلى غير ذلك من الأخبار التي يضيق عن نشرها المقام.

بقي هنا شي‌ء ، وهو أنّه إذا اجتمع الجدّ أو الجدّة للأُمّ مع الأُخت للأب ، فلأحدهما السدس ، أو الثلث ، على الخلاف ، وللأُخت النصف ،

__________________

(١) في « ب » والتهذيب والاستبصار زيادة : أو أخاه لأبيه.

(٢) الكافي ٧ : ١٠٩ / ٢ ، التهذيب ٩ : ٣٠٣ / ١٠٨١ ، الإستبصار ٤ : ١٥٥ / ٥٨٣ ، الوسائل ٢٦ : ١٦٥ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٦ ح ٩.

(٣) الكافي ٧ : ١١٠ / ٨ ، الفقيه ٤ : ٢٠٦ / ٦٩٤ ، التهذيب ٩ : ٣٠٥ / ١٠٨٧ ، الإستبصار ٤ : ١٥٦ / ٥٨٩ ، الوسائل ٢٦ : ١٦٧ أبواب ميراث الاخوة والأجداد ب ٦ ح ١٣.

٣٤٠